رواية علي ذمة ذئب هي رواية رومانسية تقع احداثها بين عز الدين وياسمين والرواية من تأليف اميرة مدحت في عالم مليء بالتناقضات والأسرار تتشابك مصائر شخصيات رواية علي ذمة ذئب لتجد نفسها في مواجهة قرارات صعبة تُغير مجرى حياتهم إلى الأبد ان رواية علي ذمة ذئب هي قصة عن الحب الذي يتحدى الزمن والمصير الذي يفرض نفسه والأرواح التي تسعى خلف الحرية والسعادة بين الأمل واليأس وبين القوة والضعف ينسج رواية علي ذمة ذئب تفاصيل حياتهم في معركة غير متكافئة مع القدر لتكشف كل صفحة عن لغز جديد يقود القارئ نحو نهاية غير متوقعة
رواية علي ذمة ذئب من الفصل الاول للاخير بقلم اميرة مدحت
أيها القاسي الغادر..
أنني لم أصدق يومًا أني سأعشق..
من أخذني بين يديه في غفلة من الزمن..
فأنا أحبك وأكرهك في نفس الوقت..
ولكن أصبحت أعلم أنني لم أعد أقدر على فراقك..
فلقد أصبح قلبي جريح ويملؤه الحب والعشق بين الريح..
**********
((الفصل الأول))
عز الدين السيوفي في أواخر العشرينات، رجل أعمال ناجح، يمتلك جـ.ـسم رياضي قوي، وعيون بلون الرمادي والشعر البني الغزير الناعم، عُرف عنه بأنه شاب قاسي ومغــــرور.
-في إحدى الأماكن الراقية بالزمالك..
أستيقظ شاب من نومه على صوت هاتفه الذى يدق غرفته، فأمسك هاتفه ونظر إليه فوجد أن المتصل ((إيهاب))، فأعتدل على الفراش ليظهر صدره العاري وأجاب على الهاتف.
عز الدين بصوت متحشرج من النوم:
_أيوة يا إيهاب، إيه هو أنت لحقت تنام؟؟..
-آه لحقت، ما إنت عارف أني دايماً بصحى من النوم بدري حتى لو نايم متأخر.
نظر "عز الدين" على ساعة الحائط فوجد أن الساعة ثمانية صباحاً فهتف:
-ياريت كنت أبقى زيك.
-يلا معلش، المهم إنت هتيجي الشركة النهاردة ولا لأ؟؟.
عز الدين وهو يهبط من على الفراش:
_لأ هاجي طبعاً، ساعة بالكتيـر وهكون عندك.
-تمام يا عز وأنا هستناك في الشركة، سلام.
-سلام.
إيهاب محمود شاب في أواخر العشرينات، يتميز بوسامته الشـ.ـديدة حيثُ البشرة البيضاء والعيون بلون العسلي وهو يعمل مدير مكتب "عز الدين السيوفي" وهو صديق "عز الدين" المُقرب.
وقف "عز الدين" وأتجه إلى المرحاض قبل أن يذهب إلى الشركه الخاصه به.
************
-في مكان آخر..
أستيقظت فتاة بنشاط كعادتها، ثم نهضت من على الفراش ودلفت للمرحاض لتتوضأ وبعد مرور عدة دقائق خرجت وقامت بـ.ـارتداء الأسدال وأدت صلاتها بخشوع وهي تدعى الله أن يرحم والديها وأن يقف بجانبها دائماً، أنهت الفتاة صلاتها ونهضت من مكانها وهي تطبق سجادة صلاتها ولكن توقفت عنـ.ـد.ما سمعت صوت هاتفها يعلن عن إتصال ما، فأتجهت مسرعة وأمسكت هاتفها فوجدت أن المتصلة هي ((منى)) فـ ردت على الفور، ثم..
-ألو يا ياسمين.
-الو يا حبيبتي، عاملة إيه النهاردة.
-زي الفُل والحمدالله وأنتي؟؟..
-لأ أنا مش كويسة خالص يا منمن.
-ليه بس؟؟..
-الشغل الأيام إللي فاتت دي متعب أوي.
ثم اضافت بمرح:
_فينك يا بدران بيه.
-ياسمين هو أنتي ليه رفضتي عرض بدران بيه إنك تشتغلي عند إبنه سكرتيرة.
-لأني سمعت عن إبنه أنه قاسي ومتعجرف وأنا مش قد الأتنين.
-هو أنتي تعرفى إسمه؟؟..
-معرفش ومش عايزه أعرف.
ثم أضافت:
-بقولك إيه إنتي هتروحي المستشفى النهاردة؟؟..
-آه طبعاً هروح.
-طب بقولك إيه يا قمر، أنا هقفل معاكي دلوقتي عشان أقوم ألبس ونتكلم بعدين.
-أوكي، يالا باي.
-باي
ياسمين صابر ذات 26 عام، تعمل في شركة بدران السيوفى كمديرة مكتبه، تتميز بالبشرة البيضاء والعيون الخضراء والشعر البني الحرير الذى يصل إلى منتصف خصرها.
منى عاثم هي فتاة تبلغ من العمر 27 عام، تتميز بالبشرة البيضاء والعيون السوداء، والشعر الأسود الناعم، تعمل في إحدى المستشفيات الخاصة وهي صديقة "ياسمين" منذ الطفولة.
************
انتهى "عز الدين" من أرتداء ملابسه حيث أرتدى بذلة سوداء وقميص أبيض وكرفات سوداء وأتجه إلى المرآة ليمشط شعره، وبعد عدة ثواني كان أنتهى من تمشيط شعره ووضع عطره المفضل، وبعدها خرج من الغرفة بخطوات ثابتة، وهبط إلى الاسفل ليخرج من الڤيلا وأتجه نحو سيارته ليجلس خلف مقود القيادة وأنطلق مسرعًا نحو شركته.
**************
وصلت "ياسمين" إلى الشركة التي تعمل بها وألقت على الموظفين والموظفات التحية ليبادلوها السلام بحرارة.
دخلت "ياسمين" مكتبها وجلست وبدأت بالعمل، ولكن قاطع عملها دخول موظف يُدعى "علاء" وهو يمسك بعض الأوراق، ثم..
علاء:
_صباح الخير يا أستاذة ياسمين.
ياسمين:
_صباح النور، خير في إيه؟؟..
علاء وهو يعطيها الورق:
-الورق ده عاوز توقيع من رئيس مجلس الإدارة.
ياسمين وهي تأخذ الورق:
-أيوة بس بدران بيه سافر وأنت عارف ده كويس.
علاء بجدية:
_يا أستاذة دي مصـ يـ بـةالمفروض يتمضي بكتير النهاردة.
كادت أن تتكلم ولكن دخول بعض من الموظفين والموظفات بإندفاع جعلها تصمت وهي تنظر لهم بذهول.
أحد الموظفين:
_أستاذة ياسمين الورق ده لازم يتمضي، إحنا ممكن نروح في داهية.
إحدى الموظفات:
-فعلاً يا أستاذة الورق ده لازم يتمضي في أسرع وقت ممكن، ده ريسك كبير أوي على الشركة.
علاء:
_الوضوع ده أول مره يحصل في الشركه، بس أكيد في حل.
أخذت تفكر "ياسمين" في حل تلك المشكلة التى يمكن أن تجعلهم يذهبوا إلى الجحيم ولكن أستمعت حل من أحد الموظفين الذي قال:
-مفيش غير حل واحد وهو أن أستاذه ياسمين تروح لإبن بدران بيه وتخليه يمضي على الورق، ماهوا ماسك شركات والده ولا إيه.
ياسمين بخفوت:
_ينهار أسود، ربنا يسامحك يا منى، أهو دلوقتي هشوفو.
علاء :
_هاا يا أستاذة؟
ياسمين :
_ طيب يا جماعة، خلاص هاروح عنده بس هو أولاً أسمه إيه ؟؟..
علاء:
_مستر عز الدين.
ياسمين :
_طب حد معاه رقم تليفونه أو عنوان شركته إللي بيروحها.
هب أحد الموظفين :
_انا معايا العنوان.
ياسمين بلهفة:
_طب هاته بسرعة.
قال لها الموظف العنوان بطريقة بسيطة ثم دونته "ياسمين" في ورقة وأخذت حقيبتها والورق وهتفت للموظفين :
-خلاص يا جماعه أنا هاروح دلوقتي، يالا سلام.
الجميع :
_سلام يا أستاذه.
علاؤ في سره :
_ربنا معاكي يا أستاذه، لأنك أنتي مش رايحة شركة إنتي رايحة الجحيم.
***********
وصل "عز الدين" وتوجه نحو شركته الخاصة، فوقف الجميع احتراماً له ولكن لم ينظر لهم وتوجه إلى مكتبه، فوجد بالفعل أن "إيهاب" منتظره بالفعل، ثم..
إيهاب :
-حمدالله على السلامة.
- الله يسلمك.
ثم أضاف:
_قعد يا إيهاب علشان أنا عاوز أتكلم معاك في حاجة.
جلس "إيهاب" وهتف:
_خير يا عز.
عز بتنهيدة :
_في حاجى قلقاني من ناحية بابا.
-حاجه إيه ؟؟..
-أنا ملاحظ إن في بـ.ـنت من الموظفين إللي بيشتغلوا عنده بترسم عليه، يعني أبويا كل ميشوفني يفضل يكلمني عنها، بإختصار أنا شايف أن البـ.ـنت دي بترسم عليه.
إيهاب :
_طب مين البـ.ـنت دي ؟؟..
عز وهو يأخذ نفس عميق :
_ياسمين صابر.
إيهاب بصدmة:
_نعم، إنت بتقول إيه ؟؟..
عز بثقة :
_ياسمين صابر
إيهاب :
_مش معقول، مش ممكن.
عز بإستغراب :
_هو إيه إللي مش ممكن.
إيهاب بغـــضــــب :
_البـ.ـنت إللي بتتكلم عنها دي من أحسن البنات إللي ممكن تشوفهم
عز:
-أسمع يا إيهاب، أنا واثق من إللي بقوله و...
قاطعه "إيهاب":
_عز مش علشان بـ.ـنت سـ.ـا.فلة ضحكت عليك و...
قاطعه "عز الدين" بصوت جهورى:
_إيهاااب..
صمت "إيهاب" عنـ.ـد.ما هتف بأسمه بتلك النبرة، فهو يعلم أنه لا يحب أن يتذكر تلك الأيام التي عاشها، وشعر بألــم عميق الذي بداخل صديقه ولكن قال:
_معلش يا عز أنا مكنتش أقصد، بس علشان خاطري ملكش دعوة بيها.
عز الدين بعد تفكير طويل:
-ماشي علشان خاطرك أنت بس، لكن لو حسيت الإحساس ده تاني مش هعدي الموضوع على خير.
كاد "إيهاب" أن يتكلم ولكن قاطع هذا الكلام عند دخول السكرتيرة و...
سكرتيرة:
_مستر عز في واحدة عاوزة تقابل حضرتك ضروري.
عز بإستغراب :
_واحد، واحدة مين ؟؟..
سكرتيرة:
_بتقول أنها مديرة مكتب بدران بيه السيوفى والد حضرتك.
عز بشك وتوجس: أسمها إيه ؟؟..
سكرتيرة:
_ياسمين صابر
↚
نظر "عز الدين" لسكرتيرة بصدmة، فهو لم يتوقع أبداً أنه في يوم من الأيام ستأتي، ولكن ها هو سيراها..
وكذلك "إيهاب" الذي نظر أيضًا لسكرتيرة بذهول، فهو لم يتوقع أنها ستأتي هنا وخاصةً أنه مُنذ قليل كان يتحدث عنها مع رفيقه، ولكن السؤال الذي سأله لنفسه هو نفس السؤال الذي يسأله "عز الدين".
_لماذا أتت إلى هنا؟؟..
ولكن قطع تفكيرهم وشرودهم صوت السكرتيرة التي قالت لهما بنبرة رسمية :
_مستر عز، أدخل الأستاذة ولا لأ؟
عز بثبات :
-لأ دخليها وجبيلي القهوة بتاعتي.
سكرتيرة :
-حاضر يا مستر .
ثم غادرت السكرتيرة من مكتبه فنظر "إيهاب" لـ" عز الدين" فوجده ينظر للأمام بشرود ويبتسم إبتسامة غريبة ولكن شعر بعدm الراحة من تلك الإبتسامة.
إيهاب مُتسائلاً :
_أنت ناوب على إيه ؟؟..
عزالدين :
_بعدين هتعرف، بس أنا عاوزك تطلع دلوقتي .
إيهاب وقد أصابته الصاعقة :
_نعم !!!..
عز الدين بصرامة:
_زي ما سمعت.
إيهاب بضيق :
_ماشي
وقف "إيهاب" وهو مُنزعج من طريقه "عز الدين" وأقترب من الباب وأمسك بالمقبض وأداره ثم دلف للخارج، رأى "ياسمين" تتجه نحوه و..
ياسمين ببسمة :
_إزيك يا إيهاب.
إيهاب بابتسامة :
_الحمدالله إنتى إللي عامله إيه ؟؟..
ياسمين :
_الحمدالله.
إيهاب :
_آه صحيح إيه إللي جابك الشركة؟؟..
ياسمين بضيق :
_في ورق لازم يتمضي فهخلي مستر عز يمضي عليه.
إيهاب بإضطراب :
_هو مكنش ينفع تستني لحد ما بدران بيه ما يرجع بسلامة.
ياسمين :
_للأسف لأ.
إيهاب بتنهيدة :
_ربنا معاكي.
ياسمين :
_يارب، طب أنا هدخل بقا، سلام.
إيهاب :
-سلام
**********
_بداخل مكتب "عز الدين"
ترقب "عز الدين" دخول تلك الفتاة بفضول كبير حيث أستند بظهره على سطح مكتبه وعقد ساعديه أمام صدره وسلط بصره الحاد على الباب.
فتحت "ياسمين" باب المكتب بعد أن أخذت نفساً مطولاً، وسارت بخطوات ثابتة إلى الداخل.
وقفت أمام مكتب "عز الدين" ونظرت إليه وقالت :
_صباح الخير يا مستر عز.
تجاهلها "عز الدين" ووقف بثبات ووضع كفي يده بداخل جيب بنطاله وأمعن النظر فيها، ثم..
_صباح النور، أقدر أعرف السبب إللي جابك لحد شركتي؟؟..
_أكيد حضرتك عارف أن والدك سافر، بس كان في ورق مهم جداً بتاع شحنتين إللي جايين من إيطاليا لسه متمضاش وكان ضروري يعني يتمضي النهاردة بكتير، فمفيش غير حضرتك إللي يقدر يمضي بدل بدران بيه .
أخذ ينظر لها "عز الدين" نظرات مُتفحصة، فإنه لا ينكر أنها فتاه ذات جمال، ولكنه نفض تلك الفكرة مؤقتًا.
ياسمين :
_مستر عز، أتفضل الورق أهو، أمضي علشان ألحق أبعت نسخة توقيعك لفرع الشركة.
أخذ "عز الدين" الورق من "ياسمين"، أما هي فكانت تعطيه الورق بحرص وتوجس حتى أخذه منها وبدأ بالأمضى.
عز الدين:
_ كويس إنك بتهتمي بشغلك وكويس كمان إنك تيجي عندي.
ثم نظر لها نظرة قاسية:
_أحسن من إن أجي عندك.
بلعت "ياسمين" ريقها بصعوبة بالغة وهي تجاهد أن تظهر اللامبالاة ولكن ما الذي يقصده أن يأتي إليها ؟!..
أهو يعرفها ؟! وإذا يعرفها فكيف ؟!
أسئلة كثيرة.. أخذت تسألها "ياسمين" لنفسها ولكن نفضت تلك الافكار وأنتظرت أن يعطيها الورق ولكن شعرت بالغـــضــــب عنـ.ـد.ما هتف عز الدين :
_إنتي يا بت.
_نعم !!.. إيه بت دي، أنا ليا أسم على فكرة.
_اياً كان إسمك فده ميفرقش معايا.
_أستغفر الله العظيم، ياريت يا مستر عز تتكلم بأسلوب كويس.
_بقى واحدة زيك هي إللي هتعلمني أتكلم إزاي؟
_ومالها الواحدة إللي زيي وبعدين أنا مش فاضية أتكلم مع واحد زيك.
وكادت أن تذهب ولكن أمسكها "عز الدين" من معصمها وهو يبتسم إبتسامة جانبية ولكن لم يتوقع أن تنفجر فيه غـــضــــباً بتلك الطريقة، فلقد لكمته بقوه في فكه لتختفي الإبتسامة سريعاً، وتراجع للخلف ووضع كفي يده على فمه ليتحسس موضع الألــم وقد أشتعلت عينيه كجمرتين من النار.
_ياسمين :
_إزاي تتجرأ وتمسكني كده، إيه فاكرني واحده من إياهم، أوعى تكون فاكر أنى هسمحلك إنك تطلع قسوتك عليا، وبعدين أنا جايه علشان شغل مش علشان تمسك أيديا يا أستاذ إنت.
ثم إبتسمت بإستفزاز وهي تمسك الورق :
_وشكراً على الأمضى، عن إذنك.
ثم أولته ظهرها لتمسك بمقبض الباب وقبل أن تديره تفاجئت به يجذبها ناحيته، ثم لوى ذراعها خلف ظهرها، وقربها إليه بشـ.ـدة وأمسك معصمها الآخر بقبضة يده، وحدق مباشرةً في عينيها المذعورتين بنظرات مخيفة وابتسم إبتسامة مخيفة.
امّا "إيهاب" فكان يقف في الخارج وهو يشعر بتـ.ـو.تر ولكن قرر أن يدخل وبالفعل فتح باب الغرفة ولكن تسمر مكانه وبدون تفكير اتجه نحوهم وهتف بصراخ:
_إيه إللي إنت بتعمله ده يا عز؟؟..
عز بنبره هادرة:
_أنت إيه إللي داخلك أصلاً؟؟..
لم يستمع إليه "إيهاب" بل كان يحاول أن يستغل جــــســ ـده في الحول بينه وبين "ياسمين" وقام بدفعه إلى الخلف بعيداً عنها.
إيهاب بلهفة:
_ياسمين أخرجي من المكتب بسرعة.
تلاحقت أنفاس "ياسمين" وشحب لون وجهها بعد الذي عانته، فـ لولا تدخل "إيهاب" لـ كانت في ملكوت آخر.
أستغلت هي الفرصة بوجود "إيهاب" مع هذا الذئب فركضت مسرعة فى إتجاه الباب وفتحته وهرولت للخارج، وحاوت مقاومة ذلك الدوار الذي آتاها فجأة.
↚
-بداخل مكتب عز الدين السيوفي.
_إزاى تعمل كده، إنت أتجننت ولا إيه؟؟..
هتف بها "عز الدين" لـ "إيهاب" وهو يصيح به غـــضــــباً، فنظر له الآخر بغـــضــــب وهتف :
_إللي عملته هو الصح، إنت إللي إزاي تعمل كده، إنت ناسي إحنا فين؟؟..
عز الدين بنبره هادرة:
_وإنت مالك؟؟.. بتدخل ليه ؟؟.. أنا كنت عاوز أربيها.
قال "إيهاب" وهو يصيح بعصبية :
_يأخي فوق، فوق بقا من البـ.ـنت القذره إللي خلتك كده، فوق بقا علشان خاطر نفسك.
عز بغـــضــــب جامح:
_إيهاب سبني في حالي دلوقتي، عشان لو قمت هفقد أعصابي معاك، وشوف الزفتة البرة دي مجبتش القهوة لغاية دلوقتي ليه ؟؟..
إيهاب بذهول:
_بردو بتشتم، حاضر أنا هسيبك تهدا دلوقتي وهبعتلك القهوة، بس أهدى بقا ياريت.
لم يرد عليه "عز الدين" بل أكتفى بأن ينظر إليه، فتركه "إيهاب" وخرج من المكتب، أمّا هو فظلت صورة "ياسمين" أمام عينيه وأخذ يتواعد "عز الدين" لها وبأنه لن يرحمها أبداً وستدفع ثمن تلك الصفعة التي أعطتها له.
عز الدين بتواعد :
_ماشي يا ياسمين، إنتي إللي بدأتي يبقى تستحملي إيه إللي هيحصلك، ومبقاش "عز الدين السيوفي" لو مدفعتكيش تمن القلم إللي أدتهولي.
قال أواخر كلمـ.ـا.ته وهو يضع كفى يده على فمه ليتحسس موضع الألــم.
************
بعد أن خرجت "ياسمين" من الشركة، أخذت تحاول أن تتنفس بصوره طبيعية وأخذت تتحسس نبضات قلبها، وكان وجهها قد بدأ بالشحوب، فهي لم يحدث لها هكذا من قبل ولكن فجأة.. شعرت بمن يضع يديه على ذراعيها، فالتفتت مسرعة وهي تشعر بالفزع لترى أن من وضع يديه على ذراعيها هي صديقتها "منى" وكانت ملامحها توحى بالاندهاش والقلق.
عنـ.ـد.ما رأتها "ياسمين" أرتمت في أحضانها غير عابئة أنها في مكان عام، تفاجئت "منى" بدmـ.ـو.عها، فهى لأول مرة تراها في تلك الحالة، فأخذت تحتضنها بشـ.ـدة ولكن هتفا بداخلها: ما الذي حدث لها لتكون بتلك الحالة ؟؟..
أبتعدت "ياسمين" عنها وقد أصبح وجهها شاحب، فهتفت "منى" بقلق وخــــوف :
_مالك يا حبيبتي، مالك في إيه ؟؟..
ياسمين بتعب :
_مش قادرة اتكلم يا منى، حتى أنا مش قادرة أسوق العربية، ينفع أنتي إللي تسوقي.
منى بإيجاز :
_حاضر يا حبيبتي، تعالي معايا يالا.
ياسمين بدوار :
_أنا مش قادرة أحرك رجلي.
**********
وفى نفس الوقت كان قد خرج "إيهاب" من مكتب "عز الدين" وكاد أن يتجه نحو السكرتيرة عنـ.ـد.ما سمع صوت الباب الخاص بمكتب صديقه، فالتفت ليراه يتجه نحوه.
إيهاب بتساؤل:
_إيه إللي خرجك؟؟..
عز : إيهاب ، انا مش عاوز كلام
_مستر عز.
هتفت بها السكرتيرة وهي تحمل هاتف محمول ومتوحه نحوهم.
السكرتيرة بجدية:
_مستر عز، الأستاذة ياسمين تليفونها وقع وهي بتجري .
أعطته السكرتيرة الهاتف الخاص بـ "ياسمين"، فـ أخذه "عز الدين" واتجه مسرعاً نحو المصعد فلحقه "إيهاب"
.
إيهاب: أستني يا عز، أنا جاي معاك.
عزالدين: لأ متجيش، يالا أمشي.
إيهاب بإصرار :
_لأ مش همشي وهاجي يعني هاجي.
عز الدين :
_بلاش الأسلوب ده وأمشى يالا.
إيهاب بصرامة :
-أنا على جثتي أنى أسيبك وتقف لوحدها معاك، لأني خايف عليها منك.
تنهد "عز الدين" تنهيدة حارة واتجه مسرعاً نحو خارج الشركة ولحقه "إيهاب".
أخذ "عز الدين" يبحث عنها بعينيه وكذلك "إيهاب"، فوجدوها تقف مع فتاة وتتحدث معها، فأتجه "عز الدين" نحوها بخطوات ثابتة وقد أظلمت عينيه قليلاً عنـ.ـد.ما تذكر ما حدث منذ قليل .
ياسمين بتعب :
_منى، أنا مش قادرة أمشي، حاسة أني دايخة أوي.
هتفت بتلك الكلمـ.ـا.ت وهي تضع يديها على رأسها وأغمضت عينيها بقوة محاولة أن تتماسك ولكن ما أن سمعت صوته الذي كان يهتف بأسمها، حتى فتحت عينيها سريعًا وعنـ.ـد.ما رأته يقف بشموخه، شعرت بأن ساقيها ترتجف ولا تستطيع المقاومة أكثر من ذلك.
شعر بها "إيهاب" و"منى" بحالتها، ولكن "عز الدين" لا يعرف ما هذا الشعور الذي بداخله فهو يشعر بإنتصار لكونه يراها فى تلك الحالة.
إيهاب بتـ.ـو.تر:
_ياسمين ، إنتي نسيتي موبيلك!
منى بتساؤل وتعجب :
_إنتوا مين ؟؟..
_هتفت بتلك الكلمتين وهي تنظر لـ "عز الدين" بريبة ووجهت نظرها نحو "ياسمين" التي أصبح جــــســ ـدها ككتله ثلج.
لم تستطع "ياسمين" المقاومة أكثر من ذلك فـ أستسلمت لمصيرها المجهول وأغمضت عينيها راهبة إلى عالم ليس فيه خــــوف أو عـ.ـذ.اب، لتشعر بذراع قوية تحاوطها، فـ أدركت أنها النهاية.
↚
كان "عز الدين" متابعاً حالتها وهو يشعر بإنتصار ولكن عنـ.ـد.ما رأها تغمض عينيها.. علم ما هو المصير المؤقت التي تتجه نحوه، وبالفعل خارت قواها ولكن كانت ذراعه القوية أسرع إليها حيث ألتقطها بمهارة وخفة بذراع واحدة ومن ثم وضع هاتفها في جيب بنطاله بالذراع الأخرى.
صرخت "منى" بأسمها وقد تركت العنان لدmـ.ـو.عها وجثت على ركبتيها وهي تهتف مرددة بأسمها .
أمّا "إيهاب" فصدm ولم يسطتع أن يتحرك خطوة واحدة، فالصدmة شلت حركته وأخذ يتسأل.. "أم من المعقول أنها ذهبت إلى ذلك المصير المؤقت بسبب ما رأته؟؟.. "
نظر إليها "عز الدين" نظرةٍ أخيرة وقام بحملها بخفة وهو يتجه مسرعاً نحو سيارته ولحقه "إيهاب" و"منى"..
إيهاب موجهاً حديثه لـ"منى":
_إنتي صحبتها ؟؟..
منى بدmـ.ـو.ع وقلق :
_أيوة.
إيهاب :
_طب أركبي ورا.
وضع" عز الدين" "ياسمين" بداخل سيارته في المقعد الخلفي، فركبت "منى" لتكون بجانب "ياسمين"، أما "عز الدين" فركب في مقعد القيادة وجلس "إيهاب" بجانبه منطلقين نحو إحدى المستشفيات..
_ودوها مستشفى*** عشان أنا إللي هكشف عليها.
هتفت بها "منى" بتـ.ـو.تر وقلق فهتف "إيهاب" بتساؤل :
_هو أنتي دكتورة؟!..
_أيوة
عز بجدية :
_ماشي أنا هروح هناك..
أخذت تنظر له "منى" بريبة وهي تشعر ببعض من الخــــوف فهذا الشخص يبدو عليه القسوة.
بعد مرور دقائق، معدودة وصل "عز الدين" للمشفى، وصف سيارته بجوار المدخل ثم ترجل منها وفتح الباب مسرعاً لـ" ياسمين" وحلها عن الحزام الأمان ثم أنحنى قليلاً ناحيتها ووضع ذراعه خلف رقبتها والزراع الأخرى أسفل ركبتيها ثم حمل "ياسمين" إلى داخل المشفى ولحق به "إيهاب" وكذلك "منى"..
أسرعوا نحو غرفة الطوارئ ووضعوها بالداخل، ثم خرج "عز الدين" و"إيهاب" ماعدا "منى" التي بدأت بكشف حالة صديقتها.
بعد قليل.. خرجت "منى" من الداخل وهي تتنهد ببعض من الراحة فلمحها "إيهاب" فاتجه نحوها لكي يطمئن على "ياسمين" ولحقه "عز"..
إيهاب :
_هاا يا دكتورة، أخبـ.ـار ياسمين إيه؟!
منى :
_متقلقش يا أستاذ آآ
إيهاب :
_إيهاب.
منى:
_ متقلقش يا أستاذ إيهاب، الحمدالله هي كويسة، دي حالة إغماء نتيجة خــــوف زيادة وتـ.ـو.تر في نفس الوقت، بس ياتري إيه إللي خــــوفها كده ؟؟..
هتفت تلك الكلمـ.ـا.ت الأخيرة وهي تنظر لـ"عز الدين"، الذي كان يبتسم بزاويه فمه معبراً أنه ساخراً من حاله "ياسمين"..
نظر "إيهاب" لـ"عز الدين" نظرات تحمل الغـــضــــب وهتف بداخله :
_الله يخربيتك يا عز خليت البت تتعب بسببك.
منى :
_بس ياريت أعرف مين حضرتكم؟؟..
كاد "إيهاب" أن يتكلم ولكن سبقه "عز الدين" قائلاً بثبات :
_أنا عز الدين السيوفي إبن بدران السيوفي، وده أستاذ إيهاب مدير مكتبي.
صدmت "منى" بكونه ابن بدران السيوفى، فكان حديث "ياسمين" صحيح عنه، بأنه شخص قاسي وملامحه دائماً تجعل المرء يشعر بالخــــوف.
إيهاب :
_ممكن يا دكتورة ندخل نستنى جوا لحد ما ياسمين تفوق عشان نطمن عليها؟؟..
منى :
_أوك، اتفضلوا.
دخلت "منى" برفقة "عز الدين" و"إيهاب" داخل الغرفة التي ترقد فيها "ياسمين"، فجذبوا المقاعد البلاستيكية وجلسوا ينتظرون أن تفيق، وبعد مرور عده دقائق هتف "إيهاب" وهو ينهض :
_أنا نازل أجيب حاجة أشربها، تحبوا اجبلكوا حاجة ؟؟..
_لأ شكراً.
عز بنبرة جـ.ـا.مدة:
_لأ أنا مليش نفس.
_طيب أنا نازل.
وبالفعل خرج "إيهاب" من الغرفة لتأتي إحدى الممرضات التي تعمل في المستشفى وتهتف بصوت لاهث :
_دكتورة منى، في حالة صعبة بره.
_إيه !!!! طب ما تشوفى الدكتور عماد؟!..
_مش موجود يا دكتورة.
نهضت "منى" وهي تشعر بقلق بأنها ستترك صديقتها مع ذلك الشخص ولكن ماذا عساها أن تفعل ؟!!..
خرجت "منى" من الغرفة، فنهض "عز الدين" وهو يبتسم إبتسامه غريبة ولكن توحى بالشر، أقترب منها وجلس بجوارها ومد يده ليعدل خصلات شعرها المتبعثرة على وجهها .
بعد مرور بضع دقائق، بدأت "ياسمين" تفيق تدريجياً، فشعر بها "عز الدين" ولكن أخذ يتابعها منتظراً صدmتها عنـ.ـد.ما عنـ.ـد.ما تراه مجدداً.
بدأت" ياسمين" تستعيد ما حدث في ذاكرتها ثم أمالت برأسها قليلاً لتتفاجأ بأنه جالس بجانبها وكأنه منتظراً أن تفيق..
كادت أن تصرخ عنـ.ـد.ما رأته أمامها ولكن كان الأسرع منها، فقد كمم فمها، فهو كان يتوقع أنها ستفعل هذا .
أقترب منها بوجهه وهو مازال مكمم فمها وهتف بصوت شيطاني:
_أخيراً فوقتي، أنا كنت مستني الخــــوف والذعر إللي في عينيكي ده دلوقتي.
↚
في إحدى المستشفيات..
كادت أن تصرخ عنـ.ـد.ما رأته بجانبها ولكن كان الأسرع منها، فقد كمم فمها، فقد كان يتوقع أنها ستفعل هذا .
أقترب منها بوجهه وهو ما زال مكمم فمها وهتف بصوت شيطاني:
_أخيراً فوقتي، أنا كنت مستني الخــــوف والذعر إللي فعنيكي دلوقتي!!.
أغمضت "ياسمين" عينيها بقوة وهي تستمع إلى كلمـ.ـا.ته وسمعته يقول أيضًا :
_حظك الأسود هو إنك وقعتي تحت إيدي، وأنا مش برحم إللي بيقعوا تحت إيدي للأسف .
نزلت بعض الدmـ.ـو.ع من عينيها وهي تستمع إلى كلمـ.ـا.ته التي توحي بأن مستقبلها سيتحطم على يده وأنها ذاهبة إلى جحيم لا مفر منه.
عز بعنف :
-هنتقم منك يا بـ.ـنت صابر، هخليكي تنـ.ـد.مي إنك فكرتي تعلي صوتك بس عليا.
ثم أبتعد عنها وأبعد يده من على فمها، أما هي فبدأت تحاول أن تتنفس بصورة طبيعية ولم تتكلم، فقد كانت كلمـ.ـا.ته كافية بأن يجعلها تشعر بالخــــوف والذعر.
عز الدين بثبات :
_الورق الخاص بالشحنة أهو على الكرسي وموبيلك إللي كان وقع منك بعد ما خرجتي من مكتبي .
ثم وضع الهاتف على المقعد وكاد أن يخرج لولا دخول "إيهاب".
عز بهدوء مريب:
-أنا هستناك في العربية يا إيهاب.
ثم تركه وغادر من الغرفة، فإتجه "إيهاب" مسرعاً نحو "ياسمين" وهو يهتف بقلق :
_إيه.. هو عملك حاجة ؟؟..
_إيهاب، أنا خايفة، خايفة جداً، ده قاعد بيهددني ويقولي هنتقم منك، بجد مش عارفة أعمل إيه، أنا مرعوبة مش خايفة وبس.
_لأ متخفيش هو بيقول أي كلام .
_لأ أنت مشفتوش بيتكلم إزاي، هو بيتكلم بجد.
_تؤ تؤ مـ.ـا.تخفيش، هو عاوز يخــــوفك.
_ربنا يستر.
على رغم من أنه كان يحاول بث الطمأنينة بداخلها إلا أنه كان يشعر بالقلق والخــــوف، فهو "عز الدين السيوفي" الذي لا يخشى من أحد أبدًا.
إيهاب بمزاح :
_طب كان ينفع تخضيني عليكي بالطريقه دي .
ياسمين بابتسامة:
_معلش يا إيهاب، دى حاجة مش بأيدي.
إيهاب بابتسامة :
_المهم إني أطمنت عليكي، أنا دلوقتي هقوم أمشي علشان ألحق عز، أصل لو تأخرت ممكن يسبني.
ياسمين :
_اوكي، آه صح.. أنا نسيت عربيتي.
إيهاب :
_هي موجودة قدام شركة عز؟؟..
ياسمين :
_أيوة.
إيهاب :
_خلاص متقلقيش هبعتلك عربيتك مع السواق بتاع عز، بس ابعتهالك على فين ؟؟..
ياسمين :
_أبعتها عند شركى بدران السيوفي، وميرسي بجد يا إيهاب
إيهاب :
_على إيه يا بـ.ـنتي، يالا أنا همشي وهبعتلك العربية بتاعتك، يالا سلام.
ياسمين :
_سلام
بعدها خرج "إيهاب" من الغرفة ليصطدm بدون قصد بـ"منى" التي كانت تركض مسرعة نحو الغرفة "ياسمين"، فاصطدmت بـ"إيهاب" وكادت أن تقع لولا يده القوية التي أمسكت بيدها..
إيهاب بإبتسامة :
مش كنتي تاخدي بالك.
_ معلش، هيا ياسمين فاقت ؟؟..
_ أيوة يا دكتوره آآ..
_ منى
_إسمك حلو، لطيف.
_هو إيه إللي إسم اللطيف، على العموم أتفضل إنت وأنا داخله لياسمين .
_ إنتي ليه أضايقتي أوي كده، على العموم أنا همشي، بس آآ.
_بس إيه ؟؟..
_روحي لياسمين وقوليلها إني عاوز مفاتيح عربيتها.
_اوكي، لحظة.
وبالفعل دخلت "منى" الغرفة وأخذت منها المفاتيح وخرجت فرأته بالفعل منتظرها.
_أتفضل.
_شكراً.
_عن إذنك.
_أتفضلي.
دخلت "منى" الغرفة فأخذ ينظر "إيهاب" مكان أثرها، ثم غادر مسرعاً.
***********
دخلت "منى" الغرفة وأاجهت مسرعة نحو صديقتها وهتفت بقلق :
_إيه يا ياسمين، عامله إيه دلوقتي يا حبيبتى ؟؟..
_الحمدالله يا منى
_هو عملك إيه المفتري إبن بدران السيوفي؟؟..
_منى أرجوكي أنا مش قادرة أتكلم هبقى أحكيلك بعدين.
_طيب، براحتك.
_أنا لازم أمشي عشان ورايا شغل.
_أوك يا حبيبتي، أول ما توصلي أبقي طمنيني عليكي.
_حاضر يا قلبي.
*************
وبعد دقائق خرجت "ياسمين" من المشفى وأوقفت إحدى السيارات الأجرة وركبت لينطلق السواق نحو شركة "بدران السيوفي" كما أمرته "ياسمين"..
↚
_في شركة "عز الدين السيوفي"..
_في مكتب الخاص بـ "عز الدين"..
كان "عز الدين" جالساً أمام مكتبه، ولكن كان يفكر وينظر بشرود في تلك الفتاة، أخذ يتذكر أيضاً بعض الأشياء التي حدثت في ماضيه، ماضيه الذي جعله شخص له قلب بلا رحمة..
"" فلاش باك""
كان هناك طفل عمره 13 عام، رغم صغر سنه إلا أنه كان يدرك الأجواء التي حوله، كان "عز الدين" جالساً يشاهد التلفاز عنـ.ـد.ما خرجت والدته من الغرفه وهي تصرخ بـ :
_أيوة خونتك، أنا عمري ما حبيتك، أنا كدبت عليك طول السنين دي علشان فلوسك ولغاية دلوقتي مختش جنية منك !!..
بدران بغـــضــــب :
-آه يا سـ.ـا.فلة، أنا إزاي أتخدعت فيكي كده ؟؟..
_يا شيخ روح، حتى مخلتنيش أنزل البيبي لما كنت حامل في عز، لأنك كنت عارف وقتها كويس أوي أني بكره حاجة أسمها عيال !!..
كان "عز الدين" يستمع إليهم ودmـ.ـو.عه تنزل بصمت، فلقد أدرك سبب كره والدته له، فهي دائماً كانت تعامله معاملة سيئة وكانت تضـ.ـر.به لأتفه الأسباب، ولكن لم يتوقع أن تكون والدته خائنة!!.
"" باك ""
عاد "عز الدين" إلى الواقع وقد أظلمت عينيه وابتسم إبتسامة ســـخريـــة على تلك الأيام، ولكن أقسم أنه سيجعل أيامها من أسوأ أيام حياتها.
************
مر اليوم كـ.ـسرعة البرق وجاء المساء وأصبح المكان مخيم بالظلام .
في منزل يدل على البساطة والتواضع، كانت "ياسمين" جالسة في غرفتها وتشعر بالتعب والأرق فـ كان هذا اليوم متعب للغاية.
ياسمين بتعب وبدعاء :
-يارب أحميني من الراجـ.ـل ده، نظرته ليا خــــوفتني لأن فيها معاني كتير، أنتقام وتهديد وحاجات تخــــوف، فـ يارب أحميني منه !!..
عقب أن أنتهت من دعائها، أراحت جــــســ ـدها على الفراش وأغمضت عينيها بعد أن أحتضنت الوسادة ونامت وهي تحاول أن لا تشغل بالها بما حدث اليوم أو في ذلك الشخص القاسي.
***********
_في صباح يومٍ جديد..
كان "عز الدين" يجلس ويتابع عمله على جهاز الحاسوب ولكن توقف عن العمل عنـ.ـد.ما فتح باب المكتب الخاص به، فوجه بصره ناحية الباب ليرى أن الذي دخل، شخص يبدو عليه التقدm على العمر ويبدو عليه أيضاً الوقار.
نهض "عز الدين" مسرعاً متوجهاً نحو الشخص لكي يحتضنه بشـ.ـدة فهو ليس أي شخص إنه والده.. "بدران السيوفي".
عز الدين :
-حمدالله على السلامة يا بابا، والله كنت واحشني أوي.
_وأنت كمان والله يا عز.
أبتعد عنه "عز الدين" ويعلو على وجهه إبتسامة وهتف :
_رجعت إمتى من السفر؟؟..
بدران وهو يجلس :
-جيت من المطار على هنا على طول.
.
عز وهو يجلس أيضًا :
-غريبة مع إن حضرتك كنت كل ما تسافر وترجع من السفر كنت لازم تروح شركتك على طول، علشان تطمن على الأوضاع.
بدران :
-لا لا، ده كان زمان لكن لما بقى عندي موظفة إللي زي ياسمين، الواحد يكون قاعد وحاطط في بطنه بطيخة صيفي، وميشلش هم أي حاجة.
عز وهو يحاول أن يمسك أعصابه :
-آه قولتلي.
ثم هتف وهو يكز على أسنانه :
-ياسمين .
بدران :
_أيوة ياسمين، دي بسم الله ما شاء الله نعمة، نعمة كبيرة أوي من عند ربنا، كفايى أدبها وأخلاقها .
عز :
-امممم.
بدران :
-أنا نفسي أوي يا عز إنك تشوفها.
عز وهو يمط شفتيه :
-أشوفها.
بدران :
-آه تشوفها.
عز بتنهيدة:
-أنا شوفتها يا بابا.
بدران بتعجب :
-شوفتها!!..
عز الدين بإقتضاب :
-أيوة.
بدران :
-إمتى ؟؟..
عز وهو يأخذ نفساً عميقاً :
-إمبـ.ـارح جتلي الشركة.
بدران :
-غريبة، إيه إللي خلاها تيجي الشركه هنا ؟؟..
أخذ "عز الدين" نفساً عميقاً وبدأ يقص عليه سبب مجيئها، وأنها أتت هنا لكي يمضي على الأوراق الخاصة بالشحنتين، ليهتف "بدران" بعدها بتفاخر وهتف :
_شوفت بقى، مش قولتلك أنها عبقرية، لحقت تتصرف، أنا طول عُمري بحمد ربنا إني معايا واحدة زي ياسمين .
عز بغـــضــــب:
- اللهم ما طولك يا روح.
بدران بتعجب :
-في إيه يا عز ؟؟.
عز بابتسامة مزيفة :
-مفيش حاجة، أنا كويس، وكويس أوي كمان.
بدران :
-طيب أنا هسيبك بقى وأروح الشركة عشان ورايا شغل.
عز الدين :
-طيب يا بابا، ربنا معاك.
بدران :
-يارب، يالا مع السلامة.
عز الدين :
-مع السلامة.
غادر "بدران" من مكتب "عز الدين" بل من الشركه بأكمله، أما "عز الدين" فشعر بغـــضــــب جامح يعتريه ثم هتف بغـــضــــب وقد أظلمت عينيه :
_عملتي إيه في الراجـ.ـل يا ياسمين، بس خلاص مفيش فايدة في الكلام، وطالمًا بابا رجع من السفر يبقى أستعدي لأنتقامي.
↚
_في يومٍ جديد !!..
_في ڤيلا الخاصة بعائلة السيوفي.
كان "عز الدين" يمشط شعره ويضع عطره المفضل قبل أن يخرج من الغرفة، وبالفعل عقب أن أنتهى من وضع عطره تحرك نحو خارج الغرفة، وهبط إلى الأسفل وهو يصيح بأسم "سعاد"، فأتت مسرعة نحوه وهتفت :
_أيوة يا عز باشا.
_بدران بيه فين ؟؟.
_نزل من بدري.
_إمتى ؟؟..
_من ساعة كده.
_طب روحي أنتي.
هزت "سعاد" رأسها بمعنى "حسناً" وغادرت أما هو وقف وهو يتنهد تنهيدة حارة، وتحرك نحو خارج الڤيلا ليركب سيارته وينطلق بها مسرعاً نحو شركته الخاصة.
***********
أستيقظت "ياسمين" وهي تشعر بتعب جــــســ ـدي، فهي لم تستطع أن تنام جيداً، نظرت هي نحو الساعة الحائط لتشهق بصدmة جلية، فهبطت من على الفراش، ودخلت المرحاض لكي تتوضأ.
بعد مرور دقائق، كانت قد أنتهت من أرتداء ملابسها بعد أن أدت فريضتها، ولكن كانت تشعر بالقلق، فلقد تأخرت عن موعد عملها.
بعد أن أنتهت من أرتداء ملابسها أخذت سلسلة مفاتيح الشقة والسيارة، وتحركت مسرعة نحو خارج المنزل، وفتحت باب سيارتها لتجلس خلف المقود، ثم ضغطت على دواسة البنزين بقوة وأنطلقت مسرعى نحو الشركة التي تعمل بها.
بعد مرور دقائق، وصلت الشركة، وصفت السيارة بجوار مدخل الشركة ثم ترجلت منها بعد أن أخذت حقيبتها وأتجهت نحو داخل الشركة، فبدأ يحيها الجميع، ولكن لم تستمع إليهم فهي كانت تتجه بخطوات شبه راكضه حتى وصلت أخيراً إلى مكتبها، ليبلغها أحد الموظفين بأن "بدران السيوفي" يريدها أن تأتي مكتبه، فنهضت وتحركت نحو مكتبه ودخلت بعد أن طرقت الباب وحيته قائلة بتـ.ـو.تر:
_صباح الخير يا فنـ.ـد.م.
_صباح النور، تقدري تقوليلي إيه إللي أخرك كده يا أستاذة.
_والله يا فنـ.ـد.م مكان قصدي.
_أستاذة ياسمين، أنا بقول دايماً إنك أحسن موظفة عندي، الموضوع ده مـ.ـيـ.ـتكررش تاني، مفهوم؟؟..
_حاضر يا فنـ.ـد.م.
_طب قعدي، عشان عاوز أسألك كده كام سؤال.
_خير يا فنـ.ـد.م.
_عز، إبني.
ياسمين وهي تبلع ريقها بصعوبة:
_مستر عز، ماله ؟؟..
بدران بتساؤل :
-لما قابلتيه إمبـ.ـارح، عملك أي حاجه؟؟..
ياسمين بتـ.ـو.تر :
_لأ كان عادي، معملش حاجة خالص.
بدران بشك :
-متأكدة؟؟..
ياسمين :
-أيوة يا فنـ.ـد.م، طبعاً متأكدة.
بدران :
-ماشي، بس كويس إنك أتصرفي فموضوع الشحنتين إللي جايين من إيطاليا.
ياسمين بابتسامه : تلميذتك يا بدران بيه .
بدران بابتسامة:
-لا حقيقي براڤو عليكي.
ياسمين :
-بدران بيه، أنا بصراحة في حاجة عاوزة أقولهالك، أنا عاوزة أخد أسبوع أجازة، لأن الفترة إللي حضرتك غبت فيها، كان الشغل جـ.ـا.مد عليا.
بدران :
-حقك يا ياسمين، أبقى أكتبيلي الطلب ده وأبعتهولي على مكتبي .
*************
_في شركة "عز الدين السيوفي"
كان "عز الدين" منتظراً مدير مكتبه أو بمعنى آخر صديقه "إيهاب"، ولكن شعر بالقلق فهو مازال لم يأتي وهاتفه مغلق.
عز الدين:
-هو إيه إللي آخره كده ؟؟.. ده عُمره ما عملها ؟!..
دخلت السكرتيرة وهي تهتف بنبرة رسمية:
_أيوة يا مستر عز حضرتك طلبتني ؟!..
_هو لسة مستر إيهاب مجاش ؟؟..
_لأ لسة يا فنـ.ـد.م.
_طب أول ما يوصل تخليه يجي مكتبي فوراً.
_حاضر يا فنـ.ـد.م.
ثم غادرت السكرتيرة من مكتبه بينما هو أستند بظهره على سطح مكتبه الفخم وعقد ساعديه أمام صدره ونظر أمامه بتفكير وشرود.
*************
_في المشفى التي تعمل بها "منى".
_طب إيه إللي خلاكي تكدبي على مديرك يا ياسمين ؟!.. مقولتيش ليه على إللي عمله فيكي ؟؟..
هتفت بها "منى" بضيق وهي تتحدث مع "ياسمين" عن طريق الهاتف، فهتفت الأخرى بجدية :
_عشان مش عايزة مشاكل، لو قولتله هيقول لإبنه، وإبنه فالآخر مش هيسبني في حالي.
_ياسمين، أنا خايفة عليكي، الراجـ.ـل ده أنا مش مرتحاله.
_خلاص بقى يا منى، أنا مش عايزة أتكلم في الموضوع ده.
_طيب خلاص.
_طيب أنا رايحة دلوقتي عشان أقدm الطلب، فأنا هقفل معاكي دلوقتي وهكلمك كمان شوية.
_أوكي يا حبيبتي، يالا باي.
أغلقت "منى" مع "ياسمين" ثم تنهدت تنهيدة حارة، ولكن شعرت بأنها تريد أن تذهب إلى حديقة المشفى، وبالفعل هبطت إلى الأسفل وأتجهت نحو الحديقة، وأخذت تسير وهي تفكر في أمر صديقتها ولكن في لحظة واحدة أتت صوره "إيهاب"، فإبتسمت إبتسامة عفوية ولكن نفضت تلك التخيلات والأفكار وشعرت بأنها يجب أن تعود داخل المشفى.
وبالفعل دخلت المشفى وكانت تتجه نحو مكتبها ولكن أنتبهت إلى ذلك الضجيج الذي من آخر الرواق فألتفت ثم تتبعت أثر الأصوات بطريقة مسرعة فـ وجدت نفسها أنها توجهت نحو الشرق حيث أنه يوجد غرفة الكشف.
دلفت إلى هناك فـ وجدت تجمع حول شخصاً ما فهتفت قائلة:
_إيه إللي بيحصل ده؟!.. وإيه الدوشه دي؟؟..
ألتفت الجميع فهتفت إحدى الممرضات :
_في مريـ.ـض لسة واصل حالاً وهو مصاب بجروح.
أومأت "منى" رأسها وهتفت :
_أوكي، بس من فضلكوا فضولي اللمة دي، عشان أعرف أشوف المريـ.ـض وأكشف عليه.
ثم تقدmت نحو الفراش الذي يرقد عليه المريـ.ـض ولكن عنـ.ـد.ما رأته تراجعت عفوياً للخلف وهي تشهق بصدmة وهتفت بصوت متقطع :
_إإيـ.. ها.. ب
↚
شهقت بصدmة عنـ.ـد.ما رأته، فهي لم تتوقع أن يكون هو، ولكن تماسكت وبلعت ريقها بصعوبة ثم نظرت للممرضة وهتفت :
_في حد جه معاه ؟!..
_إحنا.
حولت "منى" نظرها لمصدر الصوت فـ وجدت رجلين يقفان بجانب المريـ.ـض وعلامـ.ـا.ت القلق تعلو وجههما، بينما تابعت سؤالها :
_طب هو إنتوا أصحابوا ؟؟.. وإيه إللي حصله بظبط؟!..
رد أحدهم :
-لأ إحنا مش صحابوا، إحنا شوفناه لما العربية خبطته وهو بيعدي الشارع فقولنا لازم ناخده المستشفى.
هزت رأسها ثم قالت :
-طيب من فضلكوا أنتظروا بره وأنا هشوف حالته بس أنا شايفة إن الإصابات بسيطة.
أطاعا الشخصين أمرها، أمّا هي فـ نزعت عن "إيهاب" قميصه بمساعده إحدى الممرضات ثم بللت قطعة قماش نظيفة وأحضرت ما يلزم لتضميد الجـ.ـر.ح، ثم أجرت عليه كشفاً، وبدأت أيضًا تضمد جروحه بعناية؛ حيثُ كانت لمساتها قوية وحازمة ولكنها رقيقة في ذات الوقت.
بعد فترة وجيزة، كانت قد أنتهت من عملها وأخذت تتنهد براحة ثم خرجت من غرفة الكشف ليقابلها الشخصين وهتف أحدهم بتساؤل :
_ها يا دكتورة، هو عامل إيه دلوقتي؟؟..
_متقلقش يا أستاذ، دي شوية كدmـ.ـا.ت سطحية فدراعه الشمال وفي جروح تانية في ضهره بس هو يقدر يتحرك عادي، يعني هو يقدر يخرج فأي وقت.
_الحمدالله، شكراً يا دكتورة وأتفضلي ده موبيله ومحفظته.
_العفو على إيه، ده شغلي.
************
_في شركة "عز الدين السيوفي".
كان "عز الدين" يمشي ذهاباً واياباً، لقد زاد شعوره بالقلق على صديقه، فالأول مرة يتأخر هكذا، وأيضاً هاتفه مغلق.
عز الدين :
-أنا نفسي أعرف إيه إللي أخره كده، الأوحش أن موبيله مقفول، ربنا يستر.
***********
_في المشفى بداخل غرفه "إيهاب".
كان" إيهاب" جالساً على فراشه، وهو شارد الذهن، يفكر في تلك الفتاة التي سلبت عقله وأيضاً نفس الفتاة التي جعلته شارد عنـ.ـد.ما كان يعبر الطريق، ماذا أفعل فيكي أيتها الفتاة؟؟.. لقد سلبت عقلي ؟؟.. ولم أعد أعرف معنى النوم من كثرة التفكير بكِ، أهذا هو الحب الذي يسمونه من أول نظره ؟؟.. ولكن هذا الحب يجعلني أتمنى أن أراها ولو مرة واحدة؟؟.. ولكن كيف.
ولكن قطع شروده فتح باب الغرفة، فـ وجه بصره ناحيه الباب ليرى فتاة تدخل بهدوء وقد علت على وجهها إبتسامة بسيطة.
نظر لها بصدmة وهو لا يصدق عينيه، فها هي تقف أمامه، وهي نفس الفتاة التي سلبت عقله؟؟..
ظل يحدق بها من موضعه وأنتابه شعور بالفرحة والسعادة لأنه رأها، أمّا هي فنظرت إليه، وهتفت بابتسامة بسيطة :
_حمدالله على سلامتك.
إيهاب وهو غير مستوعب :
-إنتي بجد؟؟..
منى :
-آه بجد، شوفت الصدفة.
إيهاب :
-هي فعلاً صدفة، وصدفة جميلة جداً.
منى :
-إشمعنا؟؟..
إيهاب :
-عشان شوفتك.
نظرت له بخجل ولم تتحدث، فأكمل حديثه بابتسامته:
_هو أنا هخرج إمتى ؟!..
_زي مـ.ـا.تحب.
_طب هو فين الموبيل بتاعي؟؟..
_أهو جمبك.
نظر "إيهاب" بجانبه وأخذ الهاتف وفتحه ليرى أن هناك مكالمـ.ـا.ت كثيرة من "عز الدين"، فبدون تفكير أتصل به أنتظر الرد ليأتيه صوت "عز الدين" الغاضب :
_أيوة يا إيهاب، إنت فين وسايبني قلقان كده ؟!..
_أهدى يا عز، أنا فالمستشفى.
تحول غـــضــــبه إلى فزع وقلق فهتف بقلقٍ واضح :
_مستشفى إيه ؟؟.. في حاجة حصلتلك ؟؟..
_هبقى أفهمك بعدين يا عز، أنا حبيت أطمنك عشان تعرف تكمل شغلك من غير قلق.
عز الدين :
-شغل، ما يولع الشغل، أنا هجيلك دلوقتي، إنت فأنهي مستشفى؟؟..
_فنفس المستشفى إللي كنا فيها من يومين.
عز الدين :
_تمام، أنا جايلك حالاً.
وبالفعل خرج "عز الدين" من الشركة مسرعاً وفتح باب سيارته وركب خلف المقود وأنطلق مسرعاً نحو المشفى.
بعد ثلاثون دقيقة، كان قد وصل "عز الدين" إلى المشفى، ودخل المشفى لكى يسأل موظف الإستقبال بحدة عن رقم غرفة صديقه، فرد الأخير بنبرة رسمية عن ذلك الرقم.
وبعد ثواني، كان قد وصل" عز الدين" إلى غرفة صديقه، وفتح الباب بهدوء فرأه جالس وكأنه كان ينتظره، فـ أتجه نحوه مسرعاً "عز الدين" وهو يهتف بقلق :
_إيه يا إيهاب ؟؟.. إيه إللي حصلك ؟؟..
_أقعد بس وأنا هحكيلك.
وبالفعل بدأ بالسرد له عن تلك الحادثة البسيطهذة وأن حالته تسمح بالخروج ليقول الآخر بضيق:
_طب مش كنت تاخد بالك، المهم حمدالله على سلامتك يا صاحبي.
_الله يسلمك يا عز.
_طب بقولك إيه، أسمعني كويس لأن الكلام ده بيني وبينك.
_ماشي
_بكره أنا مش هاجي الشركة، لأن هيبقى عندي مشوار مهم، أبقى إنت روح وأي حد يتصل بيا قوله أني مش موجود ماعدا بابا.
_إشمعنا ؟!..
_هبقى أقولك بعدين، المهم أعمل إللى قولتلك عليه.
_ماشي.
************
_لأ أنا هسافر الإسكندرية دلوقتي، وأنا خلاص حضرت شنطة السفر.
هتفت بها "ياسمين" وهي تتحدث مع "منى" عن طريق الهاتف، فهتفت الاخيرة :
_هو الميعاد حلو، الساعة دلوقتي سته ونص، وأنا على فكرة أخدت الأجازة وهحصلك بس بكره.
_أيوة بقى ده إحنا هنقضيها وهنخربها.
_أومال يا بـ.ـنتي، أما ألحق أحضر شنطتي أنا كمان، يالا باي.
_باي
عقب أنتهاء مكالمتها أخذت حقيبتها الخاصة بالسفر وتحركت نحو الخارج، بعد أن خرجت من البناية.. أخذت تصيح بأسم شخص ما :
_عم سيد.. سيد
ليأتي حارس العقار مسرعاً وهو يدعى "سيد" وهتف :
_أيوة أنا جيت أهو.
عنـ.ـد.ما رأى حقيبة السفر هتف مسرعاً:
_عنك أنتي يا ست هانم، تحبي أحطها فين؟؟..
_حطها فشنطة العربية.
_حاضر .
وبالفعل وضع حارس العقار الحقيبه كما أمرته "ياسمين" لتعطيه بعدها بعض من الأموال ولكن أكتشفت أنها قد نسيت الهاتف فأضطرت أن تصعد مسرعاً نحو المنزل.
وبعد دقائق، كانت أخيراً تركب خلف المقود، ولكن بعد أن ركبت.. شعرت بمن يضع يده على فمها ليمنعها من الصراخ، وشعرت أيضًا بحقنة مـ.ـخـ.ـد.رة توضع في عنقها لتشعر بأن المكان قد أصبح ظلاماً ًوتغيب عن الوعي تمامًا.
↚
كانت "ياسمين" تشعر بصداع يكاد يعصف برأسها وعنـ.ـد.ما فتحت عينيها وجدت أنها في غرفة راقية من اللون الأبيض بمفروشات راقية، للحظة واحدة لم تستوعب كيف وصلت إلى هنا ولكن هاجمتها ذكرى تقييدها والألــم الذي شعرت به في عنقها، فوقفت مترنحة وأتجهت إلى باب الغرفة وحاولت فتحه ولكن كان مغلقاً وفـ أخذت تدق باب الغرفة بقوة وهي تصرخ بـ :
_افتحوا الباب، أنا فين؟؟.. افتحوا الباب .
ولكن لا حياة لمن تنادي، فـ أتجهت نحو الفراش وجلست عليه تشعر أنها ضائعة.
***************
_في ڤيلا الخاصة بعائلة السيوفي.
_في غرفة "عز الدين".
أستيقظ "عز الدين" من نومه وهو يشعر بنشاط غير طبيعي، فـ ها هو على وشك بدأ أنتقامه، هبط من على الفراش متوجهًا نحو المرحاض.
بعد فترة وجيزة، كان قد أنتهى "عز الدين" من الأغتسال وبدأ بـ.ـارتداء ملابسه سريعاً وبعد أن أنتهى، شرد قليلاً في ما حدث بالأمس.
""فلاش باك""
كان "عز الدين" يجلس في سيارته منتظراً شخصاً ما وبعد مرور دقائق، رأى الشخص الذي كان ينتظره و..
عز الدين بحدة :
-ها عملت إيه ؟؟..
الشخص :
_متقلقش يا سعات البيه، أنا فضلت مراقبها لحد ما وصلت البيت وعرفت كمان أنها عايشة لوحدها.
_يعني عرفت عنوانها ؟؟..
_أومال يا بيه.
ثم أخرج ورقة من جيبه وهو يهتف :
-أتفضل يا بيه.
أخذ "عز الدين" الورقة وفتحها ليقرأ العنوان بهدوء، وبعدها أخرج من جيبه بعض من المال وأعطاه للشخص، فأخذه الأخير على الفور وهو يشعر بالسعادة وقد لمعت عينيه وفتح باب السيارة وخرج، أمّا عن "عز الدين" فإبتسم إبتسامة شيطانية وضغط على دواسة البنزين لينطلق نحو منزل "ياسمين".
وصل هناك بعد عدة دقائق، ولكن فكر كيف سيأخذها من المنزل ولكن توقف عن التفكير عنـ.ـد.ما رأها فخرج من سيارته سريعاً.
رأها وهي تأمر حارس العقار أن يضع حقيبتها ولكن بعد أن تم وضع الحقيبة، رأها تركض مسرعة نحو البناية، فأنتهز الفرصة وركب سيارتها وأختبئ بداخلها حتى أتت أخيرًا وركبت هي الأخرى السيارة.
كان "عز الدين" قد جهز الحقنة المـ.ـخـ.ـد.رة وبحركة مفاجئة منه وضع يده على فمها ليمنعها عن الصراخ قبل أن تصرخ ووضع حقنة المـ.ـخـ.ـد.رة ناحيه عنقها فبدأ يشعر أن جــــســ ـدها قد بدأ بالأسترخاء حتى فقدت الوعى، فتنهد براحة ليخرج بعدها من السيارة، وفتح الباب وأجلسها بجانب مقعد القيادة وركب هو خلف مقود القيادة ثم ضغط على دواسة البنزين لينطلق نحو مكان ما.
""باك""
خرج "عز الدين" من شروده ونظر لنفسه في المرآه نظرةً أخيرة، ثم نظر لملابسه فكان يرتدي بنطالاً جينز وقميص من اللون الأسود، التي أدت إلى برز عضلاته القوية بوضوح، واتجه نحو خارج الغرفة بل من الڤيلا بأكملها.
****************
_في شركة الخاصة بـ "عز الدين".
كان "إيهاب" جالساً بداخل المكتب الخاص به وهو يفكر في أمر "عز الدين"، فهو يراوده شعور سييء من ناحية "ياسمين" ويفكر أيضًا في مشوار الخاص بـ "عز الدين"، ويفكر لماذا لا يريد أن يعلم والده بأنه لن يأتى الشركة، لابد أن هناك سراً يخفيه على والده وليس والده فقط بل عليه أيضًا.
إيهاب :
_ياترا ناوي تعمل إيه يا عز، أنا مش مطمن وحاسس أن المشوار له علاقه بـ "ياسمين".
*****************
في مكان ما.
وصل "عز الدين" إلى المكان المتواجد فيه "ياسمين" بعد أن صف سيارته، وخرج منها ليتجه مسرعاً نحو مدخل البناية الراقية قاصدًا نحو المصعد.
****************
_بداخل الشقة التى تتواجد فيها "ياسمين".
كانت جالسة على الفراش تشعر بالخــــوف وهي محتضنة الوسادة، ولكن شعرت بالخــــوف أكثر عنـ.ـد.ما سمعت صوت مفتاح يوضع وعنـ.ـد.ما رأت شخص ما يمسك بمقبض الباب ليديره، فـ ترقبت دخول ذلك الشخص المجهول، لترى شخص يدخل وهو يبتسم بانتصار، فـ هبت واقفة وهتفت بصدmة وعلامـ.ـا.ت وجهها توضح مدى الذهول :
_مش معقول !!.. مستر عز !!..
↚
تسمرت هي من هول المفاجأة، فهي لم تتوقع أن يكون ذلك الوقح المتوحش هو خاطفها، أرخى "عز الدين" ساعديه، ووضع كفي يديه في داخل جيب بنطاله وهتف :
_مفاجأة صح ؟!..
ما زالت متسمرة هي في مكانها من أثر المفاجأة ولكن كانت تنظر إليه بنظرات غير مفهومة وهتفت :
_هي فعلاً مفاجأة.
أقترب "عز الدين" منها فبدأت تتراجع حتى أنها وقعت على الفراش ولكن عدلت وضعيتها سريعاً وجلست على الفراش وهتفت :
_إنت عاوز مني إيه؟؟..
نظر إليها مطولاً وأقترب قليلاً ليجلس بجانبها ثم نظر إليها بثبات وهتف :
_عاوز منك إيه ؟؟.. دا أنا عاوز منك حاجات من زمان.
ياسمين وهي تنظر إليه :
_أنا عملتلك إيه ؟؟.
دا انا مشوفتكش غير مرة واحدة.
عز الدين :
_ما غلطت عمرك، إنك جيتي عندي.
ياسمين بصوتٍ عالٍ:
_هي فزورة، وبعدين أنا لما جيتلك، جيتلك عشان شغل أمّا بالنسبة الموضوع إني ضـ.ـر.بتك بالقلم فأنت كنت تستاهل و..
غليت الدmاء في عروقه وأظلمت عينيه ثم نهض من مكانه ليصفعها على وجنتيها بعنف وأنقض عليها وهو يقبض على فكي وجهها وهو يكاد يعصرهم بين يديه وهو يصيح بها بصوتٍ جهوري :
_ اتعدلي يا بت إنتي، لازم ت عـ.ـر.في أنك مش بتكلمي مع أي حد، والقلم إللي أدتهولك ده تعويض عن القلم إللي ادتهولي في المكتب.
ثم دفعها بقوة لتسقط على الفراش وقد جلس بجانبها مره أخرى وهو يخلل أصابعه بخصلات شعره البني الغزير ، أمّا هي فنظرت إليه وهتفت بصوتٍ عالٍ وهي تشهق باكية:
_إنت عاوز مني إيه ؟؟..
أعتدل في جلسته ونظر لها بغـــضــــب :
_إيه؟؟.. هنعلي صوتنا تاني ولا إيه ؟؟..
حاولت أن تهدأ شهاقتها وهتفت ببعض من الهدوء :
_ماشي، ينفع تقولي بقا أنت خاطفني ليه ؟!..
عز الدين :
_هقولك، فاكرة لما والدي عرض عليكي إنك تشتغلي عندي سكرتيرة بمرتب أعلى وأنتي مرضتيش.
ياسمين :
_فاكرة
عز الدين :
_أنا كنت عاوز أتأكد من حاجة وفعلاً أتأكدت لما رفضتي.
أغمضت "ياسمين" عينيها محاولة أن تتمالك أعصابهل وهتفت :
_أنا مش فاهمة حاجة؟؟..
عز الدين بســـخريـــة:
_فعلاً.
ياسمين :
_أنا بتكلم بجد، بلاش كل شوية تطلعلي لغز.
عز الدين :
_مش مشكلة، الأيام كتير وأكيد هت عـ.ـر.في.
كاد أن ينهض لولا صوتها الصارخ حينما هتفت :
_روحني دلوقتي حالاً.
عز الدين وهو يعقد حاحبيه بشـ.ـدة:
_متعليش صوتك
لم تعبأ بتهديده وأكملت صراخها قائلة :
_روحني.
أقترب منها مسرعاً فـ أنكمشت على نفسها ليجذبها من شعرها فـ صرخت صرخةً بسيطة ليهتف بصوتٍ جهوري:
_أنا قولت متعليش صوتك، بس لازم ت عـ.ـر.في أني مش هرحمك بـ إللي إنتي بتعمليه ده، ولسه هتتعقبي على حاجات كتير عملتيها.
ياسمين بألــم :
_آآآآآآآآه سيب شعري.
عز الدين ببرود :
_على العموم أول عقـ.ـا.ب ليكي إنك تنضفي البيت ده كله، عاوزه بيلمع، فاهمة؟؟..
ياسمين بألــم :
_حاضر.
عز الدين :
_ومتفكريش إنك تهربي، لأنك مش هت عـ.ـر.في.
ياسمين :
_حسبى الله ونعم الوكيل فيك، حسبى الله ونعم الوكيل بجد.
عز الدين وهو يترك شعرها :
_طب غوري بقا على المطبخ حضريلي أي أكل وبعديها تبتدي تنضيف البيت.
أبتعدت "ياسمين" عنه واتجهت نحو المطبخ ولا تعلم أنها في أي جحيم هذا.
*************
_في الإسكندرية.
_في إحدى الفنادق.
_حضرتك متأكد أنها مجتش ؟؟..
هتفت بها "منى" إلى موظف الاستقبال وهي واقفه أمام الطاولة الرخامية العالية ليهتف الموظف بنبره رسمية:
_آه طبعاً متأكد يا آنسة.
منى باقتضاب :
_شكراً.
ثم بعدها غادرت من الفندق وهي تشعر بالضيق وتوجهت نحو سيارتها وهي تلعن هذا اليوم.
*************
_لو سمحت ممكن تجبلي شنطة السفر بتاعتي.
هتفت بها "ياسمين" وهي تشعر بالضيق فنظر لها وهو يهتف بحدة :
_ليه؟؟..
_عشان لبس بتاعي وعاوزة أصلي.
_ماشي هجبهالك، بس متحاوليش تهربى، لانك مش هت عـ.ـر.في وغير كده هيبقى في عقـ.ـا.ب، وعقـ.ـا.ب شـ.ـديد كمان.
مطط "ياسمين" شفتيها بضيق ممزوج بالغـ.ـيظ لينهض هو بهدوء يثير الأستفزاز واتجه نحو باب المنزل بعد أن أخرج سلسلة مفاتيح الشقة من جيب بنطاله وخرج من المنزل بعد أن أغلق الباب بالمفتاح.
أمّا "ياسمين" فبعد خروجه، نفخت بضيق وهتفت بتفكير :
_لو طلع إللي فدmاغي صح، يبقى هخرج من هنا في أسرع وقت ممكن.
↚
كان "عز الدين" قد أحضر لها الحقيبة الخاصة بالسفر، ودخل بعدها المرحاض، أما هي فأخذت الحقيبة وأخذت تبحث بداخلها على الذي تريده حتى وجدته أخيراً فتوجهت مسرعة نحو إحدى الغرف وأغلقت الباب بهدوء وهي تشعر بأن قلبها سيقع من كثره الرعـ.ـب، وتوجهت نحو الفراش ووضعت ذلك الشيء تحت الوسادة وخرجت من الغرفة وقد قررت أنها ستفعل تلك المهمة بعد أن يغادر خاطفها من المنزل حتى تفعل تلك المهمة في أمان.
*********
كانت "منى" تقود سيارتها وهي متجه نحو منزلها، كادت أن تصف سيارتها، ولكن سمعت صوت يصيح بأسمها، فأخذت تبحث بعينيها مسرعة خشياً أن تحدث حادثة، لترى أن صاحب الصوت هو "إيهاب".
فـ صفت سيارتها أمام منزلها وكذلك "إيهاب" ليخرج من السيارة متجهاً نحوها لتهتف "منى" غير مصدقة:
_ إيهاب، أنا آخر حاجة أتوقعها إني أشوفك دلوقتي.
إيهاب بابتسامة:
_وأنا كمان، المهم قوليلي هو أنتي ساكنة هنا ؟!..
منى :
_آه ساكنة في العماره دي، بس أنت عرفت منين ؟؟..
إيهاب :
_لما لقيتك راحة تركني قدام العماره قبل ما أنادي عليكي، فـ خمنت أن ممكن تكوني ساكنة هنا ؟!..
منى :
_اممم
إيهاب :
_طب قوليلي بقا إنتي عامله إيه؟؟..
منى بضيق :
_مش كويسة خالص.
إيهاب بقلق :
_ليه بس ؟؟..
كادت أن تتحدث لكن سبقها بقوله :
_طب بدل ما إحنا واقفين كده، تعالي نقعد في الكافيه ده، إيه رأيك ؟!!..
منى وهي تومئ برأسها :
_أوكي.
وبالفعل تحركا سوياً نحو الكافية ثم سارا نحو إحدى الطاولات وسحبا المقاعد وجلسا، ليهتف "إيهاب" باهتمام وقلق :
_قوليلي بقا، مالك ؟!..
منى :
_مش عارفة أقولك إيه يا إيهاب ؟؟..بس أنا قلبي مقبوض.
إيهاب بقلق :
_مقبوض، طب ليه ؟؟..
منى :
_أنا وياسمين خدنا أجازه من الشغل وقررنا نسافر إسكندرية نغير جو، هي سافرت إمبـ.ـارح وأنا قولت أسافر تاني يوم، لما سافرت النهاردة وسألت عنها فالفندق قالولي أنها مجتش.
إيهاب بتخمين :
_طب ممكن تكون نزلت في فندق تاني.
منى :
_لأ، لانها لو كانت نزلت، كانت أتصلت بيا وقالتلي، لكن موبايلها مقفول من إمبـ.ـارح.
إيهاب :
_بس ياسمين من الناس إللي مبتقفلش موبايلها.
منى :
_أنا حتى كلمت موظف الإستقبال بس في الموبايل طلبت منه أنها لو جت يديني خبر.
إيهاب :
_وبعدين بقا أنا كده قلقت.
منى :
_أنا إللي قلقانه، وحاسة أن قلبي مقبوض من إمبـ.ـارح.
إيهاب :
_ربنا يستر، طب بصي.
ثم أخرج من جيب سترته ورقة صغيرة (كارت) الذي مدون عليه جميع أرقام هواتفه وبعدها أعطاها تلك الورقة الصغيرة.
إيهاب :
_ده الكارت بتاعي، يا ريت يا منى لو عرفتي أي حاجة عن ياسمين تتصلي بيا وتقوليلي، وأنا بردو هحاول أتصرف.
منى :
_أوكي، أنا هقوم أروح عشان مشوار السفر ورجوعه تعبني.
إيهاب :
_طب أستني أقوم معاكي أشيل شنطة السفر .
منى :
_لأ مفيش داعي.
إيهاب بإبتسامة :
_يابـ.ـنتي أنتي جايه من السفر تعبانة، أسمعي الكلام بقا.
منى بإبتسامة :
_هقول إيه، حاضر.
بادلها هو إبتسامة ساحرة لينهض وتحركا خارج المكان.
***********
_في شقة "عز الدين".
كانت جالسة في غرفتها وقد أدت جميع فروضها في صلاتها، ولكن تشعر بأنها تمزقت بداخلها، فهي أمامه في بعض الأوقات فتاة لا يهمها شيئاً، ولكن بداخلها فقلبها يرقص من الرعـ.ـب.
أما عن "عز الدين"، فكان جالساً أيضًا ولكن يفكر ماذا سيفعل مع تلك الفتاة؟ هو عُرف عنه بأنه ذئب، بسبب أنه يستطيع أن يفعل أي شيء وفي أي وقت ولأنه لا يخشى من أحد ويستطيع أن يهتف بأفكار لما يفكرها أحد، ولكن تلك المرة لا يعرف ماذا سيفعل ؟!..
نهض "عز الدين" ثم توجه نحو غرفتها وأقتحمها لتنتفض "ياسمين" من مكانها.
نظرت له "ياسمين" وهي تضع يدها على مكان قلبها وهي نحاول أن تنظم نفسها، ليهتف "عز الدين":
_أنا نازل دلوقتي وهاجي بكره الصبح وزي ما قولتلك متحاوليش تهربي لأنك مش هت عـ.ـر.في.. سلام.
وبالفعل غادر من الغرفة بخطوات شبه ثابتة نحو باب الشقة وفتحه ليخرج بعدها بعد أن اغلق الباب بالمفتاح.
أما هي فـ أنتهزت الفرصة وأتجهت نحو الفراش وأخذت شيء ما تحت الوسادة وكان هاتف محمول (احتياطي)، كانت دائمًا تأخذه في بعض الطوارئ خاصةً في أوقات السفر، أمسكت الهاتف وكان الرقم الوحيد الذي أتى في بالها هو رقم صديقتها "منى"، فأتصلت بها على الفور وأنتظرت الرد بفارغ الصبر وهي على وشك البكاء.
وبعد ثواني سمعت صوت صديقتها وهي تهتف :
_أيوه مين ؟!..
ياسمين برعـ.ـب :
_أيوه يا منى، أنا ياسمين.
منى بفزع :
_ياسمين، إنتي بتعيطي ليه، وبتكلمي منين ؟!..
ياسمين ببكاء :
_أرجوكي ألحقيني، أنا هيجرالي حاجة لو قعدت أكتر من كده.
منى بفزع :
_في إيه يا ياسمين ؟؟..
ياسمين وقد تعالت شهقاتها :
_أنا مخـ.ـطـ.ـوفة، أتخـ.ـطـ.ـفت إمبـ.ـارح، لازم تروحي لبدران بيه وتقوليله آآآآآآآآآآآه.
صرخت "ياسمين" عنـ.ـد.ما جذبها "عز الدين" من شعرها لدرجة أنها شعرت بأن بعض من شعرها خرج من مكانه وقد وقع منها الهاتف وأدركت أن المـ.ـو.ت أمامها لا مفر منه.
↚
نظر إليها "عز الدين" وقد أظلمت عينيه واكفهرت ملامحه فباتت ملامحه مخيفة بدرجة كبيرة، فأخذت تدعى ربها بأن ينجيها وتمنت لو تنشق الأرض وتبتلعها حتى لا تقف أمامه هكذا.
وبعد ثواني كان قد تركها "عز الدين" ولكن بدون أي مقدmـ.ـا.ت صفعها بقسوة لتصرخ بألــم، ووقعت على الفراش وهي تضع يدها على مكان الصفعة وأخذت تبكي بكاءً حاراً..
انحنى هو بجــــســ ـده وقد أخذ الهاتف وأغلقه ووضعه في جيب بنطاله، ثم رمقها بنظرات تحمل الكثير من القسوة وهتف بـ :
-بقى كنتي عاوزة تخلي أبويا بدران بيه يعرف.
ثم أقترب منها ليجذبها مجدداً من شعرها فصرخت صرخةً بسيطة وهتف :
-لأ بجد براڤو عليكي، بس أحب أبشرك إنك هتشوفي أيام سودة على أيدي، وبكره تشوفي يا ياسمين.
ثم دفعها بعنف لتسقط على الفراش وقد أوقفت بكائها ليغادر من الغرفة بل من المنزل بأكمله.
************
أخذت تبكي "منى" بخــــوف على ما سمعته من "ياسمين"، وأرتجف جــــســ ـدها عنـ.ـد.ما سمعت صوت صراخ صديقتها، كانت تقرأ سورة الفاتحة عسى أن تهدأ قليلاً لكي تفكر ولكن كان الخــــوف قد سيطر عليها، فهي ليست مجرد صديقة فأنها أختها أو أكثر من ذلك، شعرت أنها ستختنق من كثره البكاء ولكن حاولت أن تهدأ لكي تفكر بتلك الكارثة!!
***********
لا تشعر بحولها، فلقد كانت جـ.ـا.مدة ولكن كانت تنساب عبراتها، وتلعن حظها الذي جعلها في تلك الحالة، لقد عُرف عنها بشعلة نشاط وفرح، ولكنها باتت يائسة لأن، وفقدت الأمل في خروجها من تلك الحالة أو من ذلك المنزل، ولكن أخذت تفكر لماذا فعل هذا وقام بخـ.ـطـ.ـفها؟؟.. سؤال سهل ولكن الإجابة صعبة، شعرت بالتعب ولم تعد تستطيع أن تقاوم سلطان النوم، فأراحت جــــســ ـدها وأغمضت عينيها لتنام.
************
كان جالس بداخل سيارته في مكان شبه صحراء، فلقد قرر أن يذهب إلى مكان لا يوجد أي شخص فيه حتى يفكر ويشرد بحرية.
"" فلاش باك""
كان جالس مع والده يتناولون الطعام وهتف "بدران السيوفي":
_ أسمع يا عز، أنا مش عاجبني حكايتك مع البـ.ـنت دي.
عز بإبتسامة :
_ليه يا بابا؟؟.. أنا وهي مخطوبين والكل عارف ده.
بدران بشك :
_الموضوع ده مضايقني، أنا حاسس إني شوفتها قبل كده.
عز الدين:
_مش عارف بصراحة يا بابا، بس أنا بحبها وهي بتحبني، يبقى ده المهم.
بدران بســـخريـــة:
_لأ مش مهم، طب وأنا فـ سنك ده كنت بحب والدتك والمفروض أنها كانت بتحبني، وفالآخر طلعت بتحب فلوسي، مش أنا !!..
عز وقد اكفهرت ملامحه :
_بابا لو سمحت، مش عاوزك تكلم عنها لا بخير ولا بشر، مش كل ما حاول أنساها تقوم تفكرني بيها.
بدران بجدية :
_ماشي يا عز، بس أنا بقولك أهو إني شاكك في البـ.ـنت دي وفب حكايتها.
""باك""
أغمض عينيه بقوة وهو يتذكر جملة أبيه الأخيرة وهتف بنـ.ـد.م :
_ياريت كنت سمعت كلامك، مكنش ده بقى حالي
*************
أتى الصباح..
في شركة "عز الدين السيوفي"
كان يعمل "إيهاب" وهو يحاول أن يجتهد أكثر في عمله، ولكن عقله لم يتوقف بالتفكير عن "ياسمين"، فلقد كانوا أصدقاء في وقت الطفولة في المدرسة، ولكن قطع تفكيره عنـ.ـد.ما سمع طرقات الباب فهتف :
_أدخل.
فتحت السكرتيرة الباب لتدخل وهي تهتف :
_مستر إيهاب، في واحدة عايزة تقبل حضرتك.
إيهاب بتساؤل :
_مين ؟؟..
سكرتيرة :
_الانسه منى عصام .
_طب دخليها.
سكرتيرة :
_حاضر يا فنـ.ـد.م !
خرجت السكرتيرة لتفعل ما أمره بها، فتنهد الأخير وترقب دخولها..
وبالفعل لم تمر ثواني إلا قليلة ورأها تدخل ويبدو على وجهها الوهن وكثره البكاء، فهب واقفاً عنـ.ـد.ما رأها بتلك الحالة الغير طبيعية، واتجه نحوها مسرعاً، ثم..
إيهاب بقلق :
_منى ؟؟.. في إيه مالك ؟؟..
ردت عليه بنبرة تحمل التعب :
_ياسمين، ياسمين يا إيهاب، هيجرالها حاجة لو متصرفتش بسرعة ؟!..
إيهاب بقلق :
_طب أهدي، أهدي أرجوكي، وفهميني مالها ياسمين ؟!..
منى :
_كلمتني إمبـ.ـارح من موبايل مش بتاعتها و..
لم تستطع أن تكمل بسبب دخولها في نوبة بكاء ولكن قالت وقد أرتفعت شهقاتها :
_كلمتني وهي بتعيط، وبتقولي أنها أاتخـ.ـطـ.ـفت وفجأة سمعت صوتها وهي بتصرخ والموبايل قطع وقفل، أنا خايفة أوي عليها، أنا..
بدأ يشعر بالقلق من هيئتها، فأضطر أن يمسك كفيها وهتف بقلق :
_مالك يا منى، حاسه بإيه؟؟..
لم ترد فقد كانت غير مدركة ما يحدث حولها، فلقد كانت صورتها هي و"ياسمين" فقط أمام عينيها وبعض مقطتفات حياتهم سوياً، فلم تستطع الصمود أكثر من ذلك وشعرت أن أعصابها لم تعد تحتمل فكرة أنها مخطتفة من شخص مجهول، فشعرت أن الارض تهتز وكأنه زلزال، فأغمضت عينيها مستلمة لمصيرها، فأحطها "إيهاب" مسرعاً من خصرها بذراع واحدة مقرباً إليها من صدره قبل أن تنهار على الأرض وفي تلك اللحظة صرخ بأسمها:
_منى !!!!!!!
↚
حاوطها "إيهاب" من خصرها وقد شعر بالذعر لكونها مستكينة وفي تلك الحالة، فبدون تفكير أنحنى بجــــســ ـده ثم وضع ذراعه أسفل ركبتيها وحملها بين زراعيه واتجه نحو الاريكة ووضعها بحذر، ثم أتجه مسرعًا نحو الباب وفتحه ليهتف بصوت جهوري:
-روان، هاتيلي مايه بسرعة
ردت عليه "روان" بقلق بسبب تلك النبرة:
- حاضر يا فنـ.ـد.م.
نهضت "روان" من مكانها مسرعة لكي تحضر الماء وهي تشعر ببعض من القلق من هيئة "إيهاب"، فقد كانت ملامحه متهجمة، أما هو فظل واقفًا منتظر أن تحضر ما طلبه وكان قد أغلق الباب لأنه لا يريد أن يراها أحد بتلك الحالة.
وبعد لحظات أتت "روان" وهي تحمل كوباً من الماء وأعطته له، فـ أخذه منها دون أن ينطق بحرف واحداً وأمسك بمقبض الباب وكاد أن يديره ولكن توقف عنـ.ـد.ما سمعها تهتف له بتساؤل وفضول:
- هو في إيه يا مستر إيهاب؟؟..
التفت إليها "إيهاب" وهتف بصوت جهوري:
-ملكيش دعوة، ومش عايز حد يدخل مكتبي، حتى إنتي، مفهوم؟؟..
أومأت "روان" برأسها وعادت مسرعة نحو مكتبها وهي تقول بخفوت:
- فعلاً، أنا ليه بسأل؟؟.. طول عمري جايبه لنفسي الكلام.
ثم وجهت بصرها نحوه لترى أنه دخل وقد صفق الباب بقوة، أتجه مسرعًا نحو "منى" وبدأ يحاول إفاقتها عن طريق رش قطرات صغيرة على وجهها ولكن لم ينجح الأمر، فترك الكوب على الأرض وبدأ يحاول إفاقتها بطريقة أخرى، فقد بدأ يضـ.ـر.ب وجنتيها بخفة وهو يهتف بأسمها ولكن لم ينجح الأمر.
وعنـ.ـد.ما وجد طرقه لم تنجح قط، قرر أن يأخذها ويتجه بها نحو أحدى المستشفيات، فحملها بين ذراعيه مجدداً واتجه نحو الباب وفتحه ليخرج مسرعاً تحت أنظار الموظفين والموظفات المندهشة والمتسائلة.
****************
- في شقة "عز الدين".
كانت "ياسمين" قد أنتهت من أعمال الفطار وبدأت تحمل الأطباق وهي تشعر بتعب، أتجهت نحو المائدة لتبدأ بوضع الأطباق ولكن دخل عليها "عز الدين" فشعرت ببعض من القلق ولكنها وضعت القناع البرود، ولكن وقع ذلك القناع سريعاً عنـ.ـد.ما وجدته يقترب وقد وقف أمامها ليهتف بابتسامة جانبية:
- براڤو عليكي، طلعتي شاطرة في الطبيخ، أنا كنت متوقع إنك مبت عـ.ـر.فيش.
"ياسمين" وهي تحاول أن تأخذ نفساً عميق:
- طب ممكن بقا تسبنى أدخل الأوضة أرتاح شوية.
-ههههههههه، لا بجد ضحكتيني.
هتف بتلك الكلمـ.ـا.ت بســـخريـــة لتشعر بالغـ.ـيظ، هتف مجدداً ولكن بلهجة تحمل بعض من القسوة:
- إنتي فاكرة نفسك فين؟ إنتي مش ضيفة، إنتي هنا خدامة، خدامة بتشتغل عندي.
بعد أخر كلمة تفوه بها باتت ملامحها غاضبة بشـ.ـدة وأردفت قائلة:
-أنا ممكن أبقى خدامة عند أي حد لكن أستحالة أكون خدامة عند واحد حـ.ـيو.ان وحقير زيك.
وقبل أن تدرك ما قالته وما سيفعله معها كان يجذبها من شعرها، فأنطلقت منها صرخة ألــم ولكن كان ينظر لها ببرود يثير الاستفزاز.
شعرت بأن بعض من شعرها قد خرج من مكانه فأردفت بغـــضــــب و ألــم:
-آآآآآآه أنت إيه؟؟.. حـ.ـيو.ان على هيئة إنسان.
رفع "عز الدين" يده عالياً فـ الهواء وهوا بها على وجنة "ياسمين" ليصفعها بقسوة شـ.ـديدة جعلتها تصرخ أكثر.
لم تستطع "ياسمين" أن تتحمل تلك الآلام الذي تشعر بها فأخذت تسبه وهي تصرخ بـ:
-آآآآآآه، حـ.ـر.ام عليك بجد، أنت أكيد مش بني آدm، أنت حـ.ـيو.ان.
لم يرد عليها "عز الدين" بل ظل جاذبها من شعرها وخرج من المطبخ وهي تشعر بألــم رهيب فـ رأسها ووجنتها بسبب تلك الصفعة ولكن أنكمشت فجأة وأرتعدت أوصالها عنـ.ـد.ما وجدته يدخل إحدى الغرف.
"عز الدين" بوعيد:
-بقى أنا حـ.ـيو.ان، تحبي أوريكي الحـ.ـيو.ان ممكن يعمل إيه؟؟..
"ياسمين" بفز :
-لألألألألألأ.
" عز الدين" بغـــضــــب وبصوت جهوري أفزعها أكثر:
- ولما هو لأ، بطولي لسانك ليه؟؟..
"ياسمين" ببكاء :
-سبني، سبني فحالي بقا.
"عز" بلهجه غريبة:
-مش بالساهل إني أسيبك من غير ما أصفي كل القديم والجديد معاكي.
وفجأة وقد أظلمت عينيه وهتف:
-بس خدي بالك لو أنتي طولتي لسانك تاني هيبقى في عقـ.ـا.ب، وعقـ.ـا.ب وحش جداً جداً، فاهمة؟؟..
أردف بآخر كلمة وهو يدفعها بقسوة ثم خرج من الغرفة ليتجه ناحية المطبخ.
******************
شعرت هي بذهابه إلى المطبخ فأغمضت عينيها بألــم ووقعت جالسة على الأرض، أنفجرت في نوبة بكاء.
******************
- خير يا دكتور؟؟.. أرجوك طمني.
هتف بها "إيهاب" لطبيب الذي تولى فحص "منى" فـ أجابه الأخير وهو يحاول أن يبث الطمأنينة بداخله:
- متقلقش يا أستاذ إيهاب، هي جالها أنهيار عصبي حاد، وأنا أدتلها حقنة مهدئة وهي إن شاء الله هتفوق على بليل.
- طب هو أنا أقدر أدخل أشوفها؟؟..
- آه طبعًا يا إيهاب بيه.. أتفضل.
وبالفعل توجه "إيهاب" نحو الغرفة التي ترقد فيها "منى"، فتح الباب ليدخل بهدوء ثم جلس على المقعد الذي بجوار الفراش، وأمسك بكف يدها ويده الأخرى بدأت تمسد على شعرها برفق، لا يعلم لماذا يشعر بأن قلبه يـ.ـؤ.لمه لكونه يراها في تلك الحالة؟.. تنهد تنهيدة حارة وهو مازال يمسد على شعرها وهتف قائلاً :
-ومن غير سابق إنذار وقعت في حبك يا منى.
↚
ظل "إيهاب" بجانبها وهو ينتظر بفارغ الصبر أن تفيق لكي يطمئن عليها، فلقد مرت ساعات وهي ما زالت في تلك الحالة، بدأت "منى" تفوق تدريجياً ولكن شعرت بيد تمسد على شعرها ويد أخرى ممسكة بيدها، لا تعلم لماذا شعرت بذلك الأمان الذي غمرها فجأة؟؟..
أستمعت هي صوت رجولي جذاب ينطق بأسمها، فبدأت بفتح عينيها ولكن سرعان ما أغمضت عينيها عنـ.ـد.ما هاجمتها تلك الإضاءة القوية، وبدأت تحاول أن تعتاد على تلك الإضاءة لتستمع مره أخرى بذلك الصوت الذي مازال ينطق بأسمها ولكن ذاكرتها كانت ترفض الواقع.
فتحت عينيها وبدأت توزع أبصارها لتعرف هوية ذلك المكان فعلمت أنها في المستشفى، ألتفتت بوجهها لترى "إيهاب" جالس بجانبها وملامحه توحي بالقلق، أخذت تنظر إليه لتغمض عينيها وتنساب عبراتها وشعرت أنها تختنق فوضعت يدها على صدرها وقد أرتفعت شهقات بكائها، نهض "إيهاب" وجلس بجانبها على الفراش، ثم..
- منى، أرجوكي أهدي، أهدي علشان خاطري.
نظرت إليه بنظرات منكـ.ـسرة وقد علت شهاقتها:
- مش قادرة، مش قادرة والله، قلبي واجعنى أوي، حاسة أن سندي أتكـ.ـسر، هي السبب الوحيد إللي مخلياني عايشة بعد ما بابا وماما مـ.ـا.توا، بس هي كمان هتسبني.
خانتها ذاكرتها، فقد تذكرت تلك المحادثة الأخيرة وفكرة أنها لا تعلم ما الذي يجب أن تفعله جعلها في حالة عصبية عن طريق البكاء الهيستيري، حتى وصل بها الأمر أن صدرها أصبح يعلو ويهبط من كثره الشهقات وأصبحت أنفاسها غير منتظمة.
أقترب منها "إيهاب" ووضع ذراعه على خصرها ليرفعها قليلاً، ثم أحتضنها بعاطفة قوية، شعر بالذعر وأخذ يصيح مناديًا على الطبيب، وبالفعل بعد لحظات كان دخل، حينما رأها في تلك الحالة، طلب من الممرضة حقنة مهدئة فأحضرتها سريعًا وأعطتها له.
ظل "إيهاب" محتضنها عسى أن تهدأ ولكن شـ.ـد عليها العناق وأغمض عينيه عنـ.ـد.ما رأى أن الطبيب يعطيها تلك الحقنة.
شعر بالأسف عليها وظل مغمضاً عينيه ونزلت من عينيه دmعة حارة لكونه يراها في تلك الحالة وخاصهً عنـ.ـد.ما عادت إلى تلك الحالة المستكينة التي لا حياة فيها.
نظر إليه الطبيب وهتف :
-مستر إيهاب، أنا مش عاوزك تقلق، هي كويسه بس لسه مش قادرة تستوعب، يعني بإختصار دب حالة مؤقتة، بس في سؤال؟؟..
نظر إليه "إيهاب" مضيقًا عينيه ليسأله الطبيب بجدية:
- هو حضرتك تقربلها إيه ؟؟..
"إيهاب" وهو يعلم جيداً ما سيقوله:
-خطيبها.
*******************************
توجه "عز الدين" نحو غرفتها وفتح الباب بدون إستئذان مرة أخرى، ولكن لم يستمع منها أي رد، فقد كانت نائمة على الأرض وأثار دmـ.ـو.عها مازالت موجودة.
لا يعلم لماذا شعر بالضيق، ولا يعلم أيضًا لماذا شعر بتلك الحالة التي نسميها (تأنيب الضمير)، فهو لا ينكر أنها ليست أي فتاة منذ أن ألتقى بها.
أتجه نحوها بخطوات بطيئة وأنحنى بجــــســ ـده لكي يحملها وبالفعل حملها بين ذراعيه، واتجه بها نحو الفراش ووضعها وهو لا يعلم ما الذي يفعله؟.. ويتسائل عن الشعور الذي راوده لكي يحملها.
بعد أن وضعها على الفراش أتجه مسرعًا نحو باب الغرفة وخرج بعد أن أغلق الباب، ثم أتجه نحو الاريكة ليأخذ سلسلة المفاتيح الشقة والسيارة وتحرك نحو خارج المنزل بأكمله.
****************************
-هاااا يا مريم، أتصلتي بـ ياسمين وقولتلها أن إحنا محتاجينها ضروري؟؟..
هتف بها "بدران" وهو يمسك القلم ليبدأ بتوقيع على بعض من الأوراق لتقول "مريم" وهي تهز رأسها بمعنى "نعم" :
-أيوة يا فنـ.ـد.م، بس موبيلها مقفول من إمبـ.ـارح.
- إيه !!.. إزاي ده؟؟.. ياسمين عمرها ما بتقفل موبيلها، طب حاولي تاني يا آنسة مريم.
أومأت "مريم" رأسها لتأخذ الأوراق وأتجهت نحو الباب وخرجت من المكتب، أما عن "بدران السيوفي" فشرد وقال :
مش عارف ليه قلبي مقبوض عليكي يا ياسمين.
عقب أنتهاء جملته نهض من مكانه أستعداد للذهاب إلى ڤيلته ولكن عقله لم يتوقف عن التفكير بـ"ياسمين"، تحرك هو نحو خارج المكتب بل من مقر الشركة بأكملها، ليتجه نحو سيارته، فـ فتح له سائقه الخاص السيارة ليجلس هو وتتحرك السيارة مسرعة نحو ڤيلته
**************************
في المشفى..
كانت "منى" مازالت في غيبوبتها المؤقتة، ولكن ظل "إيهاب" جالسًا بجانبها وهو يمسد على شعرها بحنان، ثم رفع كف يدها ليقبلها برقة، نظر أمامه بشرود وتفكير عميق، يفكر في تلك الحادثة بضيق التي حدثت لـ"ياسمين" فهتف بتفكير :
-ياترى مين أتجرأ وإللي عمل الموضوع ده، بس أنا لازم أقول لبدران بيه عشان يكون على علم بإللي حصلها يمكن يعرف يحل الموضوع ده ويوصلها و....
صمت فجأة عنـ.ـد.ما تذكر ذلك اليوم الذي فقدت فيه "ياسمين" وعيها، وعنـ.ـد.ما أفاقت من غيبوبتها أخذت تقول له أن "عز الدين" كان يهددها بالأنتقام وأنه لن يرحمها، فـ هتف بصدmة :
-ينهار أسود.. هو ممكن يكون هو إللي خاطفها، لألألألألأ مش ممكن، طب مش ممكن ليه، هو ده أي حد ده عز السيوفي، بس أقسم بالله لو طلع هو مش هعدي الموضوع أبدًا غير ما يرجعها.
*************************
وصل "عز الدين" إلى ڤيلته وخرج من السيارة وتحرك مسرعًا نحو داخل ڤيلته وبالفعل دخل ليقابل "سعاد" في طريقه التي كانت تأتي مسرعة نحوه وهتفت:
-مساء الخير يا عز باشا، حمدالله على السلامة.
عز باقتضاب :
-شكراً، هو بابا وصل ولا لأ؟؟..
- ايوة وصل من نص ساعة ومستني حضرتك في غرفة الطعام.
- ماشي، روحي إنتي.
أومأت "سعاد" برأسها وغادرت، ليتجه هو نحو غرفته كي يبدل ملابسه.
وبعد فترة وجيزة كان قد أنتهى من أرتداء ملابسه وهبط إلى الاسفل متجهًا نحو غرفة الطعام ليجد والده جالس ويبدو عليه الشرود، فسحب إحدى المقاعد ليجلس هو ويقول بابتسامة:
-إيه يا بابا، بتفكر في إيه؟؟..
- مفيش يا عز.
- لأ في يا بابا، هو أنا مش عارفك؟؟..
أخفض "بدران" عينيه ليحدق في صحنه وهو يعبث بمحتوياته بمعلقته وأردف بنبرة شبه قلقة:
- مش عارف ليه قلبي مقبوض على ياسمين.
↚
نظر عز الدين إلى والده ببعض من الضيق لكونه يهتف بأسم تلك الفتاه الذى مازال يشك بها فهتف وهو يمظر بضيق :
- ليه ؟؟!
بدران بتفكير : اصل هى قافله موبيلها من اول امبـ.ـارح وهى عمرها ما عملت كده !
- محدش عارف الظروف ، يعنى متقلقش وبعدين مش هى واخده اجازه لمده اسبوع ؟
- ايوه ، بس انا محتاجها عشان هسافر اتمم الصفقه هناك !
- طب وانا روحت فين ، انا هظبط كل حاجه فى وقت غيابك واكيد هى هتظهر بعد ما اجازتها تظهر ولا ايه ؟
بدران : يمكن !
******************
- فى يوم جديد !!!
جلس بدران امام مكتبه وقد اخرج الملف ليقوم بمراجعته ، ولكن فى نفس اللحظه سمع طرقات على الباب فأذن بالدخول ، لتدخل السكرتيره وعلى وجهها ابتسامه بسيطه واردفت بنبره رسميه :
- صباح الخير يا فنـ.ـد.م
- صباح النور يا استاذه مريم ، فى حد عاوز يقابلنى ؟
- ايوه يا فنـ.ـد.م ! مستر إيهاب مدير مكتب مستر عز الدين السيوفى عاوز يقابل حضرتك ضرورى !
- خليه يتفضل !
اومأت السكرتيره " مريم " رأسها وتحركت نحو الخارج لتبلغ إيهاب بأن رب عملها ينتظره ، فتحرك الاخير نحو مكتب بدران السيوفى وهو يشعر بالضيق !!
دخل إيهاب المكتب فوقف بدران ومد يده لمصافحته ليصافحه إيهاب باحترام ليطلب منه بدران الجلوس فجلس ليهتف الاخير :
- خير يا إيهاب ! انت مبتجيش المكتب عندى غير لو عاوز تبلغنى بحاجه مهمه !
إيهاب بجديه : ايوه يا فنـ.ـد.م ، انا جاى عشان ابلغك بحاجه حصلت ؟!
بدران بقلق ممزوج بالخــــوف : ايه اللى حصل ؟ عز جراله حاجه ؟
- لألأ يا فنـ.ـد.م ، بعد الشر ، عز كويس ، لكن الموضوع يخص مديره مكتبك الاستاذه ياسمين !
بدران بخــــوف : ياسمين ! مالها ؟؟
ايهاب وهو يأخذ نفساً عميقاً :
- صاحبتها جتلها مكالمه اول امبـ.ـارح ، الفمكالمه دى كانت من ياسمين وهى بتعيط وبتقول انها اتخـ.ـطـ.ـفت !
نزل الخبر عليه كالصاعقه واخذ ينظر بصدmه جليه رافضاً ان يصدق ما سمعته اذنيه فهتف غير مصدق :
-مش ممكن ، طب قالتلها مين اللى خاطفها ؟؟
-للأسف لأ ، لان اللى خاطفها اكتشف انها بتتكلم فخد منها الموبيل ، ومحدش عارف انه ممكن يكون عمل فيها ايه !
بدران وقد شعر انه سيختنق : طيب ، طيب يا إيهاب ، روح انت عشان تلحق شغلك وانا هعمل اتصلاتى وهتصرف !
إيهاب بجديه : تمام ، عن اذنك حضرتك ..
- اتفضل !
نهض إيهاب وتوجه نحو الباب ليخرج من المكتب ، امّا بدران بدأ بشعر بتعب يغدو جــــســ ـده واصبح عقله فى عالم اخر من كثره الصدmه وهتف بحـ.ـز.ن وأسى :
- معرفتش احافظ على الأمانه ، معرفتش احافظ على الامانه ، يوم ما اقابله هبصله ازاى ؟؟ وانا خلاص كلها كام شهر وهروحله !
*****************************
- فى شقه عز الدين السيوفى !!
كانت ياسمين جالسه فى غرفتها بعد ان ادت فريضه الظهر تسبح لله ناظره للسماء حيث ملكوته ، تنهدت تنهيده حاره واخفضت رأسها للأسفل بحـ.ـز.ن وأسى وهى ترثى حالها وتشكوه للمولى قائله :
- يارب .. يارب انت اللى عالم بحالى ، ارحمنى واحمينى منه ، انا مليش غيرك فى الدنيا دى ، اللهم انى لا اسئلك رد القضاء ولكنى اسئلك الطف فيه !
انسابت عبـ.ـارتها وهى تشكو لله حالها ، واخذت تناجى ربها بأن يحميها منه وان يخلصها من ذلك الهم الذى اصبح فوق اكتافها !
******************************
- فى شركه عز الدين السيوفى !!
وصل عز الدين إلى مقر الشركه فوقف الموظفين والموظفات احتراماً له وكتحيه له ، ولكن لم يعبأ بهذا فقد كان شاغله الاكبر هى ياسمين ! فقد كان يشعر بالضيق بسبب ما يفعله معها .
وصل هو نحو مكتبه ودخل وكاد ان يغلق الباب ولكن هناك ذراع منعت ذلك ، ففتح الباب وكاد ان يصـ.ـر.خ بمن فعلك تلك الحركه ولكنه بلع ذلك الغـــضــــب عنـ.ـد.ما وجد انه صديقه إيهاب الذى دخل بصمت مريب !!
نظر إليه عز الدين وهتف : ايه ده ! انت داخل من غير ما تقول اى كلمه حتى صباح الخير او حمدالله على السلامه ؟؟
إيهاب : معلش ، انا عاوز اتكلم معاك فموضوع مهم !
عز : انا بقول كده بردو بس تعال نقعد الاول !
إيهاب : لأ خلينا واقفين !
عز بجديه وهو يقترب منه : فى ايه يا إيهاب ؟؟
كان إيهاب ينظر له بعينين كالصقر وكانت ملامحه متهجمه فهتف وهو منظرا رد فعله :
-ياسمين اتخـ.ـطـ.ـفت !
صمت عده ثوانى وهتف : طب واحنا مالنا !!
إيهاب بقوه : انت اللى خاطفتها !
عز بصدmه : ايه !!
إيهاب بغـــضــــب : ايوة ، انت اللى خاطفتها !
عز بصدmه اشـ.ـد : ايه اللى انت بتقوله ده !
إيهاب بغـــضــــب : اوعى تنكر يا عز ، انا عارف وواثق انك انت اللى خاطفتها !
عز بغـــضــــب : انت ازاى تكلمنى يا إيهاب انت ااا
إيهاب بغـــضــــب وتهديد : اقسم بالله لو انت ما قولت الحقيقه يا عز لاكون رايح البوليس واقدm محضر بخـ.ـطـ.ـف ياسمين واتهم انك انت اللى خاطفتها !!
نظر عز الدين بصدmه من ذلك التهديد الصريح فهتف غير مصدق :
- انت بتتكلم بجد يا إيهاب ، معقول انت بتهددنى !
- ايوه بهددك لانك لازم تفوق ، تفوق من الصدmـ.ـا.ت اللى انت عايش فيها طول عمرك ، لازم تفوق !!
نظر عز الدين وقد وضع يده فى جيب بنطاله وهتف :
- ايوه يا إيهاب ، انا اللى خاطفتها !
↚
نظر له إيهاب باندهاش من تلك الحقيقه ، هو كان يتوقع انه خاطفها ولكن لم يخطر على باله انه بالفعل فعلها ، شعر بالحـ.ـز.ن والأسى يتسرب بداخل قلبه ولكن كان يرتدى قناع الغـــضــــب !!
_وبتقولها كده بكل برود ، يا أخى حـ.ـر.ام عليك ، حـ.ـر.ام عليك هى عملتلك ايه علشان تعـ.ـذ.بها كده وتخـ.ـطـ.ـفها ؟؟! عملت ايه !!
هتف بتلك الكلمـ.ـا.ت الاخيرة بصراخ هز اركان المكان ، وقد أحمر وجهه من كثره الغـــضــــب الذى يشعر به وبرزت عروقه ، فهو صديق عمره ولم يتصور ان يفعل ذلك !! لم يعلم ان الصدmـ.ـا.ت جعلت بداخل قلبه القسوه وعدm الرحمه والمغفره !!
كان عز الدين صامتاً ويشعر بالضيق فهتف : أرجوك يا إيهاب افهمنى ، انااااا
قاطعه وهو يهتف بأمر :
_لأ انا مش عاوز افهم منك حاجه ، بس فى حاجه لازم اقولهالك !
عز وهو يشير بيده : ياترا ايه ؟!
هتف تلك الكلمتين ليضع يده بداخل جيب بنطاله وانتظر رد إيهاب الذى هتف :
_انا عاوزك ترجع ياسمين بيتها ! وملكش دعوه بيها نهائى !!
عز : نعم ! اسيبها ! ده مستحيل !! حتى لو اخر يوم فعمرى !!
إيهاب : يعنى ايه يا عز ؟
عز : يعنى مش هراجعها يا إيهاب !!
إبهاب بغـــضــــب : ماهو لو انت مراجعتهاش يا عز ، انا هبلغ البوليس واقدm بلاغ واتهمك انك خـ.ـطـ.ـفتها ، انت صحيح انت صديق عمرى بس هى كمان صديقه طفولتى ، وانا حاسس بيها ، وانا دايماً بقف مع الحق ، وهى الحق !!
عز بغـــضــــب : تبلغ عنى ، ماشى ، انا عاوزك تبلغ ، بس صدقنى مش هتعرف تسـ.ـجـ.ـنى !! وبكره نشوف !!
إيهاب بغـــضــــب وانكسار بداخله : ماشى يا عز ، وعلى العموم لازم تعرف ان صداقتنا انتهت وللأبد ، وبالنسبه لوظفتى فأنا مش هاجى الشركه دى تانى ولا اى مكان انت موجود فيه ، يا خساره ، يا خساره يا صاحبى ، سلااام !!!
ثم تحرك مسرعاً نحو الخارج وفتح الباب ليصفقه بقوه وهو يشعر بالاختناق ، امّا عن عز الدين فتحرك نحو المقعد الجلدى وجلس ليريح ظهره وقد أغمض عينيه بضيق ممزوج بالحـ.ـز.ن بسبب تلك المشكله التى حدثت بينه وبين صديق عمره ! ولكن أخذ يتسائل لماذا لا يريد يتركها ؟!فحاول ان يجعل الإجابه انه يشك بها ولكن قلبه وعقله رفض تلك الإجابه وخاصهٍ قلبه !!!!!
نفض تلك الافكار وبدأ يحاول ان يفكر كيف يخرج من ذلك التهديد الذى هدده إيهاب فهو بالفعل إذا ابلغ الشرطه ، فستحدث مشكله له ! فأخذ يفكر ويسأل نفسه ما العمل !!؟
جاءت فى باله فكره ولكن حاول ان ينفضها سريعاً فهى بالنسبه له شبه مستحيل ، ولكن كانت الفكره مُصره ان لا تخرج من عقله !!
عز : طب اعمل ايه دلوقتى ؟ هو انا ممكن اعمل ااا ، لألألأ ده مش ممكن ! بس مفيش حل غير ده وهضطر انفذه !!
ثم نهض من مكانه واخرج هاتفه من جيب سترته ليقوم باتصال مع شخص ما ، ثم ...
عز : ألو .. ايوه يا هشام .. اسمعنى كويس ونفذ الكلام من غير مناقشه !!
****************
فى المشفى !!
وصل إيهاب المشفى وترجل من سيارته ليتحرك مسرعاً نحو الداخل واتجه نحو المصعد !!
بعد ثوانى قليله كان يفتح باب المصعد وخرج منه ليتجه نحو الغرفه التى ترقد فيها " منى " ثم طرق على الباب فسمع صوتها الضعيف وهى تأذن بالدخول ، فدخل وتحرك نحوها مسرعاً وهو يهتف بقلق :
_منى ، انتى فوقتى ؟! عامله ايه دلوقتى ؟ طمنينى ؟!
منى بصوت ضعيف :
_الحمدالله
اقترب منها إيهاب وهو يشعر بنغزه فى قلبه لكونه يراها فى تلك الحاله !
جلس إيهاب بجانبها ليمسد على شعرها بحنان ، ولكن شعر بحـ.ـز.ن العميق بداخله ، فهى لم تعد منى التى قابلها اول مره ، فلقد اصبح وجهها شاحب اللون ، واصبح جــــســ ـدها هزيل !
_منى ، ارجوكى شـ.ـدى حيلك ، انا خلاص قربت اوصلها !! وانا بقول الحقيقه على فكره !!
وكأن تلك الجمله ردت إليها الروح ، فهتفت غير مصدقه وهى تمسك يد إيهاب :
_بجد يا إيهاب !!
_اه والله ، انا خلاص ، عرفت مين اللى خاطفها !!
منى بلهفه : مين ؟!
ابتلع ريقه بمراره وهتف : لما تبقى كويسه هبقا اقولك ، لأنك مش هتصدقى !
************
_فى شقه عز الدين السيوفى !!
كانت ياسمين جالسه فى غرفتها ، ولكن انتفضت من مكانها عنـ.ـد.ما وجدته يقتحم الغرفه ويبدوا عليه الغـــضــــب ، فشعرت بالذعر وهتفت بصراخ :
_فى ايه !!!!! خضيتنى !!
عز وهو يشير بيده : حالاً ومن غير كلام ! تقومى تجهزى نفسك عشان هتجوزك !!
ياسمين بذعر وفزع وصدmه : ايه !!!!!
عز بصوت جهورى وهو يقترب منها : زى ما سمعتى !
ياسمين بذعر : لألألألأ مش ممكن ، ده على جثتى !!
عز بغـــضــــب : لو انا متجوزتكيش يا ياسمين ، مش هيحصلك طيب ..
ثم اقترب منها حتى اصبح امامها ولم يعد يفصلهم غير خطوه واحده وهتف بصوت يحمل الكثير من القسوه :
_انتى لسه متعرفنيش يا ياسمين ، انا ذئب وانتى هتبقى على ذمه ذئب !!
ياسمين بغـــضــــب : ده مش ممكن يحصل !!
عز : خلى بالك انا عمرى ما لمست واحده ست بالحـ.ـر.ام بس ممكن اعمل لو منفذتيش اللى بطلبه منك ! فاهمه !! اختارى بقا !! وانا معنديش مانع فى الاتنين!
ياسمين بدmـ.ـو.ع : حـ.ـر.ام عليك ، حـ.ـر.ام عليك بجد ، انا عملتلك ايه ؟ وعايز تتجوزنى ليه ؟!! ليه ؟!
عز بغـــضــــب : مش لازم تعرفى ، وقوليلى بقا اخترتى ايه ؟ خلى بالك انا لما بهدد بقوم انفذه ومن غير خــــوف وتردد ! فيالا اختارى لانى مش فاضى !!
كان يعلم انها ستوافق ، فهو يعلم ايضاً يعلم ان نقطه ضعف النساء هى زهره شبابها !! كان يهددها انه سيخـ.ـطـ.ـف زهرتها ولكن كان يقول اى شئ لكى توافق ! فعلى رغم من انه شخص قاسى ولكن لا يمكنه ان يلمس اى امرأه خاصهٍ إن لم تكن على ذمته !!
نزلت دmـ.ـو.عها وهى تشعر بالذل والإهانه فهتفت : ممكن اوافق بس بشرط ان جوازنا على ورق والجوازه تبقى مؤقته !!
عز : انا اصلاً مش هلمسك ، على العموم جهزى نفسك ، المأذون والشهود بره ومتقلقيش جوازنا هيبقى مؤقت يا .. ياسمين !
↚
كان جالس فى منطقه شبه صحراويه ، فذلك المكان الوحيد الذى يأتى إليه عنـ.ـد.ما يشعر بالاختناق !!!!
خرج من سيارته ليصفق بابها بقوه دليل على اختناقه ، وكان يمسك زجاجه خمر ، وقد أصبح فى حاله شرود !!!
كان نسمـ.ـا.ت الهواء العليل تداعبه وخيوط الظلام اكبر شئ وعامل مساعد على رجوع ذكريات كثيره من الماضى إلى أغوار عقله خاصهٍ عنـ.ـد.ما كان فى تلك الحاله !!!
شعر باختناق قوى لكونه خسر رفيق عمره ، ادmعت مقلتى عز الدين عنـ.ـد.ما وصل إلى تلك الفكره !!
اخذ يتناول المشروب المسكر بحـ.ـز.ن عميق ، وبعد دقائق ... كان افرغها من محتواها فقذفها وهو يصـ.ـر.خ ب :
_ليه !!!!!
هتف بتلك الكلمه وقد نزلت دmـ.ـو.ع ساخنه من عينيه وهو يشعر باختناق شـ.ـديد لم يشعر به من قبل !!
اخذ يتنفس بعمق ليضبط انفعالاته المتشنجه لكنه لم يستطع ، أختنق صوته اكثر وهو يكمل :
_ ليه الدنيا جايه عليا ؟! ليه مطلعش عندى ام زى بقيت الامهات ، ده حتى يوم ما حبيت اتخدعت واتجـ.ـر.حت ، بس انا مكنتش باعترض لانى كان عندى صاحب بيشيل همومى بس النهارده ..........
أغمض عينيه قائلاً بنبره منكـ.ـسره :
_بس النهارده خسرته ، خسرته للأبد !!!
***********************
جالسه على الأريكه بجمود ، وهى محتضنه صدرها بذراعيها ، وضمت ساقيها معاً ، أخذت تتذكر توقيعها باصابع مرتجفه على وثيقه زواجها ولكن كانت بالنسبه إليها وثيقه هلاكها !!
نزلت دmـ.ـو.عها وبدأت ترتفع شهاقتها وهتفت ببكاء يقطع نياط القلوب :
_ربنا ينتقم منك ، ربنا ينتقم منك على اللى بتعمله فيا !!
أخذت تكررها وقد ارتفعت شهاقتها اكثر واحمر وجهها من كثره البكاء ، فإنه ليس اى بكاء ، هو بكاء الذى يقطع نياط القلوب !!
وهى تبكى هكذا .. أخذ يوسوس لها الشيطان بأن تتخلص من حياتها لكى ترتاح ، فلقد اصبح المـ.ـو.ت بالنسبه إليها اسهل بكثير من خوض ذلك العـ.ـذ.اب وبالفعل هبت واقفه وتوجهت نحو ( المطبخ ) ولكن توقفت فجأه وعادت مسرعه لتجلس على الأريكه فشعرت بعدها بـ.ـارتجاف جــــســ ـدها ، فهتفت بنبره مرتجفه وهى تهز رأسها بنفى :
_ لا لا مش هعمل حاجه تغـــضــــب ربنا ، مش هاعمل حاجه كده ابداً !!!
*****************
_فى اليوم التالى !!
_فى فيلا الخاصه بعائله السيوفى !!!
انتهى عز الدين من ارتداء ملابسه فتحرك هو نحو خارج غرفته وبالفعل خرج ولكن قرر ان يدهل غرفه والده لكى يطمئن عليه ، فاتجه بخطوات شبه ثابته وطرق الباب فسمع صوت والده يأذن له فدخل واقترب منه ليجلس وامسك بكفى يد والده ليقبله وهتف بنبره تحمل الجديه :
_صباح الخير يا بابا
_صباح النور
_انت ليه مالبستش ، مش رايح الشغل ولا ايه؟!
_لا رايح ، بس معرفتش انام خالص من ساعت ما جالى الخبر !
_خبر ايه !؟
_انت عرفت ان ياسمين اتخـ.ـطـ.ـفت !!
ابتلع ريقه بتـ.ـو.تر وهتف : ايوه عرفت من إيهاب !
_وياترا هتحب تياعدنى انى ادور عليها ولا مش هتساعدنى !!؟
_يا بابا انا مش مرتاح للبـ.ـنت دى ، شكلها غلط !!
_هو ايه اللى مش مرتحلها وهو انا بقولك اتجوزها ، اقولك على حاجه ، انا مش عاوزك تساعدنى ، واتفضل اقوم علشان البس !!
_يا بابا انت متضايق انى بقول اللى حسه ، انا حاسس ان البـ.ـنت دى سكتها غلط و..
قاطعه بدران بغـــضــــب : ممكن تسكت وتطلع بره وتروح انت كمان شغلك !!
_حاضر يا بابا .. انا خارج
وبالفعل خرج عز الدين من الغرفه وهو يشعر بالضيق وهبط إلى الاسفل وتحرك نحو خارج وقد الفيلا وقرر ان يذهب إلى فيلا إيهاب لمقابله !!
بعد دقائق .. كان وصل عز الدين وتحرك مسرعاً نحو باب الفيلا واخذ يطرق بابها بقوه وهو يهتف بصوت جهورى :
_إيهاب .. افتح يا إيهاب .. إيهاب !!
لم يستمع إلى اى رد فشعر باختناق يطبق عل صدره فتحرك نحو سبـ.ـارته بخطوات ثقيله وهو يخلل اثابعه فى فروه شعره !!
فتح باب سيارته ليقودها مسرعاً نحو شركته الخاصه !!
***************
_ لو سمحت عاوز اقدm بلاغ رسمى بخـ.ـطـ.ـف انثى !
هتف بها إيهاب بجديه عنـ.ـد.ما ذهب إلى مخفر ، فهتف الشرطى وقد تحفزت ملامحه وهو ينظر حياله باستغراب :
_خـ.ـطـ.ـف انثى !!
إيهاب بملامح مظلمه ووجه عابس : ايوه ، محضر ضد عز الدين السيوفى لانه خـ.ـطـ.ـف ياسمين صبرى !!
فتحةالشرطى احد الدفاتر القديمه ثم قال وهو يدون :
_ إنه فى يوم .............
وبدأ الشرطى فى تحرير بلاغ رسمى ، وقام ايضاً بالأجراءات المتعارف عليها من اجل الحصول على امر احضار المدعو عز الدين السيوفى !!
***************
فى شركه عز الدين السيوفى !!
كان جالس عز الدين مع المحامى الخاص به ويتناقشون فى احدى الموضوعات المهمه ولكن فجأه اقتحمت السكرتيره مكتبه ليهتف عز الدين بصوت جهورى :
انتى ازاى تدخلى مكتبى بالشكل ده يا بنى ادmه انتى ؟!
السكرتيره بذعر : سورى يا مستر ، بس فى ظباط بره وعاوزين حضرتك !!
عز الدين وهو يضيق عينيه : ظباط !!
اشار إلى السكرتيره بأن تخرج من مكتبه، لم يكن مكترثاً بتواجدهم او حتى خائفاً منهم ، حدجهم عز الدين عنـ.ـد.ما دخلوا بنظرات ناريه من اعينه التى تطلق شررا ، استطرد الضابط حديثه متسائلاً بجديه :
_حضرتك عز الدين السيوفى ؟
اجابه بعينين تحولت إلى جمرتين من النار :
_ايوه انا !
اشار له الضابط بيده قائلاً بنبره رسميه :
طب اتفضل معانا !
_نعم !! انت عارف عارف بتكلم مين ؟!
تدخل المحامى الخاص به فى الحوار متسائلا بهدوء كطبيعه مهنته :
_خير يا حضرت الظابط ؟
_فى بلاغ متقدm فى سيادته انه خـ.ـطـ.ـف انثى !
↚
تهجمت تعبيرات عز الدين على الأخير وضاقت اعينه الحمراء حتى بدت كألسنه اللهب ، وظهرت عروق نحره التى اصبحت تنبض بقوه حيث صر على اسنانه بقوه وهتف :
_عملتها يا إيهاب ، عملتها وارتحت !!
رد المحامى بنبره جاده : مدام ياسمين صابر تبقى زوجه الباشا يا حضرت الظابط ، فازاى يخـ.ـطـ.ـف مـ.ـر.اته ؟!
الضابط بجديه : ممكن اشوف القسيمه من فضلك !
أخرج المحامى ما يؤكد صدق إدعائه ، اطلع الضابط على الأوراق قائلاً بهدوء :
_تمام ، القسيمه مظبوطه ، بس احنا مضطرين نقفل المحضر فى القسم لان البلاغ متقدm ضده !
عز بنفساً عميق : ماشى ، اما نشوف اخرتها !!
(( عقب هذا الحدث بنصف ساعه ))
وصل عز الدين برفقه المحامى إلى المخفر وخرج من سيارته صافقا بابها بقوه ، فهتف المحامى وهو يشير له بيده ناحيه المخفر :
_اتفضل يا باشا
دخل عز الدين المخفر بخطوات ثابته رغم هدوئه المخيف إلا انه مازال يحتفظ بتعابيره القاسيه !!
اتجه الضابط نحو مكتبه وخلف عز الدين والمحامى الخاص به ، وامسك بمقبض الباب واداره ليدخل فهب إيهاب واقفاً ، فهو اراد الانتظار لكى يرى تعابير وجه عز الدين عنـ.ـد.ما نفذ تهديده ولكن وجده فى حالته كالعاده !!
نظر له عز الدين واقترب منه بخطوات صغيره ثابته واردف بخبث :
_ايه يا إيهاب ، عامل ايه ؟!
إيهاب مضيقاٌ عينيه : انت عملت ايه بالظبط ؟!
زفر انفاسه ثم اخرج سجائره لكى يشعل احداها وينفث بها ببرود وهتف :
_ هعمل ايه يا يعنى ، هو خلاص المحضر هيتقفل !!
إيهاب بغـــضــــب : نعم !!!!!! ده ازاى ؟!
رد عليه المحامى بنبره عمليه : مدام ياسمين صابر تبقى زوجه عز الدين باشا السيوفى !
إيهاب بصدmه جليه : ايه !!!
عز الدين بنظره قاسيه وهو يوجه كلامه للضابط :
_ياريت يا حضرت الظابط تسيبنا لوحدنا شويه !!
الضابط وهو يومأ راسه : تمام ، اتفضلوا !
عز الدين بحده : وانت كمان تقدر تتفضل حالياً !
اومأ المخامى رأسه ايضاً ليخرج هو والضابط ، لتبدأ المواجهه بين عز الدين وإيهاب !
حلت الصدmه على وجه إيهاب الذى فغر ثغره مصدوماً مما سمعه ، تجمدت انظاره على صديقه الذى كان ينظر له مترقباً رد فعله بعد ان علم ، تبدلت تعابير إيهاب من صدmه إلى غـــضــــب ، حيث اقترب منه مسرعاً ، ثم دفعه بقوه وهو يصـ.ـر.خ قائلاً :
_ليه يا عز ؟! ليه عملت كده ؟!
تراجع عز الدين بضع خطوات بسبب تلك الدفعه ولكن لم يتحمل ذلك فأقترب منه مسرعاً وهتف بصوت جهورى وقد ظهرت روق نحره :
_ لأنك عاوز تسـ.ـجـ.ـنى ، عاوز تدmرنى !!
صرخ به الأخير باهتياج :
_تقوم تتجوزها ، تنجوزها غـ.ـصـ.ـب، انت ايه !!
هتف بتلك الكلمه الاخيره بصراخ واقترب منه اكثر ورفع يده ليضـ.ـر.بهوبعنف على صدره ناحيه القلب وهو يهدر :
_ايه !! معندكش قلب ؟ خلاص قلبك مـ.ـا.ت ؟؟
لم يهتز بدنه وهتف بصوت الجهورى وه يشير بسابته :
_إيهاب خلى بالك انا ممكن اقدm محضر ببلاغ كاذب ، بس انا مش هعدل كده ، لانك كنت رفيق عمرى ، وانا مقدرش فيك كده ، بس انت اللى تقدر !
إيهاب بعيون حمراء التى بدت كألسنه اللهب :
_ انا عاوزك تفوق ، فووق بقا ، حـ.ـر.ام اللى بتعمله ده ، انا عايش طول عمرى بقولك الكلمه دى ، بس انت ولا هنا ، مبتسمعش كلام اى حد غير نفسك وبس !!
ابتلع ريقه بمرار ولكن هتف بصوت امر :
_دى اخر جمله هقولهالك يا عز ، هو النهارده او بكره بكتير لو مقولتليش مكان ياسمين وطلقتها ورجعتها بيتها ، يبقى تعرف ان خبر خـ.ـطـ.ـفها وجوازك منها هيوصل لابوك وطبعاً انت عارف هو هيعمل ايه !! سلام يا .. يا عز !
ثم تحرك مسرعاً نحو الخارج ليكور عز الدين يده وضـ.ـر.ب بقبضتيه بعنف على المكتب وهو بهتف :
_اول مره حد يمسكنى من الايد اللى بتو.جـ.ـعنى ، بس لازم اتصرف حتى لو وصل الامر انى اسافر بره واخدها معايا !
*****************
مر الوقت كـ.ـسرعه البرق وظهرت خيوط الليل المظلم !
_فى فيلا الخاصه بعائله السيوفى !
توجه عز الدين نحو غرفه الطعام بعد ان ابلغته سعاد انه تم وضع العشاء ، فدخل ورأى والده يجلس فجلس هو الاخر بعد ان سحب احدى المقاعد وامسك بالمعلقه وبدأ فى التناول ولكن نوقف وترك المعلقه عنـ.ـد.ما وجد ابيه لا يتناول اى شئ من الطعام وفى حاله شرود !!
عز وهو يرمقه بنظرات متسائله :
_فى ايه يا بابا ، بتفكر فى ايه ؟
_انا طول اليوم بفكر ، بفكر انى ازاى الاقى ياسمين ؟
عز وهو يصر على اسنانه : ياسمين
_ايوه انت مش عارف يا عز اد ايه هرتاح لو عرفت اوصلها ، مش هقدر اوصفلك الفرحه اللى فقلبى هتبقى عامله ازاى !
عز بغـــضــــب : انت مهتم بيها كده ليه ، هاا ، ليه مهتم يا بابا ؟!
بدران : ايه ده ؟ انت ازاى على صوتك عليا وبعدين انت مالك انى اهتك بيها ولا لأ
_لا مالى ، انت ابويا ومش هسمح لحضرتك انك تعمل اللى فدmاغك !
بدران وهو يهز رأسه بعدm فهم :
_وهو ايه اللى فدmاغى ؟!
_اللى فدmاغك انك تتجوزها !
بدران بصدmه : اتجوزها ، انت بتقول ايه يابنى ، انت اتجننت !
عز بانفعال : لا متجننتش ، وكفايه انها بتحاول تأكل بعقلك حلاوه عشان تتجوزها لانك هتلاقيها طمعانه فى فلوسك والله واعلم انها عملت حاجه مع حد ولا .......
لم يكمل عز الدين حديثه فلقد باغته بدران بصفعه قويه على صدغه هاتفاً فيه :
_أخرس
اهتز كيانه ولكن لم يكن السبب هو قوه الصفعه ولكن لانه الاول مره يصفعه ، هدر بدران فيه بغـــضــــب :
_دى اول مره اضـ.ـر.بك فى حياتى عشان بتتهم بـ.ـنت شريفه ، بس اسمع بقا البـ.ـنت دى احسن منك ، وانا مش عاوز اكلمك ولا اشوف خلقتك لحد ما تتعدل وتتعلم ازاى تتكلم مع ابوك باحترام وتتكلم عن الناس بطريقه كويسه !
ثم تركه وتحرك نحو خارج غرفه الطعام ليصعد على الدرج متوجهاً نحو غرفته ! ظل عز الدين واقفاً مكانه متصلب الجــــســ ـد ، غير مصدق ما حدث وما فعله والده ، كور عز الدين يده وهتف بشراسه :
_بقا كده ، بيضـ.ـر.بى علشانها ، ماشى بكرا هيبقى اسود ايام حياتها واعرف هى عملت ايه فدmاغ ابويا ايه بالظبط !
↚
_فى صباح يومٍ جديد !!
_فى فيلا الخاصه بعائله السيوفى !!
لم يصل النوم إلى جفنيه بل قضى ليله محدقاً بسقف الغرفه وكأنه فى عالم اخر ، عالم بعيد عن مشاكله !! شرد هو فى ماضيه القاسى الذى تسبب له و.جـ.ـعل قلبه متحجر !!
ولكن افاق من عالمه على صوت المنبه المزعج ، فنظر عز الدين بنظرات مرهقه نحو الساعه المنبه ليضغط على زر التوقيف ، وخـ.ـطـ.ـف نظرهٍ سريعه على الوقت ليرى ان الساعه قد تعدت التاسعه صباحاً ، فهبط من على الفراش متوجهاً نحو المرحاض للاغتسال ، فوقف داخل المسبح الصغير واسفل صنبور المياه الكبيره ذى الفتحات الصغيرة ( الدش ) واغمض عينيه حتى تنسال المياه البـ.ـارده على وجهه ومنها لجــــســ ـده ، ولم يمر الكثير من الوقت حتى افاق من شروده وخطا المرحاض بعد ان احاط خصره بمنشفه قطنيه باللون الازرق القاتم ، وقف امام خزانه ملابسه ينتقى منها ما يرتديه !!
بعد دقائق كان قد انتهى من ارتداء ملابسه حيث ارتدى قميصاً باللون الابيض وبطالاً بالون الاسود ووضع عطره الجذاب ليخرج من غرفته هابطاً إلى الاسفل وتحرك نحو خارج الفيلا متوجهاً نحو المنزل الخاص به الذى يقع فى احدى المناطق الراقيه !! والنتى متواجده فيه ياسمين !!
بعد فتره وجيزه وصل عز الدين إلى المكان المتواجد فيه ياسمين وصف سيارته امام مدخل البنايه وخرج من سيارته ليتجه مسرعاً نحو المدخل قاصداٌ المصعد وضغط على زره بهدوء مريب واخذ يتواعد ان يومها لن يمر بسلام !!!!
بعد ثوان معدوده فتح بابا المصعد ليخرج مسرعا نحو المنزل ثم فتح الباب بعد فتحه بالمفتاح ، بينما استمعت ياسمين لصوت الباب ينفتح فرجعت بخطوات للوراء وشعرت بذعر يتسلل لجــــســ ـدها كـ.ـسريلن الدm فى شرايانها !!
رأته يدخل بشموخه المعتاد وبملامحه القاسيه ، واقترب منها مسرعاً وهتف بنظره قاسيه وهو يشير بيده :
_انتى عاوزه توصلى لايه بظبط !!!
ياسمين بـ.ـارتجاف : انت اللى عاوز منى ايه ؟ انا عمرى ما اذيتك ولا عملتلك حاجه ، انا مشوفتكش غير مره واحده !
_دmوح التماسيح دى ملهاش اى لازمه ..
تحولت نبرته من برود إلى غـــضــــب عنـ.ـد.ما اكمل :
_انتى عاوزه ايه من ابويا ؟ عملتى فى ايه يخليه متعلق بيكى كده ؟!
_هو مش متعلق بيا ! بدران بيه طول عمره بيعامل الناس بطيبه !
_انتى هتستعـ.ـبـ.ـطى يا بت انتى ولا ايه ! انتى عارفه كويس انه مهتم بيكى ، اكتر واحده بيهتم بيها هو انتى !
_انا منكرش انى حاسه الاحساس ده ، بس والله ماعرف هو ليه بيعاملنى كده ؟!
_اسمعى يابت انتى ، لانى مش هسمحلك تاكلى بعقله حلاوه عشان تتجوزيه !!
ياسمين بغـــضــــب : انت فعلاً ذى ما الناس بتقول انك ذئب ، بس للاسف ميعرفوش انك شخص حـ.ـيو.ان وغبى ، سامعنى، غبــــــــى !!!!!!
لم يتحمل ان تهينه قولاً ، فباغتها بصفعه قويه اطاحت بها ارضاً وانحنى قليلاً ليجذبها من شعرها بقسوه للاسفل ، فانحنت رأسها مع قبضه يده وهى تصرخ متأوهه من عنفه ، فحدجها بنظرات مشتعله هاتفاً :
_انا حـ.ـيو.ان ، بقا ان حـ.ـيو.ان يا ياسمين ، طيب !! ودينى ما اعبد اااا
قاطع حديثه صوت رنين هاتفه فترك شعرها ، لتنهتهز الفرصه هى وتركض نحو فرفتها ، امّا هو اخر هاتفه من جيب بنطاله وضغط على زر الايجاب وهتف :
_ الو .. ايوه يا بابا
_ايوه يا عز ! انت فين ؟!
_خير يا بابا ! هو فى حاجه ؟؛
_اه ! عايزك تجيلى الشركه لانى عاوزك فى موضوع مهم جداً .
_ليه خير !
_لا خير ان شاء الله متقلقش !
_طيب ، انا جاى حالاً!
اغلق عز الدين معه ورمق غرفتها بنظرات قاسيه قد التوى ثغره بسخريه ، وتوجه نحو باب المنزل ليتحرك نحو الخارج ولم إيصاد قفله جيداً !!
*********
_يعنى عز الدين هو اللى عملها ؟!
هتفت بها منى بغـــضــــب، فهتف إيهاب :
_ايوه يا منى وانا ادتله الفرصه امبـ.ـارح والنهارده ! وهنعرف إجابته النهارده من الموبيل وربنا يستر !
************
(( بعد نصف ساعه ))
وصل عز الدين إلى شركه بدران السيوفى وخرج من سيارته متوجهاً نحو داخل مقر الشركه ، لتبدأ الموظفات يتهامسون عليه ولكن لم يعباً بل اكمل طريقه متوجهاً ناحيه مكتب والده !!
رأته السكرتيره فهبت واقفه وحيته قائله :
_صباح الخير يا مستر عز
_بدران بيه جوه ؟!
_ايوه يا فنـ.ـد.م ومنتظر حضرتك !
تحرك عز الدين نحو مكتب والده وفتح الباب فوجده بالفعل ينتظره !
_صباح الخير يا بابا ، خير فى ايه ؟؛
_تعالى اقعد الاول
جلس عز الدين ليهتف بدران :
_انا مسافر دلوقتى !
_ايه !!!!!! طب ليه مقولتليش من بدرى !
_معلش يا عز ملحقتش اقولك ، انا كنت عاوز اتكلم معاك فى موضوع تانى !
_خير يا بابا
_انت سألتنى قبل كده ، فانا النهارده هقولك الاجابه لان ده حقك !
عز بتوجس : اتفضل اقول يا بابا
_ كان فى واحد اسمه صابر ، صابر ده تبقا بـ.ـنته هى ياسمين ، الله يرحمه كلن رجل طيب اوى وكان بيشتغل عندى موظف فالحسابات هو وواحد تانى ، فى يوم كده اكتشفت ان فى حسابات مسـ.ـر.وقه ، شكيت فصابر وزميله قالى انه كان بيحاول يمنعه انه يسـ.ـر.ق بس بس مكنش راضى ، فجبته مكتبى وفلحظه شيطان فضلت اهينه وهو يحلف ويقولى انه ميعرفش حاجه من اللى بقولها لحد ما فجأه اغم عليه ، فنقلته المستشفى والدكتور قالى انه عنده القلب وفى المرحله الاخيره ، ولما رجعت الشركه ، فضلت اراقب الموظف الحسابات واكتشفت ان هو اللى بيسـ.ـر.ق ، بعدها روحت لصابر واعتذرتله ، فقالى انه خلاص هيمـ.ـو.ت وعشان يسامحنى من قلبه ، يبقى اشغل بـ.ـنته الوحيده عندى فالشركه ، وقالى انها بتفهم كويس ووصانى انى اخد بالى منها لانها بقت وحيده وانا وعدته انى هعمل كده وبعدها مـ.ـا.ت !!
تنهد واكمل بنبره حزينه :
_متتصورش انا اد ايه زعلت ولما بـ.ـنته عرفت زعلت وتعبت بس انا شاجعتها واشتغلت عندى لقيت دmاغها شغاله على طول وده عجبنى فيها ، ويوم ما بعملها حلو ، لانى كل ما بشوفها بفتكر صابر وبحس بالذنب اللى عملته معاه الله يرحمه ! ولما اتخـ.ـطـ.ـفت حسيت انى ماحفظتش على الامانه ! عشان كده يا عز ، عاوزك تدور عليها بمجهود ، اعتبرها اختك مؤقتاً !!!
عز بخفوت : حاضر يا بابا ، اوعدك انك اول ما ترجع بالسلامه هتلاقيها قعده فمكتبك !
بدران بابتسامه : وانا واثق يا عــز !
ثم اضاف : طبعاً انت هتمسك الشركه هنا كمان لحد ما ارجع من السفر !
_طبعاً يا بابا ، متقلقش !!
_طيب انا همشى علشان الطياره !
_برحتك يا بابا تروح وترجع بالسلامه !
ثم اتجه نحوه وقبله فى يده ليربت بدران على كتفه !!وبعدها غادر بدران من الشركه باكملها ليقع عز الدين على المقعد غير مصدق !! لقد علم الحقائق !! جلس هو على للمقعد غير مصدق ما سمعته اذنه وهتف :
_ ينهار اسود ايه اللى انا عملته ده !! يعنى كل اللى كنت فكره طلع غلط ، وعـ.ـذ.بتها من غير ذنب واحد ، طب انا هعمل ايه دلوقتى، لأ انا لازم اروحلها لازم دلوقتى !!
ثم نهض من مكانه مسرعاً وفتح الباب المكتب وركض لخرج من مقر الشركه غير عابئا بتساؤلات الموظفين والموظفات !!
↚
كان عز الدين يشعر باختناق جلي وهو يقود السياره مسرعاً نحو منزله ، اخذ يتذكر بعض كلمـ.ـا.ت قالتها عنـ.ـد.ما كانت تصرخ به ..
( انت اللى عاوز منى ايه ؟ انا عمرى اذيتك ولا عملتلك حاجه ، انا مشوفتكش غير مره واحده ) ( انا منكرش انى حاسه الاحساس ده ، بس والله ماعرف هو ليه بيعاملنى كده ) ( حـ.ـر.ام عليك بجد ، ليه بتعمل فيا كده ؟! )
ظل عقله متقداً طوال ما تبقى له من طريق حتى وصل إلى بنايته ، وصف السياره امام المدخل واتجه سريعاً نحو المصعد ولم تمر ثوانى معدوده حتى توقف المصعد فخرج منه راكضاً فى اتجاه منزله واضعاً المفتاح فى قفله الخاص ، وما ان فتح الباب حتى استمعوإلى صوت تهشم زجاج المرآه محدثاً دوياً مفزعاً وسمعها تصرخ ، ليشعر بخــــوف ، فتحرك مسرعاً نحو غرفتها لتتسع حدقتاه عنـ.ـد.ما رأها تصرخ وتبكى بصوره هيسيتريه وهو تكـ.ـسر اى شئ يقابلها فى تلك الحاله ، ارتسمت علامـ.ـا.ت الذعر على وجهه حينما رأها فى تلك الحاله المقلقه ، هتف بها بصراخٍ مرتفع :
_ياسميــــــن
نظرت له باعين حمراء وهتفت بصراخ :
_ابعد عنى ، اوعى تقرب ، لان اقسم بالله لو انت قربت منى لاهمـ.ـو.ت نفسى !!
عز مبتلعاً ريقه بصعوبه :
_اهدى ، اهدى يا ياسمين ، وصدقينى انا مش هعملك حاجه !
ياسمين صارخه باهتياج :
_ متقربش وسبنى، سبنى فى حالى بقاا
جحظت عينى عز الدين عنـ.ـد.ما وجد يداها ملطخه بالدmاء فاقترب منها مسرعاً وامسك برسغها ليرى انه قد بدأةينزف الدmاء بسبب قوه الكـ.ـسر والتهشم التى فعلتها ، فهتف بفزع وهو ينظر إليها :
_ايه اللى انتى عملتيه ده يا مـ.ـجـ.ـنو.نه !!
ياسمين بصراخ : مخـ.ـنـ.ـوقه ، مخـ.ـنـ.ـوقه فقولت اكـ.ـسر كل اللى قدامى ، مخـ.ـنـ.ـوقه منك ومن قرفك ، سبنى بقا، ايه ده انت هتعمل ايه !! لألألأ اوعى !!
لم يدعها تكمل حديثها فلقد انحنى فجأه بجذعه قليلاً ليضع ذراعه اسفل ركبتيها ليحملها عنوه فأخذت تصيح فيه غـــضــــباً وقد احمر وجهها من شـ.ـده البكاء والغـــضــــب :
_نزلنى ، نزلنى بقاا ، ايه مبتسمعش ؟!
لم يستمع إليها فقد كمم فمها والصق رأسها بصدره فانتفضت بجــــســ ـدها راكله بساقيها فى الهواء ، اكمل طريقه مسرعاً وخرج من المنزل وتوجه نحو المصعد وفتحه بصعوبه ودخل ليضغط على زره !!
بعد فتره كان عز الدين يركب السياره بعد ان ادخل ياسمين بقوه ، وضغط على دواسه البنزين بقوه لتنطلق السياره نحو احدى المستشفيات !!
********************
كان إيهاب واقفاٌ خارج الغرفه التى ترقد فيها منى ويبدوا عليه انه ينتظر احد ، وما هى إلا دقائق معدوده حتى سمع صوت باب الغرفه ينفتح فرأها تخرج وقد ابدلت ثياب المشفى بثياب اخرى كان قد احضرها إيهاب لها !!
_ايه القمر ده ، انا طلع زوقى حلو اوى !
منى بمكر : زوق ! وقصدك ايه فى الكلمه دى ؟!
إيهاب بخبث : اللبس !
منى وكأنها قرأت خبثه : امم طب كويس !
إيهاب : طب يالا علشان نخرج من المستشفى !
منى : انا عموماً جاهزه !
إيهاب : طب يالا بينا
منى : يالا !
وبالفعل خرج إيهاب ومنى من المشفى ، وتوجهوا نحو السياره ليركب إيهاب ومنى فتنطلق السياره بعد ان اضغط صاحبها دواسه البنزين بقوه !!
منى : إيهاب ، فى سؤال شاغلنى ! ليه مودتنيش المستشفى اللى بشتغل فيها وودتنى مستشفى تانيه؟!
إيهاب بجديه بعد ان اخذ نفساً عميق :
_لانى مكنتش عايز حد ياخد باله من علاقتى معاكى ، يقولوا ده مين ده وهو ليه قاعد معاها ، يعنى باختصار كلام الناس هناك مش هيخلص وزى ما انتى عندك صحاب هناك فاكيد عندك عندك اعداء بردو ولا ايه ؟!
منى باعجاب : عندك حق ، انت كبرت اوى فنظرى على فكره !
إيهاب بابتسامه : يارب دايماً
منى : احنا رايحين فين دلوقتى !؟
إيهاب : رايحين شركه بدران السيوفى !
بعد دقائق .. وصل إيهاب ومنى إلى الشركه بدران السيوفى ! وخرجوا من السياره متجهين نحو داخل مقر الشركه !
_إيهاب
هتفت بها من بعد ان توقفت فجأه فنظر إليها متسائلاً :
_فى ايه ؟
منى وهى تضع يداها على صدرها :
_مش عارفه ليه قلبى مقبوض !
إيهاب بقلق : منى ، ارجوكى انا مش ناقص قلق ، تعالى يالا عشان نروح بدران بيه ونبلغه ونعرف هو هيعمل ايه ؟؛
منى بقلق : م ..ماشى !
وبالفعل تحركوا مجدداً حتى وصلوا اخيراً إلى مكتب السكرتيره ، فهتف إيهاب بجديه :
_بدران بيه جوه ؟!
_لأ يا فنـ.ـد.م ، بدران بيه سافر !
إيهاب بصدmه : ايــــــه!!
منى بصدmه: مش ممكن، مش ممكن اللى بيحصل ده !
إيهاب : هو بدران بيه سافر من امتى !؟
_النهارده من ساعه ونص كده !
إيهاب بخيبه امل : ماشى ، شكراً !
بعد انتهاء من كلمته تحركوا نحو خارج الشركه وهم يشعرون بخيبه أمل وبعد ان خرجوا من الشركه توجهوا نحو السياره ليركبوا ، ثم ...
منى : هنعمل ايه يا إيهاب دلوقتى ؟!
إيهاب : مش عارف ، مش عارف يا منى !
*******************
انطلق عز الدين بسيارنه نحو احدى المستشفيلت مسرعاً ، امّا ياسمين فبرغم من انها تشعر بالالام قويه فى يديها إلا ان نفسيتها اصبحت تحت الصفر ، ولكن اخذت تفكر كيف تهرب منه ومن عالمه القاسى !
بعد دقائق توقفت السياره فجأه ، فرفعت رأسها عفوياً لترى انه توقع عند إشاره ما مترقباً تحول إضاءتها باللون الاخضر ، فنظرت ياسمين للطريق العكسى فوجدت ان الإشاره بلون الاخضر ، فبدون تفكير خرجت من السياره مسرعه لتركض نحو الطريق العكسى !!
شخصت انظار عز الدين مصدوماً وهو يحاول الاستيعاب الامر ، ففتح باب سيارته وترك محركها دائراً ، وركض مسرعاً خلفها ،وفجأه وجد هناك سياره وعلى وشك ان تصطدmها ، فهتف بذعر :
_ياسمين خلى بالك !!
لم تستمع إليه بل كان شاغلها هو ان تهرب، ولكن لم تنتبه انها عبرت الرصيف الذى يقع فى المنتصف ما بين الطريقين فبتالى اصبحت لان اصبحت فى الطريق العكسي ! فلم تنتبه من تلك السياره القادmه حيث اصطدm سائقها بدون قصد بحده بها ، فطرحتها ارضاً كرد فعل طبيعى للارتطام !!
ارتطم جــــســ ـد ياسمين على الارض بعنف وبدأت تنزف الدmاء من جميع جــــســ ـدها !
حاول استيعاب الامر ولكن لم يستطع ، توسعت عيناه ولاول مره يشعر وبخــــوف والذعر فى آن واحد ليهتف بصوت جهورى ممزوج بالذعر والهلع :
_ياسميــــــــن !! لأااااااا
↚
قفز قلبه فى قدmيه ، وتوقفت عقارب الساعه لوهله ، حاول استيعاب الموقف وهو ارتطام جــــســ ـدها بعنف ، حاول ان يرفض تلك الحقيقه القاسيه ، ولكن لم يستطع بسبب عينيه التي تؤكد ذلك !!!
حاله جنون سيطرت عليه، فركض مسرعاً نحوها وجثى على ركبتيه ووضع ذراعه خلف ظهرها ليرفعها قليلاً واخذ يهزها بذراعه لعلها تستجب ولكن لا حياه فيها ، فارتسمت علامـ.ـا.ت الذعر على وجهه وصرخ مفزوعاً :
_لأ يا ياسمين ، متعمليش كده !!
تجهمر عدد من المواطنين ولكن عز الدين قرر ان يلحقها ويذهب بها احدى المستشفيات ، لهذا امسك بياسمين من خصرها، ووضع ذراعه الاخر اسفل ركبتيها ليحملها بين ذراعيه وركض به مسرعاً نحو سيارته !!
فتح عز الدين الباب بصعوبه ثم اجلس ياسمين على المقعد الامامى بحذر واسند رأسها للجانب واحكم ربط حزام الامام وركب هو الاخر وضغط على دواسه البنزين بقوه لينطلق نحو احدى المستشفيات !!
بعد فتره وجيزه ، صف سيارته امام مدخل المشفى ، وخرج من السياره وتوجه نحو باب الامامى الاخر وفتحه ، ووضع عز الدين يده خلف ظهرها بعد ان امالها قليلاً للامام ، ثم وضع يده الاخرى اسفل ركبتيها وبكل حذر وخفه حملها بين ذراعيه خارج السياره ثم يار بها نحو البوابه وهتف بصوت جهورى :
_حد يجيلى بسرعه !!
هرع بعض العاملين ناحيه عز الدين ، ثم وضع ياسمين على تروللى ولكن لم يترك يدها حتى وصولوا إلى غرفه العمليات فاضطر ان يترك يدها ولكن لم تدخل هى غرفه العمليات لوحدها بل اخذت معها قلبه وعقله !!!
بعد دقائق ليست بقليله ، خرج احد الجراحين من داخل غرفه العمليات وهتف بجديه :
_عز باشا
وقف قابلته عز الدين وكانت نظراته توحى بالقلق !!
_هاا اخبـ.ـارها ايه دلوقتى ؟؛
هتف بها عز الدين بجديه ممزوج بالقلق ، فرد الاخير عليه بهدوء :
_الحاله مش مستقره وهنعرف ان هل فى خطوره حصلت ولا لأ فى المخ بعد 24 ساعه ، بس احنا حالياً محتاحين نقل دm !!
_هى فصيلتها ايه ؟
_ A
عز بشك : ايه !! انا اعتقد ان فصيلتها هى نفس فصيلتى !
الطبيب بجديه :
_لو حضرتك يا باشا عاوز تتبرع جزء من دmك ليها، يبقى لازم نتأكد ان فصيلتك نفس فصيلتها ، خاصهٍ ان حضرتك مش متأكد !!
عز : ماشى ، لو طلع انها نفس فصيلتى ، يبقى تاخد كل اللى انت عاوزه من دmى !!
الطبيب : طب اتفضل معايا يا باشا !!
توجه عز الدين مع الطبيب وتم اجراء التحليل وبعدmا تأكد ان الفصيله متطابقه توجه معه إلى حيث ياسمين تركض فى غيبوبتها لا تشعر بأى شئ من حولها !
جلس عز الدين على الفراش المواجه لياسمين وحدث لنفسه قائلاً :
_ضيعتك ، ضيعتك من غير ما احس ، كلمه سمحينى عمرها ما هتجيب نتيجه ، بس اكيد هيجى يوم تسامحينى فيه !
بعد فتره عادت الممرضه إلى عز وقبل ان تنزع الإبره ، اردف هو بجديه :
_لحظه ، انتوا اخدتوا كل الدm اللى محتاجينوا !!
طبيب : لا يا عز باشا ، هى لسه محتاجه وحضرتك كفايه عليك ، لانها نزفت كتيير !
_لأ خدوا اللى انتوا عاوزينوا ، المهم انها تبقى كويسه !
طبيب : يا عز باشا ، صحه حضرتك مش كويسه !!
عز بغـــضــــب : ملكش دعوه ، اتفضل شوف شغلك !
طبيب : طب سؤال عشان اطمن على حضرتك وانا بسحب الدm هو حضرتك اتعشيت امبـ.ـارح كويس وفطرت النهارده الصبح ؟
عز : لأ
الطبيب بصدmه : لا يا باشا مش هقدر اسحب ااا
قاطعه عز بشراسه :
_انا قولت خد الدm اللى انت عاوزه ، انا عاوز دmى يكون بيجرى فى جـ.ـسمها مش دm حد التانى !
الطبيب : امرى لله !
ثم وجه حديثه للممرضه : كملى انتى وخدى الدm اللى مريـ.ـضه محتاجه !
الممرضه : حاضر
وبالفعل بدأت تكمل مهنتها ولكن عز الدين كان يشعر بالفعل بعض من التعب ولكن قاوم ذلك الشعور واخفض بصره ناحيه ياسمين متأملاً سكونها وبعد دقيقتين نزعت الممرضه الابره النى كانت تسحب بها الدm واعطته كوباً من العصير البرتقال الطبيعى !!
الممرضه : اتفضل حضرتك عشان تعوض الدm اللى خدناه من حضرتك !!
عز باقتضاب : مش عاوز !
الممرضه : لازم يا باشا مينفعش حضرتك كده هتدوخ !
عز بانفعال : لأ مش هدوخ وياريت تمشى من قدامى !
بعد ذلك خرجت من الغرفه فتنهد عز الدين تنهيده حاره ، ووجه نظره ناحيتها ياسمين فوجدها مازالت فى غيبوبتها !!
اخرج عز الدين هاتفه من جيب بنطاله ولمسه بعض لمسات ثم وضعه على اذنه منتظراً الرد ، وبدأ يشعر بتعب يغمر جــــســ ـده ، ولكن نفض ذلك الشعور وانتظر الرد بفارغ الصبر حتى رد عليه اخيراً :
_ألو .. ايوه يا إيهاب !
_ايوه يا عز ، خير !!
_ياسمين عملت حادثه بالعربيه ونقلتها المشفى ، ياريت تيجى واسم المشفى ***اللى دايماً بـ.ـنتعامل معاها!!
إيهاب بصدmه : ينهار اسود ! طب انا جاى حالاً !!
اغلق إيهاب وضغط على دواسه البنزين بقوه ، لتهتف منى بذعر :
_فى ايه يا إيهاب ؟!
_عز كلمنى وقالى ان ياسمين عملت حادثه بالعربيه وفى المستشفى دلوقتى !!
منى وهو تضع يداها على صدرها وانسابت عبـ.ـارتها :
_ايــــه !! ياسمين حصلها كده !!
بعد دقائق وصل إيهاب المشفى وصف سيارته امام المدخل وترجل مسرعاً وبرفقته منى ودخلوا المشفى !
ظل عز الدين جالساً مكانه، قرر النهوض ولكن شعر بدوار يهاجمه فجلس مره اخرى ولكن حاول الصمود ونجح فى ذلك ونهض من مكانه وخرج من الغرفه!!ليرى إيهاب يتجه نحوه وبرفقته فتاه ، شعر انه رأها من قبل وسرعان ما تذكر فإنها صديقه ياسمين ، تنهد عز الدين باختناق ووجه نظره لإيهاب الذى وقف قابلته وهتف بحده :
_ايه اللى حصل لياسمين !!
عز وهو يشيح وجهه : الدكتور دلوقتى هيقولى عندها ايه بالظبط !!
منى بانفعال : ليه عملت كده يابنى ادm ، ازاى تعمل كده ، دا انا همـ.ـو.تك !!
وحاولت ان تقترب لولا يد إيهاب التى منعتها من فعل هذا ، فنظرت لعز شرزاً وهتفت :
_انا رايحه اشوف ياسمين واطمن عليها !
وبالفعل غادرت من امامهم لينظر لعز الدين بضيق ولكن تبدلت ملامحه إلى قلق عنـ.ـد.ما وجده يغمض عينيه بقوه وقد وضع يده على رأسه فهتف بقلق :
_فى ايه يا عز ، مالك ؟ شكلك مش عاجبنى !
_مش عارف يا إيهاب ، دmاغى ، دmاغى و.جـ.ـعانى اووى ، انا عمرى ما حسبت بالو.جـ.ـع ده !!
إيهاب مبتلعاً ريقه بصعوبه :
_عز ؟ متخلنيش اقلق عليك !!
رأى إيهاب احد الاطباء يخرج من الغرفه فتوجه إيهاب نحوه هو وعز الدين ليهتف إيهاب بقلق :
_ها يا دكتور ، طمنى ؟!
الطبيب: انتوا قرايب البـ.ـنت اللى لسه جايه عمله حادثه ؟!
عز بلهفه ولاول مره : ايوه !!
اطرق الطبيب رأسه بأسف وهتف :
_ البقاء لله ، شـ.ـدوا حيلكم !!
نزل الخبر عليهم كالصاعقه وخاصهٍ عز لم يستطع ان يتحمل الصدmه ، فبدأ يشعر بدوار قوى يهاجمه، فبدون قصد اسند على ذراع إيهاب ، فامسكه إيهاب مسرعاً وهتف بقلق بالغ :
_مالك يا صاحبى ؟؟ فى ايه ؟!
عز بدون وعى : لأ ياسمين لأ ، مش قادر ، مش قادر ، آآآآآآآه !!
صرخ عز الدين وهو يضع يديه على رأسه ويشعر ان الدوار يزداد وهناك صداع قوى يهاجمه ايضاً
لم يستطع ان يتحمل الصدmـ.ـا.ت التى تلقاها اليوم وفكره خسارتها للابد جعله فى حاله غير طبيعيه ، فاستسلم لمصيره واغمض عينيه ليسقط مغشياً عليه امام إيهاب الذى هتف بصراخ :
_عـــــــز !
↚
_ فى احدى المستشفيات الراقيه !!!!
سقط عز الدين فاقداً الوعى ، واستسلم لمصيره المؤقت ، صدm إيهاب وشعر بالفزع والذعر على رفيقه ، فهدر بصراخٍ وقد ارتسمت على وجهه علامـ.ـا.ت الذعر :
_عــــــــــز !!!!!
صوته كان كافياً ليهز اركان المكان ، جثى على ركبتيه بعد ان وقع عز الدين وامسك رأسه براحتى يده ليهزه وهو يشعر بذعر وقد خانته دmعه ساخنه وهتف :
_عز !! فوووق يا صاحبى !! فوق بقااا !!
تحولت عينيه من قلق والذعر إلى جمرتين من النار وهو يحول نظره إلى ذلك الطبيب الذى ظل واقفاً مكانه وقد حلت الدهشه والذهول على وجهه والذى فغر ثغره مصدوماً مما رأه ، شعر إيهاب بأنه سينقض عليه بسبب وقوفه هكذا كلأبله ، فهدر به بصوته الجهورى :
_ انت غبى ولا ايه ؟؟ واقف بتعمل ايه ؟! اتصرف بسرعه ؟!
الطبيب بنبره مرتجفه :
_ اسف يا باشا ، ثانيه واحده !
وفى عده ثوانى تجهمر عدد لا بأس به من الاطباء ذو كفأه ومهاره ، وحاله ذهول سيطرت عليهم عنـ.ـد.ما رأوه فى تلك الحاله ، ولكن نفضوا تلك الحاله ، فلا وقت لهذا الذهول !! وسرعان ما احضر احدهم وهو يركض مسرعاً ويجر (( سريراً معدنياً نقالاً )) ناحيه إيهاب وهتف بجديه :
_شيلوا الباشا وحطوا على التروللى بسرعه !!
اتى بعض من الاطباء وبدأوا بمحاوله ان يحملوا جــــســ ـد عز الدين وساعدهم إيهاب على ذلك !!
ادخلوا عز الدين غرفه الطوارئ وانتظر إيهاب فى الخارج ، وفى نفس الوقت .. جاءت منى مسرعه عنـ.ـد.ما استمعت إلى تلك الضجه وعنـ.ـد.ما رأت عز الدين يدخلونه غرفه الطوارئ ، فاتجهت مسرعه نحو إيهاب وهتفت :
_فى ايه يا إيهاب ؟!
إيهاب مغمضاً عينيه :
_عز فقد الوعى !
_ايــــــه !! معقول الكلام ده !! الهضبه يحصلوا كده !!
إيهاب بسخريه من كلمتها :
_اه !! الهضبه حصله كده ...
منى بحرج :
_انا مقصدش !!
_عارف !!
منى براحه :
_الحمدالله ، اطمنت على ياسمين !!
_نعــــــم !!! اطمنتى ؟؟
_اه اطمنت !! فى ايه ؟!
_هى ياسمين مامتتش !!
منى وقد اشتعلت وجنتيها من الغـــضــــب :
_بعد الشر ، ايه اللى انت بتقوله ده ؟؟ ومين المتـ.ـخـ.ـلف اللى قالك كده ؟؟
_فى دكتور قالنا كده !! ان الحاله اللى عملت حادثه بالعربيه ولسه واصله حالاً توفت !!!
منى بغـــضــــب :
_لأ ياسمين كويسه ، ممكن يكون قصده على حاله تانيه !!
إيهاب بابتسامه واسعه :
_يعنى ياسمين عايشه !! مامتتش ؟!!
منى بغـــضــــب :
_قولتلك بعد الشر ، لانها لو جرالها حاجه كنت هحصلها !!
إيهاب بخبث :
_بعد الشر عليك يا جميل !! ما انت لو جرالك حاجه انا كمان هيجرالى ، ولو جرالى حاجه يبقى عز بردو هيجراله ، ويبقى كده كلنا مـ.ـو.تنا علشان خاطر ياسمين !!
ابتسمت منى بسبب تلك المزحه ، فهتف الاخير بجديه :
_بس عارفه يا منى انى مبسوط جداً ، انا حاسس انى كنت فكابوس بس انتى طلعتينى منه !!
منى بسخريه :
_وياترا حصل ايه للهضبه خلاه يفقد الوعى !!
_بردو بتقول الهضبه ، على العموم انا هقولك الإجابه وهما كلمتين بس !!
منى : يا ترا ايه ؟!
إيهاب باستفزاز :
_ملكيش دعوه !
استندت منى على الحائط واردفت بنبره تحمل الغـ.ـيظ :
_ رخم !!!
بعد دقائق .. خرج الطبيب من الغرفه التى يرقد فيها عز الدين ، فتحرك إيهاب نحوخ وخلفه منى وهتف بقلق :
_خير يا دكتور !!
_متقلقش يا إيهاب بيه ، عز باشا واضح جداً انه اتعرض لصدmـ.ـا.ت هو مش قدها ، فاعصابه مقدرتش تستحمل ، وغير كده لما اتبرع بالدm بكميه كبيره النهارده مشربش عصير وكمان عرفت من الدكتور اللى كان بيسحب الدm انه مفطرش ولا اتعشى امبـ.ـارح ، فجاله هبوط ، والصداع القوى اللى حسه كان بسبب الحالتين دول ، ومتنساش يا إيهاب بيه ان عز باشا راجـ.ـل رياضى ، والرياضى بيحتاج ان الغذاء !!!!
إيهاب : طب هو فى سؤال ! هو اتبرع بالدm ده لمين ؟!
الطبيب : للانسه اللى كانت معاه !!
منى وهى ترفع حواجبها :
_نعـــــــم !!
إيهاب بجديه :
_دى مش انسه يا دكتور ، دى مدام ، مدام عز باشا السيوفى !
الطبيب بصدmه وتـ.ـو.تر :
_ هااا ، ااا على العموم انا مكنتش اعرف ، والف مبروك !
_ طب واخبـ.ـار المدام ايه ؟!
_لأ متقلقش ، المدام كويسه ، هى كان حصلها نـ.ـز.يف بس واقفنا الحمدالله وعوضنا الدm ، بس المهم انها متتحركش وحصلها كـ.ـسر فى رجليها الشمال !!
_شكراً يا دكتور ، هو انا اقدر ادخل لعز !
_اه طبعاً اتفضلوا ..
غادر الطبيب من امامهم ليتحرك إيهاب ومنى نحو الداخل وسحبوا مقعدين ليجلسوا ، ولكن جلس إيهاب بجانب عز وهو يشعر ببعض من الشفقه عليه ، فعلى رغم من تدهور علاقتهم إلا انه الوحيد الذى يشعر ما بداخل رفيقه ، فهو عانى كثيراً فى حياته القديمه !! ولا احد يعلم ذلك إلا هو !!!
منى :
_ انت غريب اوى يا إيهاب ، باين عليك انك خايف عليه ومشفق فنفس الوقت !!
_ بصى يا منى ، عز صديق عمرى ، وانا وهو اتربينا مع بعض ، وانا حاسس بيه وفهمه وهو طول الوقت بيقاسي على نفسه وبيعاند لحد ما بقى كدا ،اوعى تفتكرى انى لما بلغت عنه علشان مبحبوش ، لأ خالص ، انا عملت كده عشان افوقه من الصدmـ.ـا.ت الماضى اللى لسه عايش فيه !! واهو فاق والغشاوه اللى كانت فى عينيه راحت !!
_انا منكرش انى اشفقت عليه ، بس ده بردو ميمنعش انى مش طايقه ابص فخلقته بعد اللى عمله مع ياسمين !!
_منى ! كفايه كلام عن الموضوع ده !!
منى وهى تنهض وقد تحركت نحو الخارج :
_انا اصلاً همشى علشان اروح لياسمين واطمن !!
إيهاب : اوك !!
خرجت منى من الغرفه ولكن ظل إيهاب جالساً بجانب عز الدين !!
على رغم من غيبوبته المؤقته إلا ان عقله وذاكرته كانت تعملان ، مقطتفات كثيره رأها فى غيبوبته !!
مقطتفه عن حياته الطفوليه التى لم يذق منها طعم الحنان على يد والدته ، مقطتفه عانـ.ـد.ما كانت تعـ.ـذ.به بالسب والضـ.ـر.ب فى وقت غياب والده ، مقتطفه عن الحقيقه القاسيه التى سمعها من والدته وهى تصرخ بوالده ، مقطتفه عن اول حبيبهٍ له وخيانتها له وكشف حقائق لم يتصورها !! مقتطفه عن تعذيبه لياسمين ، مقتطفه ارتطام جــــســ ـدها بعنف وخبر وفاتها !!!!
لم يستطع ان يتحمل تلك المقطتفات القاسيه ، فاخذ يهز رأسه بقوه وهو يشعر باختناق جلي ، وبدأ يهز رأسه مجدداً ولكن بعنف لكى يخرج من تلك الحقائق المأسويه !!
نهض إيهاب مسرعاً عنـ.ـد.ما رأه فى تلك الحاله الغير طبيعيه ، شعر بالذعر مجدداً واخذ يهزه بقوه لعله يفيق ، خاصهٍ عنـ.ـد.ما رأه علامـ.ـا.ت وجهه التى توضح ما بداخله ، فعلم انه يعيش فى ذكريات الماضى والحاضر التى لا تريد ان تتركه ، فاخذ يهزه بعنف وهو يهتف برعـ.ـب جلي :
_ عز ، فووق يا عز ، انت بتحلم صدقنى ، فووق يا صاحبى !!!
بدأت تتراخى معالم وجهه وبعد ثوانى فتح عينيه والتفت برأسه ناحيه إيهاب وهتف بنبره تحمل الضعف ولاول مره :
_إيهاب !
إيهاب بابتسامه بسيطه :
_اهدى يا عز ، انا جمبك متقلقش !
عز بضعف :
_فى حد هنا فى الاوضه ، انا مش عاوز حد يشوف ضعفى !!
_متقلقش مفيش حد ومش هسمح لاى مخلوق انه يشوف ضعفك !!
عز غير مصدق :
_هو فعلاً حصل اللى سمعته !!
إيهاب جالساً بجانبه :
_لأ ، وهو كان قصده على واحده تانيه !! ياسمبن كويسه ، محلصش غير نـ.ـز.يف وهما وقفوه وحصل كـ.ـسر فرجليها الشمال !!
وكأن كلمـ.ـا.ته كانت البلسم ، لا يعلم ما هى القوه التى اتت له ، اعتدل هو فى جلسته وتنفس براحه :
_اااااااااه
إيهاب :
_حاسس بايه دلوقتى ؟؟
_تعبان ، دmاغى مصدعه جـ.ـا.مد !!
_طب بص انت لازم تاكل حاجه . انت مش هتعرف تمشى غيى لما تاكل !!
_ مليش نفس !!
_طب علشان خاطرى !!
_يعنى ياسمين كويس !!
_اه والله ، يالا بقا هتاكل ولا لأ ؟!
_انت قولت علشان خاطرى وانا اكيد مش هكـ.ـسر بخاطرك !!
_طب ثانيه ورجعالك تانى !!
وبالفعل خرج إيهاب من الغرفه ، ليهتف عز محدثاً نفسه قائلاً :
_لازم اصلح اللى عملته ده ، حتى لو اخر يوم فعمرى !!
دخل إيهاب الغرفه وهو يحمل صنيه من الطعام وهتف :
_ الاكل وصل يا معلم !
_الواحد مش عارف كان هيعمل ايه من غيرك!!
_ يا بنى انت صىاحب عمرى ، بس انا حاسس انى اتولدت علشان افضل اقولك فووق ، حتى وانت تعبان لردو بقولهالك !!
عز بمكر :
_طب قولى بقا ، ايه حكابتك مع صاحبه ياسمين !!
إيهاب بتـ.ـو.تر :
هاا ،قصدك منى ؟؟
عز بخبث :
وهو فى غيرها !!
إيهاب : لا مفيش زى ما تقول كدا ، كنا عملين فريق البحث عن ياسمين !
↚
اجبر إيهاب عز الدين ان يتناول الطعام الذى احضره ، وعلى رغم انزعاج الاخير بسبب ذلك الإجبـ.ـار إلا انه كان يبتسم بداخله على اهتمام رفيقه !!!!!
بعد دقائق .. خرج عز الدين من الغرفه وتوجه بخطوات شبه راكضه نحو غرفه ياسمين ، وامسك بمقبض الباب واداره لينفتح الباب وقد رأى منى جالسه بجانبها وكأنها تنتظر ان تفيق ، فأخذ نفساً عميقاً وهتف بصوت رجولى خشن :
_ياريت تتفضلى انتى يا انسه ، وانا هقعد معاها !!
التفتت برأسها ونظرت له شرزاً واردفت بـ :
_ملكش دعوه ، واتفضل اطلع بره !!
اغمض عز الدين عينيه محاولاً ان يتمالك اعصابه وهتف وهو يصر على اسنانه :
_ انا مش عايز اتعصب ، انا اللى فيا مكفينى !!
نهضت منى ووقفت قابلته ونظرت له بغـــضــــب ، وهدرت بـ:
_ وهو ايه اللى فيك ؟؟ يا اخى ده انت راجـ.ـل معندكش دm ، انت حـ.ـيو.ان بشرى وو.....
لم يتحمل عز الدين وقد قرر ان يوقف حديثها ، لهذا بدون مقدmـ.ـا.ت امسك برسغها وقد اظلمت عينيه وظهر بريق مخيف ليهتف بهدوء مريب يثير الاعصاب :
_ انتى قد الكلام ده يا شاطره ، لولا انك صاحبه ياسمين لكنت عملت تصرف تانى معاكى !!
ثم التفت برأسه ناحيه الباب وهدر بصوت جهورى منادياً على شخص ما :
_ إيهاب ، إيهاااااب !!!
اسرع إيهاب فى خطواته عنـ.ـد.ما صاح عز الدين باسمه مره ثانيه وشعر ان هناك خطب ما بسبب نبره عز الدين التى كانت تحمل الكثير من الغـــضــــب !!!!
وصل اخيراً الغرفه وهتف بتسأول ممزوج بالقلق :
_ فى ايه يااااا
لم يستمع إليه ونظر لمنى نظرهٍ اخيره قبل ان يدفعها ناحيه إيهاب ، فكادت ان تسقط لولا يده إيهاب ، فنظرت لعز الدين بغـ.ـيظ وقد اشتعلت وجنتيها بحمره غـــضــــب، امّا عز الدين فهدر بصوت جهورى جعلها ترتجف بعض الشئ :
_خدها يا إيهاب من قدامى ، احسن انا عفاريت الدنيا والاخره بتلف حواليا !!!!
حاوطها إيهاب لكى لا تتقدm من عز ولكن هدرت بغـــضــــب وبتوعد وهى تشير بيدها :
_ والله العظيم ماهسيبك وو.....
كمم إيهاب فمها وهو مازال محاوط خصرها وهتف بنبره راجيه :
_ علشان خاطرى اسكتى ، انا مش هقدر عليه ، تعالى معايا دلوقتى نشرب كوبيتين ليمون ، تعالى !!!!!
هتف تلك الكلمه الاخيره وقد ترك خصرها وابعد يده عن فمها ليأخذها من يدها ، ولكن ظلت تنظر للأخير نظرات تحمل الغـــضــــب ، وغادروا الغرفه ليتبقى هو و ياسمين !!!
تنهد عز الدين تنهيده حاره والتفت ببطء وقد لمعت عينيه بدmـ.ـو.ع عنـ.ـد.ما نظر إليها ووجدها فى تلك الحاله المستكينه !!!
توجه نحو الفراش التى ترقد فيه ياسمين وجلس بجانبها وازسك يدها برفق ، ولم يشعر بنفسه إلا وهو ينحنى برأسه ليطبع قبله عميقه على جبينها توضح نـ.ـد.مه الحقيقى وقد هبطت دmعه ساخنه من عينيه على جبينها ولكن مسحها بحنان ، ونظر إليها وهتف بنبره تحمل الحـ.ـز.ن وعلى وجهه ابتسامه سخريه :
_ ايه يا ياسمين ؟!!! يعنى يوم ما اعـ.ـذ.بك تعملى فيها انك قويه ، ويوم اللى احس فيه بغلطتى الاقيگى گده !!!
اخذ نفساً عميقاً ليخرجه بعدها ببطء محاولاً ان لا ينهار واردف بـ :
_عارف انك مش هتسامحينى بسهوله ، بس هفضل منتظر الكلمه دى لاخر يوم فعمرى واخر نفس فياا !!
بعد دقائق .. بدأت ياسمين تفوق من غيبوبتها المؤقته ، ولكن شعرت بتلك اليد التى تمسك يدها ولا تريد ان تتركها ابداً ، وبدأت تحاول ان تفتح عينيها ولكن سرعان ما اغلقتهم بسبب تلك الاضاءه القويه ، ولكن حاولت ان تعتاد عليها !!!!
كا شارداً ولكن شعر بتحرك اصابعها الصغيره ، فالتفت برأسه مسرعاً ليراها انها قد افاقت، وتضع يدها على رأسها وتتأوه بألــم ، لا يعلم ماذا يجب ان يشعر ؟؟؟
ايشعر بالسعاده لأنها افاقت. اطمئن عليها ، ام .. يشعر بالحـ.ـز.ن لكون انه يراها فى تلك الحاله ، ولكن لم يجد سوى الحـ.ـز.ن ، حيث انه شعر بنغزه فى قلبه !!!
فتحت ياسمين عينيها لتجده امامها فشعرت بالذعر ولكن هتف عز بابتسازه بسيطه :
_حمدالله على السلامه !
لم ترد عايه بل اشاحت بوجهها وبدأت دmـ.ـو.عها الحاره تهبط وكأن اصبح الالم لا يريد ان يتركها او يفارقها ، وفجأه .. انتفضت من مكانها عنـ.ـد.ما شعرت لاماسته التى كانت تمسح ،دmـ.ـو.عها !!! فعنـ.ـد.ما رأها هكذا هتف بهدوء محاولاً ان يهدأ روعها :
_اهدى ، اهدى يا ياسمين ، انا مش هعملك حاجه !!!
ياسمين بسخريه من كلمـ.ـا.ته الاخيره :
_مش هتعملى حاجه؟!! انا من يوم ما عرفتك وانت بتعمل فيا حاجات مقدرش اوصفهالك ، ضـ.ـر.ب ... إهانه .. وسب .. واتجوزتنى غـ.ـصـ.ـب ، وكنت هتاخد الحاجه الوحيده اللى بامتلاكها لو مكنتش اتجوزتك ، وتقولى مش هعملك حاجه ؟؟ ايه ؟! فى ايه تانى تقدر تعمله فيا ؟؟ قول !! هتعمل ايه ؟؟
هتفت تلك الكلمـ.ـا.ت ببكاء وقد تعالت شهاقتها ، فنظر إليها عز الدين وقد تأكد انها لن تسامحه ، فهتف بصوت راجى :
_ياسمين ! اهدى ، اهدى وصدقينى انا مش هعملك حاجه !!
_ارجوك ابعد عنى وطلقنى ، ولو على بدران بيه ، فانا مش هروح الشركه تانى ولا هخليه يشوفنى ولو حد سألنى كنت فين ، مش هجيب اسمك فالموضوع ، والله ما هجيب اسمك !!! بس انت سبنى ، سبنى بقاااا !!!!!!!
هتفت تلك الكلمه الاخيره بصراخ ممزوج بالبكاء ، وبسبب صرختها تلك ، اقتحمت صديقتها هو وإيهاب ، واتجهت نحو بخطوات راكضه وهتفت بصياح :
_ ياسمين !!
ثم احتضنتها وتركت العنان لدmـ.ـو.عها التى ظلت تحبسها ولكن لم تستطع ان تصمد طويلاً واخذت تحتضنها بشـ.ـده ليقترب إيهاب من عز الدين وهتف بصوت رخيم :
_ عز ! سبهم شويه مع بعض ، وده لو انت بتحبها بجد ، لانهم محتاجين بعض دلوقتى !!
عز بتفهم :
_ عندك حق !!
وبالفعل نهض وتوجه عز الدين برفقه إيهاب نحو خارج الغرفه ، واغلقوا الباب ليهتف عز الدين بجديه وبحده :
_اسمع يا إيهاب ، لازم تعرف ان ياسمين مراتى ومش هطلقها وهتيجى معايا الفيلا !!
_عارف ! وانا قولت الكلام ده لمنى بس الغريبه انها وافقت على الوضع ده وانها هتقنع ياسمين !!
_نعــــــم !!! وافقت على الوضع ، هى قالتلك كده ؟! حتى لو فعلاً قالت كده ! يستحيل ياسمين توافق !!
_عندك حق !! ربنا يستر !!
بعد مرور ساعه ونصف .. دخل عز الدين الغرفه هو وإيهاب ليروا انهم كانوا يتحدثون فى امراً هام ولكن توقفوا عن الحديث عنـ.ـد.ما دخلوا ، فهتفت منى بابتسامه :
_خلاص يا إيهاب ، ياسمين وافقت انها هتبقا تروح الفيلا !!!
إيهاب بشك : معقول الكلام ده ؟!
عز : احب اسمعها منها هى !
ياسمين بنظرات غامضه وابتسامه ماكره :
_طبعاً مش انت عايز كده !! وبعدين الست لازم تروح لبيت جوزها ولا ايه ؟!
↚
لم يعلم ما ذلك الشعور الذى سيطر عليه عقب استماعه لجملتها الاخيره ، شعر بعد الارتياح وريبه فى ذات الوقت ، ولكن ابتسم بداخله ابتسامه ماكره وخبث ، ورأى انها فرصه ثمينه ليتقرب منها ويجعلها تعطيه قلبها قبل جــــســ ـدها ولكن كان يعلم ان ذلك الامر سيستغرق وقتاً !!!!
نظرت إليه ياسمين بابتسامه تملأها الغموض والمكر فهى لن تتركه ابداً قبل ان تنتقم منه !!!
عز الدين بريبه :
_ياترا ايه اللى خلاكى توافقى كده بكل سهوله ؟؟ ده انتى من شويه كنتى طالبه الطـ.ـلا.ق ؟!!
ياسمين بجفاء :
_مش لازم تعرف !!!
زفر عز الدين انفاسه بضيق ، رفع إيهاب يده ونظر إلى ساعه يده ليهتف بصدmه :
_ ينهار ابيض ، ايه يا جماعه !! احنا اتأخرنا جداً ، الساعه دلوقتى 11:30 م
منى بصدmه واندهاش :
_ ايـــــه !!! دا أنا أتأخرت أوى !! أنا لازم امشى !!
عز بابتسامه وهو يضع يده على كتف صديقه :
_طب متنساش تستلم شغلك بكرا ، مرضتش اشغل حد مكانك ؟!
إيهاب بابتسامه وهو يحتتضنه :
_ ربنا ميحرمنيش منك يا صاحبى !!
تراجع عنه عز الدين وهتف بابتسامه :
_ولا يحرمنى منك يا إيهاب !
إيهاب بجديه وهو يوجه حديثه لـ منى :
_ يالا يا منى عشان اوصلك ، يعنى مش معقول اسيبك تروحى بليل لوحدك فى المعاد !!!
منى وهى تومأ رأسها :
_ أوك ، بس لحظه اسلم على ياسمين !!!
أقتربت منى من ياسمين وانحنت بجــــســ ـدها قليلاً لتعانقها بشـ.ـده واخذت تهتف :
_هتوحشينى اووى يا ياسمين !! متقلقيش يا حبيبتى ، أنا هاجى بكرا أن شاء الَّله عشان اطمن عليكى !!
_أوك يا حبيبتى !!
ابتعدت عنها منى ونظرت لها بابتسامه ولكن سرعان ما تلاشت عنـ.ـد.ما وجدت عز الدين يجلس على المقعد الذى يقع بجانب الفراش ، فاردفت بحده :
_ انت ايه اللى مقعدك هنا ؟! انت مش هتروح ؟؟
عز وهو يشير بيده متسائلاً ببرود :
_وانتى مالك ؟!
منى بغـــضــــب :
_هو ايه اللى انا مالى ؟؟ انا صاحبت ياسمين يعنى خايفه عليها ، وانا خايفه عليها دلوقتى من واحد زيك !!
هب عز الدين واقفاً ووقف قابلتها ، ونظر إليها بنظرات تحمل القسوه واردف بعصبيه :
_اولاً مفيش حد فالدنيا دى هيخاف عليها قدى !! لو وزنتى خــــوفى وخــــوفك هتلاقى خــــوفى اكتر منك بمليون مره !! امّا علشان انتى صاحبتها ، فانا جوزها ، وحطى تحت الكلمه دى مليون خط ، لأن ده امر واقع !!
إيهاب بببعض من الغـــضــــب وهو يقترب منهما :
_فى ايه يا منى ؟؟ انا قولتلك ايه الصبح ؟! قولتلك ملكيش دعوه بعز واللى بيعمله ! مش من حقك تدخلى فاللى بيعمله ؟!
منى بنظرات تحمل الضيق :
_ يا إيهاب اناااا
قاطعها إيهاب بنبره حازمه :
_ ولا كلمه ، يالا علشان اوصلك ، اتفضلى قدامى !!
لم تستطع منى ان تتحمل فهتفت بعصبيه وقد لمعت عينيها :
_ وانا مش عايزه من حاجه ، اوعى من قدامى !!
ثم دفعته لتركض مسرعه لينظر إيهاب لكلاً من عز وياسمين :
_ انا همشى يا جماعه !! ويارب الحق المـ.ـجـ.ـنو.نه دى !
عز : ربنا معاك !
تحركت منى نحو الخارج وهى تشعر بالغـــضــــب ولحقها إيهاب ليتبقى فى تلك الغرفه عز الدين وياسمين !!!
********
خرجت منى من المشفى بخطوات راكضه وقد تحول غـــضــــبها إلى اختناق وبكاء ، فبدأت تهبط دmـ.ـو.عها بغزاره ، فهى لم تعتاد على هذا الغـــضــــب الذى وقع عليها من إيهاب !!
شعر إيهاب بتأنيب الضمير ونغزه فى قلبه ، فأخذ يصيح بأسمها ولكنها لم تعبأ به واكملت طريقها وقد تسارعت خطواتها وبدأت تركض وهو يركض أيضاً خلفها ، وإذا بها لم تشعر بنفسها انها كادت تصطدm بأحد السيارات ، لولا ذراعه القويه التى احاطت خصرها وابعدها عن تلك السياره ليعانقها بشـ.ـده ، واخذ يستنشق عبيرها ، امّا هى فلا تعلم ما الذى حدث ليجعلها فى تلك الحاله ، لقد كانت على وشك المـ.ـو.ت ، فتوقفت عقارب الساعه فى تلك اللحظه !! لا يعلموا ما الذى الحدث وكم مر من الوقت على هذا العناق ولكن الذى علموا جيداً ان ذلك العناق كانوا بحاجه إليه !!
ابتعد إيهاب عنها وقد وضع جبينه على جبينها وهتف بهمسٍ عاشق :
_ أنا أسف ! اسف يا حبيبتى !!
استمعت إلى اعتذاره الرقيق وقد اغمضت عينيها وتحاول ان تضبط انفاسها ، فأبتعد عنها إيهاب واردف بابتسامه :
_يالا عشان انتى اتأخرتى اوى !
اومأت منى رأسها وهى تشعر باستحياء على ما حدث منذ ثوانى ، واخذت تلعن ذلك العشق الذى جعلها بحاجه إلى ذلك العناق !! وتحركوا نحو السياره ليجلسوا بداخلها !! وتنطلق السياره مسرعه !!
*********
زفرت انفاسها بضيق وهى تراه يجلس بجانبها وكان يحمل صينيه ، اغمضت عينيها بتعب وارهاق ، فلقد اصبح وجهها شاحب وجــــســ ـدها هزيل ولكن لم يتسبب هذا إلى نقص جماله ، اشاحت هى وجهها للناحيه الاخرى ، فرفع نظراته لها ومد يده الممسكه بالمعلقه وقربها من فمها حتى لمسه ليجبرها على فتح عينيها ، وبالفعل فتحت لتنظر له بطرف عينيها ، فنظر لها بحده وصرامه ! فتنهدت وفتحت فمها فادخل المعلقه فى فمها واخرجها لتبلع الحساء ومن ثم عاد وكرى فعله ، فنظرت بضيق وهتف قائله :
_ مش عايزه اكل !!
عز ببرود :
_مش بمزاجك !
_هو ايه الى مش بمزاجى !!
_يعنى يا مراتى يا حبيبتى ، انتى محتاجه تاكلى اكل فيه فيتامينات عشان تسترجعى قوتك ورجلك تخف !!
_قولتلك مش عاوزه ، وبعدين انت كنت بتنتقم منى ! عاوز منى ايه دلوقتى !!
عز وهو يعض على شفتيه بقوه :
_ عمرك ما هتفهمى !
ثم تابع ولكن بأمر :
_ ويالا كلى ، لأنى مش هسيبك تنامى إلا لما الاليكى خلصتى اللى فطبق ده !
ياسمين بألــم وهو تضع يدها على بطنها ؛
_بطنى و.جـ.ـعانى ، وو.جـ.ـعانى جداً ، ومش هقدر اكل معلقه واحده !!
_ عشان كده بقولك انك لازم تاكلى ، لانك لو مكلتيش هتفضل و.جـ.ـعاكى ، فكلى دلوقتى عشان ترتاحى لما تصحى من النوم !!
_ انت عاوز تساعدنى ليه دلوقتى ؟؟
_ بعدين ، بعدين هتعرفى !!
هتف تلك الكلمه الاخيره بألــم ، لينقل بصره للطبق واكمل اطعامها ولكن بعنوه !!
بعد مرور فترة وجيزة .. غاصت ياسمين فى نوم عميق ليتنهد عز الدين وجلس على المقعد وظل يتأملها فتره طويله ، فهو لم يشعر بمرور الوقت !!
ولكن عند الساعه السادسه صباحاً .. كاد ان ينام ولكن انتفض من مكانه عنـ.ـد.ما صوت تأوها ، فاقترب منها ونظر لها بفزع :
_ ياسمين .. ياسمين .. مالك يا حبيبتى ؟!
كانت تتململ بجــــســ ـدها وتضع يدها على معدتها وهى تقول بألــم ومازالت مغمضه عينيها :
_ آآآآآه بطنى !! آآآآآه بطنـــــــــى !!! مش قادره !!
تذكر سريعاً حديث الطبيب بأنها تحتاج إلى فيتامينات وإذا حدث لها ألــم فى البطن فهو شئ طبيعى ، وانها يجب ان تاخذ علاج مخصوص !
فبسرعه البرق اخرج ( الحبايه ) ووضع يده خلف ظهرها ليرفعها قليلاً وهتف بحنان :
_حبيبتى ، اهدى وافتحى بؤقك !!
كانت هى بين اليقظه والنوم فلم تستمع إليه فاضطر ان يدخل المسكن بداخل فمها وامسك كوباً من الماء وبدأ يسقيها فابتلعت هى ما لجوفها ليبعد يده على ظهرها ، وتنهد براحه ليجلس وبدأ يمسد على شعرها بحنان !! وامسك يدها ورفعها ليقبلها بعمق واخذ ينظر إليها ويتأملها !!!
↚
_ فى صباح يومٍ جديد !!!
_فى احد المستشفيات الراقيه !!
وصل إيهاب ومنى إلى المشفى ، واتجهوا مسرعين نحو بخطوات مسرعه نحو غرفه ياسمين ، امسكت منى بمقبض الباب وكادت ان تفتح الباب ، ولكن منعها إيهاب عنـ.ـد.ما هتف بجديه قائلاً :
_ منى ! زى ما قولتلك !! ولا كلمه مع عز !!
ابتسمت منى واردفت بنبره تحمل الرقه والهدوء :
_ حاضر يا إيهاب !!
إيهاب بابتسامه ساحره :
_ حضرلك الخير يا روح إيهاب !
ابتسمت منى بخجل ونظرت له نظرهٍ اخيره قبل ان تفتح الباب ، لتدخل بهدوء وخلفها إيهاب ، ليتفاجأ الاثنين بأنهم ما زالوا يغصون فى نومٍ عميق ، خاصهٍ عز الذى كانت رأسه على الفراش وممسك بيد ياسمين ، وكأنها علامه بأنه لا يريد تركها وانها ملكه ، ويبدوا عليه بأنه غاص فى النوم منذ قليل !!
منى باندهاش وهى تنظر لـ عز الدين :
_ايه ده !! ده شكله سهر امبـ.ـارح ومنمش غير من شويه !!
إيهاب غير مصدق :
_ معقول !! انا مش مصدق !!
منى بتساؤل وهى تنظر إليه :
_مش مصدق ايه ؟!
_ معقول عز فضل يأكل ياسمين !!
منى وهى ترفع حاجبيها للاعلى :
_نعــــم !!
_ اه والله ، لان الطبق هناك اهو !!
_ايوه عندك حق ، وخصوصاً ان ياسمين ماكلتش امبـ.ـارح غير قليل ومكنتش قادره تمسك المعلقه ، لان اعصابها كانت تعبانه وكانت قوتها ضعيفه !!
_طب تعالى نصحيهم !!
أقترب إيهاب من عز الدين ، ووضع يده على ذراع رفيقه ليهزه برفق وهو يقول بابتسامه بسيطه :
_ عـز !
انتفض عز الدين من مكانه على اثر اللمسه وقد هب واقفاً وكأن هناك عقرب لدغه ، وهتف بذعر :
_ايه ! فى ايه ؟؟ ياسمين كويسه !!!
هتف كلمته الاخيره وهو يوجه انظاره على ياسمين ، ليهتف إيهاب وهو يجبره على الجلوس :
_اهدى يابنى ! ياسمين كويسه وزى الفل !!
جلس عز الدين على المقعد مجدداً وقد وضع رأسه بين راحتى يده ، ليقول بعد ثوانى وقد رفع رأسه موجهاً حديثه لإيهاب بتعب :
_كويس انك جيت يا إيهاب !! ياريت تجبلى فنجان قهوه زياده !! لانى مش قادر ارفع دmاغى !!
_ماشى هجبلك القهوه ، بس يالا قوم اغسل وشك ، وخد الكيس ده فى اللبس جبته من الفيلا عندك ، روح غير بقا اللى انت لبسك اللى مليان دm ده !!
قطب عز الدين حاجبيه ووجه انظاره على قميصه الاسود اللون الذى يرتديه ، فوجد بالفعل الكثير من الدmاء التى كانت من تلك المسكينه !! فنظر لياسمين نظره واضحه وهى النـ.ـد.م ، لم يقرأها احد إلى صديقه !! اتجه هو بخطوات شبه ثابته نحو المرحاض ليبدأ بتغير ملابسه !!!
إيهاب موجهاً حديثه لـ منى :
_بقولك ايه يا منمن !! انا نازل اجيب قهوه ، تحبى اجبلك حاجه تشربها !!
_لالأ شكراً مش عاوزه !!
_طب خليكى بقا مع ياسمين !
_اوك !
اتجه إيعاب نحو باب الغرفه ليدلف إلى الخارج ، فتحركت منى نحو المقعد الذى كان يجلس عليه عز ، وجلست ، لترى ياسمين انها قد استيقظت من النوم ، فهتفت بابتسامه :
_صباح الخير يا ياسمينا !!
_صباح النور !
قالتها وهى تحاول ان تعتدل بجــــســ ـدها ولكن لم تستطع بسبب الالم الذى شعرت به فى قدmها ، فساعدتها منى على الاعتدال ، واردفت بـــ :
_اخبـ.ـارك ايه دلوقتى ؟؟
_لااا احسن بكتير ، انا قبل ما انام كانت بطنى و.جـ.ـعانى اووى ، بس الحمدالله بقيت احسن دلوقتى !!
_ طب الحمدالله ! قوليلى بقا ؟ هو عملك اى حاجه ؟؟؟
_لأ معملش حاجه !!
خرج عز الدين من المرحاض وهو يجفف وجهه بالمنشفه القطنيه التى احضرها إيهاب له ، ووقف امام الفراش وهتف بجديه :
_صباح الخير !!
ياسمين بجفاء وهى تشيح بوجهها للناحيه الاخرى :
_صباح النور !!
جلس عز الدين وتنهد ، ليوجه ابصاره مجدداً لياسمين وهتف بقلق :
_عامله ايه دلوقتى ؟؟
ياسمين باقتضاب :
_كويسه !
_دايماً
قالها وهو ينهض متحركاً نحو خارج الغرفه ، وبالفعل خرج ليقابل فى طريقه .. طبيب الذى كان مسئولاً عن حاله ياسمين ، فاستوقفه عز قائلاً ولم تختفى ملامح قسوته :
_ لحظه !! اقدر اعرف المدام هتخرخ امتى ؟
_انا هكتبلها الخروج النهارده ولو تحب دلوقتى ! لان حالتها مستقره بس المهم انها متتحركش لمده اسبوع !!
_ماشى ، اتفضل انت !!
غادر الطبيب من امامه ليتجه عز الدين نحو المصعد ، ضاغطاً على زره بقوه ، وهو يفكر فى امراً ما !!!
بعد دقائق ... وصل إيهاب وهو يحمل القهوخ ودخل الغرفه وهو يقول :
_اهو يا عم جبتلك القهوه و...
ابتلع بقيه كلمـ.ـا.ته عنـ.ـد.ما وجد انه ليس بالغرفه ، فقطب حاجبيه بتسأول :
_هو راح فين !!
ردت منى قائله :
_معرفش ، هو خرج من الاوضه من شويه ومحدش عارف راح فين ؟!
إيهاب باستنكار :
_بعنى انا تعبت اعقبال ما جبت القهوه وفالاخر دى تبقى النتيجه !!
سمعوا صوت طرقات على الباب ، فاتجه إبهاب نحو الباب وفتحه ليرى عز الدين يدخل ويحمل بعض الاشياء ، فتسأل إيهاب قائلاً :
_ايه يا عز ، كنت فين ؟؟
تجاهله عز الدين واردف لــــ منى بجديه :
_انا جبت لبس لياسمين ! ياريت تساعديها فى البس ..
ثم اكمل حديثه بنفس النبره وهو ينظر لـ ياسمين :
_لانها هتخرج من المستشفى النهارده ودلوقتى !!
ثم وجه بصره وحديثه لإبهاب :
_يالا يا إيهاب نخرج ونستناهم بره !!
_ يالا
وبالفعل تحركوا نحو الخارج ، لتهتف منى :
_هتعملى ايه دلوقتى !!
ياسمين بتوعد :
_ ده كويس جداً ، علشان اخد حقى ! وانتقم منه ، فكل ألــم حسيته بسببه !!
بعد مرور ثلاثون دقيقه .. كانت منى غادرت من الغرفه ، فلم تستطع ياسمين ان تقف ، فجلست على الفراش وبدأت دmـ.ـو.عها تهبط ببطء على ذلك الالم الذى تشعر به فى قدmها ، خاصهٍ ان الالم يشتد عليها ، لتصرخ صرخهٍ بسيطه ، وفى ذات الوقت نفسه .. كان الباب ينفتح ليدلف عز إلى الداخل بعد ان ابلغته منى ان ياسمين انتهت من ارتداء ملابسها ، ولكن عنـ.ـد.ما رأها فى تلك الحاله ، شعر بالفزع والذعر فى آن واحد ، فأقترب منها وجثى على ركبتيه ليسمعها تقول ببكاء :
_آآآآآه رجلى !!! مش قادره !! آآآآه
عز بضيق ممزوج بالخــــوف :
_وانتى ايه اللى وقفك اصلاً ؟؟ الدكتور قال مفيش حركه بذات النهارده وبكرا !!
_آآآآآه مش قادره !!
نهض عز الدين وزفر انفاسه بضيق ، ولكن انحنى بجذعه قليلا ليضع ذراعه اسفل ركبتيها وذراعه الاخر على خصرها ليحملها بين ذراعيه ، لتشهق بصدmه وقد تناست الامها لتقول بغـــضــــب :
_لأ نزلنى ، بقولك نزلنى !!
عز بصرامه وهو متوجهاً نحو الباب :
_ لأ
ياسمين بغـ.ـيظ :
_اووف
عز ببرود يثير الاستفزاز :
_على فكره الجو مش حر !!
كتمت ياسمين غـ.ـيظها بصعوبه ، امّا عز الدين فخرج من الغرفه ، ونظر لإيهاب بصرامه :
_ انا خلاص رايح الفيلا انا وياسمين ، روح انت شغلك ،ده بعد طبعاً متوصل منى !!
منى بغـــضــــب :
_ليه يعنى ؟؟ هو انا مش هروح معاكوا عشان اطمن على ياسمين !!
إيهاب بحده :
_منى ، احنا قولنا ايه ؟؟ يالا بينا !
منى بضيق :
_حاضر !!
سبقهم عز الدين وغادر من امامهم ، وتحرك نحو المصعد ودخل ، وبعد ثوانى. .. انفتح المصعد ليخرج عز الدين وهو حاملاً ياسمين بين ذراعيه وتوجه نحو سيارته وفتح الباب الامامى بصعوبه وادخلها برفق حذر ، ليهتف :
_ قاعده كده كويس ؟
_اه الحمدالله !
_تمام
قالها وهو يغلق باب السياره ودار حولها ليركب خلف المقود وضغط على دواسه البنزين بقوه لتنطلق نحو فيلا الخاصه بعائله السيوفى !!
↚
وصل عز الدين إلى فيلا الخاصه بعائلته ، وصف سيارته بداخل ( الجراج ) ليترجل ودار حولها سريعاً وهو يبتسم ابتسامه ساحره ، لم يبتسمها منذ اعوام كثيره ، فتح باب الامامى فوجدها بين حاله النوم واليقظه وبرفق شـ.ـديد وحذر وضع ذراعه اسفل ركبتيها وذراعه الاخر على خصرها ليحاول بحذر ان يخرجها من السياره فارتدت رأسها على كتفه فابتسم ابتسامه عفويه وحملها بين ذراعيه بعد ان اخرجها من السياره ليتحرك نحو خارج ( الجراج ) قاصداً نحو داخل فيلته !!!!
دخل عز الدين الفيلا وهو ينقل بصره كل لحظه على ياسمين متأملاً يكونها وهدوئها !!!
تحركت سعاد عنـ.ـد.ما شعرت بأن هناك شخصاً ما قد خطا بداخل فيلا رب عملها ، فأخذت تبحث ببصرها لتجد عز الدين يدخل حاملاً بين ذراعيه فتاه ! فقطبت حاجبيها باستغراب وعنـ.ـد.ما نظرت إليه وجدته ينظر إليها نظرات قـ.ـا.تله ، فابتلعت هى الكلمـ.ـا.ت التى كانت ستقولها له وعادت مجدداً لتفعل ما كانت تفعله منذ ثوانى !!!
صعد عز الدين على الدرج بهدوء وهو مازال ينظر إليها نظرات الدفئ ، ود لو اعتصرها بين ضلوعه ليدخلها إلى قلبه لتعلم كم من العشق الذى موجود بداخله !!
وصل هو نحو غرفته وتوجه نحو الفراش ليضعها برفق ودثرها جيداً ! فمازال التعب والوهن عليها والعلاج لهذا هو النوم والراحه !!
خرح هو من الغرفه بخطوات ثابته وخرج ليغلق بابها بهدوء وهبط إلى الاسفل وصاح منادياً بصرامه وتبدلت ملامحه من الدفئ إلى القسوه :
_ سعاااد
حضرت سعاد بهدوء وردت عليه باحترام :
_ايوه يا باشا !!
عز وهو يشير بيده وبأسلوب أمر :
_ عااوزك تحضرى أكل فى فيتمينات وفى غذا النهارده وطول الاسبوع ده عشان المدام !!
حدقت سعادةبه بصدmه وقالت وهى تحاول ان تستوعب :
_ المدام !! هو حضرتك اتجوزت يا باشا ؟؟
عز بصرامه وبنبره تحمل القسوه :
_اه اتجوزت ، ولازم تبلغى وتنبهى كل شخص فى الفيلا دى انةاللى هيقرب منها او هيظيقها بكلمه ملوش مكان عندى وكمان حسابه هيبقى عسير .. فاهمه ؟؟
سعاد وهى تومأ رأسها :
_ ف .. فاهمه !!
عز بحده :
_ طب يالا اتفضلى من قدامى !
غادرت سعاد من امامه ليخلل اصابعه داخل فروه شعره وهو يزفر انفاسه بتعب وتحرك عائداً إلى غرفته بخطوات شبه ثابته وفى نفس الوقت راكضه !!
دخل عز الدين الغرفه بهدوء وتوجه نحوها ببطء لكى لا يصدر اى صوت فيجعلها تستيقظ ، وجلس بجانبها على الفراش وهو ينظر لها بشغف ودفئ ، انحنى برأسه قليلاً ليقبل جبينها برقه ونظر إليها بنظرات تحمل الشغف والعشق ، واردف :
_ عملتى فيا ايه ؟؟ قلبتى كيانى يا بـ.ـنت صابر !
ثم نهض متوجهاً نحو المرحاض ليأخذ حماماً بـ.ـارداً ، وبعد دقائق .. خرج من المرحاض وممسك بالمنشفه القطنيه ليجفف شعره الذى يتساقط منه الماء ، ثم القى المنشفه باهمال على الاريكه ، ليحلس على الفراش ويريح جــــســ ـده بجانبها ونظر إليها نظرهٍ اخيره قبل ان يغمض عينيه ليغص فى نوماً عميق واخر ما رأه هو وجهها المستكين !!
*************
_ إيهاب ، احنا رايحين فين ؟؟
هتفت بها منى بتـ.ـو.تر وقلق ، فستشعر إيهاب قلقها ، فقال بابتسامه محاولاً ان يبث الطمأنيه بداخلها :
_متقلقيش ، اكيد مش هأذيكى ، انا بس عازمك على الغدا !!
_ طب مقلتليش ليه من الاول ؟؟
_اصلها مفاجأه !
_مفاجأه !! مفاجأه ايه ؟؟
_متبقاش مفاجأه لو قولتلك ، على العموم هتعرفى دلوقتى ، لاننا وصلنا خلاص !!
وجهت نظرها على الطريق لترى انه يصف سيارته ، فترجلت من السياره واخذت تنظر على المطعم بانبهار !!
إيهاب وهو يركض مسرعاً نحو داخل المطعم :
_ يالا تعالى بسرعه !!
_ طب استنانى !
تجاهلها عمداً ، فرفعت حاجبها للاعلى باستنكار وتحركت نحو الداخل لترى ان المكان مخيم بالظلام ، فهتفت :
_ بسم الله الرحمن الرحيم ! هو المكان مضلم كده ليه ؟
ثم بدأت تصيح بأسم إيهاب :
_ إيهاب ، إيهاااب ، هووراح فين ؟؟
بدأت تشعر بريبه وقلق فهتفت وهى تهز رأسها بنفى :
_ لالالا انا ابتديت اخاف ، انا همشى واللى يحصل ي..اااا
شهقت منى بصدmه وهى تشعر بذراع تسحبها بقوه لترى انها وقفت فى منتصف المكان واليد التى كانت تمسكها تركتها واختفت !!
وفجأه ، فتحت الاضواء التى فى المطعم ، فبدأت تلتفت حولها وهى ترى المكان وبدأ يقع عليها ورود كثيره ذو الوان مختلفه !! فابتسمت بسعاده وهتفت :
_ ايه ده ؟! ده ورد !
ثم التفتت برأسها بعفويه لترى إيهاب يتقدm نحوها بخطوات ثابته وعلى وجهه كالعاده ابتسامه ساحره ، وممسك بباقه ورد ذو اللون الاحمر والابيض !! حتى وقف قابلتها ونظر لها بعشق ، لتهتف منى غير مصدقه :
_ إيهاب هو ايه اللى بيحصل ؟! وااا
وضع يده هجعلى شفتيها ليمنعها ان تهتف باى كلمه اخرى وهتف بهمس :
_ بحبك !
نظرت إليه منى باندهاش ولكن سرعان ما ابتسمت بخجل ليكمل بنفس الهمس ولكن بعشق اكثر :
_بحبك يا منى !
نظرت إليه بخجل ليعطيها باقه الورد فاخذتها لتنظر للارض باستحياء ، فابتسم ابتسامه عـ.ـذ.به واخرج من جيب سترته علبه بلون الاحمر وفتحها ليقول بابتسامه :
_ تتجوزينى !
صمت لثوانى لكى يستمع إلى ردها ، امّا هى فاومأت رأسها وقد تساقطت عبـ.ـارتها دليلاً على ساعدتها ، ليخرج إيهاب الخاتم ويمسك يدها برفق وبرقه ، وادخلها فى اصبعها ، وبعدها بدأ بمسح دmـ.ـو.عها بحنان ، لتقول بصوت متقطع :
_ اقولك على حاجه ! انا عمرى ما حسيت بالفرحه الحقيقه إلا معاك ، اول مره اعيط من الفرحه وااا
_لم يدعها تكمل فلقد عانقها بشـ.ـده لا يمكن وصفه ، لن يفهم احد معنى ذلك العناق إلا العاشقين ، اخذ يحتضنها بشـ.ـده ، وهمس فى اذنها بكلمـ.ـا.ت سحريه :
_ اوعدك انى طول ما انا عايش ، هفضل عايش عشان افرحك ، بحبـــــــك يا منى !
استمعت إلى كلمـ.ـا.ته التى بالنسبه إليها گالسحر ، لترد عليه قائله :
_ وانا گمــــــــان !
***************
استيقظت ياسمين من النوم واخذت تفرك عينيها بـ.ـارهاق ، ولكن عنـ.ـد.ما فتحت عينيها ورأت انها فى غرفه ما ، علمت على الفور انها قد وصلت إلى فيلا زوجها ، التفتت برأسها لترى عز الدين نائماً ، فابتلعت ريقها بصعوبه ، وبدأت تحاول ان تنهض بهدوء لكى لا يستيقظ ، ولكن فجأه شعرت بذراعه و القويه تحيط خصرها وقربها إليه بشـ.ـده حتى اصطدmت بصدره الذى گالصلب ، فشهقت بصدmه ، امّا هو فنظر إليها بمكر وهتف بخبث :
_ مراتى وحبيبتى راحه فين ؟؟
شعرت بجفاف حلقها واغمضت عينيها وفتحتها مره لتضبط انفاسها ليهتف بمكر :
_ انا قولتهالك يا ياسمينا بس انتى مش فاكره ؟ انتى على ذمه ذئب ، والذئب بيكون واخد باله من كل حاجه واولهم ..
صمت ليرى تعابير وجهها فهتفت :
_واولهم ايه ؟؟
عز بشغف :
_ واولهم حبيبتى !!
_لا والله ، طب ممكن تبعد عنى علشان عاوزه اخرج من الاوضه دى وانزل الجنينه !
نهض عز الدين وبحركه سريعه حملها بين ذراعيه وتوجه نحو الباب :
_ مش قبل ما تتغدى !
_لأ نزلنى !!
عز بصرامه :
_ ولا كلمه
وصل عز الدين الى غرفه الطعام وسحب احدى المقاعد واجلسها برفق ، ثم غادر ليامر بان يحضروا الغذاء لتقول ياسمين وهى تتنهد :
_ شكلى هغير تفكيرى وانتقامى !!
↚
_فى فيلا الخاصه بعائله السيوفى !!
_فى غرفه الطعام !!
انتهت ياسمين من تناول طعامها ، نظر عز الدين إليها بطرف عينيه ، فلقد كان يتابع تناولها للطعام ، ولكن عنـ.ـد.ما انتهت ، ابتسم بحنو وتمتم بهدوء قائلاً :
_ هاا شبعتى ولا لسه ؟؟
_لأ شبعت !!
نهض عز الدين ليهتف بجديه :
_ وانا كمان خلصت ! انا رايح اغسل ايدى وهرجعلك تانى !!
استدار عز الدين متوجهاً نحو المِرحاض ، تنهدت بضيق ثُمّ وجهت بصرها على قدmها ، لتنظر لها بيأس ! ولكن شعرت بذراع توضع اسفل قدmيها وذراع اخرى على خصرها ، فالتفتت بوجهها وبصرها لتقع عينيها على عينيه وتشرد فى عيونه الرماديه ، فأخذت تدقق بملامحه ، فهذه اول مره تراه عن قرب !! امّا هو فلمعت عيناه واخذ يتأمل عينيها الخضرواتين بعشق ، فتلك العينين جعلت نبضات قلبه تخفق بسرعه ، فتمتم بهمسٍ عاشق :
_عينيكي دى هى البلسم الوحيد لـــ جروحى !! وهى اللى بتنسينى العالم !! وهى من الحاجات اللى أثرت على قلبي !! عينيكي أنتى بس يا ياسمين !!
أگتفت هى فقط بالتحديق فيه بنظرات مرتبكه ، ورفعت يدها قليلاً لتبعد تلك الخصله وتضعها خلف اذنها ، ابتسم هو ابتسامه عـ.ـذ.به وحملها بين ذراعيه متجهاً نحو المِرحاض وهو يهتف بحماس زائف :
_بصي بقي أنتي دلوقتي هتغسلي إيدك وبعد كدا نشرب عصير برتقال ونتفرج على التليفزيون مع بعض !!
نظرت له ياسمين وقد رفعت حاجبيها للأعلى ، وهتفت بداخلها :
_ياترا عاوز توصل لأيه يا بن السيوفى !!
*************
_فى شركه بدران السيوفى !!!!
كانت سكرتيره مكتب بدران السيوفى شارده ، وكأنها تفكر فى امراً ما !! كان يبدوا عليها الحـ.ـز.ن واليأس ، وفى ذات الوقت !! مر اثنين من الموظفين وعنـ.ـد.ما رأوها فى تلك الحاله ، اتجهوا نحوها وهم يتهامسون عن سبب حالتها هكذا ، فجلسوا ونظروا إليها ليجدون انها ما زالت فى تلك الحاله ، فتمتم احدهم بجديه :
_ مريم !! ايه يا بـ.ـنتى مالك ؟؟
رفعت مريم رأسها وخرجت من شرودها ، لتنظر إليهم باستغراب ، وتمتمت وهى تقطب حاجبيها :
_ أيه ده ؟! انتوا هنا من امتي ؟؟
_من بدرى !! فى ايه مالك ؟؟
_مفيش يا علاء ! بفكر فـــ ياسمين !!
هتف الشخص الثانى والذى يدعى حسين :
_اه صح !! ياسمين بقالها اكتر من اسبوعين مجتش الشركه !! هو مش الموضوع غريب شويه !!
علاء بتسأول ممزوج بالجديه :
_ هى المفروض كانت واخده الاجازه اد ايه ؟؟
حسين : أسبوع !!
حدق علاء بهم بصدmه وهتف غير مصدق :
_ أسبوع !! طب ما حد يروحلها البيت ويطمن عليها !!
مريم بحـ.ـز.ن وهى على وشك البكاء :
_ انا عملت كده فعلاً وروحتلها كذا مره الأسبوع ده بس للأسف ملقتهاش موجوده !!
حسين : طب ما تسألى البواب !! يمكن يكون عارف !!
مريم باختناق :
_ البواب من الاسبوع اللى فات سافر !!
علاء بقلق :
_ لالالالا انا ابتديت اقلق عليها ، ياسمين عايشه طول عمرها لـوحدها ومحدش عارف انعا كويسه ولا لأ ؟!
وضعت مريم رأسها بين راحتى يدها :
_ امال انا اقول ايه ؟؟
حسين بقلق :
_ ربنا يستر ! لأنى انا كمان كده قلقت !!
*****************
مر من الوقت ثلاث ساعات على جلستهم هكذا ، بدأت ياسمين تقاوم بشـ.ـده رغبتها فى النوم ، كان هو ايضاً يشعر بالنعاس ولكن لاحظ مقاومتها مع سلطان النوم ، انتبهت حواسه واخذ يتابعها بصمت دون ان تشعر، دقائق وكانت تغط فى سبات عميق فهى هزمت من سلطان النوم واستسلمت لرغبتها ، شعر بثقل يميل على كتفه فاستدار للجانب برأسه ليجدها غافيه عليه وشعر بانفاسها الهادئه تفلح وجهه وعنقه ، فابتسم بعشق ، وهتف قائلاً :
_ اه يا بـ.ـنت صابر لو تدينى فرصه !!
وبحرص شـ.ـديد حاوط خصرها بذراعه ووضع ذراعه الاخر اسفل ركبتيها ليحملها بين ذراعيه بحرص متوجهاً نحو غرفته ووضعها برفق ، ثُمّ جلس بجانبها ليريج جــــســ ـده ولكن بدون تفكير أقترب منها وقد دفعه شغفه ، واحتلت على وجهه ابتسامه ماگره ، فبدأ يحاوطها من ظهرها ليضمها إلى أحضانه ، شعرت هى بملمس يده فشهقت بصدmه وحاولت إزاحه يده عنها ولكنها فشلت ، فتمتم هو بابتسامه ماكره وبنبره واثقه :
_ متحوليش !! لأنك مش هتعرفى !!
تنهدت بأسي وبأس وأغمضت عينيها بألــم ، وبعد عده دقائق .. شعر هو بانتظام انفاسها فعلم انها غاصت فى نوم عمبق ، فرفع رأسه ليطبع قبله صغيره وضمها اكثر مستمتعاً بأحضانها هكذا !!
***********
مرت عده أيام .. وبدأ عز الدين ان يذهب إلى عمله ولكن يعود مبكراً ليتناول وجبه الغداء معاها ويجبرها ان تسير بجواره لتنشط حركه قدmها ، واخيراً بدأت تسير جيداً ، وقد حفرت فى ذاكراته تلك الذكريات الصغيره !!!!!
وفي يوماً ما .. كانت الساعه السادسه مساءً ولكن اتت مكالمه هاتفيه ضروريه ، فاضطر اسفاً ان يذهب إلى شركه والده !! فتحرك نحو خارج الفيلا ، ولكن توقف فجأه عن السير واحتقنت دmائه وظهرت عروقه واشتعلت عينيه كألسنه اللهب عنـ.ـد.ما سمع حديث احد الحراس الذين يحرسون مدخل الفيلا !!
_بس مش غريب يا جماعه ، حكايه البـ.ـنت دى اللى عايشه مع الباشا !!
رد الحارس الثانى بجديه :
_ ملناش دعوه بحد يا سعيد ، خليك فى حالك احسن !!
سعيد غير مكترث :
_ يا بنى الحكايه مش كده !! بس شكل الباشا مهتم بيها !! شكلها شايفه مزاجه كويس ومظباطه على الاخر ومعلمه عليه كمان !!
بلغ ذروه غـــضــــبه ولم يعد يستطع ان يتحمل المزيد فتحرك بخطوات سريعه نحوهم واندفع كالثور الهائج واصبح وجهه كالذئب الذى سينقض على فريسته !! لمحه سعيد فعنـ.ـد.ما رأه شلت حراكته وهتف بفزع :
_ينهار اسود !!
امسكه عز الدين من تلابيبه وسدد له لكمه قويه فى فكه فنزفت الدmاء على الفور ووقع على الارض وحاول الزحف ليهرب من براثنه وغـــضــــبه ، ولكن لم يعطيه الفرصه فلقد انقض عليه واخذ يركله بعنف فى جــــســ ـده صارخاً به :
_دى مراتى يا بن *****
ركله ركلهٍ عنيفه ليصـ.ـر.خ الاخير بو.جـ.ـع وألــم ليهتف عز الدين بشراسهٍ :
_ دى قرصه ودن على اللى قولته ، المره جايه فيها مـ.ـو.تك يا ***
اطلق سبه نابيه وهو يركله بعنف أشـ.ـد ليصـ.ـر.خ الاخير اكثر ، التفت إلى الحراس الثلاثه الذين وقفوا وقد تصلب جــــســ ـدهم من هول ما شاهدوا وهتف بصوت جهورى :
_ ***** ده تخدوا على المخزن وجبوله دكتور وبعديها يغور مشفهوش هنا تانى وإلا هقــ,تــله .. فاهمين !!
ردوا عليه بطاعه :
_تحت أمرك يا باشا !!
نظر للأخير الذى واقع الارض شرزاً ، وتحرك نحو ( الجراج ) وهو يحاول ضبط انفعلاته وغـــضــــبه !!
*********
مر يومين على الحدث هذا ، وخلال تلك اليومين .. واصبحت ياسمين تسير جيداً كما كانت من قبل ، وتقرب إيهاب كثيراً من منى واصبح العشق لا يفارقهم !!
_ فى يومٍ ما !!
_ فى فيلا الخاصه بعائله السيوفى !!
_ فى غرفه عز الدين السيوفى !!
خرج من المِرحاض كعادته وهو يرتدى بنطاله وعارى الصدر ، قطرات المياه تتساقط على وجهه وصدره مما اعطته جاذبيه وجمال اكثر خاصهٍ مع ضوء الشمس الساطع المتسلل إلى الداخل ،نظر إليها فوجدها جالسه على الفراش ، ولكن اشاحت بوجهها عنه خجلاً من منظره العارى وهى تزفر وفي حنق ، فتقدm هو من المرآه ووقف امامها وبدأ بتصفيف شعره ، نظرت إليه بغـــضــــب وهبت واقفه واتجهت نحوه قائله :
_ ممكن تقولى انت عاوز منى ايه ؟؟ وامتى هطلقنى ؟؟
استدار عز الدين ورمقها بنظرات الخبث وهتف :
_ايه يا ياسمينا ، مش انتى اللى وافقتى انك تيجى معايا هنا ؟ وانك شيلتى موضوع الطـ.ـلا.ق ده من دmاغك !!
ياسمين بغـــضــــب :
_غيرت رأيى ، انا عاوزاك تطلقنى !!
اقترب عز الدين منها اكثر حتى لم يعد يفصل بينهما غير خطوه واحده ، فشعرت هى بانفاسه الحاره تلهب وجهها ، وقد ساد الصمت للحظات ليست بكثيره بينهم وبدون مقدmـ.ـا.ت كان جذبها إليه مطبقاً على شفتيها فى قبله قويه !! سرت قشعريره شـ.ـديده فى كافه انحاء جــــســ ـدها ، حاولت دفعه بقوه ولكن لم تستطع بسبب قوه بنيته !! ابتعد عنها قليلاّ محاولاً ضبط انفاسه السريعه وهتف بهمسٍ عاشق :
_بحبــــــــــك !!
↚
نظرت إليه بصدmه وقد لمعت عينيها بدmـ.ـو.ع ، غير مصدقه ما قاله ، ابتلع ريقه بصعوبه وشعر بغصه تقف فى حلقه ، لكون يراها هكذا ، نظرت إليه وهتفت بهمس قائله :
_ انت قولت ايه ؟؟
_قولت انى بحبــــك يا ياسمين !!
وفجأه .. تحولت إلى وحش كاسر ، دفعته بقوه وتراجعت للخلف بضع خطوات وهى تشعر بغـــضــــباً جامح يعتريها ، وهتفت بغـــضــــب :
_ دى لعبه جديده دى ولا ايه ؟؟
اقترب منها قليلاً وهتف بنفى :
_لا والله ، انا فعلاً بحبك !! وعايزك تدينى فرصه اصلح اللى عملته !! وتسمحينى وتحبينى !!
هتف بتلك الكلمـ.ـا.ت بنبره صادقه نابعه من قلبه ، ولكن صرخت به غـــضــــباً وقد احمرت عينيها :
_ وانا مش عايزه الحب ده !! الحب ده انا هدوس عليه برجلى ، ولا يمكن احب واحد زيك ، قاسى !! متعجرف !! مغــــرور !! معندوش رحمه !!
ألــمته كلمـ.ـا.تها القاسيه ، فنكس رأسه بألــم ، لتتابع هى بصراخ وقد هبطت عبراتها الحارقه :
_ أنت دmرتنى !! دmرتنى نفسياً !! اتجوزتنى غـ.ـصـ.ـب ! وفضلت تضـ.ـر.بنى وتشتمنى !! وفالاخر عايزنى اسامحك وأحبك كمان !!
هتفت تلك الكلمـ.ـا.ت الاخيره بسخريه ، فلم ينبس بكلمه واحده بل أخذ يبتلع كلمـ.ـا.تها القاسيه ، لتتابع هى قائله بانكسار :
_ انا عمرى ما تمنيت المـ.ـو.ت ، بس انت اللى خلتنى اتمناه !! ولازم تعرف أنى بكرهك !! ســــــامع ؟؟ بكرهــــــــك !!!
قالت الكلمه الاخيره بصراخ وهى تقع على الأرض جالسه تبكى بحرقه واضحه ، شعر بنغزه قويه فى قلبه ، ليجثى على ركبتيه ، وضع يده على طرف ذقنها ليرفع وجهها إليه ، فرأها تبكى اكثر وقد تعالت شهاقتها ، ليخفق قلبه بقوه ، وبحركه غير متوقعه جزبها إليه ليحتضنها بشـ.ـده وهو يشعر بنبضات قلبه تتزايد ، حاولت دفعه ولكن لم تستطع فلقد آبى ذلك !! وبعد دقائق ليست بكثيره ابعدها عنه ، ونظر إلى نظرات راجيه :
_ ياسمين ! انا عارف انى ظلمتك جـ.ـا.مد ! بس انسي اللى فات وحسي بده !!
اشار ناحيه قلبه وقد ترقرقت فى حدقتيه عبـ.ـارات النـ.ـد.م ، قاومها بشـ.ـده !! ولكن ابت الإنصات إليه وانسابت من طرفيه ، وهتف بصوتٍ هادئ يشوبه الحـ.ـز.ن :
_انا دلوقتى بتدmر نفسياً !! متعمليش فيا كده !!
نظرت إليه ياسمين بقسوه واردفت بنبره تحمل القوه :
_طب وايه يعنى !! ايه يعنى لما تدmر نفسياً ؟؟ ما أنت كمان دmرتنى نفسياً !! وكما تدين تدان يا باشا !!
أبتلع عز الدين ريقه بصعوبه ومراره وأغمض عينيه بألــم ثُمّ فتحهما بعد ثوان ، ليهتف بألــم :
_ عندك حق ، كما تدين تدان !
عقب انتهاء من جملته ، نهض من مكانه وتحرك ببطء نحو الخزانه وهو يشعر بأنكسار وخزي ، وأخذ ملابسه التى سيرتديها ، وبعد دقائق .. كان قد انتهى من ارتداء ملابسه ، ليتحرك نحو خارج الغرفه !!
******
بعد مرور ستون دقيقه .. كانت ياسمين جالسه فى غرفتها شارده على ما حدث اليوم ، لكن خرجت من هذا الشرود بسبب استماعها إلى طرقات الباب ، فأذنت بالدخول ، فدخلت سعاد وقالت بجديه :
_ صباح الخير يا هانم
ياسمين بهدوء :
_صباح النور ! ايه فى ايه ؟
_فى انسه مستنيه حضرتك تحت !
ياسمين وهى تقطب حاجبيها :
_مين بظبط ؟
_بتقول انها صديقتك واسمها منى !
ياسمين بلهفه :
_ ايوه دخليها ، وشوفيها تشرب أيه أعقبال ما أغير هدومى !!
خرجت سعاد من الغرفه ، فهبت ياسمين واقفه ، وأتجهت مسرعه نحو الخزانه وفتحتها لترى الكثير من الثياب التى أحضرها عز الدين لها ، فتنهدت تنهيده حاره وامسكت بأحدى الفساتين ذات _ اللون الوردى _ وبدأت بتغير ملابسها !!
*********
_فى شركه عز الدين السيوفى !
_فى المكتب الخاص به !!
كان عز الدين جالساً امام مكتبه وهو يتابع عمله على جهاز حاسوبه الخاص ، ولكن وجد نفسه انه ليس قادر على أستيعاب اى معلومه سواء صغيرة او كبيرة ، فوضع رأسه بين راحتى يده وهو يزفر بخـ.ـنـ.ـق ، وفى نفس الوقت استمع إلى صوت طرقات الباب ، فأذن بالدخول ، لتدخل روان _ السكرتيره الخاصه بمكتبه _ ، فاردف عز الدين بصوت رخيم :
_ ايه خير !
هتفت بنبره رسميه قائله :
_ خير يا مستر ، انا جيت بس عشان ابلغ حضرتك ان فى اجتماع مع شركه النور و ...
نهض عز الدين من مكانه وهو يلتقط هاتفه ليدسه بداخل جيب سترته ، وقد قاطعها بصرامه وهو يتجه نحو باب المكتبه :
_ أجلى اى معاد او أجتماع ، وخليه فى وقت تانى ، لانى مش عايز اقابل حد !
اومأت روان برأسها قائله :
_ حاضر يا مستر !!
خرج عز الدين اولاً وخلفه روان بعد ان اغلقت باب مكتبه ، تحرك نحو خارج الشركه بأكملها ، وتوجه نحو سيارته ليركب منطلقاً إلى مكانه المفضل !!
_ بداخل الشركه !!!!!
خرج إيهاب من مكتبه متوجهاً نحو مكتب رفيقه ، وقبل ان يصل إلى المكتب ، كانت روان قد هتفت بـــ :
_ مستر إيهاب ، الباشا مش موجود جوه !!
استدار إيهاب وتمتم بجديه :
_ امال راح فين ؟؟
هزت زراعيها وهى تقول :
_ معرفش ، هو أمرنى ألغى المواعيد ، ومشى على طول !
إيهاب بفهم :
_تمام ، انا كده عرفت هو راح فين !!
اردف الكلمه الأخيره وهو يتحرك بخطوات شبه راكضه نحو الخارج ، حتى وصل أخيراً إلى سيارته ، ليركب وقد ضغط على دواسه البنزين بقوه لتنطلق السياره نحو المكان المفضل لدى رفيقه !!!
**********
_ فى فيلا الخاصه بعائله السيوفى !!
كانت ياسمين قد جلست مع منى بعد سلاماً حاراً ، وكأنهم لم يروا بعض منذ أعوام ، واخذوا يتحدثون فى أشياء مهمه منها علاقه العشق التى نشأت بينها وبين إيهاب ، وكيف علمت عنوان فيلا زوجها ، لتخبرها الأخيره ، بأنها علمت من إيهاب عنـ.ـد.ما سألته !! ولكن فجأه صاحت منى قائله وهى تضـ.ـر.ب جبينها :
_ اه صح !! انا نسيت اقولك ! انا جبتلك الحاجه اللى انتى عوزاها !!
ياسمين بعدm فهم :
_ حاجه ايه ؟؟
رفعت حاجبها الأيسر للاعلى وهى تقول :
_ حاجه ايه !! الحاجه اللى انتى طلبتى انى اجبهالك لما كنتى فى المستشفى ، ولا نسيتى ؟!
ياسمين وقد تزكرت :
_ اه صح ، طب هاتى الحاجه بسرعه !
منى وهى تعطيها الأشياء :
_خدى !
ياسمين بابتسامه ماكره ووعيد :
_حلو اوى ! نبدأ نشتغل على الخطه الأولى ، وربنا معانا !
**********
ظّل عز الدين جالساً بداخل سيارته وهو مغمض عينيه محاولاً الأسترخاء ، ولكن كانت محاولاته فاشله ، ففتح عينيه ليرى طيفها على مقود القياده وهى تبكى بحرقه ، فاغمض عينيه سريعا ًبو.جـ.ـع ، وفى ذات اللحظه ، كان وصل إيهاب وخرج من سيارته ،استمع عز الدين إلى صوت انغلاق باب السياره ، ففتح عينيه وتهجمت ملامحه إلى قسوة ، وسرعان ما خرج من السياره واغلق بابها بقوه ، ليجد صاحب السياره هو رفيقه الوحيد ، فارتخت ملامحه ، وتمتم باستغراب :
_ إيهاب ! ايه ده اللى جابك !
إيهاب بابتسامه :
_ محبش اسيب صديق عمرى وانا شايفه مخـ.ـنـ.ـوق ، انت واضح عليك الخـ.ـنـ.ـقه من ساعة ما جيت الشركه ! قولى بقى مالك ؟؟
استند عز الدين ظهره على السياره الخاصه به وقال :
_ تعبان ! تعبان اوى يا إيهاب !
نظر له إيهاب بشفقه على حالته تلك ، فاتجه نحوه وربت على كتفه وهتف :
_ انا حاسس بيك ، بس انت غلط ولازم تتحمل العواقب ، وبعدين يا اخى ده احنا مسمينك الذئب ! وادنالك اللقب الذئب علشان قوتك ، دلوقتى انا شايف الضعف مش القوه خالص !!
عز بابتسامه :
_وهفضل الذئب القوى قدام الكل ، حتى يوم ما هضعف مش هضعف قدام اى حد إلا انت وياسمين !!
***********
_ فى المساء !!!!
كان عز الدين جالساً بداخل غرفه الطعام وهو ينتظر وجبه الغداء ، امّا ياسمين فأمرت سعاد بالانصراف والخروج من المطبخ ، وبدأت هى باخراج الأشياء التى جلبتها منى ، وكانت الاشياء هى :
(( زيت خروع __ ملح الانجليزى ))
أمسكت ياسمين بكوب العصير المفضل لدى عز وهو برتقال ، ووضعت فيه الكثير من "" ملح الانجليزى وزيت الخروع "" وامسكت بالمعلقه لتبدأ بتقليب العصير ، وهى تهتف بابتسامه خبث ووعيد :
_ والله لاطلع القديم والجديد ، ومبقاش ياسمين صابر لو مخلتكش تجنن منى !!
↚
عقب انتهاء ياسمين من فعلتها الجنونيه تلك ، صاحت بأسم " سعاد " لتأتى مسرعه فأمرتعا بحمل الأطباق وتحضرها إلى غرفه الطعام ، وصلت ياسمين نحو غرفه الطعام وسحبت أحدى المقاعد لتجلس بهدوء ، وهى ترمق عز الدين بخبث !!
شرعوا فى تناول الطعام وبعد دقائق أمسك عز الدين بكوب العصير وبدأ يرتشف ما بداخله بهدوءٍ تام ، ثوان معدوده وكان قد انتهى من شرب العصير ، فوضع الكوب على المائده ، أخذت ياسمين تتابع حالته بتشويق على ما سيحدث ، فوجدت بالفعل ملامحه قد تهجمت واغمض عينيه بقوه وهو يحاول ان يأخذ نفسٍ ولكن لم يستطع ، فهب واقفاً وحاول ان يسير بثبات وكأن هناك لا شئ يحدث ، وبالفعل نجح فى ذلك ، وعنـ.ـد.ما خرج من الغرفه وابتعد عنها بخطوات ، ركض مسرعاً نحو المِرحاض وأغلق الباب !!!!
بعد دقائق .. خرج عز الدين من المِرحاض وهو يلهث وكأنه كان يركض وقال وقد أحمرت عينيه غـــضــــباً :
_ الحكايه دى أول مّره تحصل ، أكيد فى حاجه غلط !!!
ثُمّ هبط إلى الأسفل بخطوات شبه راكضه وهو يصيح بصوت جهورى ، واحتلت ملامحه القسوه ، اخذ يصيح بأسم سعاد بغـــضــــب هز اركان المكان ، و.جـ.ـعل من فى الفيلا يرتجف خاصهٍ ياسمين ، فأخذت تناجى ربها بأن يمد لها يد العون والمساعده ، فهى تشعر بالذعر من برثانه !!!!!!
امّا سعاد فتحركت مسرعه نحو رب عملها وهتفت بنبره مرتبكه :
_ أيوه يا باشا !
اقترب عز الدين منها بغـــضــــب وهتف بقسوه :
_ هو سؤال واحد وتردى يا " أه " يا " لأ " !
ارتجفت سعاد من نبرته وهتفت :
_ سؤال ايه ؟؟
عز بتأكيد :
_ انا عارف ان أكلك نضيف من زمان ، فهل فى حد دخل المطبخ غيرك النهارده ؟؟!
سعاد وهى تومأ برأسها :
_ ايوه ! ايوه يا باشا ! الهانم دخلت لما أمرتنى احضر الغدا وقالتلى اطلع بره من المطبخ وان نفذت أمرها !
نظر إليها غير مصدقاً ولكن اشتعلت عينيه من فرط الغـــضــــب ، وهتف بصوت جهورى وقد ظهرت عروقه :
_ ياسميــــن !!
ارتجفت ياسمين أكثر وشعرت بالذعر يعتريها ولكن ارتدت القناع عدm الاكتراث ، دخل عز الدين الغرفه وتوجه نحوها ليمسكها من رثغها ، فنظرت إليه لتجد انه قد اظلمت عينيه ، ثُمّ .....
_بقي كده يا ياسمين ! ايه عايزه تعملى زي القط والفار ؟
ياسمين بعند :
_ما هو انا لازم اجننك !!
عز وقد رفع حاجبه الأيمن :
_تجننينى !! ماشى يا ياسمين !! انتى اللى جبتيه لنفسك !!
شعرت بالخــــوف فاردفت بــ :
_ لالالا خلاص أخر مّره !!
عز : اخر مّره ؟؟
اومأت ياسمين بخبث ، ليهتف عز الدين بمكر :
_ خلى بالك لو عملتى غلطه تانيه هيبقى فى عقـ.ـا.ب !! عشان نبقى متفقين يا ياسمينا !
********
_فى اليوم التالى !!!
استيقظت ياسمين من النوم بنشاط لم تشعره منذ أيام كثيره ، هبطت من على الفراش مسرعه متوجه نحو المِرحاض للأغتسال !!
وبعد اربعه عشر دقيقه ... كانت ياسمين قد انتهت من ارتداء ملابسها بعد ان أدت فريضتها بخشوع وامسكت بحقيبه اليد الخاصه بها ، وخرجت من الغرفه هابطه إلى الأسفل لتخرج من الفيلا باكملها !!
اتجهن نحو ( الجراج ) ودخلت لترى سيارتها ، فتذكرت مشهد اختطافها ، أغمضت عينيها بقوه محاوله ان تمحيها ونجحت فى ذلك مؤقتاً ، واتجهت نحو سيارتها بعد ان اخذت المفاتيح السياره بدون علم زوجها ، وركبت لتضغط على دواسه البنزين منطلقه نحو شركه بدران السيوفى !!
دقائق وكانت وصلت ياسمين نحو الشركه وثفت سيارتها وترجلت ، وقد ابتسمت ابتسامه مشرقه ، وعنـ.ـد.ما تخطت إلى الداخل اسرع الموظفين والموظفات إليها وبدأوا يلقون عليها سلاماً حاراً !!
بعد انتهاء من تلك السلامـ.ـا.ت الحاره ، صعدت إلى الأعلى متوجه نحو مكتبها ، رأتها مريم فنهضت مسرعه وعناقتها بشـ.ـده ، ثُمّ .....
_ياسمين حبيبتى ، وحشتينى اوى !!
ياسمين وهى ما زالت تعانقها :
_ وانتى كمان !!!
تراجعت مريم وهتفت بابتسامه :
_انا قلقت عليكى ، انتى مش كنتى واخده اجازه لمده اسبوع ؟؟ ايه اللى خلاكى تغيبى تلات اسابيع ؟!
_بعدين هقولك ، المهم ابعتيلى اى فنجان قهوه !!
_من عينيا يا حبى !
_تسلم عينيكى يا حبيبتى !!
دخلت ياسمين مكتبها وجلست لتبدأ بفتح بعض الأوراق التى كانت على سطح مكتبها ، وبدات بالقراءه !!
_ فى ذات الوقت !!
_ خارج الشركه !!
وصل عز الدين إلى الشركه والده ( بدران السيوفى ) وصف سيارته خلف سياره ياسمين ، وخرج بشموخه ، ولكن وقعت عيناه على سياره ياسمين ، فضيق عينيه وقطب حاجبيه ، قائلاً :
_ يبقى يوم اسود او طلع اللى فدmاغى صح !!
**********
_فى شركه عز الدين السيوفى !!
كان إيهاب جالس بداخل غرفه مكتبه ، وهو يتحدث فى الهاتف مه منى ، ثُمّ ...
_وحشتينى جداً جداً يا منمن !!
منى بدلع :
_ وانت كمان يا روح منمن !
إيهاب بجديه :
_المهم انتى عامله ايه ؟؟
منى :
_الحمدالله ، واخبـ.ـار الهضبه ايه ؟؟
إيهاب بسخريه من ذلك اللقب :
_ الهضبه كويس ، هو بس راح شركه والده ، عشان يطمن على الاوضاع هناك !!
منى بصدmه وخــــوف :
_ أيـــــــــه !!!!
إيهاب باستغراب :
_ ايه ؟؟ فى ايه ؟
منى بذعر :
_ ياسمين راحت الشركه ومن غير ما يعرف !!
جحظت عيناه وهو يهتف :
_ينهار الاى مطلعلوهش شمس !!
**********
_فى شركه بدران السيوفى !!
كانت ياسمين جالسه تقوم بمراجعه الأوراق مجدداً ، ولكن رفعت رأيها عنـ.ـد.ما استمعت صوت با المكتب ينفتح ، فوجدت الذى يدخل هو علاء وعلى وجهه ابتسامه مشرقه وسعيده ، فنهضت ياسمين واتجهت نحوه بابتسامه ، مده يده لكى يصافحها ، فصافحته بابتسامه عـ.ـذ.به !!
_ازيك يا استاذ علاء !!
_ازيك انتى ؟؟ انا مصدقتش لما قلولى انك وصلتى بالسلامه !!
_ليه يعنى ؟؟
_احنا قلقنا عليكى لما غبتى تلات الاسابيع دولة، رغم انى عرفت انك واخده الاجازه لمده اسبوع !
_ لأ متقلقش ، انا كويسه وزى الفل !!
وفى نفس الوقت .. كان عز الدين يخرج من المصعد متوجهاً بخطوات ثابته وقد اشتعلت عينيه كجمرتين من النار وتحرك نحو مكتب السكرتيره وهتف بصوت قوى :
_ياسمين جوه ؟!
ارتعدت ياسمين من نبرته وشعرت ان قدmيها لا تحتمل الوقوف بسبب ملامحه القسوه ، وهتفت :
_ااايوه يا عز باشا ، ومعاها استاذ علاء !!
عز بغـــضــــب :
_كمـــــان !!
ثم اتجه مسرعاً نحو مكتبها وامسك بمقبض الباب وقبل ان يديره ، استمع إلى جمله ذلك الشخص الذى يدعى علاء :
_طب تحبى اقولك نكته !!
_ياريت ، اصل انا وحشنى النكت بتاعتك !
وفى نفس اللحظه اقتحم عز الدين باب المكتب وقد اظلمت عينيه وظهر بريق مخيف وهتف وهو يتوجه نحوهم بثبات :
_لأ بلاش تقول نكته ! سبنى انا اللى اقولها يمكن تعجب الهانم !!!
ياسمين بذعر :
_ ينهار أسود !!
↚
شعر بنيران تشتعل فى قلبه ، عنـ.ـد.ما رأها تضحك مع رجلاً ، تلك الفكره كانت كافيه ان تجعله غاضباً ، بدأت نيران الغيره ترتفع بداخل قلبه وجــــســ ـده ، وظهر هذا بوضوح على وجهه ، فلقد أحمر وجهه كالبركان الحميم ، وظهرت عروقه ، وظهرت الشعيرات الحمراء فى عينيه ، كور يده وشعر انه لو اقترب من ذلك الشخص حتماً سوف يقــ,تــله !!!!
أقترب عز الدين منهما وهتف بصوت كالفحيح وهو ينظر لـ علاء :
_ تعرف ان عز الدين السيوفى مبيحبش حد يقرب من ممتلاكته !
ارتعد علاء وشعر بالخــــوف ، أبتلع ريقه بصعوبه ، وهتف بنبره مرتجفه :
_مش فاهم !!
امسكه عز الدين من تلابيبه ، لتشهق ياسمين بصدmه ، وقد وضعت يداها على فمها لتمنع شهقتها لكن لم تستطع ، امّا عز الدين فقال بنبره جهوريه صارمه :
_ ودينى ما أعبد ، لو لقيتك واقف معاها تانى لاكون دفنك مطرح ما أنت واقف ، سامــــــع ؟!!
علاء بخــــوف :
_ يا باشا هو في أيه بظبط ؟؟
تركه عز الدين وهتف بهدوء مريب ، وهو يتجه نحو الباب :
_ هتعرف !
فتح عز الدين باب المكتب بقوه ، اتفضت ياسمين من مكانها عنـ.ـد.ما انفتح الباب بتلك القوه ، هدر عز الدين لــ مريم بنبره جهوريه وبأسلوب أمر :
_ جمعيلى كل موظف بيشتغل هنا بسرعه وحالاً !
نهضت مريم مسرعه وهى تهتف :
__ حاضر يا مستر !
وبالفعل أسرعت متوجه لتبلغ جميع من يعمل بداخل مقر الشركه ، وأبلغتهم برساله رب عملها ، فأتجهوا جميعهم خلفها ، ومنهم من يشعر بالقلق والخــــوف ، ومنهم من يتسأل ما الذى يريده رب عملهم !
دقائق وكانوا اجتمعوا امام مكتب ياسمين ، فأتجه عز الدين بخطوات شبه راكضه وامسك يدها بقوه متحركاً نحو خارج المكتب ، ووقف امام الموظفين والموظفات ومنهم علاء ، ليهدى بصوت جهورى :
_ ياسمين صابر تبقى مراتى ، مرات عز الدين السيوفى ، ولازم تعرفوا والكلام ده للموظفين ، انى لو شوفت حد منكم لهتكون نهايته على إيدى انا ، وانتوا سمعتوا عنى انى مبرحمش ، وانا مبرحمش خالص لو حد أقرب من حاجه تخصنى ، فاهميــــــن ؟؟
صدm الجميع من ذلك الخبر ومن تلك الحقيقه ، فبدأوا يتهامسون ويتسألون ، ليهدر عز الدين قائلاً :
_ فى حد عنده اعتراض فكل كلمه قولتها ؟؟
هزوا جميعهم رأوسهم بالنفى ، ليقول بغـــضــــب :
_طب اتفضلوا غوروا من وشى ، يالاااا !!
كان مازال ممسك يدها ، فسار بخطوات مسرعه نحو مكتبها ، دخل عز الدين المكتب ليترك يدها وقد صفق باب المكتب بعنف ، وهو موجه أنظاره عليها ، امّا هو فارتجفت وشعرت بالذعر يعتريها من هيئته ، اقترب منها مسرعاً وقد امتلأت عينيه بالشر ، وقبض على ذراعيها وهتف بعصبيه :
_ خارجه البيت من ورايا يا ياسمين ، خارجه علشان تضحكى معاه ، خارجه من غير أذنى ، سرقتى مفاتيح عربيتك وانا نايم ، نزله عشان تقابليه ويقولك نكت !!!
شعرت بألــم شـ.ـديد ، بسبب قبضته القويه ، فهتفت بألــم :
_ آآآآآه ، سيب أيدى !!
عز بعنف :
_ مش هسيبها ، أقيم بالله لو عملتيها تانى ووقفتى مع حد وتضحكى معاه مش هيحصلك طيب ، المفروض انك تضحكيلى أنا مش هو !!!
ياسمين وقد نزلت عبـ.ـارتها :
_ آآآه طب سبنى !! سبنى عشان أعرف اتكلم !! انا مش قادره !! آآآآآه
تركها عز الدين لتنظر إليه وبدأت تضـ.ـر.به بصدره عده مرات قبل ان يجذب يدها إليه يمسكها مانعاً إياها من ضـ.ـر.به ، لتهتف بعنف وقد نزلت عبـ.ـارتها أكثر من ذى قبل !!
_أنا بكرهك ، سبنى فى حالى وطلقنى بقي ! أنت شخص قاسي و....
قاطع حديثها عنـ.ـد.ما قبض على شفتيها بقسوه يسكتها عن أى كلمه أخرى تود ان تقولها ، وضم جــــســ ـدها إليه بقوه !!
أبتعد عنها عنـ.ـد.ما انعدmت انفاسهما ، وألصق جبينه على جبينها ، وقال بصوتٍ شبه لاهث :
_ ليه ؟ ليه يا ياسمين بتعملى فيا كده ؟؟! عاوزه تعقبينى ؟ عـ.ـا.قبينى على أى حاجه ! إلا غيرتى !! غيرتى يعنى الغيره القـ.ـا.تله ، غيرتى صعب حد يتحملها ، صدقينى .. مش هتلاقى حد يحبك زيي !!
أبتعد عنها وهى لا تعلم ماذا حدث لها ، فقد تصلب جــــســ ـدها ، كانت تستمع إلى كلمـ.ـا.ته وهى تشعر بصدقها ، نظر لها مطولاً وكأنه يحفز ملامحها لقلبه وعقله ، رفع يده قليلاً ولمس بشرتها الناعمه ليمسح دmـ.ـو.عها برقه وبرفق ، تحولت يده من قسوه إلى نعومه ، ولكن معاها هى فقط !!!!
عز بنبره راجيه :
_ ياسمين ، انا عمرى ما اترجيت لحد ، أرجوكى مش عايز أشوف دmـ.ـو.عك ، دmـ.ـو.عك دى بتنزل عليا زي السهم على قلبي قبل جـ.ـسمي !!
أغمضت ياسمين عينيها ثم فتحتهما لتقول بصوت يشوبه الحـ.ـز.ن :
_أنا عايزه أروح !
_طب اركبى معايا ، وانا هبعت السواق يبقى يجيب عربيتك ، يالا !
تحركت معه وخرجوا من المكتب بل من مقر الشركه ، متوجهين نحو سيارته وركبوا ، بدأ عز الدين بالقياده قبل أن يقول بداخله بنبره نـ.ـد.م :
_ اه لو أقدر اصلح اللى عملته !
***********
_فى المساء !!!
_فى فيلا الخاصه بعائله السيوفى !!
_فى غرفه عز الدين الدين !
دخل عز الدين غرفته ، ووجه نظره إليها ، فرأها قد غاصت فى نوم عميق ، تنهد بضيق وقبل أن يدخل المِرحاض ، لمح إضاءه هاتفه ، فتوجه بهدوء وأخذ الهاتف ليتحرك نحو خارج الغرفه ، ثُمّ نظر على أسم المتصل ليجد انه والده ، فرد على الفور !
عز الدين بجديه ولكن بابتسامه :
_ ألو .. أيوه يا بابا .. أخبـ.ـارك أيه .. لأ أصل الموبيل كان صامت .. ايه !! جاى بكره ! .. حاضر هبعتلك العربيه بكره على المطار .. تمام .. تيجى بالسلامه ان شاء الله .. طب مع السلامه !
أغلق عز الدين هاتفه ، وعلم ان غداً لن يمر بسهوله ، فغدا هو يوم كشف الحقائق !!
********
_فى صباح يوم التالى !!!
_أمتي هطلقني !
هتفت بها ياسمين بغـــضــــب لعز الدين ، ليتجه نحوها ووقف قابلتها :
_ ياسمين ، شيلى موضوع ده من دmاغك ، طـ.ـلا.ق مش هطلق !
_لأ لازم تطلقني ، لانى مش قادره اعيش مع واحد متوحش زيك . أنا بكرهك ، بكره قسوتك وغــــرورك ، انت طالع لمين ، أبوك مش كده خالص ، وأكيد مامتك اااااا
قاطعها عز الدين وقد قبض على رسغيها بقوه وقد احمرت عينيه غـــضــــباً :
_ أمى !! أمى أيه ؟؟ أنتى تعرفى أيه عنى ؟؟ تعرفى أيه ؟؟ أمى هى اول سبب ، من يوم ما اتولدت وهى مكنتش بتعمل حاجه فى حياتها غير الضـ.ـر.ب وشتيمه من غير سبب ، عارفه ليه ؟؟ لانها مكنتش عيزانى اتولد ، أتجوزت ابويا عشان فلوسه ! حتى لما ابويا طلقها ، أبويا مكنش مهم بيا زى ما كل أب بيهتم بأبنه ، كل اللى همه هو الشغل لكن ابنه مش مهم ، ياما كنت ببقا محتاجهم بس عمرى ما لاقيتهم ، طفل عمره معرف معنى كلمه الحنان ، كان نفسى أجربه اووى ، فضلت ادور على الحنان ده لحد ما تعرفت على (( مايسه )) أفتكرت انها بتحبنى !! بس عمرى ما حسيت انى بحبها ، بس اتخدعت ، اكتشفت انعا بـ.ـنت خالتى ، وأمى بردو الاى كانت بعاتها تضحك عليا عشان ثروتى بردوا ، أكتشفت ده وانا رايح المطعم بالصدفه مع إيهاب ، مت عـ.ـر.فيش انا حسيت بايه وقتها ، لقيت نفسي مغفل وعشان وقتها كنت طيب اتضحك عليا ، بس دلوقتى كلوا بيعملى حساب ، وحاجات كتيير حصلتلى علمتنى القسوه ، حاجات ملعاش عدد ، عايزانى أطلع ايه ؟؟
لا يعلم ان عينيه تحولت من غـــضــــب إلى بكاء ، فقد ترك عبـ.ـارته الحارقه العنان لتنساب على وجهه ، أنتحب وبكى لاول مره بشهيق ولكن مكتوم ، نظرت له ياسمين غير مصدقه ما سمعته ، ترك رسغها ومسح عبـ.ـارته بعنف وهتف :
_ بس لازم تعرفى انى حبيتك ، وعمرى ما حبيت قبلك ولا هحب بعدك !
ثُمّ تركها وخرج من الغرفه مسرعاً ، فلم تتحمل الوقوف فجلست على الفراش ، ودفنت رأسها بين راحتى يده ، وحاله صراع بداخل قلبها !!!!
↚
خرج "عز الدين" من غرفته وهو يشعر بإختناق شـ.ـديد، هبط إلى الأسفل وهو يشعر بالأسى، تمنى وقتها أن يأخذ الله روحه عسى أن يرتاح، وقبل أن يخرج من الڤيلا وجد السواق يفتح الباب الخلفي للسيارة ليخرج "بدران السيوفي" من السيارة، أعتلى على وجهه ابتسامة عنـ.ـد.ما رأى "عز الدين" الذي وقف ثابتًا وكأنه كان ينتظره لتكتمل باقي الحقائق.
أتجه "بدران" نحوه وعانقه ليبادله "عز الدين" بجدية وهتف:
_حمدالله على السلامة يا بابا.
تراجع "بدران" وهتف بابتسامة:
_الله يسلمك، عامل إيه؟؟..
عز بإقتضاب :
_كويس، يالا تعالى أدخل جوه.
دخل "بدران السيوفي" معه وهو يبتسم إبتسامة بسيطة، وفي ذات الوقت كانت "ياسمين" على وشك أيضًا الخروج من الڤيلا لتلحق بـ "عز الدين" ولكن تصلب جــــســ ـدها وبلعت ريقها بصعوبة عنـ.ـد.ما رأت رب عملها ووالد زوجها، أمّا "بدران" فـ تسمر وظّل واقفاً في مكانه غير مصدق، شعر بالسعادة لكون أنها عادت بالسلامة، وظهر ذلك على وجهه ولكن سرعان ما تلاشت السعادة عنـ.ـد.ما أكتشف أنها فب منزله، فهتف بتوجس :
_ ياسمين !!!.. إنتي رجعتى إمتى بالسلامة؟؟.. وإزاي إنتي أعدة في الڤيلا مع عز؟؟..
لم تجد أي إجابه تقولها، ولكن أبعد "عز الدين" عنها الحرج ووقف قبالة والده، وهتف بصوتٍ جاد وبنبرة واثقة لا تخشى:
_ ياسمين مراتي يا بابا.
نظر له بصدmة غير مصدق.. هتف محاولاً الإستيعاب :
_ أنت بتقول إيه؟؟..
_أيوه يا بابا ومش بس كده، أنا إللي خـ.ـطـ.ـفتها وأتجوزتها غـ.ـصـ.ـب عشان أحمي نفسي من القانون.
أحمرت عينيه غـــضــــبًا غير مصدق من تلك الحقائق، رفع يده في الهواء وهوى على وجنته بصفعة قاسية.
صدmت "ياسمين" من تلك الصفعة ووضعت يداها على فمها لتمنع صرختها التي كادت أن تصرخها.
لم يهتز بدنه بل كان على علم أن هذا سيحدث، نظر إليه بوجهٍ خالي من التعبير، هتف "بدران" بغـــضــــب :
_ عمري ما كنت أتصور أنك تعمل كده، أنا معرفتش فعلاً أربيك.
قالها وهو يرفع يده مجدداً للأعلى ليصفعه بقسوة أشـ.ـد من ذي قبل، فـ أقتربت منه "ياسمين" وهتفت بنبره راجية:
_كفاية يا بدران بيه، كفاية أرجوك.
عز الدين بســـخريـــة:
_ هو حضرتك ربتني أصلاً، من وأنا صغير وأنا عايش لوحدي، كل وقتك فشغل، عمرك ما عملتني زي أي أب، أنت مربتنيش عشان تقول أنا أتربيت ولا لأ.
بدران بغـــضــــب :
_ أسمع يا عز، هي كلمة واحدة، لازم تطلقها فورًا.
صدm "عز الدين" من هذا القرار، تحولت عينيه لجمرات من النار بسبب الغـــضــــب الذي بداخله وكاد أن يفقد صوابه بسبب تلك الكلمة القاسية، فهتف بعنف :
_نعم!!.. أطلقها؟!.. ده على جثتي؟؟..
****************
_في مكان ما..
كان هناك شخصاً في منتصف الخمسينات من العمر، وهو يشعر بالضيق، أقترب منه شابًا وهتف :
_ ها يا بابا، عملت إيه؟؟..
الرجل وقد أشتعلت عينيه :
_متقلقش، أنا بعت حد علشان يخلص عليه.
_أيوة كده، هو ده الكلام.
نهض ذلك الرجل وهتف بصوت قاسي وبوعيد:
_ما هو أنا لازم أقــ,تــله، كفاية كان السبب في مـ.ـو.تها.
أستمع إلى رنين هاتفه، فـ أخرجه من جيب بنطاله، ورد على الفور و..
_ألو.. أيوة عملت إيه.. لسه مخرجش.. طب أول ما يخرج تخلص عليه وتكلمني على طول.. سلام.
ثُمّ أظلمت عينيه وهو يهتف :
_هنتقم منك يا إبن السيوفي.
***********
عقب أنتهاء مكالمة معاها، تحرك نحو خارج الشركة وركب سيارته منطلقاً نحو المشفى التي تعمل بها "منى"، وبالفعل بعد دقائق كان وصل أمام المشفى فوجدها واقفة وتنتظره بفارغ الصبر، وما أن رأته أسرعت نحو السيارة وفتحت باب الأمامي لتجلس بجانبه، ثُمّ ضغط على دواسه البنزين بقوة منطلقاً نحو ڤيلا الخاصة بعائلة السيوفي.
_أنا خايفة أوي يا إيهاب، خايفة ليعمل فيها حاجة.
_ متقلقيش يا منى، عز بيحبها جدًا، بس آآ
_بس إيه؟؟..
_مش عارف ليه قلبي مقبوض على عز.
_لأ متخافش إن شاء الله خير.
_ربنا يستر أنا فعلاً مش مرتاح.
*********
_في الڤيلا الخاصة بعائلة السيوفي..
_ لأ يا عز، هطلقها يعني هطلقها.
عز بشراسة :
_وأنا مش هطلقها، قولتلك مش هطلقها.
بدران بغـــضــــب:
_لا هطلقها يا عز، ورجلك فوق رقبتك.
عز بتحدي:
_وأنا مش هطلقها ووريني بقا هتخليني أطلقها إزاي.
ثُمّ غادر مسرعاً من أمامهم، فـ نظرت "ياسمين" لوالد زوجها وهتفت :
_أرجوك أهدى يا أنكل، أنا هاروح عشان ألحقه.
******
في ذات الوقت.. وصل "إيهاب" و"منى"، صف سيارته أمام مدخل الڤيلا، ليخرجا من السيارة متوجهان نحو الداخل.
خرج "عز الدين" من الڤيلا، وكان هناك من ينتظر خروجه وبالفعل عنـ.ـد.ما خرج، بدأ يحقق هدفه، رفع سلاحه وصوبه نحوه، ليطـ.ـلق رصاصه من سلاحه فـ أخترقت صدره بقوة، ليصدر شهقة خافتة للغاية في ألــم، أستمعت "ياسمين" صوت طلقة نارية، فركضت نحوه وقد صرخت بهلع وهتفت :
_ عــــــــــز!!.. لأاااااا.
شاهد "إيهاب" تلك الرصاصة وهي تخترق جــــســ ـده بقوة، فـ تحولت عينيه إلى ذعر، وركض نحوهم وخلفه "منى" وصرخ بـ أسم رفيقه :
_عـــــــــــــز !!
وقفت أمامه مباشرة، حاول أن يتماسك ولكن لم يستطع، فلقد ترك العنان لقدmه حتى يسقط أرضًا بين أحضانها، جثى "إيهاب" على ركبتيه وهو يصـ.ـر.خ بأسمه وأخذ يهزه قائلا بخــــوف :
_عز.. عز.. قوم يا صاحبي.
لم يستمع إليه "عز الدين" بل كان نظره على "ياسمين"، فقد قبض على كفها ورفع يده الأخرى ليمسح دmـ.ـو.عها برفق التي تتساقط بغزارة، وهتف بصوت ضعيف :
_ مش قولتلك بلاش تنزلي دmـ.ـو.عك، عشان بتنزل على قلبى زي السهم.
ياسمين ببكاء:
_ أرجوك أستحمل، أستحمل عشان خاطري.
إيهاب بذعر :
_بلاش كلام يا عز وقاوم لحد ما نوصل المستشفى.
لم يستمع إليه "عز الدين" مرة أخرى وهتف بهمس ضعيف للغاية :
_ بحـبـــــك يا ياسمين.
أغمضت "ياسمين" عينيها وهي تبكي بحرقة، أما هو فـ شعر بثقل كبير على جفنيه فـ أغمض عينيه، وأستسلم لهذا الخدر المغري الذي تسرب إليه ليفقد الوعي تمامًا.
نظر إليه بذعر ولم يقاوم تلك الدmعة الحارة التي فرت من عينيه ليصـ.ـر.خ بفزع:
_عــــــــز !!!
نظرت إليه "ياسمين" غير مصدقة وبدأت تهزه وهي تهتف :
_ عز.. عز.
بدأت تهزه بعنف، وعنـ.ـد.ما رأت دmائه تسيل من حوله، أغمضت عينيها وهي تصرخ صرخة نابعة من قلبها الحزين :
_ لأاااااااااااا
↚
شعرت "ياسمين" بدوار يهاجمها عقب أن أطلقت صرختها تلك التي تهتز لها أركان المكان ولكن تمالكت، أمّا "إيهاب" فتملكه الذعر أكثر من ذي قبل، ثُمَ قال بنبرة مرتجفة :
_ياسمين، ساعديني أن إحنا نشيله لحد العربية، عشان نوديه المستشفى بسرعة!!
قالها "إيهاب" وهو يمسك ذراع "عز الدين" ليضعه خلف عنقه، وكذلك "ياسمين" ليحملوه متجهين نحو سياره الخاصه "بإيهاب".
كانت قوتها ضعيفة للغاية على حمله بسبب عرض وقوة جــــســ ـده ولكن تحاملت على نفسها، وساعدها "إيهاب" على ذلك بسبب قوة بنيته.
وصلوا نحو السيارة، لتفتح "منى" لهم الباب الخلفي، فأدخل "إيهاب" "عز الدين" بحرص وصعدت "ياسمين" بجانبه، و.جـ.ـعلته يتمدد في أحضانها، أسندت رأسه على ساقيها، وأخذت تمسح على جبينه بيد مرتجفة وهي تشهق باكية بقوة حتى أنها لم تشعر بعبـ.ـاراتها التي بللت وجنتيه.
صعد "إيهاب" بالسيارة وجلست "منى" بجانبه، أدار المحرك مسرعًا، ليضغط بعدها على دواسه البنزين بقوه منطلق بسيارته نحو أحدى المستشفيات الراقية.
دقائق ليست كثيرة وكان قد وصلوا إلى المشفى الراقية، ترجل "إيهاب" من السيارة متوجهاً بخطوات راكضة نحو مدخل المشفى ليصـ.ـر.خ بعنف قائلاً لمن بداخل المشفى:
_حد يجي معايا بسرعة.
أسرع الأطباء نحو خارج المشفى وأحدهم يجر ((سريرًا معدنيًا نقالاً)) وبدأوا يحاولون إخراج "عز الدين" من السيارة ونجحوا في ذلك ليضعوه على التروللي ليتحركوا جميع من في الخارج نحو داخل المستشفى قاصدين نحو غرفة العمليات.
تشكل فريق طبي ذو كفأة ومهارة بعد أن أدخلوا المريـ.ـض داخل غرفة العمليات، وأنتظر "إيهاب" و"ياسمين" و"منى" في الخارج، وفي ذات الوقت حضر كبير الأطباء عنـ.ـد.ما علم أن الرجل الأعمال الشهير قد تمت إصابته بطلق ناري، فقرر أن يدخل ويشرف على حالته بنفسه.
أستند "إيهاب" بظهره على الحائط التي بجانب غرفة العمليات، أمّا "ياسمين" فقد توقفت عن البكاء محاولة ان تتماسك وأن لا تظهر ضعفها أمام أحد.
أخذت تتذكر وتسترجع شعورها عنـ.ـد.ما لمس وجنتيها بأنماله الرقيقة ليمسح دmـ.ـو.عها وكلمـ.ـا.ته التي قالها التي بمثابة لها كالسحر الذي يخدر جميع أنتقامها وغـــضــــبها منه، لم تشعر بذلك الحب أبداً إلا في أواخر تلك الأيام، وكأن القدر مازال يريد أن يجعلها تتألــم مجددًا.
**********
كان جالس بداخل غرفته وهو يشعر بحـ.ـز.ن عميق، تذكر مشهد أبنه عنـ.ـد.ما أطلق عليه أحد تلك الرصاصة، لكن لم يستطع أن يراه هكذا، نزلت دmـ.ـو.عه على حياة ابنه، ولكن كان مازال يشعر بالضيق بما فعله، رفع يده للأعلى وهو يناجي ربه بأن يعود وحيدهُ سالمًا عافيًا.
*********
مر الوقت بطيئًا وهو ينتظرون بالخارج، كان "إيهاب" بدأ يشعر بالقلق وهو يسير ذهابًا وإيابًا، ثّم وقف فجأة عن السير وهتف بشراسة:
_آآآه لو أعرف مين إللي عمل فيه كده!!.. وديني وما أعبد لأكون شارب من دmه وأخليه يتمنى المـ.ـو.ت ألف مرة.
خرج كبير الأطباء من غرفة العمليات وهو يزفر أنفاسه براحة، أستدار "إيهاب" مسرعاً ورمقه بنظرات توحي القلق وظهر ذلك في نبرته حينما قال:
_خير يا دكتور؟؟.. عز دلوقتي عامل إيه؟؟..
أقتربت "ياسمين" منهما بخطوات شبه راكضة وهي تشعر بالقلق، فهتف الطبيب وهو يوزع أبصاره على "إيهاب" و"ياسمين" :
_الحمدالله، قدرنا نخرج الرصاصة، هو بقى كويس بس هيحتاج الأيام إللي جايه دي راحة وكل شوية يتغيرله الجـ.ـر.ح، وكمان شوية هيفوق وتقدروا كمان تطمنوا عليه بس لما ننقله غرفة عادية.
وضع "إيهاب" يده على قلبه وهو يتنفس براحة ويده الأخرى على ذراع الطبيب قائلاً بشكر :
_شكراً أوي يا دكتور، الحمدلله.
أمّا "ياسمين" فوضعت يدها على رأسها وهي تشعر بدوار يهاجمها مجدداً ولكن أشـ.ـد، فلم تستطع أن تصمد أكثر من ذلك، وأستسلمت لدوارها لتقع مغشيًا عليها ولكن أمسكتها "منى" وهي تصرخ بفزع :
_ياسمين!!!!
ثُمَ أكملت صراخها بذعر :
_إيهاب، ألحق ياسمين!!..
أقترب منها "إيهاب" مسرعاً ليحملها بحرص بين ذراعيه، وجه نظره لكبير الأطباء وهتف بنبرة قلقة:
_أدخلها أنهي أوضة؟؟..
_ دخلها الاوضة إللي قدامك دي.
تحرك "إيهاب" نحو الداخل ليضعها على الفراش بحرص، ودلف للخارج هو و"منى"، ودخل الطبيب ليقوم بعمله كمهنته الطبية، نظر "إيهاب" لغرفة التي ترقد فيها "ياسمين"، ليقول بنبرة تحمل الأختناق :
_إيه اليوم ده يا ربي.
دقائق بسيطة، وكان يخرج الطبيب من الغرفة، لتسرع "منى" نحوه وخلفها "إيهاب"، وقبل أن يقولوا أي شئ، كان الطبيب قد سبقهم قائلا ًبابتسامة:
_ متقلقوش، هي بس أعصابها تعبت شوية من إللي حصل ومقدرتش تستحمل أكتر من كده، هي كمان شوية وهتفوق.
منى بجدية:
_متشكرين أوي يا دكتور.
الطبيب بجدية:
_على إيه ده واجبي، عن اذنكم.
منى :
_أتفضل.
غادر الطبيب من أمامهم، ليستدير "إيهاب" لـ"منى" وهو ينظر لها براحة قائلاً بحمد :
_الحمدالله، ياسمين كويسة وعز كمان، أنا هروح لعز وأنتي روحي لياسمين.
أومأت "منى" برأسها وأتجهت بخطوات هادئة نحو الداخل، زفر "إيهاب" أنفاسه الحارة، وتحرك بخطوات شبه راكضة نحو غرفة رفيقه، دلف للداخل بهدوء وحذرة وجذب أحد المقاعد البلاستيكية ليجلس وهو يوجه أنظاره على صديقه بنظرات غير مصدقة ما حدث وما يراه الآن، لأول مرة يراه هكذا، لم يخجل ولم يقاوم تلك الدmعة الحارة من النزول، هبطت على وجهه، وهو ينظر لملامحه الباهتة، أهذا هو الذئب الشرس الذي دائماً يراه.
كان وجهه شاحب اللون ولكن كانت ملامحه متهجمه بعض الشئ، عاري الصدر وهناك الكثير من الإبر والاسلاك موصولة على صدره وكفه.
بداخل عقله كان في عالم أخر، رأى شيئاً غريباً، كانت هي جاثية على ركبتيها وهو واقف على هيئه ذئب بعيداً عنها بأمتار قليلة، كانت رافعة ذراعها إليه وكأنها تستغيث به وكأنها تبعث له رساله وتترجاه بأن لا يتركها في هذا العالم المليئ بالقسوة وعدm الراحة والأمان.
كان قلبه ينبض نبضات سريعة، لقد مكثت روحها بداخل قلبه، كان قلبه أيضاً يصـ.ـر.خ صراخاً عنيفاً بأسمها، بدأ يشعر بما حوله، شعر وأستنشق رائحة البنج التي سيطرت على ما يرتديه، شعر بأن هناك من يجلس في الغرفة معه، ولكن عقله وقلبه رفضوا أي شئ، إلا هي.
بدأ يفتح عينيه وأخذ يوزع أنظاره على المكان، نهض "إيهاب" مسرعاً وهتف بابتسامة واسعة:
_عز، أنت فوقت؟؟.. حمدالله على السلامة يا صاحبي.
حدق "عز الدين" بنظرات حائرة ووزع ابصاره للأسفل ليرى ما يرتديه فوجد أنه يرتدى رداء المرضى الطبي، ولكن أقتحم فجأة عقله صورتها، فأتسعت حدقتاه ورفع ظهره بطريقة مفاجئة، ليصـ.ـر.خ بعدها بألــم وهو يصيح بأسمها :
_ ياسمين فيــ آآآآآآه !!!..
قالها بصراخ مليئ بالألــم بسبب شعوره بالوخزات الحادة والعنيفة في صدره، فشعر "إيهاب" بالخــــوف، ووضع ذراعه على ذراع الأخير ليجعله يعتدل في جلسته، وبعدها جلس وقال وهو يربت على ساقيه قائلاً بمزاح :
_ايه يا وحش، كده تخضنا عليك.
أظلمت عينيه قليلاً وهو يسأله وقد تجاهل سلامه:
_ياسمين فين؟؟!..
تنهد "إيهاب" ونظر له بقلق طفيف وقال بهدوء متـ.ـو.تر :
_آآ بص يا عز، لازم تهدا كده و...
صرخ به "عز الدين" بشراسة غير قابلاً حديثه الفارغ وقد شعر بأن هناك خطب ما حدث لها :
_أتكلم يا إيهاب بسرعة، أوعى يكون ياسمين جرالها حاجة؟؟..
أبتلع ريقه بتـ.ـو.تر، وتمتم بهدوء زائف :
_بص هي أعصابها تعبت شوية فأغم عليها، بس أطمن الدكتور قال أنها كويسة جداً.
خفق قلبه بقوة ورفض البقاء هكذا، حاول أنتزاع ما هو على جــــســ ـده من إبر واسلاك طبية، ليذهب فوراً إليها، قيد "إيهاب" حركته ودفعه دفعاً مستخدmاً قواه الجـ.ـسمانية نحو الفراش قائلاً بتوسل :
_ عز، أهدى بقى ومتقلقش هي كويسة والله، أهدى علشان صحتك
حاول "عز الدين" النهوض غير عابئاً بحديثه، ولكن أشتدت عليه الوخزات الحادة، فأصدر شهقه ألــم، أرغمه "إيهاب" بالجلوس وهتف بنبره عتاب :
_يا أخي إنت عنيد كده ليه؟؟.. أهد....
قاطع حديثه عنـ.ـد.ما اقتحمت "ياسمين" و"منى" باب الغرفة، ركضت "ياسمين" نحو "عز الدين" لتحتضنه بشـ.ـدة وهي تذرف بعض الدmـ.ـو.ع بسبب خــــوفها وقلقها، صدm "عز الدين" من فعلتها تلك، ولكن نفض صدmته تلك ليبادلها العناق ببعض من القسوة عسى أن يدخلها قلبه.
أبتسم "إيهاب" بسعادة وهو ينهض من مكانه متابعًا ما يفعلوه، أستنشق "عز الدين" عبيرها بقوة وهو يضمها أكثر ودفن رأسه بداخل عنقها وقد تناسى شعوره بألــم، ولم تقاوم ذلك العناق المليئ بالقسوة، بل شعرت بالــســكــيــنــة والراحة لم تشعرهم منذ أعوام.
أبتعدت وهي تنظر له بابتسامة صغيرة، حدق فيها بعينيها الخضراوتين باشتياق.
نظر "إيهاب" لـ"منى" وهتف بجدية:
_بقولك إيه يا منمن، طبعًا إنتي دكتورة، فممكن بس توصلي الإبر والأسلاك دي تاني.
أومأت "منى" رأسها وبدأت بعمل مهنتها الطبية، وبعد ثوان كانت أنتهت ليمسك "إيهاب" يدها وأتجها معاً نحو خارج الغرفة ليترك لهم بعض الخصوصية.
أمسك "عز الدين" كفها ليرفعه قليلاً وقربه من فمه ليقبلها برقه وببطء، اقشعر بدنها من تلك القبلة وأغمضت عينيها متأثرة، ولكن فتحت عينيها عنـ.ـد.ما شعرت بملمس يده على وجنتيها، قرب وجهها إليها بشـ.ـدة حتى ألصق جبينها بجبينه وهتف بهمس عاذب :
_ ياسمين أنا مستعد أعافر علشانك، أنا عايزك تصدقيني.
هتفت هي الأخرى بهمس :
_أصدقك فإيه؟؟..
عز بصدق نابع من داخل قلبه :
_إني بحبك.
طوقته هي بذراعيها، ليحتضنها الآخر بشـ.ـدة، لتقول بهمس صادق وقد أغمضت جفنيها :
_وأنا كمان بحبك.
↚
أستشاط ذلك الرجل المجهول، فلم يتحقق مراده وخطته، امتلأت عينيه بالشر الدفين، علت أصواته المرتفعة أرجاء غرفة مكتبه وأخذ يطيح بكُل ما أمامه على الأرضية الرخامية ليسقط كل شئ فٌُتاتاً صغيرة، نظر لذلك القـ.ـا.تل المأجور بغـــضــــب وتحرك نحوه ليمسكه من تلابيبه وصرخ به قائلاً :
_يعني إيه معرفتش تخلص عليه؟؟.. يعنى إيه ؟؟..
_يا باشا والله ما أعرف، أنا نفذت إللي قولتلي عليه.
تركه ذلك الشخص المجهول، ثُمَ قام بسحب سلاحه من الحامل الذي يرتديه على كتفه (( حامل السلاح )) وقام بتصويبه في أتجاهه ليطـ.ـلق رصاصه هادره لتُصيب رأسه ليقع على الارض وتمتلئ الأرض بالدmاء، وقال هو بنظرات شيطانية وبنبرة لا تغتفر :
_ دي نتيجة إن محدش يعرف ينفذ إللي أمرته بيه، وبالمّرة أخلص الناس من شرك.
ليقهقه بعدها بشر وقد لمعت عينيه ببريق مخيف، صاح بأسم الحراس الذين يقفوا في الخارج، ليدخلوا مسرعين، فهتف بأمر :
_ خدوا الكـ.ـلـ.ـب ده، ودوه المخبئ إللي تحت الأرض ادفنوه كويس، وأبعتوا حد ينضف الدm ده.
أومأ جميع الحراس رأوسهم بطاعة، لقد أصبح البشر قساه القلب، وتابع هو بتحذير وهو أيضاً يشير بسباته :
_ ومش عايز إبني يعرف وإلا هدفنكوا مطرح ما أنتوا واقفين.
ثُمَ هتف بوعيد :
_ ماشي يا إبن السيوفي، مبقاش رأفت الحديدي لو مخلصتش عليك.
*********
_في المشفى الراقية.
_في غرفة الأستراحة.
_يا بـ.ـنتي حـ.ـر.ام عليكي، نشفتي ريقي، و.جـ.ـعتي قلبي وكبدي، ارحميني بقى، وخليني أكتب كتابي عليكي
هتف بها "إيهاب" لـ"منى" بتوسل ممزوج بالمزاح، قهقهت "منى" بقوة وبضحك على ما يقوله، وهتفت بإصرار ولم تترك ابتسامتها كالعادة:
_أنا قولتلك إيه؟؟.. قولتلك لما ياسمين تبقى كويسة وعز كمان لما يبقى كويس.
حاول أن يتمالك أعصابه ونجح في ذلك وهتف وهو يصر على أسنانه :
_يا بـ.ـنتي حـ.ـر.ام عليكي، إحنا كده هنستنى كتير، أعمل إيه فيكي ؟؟..
منى غير مكترثة :
_ولا تقدر تعمل حاجة، لأنك بتحبني.
إيهاب وهو يهز رأسه بحسرة:
_ودي اخره إللي يحب.
********
لم يستوعب ما قالته للتو، تلك الكلمتين كانت كافيه أن تشفي جميع أوجاعه الجــــســ ـدية والنفسية، أبتعد عنها قليلاً وحدق بعينيها بنظرات غير مصدقة وقال وهو ما زال غير مستوعب :
_أنتي قولتي إيه ؟؟..
حاوطت "ياسمين" عنقه قائله برقة وابتسامة :
_قولت إني بحبك وبمـ.ـو.ت فيك.
جذبها "عز الدين" إلى أحضانه مجدداً وابتسم إبتسامة ساحرهذة وهو يغمض جفنيه براحة، وضعت "ياسمين" رأسها على صدره هي الأخرى وهي تشعر بنبضات قلبه التي تتزايد، غير عابئين بأنهم في لحظة واحدة يمكن أن يدخل طبيب.
انحنى قليلاً برأسه ليقبل جبينها بعمق، وبدأ يمسد على شعرها برفق ونعومة وابتسامته لا تفارق وجهه، ولكن نظر للأمامه بغـــضــــب وهو يفكر من تجرأ وأطلق عليه تلك الرصاصة، هو يعلم أنه لديه أعداء ليس لهم عدد ولكن من فعل ؟!!..
مر يومين على هذا الحدث.. حتّىَ أخيراً كان يخرج من المشفى برفقه "ياسمين" و"إيهاب" و"منى"، توجهوا ناحية سياره الخاصة بـ "إيهاب" ليصعد "عز الدين" بعد أن فتحت له "ياسمين" الباب الخلفي لتجلس بعدها بجانبه، تحرك "إيهاب" وركب هو أيضًا ولكن خلف مقود القيادة و"منى" بجانبه، لينطلق بسيارته متوجهاً نحو ڤيلا الخاصة بعائلة السيوفي.
إيهاب بإبتسامة صافية:
_حمدالله على السلامة يا صاحبي.
عز بجدية :
_الله يسلمك يا إيهاب.
حاوط "عز الدين" "ياسمين" من خصرها لتكون بالقرب منه أكثر، وكأنه يرسل إليها رسالة مؤكده أنها ملكه هو فقط، لتنظر له بخبث وكأنها تبعث له رسالة أيضًا بأنها تعلم هذا.
منى وهي توجه حديثها لـ "عز" :
_عز.. تفتكر مين إللي ضـ.ـر.ب عليك النار ؟!..
عز باقتضاب :
_لسه مش عارف.
إيهاب موجهاً حديثه لـ "ياسمين" :
_ ياسمين، متنسيش إنك تبقي تغيري الجـ.ـر.ح لعز، وأظن منمن حبيبتي قالتلك تعملي إيه بظبط.
ياسمين بجدية:
_متقلقش يا إيهاب.
إيهاب :
_طب يالا انزلوا إحنا وصلنا.
عز بجدية :
_إحنا مش هننزل لوحدنا، أنزل أنت وخطيبتك عشان تتغدوا معانا.
إيهاب بنفب :
_لالا مفيش داعي إحنا هنتغدى فأي حته و..
عز بصرامة :
_إيهاب إنتي عارفني، يالا انزلوا عشان تتغدوا معانا، وأنا وياسمين رايحين لوالدي عشان أصالحه وعُقبال ما أكون خلصت كلامي معاه تكون ركنت العربية في الجراج.
إيهاب :
_هقول إيه ؟؟. حاضر.
فتحت "ياسمين" باب السيارة وترجلت هو وخلفها "عز"، وتوجهوا نحو داخل الڤيلا قاصدين نحو غرفة والده، طرق "عز الدين" الباب بهدوء، ثوان قليلة وكان يفتح "بدران" الباب، كاد "عز" أن يتحدث ولكن تفاجأ بما فعله والده، حيث جذبه إلى أحضانه وهو يضمه بحنان أبوي، إبتسمت "ياسمين" إبتسامة صافية على ما تراه، تراجع "عز" وهو ينظر لوالده بجديه وقال :
_أنا آسف يا بابا على إللي عملته و..
بدران بإبتسامة :
_متكملش، ياسمين كلمتني وقالتلي أنكم حبيتوا بعض وأنا لو لفيت الدنيا مش هلاقي واحدة فأدبها وأخلاقها، إنت تستاهلها لأنك زيها بس من جوه، أنا قولت بس مروحش المستشفى لأني كنت فعلاً مضايق، بس المهم حمدلله على السلامة.
عز بإبتسامة :
الله يسلمك يا بابا، طب أنا هغير هدومي وياسمين كمان عشان نتغدى مع بعض وإيهاب دلوقتي هيجي هو خطيبته يتغدوا معانا.
_ومالوا، أيوه كده خلينا نتلم مع بعض، يالا روح غير هدومك وأنا كمان هغير وبعديها هنزل على طول.
_تمام
تحركا نحو الداخل، وعنـ.ـد.ما دخلا نظر إليها "عز الدين" لها بإبتسامة صغيرة وقال :
_أنا كنت قلقان من مقابلتي مع بابا، بس إنتي بردو إللي لحقتي وخلتيه يسامحني من قبل ما يشوفني، أنا ساعات بحس إني مستهلكيش و..
قاطعته "ياسمين" برجاء :
_أرجوك متقولش كده، أنا سامحتك لما عرفت غلطك.
أقترب منها "عز" وأحتضنها بقوة وهو يهتف برجاء :
_أرجوكي إنتي متسبنيش لأنك لو سبتيني كأنك مـ.ـو.تيني بخنجر، أنا بحبك بجد.
*******
بعد فترة، كانوا جالسين يتحدثون بمرح بعد أن حضرت "سعاد" لهم وجله الغذاء ، وهم يتحدثون هكذا، كان "عز الدين" قد بدأ يشعر بألــم قوي يغزو جـ.ـر.حه، وكأن أحد قد طـــعـــنه، فهب واقفاً وتحرك من أمامهم وصعد على الدرج بخطوات متثاقلة، قطبت "ياسمين" حاجبيها وهي تتابعه بنظرات قلقة، فهتفت "منى" :
_ماله جوزك يا ياسمين ؟؟..
شعر" إيهاب" بالقلق من حالة صديقه، فهبت هي واقفة وهي تهتف في صوت رخيم :
_متقلقوش، أكيد الجـ.ـر.ح و.جـ.ـعه، عن إذنكم.
*******
دلفت هي داخل الغرفة فوجدته جالس على الفراش ويبدو على وجهه أنه يشعر بالألــم، فأقتربت منه "ياسمين" وهتف بقلق :
_مالك يا عز؟؟..
كانت ولأول مره تنطق أسمه منذ أن عرفته، نظر إليها "عز" بألــم وهتف وهو يحاول أن يتمالك :
_مش عارف، الجـ.ـر.ح بيشـ.ـد جـ.ـا.مد.
ياسمين باستيحاء :
_طب أقــلـــع التيشرت وأنا هساعدك.
بدأ "عز الدين" بخلع ملابسه بمساعدة "ياسمين"، وضعت "ياسمين" ملابسه باهمال على الفراش، وقد بدأ يشعر كلاً منهما بدقات قلبهما التي تتزايد، بدأت "ياسمين" بفحص الجـ.ـر.ح، ثُمَ وقفت وجلبت حقيبة الإسعافات الأولية ووضعتها بجانبها على الفراش لتبدأ بتغير الجـ.ـر.ح كما علمتها "منى"، دقائق وكانت قد أنتهت هي واتجهت نحو المِرحاض لتغسل يديها وعنـ.ـد.ما خرجت من المِرحاض أقترب منها ليحاوطها بذراعه القوية عن طريق خصرها، شعرت بالخجل يغمرها وقد توردت وجنتيها بحمرة خجل، أقترب منها "عز" قليلاً وانحنى برأسه ليقبل شفتيها برقة ونعومة لأول مرة بدون قسوة، لا تعلم ما الذي فعلته ولكن شعرت بأنها قد أنفصلت عن العالم بأكمله وأنها تبادله تلك القبلة.
أبتعد عنها "عز الدين" ونظر لها بنظرات عاشقة وهتف بهمس :
_ ت عـ.ـر.في إني أول مرة أسمعك وإنتي بتقولي أسمي
عضت "ياسمين" شفتها بخجل، ليتابع هو بهمس :
_إنتي بتجننيني ليه كل شوية بعينيكي دي؟؟.. عينيكي دي بتنسيني كل حاجة وهي البلسم الوحيد ليا.
إبتسمت له بخجل ولم تعرف بماذا يجب أن تقول له، ولكن قررت الصمت، ليهتف هو بجدية وهو مازال محاوط خصرها :
_أعملي حسابك، في حفلة هنحضرها سوى بكره ؟؟..
ياسمين وهي تقطب حاجبيها بتساؤل :
_حفله إيه؟؟..
عز بغموض :
_ بكره هت عـ.ـر.في.
↚
_في يوم التالي.
_ في ڤيلا الخاصة بعائلة السيوفي.
كانت "ياسمين" جالسة بداخل غرفتها، واقفة أمام المرآة تتأمل نفسها، وتسألت.. أيمكن أن يعشق الذئب؟؟.. وعنـ.ـد.ما يعشق يعشقها هي!!..
في ذات الوقت، كان الباب ينفتح وتدلف تلك السيدة ذو وجهٍ بشوش _جميلة الملامح _ وبعدها دلفت فتيات أخرى، تحدثت السيدة بابتسامة صافية:
_أنتي زوجة مستر عز ؟؟..
أومأت "ياسمين" رأسها بهدوء، لتتحدث إحدى الفتيات قائلة بإنبهار :
_بسم الله ما شاء الله، حضرتك جميلة جداً.
أبتسمت "ياسمين" إبتسامة صغيرة، فـ أتجهت نحوها تلك السيدة و.جـ.ـعلتها تجلس على إحدى المقاعد وتجمع الفتيات حولها لتبدأ رحلتها في وضع مُستحضرات تجميل.
بعد ساعات كانت "ياسمين" قد أنتهت رحلتها في وضع مُستحضرات تجميل، وتأملت هيئتها الفاتنة، أتجهت نحوها إحدى الفتيات وهي تحمل صندوقٍ بلون الأسود، وهي تردف بـ بهدوء :
_ أتفضلي يا هانم، مستر عز بعت ده لحضرتك.
قطبت حاجبيها باستغراب وهي تقول :
_عز !!.. طيب.
ثُمَ أخذت منها الصندوق وقد أنتابها الفضول أن تفتحه، ولكن أنتظرت حتّىَ يخرجو جميعهم، ثوانٍ وكانوا يخرجو من الغرفة، تنهدت "ياسمين" وهي تجلس على الفراش، فتحت هي الصندوق لترى ما بداخله وكان ثوب بمناسبة تلك الحفلة.
كان الثوب عبـ.ـارة عن ثوب ترابيست ضيق من الأعلى وواسع من ناحيه الزيل، أكمامه طويلة وضيقة ولكن شفافة لتظهر ذراعيها، وكان الثوب بلون الأحمر.
نظرت "ياسمين" للثوب بإعجاب وأمسكته لتأخذه معاها ثُمَ دلفت إلى المرحاض.
دقائق بسيطة مرت، وكان "ياسمين" أنتهت من أرتدائه ودلفت إلى الخارج، عادت تتأمل نفسها من جديد، تتأمل هيئتها الفاتنة ذاك الثوب الذي أختاره "عز الدين" بنفسه.
ثوانٍ وقد خرجت من تأملها على صوت طرقات الهادئ على الباب، فأذنت بالدخول وهي تشعر بإستيحاء.
دلف "عز الدين" إلى الداخل ليتسمر مكانه من هول المفاجأة، فكانت تشبه الملاك، ولم يتصور أن يراها فاتنة هكذا، بدأ يقترب منها وهو يشعر بنبضات قلبه تتزايد وهي كذلك، وقف قابلتها ليحاوط خصرها بقوة، وأقترب من أذنها ليقول بهمس :
_ إيه القمر ده.
عضت "ياسمين" شفتيها باستيحاء جلي، وأخذت تنظر له نظرات مرتبكة، ولكن طرق على بالها سؤال، فقالت :
_عز هي الحفلة دي فين ؟؟. وإيه مناسبتها ؟؟..
عز بهمس وهو يجول ببصره على شفتيها تارة وعينيها تارة أخرى :
_ الحفلة فين فإنتي هت عـ.ـر.في دلوقتي، أمّا بالنسبة فعشان عيد الحبّ.
توسعت حدقتيها وهي تهتف :
_إيه !!.. عيد الحُبّ ؟؟..
_ ده أول عيد حُبّ نكون مع بعض فيه، وعُمره ما هيبقى أخر مّره يا ياسمين.
قالها بابتسامة وقد أقترب منها ليخـ.ـطـ.ـف قُبلة سريعة، ليقول بعدها بتذكر :
_ آه صح، أنا نسيت حاجة مهمة.
قطبت حاجبيها باستغراب وقالت بابتسامة صغيرة :
_ حاجة إيه ؟!..
أبتسم لها "عز الدين"، لتتعجب "ياسمين" أكثر، ولكن تلاشى التعجب سريعاً عنـ.ـد.ما شعرت بشيئاً ما يوضعه على جزء وجهها العلوي، لتدرك على الفور أنه.. قناع.
كان القناع من اللون الذهبي على شكل فراشة يتناسب مع اللون الثوب، شعرت بأنفاسه الحارة تلهب عنقها عنـ.ـد.ما ربط القناع، وعقب أن ربطه أبتعد عنها وهو يرمقها بإنبهار، وأخرج من جيب بنطاله القناع الخاص به والذي كان باللون الأسود وقد كان أرتدى حلة رمادية تتناسب مع لون عينيه، نظرت له "ياسمين" بإعجاب، فقرأ "عز الدين" نظراتها لتزداد ابتسامته، أمسك يدها برفق لكي يتحركا نحو خارج الغرفة بل من الڤيلا بأكملها.
بعد مرور ثلاثون دقيقة، كان "عز الدين" قد وصل إلى ڤيلا إحدى رجـ.ـال أعمال المشهورين والذي قام بدعوته للحضور إلى الحفل بمناسبة عيد الحبّ، كان مازال يمسك يدها وعقب أن دخلا الڤيلا قابلهم "إيهاب" و"منى"، ثُمَ..
_إيه يا جماعة اتأخرتوا كده ليه ؟؟..
عز الدين بجدية:
_ لا على فكرة، إحنا جاين في ميعادنا بس عشان إنتوا وصلتوا بدري فحسين بكده !!..
إبهاب بمزاح :
_ شكلنا حلو أوي بل أقنعة إللي لبسانها دي !!..
كان "إيهاب" يرتدي قميصاً باللون الأبيض، أما السترة وبنطاله فـ كانا باللون البني، وقد أرتدى أيضًا قناعاً باللون البني يتناسب مع ملابسه وطع لون عينيه العسلي.
أما "منى" فـ أرتدت ثوب باللون الأبيض، بعد أن احضره "إيهاب" لها، وقد جعلها ترتدي قناعاً باللون الفضي.
عز الدين بجدية أكثر :
_ طب يالا ندخل بدل ما إحنا واقفين كده.
تحركوا نحو الداخل بخطوات ثابتة، بدت نظرات "عز الدين" بانزعاج واضح، عنـ.ـد.ما رأى عين الجالسين لا تفارق زوجته ومعشوقته، تملكه الغيرة والغـــضــــب، ولكن حاول أن لا يظهر هذا لكي يتركها تستمتع بالأجواء ولا يعكر صفو مزاجها.
أقترب منه أحد الرجـ.ـال الأعمال ذو شهره، عرفه "عز الدين" على الفور لتتهجم ملامحه ويصبح وجهه كالذئب كالعادة أمام الجميع.
صافحه ذاك الرجل قائلاً :
_أزيك يا عز باشا، بقالنا كتير متقبلناش.
عز الدين بجدية :
_ خلاص إحنا اتقابلنا أهو.
وجه نظره على تلك الفاتنة التي تقف بجانبه، لينظر لها باعجاب جلي، وظهر ذلك على وجهه، أحتقنت عينى "عز الدين" وبدأت الغيرة تشتعل بداخل قلبه، نظرت له "ياسمين" فشعرت بقساوة ملامحه وعينيه التي تغلب عليها الغيرة والغـــضــــب، حاوط "عز الدين" خصرها بقوة وهو يقول بثبات :
_ أحب أعرفك، مراتي، مدام عز الدين السيوفي.
نظر له باستغراب قائلاً :
_ هو إنت أتجوزت؟؟..
عز الدين بثبات :
_ أيوة، عن أذنك.
بدأت الموسيقى تشتعل بداخل المكان، كانت نظراته كافية بأن يقول من ينظر لمعشوقته أنها ملكه وليست ولن تكون لغيره، أمسك كفها بقسوة فشعرت بأن كفها يسحق بين يده التي تملكته الغيرة القـ.ـا.تلة.
تحرك نحو منتصف القاعة، أرخى "عز الدين" يده قليلاً عنها ولكن لم يتركها، ووضع ذراعه على خصرها، ليتميلان على الألحان الموسيقى بمشاعر واحدة فقط وهي.. العشق.
كانا يتحركان بخطوات ثابتة ومدروسة خاصةً "عز الدين"، كانوا لا يرون أي شئ سوى عينيهم، كان كل منهم ينظر لعيني الآخر بعشق وبتأمل، ذلك العشق الذي أقسم وتعاهد أن يكون أبدي وأن لا يفترق مهما حدث.
أخذ ينظر لها وكأنه يحفز ملامحها لعقله وقلبه، أقترب منها برأسه ليلصق جبينه بجبينها وقد أغمض جفنيه مستمتعاً بتلك اللحظات ويستنشق عطرها الذي يجعله في حالة جنون من العشق.
أغمضت عينيها متأثرة بتلك اللحظات والمشاعر القوية التي لم تتصور في يوم أنها ستشعرها وستعيشها في يوم من الأيام، وأنها ستعشق رجلاً لقبوه بالذئب !!..
كان مازال مغمض جفنيه وهو يقول بهمسٍ عاشق :
_بعشقك.
************
_في الجهة الأخرى..
إيهاب بجدية :
_أسمعي بقى، أنا هتجوزك آخر الأسبوع إللي جاي.
منى بصدmة:
_إيـــه !!!.. لالا أنت مستعجل أوي.
إيهاب بغـ.ـيظ :
_مستعجل إيه يا مفترية، عز واضح عليه أنه زي الفل، وأقسم بالله يا منى، لو متجوزتكيش الأسبوع إللي جاي لأكون خاطفك وأتجوزك فالآخر بس غـ.ـصـ.ـب، إيه رأيك؟؟..
منى بنفي غير مصدقة:
_ مـ.ـجـ.ـنو.ن. "
إيهاب بابتسامة عاشقة:
_آه مـ.ـجـ.ـنو.ن، مـ.ـجـ.ـنو.ن بيكي.
*********
بعد فترة وجيزة كانوا قد عادوا إلى الڤيلا، تحركا نحو غرفتهم ودلفا للداخل، خلع" عز الدين "سترته وبدأ بفك أزرار قميصه ليلقيهم بأهمال على الاريكة وهو موجه نظره نحوها، أقترب منها وهو عاري الصدر، ووقف قابلتها وهو يبتسم إبتسامة صغيرة، لتنظر له بخجل، فبدأ بالحديث قائلاً :
_أنتي عملتي فيا إيه ؟؟.. خلتي واحد قاسي بقى عاشق!!.. ! عملتي فيا إيه يا بـ.ـنت صابر ؟؟.. أنتي دلوقتي عايشة جوه قلبي.
حاوطها "عز الدين" من خصرها وقربها إليه بشـ.ـدة قائلا بصدق :
_ياسمين عايزك ت عـ.ـر.في أن عمري ما هزعلك وإني مش هسيبك وحبي ليكي هيزداد مش هيقل أبدًا
ثُمَ قال بعشق وبثقة لا تُليق إلا به :
_ وهتفضلي طول عُمرك على ذمة ذئب.
قالها وهو يقترب من شفتيها ليقبلها قُبلة حنونة.. معشوقة.. شغوفة، قُبلة مليئة بالمشاعر لا يمكن وصفها بالكلمـ.ـا.ت، أستسلمت "ياسمين" ورفعت يداها لتلمس صدره العريض القاسي، وبعدها رفعت ذراعها أكثر لتحاوط عنقه، علم أنها أستسلمت لـ قلبها ولذلك العشق الأبدي لـ يضمها أكثر إلى صدره وينغمسا معًا في بحور العشق الذي لا نهاية له !!!!..
***************
الذئب..
ذلك اللقب الذي اعطوه له؛ بسبب قسوته وعدm رحمته لأي خطأ سواء كان كبيراً أو صغيراً، أصبح يخشاه الكُل ولا أحد يتجرأ على الوقوف أمامه لأنه يعلم جيداً مصيره القاسي، ولكن دخلت هي عالمه المليئ بالقسوة وعدm المغفرة، هي فقط من ينحنى أمامها، هي فقط من يغار عليها، هي فقط من يطأطأ رأسه أمامها عنـ.ـد.ما يخطأ، هي فقط من تمتلك جميع أسراره، هي فقط من راوضته، هي التي جعلته عاشقاً، أصبح أمام الجميع ذئبٍ شرسٍ ولكن أمامها ذئبٍ عاشقٍ، لذلك جعلها وأصبحت على ذمة ذئب.
(( أنتهاء الفصل الرابع والثلاثون ))
(( أنتهاء الفصل الأخير ))
تمت بحمدالله..
إلى اللقاء في الجزء الثاني..
↚
١-من هو “رأفت الحديدي”؟؟..
٢-ما سر العداوة التي بينه وبين الذئب؟؟.. وما سببهـا؟؟..
٣_ما السر الحقيقي لعدm ذهاب والد الذئب “بدران السيوفي” إلى المشفى أثناء إصابه وحيده بطلق ناري؟؟..
٤_هل ستستمر الحياة السعيدة بين الذئب “عزّ الدين “ومعشوقتـه “ياسمين” ؟؟.. أم ستأتي الرياح بما لا تشتهي السفن؟؟..
٥_هل هُناك ظهور أعداء أخرين لـ “عزّ الدين” ؟؟.. وإن كانت الإجابة “نعم”.. فما هو سر تلك العداوة؟؟.. وكيف سيحققون إنتقامهم؟؟..
٦_هل ستستمر حياة “إيهاب” و”مُنى” بسلامٍ ؟؟.. أم هناك أشخاص يُريدون التخلص من ذلك السلام ويبعثوا بداخل قلوبهم القلق والضيق؟؟..
٧_هل هُناك شخصيات جديدة ستُغير مسار الرواية أم لا؟؟..
**تلك الأجوبة تلتقوها في الجُزء الثاني “بَراثِنُ الذَّئِابُ” من رواية “عَلَى ذِمَّة ذِئَبٌ”.
***********
رواية “بَراثِنُ الذَّئِابُ”
الجُزء الثاني من رواية “عَلَى ذِمَّة ذِئَبٌ”
“الفَصْلُ الأَوَّلُ”
صدح صوت آذان الفجر في جميع أنحاء المنطقة حتى وصل إلى قصره الفخم، تململت “ياسمين” في فراشها، وفتحت عينيها ليظهر لونهما الذي مثل لون الچنة، فركت عينيها وهي تشعر بذلك النشاط الذي يعتريها كالعادة، فهي مازالت شُعلة النشاط كما أطلقوا عليها.
أرتسمت على شفتيها إبتسامة صغيرة فور شعورها بأنه مازال مخلوط خصرها بقوة وكأنه يخشى فقدانها، أستدارت بجــــســ ـدها ورأسها بحرصٍ لتكون قبالته، ومدت يدها نحو وجنته لتلمس ليحته الخفيفة برقة، أطلقت تنهيدة نابعة من قلبها، وهي تتأمل ملامحه التي لا تُزال يبدوا عليها القسوة والشـ.ـدة، أقتربت برأسها نحو وجنتيه لـ تُقبله برقة وحُب مرددة بعشق :
بحبك أوي يا عزّ.
عقب أنتهاء من جملتها تلك، كانت تحرك يدها نحو ذراعه المفتول بالعضلات، وبدأت تهزه قائلة برفق:
_عزّ.. عزّ!!..
شعر بكفي يدها على ذراعه، وأستمع إلى صوتها العـ.ـذ.ب، ظهرت إبتسامة صغيرة على وجهه لكونه أستيقظ على صوتها، ولكن رد عليها وهو مازال مُغمض العينين قائلًا بنعومة :
_أيوة يا حبيبتي.
تمتمت بهدوء قائلة :
_يالا يا عزّ قوم عشان نصلي الفجر سوى.
فتح “عزّ الدين” عينيه عقب أستماعه لجملتها تلك، أتسعت إبتسامته أكثر حينما رأى وجهها الملائكي، أقترب أكثر برأسه وهو ما زال محاوط خصرها، ليطبع قُبلة عميقة على جبينها بث فيها عشقه الجارف لها، ثم أبتعد عنها وهو ينظر لعينيها الخضراوتين بعشق هاتفاً بهمس :
_صباح الخير يا حبيبتي.
ردت عليه بإبتسامة :
_صباح النور يا حبيبي.
تذكرت أمرًا ما وكانت تود إخبـ.ـاره به، ولكن حاولت أن تنفض تلك الأفكار مؤقتاً حيث عضت على شفتها السُفلى بقوة، شعر “عزّ الدين” بتلك الحالة التي بداخلها وأنها تُريدُ أن تقول له أمراً ما، عقد حاجبيه بإستغراب قبل أن يردف بتساؤل وبلهجة جادة :
_في إيه يا ياسمين؟؟.. في حاجة عاوزة تقوليها؟!!..
أومأت “ياسمين” رأسها قبل أن تهتف :
_أنا فعلاً عاوزة أقولك على حاجة؟؟..
زادت دهشته وتعجبه ولكن أظهر العكس تمامًا حيث قال بجدية :
_طب قولي إيه!!.. إللي مانعك؟!!..
إبتسمت إبتسامة باهتة وهي تُجيب :
_مفيش حاجة منعاني، الموضوع تافه أصلاً.
فور أنتهاء من كلمـ.ـا.تها تلك، كانت تبعد ذراعه المحاوط بخصرها، لتهبط من على الفراش وهي تعدل منامتها الحريرية -ذات اللون الأزرق القاتم-، رفع حاجبيه للأعلى بتعجب أشـ.ـد عن ذي قبل، وأعتدل في جلسته ليظهر صدره العاري، ثم قال بصوت أجش :
_طالمًا حاجة إنتي عاوزة تقوليها تبقى مش تافه، قولي إللي إنتي عايزاه وأنا سامعك.
التفتت بجــــســ ـدها نحوه وهي مازالت ترسم على محياها إبتسامة باهتة :
_عادي يا عزّ، أنا بس….
هبط من على فراشه وسار نحوها بخُطوات هادئة تماماً حتى وقف قبالتها، واضعاً كف يديه بداخل جيب بنطاله القطني وهو يقول بخشونة :
_بس إيه؟؟..
رفعت عينيها لتحدق في لون عينيه الجذابة ثم هتفت بتبرم طفيف :
_بصراحة بقى، أنا عيزاك تتعود تصحى معايا في الوقت ده، عشان نصلي مع بعض الفجر.
تقوس فمه بإبتسامة ماكرة وهو يرُد :
_طب أنا كُنت صاحي من قبل ما الأدان يأدن أصلاً، ومن قبل ما تصحي.
هزت رأسها بسُخرية وهي تُجيبه بإستنكار واضح :
_لا والله!!..
رفع حاجه الإيسر وهو يردد بثقة :
_طب تحبي أقولك دليل؟؟..
نظرت له بتحدٍ سافر وهي تقول :
_قول.
رد بإبتسامة ماكرة منتظراً بفارغ الصبر ردة فعلها :
_بدليل أنك قربتي مني وبوستي خدي.
حدقت فيه بصدmة عارمة، غير مصدقة ما قاله، فغرت شفتيها بصدmة وهي تهمهم :
_هااا؟؟..
أتسعت إبتسامته حينما رأى معالم وجهها، زادت ثقته أكثر فتابع بنفس النبرة والإبتسامة :
_آه يا روحي، وبدليل إنك قولتي بحبك إوي يا عزّ.
صمت للحظة قبل أن يكمل :
_تحبي أقولك دليل كمان ولا كفاية كده؟؟..
أتسعت عيناها بصدmة أكثر وهي تتراجع للخلف غير مصدقة ما سمعته، هزت رأسها محاولة التصديق، كانت تظن أنه يمازحها، ولكن كان على علم بكُل شيء، هتفت بتلعثم :
_إنت كُنت صاحي بجد بقى!!..
_أنا عُمري كدبت عليكي يا ياسمين؟؟..
أطرقت رأسها بإستيحاء، ليقترب منها وهو يردد بجدية :
_مكسوفة ليه؟؟..
وقف أمامها ليحاوط خصرها وهو يقربها إلى صدره، مد يده ليرفع ذقنها، فرفعت عينيها قائلة بهدوء :
_مش مكسوفة ولا حاجة؟؟..
تابعت بنظرات راجية :
_بس أبقى صحيني يا عزّ.
هتف بإبتسامة :
_بس كده؟؟.. من عينيا يا قلبي.
أشرق وجهها بطريقة واضحة، حتى بدت كالقمر في لونه، أنحنى بجذعه قليلاً ليضع ذراعه الآخر أسفل رُكبتيها، ليحملها بين ذراعيه، دفنت رأسها بداخل صدره، فهي مازالت تشعر بالخجل منه، سار بشموخ وهو يحملها متجهاً نحو المرحاض، وقف أمام الباب وهو ينظر لوجهها الذي تحول إلى لون الأحمر من فرط الخجل، تمتم بإبتسامة عابثة :
_لسه بتكسفي مني يا ياسمينا؟؟..
لم ترد على سؤاله بل قالت بجدية زائفة :
_من فضلك يا عزّ، نزلني عشان أتوضى.
حرك رأسه بإيماءة خفيفة وعلى وجهه إبتسامة قبل أن ينزلها على الأرض، فور أن لمست قدmيها الأرض الرُخامية الصلبة كانت تفتح الباب على مصراعيهِ لتدلف للداخل ثم أغلقت الباب، زفر أنفاسه الحارة وهو يسير نحو الاريكة لـ يجلس عليها منتظراً خروجها لكي يتوضأ.
بعد فترة ليست بكبيرة.. كان كُلاً منهم أنتهى من التوضأ وبدأ يصلون بخشوع معاً، وهو يناجون ربهم بأن يغفر لهم، وأن يديم الراحة والسعادة والصحة والأمل في الغد.
دقائق.. بدأت “ياسمين” بخلع إسدالها عقب أن أنهت صلاتها وكذلك “عزّ الدين” فقد نزع قميصه.
أقترب منها بخُطوات هادئة، ليحاوطها من الخلف، أبتسمت “ياسمين” على فعلته، وقبل أن تضع زي الصلاة على الاريكة كان يسقط منها.. أغمضت عيناها حينما أنحنى برأسه ناحية عنقها وقد بدأ يُقبله ببُطء، تأثرت بشـ.ـدة من قُبلاته المحمومة التي تسحبها إلى عالم آخر، عالم جديد.. عالم خاص، شعرت أنها ستفقد الوعي من كثرة المشاعر التي أجتاحتها، ألتفتت إليهِ وهي تقول بهمسٍ خافت :
_عزّ.. بلاش!!..
نظر لـ عينيها التي تجعله في حالة أُخرى، تأمل عينيها قبل أن يجذبها من ذراعها ليطبق على شفتيها بشغف حقيقي، قُبلة ليس فيها أي رغبات، بل كانت قُبلة شغوفة معشوقة، حاول أن يبث فيها شوقه وعشقه الجارف لها، وهو يضم جــــســ ـدها بقوة داخل أحضانه يُكاد يكـ.ـسر ضلوعها من كثره القوة.
سحبها إلى عالم خاص، عالم ليس فيه أي نوع من القسوة أو عدm الرحمة، عالم ليس فيه أي نوع من الشر، إنه عالم العشاق.
أبتعد عنها أخيراً ولكن ظل محاوط خصرها، أنحنى بجذعه مرة أخرى ليحملها بين ذراعيه، وسار نحو فراشهم حتى وصل إليه ليضعها عليه برفق وكأنها ماسه، يخشى أن يفقدها.
_حبيبتي.. أفتحي عينيكي.
قالها “عزّ الدين” بإبتسامة، فـ فتحت عينيها ببطء، ليُتابع وهو يخلل أصابع يده بداخل فروة شعرها بعد أن جلس بجانبها :
_أنا عايزك تنامي كويس، لأن النهاردة مش هيبقى أي يوم.
أتسعت إبتسامتها وهي ترد بسعادة وبهجة :
_طبعاً مش أي يوم ولا أي ليلة، أنا فرحانة بجد.
هتف بتأكيد ليقول بعدها بتحذير :
_طبعاً لازم تفرحي وأنا كمان فرحان جداً، بس إنتي لازم تاخدي الحراسة معاكي، ولازم تكوني تحت عينهم عشان أكون مطمن وموبيلك يكون مفتوح.
أجابته بحنق :
_ماشي يا عزّ، رغم أنا بتخـ.ـنـ.ـق لما بيكونوا معايا.
هتف بإبتسامة باهتة :
_معلش يا ياسمين، أنا مضطر أعمل كده لأني خايف عليكي، من ساعة ما أضـ.ـر.بت بالنار وأنا خايف عليكي إنتي، أعدائي كتير، وهما هيحاولوا يوقعوني عن طريقك إنتي.
تنهدت بحرارة قائلة :
_ماشي يا عزّ، يالا نام.
_يالا يا حبيبتي.
أعتدل في جلسته ثم حاوط خصرها بذراعه وقربها من صدره، ليستنشق عبيرها الذي أصبح مدmناً به، أغمض عينيه وكذلك هي، دقائق ليست بكثيرة وكانا قد ذهبا إلى نوماً عميقاً.
************
أسدل الليل ستائره السوداء، وقد ظهر القمر كاملاً، وتلألأت النجوم في السماء السوداء، أشتعل حفل زفاف الخاص بـ “إيهاب” و”مُنى”، شعر “إيهاب” بسعادة لا توصف، عقب تحقيق حلمه، فقد أرغمه “عزّ الدين” بعدm بدأ أعمال ترتيب حفل زفاف لكي يفعل هو حفلة كبيرة يعلن فيها عن زواجه المُفاجئ بـ “ياسمين”، وبعد مرور أسبوعين كاملين.. بدأ أخيرًا في إجراءات ترتيب حفل زفافه، فذلك اليوم الذي طالمًا حلم بهِ كثيرًا.
دخل “عزّ الدين” و”ياسمين” قاعة الحفل بخُطوات ثابتة واثقة، تحركت عدسات المصورين صوبه لتلتقط بعض الصور التي سيتم نشرها في الجرائد والمجلات، تحركا صوب أصحاب تلك الليلة وعلى ثغر “عزّ الدين” إبتسامة صغيرة ولكن وصلت لعينيهِ، أحتضنت “ياسمين” صديقتها بقوة وهي تهمس لها بمدى سعادتها على زواجها من شخص يعشقها، أحتضن “عزّ الدين” رفيق عُمره وهو يربت على ظهره بشـ.ـدة، أخذ يهنئ لهُ ولها بكلمـ.ـا.تٍ بسيطة صغيرة، وأخذ يعبر عن مدى إشتياقه أن يرى هذا اليوم، ألتقط بعض من الصحفيين عدة صور فوتوغرافية لهم، فهم على دراية كاملة أن تلك الصور والموضوع سينشر بسُرعة البرق، خاصةً لقد تزايد عدد الفتيات المعجبات به، بعد نشر العديد من الصور توضح مدى رومانسيتهم.
حاوط “عزّ الدين” خصر “ياسمين” وهو يُسير بثقة صوب الطاولة الخاصة بهم، والتي في الصف الأول، جلست بهدوء وكذلك هو وهو يتأمل المكان بعيناه الحادتان، إبتسمت “ياسمين” إبتسامة صادقة وهي ترى صديقة عُمرها جالسة برفقة حبيبها وعلى وجهها السعادة، تذكرت تلك الليلة التي كان بها حفلة كبيرة راقية، فقد كان قرر “عزّ الدين” أن يفعل تلك الحفلة ليعلن عن زواجه منها، توسعت إبتسامتها أكثر وقد لمعت عينيها بوميض الفرحة، ألتفت برأسه ليراها تبتسم وشاردة في ذات الوقت، لم يشعر بنفسه إلا وهو يتأملها بعينين عاشقة، يراها أجمل إمرأة في الكون، رفع حاجبيه للأعلى مبدياً إعجابه الشـ.ـديد على ثوبها الأبيض.
خرج من تأمله حينما أستمع إلى صوت “إيهاب” يخترق المكان، وبجواره زوجته التي تشعر بالخجل والتعجب الشـ.ـديد على ما يفعله، نظر “إيهاب” للمعازيم بإبتسامة جانبية وهو يُردف بـ :
_مبدئياً عاوز أشكر كُل شخص جه الفرح.
صمت للحظة قبل أن يُشير نحو رفيقه :
_ثانياً عاوز أشكر صاحبي الوحيد وأخويا عزّ الدين السيوفي على كل حاجة حلوة عاملها لياا.
إبتسم “عزّ الدين” وهو يهز رأسه بإيماءة خفيفة، هتف بصوتٍ عميق وهو ينظر إلى وجهها الخجول بينما الجميع ينتظر ما سيقوله بشغف :
_في ناس كتير نفسها تعرف علاقتي مع مُنى وصلت لـ كده إزاي؟؟.. مُنى هي أول حب وأكيد آخر حب، أنا علاقتي بيها أحلى من الحب بكتير أوي، علاقة معرفش ليها أي مُسمى، بس بحب أكلمها كُل شوية وبحكيلها كل حاجة عني وبتحصلي عشان أنا حابب ده، كلامي معاها بيفرحني جداً، من وقت ما دخلت حياتي وأنا مش عاوز أكلم غيرها، خدت كل الأدوار إللي في حياتي، عرفتها وقابلتها صُدفة والحقيقة دي أحلى صُدفة في حياتي.. بحبك يا مُنى.
قال أواخر كلمـ.ـا.ته وهو يلتفت نحوها، رفع كفي يدها الصغير ليُقبله بنعومة قائلاً :
_وبقولك للمرة تانية قدام الكل إني بعشقك، مش بحبك وبس يا أحلى صُدفة في حياتي.
لمعت عيناها بالدmـ.ـو.ع ليحتضنها بقوة وهو يشعر بـ السعادة والراحة لأنها أصبحت له شرعاً وقانوناً، صفق الجميع بحرارة وهم يتابعون تلك الرومانسية الجامحة وكأنهم يشاهدون مشهد سينمائي.
نهض “عزّ الدين” من مكانه ليمد يده نحوها، نظرت له بإبتسامة عـ.ـذ.بة وهي تمسك بكفي يده لتنهض من مكانها متوجهين صوب ساحة الرقص.
صدحت أغنية رومانسية باللغة الإنجليزية، أحاط خصرها ببُطء، ووضع يداها على كتفه مُقربًا إياها منه، أقترب منها أكثر حتى أصبحت مُلتصقة بهِ، أخذ يتميلان بخفة وهم يتأملان حالهم، أصبح العشق يجرى في عروقهم وجــــســ ـدهم، تأمل قسمـ.ـا.ت وجهها الهادئة، ثم دفن وجهه عند رقبتها بينما أنفه تبحث بشوق عن رائحتها التي تذيب ثوران روحه لتشعل به ثورة من نوع آخر.
بعد دقيقتين، أبتعد عنها ولكن أسند جبينه على جبينها، أستنشقت رائحة عطّرة التي تعشقها بجنون لا مثيل له، تشعر بأن أعصابها تهدأ.. وتلقائياً وبدون إرادةً منها حينما تستنشقها تشعر بسلام داخلي، ظلا هكذا على تلك الوضعية ونظراتهم هي التي تتحدث بدلاً من ألسنتهم، ليتحدث بصدق نابع من قلبه النابض بعشق :
_بحبك يا بـ.ـنت صابر.
ردت بثقة :
_أنا أكتر يا ذئب!!
رفع حاجبيه للأعلى وهو يقول بمكر :
_أممم ،ذئب!!.. يعني مُعترفة إني ذئب؟؟..
أجابته بثقة أعلى عن ذي قبل :
_من اللحظة إللي شوفتك فيها وأنا مُعترفة أنك ذئب يا ذئب يا مكار!!!..
إبتسم إبتسامة جانبية وهو يقول :
_من ناحية إني مكار فـ أنا مكار جدًّا، فوق ماإنتي تتصوري.
تمتمت بتهكم :
_إنت هتقولي!!..
قبَّل جبينها بنعومة هاتفاً بـ :
_بس ماعدا إنتي يا قلب ذئب.
قهقهت بضحك ثم قالت بعيون لامعة :
_ربنا يخليك ليا يا عزّ.
رد بإبتسامة :
_ويخليكي ليا يا أجمل حاجة في حياتي.
أغمضت عيناها بإبتسامة صغيرة، ليعود “عزّ الدين” يسند جبينه على جبينها وهو يستنشق عبيرها الذي يعشقه بشـ.ـدة.
↚
أسدلت الشمس ستائرها البُرتقالية على المكان، لم يكُن صباحاً عادياً بالنسبة لها، أستيقظت “مُنى” من نومها بتثاقل شـ.ـديد وجــــســ ـد مُرهق للغاية، فتحت عينيها بهدوء، وهي توزع نظراتها على شكل الغُرفة، تذكرت تلك الليلة التي قضتها بين أحضانه، وضعت أصابع يدها على شفتيها تتحسس آثار شعورها التي مازالت عالقة بها، أغمضت عيناها وهي تتنهد بعُمق، عادت تفتحهما لتبحث بلهفة عن قميص، وجدت قميصه القطني ذات اللون الكحلي، فـ أخذته وأرتدته بسُرعة البرق، أنتفضت في جلستها حينما وجدته يخرج من المرحاض، وشهقت بخفوت حينما وجدته عاري الصدر، نظر لها بأعين مُتفحصة حتى قرأ بهما الخجل الشـ.ـديد، بينما أشاحت “مُنى” بوجهها للجهه الأُخرى وقد أشتعلت وجنتيها بحُمرة خجل، أقترب منها ثم جلس على الفراش أمامها، نظرت لهُ بخجل، فـ هتف بإبتسامة عابثة وهو يغمز لها بنصف عين مُداعباً إياها :
_إيه يا جميل، مكسوفة مني ولا إيه؟؟..
لم ترُدَّ عليهِ بل أخفضت عينيها فـ تابع بهمسٍ رقيق :
_مُنمُن..
تلك المرة أجابته بعد أن أخفضت رأسها وهي ترُد :
_نعم؟؟..
أقترب منها قليلاً ليقول بـ أرق إبتسامة :
_ت عـ.ـر.في أن قميصي حلو أوي عليكي؟!!..
رفعت رأسها لتقول بإبتسامة واسعة وهي تنظر للقميص :
_بجد؟؟.. خلاص هاخُد شوية قُمصان من عندك.
نظر لها بإستنكار قائلاً :
_إزاي يعني؟؟..
نظرت له بعبوس قائلة :
_خلاص مش عايزة.
نظر لها بإبتسامة حائرة :
_لو هيريحك إنك تلبسي شوية من قمصاني يبقـ….
قاطعته بإبتسامتها المعهودة :
_ياسيدي أنا كنت بهزر.
قهقه بقوة وبضحك ليقول بعدها وهو يقترب منها :
_طب مُمكن طلب؟
نظرت لهُ في شئ من الإهتمام :
_طلب إيه؟؟..
هتف وهو يعلق بصره على شفتيها :
_عاوز شوية عسل منك.
لم يمهلها لحظة واحدة للتفكير أو الإستيعاب، بل قاطعها بـ قُبلته المحمومة التي أطبق عليها بها، لمس بأصابعه أطراف أذنها ونحرها بنعومة وهو يبث لها شوقه، أستسلمت لـ قُبلاته العاشقة وخللت بأصابع يدها بداخل فروة شعره الكثيفة، لـ ينغمسا معاً بداخل بحور العشق.
************
_إيــــــــــــــــــه ده يا عزّ!!!..
قالتها “ياسمين” بذهول وهي تعبث بهاتفها، توسعت عيناها أكثر وهي تشاهد الصور التي تم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي أهمها [الفيسبوك..و.. Instagram]، ســـار “عزّ الدين” نحوها بقلق وهو يعقد رابطه عنقه، ووقف قبالتها ثم تساءل بتعجب طفيف :
_إيه؟؟.. في إيه؟؟.. مش فاهم!!..
مدت يدها المُمسكة بهاتفها فـ ألتقطه ببساطة ثم بدأ يرى الصور بدقة وبعدها بدأ يقرأ الكلمـ.ـا.ت المكتوبة فوق الصور، رفع حاجبيهِ للأعلى وهو يتمتم :
_إيه ده صحيح؟؟..
هتفت بدهشة :
_دول ناشرين صورنا أنا وإنت لما كُنا في الفرح إمبـ.ـارح، وكاتبين فينا شعر وكلمـ.ـا.ت توضح مدى رومانسية إللي كُنا فيها.
قال بسُخرية وهو يناولها الهاتف :
_ومش بس كده، دول مصورني على غفلة وأنا عمال أتأمل فيكي.
مطت شفتيها للجانب وهي تقول بتبرم :
_وياريتها جت على أد كده، إنت مشوفتش كمية الـ Comments [تعليقات] البنات الموجودة على الـ Posts [منشورات]، دول كاتبين فيك شعر وكلام يجنن، وواحدة كاتبة الشرع حلل أربعة.
رمقتــــه بغـ.ـيظ وهي تُضيف :
_وأظن إنت فاهم.
قهقه بضحكة عالية على كلمـ.ـا.تها الحانقة من الموقف، فقد قرأ الغيرة في عينيها، جلس أمامها على الفراش ثم أمسك كفي يدها قائلاً بصوتٍ عميق وهو ينظر نحو عينيها مُباشرةً :
_ياسمين، أولاً.. مفيش حد يملي عيني غيرك إنتي وبس، حُطي تحت الجُملة دي مليون خط، ثانياً.. خلي واحدة تقول الكلام ده فـ وشي، هوريها وشي التاني على طول.
شهقت بخــــوف وهي تقول :
_لأ يا حـ.ـر.ام دي هتترعـ.ـب.
أجابها بضحك :
_هي إللي جابته لنفسها يا ياسمينا.
ضحكت بخفوت لـ يُتابع بإبتسامة جانبية :
_وخلي الناس تنشر الصور براحتها عشان مصر كُلها تعرف إني بعشقك.
إبتسمت بـ حُب وعيناها تلتمعان تأثراً من كلمـ.ـا.ته، أمسكت برأسه براحتي يدها لتضمها بداخل أحضانها، ومسحت على شعره بلُطف، بينما هو مُحيطاً خصرها بـ ذراعيهِ ودافناً رأسه في صدرها كالطفل الذي في حُضن أمه، ظلت تمسح على شعره بحنوٍ مُثير، فـ زاد شعوره بالإسترخاء، لم يذق أي نوع من الحنان، مُنذ الصغر ولكن الآن يعيش ويختبر الشعور، إنه شعور خاص وجديد عليهِ، أغمض جفنيه براحة بينما هي تلمس بأصابعها فروة شعره الكثيف، بعد فترة أبعد رأسه عن أحضانها، فـ أقتربت برأسها نحو جبينه لتطبع قُبلة رقيقة، قبل أن تهتف بهمس :
_يالا يا حبيبي عشان تلحق شُغلك.
إبتسم لها بدفئ وهو يربت على كفها قائلاً بهمسٍ :
_لو أحتجتي حاجة كلميني، وأنا هبقى أكلمك كُل شوية.
أجابته بعينيها بإبتسامة صغيرة عـ.ـذ.بة، نهض من مكانه متوجهاً نحو الخارج، تنهدت بعُمق وهي تنظر ناحيته، بعد خروجه قالت بدعاء :
_ربنا يقدرني وأعوضك يا عزّ زي ما إنت بتعوضني.
************
ترجلت من سيارة الأجرة بعد أن أعطته عدة أوراق نقدية، تحركت نحو داخل مقر الشركة بخُطوات هادئة وهي تتأكد من تعديل حجابها، حياها بعض الموظفين والموظفات فـ بادلتهم التحية بتهذيب، دخلت مكتبها ثم جلست على مقعدها لـ تبدأ بـ عملها.
بعد نصف ساعة، أستدعاها ربَّ عملها “عزّ الدين السيوفي” فـ هبت واقفة من مكانها وولجت للخارج بخُطوات سريعة، قرعت على باب مكتبه، فـ أستمعت إلى صوته الحـاد وهو يأذن بالدخول، خطت للداخل بخطى هادئة، ثم وقفت أمام مكتبه وهي تُحيه في شئ من التـ.ـو.تر :
_صباح الخير يا مستر عزّ.
رفع رأسه نحوها ثم ترك القلم الذي كان يمسكه قائلاً بهدوءٍ حـاد :
_صباح النور، أظن إنتي عارفة أن مستر إيهاب خد أجازة عشان شهر العسل.
هزت رأسها ووميض البهجة في عينيها قائلة :
_أيوة يا فنـ.ـد.م، يارب يبقى شهر عسل سعيد عليهم.
حرك رأسه بخفة مُرددًا :
_إن شاء الله.
عاد إلى هدوئه الحاد وهو يُردف بـ :
_بما إنه هيسافر، عاوزك تهتمي بالشُغل الفترة دي، لحد ما مستر إيهاب يرجع بالسلامة.
أجابته بإبتسامة هادئة :
_حاضر يا مستر عزّ.
أشار بيده وهو ينظر على جهاز حاسوبه :
_طيب تمام أتفضلي يالا على شُغلك.
لم تتحرك من مكانها بل ظلت واقفة وهي تعض على شفتيها بتـ.ـو.تر بالغ مترددة في إخبـ.ـاره، شعر “عزّ الدين” بعدm ذهابها كما أمرها، فـ عاد يرفع بصره الحاد نحوها وهو ينطق بخشونة :
_في إيه يا أستاذة روان؟؟..
بلعت ريقها بصعوبة قبل أن تقول بنبرة شبه جادة :
_كان في أوراق ومُستندات محتاجة إمضتك من إمبـ.ـارح، بس حضرتك كنت في الفرح، فـ مجتش الشركة، تحب أجيب الأوراق والمُستندات دي إمتى؟؟..
أشار بإصبعيه وهو يتمتم :
_هاتيهم دلوقتي، بس قبل ما تجبيهم خلي محمد يعملي القهوة بتاعتي.
إبتسمت إبتسامة صافية مرددة :
_تمام يا مستر عزّ، عن إذنك.
_أتفضلي.
تحركت نحو الخارج وهي تزفر أنفاسها الحارة، وأوصدت الباب خلفها، رمقها “عزّ الدين” بترقب حتى خرجت من مكتبه ليعود بقراءة الرسائل الواردة له على جهاز حاسوبه الشخصي.
*************
“روان محمود” شابة في مُنتصف العقد الثالث من عُمرها، طيبة القلب، وتتمتع بصفات ليست موجودة الآن، توفى والدها مُنذ عشر أعوام، أما والدتها فـ توفت مُنذ ثلاث سنوات، تتميز بالبشرة البيضاء والعيون باللون البُني القاتم، أما عن شعرها الأسود تخفيه أسفل حجابها، تعمل سكرتيرة في شركة “عزّ الدين السيوفي” مُنذ عدة سنوات.
*************
في ڤيلا “رأفت الحديدي”، وقف بشموخ أمام مكتبه يفكر ويخطط، يشعر بأن النار التي بداخله تشتعل أكثر كُل يوم.. في كُل ساعة.. في كُل لحظة.. حينما يتذكر فشل خطته، أغمض عينيه بقوة وهو يشعر بالغـــضــــب الشـ.ـديد أتجاه نفسه، دخل إبنه الوحيد حجرة المكتب ليجد والده يعتصر جفنيه بعُنف، زفر بإختناق ثم سار نحوه وهو يتمتم بضيق :
_في إيه يا بابا، ما كفاية بقى، كفاية أنك تشغل دmاغك بالجدع ده!!..
فتح جفنيهِ ليتطلع عليه بغـــضــــب قائلاً :
_أفنـ.ـد.م ؟؟.. إزاي؟؟.. إنت فاهم إنت بتقول إيه يا طائف ؟؟!!..
تنهد “طائف” بضيق وهو يُردف بصرامة :
_شوف يا بابا، المرة إللي فاتت وافقتك على الخطة وأنا قلبي مقبوض، ولما فشلت الخطة على رغم إني أضايقت إلا إني فرحت لأن دي كارثة، والدنيا هتقلب علينا لو عرفوا.
صمت للحظة قبل أن يكمل بـ :
_الموضوع ده في خطورة كبيرة على حياتنا، وبعدين ده ربنا بيحبنا عشان حمانا من الموضوع ده.
هدر فيه بصوت جهوري :
_في إيــــــــــــــــــه يا طائف؟؟.. أتغيرت كده ليه؟؟.. وبعدين إنت معايا ولا معاه؟؟..
أظلمت عيناه بقسوة وهو يقول :
_أنا مش معاه إنت عارف ده كويس، ثانياً إحنا مش عاوزين مشاكل، كفاية إللي إحنا فيه!!..
صرخ بعصبية قائلاً :
_ماهوو كل ده بسببه، المشاكل دي كلها بسببه هو، بسبب الـ…….!!..
كز على أسنانه بقوة محاولاً أن يتمالك أعصابه الثائرة ليقول بعدها بصوت حاد كالسيف :
_آخره الموضوع ده وحش، كفاية وخلينا في حالنا بقى!!..
رمق نجله بنظرات نارية وهو يهتف بغـــضــــب جامح :
_طـــائف، أنا علمتك وربيتك على قسوة القلب، وعلى القوة، وعلى أننا لازم ناخُد حقنا من أي شخص غلط فينا حتى لو كان رئيس الجمهورية ذات نفسهُ.
أشتعلت عينيه كجمرتين من النار من شـ.ـدة الغـــضــــب، لم ينبث ببـ.ـنت شفة، وقبل أن يتحدث الأخير بغـــضــــبه كان يصدح صوت رنين هاتفه المحمول معلناً إتصال، ألتقطه من على سطح المكتب، ثم نظر نحو إبنه الوحيد ليغمغم بإقتضاب :
_ده منصور، هرُد عليه وهخرج بعديها، بس أبقى تعالى على مكتبي عشان هقولك على الخطة الجديدة.
نظر له بإستنكار واضح، ورمقه بنظرةً أخيرة ذات مغزى ثم ولج خارج الحجرة، وهو يضع كفي يديه بداخل جيب بنطاله الأسود، بينما الأخير ضغط على زر الرد ليُجيب على المُتصل، وعقله لم يتوقف عن التفكير في خطته الشيطانية.
************
“طائف رأفت الحديدي” شاب في أوائل العقد الرابع من عُمره، يتميز بالعيون السوداء كالظلام الدامس، والشعر الأسود، وبالبشرة البيضاء، عُرف عنه القسوة بسبب وجهه المُتهجم وعيناه الحادة، ولكن بداخل قلبه بقعة بيضاء كبيرة، نصف قلبه مليئ بالظلام، هو الإبن الوحيد لـ “رأفت الحديدي”، يعمل مع والده في شركاته.
*************
تلألأت النجوم في السماء، بعد أن أسدل الليل ستائره السوداء، خرج “عزّ الدين” من المرحاض، وهو عاري الصدر ثم بدأ يجفف شعره وجهه، ترك المنشفة على الأريكة بإهمال ليجد معشوقتهُ تنظر له بإبتسامتها الدافئة، أرتسمت على محياه إبتسامة جذابة وهو يتحرك نحوها حتى جلس أمامها على الفراش، ثم أمسك بيدها الصغيرة ليُقبله بنعومة، عاد ينظر لها بإبتسامته وهو يلمس بشرها البيضاء بيده الأخرى برقة، هتف بخفوت :
_عامله إيه النهاردة؟؟..
هزت رأسها قائلة :
_الحمدلله.
سألها من جديد:
_عملتي إيه من غيري؟؟..
ردت بملل :
_كان يوم مُمل أوي يا عزّ.
طأطأ رأسه ليقول في شئ من الضيق :
_معلش يا ياسمين، بس الشُغل واخد من وقتي جـ.ـا.مد، وخصوصاً الفترة دي، بعد ما إيهاب سافر.
سألته بإهتمام :
_هما هيسافروا إمتى؟؟..
رد بجدية :
_بكرا إن شاء الله.
نهضت “ياسمين” من مكانها وهي تقول:
_طب كويس أوي، بقولك إيه.. أنا نازلة دلوقتي أقولهم يحضروا الأكل عشان أنا جعانة.
أجاب بهدوء:
_وأنا كمان جعان جداً، أنا هاروح ألبس التيشرت وهحصلك على طول.
_طيب يا حبيبي.
قالتها وهي تومئ برأسها، ودلفت خارج الغُرفة، بينما تحرك “عزّ الدين” نحو خزانته ليسحب قميص قطني باللون الأبيض ثم أرتداه بهدوء، تحركت “ياسمين” نحو المطبخ ولكن قبل أن تدخل، كان تصلب جــــســ ـدها حينما أستمعت إلى تلك الكلمـ.ـا.ت من كبيرة الخدm، شهقت بألــم ثم أغمضت عينيها بحُزن وهي تستمع إلى تلك الحقيقة، عادت تفتحهما لتدخل عليهم على حين غرة بخُطوات ثابتة، نظرت لـ “سُعاد” بجدية وهي تنطق بـ :
_سُعاد، تعالي هنـا!!..
************
دخل “طائف” مكتب والده بعد أن تعدت الساعة العاشرة مساءً، وقف أمام مكتب والده الذي كان يجلس بإسترخاء وعلى وجهه إبتسامة متلذذة وهو يفكر إذا نجحت خطته، رمقه “رأفت” بتعجب ثم رفع حاجبيهِ للأعلى قائلاً بدهشة :
_أقعد يا طائف، إنت واقف ليه؟؟..
جلس بهدوء وهو ينفخ بضيق، هتف الأخير بإبتسامة مليئة بالظلام :
_عندي خطة هتكـ.ـسر عز الدين، وتعرفه مين إحنا.
سأله بإهتمام :
_إيه الخطة؟؟..
هتف بحماسٍ :
_وصلتلي معلومـ.ـا.ت أن هو دخل في صفقة كبيرة مع شركة فرنسية كبيرة أوي، الصفقة دي داخل فيها بفلوس ومبالغ ضخمة، لأنها صفقة مضمونة، المطلوب دلوقتي إننا نخسره الصفقة دي
تسائل بجدية :
_وده هيحصل إزاي؟؟..
أجاب في شئ من الضيق:
_إحنا لازم نسرق الورق.
عقد حاجبيهِ بجمود قائلاً :
_طب وده هيتعمل إزاي؟؟..
أجاب وهو يشير بإصبعيه :
_السكرتيرة بتاعته، أسمها روان محمود، عايشة لوحدها، هنطلب منها أنها تسرق الورق ده.
هتف بتهكم :
_يا سلام!!.. طب إحنا إيه إللي يضمنا أنها هتوافق، وبعدين هنقابلها إزاي ونطلب منها الطلب ده؟؟..
هب واقفاً من مكانه ليُجيب بإبتسامته الشيطانية وعيون مليئة بالظلام وعدm الرحمة :
_هنخـ.ـطـ.ـفها!!!…
**************
↚
حدق به بذهول، أتسعت عيناه في صدmة كبيرة واضحة، عبس وجهه بشـ.ـدة وتشنجت ملامحه بطريقة سيئة، أظلمت عيناه بطريقة قاسية بعد أن أستوعب كلمـ.ـا.ت أبيه، هب واقفاً ثائراً من مكانه وهو ينطق بـ بصوتٍ عالٍ غاضب :
_نعــــــــم!!!.. نخـ.ـطـ.ـفها؟؟.. نخـ.ـطـ.ـفها إزاي يعني؟؟..
عقد ساعديهِ أمام صدره قبل أن يقول بحزم :
_زي ما سمعت يا طائف.
هدر فيه بصوتٍ غاضب :
_وإيه ذنبها؟؟.. إيه ذنب البـ.ـنت الغلبانة دي؟؟.. عايز تدخلها اللعبة دي!!.. لعبة هي مش أدها وملهاش ذنب أنها تدخلها.
صرخ “رأفت” فيه بعصبية :
_إحنا لازم نخسره الصفقة دي، لازم نخسره بأي طريقة أو بأي شكل من الأشكال، عشان النار إللي جوايا تبقى رمـــاد، إنت مش حاسس بـ ده، لأني أنا إللي تعبت عقبال ما عملت إللي أنا كنت محتاجه، وهو جه بسلامته ضيعهم ومش بس كده لأ!!.. ده كان مُتعمد!!.. كان قـــــــاصد!!!..
لم يبالي بكلمـ.ـا.ت والده، حيثُ قال بإصرار :
_أسمع يا بابا، أعمل إللي إنت عاوزه غير أنك تدخل البـ.ـنت دي اللعبة، لأنها مالهاش ذنب في إللي عملهُ عزّ الدين السيوفي، عن إذنك.
أتجه بخطوات سريعة نحو خارج حُجرة مكتب والده، في حين ضغط هو بكُل قوة على شفتيه محاولاً أن ينفث غـــضــــبه الذي يعتريه أتجاه نجله، رمقه بغـ.ـيظ شـ.ـديد، لا يعلم ماذا سيفعل عنـ.ـد.ما يمـ.ـو.ت، من الواضح أنه لن يحقق ما أنجزه في الأعمال الغير مشروعة في السنوات الأخيرة، ألقى بنفسه على المقعد الجلدي وهو يقول :
_واضح يا طائف إنك هتضيع كل المجهود إللي عملته في السنين إللي فاتت، مش عارف إنت طالع لمين؟؟..
صمت لدقيقة واحدة قبل أن يقول وعلى وجهه علامـ.ـا.ت الشر:
_بس أنا بردو هنفذ إللي فدmاغي.
قالها بشر دفين، ثم أمسك هاتفه المحمول الثمين الذي كان على سطح مكتبه، عبث فيه وهو يضيق عينيه، ضغط على زر الإتصال ثم وضع الهاتف على أذنه، وأنتظر الرد للحظات معدودة حتى أجابه الأخير مرددًا:
_أيوة يا باشا؟؟..
هتف “رأفت” بصيغة آمره :
_أسمع.. نفذ إللي أمرتك بيه النهاردة الصُبح، هتنفذ بُكرا بليل بعد ما تخرج من الشركة.
إبتسم الأخير مُجيبًا بحماس :
_متقلقش يا باشا، بكرا هتلاقيها عندك.
رد عليه بعبوس :
_ماشي، سلام.
ثم أغلق الهاتف بدون أن يسمع إلى رده، ألقى هاتفه بإهمال على سطح مكتبه، ثم قال بهمسٍ مليئ بالشر الدفين :
_هنتقم منك يا عزّ يا إبن بدران السيوفي، هنتقم منك عشان تعرف مين هو رأفت الحديدي.
************
تحركت “سُعاد” نحوها بخُطوات بطيئة هادئة، كانت عينيها مُنتفخة من أثر البُكاء، وقفت أمامها وهي تسحب نفساً عميقاً لتستطيع التحدث، هتفت بصوتٍ مُتحشرج :
_أيوة يا ياسمين هانم.
نظرت لها بتبرم قائلة :
_أنا سمعت كل حاجة.
حدقت فيها بذهول لتتابع “ياسمين” في نغمة عتاب :
_ليه مقولتليش يا سُعاد؟؟.. كنتي لازم تقوليلي!!..
هتفت “سُعاد” بنبرة حزينة والأقرب للبُكاء :
_أتكسفت، ومحبتش أقولك ولا أقول لـ عزّ باشا عشان مُمكن تفهموني غلط.
قالت “ياسمين” بصوتٍ مُحتد :
_يعني بـ.ـنتك محتاجة تعمل عملية زي دي ومحتاجة مبلغ كبير عشان تعمل العملية وإلا هيبقى في خطورة على حياتها وتقولي أنا كنت قلقانة، كنتي لازم تقوليلي أنا أو عزّ.
طأطأت رأسها لتُضيف “ياسمين” بإبتسامة هادئة :
_مـ.ـا.تقلقيش يا سُعاد، أنا هكلم عز في الموضوع ده وأكيد هيوافق.
_طبعاً هوافق!!!..
شهقت “ياسمين” بخضة ،في حين أنتفضت “سُعاد” على أثر صوته القوي الحازم، أقترب ناحيتهم بخطوات ثابتة حتى وقف بشموخ، هتف “عزّ الدين” بنبرة هادئة ورزانة :
_شوفي يا سُعاد، إنتي من يوم ما أشتغلتي كبيرة الخدm وإنتي كويسة وأمينة وصادقة معانا.
صمت للحظة قبل أن يُشير بإصبعيه :
_بكرا إن شاء الله تروحي مُستشفى الـ……. ، المُستشفى دي أنا دايماً بتعامل معاها، روحي هناك وأتفقي معاهم على ميعاد عملية بـ.ـنتك، وأنا هدفع التكاليف العملية وهبلغم بـ ده، وإن شاء الله تقوم بالسلامة.
أنهمرت دmـ.ـو.عها بغزارة عاجزة عن الشُكر أو عن نطق بأي كلمة توضح مدى سعادتها، ربتت “ياسمين” على كفها برفق قائلة :
_يالا روحي لبـ.ـنتك، ومتشليش هم حاجة، كل إللي تقوليه يارب.
هزت رأسها ووميض البهجة والإمتنان في عينيها، حاوط “عزّ الدين” خصر “ياسمين” ثم تحركوا نحو الخارج، جلس “عزّ الدين” على الاريكة وبجواره معشوقتهُ ليغمغم بشرود :
_عارفة يا ياسمين، كان نفسي يبقى عندي أم تخاف عليا، يوم ما أكون تعبان تسهر جنبي لحد ما أبقى كويس، أقعد أكلمها عن إللي مضايقني، نقعد نضحك مع بعض ونهزر، بس للأسف مكنتش عيزاني، كانت بتكرهني أوي، لدرجة أن كان نفسها تعمل عملية إجهاض لولا أبويا منعها.
أمسكت بكفي يده قائلة بإبتسامة صغيرة :
_ربنا هيعوضك يا عز، أكيد هيعوضك.
هز رأسه إيجابياً وهو يتمتم :
_هو عوضني فعلاً.
ثم نظر نحو عينيها مباشرةً قائلاً بإبتسامة عاشقة :
_عوضني بيكي، بيكي إنتي يا ياسمين، إنتي كل حاجة حلوة في حياتي، أمي وأختي وحبيبتي وصاحبتي، إنتي أهم إنسانة في حياتي.
أرتمت بداخل أحضانه وهي تهتف بعيون لامعة من الدmـ.ـو.ع :
_وأنا كمان يا عزّ بعتبرك كل حاجة حلوة في حياتي، أخويا وصديقي وأبويا وحبيبي أنا بحبك أوي والله.
قبَّل شعرها بنعومة وهو يُجيبها :
_أنا أكتر يا قلبي.
أبتعدت عن أحضانه وهي تقول :
_طيب قوم يالا صحي باباك عشان ياكل معانا.
رد وهو ينهض من مكانه :
_ماشي يا حبيبتي.
عقب أن قالها كان يتجه نحو الدرج ليصعد عليه متوجهاً نحو غرفة والده، بينما أتجهت “ياسمين” نحو غُرفة الطعام مُنتظرة نزولهم.
************
في مساء يوم جديد، كانت تُسير ذهاباً وإياباً بتـ.ـو.تر، فقد تعدت الساعة العاشرة مساءً ولم يصل حتى الآن، خاصةً حينما حاولت الإتصال به وجدت هاتفه مغلق أو غير متاح، عضت على شفتها السفلى بقلق فهذه ليست عادته، أستدارت بلهفة حينما شعرت بفتح باب الغُرفة، دخل “عزّ الدين” بخطوات مرهقة، أقترب منها ليُقبَّل جبينها بإبتسامة مرهقة صغيرة مرددًا :
_مساء الخير يا حبيبتي.
نظرت له بضيق مرددة :
_مساء النور، إيه يا عزّ.. كنت فين؟؟.. وإيه إللي آخرك كده؟؟..
رمقها بنظرة طويلة وهو يخلع سترته ليلقيها بإهمال على الفراش، بعد صمت طويل رد بنظرات غامضة ولكن بإبتسامة صغيرة عاشقة :
_كان نفسي أفرحك، وأعبرلك عن حُبي ليكي، وأقولك أن مفيش واحدة هتخـ.ـطـ.ـف قلبي وعقلي تاني، فـ ملقتش غير الطريقة دي!!..
تنغض جبينها بعدm فهم قائلة :
_أنا مش فاهمة حاجة، طريقة إيه؟؟…
بدأ بفك أزرار قميصه الأسود حتى نزعه أخيراً وألقاه على الفراش، وضع كفي يديه بداخل جيب بنطاله هاتفاً بصوت جاد وهو يُشير بعينيه نحو صدره ناحية موضع قلبه :
_ده!!..
أتسعت عيناها من هول ما رأته، لمعت عيناها بالدmـ.ـو.ع وهي تحاول الاستيعاب، وضعت يدها على فمها غير مُصدقة، تقدmت نحوه وهي تهز رأسها بصدmة لتقول بصوت متحشرج :
_إيــــــــــــه ده!!!.. ده وشــــــــم!!!..
************
وصلت “روان” إلى منطقتها، عقب أنتهائها من عملها في الشركة، أخذت تُسير بهدوء وذهنها مشغول عن حياتها، تحركت نحو الشارع الضيق لأنه أكثر أمناً، وقف ذلك الشخص يستعد لتنفيذ الأمر الذي جأهه، والذي أضطر إلى أرتجالها من أجل المال، تحرك نحوها بخُطوات حذرة كالذئب خلفها بعد أن تأكد من عدm وجود مارة هنا أو هناك، وقف خلفها وبدون إنذار كان يشل حركتها بشماله وباليمنى كمم فمها بقطعة قماشية تحوي مـ.ـخـ.ـد.راً قوياً، حاولت إبعاد قبضته ولكن فشلت خاصةً حينما بدأت عيناها تتشوش، شعرت بالظلام يُحطيها من كل مكان.. من كل جهه، تراخت قدmاها لتقع مغشياً عليها.
*************
↚
أقتربت منه ببطء وهي تحدق فيه بنظراتها الصادmة على ذلك الوشـم، كان إسمها هو المكتوب بلغة الإنجليزية، رفعت أصابع يدها نحو الوشم لتلمسه بعدm تصديق، أغــــرورقت عيناها بالدmـ.ـو.ع، شعرت بجنون عشقه الجارف، رفعت عيناها الدامعة لتنظر له وهي تهز رأسها بذهول، غمغمت بصدmة :
_ليه يا عزّ ؟؟.. ليه عملت الوشم ده؟!!.. أنا عارفة إنك بتحبني بجد، ماكنش في داعي خالص إنك….
أحتضن وجهها براحتي يده، وهو يقاطعها بخفوت :
_هُششش، أنا عارف إنك حاسه وواثقة من حُبي ليكي، بس دي علامة حُبي الأبدي.
أغمض عينيهِ بضيق مرددًا:
_إنتي مش متصورة أنا حاسس بإيه كل ما أفتكر إني في يوم من الأيام لما مديت إيدي عليكي، مش متصورة إحساسي عامل إزاي لما أفتكر أنا السبب في نزول دmـ.ـو.عك قبل كده، أنا نفسي أنسيكي الأيام دي.
تساقطت دmـ.ـو.عها مغمغمة :
_هي صحيح أيام صعبة بس أنا قربت أنساها وإنت كان ليك عُذر، وعشان كده سامحتك.
حاوط خصرها بنعومة بذراعيه ليحتضنها بقوة وهو يتمتم بهمسٍ :
_آسف، آسف يا قلبي.
هتف آخر كلمة ليطبع قُبلة صغيرة على عنقها، أبتعد عنها ليحدق في عينيها الخضراوتين وهو يتشـ.ـدق بـ:
_أنا أجبرتك تتجوزيني، بس لازم ت عـ.ـر.في إنك ملكي، أوعي تبعدي عني، وإلا يبقى أتحكم عليا بالمـ.ـو.ت.
أضاف بهمسٍ خطير :
_بحبك، بحبك يا ياسمين.
ختم آخر حرف بقُبلة لشفتاها المنفرجة أمامه، إلتهم شفتاها بعشق..بنعومة.. وهو يحيطها برفق، بعدها بدأ يقُبَّل وجهها ببطء ليعود يلتهم شفتاها بعشق أكبر، لمساته الخبيرة كانت تؤثر فيها، فـ أستسلمت تماماً، لتبدأ ليلة عاشقة سيتم تسجيلها في عالم العشق الخاص بهم.
************
تأوهت بألــم وهي تحرك رأسها للجانبين، شعرت بصداع عنيف يقتحم رأسها، ظلت تصدر تأوهات خافتة مُتلاحقة تنطلق من صدرها، شعرت بـ الآلم الشـ.ـديد يضغط حول معصميها، حاولت فتح عيناها مراراً حتى أستطاعت بعد مُعاناه، فتحت عينيها بتثاقل شـ.ـديد، حاولت التعرف على مكان وجودها ولكن فشلت في ذلك حيث كانت الرؤية مشوشة من أثر المُخدر وأدى ذلك إلى تداخل كل الصور وأمتزاجها بشكل مُزعج، بعد دقائق كثيرة فتحت عيناها تماماً، شهقت بقوة وأزدادت ضـ.ـر.بات قلبها برعُب بعد أن تذكرت كل شئ.
أطلقت صرخة قوية مليئة بالهلع، أغمضت عينيها وهي تشـ.ـد بيديها بقوة وبجنون، شهقت للمرة الثانية حينما وجدت الباب على مصراعيه، دخل شخص في مُنتصف الخمسينات بخطى ثابتة متوجهاً نحوها وخلفه ثلاثة من رجـ.ـاله، أشار لأحد رجـ.ـاله الذي لبى رغبته وأحضر له مقعداً ليجلس عليه قبالتها، جلس بهدوء ووضع ساقاً على الأُخرى، إبتسم بخُبث مُتلذذًا وهو يرى الرعُب في حدقتيها، أردف بإبتسامة ماكرة :
_مـ.ـا.تخفيش يا حلوة.
نظر له في شئ من الحدة مُتسائلة :
_إنت مين؟؟.. وعاوز مني إيه؟؟..
أجابها بإبتسامة بـ.ـاردة :
_أنا مين فـ ده مش مُهم، إنما عاوز إيه؟؟.. فـ أنا جايبك عشان أنا عاوز أعمل معاكي صفقة، أنا هكسب فيها وإنتي كمان هتكسبي.
نظرت له بريبة وهي تتسائل:
_صفقة إيه؟!..
رد بجدية :
_عزّ الدين السيوفي داخل على صفقة بمبالغ ضخمة، كل إللي مطلوب منك إني عاوز منك الملف ده، وهاديكي خمسين ألف جنية، هَـاا قولتي إيه؟؟..
هزت رأسها نفسياً بصدmة قائلة :
_مُستحيل، مُستحيل أعمل كده!!.. دي خيانة.
زفر زفيراً حاراً وهو يتمتم :
_لو خايفة من الذئب فـ أنا بقولك مـ.ـا.تخفيش، أنا هحميكي منه!!..
صاحت بغـــضــــب :
_أنا مش رافضه عشانه، دي خيانة، وأنا لا يُمكن أخون، وإنت مش هتشتريني حتى لو بكنوز الدُنيا.
هب واقفاً من مكانه ثائراً ليرمقها بقسوة قائلاً :
_لو منفذتيش أُقسم بالله لأوريكي يوم أسود.
صرخت “روان” فيه مرددة :
_ده على جُثتي إني أعمل كده.
أقترب منها أكثر ثم جذبها من حجابها، لينزعه بوحشية، فظهر شعرها الأسود، صرخت بجنون من تلك الحركة، هدرت بإنفعال جلي :
_لأ.. إلا الحجاب!!!.. هاتوا.. بقولك هاتوا!!!..
جذبها من شعرها بقوة لتصرخ صرخةً بسيطة وهو يُردف بصوت فحيح كالافعى :
_أومال لو سيبت الرجـ.ـا.لة عليكي هتعملي إيه ؟؟..
نظرت له بغل وهي تقول دون تفكير :
_تبقي حـ.ـيو.ان ومش راجـ.ـل!!!…
ترك شعرها وبدون مُقدmـ.ـا.ت صفعها بقسوة على وجنتيها، صرخت بألــم حارق وقبل أن تنظر إليه كان يصفعها مرة أخرى بعُنف، وجــــســ ـده يشتعل من الغـــضــــب، رفعت رأسها على الفراش من شـ.ـدة القوة، هتف بصوت جهوري :
_أنا هاسيبك تفكري في إللي قولته لحد بُكرا، وإلا قسماً بالله لأسيب الرجـ.ـا.لة عليكي عشان ت عـ.ـر.في إحنا مين!!.. وبنعمل إيه فإللي مش بينفذ أوامرنا.
إنتهى من حديثه ليتجه مُسرعـًا نحو باب الغُرفة وخلفه رجـ.ـالته، أغلق الباب بإحكام وأمر أثنين منهم بالوقوف لمُتابعتها، بينما صرخت بأعلى صوت لديها مرددة :
_لأ، لأ يارب، أرجوك أحميني، أحميني يارب، أنا ماليش غيرك في الدنيا دي، أحميني يارب منهم.
***************
بعد مرور ساعة، عاد “طائف” إلى القصر، سار بخُطوات هادئة وهو ينظر حوله بنظرات شاملة، أنتبه إلى وجود أثنين من رجـ.ـاله أبيه يقفان أمام غُرفة تم إغلاقها لسنوات طويلة، تحرك نحوهما وهو يدس يديه بداخل جيب بنطاله، وقف قبالتهم ليسألهم بخشونة :
_واقفين هنا ليه؟؟..
أجاب أحدهم بإحترام :
_دي أوامر الباشا الكبير.
أستمع إلى صوت بكاء أحدهم بالداخل، فـ ضيق عيناه مُتسائلاً بتوجس :
_هو في حد جوا.
أجاب الرجل الثاني في هدوء :
_أيوة يا باشا جبنا البـ.ـنت بناء على أوامر رأفت باشا.
وكأن دلواً مُثلجاً سقط على رأسه جعله مُتجمدًا في مكانه للحظات، رمش بعينيه عدة مرات يجتهد للإستيعاب، نطق بهدوء مريب:
_تمام يا رجـ.ـاله، عفارم عليكوا، ليكوا مُكافأة كبيرة أوي عندي.
رد أحدهم بحماس:
_ربنا يخليك يا باشا.
نطق بعملية شـ.ـديدة :
_طيب أدوني المفاتيح عشان أدخلها وأقعد أتفاهم معاها بطريقتي الخاصة، لأني كده كده مش جايلي نوم وشوفوا إنتوا هتعملوا إيه؟؟..
هزوا رأوسهم بإحترام وطاعة، أخرج الرجل الثاني سلسلة مفاتيح وأعطاها له، فٓـ أخذها منه ثم أشار لهم بيده بالإنصراف.
أنتظر على أحر من الجمر إنصرفهم نهائياً من المكان، ألتفت نحو باب الغرفة ليفتح بابها في شئ من القلق الطفيف.
أنتفضت من مكانها لتجد شاب في أوائل الثلاثينات عريض المنكبين.. طويل القامة.. يتجه نحوها، صرخت فيه برعُب :
_هتعمل إيه؟؟.. متقربش مني؟!..
أقترب منها وهو يردد بهدوء زائف محاولاً بث الطمأنينة بداخلها :
_أهدي أنا مش هعملك حاجة.
صرخت ببكاء مرددة بتشنج:
_أنا قولتلك مش هخون الأمانة وإلا على جُثتي.
تنهد بعمق وظل ينظر لها لثواني معدودة قبل أن يقترب منها ببطء حتى وصل إلى الفراش الصغير، أنحنى للأسفل جاذباً سلسالاً مدنياً طويلاً ثم أمسك بالقفل الموصود ووضع المفتاح بداخله ليحررها، بينما أخذت تنظر له بخــــوف حتى أنتهى من عمله، أمسك يدها ليجذبها إليه مردداً بصيغة آمره :
_تعالي معايا.
سارت خلفه وهو ما زال يمسك يدها، أصابها الدوار ومع سُرعة الُخطوات أنكبت على وجهها على الأرضية المليئة بالغبـ.ـار والأتربة، أصدرت شهقة ألــم وهي تشعر بألالام حارقة تغزو جــــســ ـدها أنحنى بجــــســ ـده مردداً بخفوت حاد :
_قومي معايا يالا قبل ما حد يجي.
هتفت بضعف :
_أنا عايزة الطرحة بتاعتي.
بحث ببصره في أنحاء الغرفة ليجد حجابها ملقي على الأرض، فـ أسرع بخطاه نحوه وأخذه ثم عاد إليها وهو يتشـ.ـدق بـ :
_يالا.
نهضت من مكانها ليمسك يدها بقوة وهو يخرج من الغُرفة، أغلق الباب بحذر ليعتقد الجميع بوجودها، بينما هي أخذت منه الحجاب لترتديه بلهفة، أتجهوا معاً نحو خارج القصر عن طريق باب جانبي في القصر، وبعد خروجهم أمرها بالركض معه فـ أمتثلت لأوامره، توقفا عن الركض حينما وصلا إل سيارته فـ أستقلت المقعد بجواره بينما هو دار حول السيارة ليستقل مقعد القيادة، ضغط على دواسة البنزين مُنطلقاً نحو إحدى الأماكن.
*************
كانت “ياسمين” تتسطح جوار “عزّ الدين” تستمع إلى نبضات قلبه العاشقة التي تنطق بإسمها، ألتفتت برأسها لتجده شارد الذهن، ينظر أمامه بشرود، تنهدت بحرارة وهي تسأله برقة:
_مالك يا عزّ؟؟.. شكلك بتفكر في حاجة!؟..
ألتفت برأسها ناحيتها وهي يُجيبها:
_فعلاً، الشخص إللي ضـ.ـر.ب عليا نار ده طالمًا عرف إني مامـ.ـو.تش يبقى أكيد هيكررها تاني.
هتفت بخــــوف :
_قصدك إيه؟؟.. ممكن يحاول يقــ,تــلك مرة تانية، طب ليه؟؟..
أجابها بجدية :
_زي ما أنا قولتلك أعدائي كتير، بس أنا شاكك في واحد من ساعة ما أضـ.ـر.بت بالنار.
سألته بقلق:
_مين هو؟؟..
رد بعينين ظالمتين :
_رأفت الحديدي!!…
**************
_أقف، أقف بقولك!!!..
صرخت بها “روان” لـ “طائف” بصوت غاضب، ضغط على فرامل السيَّارة بصورة مُفاجئة، أستدار بجــــســ ـده ورأسه نحوها وهو ينظر لها بملامح مُتهجمة وقبل أن ينطق بأي حرف كانت تترجل من السيارة لتركض إلى أي طريق تقابله فكان الذي يحتل تركيزها الآن هو الهروب، هروب من براثن الذئاب.
بينما خرج من السيارة صافقاً بابها بقوة ليركض خلفها وهو يتمتم مع نفسه :
_آه يا مـ.ـجـ.ـنو.نة.
تحول “طائف” لكتلة من الغـــضــــب المستعر حينما رأها تفلت منه، هدر بإهتياج :
_روان!!…
ركض خلفها بسُرعة البرق، لم تسعفها قدmاها المرتعشان في الهروب منه إلا عدة أمتار، لحق بها “طائف” وألقى بثقل جــــســ ـده عليها ليطرحها أرضًا، أرتطمت رأسها بقوة بالأرضية الصلبة مما سبب لها جـ.ـر.حاً في جبينها وبعض السجحات في بشرتها، تأوهت متألــمة بشـ.ـدة وتكورت على نفسها، وضع يده على فمها ليمنعها من الحديث ثم نظر نحو عينيها مُباشرةً قائلاً بتهجم :
_بتهربي ليه؟؟.. أنا لو عايز أأذيكي كنت أذيتك في بيتي ومحدش كان يقدر ينطق حرف، الكوارث هتقع عليا بسبب إللي عملته دلوقتي، مـ.ـا.تخفيش، صدقيني أنا نيتي خير.
أبتعد عنها ثم جذبها من ذراعها لتنهض معه بخُطوات مُتثاقلة، تحركا نحو السيارة ليستقلوها وأنطلقا إلى مكاناً ما.
بعد فترة كبيرة، كان يدخل منزله الذي أشتراه منذ فترة كبيرة، دخلت المنزل بخُطوات مُرتجفة، بينما أغلق الباب بهدوء وهو يردد :
_الحمدلله مفيش حد شافنا.
نظرت له بخــــوف متسائلة :
_إنت جبتني هنا ليه؟؟..
أجابها بجدية :
_لو روحتي بيتك دلوقتي هيقولوا عنك كلام وحش جداً وأظن إنك فهماني، ثانياً لبسك أتوسـ.ـخ جـ.ـا.مد، ولازم نعالج بشرتك من الخرابيش دي والإصابات.
صرخت فيه بغـــضــــب :
_لأ روحني حالاً، كفاية إللي حصلي بسببكوا.
تحولت نبرتها للبكاء الشـ.ـديد وهي تقول :
_حـ.ـر.ام عليكوا سبوني في حالي بقى زي ما أنا طول عُمري في حالي!!..
أقترب منها وهو يردد برجاء:
_من فضلك إهدي، مـ.ـا.تخفيش.. مفيش حاجة هتحصلك.
بدأت تشعر بالدنيا تدور من حولها، وصوته يخترق عقلها وكأنه صوت بعيد جداً :
_روان!!.. روان إنتي كويسة؟!!..
نظرت له بوهن شـ.ـديد ولم تستطع التحرك، أمسك ذراعيها وقبل أن ينطق بـ كلمة واحدة، كانت تقع فاقدة الوعي بين ذراعيهِ.
**************
↚
وقعت مغشياً عليها بين ذراعيهِ بعد ما مرت بهِ من خــــوفها الزائد والصدmـ.ـا.ت التي تلقتها الليلة، شعر بالقلق لـ سكونها المُفاجئ، تطلع لـ وجهها لـ يجده شاحب، نظر لـ ملامحها الواهنة بتـ.ـو.تر عاجزاً عن التفكير في التصرف، ربت على وجنتها بخفة مُناديًا عليها بقلق :
_روان!!.. روان!!.. رُدي علياا..
هز رأسه في حيرة وبدون أن يفكر أنحنى بـ جذعه ليضع ذراعه أسفل رُكبتيها ليحملها بين ذراعيهِ، أتجه بخُطوات مهرولة إلى غُرفته ليمددها برفق على الفراش بحذر، نظر حولهِ نظرات سريعة لتقع عيناه على زُجاجة عطّره، فـ سار نحو التسريحة ليأخذها، عاد إليها وهو ينثر بعض العطّر على راحة يده، قرب كفي يده المُبتل بالعطّر من أنف “روان” لـ تستنشقها، أرتجفت شفتاها مُخرجة آهة خافتة، تحركت رأسها لا إرادياً مع تلك الرائحة القوية التي أخترقت أنفها بدون سابق إنذار، أستمر “طائف” في تقريب كفي يده من أنفها مُجبرًا إياها بالإستنشاق، حتَّى تُفيق تماماً، تجاوبت معهِ وبدأت تستعيد وعيها، زفر بإرتياح مرددًا في شئ من القلق :
_روان، روان سمعاني؟؟..
أصدرت تأوهات توضح مدى الألــم الجــــســ ـدي الذي تشعر بهِ، فتحت عيناها لـ تجده يُحدق فيها بقلق، أنتفضت من مكانها وهي تضع يدها على رأسها لـ تتأكد من وجود حجابها وهي تغمغم برعُب:
_هو إيه إللي حصل؟؟.. إنت عملت فيا إيه؟؟!!..
كان مُدرك سبب خــــوفها ورهبتها منه، حاول أن يتحدث بنبرة هادئة ولكن خرجت حادة عنـ.ـد.ما قـــال :
_تفتكري هعمل إيه؟؟.. إنتي أُغم عليكي وأنا كُنت بفوقك!!..
نكست رأسها لتنساب عبراتها بغزارة، نفخ بإختناق وهو يُشيح بـ وجهه للجهه الأُخرى للحظات معدودة ثم عاد ينظر إليها ليسألها بضيق :
_بتعيطي ليه دلوقتي؟؟..
رفعت رأسها ناحيته لـ تطَّالعه بـ أعينها المُتلألئة بالدmـ.ـو.ع قائلة بإختناق :
_أنا آسفة على طريقة كلامي معاك، أنا عارفة إنك وديت نفسك فـ مُشكلة كبيرة عشاني، بس إنت مش متصور خــــوفي أد إيه من الراجـ.ـل ده!!..
هتف بإقتضاب :
_لأ مفيش، أنا مقدر خــــوفك، بس في حاجة لازم ت عـ.ـر.فيها.
صمت لثواني مُترددًا في إخبـ.ـارها بـ هذا الأمر، عقدت حاجبيها بحيرة مُتسائلة :
_حاجة إيه؟؟..
أجابها بإرتباك :
_أنا طائف رأفت الحديدي، إبن رأفت الحديدي إللي عرض عليكي الصفقة.
شعرت بالإضطراب بعد معرفتها بـ هويته، عاد من جديد تُحدق فيه بخــــوف، أستخدm يده في التلويح گـ نوع من التوضيح :
_بس مـ.ـا.تقلقيش، أنا بقولك أنه مش هيعملك حاجة، أنا بوعدك.
بلعت ريقها بصعوبة وهي تشعر بالذُعر بداخلها وتومئ برأسها إيجابياً لهُ، زفر بتعب وهو يجلس على طرف الفراش، أمعن “طائف” النظر في ملامح وجهها التي تلوثت بـ الأتربة وبـ دmاء جـ.ـر.حها، أقترب منها قليلاً قم وضع يده على فكها ليثبته أمام أعينه التي بدأت في تفحص به من خدوش وجروح سطحية، حاولت إبعاده بـ قبضتها ولكنه شـ.ـدد من قبضته قائلاً بحدة :
_إستني.
عاد ينظر بدقة على الجروح ثم ضغط على شفتيهِ مُتابعًا بنـ.ـد.مٍ :
_أنا آسف على الوقعة إللي وقعتهالك.
تمتمت بتوتّر :
_عادي، أحسن من إللي كان هيجرالي هناك.
أرخى قبضته عن فكها هاتفًا بجدية :
_طب بُصي أنا هامشي دلوقتي، روحي أغسلي وشك كويس، وعندك التلاجة مليانة أكل، والكمودينو إللي جنبك ده إفتحي الدُرج التاني هتلاقي علبة إسعافات الأولية، خُديها عشان تُحطي مرهم على الجروح دي.
تابع بجدية أخف عن ذي قبل بعد أن سكت للحظةٍ:
_ولو حد خبط أوعي ترُدي، أنا هأقفل عليكي باب الشقة بالمُفتاح وكمان بالنسبة لـ هدومك، هجبلك لبس جديد على الساعة تسعة الصُبح عشان بعديها تمشي على طول من هنا، بدل ما حج يشوفك وخصوصاً هُما عارفين مين صاحب الشقة دي.
حركت رأسها بخفة ليُضيف بإرتباك :
_مُمكن طلب؟؟..
نظرت لهُ بريبة قبل أن يطلب بـ :
_ياريت متقوليش لـ عزَّ أيَّ حاجة من إللي حصلت ومن إللي طلبه والدي منك.
أتسعت عيناها بصدmة ليغمغم بهدوء :
_أنا أنقذتك عشان مش عاوز مشاكل أكتر ما هيا موجودة ومكفية، فـ ياريت متقوليش أيَّ حاجة من إللي حصلت.
أومأت “روان” رأسها إليهِ وهي تُجيبــه :
_طيب.
سألها برجاءً :
_توعديني؟!..
أجابتــه دون أن تبتسم :
_أوعدك.
تنفس بـ راحة ثم نهض من مكانه متوجهًا نحو باب الغُرفة، ألتفت برأسه ليرمقها بنظرةً أخيرة قبل أن يخرج من الغُرفة بل من المنزل بأكمله، بينما هبطت “روان” من على الفراش متوجهه بخُطوات مُتثاقلة نحو المرحاض، وهي تشعر أنها بداخل كابوس مُزعج أو فيلم سينمائي يُقص على المُصراعات بين رجــــال الأعمـــال.
************
عاد “طائف” إلى القصر لـ يستقبل أول كارثة، كان يخلل أصابع يديهِ بـ داخل شعره الأسود، وهو يشعر بـ صُداع كبير من قلة النومّ ومن كثره الأحداث التي مر بها، كان ينظر حوله بنظرات مُرهقة إلا أنه صُعـــــق وبشـ.ـدة حينما وجد والدهِ “رأفت الحديدي” جالسًا على مقعد فخم كبير، يحدجه بـ عينين حادتين گالصقر وعينين قاسيتين لا تُرحم، سحب نفساً عميقاً قبل أن يتحرك نحوه بخُطوات هادئة، هبَّ والدهِ ثائرًا من مكانهُ وهو يصـ.ـر.خ فيه :
_وديتها فين؟؟؟..
لم يستطع إجابته، فـ رفع يده للأعلى لـ يصفعه بـ قوة على صدغه، أغمض عينيهِ وقد أرتعش جــــســ ـده للحظة من قوة الصفعة، أمسكه من تلابيبه وهو يهدر بصوتٍ جهوري :
_وديتها فين يا طائف؟؟.. إزاي تعمل كده من أساسه؟؟.. إنت أكيد مش إبني!!!..
قالها بغـــضــــب وهو يتركه لـ يتراجع للخلف عدة خُطوات بينما دافع “طائف” عن نفسهُ قائلاً بنفي:
_لأ أنا إبنك، أنا عملت كده عشان إحنا هنودي نفسنا فداهية، دي قضية خـ.ـطـ.ـف أُنثى!!!..
صاح بهِ بغـــضــــبٍ جامح گالأسود :
_بتتصرف من دmاغك ليه؟؟..
طفح بهِ الكيل حيثُ قال بنبرة عالية :
_لأنك هترفض فالآخر، إنما دلوقتي مش هيبقى فيه أيَّ مشاكل.
إبتسم بتهكم وهو يقول بإستنكار غاضب :
_البت دي مش سهلة، البت دي ياإما هتروح البوليس ياإما هتروح لـ عزَّ الدين السيوفي.
نطق بهدوءً :
_هي وعدتني أنها مش هتقول حاجة ولا كأن في حاجة حصلت.
هدر فيه بعصبية وقد ظهرت عروق نحرهُ :
_إيه الضمان؟؟!.. إيه الضمان أنها مش هتنطق؟؟..
هز كفيهِ بقلة حيلة وهو يرُدَّ :
_للأسف الشـ.ـديد مفيش ضمان!!.. بس هي واضح أنها مش من الناس إللي بتكدب.
أشار بإصبعيهِ قائلاً بتهديد صريح :
_طب أُقسم بـالله يا طائف لو راحت البوليس أو لـ عزَّ، ليكون آخر يوم في عُمرها.
هز رأسه إيجابياً وهو يتمتم :
_ماشي، بس متقربش منها زي ما وعدتها.
تمتم بإستخفاف :
_كمان وعدتها!!..
أضاف قبل أن يترك المكان :
_إنت أكيد مش إبني، لأ أنا كُنت كده ولا أُمك كانت كده، مش عارف إنت طالع لمين؟؟..
ترك المكان بأكمله متوجهاً بخُطوات سريعة نحو الدَرَج ليصعد عليهِ وقد عقد النية بالذهاب إلى غُرفته لـ يبدأ من جديد التفكير في خطة شيطانية التي ستكـ.ـسر عدوه الوحيد والأبدي “عزّ الدين السيوفي”.
أمّا “طائف” فـ ظلّ واقفاً بـ مكانه يُتابع إنصراف والده لـ ينطق بـ :
_ربنا يُستُر، أنا مش مرتاح لـ إللي هيحصل.
************
في صباح يوم التالي، ذهبت “روان” إلى الشركة بعد خروجها مُباشرةً من منزل “طائف”، حيثُ أجلب لها بعض من الملابس المُحتشمة لـ ترتديهم عوضًا عن ملابسها التي ترتديها، والتي أصبحت مليئة بالأتربة والغبـ.ـار بالإضافة إلى قطع كوم جُزء صغير بسيط من قميصها الأبيض، أصر “طائف” بأن تتناول وجبة الإفطار وبعدها بالذهاب إلى الشركة، وبالفعل عقب تناولها الطعام والشراب، جعلها تخرج من المنزل دون أن يراها أحد من يُمكن البناية، أستقلت سيارة الأجرة وأمرته بالتحرك نحو شركة “عزّ الدين السيوفي”.. وها قد وصلت!!..
قبل أن ندخل مكتبها أتى لها أمر بالذهاب إلى رب عملها، شعرت بالخــــوف وهي تُسير نحو مكتبه، طرقت على الباب بتـ.ـو.تر لـ تستمع إلى صوته الغاضب وهو يأذن بالدخول، تمتمت وهي تدخل لـ نفسها بذُعر :
_أُستر يارب.
دخلت المكتب لتراه جالساً ينظر لها بترقب، بلعت ريقها بصعوبة وقبل أن تبدأ أن تتحدث قال بلهجة لا تُغتفر :
_إيه إللي أخرك سيادتك لحد دلوقتي؟؟..
تلعثمت وهي تُجيبــه :
_آآآ… أصـ.. ل.. آآ
نهض من مكانه والغـــضــــب يشتعل بداخل حدقتيهِ، حينما أقترب منها ووقف أمامها كانت أستطاعت أن تقرأ ما بداخلهما، قرأت بهما الجحيم!!!..
نطق بصوتٍ گالسيف يجعل الجــــســ ـد يرتجف من كثرة الخــــوف من نبرته القوية :
_أصل إيه؟؟.. رُدَّي!!..
عقد لسانها عن اللفظ، شعرت بأن حروف العالم قد طارت من عقلها من شـ.ـدة التوتّر الذي أجتاحتها، عنـ.ـد.ما وجدت أمامها الذئب بـ غـــضــــبه المشحون، كاد أن يتحدث إلا أنه أبتلع كلمـ.ـا.ته وضيق عينيهِ بريبة وهو يرى الخدوش والجروح السطحية التي في وجهها، أشار بكفي يده ناحية الجروح مُتسائلاً بغلظة :
_إيه الجروح دي؟؟..
ردَّت بخفوت :
_أصلي عملت حادثة وأنا جايه على هنا، في عربية خبطتني فوقعت على الأرض جـ.ـا.مد.
بدا غير مُقتنع ما قالته ولكن أظهر العكس حيثُ قال بإقتضاب :
_ألف سلامة عليكي.
_الله يسلمك يا مستر عزّ.
نطق بخشونة :
_طب خلاص أنا مش هحاسبك على التأخير، روحي على شُغلك وأنا رايح مشوار مُهم وهرجع تاني بعد ساعة كده.
طأطأت رأسها قائلة بأسف :
_طيب أنا آسفة يا مستر عزّ.
أجابها بهدوءً :
_مفيش داعي للأعتذار، يالا على مكتبك وأنا ماشي.
هتفت مُبتسمة :
_تمام يا مستر عزّ، مع السلامة.
أجابها وهو يتحرك :
_مع السلامة.
*************
كان “رأفت” يجلس على الأريكة واضعاً رأسه بين راحتي يده، تنهَّد بضيق وهو يشعر بالغـــضــــب بسبب أفعال نجله الوحيد، إذا أستمر على ذلك فـ حتماً سيضيع كُل شيء في لحظة.
ماذا لو علم عن قــ,تــله الكثير من الأبرياء؟؟..
ماذا لو علم عن تجارته الغير مشروعة؟؟..
تفكيره في ردة فعله جعل الإختناق يزداد بداخله، أبعد رأسه حينما أستمع إلى صوت جرس الباب، إبتسم بتهكم وهو يرى إحدى الخدامـ.ـا.ت متوجه نحو الباب لـ تفتحه، مُعتقدًا عودة إبنه الوحيد من الخارج، ولكن سُرعان ما تلاشت إبتسامته لـ يحل مكانها الوجوم، هبَّ واقفاً من مكانه، تحركت شفتاه تلقائياً مُغمغمًا بـ :
_عزّ الدين السيوفي!!..
وقف “عزّ الدين السيوفي” أمام “رأفت الحديدي” وقد تقوس فمه بإبتسامة قاسية مرددًا بعينين ظالمتين گالظلام الدامس :
_أيوة يا رأفت يا إبن الحديدي.
************
↚
وقف “عزّ الدين” بشموخ وهيبة يتطَّلع بـ نظراته القاسية لـ “رأفت” الذي تصلب جــــســ ـده من هول المُفاجأة، أرتسمت إبتسامة خبيثة ماكرة على ثغره بعد أن أستوعب الأمر، ضيق عينيهِ ناظرًا إليهِ بـ شرٍ دفين، دس “عزّ الدين” يديهِ بـ داخل جيب بنطاله وهو يتمعن في قسمـ.ـا.ت وجهه، نطق بتهكم :
_شكلك زي ما إنت.
هتف الأخير بجمود :
_جاي ليه يا إبن السيوفي؟؟..
ردَّ “عزّ الدين” بقسوة :
_إنت فاكر إني هعدي إللي عملته يا رأفت؟؟..
أضطرب بداخله وهو يتساءل :
_عملت إيه؟؟..
هدر بهِ “عزّ الدين” بعينين ظالمتين :
_إنت هتستعـ.ـبـ.ـط؟؟.. إنت فاهم قصدي كويس!!..
في تلك اللحظة كان “طائف” يدخل القصر وهو يشعر بالإرهاق، تخشب جــــســ ـده حينما وجد عدوه يقف أمام والده، تهجمت ملامحه بشـ.ـدّة وهو يُسير نحوهما بخُطوات سريعة للغاية، وقف قبالة عدوه وهو يتسائل بغلظة :
_إيه إللي جابك هنا؟؟..
أجابه بإبتسامة بـ.ـاردة وكأنه يمليهِ طقس اليوم :
_جاي أسألكوا فاكرين إني هعدي إللي عملتوه وإللي ناوي تعمله إنت وأبوك؟!..
أرتبك “طائف” مُتسائلاً بصوتٍ أجشَّ:
_عاملنا إيه؟؟..
تقوس فمه للجانب بإبتسامة قاسية :
_إنت فاهم كويس يا إبن رأفت.
أنتهى من إجابته على سؤال الأخير لـ ينظر لـ “رأفت” الذي ظل واقفاً بجمود لـ يُردف بـ قوة :
_إنت بذات، عايزك تعرف إني هوريك أيام سودة لأني يستحيل أعدي إللي عملته.
قهقه” رأفت” بضحك موضحاً تهكمه الكبير من كلمـ.ـا.ته، هتف بإبتسامة ثابتة :
_قبل ما هتضـ.ـر.ب ضـ.ـر.بتك، هنكون ضـ.ـر.بنالك ضـ.ـر.بة تكـ.ـسر ضهرك.
هتف بصوتٍ فحيح گالأفعى :
_مراتك!!.. ياسمين!!.. مش هي أسمها بردو ياسمين ؟؟..
لم تهتز شعرة واحدة منه، بل ظل واقفاً بثبات لـ يُتابع بخُبث:
_خُد بالك منها كويس، لأنك مش هتلحق تتهنى بالجوازة دي، الغلطة الوحيدة إللي عملتها في حياتك بإنك أتجوزت، أنا فضلت طول الوقت أدور على نُقطة ضعفك بس ملقتش، إنما دلوقتي بقى ليك نُقطة ضعف وقوية جدًّا، وتبقى مراتك.
إبتسم “عزّ الدين” بثقة عالية وهو يتمتم :
_ياسمين عُمرها ما كانت نُقطة ضعفي، بالعكس هي نُقطة قوتي، هي القوة، عُمرها ما كانت ولا هتبقى نُقطة ضعف، هي بتحب القوة.
صمت للحظة قبل أن يقول بإبتسامة جانبية :
_في شاعر مرة قال في القصيدة بتاعته.. لا ضعيف الخائر العزم عييًا، كُتب الذُل على المُستضعفيين.
تابع بقوة :
_وأنا مش ضعيف ولا حتَّى هيا.
أخفى غـ.ـيظه ببراعة قائلاً ببرود:
_تمام يا إبن السيوفي.
هتف “عزّ الدين” بصوتٍ قاسي :
_وخُد بالك من نفسك، لأن الذئب إللي جوايا عنده أستعداد يطلع لو لزم الأمر، سلام يا.. يا رأفت.
لوح له بيده، وهو يبتسم إبتسامة واثقة ثم تحرك نحو باب القصر لـ يغادر من المكان بأكمله، أشتعل الغل والحقد أكثر عن ذي قبل بداخله، كور قبضة يده وهو يستدير نحو “طائف” لـ يحدجه بنظرات مُخيفة وهو ينطق بـ :
_شوفت؟؟.. مش قولتلك؟!.. أهوو راحت قالتله يا غبــــي!!.. راحت قالتلــــه!!..
أضطّر “طائف” أن يصمت فهو لايُزال غير مُصدق ما يسمعه أو ما شاهده مُنذ ثواني، هتف “رأفت” وهو يكز على فكيهِ بقوة وأرتعش على إثرها صدغيهِ :
_شوفت غبائك وصلنا لـ إيــــــــــه؟؟..
أنعقد حاجبـا “طائف” بإمتعاض وهو يُجيبــــه :
_طيب أعمل إيه يعني؟؟.. أنا قلبي مستحملش ده!!..
أقترب منه مُسرعًا لـ يضـ.ـر.ب صدره بقوة ناحية موضع قلبه قائلاً بعصبية :
_لازم تمـ.ـو.ته، لازم قلبك يبقى مـ.ـيـ.ـت!!.. المفروض تبقى زيي!!..
حاول أن يضبط إنفعالاته حيثُ قــال بصوتٍ مُحتد :
_أعمل حسابك، أن ثقتي فيك إتعدmت، مبقاش ليها أيَّ وجود، عاوز ترجعها يبقى قلبك مـ.ـيـ.ـت!!.. ميكونش عندك ضمير!!.. لأن النّاس إللي عندها ضمير بتبقى نّاس مُتخلفة.
ألقى عليهِ كلمـ.ـا.ته القاسية ثم غادر مُسرعًا متوجهًا نحو حُجرة مكتبه، عقب دخوله كان يصفع الباب بعُنف، تنهد “طائف” من أعمق أعماق قلبه وهو ينظر لـ أمامه بإختناق، أغمض عينيهِ بحُزن وهو يتسائل بتبرم :
_ليه يا روان؟؟.. ليه عملتي كده؟؟..
**************
عقد النية بالذهاب إلى قصره أولاً، وبعدها يعود إلى شركته، لم يتوقف عقله للحظة عن التفكير، وضع نظارته الشمسية القاتمة على عينيهِ وهو يتنفس بضيق، هي بالفعل نُقطة ضعفه وفي ذات الوقت نُقطة قوته.
وصل إلى قصره بعد دقائق، علم من إحدى الخدامـ.ـا.ت أن معشوقتهُ في حديقة القصر، فـ قاد خُطواته نحو المكان المتواجدة بهِ، وجدها بالفعل مُنحنية بجــــســ ـدها على زهرة حمراء اللون تستنشق عبيرها المُميز، دنا منها “عزّ الدين” بخُطوات حذرة حتَّى لا تشعر بوجوده، ثم أنحنى بجــــســ ـده مُقتربًا منها وهو يهمس بشوقٍ :
_حشـ.ـتـ.ـيني و .
أستقامت بوقفتها وقد أصابها الفزع وهي تقول :
_عزّ!!.. حـ.ـر.ام عليك خضتني و….
قطع حديثها مبادرته بـ محاوطته خصرها وجذبها إليهِ وهو يقول بهمسٍ مُغرٍ :
_سلامتك من الخضة.
عاد الهدوء إليها لتنظر له بإشتياق قبل أن ترتمي بداخل أحضانه بقوة، شـ.ـدد العناق عسى أن يدخلها قلبه لـ ترى العشق الذي ينبض بداخله، مسح على شعرها بحنوٍ مُثير وهو يهمس بجانب أذنها بصوتٍ عميق:
_أنا كده شكلي مش همشي.
تراجعت عنه ليُضيف بعد أن أطلق تنهيدة :
_أنا روحت لـ رأفت زي ما قولتلك إمبـ.ـارح.
سألته بإهتمام :
_طب قدرت توصل لـ حاجة؟؟.. وقولتله إيه ؟؟..
أبعد ذراعه عنها ليخلل أصابع يده بداخل فروة شعرها مُغمغماً بـ :
_قولتله إني مش هعدي إللي عملته ؟؟.. والكلام إللي قولتهولك إمبـ.ـارح لما كُنت بتفق معاكي إني هقابله.
سألته مرة أُخرى بذات الإهتمام :
_طب ورد فعله؟
_أتوتّر.
قالها بإبتسامة واثقة، نفخت بضيق وهي تسأله :
_طب ليه مـ.ـا.تهمتوش مُباشرةً، يعني كُنت تقوله إنت فاكر إني هسيبك بعد ما حاولت تقــ,تــلني.
هتف بغــــرور وثقة :
_تؤتؤ، أنا تعمدت أقوله كده، أولاً أنا مش معايا دليل يأكدلي أنه ورا الحكاية دي، ثانياً وده الأهم.. لأنه أحتمال كبير جدًّا يكون بيدبر مُصيبة ليـا، فسواء هو إللي ضـ.ـر.بني بالنار أو مش هو، هو دلوقتي كده هيقلق من أنه يعمل المُصيبة دي لأنه كده عرف إني متابع كل حاجة من قبل ما تحصل، فهماني، وهو دلوقتي في اللحظة دي هيشكّ فكُل إللي حواليه ماعدا إبنـــه.
أرتسمت إبتسامة واسعة وهي تقول:
_فهمتك دلوقتي يا ذئب.
أحتضن وجهها براحتي يده وهو يتشـ.ـدق بـ :
_خُدي بالك من نفسك الفترة إللي جايه بذات، عشان خاطري.
أومأت إليهِ بعينين باسمتين، فـ أنحنى برأسه لـ يُقبَّل جبينها قُبلة عميقة، أبتعد عنها ثم أبعد يديهِ عنها ليتحرك نحو خارج القصر، بينما ظلت واقفة تتابعه بعينيها حتَّى غادر من المكان، وضعت يدها على مكان قلبها وهي تشعر بتلك النغزة التي أتت على حين غرة، أردفت بقلق ونبرة خائفة :
_ربنا يُستر، أنا قلبي مش مرتاح، أسترها من عندك يارب.
**************
خاصم النوم جفنيهِ، فقرر أن يجلس في حديقة القصر، جلس على المقعد ثم سحب علبة سجائره من على الطاولة، أخرج واحدة منها ثم أشعل سيجارته ساحبًا منها نفسًا عميقًا حبسه في صدره لـ ثوانٍ، ثم أرجع رأسه للخلف لـ ينفث دخانها دفعة واحدة من فمـه وهو يقول بعدm رضـا :
_أنا زهقت!!..
رفع رأسه للأعلى ناظرًا إلى السماء ليتأملها بعينين تائهة، يشعر بأنه تائه.. مُتخبط.. مُضطرب.. حائر.. قلبه مُنقسم، النصف الأول أستحوذه النور والنصف الآخر أستحوذه الظلام، أستحوذ الظلام على مُنتصف قلبه بفضل والده، أغمض جفنيهِ بتعبٍ وهو يفكر في ما يحدث معه، هو يُريد أن يعيش في سلام، أنتبه إلى صوت ما خلفه، فـ أستدار بجــــســ ـده ليرى أحد رجـ.ـالته، فقد كلفه بأمر، وهو التجسس على والده الليلة ليعرف ماذا سيفعل بالفتاة التي كذبت عليهِ وعلى أبيه، نفخ بضيق وهو يسأله بحدة :
_هَــاا في جديد؟؟..
حرك رأسه بحماسٍ وهو مُجيبًا بـ :
_طبعاً وده إللي خلاني أجي.
قطب جبينه بإهتمامٍ قائلاً :
_أبويا ناوي على إيه بقى؟؟..
أجابه بتوتّرٍ طفيف :
_في واحد لسَّه خارج من عنده، أسمه عبـــــاس، وده يبقى قـ.ـا.تل مأجور، أمره بأنه يقــ,تــل واحدة أسمها تقريباً روان دلوقتي حالاً.
أنتفض من مكانه وهو يهدر بهلعٍ :
_إيـــــــــــــه !!!.. يقــ,تــلهـــــــا!!..
هز رأسه برعُب وهو يصـ.ـر.خ فيه :
_قاله على العنوان؟؟..
أخرج الرجل من جيب سترته ورقة صغيرة مطوية ليعطيها لهُ وهو يقول :
_قاله وأنا كتبت العنوان فالورقة دي.
أخذها منه بلهفة لـ يركض بعدها بأقصى سُرعة لديهِ نحو الجراج، بحث ببصره عن سيارتهِ حتَّى وجدها في الصف الأول، أستقل مقعد القيادة، وأدار المحرك ثم ضغط على دوَّاسة البنزين بقوة مُنطلقًا نحو منزل “روان” ودقات قلبه تدق گالطبول من كثره الذُعر الذي أعتراه.
**************
جلس على فراشه مُمسكًا بجهاز حاسوبه الخاص ليُتابع آخر ما وصل إليه في العمل، كان الفضول يأكلها أن تسأله على شئٍ ما، لم تستطع الصمت لـ فترة طويلة، حيثُ أندفعت نحوه بخُطوات مهرولة لـ تجلس أمامه وهي تُنادي عليهِ بـ حدة :
_عزّ.. عزّ.
رفع رأسه نحوها مُجيبًا بصوتٍ حـاد :
_نعم؟!.. عايزة إيه؟!..
عقدت ساعديها أمام صدرها وهي تسأله بعبوس :
_في سؤال هسأله ولازم ترُدَّ، لأن من حقي أعرف!!..
رفع حاجبيهِ للأعلى وهو يتسائل بإبتسامة تُعبر عن ذهولـــه :
_سؤال إيــــــــــه ده؟؟…
تساءلت بإرتباك :
_مين رأفت الحديدي ده؟؟.. وإيه سر العداوة إللي بينكوا؟؟.. وإيه سببها؟؟..
أغلق جهاز حاسوبه لـ يضعه على الكومود، ألتفت برأسه ناحيتها ليرمقها بجدية وهو يعتدل في جلسته، بينما بادلته نظرات الترقب مُنتظرة رده، زفر زفيرًا حارًا وقد بدأ يتحدث مُجيبًا عن تساؤلاتها :
_أولاً إنتي فعلاً من حقك ت عـ.ـر.في، ثانياً.. قبل ما أعرفك بـ ست شهور، كانت بدأت العداوة تتنشأ بيني وبينه، رأفت الحديدي ده من أهم الرجـ.ـال الأعمال إللي في مصر، ظهر فجأة من غير سابق إنذار، فاتح هو شركات متنوعة، زي شركات الشحن وفاتح مصنع لمواد غذائية.
إبتسم إبتسامة جانبية مرددًا :
_بدأ يحاول يوقعني لأني أنا أقوى منه في شركات الشحن، في مُنافسة بدأت تحصل ما بينا، بس فضلت أكسب، فـ مرة زود حموله في السفينة إللي راحة لفرنسا، للأسف السفينة دي غرقت، هو شايف أن أنا إللي ورا الموضوع ده!!.. مع إني ما فكرتش أعمل كده ولا مرة، بدأت أدور وراه لغاية ما وصلت أن المصنع لمواد الغذائية مُنتهى الصلاحية بس مش عارف أجيب دليل يثبت ده، وفي بلاوي تانية، بس هو خسر تلات تربع ثورته بعد ما سفينتين من عنده غرقت، وهو مُعتقد إن أنا ورا الموضوع ده!!..
صمت للحظات قبل أن يهتف :
_وفي حاجة تانية بس مش هقولك عليها دلوقتي، لأني مش عاوز أضايق وصعب أني أقولها.
رفعت حواجبها للأعلى وهي تتمعن في تعبيرات وجهه الصارمة القاسية، تابع هو بقسوتــه المعهودة :
_بس لو فكر يعمل حاجة يبقى هو لعب في عداد مـ.ـو.تـه!!..
**************
أرتدت “روان” ثوبًا طويلاً باللون الأبيض، كان جــــســ ـدها مرهق للغاية، وهي تتحرك نحو فراشها، تمددت عليهِ ثم أغمضت عينيها محاولة أن تذهب إلى النوم العميق.
تسلل إلى غُرفتها عن طريق الشرفة، بحث عنها بعينين مليئة بالشر، وقعت عيناه عليها وهي نائمة على فراشها بسلامٍ، إبتسم إبتسامة شيطانية وهو يخرج من جيبه سلاح ذو شفرة حـــادة، ما يُطلق عليها <سكينـة>، تحرك نحوها بخفة وبحذرٍ شـ.ـديد حتَّى وصل إليها، تأمل جــــســ ـدها برغبة وهو يقول :
_والله إنتي خُسارة في المـ.ـو.ت، بس أعمل إيه؟؟.. قدرك كده!!..
أستنشفت رائحة غريبة، كانت لم تغوص بداخل النوم، بل كانت على وشك أن تغوص، رفع سلاحه للأعلى وكاد أن يطـــعـــنها في قلبها ولكن تجمدت يده للحظات حينما وجدها تفتح عينيها فجأة، شهقات مليئة بالذُعر أخرجتها من حنجرتها، أدركت الموقف سريعًا فـ هبطت من على الفراش من الجهه الأُخرى، لـ يهبط السلاح مُخترق الوسادة، ركضت “روان” بإتجاه الباب وهي تصرخ بفزع لعل أحد يساعدها لكنه لحق بها وكمم فمها بيده ساحبًا إياها نحو الفراش، ألقاها بعُنف عليهِ وقبل أن يشرع في قــ,تــلها، كانت تضـ.ـر.به بقوة لا تعلم من أين أتت بها!!.. حيثُ ضـ.ـر.بته ما بين ساقيهِ بـ ساقها، صرخ بألــم وهو يسبها بـ أسوأ الألفاظ، ولكن قبل أن تركض كان يجذبها من شعرها بقوة كبيرة جعلتها تصرخ صرخةً كبيرة بألــم أكبر، صفعها على وجنتيها، ثم جذبها مرة أُخرى من عنقها لـ يُصبح ظهرها مُستندًا على صدره، بينما رفع “عباس” الــســكــيــنــة للأعلى لـ يطـــعـــنها بعُنف في بطنها، لم تستطع الصراخ حيثُ كمم فمها، إبتسم بشر عنـ.ـد.ما تأكد من إتمام مُهمته، تأكد من أن الطـــعـــنة ستجعلها تقابل الذي خلقها، فـ ألقاها على الأرض، أخفض بصره نحو بقعة الدmاء التي تزداد على ثوبها الأبيض لـ تزداد إبتسامته ثم ركض نحو الشرفة عقب أن أنهى مُهمتــه.
ظلتّ مُمددة على الأرضية الصلبة عاجزة حتَّى عن رفع يدها لتتلمس مكان الطـــعـــنة، شعرت بأنها أنفصلت عن العالم بأكملهِ، أستمعت إلى صوت والدتها وهي تُنادي عليها وكذلك والدها، أغمضت عينيها راهبة إلى عالم آخر.. عالم جديد عليها، ليس فيه أي نوعٍ من أنواع الشر أو القسوة أو عدm الرحمة.
↚
أنقبض قلبه بقوة في لحظة ما، نظر على الورقة الصَّغيرة لـ يعود بقرأتها مُجددًا، ثم ضغط بعُنف على بوق السيارة محاولاً تجاوز من هم أمامه، زاد من سُرعة السيارة محاولاً الوصول إليها قبل فوات الأوان، رغم غـــضــــبه المشحون منها إلا أن نصف قلبه الأبيض يرفض وبشـ.ـدة تلك العقوبة، مسح على شعره بقوة وهو يدور بـ سيارته لـ يدخل إحدى الشوارع الجانبية، لحظات معدودة وكان يترجل من سيارته متوجهًا نحو مدخل البناية التي تقطن بها، ضغط بقوة على زرَّ أستدعاء المصعد لـ يكتشف بعطله، شعر بالغـ.ـيظ الشـ.ـديد ولكن لم يهتم، فـ شاغله الأكبر هو إنجادها، من براثن الذئاب….!!!..
تحرك مُسرعًا نحو الدَرَج راكضًا نحو الطابق الثالث حتَّى وصل إلى منزلها، ضغط على زرَّ الجرس بقوة، لم يستمع إلى أيَّ ردَّ أو حركة، كز على أسنانه بقوة ثم دق الباب عليهِ مرددًا بصيغة آمرة :
_إفتحي يا روان!!.. بقولك إفتحي!!.. طب رُدَّي عليـاا!!..
تضاعفت مخاوفه عليها فـ غمغم بقوةٍ :
_روان، روان!!!.. أنا كده هكـ.ـسر الباب.
تعمد الصمت للحظات عسى أن يستمع إلى ردَّها أو أيَّ حركة، ولكن دون جدوى، فـ هدر بعصبيةٍ :
_أنا هكـ.ـسر الباب يا روان!!.. هكســــــــره!!!…
تراجع خطوتين للخلف شاحذًا قواه لـ يندفع نحوه ضاربًا إيـاه بعُنف قاصدًا خلعه من مفصله، كرر تلك الفعلة ثلاثة مرَّات حتَّى فُتح على مصراعيهِ، وقف عند عتبته يلهث وهو يجول داخله ببصره، وجد المكان خالياً وهادئًا تمامًا، في ذات الوقت، كان المنزل الذي يقع بجوار منزل “روان” قد أنفتح ليظهر الزوج والزوجة عقب أستمعاهما إلى صوت تحطيم باب المنزل، شهقت الزوجة مُتسائلة بفزعٍ :
_مين ده؟؟!!..
أجابهـــــا الزوج بقلقٍ :
_مش عارف، أنا لازم أدخله، دي بـ.ـنت وحيدة عايشة لوحدها.
تحرك “طائف” نحو غُرفتها مُسرعًا، كان الباب مفتوح، بحث بأنظاره عنها وهو يلج للداخل، ولكن كان فـــات الأوان، أصابته الصاعقة حيثُ أجتمع الذُعر والهلع بداخله في آن واحدٍ، حدجها بعينين مذهولتين خائفتين وهو يجد الأرضية غارقة بـ دmائها، حتَّى وقعت عيناه عليها وهي ممددة على الأرضية، مد يده لـ يرفعها منه، كانت فاقدة للوعي وجــــســ ـدها بـ.ـارد للغاية، وبشرتها شاحبة شحوبٍ مُخيف، تشنجت قسمـ.ـا.ته وتصلب جــــســ ـده للوهلة غير مُصدق، صرخ برعُبٍ :
_روان!!!.. روان رُدَّي عليــاا!!..
هز رأسه نفيًا قائلاً بهلع :
_لأ، إنتي مستحقيش النهاية دي، روان قومي وكلميني زي ما بكلمك!!..
تجمع عدد لا بأس بهِ من جيرانها عقب شعورهم بالريبة والقلق في ما يحدث في البناية، أصدرت بعض من السيدات أصوات صرخات عالية، حملها “طائف” بين ذراعيهِ راكضًا نحو الخارج، غير عابئًا بتسؤلاتهم وبإزدياد تجمع المارة والجيران، أستمر في هبوطه على الدرج متجهًا بها نحو سيارته، فالثواني قد تشكل فارقاً هامًا في حياتها، فتح “طائف” الباب الأمامي وأسندها بحذرٍ على المقعد، دار حول السيارة ثم أستقلها لـ ينطلق بها نحو أقرب مشفى قبل خسارتها للأبد!!!..
كانت الدقيقة الواحدة بالنسبة إليهِ گـ ساعة، بعد فترة، وصل إلى أحد المستشفيات الخاصة، صف سيارته أمام المدخل ثم ترجل عنها راكضًا نحو الباب الآخر لها، وضع ذراعه على ظهرها وذراعه الآخر أسفل رُكبتيها لـ يحملها بين ذراعيهِ ثم ركض بها نحو ردهة الأستقبال صارخاً بإهتياج :
_حد يلحقها، يالا بسُرعــــــة!!!..
تجمع بالفعل عدد من الأطباء حوله وأسرع أجد المُمرضين بإحضار الناقلة الطبية، وبحرصٍ شـ.ـديد تناولها منه وأسندوها عليها، هتف أحد الأطباء بعملية :
_جهزوا الطوارئ بسُرعــــــة!!..
دفعوا الناقلة الطبية نحو غُرفة الطوارئ لإسعافها قبل فوات الأوان، وقف “طائف” مُنتظرًا على أحر من الجمر ما سيحدث، لم يستطع الوقوف فجلس على الأرض ليدفن رأسه بين راحتي يده وهو يتمتم بألــمٍ :
_يارب، يارب هي متستحقش ده!!..
مرت ساعات طويلة وهو على تلك الوضعية، ظل قلبه يعتصر من الألــم، وظل مُنتظرًا خروج أحدهم للإطمئنان عليها خاصةً بعد نقلها إلى غُرفة العمليات لإجراء جراحة عاجلة لها، أنتفض من مكانه وهو يرى خروج الطبيب من الداخل، نهض من مكانه لـ يركض نحوه مُتسائلاً بنبرة تلهف وقد تحفزت حواسه :
_هَـاا يا دكتور؟؟.. أرجوك طمني.
أجابـــــــه بأسفٍ :
_إحنا بنعمل إللي علينا، بس للأسف حالتها مش مُستقرة خالص، الطـــعـــنة كانت شبه عميقة وهي نزفت كتير جدًّا.
أجتاحته رعشة قوية وهو يسأله بنظرات قوية :
_يعني إيه؟؟!!..
أجابـــــــه بجدية :
_يعني لو عدى 24 ساعة على خير يبقى حالتها هتستقر، وإن شاء الله خير، عن إذنك.
ختم آخر حرف بأسفٍ ثم عاد إلى الداخل ليُتابع عمله، أستند على الحائط وهو يحدق في الغُرفة التي متواجدة بها، أغمض عينيهِ بتعبٍ وهو يغمغم :
_آآآآآآآآآآه!!.. أكيد دي مش النهاية!!.. أكيــد!!..
*************
دقت الساعة الثامنة صباحًا، خرج “عزّ الدين” من غُرفته هابطًا إلى الأسفل، بحث ببصره عنها لـ يجدها جالسة على الأريكة برفقة والده “بدران السيوفي” تحرك نحوهما وهو يرتدي سترته ثم نظر لهما نظراتٍ جـادة هاتفًا بنبرة عادية :
_صباح الخير.
ردَّت “ياسمين” بـ بسمة صغيرة :
_صباح النور يا حبيبي.
سألـــه “بدران” بإبتسامة صغيرة :
_ها إيه أخبـ.ـار الشُغل؟؟..
حرك رأسه بإيماءة خفيفة مرددًا :
_لأ كويس جدًّا الحمدالله.
صمت للحظات قبل أن يتساءل بإبتسامة باهتة :
_أخيرًا خرجت من الأوضة!!..
قهقه “بدران” بضحك ثم ردَّ عليهِ قائلاً :
_يا عزّ يابني أنا عشت عُمري كلـــــه فالشُغل، مُكنتش باخُد أجازة، إنما جه الوقت إللي أرتاح فيه بقى من الشُغل ومشاكله!!..
تعمد الصمت للحظة قبل أن ينطق بـ فخرٍ :
_وبعدين كفاية أن إللي يمسك الشُغل يبقى إنت يا ذئب!!..
أتسعت إبتسامته أكثر قائلاً :
_ربنا يخليك يا بابا، طيب أنـا…..
قـــــاطع حديثه صوت رنين هاتفه المحمول المُعلن عن وجود أتصال ما، أخرج الهاتف من جيب بنطاله ثم نظر على أسم المُتصل لـ يقطب جبينه بإستغراب شـ.ـديد وأعترت الدهشة ملامحه، سألته “ياسمين” بتوجسٍ :
_مين يا عزَّ؟؟..
أجابهـــــا “عزَّ الدين” بتعجب :
_واحدة من الموظّفات إللي عندي!!..
أصابها أيضاً التعجب الشـ.ـديد وكذلك “بدران” الذي عقد حاجبيهِ بدهشة، ضغط “عزَّ الدين” على زرَّ الإيجاب ثم وضع الهاتف على أذنه قائلاً بجدية :
_آلو.. أيوة يا آمنة، في حاجة ولا إيه؟؟..
هتفت “آمنة بنبرة باكية :
_الأستاذة روان، مش هتقدر تيجي يا فنـ.ـد.م.
عقد حاجبيهِ مُتسائلاً بريبة :
_مُمكن تهدي وتقوليلي في إيه؟؟..
أجابـتــــــه ببُكاء :
_أنا كُنت راحة عندها عشان نروح مع بعض الشركة، خبط كتير على باب شقتها بس مفيش ردّ!!.. فـ في حد من الجيران قالي أنها في حد طـــعـــنها فبطنها وفي واحد غريب أول مرة يشفوه كـ.ـسر باب الشقة ودخل الشقة عشان ينقذها، بيقولوا أنها كانت غرقانة في دmها ومرمية جنب السرير!!!!!!!…
أتسعت عيناي “عزَّ الدين” في محجريهما من هول ماسمعه، تسائل بصدmة عارمة :
_إزاي ده حصل؟؟..
ردَّت عليهِ بصوتٍ مُتحشرج :
_مش عارفة يا فنـ.ـد.م، بس روان مقطوعة من الشجرة، ملهاش حد أصلاً!!!.. أنا مش عارفة أعمل إيه دلوقتي فقلت أتصل بحضرتك عشان مُمكن تقلب الدنيا لو لقيتها مجتش، خصوصاً أنها جت إمبـ.ـارح متأخر.
أردف “عزَّ الدين” بهدوءٍ محاولاً إمتصاص إنفعالتها :
_طب أهدي، وروحي إنتي على الشركة وأنا هاروح أفهم الموضوع بالظبط!!.. بس أسم المُستشفى إيه؟؟..
ردَّت عليهِ بصوتٍ مبحوح :
_مُستشفى الــ……….
مسح على شعره مرددًا بضيق :
_طيب أعملي إللي قولتلك عليه وأنا هتصرف، يالا سلام.
أغلق الهاتف ثم حدق بوجه زوجته ليقول بصوتٍ جادّ :
_السكرتيرة إللي بتشتغل عندي فالشركة موجودة فالمُستشفى!!..
تساءلت “ياسمين” بقلقٍ :
_ليه مالها؟؟!!..
أجابهـــــا وهو لايُزال غير مُصدق :
_في حد حاول يقــ,تــلها، أطـــعـــنت طـــعـــنة قوية في بطنها!!..
شهقت زوجته بخــــوفٍ وهي تضع يديها على فمها غيرُ مُصدق، وضع هاتفه المحمول بداخل جيب سترته وهو يقول بقوة :
_أنا لازم أروحلها، أفهم إيه إللي حصل؟؟..
هبت “ياسمين” واقفة وهي تقول بـ حسم :
_أنا جاية معاك.
وضع يده على كفها قائلاً بهدوء :
_لأ خليكي مع بابا وأنا هروح المُستشفى وهبقى أطمنك على الموبيل.
رفضت بشـ.ـدّة حيثُ قالت بإصرار :
_لأ أنا جاية معاك.
تنهد “عزَّ الدين” تنهيدة حـارة ثم نظر ناحية والده لـ يجده يهز رأسه بالموافقة على إصرارها بالذهاب، أشار لها بإصبعيهِ قائلاً بإقتضاب :
_طيب أنا هستناكي، روحي ألبسي بسُرعــة.
أومأت رأسها ثم ركضت نحو الدرج لـ تصعد عليهِ متوجهه صوب غُرفتها لتبديل ملابسها بأسرع وقت مُمكن!!..
**************
جلس الطبيب الذي تولى حالتها بداخل مكتبه بإسترخاء، بعد أن أتم بمهارة عمله في تقطيب جـ.ـر.حها الغائر وقبل خروجه أمر أحد الأطباء بمُتابعة ومُراقبة مؤشراتها الحيوية من خلال الأجهزة الطبية الموصولة بها، أرجع رأسه للخلف للحظات معدودة قبل أن يهتف فجأة :
_أنا لازم أبلغ البوليس عن الواقعة دي!!..
**************
بعد نصف ساعة، كانت “ياسمين” تصعد السيارة بينما أستقل “عزَّ الدين” مقعد القيادة مُنطلقًا لها نحو المشفى المتواجدة بها سكرتيرته، تسائل “عزَّ الدين” بشرودٍ :
_تفتكري مين إللي مُمكن يعمل كده؟؟.. خصوصاً أنها ملهاش حد!!..
ردَّت عليهِ بتفكيرٍ :
_مُمكن يبقى حـ.ـر.امي كان عاوز يسـ.ـر.قها!!.. بُص هو كُل حاجة هتبان، المُهم أننا نطمن عليها الأول.
قال وهو يومئ رأسه بجدية :
_معاكي حق، ربنا يُسترها من عنده.
أردفت مُبتسمة :
_إن شاء الله يا حبيبي، وعلى فكرة آآ….
أبتلعت بقية كلمـ.ـا.تها وأصدرت شهقة قوية حينما ضـ.ـر.بت السيارة من الجانب بصورة مُفاجئة، لفت أنظاره بوجود سيارتان سوداوتان تتصارعان في الخلف، ضاقت عيناه وهو يوزع أنظاره بين المرآة الأمامية والجانبية، صرخت “ياسمين” بذُعر :
_هـو في إيـــــــــه؟؟..
تمسك جيدًا بالمقود وهو يُجيبها بعد أن عقد حاجبيهِ بشـ.ـدّة :
_واضح جدًّا أنها مؤامرة عليا.
قالها بعد إدراكه من إصرار ملاحقيهِ على النيل منه أن هناك مؤامرة تمَّ تدبيرها لهُ، وقبل أن يبادر بأي حديث أو بفعل، كانوا بدأوا بإطـ.ـلا.ق النار، أصابت إحدى الرُصاصات المرآة الجانبية، أخرج “عزَّ الدين” سلاحه من خلف ظهره وهو يقول بعصبيةٍ :
_آه يا ولاد الـــ…….، جيتوا للمـ.ـو.ت برجليكم!!..
**************
بداخل المشفى، كان “طائف” جالساً بداخل غُرفة الإستراحة، ولكن أنتفض من مكانه وكذلك قلبه بين ضلوعه عنـ.ـد.ما أستمع إلى أصوات الأطباء الجهورية وهم يُصيحون بـ المُمرضين والمُمرضات، توجه نحو الباب وفتحه ليدلف للخارج بخُطوات راكضة، وجد حالة من الأهتياج والركض تُسيطر على الطابق بأكمله، أوقف الطبيب المسئول عن حالة “روان” ليسأله بخــــوفٍ :
_هو في إيه؟؟..
تشنجت ملامحه وهو يُجيبه :
_معلش يا أُستاذ وسع كده عشان لازم نشوف شُغلنا بسُرعــة!!..
صرخ فيه بعصبيةٍ :
_مـ.ـا.تقول في إيه؟؟.. روان حصلها حاجة؟؟..
ردَّ بقلقٍ بالغ :
_الآنسة إللي جبتها قلبها خلاص بيقف!!!!!…
**************
↚
لا تستجيب حتى لجهاز الكهربي الصاعق، حالة من الفوضى اللاشعورية نشبت في غُرفة العناية المركزة، وهم يجاهدون بأقصى ما لديهم لئلا يفقدون المريـ.ـضة، بينما ساقي “طائف” لم تُعد تتحمل الوقوف، رفض التحرك من مكانه بل ظل واقفاً أمام الزجاج الغُرفة، وبعد معاناه.. أخيراً بدأ النبض يعود لطبيعته شيئاً فشيئاً، كالتي عادت للحياة مرة أُخرى بعد أن كانت على شفى حفرة من المـ.ـو.ت، تنفس الطبيب بإرتياح ثم قال للمُمرضة :
_هاتي حُقنة ***.
قامت المُمرضة بتحضير إبرة طبية عبـ.ـارة عن مزج أكثر من محلول، ثم ناولته إياها ليضخها في المحاليل المعلقة بجوار الفراش كي تتسرب عبر الأنبوب لأوردتها مُباشرةً، ترنح جــــســ ـده ولم يستطع الوقوف أكثر من ذلك فجلس على الأرضية الصلبة غير شاعراً ما يحدث حوله، ركض أحد الأطباء ناحيته قائلاً بقلق :
_أستاذ، يا أستاذ!!.. إنت كويس؟؟..
لم يستمع إلى أي كلمة مما يقول، بل كان جـ.ـا.مد الملامح، وفجأة شعر بأن الظلام يغشى عينيهِ ومـ.ـخـ.ـد.ر ما يتسرب إلى جــــســ ـده، أغمض عينيه فاقداً للوعي عسى أن يهرب من ذلك الأبتلاء ولو لـ دقائق حتى، صرخ الطبيب بأعلى صوت لديهِ مرددًا بصيغة آمره :
_هاتوا سرير النقال بسُرعة!!!!…
**************
أصبح المكان كالحرب الذي نشاهده في الأفلام السينمائية، ظلت “ياسمين” تصدر صرخات عالية وهي تشعر بالفزع، هوى قلبها بين قدmيها مع صوت تبادل إطـ.ـلا.ق النار، بينما أخذ “عزّ الدين” يطـ.ـلق النار عليهم حتى أُصيبت إحدى الرصاصات رأس السائق الذي يقود السيارة الأولى، وقبل أن يتخذ أي خطوة أو أي تصرف، كان سائق السيارة الثانية يوجه فوهه سلاحه نحو “عزّ الدين” ليطـ.ـلق رصاصة هادرة أخترقت أعلى صدره، أغمض عينيه بقوة للحظة قبل أن يفتحهما مُجددًا ثم بكل قوة ضغط على دواسة الوقود، لتنطلق السيارة تنهب الأرض نهبًا، فقدت “ياسمين” توازنها من قوة السرعة، بينما هو ظل ينطلق بأقصى سرعة وبمهارة تستحق الإعجاب، ثم بدون سابق إنذار كان ينحرف بسيارته إلى إحدى الشوارع الجانبية، أصطدmت السيارة الثانية الرصيف بسبب وجود مياة كثيرة على الطريق لتنقلب بعنف، ثواني معدودة وكانت السيارة تنفجر، ليُصبح المكان عاصفة من التراب والدخان والدوى والضجيج، صرخت “ياسمين” بهلع قائلة :
_عز!!!!.. إنت أتصابت؟!!!..
أجابها بهدوء :
_مـ.ـا.تخفيش، أنا لابس سترة واقية من الرصاص.
تنفست الصعداء وهي ترجع رأسها للخلف، أغمضت عينيها بقوة ثم شهقت باكية، أنهمرت دmـ.ـو.عها بغزارة وهي تتخيل فكرة خسارته للأبد، أوقف “عز الدين” السيارة ثم وجه أبصاره عليها ليجد صدرها يعلو ويهبط من كثره البكاء، ومُغمضة العينين، أعتصر قلبه ألــمًا ثم ترجل عن السيارة متوجهًا نحو الباب الآخر، فتحه ثم قال بصوتٍ آمر :
_أنزلي يا ياسمين.
هبطت من السيارة ولكن شعرت بدوار يهاجمها فـ كادت أن تسقط لولا ذراعه الذي حاوط خصرها بنعومة، أرتمت بداخل أحضانه لتصرخ ببكاء، ضم جــــســ ـدها بقوة ومسح على شعر رأسها بحنوٍ مثير، أخذت تُردف بنبرة باكية :
_أنا مش عايزة أخسرك!!.. أرجوك أنا مش عايزة أخسرك إنت بذات، أنا خسرت حاجات كتير فالدنيا دي، معنديش أستعداد أخسرك.
دبت إرتعاشة في جــــســ ـدها فضمها أكثر لتهدأ، ظلت سجينة أحضانه، لدقائق حتى هدأت تماماً، هتف أخيراً بهمس بعد صمت طويل :
_كل حاجة هتتحل، مـ.ـا.تخفيش، كل حاجة هتبقى تمام.
***************
في المشفى، أحضر أحد المُمرضين سريراً نقالاً، ثم أقترب من جــــســ ـد “طائف” ليحمله برفقة ثلاثة من الأطباء، أسندوا جــــســ ـده على السرير بحرص ثم دفعوا ناحية غرفة الطوارئ لفحصه، عقب دخولهم الغُرفة عادوا يحملوا جــــســ ـده ليضعوه على الفراش، بدأ الطبيب بفحصه بدقة عالية، بعد دقائق هتف للمُمرض بأمر :
_هات حُقنة *****.
أومأ المُمرض رأسه قم تحرك ليجلب بعد لحظات إبرة طبية بداخلها محلول، أخذها منه الطبيب وهو يغمغم :
_عنده هبوط في الدورة الدmوية.
***************
وصلا إلى المشفى بعد فترة وجيزة، كان حريص على القدوم والأطمئنان عليها حتى يتسنى له معرفة ماحدث بالتفصيل ولج إلى الأستقبال برفقة زوجته متوجهين نحو الموظف ليسأله عنها، أجابه الأخير بجدية :
_هي فالعناية المركزة.
سأله بصوتٍ حاد :
_طب وحالتها إيه؟؟..
أجابه وهو يمط شفتيه للجانب :
_للأسف حالتها حرجة جداً.
توسعت عينا “ياسمين” بخــــوف، بينما تسائل “عز الدين” متبرمًا :
_طب ممكن أعرف مين إللي جابها هنا؟؟..
رد بعملية وهو يعبث بالأوراق :
_الأستاذ طائف رأفت.
ألجمت الصدmة لسانه وعقدته، مر بباله الكثير من الأسئلة..
كيف يعرف “روان”؟؟.. هل هناك علاقة بينهما؟؟.. وإن كانت الإجابة نعم، ها هي علاقة غرام أم علاقة عمل؟؟.. كيف علم بحادثتها تلك؟؟.. هل يعلم بعملها عند عدوه؟؟..وهل كانت تعمل معه طوال تلك الفترة على أنها جاسوسة؟؟…
خرج من شروده بعد دقيقة ثم عاد يسأله بغلظة :
_ألاقيه فين الأستاذ؟؟..
هتف بهدوء :
_في غرفة الطوارئ.
هز رأسه بجدية ثم قبض على يد زوجته ليتحركا نحو المصعد، فتحه أحد العاملين بالمشفى لتدخل “ياسمين” أولاً ولحق بها “عز الدين”، بعدها بثواني معدودة كان خرج وهو محاوط خصرها، ثم تحركا نحو غرفة الطوارئ، أستدار لها ليهتف بصوت أجش :
_روحي إنتي شوفي الأستاذة روان وأ عـ.ـر.في مين إللي مسئول عن حالتها؟؟.. وأ عـ.ـر.في منه وضعها الحالي، وأنا رايحله.
ردت عليه بنبرة عادية :
_ماشي.
ظل ينظر لها بعينين كالصقر حتى أنصرفت، أمسك بمقبض الباب ثم أداره لينفتح، دلف للداخل ليجده ممددًا على الفراش، تقوس فمه بإبتسامة قاسية وهو يتحرك نحو المقعد ليجلس عليه، دقق في ملامحه ليجدها واهنة وفي ذات الوقت متهجمة، رفع ساقه ليضعها على الأُخرى ثم أسترخى أكثر في جلسته ناظرًا إليه بملامح غامضة مريبة.
دقائق.. كانت تتلاحق أنفاس “طائف” وفي خياله مشهد توقف قلبها، زادت تلاحق أنفاسه حتى كاد يختنق في نومه، أنتفض جــــســ ـده فجأة ثم فتح عينيه ناهضًا من رقدته وهو يصيح :
_لأ، روان!!!!..
بلع ريقه بصعوبة وهو يتمتم بألــم :
_لأ ده كابوس، هي هتبقى كويسة.
ألتفت “طائف” برأسه عفوياً ليجد عدوه جالساً بإسترخاء، ناظرًا إليه بجمود وغموض، أنتفض من مكانه للمرة الثانية وهو يقول :
_بسم الله الرحمن الرحيم.
إبتسم إبتسامة جانبية وهو يقول بتهكم :
_حمدالله على السلامة.
سأله بحدة قاسية :
_إيه إللي جابك هنا؟؟..
لم يجيبه بل سأله هو الآخر بحدة صارمة :
_تعرف روان منين يا إبن رأفت الحديدي؟؟..
أجابه بدون تفكير :
_بصفتك إيه تسألني؟؟..
هب من مكانه واقفاً ثم دنا منه وهو يقول بصرامة :
_لأ ماهو إنت هتقول يعني هتقول، قول بالزوق بدل ما أخليك تقول بالعافـ.ـية.
صاح “طائف” بغـــضــــب :
_هتعمل إيه يعني يا إبن السيوفي ؟؟.. هتقــ,تــلني زي ما قــ,تــلت أُمي؟؟!!..
صرخ “عز الدين” بعصبية :
_أنا مقــ,تــلتهاش ،ده كان قدرها.
هدر “طائف” فيه بحقد :
_لأ أقــ,تــلتها وكنت متعمد، بس أنا إللي هقــ,تــلك وهشرب من دmك.
قال بســـخريـــة :
_ليه هو إنت متعرفش أن أبوك بعت رجـ.ـا.لة ورايا عشان يخلصوا عليا؟؟..
أردف بغـــضــــب جامح :
_معرفش، أنا ماليش دعوة بأفعال أبويا.
هتف “عز الدين” بهدوء مريب :
_بالنسبة أنك تعرف روان منين؟؟.. فأنا هخليك تتكلم بس مش دلوقتي، لو عايز تسمعني وتعرف الحقيقة، قول وأنا هوريك الحقيقة بالدليل، لأنك لازم تعرف إني مش هسيب أبوك، وهنـ.ـد.مه على كل تصرف وفعل عمله فيا، وهخليه يشوف أوحش أيام حياته بسبب كل دmعة نزلت من عين مراتي، أنا هاسيبك ترتاح، بس لينا كلام تاني.
ثم لوح بيده قائلاً :
_سلام.
تحرك نحو باب الغرفة ليدلف للخارج، وقبل أن يتحرك، في هذهِ اللحظة أصدر فيها هاتفه المحمول رنينًا صاخبًا، لم يتردد في الرد وهو يقول بنفاذ الصبر :
_خير يا سُعاد!!.. بتتصلي ليه؟؟..
هتفت بنبرة باكية :
_أبوك يا بيه.
أنقبض قلبه وهو يتسائل بقلق :
_ماله؟؟.. هو تعب؟؟.. جراله حاجة؟؟!!..
أجابته بصوتٍ باكي :
_البقاء لله، بدران بيه تعيش إنت يا عز باشا!!!…
**************
↚
أتسعت عيناه بصدmة واضحة، زادت ضـ.ـر.بات قلبه، ران الصمت على المكان بضع لحظات، قبل أن يشـ.ـد قامته أكثر محاولاً أستعادة سيطرته على أعصابه قبل أن يغمغم وهو يُلقي جــــســ ـده على أقرب مقعد إليهِ :
_إزاي ده حصل؟؟..
أجابتـــــه بصوتٍ مُتحشرج :
_الدكتور بيقول أزمة قلبية مفاجئة.
للمرة الثانية على التوالي تُصيبــــــه الصاعقة، أصابته الصدmة والذهول معًا، هتف بهمسٍ خافت حــاد :
_خلي الدكتور ميمشيش، أنا جاي حالاً.
أغلق الهاتف ثم وضعه بداخل جيب سترته، أطرق “عزّ الدين” واجمًا ووضع رأسه بين كفيهِ، ظل على تلك الوضعية قبل أن يشعر بكف يد يوضع على ذراعه، رفع رأسه لـ يجد “ياسمين” تحدجه بنظراتٍ قلقة، أرتسمت على تعبيراتها علامـ.ـا.ت الإستفهام مُتسائلة بهدوئها المُعتاد :
_مالك يا عزّ؟؟.. في حاجة حصلت؟؟!!..
تطَّلع أمامه في الفراغ لـ ثوانٍ قبل أن يُجيبهـــا من زاوية فمــه قائلاً بحُزن :
_والدي تعيشي إنتي.
لم تحدْ بنظراتها عن وجهه مرددة بعدm تصديق :
_إيــــــــــــــه!!!.. إزاي؟؟!!..
لم يُجيبهـــا بل ظل جـ.ـا.مدًا في مكانه، أمسكت بـ يديهِ وهي تقول بتأثر كبير وقد لمعت عيناها بالدmـ.ـو.ع :
_طب قوم معايا، يالا لازم نروح البيت.
كور يده بقوة مُتمالكًا أعصابه ثم نهض من مكانه متوجهًا برفقتها نحو الخارج، خرج من المشفى بأكملها، ثم أستقل سيارته وجلست بجواره لينطلق مُسرعًا نحو قصره.
**************
هبط “طائف” من على الفراش ثم خرج من الغُرفة راكضًا نحو العناية المركزة، وقف أمام الزجاج ناظرًا إليها بعيني لامعة من التأثر، أقترب منه مُمرض في العقد الرابع من عُمره، وقف بجواره ثم قال وهو يمد يده بـ كأسًا من العصير :
_أتفضل يا أُستاذ، إنت جالك هبوط ولازم تشرب حاجة.
أخذها منه دون أن ينطق بكلمة واحدة، تابع الأخير بإبتسامة مُتفائلة :
_أنا حاسس بيك، بس مـ.ـا.تقلقش هي حالتها الصحية بتتحسن عن الأول بـ كتيـــــر.
سألـــــــه بنبرة تلهف :
_بجد؟؟!!..
أجابــــــــــه بـ بسمة صغيرة :
_أيوة مـ.ـا.تقلقش بس إنت واضح إنك بتحبها أوي، على العموم ربنا يقومها بالسلامة، عن إذنك.
تركــــــه بـ مُفرده لـ ينصرف متوجهًا لـ مكانٍ ما لـ يُتابع عمله، بينما ظل “طائف” واقفاً يُحدق أمامه بذهول، أمن المعقول أنه يُحبهــــــا؟؟!!..
نعم ولمَ لا؟؟!!.. فهو مُنذ أن رأها وهو يشعر بتزايد نبضات قلبه، هو لا يؤمن بوجود الحُبَّ من أول نظرة، ولكن تلك التجربة أثبتت العكس تماماً، فلقد عشقها عشق لا مثيل له.
**************
_إيــــــــــــــــــه!!!!!..
هدر بيها “رأفت الحديدي” وهو يهب واقفاً من مكانه ثائرًا، قبض على هاتفه بقسوة أكثر وهو يُتابع بغـــضــــبٍ جامح وأعصاب ثائرة :
_يعني إيه عايشة؟؟!!.. إزاي ده حصل؟؟.. هي مش عايشة لوحدها ومقطوعة من الشجرة، مين إبن الـ….. إللي أنقذها في وقت متأخر زي ده؟؟..
أجابـــــه المُتصل بجدية :
_ما هي دي الكارثة التانية با باشا، أنا أكتشفت إللي ورا إنقاذها يبقى إبن حضرتك.
تمتم بهمسٍ صـادm :
_إيــــــــــه!!.. إنت واعي إللي إنت بتقوله؟؟..
غمغم الرجل بهدوء :
_زي ما بقول يا بيه، ومن شوية تعب جـ.ـا.مد، جاله هبوط في الدورة الدmوية، بس فـــاق وبقى كويس، ومن عشر دقايق مشي بس معرفش راح فين!!..
صرخ الأخير بغـــضــــبٍ :
_طب أقفل، وتابع إللي بيحصل أول بأول، جتك داهية زي الأخبـ.ـار إللي بتجبهالي!!..
أغلق دون أن يسمع رده ثم ألقى الهاتف على سطح المكتب، نظر حوله نظراتٍ شرسة، لم يستطع الصمود طويلاً حيثُ صرخ بقوة وهو يضـ.ـر.ب الحائط بـ كلتا ذراعيهِ :
_ماشي يا طائف يا***، والله لأوريك!!..
ظل يسب ويلعن، أخذ يتواعد له بأشـ.ـد عقـ.ـا.ب، بعد دقائق كثيرة، أستمع إلى صوت إغلاق باب القصر، فتحرك للخارج والشر يتطاير من عينيهِ الظالمين، وجد إبنه على وشك الصعود على الدرج، هدر بإسمه بنبرة جهورية، فـ أستدار ناحيته لـ يرمقه “رأفت” بنظراتٍ لا تحمل الرحمة، نظر له بعيني دقيقة فأنتبه للدmاء التي على قميصه، تقدm منه ثم رفع يده للأعلى لـ يصفعه بقسوة على صدغه، لم يهتز كيانه بل كان جـ.ـا.مدًا، صاح فيه بعصبية :
_إنت تعمل فيا أنا كده!!.. تعمل فـ رأفت الحديدي كده؟!!!..
صمت للحظة قبل أن يُضيف بذات العصبية ولكن أشرس عن ذي قبل وقد ظهرت عروق نحره :
_إنت أكيد مش إبني، أكيد مش من صُلبي، إنت تغير هدومك ومشوفش وشك تاني، لا إنت إبني ولا أعرفك يا كلـب لحد ما تبقى زيي!!!..
ثم دفعه بكلتا يديهِ وهو يصـ.ـر.خ في صرامة وأكثر قسوة، وقد أكتسى صوته بنبرة مُخيفة :
_غـــور!!.. غور من قُدامي يا حـ.ـيو.ان يا كـلب!!..
رمق والده بنظراتٍ جـ.ـا.مدة، نظرات لا وجود لها أي معنى، فقد كان كل ما في قلبه غامضًا خافيًا مُضطربًا، لم ينبس ببـ.ـنت شفة، بل أستدار ثم تحرك للصعود على الدرج متوجهًا نحو غُرفته لـ يُغادر من القصر وربما للأبد!!!..
**************
أمر الخادmـ.ـا.ت وحتى زوجته بعدm دخول الغُرفة التي يقبع فيها والده، أخذ ينظر لـ والده نظراتٍ جـ.ـا.مدة خلفها الكثير من الحُزن، بينما يقف الطبيب الذي يُدعى “صلاح” خلفه مُنتظرًا أن يحدثه بشأن والده الراحل، أغمض “عزّ الدين” عينيهِ للحظاتٍ معدودة وهو يسحب نفسًا عميقاً ليحرره بعد ثوانٍ، فتح عينيهِ ثم ألتفت لـ الطبيب ليسأله باللهجة حــادة :
_إنت كنت عارف أن عنده القلب؟؟!!..
حرك رأسه إيجابياً بخفة وهو يرُدَّ :
_أيوة يا عزّ باشا كُنت عارف، أكتشفنا أنه عنده القلب من سنة ونُص.
تقدm منه كالثور الهائج ليمسكه من تلابيبه، أشتعلت عيناه الرمادية بغـــضــــبٍ جامح كالأسود التي ستنقض على فريستها، صــاح فيه بغـــضــــبٍ :
_وإزاي متقوليش؟؟!!!.. إزاي متقوليش يا مُتخلف إنت؟!!..
أجابــــــــــه بهلع حينما أدرك أن وجه رب عمله تحول للذئب :
_والد حضرتك وصاني وشـ.ـدد عليا إني مقولكش إنت بذات.
سأله بغلظة وعصبية :
_في حد كان عارف بمرضه غيرك؟؟!!..
رد بصوتٍ خائف :
_الوحيدة إللي كانت تعرف بمرضه كانت ياسمين هانم.
حدق “عزّ الدين” به بذهول مع إتساع عينيهِ الطفيف الذي أثبت أنه واقع تحت تأثير صدmة لثالث مرة على التوالي، تشنجت عضلات وجهه بقسوة حتى نفرت عروق جبينه بدرجة عنيفة، أظلمت عيناه فجأة لظلامٍ دامس يخلو منها الحياة ثم قال له بنبرة تُشبه فحيح لأفاعي :
_غـــور ،غور بدل ما أقــ,تــلك وأشرب من دmك، غــــــور!!!!!..
دفعــه بعُنف فـ كاد أن يسقط ولكن تمالك نفسه على آخر لحظة، هرب من أمامه وهو يشعر بالفزع، خرج “عزّ الدين” من الغُرفة بعد أن قبَّل جبين والده قُبلةً أخيرة متوجهًا نحو حُجرة مكتبه، لمحته “ياسمين” فهرولت ناحيته وهي تشعر بالقلق عليهِ، أطاح “عزّ الدين” ما على المكتب ثم ضـ.ـر.ب على سطحه بقوة عدة مرات وهو يزمجر بغـــضــــب، أستمع إلى صوت شهقات أطلقتها “ياسمين” فنظر خلفه بإتجاه الباب نظراتٍ مُظلمة، أنتفضت من مكانها على نظراته القاسية والمُظلمة، كانت تستمع إلى صوت تنفسه المُتسارع الغاضب، أقترب منها ببُطء وهو يسألها بنبرة لا تُبشر بالخير على الإطـ.ـلا.ق :
_إنتي كُنتي عارفة بتعب أبويا؟؟!!..
أتسعت عيناها بإرتعاد واضح، تراجعت للخلف وهي تُجيبه بصوتٍ مُرتجف :
_آآ.. آ.. أيوة، بس…
زمجر بعصبية :
_بس إيه؟؟!!.. إنطقي!!..
شهقت بذعر من عصبيته فهتفت برعُب :
_هو طلب مني مقولش لحد، طلب إني مجبش سيرة لأي حد و…
قاطعها بأعصاب ثائرة :
_أنا مش أي حد!!.. أنا إبنه، وإبنه الوحيد كمان؟؟!!.. كنتي لازم تقوليلي، إنتي خبيتي عليا أهم سر!!!..
كادت أن تتحدث ولكن قاطعها بصوته المُخيف :
_أمشي، أمشي يا ياسمين، بدل ما أطلع عصبيتي عليكي، وعصبيتي مفيش حد أدها، فـ أمشــــي!!..
أغمضت عيناها لتهبط دmعتين من عينيها ثم تحركت نحو الخارج بخُطوات سريعة، أما “عز الدين” فظل يراقبها حتى أختفت وقد أنعقد حاجباه في صرامة قاسية، برقت عيناه في غـــضــــب ثم أستدار نحو مكتبه ليضـ.ـر.ب بقبضته على سطح المكتب قائلاً في سُخرية :
_حتى إنتي يا ياسمين صدmتيني!!.. طيب مبقاش عز الدين السيوفي إما خليتك تحسي بنفس النار إللي جوايا.
مهما بلغ عشقه لها، ستظل القسوة بداخل قلبه، تلك القسوة التي أعترته مُنذ سنواتٍ طويلة، بالرغم من أنه يعشقها حتى النخاع، عشق لا يوجد مثله في ذاك الزمن، إلا أن قسوتـه أطبعت على قلبه!!!..
**************
قرر أن يقوم بمكالمة هاتفية لـ رفيق عمره، مُنذ الصباح الباكر وهو يشعر بإنقباضة حادة في قلبه من ناحية صديقه الوحيد، أمسك هاتفه ثم قام بالإتصال ولكن وجد الهاتف مُغلق أو غير مُتاح، فقرر بدون تفكير أن يتصل بصديقة طفولته وزوجة رفيقه “ياسمين” لـ يجد ذات الأمر، زاد قلقه وتـ.ـو.تره بشكل كبير وملحوظ، حيثُ سألته “مُنى” وهي تمسك بهاتفها :
_مالك يا إيهاب؟؟!!.. من الصُبح وإنت سرحان؟؟!!.. مالك؟!!..
هتف بقلق بالغ :
_قلبي مقبوض على عز أوي، حاسس في حاجة حصلت، قلت أكلمه دلوقتي بس مفيش رد، وياسمين نفس الكلام، الأتنين موبيلتهم مقفولين!!..
كانت تتصفح على موقع التواصل الاجتماعي” فيسبوك”، شهقت بصدmة عارمة وهي تقول بخــــوفٍ :
_ألحق يا إيهاب!!.. جريدة الـ… والـ… منزلين خبر وفاة بدران السيوفي!!..
_إيــــــــــه!!..
جذب منها الهاتف لـ يرى تلك الأخبـ.ـار العاجلة، هب واقفاً من مكانه وهو يقول بصيغة آمره :
_إحنا لازم نرجع حالاً، مش هستنى دقيقة واحدة هنــا!!..
**************
في المساء، أنتهت مراسم الدفن ليعود “عز الدين” إلى قصره، وعقله في عالم آخر، دخل غُرفته ثم قام بتبديل ملابسه وبعدها تحرك نحو الشرفة لكي تُداعب نسمـ.ـا.ت الهواء العليل روحه المشوهة!!..
أقتربت منهُ بحذرٍ وبخُطوات هادئة مُرتبكة وهي تشعُر بتلك الغصة المريرة التي تقف في مُنتصف حلقها، وتأبى النزول، أرتجفت قدmاها تلقائياً حينما أوشكت على الوصول إليه، مدت يدها المرتعشة نحوهُ لتضعها على ذراعهُ المفتول بالعضلات، وتمتمت بنبرة تلعثم :
_عـ ..عزّ أناا!!..
لم تجد أيّ كلمة تقولها، هي تعلم أنّها أخطأت، وهُو لا يغفر أيّ خطأ، والخطأ الذي أخطئتهُ بالنسبة إليه خطأٍ كبيرٍ، أعتدل في وقفتهُ الثابتة بعد أن أرخى وأبعد مرفقيهِ، والتفت برأسهُ نحوها ناظراً إليها بعينين ظالمتين كالظلام الدامس، أبعدت يدها لتبعد تلك الخصلة المُتمردة من على جبينها ووضعتها خلف أُذنها بتـ.ـو.تر، رمقها بقسوة قبل أن يقول :
_عايزة إيه ؟!..
جف حلقها من فرط القلق والخــــوف من ردّة فعلهُ، فتابع هو وقد تقوس فمهُ بإبتسامة ساخرة :
_آخر حاجة أتوقعها منك، إزاي تعملي كده ؟؟!..
ثُم هتف بقسوة صارخاً فيها بغـــضــــبٍ غيرُ مصدقّ :
_ إزاي ؟!!..
أنهمرت دmـ.ـو.عها الحـــارة وهتفت برجاء :
_ والله ما كان قصدي، بس أنا وعدتهُ و…
جذبها من معصمها لتصطدm بصدرهُ الذي كالصلب وهو يقول بحدة :
_أنا أوّل شخصٌ المفروض كان يعرف، بس إنتي كدبتي عليا.
تابع وهو يضغط على كُل كلمة بنفس النبرة :
_وأنا مش بسامح إللي بيكـ.ـدب عليا يا ياسمين، وإنتي للأسف كدبتي وخدعتيني .
لم تُبالي بذلك الألــم الذي بدأت تشعُر به في معصمها، كفكفت دmـ.ـو.عها بكفي يدها الأُُخرى وهي تردف برجاء :
_أنا آسفة يا عزّ، أنا…
قاطعها بصرامة وهو يترك معصمها :
_خلاص خلص الكلام.
لم تختفي نظرات الرجاء والتوسل من عينيها الخضرواتين، ولكُنّ لم يبالي بنظراتها وبادلها هو بنظرات قاسية للغاية، ثُمّ قال بصوتٍ مليئ بالهدوء رغم تهجم ملامحهُ :
_من النهاردة إنتي هتنامي في الأوضة لوحدك ومفيش خروج طبعاً من البيت إلا بأذني .
سألتهُ بحـ.ـز.نٍ :
_طب وإنت هتنام فين ؟؟!!..
ردّ عليها ببرودٍ قاسٍ :
_في المكتب، لأني مش طايق أنام جمبك ولا حتى أشوفك.
طـــعـــنها بتلك الكلمـ.ـا.ت القاسية، ثُمّ تركها مُسرعاً وخرج من الشُرفة بخُطوات راكضة وكأنّــهُ يهرب من عدو، حتى خرج من الغُرفة بأكملها، جلست “ياسمين” على المقعد بصدmة واضحة وهي تنظر في أعقـ.ـا.به مدهوشة على ما حدث، وجهت بصرها على ذلك البدر، ليخيل لها أن نورهُ الساطع أنّها في حلمٍ ثقيلٍ، ولن تستيقظ منهُ إلا بعد معناه.
**************
↚
وصلا كُلاً من “إيهاب” و”مُنى” إلى قصر عائلة السيوفي، ترجل عن السيارة صافقًا بابها بقوة وكذلك “مُنى” التي تحركت بخُطوات متعجلة معه نحو الداخل، دخلا القصر بهدوء ثم بحث “إيهاب” بأنظاره عن رفيقه أو زوجته، لم يجد سوى كبيرة الخدm، فركض نحوها ثم سألها بصوتٍ أجش :
_هو فين عز ومـ.ـر.اته ؟؟..
أجابتــــه بصوتٍ حزين :
_عز باشا لسه حالاً داخل المكتب، إنما ياسمين هانم فوق فالأوضة!!..
نظر لها نظرةً أخيرة قبل أن يتحرك نحو حجرة المكتب بخُطوات مهرولة وخلفه “مُنى” التي شعرت بالقلق عليهما، كاد أن يقرع على باب المكتب ولكن تخشب جــــســ ـده للحظة حينما أستمع إلى صوت تهشم وكـ.ـسر أشياء، وبدون أن يفكر مرتين، كان يمسك بمقبض الباب ثم أداره لينفتح الباب على مصراعيه، وقعت أعينه القلقة عليه وهو يسند بكلتا يديهِ على سطح المكتب، ألتفت” عزّ الدين” بغـــضــــب ناحية الباب ليجد رفيقه ينظر له بقلق، صاح به غـــضــــباً :
_إنت إزاي تفتح الباب كده من غير ما تخبط؟؟!!..
أقترب منه بحذر شـ.ـديد وهو يجيبه :
_أنا قلقت عليك لما سمعت صوت كـ.ـسر، وياريت تهدى يا عز.
ثم ألتفت ناحية زوجته وهو يقول بهدوء :
_أطلعي لـ ياسمين يا مُنى.
هزت رأسها بالموافقة ولكن عنـ.ـد.ما أستدارت وجدتها تركض ناحيتهم، هتفت “مُنى” وهي تُشير بيدها :
_ياسمين جاية أهو!!..
دخلت “ياسمين” الحجرة ثم توجهت نحو “عزّ الدين” تألقت عيناها ببريق حازم وهي تردد :
_عز إنت لازم تسمعني!!..
أحمرت عيني “عز الدين” حنقًا قائلاً بصرامة :
_وأنا مش عايز أسمعك، أسمعك ليه؟؟.. هَــاا؟!!..
فاض بها الكيل وهي تصرخ به:
_عشان أنا أكتشفت إني مغلطش، هو طلب مني وأنا وعدته.
أمسك برسغها متسائلاً بعصبية :
_أشمعنى إنتي ؟؟!!.. إنتي وقتها كُنتي مُديرة مكتبه!!.. يقولك إنتي وميقولش لإبنه؟!!.. ليه بقــى؟؟!!..
أقترب منهما “إيهاب” وهو يقول :
_ما تهدى يا عز، رغم أنا مش فاهم أي حاجة منكوا بس مينفعش كده!!..
ألتفت ناحية “مُنى” وهو يأمرها بـ :
_خُدي ياسمين يا مُنى، وأطلعوا عشان أتكلم مع عز شوية لوحدينا.
صاح بهم “عزّ الدين” وقد تشنجت عضلات فكه بقسوة :
_لأ أنا مش هتكلم مع حد، أنا ماشي!!!..
وبدون أن ينتظر رد أحد منهم، كان يتحرك بخُطوات سريعة نحو الخارج، أنخرطت “ياسمين” فجأة في بكاء، ووضعت يدها على فمها لتمنع شهاقتها من الخروج، بينما هتف “إيهاب” بضجر:
_خليكوا هنا، أنا رايح ألحقه.
ثم تحرك لخارج المكتب ليلحق به، أنهمرت دmـ.ـو.عها بغزارة، لتضمها “مُنى” بداخل أحضانها وهي تسحبها نحو الأريكة، جلسن سويًا وهي مازالت تحتضنها، ظلت تمسح على شعرها بحنان بينما قالت “ياسمين” بكاء مرير :
_أنا مغلطش، دي كانت أمانة، أنا وعدته ومكنش ينفع أخلف وعدي، أنا تعبانة أوي!!..
زادت من ضمها بداخل أحضانها وهي تقول بإبتسامة حانية :
_طب أهدي، أهدي عشان خاطري، وفهميني كده إيه إللي حصل؟؟!!..
تراجعت عنها ثم كفكفت عبراتها بظهر يدها مرددة بإصرار :
_أنا هحكيلك.
**************
كالعادة.. صف سيارته بعد وصوله إلى المكان المفضل إليه حينما يشعر بإختناق حيثُ ترجل عن السيارة لينظر بعينيه على تلك الصحراء، شعر بكف يد على ذراعه، لم يفكر أن يلتفت بل ظل ينظر أمامه بشرود، أبعد “إيهاب” يده عنه ليعقد ساعديه أمام صدره ثم أسند بظهره على السيارة، تطلع “عزّ الدين” أمامه في الفراغ لثوانٍ قبل أن يقول بشرود :
_أنا مش بلحق أفرح!!.. مش عارف ليه حاسس أن في حاجة نقصاني!!..
أصغى إليه بإهتمام ليُتابع بذات الشرود :
_رغم إهماله ليا بس حسيت الفترة الأخيرة دي إنه بيحبني!!..
تراجع عدة خُطوات قائلاً بصراخ :
_أنا إيه إللي بيحصلي ده!!.. أعدائي بيتلموا حواليا، وأبويا سابني فجأة وياسمين خبت عليا أهم سر!!…
صاح بنبرة جهورية :
_ليــــــــــــــــــــــه!!!!…
أنقبض قلبه نوعًا ما، حرر ساعديه وأبعد ظهره عن السيارة قائلاً برجاء :
_أهدى يا عز، إنت كده بتأذي نفسك!!..
نظر “عزّ الدين” إليه وقد هدأت ثورته وقال ساخراً :
_وأنا من إمتى ما أتأذيتش يا إيهاب ؟؟!!!..
دنا منه “إيهاب” وهو يحدجــه بنظراتٍ مُشفقة، وضع يده على كتفه عاجزاً عن إيجاد كلمـ.ـا.ت مُناسبة لتلك الظروف، أرتخت ساقي “عزّ الدين” حيثُ لم يتحمل الوقوف أكثر من ذلك، جلس على الأرضية مُستندًا بـ ظهره على السيارة، هتف بنبرة واهنة :
_مكنتش أتوقع إني بحبه أوي كده وأرجع أتعـ.ـذ.ب من أول وجديد !!..
قالها ثم أغمض عينيهِ ليصـ.ـر.خ رفيقـــه برعـ.ـب :
_لأ!!!.. عـــــز!!!..
جثى على ركبته أمامه ليمسك رأسه براحتي يده، هز رأسه بقوة بين يديه قائلاً بنبرة قوية:
_لأ مـ.ـا.تغمضش عينك!!.. أوعى تعمل كده!!.. إنتي قوي مينفعش تعمل كده!!..
هدر به بصوت جهوري وهو يُضيف :
_فـــوق يا عز، فوق عشان خاطر نفسك، إنت بتنهار وده مش وقت إنهيار وأنا مش هسمحلك بـ ده!!..
فتح “عزّ الدين” عينيه في شئ من البطء وهو يتمتم :
_مـ.ـا.تقلقش عليا، أنا بس دوخت شوية، ساعدني أقوم يا إيهاب.
مد يده نحوه لـ يساعده على النهوض، نهض معه ثم أستقل سيارته بينما أستقل “إيهاب” مقعد القيادة، ألتفت برأسه ناحية رفيقه متسائلاً بنظرة ذات مغزى :
_مش هتقولي بقى أتخانقت مع ياسمين ليه؟؟!!..
**************
مرت ثلاثة أيام عليهم دون أن يتحدث معها ولو بكلمة واحدة، وكذلك هي لم تحاول أن تتحدث معه.
أصبح عصبيًا بشكلاً زائد في تلك الأيام، ظهر ذلك بوضوح في شركته، حيثُ كان يثور غـــضــــباً على موظفينه إذا أخطأ أحدهم حتى لو كان خطأٍ صغير، لاحظ “إيهاب” هذا التغير ولكن لم يحاول أن يتحدث معاه حتى يهدأ تماماً.
أما هي.. كانت في أعتكافها ساكنة تقضي أكثر الوقت في فراشها، وتبكي أحياناً ولا تدري ما الذي أبكاها، حتى حال لونها وذبلت نضرتها وأمتلأ صدرها كآبة وهماً، وفي بعض الأحيان تشعر بأنها لم تعد تطيق الحياة.
**************
مضت تلك الأيام عليه بثقل وهو يلازمها بالمشفى مترقبًا إفاقتها بين لحظة وأخرى، كان يقضي لياليه معها، ولم يغادر الغرفة إلا عند الضرورة القصوى، أستعادت وعيها تدريجيًا بعد فترة، حركت رأسها وهي تئن بهمسٍ ضعيف، فتحت جفنيها بتثاقل شـ.ـديد، تهجمت تعابير وجهها مع محاولتها الأعتياد على الإضاءة القوية، أقترب منها “طائف” وجلس على طرف الفراش قائلاً ببهجة :
_روان، روان إنتي سمعاني؟؟!!..
فتحت عينيها أخيراً، دققت في ملامحه وهي تشعر بالغرابة، وفجأة تذكرت كل شئ، أنتفضت من مكانها قائلة بذعر بيّن:
_هيقــ,تــلني!!!..
أمسك ذراعيها وهو يقول بحزم :
_مـ.ـا.تقلقيش محدش هيقرب منك!!..
لمعت عيناها وهي تتسائل بخــــوف :
_إنت جبتني هنا إزاي؟؟!!..
لم يرد عليها، نظرت له بذات الخــــوف ولكن تلك المرة أتسعت حدقتاها وهي تقول :
_أبوك هو إللي بعت القـ.ـا.تل عشان يقــ,تــلني، صح؟؟!!..
هتف بعيني لامعة :
_روان، أنا حاسس بيكي، بس لازم ت عـ.ـر.في إني أنقذتك، وأنا بوعدك إن محدش هـ..
هتف وقد هبطت دmعة من عينيها :
_حـ.ـر.ام عليكوا، أنا مفتحتش بؤي ولا قولت حاجة لمستر عزّ!!!.. ليه تعملوا فيا كده؟؟!!..
مسح تلك الدmعة بأنماله الرقيقة قائلاً بهدوء وعلى وجهه بسمة صغيرة :
_طب أهدي عشان خاطري، ونامي دلوقتي، أنا عايزك ترتاحي وبعدين نتكلم براحتنا.
حقاً كانت في أشـ.ـد حاجة إلى النوم، أغمضت عيناها لتستسلم بعد لحظات إلى خدر عقلها الطبيعي، مسح على جبينها بنعومة وهو يقول بنـ.ـد.م :
_أنا كنت حاسس إنك مقولتيش حاجة، كنت حاسس، بس كل إللي هيحصل ده هيعدي، والأيام هتثبت ده.
ضيق عينيه القاسيتين قائلاً :
_بس لازم دلوقتي أول حاجة أعملها هو إني أروح لـ عز الدين السيوفي.
**************
كانت تجلس بداخل غرفتها، شعرت بالتعب يغدو جــــســ ـدها بطريقة سلبية، هبطت من على الفراش، ثم توجهت داخل المرحاض، وبعد أن أغتسلت خطت للخارج وهي تزيل عن وجهها قطرات المياة البـ.ـاردة بمنشفتها القطنية، شعرت بدوار شـ.ـديد في رأسها، فقاومت ذلك الشعور وأستندت على الحائط لكي لا تسقط أرضًا، ولكن شعورها لم يستسلم قط، لم تعد تشعر بقداماها ورأسها شعرت بثقلها الشـ.ـديد الذي يزداد كل لحظة، تقدmت نحو الفراش بصعوبة ولم تستطع الصمود أكثر من ذلك فسقطت فوق الفراش، جاهدت فتح عينيها ولكن فشلت في ذلك، أستسلمت لذلك المـ.ـخـ.ـد.ر الذي يتسرب بداخلها، أغمضت عينيها مُتغيبة عن الوعي تمامًا.
**************
كان واقفاً بداخل مكتبه وهو يثور غـــضــــباً، صاح فيهم بإنفعال جلي على عدm إنجازهم في العمل حيث قال بغـــضــــب :
_خصم ليكوا تلات تيام عشان إهمالكوا ده.
حاول أحدهم الحديث ولكن قبل أن يشرع في ذلك وجد رب عمله يُصيح فيهم بأمر :
_بـــــرا!!..
تحركوا نحو الخارج وفي ذات الوقت دخل “إيهاب” المكتب وهو ينظر إليه نظرات ذات مغزى، لم يحتاج الأخير تفسيرها على الإطـ.ـلا.ق، قال بخُبث :
_يا أخي طالمًا مش قادر على بُعدها، منشف دmاغك ليه؟؟!!..
لم يرد عليه فتابع الأخير بصدق :
_على فكرة ياسمين مغلطتش فالموضوع ده، دي مقالتش لـ صديقة عُمرها حتى، هي أحتفظت بالسر، حـ.ـر.ام عليك إللي بتعملوا ده!!.. إنت حتى مش بتشوفها ولا بتطمن عليها!!..
قال “عزّ الدين” متبرمًا :
_مين قالك كده؟؟!!.. سُعاد بتبلغني كل حاجة أول بأول، وبتقولي عملت إيه و…
لم يكد يتم عبـ.ـارته حتى أصدر هاتفه رنينًا صاخبًا، سحبه من على سطح المكتب ثم حدق في الأسم قائلاً بإقتضاب :
_أهيه جت على السيرة.
ضغط على زر الإيجاب ثم وضع الهاتف على أذنه مُتسائلاً بغلظة :
_أيوة يا سُعاد، خير في جديد؟؟!!..
هتف بنبرة قلقة للغاية :
_ألحق يا عز باشا، ياسمين هانم مُغمى عليها فأوضتها وأنا مش عارفة أتصرف!!!..
خفق قلبه بقوة للغاية، هب واقفاً من مكانه قائلاً بصدmة جلية :
_إيـــــــــــــه!!!!…
**************
↚
توقف الزمن تماماً وكأن قلبه يرفض التصديق، إبتلع ريقه بصعوبة بالغة وهو يشعر بنبضات قلبه التي تتزايد بصورة غير طبيعية، تقلبت عيناه فيما حوله في خــــوف وكأنه عاجزاً عن التفكير، لم يكن متوقعًا أن تتدهور حالتها لتلك الدرجة، دار حول مكتبه راكضًا نحو الباب الغُرفة وهو يهدر بصوته :
_متكلميش حد، أنا جايلك حالاً.
أغلق الهاتف ولكن قبل أن يخرج كان يجتذبه “إيهاب” ناحيته متسائلاً بقلقٍ حـاد :
_في إيــــه يا عز؟؟!!..
أبعد يده عنه وهو يقول بلهجة حــادة :
_ياسمين أُغم عليها، خليك هنا متتحركش خطوة وتابع الشُغل، وأنا رايح القصر.
قال بهدوءٍ متزن :
_طب أبقى طمني.
رمقه نظرةً أخيرة ثم برح المكتب يضـ.ـر.ب الأرض بقدmيهِ، أثناء ذلك قام بمكالمة هاتفية مع أحد الأطباء الذي يعمل في إحدى مستشفيات الكبرى، أجاب الطبيب في الثانية بسرور :
_عز باشا بيكلمني بنفسه مش معقول، ده….
قاطعه بصرامة أخافته :
_نُص ساعة وهكون عندك فالمستشفى، تشوفلي دكتورة مش دكتور تشوف حالة مراتي لأنها أُغم عليها، مفهوم؟؟!!..
كاد أن يسأله سؤال ما ولكن أغلق الهاتف فجأة، فنظر لشاشة هاتفه قائلاً وهو يذم شفتيه :
_هو ده عز الدين السيوفي.
أستقل مكانه في السيارة وبدأ القيادة، سار عائداً بإتجاه قصره وعلى أقصى سرعة حتى وصل، ترجل عن السيارة ثم تحرك مسرعاً لداخل القصر ليجد “سُعاد” جالسة على الأريكة ومقلتاها مملؤتان بالدmـ.ـو.ع، حينما رأته وثبت واقفة، دنا منها متسائلاً بإنفعال بيّن :
_ياسمين فين؟؟!!..
أشارت للأعلى بأطراف مرتجفة، فهم على الفور المكان المتواجدة به، صعد على الدرج راكضًا نحو الغُرفة، وما إن ولج للغرفة ورأها ملقية على الفراش وفاقدة للوعي تماماً حتى شعر بقلبه قد أعتصر ألــمًا، أقترب منها بلهفة ثم حملها بين ذراعيه ليهبط إلى الأسفل، ثوانٍ وكان خرج من القصر، رأه ثلاثة من الحراسة، فتحرك واحدٍ منهم ناحيته ليساعده في فتح الباب الأمامي، أجلسها “عز الدين” على المقعد المجاور لمقعده بحذر بالغ مسندًا رأسها على الجانب ثم حكم حولها حزام الأمان، أغلق الباب مندفعًا نحو مقعده، لينطلق إلى إحدى المشفيات الكبرى والذي دائماً يتعامل معاها.
دقائق مرت، وكان يصف سيارته أمام مدخل مترجلاً منها ليدور حولها، فتح الباب الجانبي منحنيًا عليها ونازعًا حزام الأمان عن خصرها، ليتمكن من حملها، ركض بها ناحية الأستقبال ليجد الطبيب الذي هاتفه منذ ما يقارب خمسة وثلاثون دقيقة، هتف الطبيب وهو يشير بيده :
_تعالى معايا يا عز باشا.
تحركا نحو غُرفة الطوارئ لفحصها، دخل “عز الدين” الغُرفة وكان يختلس النظر إليها، وضعها على الفراش برفق ليقول الطبيب “نادر” بهدوءٍ :
_أتفضل يا عز باشا، وأنا هجيب دكتور مجدي يشوفها، هو دكتور شاطر و…..
جذبه من تلابيبه وهو يصـ.ـر.خ به بغـــضــــب :
_إنت حمـــــار، أنا قايلك عاوز دكتورة ست!!!..
أرتعد “نادر” وهو يقول :
_بس يا باشا معظمهم مشغولين والباقي فالأجازة، بس والله الدكتور مجدي كويس ومُحتـ…
رمقه بنظرات مليئة بالظالم وهو يقول بعنف :
_مفيش راجـ.ـل على وجه الأرض هيلمس مراتي!!.. بقولك هات دكتورة!!..
تمتم بذعر بعد أن أيقن بأنه بين براثن الذئب وأنه هالك لا محالة :
_يا باشا أنــاا…
هدر “عز الدين” بصراخ عنيف :
_إنت شكلك نفسك تضـ.ـر.ب النهاردة وأنا هـ…
أنتفض “نادر” فزعًا وهو يقول محاولاً تخليص ذاته من قبضتيه :
_لألأ، خلاص أنا هاتصرف، بس أبعد إيدك عني عشان ألحق!!..
دفعه بيديه فـ عدل من وضعيه ملابسه ثم فر متوارياً، بعد دقيقة عاد برفقة طبيبة ومُمرضة وهو يقول :
_خلاص يا عز باشا، جبت دكتورة، بس أستأذنك تطلع عشان تشوف شغلها.
حدجه بعينين قاسيتين حادتين ثم نظر ناحية زوجته بعينين نادmة، وبعدها خطى للخارج وقد تضاعف شعوره بالخــــوف عليها.
**************
زفر بعمق ما حبسه بصدره ليسيطر على تـ.ـو.تره الكبير، أنتظر على أحر من الجمر خروج الطبيب من الغرفة للأطمئنان على حالتها، فترة صغيرة مرت وكان الطبيب يخرج، سار نحوه “طائف” وهو يتسائل بتلهف :
_هَــاا يا دكتور، إيه الأخبـ.ـار؟؟!!..
أجابه الأخير بصوته الهادئ :
_والله هي أتكتبلها عُمر جديد، الحمدلله حالتها أستقرت وأتحسنت عن الأول بكتير، وعلى فكرة هي فاقت.
هتف بتنهيدة حارة :
_الحمدلله.
ثم إبتسم بتكلف قائلاً :
_شكراً يا دكتور.
_عفوًا، ده واجبي، عن إذنك.
غادر الطبيب منه أمامه ليتجه هو داخل الغرفة، ولج للداخل ليجدها مُغمضة العينين، أقترب منها وهو يقول بقلقٍ :
_روان؟!!..
فتحت عيناها لتنظر نحوه، أخذت تنظر له بغموض غريب، بينما دقات قلبه تعلو أكثر من نظراتها تلك، وقبل أن يسألها على أي شئ كان يقتحم ضابط شرطة برفقة مساعده الكاتب، سلط أبصاره على وجه المريـ.ـضة وهو يقول :
_حمدلله على السلامة، عرفت إنك فوقتي الحمدلله فقلت أجي عشان أخُد أقوالك عن إللي حصل.
شحب وجه “طائف” وبلع لعابه بصعوبة، رمقه الضابط بعينين ضائقة متسائلاً بغلظة :
_أقدر أعرف مين حضرتك؟؟..
أجابه بنبرة ثابتة :
_طائف الحديدي.
أشار بعينيه قائلاً بأمر :
_طب أتفضل إنت عشان أخد أقولها.
أضطرب بداخله وهو ينصرف من المكان بأكمله، فـ أبيه تورط في أمر خطير، ولم يحتسب توابعه، جلس الضابط وبجانبه المساعد، ليقول بهدوء :
_نبدأ بقى فالمهم.
**************
بعد برهة، بداخل تلك المشفى، أنتهت الطبيبة من فحصها على “ياسمين” التي عادت إلى وعيها بعد تركيب أحد المحاليل الطبية لها، التفتت للممرضة التي كانت تعاونها لتعطيها بعض التعليمـ.ـا.ت، أطمئنت على أحوالها ثم ولجت للخارج حيث ينتظر زوجها، وما إن رأها حتى أسرع نحوها متسائلاً بصوت رجولي خالجه القلق :
_ها؟؟!!.. أخبـ.ـار مراتي ومالها؟؟..
ردت عليه بإبتسامة هادئة :
_مبروك يا مستر عز، المدام حامل!!..
تلك الكلمة تحديداً كانت قادرة على تجميد حواسه، تصلب جــــســ ـده وشعر أن دقات قلبه توقفت عن النبض للوهلة، أشار بيده وهو غير مستوعب :
_حامل؟!!..
ردت بهدوءٍ :
_أيوة يا مستر عز، بس هي محتاجة راحة جداً وتتغذى كويس لأن غذاها ضعيف وده بيسبب ضرر ليها وللجنين.
ظل ينظر لها بعينين غير مستوعبة ما قيل وما يسمعه، تابعت الطبيبة بعملية :
_هي دلوقتي فاقت، تقدر تدخلها، عن إذنك.
أنصرفت من أمامه في نفس الوقت كانت تخرج الممرضة من الغرفة، حبس أنفاسه لثواني ثم حرره بعد أن تحرك للداخل، وجدها متمددة على الفراش، تحركت رأسها في إتجاهه عقب شعورها بدخوله، أشاحت وجهها للجهه الأخرى ليقترب منها ثم مد يده ليمسك بكفها، رفعه إلى فمه طابعًا قُبلة طويلة عليه، وبعدها قال بنـ.ـد.م حقيقي :
_أنا آسف.
أغمضت عيناها بعد أن هبطت دmـ.ـو.عها دون إرادةً منها، مسح بيده الأخرى دmـ.ـو.عها برقة وهو يتابع بألــم :
_إنتي ليه بتصممي تو.جـ.ـعيني؟؟!!.. مش كل مرة بقولك بلاش دmـ.ـو.عك تنزل لأنها بتنزل على قلبي زي السهم!!..
شهقت باكية على تلك الأيام الماضية التي قضتها بمفردها، على أسلوبه القاسي الذي عاد إليه من جديد، على معاملته الجافة لها بدون سبب مقنع أو ذنب، مرر ذراعه خلف عنقها ليرفع وجهها إليه، ضم وجهها بداخل أحضانه بعد أن أنحنى بجــــســ ـده قليلاً، وهو يأنب ذاته بعنف، دقائق طويلة مرت وكانت هدأت، فوضع رأسها بحرص على الوسادة، ظل ممسكاً بكفها ليتحدث بصوتٍ عميق حزين :
_آسف بجد، والله ما كان قصدي، الصدmة شلت تفكيري، خلتني أعمى فالتفكير، وبردو أنا كنت هتجنن إزاي هو يقولك برغم أنك كنتي وقتها مديرة مكتبه وميقوليش أنا!!!.. فــ……
قاطعته بصوتها المتحشرج :
_أنا عرفت بالصدفة ومش هو إللي قالي.
عقد حاجبيه بإستغراب شـ.ـديد لتُتابع هي بشرود وقد بدأ عقلها بإسترجاع الماضي :
_في يوم دخلت مكتبه عشان أطلب منه يمضي على شوية أوراق، خد الورق مني وبدأ يمضي، بعدها بثواني لقيته وشه بدأ يحمر جـ.ـا.مد، كان بيتخـ.ـنـ.ـق وراح أغم عليه، طبعاً صرخت ودخل الموظف علاء وخمسة تانين، نقلناه المستشفى، أنا وعلاء بس إللي كنا هناك، علاء كان راح يعمل أو يجيب حاجة مش فاكرة، بس فضلت لوحدي، طلع الدكتور وقالي على موضوع القلب، فلما جيت سألت أبوك طلب مني أحلف إني مش هجيب سر ده لأي مخلوق على وجه الأرض حتى لو الحد ده يبقى إنت، وأدتله وعد، ومن أهم الأسباب أنه مرحلكش المستشفى لما أتصابت كان عشان لو شافك كانت أكيد حالته هتتدهور، وأنا منعته أنه يزورك فالمستشفى، لأنه كان هيتعب جـ.ـا.مد، مكنش هيستحمل يشوف إبنه الوحيد متصاب.
أغمضت عيناها قائلة بحـ.ـز.ن عميق :
_أنا بردو كنت بحبه، بس إنت يا عـ…
أمسك رأسها براحتي يده ليُقبّل جبينها بعمق ثم أبتعد عنها وهو يقول بحب صادق ورجاء :
_عشان خاطري متزعليش مني، والله أنا كنت بتعـ.ـذ.ب الفترة إللي فاتت دي.
ثم مسح على شعرها وهو يقول بحماسٍ :
_بس أنا مش مصدق حاجة واحدة بس!!..
فتحت عيناها لتسأله بقلق :
_حاجة إيه؟؟!!..
حرك يده ناحية وجنتيها ليمسح بأنماله عليها هامسًا لها بنعومة :
_أنا هبقى أب، وإنتي هتبقى أم، وأم حلوة كمان.
أعتلت الصدmة تعابيرها وتجمدت أنظارها المصدومة على وجهه، هتفت بذهول :
_أنا حــامل!!..
أستغرقها الأمر بعض الوقت لتستوعب بالفعل أنها الآن تحمل في أحشائها جنيناً ينمو بداخلها، هتفت بسعادة :
_يعني أنا هبقى ماما؟؟!!..
أسند “عز الدين” جبينه على جبينها مرددًا بهمسٍ عاشق :
_وهتبقي أحلى ماما، وسواء بـ.ـنت أو ولد، هايخدوا منك كل حاجة، إنما هايخدوا مني أسمي وقوتي.
هتفت مبتسمة :
_حتى لو بـ.ـنت؟؟!!..
أبتعد عنها ثم أجابها وقد أعتلت ملامحه إبتسامة عـ.ـذ.باء تذيب القلوب :
_حتى بـ.ـنتنا، على رغم رقتها بس هتبقى قوية جداً والكل هيعملها ألف حساب زي أبوها، وهتفتخر بـ لقبي.. الذئـــب!!..
**************
بعد فترة ليست صغيرة، كان الضابط يخرج من الغرفة وبرفقته المساعد الكاتب، عقب مغادرتهم من المكان، ركض ناحية غرفتها ليجدها تنتظر دخوله، أقترب منها متـ.ـو.ترًا مترددًا في سؤالها، ولكن أبعدت عنه الحرج بقولها :
_مـ.ـا.تقلقش، أنا قولتلهم إن إللي عمل كده يبقى حـ.ـر.امي، حاول يسـ.ـر.قني ولما كنت هفضحه حاول يخلص عليا.
جلس على طرف الفراش وهو يسألها بإرتباك :
_وليه عملتي كده؟؟!!..
أجابته بجمود :
_عشان إنت أنقذتني وكمان عشان أبوك مايقربش مني تاني.
نظر لها بتوسل قائلاً :
_روان، صدقينـ…..
قاطعته بقولها :
_معلش أنا محتاجة أنام، تقدر تكمل كلامك بعدين.
ثم عدلت وضعية جلوسها لتتمدد على الفراش بعد أن سحبت الغطاء عليها، بينما نهض وهو يقول بوجهٍ عابس :
_أنا ورايا مشوار هاروح أعمله وهرجع تاني، سلام.
**************
بعد نصف ساعة، توقفت سيارة “عز الدين” أمام مدخل الشركة ليترجل منها أولاً متابعاً بنظراته “ياسمين” التي أتت معه بعد إصراره بإصطحابها، حيث أحضر لها ثياب سوداء ولكن راقية فأرتدتهم هناك، روادتها بعض الذكريات الأليمة والممتعة في ذات الوقت حينما جمع بينها وبينه أول لقاء، تأهب الجميع للقاء صاحب الشركة وخاصةً حينما علموا بوجود زوجته، تعمد “عز الدين” أن يحاوط خصرها بذراعه وهو يتحركون للأعلى، قابلهما “إيهاب” بسعادة مرددًا ‘
_يا أهلاً يا أهلاً، وأنا بقول الشركة نورت ليه؟؟..
أضاف بعد أن عقد حاجبيه بقلق :
_آه ألف سلامة عليكي، عرفت أنك إنتي أغم عليكي، طلع عندك إيه؟؟!!..
إبتسم “عز الدين” إبتسامة واسعة وهو يرمق زوجته برومانسية :
_طلعت حامل يا سيدي.
ظهرت البهجة والسرور على وجه رفيقه حيث قال بسعادة لا توصف :
_بجد!!!!!.. ألف مبروك يا عز، ومبروك يا ياسمين.
أجابته ببسمة صافية :
_الله يبـ.ـارك فيك، عقبالك.
رد بسرور :
_لااااااأ ده لسه بدري، بس شوفتوا ربنا بيعوض إزاي؟؟!!.. عوض غياب بدران بيه بحمل ياسمين.
هتف “عز الدين” بجدية :
_الحمدلله المهم قولي، في جديد؟!!..
_الزفت إبن رأفت الحديدي، مستنيك جوا فمكتبك.
قطب جبينه بإمتعاض قائلاً :
_طي أنا رايحله.
**************
دخل المكتب بهيبة وبثقة عالية لا تُليق إلا به، ليجده جالسًا منتظراً قدومه، دار حول مكتبه ثم جلس عليه وهو يقول ببرود :
_خير جاي ليه؟؟..
نظر له “طائف” متبرماً قائلاً :
_عاوز أعرف الحقيقة إللي إنت كنت بتتكلم عنها فالمستشفى.
رفع ساقه ليضعها على الأخرى قائلاً ببرود مهلك الأعصاب المستثارة :
_مش قبل ما تقولي علاقتك بـ روان.
ضغط “طائف” على أصابع يده المتكورة بغـ.ـيظٍ قائلاً بعنف :
_ملكش دعوة بيها، إياك تجيب أسمها على لسانك **.
هنا أعتدل “عز الدين” في جلسته ليبدو أكثر صلابة وقوة قائلاً بعينين صارمتين :
_بلاش تعوج لسانك.
هب “طائف” واقفاً قائلاً بغـــضــــب أعمى :
_هتعمل إيه؟؟!!.. هتقــ,تــلني زي ما قــ,تــلت أمي؟؟!!.. ورحمة أمي لو فكرت تعمل حاجة ليا أنا أو أبويا لأخلص على مراتــــك!!!!.. لأن أنا مبقاش يفرق معايا أي حاجة!!..
هب الأخير واقفًا من مكانه راكلاً مقعده للخلف لتتحول شخصيته إلى الذئــب، وضع كلتا يديه على سطح مكتبه وهو يقول بصوتٍ مُخيف يدب الرعـ.ـب في أي قلب :
_طب ورحمة أبويا أنا، لو فكرت بس تقرب منها لأدفنك حي ومحدش يعرفلك طريق يا إبن الحديدي!!!!..
**************
↚
رمقه بنظرة عدائية صارمة لا تحمل إلا تهديدًا صريحاً بالفتك به دون إبداء ذرة نـ.ـد.مٍ واضحة إن تجرأ وفكر في تحديه باللفظ أو بالفعل، قدح الشر من عيني “طائف” وأنتفض ثائرًا على ما تفوه به عدوه وراح يقول بنبرة حادة وعالية إلا حد ما :
_أدفني براحتك بس على الأقل هكون خدت حق أُمي!!!..
قست نظرات “عز الدين” وتحولت لمحاته لمزيج من القوة والشراسة قائلاً بلهجة نارية وهو يتحرك نحوه :
_قصدك إيه بظبط؟؟!!..
تغلب نصف قلبه المليئ بالظلام على عقله حيث قال وقد قست تعبيراته بشـ.ـدّة :
_أنا كان ليا نُقطة ضعف وإنت أخذتها مني بجبروتك، وإنت دلوقتي ليك نُقطة ضعف وتبقى مراتك، هعمل فيها زي ما عملت فـ أمي، هحرق قلبك زي ما حرقت قلبي!!..
حدجه “عز الدين” بنظرات نارية تعكس عنفًا على وشك الإندلاع، تدافعت دmائه المغلولة في أوردته لتعزز رغباته الشرسة في الفتك به، وفي لحظة واحدة بدون سابق إنذار أنقض عليه ليمسك به من تلابيبه، ثم طرحه أرضًا بعد أن سدد لكمة شرسة أصابت فكه، نهض “طائف” سريعًا وقبل أن يسدد له لكمة عنيفة كان يقبض على يده المتكورة بقوة وبيده الأخرى قبض على عنقه وهو يجعل جــــســ ـد إبن عدوه يتراجع للخلف حتى أستند على الحائط، حدق في عينيه مباشرةً بنظراتٍ مظلمة، ثم جأر بحدة تحذيرية :
-أنا مقــ,تــلتهاش، والدتك مـ.ـا.تت فـ حادثة عربية، هي آه كانت معايا في التوقيت بس مش أنا إللي عملت كده.
صمت للحظة لجذب إنتباهه قبل أن يتابع :
_اليوم ده جتلي الشركة، كنت لسه خارج من عربيتي لما لقيتها واقفة قدامي، طلبت مني أبعد عنكم وفضلت تهدد وتتهمني بأن أنا سبب خراب بيتكوا، بعدها رجعت لورا كام خطوة وهي بتتكلم، محستش بإنها دخلت على طريق عام من كتر الغـــضــــب إللي كان فيها وقتها لسه رايح أحذرها لقيت في عربية خبطتها جـ.ـا.مد لأنها كانت ماشية بسرعة كبيرة، وللأسف نزفت دm كتير ومحدش قدر يلحقها، فـ مـ.ـا.تت!!..
صرخ “طائف” بغـــضــــب وهو يبعد قبضة “عز الدين” عن عنقه :
_لأ إنت إللي زقتها جـ.ـا.مد فالعربية خبطتها و….
قاطعه وهو يبتسم ببرود :
_أنا عارف إنك مش هتصدق!!!..
أمسك بهاتفه ثم عبث به عدة مرات ليضعه على أذنه، لحظات وكان يستمع إلى الرد، فهتف بلهجة خشنة وصيغة آمرة :
-أيوة يا إيهاب.. أسمعني كويس.. هات جهاز الآب توب بتاعي والتسجيل إللي قولتلك خليه عندك من يومين كده.. لأ خلي ياسمين متتحركش من مكانها.. يالا بسُرعة.
ختم كلمته الأخيرة ثم أغلق الهاتف واضعاً إياه بداخل جيب بنطاله، نظر له بإبتسامة بـ.ـاردة مرددًا :
_أنا كنت متوقع إنك تيجي عندي في يوم من الأيام، فجهزت التسجيل بتاع كاميرا المراقبة إللي عند مدخل الشركة.
أسند كلتا يديه على سطح المكتب وهو يقول بتهكم :
_أبقى شوف بقى مين إللي صح، أنا ولا إنت يا إبن رأفت!!..
**************
بعد ساعة، كان يجول بسيارته ولا يعلم إلى أين يتجه!!.. منذ أن رأى التسجيل ورأى الحقيقة في مـ.ـو.ت والدته وذلك المشهد المؤلم، لم ينطق من وقتها كلمة واحدة، بل كل ما فعله هو أنه غادر من المكتب مسرعاً لا يرى أمامه سوى الظلام، شعر بأن قلبه سيتوقف عن النبض من كثرة وشـ.ـدة الضغوط النفسية والعصبية، وجد ذاته يترجل من السيارة حينما وصل إلى قصر والده، دخل القصر بخطوات متعجلة وهو يبحث بأبصاره عن والده ليجده جالساً بإريحية على الأريكة يحتسي مشروبًا بـ.ـارداً، أقترب منه حتى وقف قبالته، رفع “رأفت” رأسه نحوه قائلاً بســـخريـــة :
_طائف!!.. جاي ليه؟؟!!.. أتمنى كده تكون فهمت إنت مكانك فين؟!!..
نظر له بتبرم قائلاً :
_أنا جاي أبلغك حاجتين مهمين، أولهم أن أمي متقــ,تــلتش، هي مـ.ـا.تت فحادثة عربية وأنا شوفت بنفسي ده.
هب ناهضًا من مكانه ثائرًا قائلاً :
_إيه الكلام الفارغ ده!!.. وشوفت إيه؟؟!!..
قالها وهو يضع المشروب على الطاولة، أجابه “طائف” بضيق :
-عز الدين وراني تسجيل من تسجيلات الكاميرا المراقبة إللي عند مدخل شركته الرئيسية، و.. وآ.. أنا شوفت الحادثة بعيني.
صاح فيه بتهكم غاضب :
_آآآه وإنت أهبل صدقت الكلام ده!!.. وبعدين إنت تروحله ليه أصلاً؟؟!!..
نظر “طائف” له بجمود :
_مش ده المهم، الحاجة التانية هو إنك ياريت متقربش من روان!!..
كاد أن يتحدث ولكن تابع “طائف” بوجهٍ واجم :
-شوف بقى حضرتك، روان قالت فالتحقيق إن إللي عمل كده يبقى حـ.ـر.امي، محبتش تجيب أسمك فالموضوع لأنها مقدرة إللي عملته وعاوزة تبعد عن شرك، فـ متخفش ولا تقلق، وياريت ملكش دعوة بيها بقى ولا تقرب منها من أساسه!!..
أردف “رأفت” بقساوة :
_ملكش دعوة، أنا أعمل إللي أنا عايزه، في وقت إللي أنا أحدده.
جأر “طائف” بقوة :
_مش هتقدر تعملها حاجة طول ما أنا عايش وفيا نفس.
هدر بشر الذي أنطلق من عيناه المظلمة وبدون ذرة رحمةً قائلاً :
_مـ.ـا.تخلنيش أضطر فإللي ممكن أعمله فيك لو فكرت تخرج من تحت طوعي.
أشار بيده مندفعًا في غـــضــــبه وهو يقول :
_أنا مش خايف، وأظن إنت خلتني مبقاش خايف من أي حاجة حتى لو رايح أمـ.ـو.ت!!..
رمقه “رأفت” بغـــضــــب جامح گالأسود ليتابع الأخير بقوة لا يعلم من أين أتت :
_متقربش منها أبدًا لأنها الحاجة الوحيدة النضيفة إللي جوه حياتي.
قالها وهو يستدير راكضًا نحو الخارج، مسح على شعره بقوة وهو يستقل سيارته، أدار المحرك ثم ضغط على دواسة الوقود بقوة لتنطلق السيارة بسرعة كبيرة إلى المشفى.
*************
كانت حركة السيارة ثابتة وهادئة تماماً مما جعل جــــســ ـدها يسكن ويستجيب لسُلطان النوم الذي تقاومه منذ فترة ليست بصغيرة على الإطـ.ـلا.ق، شعر “عز الدين” بثقل يميل على كتفه، فإستدار للجانب ليجدها غافية، تقوس فمه لتظهر من خلفها إبتسامة ساحرة، دقيقتين وكان صف سيارته أمام مدخل القصر، أبعد رأسها بحذر ليسندها للجانب الآخر وعلى مسند المقعد، ثم ترجل عنها راكضًا للباب الآخر، فتحه ثم حملها على ذراعيه، سار نحو الداخل وهو يختلس النظر إليها، دقيقة وكان يضعها على الفراش برفق، أقترب من قدmاها لينزع حذائها بحذر شـ.ـديد، ثم سحب الغطاء ليدثرها جيدًا وهو يُقبل كفي يدها، تحرك بعدها نحو المرحاض وهو يتنهد بحرارة كبيرة.
بعد عشر دقائق كان يخرج كن المرحاض بعد أن أخذ حمامًا بـ.ـارداً، كان أرتدى قميصًا قطنيًا وبنطالاً قطنياً من اللون الأسود، تحرك نحوها ليتمدد على الفراش بجوارها، أنحنى برأسه مُقبلاً إياها من جبينها وهو يمسح على شعرها بحنو، شعرت “ياسمين” به، ففتحت نصف عينيها وهي تقول بخفوت :
_عز!!..
أجابها بإبتسامة حانية :
_عيونه.
قالت بذات الخفوت :
_خدني فحـ.ـضـ.ـنك، خليني أنام فحـ.ـضـ.ـنك.
أقترب منها أكثر، بينما رفعت جــــســ ـدها قليلاً ثم وضعت رأسها على صدره، حاوط خصرها بنعومة وهو يسند رأسه على الوسادة، ثلاثة دقائق مرت بسلام وبعدها شعر بإنتظام أنفاسها، ليقول وهو ينظر لها بعشقٍ جارف :
_آآآآآآآآه بتعلقيني بيكي أكتر يا بـ.ـنت صابر!!..
**************
بعد مرور خمسة أيام، كانت السماء صافية لا يشوبها سوى قطع متفرقة من السحاب الأبيض والشمس تُميل نحو الغرب عنـ.ـد.ما كانت “روان” جالسة على الفراش شاردة، حيث تركها “طائف” بمفردها بعد أن أخبرها بأنه سيذهب لتبديل ملابسه وسيذهب لأمرًا آخر، أستمعت قرعات على باب غرفتها فأذنت بالدخول دون أن تلتفت برأسها، أنفتح الباب ثم تحرك نحو المقعد ليجلس عليه، قال بلهجة غريبة مليئة بالغموض :
-أزيك يا أستاذة روان.
التفتت برأسها مسرعاً لتجد رب عملها “عز الدين السيوفي” جالساً أمامها بثقة عالية، بلعت ريقها بخــــوف وهي تراه يرفع ساقه على أخرى، هتف بلهجة غامضة :
-حمدلله على السلامة أولاً.
أجابته بلتعثم :
-الله يسلمك يا مستر عز.
سألها بحدة :
-ثانياً أنا عايز أعرف إيه إللي حصل بظبط خلاكي تبقي فالمستشفى؟!!.. وإيه علاقتك بإبن عدوي طائف رأفت؟؟!!..
ردت عليه بصوتٍ هادئ حزين :
_أنا هقولك عشان تاخد بالك من نفسك يا مستر عز، أنا كنت راجعة لبيتي بس في حد خدرني وخـ.ـطـ.ـفني، لما فوقت لقيت نفسي مربوطة وعرفت من رأفت باشا إن أنا فـ قصره، طلب مني أجيب ملف الصفقة الأخيرة دي، بس أنا رفضت لأن دي خيانة، هددني أنه هيسيب الرجـ.ـا.لة عليا لو موافقتش وأداني موهلة لتاني يوم، بس بعديها بساعة، أول ما طائف عرف وجودي فك الرباط وهربني، عشان كده تاني يوم لما وصلت الشركة وصلت متأخر.
صمتت للحظات لتسحب نفسًا عميقًا ثم أضافت :
_فاليوم ده بعد ما رجعت من الشركة دخل عليا واحد وضـ.ـر.بني بالــســكــيــنــة في بطني، محستش بأي حاجة غير وأنا هنا فالمستشفى وطائف جنبي، هو ده كل إللي حصل والله.
نظر إليها “عز الدين” نظرة طويلة ثم أخرى عينيه وقال بصوتٍ مليئ بالضيق :
_وليه مقولتليش من الأول؟؟!!..
ردت عليه بهدوء :
-لأني وعدته بعد ما طلب مني مقولكش، قالي أنا عرضت لنفسي فمشكلة وخطر كبير مع والدي عشانك، وكمان قالي أنه عمل كده عشان مش عاوز مشاكل ونفسه يبعد عنها!!..
عقد حاجبيه بقوة وهو يقول :
_معنى كده أنه متخانق مع أبوه دلوقتي!!.. وخصوصاً أنه زمانه وصله خبر إنقاذه ليكي من المـ.ـو.ت!!..
**************
كان ينتظر أحدهم بداخل سيارته، كانت السيجارة بين أسنانه وهو يضم شفتيه عليها، سحب منها أنفاس النيكوتين ثم حرر شفتيه عنها ليتطاير الدخان من هذهِ المساحة المفتوحة بين شفتيه، أثناء ذلك أنفتح الباب الجانبي الآخر ليدخل أحد رجـ.ـال والده، كان يريد أن يعرف كل شئ فعله والده أثناء فترة غيابه عن القصر، ليبدأ بتأليف قصة مؤثرة مع ذاك الشخص حينما قال :
_أنا جبتك بعيد عن عينين أبويا عشان عاوز أتكلم معاك في حاجة بيني وبينك.
_قول يا باشا أنا تحت أمرك.
هتف بضيق زائفة :
_طبعاً إنت عارف علاقتي مع والدي بقت مش كويسة إزاي، أنا عايز أأكدله إني أد أي مسئولية في كل حاجة، وإنت تقدر تساعدني بإنك تقولي هو بيعمل إيه أو الفترة دي عمل إيه فـ غيابي، ومـ.ـا.تقلقش إنت ليك مكافأة كبيرة كل ما تساعدني إني أحسن علاقتي مع والدي، ده غير مكافأتك دلوقتي على إللي هتقوله من المعلومـ.ـا.ت لو قولت، أصل إنت متعرفش أنا مضايق أد إيه من إللي حصل بيني وبينه.
حقًا كان بـ.ـارعًا في التمثيل وإرتداء قناع الضجر ممتزح بالحـ.ـز.ن، بينما قال الرجل بحماس :
_بس كده!!.. إنت تؤمر!!..
أضاف ولكن بصوتٍ جاد :
_هو كل إللي بيركز عليه الفترة دي هي تجهيز شُحنة المـ.ـخـ.ـد.رات إللي بينه وبين منصور، وإللي عمله فـ الـكام يوم دول فـ غيابك قتــــل عبـــاس إللي كان قـ.ـا.تل مأجور، قــ,تــله لما حس أنه ممكن يوديه في داهية.
أتسعت حدقتاه بصدmة عارمة مرددًا بذهولٍ :
_قـــتــــــــــل!!!!!..
↚
إختفت الدmاء من وجهه وظهرت عروق جبينه التي تنبض بقوة حتى أستطاع سماع ضخ الدmاء، لا يصدق أن والده معدوم الرحمة بل وأكثر من ذلك، أعمال غير مشروعة!!.. وقتـــل!!.. لا يصدق ما سمعه، بلع ريقه سريعًا وهو يسأله بصدmة :
_إ.. إنت متأكد من كلامك ده؟؟!!…
أجابه الحارس بتأكيد :
-طبعاً يا باشا، ده أنا دفنه بإيدي وتلاتة تانين!!..
أنتفض “طائف” من مكانه وسيطر عليه الذهول وعدm الإستيعاب وسأله بقوة :
-دفنته فين المرة دي؟؟..
رفع حاحبه للأعلى مجيباً بإستغراب :
-هيكون فين يعني يا باشا؟؟!!.. في المخزن إللي تحت القصر.
سحب نفساً عميقاً وزفره على مهل لكي يُداري على تـ.ـو.تره، نجح في ذلك حيث لم يلاحظ الرجل أي شيء، هتف بعبوسٍ :
_طب إنت مهمتك إنتهت دلوقتي، لو في حاجة جديدة قولي.
أشار الرجل بيده قائلاً :
-أنا تحت أمرك يا باشا فأي وقت، ومـ.ـا.تقلقش محدش هيعرف أي حاجة بالمقابلة دي.
_تمام.
أخرج من جيب بنطاله عدة أوراق نقدية لـ يعطيها له، أخذهم منه الرجل بإبتسامة واسعة وهو يتمتم بعد أن دس النقود بداخل جيب ستره العمل :
_من يد ما نعدmها يا باشا، أستأذن أنا بقى.
أشار له بإصبعيه قائلاً بصوتٍ محتد :
_زي ما قولتلك، لو في جديد كلمني في مكان يكون بعيد جداً عن رجـ.ـا.لة أبويا والقصر بتاعه.
هتف بجدية :
-مـ.ـا.تقلقش يا باشا، يالا سلام.
ترجل من السيارة وهو يعدل ملابسه، بينما أدار المحرك ثم ضغط على دواسة الوقود بعنف لـ تنطلق السيارة تنهب الأرض نهباً.
**************
في المشفى، ظل يتحدث “عز الدين” مع سكرتيرته “روان”، كان يصغى إلى كل حرف تنطقه بإهتمام شـ.ـديد وبدقة عالية منه.. ظل يقرأ تعبيرات وجهها ليشعر بعدها بـ صدقها، هتف بصوت ذات مغزى :
-بس أعتقد أن طائف جواه مشاعر تانية من ناحيتك؟!!..
هزت رأسها نفيًا قائلة :
-لا معتقدش، مشاعر إيه؟؟!!.. مش عشان أنقذني مرتين يبقى في غرض تاني من الموضوع.
تنهد تنهيدة حارة قبل أن يقول لها بصوتٍ جاد :
-طيب يا آنسة روان، مبدئياً كده إنتي ليكي مكافأة كبيرة جداً أول ما تقومي بالسلامة وترجعي تاني لشغلك.
هتفت ببسمة صغيرة :
-مفيش داعي يا فنـ.ـد.م، ده واجبي والمفــ….
ضيق عينيه مقاطعًا حديثها بصيغة آمره :
-أنا قولتلك في مكافأة يبقى فيه، أنا مش برجع فكلمتي أبدًا.
أختفت بسمتها ثم أخفضت رأسها قائلة بحرج :
_تمام يا مستر عز.
قال بإقتضاب :
-طب أنا هاسيبك ترتاحي ومـ.ـا.تبلغيش طائف إني جيت.
أومأت رأسها إيجابياً مؤكدة قوله :
_أكيد يا فنـ.ـد.م،
نهض من مكانه ثم سار نحو باب الغرفة، فتحه ثم دلف للخارج، بينما تنهدت بعمق ثم أراحت جــــســ ـدها لتغمض عيناها ذاهبة إلى نومٍ عميق.
**************
وصل “عز الدين” إلى قصره، دخل غرفته وهو يبحث بأنظاره عن “ياسمين” ولكن لم يجدها في الغرفة كما توقع، فقرر أن يتوجه نحو المرحاض، قرع على الباب وهو ينطق بإسمها ولكن لا رد، أنتابه بعض الخــــوف ثم قرع مجددًا ولكن لم يحدث تغير، أمسك بالمقبض ثم أداره سريعاً ليبحث عنها ولكن لم يجدها، مسح على شعره بقوة وهو يقول بقلق :
_هتكون راحت فين يعني؟؟!!..
أستدار بجــــســ ـده ووجهه حينما شعر بفتح باب الغرفة، وجدها تدخل وهي تمسح عرق جبينها بكف يدها، لم تنتبه لعودته من مقر عمله، إلا عنـ.ـد.ما أستنشقت رائحة عطره، ألتفتت له بجــــســ ـدها لـ تجده يحدق بها بـ حاجبين مرفوعين، أقتربت منه بهدوء متسائلة :
-عز!!.. حمدلله على السلامة، إنت وصلت إمتى؟؟..
أجابها بإقتضاب :
_من ٣ دقايق.
ثم تطلع معالم وجهها ليشعر بإرهاق ملامحها، وضع يده على خصرها وهو يسألها بقلق :
_مالك يا حبيبتي؟؟!!.. شكلك تعبان؟؟!!..
لم تجيبه فسألها بريبة :
-وبعدين إنتي كنتي فين؟؟!!..
حركت رأسها وهي ترد عليه :
_كـ.. كُنت بعمل كام حاجة كده في المطبخ مع سُعاد.
أبعد يده عن خصرها ليقول بحنق :
-طب وده ينفع؟!!.. يعني خافي على نفسك وعلى إللي فـ بطنك.
هتفت بإمتعاض :
-يا عز أنا مش متعودة أفضل أعدة معملش حاجة، وبعدين إنت طول الوقت سيبني.
صاح في شئ من الغـــضــــب :
-ياسمين ده مش مبرر!!.. هتبقي مبسوطة لو تعبتي أو إبننا تعب؟؟!!..
أقتربت منه بخطوات هادئة حتى لم يعد يفصل بينهما سوى خطوة واحدة، رفعت يديها لتلمس صدره العريض القاسي لتقول بنبرة خافتة :
_أنا آسفة يا عز.
زفر زفيرًا حارًا ثم قال بإبتسامة حانية :
_خلاص مفيش داعي للأعتذار.
إبتسمت إبتسامة باهتة في حين سألها بقلق :
_طب ممكن تقوليلي حاسة بإيه دلوقتي؟؟!!..
أغمضت عيناها بتعب وهي تجيب على سؤاله القلق :
_دايخة، دايخة يا عز، وحاسة إني هقع.
تلك الكلمة الأخيرة جعلت قلبه ينتفض بين ضلوعه، فبدون أن يفكر مرتين، كان يلف ذراعه الأيمن خصرها، وبذراعه الأيسر أسفل ركبتيها ليحملها متوجهاً نحو فراشهم، مددها برفق ثم جلس على طرف الفراش، سحب منديلاً ورقياً من “حافظة المناديل”، ليمسح حبات العرق الملتصقة على جبينها، فـ بدى وجهها أكثر وضوحاً له، مسح على شعرها بحنوٍ قائلاً :
_حاولي تنامي وأنا هفضل جمبك.
تشكلت إبتسامة صغيرة على وجهها ثم أغمضت عينيها، بينما نهض هو من مكانه ليخلع سترته السوداء وحذائه، وفتح أول ثلاثة من أزرار قميصه، أقترب منها ثم تمدد بجوارها ليمسح على شعرها بإبتسامة حانية، ألتفت برأسه ناحية الكومود ليسحب جهاز التحكم وبدأ يرفع مستوى مكيف الهواء بعد أرتفاع الحرارة بالخارج وتأثيرها على الغرفة، عاد ينظر إليها بإبتسامة ثم أنحنى برأسه يُقبل شعرها قبلة عميقة متمتاً :
_لسه زي ما إنتي يا شعلة النشاط والحماس.
**************
في صباح يوم جديد بداخل المشفى، منذ ليلة الأمس وهو في حالة عصبية لم يهدأ قط بعد معرفته بحقيقة والده، وغير ذلك حينما تذكر مقابلة والده في ذات الليلة، حيث ذهب إلى القصر ليتأكد من حديث الحارس، أغمض عينيه يسترجع الأحداث بألــم.
**************
هبط إلى الأسفل من باب الجانبي للقصر، تحرك ناحية الحارس ليشير له بأمر :
-أفتح الباب.
أجاب الحارس بتـ.ـو.تر :
-بس رأفت باشا مانع أي حد يدخل حتى لو إنت.
هدر به بعصبية :
-بقولك إفتح الباب
هتف الحارس بعند :
-يا باشا مقدرش، لازم تجيلي إشارة من رأفت باشا.
أخرج “طائف” سلاحه الناري الذي كان مندس خاف قميصه، صرخ به قائلاً بنبرة لا ترحم :
_يالا إفتح الباب.
أعتراه الفزع فبسرعة البرق أخرج المفتاح من جيبه، وظل ينظر له الأخير بنظرات تملؤها الشر، عقب أن أنفتح الباب كان يدخل وهو يفحص المكان بأبصاره، وضع يده على فمه وأنفه لكي لا يستنشق تلك الرائحة الكريهة، توسعت عيناه بذهول بعد أن تأكد من الحقيقة، أستدار بجــــســ ـده حينما شعر بوجود أحد خلفه، وبالفعل وجد والده ينظر له بغموض، حيث أتصل به الحارس ليخبره بما يحدث وعن أفعال إبنه، أقترب منه بعد أن أبعد يده ليستطيع أن يتحدث حيث قال بصدmة :
_معقولة!!.. معقولة حضرتك تعمل كده!!..
نظر له بقسوة قائلاً :
_إللي يعصى أمري، أنا أشرب من دmه يا إبن رأفت، وأدفنه تحت رجلي.
جأر بغـــضــــب :
_لأ أنا مش إبنك، وميشرفنيش إن يبقى ليا أب زيك .
صُعق من كلمـ.ـا.ته ولكن لم يترك الصدmة تسيطر عليه، حيث صفعه بعنف على صدغه وصفعه بقسوة أشـ.ـد عن ذي قبل ورغم ذلك لم تهتز شعرة واحدة منه، بل كان كالصلب، رمقه “رأفت” بنظرات مشتعلة وهو يقول :
-أنا إللي عملتك راجـ.ـل يا كـ.ـلـ.ـب، إللي إنت واقف قدامه دلوقتي ده وبتستعر أنه أبوك هو إللي فضل يصرف عليك لحد ما وصلت لكده وبقيت تقدر تتحمل مسئولية.
هز رأسه بإستنكار مرددًا :
-أنا مكنتش أتوقع إني يوم ما هتصدm، هتصدm فيك إنت وبالطريقة البشعة دي، على العموم أنا مش عاوز منك حاجة، أنا ماشي.
_أستني يا طائف، بقولك أستنى.
لم يعطيه أي أهتمام، كانت عينيه مليئة بالظلام الدامس، شعر بجـ.ـر.ح عميق بداخل قلبه، الآن أصبح تائه ووحيد تماماً.
**************
وقف يعدل ياقة قميصه أمام المرآة، ثم أمسك بالفرشاه لـ يمشط شعره الكثيف، وبعدها نثر بعض من العطر الفاخر على قميصه، لـ يبدو جذاباً أمام أي شخص يراه أو يمر بجانبه، إبتسم بثقة ولكن تحولت لإبتسامة عاشقة حينما شعر أنها تحتضنه من الخلف، ألتفت لها قائلاً بهمسٍ :
_صباح الخير يا قمري.
ردت بإبتسامة واسعة :
_صباح النور يا حبيبي.
سألها ولم يمحي إبتسامته :
_شكلك أحسن من إمبـ.ـارح بكتير.
هزت رأسها بحماس مرددة :
_الحمدلله، بقولك إيه، بلاش تروح الشركة النهاردة.
سألها بإستغراب :
_ليه؟؟.. وبعدين إيه الحماس ده كله؟؟..
صفقت بيدها وهي تهتف :
_أنا قررت أتحجب.
رفع حاجبيه بدهشة عالية، أتسعت إبتسامته وهو يمسك وجهها بـ راحتي يده، هتف بإبتسامة عريضة :
_بس كده!!.. من عينيا الأتنين، من غير كلام كتير، روحي ألبسي وننزل نروح مع بعض أحسن محلات للبس المحجبات.
إبتسمت بسعادة وهي تقول :
_حبيبي يا عز.
ركضت ناحية المرحاض للأغتسال وقلبها يقفز من السعادة، بينما خرج من الغرفة ليترك لها الحرية ولكي يحتس قدح من الشاي.
بعد ساعة ونصف، قامت بالتسوق برفقة زوجها لأكثر من ثلاثة محلات، لم يمل “عز الدين” قط من كثرة التسوق والمشتريات، بل كان مستمتعاً بكل لحظة تمر وهي معه، هتف بحماس :
_بقولك إيه، في محل رجـ.ـالي أنا دايماً بتعامل معاه، هو في فرع تاني بس للمحجبات، وفي لبس تحفة يليق بيكي، إيه رأيك نروحه؟؟..
أجابته بحماس :
_لأ بلاش في محل تاني فنفس الشارع إللي ماشيين فيه ده، أنا نفسي أدخله أوي لأن لبسه تحفة.
هتف بعدm رضا :
_مابلاش يا ياسمين، أسمعي كلامي بس ومش هتنـ.ـد.مي.
قالت بإصرار :
-لأ يا عز خلينا نروح المحل إللي بقولك عليه.
تنهد بعمق ثم تحرك بسيارته ناحية إحدى المحلات التي تريد الذهاب إليها، بعد دقائق كثيرة، كانت أمسكت بفستان باللون الأبيض، حدقت فيه بإنبهار قائلة :
-واو شكله حلو، أنا هاروح أقيسه.
تحركت “ياسمين” نحو الغرفة ذات المساحة الصغيرة جداً، تحرك خلفها “عز الدين” وقد ضيق عينيه بشك، فـ مازال يشك بكل شئ حوله، كادت أن تدخل ولكن منعها بذراعه، فـ وقفت تنظر له بإستغراب شـ.ـديد، خاصةً حينما وجدته يدخل أولاً، سألته بتعجب :
_رايح فين يا عز؟؟!!..
_هُششش.
قالها وهو يحدق بدقة في كل زاوية، وتفحص بتمعن السقفية، دقيقة لا أقل وكان يخرج، ولكن كانت عينيه مشتعلة كالجمرات من النار، ووجهه متهجم بقوة، رفع يده أمام وجهها لـ يجعلها ترى ما وجده بالداخل، شئ لم تتوقعه، أتسعت عيناها بصدmة وذعر حينما وجدته يمسك كاميرا صغيرة.
هتفت وقد أصابتها الصاعقة :
_ينهـــــــــار أسود!!..
**************
خرجت “روان” من المرحاض لـ تجد “طائف” جالساً على المقعد وشاردًا، أقتربت منه متسائلة :
_مالك يا طائف؟؟!!..
نهض من مكانه مرددًا :
_روان، أنا عايزة أقولك وأعترفلك على حاجة.
قالت بنبرة عادية :
_طب مـ.ـا.تقول؟!..
هتف وعيناه تلتمعان بشـ.ـدّة :
_روان، أنا بحبك!!..
↚
تصلب جــــســ ـدها بعد ذلك الأعتراف، من المفترض أن أجمل لحظة من لحظات الحب هي وقت الأعتراف، ولكن بالنسبة إليها أسوأ لحظات حياتها، أصابتها الصدmة بشكلٍ ملحوظ، قطبت جبينها بشـ.ـدة وهي تتراجع للخلف مرددة بذهولٍ :
_إنت قولت إيه؟!!..
نظر لها بريبة وهو يقول :
_هو أنا قولت حاجة غلط!!.. أنا بقول إني بحبك يا روان!!..
حاولت التماسك وهي تقول بضجر :
-طائف ده مش حب!!.. ده مجرد تعاطف مش أكتر، متعاطف معايا عشان إللي حصلي، وعشان إنت حاسس بذنب بسبب أفعال أبوك، فـ ده مش حب، ده تعاطف!!..
قبض على كف يدها قائلاً وهو يحدق في عينيها :
-لأ أنا بحبك، أنا عارف أنا بقول إيه كويس، أنا بحبك فعلاً يا روان.
تخشب جــــســ ـدها للوهلة، هو يؤكد لها حبه، هتفت بعد صمت دام لنصف دقيقة :
_لأ، الحب ده غلط.
أنقبض قلبه وهو يسألها :
_يعني إيه؟!!..
أجابته بملامح متهجمة :
_يعني حبك ليا ده أكبر غلط، لأن أنا مش بحبك ولا هينفع حتى أحبك.
وكأنها صفعته للتو، تسائل بصوت حاول إخراجه كـ نبرة عادية :
_ليه؟؟!!..
هتفت بجدية وضيق :
_شوف يا طائف، إنت كنت جدع معايا، وأنقذتني من المـ.ـو.ت مرتين، بس أنا آسفة، أنا لا يمكن أتجوز إبن رأفت الحديدي.
أغمض جفنيه بقوة محاولاً التماسك على قدر من المستطاع، تابعت هي بدون شعور :
_لا يمكن أتجوز إبن الراجـ.ـل إللي هددني بحياتي لو منفذتش أمره، وإللي خـ.ـطـ.ـفني، إزاي أتجوزك وأبوك حاول يقــ,تــلني قبل كده؟؟!!.. أبوك معندوش ذرة من الرحمة!!..
يعلم تلك الحقيقة فـ زاد ألــمه أضعاف، حيثُ قال بأمل :
_بس أنا مش كده!!..
أُتلفت أعصابها من كثرة الضغوطات النفسية المستمرة، فاض بها الكيل ولم تعد قادرة على تحمل المزيد، فـ صرخت بدون وعي منها :
_بس إبنه بردو، إبنه سواء رضيت أو أعترضت!!.. إبنه من لحمه ودmه!!.. وأنا لا يمكن أوافق على جوازي منك!!..
أنهمرت دmـ.ـو.عها قائلة :
_أنا عاوزة أبقى عايشة في أمان، إنما لو أتجوزتك هدخل الجحيم.
فتح عيناه أخيراً ليقول بنبرة خالية من الحياة :
_وأنا محبش إني أبقى سبب دخولك الجحيم يا روان.
نطق إسمها بضعف، شعرت بتأنيب ضمير بعد أن أستوعبت، هتفت بحرج :
_أنا مكنش قصدي يا طائف، الصدmة بس خدتني جـ.ـا.مد و….
قاطعها بقوله الجاد :
_مفيش داعي للأعتذار.
ثم إبتسم بســـخريـــة على حاله وقلبه يتمزق :
_هي مجتش عليكي إنتي كمان.
أدركت من كلمـ.ـا.ته أنها سببت له جـ.ـر.ح عميق بداخل قلبه، دنت منه وهي تقول برجاء :
_أنا آسفة أوي يا طائف، أنـا…
لم تكد تتم عبـ.ـارتها حيث قاطعها وهو يقول بجمود غريب :
_مفيش داعي نتكلم خلاص فالموضوع، إنتي قولتي كلمتك، أنا دفعتلك مصاريف المستشفى والدكتور قال إنك تقدري تخرجي النهاردة، حمدلله على السلامة يا آنسة روان.
تحرك نحو الباب ثم فتحه، ألقى عليها نظرةً أخيرة وهو يقول لها بحـ.ـز.نه العميق :
_أوعدك إني مش هقرب منك تاني، ولا حتى هقولك أزيك لو شوفتك صدفة!!..
حدقت فيه بعيون لامعة، نظر لها بجمود وداخله يتمزق تماماً، دلف للخارج صافقًا الباب بقوة، زادت إنهمار دmـ.ـو.عها الحارة، وضعت يدها على فمها تمنع شهاقتها ولكنها عجزت عن ذلك، أخذت تقول بين بكائها المرير :
_آسفة يا طائف، أنا آسفة أوي.
**************
تشعب غـــضــــبه في عروقه، وظهرت عروق نحره بقوة، كما تلونت مقلتاه بحمرة مخيفة، سرت الخــــوف تحت جلدها وتشعب في كامل خلاياها من تعبيرات وجهه التي أجفلتها، فهو بالطبع لن يمر الأمر على خير، هدر “عز الدين” بصوت جهوري أخترق الآذان من قوته :
_فين صاحب المحل ده؟!!..
أنتفض بعض من الموجودين من قوة صوته، بينما أعاد “عز الدين” سؤاله بملامح شرسة وبتهديد صريح :
_صاحب المكان ده لو مظهرش حالاً أنا هكـ.ـسر المكان ده كله.
دقيقة واحدة وكان حضر صاحب المحل عقب وصوله من أحد الموجودين تهديد صريح من أحد زبائنه، سأله بصوت محتد :
_في إيه أستاذ؟؟.. إيه الأسلوب إللي بتتكلم بيه ده؟!!.. إحنا في مكان محترم.
أحتقن وجهه بحمرة غاضبة وبرزت عروقه النابضة من عنق، ضاقت أعينه الشرسة نحوه وهو يقول بإستهزاء :
_مش لما تبقى محترم إنت الأول!!..
أستثاره أسلوبه التهكمي، فقال بإنفعال :
_أنا محترم غـ.ـصـ.ـب عنك و…
أندفع نحوه كالثور الهائج منتوياً ضـ.ـر.به بشراسة، لكمه بقوة في فكه ثم أمسك تلابيبه ليسدد له لكمة أخرى، دفعه بعدها وهو يقول بشراسة أشـ.ـد :
_بقى يا كـ.ـلـ.ـب حاطط كاميرات مراقبة جوا، عشان تشوف البنات والستات وهما رايحين يقيسوا!!!..
أصدرت بعض كن السيدات شهقات عالية ومنهم من أصدرت صرخات عالية، تحرك سبعة رجـ.ـال نحوهما بعد أن علموا تلك الحقيقة، هتف أحدهم بغلظة لـ “عز الدين” :
_إنت متأكد من إللي بتقوله ده؟!!!..
هتف صاحب المحل بفزع :
_لأ ده كدب والله…
لم يكمل عبـ.ـارته حيث يسدد له لكمة عنيفة في فكه جعلت الدmاء تنزف من قوتها، صرخ به بغـــضــــب جامح قائلاً :
_إنت إللي زيك يعرف ربنا أصلاً يا جزمة!!.. أومال ده إيه؟؟!!..
أتسعت عيناه بهلع وقد أدرك أنها النهاية بعدmا رأى الكاميرا الصغيرة في يد الذي أهلكه ضـ.ـر.باً، هتف أحد الرجـ.ـال بغـــضــــب :
_ده إنت يومك أسود.
بدأ أحد الرجـ.ـال الغاضبين يشمر كوم ساعديه وهو يقول بعصبية مهلكة :
_وديني وما أعبد لأخيك تنام اليومين دول فالمستشفى متكـ.ـسر.
صرخ صاحب المحل متألــماً :
_حـ.ـر.ام عليكـ….
ركله أحد الرجـ.ـال صائحاً بشراسة :
_أخرس يا كـ.ـلـ.ـب، إنت لسه شوفت حاجة.
أبتعد “عز الدين” عنهم ثم تحرك نحو زوجته التي كانت واقفة كالصلب، قبض على كف يدها ثم سحبها خلفه متوجهين نحو خارج المكان، ولكن قبل أن يخرج أنحنى بجــــســ ـده ليقبض على فكه ضاغطاً عليه بشراسة قائلاً بتوعد :
_حظك الأسود أنك وقعت تحت إيدي، أقسم بالله لأقفلك المحل ده عشان تعرف أخرة إللي عملته !!..
دفعه بقوة بعد أن أطلق العنان لكلمـ.ـا.ته الغاضبة، قم خرج وهو مازال قابض على كف زوجته، بينما بالداخل أمسكوا به وأنهالوا عليه الرجـ.ـال بالضـ.ـر.ب المبرح عقـ.ـا.باً له عن تلك الجريمة التي لا تغتفر.
**************
بعد نصف ساعة وصل “عز الدين” إلى القصر، ترجل هو أولاً ثم هي، تحركا نحو داخل القصر متوجهين للأعلى ناحية غرفتهم، دخل “عز الدين” الغرفة وهو يخرج علبة سجائره، أقتربت منه “ياسمين” مرددة بخــــوف :
_بلاش يا عز سجاير عشان بتخـ.ـنـ.ـق منها.
رمقها بحدة قبل أن يلقي العلبة على الأرض بنفاذ الصبر، كانت مازالت تنطلق شرارت الغـــضــــب من مقلتيه وظل وجهه قاتماً متهجمًا يوحي بغـــضــــبه المشحون، سألته بخــــوف أكبر :
_إنت مضايق مني؟؟..
التفت لها بعينين غاضبة وهو يقول :
_إنتي ليه مش بتسمعي الكلام من أول مرة؟!..
أشارت بيدها قائلة بقوة :
_عز، المفروض متضايقش، إنت أنقذت ناس كتير، ومرمط صاحب المحل، والحمدلله الموضوع ده عدى على خير.
هتف بغـــضــــب :
_ياسمين لو أنا مش موجود كان يستحيل ت عـ.ـر.في أن في كاميرا من أساسه.
صمتت بعد قوله ذلك، فهو كام محق، هدأ قليلاً وهو يقول :
_مش عارف هتخسري إيه لو سمعتي كلامي!!..
خافت أن يغـــضــــب منها، وأنا يفعل مثل ما فعل من قبل، فـ قررت أن تمثل عليه بطريقتها الخاصة، حيث أقتربت منه بخطوات هادئة وقالت بنبرة واهنة زائفة :
_عز، أنا…
رمقها بحدة قبل أن تتابع وهنها الزائف :
_أنا مش قادرة!!..
تبدلت نظراته على الفور وقبل أن يسألها كانت تقع على الأرض ولكن ذراعيه كانت الأسبق حيث أمسكها ليقربها إلى صدره، هتف بها بخــــوف :
_ياسمين، مالك يا ياسمين؟؟!!..
هتفت بخفوت :
_دوخت فجأة جـ.ـا.مد.
هدأت ضـ.ـر.بات قلبه قليلاً، ثم أنحنى بجــــســ ـده ليحملها بين ذراعيه، راكضًا صوب الفراش، مددها برفق عليه، ثم جلس على طرفه وهو يمسح على جبينها وشعرها، أنحنى برأسه ليقبل جبينها ثم نظر إلى عينيها قائلاً بنـ.ـد.م :
_آسف لو أتعصبت عليكي.
هتفت بإبتسامة حاولت إخراجها باهتة :
_مفيش داعي للأعتذار، إنت معاك حق فكل كلمة قولتها.
قبض على كف يدها وبيده الأخرى وضعها على بطنها ليتحسسها برفق قائلاً بإبتسامة ماكرة :
_بس شكل إبننا هيطلع شقي.
أتسعت إبتسامتها وهي ترد عليه :
_طالع لأبوه.
وضع كف يدها على موضع قلبه قائلاً بثقة :
_لأ هو هيطلع ليكي فكل حاجة، مش هياخد مني غير قوتي وأسمي.
*************
تمزق قلبه بقوة، لم يعد يشعر بأي شئ حوله، لأول مرة يتمنى المـ.ـو.ت، تمنى الرحيل والمـ.ـو.ت بسلام لعل آلمه الداخلي يسكن، تمنى الصراخ ولكن كان عاجزاً عن فعل ذلك، وضع يده على قلبه وهو يشعر بعنف دقاته، للوهلة سمع صوت صرخات قلبه الداخلية، حبس أنفاسه وهو يتخذ القرار الذي لا رجعه فيه، أمسك هاتفه ثم عبث به، وضع الهاتف المحمول على أذنه قائلاً بصوت أجش :
_أديني عز الدين باشا السيوفي من فضلك.
في ذلك التوقيت الذي أجاب على الهاتف هو “إيهاب” كـ مدير مكتب “عز الدين”، سأله بجدية :
_بس الأول ممكن أعرف مين حضرتك؟؟..
عض على شفتيه بقوة مجيباً :
_طائف رأفت الحديدي.
صعق “إيهاب” حينما علم بهوية المتصل، هب واقفاً وهو يتسائل بحدة :
_عاوز إيه يا إبن رأفت؟؟..
أغمض عينيه بقوة عنـ.ـد.ما نداه بإسم والده، عاجل يفتحهما قائلاً :
_أنا لازم أتكلم معاه ضروري، فموضوع ميستناش.
هتف بعملية :
_هو حالياً مش موجود في الشركة و..
قاطعه “طائف” صارخاً بإهتياج :
-أنا لازم أشوفه دلوقتي، الموضوع ميستناش لكام ساعة حتى.
صمت للحظات قبل أن يقول “إيهاب” بصوتٍ جاد :
_طب أسمع، تعالى الشركة الرئيسية، أستناه تحت جوا عربيتك، وأنا هكلمه حالاً.
هتف “طائف” بنبرة عادية :
_طيب، سلام.
أغلق الهاتف ليتحرك بسيارته نحو مقر الشركة الرئيسية، بينما أمسك “إيهاب” هاتفه وقام بمكالمة هاتفية لرفيقه، أجاب بعد ثوان ليقول بجدية :
_عز، إنت لازم تيجي الشركة حالاً.
نهض “عز الدين” من مكانه متسائلاً بتوجس :
_في حاجة حصلت؟؟..
هز رأسه إيجابياً وهو يرد عليه قائلاً :
_طائف الحديدي، كلمني وقال أنه عاوز يقابلك ضروري حالاً.
قال “عز الدين” بإمتعاض :
_خليه يجي بكرا أحسن.
هتف رفيقه بنفي :
_قولتله نفس الكلام، بس قالي الموضوع ميستناش، فتعالى دلوقتي وهو هيستناك قدام الشركة.
هتف بجدية :
_غريبة، طيب أنا جاي حالاً، بس جهز نفسك إنت كمان عشان هتيجي معانا.
أومأ رأسه مردداً :
_حاضر، يالا سلام.
أغلق الهاتف ثم وضعه بداخل جيب بنطاله، تمتم “إيهاب” بشرود :
_ياترى عاوز إيه يا إبن الحديدي!!..
*************
بعد فترة، وصل “عز الدين” بسيارته إلى مقر الشركة، بحث بعينيه عن إبن عدوه، ليجده بالفعل ينتظره خارج السيارة عاقدًا ساعديه أمام صدره، أرتدى نظارته الشمسية ذات اللون الأسود، توجه بخطوات ثابتة نحوه وبداخله العديد من الأسئلة، والإجابة مع إبن عدوه، ألتفت “طائف” ناحيته حينما شعر بوصوله، حدق فيه بجمود، وفي ذات الوقت لمحهما “إيهاب” كن على بعد، فتحرك نحوهما حتى وصل إليهما، سأله “عز الدين” بجدية بالغة :
_وصلي أنك عاوزني في موضوع ميستناش، خير؟؟..
هتف بنظرات غامضة :
_عاوز أتكلم معاك شوية بعيد عن عين الناس.
رمقه بحدة وهو يقول :
_أنا موافق بس أي غدر، تحمل إللي هيحصلك.
هتف بعدm أكتراث :
_مـ.ـا.تخفش، أنا هركب عربيتي وهمشي وراكم.
وبالفعل تركهما ثم أستقل سيارته وأدار المحرك ليستعد، بينما أستقل كلاً من “عز الدين” و”إيهاب” السيارة منطلقين وخلفهم سيارة “طائف”.
مرت بضعة دقائق الأولى بسلام، ولكن شعر “طائف” بدوار قوس يهاجمه، حاول التماسك لأنه على علم بأنه ليس هذا هو التوقيت المناسب، ولكن زاد حدة الدوار، وضع يده على رأسه وهو يتمتم بهمس :
_هو في إيه؟؟!!..
وجد ذاته يرى كل ما حدث منذ الأمس حتى اليوم، وكأنه يشاهد شريط سينمائي، زاد ألــمه بصورة عنيفة، ضـ.ـر.ب بقبضة يده على مقود السيارة وهو يصـ.ـر.خ :
_آآآآآآآه!!!….
لم يستطع الصمود أكثر من ذلك، شعر بالتعب يعمر جــــســ ـده، خاصةً بعد ثواني شعر أنه على وشك المـ.ـو.ت، فـ رحب بالفكرة، وترك الظلام يعتريه ويأخذه إلى مكان بعيد عن أرض البشر.
لاحظ “عز الدين” تهور “طائف” في القيادة، حيث لاحظ أنه يتحرك للجهة اليسار تارة وللجهة اليمين تارة أخرى، هتف بإستغراب :
_هو في إيه!؟.. ماله إبن رأفت؟؟!!..
عقد “إيهاب” حاجبيه بشـ.ـدة ثم ألتفت برأسه ليرى ذات الشئ، هتف بقلق :
_في حاجة غلط!!..
عاد ينظر إليه قائلاً :
_إحنا لازم…..
وقبل أن يكمل جملته، كان أستمع إلى صوت فرامل قوية، أوقف “عز الدين” السيارة وعقب أن أستدار برأسه، أتسعت عيناه وهو يجد أن السيارة أنحنت فجأة بالرصيف المرتفع، فـ أنقلبت السيارة بعنف وهو بداخلها بعد أن فقد الوعي.
↚
أتسعت عيناي “عز الدين” في محجريهما من هول ما رأه، بينما فغر “إيهاب” ثغره صادmاً وحدق بالسيارة بأعين مذعورة، ترجل الذئب مهرولاً، وقد بدأت الجموع تتكون حول السيارة الذي يقودها” طائف”، شق طريقهم وهو يهدر فيهم بعصبية، وكذلك” إيهاب” الذي يشعر ببعض الخــــوف عليه، بقى سقف السيارة على الأرضية وهو ملقاه بداخلها وقد فقد وعيه، وكانت رأسه تُسيل منه الدmاء بقوة، فتح “إيهاب” السيارة بصعوبة بالغة وبعد معاناه كبيرة، فقام “عز الدين” بإجتذابه من الداخل بصعوبة شـ.ـديدة، ولكنه فعلها في النهاية، هدر بنبرة صارمة لـ رفيقه وهو يأمره بـ :
_يالا بسرعة، لازم نلحقه.
ساعده “إيهاب” على حمل جــــســ ـد “طائف” ثم تحركا نحو السيارة، فتح أحدهم الباب له ليضعه بحرص بالخلف، وأستقلا السيارة، لـ تنطلق بأقصى سرعة نحو المشفى.
وصل “عز الدين” نحو أحد المستشفيات، ترجل هو أولاً راكضاً صوب الداخل، دخل المشفى ووجهه متهجمًا، صرخ بالموجودين قائلاً بنبرة جهورية صارمة :
_حد يجي معايا بسرعة، يالا.
أنتفض بعض الأطباء بفزع من تلك النبرة، ثم بسرعة البرق بدأ الأطباء بإعطاء الأوامر بتجهيز غرفة الطوارئ، بينما تحرك ثلاثة من الممرضين وهو يجرّون سريراً نقالاً نحو الخارج متوجهين ناحية السيارة، بدأوا بإخراج جــــســ ـد “طائف” بحرص شـ.ـديد بمساعدة “إيهاب” و”عز الدين”، عقب أن أسندوه على الناقلة الطبية، تحرك الجميع داخل المشفى لـ فحصه، خاصةً بعد أن رأوا بأعينهم الدmاء تُسيل من جانب جبينه، ولج كبير الأطباء داخل غرفة الطوارئ بعد أن أدخلوا “طائف”.
أنتظر “عز الدين” و”إيهاب” خارج الغرفة، وهم غير قادرين على الإستيعاب ما يحدث، جلسا على المقعدين أمام الغرفة منتظرين خروج كبير الأطباء من الداخل.
مرت فترة ليست بقليلة على الإطـ.ـلا.ق، خرج كبير الأطباء مطرق الرأس، فـ هب “عز الدين” من مكانه وهو يسأله بحدة :
_إيه الأخبـ.ـار؟!..
رد عليه بهدوء :
_إحنا عملنا إشاعة وطلع عنده أرتجاج في المخ، بسبب خبطة قوية خدها على دmاغه، هي حصلتله حادثة!؟..
أجاب “إيهاب” بضيق طفيف ثم سأله بجدية :
_للأسف حصلتله حادثة عربية، العربية أتقلبت جـ.ـا.مد وهو كان جواها، المهم أنا محتاج توضيح أكتر لحالته؟؟..
رد الطبيب بنبرة هادئة :
_هو هيتحجز يومين كده لحد ما نطمن عليه، وهو عنده شوية كدmـ.ـا.ت سطحية في دراعه الشمال.
سأله “عز الدين” في شئ من الضيق :
_طب هو هيفوق إمتى؟؟..
تنهد الطبيب وهو يجيبه على السؤال الذي طرحه :
_أنا أديتله منوم واليومين دول هنمشي على حُقن منومة عشان لازم يفضل نايم، لأن الحركة الكتير غلط عليه دلوقتي، وخصوصاً أنه واضح عليه جداً التعب.
مد “إيهاب” يده قائلاً بجمود :
_شكراً يا دكتور.
صافحه الأخير بأدب :
_على إيه، إن شاء الله يقوم بالسلامة، عن إذنكم.
أنصرف الطبيب بينما أستدار “إيهاب” لـ “عز الدين” الذي قال وهو يُضيق عينيه :
_في حاجة غلط، في حاجات بتحصل وأنا مش فهمها ومش عارفها.
تسائل “إيهاب “بنبرة متعجبة :
_في حاجات مش مظبوطة فعلاً، ياترى هو كان عاوزك ليه؟؟.. وإيه الموضوع إللي كان محتاج يتكلم معاك فيك؟؟.. وغير كده.. إيه إللي وصله للحالة دي، كان واقف قدامنا كويس، إيه إللي حصل؟؟..
أولاه ظهره وهو يفكر بعمق، ثوان وكان يعود النظر إليه وهو يبتسم بزواية فمه :
_في حاجة لازم أتأكد منها!!.. وعشان أتأكد لازم أروح أعمل مشوار دلوقتي حالاً.
سأله بتوجس :
_مشوار إيه؟؟..
إبتسم بقسوة وهو يدس يديه بداخل جيب بنطاله :
_رأفت الحديدي.
**************
جلست “ياسمين” على الأريكة وبجوارها “مُنى”، بعد أن وضعت كبيرة الخدm فنجان قهوة وكأسًا من العصير، إبتسمت لها إبتسامة واسعة عقب أن علمت بأنها الآن تحمل في أحشائها جنيناً، بينما أخذت الأخيرة تعاتبها على عدm وجودها بجوارها في تلك المناسبة السعيدة، تناولت “مُنى” الفنجان القهوة وهي تقول :
_معلش بقى يا ياسمين، بس والله كنت مشغولة أوي فالمُستشفى، بس أول ما بقيت فاضية، جيتلك على طول.
برقت عيناه ببريق لامع وهي تُهنئها بإبتسامة صافية :
_ألف مبروك يا حبيبتي.
بادلتها الإبتسامة قائلة :
_الله يبـ.ـارك فيكي يا قمري، عقبالك يارب.
أشارت بكف يدها قائلة بشرود :
_مش عارفة يا ياسمين، بس موضوع الحمل ده مش هيبقى دلوقتي.
سألتها بتعجب :
_ليه؟؟..
أجابتها وهي تحرك كفيها بحركة سريعة :
_عادي، إيهاب طلب مني أخد حبوب منع حمل، وفعلاً بدأت أخدها من كام يوم.
تساءلت بإستغراب :
_طب ليه؟؟..
قالت ببسمة صغيرة لم تصل لعينيها :
_هو بيقول أنه محتاج يأجل الحمل لفترة عشان نقضي فترة طويلة مع بعض وحاجات شبيها بـ دي يعني.
زفرت “ياسمين” بحرارة وهي تهتف :
_يابـ.ـنتي عادي، أي زوج بيبقى محتاج يقعد مع مـ.ـر.اته فترة، لأن الفترة دي مش هتتعوض بعد الخلفة، وكمان ده أنتوا لسه فالبداية.
إبتسمت “مُنى” مرددة :
_الموضوع عادي أنا عارفة، المهم أخبـ.ـار الهضبة معاكي إيه؟؟..
قهقهت “ياسمين” بضحك على كلمتها وهي تقول :
_هضبة!!.. إنتي مش هتبطلي اللقب ده؟!!..
ردت عليها بعدm إكتراث :
_تؤ، هو لايق عليه بـ جـ.ـسمه وشكله.
أعتدلت “ياسمين” في جلستها بحركة سريعة وهي تقول لها بحماسٍ :
_آه صح، عايزة أقولك إني قررت خلاص أتحجب!!..
أسندت فنجان القهوة على الطاولة _متوسطة الحجم_ التي أمامها، ثم قالت بدهشة :
_بـجد!!.. إيه الأخبـ.ـار الحلوة دي!!.
أضافت بإصرار :
_من بُكرا نروح نشتري أحلى لبس ليكي، ده إنتي هتبقي قمر بالحجاب.
هزت رأسها نفياً قائلة :
_لأ مفيش داعي، أنا قولت لـ عز النهاردة الصُبح على القرار ده، فمن غير كلام راح خدني وأشترينا لبس كتير ليا وفساتين.
قالت “مُنى” بإبتسامة مُتحمسة :
_طب أنا عايزة أشوف اللبس.
نهضت “ياسمين” من مكانها وهي تقول :
_طيب، أنا هاطلع أجيب الأكياس عشان أنا بحب رأيك أوي.
**************
مسحت دmـ.ـو.عها بقوة التي كانت على وشك الهبوط مرة أخرى، فهي منذ أن خرجت وهي تبكي، كانت أستقلت إحدى سيارات الأجرة، أخرجت هاتفها من الحقيبة، ثم فتحت أحد مواقع التواصل الإجتماعي “الفيسبوك”، لتقرأ الأخبـ.ـار العاجلة، كنوع من أنواع التسلية حتى تصل إلى منزلها، توقفت حركة أصبعها عن تحريك شاشة الهاتف وجحظت عيناها من هول ما تقرأهُ.
“أنقلاب سيارة طائف الحديدي إبن رجل الأعمال الشهير رأفت الحديدي”
شهقت بخفوت وهي تقول بهمس :
_يــنهــار أسود!!.. معقولة أنا السبب!!..
ضغطت على الخبر ليظهر لها تفاصيل الحادثة، كان مكتوب أسم المشفى التي متواجد بها، لتقول بدون أن تفكر مرتين للسائق :
_لو سمحت أطلع على مُستشفى الـ…….
**************
أستشاط “رأفت” غـــضــــبًا وأشتعلت عيناه، علت أصواته المرتفعة في أرجاء المكتب، حاول بعض من رجـ.ـالته أن يسيطروا على نوبة الغـــضــــب التي أعترت رب عملهم والتي تتزايد بشكل عجيب حينما علم ووصل له معلومـ.ـا.ت موثقة بإنقلاب سيارة إبنه الوحيد، فالبداية ظن أنها إشاعة ولكن حينما وصلت له المعلومة من المصادر الموثقة، صاح بعصبية قائلًا :
_الكـ.ـلـ.ـب، أكيد إبن السيوفي هو إللي عملها، هو أكيد إبن الـ….، والله لأحرق قلبه زي ما هو حرق قلبي!!..
ركض أحد رجـ.ـالته ناحيته وهو يقول :
_يا باشا أهدى، عشان صحتك!!..
صرخ بغـــضــــب :
_ملكش دعــوة!!.. غور من قُدامي!!..
هتف رجل آخر بخــــوف :
_ألحق يا باشا، عز الدين باشا السيوفي مستنيك بــرا.
أتسعت عيناه التي تبرق بالغل والحقد، حينما علم بوجوده، خرج من المكتب مسرعًا وهو يهدر بصوته العالي :
_هو فين؟؟..
أستدار “عز الدين” وهو يعقد حاجبيه بإستغراب زائف، كان يرتدي نظارته الشمسية السوداء وهو يبتسم إبتسامة قاسية :
_أنا أهوو.
وقف قبالته وهو يقول بذات الإبتسامة :
_واضح إنك عرفت حادثة إبنك.
أجاب “رأفت” بغل :
_عملتها يا إبن السيوفي وجاي تشمت.
تمتم بثقة عالية لا تُليق إلا بهِ :
_أنا لا يُمكن أمـ.ـو.ت إنسان، صحيح أنا معروف عني إني مش برحم، بس إلا القــ,تــل، وبعدين الشمـ.ـا.تة دي مش صفة فيا يا إبن الحديدي.
أضاف بصلابة :
_وبعدين دي حادثة عادية على الطريق زي ما بيحصل كل يوم.
سأله في شئ من الغـــضــــب :
_أومال جاي ليه؟؟..
لم يرد عليه بل سأله بخُبث :
_بتسأل ليه؟؟.. هو إنت إيه أخبـ.ـارك أصلاً مع إبنك؟!!.. الخناقة لسه شغالة ولا لأ؟؟..
ضيق عينيه وهو يقول :
_قصدك إيه؟؟..
أولاه ظهره ليسحب علبة سجائره من داخل جيب بنطاله، أشعله واحدة بتريث تاركاً أعصابه تحترق لمعرفة قصده، أستدار ناحيته منفثاً دخانها ثم قال بنبرة قوية :
_هو مش في خناقة حصلت لما هو هرب السكرتيرة إللي بتشتغل عندي من القصر عندك هنا لما جيت إنت بجبروتك خـ.ـطـ.ـفتها.
أبتلع الأخير ريقه بتـ.ـو.تر ملحوظ بعد حديثه الموحي عن جريمته، ولكن هتف بصوت حاول إخراجه أجش :
_أنا لا يُمكن أعمل كده.
قهقه ضاحكاً ليُثير أعصابه، رمقه الأخير بنظرات متوعدة كاظماً غـــضــــبه في نفسه، نظر له بإزدراء وهو يقول :
_لأ عملت، وبعدين مش إنت بعت قـ.ـا.تل مأجور عشان يقــ,تــل روان!!..
لوح له بيده صائحاً :
_أخــــرس، أنا معملتش كده.
قست نظراته وهو يتسائل بتهكم :
_أومال إبنك عرف منين إنك عملت كده؟؟.. مش هو بردو راح أنقذها قبل ما ياخُدها المـ.ـو.ت.
صاح فيه بإهتياج بعد كشفه عن جريمته :
_بقولك أخـــرس!!..
دس يديه بداخل جيب بنطاله وهو يقول بثقة :
_بس خلاص روان بقت فـ حمايتي دلوقتي.
ثم تابع بتأكيد ونظرات قوية :
_وهتفضل فـ حمايتي لحد ما تنتهي يا رأفت.
**************
بعد ساعة.. أضطربت أنفاسها وهي تجده متمدد على الفراش وبعض من الأسلاك موصولة بصدره العالي، ورأسه الذي تم تضميد جزء العلوي بالشاش الطبي، كتمت شهاقتها لثوان قبل أن تنطق إسمه بصوت متحشرج :
_طائف.
أغمضت عينيها أن تهبط دmـ.ـو.عها قائلة :
_يعني إمبـ.ـارح كنت أنا بين الحياة والمـ.ـو.ت، والنهاردة تبقى مكاني.
أنسابت دmـ.ـو.عها بغزارة أكبر لتزيد من آلمها النفسية، أمسكت بكف يده قائلة :
_أنا آسفة إني جـ.ـر.حتك، بس إحنا لازم فعلاً نبعد، أنا مكاني مش معاك، أنا هفضل جنبك زي ما إنت كنت جنبي، طب أقوم عشان خاطري.
صمت للحظات وهي تبكي بمرارة قبل أن تشهق بفزع حينما أستمعت صوت صــارم يُنادي عليها، أستدارت ببُطء لتجد رب عملها ومدير مكتبه يقفان بثبات، قالت بصوت مبحوح :
_مستر عز!!!.. ومستر إيهاب!!..
**************
↚
ران الصمت على المكان بضع ثواني بعد أن نطقت بإسم كلاً منهم، حاولت أن تتماسك أمامهم ولكن ظل جــــســ ـدها يرتعش من كثره التـ.ـو.تر والقلق والخــــوف الذي أعتراها منذ بداية علمها بخبر الحادثة، دنى منها “إيهاب” مردداً :
_تعالي يا روان، إحنا عايزين بس نتكلم معاكي في حاجة.
أومأت رأسها قبل أن تسير خلفه، خرج “عز الدين” من الغرفة ثم أستدار ليكون في مواجهتها، رمقها بتمعن بينما كانت تشعر بإضطراب لا تعلم سببه، سألها بجدية بالغة :
-إيه إللي جابك المستشفى هنا يا روان؟؟..
ردت عليه بدون أن تفكر مرتين :
_كنت لازم أبقى معاه زي ما هو فضل معايا.
تسائل “إيهاب” بنبرة هادئة :
_طب وإنتي إيه أخبـ.ـارك؟؟!!.
أجابت على سؤاله في شئ من الإضطراب :
_الحمدلله يا مستر إيهاب.
رفع حاجبيه للأعلى وهو يتمتم بإبتسامة صغيرة محاولاً أن يبث بداخلها الطمأنينة :
_طيب بلاش تـ.ـو.تري نفسك، إحنا مش هنعملك حاجة، فـ أهدي يا روان، ده كمان عشان خاطر صحتك.
هبطت دmـ.ـو.عها بغزارة وهي تشهق باكية، لم تستطع حقًا الصمود، أستندت بيديها على الحائط وصورته لا تريد أن تفارق عينيها، شعرت بتأنيب الضمير يجتاحها بعد حديثها معه بتلك الطريقة القاسية، أقترب منها “عز الدين” ثم قال لها بنبرة حاول إخراجها هادئة :
_ممكن تهدي وتقوليلي إنتي بتعيطي ليه؟؟..
تطلع “إيهاب” إليها بحيرة وهو يقول :
_مالك يا روان؟؟..
تحولت نظرات “عز الدين” إلى الغموض، ضيق عينيه وهو يتسائل في شئ من المكر والخبث في آن واحد :
_روان، هو إنتي بتحبيه ؟؟..
أبتعدت عن الحائط وقد أضطربت إضطربًا شـ.ـديدًا، لقد أصاب الموضع الحساس بداخلها، بلعت ريقها بصعوبة وهي تحاول أن لا تنظر ناحية عينيه مجيبه بإرتباك واضح :
_لأ مش بحبه.
دس يديه بداخل حسب بنطاله متابعًا بإبتسامة جانبية توضح مدى مكره :
_أومال بتعيطي ليه أوي كده ليه؟؟..
هتفت وهي تكفكف عبراتها بظهر يدها :
_يا مستر عز، البني آدm ده أنقذني مرتين من المـ.ـو.ت، في وقت أنا مكنش ليا أي حد فيه، دلوقتي لما أشوفه بين الحياة والمـ.ـو.ت، المفروض طبعاً أزعل جداً عليه!!…
ظلت إبتسامة ماكرة غامضة مرتسمة على وجهه، بينما هتف “إيهاب” وهو يشير بيده :
_طيب خلاص، لو عايزة تدخلي الأوضة تقدري تدخلي.
نظرت ناحية رب عملها لكي تأخذ منه الأذن، فـ حرك رأسه بخفة وعينيه ثابتة عليها، سارت صوب الغرفة وهي تمسح دmـ.ـو.عها مرة أخرى التي تساقطت بغزارة، التفت “إيهاب” له بملامح متهجمة متسائلاً بصوته الأجش :
_إيه يا عز!!.. إزاي تسألها سؤال زي ده؟؟..
أجاب بصوت رجولي قوي :
_إيهاب، أنا عارف أنا بعمل إيه كويس، وأنا تعمدت أسأل السؤال ده.
سأله بتبرم :
_طب وأستفدت إيه لما سألتها؟؟..
أجابه ببساطة :
_أنا مش هستفيد دلوقتي، بعديــن!!..
مسح على وجهه بنفاذ الصبر قائلاً :
_الواحد مش قادر يفهمك اليومين دول.
أخرج نظارته الشمسية مردداً :
_معلش، بعدين هتفهم، يالا عشان أنا لازم أمشي.
تمتم بإستغراب :
_هو إحنا هنسيب طائف وروان هنا لوحدهم!!..
هتف بتهكم هاتفًا :
_أومال عايزني أبات هنا!!..
نفخ الأخير بضيق، ليضيف بجدية :
_مـ.ـا.تقلقش، أنا سايب شوية من رجـ.ـالتي برا المستشفى يتابعوا إللي بيحصل أول بأول، وكذلك الدكاترة وصيتهم توصية جـ.ـا.مدة على طائف، ثالثًا أنا سايب أتنين من رجـ.ـالتي هيحرسوا روان من النهاردة.
تعجب بشـ.ـدّة قائلاً :
_طب ليه عامل حراسة لـ روان ؟؟..
حرك رأسه نفياً ثم قال بصوت جاد :
_مش بقولك إنك في حاجات مش فهمها، على العموم تعالى بس نخرج من هنا عشان إللي هقوله هيبقى كلام خطير.
**************
عاد “عز الدين” إلى القصر بعد أن أوصل رفيقه إلى منزله، دخل الغرفة بخطوات هادئة ليجدها غائصة بداخل نوم عميق، دنى منها ثم جلس بجوارها، أبعد خصلات شعرها عن وجهها وعينيها، إبتسم لها بإشتياق وهو ينحني برأسه ليُقبل جبينها، تململت “ياسمين” ثم تشكلت إبتسامة صغيرة على شفتيها، فتحت عيناها وهي تنظر له بإبتسامة مشرقة، مسح على شعرها بحنان ناظرًا إليها بشغف، همس لها بشوق :
_حشـ.ـتـ.ـيني و أوي يا ياسمين.
أجابته مبتسمة :
_أكتر والله.
مسح بأصابعه على وجنتيها وجبينها مردداً بعشق :
_ت عـ.ـر.في إنك كل شوية بتحلوي عن الأول بكتير .
تمتمت بخفوت :
_طب أنا مش بعرف أرد على الكلام الحلو وإنت عارف ده!!..
همس لها قائلاً :
_مش لازم، أنا عارف وأسس بكل كلمة نفسك تقوليها.
قَبّل شفتيها برقة ثم قال بإبتسامته الخلابة :
_بحــبــك.
ثم وثب واقفاً لتبديل ملابسه، ولكن قبل أن يشرع في التحرك كانت تمسك يده بقوة مانعة إياه من الذهاب، أستدار بجــــســ ـده ثم جلس مرة أخرى، أحتضن يدها بكفي يدها قائلاً :
_في حاجة عاوزها ولا إيه يا حبيبتي؟؟..
همست “ياسمين” بتردد :
_عز أنا عايزة أسألك على حاجة شاغله بالي بقالها فترة.
هز رأسه قائلاً بتأكيد :
_أسألي يا حبيبتي.
سألته بتردد أشـ.ـد :
_هو إنت ليه كنت قاسي معايا زمان، خـ.ـطـ.ـفتني وأتجوزتني غـ.ـصـ.ـب من غير سبب وبتهديد، ليه كل ده حصل من الأول.
ترقرقت الدmـ.ـو.ع بمقلتيها رغماً عنها وهي تتذكر شخصيته القديمة معها، كل ما تريد أن تعرف لماذا؟!!.. لماذا تزوجها بتلك الطريقة؟؟..
بلمح البصر كان “عز الدين” يرفع وجهها إليه لـ يُقبل عينيها وهو يرد :
_عشان خاطري أنسى الأيام دي، بلاش تو.جـ.ـعي نفسك وتو.جـ.ـعيني معاكي.
وضعت يديها على صدره لتدفعه بخفة ثم أعتدلت في جلستها، قالت “ياسمين” بيأس :
_غـ.ـصـ.ـب عني بفتكر يا عز.
هتف “عز الدين” بنـ.ـد.م :
_أنا آسف، أنا آسف يا ياسمين.
صمت للحظة قائلاً بإبتسامة التي تجعلها في حالة أخرى :
_أنا مستعد أعافر عشانك، أنا بعشقك يا نصفي.
همس “عز الدين” بتلك النبرة التي جعلت كل مخاوفها تضمحل، جعلت روحها تنشرح لف خصرها بذراعه ليقربها إليه بشـ.ـدة ثم أنحنى يُقبل عنقها الظاهر بشغف، أستنشق عقبها بقوة فـ ملاذه الوحيد رائحتها، ثم همس بصوت رجولي :
_بس الحاجة الوحيدة إللي عملتها صح، إني أتجوزتك يا ياسمين.
***************
جلس على الأريكة وهو يتحدث في الهاتف قائلاً بنبرة مليئة بالتبرم :
_يعني إيه الكلام ده؟؟..
أجابه طرف الثاني مردداً بهدوء بـ.ـارد :
_زي ما سمعت، إنت كده بتودي نفسك في داهية وأنا معنديش أستعداد أودي نفسي في داهية طالماً مش بتفكر.
تنهد بضجر هاتفاً :
_خلاص يا منصور، مفيش داعي نخسر بعض عشان إنتقامي من إبن الـ…… ده!!..
هتف “منصور” بلؤم :
_هو ده الكلام، أهو كده تعجبني.
**************
بعد مرور يومين، كانت الأشياء ساكنة من حولها إلا صوت جهاز قياس نبضات القلب، ظلت بجانبه طوال تلك الفترة، لم تتحرك إلا في وقت الشـ.ـدة، أشتاقت لرؤيته لسماع صوته، أنتبهت حواسها فجأة حينما شعرت بعودته للحياة من جديد، وجهت أبصارها على وجه “طائف” منتظرة بفارغ الصبر فتح عينيه.
حرك رأسه وهو يئن بهمس ضعيف، فتح جفنيه بتثاقل شـ.ـديد ولكن سرعان ما أغلقهما حينما هاجمته الإضاءة القوية، حاول الأعتياد عليها حتى أتضح أخيراً الخيال المشوش قليلاً، همست بسعادة قائلة :
_طائف!!.. إنت فتحت؟!!.. حمدلله على سلامتك.
دقق في ملامحها بنظرات غريبة.. خالية من الحياة، أجتاحها القلق وأنقبض قلبها بقوة، سألته بقلق :
_طائف!!.. في إيه؟!!.. مش بترد ليه؟!..
لم يجيبها بل ظل ينظر لها ذات النظرات لتهتف بذعر عقب أن تخيلت ما وصل إليه بسبب الحادثة :
_لاااااأ، طائــف!!..
**************
↚
“الفَصْلُ السَّابِعُ عَشَرَ”
حبست أنفاسها بترقب ونبضات قلبها تتزايد بشكل سريع، ظل وجهه جـ.ـا.مدًا، نظارته خالية من الحياة، تعبيرات وجهه غير مفهومة، حتى هو لا يفهم شيء سوى أن قلبه ينزف بقوة ولا أحد يرى ويشعر بذلك، أعترف بداخله أنه ذُهل حينما وجدها بجواره، لم يتوقع أن يراها مرة أخرى بعد حديثها القاسي معه، أخفض بصره ناحية كف يدها؛ ليتأكد بأنها بالفعل تمسكه، عاد ينظر إليها من جديد ليقول بهمسٍ ضعيف :
_ر.. روان!!..
وضعت يدها على صدرها الذي بدأ يعلو ويهبط كن كثرة التـ.ـو.تر والخــــوف الذي أعتراها، ردت عليه بإبتسامة مبهجة هاتفة بسرور :
_ط.. طائف!!.. إنت فاكرني صح؟؟!!.. إنت مفقدتش الذاكرة!!.. الحمدلله.. الحمدلله بجد.
لم يجيبها بل عاد إلى وجهه الجـ.ـا.مد ونظراته الغير مفهومة، تساءلت بخــــوف الذي عاد إليها مجدداً :
_طائف، إنت مش بترد عليا ليه؟!!..
بلع “طائف” ريقه بتعب وهو غير قادر على الحديث معها، هبطت دmـ.ـو.عها قائلة بصوتٍ مبحوح :
_لأ يا طائف، أرجوك رد عليا، متعملش فيا كده، متعـ.ـذ.بنيش بسكوتك، رد عليا يا طائف.
خفق قلبه بقوة وأغمض عينيه للحظة واحدة قبل أن يرفع كف يده بضعف ليمسح دmـ.ـو.عها بأنماله، ثم وضع كف يده خلف عنقها ليجذب رأسها إلى صدره، أنهمرت دmـ.ـو.عها بغزارة وهي تشهق باكية بقوة على صدره حتى بللت دmـ.ـو.عها ما كان يرتديه، شعر بنغزه في قلبه، على رغم من أنها جـ.ـر.حته بكلمـ.ـا.تها القاسية إلا أنه رفض أن يبادلها ذات العـ.ـذ.اب، سحب نفساً عميقاً ليحرره بعدها على مهل، ثم أغمض عينيه مستمتع بوجودها وبقربها الذي لا يمكن تعويضه ولو بـ مال العالم.
**************
وضع الخادm كأس من العصير البرتقال على الطاولة أمام “رأفت” ثم وضع كأسًا آخر من ذات المشروب لـ “منصور”، أخرج من جيبه علبة سجائره، أشعله واحدة بهدوء مريب، ثم نفث دخانها ببرود قـ.ـا.تل هاتفاً بنبرة بـ.ـاردة :
_زي ما سمعت يا رأفت، أبعد عن عز الدين السيوفي أحسنلك.
قال “رأفت” بتبرم :
_يعني خلاص، أسيب أنتقامي من الكـ.ـلـ.ـب ده، الراجـ.ـل ده ضيعني!!.. هو إللي خلاني أبقى على الحديدة!!..
إبتسم “منصور” بخبث قائلاً :
_بقولك إيه يا رأفت، لو مبعدتش عنه هاتشوف الجحيم بجد من الـ Boss!!..
أسترخي في جلسته قائلًا بخبث أشـ.ـد :
_وبعدين إحنا مش حارمين من سيادتك حاجة، الـBoss بعتلك خمسة مليون جنيه عشان العملية الجديدة، أظن إنت كل مرّة لما بتحاول تعمل العملية بتفشل لأنك لوحدك والفلوس إللي معاك كانت بتبقى قليلة، المرة دي غير.
نفخ “رأفت” بضجر قائلاً :
_أنا عاوز أتكلم مع الباشا الكبير ده، يعني أنا عمري ما شوفته ولا حتى سمعت صوته!!..
أشاح وجهه عنه قائلاً في حزم :
_الموضوع ده يُخص الباشا و..
لم يتم عبـ.ـارته عنـ.ـد.ما أستمع إلى رنين هاتفه، أخرجه ثم أجاب عنـ.ـد.ما قرأ الأسم مردداً وهو يعتدل في جلسته سريعاً :
_أهلاً يا باشا.
أتاه صوت المتصل وهو يسأله بلهجة حادة، فـ وجه أنظاره ناحية “رأفت” الذي حدق فيه بفضول، رد عليه بجدية :
_مـ.ـا.تقلقش يا باشا أنا بلغته بأوامر حضرتك وهو هينفذها بالحرف.
صمت للحظات قبل أن يقول ببسمة واسعة :
_تمام يا باشا، مع ألف سلامة.
أغلق الهاتف ثم قال بصوتٍ حاد لـ “رأفت” :
_الباشا الكبير بيبلغك للمرة التالتة متقربش من عز الدين السيوفي وإلا مش هيحصلك طيب!!..
برقت عيناه في حنق ولكن أضطر الصمت، زفر زفيرًا حارًا وهو يتمنى ذلك اليوم الذي يرتاح فيه بعد أن يكون حقق أنتقامه، يود حقًا الإنتقام وبشراسة من الذئب “عز الدين السيوفي “.
**************
وقف ذلك الرجل أمام سور الشرفة منفثًا دخان سيجارته بشراهة، ضيق عينيه الامعة ببريق مخيف، تقوس فمه بإبتسامة شيطانية وهو يفكر ما ينوي فعله مع أهم أعدائه، قطب جبينه بقوة وأظلمت عيناه فجأة لظلام دامس يخلو من الحياة، ثم قال بنبرة تُشبه فحيح الأفاعي :
_أقسم بالله لأوريك يا إبن السيوفي، مبقاش طارق الصياد لو مخلصتش على أعز حاجة عندك.
**************
ألقى بسماعة هاتف راكضاً نحو الخارج بعد إبلاغ “إيهاب” له بإفاقة “طائف” ،ظلت الأسئلة التي يود أن يعلمها عالقة في ذهنه، أستقل سيارته ثم أدار المحرك ضاغطاً على دواسة الوقود، ليقود السيارة إلي المشفى.
أخفض بصره الحاد ناحية هاتفه الذي أصدر رنين عالي، ألتقطته ثم ضغط على زر الإيجاب بعد قرائته لأسم المتصل/ـة، حيث رد دون تردد وهو ينظر للمرآة الجانبية :
_أيوة يا حبيبتي.
تساءلت “ياسمين” بقلق :
_إيه يا عز؟؟.. هو إنت مش فالشركة!!..
هتف “عز الدين” نفياً قائلاً :
_لأ مش فالشركة، هو في حاجة ولا إيه؟؟..
أجابته بهدوء :
_أتصلت بيك من على التليفون الشركة ومفيش رد خالص، فـ قلقت عليك.
إبتسم مردداً :
_لأ بس أنا رايح المستشفى عشان طائف وروان.
نهضت من مكانها متسائلة بريبة :
_ليه مالهم؟؟.. إنت مش قولتلي أن روان بقت كويسة الحمدلله.
هتف بضيق :
_للأسف في حادثة تانية حصلت لطائف، الشخص ده إللي أنقذها ويبقى إبن رأفت.
هتفت بشئ لم يتوقعه :
_طب أنا جاية المستشفى.
قال “عز الدين” بإزدراء :
_نعم!!..
هتفت بإصرار :
_بقولك جاية المستشفى يا عز، عشان لازم أشوف روان.
هدر آمراً بصرامة :
_لأ يا ياسمين، مفيش الكلام ده.
هتفت بتحدٍ سافر :
_لأ يا عز الدين!!.. أنا لازم أطمن عليها وكمان هي ملهاش حد، ثانياً هي بـ.ـنت محترمة ولازم أبقى معاها.
زادت نبرته صارمة قائلاً :
_أنا قولت لأ.
صمتت لبرهة قبل أن تقول :
_عشان خاطري يا عز وافق.
تنهد بحرارة ثم أجابها :
_عشان خاطرك بس، بس خلي السواق محمد يسوق مش إنتي.
قالت “ياسمين” في جدًّ :
_حاضر يا عز، يالا سلام.
أغلق الهاتف ثم وضع الهاتف بداخل جيب بنطاله، هو رأسه بضيق ثم فرك مؤخرة عنقه قائلاً :
_أنا غلط لما قولتلك على إللي حصل.
بعد دقائق، وصل إلى المشفى المتواجد بها إبن عدوه، دخل المشفى بخطوات ثابتة ثم سار ناحية المصعد الذي فتحه أحد العاملين بالمشفى ليدخل وهو يستعد لتلك المقابلة، أستجمع رابطة جأشه وهو يدلف للخارج، ليجد رفيقه ينتظره، سار إتجاهه وهو يقول بصوته الجاد :
_إيه الأخبـ.ـار؟؟..
رد “إيهاب” وهو يومئ رأسه إيجابياً :
_كله تمام الحمدلله، حالته الصحية أستقرت، وكان في خــــوف من أحتمالية فقدانه الذاكرة بس ربنا سترها، وفي حاجة تانية الدكتور قالها وهو أنه شايف أن طائف حالته النفسية سيئة جداً، وروان أعدة جوا معاه، بس هو مـ.ـا.تكلمش خالص حتى معاها من ساعة ما فاق، كل إللي قاله أنه عاوز يشوفك، غير كده مش راضي يرد على حد.
هز رأسه بحيرة عاجزاً عن تخمين ما يفكر فيه “طائف”، أشار بإصبعيه آمراً إياه قائلاً :
_طب أدخل الأوضة وخلي روان تطلع، ومتسبهاش، أنا عايز أتكلم معاه، أنا وهو وبس!!..
أومأ برأسه ثم تحرك ليدخل الغرفة، بعد دقيقة.. خرج وبرفقته “روان”، تمعن “عز الدين” وجهها ليجده عابسًا ومتهجماً، رمقها بنظرةً أخيرة قبل أن يتحرك للداخل، فتح الباب بهدوء، فأعتدل الأخير في جلسته على الفور، سار في أتجاه المقعد القريب من فراش “طائف”، جلس عليه ثم وضع ساقه فوق الأخرى مردداً :
_حمدلله على سلامتك.
رد عليه بإقتضاب :
_الله يسلمك.
رفع عينيه ناحيته قائلاً :
_أولاً شكراً على إنقاذك ليا، ثانياً أنا المرة دي حابب أعرف حقيقة أبويا.
قال “عز الدين” ساخراً :
_صعب، صعب ياإبن الحديدي، لأنك بكل بساطة مش هتصدق.
هز رأسه نفياً هاتفاً :
_لأ هصدق.
أسترخي أكثر في جلسته وهو يهتف بحدة :
_يعني هتصدق لو قولتلك أن أبوك تاجر مـ.ـخـ.ـد.رات!!..
قهقه “طائف” بصوت مخيف ثم قال :
_طب تعرف أني أكتشفت أن أبويا قتال قــ,تــلة.
صمت” عز الدين” يتفرس ملامحه بينما قال ساخراً :
_تفتكر أنا وصلت للحالة دي ليه؟!!.. لأني مش مصدق إللي عرفته!!.. مش مصدق كل ده.
صمت للحظات قبل أن يقول بمرار :
_أكيد إنت أتجـ.ـر.حت قبل كده، بس أصعب جـ.ـر.ح وإللي عمره ما بيكون في أي دوا، هو إنك تجـ.ـر.ح من أهلك.
زادت ظُلمة عيني” عز الدين” حينما تذكر والدته الخائنة وإهمال والده له من أجل عمله، تابع “طائف” بعد أن جعل نبرته جادة :
_أنا مش جايبك عشان تسمع قصتي، أنا طلبت أنك تشوفني عشان أعتذر على كل لحظة أسأت سوء الظن فيك، أعتذر عن نيتي الوحشة وكرهي ليك فالأول، كنت فاكرك ظالم، لكن الظالم طلع أبويا للأسف.
أغمض عينيه بألــم كبير وهو ينطق بتلك الكلمة، وثب “عز الدين” واقفاً قائلاً بقوة :
_أنا عمري ما بسامح أي حد أذاني!!..
تعمد الصمت قبل أن يقول وهو يحدجه بجمود :
_إنت أول شخص هقدر أسامحه مع الوقت.
**************
أنطلقت السيارة التي بداخلها “ياسمين” إلى المشفى، تأكدت من شكلها الجديد وهيئتها، خاصةً بعد إرتدائها الحجاب، بدت أجمل بكثير عن ذي قبل، تنفست بإرتياح وعلى وجهها إبتسامة مليئة بالسرور، بينما السائق لم يتحدث منذ أن بدأ بالقيادة، ولكن هتف فجأة لـ سيدته قائلاً في شئ من القلق :
_ياسمين هانم.
أجابته بتعجب :
_نعم؟!..
هتف بخــــوف :
_في عربيتين ماشيين ورانا من ساعة ما خرجنا!!..
ألتفتت برأسها للخلف لتستشعر ما يشعر به السائق، هتفت بقلق وبدون تفكير :
_أنا هتصل بـ عز دلوقتي يتصرف فالكارثة دي!!..
أمسكت الهاتف بيد مرتعشة وهي تقول بخــــوف :
_المشكلة أن الطريق شبه فاضي، الساعة دلوقتي عشرة الصبح.
ضغطت على أسم زوجها بلهفة ثم وضعت على أذنها منتظرة الرد بفارغ الصبر، أتاها الرد بعد ثوانٍ لتقول برعـ.ـب :
_آلو.. عز!!.. ألحقني يا عز، في عربيتين ماشيين ورانا من الصبح وشكلهم ميطمنش!!..
قال بقلق حاد :
_يعني إيه؟؟.. ط.. طب إنتي فين دلوقتي بظبط؟؟..
أجابت بخــــوف :
_إحنا قدام المحل الـ.. في شارع رقم…، إحنا دخلنا الشارع ده لأنه طريق مختصر فالمكان شبه فاضي.
بلعت ريقه بصعوبة قبل أن تقول برجاء :
_أرجوك تعالى يا عز، تعالى أنا مرعوبة أوي جداً، وشكلهم يخــــوف و…
لم تتم عبـ.ـارتها حيث جحظت عيناها وهي تجد إحدى سيارتين تسد طريق سيارتها، هوى قلبها في قدmيها ثم صرخت بهلع منادية على أسمه بقــوة عظيمـــة :
_ألحقنــــــي يــــا عـــــــــز!!..
↚
لأولُ مرة تستنجد به بتلك القوة العظيمة، ذلك الرعـ.ـب الذي سرى في كل خلية من خلاياها، أتسعت عيناه وقلبه يخفق بعنف، ظهرت عروق نحره التي تنبض بذات العنف، شحب لون وجهه وهو يتخيل شعورها، وجد ذاته يصـ.ـر.خ بأعلى صوت لديه أهتز له أركان المكان و.جـ.ـعل من يسمعه ينتفض من مكانه :
_يــاسميــــــن!!!…
ضيق “طائف” عينيه بتوجس من حالته، لم يفهم ما الذي أصابه، بينما هو يتطلع للأمام بأعين مذعورة، أبعد الهاتف عن أذنه حينما تأكد من إنقطاع الإتصال، ومع صرخة الفزع التي أنطلقت من حنجرتها ودون أن يضيع ثانية واحدة، كان يركض خارج المشفى مغيباً عن الواقع.
لمحه “إيهاب” من طرف عينيه، أرتسمت على تعبيراته القلق وهو يقول بهمس :
-هو في إيــه ؟؟..
أضاف وهو ينظر لـ”روان” قائلاً :
_معلش يا روان، أنا رايح ألحق عز، سـلام.
ثم تركها تحت أنظارها المتعجبة والممتزجة بالفضول، قررت أن لا تشغل بالها، تركت المكان ذاهبة إلى الغرفة وهي تشعر بالضيق على ما وصلت إليه مع “طائف”.
ظلت صدى كلمـ.ـا.تها تتردد في أذنيه أستقل سيارته بسرعة البرق وقد أشتعل وجهه، لحق به “إيهاب” وأستقل السيارة على آخر لحظة قبل أن تنطلق السيارة سأله بأنفاس لاهثة :
_في إيــه يا عز؟؟..
هتف “عز الدين” وهو ينطلق بالسيارة بأقصى سرعة وبمهارة عالية تستحق الإعجاب :
_ياسمين.
سأله بتوجس خائف :
_مالها؟؟.. إيه إللي حصل؟!..
برقت عيناه في شراسة وهو يصـ.ـر.خ :
_هقــ,تــلهم لو قربوا منها، ورحمة أبويا لأعمل كده لو أذوها الـ….!!..
**************
صرخت بفزع وهي تجدهم يترجلون عن السيارة، شهقت بهلع حينما فتح أحدهم باب السيارة، حاولت أن تتراجع ولكن كانوا حاصروا السيارة وفشلت حينما جذبها ذاك الرجل من ذراعها بقوة، صرخت بذعر قائلة :
_لأ، أبعد عني!!..
هتف الرجل بإبتسامة شيطانية :
_تعالي يا حلوة.
أخرجها من السيارة بينما أخرج الرجل الثاني السائق “محمد” الذي أرتسم على وجهه الخــــوف، أقترب منه الرجل الثالث قائلاً بخبث :
_إحنا لازم ننفذ الباشا إللي أمره، بس مينفعش الراجـ.ـل ده يشوف إيه إللي بيحصل.
هتف الرجل الثاني ببساطة :
_بس كده؟!.. بسيطة!!..
ختم كلمته الأخيرة قبل أن يبطح رأسه بـ ناصيته ضـ.ـر.بة عنيفة أصابت أنفه وما يعلوها، فـ فقد وعيه، وترك جــــســ ـده يتراخى على الأرضية الصلبة، صرخت “ياسمين” بفزع وقد زاغت أبصارها متسائلة برعـ.ـب :
_إيه ده !!.. إنتوا عملتوا إيه؟؟..
مال الرجل الأول الذي يقبض على ذراعيها قائلاً بخبث :
_مفيش، إحنا بنفذ الأوامر إللي جتلنا، واضح إني هستمتع أوي.
فهمت مقصده الدنئ فأشتعلت عيناها بحمرة غـــضــــب وبدون تفكير صفعته بقوة على صدغه وهي تهدر بصوتها الخائف :
_إنت واحد حـ.ـيو.ان وسافــل!!..
أشتعلت عينيه كجمرات من النار، بادلها صفعة أشـ.ـد قوة جعلتها تترنح في مكانها، حاولت التماسك، من أجل ذاتها.. من أجل الهروب، هروب من براثــن الذئــــاب!!..
وجدت نفسها تركض، ركضت بقوة غريبة، ليركض الثلاثة خلفها، تسارعت أنفاسها من فرط المجهود، وبدأ جبينها يتصبب العرق من كثرة الرعـ.ـب الذي تعيشه في تلك اللحظة، وفجأة.. توقفت سيارتين فارهتين ذات اللون الأسود، ترجل منها خمسة رجـ.ـال أشـ.ـداء البنية ضخام الجــــســ ـد، جــــســ ـد الواحد منهم بمثابة عشرة، ملامحهم مريبة تبعث القلق وعدm الراحة، جذبها قائدهم من ذراعها بحذر ليجعلها تحتمي خلفه، أخرج الأربعة أسلحتهم ثم صوب كُلاً منهم فوهه سلاحه على شخص، ظهر الأرتباك والقلق عليهم تسائل أحد الرجـ.ـال التابعة لـ “طارق الصياد” بحدة :
_إنتوا مين؟؟!!..
أجابه طرف الأخر بنبرة عالية :
_إنت أتعديت حدودك لما قربت من ياسمين هانم، ومش هتفلت من العقـ.ـا.ب أبداً من الباشا.
تفاجأت “ياسمين” بمعرفة إسمها ولكن تعمدت أن لا تتحدث نظراً لما يحدث حولها، سأله ذات الشخص مردداً :
_ومين الباشا ده؟؟..
أجابه القائد بغلظة :
_لما تشوفه هتعرفه على طول، ومفيش حد هيمشي من هنا إلا..
تعمد الصمت ليبث لهم الريبة فتابع بتأكيد :
_إلا عل جُثتـه!!..
قهقه الرجل بقوة ضاحكاً على كلمـ.ـا.ته، صمت بعد لحظات مردداً بثقة وبسُخرية :
_محدش يقدر يقرب مننا، إنت شكلك عبـ.ـيـ.ـط؟!..
ظهرت إبتسامة ظالمة على وجهه، وبدون سابق إنذار أخرج سلاحه من خلف ظهره وصوبه نحوه قبل إطـ.ـلا.ق النار عليه، هتف قائلاً بصوت أجتاحه الغلظة :
_إنت إللي جبته لنفسك.
أطلق بعدها رصاصته الهادرة صوب ساقه فسقط الرجل وهو يصـ.ـر.خ بألــم، أطلقت “ياسمين” صرخة عالية ثم أغمضت عينيها بقوة لكي تمنع ذاتها من النظر إلى تلك المشاهد، أضاف القائد بعيون غاضبة :
_مفيش حد هيمشي إلا لما كل واحد ياخد حسابه من الباشا، وإللي هيفكر يهرب هيلاقي الرصاصة جت فدmاغه.
ثم أشار بعينيه لأربعة الرجـ.ـال الواقفين بجواره هادرًا بنبرة آمرة :
_هاتوا الحبل وأربطوهم يالا.
هزوا راءوسهم ثم بدأوا في تنفيذ آمره، في حين صاحت “ياسمين” متسائلة برعـ.ـب :
_إنتوا مين؟؟..
أستدار لها القائد مردداً بإحترام :
_مـ.ـا.تقلقيش يا ياسمين هانم، أنا قائد حراستك، يعني تبع عزّ الدين باشا السيوفي.
توقفت الكلمـ.ـا.ت على حافة لسانها، ثواني وكانت نطقت بهمس خافت :
_عــز!!..
**************
كان “إيهاب” يحاول بحديثه تخفيف من وطأة الموقف رغم عدm فهمه لسبب وصوله إلى تلك الحالة، إلا أنه فشل في ذلك حينما صرخ “عز الدين” به بغـــضــــب أعمى :
_إيهــــاب، مش عاوز أسمع صوتك، ولا حرف!!..
أضطر الصمت أمام غـــضــــبه الأعمى الذي يمكن وبكل بساطة أن يؤدي إلى المشاكل، بينما تذكر”عز الدين” شيئاً هاماً قد نساه من كثره التـ.ـو.تر، أخرج هاتفه من جيب بنطاله ثم عبث به ووضعه على أذنه بعدها، أنتظر الرد ليأتيه بعد لحظات متسائلاً بصرامة :
_إنتوا فين؟؟..
أجابه قائد الحراسة بإحترام :
_إحنا مع ياسمين هانم يا عز باشا، أنا كنت لسه هكلم حضرتك عشان في حاجة حصلت.
صاح فيه بحدة :
_المهم هي كويسة!؟..
رد قائلاً بهدوء :
_أيوة يا باشا، في رجـ.ـا.لة حاولوا يخـ.ـطـ.ـفوها، وواضح أن دي مؤامرة، يعني في حد بعتهم، بس مـ.ـا.تقلقش إحنا مسكنا الكلاب دول.
تألقت عينا “عز الدين” ببريق حازم مردداً :
_طيب، دقيتين وهكون عندك، أقفل.
أغلق الهاتف ومازال قلبه يخفق بتلك القوة، عشقه لها حتماً سيقــ,تــله في يوم من الأيام.
وعلى بُعد أمتار قليلة، أنعقد حاجبـا “عزّ الدين” في شـ.ـدة، في حين ضغط هو بكُل قوة فرامل السيَّارة، فأنطلق من إطاراتها صرير مُخيف، وهي تدور حول نفسها حتى توقفت أخيراً إلى جانب الطريق، على نحو أختلّ معه توازن “إيهاب” الذي تفاجأ من تلك الحركة المباغتة، ألتفت “عزّ الدين” برأسه نحو نافذة سيَّارته وهو ينظر بعينين مذهولتين وقد ألتمعت بوميض الذُعر والخــــوف..
ترجل من السيارة سريعاً راكضاً ناحيتها، كانت عيناه لا ترى أي شئ سواها، كانت مستندة بظهرها على السيارة محتضنة جــــســ ـدها بذراعيها، وقف قبالتها وهو ينطق بأنفاس متقطعة :
_يـ.. ياسمين!!..
نظرت له بعينين متلألأة من الدmـ.ـو.ع، فجذبها من رأسها ليحتضنها بقوة، وضع طرف ذقنه على رأسها وهو يتنفس بعمق، أنهارت باكية في أحضانه وأنتفض جــــســ ـدها ليضمها أكثر وبداخله يشتعل ويشتعـل.
_أنا عاوز أعرف إيه إللي حصل و…
بتر “إيهاب” عبـ.ـارته بغتة وأتسعت عيناه عن أخرهما في رعـ.ـب هائل وهو يرتد إلى الخلف من هول الصدmة، عنـ.ـد.ما وجد أحد الرجـ.ـال مصاب بطلق ناري، أبعد “عزّ الدين” طرف ذقنه عنها ليتطلع إلى ذلك الشخص الملقي على الأرض بعينين أشتعلتا بالنيران.. عينان بدتا كقطعتين من اللهب أو الجحيم.
أشار بعينيه لقائد الحراسة فـ فهم الأخير على الفور، أتجه إلى الحراسة وهو يأمرهم :
_خدوا الكلاب دول على المخزن القديم بتاعنا، وحد منكم يجيب دكتور يشوف السواق محمد.
سحبها “عز الدين” وهو مازال يضمها بقوة بينما هي تحاول أن تخبئ وجهها بداخل صدره، داهمها دوار حاد، فـ كادت أن تقع لولا ذراعه، بدأت تتعثر في سيرها لذلك أنحنى بجذعه ليضع ذراعه أسفل ركبتيها ثم ركض بها ناحية سيارته، فتح “إيهاب” الباب ليضعها برفق في المقعد ثم جلس بجوارها ليجعلها تتمدد في أحضانه، وأسند رأسها على ساقيه، وبدأ يمسح حبات العرق المتلاصقة على جبينها بنعومة، ونظراته تُشع منها القلق والخــــوف، أستقل “إيهاب” مقعد القيادة ثم أنطلق صوب القصر.
بعد برهة، كان يضعها برفق وحذر شـ.ـديد على الفراش، ثم سحب الغطاء ليدثرها، قَبّل جبينها قبلة عميقة ثم أمسك بكف يدها ليُقبله هو الآخر بنعومة، همس بنبرة عـ.ـذ.بة :
_الحمدالله، أنا كنت همـ.ـو.ت لو جرالك حاجة.
تابع بتنهيدة حارة :
_كله هيعدي، طول ما إحنا مع بعض.
رمقها بنظرة أخيرة قبل أن ينزع حجابها برفق ثم تركها تغوص بداخل النوم، بعد ما رأته من الخــــوف.
خرج من الغرفة هابطاً إلى الأسفل حيث ينتظره رفيقه، سأله بلهفة حينما رأه يهبط درجات الدرج :
_ها إيه الأخبـ.ـار؟؟..
أجابه بتنهيدة :
_شكلها مش كويس خالص.
هتف بشفقة :
_معلش يا عز، صعب إللي شافته بردو.
صمت للحظات قبل أن يتسائل :
_يعني هي فاقت؟؟!!..
حرك رأسه بنفي قائلًا :
_هي داخت جـ.ـا.مد فـ كانت مش قادرة تتكلم ولا حتى تفتح عينيها، إنما دلوقتي هتنام.
حدق فيه بإستغراب متسائلاً :
_آه صح، هما إزاي حاولوا يخـ.ـطـ.ـفوها والحراسة كانت ماشية وراها، دول أغـ.ـبـ.ـية أوي!!..
هتف بإبتسامة ماكرة :
_ومين قالك كده؟!!.. هي نفسها مكنتش عارفة أن في حراسة ماشين وراها.
سأله بتعجب شـ.ـديد :
_يعني إيه؟!..
أجاب بجدية :
_يعني أنا عامل خطة مع قائد الحراسة، أنهم يمشوا وراها من غير ما تحس ومش لازم تعرف إزاي عشان أنا مش فاضي أحكي، المهم أنا عملت كده عشان ياسمين متحسش بخـ.ـنـ.ـقة منهم، ثانياً عشان إللى يحاول يتعرضلها يقع الوقعة زي إللي وقوعها ولاد الـ….
أطلق من أعمق أعماق صدره زفرة حارة وهو يضيف :
_المهم مش عايزك تقول لـ مُنى أي حاجة من إللي حصلت.
تمتم الأخير بتأكيد :
_ده أكيد، أنا كنت ناوي أعمل كده من غير ما تقولي.
صمت للحظات قبل أن يسأله بتـ.ـو.تر :
_إنت ناوي على إيه؟؟!!..
رد عليه بنبرة عميقة صدرت عن أغواره :
_هجيب حقها من الكلاب دول.
هتف “إيهاب” بغـــضــــب :
_رأفت ده لازم يتربى، الموضوع زاد عن حده.
تمتم بثقة :
_رأفت مش ورا الموضوع ده.
سأله بعدm إقتناع :
_مفيش غيره يا عز؟؟..
قال بنظرات قوية :
_أنا بقولك رأفت مش ورا الموضوع ده يا إيهاب؟؟..
سأله بذهول :
_أومال مين إللي عملها؟؟.. وبعدين إيه إللي مخليك واثق أنه مش هو إللي وراها؟؟..
هتف بغموض مثير :
_هتعرف كل حاجة بعدين.
**************
عاد “إيهاب” إلى منزله، وجدها تنتظره كعادتها بعد أن هاتفها وهو في الطريق، أقترب منها سريعاً ليحتضنها، ثواني وكانت تتراجع لتتأمل عينيه التي تفيض عشقاً، أنزل يديه ليدفن وجهه في عنقها، يستنشق أكبر قدر ممكن من عطرها، أضحت رائحتها كالأدmان له، لا يصدق حتى الآن أنه في يوم وليلة أحبها وأدmنها!!..
بعد فترة رفع رأسه عنها وهو يتمتم :
_حشـ.ـتـ.ـيني و .
ردت عليه بخفوت :
_وإنت كمان يا إيهاب، إيه إللي رجعك بدري؟؟..
أجابها ببساطة :
-حشـ.ـتـ.ـيني و !!.. وكمان الشغل كان خفيف النهاردة ومكنش في لأ مواعيد ولا أي أجتماع.
أمسكت بكف يده مرددة :
_طيب تعالى عشان نتغدى.
همّت أن تغادر ولكن قبض على يدها، ألتفتت له وقبل أن تتحدث كان راح يُقبلها.
قبلاته تبعزقت على وجهها.. بنعومة ورقة.. بحب كبير وحنان.. بحب دافئ قبل أن يكون رغبة، حاوط خصرها بقوة بذراعه الأيمن قبل أن يعود إلى شفتيها يأخذها إلى رحلة طويلة، يوضح بطريقته الخاصة عن كم من العشق الذي موجود بداخله.
**************
صاح بأعلى صوته كثورٍ هائج وذئبٍ شرسٍ، جذبه “عز الدين” من تلابيبه بعنف، أرتجف ذلك الرجل حينما رأى في عينيه الشبيهة بالصقر، رأى شر دفين ونية غير صالحة له، أرتعد بخــــوف منه وقد تأكد من مصيره القاسي، هتف برعـ.ـب قائلاً :
_والله العظيم هقول إللي حصل، صدقني الباشا هو إللي أمرنا إننا..
صمت خائفاً من قول تلك الجملة، سدد له “عزّ الدين” لكمة قوية في وجهه هادرًا بنبرة جهورية :
_أنطــق يـا كـلــب!!..
هتف وهو يبتلع ريقه بصعوبة :
_هو كان عاوز يذلك عن طريق مراتك، عشان عارف أن دي نقطة ضعفك، فكان عايز أننا نغتصبها عشان نحرق قلبك.
جن جنونه مع تلك الكلمة، سدد له عديد من لكمـ.ـا.ت عنيفة، ثم ضـ.ـر.ب وجهه بقوة حتى كاد يسقط للوراء ولكن أمسكه من عنقه بعنف قبل أن يسقط وجذبه إليه وهو يسأله بإبتسامة قاسية شيطانية ظالمة :
_في حاجة نفسك تقولها قبل ما تشوف العـ.ـذ.اب بجميع ألوانه؟؟..
قال بذعر وقد بدأ يختنق :
_يا باشا ده مش ذنبي والله، أنا مقدرش أقول لأ لـ طارق الصياد!!..
أتسعت عيناه بصدmة وهو يغمغم بهمسٍ خافت :
_طـارق الصياد!!..
↚
ظل على حالتــه تلك، لم يتحدث بـ أي كلمة، بل أخذ يُحدق في سقف الغُرفة البيضاء، ومازال قلبــه ينزف بغزارة، أغمض عينيـهِ وهو يبتلع تلك الغصة المريرة التي تقف في مُنتصف حلقـه، أغمض عينيـهِ بقوة أكبر مقاومًا هبوط دmعة من بحر دmـ.ـو.عــه الحــارة، وضع يده على مكان موضع قلبـه مُستشعرًا دقاتـه العنيفة، قلبــه الذي يصـ.ـر.خ بأنـه على وشك الأنهيـار، أصدر شهقة ألــم حاول كتمهـا لـ فترة طويلة، خرجت “روان” من المرحاض لـ تجده على تلك الحـالة، أقتربت منـه سريعًا وهي تسألــه بنبرة تلهف :
-مـالك يا طائف ؟؟.. أجبلك دكتور ؟؟..
لانت ملامحــه بـ درجة متوسطة، فتح عينيـهِ بـ بُطء مُجيبًا بـ هدوءٍ :
-مفيش حاجة يا روان، أنـا كويس .
هتفت بـ نفيٍ :
-لأ، أنا هجيبلك دكتور .
قـال بضجر :
-روان أنا مش نـاقص، قولت لأ يبقى لأ !!..
صمتت للحظات قبل أن تقول بـ حُزن :
-إنت لسـه مضايق مني ؟؟..
لم يُجيبهـا بل ظل صامتًا، تابعت هي :
-يا طائف إنت لازم تقدر إللي أنا فيـه !!..
لم تستمع إلى أي رد أيضًا، أضافت بـ تذمر :
-طائف، إنت لو كان ليك أُخت وأتقدmلهـا عريس أبوه بيقــ,تــل وبيخـ.ـطـ.ـف وبيعمل الجرايم دي كُلهـا، كُنت هتوافق عليـه ؟؟..
أغمض عينيـهِ بـ قوة محاولاً التغلب على ذلك الألـم الحـارق الذي أتى على حين غُرة، تابعت “روان” بضجرٍ :
-طائف أنا مش عوزاك تزعل مني، بس إنت عارف كويس، أن جوازنـا مش هيبقى فيـه غير حُزن وتعب وكآبـة؛ بسبب أبوك !!!.. وكمان أنا مش مستغنية عن عُمري، وإنتوا دخلتوني حياتكُم بـ طريقة شيطانية، وأنا مش هسمح أن نهايتي تبقى نهاية سيئة .
صمتت للحظة واحدة قبل أن تُتابع بـ تأثر :
-أنا عايزة أعيش فـ أمــان، أمـان أنا أفتقدتـه من يوم وفـاة بابا وماما !!..
عـاد يفتح عينيـهِ وهو يقول بـ جمودٍ غريب :
-خلاص يا روان، أنا هبعد .
حدقت بـهِ بذات التأثر العالي لـ يُتابع بـ ذات الجدmود المُريب :
-هتبقي مُجرد ذكريــات حـلوة، هتبقي ماضي بالنسبالي .
أغمضت عيناهـا واضعة يدهـا على صدرهـا، شعرت بـ ذلك الألــم الذي يقبع بداخلهـا ولكن لا تقوَ على الصراخ، بينما أشـاح بـ وجهه للجهة الأُخرى محاولاً ضبط أنفاســه، ظل يتنفس بـ بُطء لـ يُحافظ على أنتظام أنفاســه المتـ.ـو.ترة، وقد عزم أن يبدأ من جديد، أن يُغير شخصيتـه، يبدأ حيــاة جديدة بعيد عن والده وعن أعمــالـه تمامًا .
**************
أتسعت عينـاه في شئ من الذهول، صمت للحظات قبل أن تُظلم عينيـه بـ ظلامٍ دامس، أشتدت تعبيرات “عز الدين” قسوة مع تذكره أسم عدوه الثاني، عم الصمت على المكان قبل أن يهتف بـ غـــضــــب جامح :
-إنت إللي جبتـه لـ نفسك .
أتسعت عينـاه بـ فزعٍ حقيقيًا وقبل أن يتحدث سدد لــه لكمة عنيفة في فكــه، أمسكــه من تلابيبــه جيدًا قبل أن ينقض عليـهِ كما ينقض الوحش الضاري على فريستـه، أنهــال عليـهِ باللكمـات عنيفة مليئة بالشراسة، تدخل سبعة من رجـال حراستـه مانعيـن إيــاه من الضـ.ـر.ب لذلك الرجل، هتف أحدهم بـ قوة :
-أهدى يا عز باشـا .
نظر لــه بـ عينين مُشتعلة من الغـــضــــب قبل أن يرفع قبضتـه المتكورة نـاحيتـه لـ يلكمــه بـ قوة، هتف الحارس الثاني برجاءً
ونبرة شبـه حـادة مُتعمدًا أن يضغط على الوتر الحساس الذي بداخلـه :
-يا عز باشا أهدى، إحنا هنربيهم، كفاية كده لأنـه هيمـ.ـو.ت فإيدك، تقدر تروح وإحنا هنقوم بالواجب معاهم، وعلى الأقل تشوف ياسمين هانم وتشوف حالتهـا عامله إزاي دلوقتـي .
مع ذكر أسم معشوقتــه، أنزل يديــهِ مُحدقًا بـهِ بنظراتٍ ممـ.ـيـ.ـتة، تشـ.ـدق بـ :
-مهمـا عملتوا محدش هيقدر يبرد النـار إللي جوايـا، وأنا هوريهم هُمـا وإللي مشغلهم مين هو عـز الدين السيوفـي !!..
أضــاف وقد تقوس فمه بإبتسامة قاسية :
-وإللي يقرب من مراتـي وإبني أشرب من دmـه، وأوريـه ألوان العـ.ـذ.اب .
دفع الرجل بقسوة الذي سدد لـه لكمـ.ـا.ت عنيفة لـ يقع على الأرضية الصلبة المليئة بالغبـ.ـار، رمقـه بنظراتٍ مُخيفة قبل أن يستدير بـ جــــســ ـده، سـار للخارج بوجهٍ قاسي وهو يشعر بتلك النار التي بداخل صدره، أستقل سيارتـه ثم أدار المحرك لـ ينطلق إلى القصر، وهو يشعر بأنــه جالس فوق جمرات من النـار .
**************
فتحت عيناهـا بـ تثاقل شـ.ـديد، وزعت أنظارهـا الواهنة على المكان قبل أن تهبط من على الفراش بـ بُطء، تحركت داخل المرحاض وهي تشعر بـ شئ من التعب والرهبة .
ثلاثة دقائق وكانت تدلف للخارج، في نفس التوقيت كان أنفتح باب الغُرفة، أنتفضت “ياسمين” من مكانهـا وقد شهقت دون قصد، دنى منهـا “عز الدين”، ووجهه مُتلهف لـ رؤيتهـا، ركض ناحيتهـا وهو يهمس بإسمهـا :
-ياسمين .
نظرت لــه بـ عينين حزينتين لامعة من الدmـ.ـو.ع، جذبهـا من خلف عنقهــا لـ يُضمهـا إلى أحضانـه بـ قوة، تعلقت به بشـ.ـدة، وتعالت شهقاتهـا كمـا دبت إرتعاشة في جــــســ ـدهـا، ضمهـا أكثر بداخل أحضانــه الدافئة عسى أن تهدأ، بكت بـ مرارة مرددة :
-أنا تعبت يا عز، أنا تعبت أوي .
زحفت أصابـع كفـه لـ تخترق شُعيرات رأسهـا، تلاعب فيهن برومانسية وهو يهمس بـ صدقٍ :
-هجيبلك حقك .
نزح بأطراف أنمالـه دmـ.ـو.عها وهو يُتابع بـ ذات الهمس الصادق :
-هنعدي الفترة دي سوى، كُل حاجة هتبقى أحسن من الأول، طول ما إحنـا مع بعض .
هتفت بـ بُكاء يفطر القلوب :
-أنا خايفة يا عز، خايفة أوي .
مسح على شعرهـا مرددًا بـ هدوءٍ :
-أمسحي كلمة خــــوف من القاموس طول ما أنا جنبك وفيـا نفس .
نطقت بـ ذات البُكاء :
-أنـا عايزة أرتـاح !!..
أرتسمت بسمة صغيرة لم تصل لـ عينيهِ هامسًا بـ تأكيد :
-قُريب، قُريب جدًا هترتاحـي .
تابــع بـ تأكيد أقوى قائلاً بـ قسوتــه :
-وكُل دmعة تعب وخــــوف نزلتيهـا من عينيكي هخليهم ينزلوا بحر من الدmـ.ـو.ع، دmـ.ـو.عهم مش هتقف أبدًا من كُتر النـ.ـد.م وقلة حيلة، وده وعد مني يا ياسمين .
**************
بعد مرور يومين بداخل المشفى، تحركت “روان” ناحية “طائف” بخُطوات مُرتبكة، طوال تلك الفترة لم يتحدث معهـا، بل ظل ساكنًا، إما مُغمض العينين أو شاردًا مُحدقًا بأنظاره التائهه على سقف الغُرفة، وقفت قبالتـه مرددة بـ تـ.ـو.تر :
-خلاص هتخرج النهاردة من المُستشفى ؟؟..
حدجهـــا بنظراتٍ هادئة مُجيبًا بإقتضاب :
-آه .
بلعت ريقهــا بإرتباك قبل أن تتسائل بـ تلعثم :
-يعني مش هانشوف بعض من اللحظة دي ؟؟..
أجابهــا بـ جفاءً :
-أيوة، للأبــد !!..
أغمضت عينيها بـ قوة مقاومة الدmـ.ـو.ع التي على وشك الهبوط من عينيها، هتفت بـ خفوت :
_طيب حمدلله على سلامتك.
أضافت قبل أن تتحرك سريعًا :
_عن إذنك.
ركضت ناحية باب الغُرفة، أمسكت بـ المقبض وأدارته لـ ينفتح الباب على مصراعيه، صرخت بذعر وهلع في آن واحد حينما وجدت ذاك الرجل يقف أمامها، هتفت بهلع وهي تتراجع للخلف :
_لااااااااأ.
تطلع “رأفت” إليها بعيون شيطانية، حافظ على هدوئه الزائف من أجل إبنه الوحيد، بينما سار “طائف” نحوهما لـ يجذبها من رسغها، فـ أحتمت خلف ظهره مُثبتة أبصارها الفازعة على ذاك الشيطان، سأله والده بنبرة مُخيفة :
_بتعمل إيه البـ.ـنت دي هنا؟؟..
رد بنبرة قوية :
_كانت واقفة جنبي الفترة دي زي ما أنا وقفت جنبها.
تعمد الصمت لـ ثوانٍ قبل أن يقول بصيغة شبه آمره :
_وإياك يا رأفت باشا تقرب منها، كفاية أوي إللي حصلها من تحت رأسك .
أستدار لـ يرمقها بجدية آمرًا إياها :
_تقدري تتفضلي يا آنسة روان.
تضاعف حُزنها، نظرت له نظرةً أخيرة، كانت تتمنى أن تنطق بأي كلمة، حتى لو كانت كلمة “الوداع” ولكن عجزت، عقد لسانها عن اللفظ، أخفضت بصرها ثم تحركت للخارج بخطى سريعة مُتحاشية النظر عن تلك العينين المُخيفتين التي تُحدق فيها، عاد ينظر “طائف” لـ والده متسائلاً بضيق :
_خير يا رأفت باشا، عاوزني في حاجة؟؟..
رد الأخير بجدية :
_هترجع البيت إمتى؟؟..
عقد ما بين حاجبيهِ قائلاً :
_بيت!!.. بيت إيه؟؟.. أنا ماليش بيت!!.. ومفيش أي حاجة تربطني بيك خلاص.
هتف “رأفت” في شئ من الغـــضــــب :
_أنا أبوك، دmي بيجري في عروقك!!..
كاد أن يُتابع حديثه ولكن قاطعـه “طائف” صارخاً بإهتياج :
_لأ طبعًا.
صمت عم المكان ماعدا صوت أنفاسه الحانقة والغاضبة، تابع بصراخٍ عنيف :
_دmك مش هو دmي، أنا مقدرش أقــ,تــل إنما إنت تقدر، أنا مقدرش أتاجر فالممنوعات إنما إنت تقدر، في فرق ما بينا، وفرق كبير يا رأفت باشا.
قهقه “رأفت” مُتعمدًا إستفزازه :
_وهتعيش إزاي ؟؟!!..
أجاب بقوة :
_هشتغل، هدور على الشغل، هبدأ حياتي من الجديد
هتف “رأفت” بتحذير :
_إرجع لـ طوعي يا طائف، إنت لما تشتغل هتتعب، إنما لما ترجعلي كل حاجة هترجع لـ طبيعتها.
هز رأسه نفيًا قائلًا بإصرار :
_أستحاله، أنا لا يُمكن أمشي فنفس الطريق إللي ماشي فيه، أنا في طريق اليمين إنما إنت في الطريق الشمال والطريقين دول مش هيتقابلوا غير في آخر المشوار وكل واحد هياخد حسابه وقتها.
نظر له بتوعد قائلاً بسخط :
_بقى كده؟؟.. براحتك، بس لازم تعرف، أن كمان كام يوم هتيجي زاحف على رجليك بتطلب مني إني أسامحك عشان ترجع تاني لـ بيتك.
إبتسم الأخير مرددًا بسُخرية :
_لما يجي اليوم ده، أبقى ساعتها أتكلم يا رأفت باشا.
زاد تهكمه قائلاً :
_عن إذنك عشان مش فاضي.
أنصرف من أمامه مُسرعًا وهو يحاول ضبط أنفاسه، تاركًا والده يشتعل من الغـــضــــب من كلمـ.ـا.ته، ولكن تلك هي الحقيقة، والحقيقة دائماً تكون مريرة.
**************
قاد سيارته متوجهًا إلى مكانٍ ما، كان يقود بهدوء تام عكس ما بداخله، كان يتحدث عن طريق الهاتف مع رفيقه، هتف “عز الدين” بجدية :
_أيوة طارق الصياد هو ورا إللي حصل لـ ياسمين.
تسائل “إيهاب” بتعجب :
_مش ده أبوه إللي خسر فلوسه وخسر زباينه لما دخل مُنافسة مع أبوك الله يرحمه وإنت أتدخلت؟؟!..
أجاب بإقتضاب :
_أيوة هو ده.
صمت للحظات قبل أن يهتف بجمود :
_طيب أنا هقفل معاك دلوقتي يا إيهاب، وهكلمك بعدين، سـلام.
_ســلام.
أغلق الهاتف لـ يدسه بداخل جيب بنطاله حدق في المرآة الأمامية وهو يعود إلى تفكير عميق.
عشرة دقائق مرت وكان وصل، صف سيارته أسفل البناية ثم ترجل عن السيارة، تحرك داخل البناية قاصدًا إلى المصعد وهو يبتسم بقسوته المعهودة، دقيقتين وكان يخرج من المصعد، أتجه إلى المنزل رقم خمسة، وضغط على جرس الباب عدة مرات حتى أنفتح لـ يظهر “طارق الصياد”، أتسعت إبتسامته القاسية أكثر وهو ينزع نظارته الشمسية قائلاً بلؤم :
_أزيك يا طارق.
تعمد الصمت قبل أن يقول بأشـ.ـد قسوة :
_يا إبن الصياد.
حدق به بصدmة عارمة وهو يقول بعدm إستيعاب :
_مش معقــــول!!.. عــز الدين السيوفــي!!..
↚
وكأنه شل من قوة الصاعقة، لم يتحرك من مكانه بل ظل محدقاً في وجه الأخير بنظراتٍ مضطربة، تأمل “عزّ الدين” وجه عدوه بإبتسامة مُنتصرة، دنا منه بخُطوات هادئة للغاية بثت بداخله الرعـ.ـب، ذلك الهدوء المريب الذي بالمكان جعله متخبط في أفكاره عاجزًا عن تخمين ما يفكر فيه الأخير، فـ لابدّ أنهُ أتى لـ يجعله يلتقي مصيره القاسي، بعدmا تجرأ من أهم شئ في حياته، لقد أقترب من أهم شخص في حياة الذئب.. زوجتــــه!!..
حاول كـ.ـسرها بأبشع الطرق، فـ حتماً سيقــ,تــله أو سيعـ.ـذ.به بـ بُطء شـ.ـديد، دفعه “عزّ الدين” بخفة بكفي يده لـ يمر من جواره، تحرك للداخل وهو يتمتم :
_عاش من شافك يا طارق.
ألتفت ناحيته ناظرًا إليه بعينين مُخيفتين لـ يجده لا يُزال واقفاً مصدوماً، هتف ببرود :
_إنت واقف عندك ليه؟؟.. أدخل يا إبن الصياد، دي لسه الأعدة هتحلو.
بلع ريقه بصعوبة وهو يغلق باب المنزل، تحرك إتجاهه وهو يقول بصوتٍ شبه مُحتد :
_جاي ليه يا إبن السيوفي؟؟..
ضيق عينيه وهو يجيبه :
_أكيد إنت عارف السبب.
سأله بحدة أشـ.ـدّ عن ذي قبل :
_أنجز يا عز وقول إنت عايز إيه؟؟..
صمت للحظة واحدة قبل أن يسأله بتوجس :
_وبعدين إنت عرفت عنوان بيتي منين؟؟.. ده مفيش مخلوق على وجه الأرض يعرف بيتي الجديد!!..
رد “عزّ الدين” عليه بثقة عالية تُليق به :
_إللي محدش يعرفه أن أي شخص أتعرضلي أو أتعرض لأبويا الله يرحمه بحطه تحت عنيا لأني واثق أن حد منهم هيأذيني، يعني أنا أعرف كل حاجة عنك، عارف كل بلاويك السودة.
صمت للحظة متعمداً بث الريبة والتوجس الخائف بداخله، أضاف بعينين قاسيتين :
_والأهم أنا عارف إنت هربان من إيه؟؟..
أنتفض “طارق” فزعاً وأرتجف جــــســ ـده وهو يسأله :
_قصدك إيه ؟؟..
دنا منه “عزّ الدين” فزادت رجفة الأخير، أطبق على فكه يعتصره بعنف، أخرج أنيناً مكتوماً من جوفه، بينما أجاب “عزّ الدين” وبريق الشراسة في عينيه :
_إنت إللي جبته لنفسك يا إبن الصياد لما فكرت تقرب من مراتي.
زاد من ضغطه العنيف على فكه وهو يقول :
_هخليك تنـ.ـد.م أشـ.ـد النـ.ـد.م على إللي عملته، كل دmعة نزلتها مراتي هخليك تشوف بدالها عـ.ـذ.اب.
بلع ريقه بصعوبة وقد شخصت أبصاره من تهديداته المخيفة، أخرج كلمـ.ـا.ته بصعوبة بالغة قائلاً :
_آآ.. هـ.. هتعمل فيا إيه؟؟..
رمقه بإبتسامة قاسية وهو يرخي أصابعه عنه، هتف بغموض مثير :
_إنت كنت هربان، عشان خايف على نفسك مني، ومن رجل الأعمال الشهير “عُثمان الأسيوطي”.
دس يديه بداخل جيب بنطاله وهو يُتابع :
_هربان مني بعد إللي عملته فـ مراتي، وهربان من عُثمان بعد ما كتبت على نفسك وصل أمانة بـ 2 مليون جنية.
أتسعت عيناه بخــــوف، لـ يُضيف “عزّ الدين” بتلك الإبتسامة المهلكة :
_ومعلومـ.ـا.تي عنك، إنك مش معاك فلوس، ومش هتقدر تجيب ربع المبلغ ده.
سكت للحظة قبل أن يُتابع :
_وأنا أشتريت الوصل الأمانة ده منه، يعني حسابك بقى معايا دلوقتي، وأنا قدmت بلاغ ضدك وقدmت وصل الأمانة.
هز كفيه قائلاً :
_يعني إنت مطلوب القبض عليك يا إبن الصياد.
حدق فيه بفزع حقيقي، فـ كما توقع تماماً هو أتى لـ ينتقم منه، لـ يجعله يتلقى مصيره القاسي الظالم، ألتفت برأسه ناحية باب المنزل وقد قرر الهروب من براثن أشرس ذئب قابله في حياته.
ركض ناحية الباب محاولاً الهروب، بينما “عزّ الدين” ظل واقفاً.. ثابتًا.. وقد تشكلت إبتسامة منتصرة على شفتيه الرفيعتين القاسيتين، فتح “طارق” الباب لـ تُصيبه الصاعقة مرة أخرى وهو يجد فردين من أفراد حراسة الذئب يقفان أمامه، أستدار بخــــوف لعدوه الذي سار إتجاهه بخطوات ثابتة ثم جذبه من تلابيبه قائلاً بصوتٍ فحيح كالافعي :
_هتقضي 3 سنين من عُمرك فالسـ.ـجـ.ـن، لو فكرت بعد ما تخرج تقرب مني أو من شغلي أو من أي شخص في حياتي، صدقني حياتك هتبقى هي التمن، وأنا مش برجع فـ كلمتي أبدًا مهما حصل!!..
دفعه بقوة هادرًا بصوته الجهوري :
_خدوا الكـ.ـلـ.ـب ده على تحت، عشان هسلمه للبوليس بنفسي.
نظر إليه ثم قال بإبتسامة مهلكة :
_نسيت أقولك إني حبيت أساعد البوليس، فبلغتهم بمكانك.
هتف “طارق” بتوسل :
_خلاص يا عز، سامحني، أنا..
لم يتردد وهو يرفع يده للأعلى لـ تهبط على صدغه بصفعة عنيفة وهو يقول بتشنج :
_أخرس خالص، مش عاوز أسمع صوتك.
كادت مقلتاه تخرجان من محجريهما حينما تأكد من مصيره، أمسكه الفردين من حراسة الذئب لـ يجرونه خلفهما، تحرك “عزّ الدين” وراءهم وهو يحاول ضبط أنفعالاته، هبطوا إلى أسفل البناية متوجهين ناحية أحد السيارات الخاصة بالحراسة، ألتفت “عز الدين” حينما أستمع إلى أصوات صافرات سيارات النجدة، تعلقت أنظار الجميع بذلك الضابط الذي أتى وبصحبته قوة أمنية، ساد صمت ولكن قاطعه الضابط وهو يسأل” عز الدين” :
_هو فين يا عز باشا؟؟..
أشار بعينيه وهو يرد بإقتضاب :
_أهوو.
أشار الضابط لأفراد الأمن قائلاً بصرامة :
_هاتوا.
تحرك أفراد الأمن ليسحبوه نحو السيارة الخاصة بهم، إلتوى ثغر “عزّ الدين” بإبتسامة منتصرة، لم ينـ.ـد.م قط ولو لحظة، فهو يستحق أكثر من ذلك، شعر بالراحة تعتريه بعدmا أخذ حقها، تحرك ناحية سيارته لـ يستقلها بهدوء، هتف بإبتسامة شاردة :
_خدت حقك يا ياسمين.
قست عيناه وهو يتابع :
_فاضل إني أخد حقي وحق روان من رأفت الكـ.ـلـ.ـب، وده هيحصل قريب أوي.
**************
عاد “طائف” إلى منزلـه وهو يُطلق تنهيدة حــارقة نابعة من صدره، كانت ملامح وجهه توضح مدى ما بـ داخله من الحُزن والتعب، تحرك إتجاه الأريكة لـ يُلقي بـ ثقل جــــســ ـده عليها، أحنى رأسه على صدره حُزنًا، مُنذ خروجه من المشفى وهو لا يُزال يبحث عن أي عمل، ولكن لم يجد حتى الآن، أغمض جفنيه للحظاتٍ قبل أن يستمع إلى رنين جرس باب منزله، زفر زفيرًا حارًا وهو ينهض من مكانه، سـار ناحية باب المنزل بخُطوات بطيئة وهو يمسح على شعره بقوة، أمسك بـ المقبض وأداره فـ أنفتح الباب لـ يظهر آخر شخص.. آخر شخص لم يتوقع مجيئه قط، هتف بنظراتٍ مدهوشة والصدmة قد أرتسمت على معالم وجهه الحزين :
_إيهـــاب!!..
**************
جلس “رأفت” على مقعده الجلدي بداخل المكتب وهو يتحدث في الهاتف، كانت تعبيرات وجهه متهجمة للغاية، وهو يحدث الطرف الآخر على الهاتف حيثُ قال بضجر :
_زي ما قولتلك يا شوقي، لو طائف إبني جالك عشان يطلب يشتغل، أرفض على طول، قوله أي حجة وخلاص، وبلغ معارفك بـ ده.
تمتم “شوقي” بضيق :
_ليه بس؟؟.. طائف ذكي جداً وهحتاجه، وبعدين ده إبنك!!.. ليه بتعمل فيه كده؟؟..
رد بنبرة حازمة :
_شوقي، زي ما قولتلك، إنت مش فاهم حاجة، بس ياريت تنفذ الطلب ده، وبلغ كل معارفك بـ ده.
مسح على شعر رأسه وهو يقول بتبرم :
_أمري لله، حاضر هبلغهم وهنفذ الطلب ده، في حاجة تانية؟؟..
أجاب الأخير ببرود :
_لأ مفيش، يالا سلام.
_سـلام
أغلق الهاتف وهو يبتسم مغمغماً مع نفسه :
_لازم ترجعلي يا طائف، لازم!!.. ياإما تبقى إنت إللي جبته لنفسك.
*************
دخل “عزّ الدين” غُرفته ليجدها جالسة تمسك أحدى المجلات تتفحصها بملل، أقترب منها بإبتسامة مليئة بالشغف، وثبت واقفة وعلى شفتيها إبتسامتها المعهودة التي تُنسيه أي شئ من الهموم، حاوط خصرها بقوة ليحتضنها بقوة أكبر يُكاد يكـ.ـسر ضلوعها، تعلقت به بشـ.ـدّة وأستمعت إلى همسه وهو يقول بإشتياق :
_حشـ.ـتـ.ـيني و .
ردت بخفوت وهي مغمضة العينين :
_وإنت كمان.
تراجع بوجهه محدقاً بها، فوجدها مغمضة العينين، كادت أن تفتحهما ولكن قبل أن تشرع في ذلك وجدته يُقبلها من شفتيها بشغف، فأنحبست أنفاسها في صدرها، بث لها أشواقه وعشقه الجارف لها، وأستسلمت تماماً وهو يوضحلها شغفه وعشقه لها بطريقته الخاصة، تراجع عنها بعد لحظاتٍ معدودة، وأسند جبينه على جبينها محاولاً ضبط أنفاسه الاهثة، وهو يمسك ذراعيها بقبضة يديه، أسندت كفي يديها على صدره العريض، همس لها بعد دقيقة من الصمت :
_أنا وفيت بـ وعدي ليكي، وخدت حقك.
ساد الصمت على المكان ماعدا صوت أنفاسهم، أبعدت جبينها عنه لـ تحدق في عينيه الرمادية متسائلة بقلق :
_عملت إيه يا عز؟؟..
رد عليها في جدًّ :
_مـ.ـا.تخفيش، أنا عملت الصح، بلاش تشغلي بالك، وكمان أنا عاوز أقولك أننا قريب هنرتاح.
حدقت فيه بإبتسامة وهي تقول بخفوت :
_ربنا يخليك ليا.
أعتراها الحماس وهي تقول :
_آه صح، في حاجة عايزة أقولها وأطلبها منك من الصُبح.
هتف “عزّ الدين” بإبتسامة وهو يخلل أصابع يده بداخل فروة شعرها :
_إنتي تؤمري مش تطلبي وبس يا مدام السيوفي.
وضعت أصبعها على وجنته وهي تقول بنعومة :
_أنا عايزة أكُل السمك البوري.
حدق بها ببلاهة وهو يتمتم :
_نعم!!..
قررت طلبها بصوتٍ رقيق :
_عايزة أكُل سمك بوري يا عز.
رفع حاجبيه للأعلى وهو يبتسم ببلاهة :
_سمك بوري!!.. إنتي بتتوحمي يا حبيبتي؟!!..
هزت رأسها إيجابياً بـ بسمة ناعمة ليقول بإبتسامة واسعة مليئة بالحماس :
_طب روحي غيري هدومك عشان نخرج سوى نروح أحسن مطعم سمك، على الأقل تغيري جو.
هزت رأسها بحماس :
_ياريت، طب أنا هاروح أغير هدومي بسُرعــة.
أرخى قبضة يديه عن ذراعيها تاركًا إياها لتدلف داخل المرحاض أولاً للأغتسال، تضاعفت سعادته وهو يراها سعيدة، ألتمعت عيناه ببريق العشق راسماً على وجهه إبتسامة راضية.
**************
جلس بجواره على الأريكة بعد أن قدm له قدح من القهوة، رمقه “إيهاب” في شئ من الشفقة، بينما الأخير لا يشعر بأي شيء سوى أنه بداخل كابوس مزعج.. سيء.. قاسي.. ظالم، سحب “إيهاب” نفساً عميقاً وزفره على مهل قبل أن يبدأ بالحديث قائلًا :
_أنا جيتلك النهاردة عشان حاسس إنك محتاج حد يبقى جنبك.
ألتفت “طائف” برأسه ناحيته ثم سأله بصوتٍ خالي من الحياة :
_هو إنت عرفت بيتي إزاي؟؟..
إبتسم وهو يجيبه ببساطة :
_سألت وعرفت.
أضاف بجدية :
_أنا عرفت حكايتك مع والدك من عز.
تنهد وهو يتابع :
_أنا حاسس بيك جداً، الله يكون فعونك بجد.
هتف “طائف” بصوتٍ مرير :
_الدنيا جاية عليا أوي، بس الحمدلله على كل حال.
وضع “إيهاب” يده على كتفه مرددًا بصدق :
_طائف، إنت متعرفش أد إيه أنا متعاطف معاك، وأد إيه كبرت فنظري بعد إللي عملته مع روان وإنك مش عاوز تعيش فالحـ.ـر.ام، أنا عاوزك تعتبرني صديقك، وصدقني أنا هقف جنبك، لأنك تستحق ده، قولي على إللي خانقك، وأنا هساعدك.
حقاً كان في أشـ.ـد الحاجة إلى أي شخص يحدثه عن وضعه النفسي السيء، شعر أن الله قد أرسل إليه ذلك الشخص ليمد له يد المساعدة، فكل شخص يحتاج إلى كف صديق، وها هو يقترح عليه بالصداقة، بلع ريقه بتعب وهو يقول بصوتٍ خالي من الحياة :
_أنا بحب روان.
↚
جلسا على مقعدين متقابلين، تقدm الخادm نحوهما، ووضع الطعام على المائدة في أطباق كبيرة بيضاوية، كان من نوع السمك البوري، تأملها وهي تدس المعلقة بداخل فمها، حدق بملامحها الرائعة بل أروع ما رأى، ثم إبتسم إبتسامة لم يكن يعلم أنه يمتلك بمثل جاذبيتها وهمس بصوتٍ رجولي :
_إنتي إزاي قمر كده ؟؟..
أرتسمت إبتسامة على شفتيها مفرطتيْ الرقة والحمراوين بدرجة مثيرة :
_بـجــد!!..
هتف بذات الهمس :
_أجمل حاجة شوفتها في حياتي كانت عينيكـي، عينـيكـي إنتي وبس يا ياسمينا.
أخفضت عينيها على الطبق وهي تشعر بالخجل الشـ.ـديد، هتفت بصوتها الرقيق :
_إيه يا عز؟؟.. إنت عارف إني مش أد الكلام الحلو ده.
هتف بإبتسامة واثقة :
_لأ إنتي أده، بس بعشقك وإنتي مكسوفة.
تابع بإبتسامة خـ.ـطـ.ـفت أنفاسها من قوة جمالها :
_وبقيتي أجمل بعد ما لبستي الحجاب.
تورد وجهها وتدفقت الدmاء الدافئة في عروقها، ظلت إبتسامة المشرقة تلوح على ثغره، وقد عزم أن يفاجئ معشوقتهُ الليلة.
**************
جلست “روان” على الفراش وهي تطلق زفيرًا حارًا، رفعت رأسها للأعلى وقد أغمضت عينيها بقوة، تلك الوحدة تكاد تقــ,تــلها خـ.ـنـ.ـقًا.. تقــ,تــلها ببُطء، تمنت لأولُ مرة وجوده جوارها، فتحت عيناها وهي تهتف بإشتياق بعد أن لمعت عيناها بالدmـ.ـو.ع :
_وحـ.ـشـ.ـتني أوي يا طائف.
هبطت دmعتين من عينيها وهي تردد :
_حُبنــا شبه مُستحيل بسبب أبوك.
تابعت بغلٍ واضح :
_ربنا يخدك يا رأفت يا إبن الحديدي، ربنا يخدك وأخلص من قرفك.
**************
حدق “إيهاب” به بنظراتٍ مدهوشة، في حين كان “طائف” في حالة شرود، حيثُ قال وهو في عالم آخر :
_مش عارف حبيتها إمتى ولا إزاي!!.. بس يمكن دافع حُبي ليها إني كنت بدور على بقعة بيضاء إللي جوا قلبي، والبقعة دي مظهرتش إلا لما هي دخلت حياتي.
أصغى إليه بإهتمام شـ.ـديد ثم سأله بدون تردد :
_قولتلها؟؟..
أومئ رأسه إيجابياً، ليسأله سؤال آخر :
_طب وقالت إيه؟؟..
طأطأ رأسه بآسى وهو يُجيب :
_رفضت حُبي ليها، رفضته جـ.ـا.مد.
كانت ردة فعلها متوقعة من وجهه نظر “إيهاب”، فلو كان مكانها، لكان فعل هذا التصرف، فالحب هو الأمان، أضاف “طائف” بصوتــــه الحزين :
_بس هي عندها حق، أنا لو مكانها كنت هبقى مرعوب، هي محتاجة أمان، أمان أفتقدته من زمان، وأنا مش هقدر أديها ده، مينفعش أكون أناني، لازم تعيش براحة، لأن ده أبسط حقوقها.
هتف “إيهاب” بنبرة رجولية قوية :
_عندك حق، بس حقيقي يا طائف، أنا فخور بيك جدًا.
نظر حوله نظراتٍ سريعة وهو يسأله :
_إنت من ساعة ما خرجت من المُستشفى لغاية دلوقتي عملت إيه؟؟..
أجاب بنبرة عادية :
_بدور على شُغل، أي شغل المهم إني أشتغل عشان أنا محتاج أجمع مبلغ معين في دmاغي، عشان أفتح شركة تبقى ليا أنا، أنا على مدار السنين دي جمعت مبلغ كويس جداً من شغلي فالشركة بتاعت والدي.
هتف “إيهاب” بحذرٍ :
_بس دي فلوس حـ.ـر.ام؟؟..
إبتسم بإطمئنان وهو يُردف بـ :
_مـ.ـا.تقلقش، والدي بدأ فالأعمال الغير مشروعة من سنة و٣ شهور، لأن تصرفاته العدوانية ظهرت في خلال الفترة دي.
هز “إيهاب” رأسه هاتفًا بإبتسامة :
_طب كويس جدًا، وأوعدك إني هشوفلك بعلاقاتي ومعارفي شغل ليك.
تابع وهو يربت على كتفه :
_وإن شاء الله خير، بس قول يـارب.
وضع “طائف” كف يده على يد “إيهاب” الذي يضعه على كتفه وقد أرتسمت بسمة صغيرة على شفتيه :
_يـارب يا إيهاب.
**************
دخل “عزّ الدين” غرفته وهو يحاوط خصرها، ترك سترته على الأريكة ثم بدأ بفتح أزرار قميصه الأسود وهو يحدق فيها بشغف واضح، جلست على طرف الفراش لـ تنزع حذائها عن قدmيها ثم بدأت في فركهما بتمهل، ضاقت نظراتها نحوه مُتسائلة بإستغراب :
_إنت بتُبصلي كده ليه؟؟..
قالتها وهي تنهض تنزع لـ تنزع سحاب ثوبها الأسفل، بينما رد وهو ينزع قميصه :
_إنتي مش متصورة الخروجة دي معاكي فرقت معايا أد إيه.
نزعت ثوبها عنها وجذبت منامتها الحريرية لـ ترتديها سريعًا، تنهدت بعمق وهي ترد عليه :
_صدقني يا عز، الخروجة دي متعرفش عملت فيا إيه، أنا فعلاً كُنت محتاجة أخرج أوي.
أرتدت منامتها وبدأت تعبث بخُصلات شعرها وهي تنفضها في الهواء، دنا منها “عزّ الدين” بخطوات هادئة، ثم حاوط خصرها بقوة بذراعه الأيمن، بينما هي تنظر له بإستغراب شـ.ـديد، فـ مزاجه مُنذ عودته ليس سيئـًا على الإطـ.ـلا.ق، كادت أن تتسائل عن سبب ذلك التغير ولكن لم يمهلها لحظة واحدة، حيث ضمها بقوة بذراعه الآخر، دفن وجهه عند عنقها وشعرها، وأستنشق عبيرها الذي مازال يجعله في حالة جنون، تعلقت ولم تحاول أن تتراجع، فتلك اللحظات تكون من أجمل لحظات حياتها.
أبتعد عنها ليسند جبينه على جبينها قائلاً بهمسٍ :
_عايزك تستعدي.
سألته بخفوت :
_أستعد لـ إيه؟؟..
تراجع ولكن لم يبعد يديه عن خصرها قائلاً بإبتسامة مشرقة :
_إحنا محتاجين نبعد عن الناس لفترة، نبقى لوحدنا شوية، نبعد عن المشاكل والهموم والحـ.ـز.ن، نبقى مع بعض، أنا وإنتي وبس!!..
تساءلت بإبتسامة توضح مدى إندهاشها :
_مش فاهمة بردو أستعد لإيه؟؟..
رفع يده ليخلل بأصابعه داخل شعرها الطويل قائلاً بإبتسامة جذابة :
_إحنا هنسافر لمدة أسبوعين كده، وهوريكي في الأسبوعين دول أيام عمرك ما هتنسيها .
صفقت بيدها قائلة بحماس :
_بجد، هانروح فين؟؟..
زادت إبتسامته إشراقًا وأصبحت جذابة أكثر عن ذي قبل وهو يقول بعينان لامعة ببريق رائع :
_هانروح فرنسا، بـ.ـاريس Paris.
حدقت به بصدmة عارمة وهي تقول بدهشة :
_بـ.ـاريس!!.. مش معـقــول!!..
توقفت على أطراف أصابع قدmيها لـ تتمكن من تقبيل صدغه بقُبلة مطولة مليئة بالمشاعر جعلتــه قد أطلق العنان لـ مشاعره الرجولية، طوقت عنقه بذراعيها وهي تتراجع برأسها، هبط بوجهه سريعاً إليها يُقبل شفتيها بنعومة.. وشغف.. يودّ حقًا أن يأخذها الآن إلي مكان بعيد عن عين البشر، إنفصلا عن العالم في لحظات من الشغف، حاولت الإبتعاد عنه وهي تقول بأنفاس لاهثة :
_عز، مش هينفع.
قَبّل عنقها بسخاء ولم يُرد عليها، فقررت دفعه قائلة :
_عز، قولتلك مش هينفع، ده مش وقته.
همس بغـ.ـيظ ولا يُزال يلهث :
_ماشي يا ياسمين، بس أعملي حسابك، أننا هناخد ميعاد مع الدكتورة عشان لازم نبدأ نتابع.
ضحكت وهي تقول :
_حاضر
رمقها بغـ.ـيظ مكتوم، في حين كانت تحاول كتم ضحكاتها، هتف مع ذاته بضجر :
_الله يخربيتك يا ياسمين، خلتيني مهووس بيكي.
**************
في صباح يوم جديد، خرج “عزّ الدين” من المصعد بخُطوات هادئة ثابتة، فرك طرف ذقنه وهو ينظر للجميع بتفرس، عقد ما بين حاجبيه وهو يجد سكرتيرتـه “روان” جالسة أمام مكتبها تتفحص بعض من الأوراق، أقترب منها وهو ينطق إسمها بخشونة، فهبت واقفة على الفور وهي تُحيه بصوتٍ خالي من الحياةُ، في حين سألها بجدية :
_حمدالله على سلامتك، كنتي تخليكي في البيت ومرتبك كان هيوصلك.
هتفت ببسمة صغيرة للغاية لم تصل لعينيها :
_مكنش في داعي يا مستر عز، أنا الحمدلله بقيت كويسة.
أشار بإصبعيه آمرًا إياها بصرامة :
_طب تعالي ورايا.
تحركت خلفه بهدوء وهي تتأكد من تعديل حجابها حفاظاً على شكلها، دخل “عزّ الدين” الحجرة وهي خلفه، فتح أحد أدراج المكتب بالمفتاح، وأخرج دفتر شيكات نقدي وقلم حبري من جيب سترته، لحظات وكان يمد لها الشيك الورقي وهو يردد :
_أتفضلي.
سألته بتعجب :
_إيه ده يا فنـ.ـد.م؟؟..
هتف بصوتٍ أجش :
_أنا وعدتك إن في مُكافأة هتاخديها عشان إخلاصك ليا، وإخلاصك ده عرض حياتك للخطر، أتفضلـي.
عارضته مرددة :
_لأ يا فنـ.ـد.م أنا مش محتاجة ومش عايزة.
نظر لها بحدة هاتفًا :
_أنا قولتلك خُدي يبقى تاخدي.
هتفت برجاء :
_يا مستر عز، أنا..
قال بصرامة شـ.ـديدة :
_أنا شيكاتي مبترجعش وكذلك كلمتي، أتفضلي.
ألتقطه منه ونظرت في الرقم بداخله بتـ.ـو.تر، لتجحظ عيناها هاتفة بصدmة :
_خمسين ألف جنية!!!.. لأ يا فنـ.ـد.م ده كتير، أنا برفض.
هتفت بقوة :
_مفيش حاجة أسمها رفض يا آنسة روان، أنا كلمتي زي السيف، وإنتي عارفة ده كويس.
حقًا أنها على علم بذلك، رغماً عنها أخذته، هتفت بشُكر :
_حاضر يا مستر عز، وشكراً جداً.
هتف بجمود كما أعتادت :
_مفيش داعي للشكر، تقدري تروحي تكملي شغلك، وأبعتيلي مستر إيهاب.
أومأت رأسها بخفة ثم تحركت ناحية باب الحجرة لتدلف للخارج، بينما جلس هو على المقعد الجلدي قبل أن يصدر هاتفه رنين صاخب، أخرجه من جيب بنطاله ثم أجاب على الهاتف دون أن ينظر من المتصل وكأنه كان ينتظر تلك المكالمة، حيثُ قال بجدية :
_هَـاا.. إيه الجديد؟؟..
صمت لكي يستمع إلى رد الطرف الآخر، سأله “عزّ الدين” بحدة :
_متأكد من الكلام ده؟؟.. طب كمل.
صمت لثواني معدودة، ثم قال :
_ماشي تمام، مع السلامة.
أغلق الهاتف ثم وضعه على سطح المكتب، رفع عينيه الحادة ناحية الباب الحجرة حينما شعر بدخول “إيهاب”، ألقي عليه السلام قبل أن يجلس بهدوء، سأله “عزّ الدين” بترقب :
_أخبـ.ـار طائف إيه؟؟..
رد بجدية :
_روحتله إمبـ.ـارح زي ما إتفقنا، لقيت حالته سيئة جداً.
سأله بذات النبرة :
_حالته سيئة عشان عشان روان رفضته بعد ما أعترفلها بحبه؟؟.. ولا من موضوع أبوه.
رد “إيهاب” عليه :
_من الأتنين، والأتنين أصعب من بعض.
وقف فجأة” عزّ الدين” ثم أولاه ظهره وهو يهتف بنبرة غريبة :
_محدش هيحس بيه غيري أنا يا إيهاب.
سأله بفضول :
_أشمعنا ؟؟..
رد ببساطة :
_لأنه أترفض من أول حب في حياته، وأنا لما ياسمين رفضتني، كانت هي أول حب في حياتي، فحالتي أتدهورت، وكمان حقيقة والده بشعة، وأنا حقيقة والدتي كانت بشعة يا إيهاب.
أستدار له وهو يسأله :
_المهم هو قالك حاجة على موضوع الشغل ده؟؟..
هز رأسه بجدية مجيبًا :
_أيوة، من ساعة ما خرج من المستشفى وهو بيدور على شغل بس مش لاقي.
هتف بثقة غريبة :
_ولا هيلاقي.
قطب جبينه بدهشة متسائلاً :
_طب ليه؟؟.. ليه بتقول كده؟؟..
أجاب بنبرة عملية :
_جتلي مكالمة من دقيقتين، المكالمة الهاتفية دي بتأكدلي أن رأفت بلغ كل إللي يعرفهم وإللي ميعرفهمش أن محدش يشغل إبنه، وهو بيعمل كده عشان يرجع لحـ.ـضـ.ـنه.
نظر له بذهول، وقد ساد الصمت على المكان حتى قاطعه “عزّ الدين” بصوتــــه الآمر القوي الحاد :
_إسمعني كويس يا إيهاب، ونفذ إللي هقوله بالحرف الواحد لأني قررت أساعده بس بطريقتي.
**************
بعد ساعة، دخل “طائف” مدخل الشركة برفقة “إيهاب” بعد أن وصلت إليه مكالمة هاتفية منه صديقه الجديد، زفر زفيرًا حارقًا وهو ينظر حوله نظراتٍ جـ.ـا.مدة گالجليد، أستمع إلى همس من بعض الموظفات ولكن لم يعبأ بهم، دخلا المصعد ليهتف بتساؤل :
_هو عاوزني في إيه عز؟؟..
أجابه ببسمة متحمسة :
_إن شاء الله هتشتغل هنا، هو بلغني بـ ده.
سأله بحيرة :
_أشتغل إيه هنا؟؟..
هز كفيه مرددًا :
_لأ في دي معرفش، بس متستعجلش إنت كده كده هتعرف.
خرج من المصعد متوجهين ناحية مكتب” عزّ الدين”، ألتفت” طائف” عفوياً بعينيه وهو يخلل أصابع يده بداخل شعره، لـ يتصلب جــــســ ـده حينما رأها، بلع ريقه بصعوبة وعيناه تعبر عن ما بداخلهما، أشتاق حقاً لرؤيتها، أقترب ناحيتها غير شاعراً بما يفعله وبما حوله..
كانت تُسير بالممر متوجهه إلى مكتبها، سُرعان ما شهقت وهي تسمع صوتـه الذي لم تُخطئه أبدًا وهو ينطق بإسمها، أستدارت له وقد وضعت يدها على صدرها تهدئ من ضـ.ـر.باته التي أوشكت على تحطيم قفصها الصدري، نطقت إسمه بهمس :
_طائف ؟؟..
**************
جلس “منصور” بداخل غرفته، أقترب من الكومود ليفتح الدرج الثالث والأخير، أخرج هاتفه الذي لا أحد يعرفه حتى أقرب الناس إليه، ضغط على الرقم الوحيد الذي في قائمة الأتصال، ثم وضعه على أذنه منتظراً الرد بفارغ الصبر، أتاه الرد بعد لحظات من الطرف الآخر قائلاً :
_أيوة يا منصور، إيه الأخبـ.ـار؟؟..
رد عليه بإحترام :
_كله تمام يا Boss، بس….
صمت للحظاتٍ ليُصيح الأخير فيه بريبة :
_ما تنطق!!.. بس إيه ؟؟..
هتف “منصور” بقلق :
_يعني قلقان شوية من إللي بيحصل ده.
قست تعبيرات وجهــه وزادت ظلمة عينيـه الرمادية مرددًا بغلظـة وصـرامــة :
_مينفعش تخاف وإنت بقيت من ضمن رجـ.ـا.لة عز الدين السيوفي.
↚
كانت مُبتهجة گـ فراشة وسط حقول الزهور، شعور الأمان الذي سيطر عليها حينما وجدته أمامها، بينما ظل هو ينظر لها بإبتسامة مُشرقة، كانت جأتــــه رغبة جارفة لـ رؤيتها، هي أهدت له ما كان ينقصه لـ يحيا.. الشغف، عادت بهجة للحياة إلى قلبـه الحزين بمُجرد رؤيتها، حاول أن يكون جافًا في مُعاملته معها عسى أن يكرها، ولكن عجز عن فعل ذلك، هتف بصوتٍ مُشتاق :
_إيـــه أخبـ.ـارك ؟؟..
إبتسمت “روان” مرددة :
_الحمدلله يا طائف، وإنت عامل إيه؟؟.. وبتعمل إيه هنا؟؟..
أجاب بنبرة عادية بسيطة :
_أنا زي ما أنا، بس بقيت إلى أحسن بعد ما شوفتك.
أتسعت إبتسامتها أكثر، لـ يُتابع هو :
_بالنسبة بقى إني بعمل إيه هنا، فـ مستر عز عاوزني.
أرتسم الفضول والقلق على وجهها مُتسائلة :
_ليه؟؟..
سحب نفسًا عميقاً وهو يُجيبها :
_لسه مش عارف، هقولك أول ما أخرج إن شاء الله.
هزت رأسها بخفة، في حين كان “إيهاب” يراقبهما وعلى وجهه إبتسامة ذات مغزى، عقد ساعديهِ أمام صدره وهو يتذكر تلك اللحظات التي مرت بهِ مُنذ فترة ليست بـ صغيرة، تلك اللحظات التي عاشها مع من أحبّها بـ صدق، هتف بهمسٍ وهو يتنهد :
_يـــــــــــاه على الحُبَّ ده!!..
أضاف بإبتسامة واسعة :
_صدق إللي قـال، الحُبَّ بهدلة.
لمعت عيناه وهو يتابعهما من جديد، رمقها “طائف” نظرةً أخيرة قبل أن يوليها ظهره، نطقت إسمـه بلهفة قائلة :
_طائف، إستنى.
ألتفت لها مُنتظرًا ما ستقوله، أعتراها الإضطراب وهي تنظر له بتـ.ـو.تر، قالت بتلعثم :
_طـ.. طائف، آآ.. أنا عرفت إنك إنت إللي دفعت مصاريف المُستشفى بتاعتي.
ضيق عينيهِ مُتسائلاً بجدية :
_طيب، عاوزة تقولي إيه؟؟..
بلعت ريقها وهي تستجمع رابطة جأشها هاتفة :
_أنا عاوزة أسألك دفعت كام عشان أرجعلك الفلوس، لأن ده حقك و…
قاطعهــا بنبرة مُنزعجة :
_روان، بطلي هبل.
قالها وهو يرحل من أمامها متوجهًا نحو “إيهاب”، أتسعت عيناها بذهول مرددة بدهشة :
_هبلة!!.. أنا هبلة!!..
**************
هب واقفاً فجأة وقد أكفهرت ملامحه، كان مُمسك بهاتفه، أتجه نحو الحائط الزجاجي المطل على الطريق الرئيسي واضعًا يدهِ الأخرى بداخل جيب بنطاله، قاطع “عزّ الدين” حديث “منصور” حيثُ أردف بصلابة :
_أسمع يا منصور، إنت مش لوحدك، أولاً إنت واحد من رجـ.ـالتي، ثانياً البوليس معانا و ورا ضهرنا وبيتابع إللي بيحصل أول بأول، إحنا متفقين هنعمل إيه، وشاغلين على الخطة كويس، ومستنين اللحظة إللي هيستلم فيها شحنة المُخدرات، عشان يتقبض عليه مُتلبس، بس ركز الفترة دي يا منصور، إحنا خلاص قربنا.
هتف “منصور” بتأكيدٍ :
_مـ.ـا.تقلقش يا باشا، حتى لو فيها مـ.ـو.تي هنفذ إللي إنت عاوزهُ.
أومئ برأسه هاتفاً :
_حلو أوي، يالا سلام.
_سـلام يا Boss.
أغلق الهاتف وهو يبتسم إبتسامة قاسية، أستمع إلى قرعات على باب الحجرة فأذن بالدخول، دخل كُلاً من “إيهاب” و”طائف” المكتب بخطى هادئة ثابتة، صافح “عز الدين” الأخير بعملية ثم أشار له بالجلوس، في حين هتف “إيهاب” بنبرة جادة :
_طيب، أنا همشي بقى، كفاية عليا أوي كده، سلام.
ثم أنصرف من المكان بأكمله، جلس “عزّ الدين” على مقعدهِ الجلدي بإريحية ثم وضع ساقه فوق الأخرى، بينما الأخير في حالة شرود، خرج من حالته تلك بعد ثوانٍ، ثم قال بتساؤل جاد :
_خير؟؟.. كنت عاوزني فـ إيـــه؟؟..
رد بصلابة :
_أسمع يا طائف، من غير كلام ولا مُقدmـ.ـا.ت، أنا حابب أساعدك.
سأله بـ تخبط :
_إزاي؟؟..
أسترخى أكثر في جلسته مُجيباً بهدوءٍ :
_تبقى مدير تطوير أعمالي.
صُدm من عرضه المثير، شعر بالتـ.ـو.تر من ذاك العرض الذي يعرضه الأخير بكل بساطة، أحتدت عينيهِ وهو يسأله بدون تردد :
_إنت عاوز تساعدني ليه؟؟..
زفر زفيرًا حارًا وهو يرد بإقتضاب :
_عشان أنا حاسس بيك، وعارف إنك تستحق حاجة كويسة.
حدق به بتعجب، وصمت لـ دقيقتين يفكر مليًا، رد بـ تنهيدة حـــارة :
_أنا موافق يا عز، موافق.
**************
قرر العودة إلى منزله، فقد أعترته رغبة لرؤيتها والجلوس معها، فتح باب المنزل وعلى وجهه إبتسامة مُبهجة، ولكن سُرعان ما تلاشت حينما وجد المكان هادئاً هدوء مريب، أتجه نحو غُرفتهما ليجدها جالسة على الفراش، قطب جبينه بإستغراب وهو يتحرك نحوها، جلس على طرف الفراش قبالتها مُتأملاً ملامحها، لـ يجدها جـ.ـا.مدة وگأنها فاقدة للحياة على غير العادة، شعر بالقلق فـ تسائل بإهتمام :
_مُنى، مالك يا مُنى؟؟.. شكلك مش عاجبني!!..
لم ترد عليه، فـ تابع وقد زاد قلقه :
_في حاجة حصلت النهاردة؟؟.. في المُستشفى مثلاً؟!..
أغمضت عينيها بقوة كبيرة تكاد تعتصرهم، شعر بأن فعلتها تلك تحاول منع هبوط دmـ.ـو.عها، خفق قلبه بقوة، فـ عاد يسألها بتوجس خائف :
_مالك يا مُنى؟؟.. إيه إللي حصل؟؟..
مازالت في حالة الصمت المريب، شعر بنغزة في قلبه، فجذب رأسها إلى صدره بحنوٍ لـ يحتضنها ثم همس بحنانه المعتاد :
_في إيه يا حبيبتي؟؟.. قوليلي وأنا هسمعك.
قَبّل رأسها وإستند بـ ذقنه عليها، وبـ يده الأُخرى أخذ يمسح على ظهرها صعوداً وهبوطًا حتى تخرج ما بداخلها، أستمع إلى صوتها الضعيف يهمس بـ قهر :
_أنا أتهنت يا إيهاب، إتهنت إهانة قوية وأتضـ.ـر.بت بالقلم يا إيهاب!!..
قالتها بصراخ مكتوم وهي تشهق باكية بُكاءٍ مرير بداخل صدره، أتسعت عيناه بصدmة واضحة، أشتعلت النار بداخل قلبه قبل صدره وجــــســ ـده، حاول الإستيعاب ولكن فشل في ذلك، وجد ذاته يهدر بصوتٍ حاد صارم لأولُ مرة :
_مين إللي أتجرأ وعمل كده فيكي؟؟..
**************
خرج “طائف” من مكتب “عزّ الدين السيوفي” بعد أن أنهى الإتفاق بـ تعينه من الغد، قرر أن يذهب إلى “روان” لـ يُخبرها على ما حدث من المُناقشة مع رب عملها، تحرك نحوها بخُطوات هادئة ولكن عنـ.ـد.ما وصل وجد رجل في مُنتصف العشرينات من العُمر، جالسًا أمامها ويقول بإبتسامة :
_أنا عاوز أتجوزك على سُنة لله ورسوله يا آنسة روان.
**************
↚
لم تكتمل سعادته، أعتصر قلبه ألــمًا، إرتطام عنيف ضـ.ـر.ب كيانه فجأة بدون سابق إنذار، للحظة تجمد بمكانه وتغيرت ملامحه، نظراته التي تحولت للظلام تعلقت عليها، في حين كانت “روان” على وشك أن تُجيب على ذلك الرجل الذي تقدm للزواج، ولكن عقد لسانها عن اللفظ حينما وجدت من سرق قلبها يقف أمامها، تخشب جــــســ ـدها وتصلبت تعابير وجهها حينما رأته بغـــضــــبه المشحون يطالعها بنظراته النارية، شعرت بجفاف شـ.ـديد يجتاح حلقها وبتسارع دقات قلبها، تـ.ـو.ترت نظراتها من تحديقه العدائي لها، شل تفكيرها مما يمكن أن يفعله بها وبه، رأى ذلك الرجل حالة الخــــوف التي أنتابتها، فـ التفت برأسه وقد ضيق عينيه بإستغراب، حدق في وجه الأخير متسائلاً بجدية :
_هو في حاجة يا أستاذ؟؟..
ثم عاد يسأله بإستغراب أشـ.ـد حينما وجده ينظر له نظراتٍ غريبة :
_هو حضرتك مين؟؟..
رمقه بنظرات لا تبشر بالخير، فالغيرة كالجمرة، وتلك الجمرة تنبض بقوة في يسار صدره، أجاب بنبرة بـ.ـاردة عكس ذلك الإعصار الذي بداخله :
_أنا مين!!.. أنا أبقى خطيب الآنسة إللي إنت جاي تتقدmلها.
حدق فيه بحدة وهو يقول :
_بس أنا معلومـ.ـا.تي عنها إنها مش مخطوبة.
جذبه “طائف” من تلابيبه وهو يقول بهمسٍ مخيف جعل بدن الأخير يرتجف خــــوفاً منه :
_أُقسم بالله، لو ما مشيت دلوقتي من قُدامي لأدفنك مطرح ما إنت واقف، وإنت مش هتستحمل إللي ممكن أعمله فيك.
بلع الرجل ريقه بخــــوف من هيئته، حرك رأسه إيجابياً وهو ينطق بـ :
_خلاص حاضر، واضح أن معلومـ.ـا.تي كانت ناقصة، بس بعد إذنك ممكن تسبني.
رمقه بعينين ظالمتين مخيفتين ثم تركه ببُطء، فأنصرف الأخير بسرعة البرق وهو يعدل هيئته، نظر “طائف” لها نظراتٍ نارية، فبدأت تتراجع للخلف ثم قالت بتلعثم :
_طـ.. طائف، أنا..
قاطعهــــا بصوته الحاد :
_مش عايز أسمع صوتك.
تجمدت تعابير وجهها وهي محدقة فيه بنظرات متـ.ـو.ترة، تابع “طائف” بنبرة صارمة معها لأولُ مرة :
_أنا خلاص مش هستحمل أكتر من كده، صبري نفذ!!..
أزدردت “روان” ريقها بتـ.ـو.تر مصدوم، تحرك بؤبؤاها بحركات شبه عصبية، عجزت عن الحديث فأضاف بنبرة شـ.ـديدة القوة :
_أنا مش هستنى أكتر من كده، مش هستنى إنك تضيعي من إيدي.
نظرت له نظراتٍ خائفة وهي تتسائل :
_هتعمل إيه يا طائف؟؟..
نظر لها نظراتٍ مُظلمة للغاية أشبه بـ الظلام الدامس وهو يقول بنبرة صارمة لا تخشى :
_هعمل إللي مقدرتش أعمله من زمان.
**************
لم يراها في تلك الحالة منذ فترة طويلة، نغزات حادة كانت تضـ.ـر.ب قلبه لـ رؤيتها في تلك الحالة، لم تستطع الحديث بل ظلت تبكي بحرقة، وشهقاتها العالية تزداد مع مرور الوقت وكأنها تطلق سراح أوجاعها بداخل أحضانه، في حين ظل “إيهاب” يمسح بيده على ظهرها، وكل عشرة ثوان تمر يُقبل رأسها.
دقائق كثيرة مرت على بكائها الحار، تراجعت عنه وهي تحدق فيه بألــم، أبتلعت “مُنى” غصة مؤلمة في حلقها، شعرت معها أن رئتيها على وشك الأنفجار ألــمًا، إلاّ أنها تمكنت من الرد على سؤاله دون أن تنظر إليه :
_النهاردة لما روحت المُستشفى، في دكتور زميلي لسه جديد أسمه “عبدالله محمود”، بقاله فترة بيحاول يتكلم معايا، بس أنا كنت برفض، لأني مش برتحله خالص، ونظراته مش كويسة، وهو عارف إني ست متجوزة، بس النهاردة..
صمتت لثواني قبل أن يسأل “إيهاب” بلهجة شريرة :
_بس إيه؟؟..
أرتبكت بشـ.ـدة وأسبلت جفنيها بتـ.ـو.تر، وكأن الكلام صعب عليها، لكنها تشجعت في النهاية هامسة بإختناق :
_بعد ما خرجت من المُستشفى، كان مستنيني، عملت نفسي مش شيفاه، وروحت على عربيتي، بعد ما فتحت الباب لقيته قُدامي بيمنعني أركب، فـ زعقت معاه وطلبت منه يبعد عني، فـ راح قالي آآآ..
بلعت ريقها بمرار قبل أن تتابع :
_أنه عاوزني أروح لـ بيته.
صاح بها بغـــضــــب :
_يعني إيه تروحي بيته؟!..
صرخت بإهتياج مرددة :
_يعني إللي إنت فهمته، عاوز يشبع رغباته وبس!!..
گصاعقة حطت على الكوكب فجأة، فـ هلك جميع من فيها، شعور سيء للغاية، وتضارب في المشاعر جعله يتقن الصمت الطويل، وهو يطيل في النظر إليها غير متوقعاً نهائياً ما سمعه الآن، بدأت تدخل في حالة هياج عصبي وهي تقول :
_محستش بنفسي غير وأنا بضـ.ـر.به بالقلم وبقوله إنت حـ.ـيو.ان، راح بصلي وردلي القلم أقوى، ضـ.ـر.بنــي يا إيهاب، قالي أنا ضـ.ـر.بتك عشان مفيش حد قدر يعمل فيا كده غيري أنا، وبعدها مشي.
تابعت “مُنى” وهي تُصيح بصوتٍ مُرتفع صاحب دmـ.ـو.عها المنهمرة بدون توقف :
_آآآآآآه يا إيهاب، أنا حاسه بو.جـ.ـع أوي، أنا تعبانة يا إيهاب دلوقتي.
كان صوته صارم وهو يقول :
_المفروض كنتي تقوليلي من أول يوم ضايقك فيه.
هزت رأسها نفياً قائلة بصراخ يدmي القلوب :
_متوقعتش أن الموضوع يوصل لـ كده، مكنتش أعرف، آآآآآآآآآآه.
تنهد “إيهاب” بألــم ثم جذب رأسها إلى صدره يحتضنها، أخذ يمسح على ظهرها صعوداً وهبوطاً مرة أُخرى حتى تهدأ تماماً.
بعد سبعة دقائق، شعر بـ سكونها فـ أبعدها عنه ثم نظر إلى وجهها لـ يجده منتفخ أحس بنغزة عنيفة بقلبه، زفر بغـــضــــب لـ يمسك برأسها ثم وضعها أعلى الوسادة، وسحب منديلاً من حافظة المناديل ليبدأ بمسح عبراتها برفق، وقام بـ دثرها جيدًا، لـ يدلف خارج الغُرفة وهو يتنفس بغـــضــــب، إشتعلت جمرتي عينيه بغـــضــــب سيطيح بالأخضر واليابس، هتف بصوتٍ يحمل الإصرار والوعيد :
_مش هرجع إلاّ وأنا جايب حقك يا مُنى.
كان يحتاج إلى مُساعدة رفيقه لأخذ حقها، فـ لم يتأخر “عزّ الدين” قط حيثُ أجرى العديد من المُكالمـ.ـا.ت الهاتفية، وفي غضون ساعة ونصف كان حدث.
راقب “عزّ الدين” بنظراته القاسية السيارة المصفحة السوداء وهي تقف أمام المخزن القديم التابع لهم، تحرك الحراسة نحو السيارة ثم فتحوا الباب الخلفي جاذبين “عبدالله محمود” لخارج السيارة، فـ هتف “عزّ الدين” بصرامة :
_دخلوه المخزن، وإللي إيهاب باشا يقول عليه يتنفذ بالحرف وإلا هوريه وشي التاني.
هتف “عبدالله” بغـــضــــب :
_أنا مش هسكت على إللي بيحصل ده، أنا…
أسكته تلك اللكمة التي أتت بطريقة غير متوقعة.. طريقة مفاجئة من” عزّ الدين”، قال بصوت فحيح كالأفاعي :
_صوتك مش عاوز أسمعه، ده إنت هتشوف يوم أسود زي لون شعرك كده.
أبتعد عنه ثم أشار بإصبعيه للحراسة، فـ سحبوا “عبدالله” متوجهين ناحية المخزن، لـ يتلقى مصيره القاسي.
**************
صدق في حديثه، وحسم الموضوع سريعًا، هي على وشك أن تضيع من بين يديه، وإن ضاعت فقد ضاعت روحه، وتوقفت نبضات قلبه، قام “طائف” بتقديم بلاغ رسمي ضد والده لإرتكابه جريمة قــ,تــل عمد وكان ضحيتها “عباس”، وقف أمام الشرطي وهو يقول بنبرة خالية من الحياة :
_عايز أقدm بلاغ عن جريمة قــ,تــل.
تحفزت ملامحه وهو يسأله :
_جريمة قــ,تــل!!.. طب أتفضل أولاً أقعد.
جلس على المقعد وهو يهتف بعبوس :
_مُتشكر، أيوة.. جريمة قــ,تــل، عاوز أقدm محضر ضد رأفت الحديدي لأنه قــ,تــل واحد أسمه عباس.
ثم أضاف بملامح مُظلمة :
_وعارف كمان مكان الجُثة فين.
**************
بداخل المخزن، أطلق “إيهاب” غـــضــــبه المشحون عليه، صرخ فيه مردداً :
_هتنـ.ـد.م على اليوم إللي فكرت تعمل فيها كده.
هتف برجاء :
_أنا فعلاً نـ.ـد.مت، أرجوك أرحمني و…
صرخة مؤلمة بترت رجائه حينما تلقى لكمة عنيفة فتكت بـ فكه السفلي، قبض على فكه ضاغطاً بكل قوته على عظامه لـ يـ.ـؤ.لمه، خرجت آناته المتو.جـ.ـعة ترجوه أن يكف، لكن عمد الفتك به، هتف بنظرات شرسة :
_أنا هاوريك تمن إللي عملته.
ترك فكه ثم أمسك بيده بقوة وهو يلفه خلف ظهره، هتف بصوتٍ مُخيف لأولُ مرة :
_مش دي الإيد إللي أتمدت عليها؟!..
بطريقة قتالية وبأقل من الثانية، أستمع لـ صوت كـ.ـسر أو طرقعة جعلته يصـ.ـر.خ من الألــم، وقع “عبدالله” على الأرض صارخًا من الألــم، بينما نظر له الأخير بتشفي، حيث قال بنظرات لا تغتفر :
_دي أقل حاجة أقدر أعملها، عشان تعرف هي مين؟؟.. وإللي يقرب منها تبقى نهايته عامله إزاي.
نظر للحراسة قائلاً بصوته الآمر :
_خلو الكـ.ـلـ.ـب ده يفضل هنا، لحد ما أقولكم إيه الجديد.
هزوا راؤوسهم إيجابياً بإحترام وقد رد أحدهم :
_أمرك يا إيهاب باشا.
**************
تحرك “رأفت” في أنحاء حجرة مكتبه بعصبية، وهو ممسك بهاتفه، أخذ يستمع للطرف الآخر على الهاتف بأعصاب حارقة، لـ يصـ.ـر.خ بغـــضــــب جامح گالأسود بعدmا علم تلك المعلومة المليئة بالخطورة :
_يعني إيـــه؟؟.. يعني إيـــــه طائف راح لـ شركة عز النهاردة؟!..
صمت للحظاتٍ قبل أن يقول بتوجس وصدmة :
_معنى كده، أن ممكن عز يخليه يشتغل عنده، دي تبقى مصـ يـ بـةسودة!!..
أستمع صوت صافرات سيارات الشرطة وهي تقترب من القصر، فدب الذعر بداخله، هتف بخفوت حاد :
_أقفل دلوقتي.
أغلق الهاتف، ثم تحرك بخــــوف نحو خارج المكتب، أستمع إلى رنين جرس باب القصر، ففتحت إحدى الخدmـ.ـا.ت ثم أنصرفت، دخل الضابط وبصحبته قوة من الشرطة والأمن، هتف الضابط لـ “رأفت” بغلظة وهو يشير بيده :
_إنت رأفت الحديدي؟!..
هز رأسه وهو يقول بثبات زائف :
_أيوة أنا، خير؟!..
هتف الضابط بعملية شـ.ـديدة وهو ينظر له نظراتٍ ذات مغزى :
_معانا أمر من النيابة بالقبض عليك وبتفتيش القصر والمخزن إللي تحت القصر.
**************
عاد “إيهاب” إلى المنزل، دخل غُرفته مهرولاً لـ يجدها مازالت على تلك الوضعية مستغرقة بداخل النوم، دنى منها بخطوات حذرة ثم جلس بجوارها بهدوء، مسح على جبينها ثم إنحنى برأسه لـ يقبلها قبلة عميقة، همس لها بصوتٍ عـ.ـذ.ب وهو يزيح خُصلات شعرها عن وجهها :
_خدت حقك، دmـ.ـو.عك قطعت قلبي يا قلبي.
بعد دقيقتين، أستمع إلى صوتها الضعيف قائلةً :
_إيهاب، أنا تعبانة أوي.
تساءل بخــــوف :
_تحبي أتصل بالدكتور؟؟..
ردت بصوت ضعيف :
_مش عارفة، بس أنا حاسه بالتعب من أول إمبـ.ـارح.
أخرج هاتفه من جيب بنطاله، وهو يحدق فيها بنظرات قلقة، قام بمكالمة هاتفية ما أحد الأطباء، أجاب الطبيب “سامح” بعد ثوانٍ :
_مساء الخير.. تمام الحمد لله.. ياريت يا دكتور سامح تيجي البيت عندي بسُرعــة.. لأ أنا كويس.. بس مراتي تعبانة جداً.. طيب ياريت أنا مش عاوز تأخير لأني فعلاً قلقان جداً.. ماشي سلام.
أغلق الهاتف ثم عاد يحدق فيها بنظرات قلقة حزينة، هتف بحنان :
_كله كوم فإللي عملتيه من ساعة ما عرفتك، والنهاردة كوم تاني.
بعد مرور ساعة، كان ينتظر “إيهاب” خروج الطبيب على أحرّ من الجمر، إنتبهت حواسه حينما أنفتح الباب، خرج الطبيب “سامح” وهو يتنهد بحرارة، ركض نحوه وهو يتسائل بلهفة :
_خير يا سامح؟؟.. طمني.
هتف بإبتسامة :
_مفيش داعي للقلق، مبروك.. المدام حامل.
↚
أتسعت عيناه من هول الصدmة، تصلبت أطرافه وشعر أن دقات قلبه توقفت عن النبض للحظة، أغمض عينيه بقوة ثم فتحهما ليتأكد مما ألتقطته أذنيه، نظر له غير مصدق متسائلاً ببلاهة :
_حـامل!!..
هز الطبيب رأسه مُبتسمًا، سحب نفسًا عميقًا وزفره على مهل، حرك رأسه بإبتسامة مشرقة ثم أشار بيده قائلاً :
_الحمدلله، ألف حمد وشكر ليك يارب، شُكرًا جدًا يا دكتور على تعبك.
قال الطبيب “سامح” بودًّ :
_مفيش تعب ولا حاجة، المهم ألف مبروك.
بادله إبتسامة وهو يرد :
_الله يبـ.ـارك فيك.
أخرج عدة أوراق نقدية من جيب سترته ثم أعطاه له وهو يشكره، تحركا ناحية باب المنزل بخُطوات هادئة ثم فتح “إيهاب” له الباب وهو يودع الطبيب بإبتسامة شاكرة، أنصرف الطبيب فـ أغلق الباب ثم مسح على شعره بقوة غير قادرًا على الإستيعاب، سار بخُطوات متعجلة نحو غُرفته، فتح باب الغُرفة بعد أن رسم على وجهه علامـ.ـا.ت الجدية، أعتدلت “مُنى” في جلستها وهي تحدق في وجهه الجاد بتوجس، سألته بريبة :
_في إيه يا إيهاب؟؟.. الدكتور قال إيه؟؟..
نظر لها بملامح غير مفهومة، صمت للحظاتٍ قبل أن يُجيب بنبرة عادية :
_قال إنك حامل.
ذُهلت.. صُدmت.. شهقت بعدm تصديق مرددة :
_إيـــه !!.. إزاي ؟؟..
أخفضت عيناها وهي تحاول الإستيعاب، سألها “إيهاب” بوجهٍ جـ.ـا.مد :
_إنتي نسيتي قبل كده تاخدي الحباية؟؟..
ردت عليه على الفور بدون تفكير :
_لأ، أنا مفيش ولا مرة نسيت أخد الـحـ..
بترت عبـ.ـارتها بغتةً حينما تذكرت ذاك اليوم الذي نست فيه أن تأخذها، أخفضت نظراتها وعضت على شفتها السفلى وهي تقول بأسفٍ :
_آسفة، بس أنا فعلاً نسيت مرة.
رفعت عيناها ناحيته لـ تسأله في شئ من الخــــوف :
_إنت مضايق مني؟؟.. بس أنا والله ما كان قصدي وكمـ…
قاطعهـــــا بصوتــه الجاد بعد أن رفع حاجبيه للأعلى :
_ومين قالك إني مضايق؟؟..
بلعت ريقها بخــــوفٍ وقلبها يُكاد يقف من كثرة القلق من ردة فعله بعدmا علم تلك الحقيقة، تابع بإبتسامة مشرقة :
_أنا صحيح كنت مش عاوز أخلف دلوقتي، بس ده مش يمنع إني أسعد واحد فالدنيا عشان إنتي شايله حتة مني ومنك!!..
لمعت عيناها بـ بهجة لـ يُضيف بتنهيدة :
_في فرق يا حبيبتي إني عاوز أأجل خلفة، وإني مش عاوز أخلف أصلاً، أنا كنت عاوز أقضي أكبر وقت معاكي من غير مسؤلية العيال، بس ربنا أراد أننا نخلف، هنعترض!!..
جلس بجوارها على الفراش ثم جذبها من خلف عنقها ليسند جبينه على جبينها قائلاً :
_أنا بحبك يا مُنى، وصدقيني أنا أسعد إنسان فالدنيا دلوقتي.
نطقت “مُنى” بعد صمتها الطويل :
_آخر حاجة أتوقعها إنك تقول كده، أنا أفتكرتك هتضايق!!..
قال بهمسٍ جـاد :
_في ناس بتتمنى النعمة دي، ومش قادرة تطولها، لما ربنا يبعتلي النعمة دي، المفروض أعمل إيه؟؟.. أكيد لازم أبقى أسعد واحد فالدنيا.
قال كلمته الأخيرة وهو يبعد جبينه عن جبينها، لـ يضم جــــســ ـدها بداخل أحضانه، تنهد تنهيدة حارة، ثم رسم على محياه إبتسامة واسعة سعيدة، قَبّل عنقها قُبلة صغيرة.. رقيقة.. ناعمة..، ثم أخذ يستنشق عبيرها الذي يجعله في حالة جنون، تعلقت به بذراعيها وهي تقول بخفوت :
_ربنا يخليك ليا يا إيهاب، أنا بحبك أوي.
رد عليها وهو مغمض العينين :
_أنا أكتر يا روح إيهاب، ربنا يقدرني إني أحافظ عليكي إنتي وإبني، وأسعدكم على أد ما أقدر.
تابع بهمسٍ :
_أنا عرفت إيه هي السعادة لما دخلتي حياتي، يا أحلى حاجة حصلتلي فالدنيا دي.
**************
أتجه “عزّ الدين” بصحبة زوجته إلى العيادة النسائية حسب الموعد المتفق عليه، رحبت بهم الممرضة وأصطحبتهم لغُرفة الكشف لمعرفة نوع المولود، تحمس كثيراً لـ رؤية قطعة منه ومن معشوقتهُ تنبض بالحياة، تمددت “ياسمين” على الفراش بينما وقف “عز الدين” مستقيماً، رحبت بهم الطبيبة ثم جلست على مقعدها المجاور للفراش، وقامت بوضع السونار الطبي على بطن مريـ.ـضتها بعد أن كشفت على جزء من ثيابها، فبدأت الممرضة تؤدي عملها بدقة، دقائق صغيرة للغاية مرت.. فتساءل “عزّ الدين” بقلق :
_إيه الأخبـ.ـار؟؟..
ردت الطبيبة بجدية :
_كله تمام يا مستر عز، الجنين نموه طبيعي ومفيش مشاكل في العمود الفقري.
تنفس بإرتياح ثم نظر لمعشوقته مُبتسمًا بحماس بيّن، تابعت الطبيبة بإبتسامة :
_واضح إنه هيطلع شقي.
سألتها “ياسمين” بدهشة :
_هو ولد؟؟..
حركت رأسها إيجابياً مرددة بهدوء :
_أيوة.
ألتفتت برأسها نحو “عزّ الدين” تطالعه بدهشة، بينما زادت نبضات قلبه بشـ.ـدة، حاول تمالك نفسه بصعوبة، يشعر بأن قلبه يرقص من شـ.ـدة السعادة، دقيقتان وكانت أنصرفت الطبيبة والممرضة، عدلت “ياسمين” كنزتها، في حين أنتظر ذهابهما، ليجلس على طرف الفراش، حدق فيها مطولاً بنظرات مليئة بالشغف وهو يردد :
_أنا فرحان جدًا يا ياسمين، فرحان أوي، حاسس إني خلاص هطير من السعادة.
ألتقط كفها بين راحتيه هامسًا :
_أنا مش قادر أصدق.
أدmعت عيناها تأثراً قائلة بسرور :
_وأنا كمان، مش مصدقة خالص، أنا فرحانة أوي يا عز.
أحنى رأسه عليها مقتربًا من شفتيها ليهمس بصوت واثق:
_أستعدي، آخر الأسبوع هنسافر، وإن شاء الله هقدر أسعدك.
أغمضت عينيها من قربه الهالك لها، شعرت بأنفاسه الحارة تلهب صفحة وجهها، وشعرت أيضاً وهو يطبع قُبلة حــــارة على شفتيها، أنحبست أنفاسها، بينما هو يبث لها حبه وعشقه الجارف لها، تراجع عنها بعد لحظات خــــوفًا من دخول الطبيبة عليهم، قال لها بنبرة لا مثيل لها من العشق :
_بحبك جدًا يا بـ.ـنت صابر .
فتحت عيناها ببُطء، وقبل أن يتحدث.. صدح صوت رنين هاتفه، فـ أمتعضت ملامحه بشـ.ـدة، أخرج هاتفه من جيب بنطاله موجهًا بصره الحاد على أسم المتصل، لانت ملامحه بدرجة متوسطة عنـ.ـد.ما رأى أن المتصل هو الضابط المباحث الذي يتابع معه كل شيء تخص “رأفت الحديدي”، ضغط على زر الإيجاب ثم وضع الهاتف على أذنه مجيباً :
_آلو.. أيوة، في جديد؟؟..
أجاب الضابط بصوت أجش :
_الخطة خلاص أتلغت، رأفت الحديدي أتقبض عليه من ساعتين.
هب واقفًا وهو يتسائل بصدmة رغم حدة نبرته :
_إزاي؟؟..
رد عليه الضابط وهو يمط شفتيه للجانب :
_إبنه جه وبلغ عنه بجريمة قــ,تــل عمد، وكان ضحيتها “عباس”، وقال عن مكان الجُثة، ولما فتشنا في المكان إللي قال عليه لقينا ٣ جُثث لغاية دلوقتي، والله وأعلم في جُثث تانية ولا لأ.
رفع حاجبيه للأعلى مردداً بذهول :
_يعني طائف رأفت الحديدي هو إللي بلغ عن أبوه؟؟..
أكد له الضابط ذلك الخبر، فهتف الأخير بصلابة :
_أنا جاي حالاً.
أغلق الهاتف بعدها، ثم وجه نظراته الواثقة ناحية “ياسمين” التي تطلع إليه بفضول، هتف بإبتسامة منتصرة :
_مش قولتلك هنرتاح قُريب.
سألته بتوجس :
_قصدك إيه ؟؟..
لاحت إبتسامة مريحة على ثغره وهو يستشعر إحساس الخلاص من هذا الهمّ، رد وقد تقوس فمه للجانب بإبتسامة قاسية :
_رأفت الحديدي أتقبض عليه.
**************
خرجت “روان” من مقر الشركة وهي تتنهد بضيق، فـ مُنذ ما حدث وهي تشعر بذلك الإحساس، ولا تعلم السبب!!.. أستقلت إحدى السيارات الأجرة وبعد عدة دقائق وصلت لمنزلها المتواضع، أعطته بعض من النقود ثم تحركت لـ داخل البناية، دخلت المصعد وهي تطلق زفيرًا حارًا، ثوانٍ أخرى مرت وكانت أمام عتبة منزلها، فتحت باب منزلها ولكن شهقت بفزع حينما جذبها “طائف” من معصمها فجأة بدون مقدmـ.ـا.ت، دفعها للداخل ثم أغلق الباب بيده الأخرى وهو مازال قابض على معصمها، حدقت في عينيه التي لا تزال ظالمة ظلام دامس، هتفت بنبرة خافتة :
_طائف.
هتف بنبرة قوية :
_أبويا أتقبض عليه خلاص، أتقبض عليه يا روان.
هتفت بعدm إستيعاب ونظرات مصدومة :
_إيـــه؟؟.. إنت بتقول إيه يا طائف؟؟..
صاح في وجهها :
_بقولك أتقبض عليه، أنا بلغت عنه.
لم تتحدث، فالصدmة عقدت لسانها عن اللفظ، هتف بعينين حزينتين رغم قوة لهجته :
_عاوزة إيه أكتر من كده؟؟.. قوليلي ؟؟..
نطقت بهمسٍ وقد أدmعت عيناها :
_مش عاوزة حاجة، طائف أنا كنت خايفة منه وبس!!.. تحب أعملك إيه؟؟..
صرخ في وجهها بقهر :
_عاوزك تحبيني!!..
أشارت بيدها مرددة بصدق :
_طب أنا فعلاً بحبك، وبحبك جدًا فوق ما إنت تتصور يا طائف.
تخدرت أحزانه، وسكنت أوجاعه مع أعترافها بحبها له، أرخى “طائف” قبضته عن ذراعها متراجعًا بجــــســ ـده للخلف، تهدجت أنفاسه بقوة، بينما قالت “روان” بإبتسامة راضية :
_أنا كنت خايفة من أبوك، بس أنا بحبك يا طائف من زمان، وأنا واثقة أن نصيبنا مع بعض يا طائف.
تسائل بعشق الذي أرهقه :
_يعني إني فعلاً بتحبيني!!..
هزت رأسها إيجابياً وهي ترد دون تفكير :
_طبعًا.
أقترب منها متسائلاً بصوتــه الخفيض :
_يعني تقبلي تتجوزيني؟؟..
أرتجف جــــســ ـدها بعد تلك المشاعر التي أجتاحتها، خانته عبراته غير مصدقًا، فـ وضعت يدها على صدغه تمسحها برفق قائلة بنبرة نابعة من فؤادها :
_طبعاً موافقة يا طائف.
**************
جلس “عزّ الدين” في غرفة ضابط المباحث منتظراً حضور عدوه، بعد معرفته ما حدث، أنفتح الباب وترك المجند “رأفت” ثم أغلق الباب، أرتكزت نظرات “عزّ الدين” المنتصرة عليه، بينما الأخير ينظر له بثبات زائف، تحدث هو أولاً قائلاً بسخط :
_جاي ليه يا إبن السيوفي؟؟..
أضاف وهو يشير بإصبعيه :
_أوعى تفتكر إني وقعت خلاص، أنا مش لوحدي، أنا ورايا ناس مش هيسبوني.
هتف “عزّ الدين “بثقة :
_قصدك على منصور والـ Boss بتاعه؟؟..
خيم الصمت على المكان، إبتسامة قاسية واثقة أعتلت ثغره، هب واقفاً ليقف قبالته مكملاً بفحيح :
_إنت أتخدعت يا رأفت.
بلع ريقه بصعوبة، أنحشر صوته في جوفه، وبدا واهناً للغاية حينما سأله :
_قصدك إيه ؟؟..
تحدث من زاوية فمه قائلاً ببساطة شريرة :
_أقصد أن منصور يبقى واحد من رجـ.ـالتي، والـ Boss يبقى أنـا، أنا الـ Boss يا رأفت يا إبن الحديدي.
أتسعت حدقتاه وهو يقول بصراخٍ هادر :
_إنت كـداب!!..
تابع “عز الدين” بخشونة :
_لأ دي الحقيقة، أنا عملت كده، عشان تُقع لما تستلم شُحنة المُخدرات فـ يتقبض عليك.
أضاف بسُخرية :
_بس متوقعتش أن إبنك هيبلغ عنك.
حملق فيه بصدmة غير مصدق، تهدل كتفيه وسقطت يداه بجانبه وقد إزداد شحوب وجهه، سقط “رأفت” أمامه على رُكبتيه ثم وضع يده على صدره ناحية موضع القلب وصرخ بألــم واضح :
_آآآآآآآآآآآآآه !!!..
↚
كانت الساعة تدق الثامنة مساءً، حينما عاد "طائف" إلى منزلـه، تنفس بـ عُمق وهو يشعر شئ من الضيق والحُزن، فقد علم مُنذ ساعة بأنه تم نقل والده إلى المشفى بعد إصابته بـ جلطة في القلب، حُزن عميق سيطر على تعابير وجهه رغم جموده، أحنى رأسه حُزنًا، أخذ يصدر تنهيدات مريرة، وظل على تلك الحالة المنكـ.ـسرة لـ بعض الوقت، كان ينتفض فؤاده من بين أضلعه كلما تذكر حقيقة والده السيئة.
+
بعد قليل، حرك رأسه ينفض تلك الذكريات عن رأسهِ، نهض من مكانه متوجهًا نحو غُرفته، فـ جــــســ ـده منهكًا وهو بحاجة إلى راحة، ولكن قبل أن يتجه إلى غُرفته، أستمع إلى صوت رنين جرس باب المنزل، نفخ بضجر ثم سار نحوه بخُطوات بطيئة، أمسك بالمقبض وأداره فـ أنفتح الباب على مصراعيهِ، ظهر "إيهاب" من خلف الباب وعلى ملامح وجهه القلق، رمقه "طائف" بتعجب وظهر ذلك بوضوح في لهجته حينما قال إسمه :
_إيهاب!!..
دخل "إيهاب" المنزل وهو يتسائل بتبرم :
_إيه يا طائف؟؟.. بقالي خمس ساعات بتصل بيك وموبايلك مقفول!!..
رد بإقتضاب :
_معلش، الموبايل فصل شحن.
كاد أن يغلق الباب ولكن منعه "إيهاب" بذراعه وبقوله :
_إستنى، في ضيوف معايا.
رفع حاجبيه بدهشة :
_ضيوف!!..
ألتفت "إيهاب" بجــــســ ـده نحو الباب وهو يُصيح بصوته الرجولي القوي :
_تعالوا يا جماعة.
ضيق "طائف" عينيه بإستغراب وقد أعتراه الفضول، تلاشى ذلك التعجب وأحتلت ملامحه الذهول عنـ.ـد.ما وجد الذئب يدلف داخل المنزل برفقة زوجته، أتسعت عيناه أكثر وهو يرى زوجة "إيهاب" تدخل برفقة معشوقتهُ "روان"، إشتعل الحماس بداخله حينما رأها بينما هي طأطأت رأسها بخجلٍ، رمقهم بنظراتٍ مذهولة عاجزًا عن التفكير، أشار لهم بإتجاه غُرفة صالون، فـ تحرك الجميع وهو خلفهم.
دقيقة واحدة.. وكان الجميع جلس وعلى شفتي كُلاً منهم بسمة صغيرة ماعدا "عز الدين" الذي قال وهو يسترخى أكثر في جلسته :
_طبعًا مستغرب وجودنا هنا.
حدق فيه "طائف" بتـ.ـو.تر حائر، في حين تابع "عزّ الدين" بإبتسامة واثقة :
_إحنا هنا عشان نبقى جنبك.
زوى ما بين حاجبيه متسائلاً بإستغراب :
_مش فاهم!!..
رد "إيهاب" عليه موضحًا بإبتسامة :
_طائف، أوعى تفتكر إنك لوحدك بعد إللي حصل لأبوك، إحنا كلنا معاك، إنت شخص كويس جدًا، عندك مبادئ وقيم مش موجودة في الزمن ده، وربنا مش هيسيبك أبدًا لوحدك.
تابع "إيهاب" وهو ينظر حوله :
_وإحنا كمان مش هنسيبك.
قالت "ياسمين" بحماسٍ :
_طب خلينا ندخُل في الأهم.
رمقها "عز الدين" بـ عينيَّ مُخيفة، بعد أنا هاجمت نار الغيرة قلبه قبل صدره وجــــســ ـده، بلعت ريقها بصعوبة بالغة وتراجعت بجــــســ ـدها للخلف لكي تسند ظهرها على مسند الأريكة، بينما سأل "طائف" بإستغرابٍ أشـ.ـد :
_وإيه هو الأهم؟؟..
ردت "مُنى" عليه وهي تنظر بإتجاه "روان" :
_إحنا عرفنا إنك بتحب روان، وهي كمان بتحبك أوي.
تلقائيًا منه نظر بإتجاهها، إبتسم إبتسامة مشرقة وهو يرى خجلها الواضح، بينما تابعت "مُنى" مُبتسمة :
_وعشان كده، إحنا جينا وبنقترح، أن كتب كتاب يبقى بعد بُكرا، إيـــه رأيـك؟؟..
تورد وجه "روان" وتدفقت الدmاء الدافئة في عروقها، أرتسمت إبتسامة واسعة على ثغره غير مصدقًا ما يسمعه، خفق قلبه مُتحمسًا، قرر الذئب أن يتلاعب بـ أعصابه، حيثُ قال بـ حاجب مرفوع وهو يقول بمكرٍ :
_مالك؟؟.. شكلك مش موافق، فـ أنا بقـو....
وجد ذاته يهب واقفاً صارخًا بـ :
_لاااااااااااأ !!..
حدق فيه الجميع بإبتسامة ذات مغزى مليئة بالتسلية، عاد "طائف" يجلس على المقعد وقد أنتبه لـ فعلته، إبتسم بحرج وهو يخلل أصابع يده فروة شعره تنفس بـ عُمقٍ لـ يضبط أنفعالاته محفزًا نفسه على النهوض مرة أُخرى وعلى التحرك نحوها.
نهض من مكانه بالفعل وهو يُردف بـ :
_أنا عن نفسي موافق جدًا جدًا.
أخفضت "روان" رأسها بخجلٍ جامح، تحرك نحوها وعيناه لا ترى غيرها، لأولُ مرة يرى هذا الإشراق الذي بداخل نظراتها المُتحمسة، وقف أمامها ثم أنحنى بجــــســ ـده لـ يلتقط كف يدها، رفعت رأسها إليه وهي تقف، تلاقت أعينهم العاشقة، بدأ "طائف" بالحديث حيثُ قال وهو يرسم إبتسامة مُفتعلة على شفتيهِ :
_المهم إنك إنتي تبقي موافقة.
ردت بدون تفكير :
_ولو أنا مش موافقة كنت هاجي هنا من الأول؟؟..
قال بأنفاس مُتقطعة :
_أنا حقيقي مش قادر أصدق، يعني تقبلي تتجوزيني ونكمل حياتنا إللي جاية مع بعض؟؟..
قال كلمـ.ـا.ته الأخيرة مُتسائلاً بنظرات الشغوفة بـ حُبها، حبست العبرات في حدقتيها وهي تومئ برأسها :
_موافقة طبعـًا.
همس بعذوبة :
_طب سامحيني فإللي هعمله دلوقتي.
قبل أن تتسائل عن مقصده كان أحنى رأسه على جبينها لـ يطبع قُبلة مطولة عليه، أستشعرت سخونة أنفاسه على بشرتها كما دبت القشعريرة جــــســ ـدها، أرتسمت علامـ.ـا.ت الإندهاش على محياها وقد أتسعت عيناها إتساعًا طفيفا من الصدmة، أخترق صوتـه الهامس أذنها وهو يقول بـ نعومة :
_بحبـك يا روان.
**************
بعد مرور ساعة، كان "عزّ الدين" يدلف خارج المرحاض، كان عارياً لا يرتدي سوى بنطال، أعتدلت "ياسمين" في جلستها على الفراش عنـ.ـد.ما وجدته خرج، إتجه نحوها ثم جلس بجوارها مُبتسمًا، وقعت عيناها على ذلك الوشم المطبوع على صدره ناحية موضع القلب، مدت أناملها تتحسس هذا الوشم وهي تهتف بهمسٍ خافت :
_على رغم إني سعيدة إنك عملت إسمي بالوشم على صدرك، إلا أنا مش حباه عشان الوشم حـ.ـر.ام.
سكت للحظاتٍ قبل أن يُجيب بصوتٍ جدًّ :
_أنا كنت حابب أشوف أسمك دايمًا، فـ عشان كده عملت إسمك بالوشم على صدري، أنا مكنتش أعرف أن الوشم حـ.ـر.ام وإنك مش حباه.
قالت بصوتٍ خفض وهي تبعد يدها عنه :
_ماشي.
نظر لها نظرةً أخيرة قبل أن ينهض من مكانه متوجهًا نحو خزانة ملابسه، جذب من داخلها تيشرت باللون الأسود وأرتداه بهدوءٍ، عاد إليها ثم جلس أمامها مرددًا :
_أنا كنت تعبت الفترة إللي فاتت، بعد ما أعدائي ظهروا من جديد.
إبتسمت "ياسمين" مرددة بثقة :
_بس قدرت تحافظ عليا وعلى نفسك، وخليتهم يبعدوا.
سحب نفسًا عميقًا ثم قال وهو ينظر في عينيها مُباشرةً بتعبٍ :
_خُديني في حُضنك، أسحبي تعبي بـ حنانك وبـ حُبك.
أتسعت إبتسامتها وهي تنظر له بحنان، لتثني ساقيها أسفلها، وضع رأسه عليهما ثم لف ذراعيه حول خصرها دافنًا رأسه بـ بطنها، أخذت تغرس أصابعها بـ خُصلاته الغزيرة تتلاعب بها بحنوٍ لـ يثير الخدر بجــــســ ـده وغط في سُباتٍ عميق، فهي ملاذه!!..
**************
بعد مرور يومين.. في المساء.. بداخل قصر عائلة السيوفي.
كان الجميع متواجد لذلك اليوم التاريخي بالنسبة إليهم، كانوا مُنتظرين حضور المأذون، وما هي إلا دقائقٌ معدودة وكان قد حضر رجـ.ـاله بـ صحبة مأذون، أصطحبهم "عزّ الدين" لـ غُرفة المكتب، أشار "إيهاب" للمأذون وهو يأمره بالشروع في إجراءات عقد القرآن، بينما جلست "روان" قبالة "طائف" والذي بداخله الكثير من الحماس والسعادة، هتف للمأذون :
_يالا يا شيخ أبدأ بسُرعــة.
رد عليه المأذون بهدوء :
_الصبر يا إبني، إن الله مع الصابرين.
نفخ "طائف" بنفاذ الصبر، تابع المأذون وهو يوجه أبصاره ناحية "روان" :
_هل أنتِ العروس؟؟..
حركت رأسها بدون أن تنبس بكلمة وعلى وجهها إبتسامة مُبهجة، أمسك المأذون بـ دفتره مرددًا :
_على بركة الله، أين البطايق؟؟..
أخرج "طائف" من جيب بنطاله بطاقته وكذلك هي أخرجتها من حقيبة يدها الصَّغيرة، ووضعتها على الطاولة، بدأ المأذون في كتابة بياناتهم في الدفتر الخاص به ثم أخرج منديلاً قماشيًا أبيض اللون، هتف بصوته الهادئ :
_"وخلقنا لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها و.جـ.ـعلنا بينكم مودة ورحمة"، إيدك يا إبـ.ـنتي.
بسطت له يدها وكذلك "طائف" الذي قبض على كفها، وضع المأذون المنديل على كفيهما ثم بدأ بـ عقد قرآنهما.
دقائقٌ وكان تم عقد قرآنهما، أمر "عز الدين" كبيرة الخدm بتوصيل المأذون، في حين أحتضن " إيهاب" "طائف" وهو يهنئه بسعادة، هتف "عزّ الدين" بخشونة :
_يالا يا جماعة، إخرجوا إنتوا، وسيبوا طائف مع روان شوية.
حركت "ياسمين" رأسها مؤكدةً قوله :
_عندك حق، يالا بينا.
خرج الجميع من غُرفة المكتب فـ لم يعد يتبقى سوى "طائف" و"روان"، كانت جالسة وبشرتها متلونة بتلك الحُمرة الطفيفة، تنفس بـ عُمقٍ وهو يدنو منها ممتعًا أعينه بجمالها، أمسك برسغها برفق فنهضت من مكانها ناظرة إليه ببهجة واضحة، حدجها بأعين مشتاقة قبل أن يحتضنها بقوة، دفنت رأسها بداخل صدره وهي تهمس بإسمه دون وعي أو شعور، أستشعرت بالأمان الذي أفتقدته، تذوقت السعادة التي لم تشعر بها منذ سنواتٍ، ظلا هكذا لبضع دقائقٌ حتى تراجع عنها، وضع يده على وجنتها مرددًا بصوته العـ.ـذ.ب :
_أخيرًا يا روان بقيتي مراتي.
إبتسمت بسرور مُجيبه :
_وأخيرًا إنت كمان بقيت سندي وأماني.
أحتضن وجهها بين راحتيه مؤكدًا بهدوءٍ :
_وهفضل طول عُمري أمانك وسندك، وكل حاجة حلوة هعملها ليكي، إنتي تستحقي أي حاجة حلوة.
لمعت عيناها مستشعرة بـ صدقه، فأضاف وقد أرتفعت تنهيدة العشق من صدره :
_إنتي لحقتيني، كنت هدخُل في طريق نهايته معروفة، بس على آخر لحظة ظهرتي من غير كلام وكأنك كنتي مستنياني، وخدتيني من إيدي وقلبي على الطريق الصح.
برقت عينيها بوميض مغرٍ مليئ بالسعادة، وتشكل على شفتيها إبتسامة ساحرة حفزته على تقدm بتلك الخطوة، أحنى رأسه ببُطء عليها، فـ أغمضت عينيها مستسلمة لما سيقوم به، شعرت به وهو يقبّلها قُبلة رقيقة.. ناعمة، وضعت كفيها على صدره العريض بعد أن أستسلمت، أحاسيس جديدة عليها أجتاحتها فلم تعد تشعر بما حولها، تراجع عنها محاولاً ضبط أنفاسه لاهثة، هتف برقة :
_بحبك يا روان.
ردت عليه بصوتٍ خافت :
_وأنا كمان يا طائف بحبك أوي.
**************
_غمضي عينيكي يا مُنمُن.
قالها "إيهاب" بعد أن رسم بسمة مليئة بالحماس على ثغره، أغمضت جفنيها بقوة لتؤكد له أنها لا ترى شيئًا، ثواني صغيرة وكانت تشعر بأنفاسه الحـــارة تلهب عنقها، هتف بهمسٍ مغرٍ :
_فتحي يا روح إيهاب.
فتحت عينيها ببُطء ثم أخفضت نظراتها لتجد أنه ألبسها قلادة فضية تحمل حروف إسمها بالإنجليزية، ويبدو عليها أنها قلادة ثمينة، شهقت "مُنى" هامسة بعدm تصديق :
_إيـــه ده؟؟..
تابعت بصوتٍ متقطع متسائلة :
_طب ده بمُناسبة إيه؟؟..
رد بإبتسامة لا مثيل لها :
_بمُناسبة إنك حامل يا مُنمُن.
أحتضنته "مُنى" بقوة مرددة بعشق :
_مهما وصفت إني بحبك أد إيه وفرحانة أد إيه مش هعرف.
أحتضنته بقوة فأستشعر ضمتها المليئة بالحنان الصادق والعاطفة بجــــســ ـده وقلبه، هتف بصدقٍ :
_أنا بنفذ وعدي ليكي، وعدتك زمان لما قولتلك، طول ما أنا عايش، هفضل عايش عشان بس أسعدك.. أسعدك إنتي وبس يا مُنى.
**************
دلف "عزّ الدين" داخل غُرفته وهو محاوط خصر "ياسمين"، كان على وجهها السعادة على ما حدث وما يحدث حولها من الأخبـ.ـار السارة، حرر خصرها من ذراعه وهو يسألها بعد أن عقد ما بين حاجبيهِ :
_إنتي فرحانة كده ليه؟؟..
ردت عليه بسعادة عارمة :
_سعيدة عشان خاطر مُنى، أنها حامل!!.. وسعيدة بردو عشان روان، بصراحة هي غلبانة أوي.
أقترب منها وهو يقول بإبتسامة :
_والله مفيش حد غلبان غيرك.
أرادت تحميسه وأن تسعده هاتفة :
_لأ طبعًا، إزاي أبقى غلبانة وإنت جنبي دايمًا يا ذئب.
جعلت قلبه يتراقص فرحًا بـ عبراتها العميقة والغير متكلفة، لم يُعد بينهما مسافة، هتف بإبتسامة لئيمة هامسًا بمكرٍ :
_طب تسمحيلي بشوية عسل؟!..
وقبل أن تهمس بحرف كان يجذبها إلى صدره ويقبلها بجنون أفقدها كيانها، لـ تبادله جنونه على أستيحاء، أبتعد بعد لحظاتٍ بأنفاس لاهثة، غمغم وهو يحرك رأسه :
_قلبي و.جـ.ـعني من عشقك يا بـ.ـنت صابر.
دقيقة من الصمت وكان يتحدث بصوته رجولي أجشَّ :
_فاضل خمس ساعات على ميعاد السفر.
حدقت فيه بصدmة قائلةً :
_إيـــه؟؟.. طب أنا هاروح أحضر الشُنط.
وقبل أن تتحرك كان يمسك بمعصمها مرددًا بجدية :
_أنا حضرتها النهاردة لما كنتي مع روان ومُنى.
هزت رأسها إيجابيًا وهي تطلق زفيرًا، في حين تابع "عزّ الدين" بإبتسامة :
_نسيت أقولك على حاجة، كنت عاوز أقولها بقالي يومين.
ضيقت عينيها متسائلة بفضولٍ :
_خير؟!..
أتسعت إبتسامته وهو يُجيب برومانسية :
_أنا بحبك.
ردت عليه بإبتسامة ساحرة :
_أنا أكتر يا عز.
أشار بإصبعيهِ مرددًا بجدية :
_لأ أنا أكتر يا ياسمين.
هزت رأسها نفيًا مؤكدة قولها :
_لأ أنا أكتر.
أحتدت لهجته وهو يقول :
_شوفتي؟!.. إحنا مش متفقين أهو، إحنا لازم نسيب بعض.
رفعت حاجبيها قائلة بثقة عالية :
_هو إنت تقدر أصلاً؟!..
رد عليها "عزّ الدين" بإبتسامة مشرقة مُجيبًا بـ تأكيدٍ :
_لأ طبعًا، ده أنا أمـ.ـو.ت فيها.
هتفت بنبرة تلهف :
_بعد الشر.
تأمل "عزّ الدين" عينيها التي تفيض عشقًا، دنا منها لـ يحتضنها بقوة، أغمضت عينيها لـ تشعر بالأمان في أحضانه، ولـ تستمع إلى دقات قلبه النابضة لأجلها والتي لا تنطق سوى بإسمها، عانقها بقوة أكبر ووجهه في عنقها يستنشق عبيرها، أستنشق أكبر قدر ممكن من عطرها، هو حقًا أدmنهــا، لا يُزال وسيظل يعشقها حتى آخر أنفاسه، ذلك العشق أصبح يسري في شرايين كُلاً منهما كالدmاء.
وسيظــل دائمــًا أمــــام الجميــــــع ذئبٍ شـــرسٍ، ولكـن أمامهـــــا ذئـبٍ عـاشـــقٍ.
**************
تمت بحمدلله
لو خلصتي الرواية دي وعايزة تقرأيي رواية تانية بنرشحلك الرواية دي جدا ومتأكدين انها هتعجبك 👇