رواية هوس الزيات فريد ونور كاملة جميع الفصول

رواية هوس الزيات هي رواية رومانسية تقع احداثها بين فريد ونور والرواية من تأليف سارة الحلفاوي في عالم مليء بالتناقضات والأسرار تتشابك مصائر شخصيات رواية بلوةهوس الزيات لتجد نفسها في مواجهة قرارات صعبة تُغير مجرى حياتهم إلى الأبد ان رواية هوس الزيات هي قصة عن الحب الذي يتحدى الزمن والمصير الذي يفرض نفسه والأرواح التي تسعى خلف الحرية والسعادة بين الأمل واليأس وبين القوة والضعف ينسج رواية هوس الزيات تفاصيل حياتهم في معركة غير متكافئة مع القدر لتكشف كل صفحة عن لغز جديد يقود القارئ نحو نهاية غير متوقعة

رواية هوس الزيات فريد ونور كاملة جميع الفصول

رواية هوس الزيات من الفصل الاول للاخير بقلم سارة الحلفاوي

جالسٌ في سيارتِه، عيناه لا تكاد تنزاح عن تلك التي تسير أمامُه تعبر الطريق بمُفردها بـ قِدها الأنثوي وخُصلاتها بـ لون حبات القهوة تتمايل يمينًا و يسارًا بعد أن عُقِصت بعُنفٍ على هيئة ذيل حصان، الأدرينالين بجسدُه يرتفع بعُنفٍ مُتأهبًا لمساعدتها .. فـ عيناه راكضة بينها و بين تلك السيارات التي تأتي مهرولةٌ غافلين عن أن محبوبتُه تمُر الطريق قلبُه مُتعلق بـ فِتنة عيناها، أطلق زفيرًا مُرتاحًا عنـ.ـد.ما مرت و دلفت إلى شركة تعمل بها، غنـ.ـد.ما إختفت عن أنظاره، أطلق نفسًا عميقاً ثُم عاد برأسه لمقعدُه و أناملة تطرق برتابة فوق مقود سيارته الفخمة، يتخيل إن كان مُديرها يزعجها بـ شيء .. هل يحاول التقرب منها؟ هل عيناه تلتهم جسدها بشهوةٍ بغيضة؟ تُرى على لامست يداها يدُه في سلامٍ من وجهة نظرها بريءٍ؟ هل أُعجب بعيناها البنية و ملامح وجهها التي يذوب بها و إن كان لم يراها من على مقرُبةٍ؟ إبيضت مفاصل كفُه على المقود من شـ.ـدة قبضته عليه، و سرت قشعريرة في جسدُه من مُجرد التفكير بالأمر، ماذا ينتظر؟ سيذهب و يتقدم لخطبتها لينتهي هذا الأمر و تكُن زوجته و يراها يوميًا يستفيق على وجهها و ينام و هي بين أحضانُه!
صدح رنين هاتفُه فـ إلتقطُه بمللٍ من فوق تابلوه سيارته ثم ردّ بجمودٍ ظهر في نبرة صوته الرجولية:
- قول اللي عندك!
هتف الطرف الآخر بحماسةٍ تختلف كليًا عن فتور الآخر:
- عرفت كُل حاجه عنها يا فريد باشا، هي بنت بسيطة من بيت بسيط عايشة مع أمها و جوز أمها و بتشتغل في شركة تحت السلم كدا، بس اللي بيتقال عليها إنها شخصيتها قوية شويتين و محدش يقدر عليها!
إنزوى ثغرُه بإبتسامة لا تظهر إلا على سيرة إسمها، أتلك الملامح البريئة خلفها شجاعة مُهرة تحتاج إلى ترويضُه، هتف بعد لحظات صمتٍ يقول بهدوء:
- إسمها إيه؟ و عندها كام سنة؟
- إسمها نور الراوي، و عندها ستة و عشرين سنة!
- نور!
أعاد إسمها مجددًا على لسانه، متلذذًا بثلاثة أحرُف كان وَقعهم وِقع سمفونية موسيقية حالمة على أذنيه، أغلق مع الطرف الآخر الخط و وضع هاتفه جانبًا، ليضغط على زر السيارة ثم تحرك بها متجهًا إلى شركتُه التي تُعد من أضخم الشركات بفروعها المتعدده في أغلب فروع مِصر، إبتسم ساخرًا لا يصدق كون رجل أعمال مثلُه في منتصف الثلاثينات ينتظر فتاة لم تتخطى ربيعُها الثاني بقلبٍ مُتلهف يحسب بالدقيقة و الثانية ميعاد مغادرتها عملها ذلك!
عاد إلى نفس النُقطة التي يقف بها دائمًا ينتظر خروجها، تهتز قدمُه اليمين بتـ.ـو.ترٍ ينظر في ساعته الثمينة المُحتضنه رسغُه، تأخر دقيقة و خمسة و أربعون ثانية .. ماذا تفعل!
تتفس الصُعداء عنـ.ـد.ما وجدها تخرُج من العمل و علامـ.ـا.ت الإرهاق بادية على وجهها الفاتن، إقتضبت مٍحياه بضيقٍ من ذلك الوهن الذي بدى عليها يتمنى لو بإستطاعته جرّها من يداه عنوةً ليريها كيف تكون الراحة، يُريح بدنها من عملٍ شاق لا يليق بـ عذوبتها
نظر إلى الشارع حولها و الذي كان في حارة لا يمر بها أحد، و يكاد يجزم أنه الوحيد الواقف في ذلك الشارع، عيناه تسير عليها و هي تسير بتعبٍ تتجه إلى الشارع الرئيسي، لـ تلمح عيناه شاب في يبدو في مِثل سنها يخرج من ذات البناية التي ولجت منها، يسير خلفها مسرعًا بملامح متـ.ـو.ترة، ليزمجر فريد عنـ.ـد.ما وجده يقبض فوق ذراعها الغض يُديرها له يتمتم بكلمـ.ـا.ت لم يسمعها، إندلعت النيران من حدقتّ فريد و لأول مرة يشعر بـ حرائقٍ تشتغل في قلبُه بتلك الطريقة، همّ بالنزول و لأول مرة يجعلها تراه بعد أسبوع كامل من مراقبتها، لكن لم يترجل من سبـ.ـارته عنـ.ـد.ما وجد وكأن وحشًا قد تلبّسها ليُمحى بوادر الإرهاق من على وجهها و يتبدل بـ شراسةٍ جعلتُه يبتسم و تلك من النوادر، وصل إليه صوتها و هي تنهر ذلك الشاب تبعد ذراعها عنه:
- ورحمة أبويا لو ما مشيت دلوقتي من وشي لـ أخلي اللي ميشتري يتفرج عليك!!
ظهر بعض الخوف على ملامح الشاب فإبتسم فريد و أسند مرفق ذراعه فوق مكان فتح الباب الداخلي و سبابته أمام شفتيه ينظر لذلك المشهد بإستمتاعٍ، فـ ها هي الشراسة يراها لأول مرة بعيناها، لكن ما هزّ قلبُه غضبًا إصرار ذلك الشاب على مُضايقتها و تعالي صوته يردف بـ نبرة لم يراها فريد سوى وضيعة:
- إنتِ فاكرة نفسك مين يا روح أمك! ده أنا هطلع عين أهلك دلوقتي!!
لم يتحمل فريد و لم ينتظر دة فعلها، ترجل من سيارتِه على وجه السرعة بـ بنيتُه الضخمة التي لم تكُن سوى عبـ.ـارة عن عضلاتٍ عنيفة، و لأنه لم يكن يرتدي چاكت بذلته و إكتفى فقط بقميصٍ أسود إلتصق بجسدُه فجعلُه يتحكم أكتر بذراعيه، و في ثوانٍ كان يقبض بكفُه على تلابيب قميص الآخير يسدد له لكمة أوقعتهُ أرضًا و هو يهتف به بصوتٍ عالٍ:
- ده أنا اللي هـطـلـع مـيـتـيـن أهـلـك دلوقتي يا خـ**
شهقت الأخيرة بصدمةٍ وتراجعت و هي تراه قد أبرحهُ أرضًا حتى ترجاه الأخير أن يتركُه فهتفت فريد بلهجةٍ قاسية:
- لو شوفتك قربتلها تاني .. قول على نفسك يا رحمن يا رحيم!!
- حـ .. حاضر!! 
دفعهُ فريد فـ زحف الأخير ليبتعد عن مرمى يداه حتى ذهب من أمامُه و هو يركض و كإنه يركض من جان يود أن يتلبسُه، إلتفت إلى تلك الواقفة على مقربة منه، لفظ بداخلُه "يا الله"! إن كانت ملامحها من بعدٍ فاتنةٍ، فهي من كثب باهية! وقف صامتًا يحاول السيطرة على نظرات عيناه التي سارت بدايةً من منبت خصلاتها البنية نزولًا لأعين حائرة من نفس لون خصلاتها، و تلك الشلاه المكتنزة الذي ودّ لو أن يتذوق حلاوة مذاقهمها، و عنقها المرمريّ الذي تمنّى لو بإستطاعته وصمُه بعلامـ.ـا.تٍ كـ صك ملكيته لها، و قبل أن يتنحدر عيناه لما هو أكثر من ذلك عبر صوتها العالٍ على أذنه يخرجه من شرودٍ كادت أن تجعلُه يجن، تردف بنبرةٍ حادة عنيفة:
- إنت مين!! و مين سمحلك تدّخل و تعمل اللي عملتُه ده أصلًا!
و لأول مرة تتلبسُه دهشةً من ردة فعل إحداهن، ألن تشكرُه و تخبره أن لولاه لكانت الآن بيد أيادي عديم الشرف ذاك؟ ألن تُخبره بأنها بالغة الإمتنان له؟ ألن تعطيه إبتسامة ودودة شاكرة؟ 
عادت تقول بحدة:
- إنت يا بني آدم! أنا بكلمك .. ولا الكلام مش واصل عندك فوق!
هتفت ساخرة من طوله مقابل قامتها التي كانت طويل بين أقرانها لتشعر الآن بأنها أمامه باتت قزمًا، حاول الإحتفاظ بهدوء أعصابه فـ قال بهدوء لم يكن سوى هدوء ظاهري:
- ده بدل ما تشكُريني؟ كان زمانك دلوقتي مهروسة منُه!!
شهقت بصدمة ليتعالى صوتها قائلة بحدة:
- نــعــم!!! مين دي اللي تتهرس يا أخينا ده إنت رحمتُه مني، ده أنا كنت هخليه ينـ.ـد.م إنه عرفني في يوم من الأيام!!
- ششش!! مش عايز لَت كتير، تعالي إركبي هوصلك!!!
هتف و هو يشير بعيناه لسيارته ذات الباب المفتوح الذي لم يهتم بقفله بعدما رآى ما تتعرض هي له، نظرت لسيارته و بعنف صاحت به:
- رِكبك عفريت يا بعيد!!! إنت شكلك مـ.ـجـ.ـنو.ن و عيلتك عارفة!! أركب مع مين إنت فاكرني واحدة من اللي بيتاخدوا ورا مصنع الكراسي ولا إيه ده أنا آآ!!
بتر عبـ.ـارتها مصدومًا و لأول مرة من تصرفات فتاة أمامه يقول بحدة:
- إخرسي!! بكابورت زبـ.ـا.لة إتفتح عليا ولا إيه!!! أنا غلطان إني إعتبرتك زي أختي و جيت أساعدك وىمش عابزك تمشي في إنصاص الليالي لوحدك، بس إنتِ متجيش ربع تربية أختي و لا أدبها، م هي اللي تخرج في إنصاص الليالي و تجّري الرجـ.ـا.لة وراها تبقى زبـ.ـا.لة و اللي بيتاخدوا ورا مصنع الكراسي أحسن منها!!!
و لأول مرة يشعر بأنه قد نـ.ـد.م على شيء، رأى عيناها تمتلئ بالعِبَرات المكتومة رافض كبريائها نزول دمعاتها، لتصمت للحظات ثم تقول و قد شعر بغّصتها:
- إنت بني آدم زبـ.ـا.لة و مش محترم!
ثم إستدارت و تركتُه تذهب للشارع الرئيسي بخطواتٍ بطيئة، وقف مكانه ولم يتحرك خطوة واحدة، لِمَ الذهاب الآن؟ كيف تذهب هكذا و الدمعات مكتونة داخل عيناها لربما ستشوش عليها الرؤية، و لِمَ تلك الرغبة المقيتة في معانقتها و إخفاء جسدها داخل جسدُه لكي لا يرى نظرة الحزن تلك بعيناها، وقف بنظر لها حتى إستقلت ميكروباص و هي شاردة بالفراغ، فـ ءهب لسيارته ليضـ.ـر.بةبقدمه بقسوة سيارته ثم إستقلها يذهب بأعلى سرعة لـ مكان بيتها حتى قبل ذهابها هي إليه، صف سيارته بعيد عنها قليلًا كي لا تراه، فـ وجدها تترجل من السياره تسير بعيناها قوّّة تحاول بها مداراة حزنٍ قد تغلغل بمقلتيها ليصل لقلبُه فينخر به كما ينخر السوس بالخشبِ، تنهد بإرتياحٍ عنـ.ـد.ما إطمئن من دخولها للمنزل، ليشعل محرك سيارته ثم غادر حارتها المتواضعة.
 • • • • • 
صورٌ مُختلفة بين يداه لها، يقلب بينهما بين كفيه و يقف عِند كل صورة و الأخرى ما يُقارب النصف ساعة، يتأمل كل إنش بها و يُمتَّع عيناه بمِحياها و ضحكتها و عبوسها و عنفوانها، سار إبهامُه فوق شفاهٍ يحلم بضمها بشفيه، و أكتفاٍ صغيرة يحلم بتخبئتهما بين ذراعيه، و خصرٍ يود لو أن يطوقه بذراعيه، أعين لا تنظر سوى إليه، و خصلاتٍ يدفن بها أنفه يستنشق عبقٍ لا يليق سوا بـها هي! لا .. لن يتحمل، سيذهب و يتزوجها الآن شائت أم أبت، نهض بالفعل يرتدي ثيابٍ رسمية تليق به، يصفف خصلاته و ينثر عطره ليترك ڤِلتُه و يترجل سيارتهةو في بضع دقائق كان يصف السيارة أمام بيتها ليثير بذلك تساؤلات الجيران عن ماهية ذلك الشخص، دلف للبناية ثم صعد الدور الثاني و رُفعت يدُه لكس يطرق الباب و لكن أوقفُه صرخاتٍ مكتومة جعلت قلبُه يرتَّج! لم يستطع تمييز إن كان صوتها أم لا لكن هنالك شعور يخبرها أنها هي، لم يطرق الباب، بل ضـ.ـر.بُه بقدمُه عدة مرات حتى فُتح الباب الذي لم يتحمل إرتطام قدمُه القوية به، فوجد منظر لن ينساه طيلة حياتُه .. حبيبتُه .. الفتاة التي عاهد نفسه على جعلها ملكُه و بحمايته منذ أول مرةٍ رآها متكومة فوق الأرض و تآوهات مُتألمة تخرج من بين شفتيها، وجهها شـ.ـديد الزُرقة وشفتيها بيضاء تشهق بين الحين و الآخر، تُنادي بصوتٍ مكتوم:
- مـ .. مـامـا!!!
لم ينتظر، لم يتردد حتى في الهرولة لها و الجلوس على مرفقيه عيناه تسير فوق وجهها و جسدها بقلقٍ يمسح فوق خصلاتها المتعرقة الملتصقة بجبينها يبعدها عن وجهها لكي يراه بوضوح هامسًا و القلق يأكل خلايا جسدُه:
- فيكِ إيه!!!!
لم ترُد عليها سوى بمناداتها لأمها بصوت ضعيف مكتوم، أسرع بوضع يداه أسفل ركبتيها و الأخر على ظهرها يحملها كالريشة بين يداه يغادر بها تلك الشقة يترجل بها من فوق السلم و لأول مرة يشعر بسرعة دقات قلبه حتى كادت تصُم أذنيه، أدخلها سيارتُه ثم قاد هو يتراجع ىلخلف لكي يخرج من تلك الحارة و يذهب لأكبر مستشفى في محافظة الأسكندرية متغاضيًا عن شهقات الجيران و تساؤلاتهم عنـ.ـد.ما وجدوه حاملًا نور
وصل بها للمشفى ليترجل من السيارة و صوت أنفاسه باتت عاليه من شـ.ـدة خوفُه عليها، دلف بها للمشفى ليهتف إلى موظفة الإستقبال بحدة يقول:
- العناية فين؟!!!
أسرعت الأخيرة تقول في عجلةٍ و قد علمة هوية من أمامها:
- في الدور التاني ثواني هطلب لحضرتك سرير!!!
لم يستمع لباقي حديثها بل سار على قدميه حاملًا إياها ساخرًا من تلك التي تود أن تجعلها تنام بأحضان الفراش و ليس بأحضانه هو، صعد بها السلم دون أن يستخدم المصعد يحاول جاهدًا إبعاد عيناه عن وجهها، فـ وجهها الشاحب يُفزع قلبُه و يجعله يود أن يضمها لصدره حتى يشعر بإلتصاق عِظامها، وجد في آخر الرواق غرفة العناية فـ سار لها لتوقفه ممرضة قائلة برسمية:
- حضرتك واخد الهانم ورايح على فين يا فنـ.ـد.م!!
- عايز أدخلها العناية، حالًا!!!
قال بأعيُن جـ.ـا.مدة ينظر ألى الممرضة التي إرتابت من نظراته فـ أسرعت قائلة:
- طيب هجيب تروللي و آجي لحضرتك
- مش هتتحط على سراير، أنا هدخلها!
قال بهلهجةٍ عنيفة فـ هتفت الأخيرة بضيق:
- مينفعش يا فنـ.ـد.م تدخل العناية، هي لوحدها لإننا بنلبسها لبس مُعين عشان تدخل!
- طيب بسرعة!!
قال بضيقٍ لا يود أبدًا إضاعة الوقت في تراهات على حساب حياتها، تركته الممرضة واثب في منتصف الرواق، لينظر لتلك المغشي عليها منذ أن حملها، تستند برأسها على صدرُه فـ يتغلغل إليه شعورٍ غريب لم يمر به بـ حياته، رفعها أكثر فـ باتت رأسها فوق مكتبه العريض و أنفاسها تضـ.ـر.ب بشرة عنقُه، قاطع ذاك الشعور التروللي و هو يُجر بواسطة تلك الممرضة، وضعها فوقه برفق ثم أزاح خصلاتها من فوق جبينها ينظر لوجهها للحظات ثم تركها، لتلج داخل الغرفة المُجهزة، و يدلف ورائها أكثر من طبيب بعدما علموا أن المستشفى الخاصة بهم نالت شرف وجود فريد الزيات عِندهم، أوقف أحدهم يقول له بمُنتهى الهدوء:
- لو جرالها حاجه، هقفلكوا المستشفى دي! و إنت عارف فريد الزيات لما يدي كلمة و لو متعرفش .. أعرَّفك!
أومأ له الطبيب يقول في تـ.ـو.ترٍ:
- حاضر يا بيه، بإذن الله هنعمل كل حاجه عشان تبقى كويسة
أشار له بالمغادرة فـ أسرع، جلس فريد على ذلك المقعد الذي يشبه بروده برود المكان، يستند بـ ظهره بـ قلقٍ يحاول إخفاؤه، تُرى ما الذي حدث لها؟ و لمَ لم يكُن سواها في البيت؟ هل قام أحد بأذيتها و تركها وحدها تعاني .. هل زوج أمها من فعل!!
خفق قلبُه بعنف من تخيُل فكرة لو أنها تقطن من رجلٍ وضيع يحاول التقرب منها، قلبه لم يتحمل الأمر فـ نهض و سار ذهابًا و إيابًا في المشفى، و تلك الفكرة تكاد تُفجِّر راسُه، لم يستطع الصمود و خرج من المشفى يدفع لموظفة الإستقبال تلك ثم وقف بعيدًا عن مبنى المشفى يُدخن سيجارة تلي الأخرى يُخرج بها غضبُه و إضطراب تفكيرُه، يقسم لو حدث و كان ذلك الرجل  السبب في أذيتها سيقـ.ـتـ.ـلُه و لن يتردد!! دخل للمشفى بعد ساعة ليصعد في المصعد ثم ذهب يجلس لثواني قبل أن يخرج الطبيب، فـ نهض يُردف بـ ثباتٍ:
- كويسة؟
هتف الطبيب بـ ضيق مما رأى:
- هي كويسة، بس آثار الضـ.ـر.ب اللي على جـ.ـسمها مهمِداها جدًا، هننقلها غرفة عادية عشان حضرتك تقدر تشوفها!
لم يستمع فريد لباقي حديثُه، فقد توقف عقله و صُمَّـت أُذنيه عنـ.ـد.ما إستمع لأول جملتُه، لتستوحش مِحياه .. أيَّة آثار ضـ.ـر.بٍ؟ من تجرأ و فعل!! كيف بتلك الشخصية التي تمتلكها تقبل أن يضـ.ـربها أحد، من تجرأ على الإقتراب منها و مسّها بسوءٍ و هي تخصُه، أذيتها تعني أذيتُه، يقسم أنه فور ما سمع جملة آثار الضـ.ـر.ب تلك و جسده أصبح يـ.ـؤ.لمه و كأن جسدُه هو من ضُرب، رآها تخرج على الفراش و هي لازالت لم تستفيق، دلف خلفها الغرفة العادية، ثم مال يحملها ينقلها للفراش الآخر، فـ خرجت الممرضة من الغرفة تغلق الباب خلفها، سحب هو مقعد و جلس جوارها، عيناه تتفحص هيئتها يبحث عن تلك الآثار، لكن ذلك الرداء الطبي حجب كل شيء، زاح ذلك الغطاء الطبي من على خصلاتها فـ إنسابت جوارها، ربت فوق شعرها يحادثها بصوتٍ إمتلئ ضيقًا:
- مين .. مين اللي عمل فيكِ كدا و إتجرأ يقرّبلك؟ ميعرفوش إنك تخُصي فريد الزيات ..  و إني مش بسيب حاجه تخصني!!
- مين ضـ.ـر.بك .. و أنا أقطعلك إيدُه اللي إتمدت عليكِ!
يمسح فوق خصلاتها برفق يرى لون وجهها الطبيعي يعود شيئًا فـ شيئًا، ظل على هذا الحالة ساعة كاملة حتى همهمت بألم تستفيق و هي تتآوه:
- آآآه .. آه!!
تلك التآوهات التي تنبثق من بين شفتيها تؤلم قلبه، أبعد كفه عن خصلاتها كي لا تفزع منه، فوجدها تفتح عيناها تحاول الإستناد على مرفقيها تقول بـ وجع جسدي فائق:
- آآه .. أنا .. فين!!! 
- إهدي .. إنتِ معايا!
قال بهدوء فـ إلتفتت له تنظر لملامحه بأعين ضاقت و هي موقِنة أنها رأت هذا الوجه من قبل، إعتصرت ذهنها فضـ.ـر.بها الصداع أكثر فـ أنَّت لتغمغم و هي تعود برأسها للخلف-
- عايزة أمشي .. القسم .. عايزة أروح القسم!!!
قال بجدية:
- و تروحي ليه .. القسم كلُه ييجي لحد عندك!!!
لم تستوعب كلمـ.ـا.ته تحيط برأسها بألم رهيب، فـ تابعها بعيناه يقول بقلقٍ:
- راسك واجعاكِ؟
أومأت بأعين زائغة فـ ضغط على زر جوارها لتأتي المُمرضة فـ قال لها:
- هاتي حباية مُسكن، و فرخة مسلوقة بـ شُربتها بسُرعة!
- حاضر يا فريد باشا!
ثم غادرت، نهض فريد يجري إتصالاته جوارها التي ظلت تنظر أمامها بحسرةٍ تتذكر ما حدث فيتألم قلبها أكثر إنتهى من حديثه على هاتفه و نظر لها فوجدها على تلك الحالة ليجلس على المقعد يناظرها بهدوء مستندًا بظهره على ظهر الكرسيّ، لا يود أن يفتح معها ذات الموضوع رغم إحتراقُه لمعرفة ما حدث، طالعتُه هي و عنـ.ـد.ما تذكرت أين قابلتُه صُدمت، لتردف بصوت إهتز:
- إنت .. إنت مين؟ و إزاي وصلتلي و ليه جيبتني هنا؟
لم يجيبها بل ظل ينظر لها نظرات أربكتها، فـ أشاحت بعيناها عنه بضيق و قد علمت أنه لا يجيب، و بحركةٍ خاطئة نهضت بها نصف جلسة فجأة وفاجأت جسدها فـ شعرت و كأن ماء نارية سقطت على جروح ظهرها لتتآوه بصوتٍ عالٍ مغمضة عيناها:
- آآآآآه
إنتفض من فوق مقعدُه يجأر بها بغضب و هو يضع خلف ظهرها وساداتان:
- غـبـيـة!!!!
حاوط كتفيها و أراح ظهرها برفقٍ على الوسادات، فـ أسندت ظهرها تعود برأسها للوراء متمتمة بحدة و عي مغمضة عيناها:
- إنت اللي غـ.ـبـ.ـي .. و معندكش دم آآه!!
إبتسم يجلس مجددًا و هو يقول ببرود:
- لولا القطر اللي داس عليكي ده .. أنا كان زماني كملت عليكِ!!
كم كاذب هو، يُكمل على من؟ أيستطيع أذيتها! أيستطيع أن يمسها بسوء أو يُعنف جسدها الذي يتمنَّى أن يضمُه لجسدها و يمسح عليه بحنوٍ!!!
بللت شفيتها و تغاضت عما قال لتردف بـ ظمأ رهيب:
- عطشانة .. أوي!!
صب لها من الماء الموضوع على الكومود جوارها و نهض يقترب منها ليضع كف خلف رأسها و الآخر ممسك بالكوب يضعُه بين شفتيها لتشرب منه .. و كم حسد ذلك الكوب الذي إستطاع لمس شفتيها و إستشعار نعومتهما، إنتهت من الكوب فـ أبعده عنها ليرى قطرة تنزلق من شفتيها تركض مسرعة على ذقنها فـ أسرع يزيل تلك المتطفلة بإبهامة فوق جوار شفتيها، شهقت و نفضت يدُه بعنف فـ تبسّم بإستمتاع من نظراتها الشرسة التي عادت تنظر له بها، لتقول بصوتٍ حاد:
- إياك تلمسني، إنت مين عشان تجيبني هنا و تفضل قاعدة معايا و الأوضة مافيهاش غيرك و نقفول علينا باب، رد عليا مين إنت عشان تعمل كل ده!!
جلس واضعًا قدم فوق الأخرى و قال بمنتهى الجدية:
- جوزك .. المُستقبلي!!!
شهقت مصدومة من جرأة ما يتلفظ به، لتصرخ به بقوة:
- ده بُــــعــــدَك!!!
- هنشوف!
قالها بتحدٍ فـ إشتعلت عيناها أكثر و نظرت أمامها، راقبها هو عن كثب حتى أغمضت عيناها بتعبٍ لكن فُزعت عنـ.ـد.ما طرق الباب بعنفٍ و إنتفض جسدها كـ طفلة أوشكت على النوم فأتى طارقٌ مزعجٌ أقلق راحتها، إبتسم و همس دون أن تسمعُه:
- اسم الله عليكِ!!
نهض ليفتح الباب فوجد ضابط يجاورُه أكثر من أمين شرطى، رحب به الضابط بحراره فجلعه فريد يدلف، أسرعت هي تناظر الضابط بلهفةٍ تقول مُسرعة:
- بعد إذنك أنا عايزة أحرر محضر!!
- بإسم مين يا هانم!
قالها الضابط بإحترام فإستغربت اللقب الذي أطلقه عليها و لكن تغاضت عنه لتكمل:
- نور .. نور الراوي!!!
- طيب قوليلنا اللي حصل!
نظرت له بتـ.ـو.تر ثم نظرت إلى ذلك الغامض لتجده مستند بـ ذلك المنكب العريض فوق إطار الباب يُكتف ذراعيه بهدوء ينظر بترقب لما ستقول، همهمت نور إلى الظابط تُردف بضيق:
- ممكن يطلع برا؟
لم يسمع فريد ما قالت فـ إعتدل بـ وقفتِه ليلاحظ إرتباك الظابط يهمس لها مقربًا وجهه من وجهها فـ إشتعل قلب فريد ليضـ.ـر.ب على إطار الباب صائحًا بهما:
- إنتوا هتفضلوا تتوشوشوا كدا كتير!!!! محاضر إيه دي اللي بتتعمل بالوشوشة!!
أسرعت نور هاتفه بإضطراب و عنف:
- لو سمحت تطلع برا، أنا مش حابة أحكي حاجه و إنت موجود!!!
طالعها بهدوء للحظات، ليقول بعدها بحدة:
- مش هطلع و أسيبكوا مع بعض، هقف بعيد!!
قالها بضيقٍ ثم وقف في شرفة الغرفة ينظر لهما و هي تتحدث لذلك الضابط عما حدث، يود أن يسمع و لكن صوتها خافت، أعطاهما ظهره يضـ.ـر.ب بكفُه فوق سور الشُرفة، حتى مرت نصف ساعة، لينتهي الضابط ينظر لـ فريد قائلًا برسمية:
- المحضر إتسجل يا فريد باشا، ادو الإجراءات اللازمة هتتاخد!!
 نظر فريد إلى الممرضة التي إنشغلت بها نور، ليخرج مع الضابط قائلًا بهدوء:
- هات المحضر يا رياض!!
نظر له الضابط بتردد ليغمغم:
- بس آآآ
صمت و شعر بلسانه قد تكبّل عنـ.ـد.ما وجد نظرة من فريد جعلتُه يمد له المحضر، فهو يعلم فريد الزيات و يعلم أن أقل فِعل لا يروق له سوف يكلفه حياتُه، هو أخطر بكثير مما يتخيل أي أحد!
قرأ فريد كلمـ.ـا.تها ليُغمض عيناه و قد تأكد ظنُه، هو من فعل ذلك، تعرّض لها، و ضـ.ـربها حتى أدمـ.ـى جسدها، لم تستطع الدفاع عن نفسها لأنه قام بربط كفيها ليستطيع ضـ.ـربها! و لولا صراخها و فرُه هاربًا لكان تطاول عليها أكثر!!
و بجمودٍ ظاهريّ، مزق ورقة المحضر أمام نظرات الضابط الذي صُدم من ردة فعله و وقف أمامه مشـ.ـدوهًا، ليقول الأخير بهدوء محتفظًا بـ بقايا الورق في جيب بنطالُه:
- آسفين على الإزعاج يا رياض، إعتبر إن المحضر ده متكتبش و اللي إتقالك ده .. إنت مسمعتوش!!
- لـيـه!!
هتف رياض و هو بات موقنًا من أن ردود أفعال فريد الزيات ليست أبدًا متوقعة، لم يُجيبُه فريد بل ضـ.ـر.ب على جانب كتفُه بهدوء ثم قال:
- متهيألي إنت سمعت اللي قولتُه .. و متهيألي بردو إنك عارف إن فريد الزيات مبيكررش كلامُه!
ثم تركُه و دلف للغرفة دون أن يطرق الباب، فـ شهقت نور التي كانت ترتدي كنزتها بمساعدة الممرضة، فورما رأتُه أنزلت الكنزة فورًا على معدتها تحمد ربها أنها كانت نصف مُرتدية إياها، غفلت عن أعين فريد التي إلتقطت ذلك الجزء من معدتها الذي ظهر منها، نظر للمرضة التي أخذت تلملم ما كانت ترتديه نور لتلقيه، فـ رماها بنظرات ضائقة من كونها قد سُمِح لها رؤية جسدها ببساطة، أشار لها بالخروج فـ فعلت، لينظر لـ نور التي طالعتُه بتلك الأعين المُشتعلة تقول له بضيق:
- متشكرة أوي لخدمـ.ـا.تك لحد هنا، مش عايزه أشوف وشك تاني بقى!!!
أخذ خطوات هادئة نحوها فـ وقفت صلبه في مواجهته و لم تتقهقر، ليقف أمامها مباشرةً و هتف بإبتسامة بسيطة لا تنكر أنها أخافتها:
- إنتِ عارفة لو لسان حد غيرك اللي نطق الجملة دي أنا كُنت عملت فيه إيه!!
كتّفت ذراعيها و هتفت مُبتسمة إبتسامة إستفزازية:
- وريني هتعمل إيه!
- أنا فعلًا هوريكِ .. بس لما أتجوزك!!
هتف يحاول قدر الإمكان ضبط أعصابه، فـ صرخت نور به بحدة:
- تـ إيـــه!!! تتجوز مين يا جدع إنت!! إنت شكلك مـ.ـجـ.ـنو.ن و جاي تطلع جنانك ده عليا! بقولك إيه!! روح يلا شوف طريقك و سيبني!!!
و في لحظة كان ممسكًا بذراعها بقسوة ليجُرها خلفُه، صرخت نور تحاول نزع قبضته تصرخ به كي يتركها و هي ترى نفسها مُنساقة خلفُه يمروا في ممر المشفى، ليقف بها أمام المصعد حتى إنفتح وسط صرخاتها، لم يشعر فريد بنفسه و هو يدفعها ضد حائط المصعد و لأول مرة  تنفلت أعصابُه أمام شخص يصـ.ـر.خ بها بعنف:
- إخــــرســي!!! نفَسِك مش عـايـز أسمعُه!!!
- إخــــرســي!!! نفَسِك مش عـايـز أسمعُه!!!
 كان قريبًا منها لدرجة خطِرة على قلبُه، ينظر لملامح وجهها المفزوعة منه، فـ هو يحاصرها الحائط خلفها و جسده الذي يعد بمثابة حائط آخر، ينظر لعيناها المُرتعبة من هيئته التي بالتأكيد أخافتها .. و أنفها الصغير مع شفتيها المتفرقة بخوفٍ ليراها ترتعش و هي تتمتم:
- إبـ .. ـعد عنـ .. ـي!!!
أغمض عيناه لينتفض جسدها عنـ.ـد.ما ضـ.ـرب الحائط جوارها و ضغط على الزر كي يجعلُه ينزل للطابق الأرضي و إبتعد عنها، فـ وقفت تُلملم شتاتها لا تسيطر على رعشة جسدها، حتى شعرت به يسحب رسغها مجددًا فـ حاولت نزع ذراعها تتلوى بجسدها لكنُه جذبها بعـ.ـنف أكثر حتى تآوهت بألم، و لا تعلم كيف و متى وجدت نفسها بسيارته تجاورُه، أخذت تضـ.ـرب الزجاج بهيستيرية تصرخ به حتى إنتبح صوتها:
- نـــزلــنــي .. نـــزلــنــي بقــولـك!!!!
أسرع بالسيارة حتى إرتدت نور للخلف فـ نظرت له تلتقط أكمام قميصه من عند أكتافه تحاول شـ.ـدها بعنف صائحة بهيستيرية به:
- نـزلـنـي إنت بني آدم حـيـوان!!!! نــزلـني!!!
قبض على عضدها يهتف بقسوة يبدل نظراته بين و بين الطريق:
- بدل ما تعملي الشويتين دول عليا .. كُنتِ إعمليها على اللي ضـ.ـربك و مرمطك!! 
طالعتُه بصدمة من كلمـ.ـا.ته التي نغزت قلبها و تركتُه تنظر أمامها مندفسة في المقعد و كلمـ.ـا.ته أعادت أمامها مشهد زوج أمها و هو يوسـ.ـعها ضـ.ـربًا و ليس بيدُه، بل بـ حــ.ـزامٍ جلديّ غليظ، أغمضت عيناها و دقات قلبها تتسارع تجزم على أن تخبر والدتها بكل ما حدث و تثأر لكرامتها التي أُهدرت!
وجدت نفسها أمام منزلها، فـ ترجلت من السيارة لتجد أمها واقفة تبحث بعيناها عنها تسأل المارَّة، أسرعت نور ناحيتها و هو خلفها ترى نظرات المرء حولها تتسائل و البعض يتشـ.ـدق بكلمـ.ـا.تٍ خافتة و بالتأكيد عن علاقتها بذلك الواثب خلفها، ما إن رأتها والدتها حتى جذبتها تصرخ بوجهها بجزعٍ:
- كنتِ فين يا نور!!! إيـه اللي خرّجك من البيت!!!
همت نور بالحديث و لكن نظرات أمها لذلك الواثب خلفها و تساؤلها أوقفها:
- مين الأفندي!!
كادت نور أن ترد مجددًا لتبتلع الكلمـ.ـا.ت بجوفها عنـ.ـد.ما هتف هو بجمودٍ:
- أنا فريد الزيات، و عايز أتجوز بنتك!!!
نظرت له والدة نور و نظرت إلى نور مصدومةٍ، و بدون مقدمـ.ـا.ت رفعت كفها لتصفـ.ـعها على وجنتها بلطـ.ـمةٍ جعلت نور تتراجع للخلف من شـ.ـدة الصـ.ـفعة فـ أصبحت شِبه بين ذراعيه .. واضعة كفها فوق وجنتها التي تخدرت، شعرت بذراعيه حول كتفيها قابضة بقوة، فـ قد شعر فريد بـ إنتفاخ أوداجُه يود أن يفتك بتلك السيدة الواقفة أمامه، حاول ضبط غضبُه و هتف بحدة:
- أنا بقولك عـايـز أتجوزها!! مش عايز أمشي معاها في الحـ.ـر.ام عشان تضـ.ـر.بيها القلم ده!!!
أغمضت نور عيناها بألمٍ لتشعر بأمها تجذبها من ملابسها بعنــ.ـفٍ تصيح بوجهها:
- غـلـطـتي معاه يا بـت!!! هـربـتي معاه!!!
لم ترُد نور التي شعرت بلسانها قد إلتف حول نفسُه، لتسمع صوته من خلفها يجأر:
- شوفي جوزك عمل فيها إيه خلاها تهرب يا .. يا حجَّة!!!
لطـ.ـمـت نادية فوق وجهها و على صدرها تصرخ بهم:
- عـمـل إيـه!!! عمل إيه يا بـت ردي!!!!
تلملمت المارة حولها تتهامس و تتراشق كلمـ.ـا.تٍ وقحة لتقول إحداهن بـ نبرةٍ شامتة:
- جوزيها يا نادية للراجـ.ـل .. ده شكلُه أٌبَّهة و زغلل عين بنتك!!!
أسرعت نادية صارخة بها:
- بس يا ولية إنتِ و إتجري على بيتك!!!
هتفت الأخرى بعنف:
- روحي ياختي لمي بنتك اللي دايرة مع الرجـ.ـا.لة هنا و هناك، إشحال ما إحنا شوفناه بعينينا و هو طالع الشقة فوق و شايلها قدام الحارة كلها!! 
جحظت نور التي باتت لا تعلم أهذا صحيحٌ أم خطأ!، فهي لا تتذكر بالضبط ما حدث و كيف ذهبت معه للمشفى، إلتفتت له فوجدته يطالعها بأعين جـ.ـا.مدة لا روح فيها، لتسأله بصوت يرتجف:
- الكلام ده .. حصل؟
أسرعت ذات السيدة تقول:
- إستعـ.ـبـ.ـطي أوي ياختي إستعـ.ـبـ.ـطي!! ده إنتِ كُنتِ مرمية في حـ.ـضـ.ـنُه!!!
لم تتحمل نور كلمـ.ـا.تها و لم تشعر بنفسها سوى و هي تركض عليها تجذبها من حجاب رأسها صارخة بها بجنون:
- والله لأنـتـ.ـفـلك شعــرك يا ولــيــة يا زبـالة!!!
صدحت صرخات السيدة و هي تحاول النيل منها و ضـ.ـربها فـ أسرع فريد نحوها و قبض فوق خصرها و حملها بذراعٍ واحد بعيد عن تلك السيدة التي أخذت تسُبها و تسُب شرفها، فـ مدت نور ذراعيها تحاول الوصول لها صارخة بـ فريد:
- ســيــبـني!!!! سيبني عـلـيـها!!!!
تحرّكت نادية التي كانت واقفة متسمرة في مكانها و كأنهم دقوا في قدميها مسامير، ثم جذبتها من خصلاتها تصرخ بها:
- بــس!!! بــس بلاش فضايح إخـرسـي!!!
- أنا معملتش حاجه يا أمي والله العظيم و رحمة أبويا معملتش حاجه!!!
هدرت نور بها و الدمـ.ـو.ع قد ملئت عيناها، فـ شعر بذات الغصة في حلقها تملأ جوفُه، أمسك هو بـ كف نادية يبعدها عن خصلات نور يقول بحدة:
- سيبيها!!!
دفعتها نادية ثم وجَّهت الكلمـ.ـا.ت له قائلة بحزم:
- إبعت هات مأذون، و شوية و جوزي جاي و هيتوكلها عشان تتجوزها، بس أنا ليا طلب!!!
طالعتها نور مصدومة و قد بُهت وجهها، و تصاعدت صدمتها عنـ.ـد.ما قالت بقسوة:
- الدُخلة تبقى في الشقة التانية فوق، و دليل براءتها و شرفها ينزل هنا للناس كلها .. قولت إيه؟!!!!
- المأذون دقايق و يبقى هنا!!!
قالها ببساطةٍ غافلًا عن تلك التي وقفت أمام أمها لا ذرة حياة بوجهها و قد هـ.ـر.بت الدماء بأكملها من لون بشرتها، شعرت بالدوار فـ أمسكت بها نادية تهزها بعنف:
- مدام إنتِ بريئة زي ما بتقولي .. يبقى الحارة كلها تعرف إنك بريئة!!!
- ده لو طلعت بريئة فعلًا!!!
هتفت بها تلك السيدة و هي تضبط حجابها بعدما تبعثر بين يدي نور، ناظرتها نادية بعنف ثم أخذت إبنتها و صعدت لشقتهم، بينما وقف هو يحادث مأذون في الهاتف لكي يأتي!!!
• • • • • • 
- يعني إيه هتتجوز يا نادية!! يعني أنا أغيب ساعتين آجي ألاقي بنتك هتتجوز!!!
- اللي حصل بقى يا مُنذر!! البت لو متجوزتش الجدع ده محدش هيقبل يبُص حتى في وشها!!!
قالتها نادية بضيق و هي تضـ.ـر.ب على فخذيها بحسرة، و نور جالسة لا تسمع سوى تهشيم قلبها لـ فُتاتٍ، لينظر منذر لها بإرتباكٍ فـ هدوئها ذلك يشعر بأن هنالك رياح سوف تأتي لتعصف به، إنتفضت نور عنـ.ـد.ما سمعت طرقات فوق الشقة، ليفتح منذر فوجدتُه هو و خلفه المأذون، طالع فريد ذلك الرجُل بأعين أخرجت حمائم نيرانية و هو يود لو أن يفـ.ـصل رأسه عن جسدُه، أغمض عيناه و حاول التحلي بالهدوء إلى حين يتزوجها، و بعدها سيُحاسب كل من تسبب لها في أذى و لن يرحم أحدًا!!
أفسح المجال للمأذون الذي ألقى تحية السلام، و خلفه رجلان ليكونا شاهدين على تلك الزيجة، ثم دلف فريد، طالعتُه نور تنفي برأسها بهيستيرية تردد بـ صوتٍ خافت جعل قلبُه يعتصر:
- لاء مش .. مش عايزه أتجوزُه! مش عايزه!!
تآوهت عنـ.ـد.ما قبضت نادية فوق ذراعها تهمس لها:
- و رحمة أبوكي لو ما إتجوزتي الراجـ.ـل ده لكون دافناكِ حيَّة النهاردة يا بنت بطني!!!
هتف المأذون بريبة:
- هي العروسة مش موافقة؟
أسرعت نادية تقول بإبتسامة صفراء:
- مين قال كدا يا شيخنا، ده بس كسوف بنات مش أكتر! 
هتفت نور بإهتزاز نبرةٍ:
- أنا مش .. موافقة!!!
قال المأذون بضيق:
- باين عليها مش موافقة .. و لو كتبنا و العروسة مش موافقة يبقى جوازهم باطل!!
- عايز أتكلم معاها شوية لوحدنا!!
قالها فريد بحدة، فـ أسرعت نادية تدفعها لكي تنهض علُه يقنعها تقول:
- قومي .. قومي يا نور!! 
نهضت نور لتخرج من الشقة يقفا في مدخلها، وقف أمامها يتأمل مظهرها الرث و عيناها التائهة و تلك الشفاه التي ترتعش .. و التي ستكون بعد دقائق بأحضان شفتيه، تنهد ثم هتف بهدوء:
- الجوازة دي في مصلحتك من كُل الجهات، أولهم إن كرامتك اللي إتبعترت تحت هتتردلك .. شرفك اللي شككوا فيه هيتأكدوا منُه، و كون إنك حرم فريد الزيات يبقى محدش يقدر يقرب منك و لا يمسِك بس بأذى، هتترحمي من جوز أمك اللي طمعان فيكِ لإنه لو بس بصلك بصة معجبتنيش بعد جوازنا .. هحسّر أمك عليه!!
أغمضت عيناها و كلمـ.ـا.ته تتردد في أذنها، لتنظر له بعيناها الامعة بدمـ.ـو.عٍ مقهورة، ثم لم يصدر منها سوى إيماءة صغيرة جعلتُه يزفر براحة، دلفت للشقة ثم قال بجسدٍ يرتجف:
- أنا .. موافقة!!!
كُتب الكتاب، و كُتبت على إسمهُ، و أصبحت زوجته و الآن يحق له كل شيء، يحق له أن يضمها لصدرُه، يمتلك جسدها و يصكُه بإسمه هو فقط! طالعُه مُنذر بحقدٍ مُتقع، ثم قال بإبتسامة صفراء:
- ألف مبروك .. تتهنوا ببعض!!!
هتفت نادية بهدوء توجه حديثها لـ فريد:
- الشقة فوق متوضبة يا بني وكل حاجة فيها جاهزة، خد مراتك و إطلع .. و متنساش إتفاقنا!!!! المفتاح أهو .ظ
لم يرد عليها و أخذ منها المفتاح ثم قبض فوق ذراع نور و أخذها و صعدا و هي خلفه كالدمية المتحركة، كانت تصعد معه الدرجات بشرود تام حتى تعثَّرت فكادت أن تقع لولا ذراعه الذي أحاط بـ خصرها فـ رغمًا عنها تمسّكت بـ تلابيب قميصُه تشعر بدوارٍ غريب، نظر لها ليهمس أمام شفتيها:
- إنتِ كويسة؟
لم تُجيبه، فـ حملها بدون مقدمـ.ـا.تٍ بين ذراعيه، لتركل الهواء بقدميها تنهره بصوتٍ بالكاد يخرج:
- لاء .. نزلني .. نزلني!!!!
صعد بها للشقة و لم يلتفت لحديثها و حاول فتح الشقة و هو يحملها ونجح، ليدلف للشقة التي كانت رغم تواضعها نظيفة، أغلق الباب بقدمه فـ إنتابتها حالة هيستيرية تصرُخ به تضـ.ـر.ب كتفيه:
- نـزلني ... بقولك نزلني!!!!
دلف بها لغرفة النوم، ثم أنزلها على الأرض يحاوط كتفيها فتتلوى بين ذراعيه ليهزها بحدة صائحًا بها:
- إهــدي!!!
صرخت به تنفي برأسها بجنون:
- مش ههدى .. مش هتلمسني مش هسيبك تقرّبلي!!!
- نـــور!!!
صرخ بإسمها لأول مرة يُناديها محاوطًا وجهها و خصلاتها يرفع وجهها لعيناه الحادة، فـ صمتت تطالعُه و هي تنظر داخل عيناه التي باتت تخيف قلبها، إنحدر بمقلتيه لشفتيها، سيُضمهما، و لكن ليحاول تهدأتها أولًا .. حاول إزاحة رغبته المتفاقمة جانبًا لينظر لعيناها يقترب بوجهه من وجهها يهمس و قد لان قلبُه لحالتها الهلِعة:
- إهدي .. جـ.ـسمك بيترعش!!!
طالعتُه برجفة و أنفاسها المتضاربة تصفع وجهه، و كم تلذذ بفكرة أنه يتتفس أنفاسها، برفق حرر خصلاتها من تلك الربطة، ثم غلغل أناملُه بها فـ أنَّت بألم من أثر قبضة أمها على خصلاتها، فـ دلّك فروة رأسها برفق يطالعها بـ هدوء، لتنحدر مقلتيه لشفتيها و عيناه لا تهدف سوى تلك الشفاه، و ببطئ إقترب منها و فعلها، و أخيرًا .. و أخيرًا فعل و ضم شفتيها بشفتيه، شعر بقشعريرية سارت في جسدها فـ مسح فوق وجنتها بإبهامِه، بينما هي لا تعلم كيف تركتُه ينتهك عُـ.ـذرية شفتيها، ثوانٍ مرت تحارب بهم شعور لأول مرة ينتابها لتبتعد عنه عدة خطوات للخلف تنفي برأسها و كأنها تنفي لنفسها قبلُه عن شيء بالنسبة لها مُحال أن يحدُث، فهي لا تطيق قرب رجل منذ ما حدث مع زوج أمها، أغمض عيناه بضيقٍ فهي للتو قد أخرجته من جِنان إغرورقت بعسلٍ كان يستمتع بتذوقُه، طالعها فوجدها تجلس على الفراش .. ترفع قدميها و تزحف لآخرُه منزوية على ذاتها تهمس بهمساتٍ هيستيرية قد سمعها:
- لاء .. لاء مش هتقربلي، محدش هييجي جنبي!!!
أدرك لتوُه أنها ليست فقط كارهة له، هي خائفة قرب أي رجل، إنهالت السيناريوهات السوداوية فوق رأسُه، ليأخذ خطوات ناحيتها و جلس مباشرة أمامها، ثم مسح فوق خصلاتها يقول برفق يحاول أن يُخرِس شيطانه بأنها قد تركت نفسها لزوج أمها:
- نور .. الراجـ.ـل الـو** جوز أمك لمسك؟ قرَّبلك؟
أسرعت تنفي برأسها و قد إشمئزت تعابير وجهها من مجرد تخيل الأمر، فـ حاوط وجهها يزفر براحة مستندًا بـ جبينه فوق جبينها يهمس:
- مكانش هيطلع عليه نهار!!!!
أغمضت عيناها فـ نظر لها ليبتسم يُقبل جوار ثغرها بعمقٍ فـ حاولت إبعاده بخوف ليقول بـ لين:
- ششش .. إهدي!!!
ثم تركها، و خرج من الغرفة يجلب سكـ.ّين حاد ثم أخرج ملاءة بيضاء من الخزانة، راقبت تصرفاتُه بصدمة لتجدُه يرفع أكمامه ثم يُمرر السـ.ـكين فوق ذراعه لتشهق هي من ماهية ما يفعل تقول:
- بتعمل إيه!!!
لم يجيبها، أخذ خط الد.ماء ذلك فوق الملاءة ثم مسح بقية الدماء بمناديلٍ و وضعها في جيب بنطاله، أنزل كم قميصُه و فتح أول ثلاثة أزرار بقميصه ثم أخرجُه من بنطالُه، لـ يلملم الملاءة ثم خرج و تركها، سمعت بعدها صوت غلق الباب بعنف فـ إنتفض جسدها
• •••••• •
- بنتك شريفة .. حُطيها في عين التخين!!!
قال و هو يلقي بالملاءة أرضًا أمام أنظار نادية التي أطلقت زغرودة فرٍحة ثم خرجت من شقتها و صاحت بالجميع:
- بنتي طلعت أشرف بت في المنطقة يا حارة عِرة!!!!
صدحت الزغاريد و المبـ.ـاركات لـ نادية، ليتركها فريد و يصعد لتلك التي سلبت قلبه، دلف للشقة و من ثم لغرفتهما ليجد نامت على حالها ساندة برأسها فوق ظهر الفراش، تنهد و إقترب منها ثم حاوط خصرها بحذرٍ و أنزلها على الفراش لكي تنام بوضعيةٍ مُريحة، ظل جوارها يتأمل وجهها و أناملُه تسير على بشرتها، يقسم أنه يجاهد لكي لا يأخذها الآن، يحاول إمـ.ـا.تة شعورُه في إمتلاكها في تلك اللحظة، تنهد ثم تركها و غادر الغرفة بأكملها ليجلس على الأريكة ينزع عن جسدُه قميصه لا يتحمل أن يكون معها في نفس الغرفة دون أن يأخذها بين ذراعيه! إذًا هو لا يشتهيها فقط! و هو الذي ظن أن إعجابُه بها رغبة ليس أكثر، لو كان الأمر كذلك لكان ضـ.ـر.ب بـ رفضها و مشاعرها عرض الحائط و أخذ منها ما يُريد!!! أغمض عيناه يحاول أن ينام حتى فعل بعد عناءٍ!!!
إستفاقت من نومها تبحث عن شربة ماء تروي بها ظمأها، فوجدته نائم و هو جالس على الأريكة لتطالعُه بضيقٍ ثم دلفت للمطبخ لتشرب، دلفت للمرحاض بعدها تغتسل بعد أن حادثت والدتها أن تجلب لها بعض الملابس، خرجت من المرحاض تلف منشفة حول جسدها بتـ.ـو.تر من أن يراها، خرجت من المرحاض جالسة على الفراش قدميها تهتز بعجلةٍ هامسة:
- إتأخرتي يامَّا!!!
وضعت كفها فوق المنشقة و أسرعت تنهضت و لكنها توقفت مصدومةً عنـ.ـد.ما وجدتُه يدلف الغُرفة، تراجعت خطوتان من سهام عينيه التي ضـ.ـر.بت جسدها و هي تتأملُه بصمت، حاولت إرتداء قناع الشجاعة و مرت من جواره لتخرج و هي تقسم أن قدميها يهتزان، لكنها وجدت من يقبض فوق ذراعها ليدفعها للحائط يهمس أمام شفتيها:
- رايحة فين .. بمنظرك ده!!!
أسرعت نور تضع كفها فوق صدرُه تدفعه لكي يبتعد قائلة بـ تـ.ـو.تر أكل قلبها:
- ر .. رايحة أخد من أمي لبس!!
نظر لخُصلاتها الطويلة المبتلة و هي تنهمر فوق كتفيها، نزلت عيناه لوجهها الذي تمنى تقبيل كل إنشٍ صغير به، ثم إلى عنقها ليجد قطرة من المياة تتسحب لتدلف إلى صدرٍ تغطّى بالمنشفة، فأسرع يقطع طريقها و هو يقول بهدوء يعاكس نبرته التحذيرية:
- ممم .. يعني طالعة لأمك على السلم بفوطة، و طبعًا أمك مش هتديكِ اللبس بس .. هتقولك عملتوا إيه و حكاوي النسوان اللي بتبقى في الصباحية دي، و لو حد طالع ولا نازل هيشوفك، هيشوف مرات الزيات واقفة بفوطة على السلم!!!
لم تستطع الرد، إرتجف قلبها عنـ.ـد.ما مال بأنفه لـ عنقها يستنشق تلك الرائحة التي أذهبت بعقلُه، رائحة جسدها أُختُلِطت بـ رائحة صابون منعشة، أغمضت عيناها و إزدردت ريقها ثم همست:
- أنا .. أنا مكنتش هقف معاها على السلم، كُنت هدخل آآآ
صمتت و كإنها إبتلعت لسانها الذي كانت تتحدث به عنـ.ـد.ما وجدته طبع قبلة فوق عظمة الترقوة الخاصة بها، ثم قال بهدوء:
- سكتي ليه!
- إبعد عني!!!
هتفت بضيقٍ من الفوضى الذي أحدثها بها من مجرد قبلة، أخذت تتمسك بتلك المنشفة، فـ رفع شفتيه لـ شامة في وسط عن عنقها يُقبلها، أغمضت هي عيناها تشعر بحرارة جسدها ترتفع أكثر، إبتعد عنها فجأة ثم نظر لها بجمودٍ صفعها، ليقول بثباتٍ زائف:
- دخّليها وأنا أصلًا ماشي، بس هرجع بعد ساعتين تكوني لبستي فيهم عشان نروح ڤيلتي!!!
- أنا مش عايزه أمشي من هنا!! مش هروح معاك في حتة إنت فاهم!!!
صرخت بها بإندفاعٍ في وجهه تشير بـ إصبعها أمام عيناه، نظر لها و لإصبعها ثم أمسك به، كانت تظنُه سيُشـ.ـدد عليه لكنُه أنزلهُ محتفظًا به بـ أحضان كفُه، يقول ينفس الهدوء:
- صوتك ميعلاش يا نور!!!
ثم تابع ينظر لإرتباك عيناها:
- و إنتِ هتروحي مع جوزك في أي مكان هو فيه!
- إنت بتعمل ليه كدا!!
قالتها بدهشةٍ تطالعُه بحيرة، فـ رمقها بهدوء ثم هتف بإبتسامة خفيفة:
- بعمل إيه؟
كادت تتحدث لكن قاطعها صوت رنين جرس الشقة، فأسرعت تكاد تذهب من أمامه لكنها شهقت عنـ.ـد.ما حاوط ذراعيها مقربها له يهدر بها:
- إياكِ تتحركي برا الأوضة دي!!!
ثم تركها تبتلع بصدمتها بمرارة، خرج فريد ليفتح الباب لوالدتها التي أطلقت زغرودة ما إن رأتُه! تقول بصوتٍ عالٍ فرِح:
- ألف ألف مبروك يابني!!!
لكن شهقت عنـ.ـد.ما وجدته يرتدي نفس ملابس البـ.ـارحة فهتفت بحيرة:
- يوه!!! إنت لسه بلبسك ليه؟
قال فريد بمكرٍ:
- هو في عريس بردو هيفضل بلبسُه في ليلة دخلتُه يا حجّة، أنا لبست نفس اللبس عشان ماشي، و قولت لـ نور إني هاجي كمان ساعتين و هاخدها عشان نقعد في ڤيلتي!!
إبتسمت نادية بفرحةٍ و غمغمت:
- ربنا يسعدكوا يابني، روح إنت شوف مصالحك عقبال هي ما تجهز و تلبس!!!
أعطاها إيماءة خفيفة ثم ذهب بالفعل، دلفت نادية إلى نور فوجدتها جالسة على الفراش شاردة أمامها لتجلس جوارها تقول بحنان:
- مبروك يا نور!!!
نظرت لها نور بحدة ثم صرخت في وجهها:
- مبروك!!! جوزتيني لشخص معرفوش و لا طايقاه و بتقوليلي مبروك!!!!
إحتدت نبرة نادية لتهدر بعنف:
- أنا عملت اللي فيه مصلحتك .. ولا ةكُنتي حابة الناس يتكلموا عليكِ و يمرمغوا بشرفك الأراضي!!!!
- إنتِ اللي سمحتيلهم بكدا ياما!!!
هتفت و لأول مرة يحمل صوتها ذلك الجرح، لتذرف دمـ.ـو.عًا أليمة تصرخ بها بصوتٍ قد بُحَّ:
- إنتِ اللي شكيتي في شرفي قبلهم .. مع إنك أكتر واحدة عارفاني و مربياني و عارفة إني محبِش الحال المايل و لا العوَجان!!!
طالعتها نادية ببعضِ النـ.ـد.م و لم تجيبها، لتكمل نور بألمٍ:
- ليه ياما .. ليه رميتيني الرمية دي!!!
صاحت بها نادية بإحتجاجٍ:
- رمية!!! رمية إيه يا بنت بطني!!!! ده إنتِ متجوزة راجـ.ـل أُبهة معاه شيء و شويات و لو مشي على الفلوس كدا متخلصش، إنتِ مش شايفة عربيته!!! و بعدين ده مش راجـ.ـل مكحكح كبير في السن .. ده شاب أهو و في عز شبابُه يعني مافيهوش عيب .. و بسم الله ما شاء الله عليه زي القمر و ستات و بنات الحارة إمبـ.ـارح كانوا هيتجننوا عليه و مالهمش سيرة إلا هو!!! فـ متقوليليش رمية يا روح أمك إنتِ متجوزة جوازة مكُنتيش تحلمي بيها!!!
- و أنــا!!! هو أنا مش في حساباتك خــالـص!!! إنتِ أُم إزاي رُدي عليا، رفعتي على أبويا خلع زمان و سيبتيه بحسرتُه و منعتيه يشوفني و مـ.ـا.ت لوحدُه في شقتُه بعد ما حسرتيه بجوازك من راجـ.ـل زبـ.ـا.لة بَص لبنتك و طِمع فيها و إنتِ عاملة نفسك مش واخدة بالك عشان بيتك ميتخربش!!!!
نظرت لها نادية مصدومةً، و لم تكبح غضبها فـ تلقت نور صفعة منها جعلتها تصمتت للحظات واضعة كفها فوق وجنتها، لتلتفت بوجهها لها تقول بـ قهرٍ:
- أنا مش مسامحاكِ، و أنا فعلًا همشي مع جوزي و مش هت عـ.ـر.في عني أي حاجه تاني!!!!
ألقت نادية الملابس في وجهها و صرخت بها:
- في ستين داهية تاخدك و تغوري من حياتي!!!
ثم غادرت، لم تؤلمها صفعتها بقدر ما ألمتها كلمـ.ـا.تها التي بصقتها في وجهها و ذهبت، و كأنها ليست فلذة كبدها .. بل كأنها بالأساس لا تمُت لها بصِلة، إرتمت نور على الأرض تاركة العنان لصرخات بُكائها التي كتمتها منذ سنوات رافضة ذرف دمعة واحدة، بكت و صرخت حتى شعرت بأحبال صوتها تتقطع لتضـ.ـر.ب فوق الأرضية بكلتا كفيها و خصلاتها تنسدل على وجهها، دخل جسدها في حالة من الرجفة تمقتها، فـ هي كُلما حزنت حُزنًا شـ.ـديدًا يفوق طاقتها الذهنية و الجدية ترتجف كـ طفلٍ يقف وحدُه في ليالي قارصة البرد و الأمطار تنهمر فوق رأسه، ظلت تبكي و ترتجف لأكثر من ساعة نائمة على الأرضية في وضعٍ جنينيّ لا يصدُر منها سوى همهمـ.ـا.تٍ هافتة بـ:
- بـ .. بابا!!
لم تعي دخول فريد الغرفة، الذي إرتسمت الصدمة على مِحياه و هو يراها على تلك الحالة، خطى نحوها لينزل لمستواها يميل بجسدُه عليها يُبعد خصلاتها المُلتصقة بجبينها من شـ.ـدة تعرُقها، ينظر لوجهها شـ.ـديد الإحمرار و إلى شهقات بُكائها النابعة منها، نزلت عيناه لجسدها الذي يرتجف بـلا رحمة أسفل تلك المنشفة، و في لحظاتٍ كان حملها بين ذراعيه ليُريح جسدها فوق الفراش، نظر لـ علامـ.ـا.ت الأصابع التي تركت أثرًا بغيضًا على وجهها فـ إشتعلت عيناه و بدون وعيًا منه أطاح بمزهرية كانت تجاور الفراش فسقطت أرضًا، لينتفض جسدها من ذلك الصوت العالي الذي إقتحم أذنها، جلس جوارها ليحاوط وجهها بكفيه يُردف:
- سامعاني يا نور؟
أومأت و لازالت الدمعات تُذرف من عيناها المُغمضة، فـ همس برفقٍ:
- طب إفتحي عينيكِ .. بُصيلي!
أظهر عن عيناهت و ليتها لم تفعل، فـ مجرد النظر لـ بُنيتها الدامعة تجعل قلبه يُعتصر، أعاد خصلاتها للخلف و قال بهدوء:
- أمك اللي ضـ.ـر.بتك؟
أومأت مجددًا لتزداد وتيرة إرتجافها فـ نامت على جنبها تضم قدميها لصدرها في محاولة بائسة لتهدئة جسدها، مسح فوق خصلاتها بحنان لأول مرة يظهر في تصرفاتُه معها، إنزاحت المنشفة قليلًا من على جسدها ولم تنتبه، فـ جلب بذراعه الطويل ملابسها المعلقة على الأرض بعد أن مال على الأرضية قليلًا، ثم دفع كتفها برفق لكي تنام على ظهرها، تنهد و همّ بـ القبض على تلك المنشفة و إزاحتها بعيدًا لكنها قالت برُعب تضم المنشفة لصدرها:
- إنت هتعمل .. إيه!!!
- هلَبسك يا نور!!!
هتف هو بهدوء لكن أسرعت هي نافية بفزع:
- لالالالا ... سيبني .. أنا هلبس سيبني!!
- هتقدري؟
قال و هو يراها تعتدل في جسدها تحاول بيأسٍ سحب المنشفة لأسفل لكي تخفي فخذيها تومئ مسرعةً، لم ينتوي الضغط على أعصابها أكثر من ذلك فتركها و خرج من الغرفة، لتخرج هي الأخرى بعد دقائق ما إن إرتدت ثيابها، نظر لعيناها التي شردت في نقطة فارغة ليقف أمامها، رفع ذقنها بإبهامه و سبابته معًا يسألها و عيناه تتشرب مِحياها:
- إنتِ كويسة؟
إبتسمت ساخرة، فهي تُقسم أن طيلة سنوات حياتها لم يسألها أحد ما إن كانت بخير أم لا، أجابتُه بإبتسامة فاضت ألمًا:
- مش هتفرق! 
سحب كفها بـ كفُه ليغادرا بصمتٍ، ترجلا من الدرج ليخرج منذر من الشقة في ذات الوقت، طالعتُه نور بـ مقتٍ ليصع فريد كفه فوق خصرها و يخفيها وراءُه، أراد الآخر إستفزاز فريد فـ قال بـ خبثٍ:
- هتوحشيني .. قصدي هتوحشينا يا نور!!!
لم يتحمل فريد الذي كان ينتظر أقل خطأ من ذلك الرجل لكي يُريه من هو فريد الزيات، إندفع نحوه وسط صـ.ـرخات نور المصدومة ليسدد له لكـ.ـمـ.ـا.ت في وجهه أوقعتُه أرضًا، مال فوقه و أمسك تلابيب قميصه ليرفعُه من فوق الأرض ثلاثة سنتيمتر ثم أنزلهُ بقسـ.ـوة ليصـ.ـر.خ الآخر بألمٍ من فقرات ظهره التي شعر بها تهـ.ـشمت و كلمـ.ـا.ت فريد تقتحم أذنيه:
- يا إبن الـكـ** يا نِجس!!!!
إندفعت نور نحو فريد تمسك بكتفُه قائلة برجاء:
- خلاص خلاص سيبُه لو سمحت!!!
خرجت نادية من شقتها لتشهق فورما رأت ذلك المشهد أمامها، ركت جوا زوجها تتمسك برأسه و هي تراه يكاد يغشى عليه تصرخ به:
- مـنـذر!!! حبيبي قوم!!!
نهض فريد عنه و صدرُه يعلو و يهبط بيننا نور تتمسك بذراعه لكي لا يفعل شيء آخر، لترفع نادية وجهها لهم تصرخ بهم بإنفعال:
- إنت غـبـي!!! إيه اللي إنت هببتُه ده!!!!!
كاد أن يندفع بجسدُه لها لولا كفي نور التي تشبثت بذراعُه مُقربة جسدها منه ترجوه بهمس:
- خلاص يا فريد!!!
يكاد يجزم أنه وسط ما يحدث يود أن يتلفت لها و يخبرها أن تعيد إسمه مرارًا و تكرارًا على شفتيها، فـ هو لأول مرة يشعر أن إسمه في غاية الجمال هكذا، نظر لجسدها القريب من ذراعه العضليّ، لينظر إلى نادية التي تحاول إفاقة منذر و هو يتوعد لها هي الأخرى، يقول بحدة:
- و إنـتِ لولا إنك مَــرا أنا كنت مديت إيدي عليكِ، بس عقابك إني هحرمك من بنتك و مش هخليكِ تشوفيها لو حصل إيــه!!
صرخت به بغِلظة قلب:
- أنــا أصلًا مش عايزه أشوف وشـها!! أنا مصدّقت إرتحت منها و من قرفها!! 
تهدّلا كتفي نور و نظرت أرضًا و كفيها ينحدرا من فوق ذراعه بـ بُطئ لكنه أسرع يحيط ظهر كفها بـ باطن كفُه يثبته فوق ذراعه يقول لـ تلك التي نُزعت من قلبها جل معاني الأمومة:
- أنا هخليكِ تتمنشي تشوفي ضُفرها .. و مش هطوليه!!!
ثم جذب زوجته خلفه و خرجت من تلك العمارة، سارت نور وراءُه تشعر بـ إن قلبها تهشّـ.ـم بقسوةٍ، فتح لها باب سيارتُه و وضع كفُه فوق ظهرها يحُثها على الولوج فـ فعلت، ليجاورها يقود السياره و ذهنه كلُه مع تلك الجالسة جواره بصمتِ أحزنُه، إلتقط كفها من حِجرها ليأخذ على قدمُه مُغلغلًا أصابعه في فراغات أصابعها، طالعتُه للحظاتٍ دون حديث، ثم نظرت أمامها لدقائق لتهمس بعدها بلا وعي:
- هي ليه مبتحبنيش؟
- تعالي!!
قالها فاردًا ذراعه لها فـ نظرت له بتردد حسمهُ هو عنـ.ـد.ما جذبها من كتفها لصدرُه فـ أغمضت عيناها و إنهمرت الدمـ.ـو.ع فوق وجنتيها تهمس بصوت جعلُه يشـ.ـدد أكثر على عناقها:
- يعني ليه رافضاني؟ .. ليه عُمرها ما طيبت خاطري بكلمة؟ 
و بدون وعي منها تشبثت في قميصه المفتوح أول ثلاثة أزرار منه، فـ لامست أناملها البـ.ـاردة صدرُه الدافئ فـ إبتسم رغم حُزنه على حالتها، إستنشق عبير خُصلاتها ليمرر كفُه فوق كتفها يقول بهدوء حاول إصطناعه:
- أمك كانت عارفة باللي النجس ده بيعملُه؟ 
- لـ .. لاء!!
همهمت بحزن، فـ قال بهدوء:
- أكيد حسِت بنظراتُه ليكِ .. و ده خلاها كارهاكِ و عايزة تبعدك عنها عشان بيتها .. ميتخربش!!!
أغمضت عيناها و هي تشعر بأن كلمـ.ـا.ته مئة بالمئة صحيح، ضمت جسدها لصدرُه أكثر تهمس برجفةٍ:
- يعني هو .. أهم منها عندي صح؟
- نَفْسها أهم منكوا إنتوا الإتنين!
قال بهدوءٍ فـ صمتت تُفكر في تحليله للأمر لكن صُدمت عنـ.ـد.ما أخبرها بهدوء:
- و إنتِ عندي .. أهم من أي حد!!
رفعت وجهها تنظر له بصدمةٍ مما سمعت، إبتعدت عنها تنظر خارج النافذة بإرتباك، لتشرد بكُل ما مرت به حتى وجدت نفسها أمام ڤيلا يدلف لها من خلال بوابة فُتحت تلقائيًا فورما وجدت سيارته، نظرت حولها بإنبهارٍ و ترجلت من السيارة لا تصدق ما تراه عيناها، فتحت باب السيارة عنـ.ـد.ما توقفت و ترجلت منها، رفعت رأسها لضخامة المبنى، وقف جوارها فـ نظرت له قائلة:
- كلها بتاعتك؟
- آه
قالها بهدوء و هو ينظر لها، فـ سألت بدهشة:
- حد عايش فيها معاك؟ 
- لاء!
إزدادت دهشتها لتسأل مجددًا:
- فين باباك و مامتك؟
- ميتين!
هتف و التأثر لا يظهر البتة على وجهه، فـ غمغمت بهدوء:
- الله يرحمهم!!
نظرت لذلك المسبح و تلك الورود المزروعة في جانب بمفردها و من الواضح أنها تحظى بإهتمامٍ كبير، لفحها الهواء فـ ضمت نفسها بذراعيها و إتجهت ناحية باب الڤيلا و هو يسير خلفها، وقف مباشرةً خلصها و وضع كفه الأيسر فوق خصرها يزيحها قليلًا لكي يفتح الباب بالمفتاح، حمحمت بحرجٍ من لمستُه و دلفت، أعتلت الصدمة مِحياها تنظر حولها و لم تكن تظن بحياتها أن مثل هذا الترف موجود بتلك الحياة، أخرجها من شرودها عنـ.ـد.ما وجدتُه يمسك بكفها يسير بها إلى الدرج، فـ توقفت تقول بضيق:
- رايح فين، و بطّل بتجُرني كدا!!!
- رايحين أوضة النوم، و أجُرك أحسن ما أشيلك .. ولا عايزاني أشيلك؟
قال بخبثٍ ظهر في نبرتُه فـ أبعد كفها عن مرمى كفه و قالت بحدة:
- لا ده و لا ده!!
ثم همست بتـ.ـو.تر:
- سيبني أتفرج على الڤيلا شوية!!!
شعر بالصُداع يفتك رأسه، ليجلس على الأريكة يعطيها ظهره الذي أراحة على ظهر أريكتُه الوثيرة، يقول عائدًا برأسه مغمضًا عيناه يشعر و كأن شخص يضـ.ـر.ب بمطرقة فوق رأسه:
- إتفرجي يا نور!
زفرت براحة و دلفت إلى ما إتضح أنه مطبخ، كادت تشهق من جمالُه لتفتح الثلاجة و ترى فيها كل ما لذ و طاب، إلتقطت تفاحة لتتذكر أنها كانت ظائمًا تستأذن أمها لتأكل شيء من الثلاجة و تسمح لها أو لا، وقفت على مدخل المطبخ و قالت بهدوء:
- ينفع أكُل تفاحة؟
رغم ألم رأسه إلا أنه فتح عيناه و نظر لها ساخرًا يقول:
- بتستأذني عشان تاكلي في بيت جوزك؟!!
أخفت مِحياها الخزينة و دلفت إلى المطبخ مجددًا و هي تقضم التفاحة بجوعٍ، فهي لم تأكل منذ البـ.ـارحة، رفعت صوتهاة ليصل له تقول مستفسرةً:
- مين بيساعدك في الهلُمة دي كُلها!!!
جائها صوته هادئ كعادتُه:
- الخدامين!!!
شهقت من كلمته لتتجه له تقول ببراءة وضحت له في نبرتها:
- مش بنقول عليهم خدامين!!! ممكن نقول مساعدين أو أي حاجه تانية!!!
إبتسم رغمًا عنه ينظر لعيناه، يريد أن ينهال بقبلاته فوق تلك الجفون التي تحاوط أجمل عينان قد رآها بحياتُه، صمت و لم يرد فـ سألت و هي تقضم من التفاحة و عيناها تلُف الڤيلا:
- هُما فين بقى!!!
- في أجازة! 
قال بهدوء، فـ هتفت بدهشة:
- ليه .. بمناسبة إيه يعني؟
- بمناسبة إنهم مينفعش يبقوا موجودين في ليلة دُخلتنا يا نور!!
قال و هو ينهض واقفًا أمامها يطالعها بأعين خبيثة، صُدمت مما قال لتقف قطعة التفاحة في حلقها فـ أخذت تسعل تميل برأسها للأمام واضعة كفها على صدرها، أسرع يصُب لها كأس من الماء كان موضوع على المنضدة، ليحاوط ظهرها يُقرب الكوب من شفتيها هامسًا بقلق نهش قلبُه:
- اسم الله عليكِ .. إشربي!!!
شربت من المياه مسرعةً بعطش، و عنـ.ـد.ما أنهتها وضعها جانبًا، ليعود يتفرس وجهها بقلقٍ عليها، فـ إذا مسَّه السوء مسُه، مسح على خصلاتها يسألها بهدوء منافي لنيران قلبُه:
- إنتِ كويسة؟
أومأت برأسها و هي تربت على صدرها مغمضة عيناها، إبتسم ليدرك سبب سعلتها المُفاجئ:
- كل ده عشان قولتلك دُخلتنا!
عادت تنظر له بتـ.ـو.تر، تنظر لذلك القرب بينهما لتجحظ عيناها له بصدمة عنـ.ـد.ما قال بمكرٍ:
- إنتِ ليه مُتخيلة إني هاكلك؟ هو أنا هاكلك فعلًا بس مش بالصورة اللي إنتِ مُتخيلاها!
- إنت .. إنت بتقول إيه بجد!!!
هتفت مصدومة، فـ مال يحملها بين ذراعيه لتشهق تتمسك في قميصُه تركل الهواء بقدميها تصرخ بخوف شـ.ـديد:
- نزلني!!! رايح فين بيا بقول نزلني!!!!!
صعد الدرج بها وسط قولُه بضيق:
- نور .. أنا صبري نفَد، و عايز أتمم جوازنا قُدام ربنا!!!
نفت برأسها بهيستيرية تقول برُعبٍ:
- لاء .. لاء!!!!
تنهد و دلف بها الغرفة ثم أنزلها في وسَطها، وقبل أن تركُض منه و بالفعل كادت تفعل حاوط خصرها بغضبٍ جليّ يهدر بوجهها:
- إيه شغل العيال ده! بتـجـري مـني!!!
ظلت تضـ.ـر.بُه على صدرُه تصيح به بعنف:
- و هقتـ.ـلك كمان لو فكرت تقربلي و لا تلمس مني شعرة!!!
أغمض عيناه و عاد برأسه للخلف يحاول التحكم في شيطان غضبُه لكي لا يقسو عليها، و لكن غلبُه إنفعالُه و قبض فوق خصرها بعنـ.ـف شـ.ـديد يقربها منه حتى تآوهت هي و هي تبعد وجهها عن وجهه، تمسّكت بقميصه تحاول خلق مسافة بينهما هادرة بوجهه:
- إبعد عني!! آآه!!
تآوهت من قوة قبضته على جسدها فـ خفف يدُه و رمى قسوة كلمـ.ـا.تُه بوجهها بحدة:
- شُغل عيال و دلع مش عايز يا نور!!!
نزعت كفُه دلّكت مكان قبضتُه و الألم يغزو تلك المنطقة من خصرها و ظهرها بالكامل تشعر بجروحه التي لم تطيب تفتّحت بفعلِ قسوته، طالعتُه بمقتٍ لتتحول لنظراتِ مصعوقة عنـ.ـد.ما و بكل جرأة رفع كنزتها قليلًا ليرى مكان أصابعهُ تارك أثار عنيـ.ـفة، حاولت دفع يده و ستر جسدها إلا أنها فشلت فـ قد صرخ بوجهها حتى إنتفضت مخضوضةً:
- بــــس فـــرك بـقـى!!! 
- إنـت إزاي بتزعقلي كدا!!!
صاحت به بمِثل غضبه فـ همس و هو ينظر لتلك التي ستُكدم حتمًا:
- ده أنا هديكِ بالجـ.ـزمة!!!
- إنت قليل الأدب!!!
قالتها بغلٍ، فـ إبتسم يرفع عيناه لها:
- بلاش تخليني أوريكِ قلة الأدب اللي بجد!!!
حاولت خداعه بمحاولة دفعه خارج الغرفة حتى تغلق الباب ترجوه بحزن زائف:
- طب ممكن بس تخرج أستحمى و أغيَّر!!!
أعتدل بوقفته ينظر لها بمكر:
- الحمام عندك إدخلي إستحمي .. و غيّري هدومك في الأوضة دي، فيها لبس ليكِ و كل حاجه ممكن تحتاجيها
أشار بعيناه لغرفة تبديل الملابس، فـ لم تجد حلًا سوى حبس نفسها بتلك الغرفة، تركتُه و دلفت للمرحاض لتغلقه جيدًا على نفسها تنزع ثيابها لتنظر لجسدها بحزن، إلتفتت تنظر لظهرها لتشهق بحسرة على حالة ظهرها الذي إمتلأ بآثارٍ حمراء غليظة تؤلمها، لا تعلم لِم تخشى إشمئزازُه منها، فهو رجل مُكتمل الرجولة لا ينقصهُ شيئًا، رُبما إن رآها بتلك الحالة سيُطلقها و يعيدها إلى أمها و زوجها، شهقت من مجرد الفكرة و تساقطت دمعاتها لتختلط بالمياة الساخنة التي هدرت فوق جروح ظهرها فألهبتها أكثر تاركة إياها تتآوه و تإن من شـ.ـدة الألم، تذكرت عنـ.ـد.ما ضر.به بلا رحمة فـ شفى به غليلها، فهي إن كانت طلبت منه يتوقف عن ضر.بُه لإنه فقط كاد يموت بين يداه، و رغم ما فعلته أمها فهي لا تريد تركها وحيدة بدونه حتى و إن كان حقيرًا، ما دام لم يؤذي أمها بشيء! نظّفت جسدها قليلًا ثم خرجت من المرحاض لتنظر لـ العطور و الكريمـ.ـا.ت المرطبة الأنثوية المتراصة فوق الرخام أمام المرآة، طالعتهم بحيرة و قالت:
- هو جايبهم ليا؟ و لا كان في حد هنا قبلي؟!!
تغاضت عن الفكرة و بدأت في ترطيب جسدها و تعطيرُه، ثم إرتدت ذلك البشكير الذي ستر جسدها أكثر من مجرد منشفة، و خرجت لتجدُه واقف في الشرفة يوليها ظهره و الظاهر أنه ينفث دخان لُفافة تبغُه، أسرعت داخل غرفة تبديل الملابس لكن صُدمت عنـ.ـد.ما وجدتها بدون مفتاح، لا تدري ماذا ستفعل، أتضع شيئا  خلف الباب؟ ولكن ماذا ستضع و لا يوجد شيء تستطيع تحريكه، فالغرفة لا يوجد بها سوى خزانات زجاجية فخمة، و مزينة من نفس الهيئة، تساقطت عبراتٍ من مقلتيها و أغلقت الباب عليها ثم بحثت في الخزانة التي قد إمتلئت بثياب نوم فاضحة جعلتها تهق من صدمتها، إنتقت أكثرهم إحتشامًا و كان عبـ.ـارة عن قميص أسود بحمالات مفتوح الصدر يصل لمنتصف فخذها و فوقه روب وسط إلى ركبتيها، إرتدته بضيق تحادث نفسها:
- إزاي مافيش بيچامة واحدة!!! كل اللي جايبُه سـ.ـا.فل زيُه!!!
نظرت لنفسها في المرآة و قد ضاهى سواد القميص بياضها، إبتسمت و هي تُسدل خصلاتها البُنية المبللة، وجدت مجفف كهربائي رأته كثيرًا في الأفلام، فـ أمسكت به و حاولت تجفيف خصلاتها بحذر، حتى تجففت بالفعل، جلست على أريكة موجودة بالغرفة و همست لنفسها:
- شكلُه نسيني! يارب يكون نام!!
أغمضت عيناها لكن إنتفضت عنـ.ـد.ما سمعت طرقات على الباب، فـ صرخت به بعنف:
- عـايز إيـه!!!!
إنفتح الباب بقسوة حتى إرتطم بالحائط خلفُه لينكمش جسدها بخوف من فعلتُه لاسيما عنـ.ـد.ما وجدت مِحياه الغاضبة، رأته يتجه نحوها فـ إرتجف جسدها ليقبض على ذراعيها يُنهضها قائلًا بعنف:
- و رحمة أبويا صوتك لو عِلي بالشكل ده تاني هخليكِ تنـ.ـد.مي نـ.ـد.م عمرك يا بنت الراوي!!!!
نظرت له بتوجس لا تنكر خوفها، غضبُه أعماه عما ترتديه، فكاد يبُخ بها غضبُه لولا عيناه التي إلتقطت كُتلة الأنوثة المتجسده بها و الموجودة بين يداه، أغمض عيناه يحاول التحكم في رغبتُه الجامحة بها، دفعها بضيق يوليها ظهرُه يهمس لنفسه كيف ترتدي الأسود!! ألم تجد سوى اللون الذي طالما عشقُه عليها، يكاد يجزم أن لولا عِلمُه بشخصيتها لكان ظن بها أنها تعرض نفسها عليه، إلتفت لها و هي تقف مشـ.ـدوهة لا تعلم ماذا يحدث له ليصيح بها بحدةٍ:
- إيه اللي لبسك قميص نوم إسود!!! ما ترُدي!!!
لم تجيبه بل نظرت له حائرة من أمرُه، لتهمس بعد ثوانٍ:
- مش .. مش فاهمة، أنا لبستُه عشان محترم شوية!!!
تعالت نبرتها تقول بحدة:
- كل اللي في الدولاب حاجات سـ.ـا.فلة و قليلة الأدب و آآآ
بتر كلمـ.ـا.تها عنـ.ـد.ما وجدته يندفع نحوها يحاوط وجهها و هو يستند بجبينُه فوق جبينها يهمس بـ صوتٍ خافت:
- إستحملي اللي هيجرالك بقى يا نور!
- إنت .. آآ أنا آآآ
بـ ماذا ستنطق؟ و من أين ستأتي بحروفٍ لـ تُركبها و أنفاسُه الحارة تضـ.ـر.ب بشرتها ، أغمضت عيناها و لم تحسب حساب إستسلامها بين يداه، لم تظُن أبدًا أن تأثير كلمـ.ـا.ته، و لمساته ستكُن بهذا القدر على قلبها، هي التي كانت تجزم و تقسم بأنها لم و لن تترك نفسها له، لن تتركه ينولها مهما حدث و لن تكُن لُقمة سائغة بين فكيه، و ها هي الآن كالحمقاء تتجاوب معُه و تستجيب لِم يفعل، و تم الأمر .. و أصبحت زوجته قولًا و فعلًا، و أصبحت بين يداه كما تمنى، لكن لِم يشعر أنه ليس راضٍ بعد؟ لِم يشعر بأن هنالك ما ينقصُه، كان يظُن أن لا شيء سيصل له بعد أن وصل لـها، لكن لماذا يشعر أن هنالك الكثير بعد .. و أن وِجهته لم تكُن لغَرض جسدها فقط! رغم سعادته التي لم يشعر بها من قبل و هي بين ذراعيه، و رغم تلك الليلة التي ستظل محفورة بقلبه طيلة حياته .. إلا أن الضيق تلبّس قلبُه، فـ دثّرها بالغطاء ونهض يقف في الشرفة صافعًا بابها خلفُه، تاركًا إياها مصدمة من الأمر برمته، من إستسلامها له و من ردة فعلُه، شعرت بقلبها تهشّم ظنًا منها أنها لم تلقَ إستحسانه، بالتأكيد أثار الضـ.ـر.ب على ظهرها أثارت إشمئزازُه، لم تتحمل كومة النيران التي إشتعلت في وسط صدرها، إرتدت روبها و نهضت و هي تتوعد له، ستثأر لكرامتها التي بعثرها على الأراضي، فتحت الشرفة ليضـ.ـر.بها الهواء بقسوة، إلتفت لها بإستغراب ليجدها إقتربت منه و وقفت أمامه تردف بحدةٍ و دمـ.ـو.ع القهر ملئت عيناها:
- أنا بـكـرهـك!!!
- في إيه!!
قالها بدهشةٍ و إهتمام حقيقي، هل أذاها؟هل لتلك الدرجة تألمت بسببه؟ هل كان عنيفًا معها بفعل رغبتُه القـ.ـا.تلة بها!
لم تتحكم في عيناها الخائنة لتُملأ بالدمعات تضـ.ـر.به على صدرُه بقبضة عنيفة صارخة بوجهه بصوت شعر بالألم بـ طياته:
- لو أنا معجبتكش للدرجة دي كان مُمكن على الأقل تنام جنبي!! مش تقوم من جنبي!!!!
ثم إنهالت دمعاتها فوق وجنتيها تصرخ بوجهه فيستشعر دمعاتها 
و كأنها سوط يسقط على جسدُه:
- مدام قرفت من العلامـ.ـا.ت اللي على ضهري كُنت طلقتني و خدناها من قصيرها!
- عـلامـات!!!
أعاد الكلمة مرة أخرى على لسانه لا يُصدق ما نطقت به، و في لحظة كان يدفعها للداخل يغلق الشرفة جيدًا ثم إلتفت لها يقبض على ذراعيها يغمغم مصدومًا:
- علامـ.ـا.ت إيه اللي على ضهرك، لفي!!!
تلوت بين ذراعيه تهدر ببكاء:
- إبعد عني!!
- لــفـــي بـقـول!!!
صرخ بها وقد إستوحشت عيناه من شـ.ـدة غضبُه يدفعها من كتفها لكي تستدير و توليه ظهرها، فعلت فـ فتح ذلك الروب لتشهق بخجل و هي تراه يُنزع ذلك الروب من فوق جسدها فـ سقط لتضُم ذراعيها لصدرها بخجلٍ رهيب، نظر لتلك العلامـ.ـا.ت مصدومًا، علامـ.ـا.ت ضـ.ـر.ب حمراء بـ.ـارزة عن الجلد نفسه بقليل، رفع إبهامُه يتلمس تلك الآثار فـ إرتجف جسدها، لينطق بصعوبة بعد أن شعر بلسانة مُكبلًا:
- مين عمل فيكِ .. كدا؟
- جوزها!!!
قالت تصُم كفيها لصدرها، لتنتفض عنـ.ـد.ما وجدته يضـ.ـر.ب فوق باب الشرفة ضـ.ـر.بة تلي الغرفة فـ أسرعت تخفي جسدها بالروب تلتقطه لترتديه و هي تتراجع للخلف من تلك الحالة المصعورة التي هو عليها، أخذ يضـ.ـر.ب باب الشرفة و يزيح كل مقتنياته من فوق المزينة و يزيح تلك المزهرية المسكينة التي سقطت أرضًا متهشمة لشظايا زجاج، أغمضت عيناها بثباتٍ لا تدري ماذا عليها أن تفعل، لتفتح عيناها عنـ.ـد.ما وجدتُه يتنفس بسُرعة و كأنه للتو خرج رابحًا من سباق الماراثون، وجدته يختطف هاتفه يغضط على شاشته و ترى صدرُه العاري يعلو و يهبط، لتحده يضعه على أذنه يصـ.ـر.خ به بعنف:
- ديــاب!!! تقوم حالًا تجيبي واحد و** إسمه منذر ساكن في عين شمس عُمارة *** الدور الأولاني!!!
شهقت لتركض ناحيته تقف أمام تضع كفيها على صدرُه ترجوه و لأول مرة:
- لاء لاء و حياة أغلى حاجه عندك متعملش كدا!!! أمي تموت فيها والله تموت!!!
نظر لها للحظات ثم تابع حديثُه يقول بحدة:
- مش عايز الساعة دي تعدي إلا و هو في المخزن يا دياب!!!
كتمت شهقتها بكفيها ليغلق الهاتف معه يصـ.ـر.خ بها بعنف:
- أنـــا مـــش عــايــز أسـمـعـلـك صوت!!!!!!!
- ماما كدا هيحرالها حاجه!!!
قالت و هي تنظر له بصدمة و لم تسمع لما قال، فـ أمسك بكتفيها يصـ.ـر.خ بوجهها:
- فـي سـتين داهـية!!!! مجرالهاش حاجه عليكِ هيجرالها على النجس ده!!
ليتابع بشراسةً:
- مقولتيليش لـيـه من بدري!!! لــيــه!!!!
تركته و ذهبت جالسة على الفراش واضعة رأسها بين كفيها بألم، أخذ دقائق يحاول تهدئة نفسه، حتى أنطلق للكومود اليدذي يجاور الفراش ثم أخرج منه مرهم للجروح، ألقى به على الكومود ثم إتجه ناحيتها، ليُميل عليها يحملها بين ذراعيه، تعلّقت برقبته تقول بخضة:
- بتعمل إيه!!
وضعها على بداية الفراش ليجعلها تستلقي، يضع ذراعُه خلف ظهرها، يميل بجسده عليها فـ وضعت كفيها فوق صدرُه تنظر له بعدم فهم، أخذ كفّها ثم قبّل باطنُه لتُصدم، همس بحنان ينبع من صوتُه لأول مرة:
- هغطيكِ .. و هتديني ضهرك عشان أحطلك مرهم على اللي في ضهرك ده!!!!
جحظت بعيناها تُسرع قائلة:
- لاء لاء! أنا هبقى أعمل كدا!!!
أغمض عيناه ليستند بـ جبينه فوق مقدمة رأسها يقول بوهنٍ:
- نور .. مش عايز مُناهدة و عِند، أنا فيا اللي مكفيني صدقيني!
إبتعد عنها ثم قال بهدوء:
- يلا .. و أنا هغطيكِ عشان متتكسفيش!!
تنهدت بحُزن و إلتفتت بالفعل تعطي ظهرها له، سحب الغطاء على جسدها من آخر ظهرها ململمًا خصلاتها و برفقٍ أبعد ذلك المئزر عن جسدها ليرى ظهرها الأبيض تشـ.وّه بتلك العلامـ.ـا.ت القاسية على قلبُه قبل أن تكون على جسدها،و أخذ عبوة الكريم و هو يشعر بتمـ.زُق قلبُه، ثُم أفرغ القليل بين أصابعه، و أدفأ برودته بين مقدمة أنامله ثم وضع القليل على الجرح الذي إشتد إحمرارُه، سمع تآوهاتها فأغمض عيناه يبعد أناملُه عن ظهرها، ثم عاد يضعها مجددًا برفق شـ.ـديد، ترك أثر و إتجه للآخر، حتى أنهى جميع جروحها، مال بشفتيه و نفث الهواء على الكريم لكي يجف، غلغل أناملُه بخُصلاتها فوجدها قد نامت، إبتسم و ظل يمسح فوق شعرها يقول متوعدًا:
- عهد عليا ما هسيب حقك، و هنسل أوسـ.ـخ حزام عندي على جتتُه و هخليه يجيلك راكع يطلب منك تسامحيه!!!
ظل جوارها حتى إمتص جلدها المرهم، سقط بشفتيه يُقبل كُل جرح صغير طُبع على ظهرها، ينثر قبلات بطيئة حنونة مُتألمة على ظهرها، ثم دثرها جيدًا، و إرتدى ملابسه و غادر منتويًا على ما خطط له!!!
يُتبع
رُبِـ.ـط في كُرسيّ حديديّ، رسغيه إزرقَّا من قوة الحبل السميك المربـ.ـوط به، أغمض عيناه يشعر بالد.ماء تسيل من كُل إنش بجسدُه بعد أن تم جـ.ـلدُه على يد فريد الزيات حوالي مئة جـ.لدة دون توقف، يأخذ أنفاسه بالكاد، حتى إستمع إلى خطوات أقدام تأتي نحوه، رفع عيناه يحاول تميزز مِحيا القادم، حتى وجده فريد، يشعل ضوء ذلك المخزن المتهالك، ثم يجلس أمامه و يشعل سيجارة أمام عيناه، أسرع مُنذر يرجوه قائلًا:
- أبوس رجلك يا بيه سيبني أمشي، و أنا و ربنا ما هتعرضلها تاني، بس سيبني أرجع لبيتي و مراتي!!!
إنزوت شفتيه يقول بمكرٍ:
- هسيبك ترجع طبعًا .. عشان إنت و مراتك تتحسر على حالك!!
أسرع ينظر له بلهفةٍ يذرف الدمعات، أشاء فريد لرجالُه لكي يحرروه من ذلك الحبل، ثم أمرهم بحدة:
- تاخدوه و ترموه قدام باب بيته بعد مـ تروّقوه شوية!!!
صرخ منذر برعـ.ـب:
- لاء يا بيه أبوس إيديك كفاية أنا إتروقت بما فيه الكفاية!!!
جذبوه رجال فريد يجروه جرًا كالشاه، ف نهض هو يلقي بـ لُفافة تبغُه ثم يخطو فوقها، ليقرر الذهب لها، لـ ملاذُه و عشقُه الأوحد، لـ طفلتُه التي يعلم بهشاشتها رغم تلك القوة التي تدّعي وجودها، طفلتُه التي وطأوا فوق قلبها و دهسوه، كيف تحملت سقـ.ـوط حزام فوق جسدها؟ كيف تحمل أن يسمع صراخها و بكائها و بالتأكيد توسلاتها له أن يكِف و لم يفعل! ركض بالسيارة لـ بيتُه بأقصى سرعة لديه، ثم ترجل منها ليدخل الڤيلا و يصعد لغرفتهم، فوجدها قد إستفاقت و يبدو أنها تحممت، ترتدي بيچامة مُكونة من سروال قصير يصل لمُنتصف فخذها و كنزة بحمالات رفيعة تظهر بداية نهديها، توقف في مكانُه يأكل بعيناه تفاصيلها و هي تأتي الغرفة ذهابًا و إيابًا قبل أن تراه فتركض ناحيتُه و يركض معها خصلاتها المُبتلة و رائحة جسدها التي غمرت أنفُه، تقف على مقربٍ منه تقبض فوق قميصُه و القلق يحتل عيناها قائلة:
- عملت إيه؟!!!
نظر لها كالثمل، ليُردف و عيناه تسير على ملامح وجهها:
- فـ إيه؟
تناسى تمامًا ما فعل، تناسى من هو و كيف أتى و كيف أصبحت بين ليلة و ضُحاها جليسة غُرفته لا تبرح منها و سينام لترى عيناه ملامحها قبل أن تُغمض، و تُفتح على بداعة وجهها، ناظرته بذات القلق ثم أسبلت عيناها لجسدُه تتفحص إن كان بخير أم تأذى مثلًا، لتردف بلهفةٍ:
- فـ جوز أمي!!
رفع كفيه و حاوط وجنتيها يُمرر فوقهما إبهاميه يقول بهدوءٍ:
- متجيبيش سيرتُه على لسانك .. تاني!
إرتبكت من قربُه فـ همس بلُطفٍ و عيناه تتعلق بشفتيها بعدما راجع كلمـ.ـا.تها:
- إزاي دماغك جابتك .. إني ممكن أكون قرفت منك؟
لم تُجيبه بل لنظرت لعيناه واضعة كفيها فوق كفاّه المُثبتان على وجنتيها فـ أردف بذات النبرة التي إمتلأت رفقًا:
- ده أنا قضيت معاكٍ ليلة مكُنتش أتخيل إنها تبقى بالجمال ده، حتى خيالي مجبش الجمال .. ده!!
إحمرار وجهها الخجول جعلهُ يبتسم، ليُميل مُقبلًا وجنتها الحمراء ثم عاد ينظر لها، أسرعت تبتعد عنه لتجلس على الفراش تفرك أناملها بتـ.ـو.ترٍ، لم ييأس و إتجه لها جالسًا أمامها يُردف بهدوءٍ:
- بتهربي مني ليه؟
- مش بهرب!!
قالتها بضيقٍ رافضة فكرة الهروب التي تبتعد عن سِمـ.ـا.ت شخصيتها تمامًا، لتجدُه ينطق فجأة بـ:
- نور .. قولي فريد!
نظرت له بإستغراب، ثم قالتها بعفوية:
- فريد!!
إبتسم و لم يُعلق، لكن إختفت إبتسامتُه عنـ.ـد.ما غمغمت:
- كُنت .. يعني عايزة أقولك حاجة!!!
نظر لها بقلق ثم قال:
- قولي أربعة .. في إيه؟
- عايزة أشتغل!!
هتفت بهدوء زيّفته و هي تنظر داخل عيناه، رفع حاجبيه مشـ.ـدوهًا من طلبها، ثم صمت لدقيقة .. دقيقتان حتى وصلا لـ خمس دقائق من الصمت التام، لا هي أضافت شيئًا و لا هو إستجاب لطلبها و لو بإيماءة!
- نور .. إنتِ عارفة أنا مين صح؟
هتفت بضيق:
- عارفة! و عارفة إن شغلي هيأثر على برستيچ سيادتك، و عارفة إن مينفعش مرات فريد الزيات تبقى بتشتغل!!!
- قبل كُل ده! أنا راجـ.ـل دمُه حر، مقبلش يبقى مراتي فوقيها مُدير بيديها أوامر و هي بتقوله سمعًا و طاعًا، الفكرة بالنسبالي مش مُتاحة أصلًا، و بعدين إنتِ عايزة تشتغلي ليه! أنا هعملك حساب في البنك و هحطلك فيه المبلغ اللي تطلبيه .. فلوسي كلها تحت رجلك يبقى ليه الشغل يا نور؟
قال بمُنتهى المنطق، فـ نظرت له بدهشة، و سألته بنفس الدهشة:
- إنت ليه بتعمل معايا كل ده؟
ثم تابعت بحيرة:
- يعني أنا بنت عادية أوي، حتى شكلًا أنا مش ملكة جمال .. بنت عادية ملامحي مقبولة! ليه واحد زيك يتجوزني ؟
- إنتِ جميلة!!
قالها بتلقائية ليسترسل:
- شكلًا و موضوعًا، و بالنسبالك شايفة نفسك بنت عادية، بس أنا شايف فيكِ البنت اللي فيها كل صفات الست التي تصلُح تبقى مراتي!
جذبها من ذراعها برفق، و دفع رأسها تجاه صدرُه بحنو فـ أراحت رأسها عليه دون أن تبتعد عنهُ، أغمضت عيناها تشعر براحةٍ غريبة بين ذراعيه، ذلك العناق يذكرها بعناق أبيها، لا تعلم كيف حاوطت خصره و دفعت برأسها في أحضانُه تستنشق تلك الرائحة النابعة من ملابسه تُنعش بها رئتيها، و لا يستطيع هو وصف سعادتُه من ذلك العناق، فهو لأول مرة يشعر بها تبادلُه عناقه، مسح فوق خصلاتها مُقبلًا جبينها بهدوء، ليسمعها تغمفم بـ براءة تلمّسها في نبرتها:
- إنت كمان جميل!!!
إبتسم على براءة جملتها، ثم هتف:
- تعالي نخرج نتعشى برا!!!
قفزت من حـ.ـضـ.ـنه و صرخت بحماس:
- يلا بينا!!! هروح ألبس!!!
- ماشي!!!
قال و الإبتسامة مرسومة على ثغره يتابع ركضها لغرفة تبديل الملابس، تنهد و نهض لكي يستحم ثم يرتدي هو الآخر عاهدًا أن يجعلها في مُنتهى السعادة و لو كلّفُه ذلك عُمرهُ!!
• • • • • 
جالسًا فوق الأريكة الوثيرة ينتظر خروجها، حتى خرجت و أخيرًا بـ ثوبٍ باللون الروز الباهت إنعكس على بشرتها فـ أظهر جمالها، كان بأكمام مُختشم إلا أنه تهدّل فوق جسدها فـ رسم تفاصيلُه بحرفية، مُظهرًا خصرها الإعوجاجي، و تناسق جسدها المميت لـ رزانتُه و هدوءُه، خصلاتها الناعمة إنهمرت فوق كتفيها و ظهرها مع لونهم البني الذي لاق لبشرتها وللون الثوب، و بعض من مساحيق التجميل برزت مِحياها، نهض و كان هو الآخر يرتدي بذلة مئزرها فوق معصمُه، وقف أمامها بعد أن تأملها، لينظر لها عنـ.ـد.ما أخذت خكوات بعيدة عنه تقول بفرحةٍ:
- بُص كدا .. حلوة؟
- زيادة عن اللزوم!!
إبتسم و هو يُصرح بحُب ظهر في عيناه! لم إمتعضت محياه عنـ.ـد.ما تذكر أن أُناس سيروها، و بالتأكيد ستتشبث عيناهم بـها، فـ قال بضيق ظهر في صوته:
- بس مينفعكيش!
طالعتُه بصدمة و ظنت أنه يقصد أن ذلك الثوب الذي يوحي بـ غلاء ثمنه و قيمته لا يليق بفتاة مثلها .. فـ رددت الكلمة على لسانها تشعر بوَقعها كـ وقع دلوٍ بـ.ـارد فوق رأسها:
- مينفعنيش؟ 
هتف بحدة:
- أبدًا!!! ضيق و راسم جـ.ـسمك! مينفعش!
زفرت براحة عنـ.ـد.ما فهمت مقصدُه، إبتسمت لتقترب منه تتشبث في قميصُه المفتوح أولهُ قائلة برجاء:
- لاء ده جميل أوي والله!!
- م أنا عارف إنه زفت جميل!
هتف بنفس الضيق، ثم أمسك بكفها ليوقفها أمام المرآه و هو خلفها كفُه مُثبت على خصرها:
- شايفة أد إيه ضيق؟ إنتِ فاكرة إني هسمحلك تنزلي كدا؟
نظرت لنفسها تتأمل الثوب على جسدها، لتلتفت له قائلة بلُطف:
- بس أحنا هننزل نركب العربية و ننزل من العربية للمطعم، محدش هيشوفني!!
أخذ كفها و سار بها لغرفة تبديل الملابس يقول بحدة:
- على أساس إن اللي قاعدين في المطعم دول فضائيين!!
ضحكت و سارت معُه حتى توقفا عِند خزانتها، أخرج لها مئزر جوخ طويل، وضعه على كتفها يقيس طول عليها وسط صدمتها و هي تردف:
- إنت بتعمل إيه!! إحنا في الصيف و ده بالطو!!!
- مش مهم!!!
هتف و هو يلقي بـ چاكيته لكي يجعلها ترتديه يُلبسها هو إياه، و بالفعل أغلقُه جيدًا و هي تتذمر بين يداه، صعدت عيناه لخصلاتها يهتف بحدة:
- و مسيِّبة شعرك!!!
ثم إلتقط مشبك شعر على شكل فراشة، و لفّها يلملم خصلاتها حتى عقصهم بقوة يثبتهم بذلك المشبك، إلتفتت له و قد إحمرّ وجهها غضبّا:
- حـ.ـر.ام عليك يا فريد، شكلي بقى عرّه!!! حاسة إني صبي صنايعي!!!
ضحك حتى عاد برأسه للوراء، ثم نظر لها يقول بخبث:
- هو في صبي صنايعي بالحلاوة دي! ده أنا هاين عليا أقلّعك الفستان خالص و نقعد بلا عشا بلا بتاع!!!
شهقت بصدمة لتقول بغضب:
- آه أومال إيه .. م هو ده اللي ناقص!!
أمسكت كفُه تقول بضيق:
- يلا بقى قبل ما تعمل كدا بجد!!!
إلتقطت چاكيت بذلتُه و سار معها، لا يُصدق أن فريد الزيات ينساق خلف امرأة بمزاجه كُليًا!
• • • • • •  
سحب لها المقعد لتجلس و الغضب يأكل ملامحه، فقد لاحظ نظرات النادل لها و لولا نظرتُه لها لكان الآن بين عداد الموتى بين يداه!! جلس أمامها يعود بظهره للخلف و لم يتحمل أن يجلس دون أن يشعل لُفافة التبغ، و فعل فـ طالعتُه بإستغراب، تأملت ضيقُه لتقترب بجزعها العلوي منه، جاذبة تلك السيجارة من بين شفتيه، وضعتها في المطفأة تقول بهدوء:
- إيه اللي مدايقك؟
- إيه اللي عملتيه ده؟
قال و عيناه إشتعلت كإشتعال تلك السيجارة قبل أن تُطفأ، لم تجيبه ليسترسل بعنف:
- مين سمحلك؟!
- أنا اللي سمحت لنفسي!!!
هتفت بجُرأة تستند برأسها للخلف هاتفة بثقة:
- أنا مبطِقش ريحة الدُخان!
أغمض عيناه يتحكم في غضبُه، ليردف بحدة:
- تتعودي يا نور!
- إنت اللي تتعود متشربهاش قُدامي!
هتفت بنفس الضيق، ثم لفّت وجهها تشيح به بعيدًا عنه من ضيقها، طرق فوق الطاولة بحواف أناملُه، ينظر لملامحها الجميلة التي بُهتت بضيق، كاد أن ينطق لولا أنه لمح ذلك النادل يقترب منهم لكي يأخذ طلبهم، زفر الأخير بضيق ثم أملى عليه طلبه لكي يُغادر و لم يسألها عما تُريد، عنـ.ـد.ما إبتعد النادل ناظرته بصدمة قائلة:
- إنت مسألتنيش هاكُل إيه!!
- عشان عارف ذوقك!!
قال بجمودٍ فـ إنفعلت و إحتدت نبرتها و هي تقول:
- عارف ذوقي منين!! أنا أصلًا مبحبش الجمبري!
- وطي صوتك!!!
قال بهدوء إستفزها أكثر، لتدفع بظهرها للمقعد تضم ذراعيها لصدرها تنظر أمامها بحُزن ظهر على عيناها، تنهد و نهض ليجلس جوارها، إلتقط ذقنها يلف وجهها له يقول بحنوٍ:
- عايزة تاكلي إيه و أنا أروح بنفسي أطلبهولك؟
- مش عايزه شكرًا!!
قالت دون أن تنظر له، تبعد كفه من على ذقنها، لكن فجأة وجدته يسحب مقعدها لمقعدُه واضعًا كفُه على خصرها، نظرت له بصدمةٍ فـ إبتسم و مال مُلتقطًا قبلة سريعة من شفتيها المنفرجة، شهقت و أسرعت تبعد وجهها عنه تقول بصعوق:
- إيه اللي عملتُه ده!!! في ناس حوالينا!!!
ثم أخذت تنظر لمن حولها و لكن لم تجد أحد ملتفتًا لهما فـ حمدت ربها، طالعته بغضب شـ.ـديد ثم هتفت:
- إنت .. اللي عملته ده ميصحش قدام الناس!
- أنا أعمل اللي أنا عايزُه في أي وقت!!
قال بخبث، ثم هتف بمكرٍ:
- و والله لو ما قولتي دلوقتي أطلبلك إيه هبوسك بوسة بجد مش الزغزغة اللي عملتها من شوية دي!!!
لم تتحمل و ضـ.ـر.بت فوق صدرُه من شـ.ـدة خجلها، ثم قال بإرتباك رهيب:
- لاء لاء خلاص .. أنا عايزه رز و فراخ!!
ثم فكرت قليلًا لتردف مسرعة:
- و عايزه محشي ورق عنب!!!
إبتسم و قال و هو ينظر لشفتيها:
- أطلبي حاجه تانية .. 
لم تلاحظ نظراته فـ قالت:
- شوية ملوخية!
- عنيا!!
قال و قبّل جبينها ثم نهض، جلست ترتب خصلاتها بتـ.ـو.تر و حيرة، ثم همست بإبتسامة:
- والله مـ.ـجـ.ـنو.ن .. بس قمر يخربيت جمال أمه!!!
ثم ضحكت تخفي فمها الذي نطق بالذي لو سمعه لكان قـ.ـتـ.ـلها!، تنحنحت تعيد ذاتها الوقورة إليها، و شردت .. تحدث نفسها:
- ليه حاسة جنبُه بإحساس غريب أول مرة أحسُه مع حد؟ ليه حاسة إني في أمان طول ما هو قريب مني؟! ليه قلبي بيدُق بالشكل ده لما بكون في حـ.ـضـ.ـنه أو معاه .. بس أنا مش فاهماه! ساعات بيبقى حنين و ساعات قاسي، ساعات بيبقى عصبي و ساعات هدوءه بيستفزني، حاسة إنه بيحبني و في نفس الوقت مش طايقني! أقل حاجه مني بتعصبُه! 
حاوط مقدمة رأسها تشعر بصداعٍ من كثرة الأفكار المتضاربة بـ ذهنها، حتى وجدته أتى و جلس جوارها، يقول و هو يميل برأسها لأسفل لكي يرر وجهها الذي تخفّى أسفل كفيها:
- مالك في إيه؟
همست بهدوء:
- مافيش .. دماغي واجعاني شوية!!!
مسح على خصلاتها و قال بقلقٍ:
- نروح لدكتور؟
نظرت له بإستغرابٍ، مجرد ألم رأسها جعله يقلق و يطلب منها الذهاب إلى الطبيب؟ و هي التي كانت تموت أمام أعين أمها من ألم معدتها عنـ.ـد.ما أتتها الدورة الشهرية لأول مرة و ترجوها أن تذهب بها لطبيبة لكن لم تفعل متحججة بأن ذلك الألم سينتهي و لن يطول! إبتسمت و نظرت لذلك القلق المرتسم في مقلتيه و لم تجيبُه، فـ قال بنفس الرهبة:
- مبترُديش ليه؟
قالت بهدوء و إبتسامة:
- شوية صداع يا فريد .. هيروحوا على طول!
قال برفق:
- طيب .. بعد م ناكل .. لو لسه الصداع موجود هنروح لدكتور!!
أومأت له و لم تجيبُه، فأتى الطعام على يد نادل آخر و وضع الطعام أمامهم فـ بدأت نور تأكل يـ جوعٍ، ثم نظرت إلى فريد الذي جلس يراقبها، لتلتقط إصبع من أصابع المحشي الملفوفة تلك و قال بلُطف:
- إفتح بؤك!
فتح فمه قليلّا و ذراعه مسنود على ظهر مقعده، أطعمته و قبل أن تبعد إصبعها عن مرمى شفتيها كان مُمسكًا بـ كفها يُقبل ذلك الإصبع قبلة تلي الأخرى أخجلتها، إبتسم ثم قال يحرر إنملها من بين أصابعه:
- عايز تاني!!
هتفت بلهفةٍ:
- حاضر!!
ثم جلست تُطعمة مُتناسية تمامًا جوعها، حتى نظر لها و لم يتحمل براءتها و نقاء قلبها، ليحاوط وجهها يُقبل وجنتها اليُمنى يتنفس رائحة بشرتها، إبتسمت لتنظر له عنـ.ـد.ما رفع وجهه يقول بحنان:
- يلا يا نور كملي أكلك!!
إلتفتت تكمل طعامها بالفعل حتى أكلت الكثير لتستند بظهرها للخلف تقول تشعر بالإمتلاء:
- حاسة إني إتنفخت!!
- لسه مصدعة؟
سألها بإهتملم فـ قالت:
- لاء الحمدلله راح!
جلسا معًا يتبادلا أطراف الحديث حول اللاشيء، ليتمر ساعتان فـ حاسب النادل و نهضا، خرجا من المطعم لتشهق عنـ.ـد.ما وجدت أمكار غزيرة تنهمر فوق رأسها، ضحكت ضحكات طفولية و هي تمد كفيها للأمام لتتلقى تلك القطرات التي تسقط على باطني كفيها كالورود المنثورة، ضحكت من قلبها فهي لأول مرة تمر بتلك التجربة، حاول فريد سحبها بضيق قائلًا:
- يلا يا نور نركب العربية!!
أسرعت تبعد كفها عن مرمى يدُه قائلة بسعادةٍ غامرة .. تشبه تلك الأمطار التي غمرت جسدها:
- لاء لاء عربية إيه ده أنا هفضل هنا لحد ما المطرة تخلص!!!
لتجذبه هي من ذراعه تجعله يقف أمامها قائلة بغبطةٍ:
- غمض عينيك كدا و حس بالميا و هي بتنزل على جـ.ـسمك!!
هتف بهدوء:
- مبحبش المطر أصلًا!!!
صدمت صارخة بسعادة:
- مبتحبش المطر!! في إنسان طبيعي ميحبش المطر!!!
وجدها تفرد ذراعيها على جانبيها ترفع وجهها للسماء مغمضة عبناها، فـ صرخ بها بحدة:
- نـور!!! يلا عشان متبرديش!!!
- لاء لاء!!
قالت مسرعة تبتعد عنه خطوات عدة فـ إنفلتت أعصابه لاسيما عنـ.ـد.ما ترجته قائلة:
- و حياتي إستنى شوية!!!
أمسكت بكفه تصرخ بـ براءة:
- يلا نجري!!!
- إنتِ كدا لسعتي بجد!! إحنا هنجري فعلًا على للمستشفى بعد ما يجيلك إلتهاب رئوي و يطلعلك زور في إحتقانك مش إحتقان في زورك!!!
ضحكت من قلبها لتذهب معه عنوةً بعد أن تبللت ملابسها و خصلاتها لتدلف للسيارة تجلس جواره، إحتفظ بـ كفها بـين يدُه و القلق ينهش قلبه عليها، خائفًا من تبعات ما فعلت أو أن تمرض، و مجرد فكرة فقدانها تقـ.ـتـ.ـلُه و تجعلُه يود أن يموت في الحال، عنـ.ـد.ما وصلا .. ترجل هو أولًا بينما هي تثاقلت جفنيها بنعاسٍ، ليفتح الباب و يميل و في ثوانٍ كان يحملها بين يداه، تشبثت بـ عنقه بنعاسٍ تدفن أنفها في رقبت فـ تُدغدغ رجولتُه، سار بها للڤيلا و قبل أن يفتح كان الباب يُفتح ليجد عمتهُ تبتسم له بإصفرارٍ، دُهش من وجودها ليقول بإستغراب:
- عمتي!! إيه الزيارة المُفاجأة دي؟
رفعت نور عيناها لتنظر لتلك الواقفة بحرجٍ من وضعيتها بين ذراعيّ زوجها، لكنها طالعت هيئتها تلاحظ الغل قد تشكّل بعيناها قائلة بضيق حاولت إخفاءه:
- يارب بس تمون عجبتك يا فريد!
دلف فريد قائلًا بإبتسامة زائفة و هو يتجه للدرج ليصعد به:
- طبعًا يا عمتي، هطلّع مراتي و آجي نقعد مع بعض شوية!!!
تمسّكت نور بـ عنقه تنظر لتلك الواقفة و لم تجيبه بـ توجسٍ، فنظراتها التي كالرصاص نحوها جعلتها تهابها و تنكمش أكثر بين أحضان مأمنها الوحيد، دلف لغرفتهم ثم إلى غرفة تبديل الملابس ينزع عن جسدها ذلك المئزر، ثم لفّها و بخفة كان يفتح زمام ثوبها بينما هي مُنشغلة في التفكير في تلك السيدة، أبعد طرفي الثوي عن ظهرها ليُغمض عيناه يشعر بتلك الندوب على قلبُه هو، يُميل ليُقبلهما بلُطفٍ فـ إقشعّر جسدها و أغمضت عيناها تردف بإرتباكٍ:
- فريد!
حاولت الإبتعاد لكنه كان قابض فوق خصرها، ليقترب من أذنها هامسًا بها:
- مش لازم تخافي و ترتجفي كدا .. أنا مش هعملك حاجة، لإني عارف إنك تعبانة و مُرهقة النهاردة!
إلتفتت له و قبض فوق تلابيب قميُصه بينما هو تاركًا الحرية لأناملُه بالعبث فوق ظهرها يسير بطوله بأصابعه عليه، فـ تمتمت بحرجٍ:
- هي اللي تحت دي عمتك؟
غمغم بهدوءٍ:
- مممم
تابعت بحرجٍ:
- طب و هو يعني كان ينفع تشوفك شايلني كدا زي العيال الصغيرة، كان المفروض تنزلني أسلم عليها!! بس أنا الغلطانة .. لساني إتلجم لما لقيتها واقفة و بصراحة بصاتها مريحتنيش!!
تنهد ثم قال بإبتسامة:
- مش شايف فيها عيب لحد جاي من برا شايل مـ.ـر.اته، و بالنسبة لبصاتها فـ أنا مش عايزك تخافي من حاجه و أنا معاكِ!
ثم حاوط وجنتيها المغطان بخصلاتها يقول بحنان:
- يلا أنا هطلع .. و إنتِ غيّري هدومك و نامي!!
ثم همّ بالذهاب فـ تشبثت بقميصه كـ طفلة لا تريد أبيها أن يبتعد عنها، تسألُه بـ براءة:
- هتغيب تحت يعني؟
مال طابعًا قبلة جوار شفتيها بالضبط فإبتسمت و لأول مرة لا تخجل قربُه، بل باتت تعشق وجوده بالقرب منها هكذا، إبتعد عنها ثم قال ينظر لعيناها اللامعة:
- كُنت هغيب، بس بعد الجملة دي رُبع ساعة بالظبط و هطلعلك!!!
إبتسمت ملء ثغرها ثم قالت:
- ماشي!!!
قبّل مقدمة رأسها و ذهب، فـ ضـ.ـر.بتها برودة غريبة فور إبتعادُه عنها، زمت شفتيها بحزن عنـ.ـد.ما أدركت تأثير وجوده عليها، نزعت ذلك الثوب و إرتدت منامية نوم مريحة تتكون من قميص بلون الروز أيضًا قصير معه المئزر الذي إمتلأ بريشٍ رقيق، إبتسمت لنفسها و جففت خصلاتها ثم خرجت، تسطّحت فوق الفراش البـ.ـارد و إنتظرت دخوله في أيّة لحظة، لن تنام سوى عنـ.ـد.ما يأتي و يضمها لأحضانه فـ تدفن وجهها بصدرُه و هُنا فقط تستطيع النوم بـ سلام! بعد دقائق وجدته قد دلف و الضيق يحتل ملامحه، إعتدلت في جلستها تنظر له بترقب لتجده ينزع عنه قميصه و يلقي به أرضًا فـ ظل عاري الصدر، ذهب نحوها لتتفاجأ به ينام على معدتُه جوارها لكنه أسند رأسه فوق صدرها محاوطًا خصرها، إبتلعت شهقاتها الخجولة و لم تقُل شيئًا، بل وجدت نفسها تحيط رأسه و تغلغل أنامله داخل خصلاته الناعمة الكثيفة و يدها الأخرى تمسح فوق ظهره، ثم همست بحنو ينبع منها لأول مرة:
- مالك طيب؟ قالتلك حاجه دايقتك!!!
أغمض عيناها يتذكر حديثها الذي أشعل نيرانٍ بقلبه عن ماهية الفتاة التي تزوج منها، و كيف أنها بحثت عن عائلتها فلم تجد لها إسمٍ ولا أصلٍ و لا فصلٍ، و وبّختُه لأنه تزوج منها و ءسماها على إسمه، تذكر كيف حاول ضبط أعصابُه لكي لا ينفعل على من هي بعمر أمهِ، أغمض عيناه و أسند أذنيه فوق موقع قلبها يقول بهدوء لا يضاهي إنفعاله:
- لاء يا نور مقالتليش حاجه!
ثم تابع:
- أنا بس حاسس إني مُرهق شوية، و عايز أنام هنا .. في حُضنك!!
رُغم خجلها من ذلك الوضع إلا إنها حاوطت رأسُه تناديه بهدوء:
- فريد!
- نعم!
قالها متلذذًا بسماع صوتها من ثغرها، فـ غمفمت بحيرة:
- هو إنت ممكن تنـ.ـد.م إنك إتجوزتني؟
- ليه بتقولي كدا؟
قال و هو يُفاجأها بـ أن قبض على خصرها يُزيحها لأسفل لتكُن في مواجهته، شهقت و وضعت كفيها على صدرُه، فـ ثبّت كفّها فوق صدره و قال و هو يتفرس ملامحها بعيناه:
- اللي بتقوليه ده هبل! أنا متجوزك بإرادتي .. و أنا مُستحيل أنـ.ـد.م على حاجه عملتها بإرادتي و مزاجي!!
أسرعت تبعد وجهها عنها لتعطس تفرك أنفها تحمد ربها على عدم توقف قلبها في تلك العطسة، فـ إبتسم ولكنه ناظرها بقلق و مسح فوق خصلاتها وجبينها يقول:
- أكيد خدتي برد
نفت برأسها تقول بـ هدوء:
- خلينا بس في اللي كُنا بنقولُه!
تابعت و أناملها تعبث بـ زر قميصُه بإرتباكٍ:
- إنت .. إنت إتجوزتني ليه يا فريد!
- كُنت عايزك!
قالها ببساطة، فـ توقفت عن العبث بـ زر قميصُه و نظرت لعيناه بصدمة:
- عايزني!! بس؟
فكر في سؤالها لثوانٍ، ليثبت لها و لنفسه حتمية ذلك الأمر بقوله:
- آه بس!!
- معنى كلامك .. إن جوازنا مؤقت، هينتهي بإبنتهاء رغبتك دي فيا!!!
قالت مصدومة مما يقول، تأمل كلمـ.ـا.تها يفكر به مليًا، هل ما تقولُه صحيح؟! مُحال هو أن يتركها، كيف له أن يبتعد عنها بعدما ذاق لذة قُربها، بعدما جرّب حُضنها و إستشعر دفء قُربها و وجودها بحياته، كيف له أن يحيى دونها؟ دون ضحكتها و دون عيناها! كيف سيخطو هذا الفراش الذي تلذذ بنومها فوقه من دونها؟ يُجزم أن ذلك الفراش سيتحول من جناتٍ نعيم إلى جحيم مُضجر إذا لم تكُن فوقه و جواره و بأحضانه!
و لأنه فريد الزيات الذي لن يُصرح بتلك الأشياء أبدًا، نظر لها بهدوء و قال:
- معرفش الله أعلم!!
- كُنت فاكراك بتحبني!
هتفت بخذلان ظهر في صوتها، تنهّد و قال بضيق:
- أنا بكرَه الحُب!!
إنفعلت تعابير وجهها و ضـ.ـر.بت فوق صدرُه بغضب رهيب:
- و أنا بكرهك!! أنا كُنت فاكراك بتحبني!! طب ليه عشمتني .. ليه دافعت عني و خوفت عليا و إدتني أمان و في لحظة سرقتُه مني!!!
لم تجد تعبير واحد على وجهه، ليعلو صدرها و يهبط من جهدها في ضـ.ـر.به فوق صدره، لتخاف عنـ.ـد.ما وجدته يقبض فوق كفيها يظفعهما على الفراش جوار رأسها بعنفٍ يثبتهما بكفيه بحدة، رغم هدوء وجهه و عيناه إلا أن ذلك الهدوء أخافها أكثر، تآوهت بألم تغمغم:
- آآه .. إيدي!!!
- هقطعهالك .. لو فكرتي ترفعيها عليا تاني!!!
قال بحدة و قد تملّك الغضب منه فشـ.ـدد أكثر و أكثر فوق ذراعيها مما جعلها تعود برأسها للخلف تتآوه بألمٍ أكبر:
- آه آه فريد!!!
نهض من فوقها نافضًا ذراعيها من كفيه، ثم دلف للمرحاض و صفع بابه خلفه، فـ ضمت هي ذراعيها لصدرها بألم و هي تإن من شـ.ـدة وجعها، أغمضت عيناها لتعطش مرة أخرى و هي ترتجف من شـ.ـدة البرودة التي تضـ.ـر.ب جسدها فورما يبتعد عنها و يتركها، دثرت جسدها جيدًا و أغمضت عيناها بإرهاقٍ حتى نامت بالفعل، خرج من المِرحاض بعدما تحمم مرتدي بنطال قطني و صدره عاري، وجدها نامت فـ أغلق الأنوار ليغط هو الآخر في نومٍ عميق!!
• • • • • •
فتح عيناه على ضوء الشمس الذي تخلل غرفته و قبع بها، فـ فتح عيناه بضيق ثم نهض يغلق أبواب تلك الشرفة و عاد للفراش، بكنه للحظ من نصف فتحة عيناه إرتجاف جسدها و همهمـ.ـا.تها و العرق يتصبب من وجهها! فرك عيناه و أسرع ناحيتها يجلس جوارها بالضبط يمسد على جبينها فوجده مُلتهبًا، إتسعت عيناه بصدمةٍ ليميل فوق جسدها و يده تسير على ذراعيها العاريان و على رقبتها ليجد كامل جسدها ساخنًا، أسرع واقفًا لا يعلم ماذا سيفعل، إتجه ناحية الثلاجة الموجودة في غرفتهم ليخرج منها مكعبات ثلج ثم سكبها في الطبق و صبّ فوقها مياه شـ.ـديدة البرودة، أغرق بها قماشة نظيفة ليأخذ الصحن و ذهب لها، وضعه على الكومود و إعتصر القماشة جيدًا ليضعها فوق جبينها .. و من ثم رقبتها و صدرها، رفع ذراعها ليضعها على إبطها و هو يعلم جيدًا أن ذلك المكان يمتص البرودة، مال و مسح فوق وجنتها و همس بـ قلقٍ رهيب:
- نور .. حبيبتي سامعاني؟
لم يتلقى منها سوى همهمـ.ـا.تٍ بسيطة تقول فيها بصوتٍ خافت بالكاد سمعه:
- جـ.ـسمي .. سُخن أوي .. و بـ.ـاردانة أوي أوي!
أبعد تلك القماشة عنها و غمسها في المياه مجددًا ثم إعتصرها و وضعها فوق صدرها و رقبتها ثم مسح فوق خصلاتها بحنو يقول:
- عشان تبقي تُقفي تحت المطر كويس!!!
أنت بألم تهمس بنفس النبرة الخافتة:
- إيدي كمان .. و .. واجعاني أوي
إلتقط رسغيها و رفعهما لـ شفتيه يبادل القبلات بينهما بحنوٍ و هو يرى أثار أنامله فوق كفيها قائلًا:
- حقك عليا!
لم يتلقى منها حرفٍ، يراها تإن بألم فـ أبعد تلك القماشة ثم نهض يميل عليها يحملها بين ذراعيه يردف:
- مبِدهاش بقى!!!
تمسّكت بعنقُه تقول بخوفٍ و وهن:
- فين .. رايح!!!
- هنستحمى!!!
قالها بإبتسامة فـ أسندت رأسها فوق صدرها بعدما شعرت بثقلها، صعد بها لمكان الإستحمام و الذي كان عبـ.ـارة عن مكان زجاجي مُلحق بـ باب و صنبور الدُش يعلوهما، فتح الصنبور فـ إنهمرت المياه فوقهما لتتمسك هي برقبته تشهق من برودة المياه ترجوه:
- لاء لاء .. بتعمل إيه نزلني!!!
- مش هتخفي غير كدا!!
قال و هو يقربها لصدرها يوجه جسدها للمياه بالضبط، فـ أخفت وجهها بصدرُه العاري تقولبرجفةٍ:
- فريد!!
فورما تنطق إسمه يشعر بقلبه ضعيفًا أمامها، أغمض عيناه و أنزلها على قدميها فـ أسرعت تلقي بجسدها بأحضانُه تقول و كل خلية بجسدها ترتجف من شـ.ـدة برودة المياه:
- خلينا نطلع يا فريد .. أنا بردانة أوي!!!
تلقى جسدها بين ذراعيه ليحاوطها يمسح فوق خصلاتها يرفع وجهها الأحمر له، ثم ألصق وجنته بوجنتها فوجد حرارتها قد إنخفضت، أغلق الصنبور و خرج من ذلك المستطيل العامودي الزجاجي فـ قالت برجفةٍ:
- هتروح فين!!
- هجيبلك فوطة!!
قال و هو يبحث عن منشفتها فـ لم يجدها ليلتقط منشفتُه و ذهب لها، حاوط جسدها بتلك المنشفة، حملها بين ذراعيه مجددًا ثم ضمها لصدره مقبلًا جبينها، دلف بها لغرفة تبديل الملابس ثم أنزلها، أخرج لها بيچامة ذات أكمام من النوع القيطفي المخملي، أبعد تلك المنشفة عن جسدها و بجرأة أزاح حمالة قميصها فـ تشبثت به تبتعد عنه قائلة بتعبٍ:
- بـ .. بتعمل إيه!!!
- هلبِسك يا نور .. متتكسفيش مني!!!
قال بلُطف، فـ نفت برأسها تقول بضيق:
- متشكرة، أنا مش عايزة حاجه منك!!! إنت فاكر إني ناسية كلامك إمبـ.ـارح؟ و لا ناسية إيدي اللي طلّعت ضيقك كله فيها!!! لو سمحت يا فريد إطلع برا!!
نظر لها للحظات ثم قال بجدية:
- تنسي أو متنسيش دي مش مشكلتي،أنا هطلع و إنتِ إعملي اللي إنتِ عايزاه!!!
يُتبع
- بـ .. بتعمل إيه!!!
- هلبِسك يا نور .. متتكسفيش مني!!!
قال بلُطف، فـ نفت برأسها تقول بضيق:
- متشكرة، أنا مش عايزة حاجه منك!!! إنت فاكر إني ناسية كلامك إمبـ.ـارح؟ و لا ناسية إيدي اللي طلّعت ضيقك كله فيها!!! لو سمحت يا فريد إطلع برا!!
نظر لها للحظات ثم قال بجدية:
- تنسي أو متنسيش دي مش مشكلتي،أنا هطلع و إنتِ إعملي اللي إنتِ عايزاه!!!
تركها تقف وحيدة ترتعد من البرودة، لتجلس على الأريكة تفكر في كلمـ.ـا.ته التي ألقاها بوجهها البـ.ـارحة و التي لم و لن تقتنع بها، فإن كان زواجه منها ليس إلا رغبةً لكان أجبرها في أول يوم على إمتلاكها، وقفت عازمة على إثبات كذبه لنفسها، لتخرج من الغرفة تبحث عنه فوجدته جالس على الأريكة، ترددت لكن حسمت أمرها هامسة:
- فريد!!!
- يا نعم!!
هتف بضيق و هو ينظر لهاتفه، فـ قال مُصطنعة التعب:
- جـ.ـسمي مش قادرة أحركُه .. ينفع .. يعني تيجي إنت تلبسني!!!
- قولنا كدا!!
قالها ساخرًا لينهض يسير خلفها، سارت هي أمامه تتمنى لو أن الأرض إنشقّت و إبتلعتها بجوفها، وقفت أمامه كالطفلة التي تنتظر عقاب والدها، و هو كان عقابًا لها بالفعل، بدأ في نزع ذلك القميص عن جسدها، أغمضت عيناها من شـ.ـدة الخجل و هو لم يتوانى عن نز.ع حتى ملابسها الداخلية، فتحت عيناها لترى عيناه تُظلم برغبةٍ لكنه بهدوء ألبسها المنامية الثقيلة دون حتى أن يقترب منها، أغمضت عيناها و إقتربت منه ترفع ذراعيها له قائلة بتعب:
- وديني السرير!!
حملها بين ذراعيه فإلتصقت به مصدومة أنه لم يقترب منها و في نفس الوقت فرِحة للغاية، وضعها على الفراش ثم تركها و جلس على الأريكة فقالت بهدوء:
- مش هتنام؟
- هخلص حاجه و هنام!!
قالها متحاشيًا النظر لها، فهو يريدها و لكن لا يريد أن يكُن أنانيًا كعادته مع أي شخص سواها، لا يريد أن يرهقها فوق إرهاقها حتى لو كان سيـ.مُت إن لم تكُن بأحضانه، فيـ.ـمُت و لكن لا يُرهق روحها! سمعها تقول بوهن:
- طيب ممكن تيجي ثانية يا فريد!!
نهض و إتجه نحوها فـ حاوطت عنقه تجذبُه عليها قائلة بتعب:
- مش عارفة مالي .. حاسة وشي و جـ.ـسمي سخنوا تاني!! إلمس وشي بـ خدك و شفايـ.ـفك كدا!!!
تنهد و فعل فـ إبتسمت بمكرٍ و هي تستشعر شفتيه فوق جبينها نزولًا لـ وجنتها، جلس جوارها و همس بهدوء أمام شفتيها:
- حرارتك نزلت عن الأول كتير!!
- أومال طيب!!
همست بحُزن زائف كل الزيف، و عيناها مثبتة على عيناه، تنهد و قال بهدوء:
- هطلبلك دكتورة تيجي تشوفك!
أسرعت تتمسك بعنقه قائلة بـ براءة:
- لاء متمشيش، خليك جنبي!!
نظر لها بإستغراب ثم قال ساخرًا:
- سبحان مغير الأحوال .. إنتِ كدا سخنة بجد!!
تنحنحت بحرجٍ و غمغمت:
- خلاص لو عايز تقوم قوم .. بس متطلبش دكاترة أنا هبقى كويسة!!!
- لاء مش هقوم!
قال و هو يمرر إبهامُه فوق وجنتها، شعرت بقلبها سيتوقف تتمنى ألا يفعل و يبدأ في القرب منها .. فـ هُنا ستتأكد من أنها بـ كينونتها لا تشكل فارقًا أمام رغباتُه، حاولت أن تدغدغ ضميرُه عنـ.ـد.ما همست بوهن:
- أنا تعبانة أوي يا فريد .. حاسَّة كإني بموت!!
إنقبض قلبه و نظر لعيناها موبخًا إياها:
- بعد الشر إيه الجنان ده!! شوية سخونية و هيروحوا على طول!!
ثم دفن أنفه في عنقها قائلًا بهدوء:
- و لولا إني عارف إنك تعبانة .. كان زماني عاقبتك بطريقتي على جملة زي دي!
رفع عيناه لعيناها التي برقت و قد تأكد حدسها:
- أنا رغم إني عايزك دلوقتي و مش عايز غيرك .. بس مقدرش أقربلك طول م إنتِ تعبانة!!
أسرعت تسألُه و الإبتسامة تزين ثغرها:
- ليه؟
قال و هو يلف خصلة من خصلاتها البنية حول سبابته:
- مش عارف .. يمكن مقدرش أبقى مبسوط و إنتِ تعبانة!
إبتسمت ملء فِيّها ولم تُعلق، فـ أراح جسده جوارها و أغلق الأنوام بذلك الجهاز المتحكم المتنقل، ثم جذبها من ذراعها لتقبع بأحضانه فـ فعلت، و لم تكُ تتوقع أنه لن يتقرب منها هكذا، ظنت أنه لربما سيحاول و يتراجع لكنه لم يفعل البتة، من فرحتها لم تنام، إنتظت نومه بلهفة و تأكد من سُباته ثم إنهالت على وجهه بقبلاتٍ بريئة فرحة تُمتم بسعادة:
- يا كـ.ـد.اب مطلعتش متجوزني عشان الغرض الدنيء ده .. يا كـداب!!!
حاوطت عنقه تتنهد و لأول مرة تشعر بفراشاتٍ تحلق في معدتها و بقلبها ينبض بتلك القوة، أغمضت عيناها تدفن وجهها بعنقه قبل أن تنهض و تخرج من غرفتهما لكي ترتشف شربة ماء، ترجلت من الدرج فوجدت عمته جالسة تقرأ كتاب واضعة قدمٍ فوق أخرى بغطرسةٍ، فـ إتجهت لها نور تردف بهدوء:
- إزي حضرتك؟
نظرت لها عمته من فوق نظارتها الطبية و قالت بضيق:
- كنت كويسة .. بعد ما شوفتك إتغميت!
نظرت لها بدهشة، لكن تداركت الأمر فـ جلست أمامها على المقعد بظهرٍ مفرود لتقول ببرود:
- ليه بس كدا كفى الله الشر ربنا ما يجيب غم!!!
ألقت نرجس بالكتاب و هدرت بها:
- أنا مش فاهمة ابن أخويا راح جابك من أنهي داهية!! لا عيلة ولا مستوى ولا حتى تعليم!!! أكيد دبستيه و نم.تي معاه عشان ت عـ.ـر.في تتجوزيه .. م إنتِ تربية حواري!
طالعتها نور بغضب ناريّ لتنهض واقفة أمامها تشير بإصبعها في وجهها:
- إسمعي يا ست إنتِ .. متخلينيش أطلع وش تربية الحواري عليكِ و أخليكِ متنطقيش كلمة، أنا لحد دلوقتي عاملالك حساب إنك عمة جوزي اللي بحبُه و بموت فيه، و لـ أجل عيونه تكرم ألف عين، لكن قسمًا بربي لو فكرتي بس مجرد تفكير توجهي أي إهانة ليا أو لأهلي أنا مش هعمل حساب لحد أبدًا!!!
ثم تعالى صوتها تقول بعصبية شـ.ـديدة:
- و البيت ده ميدخلهوش غير المحترمين، و مش مسموح لأي حد أيًا كان مين يتعامل فيه بعدم إحترام!!!
ثم تركتها و ذهبت دون أن تنتظر ردها، أخذ صدرها يعلو و يهبط من شـ.ـدة الجهد الذي بذلتُه في حديثها معها، أغمضت عيناها و إستندت على رخامة المطبخ متناسية تمامًا لِما أتت بالأصل، جلست تحاول تهدئة قلبها الذي إنغصّ بتلك الإتهامـ.ـا.ت الباطلة التي أُلقيت عليها، سمعت خكوات تأتي من خلفها لتجدها هي، تقول بإبتسامة ساخرة و بكل برود:
- إنت مُغفلة!! فاكرة إنه بيحبك .. و هو لسه مطلع فيكِ بلاوي من كام ساعة بس!! تحبي تسمعي بودنك يا .. يا نور!!!
نظرت بها بعدم إستفهام، لتعشر بقلبها توقف عن النبض عنـ.ـد.ما سمعت ضوته من هاتفها يقول بضيق:
- أنا مش عايزها يا عمتي! أنا و إنتِ عارفين إني متجوزها مؤقتًا و هطلقها في أقرب وقت ..فـ ياريت منفتحش مع بعض السيرة دي تاني!!
طالعت الهاتف بـ نظرة خاوية شعرت بها أن قلبها قد أُميتَ، قد توقف تمامًا عن النبض! أغمضت عيناها و شعرت بدوار يفتك رأسها، لتسمعها تقول بـ شمـ.ـا.تةٍ:
- لو لسه عندك ذرة كرامة إمشي من هنا! ملكيش مكان مع فريد الزيات .. و نصيحة مني بعد كدا بُصي على أدك عشان رقبتك .. متتكـ.ـسرش!!!
ثم تركتها ببساطة و ذهبت، حاولت هي السيطرة على دقات قلبها الجنونية و كإنها آخر دقات له، الدماء تنسحب تدريجيًا من جسدها حتى إنهارت فوق الكرسي واضعة كفها فوق رأسها، ظلت هكذا دقائق حاولت بهم لملمة شتاتها و جمع ما تبقَّى من كرامتها التي بعثر بها الأراضي، صعدت لـ غرفتهم و حمدت ربها أنها وجدته نائم نومًا عميقًا، أخذت هاتفها البسيط و إرتدت ثيابها التي أتت بها، و لأن الفجر كان يؤذن فإنتظرت قليلًا حتى أشرقت الشمس، ثم أسرعت تخرج من ذلك المكان الذي كانت تظن أنها ستقضي به أجمل أيام حياتها، أسرعت بخطواتها لتستقل سيارة أجرة حمدت ربها أنها وجدتها في هذا المكان النائي، جلست تفكر ماذا ستقول له و إلى أين من المفترض أن يقلها، حتى وجدت نفسها تصف لها ما يطـ.ـلق عليه بالبانسيون الصغير الذي يكفي ليلتان بالمال الذي بحوزتها، عنـ.ـد.ما وصل ترجلت و هي تحاول إيقاف الدمعات التي ملأت عيناها تشعر بقلبها يحتـ.ـرق بنيرانٍ موقدة، دلفت لمن تستقبل الزائرين لذلك البانسيون و أخبرتها أنها ستقضي ليلتان و أعطتها بطاقتها، سلّمت المال لها فـ أعطتها الأخرى مفتاح غرفتها، ذهبت لها و عنـ.ـد.ما دلفت لتلك الغرفة البسيطة إرتمت على الأرض تبكي بحُرقة قلبٍ ملكوم، مرارة حلقها لا تنفك تُمرر حياتها، نامت مكانها من شظة تعبها و الدمـ.ـو.ع على مسامـ.ـا.ت بشرته رافضة أن تجف مربتة على وجنتيّ قد لُطخا بالألمِ
• • • • 
- نــــور!!!!
نادى عليها بصوتٍ عالٍ حتى شعر بأحباله الصوتية تتـ.ـقطّع، منذ إستفاقته و هو يدور عليها بالأرجاءِ عنـ.ـد.ما لم يجدها جواره، سأل عليها عمته التي نفت رؤيتها بالأصل، فـ لم يتوانى عن الذهاب لأمها علها قد ذهبت إلى هناك، لكن قول أمها الجاف إستوقفُه:
- مشوفتهاش .. روح دوّر عليها بعيد عننا!!!
ثم تابعت:
- و إتأكد إنها لو جات أنا اللي هتصل بيك تيجي تاخدها من هنا، كفاية اللي حصل لـ مُنذر من ورا راسكوا!!
ذهب بعد أن جاهد لكي يحافظ على ثباتُه الإنفعالي و ألا يُخرِج شحنات غضبه بأكملها على تلك التي نُزعَت الرحمة من فؤادها، هاتف رياض يصـ.ـر.خ به أن يجدها قبل أن تغرب الشمس، و هو الآخر بحث عن إسمها بجميع المستشفيات و بكن لم يجده مقيد بأي منهم، توقف للحظة يلعن غباءه الذي أنساه أن يهاتفها على هاتفها، و فعل و لكن وجده مُغلق فـ ألقى بهاتفه فوق تابلوه السياره و هو يشعر بقلبه سيتوقف من خوفه عليها، أعاد رأسه للخلف يطرق بحوافِ أناملُه فوق مقود السيارة و هو لا يستطيع وصف شعورُه كيف لها أن تتركُه بتلك البساطة و تذهب، ما الذي ضايقها؟ ما الذي دفع بـ عشقُه الأوحد أن تذهب و تتركه وحيدًا ملكومًا لا يعلم عنها شيء! كيف لها أن تركُل قلبُه و تندفع بعيدًا غير مُبالية بـ شيء ولا حتى .. به!
• • •• • •
يومان عصيبان مرّا عليه كمرور شاحنة فوق قلبُه، يومان مرّا دون أن يرى مقلتيها الذابحتان، دون أن يشتمّ عبير رائحتها، دون أن تجلجل ضحكتها الجميلة في أذنيه فـ تنعش روحه، دون أن يسمع صوتها الأنثوي المُسكر، لا يعلم ماذا حدث لها و إن كانت بخير أم أصابها مكروهٍ!
خرجت هي بعد اليومان من الفندق عازمة على الذهاب لأمها، فهي لن تتركها تُبيت في الشوارع بالتأكيد، واقفة أمام باب ذلك المنزل الذي ذاقت فيه العذاب الوانٍ، ذلك المكان الذي لم تكُن تتخيل أنها ستعود له بقدميه و لكن تلك مرارة قدرها، وجهها شاحب بالكاد تتنفس، رفعت كفها و طرقت فوق الباب راجية أن تفتح لها أمها و تتلقاها بين ذراعيها، فُتح الباب بعد ثوانٍ، لتجد أمها تقف أمام بذات الملامح القاسية التي تتمنى لو تلين لثوانٍ فقط، نطقت نور بـ وهنٍ:
- ماما!!
- جاية بيتي ليه؟!
قالتها بحدةٍ جرحت قلبها و أنزفته، فـ قالت بألم:
- جاية هنا عشان مقعدش في الشارع
- لاء أقعدي في الشارع يا بنت بطني!!
هتفت بها بقسوةٍ تجرّعتها حتى فاضت منها، ثم صفعت الباب بوجهها، نظرت للفراغ الذي تركتُه و قد تجمع بقلبها خذلان لا حصر له، أُغلقت جميع الأبواب في وجهها، لم تدري ماذا تفعل فـ جلست على عتبة الباب تنظر لذلك الهاتف الذي أغلقته بمحض إرادته، فتحته لكي تبحث لها عن أيّ عمل يأويها، فـ مرت إحداهن من كبـ.ـار السن تقول بعد إن شهقت بصدمة:
- نـور!! مالك يا بنتي قاعدة كدا ليه!!!
رفعت نور رأسها لها و قال بهدوء:
- مافيش حاجة يا خالة فتحية!!
أمسكت بذراعها تقول برفق:
- طب قومي يا ضنايا، قومي أقعدي معايا شوية و فطّميني على اللي حصل!
نهضت معها بالفعل لتذهب لبيتها، ربتت فتحية على ظهرها و هي تقول بحنان أموي:
- أقعدي يا حبيبتي و أنا هروح أعملك لقمتين تاكليهم!! أكيد مكلتيش حاجه من الصبح!!
إبتسمت بشخرية مريرة، لا ليس من هذا الصبح لم تأكل، بل من صباح اليوم الذي غادرت به، أخرجها من شرودها رنين هاتفها .. قطبت حاجبيه بإستغراب فـ من الذي سيهاتفها .. فتحت الخط و قالت بهدوء:
- ألو؟
أتاها صوت تعلمه عن ظهر قلب، صارخًا به صيحةً جعلتها تنتفض:
- إنـــتِ فــيـن!!!!
أغمضت عيناها و شعرت بقلبها يهتز، بينما هو كاد يجن و هو جالس في مقعد سيارته كم جلس فوق الجمر يهتز بعنف ضاربًا بقبضته المقود، بل خرج من سيارته بأكملها و قال بنبرةٍ لا تضاهيها عنفٌ:
- رُدي .. ردي عـــلــيــا!!!!
لم يستمع سوى لـ شهقة تنذر ببكائها فـ إنفجرت بالبكاء بالفعل، وقف للحظة و أسوأ السيناريوهات تدور بذهنه، فـ قال بـ توجسٍ:
- بتعيطي ليه؟ حد عملك حاجه؟!
لم تُجبيه و إستمرت في بكاءٍ خفيف، فـ قال و قد لان قلبُه:
- نور .. قوليلي إنتِ فين و نقعد نتكلم و بعدها هعملك اللي إنتِ عايزاه .. و لو عايزه تطلقي هطلقك بس قوليلي إنتِ فين الأول!
وجدها تنطق بصوتٍ مهزوز:
- أنا .. أنا هنا عند جيراني، أمي .. مرضيتش تدخلني!
إستقلّ السيارة و قد إسودت عيناه وليردف و هو يقود بسرعةٍ كبيرةٍ:
- خمس دقايق و هتلاقيني قُدامك!! متتحركيش من مكانك!
أغلق معها و بالفعل في دقائق معدودة كان يصف سيارته في شارعها، و ترجل منها يبحث عنها كالمـ.ـجـ.ـنو.ن .. كـ من ضلّ سبيله، حتى وجدها تخرج من البيت المُطل على الشارع مباشرةً، تنظر له بعيناها التي إشتاق لها إلى حدٍ لا حد له، خطى بخطواتٍ عنيفة ناحيتها فـ تراجعت إلا أن كفيه الذان أحاط بهما كتفيها أوقفوها، يطالعها بغضبٍ و حنين إمتزجا معًا، يريد أن يصفعها و في نفس الوقت يعانقها حتى يمزق جسدها، و لم يتوانى عن فعل ذلك، بعنفٍ جذبها لصدره رافعًا ذراعيها لـ عنقه يميل قليلًا لكي يصل لمستواها ضاغطًا على ظهرها و خصرها ضد صدرُه مغمضًا عيناه و لأول مرة منذ اليومان يهدأ قلبُه، قبض على خصلاتها المنسابة محاوطًا خلف عنقها بكفُه و لا يقول غيرَ جملة واحدة:
- ليه عملتي فيا كدا .. ليه!!!
أغمضت عيناها و هي لا تنكر إشتياقها له، لا تنكر كم كانت بحاجة ذلك العناق، لن تناقشُه في أنها بالفعل أحبته لكن لم يفعل هو، لم تجد كلمـ.ـا.تٍ على لسانها سوى:
- إحنا في الشارع .. لو سمحت إبعد عني!!!
و على عكس ما توقعت وجدته يحاوط خصرها بذراعه المفتول ليرفع جسدها به و بالآخر يضمها له، شهقت و حاولت دفع كتفه لكي يجعل قدميها تلمس الأرض إلا أنه لم يفعل سوى بعد دقائق، وقفت أمامه تنظر له و هو يحاوط عيناه بإبهامه و سبابته مستندًا بكفه الآخر على إطار الباب خلفها مُباشرةً، ثم مسح على خصلاته و قال و قد عادت عيناه الغاضبة:
- هندخل دلوقتي و ت عـ.ـر.فيني ليه .. مشيتي، سـامـعـة!!!!
إنتفض جسدها من صراخُه العالٍ، ليدفعها للداخل فوجدت نور فتحيه تقول بـ خضة:
- مين ده يا بنتي!!!
- ده .. ده جوزي يا حجّة! 
قال نور بضيقٍ، فأسرعت فتحية ترحب به بلُطف هاتفه بحُزنٍ:
- أهلًا و سهلًا يابني نورت، والله جيت في وقتك ده أنا يا حبة عيني جايباها من على الرصيق قدام بيت نادية ربنا ينتقم منها!!
نظر لتلك السيدة التي ظهرت الطيبة على ملامحها ثم حوّل أنظاره إلى نور التي كانت ضاردة في حديثها، كم ألّمه قلبه عليها، طالع تلك السيدة و هي تقول بـ هدوء:
- هسيبكوا مع بعض يابني تحلوا الخلاف اللي بينكوا!
ثم تركت طبق بها شُربة و صدر دجاج قائلة برجاء:
- بالله عليك يابني تأكلها، أكيد مكالتش حاجه من الصبح!!
أومأ لها بهدوء و قال:
- حاضر يا حجّة .. تسلم إيدك!
إبتسمت برفق و تركته و ذهبت، فـ جلست نور تحاوط كتفيها تنظر للخواء بشرود إنقطع عنـ.ـد.ما سألها بحدة:
- كُنتِ فين اليومين دول؟!!
- متزعقليش!
قالتها بحدةٍ و هي تنظر له، فـ صاح بها بقسوةٍ:
- إحمدي ربنا أوي إني بزعّق بس، أنا هاين عليا أطلّع روحك في إيدي دلوقتي!! 
نهضت متخلية عن صمتها تقف في وجهه هادرة به:
- إنت!!! إنت اللي عايز تطلع روحي في إيدك!! أومال أنا أعمل فيك إيه بعد ماسمعتك بتقول بعضمة لسانك لعمتك إنك مش عايزني و إن جوازنا مؤقت!!!
طالعها مصدومًا و قال:
- إيه؟! أنا قولت كدا!!
إمتلئت عيناها بالدمـ.ـو.ع صارخة بوجهه:
- بطّل كدب!! أنا شبعت من كدبك كفاية!!!
طالعها بضياعٍ ليحاوط وجهها بكفيه يقول برفق:
- طب إهدي .. إهدي و فهميني لإني و رحمة أمي ما فاهم!!!
نظرت له قائلة بألمٍ:
- أفهمك إيه!! روح لعمتك و هي تفهمك!! 
ثم تابعت بحُزن:
- كنت قول ليا أنا، ليه قولتلها كدا و فرّحتها فيا و إنت عارف إنها مش طايقاني!!
- نـور!! أنا عابزك تحكيلي بالحرف اللي حصل بعد ما سبتك و نمت!!!
قال و قد تملّك الغضب منه، لتقُص على مسامعه ما حدث بالتفاصيل، نظر لها مصدومًا مدركًا عما تتحدث، تركها و أدار ظهره لها يمسح فوق وجهه بعنف، ثم صمت و كانت هي تموت في لحظات صمته تلك و كأنه يؤكد لها صحة ما قال، وجدته يلتفت لها و يقول بثباتٍ ظاهريّ:
- الكلام ده مش عليكِ .. الكلام ده كان على بنتها .. مراتي!!!
يُتبع♥
- إنت متجوز!!!
قالت بعد ما حاولت فك لجام لسانها، إلى أن نطقت بها، تبعد كفيه عن وجهها تقول و الصدمة تعتلي وجهها الشاحب:
- متجوز؟ .. متجوز غيري؟
- نور مش زي ما إنتِ فاهمة!
قال في محاولة لتهدأتها، لكنها صرخت به تضـ.ـر.ب صدره و من شـ.ـدة صراخها شعرت بتقطُع أحبالها الصوتي:
- بــس إسكت!!! إسـكـت خــالــص!!!
ظلت تضـ.ـر.ب بصدره حتى إنهارت بأحضانه مغمضة عيناها تشعر بدوارٍ غريب يحتل جسدها، لتجد نفسها تُبتلع في بقعة سوداء مظلمة بين ذراعيه!!!
• • • •  • •
إستفاقت تنظر حولها فوجدت نفسها في غرفتهم على فراشه، إنتفضت و كأنها نائمة فوق جمرٍ، فوجدته جالس أمامها و القلق ساكن عيناه، نظرت له تتذكر ما سمعته منه قبل أن يُغشى عليها، تعالى صدرها من أنفاسها المُبعثرة و كامل جسدها يرتجف، نهض يقف أمامها يقول راجيًا لأول مرة:
- مُمكن تهدي؟ إهدي و إسمعيني!!!
- شششش!!!! مــش عــايــزة أســمــع مــنـك حـــرف!!!
صاحت بكُل ألم تطبق فوق أذنيها مغمضة عيناها، فـ إنتفض قلبها لحالتها المُنهارة، عادت تنظر له و بكل غلٍ ضر.بت قلبُه بكفيها تصيح بوجهه:
- إنت غشاش!!! عارف يعني إيه غـشـاش!!!!
ثم إلتطقت تلابيب قميصُه تصرخ بوجهه:
- لما إنت متجوز بنت عمتك إتجوزتني ليه!!! عملت فيا كدا ليه رُد عليا!!!
إنهارت و إمتلئت عيناها بالدمعات تقول بقهر:
- لما إنت معاك واحدة .. لما إنت بتنام في حضـ.ـن واحده إتجوزتني ليه؟ لما.. لما إنت بتحب واحدة .. و متجوزها ليه دخلت حياتي؟!!!
ثم إقتربت منه و قد خانتها دمعاتها و إنهمرت بغزارة فوق وجنتيها، تضع كفيها فوق عنقه و وجهه تهمس بـ حُرقة ظهرت جلبة في نبرتها:
- متجوز واحدة .. بتقرب منك .. بتحـ.ـضـ.ـنك و بتشم ريحتك و نفسك بيبقى في نفسها صح؟ يعني .. يعني أنا .. أنا مش أول واحدة تعمل كدا، يعني أنا مش أول واحدة تقربلك .. مش أول واحدة تحـ.ـضـ.ـنك، يعني حُضنك ده مش بتاعي لوحدي!
رفع رأسه للخلف فظهرت تفاحة آدم خاصتُه، ثم عاد ينظر لها محاوطًا وجنتيها يقول بحنوٍ:
- و غلاوتك عندي الكلام ده محصلش، أنا ملمستش غيرك .. و محـ.ـضـ.ـنتش غيرك، محدش قرّب مني غير نور الراوي، محدش إتجرأ يبقى نفسُه في نفَسي غيرك يا نور!!
ثم مال يمسح دمعاتها بشفتيه، يُقبل عيناها و كل إنش في وجهها، ثم يستند بجبينه فوق جبينها هامسًا أمام مُعذبة قلبه:
- معملتش اللي بعملُه ده دلوقتي غير ليكِ!!
ثم إلتقط شفتيها في قـ.ـبلةٍ مُشتاقة لها دامت لكثير من الوقت حتى أبعدتُه تشعر بإستكانة جسدها جراء لمساته، فـ قال بتلعثم أثر نهيج قلبُه:
- شفا.يفي ملمستش غير شفا.يف نور الراوي!!
أغمضت عيناها تقول بـ صوتٍ يرتجف:
- ليه إتجوزتها؟
رفع كفيها لشِفاه ليُقبلهما كأنها صغيرتُه، يقول بهدوء:
- هفهمك!!
دفعها برفق لتجلس على الفراش، ثم جلس جوارها يقول و هو يرفع وجهها له محاوطًا وجنتيها برقبتها:
- غلطت مع واحد .. و سابها، أمها جات وطت تبوس رجلي عشان أتجوزها، و عشان هي من دمي وافقت .. إتجوزتها من حوالي شهرين، أنا مبطيقهاش يا نور، مبروحلهاش أصلًا عشان اللي بتقوليه ده يحصل، و لو بروحلها مباجيش جنبها لإني قرفان منها!! و أنا أصلًا كلها شهر و لا شهرين و هطلقها لإن كدا مهمتي خلصت!!!
طالعت حديثه بصدمة، ثم قالت:
- ليه مقولتليش ده كلُه؟!!!
- عشان مخسركيش!!
قال يميل مُقبلًا جبينها بعُمق و كأنه يتنفسها، ثم تابع و قد إنحدرت شفتيه لـ تجويف عنقها هامسًا بحنو:
- عشان أنا مستعد أخسر أي حد و أي حاجة .. و مخسركيش!!
طبع عدة قبلات فوق عنقها جعلتها تغمض عيناها و قد سارت رجفة بـ جسدها، وضعت كفيها فوق كتفه تحاول دفعه لكنها توقفت عنـ.ـد.ما شـ.ـدد فوق خصرها قائلًا و قد لمست الألم في صوته:
- إزاي تسيبيني و تمشي؟
قبّل عظمة الترقوة خاصتها متابعًا بـ نفس النبرة:
- إزاي تعملي معايا كدا؟
دفعها برفق فـ إستلقت، لـ يلقي برأسه بأحضانها محاوطًا خصرها لجسده يهمس:
- كُنتِ فين يا نور؟
- في فندق!
أجابته و هي بالكاد تحاول لملمة شتاتها مما يفعل، أغمضت عيناها و إنكمش جسدها بخجلٍ عنـ.ـد.ما قبّل بـ شفتيه موضع قلبها أسفل ما كان يستند عليه، و في لحظة كان يجذبها لأسفل له، يغمغم و هو ينظر لشفتيها:
- دي أول .. و آخر مرة تمشي فيها من غير إذني، لو كُنتِ واجهتيني باللي حصل، مكنش زمانك بتتعاقبي مني دلوقتي!!
همهمت بـ خوفٍ:
- أ .. أتعاقب؟
تفاجأت به ينتـ.ـهك عُذرية شفتيها، لا يترك المجال لها لتُضيف شيء، لا يتوانى عن إشباع رغبته الناجمة عن إشتياقه لها، و عشقه لـ كل إنش بها، يُثبت لها أنها الأولى و الأخيرة، و أنها غـ.ـبـ.ـية و ساذجة إن قادها عقلها أنها تأتي في المرتبة الثانية، هي أولُه .. و قبلُه هو، و قلبُه، كان يهمس لها وسط قبلاته كم تعذّب في غيابها، كم كان يجوب الطرقات و الزقات بحثًا عن ظلها، يخبرها أن مثلما هي ملكُه بكُل ما بها، فـ هو ملكها بكل ما فيه، ولا يجرؤ أن يجعل فتاة دونها تقترب منه، و هي لا تنكر هدوء قلبها بعدما أخبرها بذلك، و لن تنكر إستكانة روحها في كُل ثانية يثبت لها بها أنها الوحيدة التي وهب لها صلاحيات لم يهبها لأخرى!
• • • • • • • • 
إستفاق قبلها، وجدها لازالت نائمة، فطلّ عليها بمكنبُه العريض يستند بمرفق ذراعه جوار رأسها، ينظر لملامح وجهها التي يعشقها، و أناملُه تسير على وجنتها الناعمة و إبهامه يسير فوق شفتيها المُنتفخة أثر قُبلاته، إبتسم و هو يرفع الراية البيضاء و يتحدى كبرياءه وعلن أنه لا يحبها فقط، بل هو عاشقٍ مُتيَّم بها حد النُخاع، أمسك كفها الصغير يحتضنُه بكفه، يُقبل باطنُه .. و يطبع قبلات حنونة فوق أناملها، همهمت هي بعدما فتحت عيناها نصف فتحةً، فوجدته يُقبل باطن كفها و ظهره، غمغمت بتلقائية:
- فريد!!!
رفع عيناه لها ثم همس بحنوٍ:
- روح قلب فريد!!
إستغربت ردُه لكن لم تُعلق، حرّكت جسدها قليلًا لتتآوه فـ جزعت ملامحه عليها هامسًا:
- اسم الله عليكِ!!
 قالت و قد تغلغل الألم نبرة صوتها:
- آآه .. جـ.ـسمي واجعني أوي!!!
مسح على وجنتها بـ باطن إبهامُه يقول بلُطف:
- حبيبتي!!!
ثم تابع بخبث:
- بس إنتِ متتخيليش أد إيه كُنتِ واحشاني!!!
توَّرد وجهها بخجلٍ و إنكمشت تسحب الغطاء لجسدها، فـ نظر لفعلتها و أمسك بكفها القابض فوق الغطاء يترك قبلة فوق رسغها، ثم سألها و هو يُبحر في أنهار القهوة القابعة بعيناها:
- لسه بتتكسفي مني؟
- أنا .. أنا عايزة أقوم!!
قالت مُغيرة مجرى الحديث، فـ تنهد يظفن أنفه بعنقها هامسًا بأذنها:
- بس أنا لسة مشبعتش منك!
شهقت خائفة من تكرار الكرة مرةً أخرى فـ جسدها كأن قد مرت فوقه شاحنة، فـ إبتسم عنـ.ـد.ما قالت ببراءة:
- لاء مش .. مش هينفع!!!
طبع قبلة فوق عنقها ثم هتف بخفوت:
- أنا لا بشبع .. ولا هشبع منك، حتى و إنتِ في حُضني بحِس إني لسه مشبعتش!!
شعرت بكلمـ.ـا.ته كالبلسم على أوجاعها، تناست البـ.ـارحة بما حدث به، تناست زواجه و ذبحها على يدِ خبر لم يكُن بحُسبانُها، أغمضت عيناها و رفعت كفيها لوجهه لتبعده عن رقَبَتِها تحاوط وجنتيه هامسة بحُزن غزى نبرتها:
- فريد!
- روح فريد!
قال بثمالةٍ أمام صوتها و لمسة يدها، فـ همست بألم وكأنها تتوقع إجابته النافية:
- بتحبني؟
أمسك بكفها يُقبل باطنُه قائلًا بحنو:
- جدًا!!
شهقت عنـ.ـد.ما خالف توقعاتها، فـ إبتسم و هو ينظر لشفتيها اللواتي تفرّقا، ليميل يلتقط قبلة من السُفلى فـ أبعدته تقول بدهشةٍ:
- بجد؟
- بجد طبعًا!!
قال بلُطفٍ فـ إبتسمت إبتسامة خفيفة جعلته هو الآخر يبتسم، ثم ساره بسبابته فوق عنقها يهمس بهدوء:
- و إنتِ؟
هتفت بـ عشقٍ جارف:
- أنا بحبك أوي!!
إبتسم من ردَّها التلقائي، لكن أسرع قائلًا و هو يرى عيناها الدامعة:
- و ليه الدمـ.ـو.ع؟
حاوطت عنقه و ضمت جسدها له فـ عانقها و كفه أسفل ظهرها العاري يتلمّس دفئه بـ أنانله البـ.ـاردة، يسمعها تقول و هي تدفن وجهها قي عنقه:
- عشان بحبك .. عشان مستحملتش فكرة إن في واحدة غيري قرّبت منك!!
ثم حاوطت عنقه بأقوى ما لديها فـ وضع كفه الآخر على أعلى ذراعها يمسح فوق نعومته، يُقبل كتفها العاري يُردف:
- ولا حد يقدر .. غيرك!!
أغمضت عيناها و إبتعدت عنه فـ مسح دمعاتها بأناملُه، ثم نهض فجأة ليهم بإبعاد ذلك الغطاء الذي يحجب رؤية جسدها عن عيناه إلا أنها فُزعت و صمت الغطاء لصدرها قائلة:
- بتعمل إيه!!
لفّها بذلك الغطاء ثم حملها بين ذراعيه يقول بهدوء:
- هناخد شاور!!
تشبثت بعنقه قائلة بصدمة:
- نـ إيه؟ ناخد!!!
قال بمكر و هو ينظر لها:
- عندك إعتراض؟ 
- طبعًا!!
صاحت به لينزلها على قدميها يضبط المياه فتنهمر على حوض الإستحمام الكبير، وضع چل الإستحمام و كرات فوّارة لها رائحة جميلة، وقفت هي تراقبه بدهشةٍ حتى إنتهى، إلتفت لها و أمسك حرف الغطاء عِند صدرها فـ إرتعدت و عادت للخلف تقول بحدة:
- فريد بـس!!!
هتف بضيق:
- بلاش هبل و سيبي الغطا اللي حاضنة فيه ده!!
- مستحيل .. إنسى!!!
هتفت بعِناد تعود للخلف أكثر حتى إلتصقت بالحائط، فـ أخذ نفسًا عميقًا و ذهب لها، ليقول بحنو زائف:
- نور .. إنتِ جـ.ـسمك متكسر و مش هيفكُه غير شاور دافي، يلا يا حبيبتي سيبي الزفت ده!
ثم تابع بهدوء:
- أنا كدا كدا شايف كل حاجه قبل كدا، مافيش جديد هشوفُه منك!!!
قالت بترددٍ:
- طيب بُص .. لف كدا و أنا هشيل الغطا و هنزل البانيو، و هو كله رغاوي مش هتشوفني .. إيه رأيك!!!
زفر بضيق و إلتفت بالفعل فـ أسرعت تنزع الغطا ثم تدلف لـ حوض الإستحمام و تخفي جسدها بتلك الرغاوي، إلتفت فوجدها فعلت بالفعل، إبتسم و ذهب ناحيتها و جلس على حرف الحوض، ثم أمسك بـ زجاجة الشامبو، وضع كمية منه فوق باطن راحة يده، ثم دلّك فروة رأسها برفق فإبتسمت مغمضة عيناها بإستمتاعٍ تقول ببراءة:
- الله!!
نظف لها خصلاتها جيدًا، ليأخذ صنبور الدُش بيدُه يمم رأسها يزيل بقايا الشامبو من فوق رأسها يمسح بكفه على خصلاتها الطويلة، حتى تأكد من أن خصلاتها نظف جيدًا، أخذ لوف الإستحمام ملئها بـ چل الإستحمام، ثم أخذ كفها المُبلل .. ليرفع بأطنُه لـ شفتيه يُقبله فـ إبتسمت تتنهد مُعلنة هيامها بذلك الرجل، سار باللوف فوق ذراعها، مرورًا برقبتها، غزى الإحمرار وجهها عنـ.ـد.ما أكمل باقي جسدها و هي تهمهم بإعتراضٍ خفيف:
- هكمل أنا يا فريد!!
قال بهدوء:
- أنا مش شايف حاجه يا روح فريد!
تنهدت و تركت نفسها له، و عنـ.ـد.ما إنتهى إلتقط ذقنها يقول بحُب:
- همشي أنا عشان ت عـ.ـر.في تقومي و تغسلي جـ.ـسمك!!
أومأت له على الفور مبستمة بحُب مماثل، ثم رمت له قبلة على الهواء فـ إبتسم و ذهب مبتعدًا عنها يخرج من المرحاض بإكمله، نهضت هي بالفعل و حممت جسدها تغتسل، ثم خرجت من الحوض و لفّت جسدها على الفور بالمنشفة، خرجت من المرحاض و الإبتسامة تعلو وجهها، فـ ها هي قد إكتشفت به جانبًا حنون، تنهدت و جلست على المقعد أمام المزينة ترطب جسدها ببعض الكريمـ.ـا.ت المرطبة، لكن قاطعها من يطرق على باب غرفتها فـ قطَّبت حاجبيها بدهشةٍ، فهو بالتأكيد لن يطرق، ظنت أنها عمتُه فنهضت مقررة بداخلها التعامل معها ببرودٍ و إستفزاز حتى تُخرجها عن أعصابها و تنتقم منها على التشتُت الذي أحدثتنه بعقلها، نهض و خرجت من الغرفة لتفتح الباب، قطّبت حاجبيها عنـ.ـد.ما وجدت فتاة ذات خصلات قصيرة سوداء بجسد ممشوق ترتدي بنطال من الجينز إلتصق بساقيها و كنزة تظهر جزء بسيط من معدتها البيضاء، تناظرها بنظراتٍ غريبة، لتنطق بعد لحزات من الصمت:
- فريد فين؟
- إنتِ مين؟!
قالتها نور بدهشةٍ، فهتفت الأخيرة:
- أنا مراتُه .. نيِّرة!!!
• • • • • • • •
- أنا مراتُه .. نيِّرة!!!
حملقت بها بصدمةٍ، لم تكُن تتوقع مجيئها إلى هنا، دلفت بكل وقاحةٍ للغرفة تنظر إلى نور من أسفل إلى أعلى قائلة بإحتقارٍ:
- ذوقُه بقى بايخ!!!
لم تتحمل نور فـ إنفلتت أعصابها و هتفت بحدة:
- إطـلـعـي بـرا!!!
نهضت الأخيرة من فوق الفراش و قالت ُمستنكرة:
- هطلع متزعقيش!!
ثم قالت بـ خبث:
- بس قبل ما أطلع، أنا مراتُه زي ما إنتِ مراتُه .. يعني هنقسِّم الأيام بينا!!
- ده إنتِ هطلة بقى!!!
صرخت بها نور فـ قالت الأخيرة بضحكة مُستهزءة:
- أنا قولتلك اللي عندي! و فريد موافق على فكرة أنا لسه جاية من عندُه، واحدة زيي متتسابش أصلًا!!
لم تلتقط أذنيها سوى أن فريد يعلم بتلك التراهات، فـ غمغمت بصدمةٍ:
- فريد عارف؟!!!
أومأت لها نيّرة لترمي لها قبلة بالهواء ثم خرجت، جلست الأخيرة على الفراش تُلملم بعثرة أحاسيسها، ظلت على وضعها بـ المنشفة حتى دلف هو يجفف خصلاتُه بـ منشفتُه عاري الصدر لا يرتدي سوى بنطال أزرق قاتم رياضي قطني، أنعقد ما بين حاجبيه عنـ.ـد.ما وجدها على هذا الحال، ذهب لها و رفع ذقنها له يقول بتوجسٍ:
- مالك يا نور؟
حاولت نور التظاهر بالشجاعة، لتنهض واقفة أمامُه تقول بـ جمودٍ تلبّس نبرتها:
- مراتك كانت هنا .. و بتقول إنها عايزه تقسم الأيام بينا و إنك عارف .. و موافق على ده!!!
- نيّرة جات هنا!!
قالها بحدةٍ، لينظر لعيناها يقول بضيق:
- كل اللي قالتُه ده هبل .. و لا كإنك سمعتيه!!!
قالت نور تشعر بدمائها تحترق بنيرانٍ موقدة:
- عادي يا فريد .. ده حقها و حقك بردو!!
- إنت هبلة و لا شكلك كدا؟
هتف بعنفٍ حتى إنتفض جسدها، ثم قال بقسوة:
- أنا نفَسها مبطيقهوش تقوليلي حقها .. كَسْر حُقها!!!
ذهب من أمامها دون أن ينتظر ردها، فـ تهاوت على الفراش تكتم دمعاتها تشعر بنيران تتأجج بصدرها، شعور الغيرة مُميت، يشبه سكب مياة نارية تكوي قلبك، أغمضت عيناها واضعة كفها فوق قلبها، عاد بعد دقائق ممسكًا بـ رسغ نيرة وسط إعتراضاتها، أوقفها أمامه و كفُه فوق عضدها، لم تنتبه نور سوى لـ لمسة يده لـ جسدها، لترفع عيناها له و هو يزجرها بعنف:
- قسمًا بربي لو عتبتي الأوضة دي تاني لكون مطلقك وقتي، إعتذري منها حالًا!!!!
هتفت نيّرة بخوف و هي تطالعها:
- أنا .. أنا أسفة!!
ثم إلتفتت إلى فريد تقول و هي تذرف الدمعات:
- حلو كدا؟ مش هتحِن عليا بقى يا فريد و تعتبرني مراتك و لو ليوم واحد!!
- ده بُعدِك!!!
قالها ببرود فـ كانت قاصدة الإقتراب منه أمام أعين نور و محاوطة عنقُه تقول بـ صوتٍ يضعف أمامه أعتى الرجال:
- بس كدا حـ.ـر.ام .. أنا عايزاك!!!
أغمضت نور عيناها و كفها قابض فوق ملاءة الفراش تكورها بيدها، لتفتح عيناها على دفعة فريد إلى نيرة و جرُه لها تاركًا الغرفة، سمحت لدمعاتها بالنزول و بدأ جسدها في الإرتعاش بـ حُزن عجزت السيطرة عليه، رفعت رأسها للخلف تحاول التنفس بشكلٍ طبيعي، حتى وجدته يدلف مجددًا و الغضب بادٍ على وجهه، طالعتُه بنظرات لا حياة بها، و غمغمت بهدوء لا يماثل ما بقلبها:
- أنا مش هقدر أستحمل وجودها في البيت .. يا أنا يا هي!!
- إنتِ حاطة نفسك في مقارنة معاها إزاي؟
قالها بحدة، فنهضت صارخة بإنفعال:
- جربوعة مين دي اللي أحط نفسي في مقارنة معاها! أنا بقولك مش هقدر أستحمل إنها تبقى هنا في نفس المكان اللي أنا عايشة فيه مع جوزي!!
- همّشيها قُريب!!
قال محاولًا إمتصاص غضبها، فـ هتفت بنبرةٍ عنيفةٍ:
- مـش هتقـعد هنـا يـوم واحـد!!!
إنفلت زمام صبرُه فـ هدر بها بنبرةٍ أكثر عنفوانًا:
- وطـــي صـوتـك!!!!
إنتفضت من صوته الذي يلج الرعـ.ـب بداخلها، فـ جلست كاتمة عبراتها من السقوط، مسح هو فوق وجهه بـ عصبيةٍ، و لان قلبُه عنـ.ـد.ما وجدها تكتم شهقات بكائها تفرك بأناملها بقسوةٍ حتى غزاهم الإحمرار، جلس أمام قدميها كالقرفصاء فـ ناظرتُه بصدمةٍ، لم تكُ تتوقع جلوسه أمامها و هو الذي يسقط أمام قدميه أعتى الرجال، جالس بـ هيبتُه الكبيرة و رجولته الصارخة أمام قدميها ضاربًا بكُل هذا عرض الحائط، أمسك كفيها، ثم قبل مكان فركها العنيف يقول بهدوءٍ:
- مُضطر على وجودها اليومين دول، إستحمليهم و بعدين همشيها من حياتي خالص مش بس من هنا .. إتفقنا؟
سمحت لـ شهقاتها بالخروج فـ خرجت كالأطفال اللواتي يبكين على عقابٍ تلقوه من أبائهم، إبتسم و مسح دمعاتها بإبهامه محاوطًا خدها الأيمن، ناظرًا لتلك الشفاه التي ترتجف و هي تُتمتم:
- إنت .. لـ .. ليه مش قادر تفهم إني بغير عـ .. عليك!! دي إتجرأت و حطت .. إيديها حوالين رقبتك و لـ .. لمستك!!
رفع حاجبيه مصدومًا محافظًا على إبتسامته، فـ كلمـ.ـا.تها أدخل السرور إلى قلبُه و أنعشت روحه متيقنًا الآن كم تحبُه هي .. تحبه إلى الحد الذي يجعلها تبكي من قوة الغيرة على قلبها، نهض و جلس جوارها ليستطيع تخبأتها بأحضانه فـ فعل فورًا يمسح فوق تلك المنشفة التي تخفي عن ناظريه جسدها، تشبثت هي بخصرُه و كأنها صغيرتُه تغمغم بـ براءةٍ مُحببة إلى قلبه:
- إزاي تجيلها الجُرأه تقول إنها .. عايزاك!! أزاي يا فريد رُد عليا أنا حاسة إن فيه نار قايدة جوايا!!!
- متاخديش على كلامها يا روح قلب فريد!!
قال مُقبلًا جبينها، فـ رفعت عيناها له تقول بألمٍ:
- فريد!
مسح فوق وجنتها قائلًا بحنو:
- قـلـبُه!!
تنهدت و أراحت رأسها فوق صدرُه دون أن تنطق، فهي تثق به ثقةً عمياء و موقنة بأنه لن يخونها مهما حدث و لكن رغم ذلك تشتعل من دواخلها، أغمضت عيناها فـ قال بلُطفٍ:
- يلا يا حبيبتي قومي إلبسي عشان متاخديش برد، و أنا هلبس عشان أروح شغلي، عندي meetings كتير النهاردة!!
إبتعدت عنه و قال بهدوء ظاهريّ:
- ماشي يا حبيبي!!
ثم نهضت تجُر قدميها من شـ.ـدة ألم قلبها، و إرتدت ثيابها ثم خرجت فوجدته ينثر عطرُه و يصفف خصلاته، ذهبت له و إحتضنت ظهرُه بعشقٍ قد تملّكها، لا تعلم متى و لكن رُبما منذ أن وجدتُه كـ حائطٍ منيع أمام كل ما يُمثل خطر بالنسبة لها، نظر لها في المرآه ليرفع كفها يُقبله قائلًا بهدوء:
- هتوحشيني!!
لفّته لها ثم قالت بوله:
- و إنت كمان هتوحشني أوي أوي
مالُ يلتقط قبلة من وجنتها الشهيّة، حتى تحولت لقُبلات عديدة ضحكت على أثرها، فـ إبتعدت عنه تقول محاوطة عنقه:
- كفاية!!
دفن أنفه في عنقها يُقرب خصرها منه قائلًا:
- كفاية إيه بس .. أنا لا بكتفي ولا بشبع، حاسس إني عايز أخبيكٍ جوايا عشان متبعديش عني لحظة!!
• • • • • • 
- يا ماما إنتِ مُتأكدة من اللي هنعملُه ده؟
قالتها نيرة بقلبٍ متوجس من خطة والدتها التي لم تخطر على بالك الأبالسة، فقالت الأخير بـ قلبٍ ليس به ذرة رحمة:
- أنا مبعملش حاجه غير و أنا مُتأكدة منها، البت دي لازم نخليها تغور من حياة فريد بأي تمن، أنا خلاص إتفقت مع الزفت جوز أمها ده اللي قدرت أوصلُه بالعافية، و هندخله من الباب الوراني و الـ guards مش هيحسوا بينا، أهم حاجه نخلي حد من الخدم يطلعلها العصير اللي فيه المنوم عشان تنام و متعملناش مُصيبة!!!
إرتجف بدن الأخيرة و قالت برُعب:
- فـ .. فريد لو عرف مش هيكفيه فينا عُمرنا يا ماما!
- عقبال ما يعرف .. هتكون هي في خبر كان، و محدش هيدرى إن إحنا اللي عملنا كدا أصلًا!!!
هتفت نرجس بـ برود أعصاب، و كأنها لا تخطط الآن إلى زهق روح إنسان بل و تسليمُه للهاوية بيديه، أخرجت من جيب ردائها المنزلي علبة إسطوانية بها بودرة، ثم سلمتها إلى نيرة التي إلتقطتها بترددٍ، فـ قالت نرجس:
- هتروحي تحطيها في العصير و تقولي لحد من الخدم يطلعه ومعاه صينية فطار عشان متشُكش في حاجه، و أنا هكلم مُنذر!!
- ماشي يا ماما
غمغمت نيِّرة ثم ذهبت للمطبخ لتخرج تلك البودرة البيضاء ثم أذابت القليل منها في الكوب، و لإرتعاشة يدها من الخوف وقعت فـ إنكسرت منها مُتبعثرة لأشلاء، إلتفت الخدم لها بإستغرابٍ لكنها سرعان ما إنحنت تلملم الزجاج تلعن غباءها، جذبت خرقة قماش ثم مسحت بها بقايا البودرة، فأتت إحدى الخادمـ.ـا.ت تقول بإحترام:
- أنا هلم اللي إتكسر يا نيرة هانم!!
هتفت نيّرة بضيق:
- خلاص .. لميتُه!
 ثم نهضت تُقلب العصير جيدًا و تقول بهدوء حاولت الحفاظ عليه:
- خُدي الفطار ده لـ نور!!
و شهبت من أمامها، فـ قلّبت الأخيرة كفيها قائلة بدهشة:
- بتحضرلها الفطار .. ضراير آخر زمن!!
• • • • • •
جلست نور أمام التلفاز تحتسي العصير و تقضم من تلك الشطيرة الشهية، تنطلق منها ضحكاتٍ أنثوية أثر إحدى المسرحيات التي تعشقها، أسندت رأسها فوق ظهر كفها ثم ثبتته على يد الأريكة، لتمُر دقائق و تشعر بـ ثقل رأسها، و إنسدال جفونها ببطء، و تراخي جسدها بشكلٍ غريب، قطبت حاجبيها لتحاول النهوض مستغربة حالتها، فهي قد إستفاقت من نومها قبل قليل .. كيف يُخيم النعاس على قسمـ.ـا.تها بذلك الشكل، لم تستطع التحكم في نفسها و فور نهوضها سقطت أرضًا و كأنها أُغشي عليها، ظلت على هذا الحال بين أيادي الأرض البـ.ـاردة، حتى فُتح باب غرفتها، بحذر، دلفت نيّرة فوجدتها على هذا الحال لتشير لمنذر على الفور لكي يدلف، دلف الأخير لينزوي جانب شفتيه بخبثٍ شيطاني ثم حملها بين ذراعيه و يداه تتسلل لبعض المناطق بجسدها لا يصدق أنها باتت بين يداه، نظرت نيّرة لما يفعل بإشمئزاز، ثم ضـ.ـر.بتُه على كتفُه قائلة بحدة:
- إنت يا جدع إنت .. الوساخة دي إعملها بعيد عن هنا!! خلاص يعني مش قادر تمسك نفسك!!!
تنحنح منذر بحرجٍ و قال بـ طريقتُه الفجة:
- أعذريني يا ست هانم .. كان نفسي في البت من زمان!!
ثم غادر و سبقته نيّرة ترى إن كان أحد يراهم من الخدم أو غيرُه، لكن الجميع منشغل بما بين يداه، فأشارت له أن يتقدم للخارج فـ فعل و خرج من الباب الخلفي، كانت هنالك سيارة في إنتظارُه فـ صعد بها بالخلف على الفور، آخذًا نور الغائبة عن وعيها على قدمه، عيناه تنهش جسدها أسفل بيچامتها السوداء التي كانت بـأكمامٍ طويلة و لحسن حظها كانت محتشمة، لكن نظراته كانت تُعري جسدها، لهثت أنفاسه يحاوط وجنتيها قائلًا بـ شهوةٍ بغيضة:
- أخيرًا .. أخيرًا يا بنت الكـ.ـلـ.ـب!! الجمال ده كلُه مينفعش غير إنه يكون ليا .. الجـ.ـسم اللي البيه واخدُه ليه لوحدُه، النهاردة هيبقى بتاعي!!
مرر كفُه فوق جسدها برغبةٍ، ليغمض عيناه بتلذذٍ ثم حاول التحكم بأنفاسه المُستثارة حتى قال لنفسه بإبتسامة أظهرت عن أسنانه التي أكلتها سجائرُه:
- إهدى يا مُنذر، كلها دقايق و تبقى بتاعتك!!!
وصلوا بالفعل لـ بيت في منطقة نائية، حملها و سار بها ناحية البيت يسمع مكابح السيارة خلفه تغادر، دلف للمنزل و أغلقه ثم دلف لغرفة كانت حالتها معقولة، تصلُع فقط للمهمة التي سيؤديها ولا تصلح للحياة بها، ألقى بجسدها على الفراش .. ثم أسرع بأنامل متلهفة يحرر أزرار قميصه و عيناه ثابتة على جسدها، نزع عن القميص و بقي عاري الصدر، هم بالإنقضاض عليها بكن قاطعُه هاتفه المحمول، فنظر به بضيق لكنه وجده ذلك الرجل الذي داينهُ بعض المال، فـ هتف بنزقٍ:
- أرُد عليه بدل ما يعمل مصيبة ده راجـ.ـل لاسع!
خرج من المخزن يجيب على الهاتف، إستغرق أكثر من نصف ساعة في إقناع ذلك الرجل أن المال سيكون عنده الليلة بينما الأخير يهدر به أن تلك كذبة جديدة أضافها لقائمة كذباته، بينما نور .. إستفاقت و عيناها ثقيلة، تنظر حولها بـ حاجبي تقطبا و أعين ملئتها علامـ.ـا.ت الخوف عنـ.ـد.ما أدركت أنها ليست بغرفتها، ولا على فراشه، إنتفضت من فوق الفراش و كامل جسدها يرتجف بصدمةٍ تنظر حولها، حتى إستمعت لصوتِ تعلمُه جيدًا ذلك ااصوت الذي لطالما أسمعها فُحش الكلمـ.ـا.ت و أثار غضبها بـ تلميحاتٍ لا تمُت إلا للدناءة، سقط قلبها أرضًا و إرتعدت فرائها لا سيما عنـ.ـد.ما وجدته يدلف ليصدم من أنها إستفاقت، لكنه سرعان ما قال بمكرٍ:
- صحيتي .. طب كويس!! أنا بصراحة كنت عايزك فايقالي!! 
إقترب منها و قال بقسوةٍ:
- عايز أسمع صوتك صريخك و أمتّع وداني بيه!
إبتعدت عنه بـ رجفةٍ فوجدته يقبض فوق خصلاتها وسط صرخاتها و يلقي بها فوق الفراش يصـ.ـر.خ بوجهها:
- صرّخي .. صرّخي و إترعشي كمان!!! لسه الرعش جاي!!!!
ظلت تصرخ و تحاول مقاومته بأظافرها و قدمها و هو يعلوها، ضـ.ـر.بت ركبتها في معدته و أسفلها و إستطاعت بصعوبة تحرير كفيها فـ قبضت على خصلاته بعنف لـ تصدح صرخاته في المكان، لا تعلم القوة التي تلبستها و جعلتها تنهض تكيل له لكمـ.ـا.ت بـ وجهه و بطنه تشـ.ـدد فوق خصلاته بعنف صارخة بوجهها:
- أنا هخليك ترعش ولا صافينار دلوقتي يا ابن الكــلــب!!!!
أمسكت بـ إحدى الفازات و سقطت بها فوق رأسُه فـ سقط مغشيًا عليه و الدماء تنهمر من رأسه، نظرت له بإرتعادٍ من أن تكون قـ.ـتـ.ـلته، فـ ركضت خارج المنزل لتجد نفسها في وسط مكان يبعُد عن البشر، ظلت تركُض و هي تبكي بألم حتى وجدت الشارع الرئيسي، و لأنها في وضح النهار توقفت لها سيارة ترجلت منها فتاة في مثل سنها ترتدي مئزر أسود جلدي و بنطال من خامة الجينز، نزعت عن عيناها نظارة الشمس و إقتربت من نور التي كانت منهارة في بكائها تقول بقلق:
- إيه ده في إيه!!! بتعيطي كدا ليه .. قوليلي لو محتاجة مُساعدة!!!
نظرت لها نور لتمسك بذراعيها ترجوها:
- لو سمحتي أنا .. أنا عايزة أعمل تليفون من عندك ضروري!!!
- حاضر!!
هتفت الأخيرة بلهفة ثم أسندتها تقول برفق:
- طب تعالي .. تعالي إركبي العربية بدل وقفتك كدا بالبيچامة!!!
و بالفعل صعدت السيارة معها تحاول أخذ أنفاسها اللاهثة، ناولتها الفتاة هاتفها ذو الطراز الحديث و قالت بهدوء:
- خُدي رني على اللي عايزاه!!!
إلتقطت منها الهاتف و أسرعت تضـ.ـر.ب أرقام هاتفُه التي حفظتها مؤخرًا عن ظهر قلب، وضعت الهاتف على أذنها تضم كفها الآخر لصدرها لا تستطيع التحكم بدقات قلبها التي تزداد مع إزدياد الرنين الي يطن بأذنيها، حتى أجاب تستمع لصوته الرجولي:
- ألو ..
إنفجرت في البكاء تشهق بقوة و هي تقول بتقطُعٍ:
- فـ .. فريد!!! تعالى خُدني يا فريد!!!
- نــــور!!
إنتفض من فوق مقعدُه الجلديّ، أسرع من خلف المكتب يغادره تمامًا يصـ.ـر.خ بها و كل خلية بجسده تنتفض:
- في إيــه!!! إنتِ مش في البيت؟!!
بكت أكثر تحتضن الهاتف بكفيها تقول و الدمعات أغرقت وجهها:
- فريد .. أنا .. جوز أمي!!!!
حملق بالفراغ أمامه بعدما توقف أمام سيارتُه، كاد أن يسقط الهاتف من يدُه و أسوأ السيناريوهات في عقلُه، صعد بالسيارة يقول بصوتٍ لا يحمل سوى الجمود:
- إنت فين؟!
نظرت حولها تقول بحيرة:
- مش عارفة .. مش عارفة أنا فين أنا آآآ!!!
قاطعتها الفتاة تقول و هي تربت على كتفها:
- قوليله إننا على طريق المُقطّم!!!
أسرعت نور بلهفةٍ تقول ببكاء:
- أنا على طريق المُقطم يا فريد .. متتأخرش يا فريد بالله عليك!!!
ثم أغلقت الهاتف فـ أغمض عيناه و ضـ.ـر.ب المقود بكفُه مرتان متتاليتان من شـ.ـده الألم الذي فطر قلبُه من صوتها، سار بالسيارة على سرعة مائتان لكي يصل لها، بينما جلست نور تخفي وجهها بين كفيها، فـ ناظرتها المدعوة دُنيا بـ شفقة على حالها، ربتت على كتفها تقول بلُطف:
- إهدي .. بإذن الله هييجي على طول!! هو جوزك ولا أخوكِ!
قالت وسط شهقات تلت بكائها:
- جـ .. جوزي!!! 
تنهدت و قالت بحنان:
- طيب إهدي لو سمحتِ ..
ثم قالت بإبتسامةٍ تحاول التخفيف عنها:
- والله لو فضلتي تعيطي كدا هقعد أعيط جنبك و أنا أصلًا دمعتي قُريبة!
نظرت لها نور و إبتسمت قائلة بهدوء:
- أنا مش عارفة أشكُرك إزاي!!
- أشكريني بإنك تضحكي يا ستي!
همهمت بها بإبتسامة صافية، فـ أسندت نور جبينها فوق كفها، حتى رنّ هاتف دنيا فأسرعت تعطيه إلى نور التي أجابت مُسرعةً:
- إنت فين!!!
ترجل من سيارتُه و قال و هو يلتفت حولُه:
- أنا ع الطرق، شايفاني من بعيد حتى؟
نظرت حولها فـ وجدته منتصبًا مرتديًا نظارتُه يبحث بكل لهفةٍ عليها، إنطلقت منها ضحكة إختلطت ببكاءٍ عارم و هي تفتح باب السيارة و تركض نحوه، نزع نظارتُه عنـ.ـد.ما وجدها تركض لكي تصل له بـ بيچامة بيتية جعلت الدماء تغلي بعروقها، شعرها مُشعث و هيئتها شاحبة، ركضت هي بكُل ما تملك من قوة لتسقط بأحضانه بوهنٍ فـ تلقاها هو بذراعيه يسندها ثم يحتضنها، يضمها بكل ما أوتي لصدرُه و قلبُه ينفطر على شهقاتها الباكية، يمسد فوق خصلاتها بلهفةٍ فأعاد ترتيبُه، ظلّا هكذا مُدة حتى أبعدها و هو لايستطيع التحكم في خيالاته السوداوية يقول محاوطًا وجنتيها:
- أذاكِ؟ .. لمسك؟!!
حاولت التحدُث وسط شهقاتها، فـ كان هو يهز رأسه يحثها على تجمعة حروفٍ مُشتتة كحالها بالضبط، يضغط بأنامله فوق وجنتيها، فـ قالت بحروفٍ تقطّعت:
- لـ .. لاء لاء .. لاء معملش حاجه ملحقش يعمل .. أنا .. أنا ضـ.ـر.بتُه بـ فازة، لو .. لو مكُنتش عملتكدا أنا كان زماني ..!!!
لم تستطع إيجاد كلمة مناسبة .. لربما كانت الآن ميتة .. أو كانت مجرد جسد دنّسُه هو بدنائتُه، ضم رأسها لصدرُه يمسح على ظهرها صعودًا و هبوطًا يهمهم:
- ششش .. بس .. بس يا حبيبتي خلاص!!
أغمضت عيناها تتشبث في قميصُه الله وحدُه يعلم حجم الألم الذي قد إختلج قلبُه، أبعدها عنه بعد قليل، ينزع عنه چاكت بذلته ثم يحاوطها به، يدفعها برفق إلى السيارة فـ إستقلتها تقول برجاء:
- البنت اللي واقفة بالعربية الحمرا دي هي اللي كلمتك من عندها، عايزه أشكرها يا فريد!!
نظر حيث تشير ليومأ لها بهدوء:
- كل اللي إنت عايزاه هعملهولك .. إرتاحي يا حبيبي!!
أسندت رأسها للخلف و دمعاتها تهطل بصمت، إستقل جوارها و ذهب إلى تلك السيارة فوجد صاحبتها بها، إبتسم لها و قال:
- متشكر على اللي عملتيه مع مراتي!!
إبتسمت دُنيا بهظوء و قالت:
- أنا معملتش حاجه .. أي حد مكاني كان هيعمل كدا! أهم حاجه إنها بخير دلوقتي!!
نظرت لها نور بإمتنان حقيقي، و أشارت لها فـ أرسلت لها الأخيرة قبلة في الهواء و غادرت، أغمصت نور عيناها بتعبٍ، و سار هو بالسيارة يحاول جاهدًا أن ينظم أنفاسه التي تبعثرت، طالعها ثم ضم رأسها له، و همس لها بـ كل هدوء:
- نور ..
- نـ .. نعم!!
قالت تتشبث بقميصُه دافنة رأسها بـ عنقه، فـ هتف بنفس النبرة:
- عايزك تركزي أوي معايا و تحاولي توصفيلي المكان اللي كُنتِ فيه!! قوليلي مشيتي إزاي!!
رفعت رأسها تنظر حولها، و بصعوبة إستجمعت نفسها و أشارت له على أحد الطرقات حتى وصلا إلى ذاك البيت، إنتفضت فورما رأته و صرخت بوجعٍ تغلغل قلبُه هو قبلها:
- ده .. هو ده يا فريد!!!
- طيب يا روح قلب فريد!!
هتف محاولًا تهدأتها، ثم قبّل كفها الذي يرتجف و هو يهمس برفقٍ:
- عايزك تهدي .. و أنا هنزل إشوف الو** ده و راجعلك!!!
شهقت و تشبثت بـ تلابيبه تقول مصدومة:
- إيه!!! لاء إوعى .. و حياتي يا فريد لاء متسيبنيش، أنا عايزاك مش عايزه أخسرك .. بلاش توسـ.ـخ إيدك بدمُه!! البوليس لو خدك أن هيجرالي حاجه يا فـ..!
قاطع حديثها عنـ.ـد.ما أنهال على وجهها بالقُبلات و بين كل قبلة و الأخرى يهمس لها بحنوٍ:
- وَلا تخافي .. أنا عُمري ما هسيبك! 
فتح كفها يُقبل باطنُه هامسًا:
- متتحركيش من العربية يا حبيبتي .. و أنا مش هتأخر صدقيني!!
أومأت له بإستسلام، فهي على يقين أنه لن يترُك الأمر يذهب سُدى، و بالفعل ترجّل ليدلف لذلك البيت!! دلف و قد إستوحشت ملامحه تختلف كليًا عن محياه و هو معها، الدماء تغلي بعروقُه و قدميه تطوي الإرض أسفلهما، إبتيم و الشرر يتصاعد من عيناه عنـ.ـد.ما وجدُه يحاول أن يستفيق ممسكًا برأسه يتآوه بألم، و بحركةٍ لم تكُن متوقعه ضـ.ـر.بَه فريد بـ قدمه في معدته فـ ثرخ الأخير و سط أرضًا يبصق الدماء و الرؤية مشوشة أمامه لا يعلم ممن يُضـ.ـر.ب، و قبل أن يتدارك الضـ.ـر.بة الأولى و جد الضـ.ـر.بات تتابع فوق معدته و جزءُه السفلي، حتى أغشي عليه، مال عليه فريد يتفحص نبضُه فوجده ضعيف لكن موجود، زمجر بضيق ليأخذ مسدسه و يسحب زنادُه بجمودٍ فتنطلق طلقة رصاصية إستقرت بصدر الأخير، وضع المسدس بـ جيب بنطاله الخلفي مجددًا و غادر يشعر بالقليل من الإرتياح في قلبُه سـ يكتمل فورما يعلم من نصب هذا الفخ لـ أغلى شخص بحياته، عاد لها فوجدها ترتجف من شـ.ـدة خوفها، بالتأكيد وصل لأذنيها صوت تلك الطلقة، صعد جوارها فـ إلتفتت له تقول ببكاء رهيب:
- ليه .. ليه عملت كدا!! أنا مش هقدر أعيش من غيرك!!
ضـ.ـر.ب على المقود بعنف و صرخ بها من شـ.ـدة غضبُه من الأمر برمته:
- لـيـه عـمـلت كــدا!!! مستنية مني إيه و أنا لاقيت مراتي كانت في بيت مع راجـ.ـل ابن **** لوحدهم و لولا ستر ربنا كان زمانُه ضيّعك و ضيّعني؟! أعمل إيه بعد ما لقتك جاية بتجري عليا بـ بيچامة بـيـت!!! و طبعًا إنتِ كان مُغمى عليكِ .. يعني ال***** ده قدر يلمس جـ.ـسمك و إنتِ مش واعية!!! عندك فـكـرة باللي حاصل جوايا دلوقتي؟!!! عُمرك ما هتحسي بالنار اللي جوايا فـ متقوليليش عملت كدا ليه!!
إندفست في المقعد و إزدادت و تيرة بُكائها، أغمضت عيناها تستمع لكلمـ.ـا.ته التي تذبح روحها، تستمع لـ صوت أنفاسه العالية، تفتح عيناها لترى أنامله التي ترتعش و ملامحه التي باتت مُخيفة و لـ نفور عروقه من جبينه فـ تُغمضها مُجددًا خائفة من منظرُه، تسمع مجددًا يستطرد بقسوةٍ:
- حــالًا .. تحكيلي اللي حصل بعد ما مشيت!!
حاولت إستجماع شتاتها، تفرك بـ طرف مئزر بذلتُه بعنفٍ تجمع الحروف لترتبها مكونة جملتين بسيطتين:
- مش .. قادرة أتكلم .. في حاجه دلوقتي!!!
إنتفض جسدها و إرتعش بدنها عنـ.ـد.ما وجدته يصيح بصوتٍ مُخيف:
- مـــش إيـــه؟!!!! لاء م أنا مش هـسـتـنـى لـمـا سيادتك تِـروقـي عشان تـتـكلـمي!! مـتسـيبينيش لـدماغـي أنـا مـش ناقص!!
أغمضت عيناها و مالت برأسها للأمام تحاوط رإسها تحاول تهدئة خفقات قلبها التي صمّت أذنيها من خوفها منه و من الموقف برمتُه، تحاول أخذ أنفاسها بصعوبة، حتى شعرت بـ كل شيء حولها يطبق على أنفاسها، أسندت كفها فوق الزجاج تغمغم بصعوبةٍ:
- نزلني .. نزلني حاسة إني هتخـ.ـنـ.ـق!!!
نظر لها و كأنه قد عُمي عن وضعها، فـ لم يلقي بالًا لما تقول، و واصل سيرُه دون الإلتفات لها، وضعت هي كفها فوق صدرها تغمض عيناها و أنفاسها بالفعل لا تدلف رئتيها مهما حاولت إلتقاطها، أغمضت عيناها و إزرقّت شفتيها فـ همست بخفوت سمعه:
- فريد!!
يُتبع♥
 نزلني .. نزلني حاسة إني هتخـ.ـنـ.ـق!!!
نظر لها و كأنه قد عُمي عن وضعها، فـ لم يلقي بالًا لما تقول، و واصل سيرُه دون الإلتفات لها، وضعت هي كفها فوق صدرها تغمض عيناها و أنفاسها بالفعل لا تدلف رئتيها مهما حاولت إلتقاطها، أغمضت عيناها و إزرقّت شفتيها فـ همست بخفوت سمعه:
- فريد!!
نظر لها و هم بالعدول عنها محدقًا أمامه، لكنه أوقف السيارة بعنفٍ ضاغطًا على المكابح بقوة عنـ.ـد.ما وجدها على تلك الحالة، أسرع يصف السيارة جانبًا فـ فتحت الباب على الفور دون أن تنتظر، ترجلت من السيارة تستند عليها تميل برأسها و خصلاتها تتساقط جوارها تحاول أخذ أنفاسها و بالكاد تفعل، ترجل هو خلفها فورًا يركض ناحيتها، الخوف ملأ قلبه عليها، وقف جوارها يرفع وجهها له يقول و عيناه تسير على شحوب وجهها:
- نور .. حاسة بإيه يا حبيبتي؟!!
- روحي .. هتطلع!!!
قالتها تتمسك بقميصُه تكاد تنهار أرضًا لولا أنه إمسك بـ خصرها قابضًا عليه بذراعه الأيسر و الذراع الآخر يحيط به رأسها خلف عنقها يتمعن قسمـ.ـا.ت وجهها، يتمعن في جملتها أيضًا التي ألتقتها على مسامعه و لا تدري عمّا أحدثت به من خراب داخله، ضم وجهها بكفيه يقول بـ صوتِ أهتز أثر كلمـ.ـا.تها:
- بُصيلي .. خُدي نفسك ورايا .. يلا إعملي زي م أنا بعمل!!
نظرت له بأعين زائغة و إرتجافة بدن، تحاوب أن تفعل مثله و تتنفس أنفاس عميقة، أدمعت عيناها و هي تنظر له حتى إمتلأت رئتيها بالهواء، تنفس هو براحة يلصق جبينه بـ جبينها المُتعرق، ثم ضم رأسها لصدرُه مربتًا فوق ظهرها ماسحًا عليه يغمض عيناه و يرتجف قلبُه من أثر خوفه عليها، أبعدها عنه ثم مال يُقبل جفونها الدامعة و وجنتيها اللتين تلطّخا بالدمعات،  يهمس بـ ألم:
- حقك عليا .. بس أنا جوايا بركان بيغلي يا نور!
طالعتُه و هي تشعر بـ ألم ينهش في روحها، تحدثت بعد معاناه في محاولة إخراج صوتها الذي بُحّ:
- يعني أنا اللي عادي؟ أنا إتاخدت من نُص بيتي معرفش إزاي ولا إمتى ولا مين عمل كدا!!
إلتقط أنفاسه و هو لازال يكوِّب وجهها قائلًا بـ لين:
- هعرفُه .. و هدفعُه التمن غالي أوي!!!
ثم أجلسها في مقعدها، و استقر هو في مقعده ليقود السيارة و هو عازم على معرفة من الفاعل بل و تسويته بالأراضي و لو كان الثمن هو!
• • • • •
دلف ڤيلتُه يضم كتفيها و مئزرُه يحاوط جزعها العلوي، و فور ولوجهما وجدا نرجس جالسة تتبادل الضحكات مع إبنتها ظنًا منهما أن خطتهما نجحت نجاحًا باهرًا لكن الصدمة إعتلت وجوهما عنـ.ـد.ما وجدا نور لازالت حيّة و بين ذراعيّ فريد الجـ.ـا.مدة مِحياه، إنتفضت نيرة من فوق المقعد و عجزت نرجس عن الحديث، ردة فعلهُما كانت أكبر دليل على فعلتهما بالنسبة إلى فريد الذي إنزوت شفتيه بنصف إبتسامةٍ مُتيقنًا الآن بـ أنهم الفاعلين، نادى فجأة بصوتٍ جهوري:
- يا حجّة يُسرية!!!
أتت من تشرف على الخدم فورًا فورما سمعت إسمها يُنادى منه، وقفت أمامه تقول بتهذيبٍ:
- تؤمر يا بيه!!
- خُدي نور إعمليلها حاجه تاكُلها و خليكِ معاه!!
قالها بهدوء ثم قبّل رأس نور بحنان، لتستند نور على تلك السيدة و يذهبا، وقف هو واضعًا كفُه في جيبُه قائلًا ببرود قارس:
- مراتي غايبة من الصبح، و إنتواىقاعدين هنا مقضينها ضحك و مرقعة؟
أسرعت نرجس تفك شباك لسانها و تتمتم بتـ.ـو.تر ظهر رغمًا عنها في صوتها:
- غايبة إزاي يابني، إحنا مكُناش نعرف هي دايمًا مبتخرجش من الأوضة أصلًا!
رفع حاجبيه بدهشةٍ مُصطنعة و غمغم بـ :
- ممم .. و الله؟
ليتابع و هو يقترب خطوات وئيدة من نيِّرة:
- ويا ترى كنتوا بتضحكوا على إيه .. ضحكوني معاكوا!!
هتفت نيِّرة التي بدأت بأخذ خطوات للخلف تقول بصوتٍ مُهتزّ:
- أبدًا يا .. يا فريد أنا آآ!!!
و في لحظةٍ كان يجذب خصلاتها النفىود بين قبضته يرفع كفُه عاليًا و ينزل به على وجنتها يلطمها بعنف كاد أن يجعلها تفقد توازنها و تسقط لولا كفه القابض على شعراتها يهزها بعنف و قد إستوحشت عيناه و هو يصـ.ـر.خ به بصوتٍ جعلها ترتعد و وسط صرخات نرجس و لطمها على وجهها بـ رعـ.ـبٍ على إبنتها و على نفسها:
- أنا هعلِّمك تضحكي إزاي يا زبـ.ـا.لة!!!
صرخت نيرة ترجوه أن يترك خصلاتها التي تجزم على أنهم تمزّقا بين يداه و لكنه لم يرحم صرخاتها، أمامه صورة نور و هي تعاني بين يدا ذلك الحقير فـ يعود و يصفع نيرة مرةً أخرى مرة تلي الأخرى و صفعة على وجنتها اليُمنى و اليُسرى بكفٍ واحد مرة بباطن كفه و الأخرى بظهرُه!! أمسكت نرجس بكتفه تتوسل له أن يتوقف لكنه نظر لها بأعين حمراء أرعـ.ـبت قلبها:
- إبــعـدي!!! إنــتِ دورك لسه جاي!!!!
خرجت نور من الغرفة تنزل على الدرج حتى توقفت بصدمةٍ مما يحدث أمام عيناها، ترى زوجها في حالة إهتياج تراها لأول مرة يُكيل لـ نيِّرة الصفعات حتى كادت روحها أن تزهق بين يداه، لا تعلم لِم و لكن كلمـ.ـا.ته التي ألقاها في وجه نيّرة جعلتها تفهم سبب ما يفعل:
- بتعُضي الإيدك اللي إتمدتلك يا بنت الـ****!!! بتسلِّمي مراتي يا *****
أغمض نور عيناها و صرخات نيّرة تصدح في أذنها، حتى فتحت عيناها على نرجس التي مالت على قدمُه. تتمسك بـ بنطاله راجية إياه بدمعاتٍ أغرقت وجهها:
- كفاية يابني إبوس رجلك كفاية يا فريد!!!
نظر لها يبعد قدمه عنها يقول بقسوةٍ رهيبة:
- هو أنا لسه عملت حاجه!!
ثم تابع بحدة:
- قوليلي عملتوها إزاي!!!
صرخت به نرجس وسط بكائها:
- معملناش حاجة!!!
- طب حلو أوي!!
قال مُبتسمًا ثم إلتفت إلى نيّرة ليجدها بالكاد تقف على قدميها، فـ رفع يده مجددًا و هوى بها على وجنته مرة تلي الأخرى فـ إنهارت نرجس تقول بـ توسلٍ حقيقي:
- كفاية كفاية سيبها و أنا هقولك بس سيبها و رحمة أبوك!!
دفعها بعنف فـ سقطت أرضًا تحاوط وجهها الذي إرتفعت حرارته أثر ضـ.ـر.باته و تزيل خط الدماء ذاك الذي ينهمر من شفتيها، زحفت نرجس إلى إبنتها و ضمتها لصدرها، فـ قال فريد و هو يجلس على المقعد يشعل سيجارته و هو يقول:
- هـا .. أنا سامع!!!
قالت نرجس و هي ترتجف:
- خليت حد .. يعرفلي كل حاجه عنها، و عرفت إن جوز أمها كان طمعان فيها، جبت رقمُه بنفس الطريقة اللي جيبت بيها المعلومـ.ـا.ت عنه، و إتفقت معاه إني هخليه ييجي ياخدها مُقابل إنه .. يعني يعمل فيها اللي هو عايزه و بعدين يموتها بأي شكل، و إتفقنا على مبلغ هياخدُه لما يقـ.ـتـ.ـلها و بعدها هسفّرُه بمركب لأي بلد أجنبية!!!
سقطت نور جالسة على الدرج تستمع لكلمـ.ـا.تها و دمعاتها تنهمر فوق وجنتيها، تنظر إلى فريد الذي حافظ على هدوء ناظرًا لـ نرجس يحثها على إكمال حديثها، فـ قالت بخوف:
- خليت نيرة .. تحطلها منوم في العصير، و قدرنا ندخله من الباب الوراني و لما جه الجناح .. خدها و هي نايمة و مشي!!!
إبتسم و الله وحده يعلم ما خلف إبتسامتُه من غضبٍ وصل عنان السماء، أخذ هاتفُه من جيب بنطالُه، و ضـ.ـر.ب فوق شاشته فنظرت له نرجس بإستغراب لكنها شهفت عنـ.ـد.ما وضعه على أذنه و هو يقول:
- النجدة معايا؟
نهضت نرجس تاركة إبنتها تقترب منه صارخة به بصدمةٍ:
- هتبلغ عني يا فريد!!!
نظر لها فريد و قال ببرود:
- عايز أبلغ عن إتنين كانوا عايزين يقـ.ـتـ.ـلوا مراتي .. آه شروع في قـ.ـتـ.ـل!!
 لم تصدق نرجس أذنيها، عنـ.ـد.ما أغلق معهم بكت و أنهارت و ترجته تمسك بيدُه تقبلها بذلٍ حقيقي:
- لاء يا فريد متعملش فينا كدا! أنا عمتك و نيّرة مراتك حـ.ـر.ام عليك!!!
نظر لها ليبعد يده عن مرمى كفيها يضحك ساخرًا و يهتف بـ صوت لا يوجد به ذرة من المرح:
- عمتي اللي حاولت تدمرني عن طريق مراتي؟ أنا معرفكيش ولا يشفرني تبقي عمة ليا!! و بالنسبة لمراتي ..
ثم تابع ناظرًا لتلك التي مفترشة الأرضية مغمضة عيناها، و قال بجدية:
- نيّرة .. إنتِ طالق!!!
أطبقت فوق جفونها لا تجرؤ على رفع عيناها بـه بعدما حدث لها، ترتجف و تشعر بتخدُر حقيقي في وجهها و روحها، صاحت به نرجس بعنفٍ:
- إنــت إيــه!!! جايب منين الجبروت ده كلُه!!! ده أبوك بجلالة قدرُه ميجيش فيك حاجة!!! طايح في الكل ليه!!! إنت فاكر إن مجرد ما هتقولهم هييجوا ياخدوني يعني!! إنت دليل واحد مش معاك عليا!!!
أخرج السيجار من فمُه يقول بإبتسامة:
- يــاه .. تاهت عني إزاي دي!! هو أنا مقولتلكيش يا عمتي إني كنت بسجلِّك، شكلك مخدتيش بالك و إنتِ بتحكي إني شغلت التسجيل على تليفوني و بدأت أسجل وساختك .. يلا معلش يا عمتي الكَبر .. والخرَف بيعملوا أكتر من كدا!!!
لطـ.ـمـ.ـت على وجهها تنظر له مصدومة، لتلتفت حول نفسها لا تعلم ماذا ستفعل، حتى ركضت ناحبة نور التي كانت جالسة على الدرج بشرودٍ، تمسّكت بكتفيها تقول راجية إياها:
- نور!!! أبوس إبدك يا بنتي قوليلُه حاجه!!
نظرت لها نور دون أن تتحدث، لتتابع نرجس بنبرة حاولت بها جذب عاطفتها:
- و حياة أغلى حلجة عندك قوليله بلاش السجن!!!
- السجن هيبقى أرحم عليكِ من اللي ممكن أعملُه فيكِ!!!
قالتها نور بكل هدوءٍ، فـ إبتسم هو على تلك التي لا تضعف و لا تخضع و لا تترك حقها يذهب هدرًا، بينما صرخت بها نرجس:
- حتى إنتِ يا زبـ.ـا.لة!!! ده لمِك من الشوارع و جابك تعيشي هنا و تبرطعي في بيتُه يا لمامة الشارع يا عِرة البنات!!!
ظلت نور تناظرها ببرودٍ و لكن إبتسامة أغاظت نرجس أكثر ظهرت على وجهها، لم يتحكم فريد في أعصابه فنهض متجهًا لها يسحبها من ذراعها بعنف بعيدًا عن نور، صوت سرينة الشرطة أوقفتهم جميعًا، فـ هاتف حُراسه يخبرهم أن يسمحوا للشرطة بالدخول، و بالفعل دلفوا للڤيلا فـ ترك هو نرجس و إتجه لهم يُجري معهم محادثة قصيرة عن طبيعة الوضع يخبرهم بـ هويتُه، فقال الضابط على الفور:
- تحت أمرك يا فريد بيه!!! هاتوهم!
و في ثوانٍ كان يجذبهم العساكر وسط صرخات نرجس و نيرة التي لازالت لا تصدق ما يحدث لها، أخبره الضابط بعد خروجهم:
- هنحتاج سيادتك تيجي القسم عشان نعمل المحضر، هنتحفظ عليهم النهاردة لكن بكرة وجود حضرتك هيبقى مهم جدًا!!
- أكيد بإذن الله بكرة هبقى عندكوا!!
قال فريد بهدوءٍ، ثم ظل معه حتى غادر و عاد إلى نور، التي ظلت على حالها جالسة على الدرج تنظر بشرودٍ غريب أمامها، إتجه ناحيتها مقتربًا منها، ثم مال عليها و حملها بين ذراعيه يقول بصوته العالي:
- جهزوا أكل و طلّعوه جناحي!!!
تشبثت بعنقه تريح رأسها على صدرُه مغمضة عيناها بإرهاقٍ، دلف بها للجناح و أغلق الباب خلفه، و من ثم لـ الغرفة، وضعها على الفراش ثم همّ بالإعتدال و تركها لكنها أمسكت بـ تلابيب قميصُه تهمس بوهن:
- خليك معايا!!
- تعالى!
قالتها و هي تبتعد لتترك له مساحة لكي يجلس، فعل هو و جلس جوارها دون نقاشٍ، فـ نامت أعلى فخذُه الأيسر تحاوط قدمه مُغمضة عيناها مسح فوق خصلاتها بحنان، ثم مسح فوق كتفها المُغطى بـ منامية أخرى شتوية بعد أن إستحمت، ثم يعود و يغلغل أنامله بخصلاتها بلُطفٍ، فتحت عيناها التي أخذت تذرف الدمعات، لتغمغم بخفوتٍ و صوتٍ ظهر بالكاد:
- شكرًا .. إنك موجود! 
تابعت تتشبث بقدمه أكثر بألم ظهر في بحّة صوتها:
- كُنت هعمل إيه لو مكُنتش في حياتي!! 
ثم نهض تثني ركبتيها أسفلها تقول بـ حُزن و هو يبعد خصلاتها عن وجهها لكي يرى ملامحها التي تأسرُه:
- أنا بحبك أوي! مقدرش أعيش من غيرك!! 
ألقت بنفسها بأحضانُه تحاوط عنقه بقوةٍ تضم جسدها على جسدُه شبه جالسة فوق قدمُه، تقول وسط نحيب بكائها الخفيف:
- متسيبنيش يا فريد!! متتخلّاش عني أبدًا زي ما كلُه عمل!
ضمها لصدرُه يغمض عيناه يستنشق عبير خصلاتها و رائحة جسدها الفاتنة يُهدئ من روعها مُربتًا فوق ظهرها يقول بعشقٍ:
- و أنا بموت فيكِ!! و عُمري ما هسيبك بلاش هبل! إنتِ نَفسي و نفَسي .. أسيبك و أروح فين؟
عانقته أكثر تسند رأسها موضع أذنها فوق كتفُه تمسح على آخر خُصلاته من الخلف، ثم إبتعدت عنه بعد دقائق، حاوطت وجنتيه تتأمل ملامحُه التي باتت هائمة بها، عجزت عن التعبير فـ ألصقت جبينها بـ جبينه تتنهد فقط فـ تدخل أنفاسها لرئتيه، إبتسم يسمح بدخول أنفاسها العطرة لـ قفصُه الصدري .. و لو كان بإمكانه لـ شقّ صدرُه و أدخلها به يجعلها بداخلُه للأبد، إبتعدت عنه ثم قالت بـ رجاءٍ:
- نام جنبي .. هتقوم تروح فين؟
مسح بكفيه فوق خصلاتها الساقطة على وجنتيها يقول:
- هغير هدومي و آجي يا عُمري كلُه!!!
حررت أزرار قميصُه واحدًا تلو الآخر، ثم نزعته عن جسدُه تقول ببراءة:
- و آدي القميص و قلعتُه، نام بالبنطلون مش مهم!!
إبتسم و قال و هو يجذبها لأحضانه، يضمها لصدره و يستلقى فـ تريح رأسها على صدرُه، أغلق أنوار الغرفة بـ جهاز التحكم و أخذ يمسح على خصلاتها حتى نامت، لكن هو لم يغمض له جفنًا، ظل مُستفيقًا لا يستطيع أن ينام، أسند رأسها على الوسادة و طلّ عليها بمنكبيه، مال يلتقط قُبلة من وجنتها، يدفن أنفُه في عنقها هامسًا بصوته الرجولي و لكن بخفوتٍ:
- مش قادر أنسى و لا أتخطى فكرة إن كُل ده إتعمل فيكِ، حاسس بحجر على قلبي كُل ما بتخيلك بتحاول تدافعي عن نفسك من كل القرف اللي شوفتيه من أول أمك اللي متستاهلش يبقى عندها بنت زيك .. في حد يبقى عندُه بنت زيك و يفرط فيها؟ في حد عاقل تبقي إنتِ بنتُه و يرميكِ يا روح قلب فريد! 
و الو** التاني اللي كان معيِّشك في عذاب .. أكيد كُنتِ خايفة طول الوقت رغم إنك كُنتِ في بيتك، أكيد كنت بتبقي مرعوبة لَيدخل عليكِ كإنك قاعدة في الشارع، كُنت بتقفلي على نفسك أوضتك عشان ميدخلش عليكِ و إنتِ نايمة .. يا حبيبتي .. عيشتي كُل ده لوحدك، جيتي هنا و بردو مسلِمتيش من شر اللي المفروض تبقى عمتي، أنا أسف .. مش بس بالنيابة عنها، ده أنا أسف على كل جرح و وجع في قلبك أيًا كان مين سببُه، و أوعدك إني بنفسي هعالج جروحك .. و هطيب وجعك و محدش هيقدر يلمس منك شعرة و لا يإذيكِ بكلمة واحدة!!
قبّل عُنقها و نهض ليستحم و يبدل ثيابُه، ثم عاد جوارها  يأخذها بين ذراعيه و ينام بعد عناء!
• • • • •
فُتحت عيناه قبل إستفاقتها، فجدها تختبئ داخل أحضانُه كطفلة صغيرة، قبّل جبينها يُتمتم بحُب:
- أسيبك إزاي و أقوم أنا دلوقتي!! 
همّ بالنهوض لولا ذلك الصوت الذي وصل لمسامعُه ينوح يـ:
- يــا نـــور!!! جـــوزي فــيــن يا نــور!!!!
يُتبع♥
- يــا نـــور!!! جـــوزي فــيــن يا نــور!!!
إنتفض من فوق الفراش يخرج من الشرفة فوجدها خارج أسوار البيت تصيح بذات الجُملة، إرتدى ملابسه و خرج من الڤيلا بأكملها يقسم أن يلقنها درسًا لن تنساه، و بالفعل وقف أمامها وجهه قد إشتعل من فرط غضبُه يهدر بوجهها بصوت جهوري أخافها:
- بــتــعــلي صــوتك فين يا سـت إنتِ فاكرة نفسك في حارتكوا!!!!
إنقضَّت عليه رغم خوفها منه تامسك بتلابيب قميصُه صارخة به:
- جوزي فين!! عملتوا في جوزي إيه إنطق!!!
رفع حُراسه أسلحتهم يشهروها بـ ظهرها فـ إنتفضت خائفة و تركتها، بينما هو قال لها بجمودٍ:
- روحي دوّري عليه في حتة نجسة شبهُه .. بيتي مبيدخلوش أوساخ!! 
أخرجت منها كلمـ.ـا.ته أسوأ ما بها فـ صاحت بوجهه:
- أنا متأكدة إنك عملت فيه حاجه، و هعرف و هسجنك و الله لسجنك!!
- طب يلا .. روحي إعملي اللي تعمليه!!
قالها بإبتسامة مُستهزئة فـ لمحت الواقفة خلفُه لتصرخ بها بغِلظة قلب لا مثيل لها:
- بتبيعي أمك يا نور!! بتبيعيها عشان جوزك يا بنت بطني؟!! يا خسارة!!
ثم سارت تاركة إياهم لتنهمر دمعاتها على وجنتيها فـ إلتفت هو لها يناظرها بضيق من وجودها الآن، لم يكُ يريدها أن تتواجد بالأصل و تسمع تلك التراهات، رآها تتقدم له تشير بأعين دماعة إلى الفراغ الذي تركته أمها:
- أنا عايزة أروحلها .. ينفع أروحلها!!
حاوط كتفيها و قال بحنان:
- تروحي تعملي إيه يا حبيبتي؟ 
هتفت راجية:
- خليني أروح وراها أرجوك يا فريد!!
تنهد و قال مشيرًا لها:
- روحي يا نور!
ما إن سمعت جملته حتى فرّت راكضة خلف أمها لتقبض على كفها تحاول إيقافها بينما الأخيرة نفضت ذراعها عنها بعنف مُلتفتة لها تقول بحدة:
- عايزة إيه متلمسنيش!!
قالت نور بـ براءةٍ و هي تبكي:
- إسمعيني يا ماما!!
صرخت بها:
- بس إخرسي!! أنا مش أمك خلاص من النهاردة، إعتبري أمك مـ.ـا.تت و مش راجعة تاني أبدًا!!!
طالعتها مصدومة، إرتعشت شفتيها و هي تقول:
- ليه .. ليه يا ماما .. كل ده عشان إيه؟ عشان جوزك؟
- عشان إنتِ طالعة لأبوكِ! وا.طـ.ـية و ناكرة زيُه! الراجـ.ـل اللي كان بيعاملك بما يُرضي الله إفتريتي عليه و خليتي جوزك يضـ.ـر.بُه و يمد إيده عليه قدام باب بيته .. و أهو مختفي دلوقتي من إمبـ.ـارح والله أعلم راح فين! 
ضحكت نور بمرارة ثم غمغمت:
- بيعاملني بما يُرضي الله؟!! الراجـ.ـل اللي كان بيبُصلي و بيتمناني بتقوليلي كان بيعاملني بما يُرضي الله؟ الراجـ.ـل اللي خطفني من وسط بيتي ووداني في حتة مقطوعة عشتن يغتضبني بتقوليلي إنه كان بيعاملني زي بنتُه!!!
لطـ.ـمـ.ـت الأم صارخة بوجهها:
- يا مصيبتي!!! يعني عملتوا فيه إيه!!! جوزك قـ.ـتـ.ـلُه صح؟ ردي عليا!!!!
صرخت بها نور تقبض فوق ملابسها تهزها بإنهيار:
- هـّو إنـتِ مـش سـامـعـاني!!!! مـش سـامـعـة أنـا بـقـول إيــه!!
تابعت بصوتٍ عالٍ وسط إنهيارها:
- هو اللي فارق معاكِ!!! كل اللي فارق معاكِ وجوده و سلامتُه و أنـا فـي سـتـيـن داهــيــة!!! مـــش كــدا!!!
أشارت لها و هي تشعر بقلبها تحطّم أشلاء أمام عيناها:
- إمشي يا .. مـ .. يا نادية هانم!! إمشي و إنتِ اللي تعتبري إن بنتك مـ.ـا.تت!!
سارت نور مبتعدة عنها تعود إلى الڤيلا، تسير بلا هوادة بالكاد تستطيع أن توازن خُطاها، و من هوان جسدها .. و إنفطار قلبها كادت أن تسقط لولا ذراعيّ حاوطا خصرها يُقيم وقفتها و هو يمسح على خصلاتها، رفعت عيناها له لتغمضها تستند برأسها على صدره، نظر هو إلى أمها التي لازالت واقفة شارة بـ بُغضٍ، أسندها داخل حدود منزلُه حيث أمانها، ثم حملها ليسير بها للبهوِ، أنزلها و قد أغضبُه مظهرها الضعيف، ليحاوط بكفيه ذراعيها يهزها بحدةٍ قائلًا:
- إفردي ضهرك و بُصيلي!!! مش دي الأم اللي تعيطي عليها!
نظرت له و الدمعات تتلألأ بمقلتيها، كيف تُخبره أنها قوية و لكن الخصم كان أمها، كيف تُخبره أنها لم يسبق لها و قد شعرت يمثل هذا الشعور بين طيات قلبها، كيف تصف له إحساس الصفعة التي تلقّاها فؤادها، لم تجد على لسانها سوى حروفٍ مُتقطّعة تمتمت بها:
- هو أنا بنت مش كويسة؟ أنا مستاهلش أنها تحبني أو تحِن عليا؟
رفع رأسه للخلف ليعود ينظر لها يجذب رأسها لصدرُه بعنفٍ قائلًا بنبرة عالية:
- هي اللي متستاهلش وجودك في حياتها، هي اللي مش كويسة ولا تستاهل سؤالك و دمـ.ـو.عك دي!!!
تمسّكت بقميصُه و همست:
- أنا مش قادرة أوصفلك .. إحساسي دلوقتي!!
ثم بكت حتى شعرت بدمعاتها أغرقت قميصُه:
- ياريتني ما روحت وراها .. ياريتني سمعت كلامك!!!
تنهد ولم ينطق بشيء، رنين هاتفه صدح فـ إبتعدت عنه تزيل دمعاتها بكفيها، حاوط وجنتها اليُمنى بحنوٍ و إلتقط هاتفُه بيدُه اليُسرى من جيب بنطالُه ليجيب:
- في إيه؟
سمع ما جعل عيناه تغمض، نظرت له نور بقلقٍ فـ همست:
- في حاجه يا فريد؟
أغلق الهاتف و لم يعلم كيف يُخبرها، بعد ثوانٍ نطق بعد أن حاول ترتيب الحروف ليوصل لها ذلك الخبر:
- أمك في عربية خبطتها برا!!!
- إيــه!!!
صاحت به مصدومة، لتتركه و تركض بالخارج، ركض هو خلفها بينما توقفت نور و كإن جسدها شُلَّ، ترى جسد أمها على بعد أمتار منها قد تهمّد مُفترض على الأرض الأسفلتية، ساكن تمامًا كـ سكون نبضات قلبها الأن، دائرة دموية كبيرة تحوطها جعلت أعين نور تذرف الدمعات تباعًا، ركضت لها و جلست جوارها فتلطّخت كامل ثيابها بالدماء لكنها لم تهتم، حاوطت وجهها تقول بـ صوت يرتجف و أعين محملقة بها من شـ.ـدة صدمتها لا تصدق:
- مـ .. ماما!! ماما إصحي، بُصيلي يا ماما أنا أسفة مكانش قصدي أقولك كدا!! ماما أرجوكِ بُصيلي متعمليش في بنتك كدا!! مش لازم تحبيني خلاص المهم إني بحبك .. يا ماما مينفعش تمشي وتسيبيني دلوقتي .. مينفعش إنتِ و بابا تسيبوني كدا!!!
وجدت من يحاول جذبها له يخرجها من تلك الدائرة لكنها صرخت به بإنهيار:
- سيبني يا فريد سيبني!!! 
ثم مالت على أمها تقبض على كفيها داخل باطن راحتيها تطبع شفتيها فوقهما ترجوها و دمعاتها إنهمرت فوق كفي أمها:
- ماما .. قومي يا حبيبتي متحرقيليش قلبي أكتر من كدا!!!
نظرت حولها فلم تجد أحد لتصرخ بـ عنفٍ:
- مين عمل كدا!!! مين اللي خبطها!!!
سمعت حارس ڤيلا فريد خلفُه يقول بأسف:
- خبطها و هرب يا مدام!!!
- آآآآه!!!!
تآوهت من فرط ألمها و ضمت رأس أمها لصدرها، لتجد هو جالس على عاقبيه خلفها يضم بدوره رأسها لصدرُه، بكت بحُرقة تصرُخ بـ عنفِ شاعرة بأورظة قلبها تتمزّق:
- مـــامـــا!!!!!!
• • • • • • 
واقفة أمام ذلك التابوت الذي يأوي بداخله جثتها، تحاوط نفسها بذراعيها و جوارها يقفن العديد من السيدات، الدمعات تنهمر على وجنتيها فتؤلم عيناها .. تُغمضها تارة و تفتحها تارةً على كابوسٍ بشع متجسدًا أمامها، ترى زوجها و رجال آخرين يفحرون في الأرض حفرةٍ مستطيلة لكي تسع جسدها، بالكاد تصلب طولها و هي تراهم يفتحون التابوت، يأخذونها بالملاءة البيضاء التي تخفي جسدها و وجهها، شهقاتٍ باكية كتمتها و هي تضع أناملها فوق شفتيها و كامل جسدها يرتجف، عيناها الحمراء باتت كـ غاباتٍ تحترق من شـ.ـدة إحمرارها، تشعر بالتربيت على كتفها من بعض السيدات لكن تقسم أنها حتى لا تشعر بيدهم .. يبدو و كأن جسدها قد تخدّر كـ تخدُّر عقلها تمامًا، وضعها و في قبرها و أزاحوا التراب عليها فـ أشاحت بعيناها تغمضها لا تستطيع أن ترى هذا المنظر، أبعدت عنها الواقفين جوارها و ركضت على شقة أمها، تعلّقت عيناه بها مُتأثرًا بحالتها و لكنه أكمل ما كان يفعلُه، دلفت هي للشقة تنظر لها و لخوائها بإنفطارٍ، هُنا كانت تصرخ عليها أمها، و هنا من المرات القليلة التي إبتسمت لها، هُنا عانقتها نور غصبًا وسط تأففاتها، إنهارت نور أرضًا تشعر بفراغ في قلبها يتوسع حتى يملأ روحها، ضـ.ـر.بت الأرض بكفيها و قد تعالى صوت بُكائها من فرط ألمها، ظلت هكذا لأكثر من ساعتان، تبكي دون توقف حتى شعرت بصوتها لا يخرج و بالصداع يفتك رأسها بلا رحمةٍ، أنفاسها بالكاد تلتقطها و شحوب وجهها لا يُحتمل، حتى سمعت خطوات تعلم من يخطوها عن ظهر قلب فـ إلتفتت له، جزع قلبُه عنـ.ـد.ما رآها بتلك الحالة. أغلق باب الشقة التي تركتها مفتوحة، و دنى منها جالسًا على الأرضية أمامها، مكوبًا وجهها بين راحتيه، عيناه إمتلئت شفقة و هو يزيل تلك الدمعات من فوق وجنتيها بـ إبهاميه، تمسكت بكفيه تقول بصوت خافت مُتقطع تخرج بين الفينة و الأخرى منه شهقةٌ:
- مـ .. مـ.ـا.تت يا .. فريد!!!
تابعت و عيناه تنظر لها بحُزنٍ على حزنها:
- أنا ماليش حد دلوقتي!!
- و أنا؟ أنا يا روح فريد؟
قالها بحنان و إبهاميه يسيرا على وجنتيها برفقٍ، أغمضت عيناها و شهقت ببكاءٍ قائلة بإنهيار:
- إنت لو زعلتني أنا .. أنا هفضل مستحملة عشان مبقاش ليا حد!!
إبتسم يقول بحنو:
- يا غـ.ـبـ.ـية .. أنا لو كنت هزعلك .. فـ دلوقتي عُمري ما هزعلك للسبب ده
- أنا قلبي واجعني أوي يا فريد!!!
قالتها تُميل للأمام رأسها إقتربت من معدته فـ تنهد يشعر بثقل على قلبُه، يأخذها بأحضانه يضم رأسها لصدرها بأقوى ما لديه ويداه تربت على خصلاتها تارةً و تتغلغل بها تارةً أخرى، ظلت بأحضانه تبكي حتى غلبها الإرهاق، فـ همست له بخفوتٍ:
- تعبانة .. أوي!!!
تنهد و وضع ذراعه خلف ركبتيها و الأخر أسفل ظهرها ثم حملها لينهض بها بتوازن، يسير إلى غرفة عشوائية لا يعلم لمن، لكنها كانت لها، وضعها على الفراش و مسح على خُصلاتها يميل بجزعه العلوي عليها، ينظر لجفنيها المتهدلان من شـ.ـدة البكاء، و إلى مُعذبته التي ترتعش أسفل أنفها المتورد، تنهد و طبع قبلة فوق كفها البـ.ـارد، ثم إعتدل في وقفته و هم بترك كفها لكنها شـ.ـددت عليه تقول بـ جزعٍ:
- هتروح فين؟
شـ.ـدد هو الآخر على كفها يقول برفق:
- إهدي يا حبيبتي .. هروح أعمل أوردر غدا .. إنتِ مكلتيش حاجه من إمبـ.ـارح!!
نفت برأسها فورًا تقول متعلقة بيدُه:
- لاء لاء .. أنا مش جعانة خليك .. خليك جنبي، متسيبنيش زي ما هُما سابوني!!
علِم أنها قد وصلت لأعلى مراحل الحُزن و التوجس، فـ جلس جوارها، يمسح على خصلاتها و فوق وجهها، يُطمئنها بكلمـ.ـا.ته الحنونة:
- أنا جنبك .. و لو الدنيا كلها سابتك أنا هفضل جنبك!!
أخذت كفُه بين كفيها تضمه لصدرها لتتأكد أنه لن يذهب، تلتفت على جانبها محتبسة يده في زنزانة قبضتيها تغمض عيناها تحاول كل المحاولات أن تنام، ظل جوارها لا يمل من التربيت على خصلاتها حتى نامت نومًا عميقًا، حرر كفه من راحتيها و نهض ليُحدِث أحد المطاعم المشهورة يخبرهم بـ طلبية الطعام التي يريدها و أملاهم العنوان، ظل جالسًا في بهو الشقة يستند برأسه للخلف يفكر بها، يتمنى لو بإستطاعته إخراج ذلك الكم من الوجع و دفنه بصدره هو، دق باب المنزل فنهض فورًا يفتح لهم قبل أن تستفيق، حاسبهم و أخذ الطعام ثم وضعه في الثلاجة، عاد لها و نزع عن جسده قميصه ثم أغلق الأنوار و إستلقى جوارها، جذبها بحذرٍ لتنام بحـ.ـضـ.ـنه لكي يستطيع أن ينام هو الآخر، و نام بالفعل بعد دقائق، ليستفيق على صوت صراخها الذي صدح بالغرفة بأكملها و أنفاسها اللاهثة و هي جالسة على الفراش، نهض مفزوعًا يظن أن مكروهًا قد أصابها، ليجدها جالسة تدفن وجهها في كفيها تبكي بإنهيار، نهض مسرعًا جوارها يلفها له قائلًا و القلق قد تجسد بصوته:
- في إيه؟!!!
أبعد كفيها عن وجهها برفق عنـ.ـد.ما لم تجيبه لينظر لجبينها المتعرق، و لأنفاسها المبعثرة و عيناها التي باتت تشبه الدماء في إحمراراها، فـ علم أنه كابوس مفجع، أغمض عيناخ و أطلق نفسًا مرتاحًا أنها بخير، لكنه فتح عيناها على بكائها فـ مسح حبات العرق من فوق جبينها يهدهدها هامسًا أمام شفتيها:
- ششش إهدي .. إهدي!! كان مُجرد كابوس يا حبيبتي إهدي!!
إرتمت في أحضانُه تغرق رأسها بصدرُه تبكي فقط دون أن تتحدث، مسح على ظهرها يستلقي و يأخذ كامل جسدها على صدرُه دون حتى أن يشعر بثقلها، فـ كل الثقل الآن جاثم على قلبه و هو يراها بذلك الأنهيار بينما هو عاجز كل العجز عن التصرُف، نامت فوق جسدها تدفن أنفها في عنقه، أنفاسها تضـ.ـر.ب رقبته فتجعلُه يضمها له أكثر، يتسائل كيف لهذا القدر من التكنولوچيا لازالوا لم يخترعوا تقنية أن تدفن جسد شخص في جسدك؟ أن تحويه بجوارحك و تضمه حتى لا يعود يفصل بينكما فاصل!! همسات من بين شفتيها أطلقها في محاولة لتهدأتها يغمغم:
- إنتِ في حُضني دلوقتي .. محدش يقدر يقربلك ولا يمس منك شعرة واحدة، أنا معاكِ يا حبيبي، و هفضل طول عمري معاكِ و فـ ضهرك
أغمضت عيناها بإستكانة، حاوطت عنقُه أسندت رأسها على كتفُه، حتى شعر بإنتظام أنفاسها و عودتها للنوم، ظل هكذا و لم يعدل نومتها، مستمتعًا بكون حتى الإنش ليس بينهما، حتى نام هو الآخر بعمقٍ!!
• • • • • • •
فُتحت عيناه، فـ لم يشعر بذلك الثقل الجميل على جسدُه لينظر حوله لم يجدها، إنتفض من الفراش يبحث عنها كالمـ.ـجـ.ـنو.ن، حتى سمع هدير المياه بالمرحاض فـ أخذ أنفاسٍ عميقة سُرعان ما عادت تُحبَس برئتيه عنـ.ـد.ما هُيَّأ له أنها لرُبما وقعت في المرحاض و أُغشي عليها، إندفع بلا هوادة يقتحم المرحاض عليها فوجدها تلُف المنشفة حول جسدها الذي إنتفض فورما رأت هجومه التتاري عليها، نظرت له بعيناها المتورمة، نظرت لصدرُه الذي يعلو ويهبط من قلقُه و الأفكار السوداوية التي إقتحمت عقله، نظرت لعيناه المتوجسة فأشفقت عليه و على نفسها، فهو لم ينم بسببها و بسبب إرهاقه في جنازة والدتها، إقتربت منه و حاوطت وجنتيه تقول بـ صوتٍ ناعم أذاب حصونه:
- مالك .. إنت كويس؟
أغمض عيناه و قرّب كفيها من شفتيه يُقبلهما ثم حاوط وجنتيها و خصلاتها المبللة يقول و عيناه تسير على وجهها:
- قلقت عليكِ .. إفتكرت حصلك حاجه هنا في الحمام!!
إبتسمت بحزنٍ أعاد له ألم قلبه، ثم قالت بـ هدوء أقلقُه:
- متقلقش يا فريد .. لسه مش هموت دلوقتي!!
صياحه بها نفض جسدها عنـ.ـد.ما هدر:
- مش عايز سيرة الموت دي تيجي على لسانك أبدًا .. فاهـمـة؟!!
إزدردت ريقها من عنفوانه، لتحاوط خصرها تحتضنه هامسه بحُزن:
- حاضر .. بس إهدى!!
أراحت رأسها على صدرُه فـ عانقها يستنشق تلك الرائحة النابعة من خصلاتها، تلك الرائحة التي تنبع من جسدها و تسكُره، تُخدر كامل حواسه فيشعر و كأن العالم لا يحوي سواهما، مال برأسُه يُقبل فكها فـ رفعت رأسها له قائلة بهدوء و أناملها تعبث بذقنه:
- عايزة أمشي من هنا .. البيت بيفكرني بحاجات وحشة أوي مش عايزة أفتكرها!!
إلتقط ذقنها بين إنمليه و قال بهمسٍ:
- عنيا .. يلا أدخلي إلبسي عشان نرجع بيتنا!!
أجلت حلقها ثم أعطته إبتسامة بسيطة و إبتعدت عنه تاركة إياه يقف و لازال القلق ينهش بقلبُه، فـ هو لن يطمئن سوى عنـ.ـد.ما تعود لقوتها و عنفها و ذلك اللسان الذي تمنى قطعُه من جذوره، إبتسم عنـ.ـد.ما تذكّر شخصيتها القديمة و التي كانت لا تتهاون في حقها أبدًا، خرج من المرحاض ثم وقف في الشرفة ينفث دخان سيجارته، إلتفت بعد دقائق على صوتها الهادئ الذي بدى و كأن الحياة ذهبت منه:
- أنا جاهزة!
نظر لوجهها المُنطفئ فـ تنهد ثم قال:
- يلا!
• • • • • 
عادا معًا، فور دلوفهما صعدت إلى جناحهما و ألقت بجسدها على الفراش نائمة على معدتها، خطٍ من الدمعات سال على وجنتها، شعرت بثقل فوق ضهرها فـ شهقت بصدمة عنـ.ـد.ما وجدته شبه نائم فوقها مُكبلًا ذراعيها خلفها يقول بشرٍ زائف:
- وقعتي يا حلوة ومحدش سمَّى عليكِ!!!
شعرت بإحراجٍ كبير من وضعها أسفلُه فـ ركت الهواء بقدميها صارخة به بخجلٍ:
- إنت بتعمل إيه يا فريد إبعد!!!
- ششش .. محدش هيعرف يشيلك من تحت إيدي النهاردة!!!
قال و هو يكبل ذراعيها للخلف بذراعيه، لا يود سوى أن يزيل أثار الحزن تلك التي سكنت مِحياها، مال يُقبل خلف أذنها بعشقٍ، ثم رقبتها لترتجف الأخيرة تقول بتـ.ـو.تر طغى على صوتها:
- إبعد يا فريد متهزرش!!!
و بحركةٍ مُفاجئة لفّها له محاصرًا كفيها جوار رأسها فـ ضحكت من أفعالُه تقول:
- إنت ليه واخد دور المُغتصب كدا!!!
إبتسم على ضحكتها و قرّب وجهه من وجهها هامسًا بـ هيام:
- أنا واخد دور العاشق .. المفتون بالضحكة دي، أنا مستعد أعمل أي حاجه .. عشان بس أشوف ضحكتك!!
نظر له بتأثر، ثم حاوطت وجنتبه هامسة بإبتسامة حنونة:
- بتحبني أوي كدا؟
- بعشقك!!
قالها فورًا دون أن يتردد، فـ تنهدت بحُب و عانقت رأسُه محاوطة رقبته، تحمد الله على وجوده بحياتها، فـ لولاها لكانت إنهارت وذهبت دون رجعة، إبتعد عنها بعد قليل ثم قال بحدة مُصطنعة:
- هتفضلي نايمالي على ضهرك كدا!! لاء قومي و فوّقي معايا!!!
 إبتسمت قائلة بهدوءٍ:
- هقوم أعمل إيه؟
حملها غفلةً فـ شهقت مُتمسكة بـ عنقه قائلة برعـ.ـب:
- بتعمل إيه يا فريد!!!!
سار بها إلى أسفل و هي تصرخ بـ خضة، تجمعن الخادمـ.ـا.ت على صوتها فـ قال لهم فريد بضيق:
- إرجعوا على شغلكوا واقفين هنا تعملوا إيه!!!
دلفوا فورًا بخوف منه، بينما هتفت نور بضيق:
- أنا عايزه أفهم إنت بتعمل إيه!!!
- هفوّقك!
قالها و الخبث يتطاير من عيناه، شهقت و هي تجده يخرج من الڤيلا بأكملها إلى الحديقة، واقفًا أمام المسبح، تشبثت بعنقه قائلة برعـ.ـب:
- لاء إوعى، أنا ممكن أموت فيها دي!
إنقبضت ملامحه فقال بضيق:
- بعد الشر!!!
عاد لمِحياه الماكرة و أبعدها قليلًا عن صدره لكي يستكيع إلقائها في المسبح لكنها أخذ تتشبث في قميصه بكل قوتها ترجوه بصوتها العالٍ:
- بالله عليك لاء!!!
ظلت تتمسك بقميصه و بجسده فقال بهمسٍ خبيث:
- هاجي أقف كل يوم هنا عشان تفضلي ماسكة فيا كدا!!!
قالت مُرتعبة تهز برأسها تتمسك بعنقه:
- همسك فيك من غير حاجه بس إستهدى بالله و متعملش كدا!!!
- تؤتؤ!!
قالها يعيد رأسه للخلف و كأنه يخبرها أنه لن يتنازل عن فعلها، فـ يأست تُعيد هي الأخرى برأسها للخلف تقول بحزنٍ:
- يا حبيبي عشان خاطري!!!
- قولي يا حبيبي تاني كدا؟
هتف بخبثٍ غامزًا بعيناه، فـ قالت بلهفة:
- حبيبي!!! نزلني بقى!!
- لاء متمزجتش .. مش طالعة بإحساس كدا!!
قالها بضيقٍ زائف ثم و من دون مقدمـ.ـا.ت  ألقاها في المسبح، تعالت صرخاتها و هي تحاول أن تنجو بنفسها رافعة ذراعيها لأعلى، إبتسم و أخذ يحرر أزرار القميص على عجالةٍ ثم قفز لها، و مسرعًا إلتقط خصرها يرفع جسده له، و بـ شق الأنفس أخذت تحاول إلتقاط أنفاسها المبعثرة، إبتسم يعيد خصلاتها المبللة للخلف يُميل مُثبلات خدها الذي تناثرت فوقه القطرات، حاوطت عنقه تتنفس بالكاد، حتى تداركت الأمر فـ إحمرّ وجهها و بعنفٍ ضـ.ـر.بته على صدره بكفيها صارخة بوجهه بأنفاس لاهثة:
- قولتلك مش بعرف أعوم يا فريد!!!
تركها تفعل ما تشاء حتى شعر بعودة أنفاسها فـ مال عليها جاعلًا من شفتيها بأحضان شفتيه فإمتزج عسل شفتيها بقطرات المياه البـ.ـاردة، حاولت إبعاد في البداية لكن و بطريقته جعلها تستسلم للمساتُه دون أن تعارضه .. إبتعد بعد قليل فـ ظلت مغمضة عيناها تشعر بخزى إستسلامها له، تضاعف ضيقها و حزنها و قد أدركت كم تأثيرُه عليها، فـ نظر له تبعده من صدره بحدةٍ لكن شهقت عنـ.ـد.ما وجدت نفسها تسحب للأسفل داخل ذلك المسبح العميق، شهقت و عادت تتشبث في عنقه فحاوط خصرها مبتسمًا هامسًا و قد قبض على ذقنها بين أنامله:
- ملكيش مكان .. إلا في حـ.ـضـ.ـني!!!
أمسكت بـ شريطٍ به حباتٍ صغيرة صفراء، أفرغت واحدة بـ كفها الذي يرتعش ثم نظرت له بـ ألمٍ تغلغل لأعماقها، لـ تُقرر رميُه بجوفها بعد ثوانٍ معدودة، أغمضت عيناها تجلس على الفراش بعدما أخبئت الشريط في أحد أدراج الكومود، ضمت كفيها معًا ومالت للأمام تكتم شهقاتها الباكية، لكن جسدها إنتفض عنـ.ـد.ما وجدتُه يدلف للغُرفة فـ رفعت رأسها له فوجدت عيناه قلِقة و كأنها تفُر من مِحجريه و تركض عليها،  وجدته يميل عليها رافعًا رأسها له هاتفًا بقلقٍ:
- مالك يا حبيبتي؟
نهضت واقفة أمامه بحزنٍ، ليتها تخبره عن الصراعات التي تدور بخلدها، و تُعلمه بجراحها علُّه يضمدُه، لكن الخوف كل الخوف أن ينبش بذلك الجرح، فـ يجعله ينزف مجددًا بعدما كان أوشك أن يلتئم، طالعت عيناه و لم تجد من جسدها سوى أنه ينكمش بأحضانُه، و كفيها يحاوطا ظهرُه كطفلةٍ صغيرةٍ تتمسك بأبيها، شعرت به يمسح فوق خصلاتها المفرودة يهمس بأذنيها بعدما قبّل شعرها:
- في إيه؟
أغمضت عيناها تبحث بذهنها عن كذبة تخبره بها، فـ قالت بـ أحرفٍ تهتز و تتقطّع:
- ماما واحشاني يا فريد!!!
سمعت تنهيدتُه ثم مواساتها بالكلام عنـ.ـد.ما قال:
- الله يرحمها، إدعيلها!
إبتعدت عنه ثم عبثت بـ تلابيب قميصُه تقول بحزنٍ:
- فريد أنا محتاجاك أوي!!
نظر إليها و لوهلةٍ لم يفهم مقصدها، كيف تكون بحاجته و هو دمٍ و لحمٍ أمامها و تتوسط ذراعيه، حتى فهمما تُعني فـ رحّب ترحيبًا حارًا، و قبل أن يقبل عليها يَروي ظمأ روحه من شفتيها و يُشبع قلبه بـ مقاربتها قال  بحنان:
- صدقيني أنا اللي عايزك .. بس أنا مكُنتش حابب أضغط عليكٍ
رفعت أناملها الرقيقة تتلمس وجهه هامسة:
- عُمرك ما هتكون سبب في ضغطي، إنت الوحيد اللي بتقدر تخفف أي حاجه وحشة عني!!
• • • • • •
تستلقي على الفراش .. بل على صدرُه، عيناها شاردة أمامها لا تعلم أهي مُحقة فيما تفعل أم لا .. كيف ستكون محقة و هي التي بـ كُل قسوةٍ تمنعه من حق الأبوة؟ كلمـ.ـا.ته التي ألقاها الآن على مسامعها جعلتها تنتفض ظنًا منه أنه يقرأ أفكارها:
- لو جيبنا بنت .. عايزها تطلع شبهك، عشان يبقى عندي نُسخة منك على صغير!!!
إرتعش كامل بدنها، حتى رفعت عيناها تنظر له بإبتسامة ظهر الحُزن بها، ثم همست بخفوت:
- بس أنا .. مش عايزه أخلف!!!
إستغرب جملتها لينظر لها للحزات ثم قال بأعين غامت بضيق:
- ليه؟!
نهض تلُف الغطاء حول صدرها تجلس على ركبتيها أمامه قائلة بهدوء:
- حاسة إني مش مستقرة نفسيًا .. و لو جبت طفل دلوقتي هظلمُه معايا!!!
- طيب بلاش تفكيرك الأهبل ده!!
قالها بضيقٍ حقيقي من كلمـ.ـا.تها، فـ بينما هو يتوق للحظة التي سيحمل بها وليدُه منها، تخبرُه هي أنها لا تريد تلك اللحظة، عنـ.ـد.ما وجدها صمتت ظنها حزنت من كلمـ.ـا.ته، فـ أقبل عليها بصدرُه العريض يُبعد خصلاتها يواريهم خلف أذنيها هامسًا بحُب:
- لسه صُغيرة .. و مش فاهمة إحساس إنك تبقي أم .. فيه كتير يتمنوا يعيشوا الإحساس ده و إنتِ مش عايزاه؟
نظرت له و الدمـ.ـو.ع لمعت في عيناها و لم تجيبُه، فـ تسلل القلق لعيناه يقول و عيناه تتشرب ملامحها:
- إنتِ فيكِ حاجه مش مظبوطة يا نور!!
ألقت بنفسها بين أحضانه تشهق ببكاءٍ عنيف و جسدها يرتجف بين ذراعيه، حاول تهدأتها و قلبه جزع عليها، بمسح فوق جسدها و خصلاتها يهمس بحنوٍ:
- بس يا حبيبتي .. ششش بس إهدي!!!
خفّ بكائها أثر لمساته و كلمـ.ـا.ته و لم يتبقى سوى شهقاتٍ خفيفةٍ تلَت بكائها، ضمها له أكثر قائلًا:
- قوليلي إيه اللي مزعلك أوي كدا؟
رفعت رأسها له .. أتخبرُه؟ هل سيتفهّم شعورها؟ نفت برأسها مغمضة عيناها تستند بأذنها محل قلبه فوق صدره الصلب تهمس لذاتها بأنه لن يفعل، تنهد و لم يشأ الضغط عليها، فـ تركها نائمة بأحضانه و كفُه يبعد ذلك الغطاء الأحمق عن ظهرها الناعم ليتحسسه بلمساتٍ جعلتها تغفو بإرتخاءٍ!!!
• • • • • 
كانت جالسة أمام المسبح تغطس قدميها بـ ميائه الدافئة، شاردة أمامها تنتظر قدومُه من شركتُه لتخبرُه بكل شيء، فهي قد إتخذت قرارها أن تزيح تلك الأنانية جانبًا و تشاركه القرار، و إن لم يقتنع ستمتنع عن أخذ تلك العقاقير لإرضاؤه فقط، فهو لا يستحق منها ذلك الفعل أبدًا، علت إبتسامة مشرقة وجهها عنـ.ـد.ما سمعت صوت مكابح سيارته، فنهضت فورًا تُنزل أطراق بنطالها على ساقيها، وجدته يدلف بالسيارة إلى الحديقة فـ ركضت له تفتح هي الباب، ترجل من السيارة بإبتسامة عند رؤيتها و نزع عن عيناه تلك النظارة فأسرعت تحاوط عنقه قائلة بإبتسامة أسفرت عن إبتسامة ثانية تعلو شفتيه هو:
- وحـ.ـشـ.ـتني أوي، حاسة إني مش هقدر أتحمل بُعدك تاني و هروح الشغل معاك بجد!!!
ضمها له يحاوط خصرها قائلًا بعشق:
- و إنتِ حشـ.ـتـ.ـيني و  أوي أوي!!!
إبتسمت ثم إبتعدت عنه ليحاوط وجنتيها بكفيه قائلًا:
- كنتِ بتعملي إيه!!!
أشارت بإصبعها ببراءة قائلة:
- كنت قاعدة قُدام البسين شوية!!!
أمسك بذلك الإنمل الصغير و قبلُه قائلًا بحُب:
- تصدقي فكرة، أنا هطلع أغيّر هدومي عشان ننزل شوية!!!
- إتفقنا!!
قالتها بحماسٍ مُتناسية تمامًا أمر إخبـ.ـارُه، قبّل جفنها الأيمن و تركها صاعدًا لجناحهما، جلست هي أمام المسبح تنتظر نزوله حتى تتشبث به و تسبح معه، فـ هو إن تركها .. تغرق! 
ظلت جالسة تعبث بالمياه بيدها بفرحةٍ، حتى سمعت خطواته خلفها فإلتفتت له تواري الشمس عن عيناها واضعة كفها على جبينها، وجدته واثب أمامها و مِحياه تخلو من أي تعبير .. إنقبض قلبها فـ نهضت واقفة أمامه و همّت بالحديث لولا كفه الذي إرتفع بالشريط بجانب وجهه يقول بهدوءٍ زاد من قلقها:
- إيه .. ده؟
أغمضت عيناها تُطبق عليها بقوة، حتى إنهالت الدمـ.ـو.ع منهما لتعود تفتحها فتجد عيناه تشتعل بإحمرارٍ أرعـ.ـب فرائصها، حاولت التحدُث فـ لا مفر من المواجهة:
- ده شريط حبوب منع حمل!!!
- ليه؟!!
لم يقُل سواها، و كأنه يسألها ماذا فعلتُ لكِ حتى تفعلي بقلبي هذا! صمتت .. و طال صمتها حتى عادت للخلف أثى هدرُه بوجهها:
- رُدي عـــليـــا!!!!!
أجهشت بالبكاء تعود للخلف فـ لاحظ إقتراب قدمها من حافة المسبح، مدّ كفُه وأمسك بعضدها يجذبها لصدرُه بعنف شـ.ـديد، شهقت برعـ.ـب ظنًا منها أنه سيصفعها، لكنه لم يفعل بل سار بها غارزًا أنامله و أظافره بذراعها الغضَّ، تآوهت بألم أثر قبضته تحاول مجاراة خطواته لاسيما عنـ.ـد.ما كان يصعد بها الدرج بـ درجتان فـ سقطت إرضًا يرتطم جسدها بالدرج تتنفس بصعوبة، لم يرحم إمهيارها بل جذبها بقسوةٌ لتنهض بالفعل و سار بها مجددًا، فتحت باب الجناح و من ثم الغرفة و دفعها بعنفٍ فـ سقطت أرضًا تبكي بحُرقة تفرُك أعلى ذراعها الذي وُصِم بعلامـ.ـا.ت كفُه و أظافر أنامله، رفعت عيناها له فوجدته يستند على المزينة يميل عليها مغمضًا عيناه أنفاسه شـ.ـديدة العلو، صُدمت عنـ.ـد.ما وجدته يضـ.ـر.ب عدة مرات فوق المزينة و أزاح كل ما كان عليها صارخًا بألم كالطائر الجريح، عادت للخلف بخوف من هيجانُه الثوري حتى إلتصقت بمقدمة الفراش، أطبقت فوق أذنيها و الرعـ.ـب ملأ قلبها مُتيقنة بأن فورما لا يجد شيء آخر يحطمه سيأتي و يحطم ضلوعها كما كانت تفعل أمها، بكت فـ الأصعب من الضـ.ـر.ب هو إنتظاره، فتحت عيناها بعدما وجدت ذلك الهدوء يطغى على الأجواء فوجدته يقف يوليها ظهره، سقطت عيناها على كفُه الأيسر الذي بات ينزف من أثر الزجاج المتهشم، شهقت و تناست خوفها و هي تنهض تركض له تقف أمام بركان دون أن تخشى إنصهار جلدها، أمسكت بكفُه تقول والدمعات تسقط من عيناها:
- فريد .. إيدك!!!
نفض كفه من بين راحتيها فـ نظر له بألمٍ، تنظر لخصلاته التي تبعثرت و عيناه الجحيمية و ذلك الصدر الصلب الذي يعلو و يهبط أمام أنظارها، ظل واقفًا أمامها ينظر لها بينما هي تتهرب النظر لعيناه بخزيٍ، حتى وجدته يسير من أمامها متجهًا إلى باب الغرفة، أسرعت تقف أمام الباب واضعة ذراعيها عليه لكي لا يخرج:
- إنت رايح فين!!! لاء مش هتمشي من هنا!!!
- إبعدي أحسنلك .. أنا مش شايف قُدامي!!!
قالها مغمضًا عيناه يتحكم بأعصابه، فإنهارت أمامه تقول برجاءٍ:
- متمشيش و حياة أغلى حاجه عندك، إضـ.ـر.بني و إقـ.ـتـ.ـلني بس متمشيش!!!!
- إوعي .. من ..  قُدامي!!!
قالها ببطءٍ يجز فوق أسنانه، فـ نفت برأسها تقول متوسلة حنانه الذي إختفى و تبخّر:
- فريد .. متعملش فيا كدا!!!
قبص فوق ذراعيها فـ إنكمشت بخوف منه، ليبعدها بقسوة من أمامه فـ سقطت أرضًا و إرتطم ظهرها بذلك المقعد الذي كان أمام المزينة، تآوهت بألم لكن لم يسمعها و غادر الغرفة، تحامت على ألمها و نهضت تسير ببطئ خلفُه واضعة كفها فوق مكان الألم الذي تقسم أنه سيخرج روحها من جسدها، خرجت من الغرفة تناديه بضعفٍ لكنه كان الأسرع حتى أنه خرج من الڤيلا بأكملها و هي لازالت تنزل الدرج، جلست على درجة من درجاته تبكي من قلبها، تبكي و تبكي حتى أراحت رأسها على جانب الدرج و لم تشعر بعدها سوى بـ صيحات الخادمـ.ـا.ت عليها من خوفهم، بينما هي قد أُبتلعت في موجة سوداء لن تستفيق منها!!
• • • •
ثلاثة أيام .. إثنان وسبعون ساعة دون أن تلمح حتى طيفُه، و دون أن تنهض من فراشها، دون أن تأكل سوى القليل حدًا و الذي بالكاد يجعلها تصمُد، تلك الكدمة التي أخذت حيز لا بأس به بظهرها كانت تضاهي كدمـ.ـا.ت قلبها، تغمض عيناها فـ لا ترى وجهه و لا تشتّم راحته فـ تعود لتنام مرة أخرى هاربة من واقعٍ يخلو منه، فـ تتمنى أن تحلم به و لكن لا يحدث، و كأنه يعاقبها في صحوتها و نومها، و في اليوم الثالث بعد مُنتصف الليل .. داعبت أنفها رائحته فـ فُزعت و نهضت، و بالفعل وجدته يقف في الشرفة مستندًا على سورها، ظنته خيال و إن كان .. نهضت تتبعُه تناديه و قد تشكل الألم على هيئة حروف فخرج منها:
- فـ .. فريد!! آآه!!
تآوهت عنـ.ـد.ما نهضت فجأة فإشتد الألم بظهرها، لم يوقفها الألم لتنهض تسير دانية منه، وقفت خلفُه و همست بإشتياق بلغ حدُه معها:
- فريد!!!
لم يلتفت لها، فـ إزدردت ريقها و مدت كفها تميد على ظهره العضلي بحنان تؤكد لنفسها بأنه ليس بسرابٍ، تعالت أنفاسها تحارب شهقات دمعاتها، لكن خرجت فـ قالت بصوتٍ ينفطر له القلوب:
- فريد أنا أسفة .. متعاقبنيش ببُعدك!!!
- إنت مش عايز تبُصلي يعني؟
قالت و شهقات بكائها تخرج واحدة تلو الأخرى، فأغمض عيناه، و لم يلتفت ضاغطًا بكل قسوة على الجرح الذي يـ.ـؤ.لمها، فـ يسمعها تقول بكل وجعٍ:
- يعني كرهتني؟
إختنق صوتها بالبكاء و هي تغمغم:
- بعدت عني كُل ده .. طيب مكُنتش خايف يجرالي حاجة!!
لازال الصمت هو من يجيبها، فـ أمسكت بذراعه برفقٍ تلفُه لها فوجدت ملامحه التي رغم خوائها إشتاقت لها، بكت من قلبها تحاوط وجنتيه تقول وسط شهقاتها كطفلٍ قضى ليلُه يبكي بحُرقة:
- وحـ.ـشـ.ـتني أوي!!!
لم ترى تأثر بعيناه، فـ أسبلت مقلتيها بحُزن لترى كفه الذي إلتفّ فوق شاش أبيض، جزعت عليه تحاوط بكفيها تقول بقلقٍ:
- لسه بتوجعك؟
 أيضًا لم يُجيبها، فـ ترجته قائلة:
- إتكلم .. قول أي حاجة! مستكتر عليا صوتك؟!!!
- عايز أطلّقك!!!
قالها بكل برودٍ صدمها، بل وجعلها تترك كفه الذي كان بين يداها، تنظر له محملقةً و التعابير إنمحت بـ ممحاة من فوق وجهه، لم تقُل شيء، لازال لسانها المسكن منعقدًا لا يقوى على نطق حرفٍ، فقط عيناها من تُذرف الدمع على عشقٍ يُختم بالنهاية الآن، شعرت بهوان كل شيء حولها، هوان ألم جسدها أثر كدمةٍ لم تزول .. هوان صداع يفتك بـ رأسها، هوان ألم تغلغل لـ معدتها فـ جعلها تزمجر بوجعٍ، هوان ألم خلايا جسدها بأكمل التي تأثرت بما يقول، و لم يتبقى سوى صوت دقات قلبٍ جريح يخفق بعنف صمّ أذنيها، إبتعدت عنه تعود للخلف و كأن ما قال كـ دفعةٍ من يداه لصدرها، و أخيرًا تحرر لسانها فـ همست و لازالت الصاعقة تحتل ملامحها:
- إنت بتقول إيه؟!!
قال بجمود يبتعد عنها دالفًا للغرفة:
- اللي سمعتيه!! مش هقدر أثق فيكِ تاني، و مينفعش أسيبك على ذمتي و أنا مش واثق فيكِ!!
إلتفتت له تسير ببطء هي الأخرى لـ داخل الغرفة، تنظر له ظنًا منه أنه لربما يمزح .. أو هي في كابوسٍ لعين ستستفيق منه بعد لحظات، لكن صوته و هو يتابع بصوته القاسي كان كالصفعة على وجنتها:
- على فكرة أنا مش باخد رأيك .. أنا بس بعرّفك عشان متتفاجئيش لما تلاقي ورقة طـ.ـلا.قك قدامك!!!
إرتجف بدنها و هو يكرر ذات الكلمة أمامها مرة أخرى لا يراعي الإرتعاش الذي يسير بجشـ.ـدها كمن ضـ.ـر.بتها صاعقة كهربية، إقتربت منه تنظر له هامسة بصوتٍ به غصّة:
- عايز تطلقني؟ يعني هيهون عليك تسيبني عادي؟
كان ترجوه بأسئلة تزيد من ألمها أكثر أن ينفي ما تقول، ترجوه أن ينطق فقط أنه لن يفرط بها، و أنها ستبقى مقترنة بإسمه إلى الأبد لكنها وجدت صمت تام حرق روحها، فـ قالت بأنفاسٍ بالكاد تؤخذ:
- ليه كل ده؟ عشان إيه؟
نظر لها بـ برود قارس، ثم قال بـ قسوةٍ:
- هسيبك إزاي على ذمتي بعد ما خُنتي ثقتي فيكِ و خدتي برشام عشان متـ.ـخـ.ـلفيش مني!!
قالت بـ بُطء:
- قولتلك .. نفسيتي كانت مش مستقرة بعد وفاة أمي، ليه .. ليه مراعِتش ده؟!
صوته تعالى و صرخ بوجهها:
- لاء راعيت!!! بس مش لدرجة إنك تمنعيني أبقى أب عشان أمك اللي أصلًا متستاهلش اللي إنتِ عاملاه ده كلُه!!!
عادت للخلف تستند على الفراش، لتجلس عليه و قدميه باتا لا يحملاها، لم تقُل شيء، لم تقوى على الحديث و هي تكاد تقسم أن نبضات قلبها على وشك أن تتوقف، للحظاتٍ تخيّلت أن تعيش بدونه فـ لم تستطع، أغمضت عيناها تبكي بصمت دون أن تصدر صوت، فـ نظر هو لها، نظر لجسدها الهزيل فهي بالتأكيد لا تأكل، نظر لـ كفها الذي يرتجف و هو مستند تلى الفراش، نظر لشحوب وجهها و لعيناها المُطبقة، و شفتيها اللواتي همسا:
- لو دي رغبتك فـ أنا طبعًا مش هقدر أمنعك، و لا هقدر أخليك معايا و إنت مش عايز!!!
تأمل كلمـ.ـا.تها للحظات، ثم قال بهدوء:
- كويس .. يبقى إتفقنا!
فتحت عيناها و مسحت دمعاتها ترفع عيناها له تقول بإبتسامة لا حياة بها:
- بكرة الصبح نروح لأقرب مأذون! 
- من غير ما تقولي!!
قالها ساخرًا، فـ إبتلعت غصة كانت بحلقها بمرارةٍ، ليتابع و هو يتجه للمرحاض:
- حقوقك كلها هتبقى عندك و زيادة!
دلف و أغلق الباب خلفه فـ ضحكت بمرارة، تعيد غرتها خلف أذنها برجفةٍ، تنهض واقفة أمام مرآتها، تبتسم بـ حزن و هي تتأمل ملامحها التي بُهتت، نظرت للكنزة التي ترتديها و أسفلها بنطال يصل لما بعد ركبتيها، فـ رفعت طرف الكنزة و إلتفتت تنظر لجانب خصرها مصدومة من حجم الكدمة الذي يكبر يومًا بعد يوم، وضعت أناملها عليها بخفةٍ فـ أطلقت آهٍ مُتألمة فورما لمستها فقط، تساقطت دمعاتها تنظر لزُرقتها تتذكر ذلك اليوم المشئوم، حتى وجدته يخرج من المرحاض فـ أسرعت تنزل كنزتها، لمح هو ذلك الإزرقاق الذي أخذ حيز من جانب خصرها و ظهرها، قطّب حاجبيه بإستغرابٍ ثم دنى منها يقول:
- إيه الزرقان ده؟!
أسرعت تقول بـ تـ.ـو.تر:
- ولا حاجه!!
- مبتشبعيش كدب؟!!!
قالها بحدةٍ فـ صمتت تبتلع باقي الكلمـ.ـا.ت بجوفها من إتهامه لها، وجدته يقربها منه ممسكًا بذراعها يرفع تلك الكنزة عن خصرها فـ توسعت عيناه عنـ.ـد.ما وجد تلك الكدمة التي لم تكُن بالصغيرة، رفع عيناه اامصدومة لها ليقول و هو يعود ينظر لخصرها المكدوم:
- من إيه دي؟
قالت بخفوت:
- يومها لما زقتني .. إتخبطت في كُرسي التسريحة!
تنهد بضيق من ذلك ذلك اليوم، هل دفعها بتلك القسوة؟ كيف لم ينتبه لها و لا لألمها؟ أنبه ضميرُه قليلًا على فعلتُه معها، ليقول بأمرٍ حاد:
- روحي أقعدي على السرير!!
- ليه؟ 
قالت بدهشة فـ هتف بنفس النبرة:
- من غير ليه!!
ذهبت تجرُّ قدميها لتجلس على الفراش، بحث في درج الكومود عن أكثر من مرهم و أخذهم، جلس خلفها و برفق دفعها لتنام على معدتها، فعلت بتوجسٍ تتمتم:
- هتعمل إيه!!
رفع كنزتها فـ إنتفض و همت بالنهوض صارخة بفزعٍ:
- لاء لاء متحطش عليها حاجه أنا .. أنا مش قادرة أحط صباعي حتى عليها!!!
وضع كفه فوق كتفها يقول بهدوء:
- متخافيش
نفت برأسها ترجوه بدمعاتٍ:
- لاء بالله عليك .. والله هتوجعني أوي!!!
لان قلبُه لها فـ قال برفق:
- هحطُه بالراحة .. متخافيش!!
تنهدت بيأسٍ من أن يتركها فـ صمتت، أفرغ هو القليل من چلٍ لزج فوق إنمليه، و من ثم برفقٍ شـ.ـديد فرد طبقة الچل فـ تآوهت بخفوتٍ تآوهات أذهبت بالباقي من عقله، أبعد أناملُه، ثم عاد يفعل المثل، عنـ.ـد.ما إمتص جلدها الچل أخذ الكريم و وضعه مباشرةً على الكدمة و فعل نفس الشيء، إرتخت قليلًا من تشنج جسدها أثر لمساتُه التي و للغرابة لا تؤلمها، لا تعلم لمَ أرادت أن تغمض عيناها لترى ماذا سيفعل، فعلت بالفعل و أغمضت عيناها تدّعي النوم، فـ لم يتغير شيء بالبداية، لكن عنـ.ـد.ما أنهى ما يفعل مسّد على خصلاتها بحنان أذاب قلبها، و مال يُقبل الكدمة قبلة تلي الأخرى، يسند جبينُه فوق ظهرها يوزع قبلات على كل ما ظهر منها، حتى مسح بإبهامه فوق كدمتها يهمس:
- كانت تتقطع إيدي قبل ما أزُقك!!!
أنزل الكنزة بالقوة يبتعد عنها، يتركها نائمة و يغلق الأنوار لينام جوارها، مدركًا أنها الليلة الأخيرة .. التي سينام بها .. جوارها، و التي سينام بها عامةً!! كانت هي لازالت مُستفيقة، و بالكاد تُسيطر على دمعاتها و إرتجاف جسدها، حتى نام .. نام دون أن يأخذها بين ذراعيه، نظرت له بعدما لفّت وجهها إليه فـ لم تجدُه سوى قد نام بعمقٍ، نامت هي الأخرى عاجزة أن تنام بأحضانه فيستيقظ فتُهزم بضعفها أمامه مجددًا، حتى كان آخر ما رأته .. وجهه!!
• • • • • • 
- المأذون جاي في الطريق!!
قالها بجمودٍ و هو يجلس على المقعد ينفث دخان لُفافة تبغ كانت في يدُه، تجلس هي أمامه على الفراش شاردة في اللاشيء، حتى إلتفتت له .. و سألته و شحوب وجهها يزداد:
- بتعمل فينا كدا ليه؟
قال بسُخرية مريرة:
- إنتِ اللي عملتي فينا كدا!
نهضت واقفة أمامه تُطالع ذلك الجمود المرتسم على وجهه، تقول بألمٍ:
- و إنت ما صدّقت صح؟ .. بذمتك إنت حبِتني؟!!
نهض واقفًا أمامها صارخًا بوجهها:
- أنا مش بس حبيتك!!! ده أنا كنت بحب التراب اللي رجلك بتمشي عليه يا ست هانم!!
إرتعشت شفتيها تدمدم بخفوتٍ:
- و دلوقتي؟
زاغت عيناه من سؤالٍ لا يود الإجابة عليه، فإن صدَق قولُه سيظهر أمامها ضعيفًا لا قيمة له، و إن كذب سيخسرها للأبد و يفوز بكرامته، أغمض عيناه يتهرب من الإجابة فـ وجدها تقترب منه، أنفاسها الحارة تضـ.ـر.ب بوجهه فـ يتنفس أنفاسها، تتمسك بـ تلابيب قميصُه هامسة بحُزنٍ:
- بُصلي .. قولّي إنك مبقتش تحبني!!!
فتح عيناه و نظر لها بنفس النظرات الجـ.ـا.مدة دون أن يجيبها، فـ لم تستسلم لنظراته التي رغم برودها .. تحرقها، رفعت كفيها لوجهه تتلمس وجنتيه المغطاه بذقن غير حليقة، تقف على أطراف أصابعهت و تهمس أمام شفتيه بصوتٍ أفلت من يدُه زمام الأمور:
- يلا .. قول إنك مبتحبش نور .. و مبتعشقش .. نور!
- إبعدي!
قالها في محاولةٍ منه ألا يستسلم لـ سحر إغوائها، لكن دعست هي على كرامتها بعد كلمةٍ لو كانت في موقف عادٍ لأبتعدت عنه كيلومترات، و لكنها على شفا أن تتركه و يتركها إلى الأبد و هذا الذي لا توَّده أبدًا!، تجرأت فـ إقتربت أكثر، وطبعت شفتيها فوق شفتيه بقلة خبرة منها جعلته أكثر جنونًا، إنتظرت لحظاتٍ حتى بادلها بل و سار بشفتيه على كامل وجهها و كأنه يشبع منها و لكنه لا يشبع، حتى إبتعد بعد دقائق و قد هُزم منها، يوليها ظهرها و يضـ.ـر.ب بكفيه باب الشرفة فـ إبتسمت هي على نيرانه المُشتعلة بفِعلتها، إبتسمت بإنتشاءٍ غمر روحها عنـ.ـد.ما تيقنت أنه لازال و سيظل عاشقًا .. متيمًا بها!! فـ قالت والثقة إرتفعت لعنان السماء بـ تأثيرها عليه:
- أنا بس بثبتلك إنك بتعشقني .. و إني هفضل محفورة في قلبك و عقلك للأبد، و حتى لو إطلّقنا .. هتفضل تحبني لآخر نفس فيك!!!
لم يقُل شيء، فـ تحركت تقف أمامه بلهفةٍ تقول بعشقٍ:
- و أنا كمان يا فريد .. أنا مش بعاند فيك .. أنا بموت فيك!!!
أغمض عيناه يزمجر بحدةٍ فـ إبتسمت تقول بحُب:
- بلاش تعند إنت كمان .. لا إنت تقدرتعيش من غيري و لا أنا أقدر أعيش في حياة إنت مش فيها!!!
لم يتحمل و إنقض على كتفيها يحاوطهمها يهزُزها بقوةٍ هادرًا:
- كل اللي عملتيه ده ميثبتش إني لسه بحبك .. اللي حصل ده طبيعي من راجـ.ـل لـ ست حلوة بتعرض نفسها عليه مش أكتر!!!
إنطفئت لمعة عيناها أثر كلمـ.ـا.ته، ليتابع بقسوةٍ:
- بلاش الجلالة تاخدك و تفتكري إنك لسه حاجه كبيرة في حياتي .. حقوقك خسرتيها لما فكرتي إنك تتصرفي في قرار مصيري لوحدك .. و حُبي إنتهى من أول ما عرفت إنك أنانية مبتفكريش غير في نفسك بس!!!
لمعت عيناها و لكن بالدمعات تلك المرة، فـ همت بالنطق لولا كلمته التي أخرستها و جعلتها تبتلع باقي الكلمـ.ـا.ت بجوفها:
- إنتِ طالق يا نور!!!!
يُتبع♥
إنتِ طالق يا نور!!!!
شهقت و إبتعدت و جنَّت و كادت أن تسقط أرضًا من صدمتها، تأخذ أنفاسها بلُهاثٍ و كأنها كانت تركض بلا هوادة، تتساقط دمعاتها تِباعًا و قلبها يخفق بعنفٍ تنظر له بلا تصديق، لا تصدق أن اليد التي كانت تربت عليها هي من دفعتها بالأمس، لا تصدق أن اللسان الذي كان يطيب جروحها بات يخدش جراحها فـ يجعلها تنزف بغزارة، لا تصدق أن العيون التي كانت تناظرها بهيام .. يتشكل بها الجمود الآن .. كيف أن يتحول مُنتهى الحب إلى مُنتهى الكره؟ كيف للحنان الذي كان يغمرها يتحول إلى قسوةٍ تحطم روحها، رفعت كفيها تعيد خصلاتها للخلف، وسطت أرضًا بالفعل ضد الحائط تميل للأمام لا تستطيع أخذ أنفاسها بشكلٍ صحيح ، و بدلًا من أن يركض عليها و يحتويها بين ذراعيه كما كان يفعل .. خرج و تركها وحيدة بالغرفة و بالجناح بأكمله، نهضت و لم تشعر بنفسها سوى و هي تركل بقدميها و تضـ.ـر.ب بقبضتيها كل ما وصلت إليه يداها من خزانات و حائط حتى إزرقّت مفاصل كفها، تتآوه و تصرخ و تبكي و تسِب و تجِن و تنهار و تصمُت و تركض كالتائه الذي ضاعت منه وجهته إلى الأبد، جلست أرضًا بعد نصف ساعة من الإنهيار التام، وجهها قد إحمرّ من شـ.ـدة الجهد الذي بذلتُه، و حرارة رهيبة تنبعث من كامل جسدها و كأنها تحترق إحتراقًا لا مثيل له، قلبها به نار مُتقدة لا تنطفئ، بكت بألم تحاوط وجهها بكفيها حتى سمعت صوت باب الغرفة يُفتح، لا تريد أن تنظر له، لا تريد أن تريه ضعفها .. عن أي ضعف تواريه؟ فهو رآها و هي تنهار أمام عيناه و لم ترمش أهدابه، و الغرفة المحطمة تلك شهدت لحظات ضعفها التي تُخزي، سمعت صوته الذي بات يسلخ جسدها رغم بروده:
- المأذون جه تحت! إغسلي وشك و إنزلي!
ثم خرج و تركها، رفعت رأسها لمكان وقوفه الذي تركه فـ بات فارغًا كفراغ قلبُه، ثم إبتسمت ساخرة و مسحت دمعاتها ناهصة، تتجه للمرحاض تقف أمام مرآته و تتأمل وجهها الذي بُهت بشكلٍ غريب، نثرت المياه فوق تغسلُه بعنف حتى إحمرّ أكثر، ثم خرجت تدلف لغرفة تبديل الملابس التي لم تطولها يدُها، ثم تزينت .. تضع أحمر شفاه بلونٍ صارخ، تضع القليل من ذلك المسحوق الذي يكثف و يطول أهدابها، ثم تضع ما تخفي به تلك الدوائر التي تحاوط عيناها تنُم عن إرهاقها الجسدي، و صففت خصلاتها تُلملمها بشكلٍ مُهنـ.ـد.م، خرجت من الجناح رافعة رأسها تسير بخُطى واثقة لم تنبع سوى من بقايا أنثى تحطّمت على يدِ من عشقت، وجدته بالفعل يجلس جوار المأذون و جواره إثنان من الشهود كانا غالبًا حُراسه، نزلت و سارت تدنو منهم، نظر لها و الضيق إعتلى ملامحه عنـ.ـد.ما سارت عيناه على شفتيها التب حُددت بدقةٍ بـ لون قاتم، أغمض عيناه يحاول التحكم في أعصابُه و لكن لم يستطيع، خصيصًا عنـ.ـد.ما هتفت بإبتسامة هادئة:
- أنا جاهزة للطـ.ـلا.ق يا شيخنا!
نهض على قدميه بحدةٍ و في ثوانٍ كان يجذبها من ذراعها يجُرّها جرًا إلى غرفة كانت بالأسفل، حاولت إبعاد كفُه عن ذراعها تصرخ به بحدةٍ:
- بتلمسنى بُناءً عن إيه؟!!! إبعد إيدك!!!
دفعها للحائط فتآوهت بألم من ظهرها الذي آلمها، لم يأبه لها و قبض على فكها يصـ.ـر.خ بحدةٍ في وجهها و عيناه مُثبتة على شفتيها:
- روچ الرقَّصات اللي إنتِ حاطاه ده يتشال بدل ما قسمًا بالله ما هيفرق معايا طـ.ـلا.ق ولا زفت و هشيلهولك أنا بـ شفايفي!!
شهقت بصدمةٍ من طريقته الفجّة معها، لم يترك لها مجال تدارك الأمر ليسحب منديلًا وراء الأخر، و أخذ يزيل بعنف شـ.ـديد أحمر الشفاه ذاك من فوق شفتيها وسط تذمـ.ـر.اتها و إعتراضها عما يفعل، ضـ.ـر.بت كتفيه بقبضتيها عنـ.ـد.ما إنتهى مما يفعل تهدر بعنف:
- ملكش حق تعمل اللي بتعملُه ده دلوقتي!!! إنت ناسي إنك طلقتني!! يعني خلاص اللي أنا عايزاه أعملُه!!
غرز أظافرُه بذراعيها يقول بقسوةٍ:
- أنا ليا كُل الحق أعمل اللي أنــا عـايـزُه فيـكِ!!!
صرخت بوجهه بقهر:
- لـاء مـلـكـش!!! من أول ما رميت الكلمة دي في وشي و إنت حقوقك كلها راحت!!
ثم أبعدت كفيه عن ذراعها تقول بجمود:
- و حتى مسكتك لدراعي دي ملكش الحق فيها .. و يلا عشان المأذون مش فاضيلنا!!!
ثم ذهبت من أمامه تاركة إياه يضـ.ـر.ب الحائط بكفُه، خرج خلفها بعد قليل فوجدها جالسة و على أهبُّة الإستعداد .. للحظة إنقبص قلبُه من قرارٍ سيتخذُه ولا رجعةً فيه، قرار مصيري سيجعلها لا تشاركه حياته .. غرفته .. نومُه و أحضانه، يعود و تذكرُه نفسُه بما فعلت .. فـ كان وسواس النفس على قلبُه أكثر تأثيرًا من شيطانٍ جُنِّب يُصفق لنفسٍ أثبتت سوءها بجدارة!
جلس و أعطى للمأذون بطاقته و فعلت هي المثل، ليبدأ الأخير في إجراءات الطـ.ـلا.ق، كانت شاردة في اللاشيء، توقّع على ورقة الطـ.ـلا.ق بدمٍ قد إختفى من كامل جسدها، و فعل هو المثل و قد عُميت بصيرتُه عن أعقاب ذاك القرار!
خطت على الورقة نهاية زواجها و نهاية حياتها أيضًا، كيف خطى على قلبها بتلك القسوة؟ةكيف له أن يراها تموت أمامه .. تلفُظ أنفاسها الأخيرة و لم يحاول حتى مُساعدتها، سُمىّ القلب قلب لأنه يتقلَّب .. و لكن كيف تقلّب بذلك الجبروت؟، ظلت جالسة تشاهده و هو يقِلهم إلى باب الڤيلا، تراقبُه بأعين إمتلئت سُخرية .. سُخرية مريرة مررت حلقها، نهضت، و أخذت خطوات قوية إلى غرفتهما .. التي كانت غرفتهما و الأن هي غرفته وحدُه و ستُغادرها و إن كلّفها الأمر قلبُها، أخذت هاتفها الصغير الذي كانت تملكُه قبل أن يبتاع هو هاتف آخر بمبلغٍ فلكيّ، أخذت مفاتيح شقة أمها ثم إرتدت نفس الكنزة التي أتت بها هُنا و ذات البنطال، لملمت خصلاتها إلى ذيل حُصان مُرتفع، و أعادت وضع أحمر شفاه خفيف تلك المرة يناسب المنطقة الشعبية التي ستعود إليها، ثم ترجلت من فوق الدرج تنظر إليه و هو جالس عائدًا برأسه للخلف مُغمضًا عينيه و ذراعيه فُردا جوارُه، وقفت أمامُه تقول بجمودٍ قد تعلّمته منه:
- أنا ماشية، سايبالك اللبس اللي كنت جايبهولي فوق .. و التليفون بردو، و الفيزا جنب التليفون، سلام!
إتخذت خطوات مُبتعدة عنه، لكن قوله الجهوري أوقفها:
- إسـتــنــي!!!
إلتفتت له فوجدته ينهض بطوله الفارع واقفًا أمامها، يُردف بهدوء:
- إقعدي هنا .. متروحيش بيت أمك!
ثم تابع رُغم مِحياها المُندهشة بصوتٍ حاول أن يُبقيه ثابتًا:
- مش هآمن عليكِ هناك .. و مدام الشرع محلل إنك تقعدي معايا مافيهاش مشكلة، و متخافيش .. مش هقربلك!!
تعالت ضحكاتها من فرط ألمها، تميل للأمام من شـ.ـدة ضحكاتها تقول وسط قهقهاتها:
- مش قادرة .. بجد!!
ثم تابعت بحدةٍ و وجهٍ جـ.ـا.مد يختلف كُليًا عن ضحكاتها السابقة:
- و إنت بصفتك إيه نآمن و لا متآمنش!!! و أنا أقعد معاك بعد ده كلُه إزاي!!! 
ثم صرخت بوجهه مقتربة منه بعنفٍ:
- مـ تــــرد عـــلــيــا!!!
رفعت سبابته تنغزها بصدرُه هادرة بقوةٍ:
- ده أنا لو هقعد على الإرصفة، و هاكل من مقالب زبـ.ـا.لة .. عُمري ما هقعد معاك تاني!!! ســامــع؟!!!
- إمشي يا نور!!!
قالها بكل هدوء، هدوء أشعل قلبها، فـ أبعدت إصبعها عنه، و تركته مغادرة صافعة الباب خلفها، أخرج هاتفُه و أجرى إتصالًا يأمر فيه السائق أن يقلها إلى منزل والدتها فقال له:
- توصّل الهانم لـ بيت والدتها .. هي هتوصفلك المكان، و خليني معاك على التليفون و إنت بتقولها!!
- تمام يا بيه!!
ثم نادى السائق بتهذيب:
- يا هانم .. إتفضلي هوصلك!!
نظرت له نور بإزدراءٍ قائلة بضيق:
- متشكرة مش عايزة!!!
هتف فريدة بحدة:
- قولها فريد بيه بيقولك إركبي!!!
فعل السائق مثلما قال، فإشتعلت غضبًا قائلة بحدة:
- أنا قولت لاء .. مش عايزه من اللي مشغلك حاجه!!
ثم ذهبت فـ قال السائق بتوجس:
- حضرتك سمعتها يا بيه؟
لم يُجيبه فريد، أغلق الهاتف معه ثم ضـ.ـر.ب بهاتفُه الأرض و لولا أنه لن ينكسر لكان سقط أشلاء، لم يكتفي بهاتفُه فقط .. بل حطم كل ما قابلُه و كل ما كان أمامُه، يصـ.ـر.خ و يزأر كالأسد من شـ.ـدة الألم الذي شعر به في قلبُه، يشعر بغصة غريبة و لم ينفعه غروره في شيء .. فورما إبتعدت عنه شعر و كأنها قد أخذت معها ذلك الأكسچين الذي يدلف لرئتيه، أخذت معها روحه و سلبتُه قلبه و شتتت عقلُه، بالكاد يأخذ أنفاسُه .. الآن فقط شعر بها و هي لا تستطيع التنفُس، الآن فقط شعر كيف لـ شخصٍ أن يكُ بمثل هذا القدر من الأهمية فتشعُر بتضاؤلك أمام رحيله و أنك كالصغير الذي لا يستطيع إدارة أمرُه وحده، رُغم كونه بمنتصف الثلاثينات و رغم عمله الذي ليس بيسير و رغم خبرته بالحياة إلا أنه يشعر بأنه لا شيء فور ذهابها، كيف توصّل به الأمر أن يبعدها بإرادته عنها؟ كيف إستطاع دفعها بعيدًا عنه بتلك الطريقة؟ كيف طلّقها؟ أغمض عيناه لا يستطيع التنفُس، يميل للأمام واضعًا كفُه على قلبُه يشعر بأنه سيتوقف يُتمتم من بين أنفاسُه المبعثرة و آهاته التي تصدُر منه للمرة الأولى:
- نور .. نور!!!!!
• •• • • • • 
سارت على قدميها التي بالكاد تستطيع أن تخطو عليها، ضالّة ولا تعلم كيف تذهب، من إين الوجهة؟ لطالما كان بوصلتها .. و الآن تشعر بأنها قد ضاعت، إنسابت دمعاتها و هي تتذكر مشهد طـ.ـلا.قهما .. تتذكرُه و هو يمضٍ بـذلك الجمود .. كيف لم ترتعش أنامله مثلها؟ كيف لم يبلل شفتيه و ينظف حلقه و هو يمضٍ على وثيقة إنتهاء حياتهما معًا؟ وقفت تلتقط أنفاسها التي إختنقت من ذكرى ذلك المشهد، تنظر حولها فوجدت نفسها على الطريق ولكن لا يوجد سيارة أجرى واحدة أمامها، ظلت واقفة ما يُقارب الساعة حتى أُرهقت و قبل أن تقرر تكملة ذهابها وقفت أمامها سيارة قد شبّهت عليها .. تشعر أنها مألوفة بالنسبة لها، لتترجل منها فتاة المئزر الجلدي، تلك التي حوَتها بسبـ.ـارتها عنـ.ـد.ما خطفها زوج أمها .. دُنيا!!! شهقت نور من القدر الذي جمعهما مرةٍ أخرى فـ إبتسمت نور تقول بمداعبةٍ:
- ده أنا لو سوبر دُنيا مش هبقى موجودة عشانك كل مرة كدا!!
طالعتها نور بإبتسامة و هتفت بهدوء:
- والله أنا مش عارفة أقولك إيه .. بتيجي في اللحظات اللي ببقى مش عارفة أعمل فيها إيه حقيقي!!!
قالت دُنيا بلُطف:
- طب يلا إركبي نروح نقعد في حتة و أرجّعك تاني!!
تنهدت نور و صعدت معها، فـ سارت بها دُنيا تقول بـ عفويةٍ قـ.ـتـ.ـلت الأخرى:
- أومال جوزك فين؟ سايبك تنزلي بليل كدا إزاي؟!
قطّبت حاجبيها تؤذيها حتى سيرتُه فـ قالت بضيق ظهر على محياها:
- مش عايزه أتكلم عليه خالص!!
صمتت دُنيا تحترم رغبتها رُغم إستغرابها، فـ هو كان يبدو عاشقًا مُتيم لها .. ماذا حدث؟ سارت دُنيا إلى مطعم مُحبب إلى قلبها، ثم صفّت سيارتها و قال بحماسٍ مُلتفتة إلى نور:
- هتاكلي أحلى أكلة كباب كلتيها في حياتك!!!
- بس أنا ماليش نفس!!!
قالتها نور و هي تشعر بجمرٍ في معدتها .. كيف تُزيد النار نارًا؟ قالت دُنيا بحدة:
- إنسي الكلام ده، إنتِ نفسك هتتفتح أول ما تشوفي الأكل أصلًا!!!
لم تجادلها نور و ترجبت من السيارة، تسير معها داخل ذلك المطعم، كان النُدلاء يعلمون بالفعل دُنيا، فـ أخذوا لها الطاولة التي أرادتها، جلسا أمام بعضهما البعض، شاردة الءهن تنظر أمامها في نقطة فارغة، تنهدت دُنيا بعطف عليها، فـ قال بحنان:
- نور .. إنتِ كويسة؟
نظرت لها نور و الدمعات أخذت تتجمع في عيناها، تشير برأسها لها بـ لا .. ثم تنهار في البكاء الخفيف فـ تسر دُنيا تربت على كفها تشاركها حزنها قائلة لها برفق:
- حبيبتي .. إهدي و متعيطيش، قوليلي إيه اللي مزعلك كدا؟
قالت بقهر ظهر في صوتها:
- أنا مش عارفة أنا عملت إيه عشان يعمل معايا كل ده!! إزاي هونت عليه أوي كدا؟
- طب إحكيلي!!
قالتها دُنيا بلُطفٍ جعل نور تقُص على مسامعها كُل شيء، فـ تنهدت دُنيا تقول بهدوء:
- هو آه اللي عملتيه مكانش صح، بس أنا كنت مستنية منه و إنتِ بتحكيلي إنه يحتوي الموقف أكتر خصوصًا إنك بتقولي إن مامتك كانت لسه متـ.ـو.فيه الله يرحمها، هو يمكن يكون كبّر الموضوع شوية .. بس أنا مُتأكدة إنه لما يهدى و يعقلها هيجيلك و يتأسفلك، كان واضح أوي عليه با نور لما شوفته إنه مش بس بيحبك ده بيموت فيكِ، و كان خايف عليكِ جدًا يومها، أنا متأكدة إن الشخصية دي متقدرش تعيش من غيرك!!!
قالت نور بإنفعال مشـ.ـددة على أسنانها:
- مين قالك لو جه أنا هسامحُه؟ عُمري ما هسامحُه على الإحساس اللي حسسهولي و لا على قهرة قلبي!! 
تنهدت دُنيا تربت على كفها و صمتت، ثم قالت مُغيرى مجرى الموضوع:
- أنا بقى يا ستي متجوزة و جوزي مسافر!! بيسافر و بينزل كل 4 شهور شهر!!!
مسحت الأخيرة دمعاتها و قالت بهدوء:
- كويس .. مش بيغيب يعني!!
إبتسمت دُنيا تقول بنبرة ممازحة:
- كدا مش بيغيب .. ده بيوحشني أوي أصلًا!
- مسافرتيش معاه ليه؟ 
سألتها نور بإستفسار فـ قالت بعد تنهيدة:
- مينفعش .. هو لسه مش مستقر بيتنقل من مكان لمكان و مش عايز يبهدلني معاه!!!
صمتت نور و لم تُعقّب، فأتت صينية الطعام، و بدأت دُنيا تأكل بـ شراهةٍ على عكس نور التي نظرت للطعام و لم تلمسُه. فقالت الأخيرة بضيق:
- كُلي يا نور!! والله لو ما كلتي أنا كمان مش هاكل و أنا ميتة من الجوع أصلًا!
- طيب!!
• • • • • • 
- إعملي حسابك يا ست نور إني هطُب عليكِ بُكرة الصبح عشان نفطر مع بعض و هقضي معاكِ اليوم كمان و هقرفك شوية!!!
قالت دُنيا مُبتسمة فـ أسرعت الأخير تقول بترحابٍ:
- ده أكيد .. بدل م نقعد لوحدنا و نتجنن!! هستناكِ متتأخريش!!
ثم غادرت تشير له بكفها، فـ غادرت دُنيا بسيارتها و دلفت نور إلى تلك الحارة ثم إلى بيت والدتها، فتحته و دلفت تغلق الباب خلفها، ألقت جسدها فوق إحدى الأرائك بتعبٍ، شاردة في نومتها الأولى بدونه، بدون أحضانه، بدون أنفاسه التي لطالما كانت قريبة من رئتيها، شاردة في حالها الجديد .. شاردة في هوانها عليه، أغمضت عيناها لكي لا تُمطر، ثم غفت تُصمِت تلك الأصوات التي بداخل ذهنها!!
إستفاقت على طرقات فوق الباب أفزعتها، و جعلتها تنهض مسرعة تقول بـ صوتها الناعس:
- حاضر يا دُنيا!!
فتحت الباب تفرك بعيناها بنعاس شـ.ـديد و رفعتهما، فـ توسعت عيناها عنـ.ـد.ما وجدته هو، يقف أمامها بطوله الفارع و تلك الهالة التي تُحطيُه، يُهزم حصونها و يدمرها مرةً أخرى، فـ تحاول الدفاع عن بقايا روحها تصرخ به:
- جـاي ليـه؟!!!
قال بهدوء:
- رديتك!!!
يُتبع♥
 رديتك!!!
شهقت تستفيق من نومها على ذلك الكابوس الذي هيأُه عقلها لها أنه قد عاد، تستفيق فتجد نفسها على ذات الأريكة، تآوهت بألم تدلك رقبتها لتستوقفها طرقات الباب، إنقبض قلبها تظن الكابوس قد تحقق، نهضت تسير ببطء ناحية الباب ثم تتمتم:
- مين؟
زفرت أنفاسها التي حبستها برئتيها عنـ.ـد.ما سمعت صوت دُنيا فـ فتحت لها فورًا، إبتسمت لها بترحابٍ فـ غمغمت دُنيا:
- مين إيه بس م إنتِ عارفة إن أنا اللي جاية!
قالت نور بعد تنهيدة:
- حلمت إنه هو اللي جالي و قالي رديتك .. عشان كدا إتخضيت لما خبطتي!!!
أغلقت دُنيا الباب و جلست تقول:
- والله يا بنتي الرجـ.ـا.لة دول شوية مجانين! تعالي أقعدي جايبالك فطار حلو أوي!!
قالت نور بحرجٍ:
- إنت بتكلفي نفسك ليه يا دُنيا أنا عندي الأكل!
قالت دُنيا بمرحٍ:
- أنا مش هستناكِ لما تطبخي يا عسل .. أنا على لحم بطني!!!
ضحكت نور و قالت و هي تجلس أمامها:
- يا بنتي إرحمي نفسك .. بتودي الأكل ده فين و إنتِ رفيعة كدا!
- طب يلا كُلي!!
جذبتها إلى الطعام من يدها فـ ضحكت نور و بدأت تأكل بالكاد تبتلع اللُقيمـ.ـا.ت، كلما أكلت تذكرتُه و هو الذي كان يطعمها بيداه، أغمضت عيناها تسُب عقلها الذي لا يفكر بـ سواه، لاحظتها دُنيا فـ قالت بهدوء:
- نور .. إنتِ لسه عايزاه!!!
نظرت لها مُتفاجئة من السؤال، ظلت تفكر للحظات حتى قالت بهدوء:
- لاء .. و لو جه باس على رجلي مش هسامحُه، خلاني أحس إحساس بشع أوي يا دُنيا
تنهدت دُنيا تقول بحزن على حالها:
- إنتِ بتقولي كدا عشان لسه في مرحلة الغضب، لكن أنا عارفة إنك بتحبيه، و إنه لو جه و إعتذر هتسامحيه!!! 
صمتت نور لا تستطيع أن تجيبها .. فهي نفسها لا تعرف كيف ستكون ردة فعلها إذا أتى، حاولت تغيير الموضوع فـقالت بإبتسامة زيّفتها:
- سيبك مني و إحكيلي إنتِ .. جوزك هينزل إمتى؟
قالت دُنيا مبتسمة عند ذِكر سيرته:
- أقل من شهر و هيبقى هنا بإذن الله!!!
قالت نور بحُب لـ تلك الإبتسامة التي إرتسمت على وجهها فور أن أتت بسيرته:
- بتحبيه؟
أسرعت قائلة دون تردد:
- أوي يا نور .. بحِس إنه حتة مني و لما بيمشي قلبي بيبقى كإنه عايز يطلع من جـ.ـسمي و يروح معاه!
إبتسمت لها نور و ربتت على كتفها قائلة بحنان:
- يجيلك بالسلامة يا حبيبتي!!!
- يارب!!
قالتها مبتسمة، فـ ظلت نور تفكر للحظات حتى قالت بهدوء:
- دُنيا أنا عايزة أشتغل!
• • • • • • •
وقفت أمام المرآة، تُهنـ.ـد.م ثيابها و تُنمقها، تلك الثياب التي أعطتها لها دُنيا لترتديها كي تكون لائقة للشركة التي ستعمل بها، و ثياب كثيرة قد أتت لها دُنيا بها، كانت ترتدي بنطال قماشي تعلوه كنزة بيضاء ضيقة إلتصقت بجسدها و طرفها قد أُدخل داخل البنطال، تعلو تلك الكنزة بليزر قماشي من نفس نوع و لون البنطال الأسود، خصلاتها رفعتهم عن وجهها بكعكةٍ مُنمقة، نظرت لنفسها بإعجابٍ و أخذت هاتفها و غادرت، فوجدت دنيا تقف منتظرة إياها بسيارتها، و فورما رأتها قالت بإعجاب:
- يا ولا على الحلاوة!! 
إبتسمت لها نور و صعدت جواره بالسيارة تقول بإمتنان:
- أنا بجد مش عارفة أقولك إيه، يعني كلمتيلي مديرك عشان أشتغل معاكي في نفس الشركة و جيبتيلي اللبس الفورمال ده كلُه و كمان واقفة مستنياني بالعربية!! 
قالت دُنيا مُبتسمة:
- أومال إحنا صحاب إزاي .. ده الطبيعي!!
ثم تابعت:
- و الحمدلله مدير الشركة راجـ.ـل كبير أد أبوكِ كدا .. يعني مُستحيل يبُصلك و شُغل الروايات ده!!!
• • • • • • •
بدأت نور العمل في الشركة مع صديقتها دُنيا .. و التي إحتلت جزء كبير للغاية من يومها و من قلبها أيضًا، حتى مرّ شهرٌ كامل دونُه، دون أن تسمع صوته و تستأنس به، دون أن تنظر له و تشعر بأنفاسُه تُبعثرها، و في اليوم الثلاثون، وقف تحتضن دُنيا التي قالت بحُزن:
- هتوحشيني الشهر ده، أنا والله ما عايزة أسيبك لوحدك أصلًا!
أسرعت نور تقول بحنان:
- يا حبيبتي إنتِ مش مسافرة، و بعدين الأيام بتعدي بسرعة و هتقضي مع جوزك الشهر ده و هتيجي تاني .. إنتِ ما بتصدّقي إنه يجيلك أصلًا!
تنهدت دُنيا و قالت تمسح على خصلاتها:
- هرن عليكِ كل يوم أتطمن عليكِ!!
قالت نور بمزاح تخفف الأجواء:
- آه إنتِ عايزة جوزك يعلّقك بقى!! أنا قاعدة في بيتنا مش هيجرالي حاجه، هلخم نفسي في الشغل!!
- ماشي يا حبيبتي! همشي أنا و إنتِ نامي بقى عشان تصحي بكرة بدري .. تصبحي على خير!!
أشارت لها دُنيا و هي تبتعد متجهة إلى الباب، ردّت نور عليها ثم تغلق الباب خلفها، مُحيت الإبتسامة من فوق شفتيها فورما إنفردت بنفسها، أغمضت عيناها تستند برأسها على الأريكة تضم قدميها لصدرها، تُهدئ من إشتعال قلبها، و تأجج روحها و من القر الذي يختلجها، حتى إستمعت لطرقات فوق الباب، ظنت أن دُنيا قد نست شيء فأسرعت تنهض تفتح لها، لكنها أخذت خطوتان للخلف عنـ.ـد.ما وجدتُه واثب أمامها، بجسدُه الذي إزداد ضخامة .. و بـ ذقنُه التي نمت أكثر، عيناه المُرهقة و ملامحه التي بُهتت، نظرت له بقسوةٍ، ثم قالت:
- خير؟ إيه اللي جابك؟
نظر لها بإشتياقٍ حاول جاهدًا أن يخفيه، يتفرّس وجهها وجسدها الذي قد نُحف قليلًا، يحاول فكّ عُقدة لسانه فيقول بهدوء:
- حشـ.ـتـ.ـيني و !!!
ضحكت من قلبها، حتى عادت للخلف من شـ.ـدة ضحكاتها واضعة كفها على معدتها، ثم إعتدلت في وقفتها قائلة مُبتسمة:
- مش ممكن .. كل مرة تضحكني كدا؟
تابعت بهدوء:
- لو إنت فاكر إني هفتحلك دراعي عشان أخدك في حُضني تبقى مُغفّل أوي!! و لو فاكر إن الكلمة دي هتخليني أنِخ و أسامحك تبقى مبتفهمش!!!
مرّ من جوارها و دلف للبيت فـ إلتفتت تنظر له بحدة، ليتابع ببرود:
- تسامحيني؟ مين اللي المفروض يسامح التاني؟!؟
جلس على المقعد و قال مشيرًا لها على الأريكة:
- أقعدي نتكلم!!!
صرخت بوجهه:
- مافيش بينا كلام ولا قُعاد .. إطلع برا!!!!
أشارت للباب كي يخرُج، فـ هتف بضيق:
- هتعبر نفسي مسمعتش طردك ليا، و هراعي إن نفسيتك تعبانة و مش هاخد بكلامك!!!
قالت بنبرة إستفزته:
- نفسيتي تعبانة؟ مين العبـ.ـيـ.ـط اللي قالك كدا؟ أنا في أحسن مراحل حياتي .. عايشة في شقتي ، نزلت إشتغلت و الحمدلله بثبت نفسي في شغلي، و عندي صاحبتي دايمًا واقفة معايا، فين نفسيتي التعبانة دي بقى!!
نهض واقفًا أمامها، و تجرأ محاوطًا وجنتيها هامسًا بصوتُه الرجولي:
- يعني أنا موحشتكيش!!
أبعدت كفيه بعنف صارخة بوجهه:
- إياك تاني مرة تلمسني، إحنا مطّلقين مينفعش اللي بتعملُه ده!
إقترب منها أكثر يقبض فوق ذراعيها يدفعها إلى ركن في الحائط فـ شهقت و هي تشعر بـ نواقيس الخطر تدُق في ذهنها، إقشعرّ بدنها عنـ.ـد.ما سار بأناملُه على ذراعيها العاريان:
- إنتِ لسه في شهور العدّة .. أقدر أرُدك في أي وقت!!!
- تبقى بتحلم، مش هوافق لو حصل إيه!!!
قالت بقسوةٍ ظهرت في عيناها، كانت عيناه مُثبتة على شفتيها التي إشتاق لها، شهرًا كاملًا لم يتذوق عسلهما، يعلم خطورة ما سيفعله و لكن ليفعلُه، و على غفلةٍ و بدون سابق إنذار كان يميل مُلتقطًا ملاذُه في قبلةٍ دامت ثوانٍ معدودة قبل أن تدفعه بعنف من صدرُه، ،و قبل أن يأخذ صفعةً من كفها أفاقت ثمالة عقلُه بها، إشتعلت النيران بعيناها تدفعُه من صدره بعد أن لطـ.ـمـ.ـت وجهه تهدر في وجهه:
- إنت إزاي تعمل كدا!!! إزاي تتجرأ و تعمل كدا إنت إيه!!! بقولك أنا مش مراتك!!! مبقتش مراتك .. كُنت و خلاص مبقتش و لا هبقى تاني!!!
ظل مُغمضًا عيناه يحاول أن يسيطر على أعصابه و لا يُحطم عظامها الآن، يقبض فوق كفيه و أسنانه تصتك فوق بعضهم في غضبٍ لا مثيل له، لا تنكر خوفها من ردة فعله التي باتت غير متوقعة، هل سيرُد لها الصفعة صفعتان؟ هل سيسحب خصلاتها فتتقطّع في كفُه؟ هل سيُلقي عليها سِباب نابية؟ خافت و تراجعت جالسة على الأريكة تضُم كتفيها بذراعيها، مُغمضة عيناها بألم من الحال الذي آلا كلاهما له، ظل صامتًا لا يتحدث ما يُقارب النصف ساعة، حتى وجدته يتحرك و يجلس على الأريكة قائلًا بأعين إحمرّت:
- نور!!
نظرت له متوجسة، حتى قال بهدوء زائف:
- لو إنتِ عيشتي حياتك فـ أنا مش عارف، كُل رُكن في البيت بيفكرني بيكِ .. أنا أصلًا مبنساش، و لو أنا موحشتكيش .. 
تابع بعد تنهيدة:
- فـ إنتِ حشـ.ـتـ.ـيني و  لدرجة متتخيليهاش، كل حاجة فيكِ وحـ.ـشـ.ـتني .. ضحكتك .. عينيكِ .. صوتك .. حُضنك كُل حاجه مفتقدها، كان لازم تُعذريني .. أنا كُنت حاسس إني مش قادر أثق فيكِ!!
تأملت كلمـ.ـا.ته .. كيف ستخبرُه أنها إشتاقت هي الأخرى له و لكن لن تبقى معُه، كيف ستُخبره أن صوته .. عناقه .. عيناه و ضحكاته التي تنعش خلايا جسدها تشتاق لهم و لكنها أبدًا لن تبقى معه، أخذت أنفاسها الضائعة و حاولت موازنة نبرته تقول ساخرة:
- أعذُرك؟ طب و أنا مين يعذُرني؟! ليه عايزني أعذُرك و إنت معذرتنيش لما قولتلك إني مكُنتش مُستقرة نفسيًا و !ني عملت كدا من اللي شوفتُه في حياتي! ليه و أنا بنهار قدامك و بقولك إني بحبك و مقدرش أعيش من غيرك مرحمتنيش؟ ليه و إنت شايفني قصادك  بطلع في الروح .. عينك مرمشتش حتى عليا! 
- حقك عليا!!!
قالها بتعبٍ من ذكر الأمر مرة أخرى .. كيف لم ترمش عينه و هو كل خلاياه إنتفضت عنـ.ـد.ما رأتها بهذا الوضع و لكن الشيطان أعمى بصرُه، فـ قالت مُبتسمة بمرارة:
- هي هتخلص كدا؟!
إقتربت منه هامسة أمام وجهه بـ قوةٍ:
- و رحمة أبويا .. ما هرجعلك، و هدوّقك المُر اللي سقيتهولي، هخليك تتمنى لو يرجع بيك اليوم ده عشان متعملش كدا هنـ.ـد.مك على الوجع اللي وجعتهولي نـ.ـد.م عُمرك كلُه يا ابن الزيات!!!
إبتعدت عنه تناظر وهن عيناه بشمـ.ـا.تةٍ زرعها بها، ثم أشارت إلى باب الشقة تقول بأنفٍ وصلت لعنان السماء:
- إطلع برا .. و آخر مرة تعتب الشقة دي!!!
نظر لها مطولًا، نظرات يرجوها بها ألا تفعل لكنُه قوبل بنظراتٍ قاسية و أعين مُتحجرة، فـ أخذ خطواتٍ بعيد عنها ثم خرج صافعًا خلفه باب الشقة، نظرت للفراغ الذي تركه، تغمغم لنفسها:
- إياكِ تضعفي!!! إوعي يا نور .. إفتكري اللي عملُه فيكِ!!!
ذهبت إلى غرفة نومها و أراحت جسدها فوق الفراش، تضبط المنبه لكي تستفيق باكرًا لتذهب لعملها، ستذهب له وحدها لأن دنيا لأول مرة لن تأتي لتقلها بسبب الأجازة التي أذنوا لها بها!
• • • • • • 
نهضت بنشاطٍ و إرتدت ثيابها، صففت خصلاتها و قررت تركها حُرة اليوم و ساعدها على ذلك نعومتها، ثم خرجت من الشقة بعدما أخذت مفاتيحها و هاتفها، أغلقت الباب جيدًا و إلتفتت لتصُدم به جالسًا في سيارتُه عائدًا بالمقعد للخلف و نائم، إعتلى الضيق مِحياها لكن أكملت طريقها تتظاهر بأنها لم تراه، أوقفتها السيدة فتحية .. تلك التي أخذتها ببيتها عنـ.ـد.ما رفضت أمها أن تفتح لها الباب و تُدخلها، تقول بأعين تلومها:
- كدا يا نور يا بنتي .. تسيبي جوزك نايم في العربية كدا من إمبـ.ـارح يا حبة عيني على الوضع ده!!!
هتفت نور بضيق:
- ده مبقاش جوزي يا حجّة فتحية، إحنا إطلّقنا خلاص!!! 
غمغمت فتحية بحزن:
- م أنا عرفت يا بنتي .. بس و ماله إنتِ في فترة العدة يعني ترجعوا في أي وقت بالمأذون بردو!!
صدح صوت نور الهجومي:
- و مين قالك أصلًا إني هوافق أرجعلُه!! 
تنهدت فتحية تربت على كتفها قائلة:
- طيب خلاص يا حبيبتي روحي شغلك عشان متتأخريش، و لما ترجعي لينا كلام مع بعض!!
تنهدت و ذهبت من أمامها لتخرج للشارع الرئيسي تنتظر سيارة أجرة تمُر، لتمُر أمامها آخر سيارة كانت تنتظرها، سيارته، و فتح زجاج النافذة يميل برأسه لكي يراها قائلًا بنبرة هادئة:
- إركبي!!
تأففت بنزقٍ و قالت بحدة:
- إمشي من هنا عشان مصوّتش و ألم الناس عليك!!!
- لو مركبتيش هنزل أجيبك من شعرك و أركبك بالعافية!!
قالها بتحذير حقيقي و قد فُلتت أعصابُه، فـ ضـ.ـر.بت السيارة بقدمها بجُرها تقول بعنفٍ:
- يلا إنزل وريني .. عشان أخلي اللي ما يشتري يتفرج عليك!!!
رفع حاجبيه من طريقتها الجديدة عليه، حاول التحلي بالصبر فـ قرر أن يهاودها قائلًا برفق:
- مش هتلاقي مواصلات دلوقتي الدنيا زحمة!!!
- حاجه متخُصش حضرتك!!!
هتفت ساخرة ثم أشارت إلى سيارة أجرة مرت من جوار سيارته فوقف السائق، أخبرته بالمكان فهزّ رأسه لها موافقًا، صعدت معه دون أن تعاير فريد إهتمام، ضـ.ـر.ب الأخير المقود بعصبية شـ.ـديدة، لكنه توقف للحظة مُدركًا بأنه فالتة خُصلاتها تحررهم على ظهرها، فـ ردد مع نفسه مصدومًا:
- دي مسيبة شعرها!!! دي نازلة و مسيبة شعرها!!! ده أنا هطلع عين أمها دلوقتي!!!
سار خلف السائق بسُرعة جنونية و قد إنتفخت أوداجُه، لا يصدق أن غيره سيرى خصلاتها مفرودة على ظهرها، كيف لم يُحجبها، كانت على ذمته و كيف لم يتخذ هذا القرار و يجعلها عنوةً ترتدي الحجاب، أطلق زفيرًا حارًا من شـ.ـدة لهيب جسدُه الغاضب، حتى وجدها تترجل من السيارة بعدما أعطت للسائق بعض النقود، ترجل هو الآخر من السيارة و سار خلفها طاويًا أسفل قدمُه الأراضي مُدبدبًا عليها بـ حذائه الذي يصـ.ـر.خ بالغِنى، 
ثم بقسوة إلتقط ذراعها و جذبها خلفه بعنف وسط صراخها و جسدها الذي يتثاقل عمدًا حتى يعجز عن جذبها و لكن ذهبت محاولاتها هدرًا فهو أقوى بنيةً منها بمراحلٍ، دفعها إلى السيارة في المقعد الخلفي حتى لا يتسنى لها النزول و إستقل جوارها، ظلت تصرخ به أن يتركها و يبتعد لكنه ضـ.ـر.ب على ظهر المقعد الذي أمامُه صارخًا بوجهها:
- إخرسي مش عايز أسمعلك صوت!!! نازلة شغل و قولت ماشي سيبها، قاعدة لوحدك في شقة طويلة عريضة في مكان مبيرحمش و كلُه بيتكلم عليكِ و قولت مالهاش ذنب و أقطع لسان أي حد يجيب سيرتك عشان أنا عارفك!!!، لكن نازلالي بـ قميص هيتفرتك من على صدرك و شعرك مسيباه!!! ده إنتِ نهارك إسود معايا أقسم بالله لهعرفك أنا مين على اللي بتعمليه ده!!!
شهقت من وقاحتُه و همت بالصراخ في وجهه لكنه أشهر بأصبعه في وجهها هادرًا بقسوة لدرحة أن عروق جبينه و عنقه نفرت:
- قـولـت صـوتـك مـسـمـعـوش!!!
لم تتوانى عن الحديث و الصراخ به بصوتٍ قد بُحّ:
- لاء هتكلم!!! لو مشيت عريانة في الشارع ملكش الحق تـ!!!
بتر عبـ.ـارتها قابضًا على ذراعها يقربها منه صارخًا بوجهها بصوت جفل له قلبها:
- إخــــرســـي!!! ماليش حق إيه يا أم حق!!!! ده أنا أكسرلك رقبتك و رجلك اللي فرحانة بيها و لابسة بنطلون مفصَّلها دي!!!
- آآآه إبعد عني!
تآوهت تُحاول بإستمـ.ـا.تة إبعاد كفُه عن فكها لكنه شـ.ـدد على فكها أكثر فـ تعالى صوتها من شـ.ـدة ألمها تضـ.ـر.به على صدرُه حتى تركها تاركًا على وجهها الصافي علامـ.ـا.ت أناملُه، مالت للأمام تفرك مكان قبضته ثم طالعتُه بنفورٍ، تنطقها للمرة الأولى:
- أنا بكرهك!!!
شقت الكلمة صدرُه، فـ خفّت نبضات قلبُه، متأملًا كلمتها التي تبدّلت بعد أن كانت تنطق له بمعاني العشق بأكملها و كم تُحبه، تخبره الأن أنها تمقتُه، لم تكتفي بجرحُه مرة، فـ تابعت بصوتٍ إمتلئ غصةً جعلته يلعن نفسه على كبمةٍ ألقاها عليه في لحظة شيطانية:
- بكرهك من كُل قلبي، و لو رجع بيا الزمن عُمري ما كُنت هوافق أتجوزك!!!
- بس أنا بحبك!!
قالها بضعفٍ، و رفع إنمله بالكاد بعد أن تخدّر جسده من كلمـ.ـا.تها، و سار به فوق موضع أناملُه فـ غمغمت بقسوة:
- كفاية كدب!!! إنت مبتعرفش تحب!
- و حبيتك!!
قالها بألم تغلغل نبرة صوته، متابعًا و هو ينظر لعيناها:
- مكُنتش بعرف أحب بس حبيتك، و عشقتك!! ليه بتعملي فيا كدا؟
إبتسمت إبتسامة لم تكُن سوى شامتة، شامتة بذلك الضغف الذي تمكّن منه، بتلك النظرات التي تفترسها دون أن يستطيع الحصول عليها، لمساته التي تطوق أن تغوص بأعماقها، حاولت جذب كلمـ.ـا.ت أكثر منه تزيد نشوتها في الشمـ.ـا.تة به فـ قالت بصوتها الغنج:
- بعمل إيه؟
تنهد غافلًا عن عيناها الشامتة به، قائلًا موجوعًا:
- بتعذبيني .. شايفاني قُدامك و النار قايدة فيا و بتعندي .. بتعاقبيني على غلطة أنا نـ.ـد.مت عليها، كفاية يا نور!! شهر كامل من غير ما أخدك في حُضني و أسمع صوتك و أشوفك، شهر كامل مخلي حد يراقبك و يجبلي أخبـ.ـارك كلها .. و عشان البنت اللي إسمها دنيا دي كانت معاكِ في كل حاجه سيبتك .. سيبتك براحتك و مكُنتش عايز أضغط عليكِ، و لما إشتغلتي و عرفت الشركة اللي بتشتغلي فيها و إن محدش فيها هيدايقك بردو سيبتك، كنت بتعذب و بموت و إنتِ بعيدة و كل اللي كان بيهون عليا الكام صورة اللي كانوا بيتبعتولي ليكِ، كنت بقعد بالساعات قُدام الصور أملي عيني منها بس، نور أنا تعبان .. تعبان من غيرك، و حاسس إن حياتي واقفة و إنتِ مش فيها!!!
طالعتُه مصدومة مما قال، كان يجند شخص يراقبها لتصل أخبـ.ـارها له كل تلك المدة؟ إزدردت ريقها تنظر له و لذلك الضعف المتشكل بعيناه و بلمساتُه و بأنفاسُه، إقترب منها يريح رأسه فوق كتفها مثبتًا جبينه على حرف منكبها، أناملُه تعبث بخصلاتها المفرودة على ظهرها، أغمضت عيناها و قد إمتلئت عيناه بالدمعات و كامل جسدها يرتجف، ليقول كلمـ.ـا.تٍ أفاقتها كدلوٍ بـ.ـارد صُب عليها صبًا:
- يلا نروح للمأذون دلوقتي .. و كإن اللي حصل ده محصلش، هنسيهولك!!!
إنتفض كامل جسدها تبتعد عنه تدفعه من صدرُه قائلة برعـ.ـب:
- مش هيحصل، مش هرجعلك أبدًا عُمري ما هرجعلك!!!
ثم زحفت لآخر الأريكة الخلفية و خرجت من السيارة، صافعة الباب خلفها تسير إلى داخل الشركة، تاركة أياه خلفها مُتدمرًا!!
• • • • • • •
تحاول التركيز في عملها بالكاد، لا تستطيع لملمة شتاتها بعد تلك المواجهة التي حدثت بينهما، هي لأول مرة تراه بهذا الضعف، نفت برأسها تزجر نفسها هامسة:
- لاء .. مش هرحمُه، زي ما هو مرحمنيش!!!
أنهت عملها بعد إرهاق، لتُغادر الشرطة تقرر أن تمشي على أقدامها قليلًا علها تُسكت إرهاق ذهنها ذلك، ظلت تسير حتى إستوقفتها تكدُس غريب في منطقة مُعينة، فـ قطّبت حاجبيها تسأل أحد المارة:
- هو في إيه .. إيه الزحمة دي؟
قال الرجل بضيق:
- في واحد عربيته إتقلبت بيه هنا على الطريق، و من ساعتها و الشارع واقف!!
لا تعلم لمَ إنقبض قلبها، أخذت تزيح في المارّة تحاول الوصول لتلك السيارة، شهقت و كادت أن تسقُط أرضًا عنـ.ـد.ما وجدتها سيارته، هرعت عليها كالمـ.ـجـ.ـنو.نة لترى الراكب بها، فـ تصنمّت مكانها عنـ.ـد.ما رأته، وجهه نازف و عيناه مُغمضة كالأموات!!!
يُتبع♥
 فـــريـــد!!!! فـريـد!!!
نظرت للمارة حولها ترجوهم بصراخ:
- ده جوزي!!! جوزي حد يطلب الإسعاف أبوس إيديكوا!!!! طلعوه من العربية!!!
تلملم المرء يحاولون إخراجه من السيارة و أُناس آخرون يهاتفون سيارة الإسعاف و هي واقفة ترتجف واضعة كفيها على فمها، جائت الإسعاف فورًا و نقلتُه أسفل أنظارها و إرتجافة بدنها، صعدت بسيارة الإسعاف معه لا تستطيع السيطرة على شهقاتها و بكاءها و هي ترى ملامحه قد خُفيت الدماء التي عليها، إمسكت بكفُه بأيدٍ ترتعش تضمها لصدرها تناديه ببكاء ينفطر القلب له:
- فريد .. قوم يا فريد!!! حبيبي إيه اللي حصلك!!!
وصلا إلى المشفة فأنزلوه بالفراش و ركضوا به إلى غرفة الطوارىء، ترجتهم أن تدخل معه لكن أحدهم هدر في وجهها:
- مينفعش طبعًا يا مدام، لو سمحتِ إستني هنا!!!
أغلق الباب في وجهها فـ لم تعُد قدميها تُحملها، لتسقُط على الأرضية البـ.ـاردة جوار المقاعد المتراصة، تبكي بقهرٍ تبحث عن هاتفها لا تعلم تُحادث من، وجدتُه لتهاتف دُنيا تخبرها بـ أنفاس متقطعة:
- دنيا .. فريد .. فريد عمل حادثة يا دنيا!!!
شهقت الأخير تقول مصدومة:
- يا نهار أزرق، إنتِ فين طيب؟!
- في .. في مُستشفى الحياة .. حاسة إن قلبي هيُقف!!!
قالت دُنيا مُسرعة:
- طب أنا هجيب جوزي و جاية يا حبيبتي مسافة السكة!!!
أغلقت نور مع و ظلت على حالها تبكي، حتى مرت ساعة لتجد دُنيا تأتي راكضة في الرواق و زوجها خلفها، شهقت فورما رأت حالها فـ مالت عليها تسندها حتى تنهض قائلة بحزُن:
- يا حبيبتي .. قومي .. قاعدة على الأرض يا نور!!!
أجلستها على المقعد و جلست جوارها فإنهارت الأخرى في أحضانها تشـ.ـدد على ثيابها تقول بحُرقة:
- العربية إتقلبت بيه، أنا السـبـب!!! أنا اللي سيبتُه و هو كان محتاجلي، أنا اللي عملت فيه و في نفسي كدا!!! آآآه يارب .. يارب أنا ماليش غيرُه، يارب متاخدهوش مني!!!
- شششش!!!
مسدت على خصلاتها و قد أدمعت عيناها تنظُر لزوجها الذي طالع نور مُشفقًا على حالتها، ثم نظر إلى زوجته التي أخذت عيناها تذرف الدمـ.ـو.ع هي الأخرى و هي تنظر له، إقترب منها و مسح فوق خصلاتها يميل عليها مُقبلًا خصلاتها هامسًا بهدوء:
- هستنى أنا برا!!
أومأت له بأعين قلقة، فـ خرج من المشفى يقف مُنفثًا دخان سيجارته، ظلت دُنيا تربت على ظهرها و تمسح فوق خصلاتها حتى نامت من شـ.ـدة تعبها، فـ أخبرت إحدى الممرضات أن تجهز لها غرفة لكي تستريح بها فـ فعلت، و ساعدتها في نقلها إلى الفراش، دثرتها دُنيا بغطاء الفراش و تركتها شاردة و هي تخرج من المشفى، تضع نفسها بـ مكان صديقتها، لتشعر بقلبها يُعتصر و هي تتخيل زوجها في نفس المكان، خرجت فوجدتُه واقفًا ينظر أمامه، إلتفت لها ليحاوط وجهها بخصلاتها المفرودة مبعدًا السيجارة عنها قائلًا بحنان:
- حبيبتي كانت بتدمع ليه؟!
شهقت في بكاء مُفاجئ لتلقي بجسدها بأحضانه تقول بألم:
- للحظة بعد الشر عليك تخيلت إنك مكانُه، ده أنا ممكن يجرالي حاجه يا عز والله أموت فيها!!
إبتسم يربت على ظهرها قائلًا بحنو:
- بعد الشر عليكِ يا قلب عز!!!
إبتعدت عنه تحاوط وجهه هامسة ببكاء:
- ربنا يخليك ليا يا حبيبي و يبـ.ـاركلي فيك .. و ميحرمنيش من وجودك أبدًا!!
إبتسم مُقبلًا باطن راحتها، مُتأملًا وجهها الذي يعشق تكوينُه!!
• • • • • •
إستفاقت نور بعد ساعاتٍ غابت بها عن واقعها، واقعها الذي يخلو منه و من صوته و كلمـ.ـا.ته، نظرت حولها تعي ما حدث، و آلت سوداوية أفكارها أنه .. مـ.ـا.ت!! و أنها في هذه الغرفة بعد أن إنهارت أعصابها من الخبر، شهقت و صرخت بإسمه و هي تنهض تخرج من الغرفة تسير في الرواق كالمـ.ـجـ.ـنو.نة تُفتش عنه في كل مكان، حتى وجدته خلف الزجاج نائم كـ جُثة هامدة، جسدُه مُصِل بأسلاكٍ ذبحت روحها، وضعت كفها فوق الزجاج تبكي بصمت و هي ترى وجهه مُلِء جروحًا، ملفوفة رأسه بـ شاش طبي، ظلت واقفة حتى إزرقّت قدميها، لتسمع صوت دنيا من خلفها تقول بخضةٍ:
- قومتي إمتى يا نور!!!
لم تُجيبها ظلت شاردة تتمتم بإسمه تمسح على الزجاج كأنها تربت عليه هو، فـ وقفت دنيا تربت فوق ظهرها مشفقة على حالها، ثم قالت بحنان:
- تعالي يا حبيبتي أقعدي ريحي رجلك!!!
نفت برأسها تغمغم بـ صوت مبحوح:
- مش هقعد غير لما أدخلُه، ده ظُلم إني أبقى قاعدة مرتاحة و هو جوا العناية كل شبر في جـ.ـسمه بيوجـ.ـعُه!
حزنت دُنيا علىما قالت فتنهدت و صمتت، ظلت واقفة جوارها حتى خرج الطبيب من الغرفة يزيل حبات العرق من فوق جبينه، إقتربت منه نور تسير بالكاد على قدميها التي تنملت من وقفتها، تسأله برجاء ألا يُخبرها بأمرٍ سيء:
- جوزي .. كويس؟ 
تنهد الطبيب وقال بأسف:
- يعني .. في رضوض عنيفة في جـ.ـسمه و مُخه، هنحتاج نتأكد من إشاراته الحيوية لما يفوق بإذن الله!!!
- طب .. هيفوق إمتى؟ ينفع أدخلُه طيب؟
قالت مستندة على الزجاج، فـ قال الطبيب بهدوء:
- مش هينفع حضرتك تدخلي غير لما ننقله غرفة عادية الأول .. و مش هنقدر نحدد هيفوق إمتى للأسف..
- طيب!
تركها و ذهب فـ ترجتها دُنيا تقول:
- عشان خاطري يا نور أقعدي إرتاحي لحد ما يفوق، إنتِ مش قادرة تمشي على رجلك يا حبيبتي!!
نفت برأسها تقول بوهن:
- مش هقعد لحد ما يفوق .. و أطمن عليه!
- ليه العند ده يا نور بس!!
قالت دُنيا بيأسٍ من إقناعها، فـ لم تجيبها الأخرى، تلتفت مجددًا تتأمله و يفصل بينهما لوح زجاجي لولاه لكانت إرتمت بأحضانه، بكت و هي تنظر له بحُزن، و بعد ساعة بالضبط كانوا يقلوه من العناية إلى غرفة عادية، وضعت كفها فوق شفتيها و هي تراه يُنقل على فراش المشفى أمامها، عيناها تُتابعه حتى دلف للغرفة فـ سارت خلفُه تستند جوارها، حتى دلفت للغرفة ترى الممرضة تنزع أسلاك جسده و تضع أخرى، و دُنيا خلف نور تتابعها بخوفٍ على حالتها، وقف نور جواره، تمُد كفها الذي يرتجف إلى وجهه المخدوش .. تتحسسُه و هي تبكي، ثم صعدت إلى لُفافة الشاش تلك و خصلاته تتحسسها بحنان، تنهدت دُنيا و تركتها تخرج من الغرفة تغلق الباب عليهما، إزدردت نور ريقها، و أمسك بكفُه ترفع إلى شفتيها تُقبله و قد تساقطت دمعاتها عليه، تقول بألمٍ:
- فريد .. كفاية كدا و قوم، الساعة من غيرك سنين يا فريد، قوم عشان إنت وحـ.ـشـ.ـتني أوي، مش عابز تقوم ليه يا حبيبي .. هو أنا موحشتكتش؟ إنت زعلان مني صح؟ زعلان إني سيبتك لما إحتاجتني مش كدا؟ طب قوم و أنا مش هسيبك .. والله ما هسيبك تاني، أنا عاقبتك باللي عملتُه .. مترُدليش ده و تعاقبني بـ إن يجرالك حاجه، متعاقبنيش أنا عاقبت نفسي و واقفة أهو لحد ما تقوم، رجلي والله مش حاسة بيها من كُتر ما وجعاني، عشان خاطري يا فريد فتّح عينيك!!! يارب!!
فتحت كفه واضعة وجهها به تبكي عليه بحُرقةٍ، حتى سمعت تآوه خفيف شهقت مصدومة على أثرُه، فـ أبعدت كفه تنظر له بلهفة لتجد ملامحه منكمشة رُبما من الألم، جلست تلقائيًا تقول بجنونٍ:
- فريد .. فريد سامعني!!!!
حاوطت وجهه تمسح فوق خصلاته تقول و عيناها متسعة من فرحتها، فتح عيناه و أخيرًا ينظر لها، فـ أخذت تبكي ساندة رأسها على معدته و شهقات بُكائها قد تعالت أغمضت عيناه يرفع كفه بصعوبة ثم وضعها على رأسها، يربت عليها بخفةٍ، أسرعت ترفع رأسها تمسك بكفُه تُقبلها و دمعاتها أغرقته، تغمغم بـ صوتٍ باكٍ زاد ألم جسدُه وروحُه:
- حـ.ـر.ام عليك ليه بتعمل فيا كدا!! أنا .. أنا قلبي كان هيُقف أقسم بالله كان هيجرالي حاجه!!!
حاوطت وجنتيه بكفيه تميل عليه تُقبل عيناه التي كانت تتمنى أن يظهرا عن عسليتاه، تُقبل وجنتُه و فكُه و ذقنه و تُشبعه قبلاتٍ تُشبه قبلات أُم إنفطر قلبها قلقًا على صغيرها الذي كادت أن تفقدُه أبديًا، أغمض عيناه يقسم بأن ما تفعلُه الآن أكثر تأثيرًا عليه من تلك الأسلاك الموصولة بجسده، أنهقت بلاته بأن حاوطت عنقه بقوةٍ تلصق جسدها بجسده فـ كتم أنينًا مُتألمًا من جسدُه الذي يـ.ـؤ.لمه كل إنش به، و لم يخبرها أن تبتعد .. أو أن تخفف ذلك العناق .. كيف سيطلب منها شيء هو بالأساس لا يُريده، رفع ذراعه و حاوط خصرها بذراعٍ واحد و الثاني إكتشف أنه لا يستطيع تحريكُه، أغمض عيناه و تغاضى عن الأمر يمسح فوق خصلاتها بحنوٍ فـ دفنت وجهها في عنقُه تمسح على ظهر رقبته، ثم إبتعدت عنه تحاوط وجهها تهمس له بـ ألمٍ:
- إيه واجعك يا حبيبي؟
نطق أخيرًا بتعب:
- جـ.ـسمي .. كلُه!!!
بكت تمسح على وجنته بكفيها المرتجفين، تغمغم وسط بكائها:
- يا قلبي أنا!!!
تابعت:
- هقوم أجيبلك الدكتور!!
أومأ لها بهدوء، فـ نهضت و ما إن مسّت قدميها الأرض حتى تآوهت بألم ضـ.ـر.ب جسدُه قبل جسدها فـ ناظرها بخضةٍ يقول مُتلهفًا:
- في إيه!!!
طالعتُه تبتسم إبتسامة مُتألمة:
- ولا حاجه يا حبيبي .. متقلقش رجلي بس منملة شوية!!!
أمسك بكفها يمسح عليه بإبهامُه يقول:
- طب إقعدي لحد ما تفُك!!
نفت برأسها تقول بنهيجٍ:
- لاء .. هروح أجيبه و هتفُك على طول!!
سارت بقدميها الحافيتان و اللتان إزرورقا بفعل تيبُسهما، بعد قليل دلفت خلف الطبيب الذي بدأ يتأكد من إشارات جسده الحيوية، فأخبره الأخير بوهن:
- دراعي الشمال .. مش قادر أحركُه!!!
قال الطبيب بأسف:
- يبقى هنحتاج نجبسُه!!
ثم تابع بهدوء:
- طيب رجلك قادر تحركها؟
أومأ له الأخير و هو يحرك قدميه و أنظار نور تُتابعُه بلهفةٍ، ليلتفت الطبيب لها قائلًا بهدوء:
- هيفضل معانا في المستشفى يومين لحد ما نطمن على حالتُه، و بعدها هيقدر يمشي لكن الجبس هيفضل في إيدُه مُده لا تقل عن شهر! هبعتلكوا ممرضة بالأكل دلوقتي لإن التغذية مهمة جدًا بالنسباله!
- ماشي يا دكتور شكرًا لحضرتك!!
غادر الطبيب و إقتربت منه هي تسير بصعوبة، فـ تمتم بتعب:
- رجلك واجعاكِ؟
نفت برأسها تقول و هي تزيل دمعاتها:
- لاء يا حبيبي لاء!! 
رفع كفُه يمسح على وجهها فأمسكت به تقبل باطنه، ليبتسم مغمغمًا:
- حشـ.ـتـ.ـيني و  .. و وحـ.ـشـ.ـتني اللهفة اللي في عينيكِ عليا دي!! يعني لازم أتكسَّر عشان أحس بحنيتك عليا؟
قالت مُسرعة:
- متقولش كدا!!!
دلف المُمرضة بـ صينية الطعام الصحي، ثم أسندتها على الكومود و غمغمت إلى نور بضيق:
- بعد إذنك عشان ياكل!!
قالت نور بهدوء:
- إطلعي إنتِ و أنا هأكلُه!!
إحتجت الأخرى، فـ تلك تقطع عليها فرصتها الوحيدة في الإقتراب من رجل أعمال مشهور كهذا، لتقول بعدم تهذيب:
- لاء مينفعش طبعًا آآ!!
بتر هو عبـ.ـارتها يقول بضيق:
- إسمعي كلامها .. و إطلعي برا!!
نظرت مُتضايقة من كلمـ.ـا.ته، ثم تركت الصينية على الكونود و خرجت صافعة الباب خلفها، إستغربت نور طريقتها لكنها لم تُعلق لتنهض تقترب من جزعه العلوي تقول بلُطفٍ:
- يلا يا حبيبي .. إسند عليا عشان تقوم تُقعد!!
وضعت ذراعيها على ظهر من أسفل ذراعيه، و شـ.ـددت جسدها حتى تتحمل ثقل جزعه فقط، فـ إستند هو بكفه على الفراش يحاول النهوض، لكنه تآوه بصوتٍ عالٍ فـ جزعت عليه وقالت بحزن:
- حبيبي اسم الله عليك .. معلش براحة خالص!!
أخذ يتنفس بألمٍ مغمضة عيناه، فـ ربتت على ظهرُه تقول بحنو:
- بالراحة .. خُد نفَسك، إحنا مش مستعجلين!!
فتح عيناه ينظر لها مُتأملًا معاملتها له كمعاملة أم حنون إلى طفلها، إبتسم و قال بعشقٍ:
- أنا بحبك أوي!!!
إبتسمت تقول:
- و أنا بعشقك!!
إبتسم على كلمتها التي أعطته قوة جعلته يستند بظهره على الفراش بعدما وضعت خلف ظهره وسادة، ثم جلست أمامُه تأخذ الصينية على قدمها اليُسرى التي إنثنت قليله لكي تسند الصينية، فـ رأى قدمها ليُصدم، وضع كفُه عليها يقول:
- رجلك زرقا!!! مالها؟!!!
حاولت تشتيت ذهنه عن الأمر لم لم يستجيب و إنهمر بأسئلته عليها فـ قالت أخيرًا:
- فضلت واقفة عليها أكتر من أربع ساعات .. بشوفك من ورا الإزاز!!!!
صُدم مما قالت، و لم يتحدث، فقط وضع كفُه على خصلاتها من الخلف و قرّب وجهها منه يُقبل جبينها قبلة عميقة تنفسها بها، ثم همس مبتعدًا بشفتيه فقط:
- أنا آسف .. آسف على كل حاجة و حقك عليا على كل حاجة عملتها في حقك وجعتك!!! سامحيني يا نور!!
رفعت عيناها له تقول بحنوٍ:
- أنا مسامحاك!!!
ثم قالت بلهفة تغير مجرى الحديث:
- يلا بقى عشان حبيبي ياكُل!!
ثم ملئت الملعقة بالشوربة و أخذت تُطعمه و تمسح فمه بـ أناملها دون أن تتقزز فيُهيم بها عشقًا أكثر، قطّعت له الفرحة و أطعمتُه و هو يتأمل ملامحها التي إشتاق لها، أنهى الطعام بأكملُه بعد إلحاحٍ منها، ثم أسندت الصينية فوق الكومود مجددًا، نظر هو لها ثم قال بهدوء:
- إرفعي رجلك!!
- ليه؟
قالتها بإستغراب فـ هتف بهدوء:
- إسمعي الكلام بس!!
فعلت لأنها تعلم أنه بالكاد يتكلم، فوضعت كلتا قدميها أمامها، أمسك هو بقدمها اليُمنى، يُفردها قليلًا يُردف:
- إرجعي بجـ.ـسمك لورا شوية!!
فعلت فـ إنفردت قدمها، دلّك لها كاحلها و قدمها برفق وسط إنكماش وجهها من ألمها، إنتقل للأخرى و هو يغمغم بضيق:
- إياكِ تاني مرة تإذي نفسك بالشكل ده .. لما بتإذي نفسك كإنك بتإذيني!!!
قالت بحُزن:
- مكُنتش قادرة أرتاح و أنا شايفاك جوا بتحارب الموت!!
مسح على قدمها بحنان، ثم فرد ذراعها لها لتأتي و تقترب منه فـ فعلت، تستند برأسها فوق صدرُه، ليهمس لها مُتلهفًا:
- أبعت أجيب المأذون؟
ضحكت و نظرت له تومئ برأسها، فـ إنهال على وجهها بالقُبلات الفرِحة مُشتاقًا لكل شيء بها، و بالفعل لم يتوانى عن مُهاتفة ذات المأذون عبر هاتفه الذي بالكاد كان صالحًا للإستخدام، و أتى المأذون في المشفى، مع شهود كان أحدهما زوج دنيا، دُنيا التي سعدت لأنها رأت صديقتها تبتسم من قلبها و أخيرًا، و فورما نطق المأذون بـ "بـ.ـارك لكما و بـ.ـارك عليكما و جمع بينكما في خير" حتى إلتقط أنفاسه و عادت له روحه بعودتها زوجتُه مرةً أخرى، غادر الجميع بما فيهم دُنيا مودعة نور، ليستند برأسه على ظهر الفراش يقول براحةٍ سرت في خلاياه:
- آآآه و أخيرًا .. أخيرًا بقيتي مراتي تاني!!
تابع بشغفٍ يفتح لها ذراعُه و الآخر قد لُف بجبيرةٍ قوية و جبس:
- تعالي في حُضني بقى!!!
 إبتسمت له و ركضات تقبع في أحضانه جالسة جوارُه على فراش المشفى، تحاوط خصرُه ساندة رأسها على صدرُه تغمغم بـ صوتها الذي يُذيبُه:
- بس ده ميمنعش إني لسه زعلانة منك!!
إبتسم و قرص ذقنها قائلًا بمكر:
- أخف بس .. و هصالحك بطريقتي!!
إستشعرت الخبث في كلمـ.ـا.ته فـ قررت مُجاراته تقول بإستنكار:
- طريقتك إيه بس بإيدك المتجبسة دي!!
ضحك من قلبُه ثم مال عليها يقول بنفس النبرة:
- مش مهم .. التانية بتعمل أحلى شُغل!!
شهقت من وقاحته لتضـ.ـر.ب صدرُه فـ تآوه بألم لتضع كفيها فوق شفاهها بخضة تقول مسرعةً و هي تربت على صدرُه:
- يا نهار .. أنا أسفة نسيت والله!!!
- بوسيها بقى!!
قال بملامح مُنكمشة من الألم، فـ إبتسمت تطبع قبلة فوق صدرُه المُغطى بثياب المشفى، و عانقت رقبته تتنهد هامسة:
- كُنت واحشني أوي، حاسة إني عايزة أفضل في حُضنك مطلعش منُه أبدًا عشان أعوض الأيام اللي مكُنتش معايا فيها!!
ضمها لصدرُه مشـ.ـددًا على عناقها و يدُه تسير على ظهرها بدفءٍ، يقول شاردًا:
- أنا من ساعتها مبنامش في سريرنا .. بنام على الكنبة أو في أوضة تانية أصلًا!
مسحت على خصلاته من الخلف تُغمض عيناها غارقة في إحساس أنها بين ذراعيه مُجددًا، تستشعر لمسة ذراعه على خصرها مرةً أخرى، تريح رأسها على كتفُه تارةً .. و تُقبل عنقه تارة أخرى، و هو .. هو ظل صامتًا كفه يمسح على خصرها مُستشعرًا غضاضة جسدها بأحضانه مجددًا، يقسم أن أنفاسها تصل لمسامعُه فـ يسعد بها، يسعد بكونها بين يداه، رائحتها .. يدفن أنفه و يستنشق رائحتها التي بات يدمنها، ثم يعود و يغمر وجهه في خصلاتها مشـ.ـددًا على جسدها، ينعم بـ نعيم أحضانها، يمرر كفُه على خصلاتها المفرودة على ظهرها، أبعد وجهها عنه يحاوط وجنتها بكفٍ واحد، يميل مُقبلًا كل إنش صغير في وجهها بأنفاسٍ تلهّفت لها، إبتسمت و لم تُنبث بشيء، أغمضت عيناها فـ سنحت له الفرصة يُقبل جفونها، ترك وجهها و قبّل عنقها عدة قُبلات أذابتها، حتى رفعت كفيها ووضعتهما على صدرُه تهمس بخفوت:
- فريد .. كفاية!!!
تنهد مُستندًا بشفتيه فوق عظمة الترقوة الخاصة بها، يُقبلها هي الأخرى ثم يغمغم:
- عايز أرجع البيت!!
قالت بتردد:
- ليه .. إنت لسه مش كويس!
رفع وجهه له يمرر إبهامه على شفتيها هامسًا بوله:
- طول مـ إنتِ معايا .. فـ أنا كويس!! بس أنا محتاج أرجع البيت!!
ثم تابع مبتسمًا:
- و عايز أستحمى .. حاسس إني معفن!!
ضحكت من قلبها تعود برأسها للخلف، ثم قبّلت وجنته تقول بحُب:
- إنت زي العسل .. هروح أقول للدكتور ييجي يشوفك عشان لو كدا نمشي!!
قبّل جوار شفتيها و قال بهدوءٍ:
- طيب يا حبيبتي!!
تركها تنهض و تنادي للطبيب الذي أتى يقول بضيق:
- مينفعش يا فريد بيه تمشي دلوقتي!! حالتك لسه لازملها إشراف طبي!!
قال فريد مُصرًا:
- أنا عايز أمشي .. إتخـ.ـنـ.ـقت من قاعدة المُستشفى، و لو على الإشراف فـ مافيش مُشكلة تقدر تيجي كل يوم تطمن!
قال الطبيب بهدوء:
- طيب يا فنـ.ـد.م .. بس تمضي على إقرار إن خروجك هيبقى مسئوليتك مش مسئولية المُستشفى! 
نظرت له نور تقول بقلق:
- طيب يا فريد نُقعد يومين كمان مدام الدكتور بيقول إن الموضوع خطير كدا!!
قال فريد بضيق:
- لاء .. أنا خلاص قررت .. و مافيش مشكلة هاتلي الإقرار أمضي عليه!!!
غادر الطبيب يائسًا من إقناعه، فـ جلست نور أمامه تقول و قد لمعت عيناها بالدمـ.ـو.ع:
- يا فريد .. إسمعني يا حبيبي عشان خاطري أنا خايفة عليك!! لو جرالك حاجة أنا مُمكن أموت فيها والله!!
حاوط وجهها يقول بهدوء:
- ششش إهدي يا عُمري كلُه، متخافيش مش هيحصل حاجه بإذن الله، و زي ما قولت أنا هخلي الدكتور ييجي يطمن كل يوم على وضعي، إتفقنا؟
تنهدت و لم تقتنع بعد، لكن دخول الطبيب منعها من إكمال حديثها، فـ مضى فريد على الإقرار ليقول الطبيب بهدوء:
- تمام كدا .. ثواني و هجيب لحضرتك كُرسي!!!
هدر به فريد بقسوة:
- نعم!!! شايفني مشلول قُدامك ولا إيه؟!!!
قال الطبيب مسرعًا بخجل:
- مش القصد يا فريد باشا، أنا عشان عارف بس إنك مش هتقدر تمشي على رجلك!! 
هتف فريدة بحدة:
- دي حاجه متخُصكش، و أنا لو إحتاجت كرسي هقول!!
- اللي يعجب سيادتك يا فنـ.ـد.م!!
قال الطبيب و غادر، بينما نظرت له نور بحُزن على حاله، يحاوط مقدمة رأسه مغمضًا عيناه، فـ نهضت تقف أمامُه تُربت على ظهرُه قائلة بحنان:
- متدايقش نفسك يا حبيبي!!
رفع رأسه لها يقول بوهن:
- ساعديني أقلع البتاع دي يا نور .. و في حد من الخدم جايبلي لبس عشان ألبسُه!!
- حاضر!!
قالت مُسرعة، ثم ذهبت لتغلق الباب و بدأت في نزع ذلك القماش الطبي من فوق جسدُه تُمزقُه بحذرٍ ليكشف عن صدرُه العاري، أسرعت تأخذ ثيابه لكي لا يبرد تدخل فراغ البنطال في قدمه و لأول مرة لا تخجل منه، بل كانت تصُب جل تركيزها على أن تساعده مهما كلفها الأمر، ساعده في أن يرتدي القميص لكن وضعت كفيها بخصرها بحيرة لا تعلم كيف سيرتدي فوق جبيرة يدُه، ليحسم هو الأمر عنـ.ـد.ما قال بهدوء:
- هاتي مقص و قُصي الكم و خلاص!!
- طيب!
قالتها ثم سألت الممرضة عن مقص فأتت لها به، و بالفعل مزقت الكم لكي يرتديه بشكلٍ صحيح، أخذت حذاءه و لم تتردد في أن تجلس أسفل قدمُه، تُلبسه جواربٍ سوداء اللون، و تُلبسه الحذاء برفق تحرص على ألا تؤلمه، شقت الإبتسامة وجهه و أمامه زوجة لن يعوضها أبدًا، فـ قال يمسح على وجنتها الغضة بإبهامُه:
- إنت .. حياتي!!!
رفعت رأسها له و إبتسمت ثم أكملت ما تفعلُه، و عنـ.ـد.ما إنتهت نهضت تمُد له ذراعها ممسكة بذراعه السليم تقول برفق:
- يلا يا حبيبي إسند عليا و حاول تقوم!!
تنهد و حاول بالفعل الإستناد عليها، فـ يبّست جسدها حتى تتحملُه و فورما وقف حتى تآوه بألم سار في كامل قدمُه، قطّبت حاجبيها  تحاوط خصره بذراعها الآخر جاعله من ذراعُه الصحيح حول رقبتها قائلة بجزعٍ:
- يا حبيبي .. معلش إتحمل!!
أخذت أنفاسه تعلو ثم سار خطوتان يغمغم بضيق:
- ليه مش قادر أمشي عليها!!! 
قالت بهدوء:
- يا فريد إنت عملت حادثة قوية .. ده طبيعي إن جـ.ـسمك كله يبقى مش مستحمل و فيه رضوض!! بإذن الله كل ده هيلتئم و هتتعافى!!
سار معها مغمضًا عيناه بتعب، فـ قالت بتردد:
- نجيب الكُرسي؟!
- لـاء!!
قال بحدةٍ يعود فاتحًا عيناه، فـ ربتت على ظهرُه تقول بحنوٍ:
- طيب إهدى خلاص!!
سارا إلى الرواق بخطواتٍ بطيئة، حتى وصلا إلى سيارة فريد التي كان سائقها ينتظرهما بها، و فورما رآه حتى ترجل من السيارة يفتح له الباب قائلًا بحزن على حال رب عمله:
- ألف مليون سلامة على حضرتك يا فريد بيه!! 
أعطاه فريد إبتسامة خفيفة، و ساعدته نور في أن يصعد بالسيارة في الخلف، ثم أغلقت الباب و ذهبت للناحية الأخرى كي تصعد جواره دون أن تجعله يفسح لها، تحركت السيارة بهم فـ أسند رأسه للخلف مُغمضًا عيناه، وجّهت جسده له تربت على صدرُه تحاول أن تكُن داعم نفسي له، ثم أسندت برفق رأسها على صدرُه و لازالت أنامله الصغيرة تربت على صدرُه بحنانٍ جعلها يضمها لها أكثر، و بعد نصف ساعة وصلا، فـ ترجلت من السيارة أولًا وساعدته في أن يترجل منها، سارت معه حتى وصلا لجناحهما، ظلت معه حتى جلس على فراشهما و أراح ظهرُه عليه يتآوه من مشقةٍ بذلها في مجرد السير، جلست جواره تغلغل أناملها في خُصلاته فأغمض عيناه يستمع لصوتها العذب و هي تقول:
- ألف سلامة عليك!
ثم همت بالنهوض لكنه أمسك بكفها يقول و هو ينظر لها:
- رايحة فين؟
- هقلّعك الجزمة!
قالتها ببراءةٍ مُشيرة على حذائه فـ حرق قدمه بحذر ينزعهما قائلًا بضيق:
- آدي الزفتة .. خليكِ قاعدة!!
إبتسمت قائلة:
- حاضر
- نامي جنبي .. تعالي في حُضني!!
قالها بخشونةٍ يفرد ذراعها لها فـ إستلقت جوارُه على صدرُه تحاوط خصره، أغمض عيناه يمسح على خُصلاتها مُغمغمًا بـ :
- يعني يرضي مين تبقى مراتي في حُضني .. و مش قادر أقرّبها عشان مش قادر أحرك شبر فيا!!!
تعلم أن الأمر حساس للغاية بالنسبةِ له، فـ حاول تلطيف الأجواء و أخذ الأمر بدعابةٍ قائلة و هي ترفع رأسها له تمسح فوق ذقنُه:
- إنت دماغك قليلة الأدب ليه! م أنا في حُضنك أهو عايز إيه تاني؟
نظر لها بنزقٍ يقول:
- إنتِ مش مُتخيلة ولا هتفهمي أنا مدايق أد إيه!!
نهضت على ركبتيها تشهق قائلة بصدمةٍ زائفة محاوطة وجهه بكفيها:
- يا نهار مش فايت!!! حبيب قلبي فريدة فرودة مدايق و أنا معاه!! إخص على الزمن و الدنيا و الناس!!
منع إبتسامة من الظهور على وجهه يتابع حركاتها الطفولية، لتنفرج أساريرُه عنـ.ـد.ما مالت عليه تُقبل وجنتيه و عيناه و ذقنه و جبينه بقبلاتٍ سريعة مـ.ـجـ.ـنو.نة تقول:
- لازم أصالحك .. مش ممكن .. متحاولش هصالحك يعني هصالحك!!
ضحك من قلبُه ثم غمز لها بخبث قائلًا:
- طب في حتة في وشي لسة مبوستيهاش!
وقع طرف إنملها فوق أرنبة أنفُه تقول بضيق زائف:
- شايف بقى قلة الأدب!! و مع ذلك عشان إنت حبيبي بس هعملها!!
طبعت شفتيها فوق شفتيه بقبلة سريعة أنعشت قلبُه، ليحاوط خصرها يقول بهدوء مشيرًا إلى معدتُه:
- أُقعدي! 
نظرت له بتردد قائلة:
- ما بلاش .. جـ.ـسمك هيوجـ.ـعك و أنا تقيلة أصلًا!!
أمسك بقدميها و دفعها بلُطف لتجلس على معدته بالفعل، ثم جذبها له يحاوط وجهها قائلًا و عيناه تلمع بالرغبة:
- نور!!
- إيه يا حبيبي!!
قالت بلُطفٍ تتأمل عيناه، و قبل أن ينطق وجدها تقول بعفوية:
- تعرف إن عنيك خطيرة؟
- أنا عايزك!!
قالها متغافلًا تمامًا عما قالت محددًا هدفه، لكنها هتفت في محاولة بائسة لتشتيت عقلُه:
- بحبها أوي .. مع إنها بُني عادي و بُني غامق بس بجد بموت فيها!!
- و أنا بموت فيكِ .. و عايزك!!!
قالها و كأنه يؤكد لها أنها لن تُحيدُه عما يُريد، طالعتُه بهدوء و مالت عليه تحاوط رقبته تعانقُه قائلة بهمسٍ:
- مينفعش يا حبيبي .. هتتعب أكتر!!
قال بضيق:
- لاء مش هتعب ملكيش دعوة إنتِ!!
نفت برأسها تقول بحنان:
- ماليس دعوة إزاي يا فريد، و الله ماينفع الدكتور مانع أي مجهود عليك!! عشان خاطري إسمع كلامي و يومين تلاتة لما تتحسن ساعتها هنبقى نتكلم!!
إنفلتت أعصابُه فـ أبعدها برفق عنه يقول بحدة:
- متحسسينيش إني عاجز يا نور!!!
تلك النقطة التي لم تكُن تريد الوصول لها من البداية، فـ قررت التعامل معه بحذر شـ.ـديد تثول بضيق:
- ليه بتقول كدا يا فريد بعد الشر عليك من العجَز، يا حبيبي و الله أنا كمان عايزة أكون معاك بس أنا خايفة تتعب!، ليه على طول بتفهمني غلط؟ أنا هقوم!!
همّت بالنهوض لولا يدُه التي ثبتتها يتنهد قائلًا مزيحًا خصلاتها عن وجهها:
- لاء متقوميش، حقك عليا يا حبيبتي بس أنا بجد مش طايق نفسي!!
قالت بهدوء:
- حصل خير .. يلا عشان ننام!
ثم إبتعدت عنه تغلق الأنوار و تعود لتستلقى جواره، أعطاها ظهره من شـ.ـدة ضيقُه فهجمت عليه من الخلف تحاوط خصره تُداعب قدميه بقدميها قائلة بطفولية:
- لولا بس إنك تعبان كان زماني عاقبتك على حركة زي دي!! 
تنهد و إلتفت لها، ليأخذها بأحضانه فتغمر وجهها بصدرُه، يتحسس خصلاتها الناعمة و يمسد فوقها حتى شعر بها نامت، فـ نام هو الآخر يحاول كتم تلك الأصوات المزعجة من عقلُه!
• • • • • •
مرّ شهرٌ كامل، شهر كانت معه في كل شيء، لم تذهب لعملها فقط كي تكُن جواره و تخدمه بعيناها، حتى تعافى إلى حدٍ كبير و أصبح يسير بمُفرده دون مساعدتها مع العلاج الطبيعي الذي ساعده كثيرًا، حتى أن ذراعه المجبور بات يحركه بحرية، و في أحد الأيام، كانت نائمة بأحضانُه تحاول إقناعه بأنها لن تستطيع ترك العمل، تقول برجاء:
- يا فريد .. والله ما هقدر أقعد من غير شغل خلاص أدمنتُه!!!
قال بحدةٍ:
- أبو الشغل في الأرض، مافيش شغل خلاص ده كان زمان!!
- طب ليه!! قول سبب مقنع!
قالت بحدةٍ أكبر فـ هدر بها:
- مش عايز حد يؤمر مراتي و يقولها تعمل إيه و متعملش إيه!! شايفاني قُرني قدامك!!!
- طب والحل؟!!
قالت بضيق تكتف ذراعيها، فـ هتف و عيناه تسير على عبوس محياها:
- عايزة تشتغلي يبقى عندي و تحت عنيا، الشركة مليانة موظفين هشغلك فيها!!
- طيب!
قالت زامة شفتيها، فـ قال و هو يميل مُقبلًا جوار ثغرها:
- بقولك إيه بقى .. أنا بقالي شهرين .. 60 يوم مجيتش جنبك، مش كفاية كدا؟
إبتسمت قائلة:
- بصراحة إنت أنجزت!، بس بردو لسه!!
قالت آخر جملتها بجدية فـ صرخ بوجهها:
- إنسي ياما الكلام ده! أنا حاسس إني مش متجوز!
- أنا الغلطانة إني خايفة عليك يا فريد فرودة؟!!
قال ببراءة زائفة فـ هتف بحدةٍ:
- بلا فرودة بلا زفت، أنا مش بهزر دلوقتي أنا بجد عايزك!
حاوطت عنقه تقول بدلعٍ:
- م أنا معاك و في حـ.ـضـ.ـنك أهو!!
- متستعـ.ـبـ.ـطيش يا نور!!
قال بغضبٍ فـ إمتصتُه مسرعة تقول بهدوء:
- طيب خلاص، أنا معنديش مشكلة! 
إبتسم فجأة فـ ضحكت على تحول تعابير وجهه المفاجئة و قالت:
- إيه الفرحة دي!!
قال و عيناه ثُبتت على شفتيها:
- طبعًا لازم أبقى فرحان، مش هتبقى في حُضني ألذ و أطعم بني آدمة في الدنيا!!
إبتسمت تحاوط وجنتُه تهمس بـ حُب:
- و أنا هبقى في حـ.ـضـ.ـن أحسن .. و أحلى و أحن راجـ.ـل في الدُنيا!
إنهال على شفتيها يستنشق رحيقهما كـ بتلات وردٍ تفتّحت على يدُه، بجوعٍ له مبرر ينهل من كُل إنشٍ منها دون أن يشبع، و دون أن تعارضه هي!!
 • • • • • •
وضعت كفها فوق شفتيها و هي تنظر لذلك الإختبـ.ـار ابمنزلي للحمل، تمسكه بكفٍ يرتعش لتضمه بين كفيها و عيناها تلمع بالدمعات، تخرج من الغرفة فوجدته نائم على معدته عاري الصدر، إتجهت ناحيته و الصدمة ملئت قلبها، جلس جواره، ثم مدّت كفها تضعه على ظهره تقول بصوتٍ يرتجف:
- فريد .. فريد قوم!!
همهم بنعاسٍ و أدار وجهه لها ينام على ظهره قائلًا بصوته الناعس:
- في إيه؟ إنتِ كويسة!!
إنهمرت دمعاتها تنفجر في البكاء دون أن تتحدث، إنتفض ينهض جالسًا يحاوط وجنتها قائلًا بصوتٍ قلق:
- ششش في إيه!! مالك يا حبيبي إهدي؟!!
رفعت أمام وجهه الإختبـ.ـار الطبي، نظر لها و لم يفهم، يقول و هو يلتقطه بكفه:
- ده إيه؟
- إختـ .. ـبـ.ـار حـ .. حمل!!!
قال ببكاء، فـ توسعت عيناه يقول مبتسمًا:
- طلعتي حامل؟!
أومأت برأسها فـ إلتقطها بأحضانه من فرحته يصـ.ـر.خ بسعادة:
- و بتعيطي!!! بتعيطي يا هبلة!!!
حاوطت عنقه تبكي أكثر فـ أبعدها عنه يقول بفرحة:
- بس كفاية!! ليه العـ.ـيا.ط ده كله!!
غمغمت ببراءة وسط بكائها:
- أنا فرحانة أوي .. أوي والله متفهمنيش .. غلط أنا بعيط من كُتر م أنا مبسوطة و مش متخيل بجد إني هبقى أم!!
ضم رأسها لصدرها يقول بسعادة إن ووُزعت على العالم بأكمله ستفيض، ثم أبعدها يحاوط وجهها ساندًا برأسه فوق رأسها قائلًا بعشق:
- الحمدلله! هيبقى عندي نُسخة مُصغرة من أكتر بني آدمة بعشقها!!!
ضحكت و عانقتُه بقوة من شـ.ـدة فرحتها، تريح رأسها على كتفه، لتُكتب نهاية قصة الزيات .. و هواه الذي جعل منهُ شخصًا آخر لا يهمه سوى من هواها و لا يعنيه سوى فرحها و حزنها، تلك من هواها بجوارحه بأكملها، و جعلها تتربع على عرش قلبُه دون غيرها، لتُخرج منه هواه .. هوى الزيات""
تمت بحمد الله♥

لو خلصتي الرواية دي وعايزة تقرأيي رواية تانية بنرشحلك الرواية دي جدا ومتأكدين انها هتعجبك 👇

تعليقات