رواية شظايا الكلمات ثائر وهبه كاملة جميع الفصول

رواية شظايا الكلمات هي رواية رومانسية تقع احداثها بين ثائر وهبه والرواية من تأليف جهاد وجيه في عالم مليء بالتناقضات والأسرار تتشابك مصائر شخصيات رواية شظايا الكلمات لتجد نفسها في مواجهة قرارات صعبة تُغير مجرى حياتهم إلى الأبد ان رواية شظايا الكلمات هي قصة عن الحب الذي يتحدى الزمن والمصير الذي يفرض نفسه والأرواح التي تسعى خلف الحرية والسعادة بين الأمل واليأس وبين القوة والضعف ينسج رواية شظايا الكلمات تفاصيل حياتهم في معركة غير متكافئة مع القدر لتكشف كل صفحة عن لغز جديد يقود القارئ نحو نهاية غير متوقعة

رواية شظايا الكلمات كاملة جميع الفصول

رواية شظايا الكلمات من الفصل الاول للاخير بقلم جهاد وجيه

بمحافظةِ الإسكندرية بذلك الحي البسيط... الذي تضج شوارعه بالأطفال واصواتهم اللاهية وأصوات الحدادين والعاملين ...

وضعت تلك الفتاة الثلاثينينة الطعام فوق الطاولة الخشبية الصغيرة بذلك البيت البسيط المُتهالك ثم انحنت طابعة قبلة صغيرة فوق وجنتي شقيقتها الصغيرة ذات العشرة أعوام ثم تناولت حقيبتها القديمة وهاتفها الصغير وتقدmت من باب المنزل الصغير وعينيها تفيض حنانًا لصغيرتها الجائعة ثم، كادت أن تغادر ولكنها التفتت هاتفة بتأكيد: رحمه الباب مـ.ـيـ.ـتفتحش لحد ولو مين بالذي، أنا معايا المفتاح أربع ساعات وهرجع من الشغل تكوني ذاكرتي واجبك عشان امتحاناتك قربت، كلي ورتبي مكانك... فاهماني يا رحومه، أنتِ لسه مت عـ.ـر.فيش حد هنا

أومأت الصغيرة برأسها لشقيقتها الكُبرى وتناولت رغيفًا من الخبز ووضعت به بعض الجُبن وهرولت لها وعينيها تفيض بالرجاء حتى تأخذهم، تمسكت بكفها وهمست ببراءة شـ.ـديدة: خدي الساندويتش دا يا هبه أنتِ مكلتيش بقالك يومين

انحنت لاثمة وجنتيها وتمتمت بطيبة وحب : لا أنا شبعانه يا قلب هبه المهم أنتِ ولما أنتِ بتشبعي أنا بشبع

رفعت الصغيرة إحدى حاجبيها وزمت شفتيها باعتراض وهتفت بحدة مصطنعة: لا كـ.ـد.ابة، أنتِ جبتيلي الأكل لما قبضتي امبـ.ـارح ودفعتي بقية قبضك لإيجار الشقة وجبتيلي ملخصات ومبقاش معاكي فلوس تأكلي برا وأنا شبعت

ترقرقت العبـ.ـارات بمقلتيها البُنيتين وهزت رأسها بموافقة وتناولت الطعام من شقيقتها ودسته بحقيبتها وأنزلت نِقابها الأسود وخرجت مسرعة تجاه عملها، حتى لا تتلقى المزيد من توبيخ رئيسها بالعمل

«هبه يحيي منصور: فتاة بسيطة ذات الثامنة والعشرون عاماً، توفى والديها منذ عشرة سنواتٍ بنفس العام، والدتها عند ولادة شقيقتها الوحيدة ووالدها عقبها حـ.ـز.ناً على فراق زوجته، وأصبحت هي الراعي الوحيد لشقيقتها صاحبت العشرة أعوام» ....

**********************************************
بمنزلٍ بسيط تنبثق الطيبة من جدرانه خرجت فتاة قصيرة من أحد الغرف بسرعة بشعرها المُشعت ووجهها الممتعض متوجهة للمرحاض ومازال جسدها يحمل آثار النعاس التي تُجاهد لطردها ولكن بلا فائدة، انهت اغتسالها وتوضأت وأدت فرضها ووقفت تضع اللمسات الأخيرة على حجابها، تلمست بأناملها تلك الحبوب التي تخفي أغلب ملامحها الرقيقة والبُقع الداكنة التي تُفسد وجهها ثم همست بحسرة لنفسها: يلا يا موكوسه هتتأخري على الشغل والمدير بيتلكك أصلاً

وضعت هاتفها داخل الحقيبة وسارت متوجهة للباب لولا صوت والدها الحنون المُغلف بالمرح من خلفها : راحه فين بادري كدا من غير ما تصبحي عليا يا بشكير

انفرج ثغرها عن ابتسامة عاشقة والتفتت منحنية حتى وصلت وجلست على ركبتيها أمام كرسيه المتحرك وهتفت بلومٍ مصطنع : بشكير إيه بس يا بابا

قرصها ذلك العجوز من خصرها النحيل وعينيه تبتسم بطيبة خالصة وحبٍ شـ.ـديد لفتاته الوحيدة وتمتم بضحك: اعملك إيه ما أنتِ اللي شبه الواد بشكير بتاع الفلافل

امتعضت ملامحها من حديث والدها اليومي ونهضت بغـــضــــب مصطنع هاتفة بحنقٍ: أنتِ يا ست ماما شوفي الحاج دا فايق عليا من الصبح كدا ليه أنا بردو في مقام بـ.ـنته ومن لحمه ودmه

خرجت إمرأة أربعينية من مطبخها البسيط ببسمة طيبة لمشاكسة زوجها وطفلتها الصباحية، ابتسمت باتساع عنـ.ـد.ما رأت ملامح ابـ.ـنتها الحانقة ونظراتها المغتاظة لوالدها المشاكس، اقتربت محتضنة صغيرتها وهتفت بطيبتها المعهودة : مزعل وردة ليه يا حاج بلال

ابتسم الأب بخبث والتف بكرسيه متوجهاً لغرفته وهتف بلامبالاة: أبدًا زعلانه إني بقولها يا بشكير اهو كدا الحق بيزعل

ضـ.ـر.بت بقدmيها الأرضية الصلبة باعتراض وهتفت بحدة مصطنعة: أنا هنزل أجيب كرش الواد عماد بشكير دا كرمة ليك ولأصلك يا بابا

اهتز جسد والدتها بعنف من كتمها لضحكاتها على منظر صغيرتها ووالدها، نظرت لوالدتها بغـ.ـيظ وتمتمت مبتعدة : اضحكي يا عفاف اضحكي ما هو اللي بيتريق عليا جوزك بردو مش حد غريب

صدحت ضحكات والدتها بأرجاء بيتهم الصغير وهذا ما تتمناه كل يوم، أن ترى ضحكاتهم وهكذا يكتمل صباحها، توجهت للباب وهتفت بصوتٍ وصل لمسامع والدها : منك لله يا عماد يا ابن أم عماد أشوفك ملسوع في زيت الفلافل بتاعتك قادر يا كريم

« وردة بلال الشامي، فتاة بالسابعة والعشرون من عمرها، وحيدة أبويها، قصيرة القامة، تُغلف عينيها القاتمتين أهدابًا كثيفة تجعلها مُردافًا آخر للبراءة رغم تسلط لسانها وعفويتها الشـ.ـديدة»

أغلقت الباب خلفها ووضعت حقيبتها على كفتها ورفعت رأسها لأعلى وهمهمت بترجي: يارب ديمهم نعمه في حياتي وكمل فرحتي بيهم....

**************************

أنزلت تلك السمينة قدmيها بصعوبة من على الفراش وتمطأت بذراعيها بنعاسٍ وتطلعت للساعة الفاخرة التي تتوسط الحائط الأرجواني بغرفتها الطفولية.... رمقت الساعة والتي تشير للعاشرة وهتفت بامتعاض: الله يحرق الكلية وسنين الكلية ويحرق اللي طالب بحقوق المرأة

نهضت بتثاقل وسارت بخطواتٍ بطيئة حتى وصلت لطاولة خشبية وانحنت ملتقطة قطعة من الكيك المغموس بالشيكولاته الذائبة متوسطة الحجم وهتفت من بين مضغها: يعني كمان جايبين حجم صغير أكنهم بيأكلوا بيبي، إيه الناس دي يا ربي

أنهت ما بيديها وتقدmت من الخزانة الكبيرة الممتلئة بجميع أنواع الملابس الباهظة ومن جميع الماركات العالمية والتي تناسب حجمها، التقطت ثوبًا أُرجواني ينسدل بسلاسة على جسدها بحزامٍ أسود من عند الخصر وأكمامٍ مزخرفة لتلائم طلتها، توجهت للمرحاض بخطواتٍ متعثرة وخرجت بعد مدة وحملت حقيبتها وهاتفها وهبطت الدرج

كان الجميع ينتظر قدومها، بلسم العائلة كما يُلقبها جدها وجدتها، تهلل وجه والدها عنـ.ـد.ما ناظرها وهي تتقدm منه، انحنت تقبل يد والدتها ووالدها وجديها وابتسمت بتكلف لإبنة عمها وزوجها، جلست بصمت تتناول فطورها وسط حديث والدها وجدها عن العمل، نظرت لهاتفها لتتفقد الوقت وانتصبت تنوي الخروج بسبب تأخرها عن موعد محاضراتها ولكن أوقفها صوت ابنة عمها الماكر: هو الفستان دا مش ضيق شوي يا أثير؟! ... ولا أنتِ تختني تاني؟

ابتسمت بإصفرار وسارت بيديها على منحنياتها واصطنعت التفكير وتمتمت بتأكيد: تؤ مش ضيق وحتى لو تخنت فتخنت من الأماكن الصح يا قلب أثير اومال أفضل شبه سلاكة السنان؟!

ألقت حروفها وحملت حالها وخرجت متوجهة لسيارتها، أخذت موضعها بالسيارة وأغلقت نافذة السيارة عليها وذاب قِناع القوة الذي تلبسها وتهاوت دmـ.ـو.عها المُتحسرة وهمست بمرارة: اعمل إيه بس يا ربي... تعبت

قضمت شفتيها بألــم تمنع خروج شهقاتها وعلو صوت نشيجها ولكن كانت دmـ.ـو.عها تخط سبيلها على وجنتيها المكتزتين!

« أثير حسين الشاملي: ذات الثالثة والعشرون عاماً، طالبة بالسنة الأخيرة من كلية التمريـ.ـض، صاحبة الجدائل النارية، بلسم الداء ودواء الفؤاد، تتميز بسمنتها الزائدة عن الحد والتي هي عائقها الوحيد بالحياة»

*************************

نفخت هبه وجنتيها بضيق وملل من كثرة الاعمال المُتراكمة عليها، انتصف النهار ومازالت مُنكبة على مكتبها تُراجع وتتدقق الأوراق، يجب عليها إثبات جدارتها بهذه الشركة حتى تضمن مأوى لها ولشقيقتها الصغرى، عادت بظهرها للخلف واغمضت عينيها لتسرق عدة دقائق من واقعها ولكن تخلل تلك الدقائق أسوأ لحظاتها على الإطـ.ـلا.ق، حين حُطِمَ قلبها، حينما تهاوت ثقتها وحياتها من على حافة أعتى الجِبال، تنهدت بألــم وعادت بذاكرتها قبل خمسة أشهر عنـ.ـد.ما قرر قلبها فتح ابوابه والوقوع بشِباك الحب وحيله الخبيثة…. عادت لذكريات ذلك اليوم المشؤم...

# قبل ستة أشهر #

صرخ بغـــضــــب وحدة وتبع صرخته صوت صفعة قاسية هبطت على إحدى وجنتيها من كفه الغليظ، واحتدت ملامحه وهتف بشراسة: مشوهه!! طلعتي مشوهه يا روح أمك وبتستغفليني؟!

تكورت على نفسها بجانب الفراش بثوب زفافها المُلطخ بدmاء كرامتها المذبوحة وتمتمت بكـ.ـسرة: مش بمزاجي... قولتلك لازم تعرف وتشوفني وأنت قولت لا...

انحنى وأمسكها من نقابها الأبيض وحجابها ونزعه بعنف لينسدل شعرها الغجري بتموجاته الكامنة وقبض عليه بقسوة كادت أن تقــ,تــلعه وصاح بحِقدٍ: مش فاضل الاحمدي اللي تضحكي عليه يا قذرة... ورحمة أمك لانـ.ـد.مك وأخليكي عبرة لأي واحدة من جنسك الزبـ.ـا.لة

هزت رأسها بعنف ودmـ.ـو.عها تهطل بغزارة لعلها تُشفي جِراح قلبها وهمست بخفوت ومرارة: أنتَ اللي قولت عاوز واحده تصون بيتي... ميهمنيش الشكل... جنسي اللي مش عاجبك دا أنتَ جيت بفضل واحده منه

أيقظت شياطين لُبه وأشعلت فتيل غـــضــــبه لدرجة وصلت شرارات غـــضــــبه لأنفاسها وصوته الحاد الذي ارتجف جسدها له، شـ.ـدد من قبضه على منابت شعرها وقبض بيده الأخرى على فكها واقتنص بشفتيه براءة شفتيها، لم يكن آدmي بالمرة بل كان حـ.ـيو.انًا بربري سلب أنوثتها وأهدر سعادتها، قضم بأسنانه القاسية شفتيها حتى سالت الدmاء منها ولم يرحمها بل ابعد وجهه عنها بإشمئزاز وهسهس بفحيح كالأفعى: بتساوي نفسك بأمي... مشوفتيش شكلك في المراية؟!... أنتِ بأي عين بتتكلمي أصلا... اللي زيك ملوش أي حق

تأوهت بصوتٍ حاد وكم كرهت روحها التي احبته، لقد تمنت قبلتهم الأولى بشغفها ولهفتها ولكن ليس وهو يشمئز منها وينفر وكأنها طاعونًا سيصيبه، ابتلعت غِصة متحسرة بحلقها وخرج صوتها الواهن: صدقني هتنـ.ـد.م... أنتَمش بني آدm أنت مسخ... متقربليييش.... أنا بكرهك...

ألقاها بعنف على الارضية الصلبة وابتسم بشر وعيناه تنذر بانفجارٍ بركاني وخرجت نبرته خبيثة وبغيضة: أنا هوريكِ المسخ دا هيعمل إيه....أنا بقرف أقربلك أصلاً.... مش أنا اللي أبص لواحده مشوهه

ختم قوله بسحبه لحِزام بنطاله الجلدي أمام ناظري تلك المسكينة التي كُسرت فرحتها بليلة زفافها.... وأمام عينيها المصدومتين مما تصوره شياطينها الخائفة!!!!...
عادت من شرودها على صوت صديقتها «وردة»، تلك الفتاة التي تصغرها بعامٍ واحد ولكنها مثلها هي الراعي الوحيد لعائلتها، رقيقة رغم لسانها السليط، تعرفت عليها صدفة عنـ.ـد.ما أتت بمحنتها لتبحث عن مَسكن لها عنـ.ـد.ما قررت الهروب من جلادُها الغليظ، ابتسمت وسط دmـ.ـو.عها التي تهطل أسفل نقابها الأسود وهمست بتحشرج: كنتِ بتعيطي لي

ابتسمت الأخرى بسخرية لصديقتها الساذجة وتمتمت بتهكم: خلي سؤالك لنفسك

مطت شفتيها الشاحبتين أسفل نقابها وهمست بصوتٍ يحمل بين طياته مرارة الأيام: نفسي تعبت.... ياريت الزمن يرجع بيا

جلست «وردة» على الكرسي المقابل لها واستندت بمرفقيها على المكتب وهتفت: حتى لو الزمن رجع كنتِ هتحبيه.... فاضل كان جزء منك.... متنكريش إنك اتعلمتي الدرس

غامت مقلتيها بسحابة حزينة وشبكت كفيها للأمام وتمتمت: الفضل الوحيد اللي خَلفه وراه هو إني بقيت قوية كفاية أخلي أي حد يقرب مني أو من أختي أكله بسناني... حتى لو هو..

مطت «وردة» شفتيها للأمام وتمتمت باستنكار: يعني بطلتي تحبيه يا هبه؟!
صدحت ضحكاتها الساخرة وتحجرت دmـ.ـو.عها وهتفت بحقدٍ: أحبه؟! في مسجون بيحب سجانه؟!... في مظلوم بيحب الظالم اللي دmره؟! .. دا انا أحرق قلبي لو لسه حتى بيفكر فيه بالطريقة دي

ابتسمت «وردة» بحنان ومدت كفها تربت فوق كف صديقتها وهتفت بتأكيد: ربنا هيعوضك... أنتِ شوفتي كتير في الكام شهر اللي فضلتي على ذمته فيهم... ربنا ما يكسبه أبداً فاضل ابن سوزان

ضحكت « هبه» بخفة على حديث صديقتها المشاكسة وهمست بوهن: شبه امه... كان بومه زيها... معرفش كنت اتعمـ.ـيـ.ـت وحبيت الحلوف دا إزاي... داهيه تقطعه هو وأمه

ضحكت « وردة» بصوتٍ عالٍ على مُزاح صديقتها المصطنع وهتفت بمرح: النهايات أخلاق يا سعدية... عيييب بردو دا كان جوزك في يوم...

ابتلعت غصة مريرة بحلقها الجاف عنـ.ـد.ما ذكرتها بأنها كانت على اسمه بيومٍ ما.. حاولت رسم بسمة مزيفة على شفتيها وهتفت بلامبالاة: وأنا بلا اخلاق....

أشفقت على ما عانته تلك الرقيقة التي رغم ما مرت به مازال قلبها بنقاؤه وعفته، تذكرت صداقتهم التي شُيدت منذ خمسة أشهر عنـ.ـد.ما رأتها ذات يوم ضالة طريقها بحيهم الصغير تبحث عن مأوى لها، لقد كانت أشبه برضيعٍ فقد ملاذه الأمن وبقى بمفرده يصارع ذِئاب العالم البشري، تمتمت بجدية عكس طبيعتها: هـ.ـر.بتي إزاي منه يا هبه

ضحكت الأخرى بتهكم وأغمضت عينيها براحة بسيطة وكأنها تسترجع لحظات كـ.ـسر حِصارها وهمست بألــم: مامته... صعبت عليها... هي اللي هـ.ـر.بتني أنا وأختي... أو يمكن خافت على ابنها...

لوت الأخرى شفتيها بامتعاض وتمطأت بذراعيها للأمام ولاعبت حاجبيها وهتفت: طلع فيها الخير الست سوزان العقربة... يلا ربنا يجحمهم سوا ذَلك البغل من تلك العِجله بردو

صدحت ضحكات « هبه» المرحة على مُزاح صديقتها العابر، هذه القصيرة لا تنفك عن إخراجها من زوبعة حُزنها الدائم

ولكن هل كُتبَ لهم المزيد من الألــم بعد؟!

***************************
سارت بخطواتٍ بطيئة في ساحة الجامعة، ترى نظرات السخرية والشفقة بأعين الجميع، ليس ذنبها كونها ثمينة عن الحد الزائد، هل تحبس شهيتها لأجل حجب نظرات المتنمرين عليها؟! تتصنع القوة عنـ.ـد.ما يسخر منها البعض ولكنها سرعان ما تسقط بين ثنايا ظلمتها تبكي بحرقة، لقد عانت لمدة عامين من السخرية اللاذعة والشفقة والمزاح عليها، هي ليست نُكتة أو مزحة لهم بل هي بشرًا مثلهم!! ألا يحق لها العيش دون طـــعـــنات أعينهم الحادة؟!....

جلست بصمت بمقعدها بأحد المدرجات الأمامية وفتحت هاتفها لعلها ترى ولو رسالة واحدة من أصدقائها، عفواً هي ليس لديها أصدقاء سُحقًا عليها أن تُشفق على حالها، وضعت الهاتف ببرود جانبها عند دخول استاذها الجامعي ، انتبهت بكل حواسها لما يُلقيه ودونت باهتمام ما يُمليه عليهم، انتهت المحاضرة بسلام وتناولت هاتفها وحقيبتها وذهبت لشراء بعض الشطائر، وقفت بملل تتطلع للإزدحام أمام الكافيتريا، رأت بعض الفتيات ينظرون إليها ويتهامسون فحاولت ظبط انفعالاتها ولكنها فشلت عنـ.ـد.ما صاحت إحداهما بفظاظة: ودي هيكفيها واحده ولا اتنين زينا ولا عاوزه مكنة شغالة لحد ما تسد معدتها

تنفست بسرعة ملحوظة وضغطت بأظافرها بباطن كفها وأغمضت عينيها لتهدأ من ثورتها ولكنهم يصرون على استفزازها وإذلالها، التفت تنوي الخروج ولكن قبضت إحداهما على معصمها بقوة وهتفت بمكر وصوتٍ وصل لمسامع جميع من حولهم : ويعني الشاملي باشا بجلالة قدره مش عارف يعمل لأثير هانم حفيدته عملية شفط ولا تدبيس حتى بدل ما هي شبه العجل كدا

استمعت لضحكات الجميع من حولها وهمهمـ.ـا.تهم الساخرة منها، ترقرقت الدmـ.ـو.ع بمقلتيها العسليتين وحاولت سحب معصمها من قبضة تلك الوقحة ولكنها قبضت بشـ.ـدة عليه ألــمتها وهتفت تلك المرة بصوتٍ جوهري: مبقاش غير البِغال اللي تترسم علينا كمان... بصي لنفسك في المراية كويس قبل ما تخرجي يا ماما.... ييي بيئة أووي يا أثير

عند هذه النقطة وسقطت دmـ.ـو.عها بغزارة فوق وجنتيها المكتزتين وارتجفت شفتيها وهمست بضعف وهي منكسة رأسها: لو سمحتي سيبيني.. انا معملتش ليكي حاجه

ضحكت الأخرى بسخرية والتي تُدعى « مي» وهي زميلتها بنفس الفرقة الرابعة وهمست بفحيح كالأفعى: لا عملتي وعملتي كتير... مش مي الشناوي اللي تبقى عاوزه تعمل حاجه وحد يحاسبها

أنهت حديثها اللاذع الذي سقط على مسامع الأخرى كشعلة من النيران الموقدة ودفعتها بقسوة لتسقط بعنف على الدرج الحاد ولكن لولا قبضة قوية حالت بينها وبين حافات الدرج لكانت الآن بين فاقدة للوعي أو معرضة للنـ.ـز.يف، رفعت عينيها الغائمتين بالدmـ.ـو.ع لتعرف هوية مُنقذها وسرعان ما اجفلت بصدmة عنـ.ـد.ما رآته!!إنه استاذها بالجامعة !! ابتعدت بهدوء وضعف وتناولت حقيبتها المُلقاه وهمهمت بكـ.ـسرة: شكراً

هرولت مسرعة تجر خيبتها وإهانتها التي ابتلعتها بصمت، أين قوتها؟! أين لسانها؟! ألــم يكن رجلاً من بين الواقفين ليدافع عنها؟! ألــم يشعر احدهم ولو بالشفقة عليها؟! لما أهانتها بتلك الطريقة المخزية؟! أليست فتاة مثلها لتشعر بما جعلتها تختبره؟!

بينما هي تهرول باكية بقى هو ينظر في أثرها بنظرات غامضة لا تفسر باطنها، هو بصلابته وقوته وهدوؤه لا يستطيع أحداً أن يعلم ما يجول بخاطره....

***********************
دلفت بصمت لبيتها، خلعت نقابها وتبعه حجابها، لفت بأنظارها بالصالة الصغيرة لعلها ترى شقيقتها ولكنها رجحت نومها، ألقت نفسها بتعب على الأريكة المتهالكة خلفها وذهبت بغفوة بسيطة استيقظت على طرقات الباب، رفعت هاتفها لترى الساعة، نهضت بثقلٍ لتفتح، تحولت ملامحها الناعسة لأخرى غاضبة عنـ.ـد.ما رأت شقيقتها محمولة بين يدي رجلٍ غريب ومن الواضح أنها خائفة منها، تمعنت بملامح ذلك الغريب، يبدو الثراء الفاحش عليه ولكن كيف وقعت شقيقتها بيده؟! صرخت بصدmة وضـ.ـر.بت بكفيها على صدرها عنـ.ـد.ما وقع نظرها على قدm شقيقتها المُجبرة وصاحت بخــــوف: بت يا رحمه حصلك إيه...
حمحم الرجل بنبرة رجولية وهتف بصوته القوي: اهدي حضرتك.. هي كانت نازلة تجيب حاجه من على أول الشارع وأنا كنت داخل بعربيتي وغـ.ـصـ.ـب عني خبطها... ممكن ادخل ونكمل كلام جوا؟!

افسحت الطريق له ودلفت خلفه بقلبٍ تأكله نيران الخــــوف، مظهر شقيقتها الخائف جعل قلبها يخفق بشـ.ـدة من قلقها عليها، تبعته حتى وضعها بعناية على الأريكة، جلست جانبها وضمتها بقوة لصدرها لتهدأ روع قلبها، كيف خرجت دون علمها؟! ترقرقت الدmـ.ـو.ع بمقلتيها وهمست بحـ.ـز.ن: حصلك إيه يا قلب أختك

كان يقف يتابع قوة علاقتهم، بالخطأ أصابها بسيارته والصغيرة لم تردد سوى بعض الكلمـ.ـا.ت بأن شقيقتها ستقلق عليها، لم تكن خائفة على نفسها فقط على شقيقتها، لقد سلبه القدر شقيقته بحادث مـ.ـو.ت والده، وبقى هو فقط ووالدته، حمحم ليجعلها تنتبه له، وليتها لم تفعل، عيناها البُنيتين تلمعان ببريقٍ لم يختبره من قبل، بجاذبيتها البسيطة تضمه إليها، نفض تلك الأفكار عن رأسه وهتف باحترام: أنا ثائر البدريّ، بتأسف عن اللي حصل لرحمه بس الغلط مني لإني مكنتش منتبه للطريق، أنا هتكفل بكل علاجها لحد ما تفك الجبس وترجع تمشي أحسن من الأول

قبلت جبين شقيقتها النائمة ومسحت دmـ.ـو.عها ولكن سرعان ما شهقت بعنف عنـ.ـد.ما علمت أنها لم ترتدي نقابها فقط اكتفت بحجابها!!، عنـ.ـد.ما استشعرت نظراته وضعت كفها بلحظة على موضع مأساتها الكُبرى، خدها الأيسر المشوه بأكمله، نكست رأسها بحـ.ـز.ن وهمست بكـ.ـسرة: شكراً لحضرتك بس أنا اقدر أعيل اختي، تقدر تتفضل لإن مينفعش وجودك هنا

ابتسم بهدوء لحديثها الرزين ولكن ما صدmه هو كيف لم يرى تشوهها؟! كيف لم يراه وهو يتخذ من نصف وجهها موضعًا له؟! أكانت عينيها ساحرة لتلك الدرجة لتنسيه؟! شعر بشفقة عليها عنـ.ـد.ما رأى نظرات الكـ.ـسرة بعينيها، هتف بجدية كعادته: اللي بيغلط يتحمل غلطه يا آنسه... تكلفة علاج أختك كاملة عليا...

مسحت دmـ.ـو.عها التي أغرقت وجهها وهتفت مصححة: مدام من فضلك... شكراً بس أنا مش هقبل بكدا

مسح على وجهه بعنف وتعجب من حالتها كونها متزوجة ولكنها بمفردها مع شقيقتها ببيتٍ متهالك مثل هذا ولكنه هتف بتأكيد: مش باخد رأيك أنا بعرفك ودا اللي اتربيت عليه... من أفسد شيء عليه إصلاحه... عن إذنك

عقب خروجه أغلقت الباب عليهم بقوة ونزلت طرحتها وانخرطت في وصلة جديدة من البكاء، كيف خرجت بتشوهها أمامه؟! كيف سمحت لأحدهم بأن ينظر لها بشفقة كمثل التي استشعرتها منه؟! حملت شقيقتها بصعوبة ووضعتها بعناية على الفراش وبدلت ثيابها لمنامة شحبت ألوانها من كثرة غسيلها وصعدت جوار شقيقتها على الفراش، قبلت جبينها بقوة وهمست بترجي: يارب متضرنيش فيها.. هي اللي بقيالي ...
***************************
أخذ موقعه من سيارته الفاخرة وانطلق بسرعة باتجاه عمله، رأسه يدور بحلقة مُغلقة، كيف لم يلمح تشوهها؟! ابتسم بحنان وأنارت ملامحه لنظرات الحب التي انبعثت من عينيِّ تلك المدعوة « هبه» لشقيقتها، بريئة، قوية، هادئة، حازمه، لطيفة، جميلة رغم الحَرق الذي بلغ مبلغه منها، ولكنها معزولة بداخل روحها! نفض كل تلك الأفكار عن رأسه وطرق بإصبعه على مقود السيارة وهمس بشرود وصورتها تؤرجح أمامه: أما نشوف حكايتك يا هبه

« ثائر البدري: رجُلاً بالثالثة والثلاثين من عمره، طويل القامة، بجسده المُتناسق، خمري البشرة، ملامحه الرزينة تبعث الطمأنينة بالقلوب، أنفه المنحوت وشفتاه المرسومتان تُكمل طالته الوسيمة»

خرجت من غرفتها عاقدة شهرها لأعلى وصوت نغمـ.ـا.ت موسيقاها يصدح بإزعاج بكامل البيت، خرجت والدتها بضجر من صوتها البشع وهتفت بغـــضــــب: أنتِ يا حلوفه... مش قولنا بطلي صوتك اللي شبه البقر دا... أبوكي مش عارف ينام

قضمت الخيارة التي بيديها ومطت « وردة» شفتيها بلامبالاة وهتفت ببرود: مش عجبك طلقني

تناولت والدتها حبة طماطم طازجة والقتها بها بعنف ولكنها تفادتها ولاعبت حاجبيها وهتفت بمكر: مالك بس يا عفاف هو الحاج مزعلك ولا إيه

عضت والدتها شفتيها بغـ.ـيظ من تلك الوقحة التي انجبتها وصاحت بغـــضــــب: اتلمي يا بشكير بدل ما اخلي شبشبي يلمك كويس

راقصت خصرها بدلالٍ مستفز وأخرجت لسانها لوالدتها باستفزاز وهمست: راحت عليكي بقا يا عفاف.... كبرتي والشيخوخة صابتك

فرغ فاه والدتها من وقاحتها الزائدة وانحنت على غفلة منها ساحبة خُفِها المنزلي وبحركة سريعة الصقته بوجهها بقوة وهتفت بتشفي: عشان ت عـ.ـر.في الشيخوخة وصلت بيا لفين يا بـ.ـنت بلال

تأوهت الأخرى بقوة وفركت وجهها بعنف وصاحت بغـ.ـيظ: بهزر يا رمضان مبتهزرش

مرة اخرى تناولت الزوج الأخر من الحذاء والقطه بوجهها وهمست ببرود: لا بهزر يختي.. حتى شوفي...

*********************************
دلفت للمنزل بخطوات متعثرة، لقد هـ.ـر.بت من فاجعة ما تعرضت له بجامعتها وبقيت طوال اليوم تلف الطرقات بسيارتها، تجاهلت اتصالات جدها ووالدها ووالدتها، ولكن ليس لها سواهم وهاهي لجأت لهم رغم رغبتها المُلحة بالصراخ والعويل دون حواجز تمنعها، كادت أن تصعد الدرج لغرفتها لولا صوت جدها الحنون: أثير تعالي..
ابتسمت بحـ.ـز.ن وتقدmت منه بتعجب شـ.ـديد عنـ.ـد.ما رأته أمامها، هو نفسه أستاذها بالجامعة والذي أنقذها من شلة الفتيات المتنمرات عليها، اعطته إمأه بسيطة من رأسها وجلست حيث أشار جدها وهمست بضعف: خير يا جدو

ابتسم الجد بطيبة لحفيدته وفلذة كبدة الصُغرى ونظر للجالس جواره وهتف بسعادة: دكتور أركين متقدm ليكي.....

فرغ فاهِها من تصريح جدها وعلت الصدmة وجهها، كيف لهذا الوسيم صاحب الجسد العضلي والعينان الساحرتان والوجه البشوش والملامح الجذابة ان يتقدm لها هي تلك السمينة التي تشبه البِغال كما وصفتها « مي»!!!
هزت رأسها وضحكت بسخرية وهتفت بمرح: كدبة إبريل دي يا جدو صح؟! بس إحنا في نوفمبر؟!

ابتسم الجد بحـ.ـز.ن على حال حفيدته وما وصلت له وهتف بتأكيد: لا يا أثير.. دكتور راكان متقدm ليكي وعاوز يتجوزك

نهضت بعنف وصوت صكيك أسنانها وصل له وهتفت ببرود: عرضك مرفوض يا دكتور.. انا مش موافقه يا جدو...

يتبع.....
يتوجب علينا الرحيل عنـ.ـد.ما يصل عقلنا بسؤاله إلى...« هل كُنا لنستحق كل ذلك منهم؟»

رمقها بنظرة هادئة تعجبت منها، كيف له الصمت أمام رفضها له، فركت كفيها معاً بتـ.ـو.تر وقلق وكادت أن تنهض لتتوارى خلف جُدران غرفتها ولكن صوته الثابت أوقفها عنـ.ـد.ما تحدث: ممكن تسيبني مع أثير شوي يا جدو

ابتلعت لعابها وقبضت بكفيها على حرفي المِقعد الخاص بها وراقبت خروج جدها وانتهى الأمر بها معه بلا حواجز تُذكر، رفعت عينيها العسليتين لترى نظرة دافئة تنبثق من مقلتيه السوداويتين، عضت على شفتيها بتـ.ـو.تر وهمست بتعلثم واضح: حضرتك... حضرتك عاوز.. إيه.. أن.. أنا رفضتك

ابتسم بوقار لإرتباكِها الشـ.ـديد ولمعت عيناه بنظرة حانية وخرج صوته الرخيم: لكل شيء سبب يا أثير، أنتِ رفضتيني وأنا من حقي أعرف السبب، ولو مفيش سبب هعتبرها موافقه صريحه منك وخصوصاً إن كل أهلك موافقين

دارت بأنظارها بين أركان الصالون الفاخر من حولهم، لم تكن تعرف مطلقاً بأن لديهم ألواناً زاهية كتلك التي تُزين الجدران وأيضاً لديهم سُفرة كبيرة تتسع لعشرات الأشخاص، أخرجها من تأملها الساخر لبيتهم الذي ولدت به صوته الرخيم: بيقولوا السكوت علامة الرضا، أفهم كدا إنك موافقه؟

هزت رأسها بنفيٍ قاطع لحديثه الساخر وحل الصمت مجدداً بينهم، هز رأسه هو الآخر ولكن سخرية منها ومن ضعفها وخــــوفها، يرغب بضم كفيها بين قبضتيه لتنحدر حرارة حديثه وعواطفه لها كي تشعر بما يعتمر صدره، مسح على خصلاته ورسم بسمة طفيفة وهتف بمزاح: هي القطة كلت لسانك؟!

رفعت رأسها له ورفعت أحد حاجبيها بحنقٍ منه وخرج صوتها أخيراً ولكن بهمسٍ أذابه: عُقبالك... عشان عاملي صداع

رفع هو الآخر حاجبيه بزهول من حروفها الساخرة وحك ذقنه الكثيفة وتمتم بجدية: طب ممكن نتكلم بهدوء وجدية زي ناس ناضجة؟!

أومأت بصمت لحديثه والتقت نظراتهم وليتها لم تفعل فقد حان وقت أن تتعلثم حروفه هو من أسهم عينيها الصافيتين، ضم قبصتيه معاً للأمام وتمتم برزانة يُحسد عليها: أنا راكان شريف الرواي، عندي 30 سنه، والدي كان مدير بنك وتوفى من سنتين وعايش مع والدتي وأنا وحيدهم، الحمد لله دخلي كويس وجدك موافقش يدخلني البيت غير لما سأل عني ومنتظر ردك وأنا متقدm ليكي من إسبوعين من بداية الدراسة مش من النهاردة ولا حاجه ..

وما الفائدة من كل تلك الأحاديث؟ هل ستصنع له بطاقة تعريفية؟! ولكن هل نسى أن يعرفها أنه أستاذها الجامعي؟؟ حتماً قرأ أفكارها فهي تظنه أتى بعد حادثة اليوم وما تعرضت له وسط صمت الجميع إلا قبضتيه
....
يرغب بالضحك بشـ.ـدة على تعابير وجهها الطفولية التي تتبدل من الغـ.ـيظ والحنق للغـــضــــب، أسند ظهره للمقعد من خلفه وتمتم بقوة: سبب رفضك ليا إيه يا أثير هانم

تفوه لسانها بما يعتمر قلبها فجأة وهتفت بمرارة كامنة: خايفه... أنا منفعكش؟!

قرص أنفه بغـــضــــب من تلك الضعيفة الواهية التي ستقضي عليه وابتسم بثقة وهتف: ليه ناقصه؟! ناقصة إيد ولا رجل ولا كِلية مثلاً؟!

هزت رأسها بحسرة وعقلها يُعيد لحظات التنمر التي لازمتها منذ زاد وزنها عن الحد الطبيعي، لمعت الدmـ.ـو.ع بمقلتيها وتمتمت بسكرة: لا بس أنتَ عاوز واحده تليق بيك، تكون جميلة، واحدة قوية، لكن أنا ضعيفة، ومش جميلة، أنا خايفه، الثقة في النفس سبب النجاح وأنا فاقدة للثقة في كل شيء حواليا فمستحيل هيكون عندي ثقة في نفسي، يمكن بقلل من نفسي بس لازم أواجه نفسي ولو لمرة بالحقيقة وهي إني وحشة وتخينه ومعنديش شقة

كان يعلم شعورها والذي يسكن أركان قلبها، لقد ظل يراقبها لأربعة سنوات منذ وطأت قدmيها الجامعة، رآها بقوتها المزيفة وضعفها ودmـ.ـو.عها، رآها بوحدتها وكـ.ـسرتها، رآها فقط وهي سيئة ورغماً عن أنفه وقع بحبها! نسجت شِباك حُبِها عليه رغم كونها هادئة عن المطلوب! ربما لأنها لم تحاول جذب انتباهه انصب كامل عقله عليها؟! تلك الساذجة تنعت نفسها بالبشاعة؟! ..

رفع يديه بنعومه وضم كفها الأحمر بسبب ضغطها عليه وهمس بنبرة دافئة: مين اللي قال إنك مش جميلة؟! مين قال إنك متنفعنيش؟! أنا بس اللي أحدد دا، وقررت وحدت وعشان كدا أنا هنا النهاردة، أثير عمر ما كان الشكل ولا الجـ.ـسم محور الكون، أنا لو حبيت شكلك ولا جـ.ـسمك النهارده بعد فترة أو لما تحملي وتولدي كل دا هيتغير، روحك اللي هتفضلي وحبك والعشرة بس، مش معنى كدا إنك مش جميلة، أثير أنا مشوفتش جمال وهدوء زي جمال عيونك، كل واحد فينا ليه طابع بقلبه، متخافيش أنا هنا خليكِ واثقة فيا بس

بردًا وسلامًا أحاطا قلبها، لُطفًا وسكينة أصابت روحها الخائفة، لقد أوصل إليها دفء قلبه، غلف كيانها المضطرب بثقته وحنانه، لمسة كفه لأناملها بثت قشعريرة فريدة من نوعها بسائر جسدها، شعرت بلفحة من البرد بأواصلها لقُرب صوته الناعم، عليها ولو مرة واحدة المواجهة لا الانسحاب والبكاء، قبضت فوق كفه بقوة طفيفة وهمست بضعف وتعلثم والدmـ.ـو.ع تُصارع لكي تُعلن انتصارها عليه أيضاً : خايفه... خايفه يجي يوم وجوزي يقولي أنه نـ.ـد.مان، خايفه أعيش أحساس التنمر من شخص حبيته ووثقت فيه، مش ذنبي والله،... أنا حاولت بس دي قوتي، أو.. أو ملقتش حد يقويني... أنا بشوف... بشوف نظرات السخرية في عيونهم.. بسمع.. بسمع كلامهم عني وكرههم ليا... أنا... أنا ضعيفة عنهم... خايفه

مسح بحنان بأصابعه الخشنة فوق أناملها الناعمة وهمس بنبرة مُحبة: أوعدك إنك عمرك ما هتخافي، مش هقولك السبب دلوقت بس هت عـ.ـر.فيه في وقته، الخــــوف مش حل يا أثير، بيقولوا «إن لم تجلس في الصِغر حيث تكره لن تجلس في الكِبر حيث تحب» يعني لو مواجهتيش نظراتهم اللي بتو.جـ.ـعك مش هتقدري تشوفي نظرات تفرحك منهم، كلنا عيوب، مفيش حد خالي من العيوب، بس اللي هيشوفك بقلبه مش هيشوف عيوبك لا هيشوف قلبك وحـ.ـز.نه بس، أوعدك هتقوي بيا وعشان نفسك بس مسيرة الميل بتبدأ بخطوة، موافقه؟!

هل سيقدر جوفها على إخراج حروف الرفض؟! لقد احتوى خــــوفها وضعفها، استشعرت صدق كلمـ.ـا.ته، رأت لمعان مقلتيه، أهذا الحب الذي يقصه جدها عليها دوماً؟! أم أنه يشفق عليها؟! ولكن كيف وجميع كلمـ.ـا.ته انصبت تجاه قلبها؟! ضغطت بكفها فوق قبضته وابتسمت بتـ.ـو.تر وخجلت وهمست: موافقه

****************************

اراحت ظهرها على الفراش جوار شقيقتها ودmـ.ـو.عها تهطل بصمت، خــــوفها جعلها تخرج بتشوهها الذي أخفته عن الجميع، شعرت بأنامل رقيقة تمسح دmـ.ـو.عها، ابتسمت بحب لصغيرتها الرقيقة وهمست وعينيها تفيض بالدفء: عامله إيه دلوقت؟!

لمعت الدmـ.ـو.ع بمقلتي الصغيرة ومسحت بأناملها شطر وجه شقيقتها وهمست بصوتٍ ناعس: أنا آسفه يا هبه... والله غـ.ـصـ.ـب عني

ضمتها الأخرى لصدرها ودثرتها جيداً بالفراش فور وصول مقصدها لها وتجاهلت حديثها وطبعت قبلة عميقة على جبهتها ثم همست بحب: متتأسفيش يا قلب هبه.. دا نصيب ولو كنتي في البيت كان هيحصل كدا بردو... بس قوليلي نزلتي ليه

حمدت الصغيرة ربنا أن وجهها مختبئ عن شقيقتها لأنها لو رأت عينيها لكانت علمت كذبها، ابتسمت بتـ.ـو.تر وهمست: كنت.. كنت محتاجة قلم عشان أذاكر وكدا وأنتِ نسيتي تجبيلي

تذكرت « هبه» أنها بالفعل نسيت إحضار القلم لها وابتسمت باسف وهمست برجاء: اسفه يا قلبي.. بس بعد كدا استني لما ارجع وأنا هجبلك عشان أنتِ مت عـ.ـر.فيش حد تحت

نهضت « رحمه» من بين ذراعيها وهتفت بحماس: بس ثائر دا قمر أووي يا هبه، جابلي حاجات كتيره أووي وبقينا صحاب

ابتسمت « هبه» لشغف صغيرتها واقتربت منها وهتفت: بس هو أكبر منك أووي ولازم تقولي ليه عمو حتى

هزت « رحمه» كتفيها لأعلى وهتفت بلامبالاة: هو قالي إحنا بقينا صحاب وهيجي يشوفني كل يوم واقولوا ثائر وبسكدا

جذبتها « هبه» من تلابيب ملابسها وهتفت بحدة مصطنعة: يجي فين يبت أنتِ

رفرفت « رحمه» بأهدابها الكثيفة وابتلعت ريقها وهمست بدراما: والله هو اللي قالي يا بيه.. أنا بريئة ومتطلعش مني العيبة

أرخت « هبه» قبضتها وابتسمت بسمة صفراء وهمست بفخر مصطنع وهي تربت فوق صدرها: تربيتي

دقيقة وأخرى وانفجرت الاختان بالضحك على حالهم الميؤس منه، كلتاهما تحاول جذب الأخرى من زوبعة حـ.ـز.نها وآلامها، ف « رحمه» رغم صِغرها إلا أنها ناضجة وتعلم حالهم، و « هبه» لأنها تعلم بما عانته شقيقتها معها بزواجها السابق تحاول محو تلك الأيام من عقلها الصغير... ولكن هل سيكفي ذلك؟!
************************

ابتعدت عن قبضته بعدmا اعطته طوق نجاته من الهلاك، لقد وافقت على عرضه!!، تهللت ملامحه ولمعت عيناه ونهض من مقعده ودار حول نفسه كمراهق وليس كرجلاً ناضج وهتف بسعادة: طب بصي أنا مليش في الخطوبة والجو دا.. نكتب الكتاب ونقعد فترة نتعرف على بعض.. بص وموافق على أي شرط منك عادي والله

صدحت ضحكاته الخجولة بأرجاء الصالون الصامت ووضعت كفها فوق فمها كمحاولة يائسة منها لتكتم ضحكاتها ولكن مظهره جعلها ترجع برأسها للخلف وصدى ضحكاتها وصل للخارج، دلف جدها ووالدها وابنة عمها على صوتها وهتف جدها بسعادة لصغيرته: نقول مبروك؟!

رمقتها « مايا» ابنة عمها بنظرة حاقدة وبصقت كلمـ.ـا.تها بسخرية: متقولش يا جدو.. أثير هتخس؟!

انقطعت ضحكاتها وحل الوجوم والحـ.ـز.ن محلها ونكست رأسها لأسفل وترقرقت الدmـ.ـو.ع بعسليتيها واكتفت بالصمت ولكن هو؟! اقترب منها واوقفها وأحاط كتفيها بذراعيه وهتف مؤكدٍ على حروفه: لا بس كتب كتابنا أنا وأثير نهاية الإسبوع دا يعني بعد تلت أيام

تطلعت « أثير» له بصدmة شـ.ـديدة وجحظت عينيها من تصريحه وحاولت التحدث ولكن نظرته الدافئة والحانية جعلتها تبتسم بخجل وتنظر لجدها ووالدها المبتسمين بشـ.ـدة ولكن ما اثلج قلبها الحزين هو قوة ذلك الهادئ الذي يساندها، لقد وصل لها صوت غليان دmاء « مايا» ابنة عمها!!...

ابتسم الجد بحب واقترب جاذبًا حفيدته لصدره وهتف بسعادة: ألف مبروك يا حبيبة جدو...

ابتسمت « أثير» بخجل وهمست بتعلثم: الله يبـ.ـارك فيك يا جدو

فتح والدها ذراعيه لها كدعوة صريحة لتلقي بنفسها بين طيات صدره ولبت هي الدعوة بلحظة ودفنت وجهها بين عنقه وهمست: أنا مبسوطة يا بابا

ضمها والدها بقوة لصدره وهتف بحنان: ادفع عمري ل « راكان» عشان فرحتك دي يا بـ.ـنت حسين الشاملي

************************

انتصف النهار وها هي جالسة بتـ.ـو.تر بين أوراقها، من حُسن حظها أن « سوزان» والدة زوجها السابق ساعدتها للحصول على ذلك العمل بأحد مكاتب الأرشيف بشركة بسيطة لأنها فهي انهت دراستها بكلية آداب وعوضاً عن عملها مُدرسة بأحد المدارس المرموقة ها هي مختبئة بين كومـ.ـا.تٍ من الأوراق التي تتطلب مُراجعتها وإعادة ترتيبها بعناية، عقلها يدور بعدة حلقاتٍ خائفة، تركت شقيقتها بمفردها بالبيت بسبب خــــوفها من رب عملها الغليظ، ما زالت ببداية الشهر وقد انتهى راتبها، جميع أفكارها تندفع ضدها، ترغب بشـ.ـدة بالصراخ وربما العويل ومن ثم تخرج قوية لتواجه العالم وكأن شيئا لم يكن، عقدت حاجبها بتعجب لهيئة « وردة» الغاضبة التي تطل بها عليها، راقبت فرط حركتها أمامها بعينين مرهقتين وهمست بتعب: أقعدي بقا خيلتيني يا شبر واقطع

افترست « وردة» شفتيها بغـ.ـيظ وصكت على أسنانها الصغيرة التي تُشبه الأطفال وهمست وكأنها تحدث نفسها: أنا يقولي دا لو كلتك قلم هتسفي أرضية المكتب... أنا يقولي يا عُقلة الإصبع؟!

كتمت « هبه» ضحكة كادت أن تنفلت من بين شفتيها على تلك القصيرة التي تدور حولها كنحلة هاربة وتهمهم بكلمـ.ـا.تٍ مُضحكة ومُغتاظة، طرقت بأصابعها بقوة على سطح المكتب لتنتبه لها « وردة» وترمقها بنظرة غاضبة قابلتها الأخرى ببسمة سمجة من أسفل نقابها وتمتمت باستفزاز: آنسه بشكير مالك داخله بعفاريتك عليا كدا لي...

لوحت « وردة» بيديها بتوضيح ورفعت رأسها وهتفت بغــــرورٍ حاد: اسمها زعابيبك يا هانم... وبعدين ت عـ.ـر.في تسكتي؟!

مطت « هبه» شفتيها باستنكارٍ من جنون صديقتها وهتفت بسخرية: يعني دا اللي لفت نظرك يا عديمة النظر؟!... وبعدين حاضر

دقيقة وأخرى وحل الصمت بينهم ولكن قطعه مجدداً هِتاف « وردة» الغاضب: لا ما أنا لازم أوفقه عند حده، مش كل شوي يتريق عليا ويعملني مسخرة لكل الشركة

_ دا خلى رمزي السمج يفرح فيا
_ والله لأعملك عبرة لكل الشركة يا براده أنت

رفعت « هبه» سبابتها باستئذان وقضمت شفتيها لمنع ضحكاتها وهتفت: اسمه براء

رمقتها « وردة» بنظرة شرسة وحادة جعلتها ترفع طرف خِمارها الأسود لتغطي عينيها الظاهرتين وأخفت نفسها عنها بينما الأخرى صاحت بغـــضــــب: نقطيني بسكاتك بدل ما اطلع غِلي منه عليكِ

رفعت « هبه» حاجبيها بسخرية من تلك القزمة المُتحركة التي نيران غـــضــــبها تكفي لحرق الأخضر واليابس....

مرت عشرة دقائق و« ورده» تهمس بكلمـ.ـا.تٍ غير مفهومة، انتفضت « هبه» بفزع على صوت قبضتها على المكتب، اغمضت عينيها بتعب وهمست: يبـ.ـنتي، يبـ.ـنتي أنا صاحبة مرض، نشفتي دmي، منك للااااه أشوفك مسخوطه قرده يا وردة يا بـ.ـنت عفاف

جحدتها «ورده» بنظرة قـ.ـا.تلة وصاحت بغلٍ: بقا برادة الحديد دا يقولي يا عُقلة الإصبع يا هبه؟!

هتفت « هبه» بعفوية: اسمه براء... وبعدين هو الحق بيزعل لي؟!

بثانية كانت جانبها وقابضة على عُنقها بقوة وحدة وهمست من تحت اسنانها: هو صاحبك ولا صاحبي يبت أنتِ

ابتلعت « هبه» ريقها بصعوبة وهمست بمهادنة: لا يا كبير دا أنا مليش غيرك

طرقاتٍ على بابها جعلتها تُزيح قبضتي« ورده» من عنقها وهتفت: اتفضل

تقدm بخطواتٍ واثقة وثابتة منهم ونظره منصبًا فوق تلك الحانقة منه، لم يبديها أية اهتمام وابتسم بهدوء ل « هبه» وهتف بنبرته المميزة: مدام هبه الأستاذ رمزي عاوز حضرتك في مكتبه

أومأت « هبه» بطاعة وتأكدت من ملابسها كاملة وألقت نظرة على تلك الحانقة وابتسمت بخبث ونهضت خارجة تاركة زمام الأمور له
***************************
على الجانب الأخر بجامعة« أثير» وضعت متعلقاتها بملل فوق المدرج وجلست تنتظره، لقد أخبرها جدها صباحًا بضرورة ذهابهم لشراء ثوبًا لحفل كتب كتابها، لن تنكر راحتها له، هناك كمًا من الطمأنينة والــســكــيــنــة سكنت قلبها من كلمـ.ـا.ته أمس، رأت توافد الجميع للمدرج فعلمت بقدومه، الجميع يهاب جديته ووقاره ولكن وجهه البشوش معها ليلة أمس طغى على كل ذلك، ابتسمت باتساع عنـ.ـد.ما وقعت أنظارها عليه، بداية من شعره المُصفف بعناية نزولاً للحيته النامية وقميصه الازرق الذي يعلوه چاكيت أسود اللون وبنطاله الأسود جعل منه أوسم بطريقة أيقظت شرارات ممتعة بعقلها، أخفضت رأسها بخجل عنـ.ـد.ما التقت نظراتهم وغمز هو بعينيه القاتمة، احتضنت نفسها بسعادة من أفعال ذلك الوسيم، انتهت المحاضرة التي لم تخلو من نظراته وتلميحاته الغير بريئة لها ونهضت من مقعدها وتقدmت من الباب لولا صوته الرخيم الذي هتف باسمها: أثير استني

التفتت له وأخفضت رأسها خجلاً منه وقضمت شفتيها بتـ.ـو.تر وهمست بنعومة: نعم يا دكتور

عقد حاجبيه من ذلك اللقب الذي مازالت تتمسك به، فبعد ثلاثة أيام ستصبح زوجته! افترس شفتيه بغـ.ـيظٍ منها وهمهم بضيق: أثير أنا في حكم خطيبك فبلاش ألقاب بينا يكون أفضل

هزت رأسها بتأكيد وابتسمت بتـ.ـو.تر بينما هو اقترب منها وأمسك كفيها بين راحتيه وهمس وأنفاسه تلفح وجهها: ارفعي عيونك ليا يا أ ثير

يضغط بقوة على حروف اسمها الصغير الذي يفعل به اللعنات، يرغب بتذوق حروفها بين ثناياه، طريقته بنطق اسمها ليست بصالحها بالمرة، فهو يجعلها بأعلى درجات الخجل منه، ولكن جزءً منها يرغب بأن يرتمي بين أضلعه لتهرب من نظراته الآن!!!

حمحم بنبرته الخَشنة ومسح بأصابعه بنعومة فوق كفيها وهمس بنبرة دافئة: تحبي نروح نجيب اللبس الأول ولا نتغدى؟

كادت أن ترد عليه لولا صوت الباب الذي صُفِعَ بقوة افزعتها و.جـ.ـعلتها ترتجف بوقفتها، ابتعدت عنه بسرعة عنـ.ـد.ما رأت مجموعة الفتيات التي على رأسهم « مي» تلك الفتاة التي تكرهها لسببٍ تجهله ورغم ذلك تدفع ثمنه يوماً بعد يوم، اقتربت وضمت جسدها له وأخفضت رأسها بخــــوف وهمست بنبرة باكية: خلينا نمشي يا راكان

كانت نظرات جميع الفتيات مصوبة عليهم، منهم الساخر ومنهم الحاقد ومنهم المُشفق! ولكن لا حيلة لديهم فتلك المتعجرفة وضعت خطتها وستبدأ ببث سمومها من الآن وصاعدًا!! اقتربت منهم بخطواتٍ مدللة وصاحت باشمئزاز: شوفوا اللي عامله محترمه بتوقع الدكتور بتاعها وكانت معاه لواحدهم في المدرج وماسك إيديها، قدرتي تضحكي عليه!

صوت نشيجها وصل لمسامعه مما دفع الدmاء لتتدفق بأوردته بقوة شـ.ـديدة، رفع ذراعيه وأحاط كتفها وهتف بتأكيد وعيناه مسلطة على تلك الحقودة: اللي بتتكلمي عنها دي خطيبتي وكمان يومين وهتبقى مراتي، فخدي بالك من كلامك كويس، المرة دي هقول عيله وطايشه بس المرة الجاية هخليكِ عبره لأي واحده من نوعيتك يا مي

اهتز جسد « مي» بعنف من تصريح « راكان» هل حقاً سرقت ذلك أيضاً منها؟ هل ستصبح زوجته؟ تلك السمينة البشعة فضلها الجميع عليها، صوت غليان دmاؤها وصل لمسامعه، لابد من نهاية لتلك الحاقدة، احتضن « أثير» وحمل متعلقاتهم وكاد أن يخرج لولا صوت أحد الفتيات عنـ.ـد.ما هتفت بجملة شقت صدر تلك الخائفة: تلاقيه غلط معها وعاوز يستر عليها يبنات عادي

هزت « أثير» رأسها بهستيريا شـ.ـديدة أسفل ذراعيه وهتفت بغـــضــــب ودmـ.ـو.عٍ حُفرت على وجنتيها: أنتِ واحده مش محترمه عشان كدا مفكرة كل الناس زيك

_ أكيد لبسته بلوى من بتوعها ما هم كدا ولاد الاغنية
_ معرفش هيتجوز البـ.ـنت دي إزاي دي وحشه
_ تخينه شبه الكورة
_ ملهاش ملامح أصلاً

سمعت سخريتهم وتنمرهم عليها، لم يقدر لسانها على النُطق ولو بحرفٍ واحد، تلك الغصة التي وصلت لروحها جعلتها ضعيفة عن مواجهة اي شيء، لقد أساء لها الجميع، لم تجف دmـ.ـو.عها مطلقاً، لما العالم بتلك الوحشية التي تقبض روحها؟ هل يستمتعون بتصويب خناجرهم بصدور الضعفاء؟

نظراته الهادئة التي أخفت شرارات الغـــضــــب والقسوة أربكت جميع الفتيات، لم ينظر لها لأنه يقسم لو تمعن بدmـ.ـو.عها لقضى عليهم جميعاً، تقدm منها مجدداً ودفعها بخفة للخارج، أعطاها نظرة حانية والتفت عائداً للمدرج مجدداً، وضع يده بجيب بنطاله وسار بينهم، ابتسم بقسوة وهتف بتحذير: مره والدي قالي يا ابني العيب لو طلع من أهل العيب ميبقاش عيب، زيكوا بالظبط، قلة الادب اللي اترسخت فيكوا والحقد والنقص اللي عندكوا اللي بتطلعوه على غيركوا مينفعش نعاتبكوا عليه ولا نقول ليه، بس نقدر نوقفه عند حده، لازم نتعلم الادب من قليل الأدب دي حكمة تانية والدي قالهالي بردو وتنطبق على اللي شبهكوا، بغض النظر عن شعوركوا ناحية أثير واللي هو زي قلته يعني وجوده زي عدmه، لآخر مره بحذر الكل، أثير مش خط أحمر، تؤ دا مليون خط وخط يخليكوا تفكروا مليون مره قبل ما تعدوهم عشان تطاولوا عليها بالشكل دا، لو هي مش جميلة بالنسبة ليكوا فهي بالنسبالي أميرة، خدوا بالكوا عشان مبسبش حق حد يخصني

***************************


خطت خطواتها خلف « هبه» هاربة من خِصار نظرات ذلك البرادة البـ.ـاردة، شهقت بغنف عنـ.ـد.ما قبض على معصمها بقوة طفيفة، استدارت لتصبح بمواجهته وظلت نظراتهم هي اللغة السائدة عليهم، صوت أنفاسها الحادة جعله سعيدًا للغاية، تبدو شهية بعفويتها وغـــضــــبها ووقاحتها؟! جذبها بقوة لتصتدm بصدره العضلي وهتف ببرود: بتنفخي لي يا عُقلة الإصبع أنتِ؟

كورت قبضتها بقوة وحاولت تهدئة أنفاسها قدر المستطاع وابتسمت باصفرار وهتفت بسماجة: طب شوف عُقلة الإصبع دي هتعمل فيك إيه

ختمت كلمـ.ـا.تها بركلة قاضية اسفل معدته جعلته ينحني للأمام وخرج منه سبة بذيئة ابتسمت هي بانتشاء على هيئته وعدلت من طرحتها وهتفت بوقاحة: أبقى خد بالك بعد كدا يا استاذ برادة أصل البرد غلط من هنا ورايح عليك

خطت عدة خطوات وانحنت ساحبة حقيبة صديقتها بينما هو ابتسم بخبث ونهض على غفلة منها وجذبها مجدداً لصدره لتلفح أنفاسه الماكرة حجابها من الخلف، لن تكذب إن قالت أن أنفاسه وصل صداها لعُنقها! ابتلعت ريقها بصعوبة من قُربه الشـ.ـديد منها وهتفت بقوة واهية: أبعد عني

أطلق « براء» ضحكة ساخرة على قوتها المزيفة وجذبها لصدره بقوة مصطنعة وهمس بمكرٍ: والله ما يحصل قبل ما نصفي حسابنا سوا

أغمضت عينيها بقوة وانحنت على كفه الممسك بعضدها وغرست أسنانها الحادة به ولم تكتفِ بذلك فقط بل وأعطته نظرة قـ.ـا.تلة ورفت كفها الصغير وهبطت فوق وجنتيه بصفعة وصل صداها لخارج الغرفة من حولهم، تنفست بعنف وصوتها يعلو ويهبط بقوة شـ.ـديدة، أغمضت عينيها مجدداً وفتحتهم على هيئته الغاضبة، لم تهتم بل رفعت سبابتها بوجهه وهتفت بتحذير: المرة الجاية اللي إيدك هتلمسني فيها هتلاقيها مرمية جنبك، مش عشان بسكت عن سخريتك وقلة زوقك عن شكلي أو طولي تقوم تتطاول عليا وتفكرني شبهك، لا فووووق واظبط نفسك كدا

رفعت الحقيبة على ظهرها وأولته ظهرها ووقفت على أعتاب الغرفة وألقت نظرة ساخرة عليه وهتفت بغـــضــــب: يا ريتني ما شوفتك في يوم

خرجت وتركته بنيرانه الغاضبة لتتأكله، احتدت عيناه الزيتونية وأبيضت سُلمياته بسبب ضغطه الشـ.ـديد عليها، مسح على خصلاته السوداء بقسوة وهتف بنبرة جـ.ـا.مدة: يا ريتك ما شوفتيني

« براء عبد البـ.ـاري: صاحب الخامسة والثلاثون عاماً، عيناه الزيتونيتين التي تجعل منه أحد أُمراء ديزني المنحوتين، طويل القامة، عريض المنكبين، تكمل طالته الجذابة بلحيته السوداء الكثيفة»
***********************************

لم تحاول فتح أي حديث معها بسبب نظراتها الهادئة، لم تعهدها هكذا، اكتفت بالتربيت فوق كتفها وهمست بحنان: أنتِ مش غلطانه يا ورده

أسندت رأسها على نافذة السيارة وأغمضت عينيها بحـ.ـز.ن وهمست بنبرة لأول مرة تختبرها « هبه» منها: يا ريتني ما شوفته يا هبه، ياريت قلبي ما لمحه، ياريته ما جه

أشفقت « هبه» عليها فهي تحفظها عن ظهر قلب، لقد استمعت لبعض الكلمـ.ـا.ت منهم عنـ.ـد.ما ذهبت لتحضر حقيبتها، تعلم قلب صديقتها المُحب لذلك البـ.ـارد، ذلك الثلاثيني الذي أوقعها به دون جدوى منه، وكـ.ـسر آمال قلبها المسكين بمحاولاته الدائمة للسخرية منها، أغمضت « هبه» عينيها عنـ.ـد.ما تذكرت مآساتها مع العشق وما عانته مع وهمست بلوعة حزينة: ياريته ما جه فعلاً يا صاحبتي وياريت قلبي الخايب ما شافه ولا لمحه

عنـ.ـد.ما يُصاب جُزءً منا بجُرحً خارجي ويتم تقطيبه يترك ندبة صغيرة بنا للأيام قدرة على تخفيفها ولكن ليس محوها، ولكن عنـ.ـد.ما تكون الندبة تلك المرة داخلية بل ومنا ايضاً يُصبح من المستحيل محوها ويجب علينا دوماً الخــــوف من تكرارها والابتعاد الجذري عنها....

*********************************************

مضى يومان دون أحداثٍ تُذكر غير مرض والد « ورده» وعدm ذِهابها للعمل، بينما بقيت « هبه» تذهب بمفردها وترى نظرات القلق والتردد بأعين براء وفضوله الذي ينهشه للسؤال عن رفيقتها، حياتها هادئة إلا حدٍ ما، شقيقتها راقدة بالفِراش وبصعوبة تنظم وقت عملها ووقت رعايتها ووقتًا بسيطًا لراحتها، وقفت أمام بائعة الخضروات أسفل منزلهم وهتفت ببشاشة: الحساب كام يا أمي
ابتسمت السيدة على طيبة تلك الفتاة التي تأتيها بنهاية كل إسبوعٍ لتأخذ مُشترياتها وتكاد تقسم أنها ترى بسمتها من خلف نقابها الأسود رغم حجبه لها، كما يقولون البسمة هي اللغة الوحيدة التي يفهمها كل الشعوب والبشر، اقتربت السيدة منها وتمتمت بطيبة: 50 جنيه يا بـ.ـنتي

رفعت محفظتها البالية وأخرجت المال ووضعته بهدوءٍ لها وهمست ببسمة زائفة: اتفضلي يا أمي، شكراً
همست السيدة بحنان: ربنا يسترك وييسرلك أمورك يا بـ.ـنتي
همست «هبه» بتمني: يارب... يارب

صعدت درجات السُلم البسيطة بخطواتٍ متعثرة بسبب عباءتها وتعبها الظاهر، لقد قامت بواجِبات « ورده» حتى لا يُجازيها المدير عن تقصيرها بالعمل، ست ساعاتٍ من القراءة والكتابة بلا هدنة تُذكر جعلوها اشبه بالمومياء المتحركة، وها هي الساعة السادسة وانتهى يومها بالعمل ليبدأ يومها بالأعمال المنزلية، فتحت باب المنزل بهدوء ورفعت نِقابها ودلفت وأغلقته بقدmها وهتفت بتعب: رحمه...

لم تُكمل حديثها وجحظت عينيها من الجالس أمامها مُحتضنًا شقيقتها وهمست بصدmة: أنت....؟!!!!

******************************************

جلس بتـ.ـو.تر ينتظر قدومها، لقد حرمته من رؤية فستان كتب كتابهم وقررت وانتهى الأمر، ينتظرها على أحر من الجمر، لقد تخيلها سيدة القصر بأحد الأفلام القديمة وهو خادmها المخلص، أجل ذلك الخادm الذي وقع بشِباك ربة عمله وبعد مناوشاتٍ وصراعاتٍ قد لاذ بها، يشعر بأنه طالبًا ثانوي ينتظر نتيجته النهائية التي ستحدد مصيره الواقعي، دقات قلبه تكاد تصم آذان الجالسين من حوله، لما عليه أن يُحبها كل ذلك الحب المُرهق لقلبه؟! لما عليه أن يشتاقها بتلك الطريقة الحارقة، اصبر لقد انتظرتها لأربع سنوات وبقى فقط بعض الدقائق! هَمس لنفسه وابتسم بسمة بلهاء عنـ.ـد.ما رآها تتقدm من الدرج ونظراتها الخائفة تلحقها اليوم أيضاً، طريقه معها طويل ومُعبأ بالاشواك والعقـ.ـا.بات التي يجب تخطيها معاً، لم يدري من أين ولما سقطت تلك الدmعه المُنفردة من مقلتيه القاتمتين و ذلك الثوب الأرجواني الذي ينساب بحرية على جسدها الممتلئ بأنوثتها بأكمامه التي تنتهي عند عضدها ببعض الزخارف الفضية التي تُعطيه جمالاً فوق جمالها، وخصلاتها النارية التي عقدتها بطريقة مُثيرة جعلته يرغب بدفن روحه بها بلا قلق أم خــــوف، هي الآن أشبه بحورية خفيفة تغوص بأعماقه لتُنعش قلبه؟ لا بل أقرب لفراشة ظريفة تُداعب روحه ليلهو خلفها بخفة شبابية؟! أحقا تلك الفتاة الجميلة بعد دقائق ستصبح على اسمه؟!

_ راكان يا ابني
انتبه على صوت والدها الضاحك وضحكات الجميع من حولهم على هيئته الشاردة بدرجات السلم، لقد شرد بها ولم يشعر بما حوله، ابتسم بسعادة ومسح على خصلاته وهتف بعشق: بـ.ـنتك وعمايلها يا عمي والله أنا برئ

فركت « أثير» كفيها بتـ.ـو.تر من التجمع حولها، لم تكن يوماً اجتماعية، تُفضل الانفراد بنفسها عوضاً عن التواجد مع أُناسٍ يجعلوها مزحة لاحاديثهم الساخرة، خفضت رأسها عنـ.ـد.ما رأت تطلعه لها بتلك الطريقة الهائمة، تنفست براحة لا تعرف مصدرها عنـ.ـد.ما نطق المأذون بجملته النهائية « بـ.ـارك لكما وبـ.ـارك عليكما وجمع بينكما في خير»
هل اصبحت زوجته بعد انتباهها لوجوده بأربعة أيامٍ فقط!!! ما هذا الجنون الذي تلبسها لتوافق على تلك الكارثة؟! نهضت من مقعدها بعنف متجاهلة الجميع ونظراته القلقة واندفعت لغرفتها مباشرة تنوي الانعزال عن كل تلك الأمور السخيفة! حالت قدmه بين إغلاقها للباب وصوته القوي: افتحي الباب يا أثير

ابتعدت عن الباب ببطء وأولته ظهرها وتنفسها يتضح بقوة من حركة جسدها الخائف، لقد شعر بنفورها من نظرات الجميع لها، شعر بخــــوفها ورهبتها التي تُلازمها عند المواجهة، تنفس بعمق واقترب محتضنًا خصرها لصدره ولم يُعطي لشهقتها المتفاجئة أية اهتمام وهمس بنبرة رخيمة واثقة: مراتي خايفه ومترددة من إيه؟

ابتلعت لُعابها من قُربه المفاجئ والساحق لها وذلك اللقب التملكي الذي بعثر خلاياها الأنوثية وارتجف جسدها بسبب أنامله التي رُفعت لتتلمس الظاهر من عنقها وظهرها، فضلت الصمت بسبب عجزها عن إخراج حروفها ولكن صوته الحاد الذي اربكها: عشان كدا رفضتي تخليني أشوفوا يوم ما كُنا بنقيس، عشان ضهره مكشوف بالطريقة دي، والله لو كنت اعرف ما كنتي قربتيه من جـ.ـسمك

ارتفعت أناملها بخــــوف وقبضت على يده الممُسكة بخصرها وكأنها تتلمس الدعم أمامه منه!! وهمست بضعف: فكرته هيعجبك!

لانت نبرته واختفت ملامحه الحادة التي لم تراها وهمس بهيام: دا جنني يا هانم

ابتسمت بخجل لغزله البسيط وحاولت فك حِصاره من خصرها ولكنه عوضًا عن ذلك دفن وجهه بعنقها مما جعلها تكاد تسقط للأمام من فرط خجلها وقلة حيلتها أمام هجومه الضاري عليها وهمست بخجل: راكان بلاش كدا لو سمحت

هل سيصمد أمام حروف اسمه الخارجة من شفتيها العفوية؟! أي قوة يجب عليه تَلبُسها ليصبر أمام كُتلة الرقة والنعومة التي اصبحت زوجته والتي انتظ
رها منذ أربعة سنوات؟! ليتها لم تنطق اسمه، لثم عنقها بشفتيه بقبلاتٍ هائمة ومُتريثة وكأنه يخبرها بطِباعه الهادئة التي سيتشاركانها معاً منذ اليوم، عَض بخفة نحرها الناعم وسط قبلاته المُلتهبة التي جعلتها كقطعة من الحلوى الذائبة بين يداه، استنشق خصلاتها المتوهجة التي طالما تمنى أن يغفو عليها وهمس بحرارة وعشق: قلب راكان وروحه فداكِ يا هانم
« نَسمـ.ـا.ت الهواء بلغت مبلغها من جدائلها السوداءِ وأنا كالضالِ ينتظر إحدىَ خُصلاتها المتمردة لترقد بهيامٍ فوق كتفاي ليهدأ ضجيج خافقي»
فقد أعصابه من هدوئها واستفزازها الغير مبرر له، كيف لها أن تظل على ذِمة حـ.ـيو.انٍ كهذا!! بالطبع لا يستحق أن يُلقب ببشرٍ، لكم مقود السيارة بعنف فزعت له « رحمه» وشهقت هبه بهلع من هيئته، ابتلع غـــضــــبه وتلك النيران المُندلعة بصدره وتحدث بتروي: مش عاوزه تطلقي لي يا هبه
أغمضت حدقتي البُنِ خاصتها وتمتمت بمرارة تجرعت ما يكفيها منها ويفيض عنها: مينفعش أطلق
صك على أسنانه بقوة وافترس شفتاه حتى كاد يُدmيها من فرط غـ.ـيظه وصاح بنفاذ صبر: ليييييه... لييييه مينفعش تطلقي...
ضحكت بتهكم على غـــضــــبه الغير مبرر وطالعته بنظرة مستفسرة وتحدثت: حضرتك مش واخد بالك أنك بتتدخل في حياتي من غير وجه حق!! يعني جيت بيتي من غير ما تعرفني وكمان خليت واحد زي فاضل الزبـ.ـا.لة دا يتكلم عني لا وكمان دلوقتي عاوزني أطلق وبتزعق فيا، أنت بأي صفه بتتكلم معايا كدا؟!

حسناً عليه الآن فصل رأسها عن جسدها والتمثيل بجثتها والاستحمام بجسدها!؟ حلاً مُرضيًا لكافة الأطراف، ولكن بماذا يُجيبها؟! هو نفسه لا يعرف لما فضل مساعدتها وتخليصها من هذا الحقير، هو بذاته لا يدري لأين تأخذه قدmاه!!
لكمة أخرى على مقود السيارة المسكين جعلتها تهب من جلستها وتأخذ وضع الهجوم وصاحت بحدة: أنتَ كل شوي تفزعني وتفزع البـ.ـنت، متزفت متنرفز فك عن غـــضــــبك بعيد عننا، هبلتنا
أيضحك أم يلكمها بوجهها الجميل حتى تصمت! ولكن عليه إيصالها لأعلى درجات الغـــضــــب حتى تفقد أعصابها وتخبره بما يجيش بصدرها، ابتسم باستفزاز وتمتم: والله أنا حر، ولمي نفسك في أم الليلة اللي مش معدية دي وقوليلي مش عاوزه تتنيلي تطلقي ليه
هل إن هجمت عليه وقبضت على خصلاته الناعمة تلك لدرجة خلعتها بيدها سيحدث شيء؟! ولكنها هدأت من روعها وبادلته ببسمة ودودة عكس ما تكنه له وهمهمت: حاجه متخصصكش!
حسناً هي الفائزة، أخرجت شياطينه الخامدة، قبض بقوة نسبية فوق رسغها وتمتم من بين أسنانه: مش عاوزه تطلقي لي يا هبه
لمعت الدmـ.ـو.ع بعينيها البُنية وصعدت غِصة مؤلمة لحلقها عنـ.ـد.ما أراد لسانها نُطق تلك الكلمـ.ـا.ت المُحرجة، أنزلت كفه بهدوء عن رُسغها وتمتمت بجمودٍ: عشان ممضيني على وصل ب 2 مليون جنيه يوم فرحي وقالي مش هت عـ.ـر.في تخلصي مني إلا بمـ.ـو.تك أو السـ.ـجـ.ـن
لا يُسعفه لسانه عن إخراج وصفاً لهذا الشيء الخسيس، حـ.ـيو.اناً، حقيرًا، نذلاً ومُخنت وضيع، ترجل من مقعده بجمود وتوجه لها ثم فتح الباب وهتف بثبات: أنزلي

انصاعت بخنوعٍ له وهبطت بعدmا القت نظرة خاطفة على شقيقتها التي عاودت النوم، ابتسمت بتهكم للمباني الشامخة من حولها، تبعت خطواته الثابتة بأخرى مهزوزة حتى وصلا لشقة، تابعته وهي يطرق الباب ويتحدث بلباقة مع صاحبة المنزل حتى خرج لهم رجلاً ملامح الطيبة والصرامة تعجُ من وجهه، ظلا يتحدثان بجدية وهي تتابع حوارهم القائم حولها بصمتٍ، ابتسمت بتكلف ودلفت خلفه وهي تدعو في سرها أن يمر كل ذلك دون ضرائب أخرى ستتكلف هي بدفعها، لم تعد روحها تمتلك أي ثروة تُذكر حتى تُضحي بها، جلست جواره على الأريكة وأعطته نظرة مستفهمة بادلها هو بأخرى مطمئنة، مضت بضع دقائق حتى عاد ذلك الرجل ومعه بعض الأوراق، تابعتهم بجهلٍ وتعجب من نظراتهم المصوبة نحوها وهتفت: في إيه؟!
أمسك « ثائر» الملف وقدmه إليها بجدية وتمتم: دا ورق الطـ.ـلا.ق
ابتلعت لعابها بتوجس من القادm وهمست بخفوت: وأيه المطلوب مني؟

حينها هتف المحامي وهو يدعى « سمير» : مطلوب منك توقعي بس على الأوراق وكل حاجه هتم بدون شوشرة أو مشاكل تُذكر
تناولت القلم من كفه بأصابع مرتجفة ودmـ.ـو.عٍ تُهدد بالهطول وخطت اسمها بأسفل الورق، كأنها تخطُ نهاية لماضٍ أزهق روحها، ماضٍ قُضيَ نحبه من حياتها، مع كل حرفٍ تضعه كان يتبخر جزءٍ من ندباتها السوداء التي غطت قلبها، تركت القلم وتنفست براحة وناظرت « ثائر» المتابع لها وتمتمت بشكر: شكراً
هز رأسه بتروي وابتسامة جذابة زينت وجهه الرجولي الوسيم وأشاح ببصره عنها ناحية « سمير» وتمتم: هتاخد وقت قد إيه يا أستاذ سمير
تناول « سمير» الملف وألقى نظرة خاطفة عليه وهتف بإيجازٍ: إسبوع بالكتير وورقة طـ.ـلا.قها تكون عند حضرتك
حينها هتفت هي بلهفة ممزوجة بإحراجٍ: ووصل الأمانه
ابتسم الرجل بزهوٍ وتمتم بثقة: ولا يقدر يعمل بيه حاجه، متقلقيش كل حاجه هتكون بخير
******************************
تساقطت دmـ.ـو.عها بصدmة مما حدث، لقد تركته يقترب منها، أصبحت هينة ولينة بين ذراعيه، كم بغضت نفسها لفعلتها تلك، انساقت خلف لحظة عابرة، هبطت من أعلى الرخامة ودmـ.ـو.عها تجاري حسرتها، دفعته بعيداً عنها وخطت مسرعة للخارج وكادت أن تسقط بسبب غشاوة عينيها لولا قبضته التي ساندتها ولكنها نفضت يديه بعيداً عنها وهتفت بعصبية مفرطة: ابعد عني
أجفل من نبرتها الباكية وصدmته دmـ.ـو.ع عينيها، ماءا فعل لكل ذلك؟ ألــم تكن له ولو بعضًا مما يجيش بصدره لها؟! حاول إيقافها أو منعها عن الخروج ولكنها كانت تقاومه فهتف بغـــضــــب: أثير أثبتي
قابلت عسليتيها قاتمتيه بنظرة مُعاتبة ولائمة جعلته يدرك ما وصلت إليه، اقترب منها محاوطًا لوجهها بين كفيه وتحدث بحنانٍ: أثير أنتِ مراتي واللي حصل مش غلط ولا عيب
هزت رأسها بنفيٍ شـ.ـديد تحدثت بكلمـ.ـا.تٍ غير مترابطة: لالا لا غلط وحـ.ـر.ام وعيب، أنتَ استغليتني، ايوا استغليت ضعفي ليك، دا غلط وحراااام، أنا لسه مش مراتك بالمعنى الحرفي
تنهد بيأس من عِنادها ومسح دmـ.ـو.عها الغالية وتمتم بدفء: حبيبتي الجواز شرطه الإشهار، وكتب الكتاب كان في وسط عيلتك وصحابي وأمي عرفت أهي يعني أنتِ مراتي، ممكن تهدي
سقطت دmـ.ـو.عها مجدداً بقهرٍ وتحدثت برجاء: بالله متكررهاش تاني يا راكان، مش عاوزه أكون كدا، بلاش أرجوك
هز رأسه بتفهم ومسحت أنامله على عينيها وقبل رأسها بهيامٍ وتحدث: حاضر يا قلب راكان
****************************
بداية جديدة بيومٍ جديد، سيكون مُنيرًا لقلب البعض ومعتمًا للبعض الآخر، بعدmا أوصلها ليلة أمس للبيت لم ينبث ببـ.ـنت شفته رحل فقط!! بينما هي بقيت تُسارع دقات خافقها نحو ما ينتوي فعله، كيف لها سداد مثل هذا المبلغ التعجيزي، لا تعرف كيف أحب قلبها المسكين ذلك الحقير، مرأة الحب معتمة تُريك فقط محاسن المُحب وتخفى مساوؤه داخل جوفها المظلم، تنهدت بعمقٍ وتمددت جوار شقيقتها النائمة، نظرت للساعة بيديها والتي تُشير للثانية عشر ظُهرًا، كادت أن تغفو لولا طرقات الباب، ارتد نقابها وحجابها على عجلٍ وفتحت الباب، لم يكن الطارق سواه، أفسحت له المجال ليدخل وتمتمت: اتفضل
أعطاها نظرة عميقة من مقلتيه وتمتم باسف: آسف على عصبيتي عليكي امبـ.ـارح
هزت رأسها بخفة مع ابتسامة لطيفة وهمهمت: ولا يهمك
مسح على خصلاته بحرج وتمتم ببسمة طفيفة: فين رحمه عاوز اطمن عليها
معنت النظر ببسمته الجذابة وهيئته المُهكلة وتحدثت: نايمه هدخل أصحيها، هتتبسط لما تشوفك

تحركت بتباطؤ واختفت لبعض الوقت وعادت حاملة لشقيقتها، ابتسم باتساعٍ فور رؤيته لتلك الصغيرة التي أصبحت جزءً من تفكيره اليومي، اقترب حاملاً الصغيرة عنها وقبل جبينها وتمتم بمرح: رحوم عامله النهاردة

ابتسمت الصغيرة بمرحٍ وفركت أصابعها بتـ.ـو.تر وهمهمت بشكرٍ: شكراً عشان أنتَ بعدت فاضل عننا

أخرج بعض الحلوى من جيبه ووضعها بكفها وتمتم محاولاً جعلها تنسى ما حدث: طب شوفي الشيكولاته دي كدا

تناولتها منه ووضعتها على الأريكة جوارها وتحدثت وكأنها فتاة ناضجة وليست طفلة بالعاشرة من عمرها: أنا مش صغيرة وعارفه إن فاضل عاوز يزعل هبه ويرجع ياخدنا عشان يضـ.ـر.بها ويشـ.ـد شعرها قدامي

نيران حارقة تملكته جعلته يرغب بنزع قلب ذلك الخسيس على ما حفره بعقل تلك الطفلة، ابتسم بتكلف وربت على خصلاتها وسط نظرات هبه الحزينة وتمتم: طب لو قولتلك إني هاخدك تعيشي معايا وبكدا هو مش هيعرف طريقك ولا يجيلك تاني هتوافقي؟!

تهلل وجه « رحمه» ولمعة عيونها وتحدثت بفرحة: ايوا، أنا بحبك أووي يا ثائر

جحدتها « هبه» بنظرة لائمة ومعاتبة على ما تفوهت به واقتربت منها وملست على خصلاتها وتحدثت برفقٍ: عيب يا رحمه أنكل ثائر بيهزر معاكي

قاطعها هو بجدية تامة: بس أنا مش بهزر، أنا فعلاً هخدكوا تعيشوا معايا!

انتفضت بغـــضــــبٍ ورفعت سبابتها بوجهه وتحدثت بحدة: ومين قالك إننا هنروح معاك، إذا كنت سيباك تدخل وتخرج براحتك علينا فدا عشان إنك ساعدت أختي اللي اتكـ.ـسرت بسببك بردو وقعدت عاجزه وعشان دافعت عني قدام فاضل، بس مش معنى كدا إنك تفكر أنك هتبيع وتشتري فينا، إحنا مش تحت أمرك

ابتسم ببرودٍ لانفعالاتها الواضحة وارتجاف جسدها أسفل ثيابها الفضفاضة ولمعة الدmـ.ـو.ع بمقلتيها الحزينين وتمتم بجدية وأمر: أنا مش باخد رأيك أنا بعرفك إيه اللي هيحصل، وأنا مش عايش لواحدي أنا والدتي عايشه معايا ومش هتقعدي في نفس الشقه لا في شقه تانيه في نفس العِماره

كادت أن تقاطعه ولكنه أشار لها بالصمت وأكمل موضحًا: اعتبريها إيجار ولو حتى تمنها غالي سدديه براحتك، دا كله عشان فاضل مـ.ـيـ.ـتعرضش ليكوا تاني وعشان تبقوا تحت عيني لو فكر في أي حاجه، أنا لا بأمرك ولا بفرض عليكي حاجه دا مجرد اقتراح والعماره فيها مرات عمي وابنها ووالدتي ومـ.ـر.اته كمان يعني آمان جداً والوضع دا لحد ما عدتك تنتهي عشان حتى لو فاضل خد فلوسه هيفضل يتعرض ليكي مع كل فرصة تجيله

تنفست بهدوء، لقد أحاط جميع نِقاط خــــوفها، هذا الماكر دخل لها من ثغراتها كما يجب أن يكون ولكن هي للآن لا تعرف عنه شيء؟! عدلت من وضع نِقابها كحركة خاطفة عنـ.ـد.ما تُصاب بالتـ.ـو.تر وهمهمت بخفوتٍ: تمام

****************************

هُنا حيث قلب الصغيرة العفوية التي تبدأ تعلم فنون العشق على كف زوجها الوقح، ذلك الرجل الذي أربكها بقربه، بعدmا وصلا أمس ودعها بقبلة عميقة فوق كفها ورحل دون حديث، لم تجرؤ على الذهاب للجامعة اليوم بسبب ما ستتعرض له من المؤامرات والكلمـ.ـا.ت اللاذعة التي ستهشم روحها، تقبلت بإنزعاج بالفراش عنـ.ـد.ما رن هاتفها، التقطته بضجر وتحدثت: مين

على الناحية الأخرى تعجب من عدm حضورها ولكنه فهم موقفها جيداً وقرر مهاتفتها، ابتسم بخبث عنـ.ـد.ما لم تتعرف على رقم هاتفه وتمتم باستمتاعٍ: صباح الخير يا مراتي يا قمر

عقدت حاجبيها بضيقٍ من ذلك الحديث ولكنها فور علمها بهوية صاحبة انتفضت من نومتها وتحدثت: متقولش مراتي

صدحت ضحكته الرجولية بأذنها جعلتها تبتسم تلقائياً وخاصة عنـ.ـد.ما همس بوقاحة: طب وبالنسبة للمأذون والشهود والبوسه والل..

قاطعته بعنفٍ وغـــضــــب وهتفت بخجلٍ: بس بس، عاوز إيه على الصبح

هتف « راكان» بسخرية: أنا لو بشحت منك مش هيبقى بالشكل دا وهتعمليني أحسن وأرقى من كدا

مطت « أثير» شفتيها بملل وهتفت: طب في حاجه مهمه ولا لا عشان أنام

تمتم « راكان» بتأكيدٍ على حروفه: بحبك يا أثير هانم

خُتم حديثه بصوت انتهاء المكالمة، لقد استشعرت أذنيها تلك الجملة من قبل، مهلاً!!! انتصبت واقفة ودرات حول نفسها بحركاتٍ متعثرة وتمتمت بجنون: يعني طلع بيحبني وقالي امبـ.ـارح وأنا زي الهبله كرفته؟!

بسمة بلهاءٍ تبعتها سبة بذيئة لنفسها وجلست بإهمالٍ على الفراش وتمتمت بحالمية شـ.ـديدة: يعني القمر دا بيحبني؟! هيييح

وُضعت بدائرة مُظلمة جعلتها غافلة عن هوية الأمور من حولها، كون الأمر مِثالي ليس بصالح قلبها، لاشك أن للقصة بقية ستُهلك خافقها العفوي، هي بالأخير أُنثى منبوذة من العالم وقع قلبها بيد رجُلٍ خبيرًا سيُشكلها كيفما تشاء رغبته ولكن هل ستظل على ضعفها وصمتها أمام من يحطمون أسوار دفاعِها؟!

******************************

اراحت جسدها على المقعد الجلدي الخاص بها، سمعت صوته تشابك عِظامها المُنكهة معاً، انتصف النهار ومازالت تعمل دون راحة، واكب عقلها الأحداث المحيطة به وفضل الإنغماس بالعمل عوضاً عن التفكير بعشقٍ سيحمله الكثير من الآهاتِ والدmـ.ـو.ع، أغمضت عينيها لعدة دقائق مختلسة من واقعها ولكن عكر صفو راحتها صوت حركة بمكتبها، افرجت عن سوداويتيها بخفة لتسقط على زيتونيتيه الشغوفتين، تنهد بيأسٍ وتمتمت: عاوز إيه يا استاذ براء

رسمية معه! لقد كانت لا تكف عن مجادلته والمُزاح باسمه والآن بـ.ـاردة وتعابيرها جدية للغاية، جلس في مقابلتها وتمتم بحيرة: ممكن تفهميني مالك؟!

عقدة حاجبيها من اهتمامه الجديد عليها وفركت جبهتها بتعب وأردفت: عادي مُرهقة شوي من الشغل الكتير، شكراً لسؤالك

أشاح بنظره عنها بسبب تبلدها الغير مبرر معه!! وتمتم وهو يفترس شفتيه: ورده مالك متغيره معايا ليه؟!

ضحكت بتهكم وأستندت بمرفقيها على المكتب وتصنعت التفكير لبضع لحظاتٍ ثم أردفت بجدية مزيفة وقد فاض بها الكِتمان والصمت : هتغير معاك ليه؟! عشان مثلاً مصدر سُخرية للشركة كلها؟! ولا عشان ضحكك عليا مع كل يوم وأنا بنزل ملف معين ومش طيلاه؟! ولا عشان نظرات السخرية اللي بقيت بشوفها في عيون كل الشركة بفضلك؟! لالا مليش حق اتغير

قاطعها مدافعًا عن نفسه بنبرة احتجاجية: ورده أنا كنت بهزر معاكي مش أكتر

صدحت ضحكاتها الساخرة بقوة ثم نبرتها الحزينة المغلفة بالقوة: بتهزر؟! تعرف عشان أنتَ تضحك كان ثانية انا عانيت قد إيه؟! تعرف عشان تسلي وقتك أنا قابلت نظرات مش كويسه قد إيه؟! تعرف أنتَ كلامك أثر فيا إزاي؟! عيونك شيفاني وحشه أو فيا عيب ممكن تحتفظ بيه لنفسك لأنه ملوش لازمه ولا قيمه مش تتفاخر بيه تحت مسمى أنك بتهزر؟! أنتَ عارف وَقع حروفك دي على قلب الشخص اللي اتنمرت عليه دا خلاته عايش إزاي؟! تعرف كام ليلة فضل يبكي بقهر وقلبه يوجـ.ـعه بسبب سخريتك منه؟! عاوزه اعرف إحساسك وأنت بتعيب في خلق ربنا ومبسوط في كدا، متعرفش إنك كدا بتدmر روح اللي خليته عاش لحظات التنمر والضعف دي؟! متعرفش أنه فقد ثقته في نفسه وفي المجتمع وبقا منعزل؟!

قاطعها مجدداً بنبرة مُحرجة: ورده مكنش قصدي أنا بس...

انتفضت واقفة واتجهت نحو مقعده ووقفت مُربعة ذراعيها وتحدثت: بيقولوا العيون بتعكس نقاء القلوب واللي قلبك أنتَ واللي شبهك عكسه هو السواد والنقص بس، تخيل أنك عشان تكون روش والبنات تحبك تروح تتريق على بـ.ـنت ماشيه في آمان الله وهي تسمع كدا!!! كلامك كفيل يوصلها للانتحار، المصـ يـ بـةإني اللي بيعايب ويقلل من الناس بيكون أقل الناس، آه والله بيكون فيه عيوب الدنيا كلها لو مش شكلياً بيكون داخلياً وبدليل أنه بيغطى عليها بكلامه ونظراته، تعرف كام بـ.ـنت كرهت شكلها بسبب كلمه ملهاش لازمه من واحد من عينتك؟! واحد لمجرد مزاجه وقلة أدبه اتطاول عليها وخلاها نكته ليه وهو وأشباه الرجـ.ـال اللي حواليه، في نهاية كل ليلة عقلنا بيعمل فلاش باك لكل همسه ونظرة قبلناها من شخص قريب أو بعيد ووقتها بتبدأ اللعنه، بتبدأ وصلة و.جـ.ـع جديدة وعتاب ولوم وكـ.ـسرة وحسرة، بتبدأ بوادر ندبة جديدة تظهر في قلوبنا.....

صمتت « ورده» قليلاً لتلتقط أنفاسها وسط نظراته المتـ.ـو.ترة وعضلات وجهه المتشنجة وعاودت هجومها عليه:
نهى الله عن التنمر في قوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُون} «سورة الحجرات: الآية 11»
والتنمر مش مجرد سخرية من الشكل أو اللون أو اللغة لا والاستحقار والإذلال، يشيخ دا يمكن الشخص دا عند ربنا أحسن منك، ياريت لو شوفتني في مكان داخل أو خارج الشركة مترميش حتى السلام، اتفضل

خرج « براء» تحت نظراتها الجـ.ـا.مدة التي تُنافي ضجيج قلبها، التفتت خلفه تطالعه بنظرة لائمة وحزينة وأغلقت الباب عليها من الداخل وحينها فقط سقط قِناع قوتها للمرة الأولى وتهاوت من فوق قمة شاهقة وافترشت الأرضية لتروي بدmـ.ـو.عها القهرية قحط روحها العطشة، سقطت مقاومتها ولسانها السليط ونظراتها الجـ.ـا.مدة وحلت بها لحظات الانهيار، سمحت لنفسها للمرة الأولى بالضعف والبكاء لأجل الحب!! لأولى مرة تسقط صخرتها المتمكنة من أعلى كيانها لتجعلها كرضيعة تشتهي طعامها، ها هي ضعيفة، باكية، حزينة، موجوعة، ذابلة، شاحبة ومتألــمة!!

هي أُنثى خُلقت بجمالها الخاص ورونقها الفريد وقلبها الأوحد، هي طفلة هوجاءٍ بشغبها وشغفها للحياة وتفتُحها للواقع، هي فتاة نضجت بحبها لقلبٍ غافلًا عن دقاتها الهائجة لبسمته، كيانٌ ضعيف تصلبت قواه بفعل صفعات وطـــعـــنات الزمن، قلبٌ تحجرت حُجراته بفضل بشاعة البشر، هل سيكون لها الملاذ والخلاص من هواجس مظهرها بيومٍ ما؟! هل سيلقى قلبها من يأنسه ويضمه ثم يُقبل ثناياه؟!

**************************
علينا دوماً بحساب خطواتنا التي ستؤهلنا لطُرقٍ ربما ستؤلم قلوبنا، ها هي تسير خلفه وهو حاملاً شقيقتها نحو شقتهم الجديدة، لربما سيكون ذلك الأفضل بل هي تفضل الأختباء عن العالم والانعزال بروحها الهالكة، لقد حلمت بيومٍ بأسرة سوية وطفلين يكونون دواء بيتهم، ولكنها الآن مُنساقة لنهاية علاقة فاشلة خطت بدايتها ببعض المشاعر المراهقة، وقفت أمام البيت وزفرت أنفاسها بعدm راحه وأردفت بجدية لا نِقاش بها: عدتي تنتهي وهسيب البيت وارجع بيتي أنا وأختي وإيجار الفترة دي هيوصل لحضرتك

هز رأسه بتأكيد على حديثها وداخله يبتسم بخبثٍ على ما سيحدث بعد ذلك، أنزل « رحمه» بفراشها وعاد لها وجدها شاردة وبعض العَبرات تتلألأ من مقلتيها، حمحم بنبرته القوية وأردف بتوضيح: البيت بقا بيتك، رحمه نامت، لو احتاجتي حاجه أنا شقتي اللي قصادك علطول، تصبحي على خير

راقبت خروجه بنظراتٍ زائغة، خافقها اللعين بات يستجم عند رؤيته، بعض الراحه أصبحت تأتيها عند حضوره، ارتباكها وخجلها من ما يبدر عنه بداية لوقوعها، لقد اختبرت ذلك من قبل وهي ليست مراهقة لتتهرب من ما يعتمر قلبها، ما كان يجب عليها أن تأتي، كانت ستتصدى ل« فاضل» وسينتهي الأمر، أما الآن فهي مُجبرة على رؤيته والتحدث معه، نظرت بالساعة لتجدها السابعة مساءً لقد حان موعد دواء شقيقتها.....

روحها الهادئة لم تعد كسابق عهدها بل تمردت على صمتها وخرجت لتواجه العالم بحـ.ـز.نها وقنوطها، عشقها السابق لرجلًا أرهق كيانها بكلمـ.ـا.ته جعلها ضعيفة كقطعة من الزجاج المزخرف ما إن تلمسه يتهشم ولكنها لم تقف لهنا بل واجهت ودافعت وتغلبت على طُغيان من ظلمها وخدشت روحه بكيانها ووجدانها المُهشم ولكن من المؤسف أنها على مشارف السقوط ببئر العِشق وأباطرته مجدداً فهل ستكرر نفس المأساةِ وتترك قلبها ينجرف خلف مطامع تتيمها؟!
**********************************

احتضنت « أثير» وسادتها بقوة لقلبها، هي أيضاً على بوابة من طُرق أوبال العجيبة التي ستُبدل حالها من السيء للأسوأ!! ابتسمت بخجلٍ عنـ.ـد.ما تذكرت ضحكته، جاذبيته، وسامته، ابتسامته، صوته ووجوده الطاغي عليها، وضعت يديها على وجهها بخجلٍ شـ.ـديد فور تذكرها لتلك القُبلة التي عصفت بها و.جـ.ـعلتها غائبة عن الواقع وشاردة به وبه فقط، انتبهت على صوت رسالة على هاتفها، ضحكت بشـ.ـدة فور رؤيتها لصورته المُغفلة مُرفقة ببعض الأوجه البلهاء....
_ عشان تبقى تركز في نفسك ومتبصش لبعيد تاني يا دكتور

أرسلتها وبسمة مغــــرورة على ثغرها المُكتز
= أعملك إيه يا هانم وأنتِ نازله زي أميرة من أسطورة قديمه

تسارعت دقات قلبها بسبب غزله الواضح لها ورجفة يديها الممسكة بالهاتف
_ ماما عامله إيه

بعثتها كمحاولة فاشلة منها لتغير حديثه الذي يُربكها
= غيري في الموضوع براحتك بس مسيرك يا ملوخية تيجي تحت المخرطة ومحدش هيرحمك

أغلقت هاتفها عند رؤيتها لرسالته المُخجلة مُرفقة بوجهٍ يغمز لإثبات حديثه الوقح، حـ.ـضـ.ـنت هاتفها لصدرها وأغمضت عينيها لتذهب بسُباتٍ عميق بعالمٍ خلقته هي بخيالها وأحلامها الطفولية وبراءتها.....

**************************
على الناحية الأخرى أغلق هاتفه وصدحت ضحكاته المستمتعة على خجلها الفطري اللذيذ، هي أُنثاه وزوجته العفوية واللطيفة التي أوقعته بها بلا محاولاتٍ منها، أراح ظهره على المِقعد الوثير من خلفه وتمتم لنفسه: ياريتني شوفتك من زمان يا أثير

حينها سمع ضحكة والدته الطيبة وهي تردف: لو كنت قابلتها الأول يا ابن شريف مكنش زمانك ناضج زي دلوقت، عيونك مكنتش هتشوف عيوبها ولا تحبها زي دلوقت

ابتسم برضى تام عن حديث والدته ونهض جالسًا أسفل قدmيها وتحدث بعشقٍ خللته الأيام بين ثناياه: أثير دي زي أكسير شربته من وقت ما شوفتها يا أمي، أربع سنين براقبها من بعيد، شوفتها بتبكي وشوفتها حزينة وضعيفة ووحيدة، شوفتها منبوذة ومذلولة ونادرًا ما كنت أشوفها بتضحك، شوفتها خايفة تواجه ونفسها تواجه، أثير زي طفل لسه بيتعلم المشي بس مع كل خطوة بيقع لأنه خايف أو لأن محدش بياخد بكفه ويشجعه، أنا لو نـ.ـد.مان على حاجه تبقى أني متقدmتش ليها من وقت ما حبتها، لما بتضحك بتخفي وشها عشان مره واحده زميلتها قالت ليها خدودك قافله على عيونك، لما بتتكلم بتوطي في الأرض عشان محدش يقول ليها تُخنك خافي ملامحك، لما بتتـ.ـو.تر عيونها بتلمع وتمسك هدومها، أثير زي أمنية تفضل تتمناها طول حياتك وفجأة لما توصلها تبقى من فرحتك عاجز عن إنك تحتفل بيها

ملست « دعاء» على خصلات والدها بحنانٍ وتمتمت: للدرجادي بتحبها يا راكان

ضحك بقوة ولمعت عيناه وأردف: بحبها؟! يا أمي أنا وصلت لمرحلة تعبت قلبي من حبي ليها

أشفقت الأم على مشاعر صغيرها المُهددة بالفشل وهمست بخفوتٍ: وهتعرفها الحقيقة امتى يا راكان

شرد « راكان» قليلاً ثم نهض متوجهًا لغرفته كهروبٍ من الواقع وصاح بجمودٍ يعكس تيارات القسوة بداخله: لما يجي الوقت المناسب، مش هضيعها من إيدي....

بداية ليست مُبشرة لعلاقة شُيدت على كذبة ولو كانت صغيرة، بداية ستهدm قلب طرفين مشوهين بفعل تجاربهم المريرة مع العالم، مهما كانت حجم كذبتك ستبقى بالنهاية كذبة ولو كانت بيضاء، من أبسط حقوق مُحبك أن تُطلعه وتشاركه عما بصدرك ويخيفك من خسارته، هو بجموده وغموضه يُصبح مراهق بحضورها، هو بقلبه يظن أنه سيبدل خــــوفها ويغفل عن كذبته التي ستنهي واقعهم الغرامي المؤقت!!! فهل ستكتمل علاقتهم؟!

***************************

بعد تلك الأحداث المضطربة بيومين، ببيت « هبه» أغلقت الهاتف مع « ورده» بعد وصلة من اللوم والخِصام بسبب عدm إعلامها بما حدث معها، كانت الساعة تُشير للسابعة عنـ.ـد.ما سمعت طرقاتٍ خفيفة فوق بابها، ارتدت نقابها وخِمارها وفتحت الباب، لم يكن الطارق سوى « ثائر» كان وسيم بدرجة جعلتها تغض بصرها عنه بعدmا ناظرته عيناها بلمعة نـ.ـد.مت عليها، تقدm « ثائر» من « رحمه» الجالسة تُراجع دروسها بعدmا أخذ لها إجازة مرضية من مدرستها، ابتسمت الصغيرة بسعادة وهتفت: ثائر، وحـ.ـشـ.ـتني

ربت « ثائر» فوق خصلاتها بحنانٍ وكأنها صغيرته وجلس جوارها وتمتم بصدقٍ: وأنتِ يا رحوم، عامله إيه في المذاكرة؟!

مطت « رحمه» شفتيها بقنوطٍ وأردفت بملل: كويسه بس زهقت من الجِبس اللي مش عارفه اتحرك منه دا

جلست « هبه» قِبالتها وتمتمت: كلها شهر وتفكيه يا رحمه اصبري يا حبيبتي

حمحم « ثائر» لينتبهوا له وتمتم بتردد: هبه هو ممكن أسألك سؤال؟!

ابتلعت هبه ريقها بصعوبة وقلبها يخفق بقوة من السؤال الذي تعرفه عن ظهر قلب وكم تتمنى لو يُخطئ قلبها ولكنها ابتسمت بتكلف وهتفت: أكيد

شبك « ثائر» كفيه معاً وغاص بنظراته بين حدقتيها الواسعتين وتمتم بـ.ـارتباك: إيه سبب الحرق اللي في وشك دا؟

حينها هتفت « رحمه» المتابعة للحوار من بدايته وكم تمنت هي أيضاً أن يُخطئ توقع شقيقتها ولكن لا مفر، رفعت نظرها له ولمعت عينيها بصدقٍ وأردفت: أنا السبب، أنا اللي حرقتها يا ثائر
«أحدهم قَبضَ بكفيه على خافقي ليُريحه من قتامة العالم، أحدهم خُلق ليسكن ثنايا كياني الضعيف فأحببت الكون لأجله، هو فقط ولو بعد مئة عامٍ من الظلام... هو وقلبه...»

صاعقة جعلته يلتف ناحية الصغيرة بنظرات مُبهمة حول ما تفوهت به، كيف أنها من شوه شقيقتها؟! من المؤكد أنها تمزح بحديثها معه، ابتسم بتـ.ـو.تر وتمتم: أكيد بتهزري يا رحمه

حينها ابتسمت « هبه» ابتسامتها الشاحبة وتحسست شطر وجهها الأيسر من أسفل نقابها وتمتمت: لا... رحمه ملهاش ذنب دا نصيبي

هزت « رحمه» رأسها بنفيٍ وإصرارٍ وتحدثت بتأكيد: لا أنا اللي وقعت الزيت المغلي عليكي وأنتِ قاعده في المطبخ وأنا اللي بسببه بقيتي بتسمعي كلام زي السِم من ناس مريـ.ـضه

قاطعتها « هبه» بلهجة حادة فزعت على اثرها: رحمه اقفلي الموضوع دا

كان يتابع نظراتهم المتألــمة والحزينة والمعاتبة وقلبه يتحرك على جمرٍ من حـ.ـز.نه على ما عانوه، فتاتين بشبابهم تُركوا لأمواج البِحار الغادرة لتقذفهم كيفما تشاء، نهض بهدوءٍ معتذرًا منهم ليترك لهم حرية الحديث والعتاب.....
بقت الفتاتين ترمقان بعضهم نظراتٍ آسفه وحل الصمت لبضع لحظاتٍ قاطعته « رحمه» بنبرة باكية: أنا آسفه يا هبه

هزت « هبه» رأسها بشرودٍ واقتربت محتضنة شقيقتها وتمتمت بألــمٍ: متتأسفيش يا قلب هبه دا نصيب ومكتوب وبعدين حتى لو مكنتش قاعده في طريقك وأنتِ شايلة الزيت كنت هتحرق بطريقة تانية

علا صوت نشيج كلاً منهما وصوت تهشم قلوبهم الصامتة، بكت كلتاهما بعنفٍ لأجل نفسها ولأجل شقيقتها، لما تركهم والديهم ليعانوا كل ذلك؟! لما أصبح العالم بمثل قسوته حتى تتعرض تلك الفتاة الهادئة للسخرية والوحدة لمجرد تشوهٍ بوجهها، هل الشكل هو الجوهر القائم بين الشعوب الآن أم أن النُقصان أصبح طبعٌ فطري بالبشرية.....

وسط مزحتك ستُلقى كلمة كافية لحرق كيان شخصٍ مُستمعٌ إليك، وسط تفاخرك ستتباهى بإلقاء نظرة استحقارية لشخصٍ سيقضي ليلته بكاءً بسببك، احذر من ندبات القلوب التي تُخلفها لأنك ستُحاسب بيومٍ لا ظُلم به على كل قلبٍ قد حطمته وكل دِمعة ذرفتها عينٌ بفضلك

************************
وضعت شالها الثقيل على كتفيها وتركت خصلاتها للرياح لتؤرجحها كما تشاء، تركتها حُرة عكس روحها المُقيدة، مضى يومان منذ تحدثت معه ولم تلتقى به صدفة، كانت قاسية وحادة معه وكأنها تلومه على حبها الغامض له، لقد كان قدومه على قلبها كالشتاء بهذا العالم، حاد، قارص، كثيف ومؤلم، أغمضت عينيها بسلامٍ سامحة لنسمـ.ـا.ت الهواء البـ.ـاردة تلفح صفحات وجهها الشاحب، قطع انسجامها صوت هاتفها ليُعلن عن رسالة، فتحت الرسالة والتي كان محتواها
« لم يعد قلبي بخيرٌ منذ رحيل قلبك المَرح عنه، باتت نبضاتي ثقيلة ومستعصيه، لما حل الشتاء بقلبي باكرًا هذا العالم؟! هل لأن قلبك رحل عني وتركني وسط الازقة أبكي نـ.ـد.مًا؟!»

لا تعرف هوية المُرسل، لم تهتم لتعرف لأنه وببساطة يؤكد شعورها اليومي وكأن المُرسل يعلم خبايا قلبها، يصف ما يُحدثه الألــم بها، أصبحت وحيدة، صديقتها الوحيدة غادرتها وهو رغم ما يفعله لها إلا انه غادرها، منذ البداية كانت وحيدة وكم من الصعب قول ذلك، تُخفي ضعفها وقنوطها خلف قِناع قوتها المزيف وتحديها للجميع، ترغب بقلبٍ يضم قلبها ليخبره أن كل ما تتمناه سيأتي وإن طال ولكنها تشعر بالخواء والبرودة التي تتدرج لأواصلها!!!....

*****************************
عن تلك التي تعيش مراهقتها بخطوات خفيفة كرفرفة الفراشاتِ، عن قلبها الطاهر الذي سيُدنس بفعل رجلاً غامض، تعيش أسعد لحظاتها معه، يحادثها كثيراً، يشاركها اهتمامـ.ـا.ته، يقص عليها يومه، هي بالأخير فتاة لم تقع بالحب من قبل فمع أول دقة لقلبها ستنساق خلفه راكضة لوجهة مجهولة، أول همسه، لمسة، نظرة، وبسمة يراها القلب يُدmن وجودها وتصبح كمـ.ـخـ.ـد.رًا يومياً له لكن قلبها لم يتعرف لأعراض الإنسحاب بعد!

*************************
مضت ثلاثة أسابيعٍ مُنذ تلك الليلة التي صارحت شقيقتها عن سبب تشوهها، لم تراه من حينها، كل ليلة تقف بشرفتها لما بعد منتصف الليل لعلها تراه ولو لثانية لتُشبع ظمأ قلبها منه، أدركت بكل حواسها أنها أحبته، أحبت هدوؤه ورزانته، أحبت شهامته وقوته، بالأخير هي أحبته ولكن قلبها البالي عاد لينبض بعشقٍ يستحيل الحصول عليه، رجُلاً بوسامته وطِباعه ووقاره لما سيناظرها هي بفقرها وضعفها والأهم أنه رأي تشوهها؟!

أما عن رفيقتها الوحيدة «وردة» فهي باتت تشعر بحجم ألــم قلبها، شاردة، جـ.ـا.مدة وشاحبة طوال الوقت، لم تُحبذ سؤالها عن السبب لعلمها به، كم بات يـ.ـؤ.لم الحب العاشقين ويُرهق قلوب المُتيمين يا عزيزتي

ابتسمت بتهكم ثم عضت شفتيها بقوة لتمنع نحيبها، لقد ارتدت النِقاب قبل حادثة تشوهها بإسبوعين وكأن قلبها كان يعلم أنها ستُجبر على ارتدائه ما بقى لها، ثلاثة أربعة أعوامٍ منبوذة منذ ذلك اليوم المشؤم عنـ.ـد.ما دلفت شقيقتها « رحمه» صاحبة الست أعوامٍ لتعبث بالمطبخ وأحرقت إصبعها ولم تنتبه أنها حركت حَلة الزيت المغلي لتقع عليها وتصبح لعنتها الكُبرى ووصمة بشعة بوجهها، لقد كانت جالسة أسفل مقود الغاز تُقطع بعض الخضروات وينتهي الأمر بها لهنا؟!

_ بتحبيه يا هبه
التفت على صوت شقيقتها الناعس، ولكن مهلاً هل واضحًا عليها لتلك الدرجة لتراه طفلة بالعاشرة؟!

اقتربت منها وساعدتها وهمست بخفوتٍ: حتى لو بحبه مينفعش

ربتت الصغيرة بكفها الحاني فوق وجنتي شقيقتها وتمتمت وكأنه إمرأة ناضجة: لو بيحبك هيجيلك

ابتسمت « هبه» بتكلف وطبعت قبلة خفيفة فوق جبهتها ودثرتها جيداً بالفراش....

مضت نصف ساعة قضتها هي بالتفكير به، قطع شرودها طرقاتٍ مميزة خفق قلبها لها، تـ.ـو.ترت بجلستها وحاولت تهدئة خافقها الثائر، ارتدت خِمارها ونقابها ووقفت خلف الباب وكأنها مُقدmة على فصلٍ نهائي بحياتها، فتحت الباب وبسمة عريضة تتسع أسفل نقابها وهتفت بلهفة فشلت بردعها: عامل إيه

ابتسم « ثائر» بسعادة مثلها ووضع يده بجيب بنطاله واستند على حافة الباب وأردف بشغفٍ: بقيت بخير دلوقت، وأنتِ؟

نبرة صوته جعلتها تتنهد بقوة وتغمض عينيها براحة ثم تمتمت بسلامٍ: بقيت في أحسن حال دلوقت

ابتسم حتى ظهرت نواجذه وتمتم برجاء: ماما عاوزه تتعرف عليكي

تـ.ـو.ترت وذهبت أنفاسها، شعرت لوهلة أنها مُقدmة على حدثٍ تاريخي، مضت بعض الدقائق ولم يتفوه كلاهما، هو يقدر ما تفكر به وهي عاجزة عن إعطاؤه الرد الذي ينتظره، أخيراً بعد بضع دقائق حمحمت بـ.ـارتباكٍ: تمام، مفيش مشكلة

رغبت لو تسأله عن سبب غيابه عنها، ودت لو لها سُلطة عليها لتلومه على عدm حضوره الي يُريحها، سارت خلفه بعد أن اطمأنت لنوم شقيقتها وقلبها يقرع كطبولٍ بساحة الحرب، ابتسمت بتـ.ـو.تر عنـ.ـد.ما رأت إمرأة كسى الزمن على ملامحها ولكنها ما زالت تحتفظ بجمالها، عينيها كعيني« ثائر» نفس اللمعة والبريق الذي اختطفها منذ الطلة الأولى، جلست جانبها بخجلٍ بعدmا استقبلتها برحابة صدر.....

جلس يتابع نظرات والدته الثاقبة لها، منذ متى ووالدته بتلك الدقة؟! يعلم ما يجول بخاطرها أو ربما يخافه؟! ابتسم بمرحٍ وتمتم: دي بقا يا ستي ماما نجاة، ست كدا مش هتلاقي منها اتنين

ابتسمت « هبه» بتـ.ـو.تر وهمست بخفوتٍ: ربنا يديمهالك

اقتربت « نجاة» من هبه وضمتها بقوة لصدرها حركة كتلك ارجفت قلب « هبه» المُفتقد للحنان والأمومة منذ عشرة أعوام، وجهت نظرها ل « ثائر» وهتفت بأمر: روح اعمل لينا اتنين عصير يا واد ومتكترش سكر لأن سكري عالي منك

ابتسم « ثائر» بسماجة وهتف: مبعرفش

ضيقت « نجاة» عينيها ورطبت شفتيها ثم هتفت بإيجازٍ: اتنين عصير يا ثائر

ضحكت « هبه» بمرح على نظرات « ثائر» المُغتاظة وفمه المزموم وعقدة حاجبيه بينما رفعت « نجاة» رأسها بكـبـــــريـاءٍ وشـ.ـددت من ضمها ل « هبه».....

ما إن اختفى« ثائر» حتى ابتسمت « نجاة» بوداعة وربتت فوق رأس « هبه» وتمتمت بحنانٍ: ارفعي نقابك يا غالية خليني املي عيوني منك

حركة تلقائية منها تمسكت بطرف نِقابها وهزت راسها بنفيٍ وترقرقت الدmـ.ـو.ع بمقلتيها، لا تعلم كيف ستواجه نظرات تلك المرأة التي اشعرتها ولو لدقائق برائحة أمها المتوفاة، أغمضت عينيها للحظاتٍ وبهدوءٍ وتروى رفعته، لم تفتح عينيها ولم تنبث بحرفٍ واحد وإنما اكتفت بتلك الدmـ.ـو.ع التي تهبط بغزارة فوق خديها، دmـ.ـو.عها تصل مباشرة لقلبها لتحرق جُدران تحملها للواقع القاسي الذي فُرضَ عليها، شعرت بأنامل خفيفة تمسح دmـ.ـو.عها، فتحت عينيها بتباطؤ لترى نظرة مُشجعة من تلك المرأة البشوشة ...

_ بسم آلَلَهّ مشاء الله ملامحك جميلة يا هبه

ابتسمت بتـ.ـو.تر لمدحها المُجامل وكادت أن تُخفض نقابها ولكن نظرة الرفض التي تلقتها من « نجاة» جعلتها تتراجع وتبتسم بتـ.ـو.تر....

رمقتها « نجاة» بنظرة شاملة وعطوفة وأمسكت أناملها بين كفيها وهتفت : احكيلي حكايتك يا هبه

طالعتها هبه بنظرة حزينة أشفقت عليها « نجاة» منها ومسحت بأناملها دmـ.ـو.عها، لم تتردد بأن تقص عليها ما خلفه الزمن بها ثم ابتسمت هبه بتهكم وتنفست بعمقٍ وتمتمت: حكايتي عادية، بـ.ـنت زي أي بـ.ـنت أهلي مـ.ـا.توا وأنا عندي 18 سنه أمي مـ.ـا.تت وهي بتولد أختي وبعدها أبويا، فضلت تسع سنين عايشه في بيتنا اللي في المنصورة بربي أختي وبشتغل في شركة صغيرة لواحد معرفة عمي، عدت الأيام وأختي الصغيرة كبرت وأنا بكبر معاها، في يوم عادي كنت قاعدة بقطع شوية خضار في أرضية المطبخ، دخلت « رحمه» أختي تلعب وأنا كنت سرحانه ومخدتش بالي منها، حطت صوبعها في طاسة الزيت اللي كانت على النار واتلسعت، جت تجري وقعت الطاسة عليا، كان عندها وقتها 6 سنين طفلة ملهاش ذنب، عدت الأيام وسني كبر وداخله على 28 سنه ولسه متجوزتش، ربك يشاء وأحب وقتها، حبيت واحد، كان واخدني مجرد صورة للناس كان ابن مدير الشركة اللي بشتغل فيها، طبعاً كان حلم بالنسبة ليا، وفجأة الحلم اتحقق ومامته شافتني وعرضتني عليه ورغم إني منتقبة مطلبش يشوفني ولا مرة لا هو ولا مامته، اتجوزنا، من أول يوم جواز ليا وجحيمي بدأ، ضـ.ـر.ب، إهانه، ذُل، حبس، خيانه، تنمر، قرف، اشمئزاز وعـ.ـذ.اب، شوفت الجحيم معاه، كان هيقــ,تــلني وقتها أمه خافت عليه فهـ.ـر.بتني، جابتني هنا، وشافتلي شغل وحمدت ربنا إني بعدت عنه، مكنش فيه مجال اطلب الطـ.ـلا.ق لأنه ممضيني على وصلات تسـ.ـجـ.ـني وكنت خايفه على اختي، بعدت، عدى خمس شهور ومشفتوش، كنت بتعـ.ـذ.ب في الشغل ودوقت المر ورغم كدا مبسوطة إني بعيد عنه، لحد من شهر لقاني وقتها ثائر كان جاي يطمن على رحمه اختي لأنه كان عملها حادثة واتسبب في كـ.ـسر رجلها والباقي أكيد هو عرفه لحضرتك....

تساقطت دmـ.ـو.عها وعلا صوت نشيجها تزامُنًا مع ارتجافة جسدها وقضمها لشفتيه بقوة تدmيها وهمست بمرارة وحرقة: والله قولت ليه إني عندي تشوه، مخبتش عليه والله، قلبي كان متعلق بأمل ولو صغير إنه يبادلني حبي ليه، من فرحاي محسبتش عواقب الجوازة دي، أنا مش كـ.ـد.ابة زي ما هو بيقول، أنا أبويا مربيني صح والله ومبعرفش أكدب

صمتت قليلاً وقلبها ينزف دmًا لما تقصه بمرارة وعلا صوتها بقهرة: والله ما كنت محتاجه غير بس حد يكون سند ليا ولأختي وعندي استعداد أفديه بعمري، هو استغلني وذلني وأنا كنت ضعيفة فسكت، أنا لحد دلوقت بشوفوا بكوابيسي وهو بيعـ.ـذ.بني، أنا مليش ذنب في التشوه دا ولا أختي ليها ذنب دا قدري ونصيبي ووالله راضية بيه ومش معترضة بس البشر مؤذين ونظراتهم بشعة، أنا عانيت ولسه بعاني واللي مصبرني أختي « رحمه»

تساقطت دmـ.ـو.ع السيدة « نجاة» عليها وجذبتها بقوة بين أحضانها الدافئة لعلها تضمد ولو جـ.ـر.حًا بسيطًا من جروحها الغائرة ابتي تعمقت وصولاً لروحها الفانية، شـ.ـددت من ضمها لها وتمتمت برجاء ٍ وتأكيدٍ: العالم ميستهلش قلبك دا والله، النفوس المريـ.ـضة هي اللي بتدور على الشكل والمظهر والجـ.ـسم، ملكيش ذنب في شكلك ولا لونك ولا اي حاجه ومحدش عارف مين فينا عند ربنا أفضل، طليقك المريـ.ـض دا هيتعـ.ـا.قب اشـ.ـد عقـ.ـا.ب صدقيني، عدالة ربنا فوق الكون كله، أنتِ جميلة رغم كل شيء يا هبه والله

***************************

أما عن تلك الوردة التي ذبلت أطرافها وسقطت تفترش التربة الطينية بشحوبها قد انعزلت عن العالم، من عملها لغرفتها متجاهلة العالم بأسرة، نقص وزنها وظهر بوضوحٍ الحـ.ـز.ن جليًا على ملامحها، حتى تلك الرسائل التي كانت تجعلها تبتسم ولو بحـ.ـز.نٍ انقطعت عنها، صُفت وحيدة بنهاية الامر، احتضنت نفسها على الفراش ودmـ.ـو.عها تتساقط بقوة بصمت، تشعر بنهاية لهفتها وشغفها، ألــم قلبها يزداد سوءً وتلك النغزة التي تصل لأعمق ما بها تجعلها ترغب بالصراخ حتى تنجـ.ـر.ح أحبالها الصوتية، رفعت رأسها ببطء عنـ.ـد.ما استمعت لصوت خطواتٍ تقترب منها، لن تُخفي حـ.ـز.نها عن أحدٍ الآن تُريد ضمة والدتها والبكاء بين ذراعيها، أحست بذراعين حنونين يلتفان حولها لكنها لم تقاوم بل رفعت رأسها لترى والدتها تبكي لبكاؤها، ارتمت بقوة تشكوها ألــمها وألــم قلبها الحزين....

« أحببت قلباً لا يراني يا أمي، أحببت قلبًا جعل قلبي يبكي نـ.ـد.مًا، أحببت قلبًا حطم فؤاد صغيرتك، أحببت من لا يرغبني ومن تركني كنجمة منفردة وسط سماءٍ مُظلمة بنهاية الليل القاسي، أحببته ويا ليت قلبي المسكين ما أحبه يا أمي، ليت قلبي الصغير نهرني عنه ولم يركض عشقًا خلفه، ليت ألــم قلبي يتوقف ولو للحظة لالتقط أنفاسي النافرة مني بسلامٍ، ليتني ما أحببت قلبًا لا يُبالي بقلب طفلتك يا أمي»

****************************
وقف على أعتاب المطبخ قابضًا بقسوة فوق الكأس الزجاجي بيده، نيرانٍ كل ما يراه هو نيران تتعالى بداخله، سمح لنفسه بالاستماع لها وليته لم يفعل، هو بالأصل ابتعد عنها كل تلك المدة حتى ينفي تعلقه بها والآن فؤاده ينبض بين جنبات صدره كمضخة كهربائية، صوت شهقة والدته وصرختها جعلاه ينتبه للدmاء التي تقطر بغزارة من كفه، كيف لم يستمع لصوت تهشم الكأس؟! كيف لم يشعر بالألــم الذي أحدثه الزجاج بكفه؟! ما انتبه له هو أنها لم تُخفض نقابها بل أتته مسرعة ولهفتها صُوبت بخافقه اللعين، ابتسم بامتنانٍ لجـ.ـر.حه الذي جعلها تقترب ممُسكة بكفه تتفحصه....

رفع رأسه لوالدته المُبتسمة بغموضٍ ونظراتها تثقبهم ثم تمتم بهدوء: اهدوا مفيش حاجه دا جـ.ـر.ح صغير

رفعت « هبه» راسها بحدة لها وكفه كذلك وأشارت له ثم اردفت بغـــضــــبٍ وقلق: دا صغير؟! إيدك اللي كلها دm دي وتقول صغير؟! إزاي محستش بالو.جـ.ـع دا عقلك كان فين وقتها؟!

ابتسم بشغفٍ لقلقها عليه وخــــوفها وأردفت بثباتٍ: جوايا و.جـ.ـع أكبر خلاني محسش بالألــم دا

هزت رأسها بلا فائدة منه ودارت بنظرها للسيدة « نجاة» وتمتمت بطلب: ممكن علبة الإسعافات؟!

اكتفت « نجاة» بهزة خفيفة وتبعتهم بعينيها الثاقبتين وهما يخرجان للصالون....

جلست جواره تتفحص جـ.ـر.حه الملئ بالدmاء وترقرقت الدmـ.ـو.ع بمقلتيها وتمتمت برجاء: جـ.ـر.حت نفسك كدا إزاي يا ثائر

يا الله على نبرتها التي أخترقته و.جـ.ـعلته يقبض على ركبته بقوة حتى لا ترتفع وتضمها لصدره بقوة ليشعر بأنها جواره، هز رأسه بخفة وتمتم: دا جـ.ـر.ح صغير كنت سرحان وغـ.ـصـ.ـب عني الكاس اتكـ.ـسر متقلقيش

هبطت دmعة وحيدة من بُنيتيها وحينها فقط انتبهت أنها نسيت أن تُخفض نقابها مما جعلها تشهق بعنفٍ وتهز رأسها بنفيٍ وتصرخ: يالهوي إزاي نسيته دا

ابتسم هو على ارتباكها وخجلها الفطري اللذيذ وطريقتها المرتعشة بإنزال نقابها وتمتم: شكلك حلو من غيره يا هبه

صعدت الدmاء لوجهها وشعرت بحرارة لذيذة تدب بقلبها مما جعلها تبتسم بخجلٍ وتشيح بنظرها عنه وتبتسم بخفة لوالدته القادmة وتتناول منها علبة الإسعافات، بعناية وهدوءٍ بدأت بتنظيف جـ.ـر.حه وتطهيره ثم تغطيته جيداً ورفعت عينيها لتصدm بعيناه اللامعتين وبسمته المُريحة التي جعلت قلبها ينخلع من قفصها الصدري ليتمنى ضمة منه، نفضت تلك الأفكار عنها ونهضت بخفة وتمتمت: حمد الله على السلامة وخد بالك بعد كدا

ثم وجهت نظرها للسيدة « نجاة» واعطتها نظرة ممتنة وأردفت: شكرا جداً لحضرتك وعلى الراحه اللي عيشتها الليلة معاكي

نهضت « نجاة» من جلستها وضمتها براحة لصدرها وهمست بأذنيها بتأكيد : متشكرنيش أنا في مقام مامتك من هنا ورايح وأي حاجه تحتاجيها متتردديش تطلبيها مني يا هبه

نهض « ثائر» ودنى منهم ليستمع لهمسهم وأردف بحنقٍ: بتتهامسوا في إيه يا أمي مش سامع

لكزته والدته بخفة في صدره وأردفت بثقة: متتدخلش بينا يا واد أنت

رفع حاجبه الأيمن بتعجب من لهجتها الصادقة وهتف: يعني هبه خـ.ـطـ.ـفتك مني دلوقتي ولا إيه؟

ابتسمت « هبه» وربتت فوق كف السيدة « نجاة» وهتفت بمودة: أكيد مش هقدر اخد مكانك عندها

ابتسمت السيدة « نجاة» باستفزاز ووجهت حديثها ل « هبه»: ملكيش دعوة بالواد العاق دا يا حبيبتي، خلي بالك من نفسك وزي ما قولتلك

ثم رمقته بنظرة مُشمئزة وتمتمت: وانت واقف كدا على فين يا أخرة صبري

رفع « ثائر» كتفيه بلا مبالاة وابتسم بغــــرورٍ وتحدث: هوصل هبه لشقتها يا امي

اقتربت منه والدته وبحركة خاطفة قبضت على خصلاته وهتفت: شقتها اللي قصادنا اللي بينا وبينها ميكملش اتنين متر؟!

تخلص بصعوبة من براثين والدته وركض مبتعداً عنها وهتف بسماجة: ايوا عشان النور ممكن يقطع وكدا يا حاجه وأنتِ صاحبة نظر بردو

سارت هبه خلفه وضحكاتها المرحة تصل له ليخفق قلبه الثائر بقوة بين صدره العضلي ويبتسم بسعادة لا إرادية لضحكتها العفوية

وقفت « هبه» بتـ.ـو.تر منتظرة حديثه أو ذهابه ولكنه عكس ما توقعت فقط ينظر لها!! بشغف، بحالمية، بعشق!!! نفضت رأسها عنـ.ـد.ما وصلت لتلك النقطة ولوحت بيديها أمام وجهه وهتفت: ثائر؟؟؟


رسم الجدية فوق محياه وأردف بنبرة رجولية طاغية: عاملة إية دلوقت؟!

عدلت من خِمارها بحرجٍ واردفت: بقيت في أفضل حال والفضل ليك

ابتسم بثقة وود حملها والدوران بها حتى يبتسم قلبه كما شفتاه ولكنه تحدث براحة وصلت لها: أتمنى من كل قلبي

خجلها تعدى كل الخطوط مما جعلها ترفع عينيها له وتقبض فوق بابها وتهتف بتعلثم: تصبح على خير

ابتسم بسلامٍ حتى ظهرت أسنانه البيضاء ومسح بحرجٍ على خصلاته وأردف: وأنتِ من أهل الخير يا هبه

***************************

صباحٌ جديد اختفت به بعض أوجاع الأمس وظهرت بطُرقنا بعض العثرات الجديدة وربما بعض الابتسامـ.ـا.ت!

وقفت بتـ.ـو.تر تنتظر خروجه من المحاضرة ومن الثانية والاخرى ترمق « مي» وشلتها البغيضة نظراتٍ جـ.ـا.مدة، ابتسمت بسعادة عنـ.ـد.ما رأته بطلته الجذابة يقترب منها، كم بدى وسيمًا اليوم! بقميصه الأبيض وچاكيته الرمادي وبنطاله الأسود وشعره المُصفف بعناية جعلوه اشبه ببطلٍ خرج لتوه من رواية قديمة، كادت أن تقترب منه ولكنها تراجعت بخــــوف عنـ.ـد.ما رأت « مي» تقترب بخطواتٍ مدللة بحجة سؤال تجهله في المحاضرة التي لم تحضرها هي، جحظت عينيها عنـ.ـد.ما رأت أصابع تلك الحقيرة التي تسير بخفة فوق ذراعه وهو منشغلاً بحل سؤالها، تقدmت خطواتها ولكنها تراجعت مجدداً لتكتفي ببعض الدmـ.ـو.ع التي تلمع بعينيها، أشاحت بوجهها بعيداً عنهم حتى لا تصل نيرانها لهم بينما هي عاجزة، مرة اخرى تفوز عليها «مي» بجدارة وتثبت لها قوتها وأنوثتها وشكلها الفاتن، نجحت بجدارة بأن توضح لها حجمها ومدى ضألتها، تعثرت خطواتها وكادت أن تصتدm بالأرض لولا ذراعه، نظر لها نظرة جـ.ـا.مدة جعلتها تبتلع ريقها واعتدلت بوقفتها وتمتمت: أنت زعلان مني في حاجه؟!

هز راسه بجمود وسار أمامها وهي تتابعه بخطواتٍ خائفة وقلبها ينبض بقوة وقلق، هو حتى لم يسألها عن حالها فقط تركها خلفه!!...

ركبت جانبه بالسيارة وترددت بعد مدة بما تنوي فعله ولكنها تشجعت وأمسكت بكفه بين أناملها وتمتمت: راكان هو أنا ضايقتك؟!

لم يُعطيها ولو نظرة وإنما اكتفى بسحب كفه من بين يديها بجمودٍ صعقها وهتف: لي بتسالي، عملتي حاجه مثلاً؟!

ابتلعت غصة مؤلمة بحلقها وهزت راسها والدmـ.ـو.ع تتجمع بعينيها وتحدثت: أنتَ بتعاملني كدا لي، مبحبش حد يعاملني كدا

ضحك بتهكم وأوقف السيارة على جانب الطريق والتف لها وهمس بقسوة: ولما مش بتحبي حد يعاملك كدا سبتيها تقرب مني ليه ووقفتي تغلي ومدافعتيش عن حقك فيا هاااا ردي عليااااا ومتعيطيش

ارتعدت من صوته وأغمضت عينيها وتساقطت دmـ.ـو.عها وتمتمت: كنت خايفه تحرجني قدامك يا راكان

قبض بقسوة على معصمها وقد نفذ صبره منها وصاح بغـــضــــبٍ: هتفضلي لأمتى خايفة؟! هتفضلي لامتي بتخافي تواجهي وتهربي؟! ليه شايفه نفسك أقل من الكل؟! اترجيتك تسيبي نفسك وتواجهي الناس وبردو بتتخبي، اعملك إيه تااااني، مين هي مي ولا غيرها عشان تخافي منهم، ليه ضعيفه بالشكل دااااا، ليييي

هزت رأسها بنفيٍ وصرخت به بحرقة ولم تكف دmـ.ـو.عها عن السقوط: نزلني، نزلني امشي وسيبني، أنت زيك زيهم، عاوزني امشي وراك، أنت متفرقش عنهم حاجه، نزلنيييي بالله

صك على أسنانه بغـــضــــبٍ قارص وهز راسه بنفي وصاح بصوتٍ جوهري: أنا زيهم!!! أنا اللي جنبك وعاوزك بأفضل حال زيهم!!! أنا اللي حبيتك وبترجاكي زيهم!!!! ليه ديما حاطه نفسك في خانة إنك اقل من حد؟ ليه بتعيطي من أقل كلمه وتهربي؟! ليييه سايبه نفسك ليهم ومش بتدافعي عن قلبك؟! لييييه قوليلي لييييه

فاض بها الأمر ونفضت قبضته عنها وحاولت فتح باب السيارة ولكنها كان أسرع منها وأغلقه من جانبه ولكنها همست بألــمٍ جعله يكاد يبكي و.جـ.ـعًا عليها: راكان

هدأ غـــضــــبه وانطفأت ثورته ورمقها بنظرة حانية عكس حدته السابقة ولمعة عيناه بحـ.ـز.نٍ على حالها ثم جذبها بقوة ليدفن وجهها بصدره بقوة لم يشعر بها الأثنين، فقط لحظة ضعفٍ من كلاهما انصاعا بها لقلبيهما، صوت نحيبها مزقه من الداخل و.جـ.ـعلها يضم كامل جسدها له لتدفن وجهها بعنقه ودmـ.ـو.عها الحارقة تهبط على رقبته، ربت على ظهرها بمحبة وأردف بعشقٍ: اهدي يا روح راكان وضي عيونه اهدي

شـ.ـددت من ضمتها له وضمت جسدها بخــــوفٍ أكثر لجسدها وهبطت دmـ.ـو.عها بغزارة وهمست بحرقة: احـ.ـضـ.ـني جـ.ـا.مد يا راكان، جـ.ـا.مد

أمام نبرة انهيارها جذبها بقبضة فولاذية لدرجة ألــمته وقبضت أصابعه على منابت شعرها يخبأ وجهها بعنقه وجسدها يُصبح سترًا له......

***********************

فركت « وردة» عينيها بتعب من انهاكها بالعمل واراحت ظهرها على المقعد ثم استمعت لصوت طرقاتٍ جعلت قلبها يفزع من هدوؤه ولكنها استعادت ثباتها وسمحت للطارق بالدخول، صُدmت من وجوده ومظهره المُشعت وثيابه الرثة وهيئته المُذرية وتمتمت بجفاءٍ: بتعمل إيه هنا يا براء

اقترب من مكتبها بخطواتٍ بطيئة وضعيفة وخرج صوته الهامس بألــم: عشانك يا ورده

نهى حديثه بسقوطه بعنفٍ فاقدًا للوعي تاركًا قلب تلك المُشتاقة التي جف حلقها تصرخ فزعًا عليه.....
_إلىَ أين بعد المفر منك؟!
= لقلبي
_وبعد هَجرك؟
= لروحي

*****************

استندت بجسدها على أقرب مقعد طالته قدmيها، مظهره والدmاء تقطر من أنفه ووجهه الشاحب وشفتيه البَنفسجيتين جعلها ترتجف عند الاقتراب منه، للآن تشعر بألــمٍ حادٍ بقلبها، حبست أنفاسها ودعت الله بنفسها، لقد مضى نصف ساعة منذ أن آتت به للمشفى واختفى خلف الغرفة الزجاجية، كانت تنوي صفعه ولكمه والصراخ عليه وسؤاله عن أسباب غيابه ولكن بعدmا رأت حالته باتت تريد فقط ضمه والبقاء بين أحضانه!! اللعنة على قلبها العاهر الذي تعلق به وأحبه، تنهدت بجزعٍ ونهضت تنوي الدلوف له ولكنها اصتدmت بالطبيب الخاص به، طغت اللهفة عليها وأردفت بقلق: براء عامل إيه يا دكتور

نظر لها الطبيب ببعض التوجس وتمتم: حضرتك مـ.ـر.اته؟!

ابتلعت ريقها بتردد ورسمت بسمة زائفة وهمست: ايوا

هز الطبيب رأسه بموافقة وتحدث بجدية: إحنا عملنا ليه شوية فحوصات وتحاليل وهي هتبين لينا حالته بالظبط

هزت رأسها بخــــوفٍ وتمسكت بثوبها وتمتمت بتوجس: حضرتك شاكك في حاجه؟

تفحص الطبيب الأوراق التي بيديه بدقة ومن ثم رمقها بنظرة شاملة وهتف: ورم

غادر الطبيب وتركها تتخبط وتردد كلمته التي بصقها لتسقط بخواء روحها ورحل!!! من المؤكد أنه يمزح!! عن أي ورمٍ يتحدث!!! هل؟؟ هل براء يُعاني؟! هزت رأسها بسخرية وابتسمت بتهكم لحديث الطبيب الكاذب من وجهة نظرها!! وجلست بتحدي أمام غرفته تنتظر ظهور نتائج الفحوصات التي ستكون الضـ.ـر.بة القاضية لها.....
♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕

مضت الدقائق عليهم بطيئة، توقفت دقات الساعة عند تلك اللحظات التي اختلسوها من الزمن، هي بضعفها واحتياجها وهو بقوته ومساندته لها، تلك الضمة ما كانت تحتاجه فقط، رغبت بإلاحتواء منه، ببطءٍ رفعت رأسها من عنقه ونظرت له بطريقة لأول مرة يختبرها قلبه منها، نظرة حالمة لأبعد الحدود، نظرة عاشقة متيمة برجلها الأول، ابتعد عنه واعتدلت في مقعدها ولكنها لم تفصل تشابك كفيهما وهمست بخفوتٍ: شكراً لوجودك

ابتسم بعشقٍ يتخلل روحه وتحدث بنبرة جعلتها ترفرف بعنان السماء: دا مكانك من غير ما تطلبي، حـ.ـضـ.ـني بيتك حتى لو زعلانين من بعض، أثير أنا معرفتش أحب غير بيكِ

ضحكت وسط دmـ.ـو.عها التي مازالت تهطل ورفعت كفه لشفتيها وطبعت قبلة رطبة فوقه وأردفت بنبرة ممتنه: وجودك زي البلسم بيداويني ويشفي قلبي

مدة من الصمت تخللها صوت أنفاسهم العالية وتنهيداتهم المطمئنة، مدة من النظرات الدافئة والحنونة والعاشقة، اللغة السائدة بينهم هي نظراتهم الشغوفة والصابره، قطع الصمت صوتها العـ.ـذ.ب: ممكن نروح مكان قريب من هنا؟!

ابتسم لصفاء عينيها وانعكاس أشعة الشمس عليها التي جعلت منها لوحة فنية بديعة أوضحت عظمة خالقها، هز رأسه بموافقة وتتبع شرحها له ولم تغادر شفتيه تلك الابتسامة الدافئة التي أبردت نيران قلبه......
♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕

استيقظت براحة عكس أيامها السابقة وتمطأت بدلالٍ شـ.ـديد ثم رفرفت بأهدابها عنـ.ـد.ما أبصرت شقيقتها بنظراتها الثاقبة، ابتسمت بتـ.ـو.تر وتحدثت بنعاسٍ: صباح القمر يا رحوم

رمقتها « رحمه» بنظرة مستهزئة ورطبت شفتيها وتحدثت: امممم بتثبتيني صح؟!

ضحكت على غـــضــــب شقيقتها واقتربت منها بخفة محتضنة إياها وتمتمت بمهادنه: إيه مزعل ست رحمه مننا طيب

رفعت الصغيرة رأسها بشموخٍ وتحدثت: إزاي تروحي لثائر ومتخدنيش معاكِ؟!
ضحكت « هبه» بشـ.ـدة على دراما الصغيرة المرحة وأردفت بنبرة مصطنعة الحـ.ـز.ن: والله هو اللي جه خادني يا رحمه وقال ماما عوزاكي وبس يعني

جحدتها الصغيرة بنظرة متوجسة وجذبت أذنها بخفة وأردفت: قلبك وقع تاني يا هبه؟

تلبكت بحديثها وشردت قليلاً به، هو بعنفوانه وقوته وشخصيته الطاغية اقتحم أسوار قلبها المتينة و.جـ.ـعلها كمراهقة تبتسم لكلمة غزلٍ عابرة، ابتعدت عن شقيقتها وتوجهت للشرفة وتركت للهواء حريته بالتخلخل بين خصلاتها الطويلة، ابتسمت لنسمة عابرة حـ.ـضـ.ـنت وجهها وتحدثت بخفوتٍ مُتيم: مش هتفهمي كلامي دلوقت بس رغم كدا هقولك، ثائر زي التلج اللي نزل على قلبي في عِز النار عشان يطفيه، يشبه تتر مسلسل قديم أو بيت طيب لجدودنا أو يمكن زي بسمة طفل لأم فضلت سنين عمرها تستناه، قلبي مكنش قدامه اختيار بين إنه يحبه أو لأ، قلبي وقع غـ.ـصـ.ـب عنه، ممرش وقت طويل بس زي ما بيقولوا مهما تخبى وتداري قلبك مسيره يحب ويدادي ويمكن قلبه مرايدنيش مش هكون حزينة والله لأن قلبي كفاية عليه حبي ليه، عمري ما فرحت بقصص الحب اللي بتتداول بين الناس لأني شايفه الحب من منظور تاني، الحب لمسة حنينه في وقت تعب، ضحكة صافية في وقت و.جـ.ـع، رسالة غزل في وقت حـ.ـز.ن وعتاب، ضمة في وقت خــــوف، ثقة في وقت خذلان، قوة في لحظة ضعف أو حتى كلمة في وقت ضياع، الحب مش مجرد كلمـ.ـا.ت بنقولها لا دا حاجه أعظم، يمكن مليش نصيب أتحب وقلبي يرفرف بلمسه من شخص قلبي يتنفض بشوفته بس قلبي راضي بشوفته، الحب أسطوره قديمة بتحيا بيها قلوبنا....

استطرد قليلاً ثم نظرت لشقيقتها المستفهمه وتمتمت بسلامٍ تام: عارفه إنك مش فاهمه أغلب كلامي بس وقت ما قلبك يدق هتفتكريه

ابتسمت «رحمه» وتمتمت باستفسار: وثائر بالنسبالك إيه بقا؟!

عادت لشرودها مرة أخرى تراقب قطرات المياه وهي تتمسح بزجاج السيارات المارة وتلك الهرة الخائفة من العبور، إنه الصباح ولم تغفل السماء عن إنزال رونقها الخاص للعالم، عقدت يديها حول صدرها وهمست بنبرة عميقة: ثائر زي المطر بعد صيف طويل وقحط مؤذي لتربة كانت خِصبه، ثائر بيمثل كل معاني الحب ليا رغم تناقض معانيه جوايا، هو كل حاجه حلوة عيني بتشوفها أو يمكن هو كل اللي عيوني شيفاه؟!.....
♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕


فركت أصابعها بتـ.ـو.تر عنـ.ـد.ما تأخر في الخروج، فبعد لحظات ضعفها قررت ترك قلبها له وها هو حدد مع والدها موعد زفافِهم بعد غد!!!!

عدلت « أثير» وضع نظارتها الشمسية التي جعلتها بأروع إطلالة على الأطـ.ـلا.ق ووقفت بلهفة تنتظر خروجه من غرفة تبديل الملابس، فهو اصر عليها بأن ترافقه لاختيار بذلته زفافهم، ابتسمت عنـ.ـد.ما أبصرته حتى ظهرت نُغزتيها المُغريتين وعينيها تفيضان عشقًا له وأردفت: البدلة بقت حلوة بيك يا راكان

دار راكان بنظرة حولهم وابتسم بخبثٍ وأردف: طب ممكن تعدليلي لياقة القميص لأنها مضيقاني؟!

أومأت بموافقة واقتربت منه بعدmا خلعت نظارتها ووضعتها على أحد المقاعد، ها هو ذلك الرجل الذي ستذهب لبيته بعد غد ومن ثم تصبح زوجته قولاً وفعلاً، هو ذلك الرجل الذي أثنى على قلبها وربط روحها بروحه ليسكنها بظِلهُ وتصبح فتاته، كادت أن تقترب منه ولكن ظهرت فتاة من العدm تتغنج بوقفتها أمامه وثيابها تفضح أكثر ما تستر من جسدها وتتدلل عليه، غلت الدmاء بقلبها حتى وصلت لأبراج عقلها ليدق إنذار الخطر، لأول مرة تتخلى عن ضعفها وتقترب منها بلمحة وتدير وجهها عن « راكان» الخاص بها وتهتف بتملك: معلش أصل عنده حساسية بعيد عنك وكمان محتاج تهويه أصل المكان بقى خنيق فجأة

ناظرتها الفتاة بسخرية وتهكم وتمتمت وعينيها تدور على جسدها: وأنتِ مين بقا يا ست الحُسن

رأت الهجوم بعيني «راكان» ولكنها بادلته نظراته المشتعلة بأخرى مُسالمة وهادئة وقبضت بقوة على ذراع الفتاة وهتفت بكـبـــــريـاء وثقة: هي ماما معلمتكيش إنك متبصيش على حاجة غيرك لأن ممكن صاحبها يحط صباعه في عينك وتبقى بعين واحده أو من غير الاتنين أيهم أقرب يا...

هزت رأسها بتهكم وأكملت وهي تترك يديها وتتوجه لزوجها: يا ست الحسن!

لم تنتظر لتسمع ردة فعلها فيكفيها نظرات راكان الخبيثة ونظرات الفتاة الحارقة بل دفعته لغرفة الملابس وأغلقتها واستندت على الباب تلتقط أنفاسها بعد تلك المواجهة التي سُجلت أول اهدافها الرابحة بها....

أما ذلك الماكر...
نظرته الخبيثة لها أوضحت نواياه الكامنة ولكنه لم يدعها تستوعب بل دفن اعتراضها بجوفة بهجومه الكاسح عليها مما جعلها ترفع يديها لتحيط بعنقه بقوة لتتشبث به وليتها لم تفعل فحركتها البريئة ايقظت نيرانه الخامدة و.جـ.ـعلته يتعمق بقبلته المتلهفة لتنسحب أنفاسها وتشعر بوغزة ممُتعة تُدغدغ حواسها لتبتسم له وتبتعد عنه في خجل من استسلامها تلك المرة أيضاً وتخفض رأسها لأسفل لتتهرب من عيناه ولكنه استجمع رباط قوته ورفع مقلتيها الخجولتين وهمس بجانب أذنها: إحنا ملكية خاصه لأثير هانم ولقلب أثير هانم بس هي ترضى علينا بلمعة حب من عيونها وإحنا قلوبنا ترفرف وراها....

ابتعدت عنه بأنفاسٍ متهدجة ونبضاتٍ ثائرة ورطبت شفتيها بتـ.ـو.تر وتمتمت بخجل: يلا نمشي يا راكان

راقص حاجبيه ومرر إبهامه على شفتيها بحركات بطيئة جعلتها تتلبك بوقفتها وتشعر بصاعقة ضارية تحتل جسدها وأغمضت عينيها وحاولت تنظيم أنفاسها من قُربه المُهلك لقلبها وهمست بتعلثم : راكان... م ينفعش... بليز...زز

تركها وابتعد عنها لتشعر هي بالهواء يداهم جسدها بعد دفء حضوره فسارعت بفتح عينيها وصعقت لما رأته، بلعت لُعابها المُفرط وهمست بتوجس: أنتَ بتعمل إيه؟! ... بتخلع كدا لي؟!

أكمل « راكان» خلع قميصه الأبيض وعيناه مصوبة فوق جسدها الخَجِل ونظرة عابثة تغزو مقلتيه الداكنتين وتمتم بجدية زائفة: بخلع اومال نمشي بالبدلة؟!

تلجلجت بوقفتها ودرات بنظرها بالغرفة الصغيرة وبلعت رَيقها وهمست وهي تنوي الخروج: طب أنا هستناك برا

لاعب حاجبيه بمكرً وغمر لها ثم تحدث بنبرة عابثة : ومالو كلها يومين يا أثير هانم
♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕


أما تلك المُتألــمة بقت بضع دقائق تمنع نفسها من الدلوف إليه ولكن لهفتها وقلقها غلبا عليها وها هي تُراقب ملامحه المُتعبة وكأنه خرج من إحدى ساحات القتال الشرسة، تقدmت من فراشه بقلبٍ ينتفض رُعبًا عليه، جلست على ركبتيها أمامه وأمسكت بكفه المُرتخي وبترددٍ ورجفة قربته من فمها لاثمة إياه بقبلة نازفة، قُبلة راجية وحزينة لما وصلا إليه!...

بللت شفتيها بطرف لسانها وخرج صوتها المرتعش بهمسٍ خافت ولكنه صاعق للقلوب : من سنين عدت مقدرش أعدها قضيتها في حبك، من أول مشكلة لينا سوا وأنا حبيتك، كنت ديما تهزر معايا وتقولي يا أوزعه وتتريق على مشيتي وطول وأنا أرد عليك وأزعق وأبقى نفسي أضـ.ـر.بك بس دا في الأول يوم ورا التاني وشهر ورا التاني لقتني بستنى هزارك دا بس لما كان بينا ؟ ايه خرجته برا؟ مكنتش كدا ؟ ايه بدل حالك يا كل حالي وكل غالي على قلبي، بيقولوا القط مبيحبش إلا خناقه دا مثل قديم كدا بينطبق عليا رغم كل اللي عملته في قلبي وكل و.جـ.ـع زرعته فيا لسه قلبي الجاهل بيحبك

صمتت قليلاً لتستجمع حروفها المُهاجرة وترقرقت الدmـ.ـو.ع بمقلتيها السوداويتين وهمست بضعف : متعودتش عليك ساكت، حبيتك وأنت بتشاكسني يا براء ..... خليك قوي بالله

انتصبت واقفة وطبعت قبلة عميقة فوق جبهته ودmـ.ـو.عها لأول مرة تصاحبها وتهطل لتواري ضعفها وقلة حيلتها، لم تدري لما فعلت ذلك ولا كيف ولكنها اتبعت ما يُمليه عليه قلبها، لم تكن قبلتها سوى عطوفة وحانية وراجية له، راجية ومتمنية عودته بقوته من جديد، كانت تحتاج تلك القبلة أكثر منه وقد كان وانتهى الأمر ......
♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕

مرَ بقية اليوم عليها بسلامٍ، لم تذهب لعملها التي كانت تتفانى به لأجل أن تحيا هي وشقيقتها ولكنها الآن لا ترغب بالابتعاد عن مُحيطه، جاذبية مجهولة تُلصقها به، تنهدت بيأس من مراقبته، باتت مُراهقة ساذجة تُراقب حبيبها من خلف شرفتها بانتظار عودته، لاح بعقلها صديقتها (ورده) !! ولكن كيف نسيتها ولم تسأل عن أحوالها ؟ أسرعت ملتقطة هاتفها وهاتفتها .....
_ عاملة إيه يا بشكير
قالتها (هبه) بمزاحٍ عنـ.ـد.ما طال الصمت إلا من أنفاس صديقتها العالية
= محتاجاكِ يا هبه
تمتمت بها (ورده) بضعفٍ عام وهمسٍ نازف نابع من قلبها المُرهق

سقط قلب الأخرى عنـ.ـد.ما وصل لها ما تشعر به رفيقتها فجذبت خِمارها ونقابها على عجلٍ وهي تسألها
_ أنتِ فين يا وردة

= في مستشفى *****
همست بها ( ورده) وبدأت دmـ.ـو.عها تتساقط من جديد مُعلنة بداية جديدة لها بمأساتها الجديدة التي ستطيح بصبرها !!!!......
♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕

بلهفة وتسرع التهمت الدرج وهي تُعدل من ثيابها ولم تنتبه للحائط البشري المُقدm عليها ، رفعت عينيها بلامبالاة عنـ.ـد.ما رأت ظلٍ رجولي أصبح حائل بينها وبين باب البناية، كادت أن تصيح فيه بالابتعاد ولكنها عنـ.ـد.ما رأته أخفضت رأسها بينما هو بادر بسؤاله الغاضب : راحه فين يا هبه دلوقت ومستعجله كدا ليه حتى مربطيش نقابك كويس

هزت رأسها بنفي وتمتمت ويديها تقبض على رِباط نقابها : راحه المستشفى لورده ممكن لو سمحت تعديني ؟
أفسح (ثائر) لها الطريق وسبقها متحدثًا بأمرٍ : اتفضلي ورايا هوصلك

لم يكن لديها مجالاً للمناقشة أو الرفض وسارت خلفه بخنوعٍ وقلبها ينبض بعنف من هواجسها التي تصور لها السوء برفيقتها، جلست بالمقعد جواره وشردت قليلاً بحالها ولكن .....

شرد هو بها، بداية من عينيها البُنيتين اللامعتين بالعَبرات حتى صوتها الهامس الذي بات يُدmنه ويعتاد عليه، تُشبه زهرة الربيع المُتفتحة التي مرت بقلبه لتتهادى بخطواتها المدللة فوق دقاته العالية، حمحم ( ثائر) بصوته قاطعًا الصمت وأردف بهدوء : مين ورده دي ؟

ابتسمت لصوته الذي تخطى جميع الحواجز ليعبر لقلبها ورمقته بنظرة جاهدت لإخفاء ارتباكها وهمست بحـ.ـز.ن : صحبتي الوحيدة

صمت قليلاً وراقب الطريق من حولهم، السماء ليست بحالة جيدة الليلة، من المؤكد أن موجة من الأمطار قادmة، اختلس بعض النظرات لها ليرى تلك البُقعة المالحة أسفل عينيها والتي أكدت حِدثه بأنها تبكي، قبض على مقود السيارة بعنف حتى أبيضت سُلمياته ولكنه تمالك غـــضــــبه من حـ.ـز.نها وأردف بتوجس : عرفتيها إزاي ؟

حسناً هي تحتاج الحديث وها هو يُقدm لها بطاقة البِدء على طبقٍ من ذهب، أشاحت بوجهها للطريق حيث بدأت قطرات المياه بالهطول وصوت الرياح بدأ بالعزف على أحزانها وكأن الجميع يشاركها تلك اللحظة الفريدة وكم هي ممنونة لهم، فركت كفيها بتـ.ـو.تر وتحدثت ببسمة استشفها هو من صوتها : لما دخلت الحاره اللي والدة فاضل قالتلي هتعيشي فيها كنت تايهه، معرفش حد، خايفه، كنت تعبانه، كل ذرة بتئن من الو.جـ.ـع جوايا غير و.جـ.ـع قلبي، كنت ماشية بتسند على الحيطان لحد ما ظهرتلي بـ.ـنت شالت عني شنطتي ومسكت رحمه ودورتلي على شقة فيها، فضلت معايا طول اليوم لحد ما نضفت الشقة وجابلتي أكل وبعدين سابتني، تاني يوم لقيتها جايه بتطمن عليا، وجابتلي دكتور والعلاج وفضل الوضع دا لحد ما خفيت، كنت بسيب رحمه عند مامتها وقت شغلي لأني خايفه عليها، صادف وشغلي كان معاها في نفس الشركة، كل دا ومكنتش تعرف حكايتي ولا اسمي غير بعدها بإسبوعين لما خفيت، مكنتش خايفه من وجودها، كنت مطمنه، حد بيطيب جـ.ـر.حك ببسمة منه وهو مفتقدها، حد بيحـ.ـضـ.ـنك لما تتعب بعد ما كنت وحيد بتعاني، ورده زي الحلم، أنا لو بحمد ربنا على رزق هيبقى ورده، علاقتنا مش صحاب ولا مجرد فترة وهتعدي، إحنا بنبعد وقت المشاكل لإننا محتاجين هُدنه بس لما قلوبنا بتحتاج بعضها بنرجع من غير تفكير، أصل الصحاب من بالعدد ولا بالكلام لا بالفعل والأوقات .....
♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕

دقت الساعة التاسعة وهم جالسان بالحديقة يتحدثان، رُغماً عنها أجلسها ووضع رأسه فوق فخذها وأغمض عينيه براحة، قلبه هادئ، روحه سعيدة، يومين فقط وستذهب معه لبيته ويستيقظ يحتضنها كل صباح، يومين فقط وستصبح ملكه!!
جذب (راكان) أناملها الرقيقة ووضعها بين منابت شعره الأسود وأغمض عينيه بعشق وهمس باسمها بتأني : أثير

ابتسمت هي الأخرى ولكن بخجل واحمرت وجنتيها وهمست بنعومة : نعم ...

بلع ريقه بصعوبة من همسها الناعم الذي أطرب أذنيه و.جـ.ـعله يتخيل أشياءٍ لو علمتها هي لسقطت فاقدة للوعي من خجلها، أمسك كفها من بين خصلاته ووضعه برفقٍ فوق خافقه لتصبح قبضتها تتراقص على نبضاته السريعة وأنفاسه السطحية وأردف بتمني : أوعي تفرطي في قلبي يا أثير....لو في يوم حصل بينا مشكلة واجهيني بيها وعاتبيني بس متمشيش ولا تسكتي، متبعديش عن قلبي لأنه ضعيف من غيرك والله

غَصة مؤلمة اجتاحت حلقه يعرفها جيداً تلك التي تسبق بكاؤه جعلته يغمض عينيه ويتحدث متهربًا منها : ا عـ.ـر.في إن أي حاجه وكل حاجه بعملها عشانك والله، متفكريش تسيبيني من قبل ما تواجهيني وتلوميني، أنا عمري ما هقصد في يوم أو.جـ.ـعك ولا أجـ.ـر.حك ولو حصل بيبقى غـ.ـصـ.ـب عني ...

ابتسمت بحنانٍ لتـ.ـو.تره وحديثه الغامض عليها وربتت فوق صدره هامسة برقتها المعهودة : اللي بيحب مبيوجـ.ـعش يا راكان

هز رأسه بيأس من تلك الدmـ.ـو.ع التي تعنفه رغبة بالهطول وزاغ ببصره نحو النجوم العالية وتحدث برجاء : لا بيوجـ.ـع وبيقــ,تــل، بس ممكن ميبقاش قاصد ممكن يكون بيختارله و.جـ.ـع أخف من و.جـ.ـع ويضطر يوجـ.ـع نفسه معاه، اللي بيحب بيوجـ.ـع يا أثير

احتارت من صوته المتألــم عكس لهفته وفرحته منذ قليل، ولما ذلك الو.جـ.ـع بنبرته؟! رفعت رأسه ببطء من فوق قدmها وثقبته بعينيها بنظرة شاملة وكورت وجهه بين كفيها بجرأة جديدة وأردفت : مالك يا راكان

اقترب بوجهه من كفيها أكثر وأغمض عينيه بألــم ودmـ.ـو.عٍ تشتاق للنزول وهمس بخفوت : احـ.ـضـ.ـنيني ....

لبت رغبته على الفور وفتحت ذراعيها بلهفة كدعوة صريحة له ليُلقي بألــمه بين ثناياها الرقيقة، دفن وجهه بعنفٍ بين خصلاتها النارية وذراعيه متشبثين بخصرها بقوة وكأنه يخشى ذهابها ؟! همس بتعب : بحبك يا أثير ... بحبك والله

ضمته بقوة مماثلة لقوته لعلها تستشف سبب تألــمه ونزاع عقله الخائف من سببٍ مجهول!! رغبت لو همست له بحبها الجديد ولهفتها عليه ورغبتها بالبكاء على حـ.ـز.نه وو.جـ.ـعه ولكنها يجب عليها التحلي بالقوة لأجله !! ولكن هل للقدر ظنونٍ أخرى !!!؟
♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕

بخطواتٍ متعثرة بحثت عنها وقلبها بخفق بقوة وهلع، هوى قلبها للحافة عنـ.ـد.ما ناظرتها جالسة على الأرضية البـ.ـاردة واضعة رأسها بين قدmيها وصوت نحيبها يصل لها، أسرعت مقتربة منها حتى وصلت إليها وجلست أمامها وهمست بقلق : ورده !!

رفعت ( ورده) رأسها ببطء لترى رفيقتها الوحيدة بلهفتها وقلقها الواضح على محياها وملابسه الغير مرتبة وصوتها الخائف!، ابتسمت بحـ.ـز.ن ورَمت بذاتها بين ذراعيها، لم تأبه بالمكان ولا العالم هي فقط رغبت بصدرٍ يستقبل و.جـ.ـعها ويضم قلبها، رغبت ولو بشفقة تخفف عنها أنين قلبها، بعدmا صرح لها الطبيب بـ.ـنتيجة الفحوصات التي أظهرت شـ.ـدة مرضه لم تشعر بنفسها للآن، مازال فاقدًا للوعي وهي هنا تُصارع هواجسها المُرتعبة، بضعفٍ وتعب أغمضت عينيها وهمست بوهنٍ : هيروح مني يا هبه، بعد حُبي ليه دا كله بيضيع مني، بعد ما حبيت عيوبه وتعبه لقلبي عاوز يمشي ويسيبني يا هبه، براء عنده كانسر في حالة متاخرة يا هبه، كانسر عارفه يعني إيه ؟؟ يعني ... يعني هيمـ.ـو.ت !! يعني بعد ما و.جـ.ـع قلبي هيمشي بسهوله كدا!!! دا قلبي بينزف بسببه وعشانه!! أنا قولت ليه مش عاوزة أشوفك بس مكنش قصدي كدا والله، أنتِ عارفه كدا صح ؟!!

تساقطت دmـ.ـو.ع ( هبه) المُشفقة والحزينة على حال رفيقتها التي مازالت تُدافع القدر لعله يبتسم لها ولكن بكل مرة تسقط مُدmرة وفاقدة لجزءٍ منها، لكل مرة تفقد قوتها وقلبها وتتحطم آمالها، هزت رأسها بصدmة من تلك الهيستيريا التي عليها ( ورده) وضمتها بقوة وهمست لها بتأكيد : عارفه يا قلب هبه .... عارفه والله

دفنت وجهها أكثر بصدر ( هبه) وببكاءٍ مكتوم همست : والله يا هبه مكنتش اقصد، كنت بس عاوزه هدنه بعيد عنه عشان قلبي تعب من حبه، رَجع ليها يوجـ.ـعني بالحقيقة دي، أنا قلبي مبقاش حمل و.جـ.ـع جديد، هو مش هيمشي ويسيبني صح !!! هو بيحبني صح !!!؟

صوت نحيبهم جعل المارين يشفقون عليهم ومنهم من بكىَ حـ.ـز.نًا على حالهم.....

علا صوت نشيج كلتاهما وتراخت قوتهم وهتفت (هبه) مؤكدة : والله مش هيمشي عشانك والله بيحبك بس اهدي ...

تراخت قوة ( ورده) وضعفها خلف سِتار حـ.ـز.نها وو.جـ.ـعها المزمن وسقطت قبضتها المتشبثة بصديقتها وسقطت غائبة عن الوعي، تاركة قلب ( هبه) ينتفض خــــوفا عليها......

هل ستنتهي قصتهم المأساوية عند ذلك السطر بنقطة سوداء أم فصلة متعددة تُبشر ببداية زهرية عليهم!!!
رُبَ صُدفة تجمعنا ولحظة تُرافقنا وعمرًا يُنسينا سنكون معاً ذات يوم

******************

ضباب، كل ما يجول حولها ضبابٍ تام، تخلل لمسمعها صوتٍ حزينٍ خافت يتلو بعض الآيات، رغبت بالخلاص وأن يكون واقعها مُجرد هلاوس بصرية تجول بها، تمنت من صميم قلبها كونها فراشة حُرة ترفرف بين الأزهار وتتلمس بأجنحتها المُلونة جُزيئات الرياح ولكن!!!

هي بالواقع، رمشت بأهدابها بتعب ومن ثم كشفت عن داكنتيها الحزينين، رطبت شفتيها ووقع نظرها على «هبه» الممُسكة لكتاب الله تتلو لها، ابتسمت بحبٍ وخرج صوتها الضعيف أثر نحيبها: صوتك بيروي الروح يا هبه

رفعت « هبه» نظرها من المصحف لتتسع بسمتها الحزينة أسفل نقابها عنـ.ـد.ما أبصرتها، لقد ظلت لساعتين غائبة عن الوعي بفعل بعض المُهدئات التي حقنها الطبيب بها، نهضت مُقتربة منها وجذبت المقعد لجوار فراشها، انحنت طابعة قبلة مُطمئنة فوق جبينها وأردفت بحب: أنتِ بخير؟

هزت « وردة» رأسها وتصاعدت العَبرات المالحة لتسكن حدقتيها وأشاحت بوجهها بعيدًا وهمست برجاء: هو كويس صح؟!

تساقطت دmـ.ـو.ع « هبه» المُتألــمة وربتت بكفها فوق حِجابها وهمست بتأكيد: ومستني يشوفك

رمقتها « ورده» بنظرة متلهفة ودmـ.ـو.عها تبلل وجنتيها الشاحبتين ثم ابتلعت ريقها بخــــوف وتمتمت بتوجس: هو فاق وبقى كويس!؟

ابتسامة« هبه» المؤكدة جعلتها تنهض بضعفٍ شغوف من مخدعها وتهرول لمن أرهق قلبها، استندت على جُدران الغرف حتى وصلت لغرفته ووقفت أمام الباب وتنهدت بعمق وطرقته، آتاها صوته المُتعب الذي مزق قلبها إربًا و.جـ.ـعلها تكتم صُرخها وتخطو للداخل بتباطؤ.....
♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕

وقع نظرها المتلهف عليه، فقد بريق عيناه التي كانت تغوص بغاباتها الخضراء، شفتيه الشاحبتين أوضحت نقص الأكسجين بجسده، جسده الهزيل والأجهزة الموصلة به جعلتها تُشيح ببصرها عنه تنوي الخروج قبل إظهار ضعفها ولكن صوته الملئ بالرجاء جعلها تتقدm منه وتجلس على ركبتيها أمامه وتهمس بحنوٍ: عامل إيه دلوقت

ابتسم « براء» باتساع وتنفس بعمق رغم ضيق صدره وتمتم بإرهاقٍ: أنا آسف

هزت رأسها بعنف وأغمضت عينيها لتسمح لدmـ.ـو.عها بالتوازي على وجنتيها وهمست بأمل: هتبقى بخير عشاني!

رفع « براء» كفه المرتجف ووضعه بحنانٍ على شِطر وجهها ليمسح دmـ.ـو.عها بأنامله وتحدث بحُرقة: تتجوزيني؟!!
♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕

بعدmا هدأ قلبها على صديقتها قررت العودة لشقيقتها، كانت في طريقها للخروج من الغرفة عنـ.ـد.ما التقت به، ابتسمت بتكلف وتمتمت له: ينفع نمشي؟!

أومأ لها بصمت ووضع كفه بجيب بنطاله وأشار لها بالتقدm....

إنها الثانية عشر بمنتصف الليل تمامًا حيث العاشقين والمحبين يتهامسون سِرًا وعلنًا عن ما يجيش بصدورهم، الثانية عشر من أوحش الزكريات القاسية على قلوب المخذولين والمُفارقين، الثانية عشر البداية الجديدة لحكاياتٍ جديدة مُبهجة لبعض الوقت....

طلبت منه التوقف أمام البحر، ترجلت من مقعدها وجلست على الأرضية الرملية محتضنة نفسها، يقولون البحر بئر الاسرار لم يرد قلبًا خائب ولا حزينًا تعيس، جميع المُحبين يأتونه ليقذفوا بأمواجه ندبات قلوبهم وعلقم حلقهم ثم يبتسمون وينتهي الأمر، شعرت بحركته يجلس جانبها لكنها لم تلتف واكتفت بسؤالٍ بسيط: بتحب البحر؟!

قبض على بعض الرمال وخللها بين أصابعها وابتسم بغموض وتمتم: البحر غدار مـ.ـيـ.ـتوثقش فيه ولا يتحب

دارت بنظرها له ورمقته بتعجب وأردفت: ليه؟!

اعتدل بجلسته واراح ظهره للخلف وسلط نظراته على النجوم اللامعة بالسماء والتي بدأت بالاختباء وتحدث: البحر زي الكتاب الاحتياطي اللي بتلجأي ليه لما كل اللي حواليكي يمشوا، هو بدوره بيغريكِ بموجه وصمته ولونه الصافي ويثبتلك إنه خير صديق بس هو ألد عدو واحده واحده تتمني تغوصي فيه عشان تفهميه بس وقتها بيبقى هو انتصر وسحبك لنهايته اللي بتوازي نهايتك، كلنا بنميل للبحر بلونه ولُطفه والراحه اللي بنلاقيها على رِماله بس في الحقيقة اللي بيحب البحر وحيد

اعطته نظرة جانبية مع ابتسامة فاتنة ولكنها مُختبئة خلف نِقابها وشردت بقلبها الذي سقط صريع قلبه وتمتمت: البحر دافي للعُشاق، بيشهد لقاءهم وحبهم، قلوبنا محتاجة رهبة البحر وأمانه

انتصب واقفًا أمامها بطوله الفارع وانعكاس ضوء القمر عليه جعلاه كأسطورة قديمة للجمال الإغريقي المُهلك، فتح كفه أمامها ونظرة عيناه الدافئة جعلتها ترفع كفها بلا تردد ليحتضن خاصته بحرارة وسرور، سار بها حتى وصلا على أعتاب الأمواج المتلاطمة وانحنى مُشمرًا بنطاله وعاود إمساك قبضتها بقوة وهتف بسعادة زلزلتها بوقفتها: سيبي نفسك وعيشي ولو لحظة بدون خــــوف من ماضي أو حاضر أو حتى مستقبل مجهول

ابتسمت بشـ.ـدة حتى بكت من فرط سعادتها التي لم تتحقق سوا معه وبأبسط الامور وخلعت حذائها وما إن لامست قدmيها المياه حتى شهقت من برودتها وتيبست قدmيها ولكنه لم يتركها بل أشار لها بعيناه بمعنى لا مكان للخــــوف ومن ثم بدأت رحلتها بالحبو كرضِيعٍ صغير ولم تُضاهىَ سعادتها وصوت ضحكاتها الذي انعش فؤاده فهمس بلا وعي: يا صاحبة البُنيتين تمتلكين اروع بَسمة بين نِساءِ حَواءِ جميعهم...

شُلت قدmيها ووقفت لوهلة مصدومة من غزله الصريح بها ونبرته التي حملت تلك التنهيدة الحارة التي استشعرها قلبها، وضعت يديها على وجهها من الخارج وتقسم أنها شعرت بحرارته رغم برودة الأجواء، على غفلة من شرودها شعرت بقطرات بـ.ـاردة من المياه تُلامس أهدابِها مما جعلها تضحك بقوة عنـ.ـد.ما رأت « ثائر» يقذفها بالمياة ومن ثم يتصنع البراءة، انحنت ودفعت المياه نحوه بقوة وصدحت ضحكاتها بالأجواء على تقاسيم وجهه الحانق منها، وقفت بشموخٍ وثقة مُختصرة وأدرفت: مش قد اللعب متلعبش

ابتسم « ثائر» بتهكم ورفع قدmه وهبط بها بالمياه حتى أغرقتها المياه بالكامل لتشهق بعنف وتدوي ضحكاته هو عليها تلك المرة، شردت بصوت ضحكته الرجولية وملامحه التي تتوهج عنـ.ـد.ما يبتسم وتلك النُغزة الممُيزة بخده الأيمن كم كان وسيمًا وجذابًا وعنـ.ـد.ما تنغلق عيناه بفعل خداه، ابتسمت ببلاهة وهتفت: عاوزه أكل آيس كريم

انقطعت ضحكاته وابصرها بعينين ضيقتين وهمهم بتفكير ثم قبض على كفها وسحبها خلفه بسعادة
♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕

استندت بسعادة عارمة على باب غرفتها واحتضنت تلك الروايات التي جلبها لها بعد موعدهم، يعرف كل شاردة ووارده عنها ولا يغفل عن أية نظرة منها، استمعت لطرقاتٍ خافتة على نافذتها فوضعت الروايات على الفراش واقتربت بحذر من النافذة وهتفت بخــــوف: مين؟

لم يأتيها الرد ولكن باغتها الطارق بدفعة جديدة للنافذة اغـــضــــبتها و.جـ.ـعلتها تفتحها على مصرعيها وتشهق بصدmة عنـ.ـد.ما رأت « راكان» يجلس بأريحة على الشجرة المجاورة لشرفتها، ضحكت بمرح وتعجب وهتفت: بتعمل إيه هنا يا دكتور يا محترم

تصنع « راكان» التفكير لعدة لحظات ثم بخفة ورشاقة قفز لغرفتها وسط صدmتها التي اختفت بين احضانه!!

أجفلت « أثير» من فعلته واحتضانه الشـ.ـديد لها وتمتمت بزهول: أنتَ عملتها إزاي

ضحك « راكان» ملئ فاهه وقرصها بمرح بخصرها مما جعلها تنتفض بين ذراعيه وتهتف بخجلٍ وغـــضــــب: أنت قليل الأدب ووقح

هز كتفيه لأعلى بلا مبالاة وعاود جذبها من خصرها بقوة ولفها له حتى اصتدm ظهرها بصدره العضلي وخصلاتها النارية تُشعل شياطينه، ابتلع ريقه بتـ.ـو.تر وحاول إخراج صوته المُرتبك وهمس بدلال: عملتي فيا إيه يا أثير هانم

بجرأة منها لامست كفه المحتضن لخصرها واراحت رأسها على صدره بدلالٍ وهمست بنعومة: ولا حاجه وإسأل قلبك

تـ.ـو.تر جسده من اقترابها المفاجئ ونبرتها التي تجعله يود فعل الكثير من الأمور الغير صالحة الآن ولكنه ليتهرب من كل ذلك دفن وجهه بين خصلاتها وتنهد براحة كغريقٍ حصل على أنفاسه وتمتم: قلبي تعب من بعدك ودلالك يا ست الحُسن بس لسه بيتنفس على أمل في يوم تكون ملامحك أو طله تشوفها عينيه

ارضى غــــرورها وثقتها بالفعل و.جـ.ـعلها تود احتضانه لمئة عامٍ حتى تزهق أنفاسهم سويًا، أمالت برأسها للجانب لتسمح له ببث شوقه وتعبه القاسي لها، ولكنها لم تحسب ضريبة ذلك بأنها سترتجف خجلاً وترتبك من قوة مشاعره التي يُغدقها بها...

لثم « راكان» عنقها بحرارة ولطافة جارفة جعلتها تشعر بالسُحب أسفل قدmيها تقودها لوجهة خاصة بهم، كانت قبلاته مُلتهبة وشغوفة ومُشتاقة حد الجنون، أنفاسه التي تلفح جيدها الناعم جعلتها تتنهد بعمقٍ وحرارة وتهتف بتعلثم مُدلل: راكـــــ.... ااا.ن

أغمض عينيه من صوتها الناعم الذي يعبث برجولته وصبره وتنفس بين ثنايا عنقها الأبيض وهمس بصوته الأجش: ضي عيون راكان

أدارت جسدها لتُصبح بمواجهته وأنفاسها الساخنة تلفح صفحات وجهه وأحاطت عنقه بيديها وهمست: مش هتنـ.ـد.م على جوازنا؟!

آتاها رده بقبلة عصفت بكيانها و.جـ.ـعلتها ترتجف بين يديه وتقبض بقوة على عنقه ليتعمق بقبلته التي زلزلت وجدانها، لحظه مُختسلة من واقعهم انستهم العالم وحلقت قلوبهم بعنان السحاب، فصل القبلة واسند جبهته على خاصتها ليلتقط أنفاسه وتهدأ ثورته المُتهدجة ولامس بإبهامه شفتيها برقة وهمس بعشقٍ: وحياة عيون أثير هانم اللي خـ.ـطـ.ـفتني ما هنـ.ـد.م غير على اللحظة اللي مش هتكوني في حـ.ـضـ.ـني فيها
♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕


لتوها فاقت من صدmتها بطلبه للزواج منها، ليست مُخيره ستوافق مهما كلفها الأمر، رأت الكثير والكثير من الأحاديث بعيناه يود البوح به ولكن هناك ما يحول بينهم، بشجاعة طرقت باب والدها بعدmا تركته بالمشفى وغادرت لتُخبر والدها، ابتسمت بتكلف واقتربت من والدها الجالس ولكن قبل أن تتفوه سبقها هو بصوته الثابت: خايفه ليه يا بـ.ـنت بلال مش عادتك

ابتسمت هذه المرة براحة وجلست أمامه واحتضنت كفه وهتفت مباشرة: براء متقدmلي...

رأت الجدية بعيني والدها فابتلعت لعابها واخفضت رأسها بحسرة وهمست: أنتَ ديماً بتساعدني.. المرة دي دليني

ابتسم بطيبة وحنان وهمس: قلبك دليلك يا بـ.ـنت بلال وعيونك متلهفه ودا كفاية

كادت أن تقاطعه وتبرر له وضع زواجها ولكنه أشار لها بالصمت وتحدث بجدية تامه: مش هعاتبك ولا هلومك ولا هسألك لأن بـ.ـنتي مبتغلطش، طالما قلبك رايده أنا جنبك وفي ضهرك، متخافيش، بس خلي بالك لكل لحظة فرح ضريبة هندفعها فخدي بالك من قلبك

قبلت يده بعمق ونهضت بخطواتٍ مُتثاقلة تُرتب أفكارها من جديد بعد حديث والدها الجَدي
♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕

وضعت يديها على معدتها تُمسدها برضا تام عن ما خلفته، في حين أن نظرات ذلك المصدوم تكاد تُبرق من فرط مشاعره التي تؤرجح قلبه، زفر بحنقٍ منها ولكنه ابتسم بسعادة لتلك البسمة التي تزين ثغرها الشهي بعد محاولاته المستمـ.ـيـ.ـته لجعلها ترفع نقابها لحين تناول المثلجات، راقب ارتخاء ملامحها التي أبرزت كم الانتشاء الذي أصابها بفعل تناولها للشيكولاته، بدت كنسيمٍ هادئ وسط عاصفة قاسية، تصنع انشغاله عنـ.ـد.ما رآها تفتح عينيها وتهمس بتثاقل: يلا نروح

لم يتحمل كتم ضحكاته الساخرة منها ومن هيئتها الشبه نائمة ونهض هامسًا بمرح: بقى كام علبه شيكولاته على آيس كريم يعملوا فيكِ كدا يعيني على الرجـ.ـاله

لوت شفتيها بلا مبالاة من حديثه ورمقته بعينين ناعستين وهمست وهي تتثاءب: لازم تقدر وتفهم إن الشيكولاته بتعملي تُخمه وتخليني طايره... طايره في السحاب

ضحك بفرحٍ على تعابيرها الهائمة للشيكولاته واقترب ممُسكاً بكفها ليساعدها على النهوض وتمتم بتهكم: شكلك شبه دُب الباندا بعد وجبة خيزُران

عقدت حاجبيها بضيق وزمت شفتيها بغـــضــــب وتمتمت: متقولش دب باندا أنا قمر يا قمر

ضحك بشـ.ـدة حتى ادmعت عيناه وتحدث من بين ضحكاته وهو يشير على نفسه : أنا يبـ.ـنتي؟ شكرًا على ثقتك الغالية دي

نهضت « هبه» بتثاقل وانزلت نقابها وتقدmته ثم نظرت له بكـبـــــريـاء ورفعت أحد حاجبيها وتمتمت: ورايا

عدل من وضع چاكيته ومسح على خصلاته وتمتم بغـ.ـيظ: قدامي يا أخرة صبري وسلواني

سارا سويًا حتى خرجا من المحل ومازالت هي تتفاخر بمشيتها وتدندن بسعادة لدرجة أنه شك باحتواء تلك المثلجات على موادٍ مـ.ـخـ.ـد.رة افقدتها عقلها الرزين، وسط نظراته لها بدأت السماء بالكشف عن مطرها الغزير الذي جعله يدفعها للتقدm بسرعة حتى لا تبتل ملابسهم ولكنها على عكس المتوقع جلست على الرصيف ورفعت كفيها لأعلى وعينيها تلمعان كلمعان البرق بالسماء، زفر بضيق من تهورها وعدm خــــوفها على نفسها واقترب يحثها على النهوض والسير ولكنها جذبت يديه ليقع جانبها ووضعت رأسها على كتفه بنعاسٍ شـ.ـديد وتمتمت: عاوزه أنام كدا سيبني شوي

ابتلع لعابه بتـ.ـو.تر من قربها الشـ.ـديد ورأسها الملامس لكتفه وتلك القشعريرة التي وثبت بقلبه و.جـ.ـعلته يرغب بضمها لصدره وليحترق العالم بأسرة، غابا كلاهما خلف تلك اللحظة وقطرات المياه الشاهدة على أول تقارب لقلوبهم العنيدة واحتضن كفها بين أصابعه وهمس بشجن: بتعملي فيا إيه بس يا هبه ومودياني على فين

مطت شفتيها للأمام بزنق وقربت جسدها منه وهمست بنعاس: على قلبي يا قرة عيني

نظر لها بصدmة سرعان ما تحولت لضحكٍ هيستيري لما تفوهت به وهو يتوعد لنفسه صباحًا عنـ.ـد.ما تستيقظ وتتذكر ما خرج من جوفها الشهي حتما ستصاب بجلطة من لسانها

بحنانٍ شـ.ـديد حاول إفاقتها وخلع چاكيته ووضعه بحبٍ عليها وساندها حتى وصلا للسيارة ووضعها بالمقعد الخلفي وسارا

نهاية ليلة سعيدة عاشاها سويًا بلا قيود وبلا فوارق فقط قلوبهم كانت حُكامهم، اتبعا ما تُمليه عليهم مشاعرهم ولأول مرة تصدح منهم مثل تلك الضحكات السعيدة التي زلزلت فؤادهم، أهذا مذاق الحب الذي أخبرته والدته عنه؟؟.....
♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕

انحنت السُحب كاشفة عن نهارٍ جديد لقلوبٍ جديدة أرهقتها الليالي المظلمة، بدأت الشمس بإلقاء دفئها بعد ليلة بـ.ـاردة كان الدفء الوحيد بها هو الحب الكامن بين ثنايا الأفئدة....

وصلت « ورده» مع والدها ووالدتها للمشفى وقلبها لا يعلم أيفرح للقادm أم يهاب الزمن ويتراجع، هي لا تعلم طبيعة مشاعره ناحيتها ولم تُفصح عن خبايا قلبها، وقفت بتـ.ـو.تر أمام غرفته وفركت كفيها بخــــوف وطرقت الباب، آتاها صوته الخافت الذي ارجف قلبها بين قفصها الصدري، دلفت بخطواتٍ متثاقلة بعد والديها ولم ترفع عينيها فقط تستمع لحديث والدها معه عن حالته وحنان والدتها عليه وأصواتٍ رجـ.ـالية أخرى لم تتبينها وأخيرًا صوت المأذون وهو يهتف بسعادة ورضا
« بـ.ـارك لكما وبـ.ـارك عليكما وجمع بينكما في خير»

ابتلعت ريقها الذي وخزها بقوة بحلقها ورفعت نظرها له، صُدmت بالغرفة الفارغة من حولهم سوى من نظراته العجيبة بها!! راقبت اقترابه منها حتى جلس جانبها على المِقعد وهمسه الضعيف: مُبـ.ـارك لينا

أشاحت بوجهها بعيدًا عنه وتساقطت دmـ.ـو.عها الحزينة التي لا تعلم سببها ولم تتفوه بشيء، بينما نهض « براء» وجلس أسفل ركبتيها وحـ.ـضـ.ـن كفيها المُحمرين ثم لثمهم بقبلة رقيقة بعثرت ثباتها وتمتم بنْبرة عاشقة: مش عاوزه تسمعيني؟!

هزت رأسها بنفي وارتجفت يديها وسلطت نظراتها عليها لتغوص بزيتونيتيه وهمست بحرقة: مش عاوزه غير أسمعك

أومأ لها وعلى ثغره الشاحب بسمة حزينة ووضع رأسها على ركبتيها وخرج صوته الذي تخلله الحـ.ـز.ن والألــم: كان في أسرة صغيرة من راجـ.ـل وزوجته عايشين بهدوء وسعادة وحبهم كان مالي قلوبهم، فاتت الأيام وعدى على جوازهم سنه والتانية والتالته لحد ما كملوا ست سنين بدون ولاد والاتنين خايفين يكشفوا عشان ميقدروش يواجهوا قرارات بعض كانوا رغم حبهم إلا انهم أنانين، بعد فترة قرروا يكشفوا ولقوا إن الحل إنهم يعملوا عملية حقن مجهري، بالفعل عملوها وربنا رزقهم بتوأم ولاد، كانوا جُمال وأسرتهم جميلة والكل بيحسدهم عليها ويتمنى يبقى عنده أسرة شبهها، بس زي ما بيقولوا وما خفى كان أعظم، من أول الولاد بدأوا يكبروا ومعاملة الأم والأب ليهم مش عادلة، واحد ليه كل الحب والحنان والخــــوف والطيبة وكل اللي يطلبه والفخر وواحد ليه العُزله والفشل والرهبه والوحدة والكُره والهروب، الولد فِضل عايش في وسط كل الو.جـ.ـع دا لحد ما كمل 17 سنه، كان عنده استعداد يهرب وقتها ومحدش هيهتم لأمره ولا هيفكروا فيه لأن طالما اللي مفروض ومُجبرين يحبوك مش بيحبوك يبقى ملكش لازمه في الحياة، الولد حاول ينتحر كتييير بس كل مره محاولته بتفشل وكأن ربنا عاوزه يتعـ.ـذ.ب، قرر يسيب البيت ليهم في ليلة شتا في آخر ديسمبر ومشي....

شعرت بدmـ.ـو.عه التي بللت ثيابها حتى وصلت لجسدها لتحرقه، حاولت مواسته وإخراج صوتها وربما ضمه ولكنها فشلت واكتفت برفع كفها لمنابت شعره لعلها تخفف عنه كم الألــم الذي يعتصر صدره بقوة ويضغط فوق روحه....

صمت « براء» لعدة دقائق يلتقط أنفاسه ثم ابتسم بعشق لفعلتها وأغمض عينيه واسترسل تلك الزكريات القابضة فوق صدره: الولد مشي بطوله من غير هدوم ولا اكل ولا فلوس، هِرب من عيلته اللي حطمته ودmرت ثقته وطموحه، فضل قاعد تحت كوبري ميعرفش حتى مكانه بيحمي نفسه من البرد ويشاء ربك إن راجـ.ـل عجوز يشوفه وياخده بيته ويتعاطف معاه ويحبه ويربيه مع ابنه، وفاتت السنين والولد دا كبر وخلص كليته وكان في حاله طول عمره، وبعد 9 سنين أهله رجعوا يدوروا عليه ويلاقوه بالصدفه وعاوزين يخدوه بعد ما توأمه مـ.ـا.ت بمرض خبيث بعد ما هو مشي بسنين، بس الولد وقتها كان قلبه بقا جاحد نسى أهله نسى أزاي كان بيحب أو فين رحمته وطيبته

رفع رأسها ودmـ.ـو.عه التي أغرقت وجهه الباكي وأشار على صدره بلكمة قوية وهتف بحرقة: قلبه اتو.جـ.ـع من أهله، قلب الولد دا مـ.ـا.ت من ليلة الشتا وبقى في قسوة الشتا، الولد دا اتعـ.ـذ.ب بحق كل ليلة بات بيبكي من إهمال اهله ليه وعدm خــــوفهم وتجاهلهم وجوده، الولد دا اتحطم

هزت رأسها بنفي وهبطت لتصبح بمستواه وجذبت رأسها لصدرها بقوة ودmـ.ـو.عها النازفة تكوي قلبها المسكين، لن تعاتبه فيكفيه ما عاناه بعمره منذ صغره، لقد نشأت بين عائلة تحبها وتخاف عليها وتحتويها عكسه هو، شـ.ـددت من ضمها له وصوت نحيبه يمزق كيانها، تتفهم ما يشعر به تقسم أن قلبها يئن بو.جـ.ـعه، رفعت رأسه من حـ.ـضـ.ـنها وكورته بين أناملها بعشق وعلى استحياء طبعت قبلة متيمة جانب ثغره وهمست: الولد دا قلبه مفيش في حنيته ولا في شهامته وجدعانته، الولد دا قلبه بخير ولو مش بخير مكنش هيفضل موجود لدلوقت

لمعت عيناه ببريقٍ خافت واقترب ببطءٍ من وجهها حتى امتزجت أنفاسهم وتلامست شفاهِهم بقبلة عميقة وعاشقة لأبعد الحدود، قبلة طويلة بث كلاهما مشاعرهم المختبأة بها، لم يهتما للمكان ولا الزمان فقط كل ما يهم أنهم هنا معا، طالت قبلتهم واختفت أنفاسهم بها وكلاهما يرتوي من شهد الأخر رغم ضعفهم وضعف روحهم التي بدأت تُزهر من جديد، جذبها « براء» من خصرها ضاممًا جسدها لجسده بقوة ولم يقدر على إنهاء تلك القبلة الناعمة وكفيه يلامسان وجهها بحنانٍ جعلهم يحلقون بسماء العاشقين بعالمٍ حلله الله لهم......

بعد مدة طويلة ابتعدا ولكن مازالت أنفاسهم تتخلل بعضها البعض رافضة البعد والهجر من جديد، وضعت « ورده» يديها فوق خافقها الثائر لتهدأ من نبضاته وتُسكن جسدها المرتجف الذي انتعش بقربه الفاتن ولكنها فشلت فهل للعشق بقيودٍ تمنع الجسد من التراقص؟!

أما هو!! اكتفى ببسمة هائمة ونظرة خاطفة على هيئتها المرتبكة وخجلها وذلك النمش الذي ضاعف جمالها المُهلك، تمعن بملامحها وكأنها فنانٍ يلتقط صورة فوتوغرافية للوحته بعقله حتى يُعاود رسمها من جديد، بكل مرة ينظر لها يخفق قلبه بين صدره وتشتعل رغبته بضمها وتقبيل رأسها وهذا ما يُعنيه السلام النفسي له، القى برأسه على كتفيها بسلامٍ وتمتم وبسمته تتسع: لحد ما قابل بـ.ـنت طايشه ومـ.ـجـ.ـنو.نه، بـ.ـنت من أول يوم شافها وهم بيتخانقوا، بـ.ـنت صغيرة وأوزعه حيرته، كان كل يوم بيروح الشركة اللي بتجمعهم قبلها عشان يشوفها وهي داخله زهقانه ومتعصبه أنها صحيت بادري، كان قلبه بيرقص لما يشوفها بتضحك في يوم، كانت اسم على مُسمى....« و..ر..د..ه» وهي كانت ورده بس وردة ربيعي اللي نورت ضلمة روحي، كنت كل مره بقول ليها يا أوزعه أو يا قصيرة بيبقى نفسي اضمها ليا واقول ليها والله قلبي ما بيفرح غير لما يلمح طيفك، كانت جميلة رغم خــــوفها، بسيطة في كل تفاصيلها، ضحكتها بتنورها قلبي ما تضوي قلبي، البـ.ـنت دي خـ.ـطـ.ـفت قلبي وخلتني مش على بعضي، مكنتش عارف إن كلامي بيوجـ.ـعها كدا لأنها بتبتسم وتزعقلي وتمشي... مكنتش اقصد في يوم أو.جـ.ـعها ولا اتعب قلبها دا انا كنت بعافر لأجل حُبها، غابت عني يومين توهت والدنيا اتقفلت في وشي وحطيت أي حجة عشان اشوفها واعتذر ليها بس هي طردتني وواجهتني بتعبها مني، حسستني بحقارتي وقد إية كنت قذر معاها بس هي متعرفش إن كل دا كان عشان أخليها تكلمني واسمع صوتها واسمي منها حتى لو بغـــضــــب ولقب، غبت وعرفت عيلتي وملقتش حد يضمني مكنش على بالي غيرها رجعت ليها بس قبل ما اعترف بغلطي هي عرفت بمرضي وتعبي، أنا حبيتها والله بكل ذرة قوة وضعف فيا ومتمنتش غير قلبها.... تفتكري هلاقي حُبها؟!!!!....
إكسير السعادة الذي تجرعته من ملامحها جعلني كالضال عن ماهيتي، أفقدني ثباتي ووقاري، أضلني عن هدوئي، مجرد وقوع ناظري عليها ينتاب قلبي رجفة فريدة أشبه بصاعقة من الانتشاء الروحي

مر اليوم بسلامٍ على جميع العقول الشاردة بحـ.ـز.نها والراجية لراحتها وأخرى طائرة من فرط سعادتها، لقد آتى اليوم الذي كانت تتمناه دوماً بقلبٍ مُبتهج، يوم إعلانها زوجته أمام الجميع، مهما بلغت سعادتها يكمن الخــــوف بخبايا قلبها الضعيف، إنه يوم زِفافِها على من انشق قلبها حُبًا به، ابتسمت بسعادة لطلتها المُبهرة بالمرآه، هو من اختار هذا الثوب الأكثر من فاتن عليها لتصبح كإحدى قديسات الفِتنة والهلاك بجمالها الشرقي، دارات حول نفسها بسرورٍ خالص ويديها تسير بنعومة فوق جسدها من أعلى فستانها الأبيض اللامع، تنهيدة طويلة خرجت من أعماق صدرها عنـ.ـد.ما وصل إليها عَبقه الخاص التي أدmنت جزيئاته، فارقت أهدابها برقة ونعومة جارفة وهمست لنفسها: اللهمَّ السعادة والــســكــيــنــة ودوام نعمتك ورحمتك بِنا

رطبت شفتيها وزفرت بتـ.ـو.تر لتخرج شُحنة القلق التي تعتمر جسدها ولكنها ما أن ابصرته بحليته السوداء وشعره المُصفف وبسمته الجذابة بملامحه الرجولية الطاغية وتلك الثقة والوسامة التي تُحيط به حتى ترددت بخطواتها وابتلعت ريقها وهمست لنفسها: يخربيت حلاوة أمك دا

لنستمع بهدوءٍ وصمتٍ لدقات قلب ذلك العاشق الولهان والمُتيم بالصبابة والوفاء لمحبوبته، ها هي فتاته الفاتنة بثوبها الأبيض الذي ستدلف به أول خطواتها ببيتهم، لقد تجسد أحلامه بها وبطفلٍ منها بل الكثير والكثير من الأطفال الذين يحملون ملامحها وقلبها، تلك الشابة التي أوقعته بلا مجهودٍ أو إغراءٍ منها و.جـ.ـعلته كالمُدmن المنتظر لجرعته اليومية التي تكتمل برؤيتها، قمر لياليه المُظلمة سينير سماؤه من الليلة، لمعت عيناه بوميض الشوق واللهفة لضمها والذهاب بها بعيداً عن أعيض الجميع بتلك الهيئة المُغرية والبسمة الصافية وهذه المُنحنيات التي فتكت به، تنهد بسأمٍ من شروده الذي طال عنها واقترب ممسكًا بكفها رافعًا إياه لشفتيه ولثمه بقوة وعشقٍ وتمتم بسعادة: الفستان حلو بيكِ يا أثير هانم

حسنًا عليها القول أن نظراته أخجلتها و.جـ.ـعلتها تنصهر بوقفتها، نعم أثبت بجدارة كم يعشقها وأنها لم ولن تنـ.ـد.م على اختيارها وثقتها به، ارتجف جسدها من عطره المحاوط لحواسها وقُبلته الصغيرة وصوته الرخيم الذي طمأن قلبها، بادلته ببسمة حالمة وهمست: ليه ديماً بتقولي يا هانم

أضاءت عيناه بلمعة الشوق والعشق المُقيد بوجودها وجذب رأسها ثم طبع قبلة متيمة على جبهتها وخلل أصابعه بخصلاتها النارية المتحررة وتمتم باختناق من فرط شوقه ومشاعره: هت عـ.ـر.في الليلة

لم تشأ أن تضغط عليه واكتفت بالتربيت فوق كفه وهمست بامتنان: بحمد ربنا لوجودك يا راكان أنا قلبي بيفرح بوجودك

كاد أن يرد عليها لولا دخول والدها بوجهه المُحتقن آثر بكائه ومن خلفه جدها ببسمته الخافية لدmـ.ـو.عه هو الآخر، افسح لهم المجال ليقتربوا منها وتلك المشاعر الحانية تطوف بينهم بفرحٍ وبهجة، ضمها والدها لصدره بقوة وقبل جبينها واختنق صوته بالبكاء وهتف بتحذير: أنا اديتك نجمتي الوحيدة يا ابني، أثير بـ.ـنتي الوحيدة ونور عيوني، أنتَ خدت بهجة البيت وفرحته، شيلها في قلبك قبل عيونك يا راكان، أثير نعمه لكل حد تدخل حياته، لو في يوم حسيت بس إنك مزعلها صدقني محدش هيوقف في وشك غيري، ربنا يهنيكوا يولاد

ضمت والدها ودmـ.ـو.عها تهدد بالهطول ولكن نظرة جدها الحانية وضمته هو الآخر لها جعلتها تبتسم وتحول نظرها لـــ« راكان» بملامحه المقتضبة لعلها تتفهم سبب تبدل حاله ولكنه اقترب منها مُبعدًا والدها وجدها عنها وواضعًا ذارعها بخاصتها وهتف بتملك وتأكيد: مراتـــــــــي لو سمحتوا وكدا يعني

ضحكت بخجل من نظراته والدها المُغتاظة وجدها الساخر ولكزته بخصره بحدة ولكنه تجاهل حُنقها وسار بها بتفاخر وغــــرور وهتف لهم: معلش اصلي راجـ.ـل غيور حبتين وأثير بقت بتاعتي يا عمي بقا ولا إيه يا جدو

حينها لكزه الجد بعصاه بركبته من الخلف وكاد يسقط من الالم وتمتم بتأكيد وكـبـــــريـاء: مش حريم الشاملي اللي يبقوا ملك حد يواد، بـ.ـنتنا هتفضل طول عمرها ملك نفسها

رمقه « راكان» بنظرة ساخطة ولف ذراعه الآخر حول خِصر « أثير» التي تُجاهد لتكتم ضحكاتها على مناوشاتهم وهتف بتملك وعشق: بس بقت في بيتي وعلى اسمي وكمان هتنام في حــ..

قاطعه الجد بقذفه بزهرية بلاستيكية كادت أن تصيبه بكدmة ولكنه تفاداها ببراعة ولا عب حاجبيه بمشاكسة وهتف بدلال ومكر: يلا يا روحي ننزل نخلص الفرح دا ونروح بيتنا عشان في كلام كتير همـ.ـو.ت واقولوا ليكي

افترس الجد شفتيه هو وولده وهتفا سويًا بغيرة وغـــضــــب: امشي يا ابن الكــ.....

رفع « راكان» سبابته بتحذيرٍ ضاحك ونفخ صدغيه وهتف بحدة مصطنعة: ايه هااا إيه... عيب يا جدو... عيب يا حمايا

انهى حديثه والتف دافعًا « أثير» لصدره مستمتعًا بخجلها الزائد وهمس باذنها بوقاحة: خفي كسوف شوي اللي جاي تقيل خلي الكسوف لبعدين يا سوسو

عضت « أثير» شفتيها بقوة ولكزته بكتفه بحدة وخجل وهتفت بهمسٍ حاد: بس يا سـ.ـا.فل

رفع « راكان» أحد حاجبيه ومط شفتيه وهتف بثقة ووقاحة مُفرطة: مراتي يا جدع واعمل اللي يريحني اله
♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕

جلست «هبه» بملل تُتابع التلفاز بوجهٍ مُحتقن وملامح مُقتضبه، منذ ليلة أول أمس لم تراه، اختفى وكأنه لم يكن، أنبت نفسها كثيراً على تركها لزمام الأمور هكذا، رغم نضوجها التام إلا أنها أمامه كطفلة تُعاود طفولتها معه، هذه الليلة كانت من أفضل ما مر عليها، نسيت ماضيها، معاناتها، حـ.ـز.نها، تشوهها وكذلك نسيت كونها مازالت إمرأة متزوجة!!! لكن هناك ثغرة بروحها تريد قربه، تريد فقط الاستمتاع بتواجده الدائم وعَبقه وصوته الأجش، هذا الرجل يُربكها بكل ما به بداية من نظراته الغامضة حتى أفعاله التي تُطيب قلبها المُتهالك، تحسست شِطر وجهها الأيسر بتباطؤ وتذكرت نظراته الحانية عنـ.ـد.ما رأى تشوهها الذي نفر الجميع منه، أعطاها ثقة كاملة لخلع نقابها الذي ارتدته لتُخفي عيبها، في السابق منذ صِغرها كانت مُتيمة بالفتيات المُنتقبات وترغب بأن تكون مثلهم ولكن عن رغبة تامة وحبٍ ولكن آتى ذلك التشوه ليجعلها تختفي خلفه وليس حُبًا به، هي ممنونه نعم لتلك القُماشة التي تحميها من بُغض البشر لها وقسوة العالم عليها ولكنها تمنت ارتدائه عن رضا تام منها، أفاقت من شرودها على صوت شقيقتها يسمح لأحدهم بالدلوف، تحسنت حالة « رحمه» وبدأت بالسير بضعف على قدmها رغم تواجد الجبيرة بها، استنشقت عبيره الرجولي بحواسٍ يقظة وابتسمت بشوق عنـ.ـد.ما رأته يحمل شقيقتها ويهتف برجاء: ممكن اطلب منك طلب ؟

هذه المرة لم تهرول لتتخبى خلف نقابها منه بل ابتسمت بثقة وحنان وطالعته بعشقٍ وأردفت: أكيد

وضع « ثائر» الصغيرة جوارهم ومسح على خصلاته بتـ.ـو.تر ودارت نظراته بأرجاء الصالون وهتف: أنتِ مروحتيش الشغل، يعني عندك شغل النهارده يعني، بصي هو

ضحكت بمرح على إحمرار أذناه وتهرب نظراته منها وخجله وهتفت بنبرة تحمل بين طياتها الضحك: هو الموضوع مستاهل دا كله يا ثائر، اهدى كدا وخد نفس طويل واتكلم متخافش مش بعُض والله

ضحك « ثائر» بتـ.ـو.تر وسلط نظراته عليها ورطب شفتاه وتمتم بتمني: عندي فرح ابن عمي، ينفع تحضري معايا؟!

قررت الإفصاح عن البعض من ما يدور بقلبها وهتفت مباشرة: بصفتي إيه

حك ذقنه الخفيفة بتـ.ـو.تر وفرك كفها معًا وتمتم بتعلثم: يعني... هو بصراحه.. بصي

ابتسمت بحـ.ـز.ن ولمعت عيناها ببريق الفشل وغمغمت بتساؤل: خلاص كنت بهزر معاك، طب ورحمه

ابتلع ردها القاسي بروحه الخاوية وأمسك كف « رحمه» وتمتم بتهرب: هنسيبها عند ماما متخافيش، هوديها على ما تلبسي

هزت رأسها بموافقة ونظرة له بخيبة أمل كبيرة وهو يغادر حاملاً شقيقتها ثم نهضت بتباطؤ وهمست لنفسها بألــم: نصيبك خدتيه يا هبه ارضي بقضاء ربنا وعيشي لأختك ولنفسك
♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕

أغمضت عينيها بسلامٍ وابتسمت لنسمـ.ـا.ت الهواء التي تتخلل خصلاتها الغجرية الحمراء وملامحها الهادئة، شـ.ـددت من كفيها حول خِصره واستندت بذقنها على رأسها وبسمة عاشقة تلوح في الأفق الخاص بهم، جالسان على الشاطئ وهو مستند بجسده عليها ورأسها بين ثنايا صدرها وكم اسعدها هذا، بعد اعترافه الصادق لها بعشقه المكنون وحبه المُقيد لم تتفوه بحرف بل اكتفت بضمه والنوم براحة تامة بين أحضانه الدافئة، ليلة أمس كانت هادئة وحنونة عليها، لم يقسو الليل عليها تلك المرة بوجوده وكأنه يخشى تواجده جوارها، لقد ملكت إحدى النجوم بكفيها عنـ.ـد.ما استمعت لتصريحه بترانيم تتيمه بها، للآن قلبها يتراقص فوق ألحان حبه الجارف لها، ضمته بقوة أكبر وهم يتابعان تحرك الأمواج أمامهم، قطع تأملهم صوته الحاني: مبسوطه يا ورده معايا

قبلت خصلاته بعشقٍ شـ.ـديد وشبكت كفيها بخاصتها دون تردد وغمغمت بصدق: عمري ما كنت مبسوطه قد من وقت ما كنت مراتك

رفع « براء» كفيها لفمه ولثمهم بقوة وتنهيدة حارة خرجت من جوفه وتحدث بأمل: حبتيني؟

لقد حان وقت اعترافها له، مهما تهـ.ـر.بت عليها البوح بما يختبأ بقلبها، تلمست لحيته السوداء بحنان وغمغمت بصوتٍ هامس مُغلف بعاطفة جياشة: كان في بيت فضلت طول حياتها وحيدة، منبوذة، كانت بتخاف تواجه الناس بسبب شكلها، طول فترة دراستها كانت مكتئبة وعلطول بتبكي، كانت بتسمع شتيمتها منهم بدmـ.ـو.ع وبس، اتهـ.ـر.بت كتير، ثانوي ولحد أولى جامعه كانت بتخاف تواجه، هي عشان قصيرة شوية وعندها نمش أو شوية آثار حب شباب تبقى وحشه؟! هي كانت تقدر تخلق نفسها جميلة ومعملتش كدا؟! كان بإيديها أنها تفضل وحيدة؟! كانت صديقتها الوحيدة أمها وباباها هو سندها الوحيد، شجعوها تواجه وتدافع عن نفسها وتشتغل وعملت كدا وكسبت قوتها يوم ورا التاني، في يوم كان بداية لعنه ليها شافت راجـ.ـل طول بعرض ودقن وعيون خضرا وملامح تخلي البنات تدوب فيه بيتنمر عليها ويتريق عليها، أول مره زعقت وشتمته وتاني مره طنشته ومشيت وتالت مره ضحكت وزعقت وبعدين بدأت تراقبه من بعيد، غـ.ـصـ.ـب عنها حبته مش عشان هو جميل ولا وسيم لا عشان شافت حنيته مع بـ.ـنت المدير اللي منفصل عن مـ.ـر.اته تعبانه وباباها مش موجود وكانت محتاجه فلوس وهي بـ.ـنت صغيرة ومامتها مش معاها فلوس تكفي علاجها، شافته جدع مع راجـ.ـل الامن لما ضاع ملف مهم وهو اتهم بسرقته وعشان راجـ.ـل كبير اتحمل هو الضرر، شافته راجـ.ـل رغم هزاره الكتير، شافته حد كبير جداً في عيونها، كل يوم كان بيسخر منها كانت بتمـ.ـو.ت وكل امل عندها بيدفن، كانت بتخبي و.جـ.ـعها وتسكت لحد ما فاض بيها وواجهته وهو يومها مشي!!!

صمتت ليعلو نحيبها وشهقاتها المتألــمة ورطبت شفتيها الجافه وهمست بحـ.ـز.ن وسط صمته: مشي!! مشي وسابها موجوعه وبتبكي!! لأول مره تسمح لنفسها بالضعف وإنها تبكي، الأيام كانت بتمر عليها بطيئة، قلبها فقد الأمل وكرر يكرهه وينزعه لعل الو.جـ.ـع دا يخف بس كانت غلطانه!! رِجع!! روحها ردت ليها تاني بشوفته بس صدmة رجوعه كانت أقوى من أنها تتحملها وانهارت تاني، صدmة إنها ممكن تخسره المرة دي بلا رجعه خلتها زي الجثه من غير روح، وفجأة يطلع ليها نور يضوي روحها لم تعرف إنه كان بيحبها وبيتعـ.ـذ.ب زيها بالحب دا، شوفت الدنيا صغيره إزاي يا برائي

التف لها لتتلاقى نظراتهم النارية، لم يرف جفن لكلاهما ولم تتحرك شفَاههم بل سادت نظراتهم الهادئة، انحسر الوقت حول تلك اللحظة السعيدة عليهم، كلاهما لاذا بما رغبوا، صوت دقات قلوبهم يجذبهم لجنة شاسعة من الحب والحنان، تحركت أصابع « براء» لتتخلل كفها الناعم بقوة وتملك ودmـ.ـو.عه تسير ببطء على صدغيه، علا ثغره بسمة سعيدة وراضية وهتف بنَبرة معبأة بالعاطفة: بحبك يا وردة أيامي وفرحة سنيني الجاية

ابتسمت « ورده» بسرورٍ وانتفض قلبها لتصريحه التي تسمعه للمرة الثانية ولكنه يبقى بمذاقه الخاص كأول مرة دوماً، اتسعت بسمتها الولهانة واقتربت منه حتى اختلطت أنفاسهم الراغبة والمتلهفة وغمغمت بعشق: بحبك يا برائي

بجراءة وحب اقتربت مُشابكة شفتيها بخاصته بقبلة جريئة، عاشقة، عنيفة وبريئة، اقتربت بجسدها منه وضمت وجهه بين كفيها وسط صدmته التي لم تختفي ولكنه جذبها بقوة ليضعها فوق قدmيه وضمَّ جسدها له بعنف تأوهت منه وقاد هو وجهة قبلتهم وحولها من قبلة بريئة وجاهلة لأخرى ناعمة وخبيرة وقوية غابا كلاهما خلفها تحت سِتار الأمل الذي وُلِدَ بهما من جديد، من أسفل أنقاد أرواحهم خرجت أسطورة جديدة لعشقهم الأبدي، تغنجت السماء برياحها لتشهد تلك اللحظة التي ستُحفر بركنٍ خاص بفؤاد كلاهما، لاح بالأفق طير عشقهم وصمتت جميع الأصوات سوا أنفاسهم السريعة كمثل مشاعرهم
♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕

وضعت « أثير» يديها حول عنقه وضمت جسدها له بخــــوف وقلق من النظرات الساخرة منها التي تلقتها من الجميع للآن، لم تكتمل فرحتها فنظرات الحاضرين الحاقدة والشامتة والأهم الساخرة والمُشفقة جعلتها تتمنى أن تنشق الأرض وتبتلعها، فاقت من شرودها على صوت الموسيقى الذي صدح ليُعلن بداية رقصتهم، نظرت لـ « راكان» بعشق متناسية ألــم قلبها وذلك الوخز بروحها وابتسمت وتركت نفسها بين يديها....

شعر « راكان» بخــــوفها من حركات جسدها المتـ.ـو.تر أسفل يداه مما دفعه لإحكام ذراعيه حول خِصرها ليُعلن للجميع بملكتيها له وأن هذه الفاتنة أوقعته بعشقها حد الهلاك فلم يجد نجاة منها إلا إليها، اقترب بأنفاسه الحارة من عنقها الظاهر وهمس بحنان: خايفه ليه يا قلب وعيون راكان

وضعت رأسها على كتفه وتدللت برقصتهم وتحركت مع حركاته الناعمة وهمست بشجن: مبقتش خايفه من أول ما حـ.ـضـ.ـنتني

فك حِصاره عنها ورفع يديه للأعلى و.جـ.ـعلها يدور بين يديها ومن ثم ضمها لصدره وظهرها يشعر بخفقاته وغمغم بصدق: بحبك ولو ادوني فوق عمري عمر هكتفي بحبك فيهم

تراقصت بين أوتار رجولته وثقته ووقاره واسندت رأسها على صدره وأنغام الموسيقى تتغنج عليهم وهمست بلوعة مُحبة: لو الزمن رجع بيا كنت في كل مره أقابلك فيها كنت هأمنلك من أول وجديد

توقفت الموسيقى وفاق كلاهما من انسجامهم على التصفيق الحار بالقاعة الفاخرة بزينتها المُبهرة، انحنى « راكان» على أحد ركبتيه وأمسك بكف « أثير» ولثمه بعاطفة شغوفة وهتف بصوتٍ عالٍ: بعترف بأني عمري ما حبيت ولا هحب غيرك يا أثير هانم ولو الزمن رجع بيا ألف مره هتمناكِ تنوري دنيتي وبيتي في كل مره بحبك

أوقفته « أثير» ودmـ.ـو.عها السعيدة تغرق وجنتيها وضمته بقوة لصدرها وهمست بصدقٍ نابع من صميمها: بحبك يا راكان، بحبك لدرجة مبقتش قادرو اتنفس من غير وجودك جنبي، بحبك

لم تُصدق آذناه تصريحها بعشقها الشـ.ـديد له وسط الجموع الحاضرة فابتعد عنها ونظر لها بخــــوفٍ وسألها مجدداً بتـ.ـو.تر: قولتي أيه؟!

ضحكت « أثير» على صدmته وملامحه المتعجبة وقربته مكورة وجهه بين كفيها بحنان وهتفت بتأكيد وعشق: بحبك يا راكان، بـــ حــ بــ كــ

ابتلع « راكان» ريقه بتـ.ـو.تر وبرزت تفاحة آدm خاصته بوضوح وهمس باختناقٍ من فرط مشاعره: بقول كفاية كدا ونروح بيتنا لإني كدا حـ.ـر.ام

ضحكت « أثير» بخجل وجذبته من كفه ليجلسا بمكانهم والسعادة طاغية عليهما وهمست بتـ.ـو.تر: عيب يا حبيبي شوي وهنمشي

زفر « راكان» بغـــضــــب وتلبك بجلسته وهمس من بين أسنانه: حبكت تقولي حبيبي دلوقت، منك للاه أنا أصلاً ماسك نفسي بالعافـ.ـية لنتمسك آداب وجدك هيطلعك ويخلص مني

ضحكت « أثير» حتى أدmعت عينيها وتلاقت عينيها مع « مي» ابنة عمها بكـبـــــريـاء ثم تجاهلت نظراتها الحاقدة والباغضة ووجهت نظرها مجدداً لحبيبها وهمست بتلاعب : عيب يا روحي والله

جحدها «راكان» بنظرة حادة أخرستها و.جـ.ـعلتها تتهرب منه وهتف من بين أسنانه: اللي بيلعب بالنار لازم يتحرق بيها يا أثير هانم افتكري دا كويس
♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕

وصلا أخيراً بعد ساعة من الصمت الذي خيم عليهم، لا تدري لما وافقت على طلبه ولما بالأصل هو أرداها معه بأي صفة سيقدmها لأهله، ترجلت من مقعدها وسارت خلفه بصمت بينما هو لم يروقه هذا الوضع فقرر البدء بالحديث وتمتم بجدية: مالك يا هبه من وقت ما خرجنا وأنتِ ساكته أنتِ مكنتيش حابه تيجي؟!

ابتسمت بتكلف وهزت رأسها بنفي ولمعت عينيها بالعبرات وهمست بكذب واقتضاب: لو مكنتش حابه مكنتش وافقت ولا جيت

هز « ثائر» راسه بعدm اقتناع ووضع يده بجيبه وأردف بثبات: اللي جوا دا ابن عمي اسمه راكان واحنا هنسلم عليهم ونمشي علطول متقلقيش بس حبيتك تغيري جو بدل ضغطك في الشغل والبيت

أومـ.ـا.ت له بصمت وتبعته حتى دلفا للداخل، أصابها بعض الخــــوف والرهبه من الزِحام وهذا التجمع الكاذب، لطالما كرهت الطبقات الرفيعة لمظاهرهم الكاذبة ومشاعرهم المزيفة وسوء علاقاتهم، تبغض المال وما يفعله بالنفوس البشرية من حقدٍ وغلٍ، تنفست محاولة لتهدئة نفسها واقتربت معه نحو مجلس العروسين....

نهض « راكان» محتضنًا « ثائر» بحرارة وشوق وهمس كلاهما بنفسٍ واحد: ليك واحشه يا شق واللهي

ضحكا كلاهما على ذلك الترابط الدmوي بينهم وقوة صداقتهم ولكزه « ثائر» بصدره وهتف: مُبـ.ـارك عليك يولا، أنتم السابقون ونحن اللاحقون

ختم كلامه بغمزه ثم نظر لـ « هبه» الخائفة وقدmها لهم بحفاوة: دي يا عم هبه، تقدر تقول الركن الهادي

طالعته « هبه» بتعجب واستفسار تجاهله « ثائر» بينما فهم « راكان» مخزى كلمـ.ـا.ته وابتسم بسعادة وقدm لهم « أثير» المتابعة للموقف بحرج: دي بقا أثير هانم تقدر تقول القلب بجدرانه

تلاقت نظرات الفتاتان بحنية وشغف للتعرف ولكنهم ابتسمتا فقط وهمست « هبه» بحرج: مُبـ.ـارك يا أثير

جذبتها « أثير» وضمتها عنوة وضحكت بمرح وهتفت: عُقبالك يجميله، متتكسفيش مني

بادلتها « هبه» عناقها بقوة وأُلفة وتمتمت بصدق: شكلك قمر في الفستان

اشتعلت وجنتي « أثير» بخجل وعصت شفتيها وغمغمت بتـ.ـو.تر: بجد يا هبه

طالعتها « هبه» ببسمة هادئة وربتت فوق كتفها وهمست: بجد جداً وعيون راكان هتاكلك

كان كلاً من « ثائر» و« راكان» يتابعان سرعة صداقة الفتاتان وأُلفتهم السريعة مع بعضهم البعض بتعجب همس « راكان» لـ « ثائر» بتوجس: أنتَ مطمن؟!

هز « ثائر» كتفيه لأعلى وتحدث بهمسٍ مماثل له: عارف الفار اللي بيلعب في عقلك دلوقت هو نفسه اللي عندي

ابتلع « راكان» لعابه وهتف بترجي: استرها يارب دا أنا غلبان ولسه مدخلتش دُنيا
♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕

دلفت بخــــوف من باب ذلك البيت الجديد عليها بل بيتها الجديد؟! نظرت بتـ.ـو.تر لـ « راكان» المتابع نظراتها وتهـ.ـر.بت منه وهمست: أوضتي فين؟

عقد « راكان» حاجبيه بزهول من ياء الملكية بجملتها ونهض مصححًا بنبرة خبيثة: اسمها اوضتنا يا روحي، تعالي أوريكي

سارت « أثير» خلفه بقلق وقلبٍ مضطرب تضغط على فستانها لعله يمدها بعض القوة والثبات أمام هذا الموقف، دلفت خلفه ونظرت للغرفة بسعادته وانبهارٍ شـ.ـديد، حولت نظرها له ثم هتفت بعشق: دي أوضتنا؟!

هز « راكان» رأسه بموافقة واقترب منها بخطواتٍ بطيئة ولم يرف جفنه لثانية ليحرمه من ملامحها الحبيبة لقلبه وغمغم: كل حاجه فيها زي ما بتحبيها بالظبط


ضحكت « أثير» بسعادة وأسرعت تُلقي بنفسها بين ذراعيه وهتفت: بحبك يا راكان بحبك أوووي

ضمها « راكان» لصدره بعنف وتأوه براحة ثم قبل خصلاتها بعشقٍ وتمتم: وراكان بيعشقك يا ضي عيونه

رفع « راكان» وجهها ليصبح أمامه مباشرة ليروي ظمأه وظمأ أربعة أعوام من الشوق واللهفة والوجدان لها، هبط ليقتنص من شفتيها حقه الذي حُرمَ عليه قبلاً والآن هو له وبكامل إرادتها، قطف من بُستان شفتيها قُبلاتٍ مسـ.ـر.وقة عصفت به و.جـ.ـعلته يجذبها بعنف له وشفتاه تسير بلا هوادة ولا رحمه تلتقط كل ما تطأ عليه، غاص بقبلاته ينهل من شهدها العـ.ـذ.ب ويطفئ نيران عـ.ـذ.ابه وشوقه لها، تحركت شفتاه نحو جيدها الناعم ليفك طرحتها التي تُعييقه وألقاها بإهمالٍ على الأرضية ودفن أنفاسه بين ثنايا عُنقها الناعم مستمتعًا بقربها اللذيذ ومذاق نعيمها الفريد، لثم عُنقها بقبلات متفرقة وسارت يداه تعبث بسحاب فستانها ولكنها فاقت من غيمة مشاعرها وابتعدت عنه تلملم ما بعثرته لحظتهم وهتفت بحدة وخجل: مينفعش

ابتسم « راكان» ببلاهة وضـ.ـر.ب كفه معاً وهتف بصوتٍ عابث: مينفعش إيه يا أثير

أدرات وجهها بعيداً عنه وعضت على شفتيها بخجل وهتفت بتـ.ـو.تر: اللي في بالك مينفعش صدقني ومش هيحصل

نفخ « راكان» صدغيه بغـــضــــب وتمتم بحدة مزيفة: لا دا أنا اروح فيكي في داهيه مش أصوم اصوم واتعشى حمام أنا هتعشى بيكي

ضحكت « أثير» بمرح على غـــضــــبه وصوت أنفاسه الحادة وهزت كتفيها بلا مبالاة وغمغمت بمكرٍ: روح نام يحبيبي عشان متحلمش كتير لأنه مش هيحصل لتلت أيام قدام

سقط فك « راكان» صدmة من تلك المكيدة التي وضعتها زوجته بها واقترب بخطواتٍ ثابتة ثم دنى منها وهتف بتوجس فور وصله معنى حديثها: أوعي تكون هي!!!!

واجهته « أثير» ببسمة عريضة ولكنها خجولة وهزت رأسها بتأكيد وتمتمت: بالظبط يا روحي

فك « راكان» ازرار قميصه بغـــضــــب وعلا صوت تنفسه وهتف بحدة: دا انا هطلع روحك الليلة

كتمت « أثير» ضحكتها على مظهره وشعر المُشعت وغمغمت بنعومة قـ.ـا.تلة: اله وأنا مالي بس يا راكان

لوى « راكان» شفتيه بتحسر وجلس أعلى الفراش المزين بالورود الحمراء وهتف بخيبة أمل وحسرة: هي أمي قالتلهالي طول عمرك فقري يا راكان يا ابني وصدقت
_وماذا عن ألــم الهَجر؟
= كالسُمِ ينشط بالجسد فيُهلكه
_ وبالروحِ؟!
= يـ.ـؤ.لم كنزاع العقل لاختيار الصواب والأقرب للصواب فيُشتته

هناك حيث الفراغ القاسي الممزوج ببرودة الرياح العاتية، حيث العقل المُشتت والواقع المرير، تتفقد ذاتك عدة مرات ظنًا منك بأنك لربما مُتَ وتحلل جسدك وتلك البرودة التي تتسلل إليك هي نتيجة توقف تدفق دmائك ولكن رغم ذلك لم يتوقف الألــم!! لم يتوقف عن كونه عادة معنوية ومادية بداخلك، تُجبرك تلك الغِصة المريرة على إلقاء روحك بالهاوية لربما يخشاك الو.جـ.ـع والحـ.ـز.ن، نقطة سوداء سُكبت بأواصِلنا مهدت السبيل للجِراح والمزيد من الندبات القوية، لن يرحل الشتاء هذا العالم إلا بفقدان الشغف، اللهفة، الحماس، النشاط والحب!!

كان الزِفاف أكثر من مُبهر لها ذكرها بزِفافِها، أعاد لها هذه الفرحة التي خُتمت بصوت صرخاتها المُتألــمة حتى تقطعت أحبالها الصوتية، بخبرتها القليلة بأمور الحب أدركت مدى عشق العروسين لبعضهم البعض ولكن لما نظرة الخــــوف والرجاء بقدحتين بذلك المُسمى بـ « راكان» رغم حُبه الجارف الذي تقصه تعابير جسده!! أياً يكن لديها ما يكفيها لتفكر به، تلاقت نظراتها مع خاصته بثوانٍ طويلة دق قلبها بعنف لهذه العينان الساحرتين، هذا الرجل من البداية كان خطرًا شـ.ـديدًا عليها ولكنها على أية حال تعشق المخاطرة!!!

خرجت خلفه بعقلٍ شارد وعينين ذابلتين كأوراق الخريف الصفراء، راقبت من نافذتها حركة السيارات السريعة والشخوص المجهول هوية قلوبهم لها، ابتسمت بسخرية من نفسها وهمست بخفوتٍ لذاتها: طريقك كله شوك والطريق اللي بدايته و.جـ.ـع نهايته فُراق

أفاقت على صوت احتكاك إطارات السيارة وتوقفها أمام البناية، هبطت من السيارة دون نظرة عابرة له وقلبها ينبض وكأنها بسباق مارثون، تريد الهرب والنجاة من هذه الموجة التي ستُطيح بقلبها المتهالك

منذ البداية يتابع تـ.ـو.ترها وخــــوفها ويستشعر حـ.ـز.نها بحركتها المتـ.ـو.ترة والخائفة، لا يعرف ما دهاها تتصرف بغرابة عليه ولكن لا مجال للهرب الآن، تركها تتهرب بصمتها وشرودها طوال الطريق وهو يتابعها خِلسة بعيناه، لا يروقه حالها الذابل لا يناسبها الحـ.ـز.ن والخــــوف هي خُلقت لتتوج ولن يتردد بفعل ذلك، ترجل من مقعده وأغلق السيارة واستند بجسده على مُقدmتها وهتف بأمر: استني

لم تكن المسافة التي تخطتها بعيداً عنه كبيرة ولكن صوته الحاد ونبرته الحالمة لبوادر الغـــضــــب أوقفت قدmيها عن الحِراك وقبضت فوق ثوبها...

مسح على شعره بتروي وكل رغبته تنصب بجذبها بقوة لذراعيه وهذه الرغبة تتملكه حد الهوس وكم يخشى منها، تقدm منها حتى أصبح أمامها مباشرة وعيناه تلتهمها بشغفٍ وحزم وهتف بإصرار: أنا سيبتك من وقت ما جيت أخدك ومضغطش عليكي واحترمت صمتك والدmـ.ـو.ع اللي بتخبيها عني واللي حقيقي أنا جاهل سببها بس مقدرش أسيبك دلوقت، مالك يا هبه

افترست شفتيها بألــم وهي تُنصت لحديثه الذي يقع عليها السوط الحاد وغمغمت بهمسٍ خافت ولكنه حزين : ليــــه؟!

جعد ملامحه بتعجب واستفهام وهز رأسه بجهل وهتف: ليه إيه؟!
ابتسمت بأمل وأغمضت عينيها للحظاتٍ ثم فتحتهم وهتفت بقوة: ليه مقدرتش تسيبني؟! ليه عاوز تعرف سبب تعبي؟! ليه خايف عليا؟! جاوبني ووقتها هقدر أجاوبك على كل أسئلتك اللي شاغله بالك

انعقد لسانه وطارت الحروف من جوفه فبلع ريقه بـ.ـارتباكٍ وأشاح بنظره عن عينيها الراجيتين وتمتم بضياع: مش عارف ليه بس جوايا حابب أعرف جوايا رُكن حاسس بو.جـ.ـعك ورافض يسيبك فيه، عاوز اطمن عليكي مش حابب نظرة الو.جـ.ـع اللي مبقتش تفارق عيونك، صدقني أنا متشتت ومش عارف إجابه لكل أسئلتك دي!!

حبست دmـ.ـو.عها الخائبة ونصب عودها الضعيف وهتفت بقوة زائفة منافية لكل الضعف المُتعايش داخلها: وقت ما تلاقي إجابتك في نفس المكان والعالم هتلاقي إجابتي

لم تنتظر رده بل جرت أقدامها بضعفٍ وخيبة أمل راغبة بوصلة من النوم لو تدوم لمئة عام أو يزيد لا ترغب بالاستيقاظ لترى نظراته المشتتة كما يزعم أو نظرات الشفقة والعطف والنفور والسخرية التي تتولد من الجميع تجاهِها، نغزات قوية تضـ.ـر.ب جسدها بمواضع ضعفه لتزيد الأمر سوءً وترفع معدل الألــم بداخلها القاتم، وصلت بالنهاية لشقتها بل عفواً شقته التي عَطَفَ عليها هي وشقيقتها بها وهي بسذاجتها وافقت بل وانصاعت له تحت مسمي الحصول على حريتها من زوجها، أغلقت الباب بضعف واستندت عليه وكتساقط الثلوج وقعت ضاممة جسدها لركبتيها وانخرطت ببكاءٍ مرير سامحة لهدنة طفيفة لقلبها من الألــم الذي تذوقه وكم كان كالعلقم، علاَ صوت نحيبها تزامنًا مع ضعف جفنيها وارتجاف جسدها، شُوشَت الرؤية أمامها لا تعلم أمِن غشاوة دmـ.ـو.عها أم من بوادر ذهابها بعالم اللاوعي والإدراك!! على كُلٍ كم هي مرحبة بذلك العالم المظلم الذي سيبتلعها عاجِلاً أم أجِلاً. …
************

من المؤسف عدm إدراكِنا لاحتياجات قلوبنا، تلجأ القلوب للهرب والجزع عنـ.ـد.ما يعلو صوت العقل بالنفور من الشخص المراد، تضعف قواتنا المُكتسبة منهم ومن ثم نبكي نـ.ـد.مًا وتطبًا بعودتهم، نرغب وبشـ.ـدة العودة لنقطة البداية لإصلاح المزيد من الأمور ولكن عند تساقط آخر حبات الرِمال من الساعة الزجاجية يصدح العقل بالتوقف مجدداً وعندها ينتهي كل شيء بدَمعةٍ وشهقة مؤلمة....

دلف من باب شقته بخطىَ متعثرة عكس طبيعته القوية والواثقة، تمسك بالباب وانتصب واقفًا مقابل بابِها، يُقسم أنه يستمع لصوت تهشم فؤادها بيديه وتدفق الحـ.ـز.ن لروحها، لم يكن أهِلاً بها بل بكلمـ.ـا.ته حطم المتبقي منها دون قصدٍ منه!! أغلق الباب واستند برأسه عليه وهمس بألــم: لــــيــه بغبائـــي و.جـ.ـعتهـــا

لم ينتبه لوالدته الواقفة خلفه يبكي قلبها حـ.ـز.نًا على فلذة كبِدها وصغيرها الوحيد، تشعر بمرارة صوته وتلك الغِصة التي تحرق جوفه كمادة كيميائية مُلتهبة، اقتربت منه وربتت بكفها فوق كتفه بحنانٍ خالص وهتفت: تعالي

فتحت ذراعيها كطيرٍ يستعد لإنقاذ ولده الذي بدأ للتو بتعلم الطير ولكنه كان يسقط فشلاً وخــــوفًا، شعرت بقوة دفعت جسده لصدرها، ضمته بقوة ومسحت على ظهره بحبٍ وحنان ٍ وغمغمت بثقة: مصرحتهاش بحبك ليها ليه؟!

دفن وجهه بصدرها أكثر ولمعت الدmـ.ـو.ع بمقلتيه الحزينتين وهتف وهو يتذكر ترقرق العَبرات بحدقتيها: مكنش عندي الشجاعه الكافيه، خــــوفت، كنت ضايع قدامها...

أخرجته من حـ.ـضـ.ـنها وسارت به لأقرب أريكة، أجلسته أمامها وكورت وجهه بين يديها وهتفت بلا تردد: أنت عارف وواثق من نفسك إنك حبيتها رفضتها ليه وأنت حاسس بحبها

نظر لوالدته بتعجب من علمها بكل مشاعرهم الخفية فابتسمت بتفهم لنظراته ولكزته بكتفه وهتفت بعاطفة: أنا أمك وفهماك وأفهم عيونك وقلبك فيه إية كويس، مش عيب ولا غلط إنك تعرفها مشاعرك بس متجـ.ـر.حهاش، هبه متستهلش كدا، أنت خايف ليه يا حبيبي

أراح ظهره على الأريكة وأغمض عينيه بتعب وهتف بشرود: النهاردة كانت غير يا أمي، كانت حزينه ومهمومه، كانت بتشكيلي مني وإني سبب حُزنها وو.جـ.ـعها، سكوتها وهروبها مني كان بيقــ,تــلني، أنا مش عيل مراهق بس معاها بتحول لكدا وبنسى العالم، أنا عارف إني النهاردة خذلتها وإنها كانت مستنية ولو كلمه واحده مني بس غير كل الكلام اللي قولته بس كنت ضايع ولساني نطق بحاجات كـ.ـسرتها معرفش ليه، هبه اتوغلت جوايا زي المرض اللي عارف علاجه ومش عاوزه، أنا خايف أجـ.ـر.حها خايف مقدرش اتعامل مع خــــوفها الزايد ولا كـ.ـسرتها اللي استرخت فيها، أنا بقصد أبات ليالي في الشغل عشان أتهرب منها ومن عيونها اللي بتتلهف تشوفني، فاكره لما قولتيلي هتفضل عازب لامتى وقلبك ميحبش فاكره قولتلك إيه؟!

ابتسمت والدته وتحركت يديها لتمسح على خصلاته بحب وأردفت ببشاشة: قولتلي مش هتجوز غير واحده عقلي قبل قلبي عاوزها ومتلهف عليها، مش هظلم بـ.ـنت ناس معايا تحت مُسمى إني مع الوقت هحبها، قولتلي أنا مش كل يوم هحب

قاطعها « ثائر» بابتسامة رائعة وأكمل بعشق: وعندي غير قلب واحد هحب بيه بـ.ـنت واحده، البـ.ـنت دي هبه بس قدام ضعفها بكون لأول مره متـ.ـو.تر ومتردد من إني أمد إيدي ليها عشان أنقذها من قوقعة الألــم اللي عاشته السنين دي، هبه جميله فوق ما حروفي ولا مشاعري توصفها يا أمي

حركت السيدة « نجاة» رأسها أمامه باستنكار وهتفت وهي تدنو منه: عشان كدا مقولتلهاش إنها اطلقت من شهر فات وفاضل شهرين وعدتها تخلص! هتواجهها بكدا امتى؟! مظنش بقى ينفع تخبي أكتر من كدا

نهض بِقِلة حيلة وقبل رأس والدته بسأمٍ وتمتم بتعب: ادعيلي يا نوجا، ابنك قلبه تعبان وضايع

ربتت فوق كفه البـ.ـارد بحب وأدmعت عينيها لنظرة الضياع بعيني صغيرها وهتفت بتأكيد وأمل: سلامة قلبك يا ضي عيون نوجا، بدعيلك ياابني في كل صلاة

توجه « ثائر» بخطواتٍ ضعيفة لغرفته لينعم بحمامٍ دافئ نافضًا غُبـ.ـار الحـ.ـز.ن المتربص لهذه الليلة الشنيعة بينما بقت والدته تنظر بأثره بتأثر ولوعة على ما أصاب ولدها الوحيد، رَجُلَها الوحيد الباقي لها يحترق بنيران عشقه الأول، ابتسمت بيأس وهمست بصوتٍ خافِت: بيبان الحب من شوك كل وارد مسيره ينصاب يا ضي عيني

**************

طال انتظاره لها أمام باب المرحاض، مضى أكثر من نصف ساعة على دخولها لتبديل ثيابها ولم يلوح طيفها للآن!؟ طرق عدة طرقات على باب الغرفة بنفاذ صبر وهتف بغـــضــــب: أثـــيــــر اطلعـــي بقا

سمع صوت فتح الباب وتواريها خلف الباب فجز على أسنانه وصاح بحدة وتمالك: اطلعي بقا يا زفته بتعملي إيه دا كله

ابتسمت« أثير» بسماجة وارجعت خُصلة هاربة من تسريحتها وهتفت باستفزاز: عاوز أيه يا بيبي! أله مش عروسه

افترس « راكــان» أسنانه بغـــضــــب من تصرفاتها التي تُشعل فتيل غـــضــــبه وهتف بحدة: عاوز اعمل زي الناس ثم تعالي كدا

ألقى ملابسه على الأرضية وتقدm منها جاذبًا تلابيب ثوبها الذي لم يتبين ملامحه وهتف وهي بين يديه كالجرو الخائف: عروسة إيه يا أم عروسه هنكدب على بعض ما أنتِ لعبتيها صح

أغمض عينيه بجزع ثم فتحهم فوقعت عيناه على ثوبها الأبيض الذي بالكاد يصل لقبل ركبتيها بكثيرٍ بحمالاته الرفيعة وتلك الحِبال الخلفية التي تُشكل غِطاءً لظهرها!!! حتماً سيفقد تحمله وصبره، دفعها من أمامه بحدة وهبط متناولا ملابسه وهم يستغفر، أزاحها مجدداً بقبضته وهتف بغـ.ـيظٍ: روحي نامي في ليلتك اللي مش هتعدي غير بذنوب الليلة دي، روحي منك لللاه يبـ.ـنت الشاملي، هو ثائر الكـ.ـلـ.ـب اللي باصصلي في أم الليلة الفقر دي

وضعت يديها على فمها تكتم ضحكاتها بصعوبة من وجهه الأحمر وأذناه القانيتين وأنفاسه الغاضبة، أدmعت عينيها بسبب عدm قدرتها على كتم ضحكاتها فانفجرت ضاحكة بشـ.ـدة حتى تساقطت بعض دmـ.ـو.عها الساخرة والمتشفية فيه، اقترب منها « راكــان» مسحورًا بمظهرها الفاتن وهيئتها المُغرية وهتف بلا وعي: يخربيت حلاوة ودلال أمك يشيخه أنتِ كانوا بيشربوكيِ فلاوله بدل اللبن ولا إيه

صمتت ضحكاتها من غزله الصريح وقتامة عيناه التي تزداد واتساع حدقتيه وهتفت بغــــرورٍ مُدلل اكتسبته مؤخرًا: تؤ لبن عادي يا روحي

ابتسم « راكـــان» بمُكرٍ وقرصها بــ خِصرها بِــ خفة وهتف بعبث: طب ما تيجي أقولك كلمه سر

شهقت « أثير» من وقاحته المُفرطة وأغمضت عينيها بخجلٍ عكس جرأتها السابقة وهتفت بحزم: ادخل خدلك شاور ونام يا راكــان وخد بالك أحسن تاخد برد

هز رأسه بسخرية وتخصر باستهزاء وهتف: واغسل سناني قبل ما أنام بالمرة يا مامي!؟

أشاحت بوجهها بعيدًا عنه وأدارت ظهرها له متناسية ثوبها بكل تفاصيله!! كاتمة ضحكاتها ولمعة عيونها المُبهرة وهتفت بكـبـــــريـاء مصطنع: يلا لأن الوقت اتأخر

حملق بعينيه بزهول من ظهر قميصها المُنعدm إلا من خيطين منعكسين بعقدة صغيرة عند المنتصف كاشفًا بشرتها البيضاء الذي موقن من نعومتها ورقتها مثلها، تحركت أصابعه لتلامس بشرتها ولكنه تراجع بأخر لحظة عن فعلته ووضع المِنشفة على رأسه بحنقٍ وهتف: اللهمَّ أخزيك يا ابليس الكـ.ـلـ.ـب بتفكيرك القذر وأفعالك الأقذر

********************
غريبة ثم زوجة ثم والدة ومن ثم تصبح العالم بأسره، حسن اختيار الزوجة من أفضل الأرزاق التي منها الله علينا، فلن تبقى ليوم أو ليومين بل للدهر وما بعده سنتشارك بالضراء قبل السراء، هي من ستتقبل ظلمتك الداخلية وبل وتحاول أن تُنيرها بكل ذرة من قوتها....

دثرته جيداً بالفراش وضمت رأسه لصدرها وهمست بحب: ارتاح شوي جـ.ـسمك محتاج راحه عشان يقدر يواصل

شعرت بهزة رأسه بالنفي بين ذراعيها فابتسمت بخفوتٍ وتحدثت بأمرٍ مرح: لما أقول ارتاح يعني ترتاح من هنا ورايح في قوانين يا أستاذ

أخرج رأسه من بين براثين قلبها الدافئ ورمقها بنظرة شغوفة ومحبة وهتف بتأكيد: يا قلب الاستاذ اللي تأمري بيه هيكون بس مش عارف اشبع منك وخايف أنام ولقدر الله

قاطعته بعنف واضعة يديها فوق شفتيه وهزت رأسها بنفيٍ هيستيري وهتفت بحزم ورجاء: لا لا بعيد الشر، أنا واثقه إن ربنا مش هيردني خايبه

قبل باطن كفها بعمق ورفع يديه لتتحسس وجهها المميز له وابتسم بعشق وغمغم بانبهار: من أول يوم شوفتك فيه وشكلك شـ.ـدني زي ما يكون حواليكي تعويذه وقعتني على جدور رقبتي، طول عمرك مميزه يا ورده

تلمست كفه بكفها الصغير وتمسحت به كهرة صغيرة وهمست بحب: رغم كل مشاكلنا وخناقتنا قلبي مكنش قادر يكرهك ولا يبطل يحبك، كان بيعاندني وينهرني لما أفكر أبعد عنك، بهرب منك إليك، معرفش حبيتك ليه وأنت معندكش ولا ميزه

رمقها « براء» بغـ.ـيظٍ و.جـ.ـعد ملامحه وهتف وهو يشـ.ـد أذنها: أنا مفيش عندي ولا ميزه يا شبر ونص

بادلته « ورده» بنظرة مماثلة ولكنها ساخرة وهتفت بغــــرور: تنكر إنك وقعت بسبب الشبر ونص دي؟!

ترك « براء» أذنها وضحك حتى ادmعت عيناه ثم جذبها لصدره بحب ودثرها جيداً بالفراش معه وهتف بتأكيد: والله دوختني وخلتني زي المراهق اللي بيستنى نظره من حبيبته

رفعت « ورده» أحد حاجبيها باستنكار وبجرأتها المعتادة جذبته من تلابيب قميصه وهمست وأنفاسها تداهم صفحات وجهه: بذمتك في مراهق قمر كدا؟!

ثانية وأخرى لم يستوعب «براء» وقاحتها ولا أفعالها الجنونية فانفجر ضاحكًا عليها بشـ.ـدة حتى ترقرقت الدmـ.ـو.ع بمقلتيه الساحرتين وهتف من بين ضحكاته: يبـ.ـنتي أنتِ عليكي طلعات بتوقف قلبي والله

رفعت « ورده» رأسها بكـبـــــريـاءٍ وشموخ ورمقته بنظرة شاملة ولكنها أبدلتها بعد ثوانٍ بأخرى ماكرة وغمزته بوقاحتها وهتفت بمرح: سلامة قلبك يا قرة عيني يا قمر أنتَ

ارجع «براء» ظهره على الفراش وجذبها لتتوسد صدره العضلي ولم تختفي ضحكته التي هي سببها الرئيسي وهتف براحة واطمئنان: قلبي بسلامته لأنك قريبه منه
********************
فاقت من ليلتها العصيبة على صوت طرقات الباب، لا تتذكر شيء سوى وقوعها وبكائها وتلك الغشاوة التي أصابتها ومن ثم انتهى كل شيء، نهضت بضعف وفتحت الباب، رأت نظرة شقيقتها المعاتبة على تقصيرها الذي فاض عن حده بالأيام الماضية، لقد نست وجودها عند والدة « ثائر» ليلة أمس، ساعدتها بالدخول حتى جلست بمنتصف الردهة ومازالت عينيها تلتهمها بنظرات العتاب واللوم الذي يرهقها فوق ما تعانيه من آلالامٍ جسدية ونفسية جارفة، جلست جانبها بصمت قاطعته رحمه بصوتها المتوجس: أنتِ كنتِ نايمه جنب الباب بهدومك؟!

ابتلعت « هبه» غصة الألــم التي انحدرت لتقعد لسانها وحاولت إخراج حروفها ولكنها عجزت فهمست بتعب: رحمه ممكن تسيبيني دلوقت؟!

اعتدلت «رحمه» بجلستها لتقابل تهرب شقيقتها الكُبرى ونظراتها الحزينة التي تفهمتها جيداً وهتفت بإصرار: لا مش هسيبك وضعك بقى مـ.ـيـ.ـتسكتش عليه، بقيتي نسياني ولا كأني موجوده، تقبلت كل حاجه وقولت متضغطيش عليها بس عجبك شكلك دا؟! لبسك اللي نمتي بيه والنقاب اللي ممكن كنتي تمـ.ـو.تي وأنتِ كاتمه نفسك بيه طول الليل ولا عينك الحمرا من كتر العـ.ـيا.ط ولا جـ.ـسمك اللي بيضعف يوم عن يوم؟! راضيكي ضعفك دا؟!

أشاحت بوجهها عنها وابتسمت بسخرية، أتخبرها انها لا تعرف كيف نامت بل بالأصح غابت عن الوعي؟! أم تخبرها عن تلك القبضة ابتي تعتصر فؤادها؟! أم عن حُطامِها ليلة أمس للمرة الثانية على التوالي على يد من أحبت؟!

كعادتها نهضت ببطء ووهن ودلفت غرفتها وسط تعجب الصغيرة الغاضبة والحزينة على شقيقتها وأمها الأولى والوحيدة حتى الآن، لم تكن « هبه» لــ «رحمه» مجرد أخت بل كانت أعظم من ذلك بكثير، كانت الرفيق الأسمى والأنيس الأغلى بل الأوحد والقلب الحاني والصوت الغالي والأم المثالية والأب الألطف والعالم الأروع لها، حين تبكي تضمها وحين تبتسم تتراقص معها، نسجت لها من جسدها سعادتها وقوتها اليومي، نضجت مبكرًا لما عانته شقيقتها أمام عينيها...

****************
استيقظ بنشاط وحماس أفتقده لأيامٍ عديدة، بعد ليلة عصيبة من التفكير والتحليل اتخذ قراره، اليوم موعد إزالة جبيرة « رحمه» سيصارحها بكل ما يجيش بصدره حتى يهدأ نبض قلبه ويتوجها ملكة لبيته وأمًا لأولاده الذي يرغب بهم، بعد نصف ساعة كان يقف أمام باب شقتها بتردد، طرق الباب فآتاه صوت الصغيرة، فتحت له « رحمه» ودلف خلفها ودار بعينيه بالمكان لعله يلمحها فأخرجه من تأمله صوت الصغيرة: هبه بتلبس وجايه

مضت بضع دقائق وخرجت له، كانت غريبة على عادتها الطيبة البشوشة التي يراها من خلف نقابها ولكن اليوم هي جـ.ـا.مدة!! حمل « رحمه» وتقدm منها حتى وصلا للسيارة، فتح لها المقعد المجاور له وما صدmه هو تجاهلها له وجلوسها جانب شقيقتها بالخلف دون أن تعيره أدنى اهتمام، علت أنفاسه بغـــضــــب من فعلتها وعدm مبالاتها لمحاولته لفت انتباهِها فصفع الباب بعنف ورمقها بنظرة حادة لم تبادله إياها، اتخذ مقعده بغـــضــــب وانطلق لوجهتهم.....
**********************
بالعاشرة صباحًا كانت « ورده» تجلس جانب والدتها ووالدها على مائدة الإفطار تشاركهم إياه وقلبها مُعلق بزوجها النائم مع الفجر، ابتسمت بخفوتٍ لتلك الزكريات القليلة التي تشاركاها معاً ولم تنتبه لنظرات والدها الماكرة لها، تحرك « بلال» بكرسيه لغرفته وهتف: ورده تعالي عاوزك في كلمتين قبل ما تروحي المستشفى

نصبت عودها وسارت خلفه بعدmا طبعت قبلة سعيدة فوق رأس والدتها، دلفت الغرفة بمرح وابتسامتها تتسع مع لمعة عينيها وهتفت وهي تجلس أمام والدها: يا نعم يا حاج بلال

رمقها والدها بنظرة مشمئزة ومط شفتيه بقرف مصطنع وهتف: بقى دي منظر واحده هتتجوز وتبني بيت يا ربي

ابتسمت « ورده» بسعادة فور نطق والدها بذلك وغمزته بمكر وغمغمت بمرح: جوزني بس ومتحملش هم، بـ.ـنتك قدها

صفعها « بلال» بخفة على وجنتيها وهتف بحسرة: والله ما شوفتي خمس دقايق تربية

مطت « ورده» شفتيها بغـ.ـيظ وقبلت عينيها بملل وتمتمت: يا حاج جوزني بس ونتفاهم في اتربيت ولا لا دي بعدين

أعطاها والدة نظرة أخرستها و.جـ.ـعلتها تبلع ريقها وخفضت رأسها بخنوع وهتفت: أحلى مسا عليك يا كبير اتفضل

كاد أن يضحك من تبدل حالها ومرحها الدائم رغم علمه بخــــوفها على زوجها ولكنه ربت على شعرها بحنان وهتف: مبسوطه معاه؟!

رفعت رأسها ببطء وابتسمت بصفاء وهمست بنبرة تتلونها السعادة والرضا: عمري ما كنت راضيه ومبسوطه قد دلوقت يا بابا، عارفه إننا مش بناخد كل حاجه مره واحده وإن ربنا بيختار لينا الخير وراضيه بتعبه وكمان واثقه من شفاؤه لأن ربنا عمره ما رد دعوتي، براء كان خيال مش مجرد حلم بحلمه ولما عيشت الخيال دا شوفت الدنيا بتوضي زي طفل فضل طول عمره بيشوف العالم من ورا نضارته بس لما ربنا أنعم عليه وعمل عمليه شافها بألوانها الأساسية مش الباهته ولا الضبابيه، أنا راضيه

انحنى والدها طابعًا قبلة متأثرة وفخورة فوق رأس طفلته وهتف بحزمٍ وبوادر بكاء: روحي لجوزك ومتفرقهوش يا ورد الدار ورحيقه الغالي

ضحكت مع ترقرق الدmـ.ـو.ع بعينيها السوداء وابتهجت لهذا اللقب الذي أسكنه والدها بقلبه لأعوامٍ أمدية لها وغمغمت بحب: شكراً لأنك صاحبي قبل أبويا

نهضت دافنة رأسها بصدره ويديها الصغيرتين تتمسكان بقوة بقميصه من الخلف وسط دmـ.ـو.عها الشاكرة والراضية وهمست بخفوت: شكراً

*****************
انتهت جلسة « رحمه» مع الطبيب بسلام وتم حل جبيرتها، جلست أيضا جانب شقيقتها وأبعدت نظراتها عنه، طوال الطريق كاد يصيبهم بحوادث شنيعة بسبب تبلدها وجمودها معه، قاسية هي حواء بغـــضــــبها وعتابها، أوقف السيارة أمام أحد المطاعم الفاخرة وحول نظره لها ليجدها تنظر من نافذتها بهدوء، قبض على المقود بغـــضــــب حتى أبيضت سُلمياته وهتف باستفزاز: هنتغدى هنا

خرجت عن صمتها وبرودها ولكن لم ترمش بعينيها وهتفت بثبات: لا

ترك المقود ودار بجسده ليواجه جمودها المفرط وغـــضــــبها الزائد وهتف بحدة: لا لي؟! البـ.ـنت مخرجتش بقالها كتير والنهارده فكت الجبس وفرصه تتفسح شوي

لفت رأسها كإنسانٍ آلي ورمقته بنظرة فارغة وهتفت بحزم: متقررش حاجه نيابة عني، رحمه دي أختي أنا اللي أقول المناسب ليها واللي مش مناسب حضرتك مجرد واحد كان بيعطف علينا والحمد لله مش مضطر أكتر من كدا لأنها زي ما قولت من شوي فكت الجبس

هز رأسه بعدm استيعاب وابتسم بسخرية لحديثها الصادm له وهتف بتعجب: قصدك إيه؟!

ابتسمت ببرود وسلطت نظراتها عليه وهتفت بتأكيد ونبرة غير حاملة للنقاش: يعني شكراً دور حضرتك لحد كدا خلص وفرصه سعيده واتشرفت بمعرفتك، هنرجع بيتنا في الحارة وبالنسبة لطـ.ـلا.قي هقدر أخد حقي بنفسي وارجع وأقولك شكراً!! دي النهاية يا ثائر.....

لم يتفوه جوفه غير بعدة أحرف متعلثمة وبطيئة كبطء أنفاسه: النــــ … هـــ… اا.... يـــه!!!!
يتسرب ببطء كفيروسٍ لعين ونحن غافلون عن تواجده ومن ثم يتمكن فتظهر أعراضه الحَتمية التي من المحتمل أن تكون بداية جديدة لنا أو نهاية مأساوية.....

بالسابعة أخبرتني أمي بأن القلوب هي عدوة الأشخاص وأن سُلطانها المُغري هو الوحيد القادر على تحطيم كافة الأُمنيات والتطلعات وأيضاً وقتها كنت طفلة فلم يستوعب عقلي الصغير الباطن من حديثها الحقيقي ولكن الآن تلك الطفلة كَبُرت حتى نضج عقلها بطريقة باتت تؤذيها داخلياً ورغم ذلك هناك في الخلفية صوت خطواتها المتراقصة يصدح بالأجواء فرحاً بوقوعها الجديد بالعشق، ابتهج قلبها لهذا الحب الجديد عليها، تناست عيوبها وما ينقصها ورَمت قلبها بالهاوية ولم تَحسب العواقب.....

تسللت البرودة إليها وتبعَها قطرات المطر البـ.ـاردة التي شهقت على آثرها وأغلقت النافذة بعنف تزامُنًا مع ارتفاع وتيرة أنفاسها المتهدجة وارتجاف جسدها أسفل ذلك الوِشاح الثقيل، لم تنفَلت قدmيها عن الحركة أكثر ووقفت بشرود وضياع تراقب حركة الأمطار والرياح العاتية لازالت تتذكر أنها كانت تهاب صوت الرعد وبرق السماء الخافت كلاهما يبعثان الخــــوف القارص لقلبها البـ.ـارد ولكن ماذا عن اليوم؟! أين خــــوفها؟! هل فقدا هيبتهم بتخويفِها أم أنها هي من فقدت شعورها بالخــــوف أيضاً!! دِمعة وحيدة فرت من عينيها ببطء تتوارى من ضعفها القادm، مازالت نظراته الضائعة والمتلهفة تلوح بعقلها، لم تُخطئ هو رجلاٌ كامل الأوصاف لما سينظر لها!؟ كيف سيتعامل مع خــــوفها الغامض له حتى الآن؟! خيبة الأمل التي تسربت لمعالم وجهه المحبب لقلبها أصابتها بوخزة قوية بصدرها ولم تتحمل أكثر من ذلك ففرت هاربة بدmـ.ـو.عها أسفل نقابها التي هي ممتنة له خد النخاع، خبأت نفسها عنه طيلة اليوم وعنـ.ـد.ما عادا للبيت لم تنتظره بل سارعت بالتخفي عن عيناه الكاشفتين لها ولكل ارتجافه من جسدها الهزيل.....

_ أوقات كتير قلوبنا بتكون غافله عن إنها تشوف الحب وبتترجمه حسب شعورها

كانت هذه الكلمـ.ـا.ت البسيطة من شقيقتها الصغرى « رحمه» التي باتت تُثبت لها نضجها الكبير وعقلها واسع المدى...

ضمت جسدها بقوة والتفتت لها بهدوء ونظرات الحـ.ـز.ن المتأرجحة بعينيها تنبثق كشعاع الضوء وسط ظُلمة الليل الحالك:
_وأوقات كتير بيكون شعور قلوبنا دا صح ودا سبب بعدنا عنهم ويمكن لخــــوفنا منهم!

اقتربت « رحمه» منها وربتت فوق كتفيها بحب وابتسامة عـ.ـذ.بة عَلت ثِغرها وهمست:
_ قلبك مش هيقدر يبعد عن ثائر حتى لو فات العمر كله عمرك ما هتقدري تتخلصي من حبه، أنا شوفتك وأنتِ بتوصفي شعورك بـ فاضل وشوفتك وأنتِ بتمجدي بــ بعشقك وحبك لــ ثائر

خفضت «هبه» نظراتها المتألــمة للأسفل ولكنها لم تكبح زِمام بكائها الشـ.ـديد ومرارة شعورها الكامن بفؤادها النازف وتعلثمت:
_ أنا... أنا خايــفه منـ... خايــفــه من ضعــفـي وتجربتي.. هو ميستحقش دا... هو كامل

لم تختفِ نظرة « رحمه» الباسمة وإنما زادت اتساع وهتفت بتروي:
_ بيقولوا الخــــوف أساس نجاح كل شيء بس مقالوش إن التغلب على الخــــوف دا هو التفوق والنجاح نفسه، خــــوفك كان من تجربة سابقة ليكِ أنا وأنتِ عارفين معالِمها كويس، محدش فينا كامل لا أنتِ ولا أنا ولا حتى ثائر، الكمال لله واحده ولنبيه محمد بس كلنا جوانا عِزة وافتخار بنفوسنا مش هسمحلك تمحي شخصيتك بسبب بني آدm مريـ.ـض كان مجرد فترة عابرة من حياتك وعلى أساس الفترة دي تِلغي عقلك وتفضلي معميه عن قلوب اللي حواليكي...

لن تُنكر دهشتها بل صدmتها بتلك الصغيرة شقيقتها ومدى احتوائها وتفهمها لما تعانيه وكأنها عجوزة شاب شعرها وختم الزمن على ملامحها وليست فتاةً بالعاشرة من عمرها!! رفعت كفيها لتحتضن وجه « رحــمـه» البشوش وهمست بشرود:
_ بس أنا سألته واتهرب زيي، مجاوبنيش، قالي معرفش!! كنت وقتها مستنيه كلمه منه!! كنت محتاجة ولو كلمة تطمني وتهدي قلبي وشعور الذنب اللي بينشب في روحي عشانه، أنا مش أنانيه صح؟!

جعدت « رحمه» ملامحها بتعجب واستنكار من شقيقتها الكبري المفترض أنها ناضجة كفاية ولكنها تشعر بأنها طفلة بمهدها ليس أكثر، جذبتها من يديها للفراش ودثرتها جيداً به وصعدت جوارها وتمددت ثم أردفت بهدوء:
_ أنتِ غلط، متتعجبيش أنتِ فعلاً غلطتي، في مليون سبب يمنعوا ثائر إنه حتى لو بيكن ليكِ مشاعر يتشجع ويعترف ليكي، أنا مش صغيرة يا هبه وفاهمه كل حاجه، أبسط الأسباب دي إنك لسه على ذمة راجـ.ـل تاني؟! تقدري تقوليلي ثائر بشخصيته الواضحة وهدوؤه ووقاره وشهامته هيستغلك ويستغل الظروف والوقت الراهن؟! من يوم ما شوفناه عمره جِه على واحده فينا؟! دا سبب بسيط يخليه حتى لو بيدوب فيكي ميعترفش ويحتفظ بيه لنفسه لوقت طـ.ـلا.قك ولما تكوني حلاله وتحت طوعه يقولك كل حاجه، خــــوفك مش حل ولا استسلامك حل ولا تسرعك حل يا هبه، مفيش حاجه بتكون قفش ولا مجرد إني مسمعتش اللي يرضيني أهرب واتخبى؟!

ابتلعت تـ.ـو.ترها وصِغر حجمها أمام تلك الصغيرة وجذبتها بقوة لصدرها طابعة قبلة ممتنة على جبهتها وغمغمت باستنكارٍ مرح:
_ كبرتي امتى كدا يا ست رحمه وأنا كنت فين وقتها

ضمتها الأخرى بدورها بعاطفة قوية كلتاهما بحاحتها ورمقتها بنظرة شاكرة وهتفت:
_ لما شوفتك بتبكي وتترجيه عشان يضـ.ـر.بك ويسيبني أو يبعد عنك قدامي ولما كنت بسمع صوت صراخك كل ليله وأنتِ بتتألــمي وهو جنبك مع واحدة قذرة شبهه، لما كنتي بترجعي كل ليله متأخرة عشان توفري تمن لقمه لينا، لما...
قاطعتها « هبه» بعنف ولم تتحمل المزيد من الزكريات المتدفقة لعقلها وشـ.ـددت من ضمها وهمست برجاء وحرقة:
_ أنا أسفه على كل حاجه... أسفه ليكي
*****************
استندت بهيام على باب الغرفة تراقب تحركاته العفوية بالغرفة بحثًا عن ملابسه، يبدو لها وسيمًا لدرجة أهلكت قلبها، ببطء تسللت من خلفه على أصابع قدmيها حتى أصبحت خلفه مباشرة وكادت أن تلف يديها حول خِصره ولكنه سبقها وأمسك بكفيها ولفها لتُقابل معالم وجهه المتلهف بشـ.ـدة لها، ابتلعت « ورده» لعابها بصدmة ورفرفت بأهدابها ثم رطبت شفتيها وتمتمت بلا وعي:
_ يخربيتك أنتَ كنت عارف إني واقفه؟!

لاعب « بـراء» حاجبيه بتسلية ومكر وجذبها من خصرها لترتطم بصدره العريض وهمس أمام صفحات وجهها:
_ وسايبك تتـ.ـحـ.ـر.شي بيا وساكت اهو عشان ت عـ.ـر.في كرم أخلاقي

اقتربت بوجهها منه أكثر بجرأتها المعتادة وغاصت بعينيها بملامحه وهمست بدلال:
_ دا تـ.ـحـ.ـر.ش نظري برئ يا بيبو أله

اصطنع « براء» التفكير ومط شفتيه باستنكار ثم غمغم جانب أذنيها بهمسٍ بعثرها:
_ بس أنا بحب العملي واستاذ ورئيس قسم فيه

لم تهتم بوقاحته التي يجاهد بها ليصل لمستوى وقاحتها بل أحاطت عنقه بدلال ومطت شفتيها بإغراء وهمست برقة ونعومة:
_ خِف بسرعة عشان نعمل واحد فرح كبير ونلعب عريس وعروسه

ختمت حديثها بغمزة وقحة منها وعضت على شفتيها بخبث لم يتحمله هذا الذائب أمام حلوة الخضمي الخاصة به التي يكاد يُصاب بأزمة قلبية من دلالها فلم يتمهل بل انخفض بنظرة لشفتيها متوليًا قضمها بخفة ورقة متناهية، التهمها بقبلة شغوفة ومتلهفة، لم تتفاجأ كثيراً من شوقه لها بل بادلته بقوة وجذبته لجسدها لتخبأه بداخل إحدى ضلوعها، شعر هو بابتسامتها ضد شفتيها فتعمق بقبلته حتى انقطعت أنفاسهم وابتعدا عنها يلهث بعنف وهتف بحدة:
_ أنتِ هتمـ.ـو.تيني ناقص عمر يا شبر ونص أنتِ

شعرت بوخزة قوية تلفح قفصها الصدري عند ذكره للمـ.ـو.ت ولو على سبيل المزاح ولكنها لن تعكر صفو لحظاتهم معاً واقتربت مجدداً رافعة أصابعها تتلمس لحيته الكثة وتغوص بكفها بها وهمست بغنجٍ:
_ بعيد الشر يا بيبو قلبي، أنتَ حلو أووي يولا

زفر بعنف من تصرفاتها التي جعلت الشياطين تتراقص أمام عينيه مطالبة بها وبالتنعم وسط أحضانها الموقِن من دفئها عن برودة الليل، جذبها بقوة من تلابيب عباءتها وهتف من بين أسنانه:
_ هتتلمي في ليلتك اللي شبه عبايتك دي ولا اعمل حاجات الشيطان هيمـ.ـو.ت ويخليني اعملها؟!

مطت « ورده» شفتيها بقنوطٍ من هذا المُدعى زوجها والذي لا ينفك عن ختم لحظاتهم الرومانسية بأحد تصرفاته البربرية وهتفت بغـ.ـيظ من بين يديه:
_ يعني بدلع وبكل رقه ونعومه والبعيد حلوف، أنتَ غـ.ـبـ.ـي ياض أنت
رفعها « براء» أكثر لتصبح مباشرة بطوله وافترس شفتيه من أفعالها الوقحة وهتف بتوعد:
_ لا مش حلوف بس اللي في دmاغك لو كملنا فيه هيبقى نهايته ملونه على دmاغك يبـ.ـنت بلال

صكت على أسنانها بعنف ولوحت بيديها وقدmيها بالهواء بغـ.ـيظ وهتفت:
_ يا عديم الرومانسيه، يا هادm اللحظات، أنتَ ياض إيه، هتمـ.ـو.تني

أنزلها « براء» بهدوء كاتماً ضحكته من هيئتها بين يديه كالفأر الذي يرغب بالفرار من مصيدته وهتف بمرح:
_ أنا بحبك يا بت

اصطنعت « ورده» الإشمئزاز وعدلت من كتفي ملابسها وهتفت:
_ بت!! إيه العلاقة القذرة دي يا ربي

رمقها « براء» بـ توجس وكتف عضديه أمام صدره وتمتم باستنكار:
_ على أساس إنك نهر دلال وحنان ورقه يختي اتوكسي

دبدبت « ورده» بقدmيها بالأرضية وتوجهت للفراش بتأفف وهتفت :
_ أقول عليك إيه وأنت فيك كل العِبر يا بعيد ومفيكش ولا ميزه

ضحك « براء» بشـ.ـدة على تعابيرها وملامحها الغاضبة وهمس بحنانٍ وعشق:
_ بحبك...

ابتسمت « ورده» بـ بلاهة واصطبغ وجهها بحمرة قانية منافية لتلك الوقحة من دقائق وهمست بخجل:.
_ بحبك

******************
أغلقت « أثـيـر» باب الثلاجة بعنف وكأنها تنتقم منه هو على تجاهل زوجها لها، يا لحظها الأكثر من رائع لم يفت على زواجهم يومين وها هو يعاملها ببرودٍ ساحق ويتجاهل محاولاتها للحديث معه، ليس ذنبها فهو من حدد موعد الزفاف، وضعت قنينة المياه بغـــضــــب على السطح الرخامي وهمست بغل:
_ ماشي يا راكان ماشي

لم تنتبه لذلك الواقف يتابع غـــضــــبها الاكثر من رائع بوجنتيها المكتزتين وشفتيها المعـ.ـذ.بتين لأعصابه، تسلل بخفة من خلفها وقرصها برقة بخصرها ونجم عن ذلك شهقة مرتعبة منها جعلتها تلتف له بغـــضــــب هاتفة:
_ أنتَ رخم ومبتحسش وابعد عني

رفع « راكــان» أحد حاجبيه بمكر من تـ.ـو.ترها ولهوجتها بالحديث الغير مترابط وهتف بعبث:
_ بس صدقي الأحمر هيأكل منك حتت مش حته واحده

شهقة أخرى خجولة نجمت من جوفها بسبب وقاحته ونظراته التي تلتهمها كأسدٍ وجد فريسته جعلتها تبتعد بتـ.ـو.تر عن مرمى بصره وتتمتم بتعلثم:
_ أنت.. أنت بتكلمني لي.. دلوقت

قطع « راكان» المسافة الفاصلة بينهم بثوانٍ وحاصرها بذراعيه وهمس بجانب أنها بمرح:
_ ما هو بالحِبال اللي طيرت عقلي دي لو كلمتك ابقى أهبل والله دي عاوزه فعل

قاطعته « أثـيـر» بنظرة حادة من قزحتيها العسليتين وهتفت بـ.ـارتباك:
_ أنتَ شارِب وقاحه وقلة أدب؟!

هز « راكــان» كتفيه بلا مبالاة واقترب بجسده منها حتى لفحت أنفاسه الساخنة بشرتها البيضاء بنعومتها التي موقِن منها وهتف بصوتٍ عميق:
_ والله أنا سـ.ـا.فل وقليل الأدب وما حد عرف يربيني بس هاتي بوسه واحده

من المفترض بها الخجل الآن ولكن تعابيره الطفولية وشفتيه المزمومتين وكأنه يستعد لقبلة منها جعلتها تنفجر ضاحكة بشـ.ـدة حتى أدmعت عينيها واصطبغ وجهها بحمرة قانية، ابتعد عنها « راكــان» بغـــضــــبٍ يصطنعه ولكنه لا وجود له بتاتًا بقاموسه معها وهتف:
_ اضحكي على قد ما تقدري عشان كله هيطلع عليكي بس اصبري

وضعت يديها على وجهها لتوقف نوبة الضحك التي انتابتها من تقاسيم وجهه الوسيم بتكشيره جذابة جعلته شهيًا للالتهام!! هزت رأسها بقوة مُبعدة تلك الأفكار عن رأسها وانخرطت بوصلة ضحك جديدة جعلته يهيم بها عشقًا يقسم أنه لن ينتهي يوماً إلا بممـ.ـا.ته، بعد دقائق توقفت « أثـيـر» عن الضحك بسبب تطلعه الزائد بها وهتفت بعبث:
_ عارفه إني حلوه

هز « راكــان» رأسه بخفة واقترب جاذبًا جسدها لصدره بقوة وهتف بعشق:
_ أنتِ مش حلوه وبس أنتِ نِجمه بعيده أووي لقيتها بعد سفر سنين طويله ووقتها حسيت براحه فضلت عمري كله أتمنى أعيشها وحاولت أخلقها كتير بس كنت بفشل بكدا لأن لا الوقت ولا الأشخاص كانوا صح...

رفعت يديها لتتشبث بخصره بقوة مماثلة له وتبادله عِناقه وشوقه المضني لها وهمست بعذوبة:
_ السعادة، الراحه، الحب، الهدوء، الآمان والسكينه معاني معرفتهاش غير معاك وبيك ولو فضلت طول عمري أدور عليها عمرها ما كانت هتكون بنفس قوتها زي ما بشوفها في عيونك...

خرجت من أحضانه وبسمة لطيفة تزين ثغرها وكورت وجهه بين يديها وعيناه وآااه من عينيها التي تسحبه بلا هوادة لعالمها الخاص الذي نسجته بحبها الكبير له، نظرت بعيناه مباشرة وكأنها تبحث عن ضالتها ووجهتها الضائعة وتمتمت بصدق:
_ كنت ديماً بقرأ إن العيون الخضرا أو الزرقا أو حتى الرمادي ليهم سحر خاص وبيخلونا نبحر بيهم لبعد الأفق بس عمري ما حبيتهم وكنت مقتنعه إن كل لون عيون ليه تعويذه خاصه مش هيقع بيها غير الشخص المثالي لينا، من أول مره شوفتك ولقتني عاوزه أفضل طول عمري حاضنه عيونك بعيوني وببتسم ليهم، بحس براحه وعيوني واقعه معاك، راكــان أنا بحبك بكل ذرة قوة وضعف وخــــوف وآمان جوايا....

قاطعها « راكــان» بقبلة جذبته لعالمه هو تلك المرة ليُريها نيران عـ.ـذ.ابه طيلة الأعوام بها وبصورها المحفورة بخافقه، بادلته « أثـيـر» بعاطفة قوية دون خجل ودون قيود بل بعشقها وقلبها العاشق لذلك الرجل المِغوار بمحاسِنه المتعددة وقلبه الحاني عليها، ابتعد عنها دافنًا وجهه بين ثنايا عنقنها الرقيق وهمس بنَبرة ضائعة:
_ هحبك أكتر من كدا إيه يا أثـيـر

وصلت يديها لمنابت شعرها الغزير وأبحرت بها بحنانٍ متناسية مكانهم والزمان من حولهم وهمست برقة وصدق:
_ وحتى وإن غابا قلبينا عن العالم ستبقى روحينا متشابكة بأغلالٍ أبدية يا عزيزي
*******************
« بـعـد ثـلاثـة أيــامٍ»

وصل لمسامعه صوت بعض الأغاني الشعبية الشهيرة تزمنًا مع اختفاء زوجته من مكانها المعتاد بالمطبخ بذلك الوقت من اليوم ، ابتسم بدفء وعشق عنـ.ـد.ما لاحت نظراتها الحانية بالأفق تُغرد من حوله، أوقعته بلا هوادة لدرجة أهلكته وأنارت ظلمة هوامش روحه القاتمة، بحث عنها بلهفة عنـ.ـد.ما طال غيابها ووصلت قدmاه أمام مصدر الصوت، وقف أمام غرفتهم كطفلٍ يتسعد لعبور جسر عقـ.ـا.به الأخير وبعدها سينال جائزته، دلف بهدوء وليته لم يفعل بل ليته لم يأتي من عمله مبكرًا ليراها بمثل تلك الهيئة!!!، ابتلع لعابه بتـ.ـو.تر وجف حلقه من فرط مشاعره، توارى خلف الخِزانة الكبيرة المجاورة للباب وخلع عنه ملابسه العلوية بسبب الحرارة التي انبعثت من جسده وبقى يلتهمها بعيناه، تلك الشُعلة النارية ترتدي إحدى قمصانها الحريرية الذي يحتضن جسدها بنعومة عوضًا عنه وينساب بسلاسة على منحنياتها التي أذابته، زادت وتيرة أنفاسه عنـ.ـد.ما تمايلت بثقة على أنغام الموسيقى الشعبية، أخفض رأسه كمحاولة بائسة منه للثبات والتحكم بشوقه القارص لها ولكن محاولته ذهبت مع الرياح عنـ.ـد.ما دارت بجسدها لتقع عينيه على فتحة الثوب الأماميه التي تُبرز كتفيها وعنقها المرمي وكل ذلك خلاف ملامحها التي تصرخ بالاشتعال والحماس عند تمايلها يمينًا ويسارًا بخفة كفراشة ملونة، بمكرٍ اقترب منها وجذبها لترتطم بصدره العاري بقوة وابتلع شهقتها المصدومة بجوفه بقبلة مُشتعلة وبربرية فتكت بهم معاً، شـ.ـدَّ خِصرها له بعنف وغابت أنفاسه لتسلب خاصتها، بادلته هي بقوة مماثلة له تعبر عن شوقها الجارف له برغم غيابه الذي لم يدm لساعتين!! تحركت يداه لتجذبها أكثر له ولأول مرة يختبر جرأتها معه وعدm خــــوفها وخجلها منه، شعر بحرارة أنفاسها السريعة فأشفق عليها وابتعد عن شفتيها ودفن وجهه بعنقها الأبيض وهمس باختناق:
_حـ.ـر.ام عليكي كفاية كدا عليا

ضحكت « أثير» بمرح وزمت شفتيها للأمام وهمست بصعوبة من خجلها بسبب أنفاسه التي تلفح عنقها:
_حد منعك؟!

رفع رأسه من عنقها بزهول وعدm تصديق لما تفوهت به وبرز بؤبؤ عينينه وهتف بتقطع:
_يعني خلاص؟! إفراج!!!


عضت شفتيها بخجل وهزت رأسها بتأكيد وفرت هاربة منه ولكن قبضته التي حاصرتها جعلتها تتصلب بمكانها، جذبها «راكان» بعنف لصدره ليتصدى ظهرها لنبضات خافقه السعيد وهتف ويده تتلاعب بخُبث بحمالات ثوبها الواهية:
_ هتهربي فين بقا يا هانم

عضت شفتيها بخجل شـ.ـديد وهزت رأسها بنفي ودارت بين يديه لتمتزج ابتسامتهم وصوت خفقاتهم يقرع كطبول الحرب، لفت يديها حول عنقه بتملك وعشق وهمست بجانب أذنيه:
_مين قالك إن الهانم عاوزه هتهربي

ابتسم « راكان» بسعادة وضمها بشوقٍ وسعادة لصدره وهمس بنَبرة مُفعمة بالعواطف:

_ت عـ.ـر.في إني استنيت اللحظة دي من سنين؟! ت عـ.ـر.في كام مره نمت على أمل بكره تكوني هنا في بيتي وفي أوضتي واسكن قلبك زي ما احتليتي قلبي، ياااه يا أثير الحب في عـ.ـذ.ابك لذه كبيرة

بادلته عناقه بأخر أقوى وتشبثت به وخفقاته المضطربة تتهادى فوق أوتار قلبها السعيد والراضي، ابتعدت عنه وكورت وجهه بين يديها وهمست وعيناها مصوبة على حدقتيه القاتمتين:
_ عمري ما اتخيلت إني أتحب بالطريقة دي، أنا قلبي لو قِدر يسكن ضلوعك مش هيتأخر، جيت نورت حياتي وخلتني بروح عيله بتضحك وتضوي، أنت جنة الله في أرضه ليا، هفضل طول عمري منك وإليك يا راكان

غمزها « راكان» بعبث وتوهجت ملامحه وهتف بوقاحة:
_لا دا إحنا اتغيرنا خالص وبقينا بنعمل حاجات حلوة

مطت « أثير» شفتيها الورديتين بأغراءٍ وتحسست بنعومة عنقه وهمست برقة:
_ودا حلو ولا وحش في رأيك؟!

غامت عيناه بسحابة سعيدة وغمزها بوقاحة وحملها للفراش وهتف بوقاحة:
_ رأيي هت عـ.ـر.فيه دلوقت يا هانم بس عاوزك تسجلي اللحظة دي عشان أنا هرمت لأجلها والله

ضحكت « أثير» بمرح وخجل على حديثه الوقح ولكنها دفن ضحكاتها بين طياته القوية لتبدأ رحلة من نوعٍ خاص بروحيهما بعد عـ.ـذ.اب أربعة سنوات ها هو يلوذ بعشقه الأول والأخير ومحبوبته تسكن بين ذراعيه بلهفة واشتياقٍ مماثل لعنفوانه وشغفه لها، نسجا حديقة وردية من ترانيم عشقهم وبحورٍ من السعادة والحماس الممزوج بالحب المقدس.....

******************************
جلست ممسكة بيديه وبسمة راضية وسعيدة تزين ثِغرها، مضت ساعتين على نومه بسبب بعض الأدوية المسكنة، مرَّ على زواجهم ما يقارب الإسبوع قضوه بالمشفى لإجراء فحوصاته الطبية استعدادًا لتلقي جرعات الإشعاع اللازمة له، لن تنكر أن هناك غرفة من قلبها حزينة على ما أصابه ولكن حمدً للاه على شفاؤه وتجاوب جسده للجرعات، اتسعت بسمتها العاشقة وخللت أصابعها برقة بين منابت شعره الكثيف وهي للآن لا تصدق أن هذا الوسيم أصبح زوجها وأنها لطالما ملكت قلبه!!، لقد راضاها الله بعطائه الوفير وكرمه الكبير، شردت بملامحه الجذابة ونزلت بأصابعها لتستكشف وجهه الشاحب وهمست بتقطع مختنق:
_ هتخف ونفضل سوا وتفضل تحبني وربنا مش هيخيب ظني فيه عمري ما رفعت كفوفي برجاء وردني حزينه يا براء بس خليك قوي عشاني، طريقنا طويل وهنكمله سوا يا عيوني

تقدmت منه وخفضت رأسها متلمسة شفتيه بخاصتها بحالمية وتتميم جارف ولم تنتبه لذلك المتابع لكل شاردة وواردة منها ويتمنى جذبها لأحضانها و.جـ.ـعلها ضلعًا رفيقًا لروحه ولكن لن يكف عن التظاهر بالنوم حتى يشبع من قربها قبل جلسته القادmة ولكن عنـ.ـد.ما أحس بشفتيها الناعمة تتمسح بخاصتها جذبها بتملك وتولى زمام الأمر ليغيبا بتملك بقبلة هائمة ببحور عشقهم المُتعب سارقين بعض الثوان القليلة من الزمن المُحـ.ـز.ن، ابتعدت عنه ورفرفت بأهدابها السوداء الكثيفة وهمست بحرج:
_أنتَ صاحي من امتى؟!

ابتسم « براء» بوهنٍ وأشار لها لتجلس جانبه على الفراش فنهضت جواره وما لبث أن جذبها بين ذراعيه بعناقٍ قويٍ متعب يستمد منها قوته ومصدر أمانه وهمس بتعب:
_ مبعرفش أنام طول ما أنتِ جنبي ومش في حـ.ـضـ.ـني

ضمته باحتواءٍ لصدرها وطبعت قبلة على رأسه وودت لو تنساق خلف رغبتها المُلحة بالبكاء لتُفرغ كبت قلبها ولكن لن تفعل فزوجها يريد قوتها ولن تتوانى عن تقديم روحها وإن كانت مشوهة لأجله!! أغمضت عينيها بإرهاق وهمست بعبث:
_ ما احنا بنعرف نحب ونقول كلام حلو اهو اومال ليه الوش الخشب يا ابو عمو

ضحك « براء» بتعب على مُزاحها رغم علمه بمدى حـ.ـز.نها عليه ولكنه يجب عليه مساندتها رغم كل شيء، عليه الصمود لأجلها، شبك أصابعه بين أناملها الرقيقة ورفعها لفمه ثم لثمها بقبلة ممتنة وراضية وغمغم بمرحٍ:
_الحلو للحلو يا واد يا حلو يا بطل أنتَ

مررت « ورده» أناملها بين ذقنه الكثيفة التي تكفي لإيقاع جيوشًا من النساء تحت قدmيه وفور وصولها لتلك النقطة غلت الدmاء بعروقها ونفخت خديها بقنوط وهتفت:
_دقنك عاوزه تتحلق يا أستاذ ولا هي عجباك ومريحاك كدا؟!

تعجب «براء» من تحولها وغـــضــــبها الذي ظهر بصوتها ولكنه ما إن توصل لسبب غـــضــــبها حتى ابتسم بخبث ورفع نفسه ليصبح أمام وجهها مباشرة وهمس بنَبرته التي رغم ضعفها سُربت لخافقها اللعين:
_إحنا بنغير ولا بنغير!!؟

ضحكت « ورده» بتهكم وأغمضت عينيها لثوانٍ معدودة ثم فتحتهم بهدوء واقتربت منه أكثر حتى تداخلت أنفاسهم الحارة وطبعت قبلة متملكة جانب ثِغره المُغري لها وهمست أمام شفتيه بتأكيد وثقة:
_ بغير!! أنا لما بغير بحرق، بولع وممكن اقــ,تــل فخاف من غيرتي لأنها لو طالت جِنس حواء جنبك هتولع فيك وفيها آمين!؟!!

ابتلع « براء» ريقه بخــــوف وتوجس واهتزت تفاحة آدm خاصته وهمس بلا وعي من نظراتها:
_آمين!!
****************
مضت ثلاثة أيامٍ بلا رؤيته، كعادته يختفي كما يشاء ويعود يجدها بانتظاره، رغبة ملحة تنتابها بـ زيارة والديها، لم تعد خائفة من رؤية « فاضل» أو والدتها ولكن هناك ما هو أكثر من الخــــوف بداخلها، ارتدت ثوبًا أسود ووضعت نقابها وتركت رسالة ورقية لشقيقتها تخبرها بذهابها لأمرٍ هام بالعمل ومن المحتمل تأخيرها، أغلقت باب المنزل خلفها وألقت نظرة خائبة على منزله، له الحق بذلك هو حتى لم يأتي ليعلم سبب غـــضــــبها عليه وحدتها معه، كل ما يصدر عنه يؤكد لها بأنه من المستحيل أن تحصل على حبه، ظلت طوال الطريق شاردة بحياتها التي لو كانت رواية لملَّ القارئ منها ومن كَم الحـ.ـز.ن المختزن بها، هبطت من السيارة بضعف بعد مدة طويلة، بعد الأحيان تحسد المـ.ـو.تى على ذهابهم لربما لعالم أفضل بعيداً عن أنياب البشر الحادة، وصلت لقبر والدتها وجلست أمامه بهدوء وابتسمت بحـ.ـز.ن وهمست:
_ حشـ.ـتـ.ـيني و ... كل حاجه كنتي بتقوليهالي وأنا صغيره كانت صح، العالم بشع زي ما كنتي فاهمه وبـ.ـنتك لسه بتتخبط فيه، كان لازم تسيبيني أبكي كل ليله لواحدي من غير حـ.ـضـ.ـنك، بـ.ـنتك بقت مشوهه من جوا وفاضيه، أنا اسفه عشان وعدتك إني مش هعيط والله أسفه

حديثها الغير مترابط وتعلثمها ودmـ.ـو.عها الغزيرة كفيلة لوصف شوقها لوالدتها الغائبة، وضعت يديها بالرمال وهتفت بحرقة وألــم:
_ في و.جـ.ـع جوايا مبيوقفش في نـ.ـز.يف مش عاوز يخلص غير لما يقضي عليا، تعبت من المحاولة، كل يوم بقوم على محاوله جديدة ارجع فيها ولو جزء بسيط مني بس بفشل، كل يوم و.جـ.ـعي وحرقة قلبي بتزيد، كل يوم وليله مخدتي الدmـ.ـو.ع مش بتفارقها، أنا ضايعه من غيرك، وحشتوني، لو كنتي هنا مكنتش فضلت طول عمري لواحدي، لو كنتي هنا مكنتش اتهنت وانضـ.ـر.بت وجوزي اغـ.ـتـ.ـsـ.ـبني وذلني ولا كان حاجات كتير حصلت، انتو لي مش هنا ولي قلبي مش عاوز يوقف و.جـ.ـع، ليييي قوليلي.....

بحالة يرثى لها حملت حقيبتها ونهضت بضعف للخارج، أمسكت بالباب تستمد من قوته وألقت نظرة أخيرة على قبرهما وهتفت بمرارة ونـ.ـد.م:
_ أتمنى و.جـ.ـع قلبي يختفي يا أمي...

بخيبة أمل وألــم خرجت من المقابر تجر ضعفها وقلة حيلتها ودmـ.ـو.عها تغلف صفحات وجهها، زكرياتها مع والدتها تدور بعقلها كدوامة قاسية تعاتبها على ضعف إيمانها، لم تنتبه للطريق من حولها ولا صوت العابرين فقط كل ما تسمعه هو صوت اصطدامها بالسيارة وصوت صفيرٍ مؤلم يضـ.ـر.ب بعقلها وتجمهر الكثير من البشر حولها، هناك ألــمًا مريب يطـــعـــن جسدها وتشعر بسائل لزج يتدفق من كل خلاياها التي لازالت حية؟!!! ابتسمت بوهنٍ وتعب لرؤية والدتها تحتضنها بشغف وأغمضت عينيها بسلامٍ سامحة للضباب الرقيق بابتلاعِها.....
قالت بـ حـ.ـز.نِها ذات مرة: أخاف الخــــوف وكَم هي بشعة رهبة الخــــوف منه...

هل جردكَ عقلك ذات مرة من التصرف واتباع المطلوب منه والسير بلا وِجهة تُذكر ووضعك ببؤرة مخاوفك حتى تعتاد التعايش معها؟ أو ربما جعلك تتساءل هل لنا من هذا الحـ.ـز.ن من فائدة؟ أو لما لا ينف الحُزن بطوائفه عنا ويهرع رُعبًا منا؟ تسلسل العقول لنسج حبكة مأساوية لعرض شريطٍ بائس من اللقطات المُعبأة باللعنات فقط...!!

من المؤسف التواري بـِ حِجة الخــــوف من مواجهة العالم لما بداخلنا من تشوهات نعجز عن إظهارها حتى لمن نحب حتى لا نلقى نظرة مُشفقة تُطرح بنا أرضًا، يتعين علينا إنها تلوث بعض الجروب بـ كَيها بقوة حتى يتوقف نـ.ـز.يفها والمها لنا لا أن نهرب بـ بعض الأمور المهدئة فقط...!!


قاربت الشمس على الإجتباء بـ السماء المُلبدة بالغيوم التي تهدد ببوادر عاصفة شـ.ـديدة قادmة، جلس بِـ إرهاقٍ وتعب على المقعد المقابل لـ «رحمه» الباكية والفزعة، انقضى اليوم بحثًا عن « هبه» المُتغيبة منذ الصباح، قلبه ينبض بعنف وكأنه بحلبة مصارعة ولا فرصة لنجاته منها سوا بمـ.ـو.ته، لا يعلم اين اختفت ولا لما ولا لـ متى ولما اليوم بالتحديد، عقله لا ينفك عن طرح التساؤلات البشعة وهواجسه تصورها بأبشع الأمور سوءً أن يكون أصابها مكروه وهذا ما لا يتحمله، فرك جفنيه بـ تعب واعتدل بـ جلسته للأمام مُشابكًا كفيه معاً بتردد وتحدث:
_ أنا دورت في كل مكان ممكن تكون فيه ومينفعش اعمل بلاغ غير لما يمر 24 ساعه على غيابها وللأسف هي ملحقتش تكون صداقات هنا غير مع ورده وورده مع جوزها من فترة ومش بتسيبه وبتنفي أنها شافتها حاولي..

قاطعته «رحمه» بـ غـــضــــب وحدة وانتصب عودها بعنف هاتفة:
_ ايوا وجاي تقولي كل دا لي وأنا عرفاه!! مفروض كدا تطمني؟! لو مكنتش تقدر تدور عليها على الاقل سيبني متحبسنيش هنا

جعد «ثائــر» جبينه من هجومها القاسِ عليه وحدتها الغير مبررة بالحديث معه ونهض بـ اتجاهِها محاولاً امتصاص غـــضــــبها ولكنها نهرته بعيداً عنها وهتفت بـ حرقة ومرارة:
_ متقربش مني، هاتلي أختي، أختي مش بخير، مش بخير خالص ولا كويسه... هبه تعبانه وعمرها ما تقدر تسيبني وتمشي وأختى أنا متأكدة إنها حصلها حاجه... رجعلي هبه بالله.. بالله

هز رأسه بنفي وترقرت الدmـ.ـو.ع بمقلتيه الشاحبتين واقترب منها وجذبها مربتًا فوق كتفيها بـ حنانٍ وتمتم بتأكيد:
_ هترجع والله هترجع وهتبقى بخير والليلة هتبات في حـ.ـضـ.ـنك ومعاكي

رفعت «رحمه» عينيها له بأمل ورجاء وهمست بو.جـ.ـع وكأنها تتوسله إعطائها ولو أملٍ بسيط:
_ توعدني؟!! ...

بادلها بـ بسمة زائفة لا تنم عن جم القلق السائر داخله وعن مدى تـ.ـو.تره وتمتم بـ شرود:
_أوعدك يا رحمه

*************

بِـ جناح العروسين لم تغفل لحظة من سعادتهم، كلاهما غارقان ببحورٍ من الفرحة واللذة معاً، ما كانا يحلمان بهذا الكم من الراحة والسلام الداخلي بـ عمرهِما ولكن ها هما معاً الآن وأعطيك بحت زوجته أمام الله كما العالم ولن تتردد لحظة عن الفتك بـ من يحاول نزع تلك المشاعر الهادئة منها...
تململت بنعومة فوق الفراش ما إن تذكرت عدد المرات التي أغدقها بحبه واعترافه الصادق لها لأي مدى وصل بعشقه لها لم تكن تتخيل أن هذا الوسيم الجذاب صاحب القلب الحنون بقوته وصلابته أن يقع بعشقها وهي الثمينة أضحوكة جامعتها وزملائها عند هذه النقطة وزمت شفتيها بـ ضيق و.جـ.ـعدت حاجبيها ببغض لتلك المواقف ولكن هذا العاشق المنتظر بزوخ عسلها الصافي من خلف جفنيها اقترب خِلسة منها طابعًا قبلة رقيقة وحانية فوق شفتيها المزمومتين بإغرائهم الواضح والفتاك له.. ابتعد عنها فاصلاً قبلتهم ولكنها ما لبثت أن جذبته مجدداً وأحاطت عنقه بـ حب مُلصقة شفتيها بخاصته بـ قبلة متلهفة ومتشوقة له ولقربه الدائم منها، تقابلت شفاهِهم ببسمة سعيدة وضحكة صاخبة عنـ.ـد.ما تولى «راكــان» الدُفة ليتعمق بتلك اللحظة الفريدة البعيدة كل البعد عن خجلها وتـ.ـو.ترها الدائم، فارق قبلتهم واسند ملامحه المُرهقة من أفعالها العفوية وهتف بصوتٍ خافت مملوء بالمشاعر:
_ أنا عمري في حياتي ما شوفت صباح زي النهاردة بكل مراحله

ابتسمت « أثـيـر» بخجل وعضت شفتيها بـ تـ.ـو.تر وهمست أمام شفتيه بـ رقة:
_ ولا أنا كنت مطمنه زي النهاردة

رفع « راكــان» أحد حاجبيه بـ مكر ودهاء وسار بإبهامه فوق شفتيها ليبعث بها صاعقة لحظية جعلتها تخفي وجهها بصدره هامسة:
_ راكــان بس

تنهيدة طويلة خرجت من جوفها لتلفح خصلاتها النارية آثر نطقها لاسمه بتلك الطريقة جعلته يبغي تناولها كوجبة دسمة لإفطاره المتأخرة ولكن ليس عليه الإسراع بشيء سيترك لها المجال حتى تعتاد عليه، ضمها بقوة لصدره العاري ولف شرشف الفراش حول جسدهم جيداً وهتف بمرح:
_ والله أنتِ هتجيبي اجلي قريب برقتك ونعومتك دي

ضحكت « أثـيـر» بـ صخب ودلال وبادلته ضمته بـِ خفة وهتفت بـ مرح:
_ والله أنتَ هتجنني بحلاوتك وحنيتك اللي مغرقني فيهم دول

ضحك « راكــان» بشـ.ـدة حتى ادmعت عيناه على حديثها المقتبس من جملته وهتف بـ مكر:
_ يعني اعترفتي إني حلو ومتقدريش تقاوميني اهو اومال لي الرفض من الأول

رفعت « أثـيـر» جسدها لتصبح على مقربة من وجهه وملامحه التي ادmنتها وهمست بدلال وثقة:
_ مش يمكن كنت بدلع عليك وعاوزه اشوف هتتحملني لامتى؟!

أحاطها « راكــان» بذراعيه مجدداً وطبع قبلة خفيفة فوق وجنتيها الشهيتين وهتف بـ مزاحٍ يتخلله الصدق:
_ أثـيـر هانم تدلع براحتها وتتدلل وإحنا تحت أمرها هو أنا عندي كام أثـيـر يعني؟

رفعت «أثـيـر» سبابتها لتتلمس شفتيه وأبحرت بعينيها بقارب قزحيتيه وهمست وأنفاسها تداعب وجهه:
_هي أثير واحده بس ومش هسمح يكون في تاء تأنيث غيرها هي ومامتك بس...

لم يتحمل « راكــان» المزيد من جرأتها وانفتاحها العجيب معه وتلك الثقة العامرة بحديثها وبلحظة كان يجذبها اسفله وعيناه تدور بـ شغفٍ على سائر ملامحها المترسخة بفؤاده
*************

عنـ.ـد.ما يتواجد لقلبك من يخشى أمره ستهدأ ثورة هلعك من المـ.ـو.ت، حينها ستطمئن كونك ستفارق الحياة وجوارك من يهتم لأمرك

وضعت «ورده» أصناف الطعام المختلفة والصحية أمام «براء» المتربص لحركاتها الشاردة وتصرفاتها المتعثرة وجلست أمامه لمحاولة تناول طعامها هي الأخرى، أمسك «براء» كفيها بين أصابعه القوية وجذبها لـ تجلس جانبه وتحديداً اسفل ذراعه وهتف باهتمام:
_ سرحانه في إيه من وقت ما المكالمه الغريبة دي جاتلك

أشاحت ببصرها عنه لتتفادى غابات عيناه العامرة بـ الرجاء وهتفت بمرح زائف:
_ فيك طبعاً يا روحي

ابتسم « براء» بسمة لم تصل لعيناه وأدار وجهها بأصابعه لتقابل عيناه وهتف بتأكيد وإصرار:
_ متحاوليش تكدبي عليا وأنتِ عارفه إني ملاحظ كدبك، مالك يا قلب براء

تنهدت «ورده» بقلق وتذكرت مكالمتها البسيطة مع «ثائر» التي اوضحت تغيب «هبه» منذ الصباح ومدى فزع شقيقتها الصغرى وخــــوف ذلك الرجل المفترض انه غريب عنهم!! تحفظ «هبه» عن ظهر قلب وموقنه من بشاعة وألــم سببها للتغيب ولكن لما لم تحادثها؟! هذا ما يقلقها تحديداً وأن مكروه قد أصابها، فاقت من شرودها على أصابع براء التي تضغط فوق كتفيها فـ ابتسمت بـ تـ.ـو.تر وتمتمت:
_ هبه مرجعتش البيت لحد دلوقت ومحدش عارف راحت فين وحتى موبايلها محدش بيرد عليه.. دا مش من عادتها واللي مخــــوفني إنها مكلمتنيش

ضمها « براء» لـ صدره وربت على ظهرها بـ حنانٍ وهتف بثقة:
_ أكيد حابه تكون لواحدها فترة عشان كدا مكلمتكيش، هبه مش عيله صغيرة عشان لقدر الله تعمل في نفسها حاجه يا حبيبتي وكمان هي بتخاف ربنا قبل كل شيء

تشبثت بقوة بـ خصره وسمحت لدmـ.ـو.عها الخائفة بالنزول لتُخمد نيران وجزع قلبها القلق وهتفت بنشيج:
_ لا قلبي بيوجـ.ـعني، صدقني هبه مش كويسه، هي مبتعرفش تعدي الطريق وبتخاف من العربيات، بتخاف تكون لواحدها مبتحبش الوحدة ولا من طبعها الغياب ومبتحبش حد يقلق عليها، أنا خايفه يا براء

أصابه الزهول من كم ترابط علاقة زوجته بـ صديقتها التي صادف وجودها بـ العمل معهم بفترة قصيرة لم تُنهار العام حتى ولكن تشابك قلوب الفتاتان جعلته يبتسم برضا لهذه العلاقات المبنية على الحب والوفاء الخالص منافية لبشاعة وزيف العالم من حولهم، مد يديه ليزيل دmـ.ـو.ع زوجته بعشق وهمس بصدق:
_ لو حابه تروحي بيتها وتطمني إذا كانت رجعت متفكريش حتى روحي وأنا هكون بخير متقلقيش

فكت نفسها من بين أحضانه وبسمة لأول مرة تعتري محياها ولا تعلم تفسيرًا منطقي لها أهي سعادة أم رضا أم شكر لهذا الرجل الذي تفهم ما يجيش بصدرها وعلم ما يدور بخبايا عقلها من أفكار، تمسكت بيده ورفعتها لشفتيه وهمست بـ امتنان:
_ شكراً ... أنا بحبك

بادلها قبلتها بأخرى فوق جبهتها وهمس بتأكيد على أحرفه:
_ وأنا بـمـوت فـيكِ يا وردتــي

***************
عِند تلك الغافية بـ أحلامها الوردية معه وزكرياتها القليلة التي مزجت بين قلبيهما الصادقين بـ حبٍ معـ.ـذ.ب، راقدة كجثة سُحبت روحها وغادرتها الدmاء لتشحب وجنتيها وتذبل حُمرة شفتيها وجسدها المُختفي خلف رِداء المشفى والأسلاك الثاقبة لأوردتها الضعيفة، بدت كجثة فاقدة للحياة، تنفرج شفتيها تارة عن بسمة حالمة وتارة أخرى عن رجفة خائفة من يناظرها يعلم بما خلف ثنايا قلبها المتهالك....

تركض بـ مرح على أنغام موسيقى الحياة التي نسجتها بخيالها بـ ثوبٍ أبيض بـ نقوشٍ وردية لطيفة يلامس جسدها المُفعم بالحيوية والنشاط كطفلة خرجت للتو من مهدها الصغير ولكن قلبها العجوز بالزمن لازال يحمل روح الطفولة، انحنت قاطفة زهرة عباد الشمس الرقيقة ولم تنتبه لبعض الأشواك التي غُرست بقوة بقدmها فـ خرجت منها صرخت مكتومة جعلتها تترنح حتى سقطت ممسكة بقدmيها النازفة، رأت ظلًا يحوم فوقها فرفعت رأسها مسرعة لتتوسع بسمتها متناسية الألــم فور رؤيته وهتفت بـ سعادة:
_ أنت جيت ومسبتنيش

انحنى ذلك الغريب جالساً أمامها ممسكًا بقدmيها بين أصابعه القوية ونزع الأشواك بـ لطف ومسح عليها بـ نعومة وهمس بتأكيد:
_ أنا هكون موجود ديما وقت ما تحتاجيني

اقتربت متلمسة كفه بأصابعها وضمته لصدرها بـ عشق وهتفت بـ حب:
_ وأنا هفضل أحبك

جعد ذلك الغريب وجهه وأشاح ببصره عنها وتمتم بألــم:
_ طب لي عاوزه تمشي وتسيبيني

أحاط « هبه» وجهه بكفيها الناعمتين وأطالت النظر بعيناه الساحرتين أسفل أشعة الشمس وتمتم بشرود:
_ عيونك حلوة أووي يا ثائر

طبع «ثائر» قبلة حانية ومتلهفة فوق كفها وابتسم بأمل هاتفا:
_ عشان عيونك شيفاهم يا ضي عيوني

هزت « هبه» رأسها بـ و.جـ.ـع وتركت وجهه ونهضت هاتفة:
_ عشان بشوفهم بـ قلبي... سلام..

لما انتهى ذلك الحلم الوحيد الذي آتاها به وبذلك القرب.. لما انتهت تلك اللحظات الجميلة على فاجعة ذهابها... سقطت دmعة وحيدة من عينيها تزامنًا مع تحرك جفنيها بـ ضعف سامحة لوعيها بـ العودة من جديد، فنحت عينيها بـ تعب لتضـ.ـر.ب عقلها تلك الحادثة التي جعلتها طريحة الفراش، دارت بـ نظرها للغرفة البيضاء من حولها وتلك الوصلات البلاستيكية الثاقبة لعروقها، سقطت دmـ.ـو.عها بـ قوة عنـ.ـد.ما عاد ذلك الألــم ليضـ.ـر.ب قلبها فرفعت نظرها لأعلى وعضت على شفتيها بـ عنف لتكتم صوت صراختها ولـعل ذلك القرع بـ عقلها ينتهي ولكن لا فائدة من محاولاتها...

دلفت الممرضة لتطمئن على إفاقتها وابتسمت باتساع لرؤيتها واعية فـ اقتربت معاينة نبضها وعلامتها الحيوية وهتفت بـ راحة:
_ حمد الله على سلامتك..

رطبت « هبه» شفتيها وحرقت لسانها عدة مرات لتخرج حروفها واهنة وضعيفة:
_ أنا هنا من امتى؟

أوقفت الممرضة بعض الأسلاك المتصلة بها وتمتمت باهتمام:
_ من الصبح وإحنا بقينا نص الليل

حاولت «هبه» النهوض بـ قلق على شقيقتها وخــــوفها وهتفت بفزع:
_فين شنطتي وفين موبايلي

نهرتها الفتاة بـ هدوء واعدلتها بالفراش وهتفت:
_ موجودين بس اهدي أنتِ لسه خارجه من عمليه ودا غلط عليكي... لو محتاجة حاجه قوليلي

لم تهتم بما قالته ولا لتصريحها بأنها خاضت جراحة بل تمسكت بيديها وهتفت بـ رجاء:
_ عاوزه أكلم اختي بالله عليكي.. زمانها هتمـ.ـو.ت من الخــــوف لواحدها

هزت الفتاة رأسها بتأكيد وإشفاقٍ عليها وأخرجت هاتفها لها فالتقطته «هبه» بـ لهفة وضـ.ـر.بت بعض الأرقام...
*******************
انهت « أثـيـر» حمامها وخرجت خِلسة تتمنى بشـ.ـدة استغراقه في النوم حتى لا يخُجلها مجدداً، تنفست الصعداء عنـ.ـد.ما لم تراه على الفراش فتركت لقدmيها العنان للركض للـفراش ولكن قبضته التي حالت بينها و.جـ.ـعلتها تسقط بين أحضانه أصابتها بـ الزهول، طالعته بـ صدmة فـ بادلها بـ ضحكة ماكرة وهتف:
_ ما هو بردو مينفعش تهربي من جوزك يا هانم

ضحكت « أثـيـر» بـ مرح وتعلقت بـ عنقه بـ دلال وهمست:
_ ما هو لما يبقى جوزي قليل الادب لازم اهرب منه

جذبها « راكــان» لـ تتصدى ذراعيه وهتف بـ عبث:
_ يعني باد بوي معاكِ ومش عاجبك كمان

كادت أن ترد عليه ولكن قاطعها صوت رسالة واردة لـ هاتفها فـ هـ.ـر.بت من بين يديها بـ صعوبة لتطلع على محتواها
« هسيبكوا تفرحوا بـ بعض شوية عشان اللي جاي هيفرحني أنا ويكون تعاستكوا أنتو»

خفق قلبها بـ عنف من محتوى تلك الرسالة العجيبة والتي تلقتها بـ جهلٍ تام واعطته الهاتف هامسة:
_ إية دا يا راكــان؟

ابتلع «راكــان» خــــوفه وتردده ورسم بسمة زائفة فوق شفتيها والقى الهاتف بإهمال على المقعد وتمتم:
_ هتلاقيه حد باعت رسالة غلط أو بيهزر معاكِ متقلقيش

ناظرته «أثـيـر» بـ عينين متوجستين وهتفت:
_ راكــان أنتَ مخبي عني حاجه؟

أولاها ظهره وفرك كفيه بـ.ـارتباك وتمنى لو بـ إمكانه البوح بهذا السر البسيط الذي يقلق مضجعه ويهدد حياته مع محبوبته ولكن شجاعته الواهية لا تكفي لذلك، كل ليلة منذ أصبحت بين أحضانه يصارحها ليلاً ويطلب عفوها ولكن لن يقدر على المصارحة به وهي يقظة لن يتحمل نظرة خيبة الأمل والألــم بـ عينيها...
اقتربت « أثـيـر» مربتة فوق كتفه وابتسمت بـ اتساع وهتفت بـ مرح:
_ إيه الدراما دي أنا بهزر يا ابني

بادلها «راكــان» بسمة مصطنعة وجذبها من ذراعيها لصدره وضمها بـ قوة لعله يريح عـ.ـذ.اب قلبه بـ كذبه عليها وتمتم بـ صدق:
_ أنا بحبك ومهما حصل قلبي مدقش غير ليكِ

ضمته « أثـيـر» متلمسة خــــوفه المجهول لها وهتفت مؤكدة بـ عشق:
_ وأنا بحبك

******************

بعد مدة ليست بـ قصيرة وصلت سيارة «ثائر» الحاملة لـ «رحمه» و «ورده» بعد تلقي «ورده» اتصال «هبه» وتصريحها عن حادثة إصابتها، هرعت «ورده» لمنزلها بـ خــــوف وها هم أمام غرفتها ولم تكف الصغيرة عن البكاء بـ حرقة وكذلك هي أما عن ذلك العاشق فـ قلبه ينبض بـ شـ.ـدة من خــــوفه وقلقه، يشعر بـ نيرانٍ قوية تعصف بـ عقله، من أحبها راقدة بالمشفى بـ مفردها تعاني آلامها ووحدتها، لأول مرة يرغب بـ البكاء حد المـ.ـو.ت ولا يعلم سبب خــــوفه بعدmا اطمئن ولو بسيط؟!!.

وقف الجميع أمام غرفتها منتظرين خروج الطبيب من عندها، مرت بعض الدقائق حتى خرج الطبيب وطمأنهم عليها، هرعت الفتاتان للداخل بـ مزيدٍ من العبـ.ـارات والمزيد من الألــم، اقتربت «رحمه» من شقيقتها طابعة قبلة شاكرة فوق جبهتها وهتفت بألــم:
_ ليه تقلقينا عليكي كدا يا نور عيوني

ابتسمت «هبه» بـ تعب وهزت رأسها ثم تمتمت باختناق:
_ متقلقيش أنا بقيت بخير

ضحكت «ورده» بـ مرح لتخفف الأجواء وهتفت ممازحة:
_ بت أنتِ البونيه زي الفل اهي اهمدي بقا وبطلي نواح عشان مرقدكيش جنبها

ضحكت «هبه» بـ شـ.ـدة على مزاح رفيقتها الوحيدة واعطتها نظرة ممتنة وهتفت:
_ متقلقيش أنا كويسه كان جـ.ـر.ح بسيط بس...

مضت عدت دقائق تسامر الفتيات بـ مرح وتناسوا «ثائر» وسرعان ما شهقت «ورده» بـ قوة ونهضت ساحبة «رحمه» وهتفت:
_ الواد زمانه عفن برا منك للاه

لم تتعجب «هبه» من وجوده فهي موقنة من وجوده معهم وهذا ما دعاها لطلبهم بـ هذا الوقت المتأخر، بل بـ الأصل هي بحثت عنه ورغبتها الشـ.ـديدة باحتضانه تزداد، ابتسمت باصطناع لوجهه الشاحب وهمست:
_ إزيك؟

هز رأسه بو.جـ.ـع وخلل أصابعه بين خصلاته بألــم وهو المفترض من يسألها عن حالها ولكنها تولت الدَفة فابتسم بتعب وهمس بـ حديث غير مترابط:
_ كنت مـ.ـيـ.ـت... كنت مرعوب.. مش عارف.. كان قلبي واجعني يا هبه

شعرت الصدق بـ حروفه ومدى الو.جـ.ـع الكامن خلف عيناه فـ أشاحت بوجهها عنه بألــم:
_ أسفه معرفش حصلت إزاي الحادثه دي .

أمسك « ثائر» بكفها وجلس أسفل الفراش وعيناه تلتهم ملامحها الذابلة وجانب وجهها الذي تحاول حجبه عنه وهتف بنفي:
_ متخبيش وشك عني... متخبيش أي حاجه منك عني يا هبه... متحسسنيش بالذنب أكتر من كدا

أدارت وجهها بالكامل له وسمحت لـ دmـ.ـو.عها بالهطول بكثافة عالية وعلت شهقاتها النازفة ورغبت بـ محو تلك الحروف التي أطلقتها بـ سذاجة وتهور قبيل ليلة أمس:
_ أنا آسفه على الكلام .
قاطعها بضجر من حديثها الساذج ورفع أصابعها لفمه ثم لثمهم بـ عشق وتعب وهتف بتأكيد:
_ متتأسفيش مفروض أنا اللي اتأسف

أخفت وجهها مجدداً عنه بخجل وسحبت يديها من بين أصابعه وهتفت بأمل:
_ لي كل دا يا ثائر لي خــــوفك ولي وجودك الدايم ولي أنتَ؟ لييه

ابتسم «ثائر» بـ حنان وجذب غطاء شعرها الساقط ليخفي خصلاتها عن عيناه وعلم أنه لا مفر من اعترافه لها وتمتم بتأكيد وحب رُسم بـ عيناه:
_ اللي قلبك رافض يواجهه حقيقة يا هبه... أنا بحبك يا هبه.. بحبك وهفضل أقولها طول عمري

ضحكت «هبه» بـ خجل وسعادة وأخفت وجهها عنه بتـ.ـو.تر وقلبها يقرع بقوة كطبول الحرب بـ نشاطها وهمتها سامحة للفرحة تدق أبواب خافقها لأول مرة بـ حبٍ أرادته رغم بعض الألــم الذي عانته منه ولكنه أفضل بـكثير عن ذي قبل، شعرت بكفه يحتضن خاصتها بحنانٍ ورقة فأدارت وجهها له، هدأت ملامح «ثائر» المقتضبة لأخرى صافية ومريحة وافترقت شفتاه عن ضحكة رجولية صاخبة لخجلها وملامحها الفاتنة المخفية خلف نقابها وهتف بـ عشق:
_ شهرين يا هبه... شهرين بس ووقتها هتبقي ملكي قلبًا وقالبًا...
***************"
ظهرت الشمس تتوسد السحب العالية معلنة عن يومٍ مُبهج للجميع وخاصة للعروسين السعيدين! وقفت « أثـيـر» تعد الفطار بـ قلبٍ متلهف لاستيقاظه وفرحة عارمة تتدفق بـ شرايينها لتجعلها بأبهى طلة لها، استمعت لـ طرق الباب فارتدت روبها الأسود فوق قميصها وفتحت، طلت من خلف الباب مرأة رجحت أنها بـ العقد الثالث من عمرها بثوبها المحتشم وحجابها الهادئ وزينتها البسيطة بـ بسمة لم تُريح قلب « أثير» بل جعلتها تبتسم بـ تـ.ـو.تر وتحدثت:
_ حضرتك محتاجه حاجه؟

ابتسمت المرأة بـ ثقة وكـبـــــريـاء وعقدت ذراعيها أمام صدرها وهتفت:
_ جايه عشانك إشارة لطيفة ليكي
هزت « أثـيـر» رأسها بنفيٍ وتعجب من جهلها لـ هوية تلك المرأة وهتفت:
_ لا حضرتك أكيد غلطانه أنا معرفكيش؟

ضحكت المرأة ودفعت الباب بـ لطف ودلفت بـ خطوات مغــــرورة وتمتمت:
_ مش مهم، المهم إني أعرفك وأعرف كل اللي يهمك أمرهم

أغلقت « أثـيـر» الباب ودلفت خلفها وكأنها ليس بيتها هي!! وهتفت بـ حدة:
حضرتك مين وعاوزه إيه مني وازاي تدخلي بيتي بالطريقة دي ولي بتتكلمي بالطريقة دي

ناظرتها المرأة بـ قوة وعقدت وجلست على أقرب مقعد واضعة قدm فوق أخرى بـ كـبـــــريـاء وألقت نظرة شاملة على « أثـيـر» وهتفت بـ غموض:
_ أنا ابقى ميار الشربيني كابوسك الجديد ونهاية السعادة اللي أنتِ فيها دي....
عنـ.ـد.ما سقطت حروف جوفي تبقت ثلاثة لـ يُشيدوا أبنية كيانِ وتلخصوا بكَ هم فقط.. «حُبُكَ»…

الكثير من التساؤلات وعلامـ.ـا.ت الاستفهام تعتري العقل عنـ.ـد.ما تختبئ الإجابات الفرضية للنظريات المطلوب حلها حينها تتبدل الأحوال من صدmة لـ ضحكاتٍ هيسترية وعدد لا نهائي من الغرائب ومن ثم تبدأ نقطة التحول بـ مراحِلها المستعصية فـ يأتي طور الصدmة بـ صمته التام ومن ثم يليه الإنكار والخــــوف من مواجهة الحقائق وبـ نهاية الأمر يكشف الإنهيار عن غرائزه وتبدأ حياة جديدة من النحيب والضعف الشـ.ـديد

كلما زادت المقدرة على الإعطاء بلا مُقابل كلما نشط الألــم عند الخذلان لـ فترة مؤقتة يتوجب التعايش والابتسام والتصنع لتخفيف حِدة النيران الضامرة التي تلتهم كل ما تطأه ولكن!! لحظة العِلم بـ وجوب إخراج الصرخات لن يكون للصمت طريق فقط القوة المُخلقة من الحُطام والقسوة المُنسوجة من الحب...

لا تزال «أثـيـر» بـ موضعها وملامحها المتعجبة تصرخ بـ إجابة أو تفسيرًا منطقي لتلك المرأة التي اقحمت نفسها بـ بيتها بل والادهى تدعي كونها سببًا بـ إخافتها!! أخرجت زفرة طويلة نابعة من أعمق رئتيها لـ طرد طاقتها السلبية وجلست بـ المقعد المقابل لها واضعة قدm فوق الأخرى وهتفت بـ قوة:
_ أولاً: لا من الذوق ولا الأدب إنك تدخلي بيتي بالطريقة الفوضوية دي وثانياً: سواء كنتي كابوسي أو حتى شيطاني فدا شيء بإيدي انهيه وأتحكم فيه كويس أما بالنسبة لسعادتي اللي مت عـ.ـر.فيهاش وجايه تهدديني بزوالها فصدقيني لو مليش نصيب فيها مكنش ربنا رزقني بيها وثالثاً:

ضحكت « ميار» بـ قوة ممزوجة بـ سخرية تامة رافعة أحد حاجبيها بـ خبث وهتفت:
_ ثالثاً دي عندي وصدقيني أنا مش هتعجبك خالص

حاولت « أثـيـر» تصنع القوة لآخر لحظة أمام تلك التي لا تنفك عن إخراج أسوأ ما بها وتمتمت بـ ثقة:
_ أبهريني مش يمكن تعجبني وساعتها رد فعلي هو اللي ميعجبكيش؟!

ضمت « ميار» شفتيها لأعلى وحركت عينيها بـ نفيٍ ساخر وغمغمت بتهكم:
_ مظنش لأن اللي عندي قادر يحطمك؟!... أوبس إزاي نسيت هو الدكتور راكــان فين مش من عادته ينام متأخر طول عمره نشيط

بهتت ملامح « أثـيـر» واعتلت الصدmة محياها وتلك البرودة اللعينة التي بُثت بـ جسدها جعلته تتمسك بـ روبها هاتفة بـ توجس وخــــوف:
_ أنتِ مين وت عـ.ـر.في راكان منين؟!
عدلت « ميار» من جلستها وأراحت ظهرها على المقعد بـ سلامٍ وعينيها تراقب تعابير « أثـيـر» بـ تشفٍ واضح وشمـ.ـا.تة بدائية وأردفت بـ كـبـــــريـاء:
_ قولتلك قبل كدا ميار الشربيني والاسم دا لما بيحط حاجه في دmاغه بيعرفها ولو بعد مليون سنه وكمان الاسم دا هينزع فرحتك قريب أووي وقولتلك بردو إن اللي عندي هيعجبك اووي مبحبش العب قدام خصم ضعيف

انتصبت « أثـيـر» بـ غـــضــــب وحِدة أمامها وتلاقت عينيهم بـ لهيبٍ من الثأر البغيض وزُمرة من الانتقام الذي زُرع بـ أحدهما ولن تتوانى عن إنهاؤه، تشجعت « أثـيـر» ورفعت سبابتها بـ وجهها وهتفت بـ صوتٍ عالٍ بعض الشيئ:
_ اتفضلي برا بيتي وجودك غير مرغوب فيه نهائي

نهضت « ميار» وحدق مباشرة بـ عيني « أثـيـر» الدامعتين بـ بسمة منتصرة واقتربت من أذنيها هامسة بـ غِلٍ:
_ أبقي أسألي راكــان عني هو الوحيد القادر إنه يعرفك أنا مين

غشاوة من الدmـ.ـو.ع صعدت لتلمع بـ مقلتيها المزهولتين من هوية تلك المرأة وسبب تواجدها، خارت قواها فـ جلست بـ ضياع تُعيد ما دار بينهم ولكن عقلها مُضطرب ولدية رغبة بـ محو تلك المقابلة ولكن هناك رُكنًا ينازع لتصديق أمرًا واحد وهو أن هذه المرأة لها علاقة مجهولة بـ زوجها وحبيبها الأول!!!!

************************
تقلبت « هبه» بـ ضعفٍ وألــم طفيف بـ أنحاء جسدها المُنهك بعد حادثة يوم أمس التي كادت تُطيح بها لنهاية مأساوية، علا ثغرها بسمة خجولة عنـ.ـد.ما عُرض اعترافه بـ عشقه الشـ.ـديد لها وثقته التامة بـ أنها ستكون له عما قريب تململت بـ سعادة وضحكة مكتومة تهدد للسطوع من شفتيها وقلبها العاشق يعبر أسوار الصبابة المُقدرة له طائرًا بـ أجنحة الهيام الجارف نافيًا العالم بتعاويذه المُخيفة سابِحًا بـ بحورٍ من السرور والسَكِينة، رفعت أناملها بـ بطء تتلمس جانب وجهها الأيسر بـ جفافه وتشوهه، وضعت كفيها على وجهها كـ مراهقة متـ.ـو.ترة عنـ.ـد.ما تذكرت رغبته الدائمة بـ رؤيتها بـ أسوأ أوضاعِها قبل أفضلها....

_ الكسوف بيزيدك جمال فوق جمالك

أردف بتلك الجملة « ثائر» المنتظر استيقاظها منذ ساعاتٍ عديدة ولم يجافيه النوم منذ خرجت حروف حبه لها

شهقت « هبه» بـ خجل وتـ.ـو.تر ورفعت الغطاء لتُخفي وجهها خلفه هروبًا منه وهمست بـ تعلثم:
_ أنتَ بتعمل.. بتعمل إيه هنا ومن أمتى قاعد كدا

ابتسم « ثائر» بـ اتساع ونهض مقتربًا منها بـ خطواتٍ حذرة وهتف بـ استمتاع:
_ امممم قولي امتى مشيت؟! دا السؤال الأنسب

جحظت عينيها بـ زهول وافترست شفتيها بـ تـ.ـو.تر هامسة:
_ طب.. طب هي ورده ورحمه فين..؟

أصبح « ثائر» مُطلًا عليها بـ جسده وبسمته الوسيمة التي تُنير ملامحه الجذابة عاقدًا ذراعيه أمام صدره وهتف بـ مرح:

_ مشيتهم عشان استفرض بيكِ

شقَ جوفها شهقة مصدومة من تفوهه الوقح ونهضت مُلقية بـ غطاء السرير عنها ولم تنتبه لـ قربه الوشيك منها وهتفت بـ غـــضــــب:

_ إيه تستفرض دي يا أستاذ أنتَ عيب على سِنك حتى إحنا مش صغيرين للكلام دا

دنى منها « ثائر» بـ مرح وجذب غِطاء رأسها للمرة الثانية رغم تعجبها من قربه وهتف بـ ثقة:
_ والله بالنسبة لسني فهو يسمحلي بحاجات كتير هت عـ.ـر.فيها بس مش دلوقت أما بالنسبة للكلام فأنا بحب الأفعال لأن اللي بيقول مبيعملش

اعدل « ثائـر» الوسائد من خلفها وارجع جسدها للخلف جاذبًا شرشف الفراش عليها وهتف بـ مرح:
_ رغم كل تعبك عيونك لسه بلمعتها بـ تتوهني فيها

خفضت « هبه» رأسها بـ خجل وعضت على شفتيها بـ تـ.ـو.تر وغمغمت بتوجس:

_ بجد البنات فين يا ثائر

جذب المقعد لـ جوار فراشها واستند رأسه على مرفقيه وحملق بها بـ نظرة جعلتها تبتسم بـ حب له، خلل « ثائـر» أصابعه بـ شعره وتحدث موضحًا:
_ راحوا يجيبوا ليكِ لبس وورده صممت تعملك أكل بنفسها

ابتسمت « هبه» بـ صدق ورضا عن تلك الأخت التي خلفتها الأيام لها فـ كانت دوماً خير عونٍ لها وتمتمت بـ حب:

_ لو هحمد ربنا على أفضل رزق لحد الآن هيكون ورده بقلبها وجدعنتها معايا وصدقها وحبها ليا، تعرف وردة دي أول واحده بل الوحيدة اللي وقفت جنبي لما جيت من المنصورة لهنا وبردو الوحيدة اللي صدقت حكايتي من غير أي دلائل وساعدتني في كل خطوة كانت أخت تانية ليا مش كلنا بنكون محظوظين بصديق يفضل ملازم قلوبنا بوقت ضعفها وحـ.ـز.نها قبل قوتها ...

اعتدل بـ جلسته وأنصت لتعابير وجهها السعيد والبهجة المرسومة به بـ اعترافها عن قوة ترابط صداقتهم، يرغب بـ سماع صوتها يتردد صداه بـ اذناه أبدا الدهر، يريد المزيد من حياتها لـ يصبح رزقها القادm!!...
*******************
وصلت « ورده» بـ شوق ولهفة للمشفى بعد قضائها ليلة كاملة بدون رؤيته، دلفت لـ غرفته بـ هدوء ظنًا منها أنه مازال نائمًا وللعجب فهي لم تجده بـ فراشه!! ولكنها استمعت لـ صوت المياه بـ المرحاض فـ ابتسمت بـ شغف وألقت بـ نفسها على فراشه محتضنة وسادته ودافنة وجهها بها تستنشق عِطره الخاص وعبير روحه، اعتدلت جالسة بعدmا استمعت لـ صوت فتح الباب تبعه خروجه بـ هيئته التي حبست أنفاسها بداية من خصلات شعره المُبتلة الملامسة لـ جبهته وصدره العاري الذي يرتفع وينخفض مع كل شهيقٍ وزفيرٍ ينبع منه، أغمضت عينيها لـ محاولة منع نفسها من النهوض وتقبيله وضم جسدها لجسده واكتفت بزفرة قوية ثم هتفت:
_ اتنيل البس عشان متبردش وتاخد برد

ناظرها «براء» بعينين ماكرتين لعلمه بـ تواجدها ولـ تأثرها الشـ.ـديد به واقترب منها مُطلًا بـ جسده المُبتل عليها وهمس بـ جانب أذنها:
_ حشـ.ـتـ.ـيني و 

هل عليها الآن جذبه وتعنيفه على ما يفعله بها أم صفعه والهروب حتى لا تُقدm على فـ.ـضـ.ـيحة عامة بـ مشفى خاص! تنهدت لـ تلملم شتات نفسها وطالعته بـ نفاذ صبر هاتفة بـ غـ.ـيظ:
_ البس عشان مقومش البسك في وشك يا نحنوح

ضم « براء» شفتيه بـ غـ.ـيظ ومكر و.جـ.ـعد جبهته بـ استمتاع وأصبح على مقربة أكبر منها هامسًا بـ عاطفة:
_ الحلوة متعفرته ليه

حسنًا لا مفر من جاذبيته أو صوته أو عبيره لا مفر منه إطـ.ـلا.قًا لذلك!! اقتربت مُلصقة شفتيها بـ خاصته بـ قبلة قوية وجريئة كـ طبيعتها المتمردة ساحبة إياه لأعماقها المتشوقة له سامحة لروحها بـ التغذي عليه ولـ قلبها الهدوء الذي أفتقده الساعات الماضية بـ بعده عنه، ابتعدت عنه وأنفاسها العالية كفيلة لـ وصف حالتها المضطربة وعينيها متلهفة للقاء وريقات خاصته وهمست بـ شوق:
_ دلوقتي أقدر أقولك وحـ.ـشـ.ـتني يا براء

أين براء؟! بل اين صوته من كل ذلك؟! سـ تصيبه بـ ذبحة صدرية تودي بـ حياته بـ أفعالِها المُلهبة لـ قلبه، التقط تيشرته الخاص وارتداه بـ أنفاسٍ متهدجة وأعصابٍ ثائرة وهتف:
_ أنا عاوز اتجوز مليش دعوة يا ورده

ضحكت « ورده» بـ شـ.ـدة على صياحه وغـــضــــبه المعلوم سببه وانتصبت واقفة خلفه وتسللت يديها لـ تحتضن خِصره بـ قوة واستندت بـ رأسها على ظهره وهمست بـ حب:
_ هنتجوز وهنعمل فرح محصلش بس تخف وتكون بخير ووقتها نكون مع بعض.. هانت يا قلب ورده

أدارها « براء» لـ تواجه عيناه المتشوقتين لها وكور وجهها بين كفيها وهمس بـ حنان ورجاء:
_ هكون كويس وبخير وإحنا في بيتنا وأنتِ في حـ.ـضـ.ـني وأنا مطمن بإنك معايا وإن ربنا رضاني بعد سنين تعب وعـ.ـذ.اب بـ قربك وبعدك هكون مبسوط وأنا شايفك واقفه في المطبخ بتحضريلي فطار وضحكتك ماليه وشك ولهفتك عليا بتزيد بعد كل يوم شغل، أنا مش حابب جو المستشفيات دا ولا وجودي هنا، أنا محتاج قربك مني بس يا ورده

أدmعت عينيها من رجاؤه المُبطن وابتسمت بـ أمل وأحاطت عنقه بـ يديها ودفنت وجهها بـ عنقه هامسة:
_ حاضر يا عيون ورده، هبه تكون كويسه ونتجوز ووقتها مش هيبقى في خــــوف ولا تعب ولا بُكا في بس فرح وأمل وفي أنا

ابتسم « براء» بـ سعادة وضمها لـ صدرة بـ قوة ألــمتها وتنهد بـ إرهاق:
_ عاوز أنام يا ورده، منمتش من امبـ.ـارح

أنبت نفسها على تركها له بـ مفرده ولكن تلك كانت رفيقتها الوحيدة! ولكن داخلها وتلك النزعة الأنوثية تتراقص طربًا لـ كونه لم يستطع النوم سوى بـ أحضانها لـ تُصبح هي ملجأ غـــضــــبه ومأمن خــــوفه وأنيس قلبه، جذبته من كفه للفراش ودثرته جيداً به وصعدت جانبه ضاممة رأسه لـ صدرها بـ حنانٍ أمومي كأنه صغيرها وليس زوجها وحبيبها وهمست بصوتها الهادئ:
_ نام واطمن أنا هنا مش همشي..

نحتاج دوماً بـ أوج لحظات الضعف ضمة قوية لـ تثبت لنا تواجد أحدهم لـ يهتم بنا ويكترث لـ كوننا لسنا بخير، نتشارك القوة والضعف، نحارب الخــــوف والهلع، نطمئن بـ الراحة والسلام ونسعد بـ قرب من نحب...
***************
لازالت على جلستها وأفكارها تتصادm لـ تلك النقطة التي عصفت بـ كيانها وجـ.ـر.حت كرامتها، لم تطل فترة خطوبتهم ولا تعارفهم لذلك لن تجزم بـ خيانته ولكنها ترى الشوق الحنان بـ عينيه بـ كل مرة يناظرها!؟ ترى الحب يتدفق من مقلتيه لها؟! نفضت تلك الهلاوس عنها ونهضت عازمة على إنهاء هذا الأمر برمته والحد لهواجسها وذلك الشك الذي تولد داخلها، لم تنتبه لوقوفه ولا لمعة عيناه لها بـ ملامحه الناعسة لكنه انتبه لـ دmـ.ـو.عها التي تلاصق وجنتيها دون إرادة منها! اقترب جالسًا أمامها وأمسك كفيها طابعًا قبلة حنونة عليهم وتمتم بـ صوتٍ يحمل النعاس:
_ بتعيطي لي يا أثير

فاقت من شرودها على صوته وابصرته بـ عسليتيها الغائمتين بـ العبـ.ـارات، وسحبت يديها من بين كفيه و تنهدت بـ تـ.ـو.تر عاقدة ذراعيها أمام صدرها وهتفت بـ إصرار:
_ مين ميار الشربيني يا راكــان

صوتها ونبرتها الهجومية جعلته يهتز بـ وقفته وعنـ.ـد.ما رَنّ عقله بـ تلك الحروف ابتلع لعابه بـ ارتباك من القادm المظلم لهم وأغمض عينيه محاولاً الثبات واختلاق كذبة جديدة لها وَدَّ سؤالها من أين لها بـ هذا الاسم ولكنها لا تريد سوى إجابة صادقة لن يتفوه هو بها بل سيدور حولها، فرك جبهته بـ تعب وتنهد ثم تمتمت بـ ثقة زائفة:
_ كانت واحدة معرفة والدتي من سنين وكانت ماما مرشحاها ليا عشان أتجوزها بس اكتشفت أنها مش كويسه بعد كام خروجه لينا وبعدت عنها.. بس أنتِ عرفتي منين اسمها؟!

ضيقت « أثير» عينيها بـ توجس وشك من إجابته التي لم تُخمد لهيبها القائم واقتربت منه بـ خطواتٍ ثابتة وهتفت بـ استنكار:
_ هي اللي جت وطلبت مني أسألك عنها وواضح أنها تعرفك كويس وتعرف عاداتك

اسودت ملامح « راكــان» ولمعت عيناه بـ بريقٍ من الغـــضــــب والنـ.ـد.م لعدm مصارحته إياها بـ سره الغامض وهي الاحق به، تنفس بـ عمق واقترب ضاممًا خصرها لـ صدره وهمس بـكذب جانب وجهها:
_ يمكن لأن أمي كانت بتحاول تخليها مناسبه ليا فعرفتها عادتي كلها؟!

تنهدت « أثـيـر» بـ راحة وأخرجت بعضًا من الشك الذي ساور قلبها وأحاطط عنقه بـ يدها وتمتمت بـ هدوء:
_ الحمد لله دي كانت عاوزه توقعني فيك بس وتزرع الشك جوايا إن بينكوا حاجه وكل شوية تقولي إنها هتدmر سعادتي وكلام كتير كدا مش عاوزه افتكره

دفن « راكــان» وجهه بـ عنقها وأغمض عينيه بـ المٍ قارص لـ كذبه الذي بات عادة يوميه وكم يبغض روحه لـ ذلك الشخص الذي تلبسه، كل مرة يُخير بين المواجهة أو الهروب يلجأ للهروب ظنًا منه أن الحال سيصلح ولن تكتشف سره ولكن للقدر المكتوب سردًا آخر لهم..
******************

خرجت من المرحاض بـ تعب بسبب حِدة جـ.ـر.حها رغم حركتها القليلة ولكنه يوخزها بـ شـ.ـدة، صعدت الفراش بعدmا عدلت حجابها الذي يتمرد عليها ويسقط بـ أوقات تواجده جانبها، للآن لا تصدق أنه اعترف بحبه بل ويتمناها زوجة له، اختبرت الحب قبيل ذلك الرجل ولكن الفارق بينهم كفرق النور والظلام، انتبهت لـ صوت فتح باب الغرفة وظهوره بـ بسمته المُهلكة لـ لقلبها فـ بادلته بـ أخرى عاشقة، عقد « ثائر» ذراعيه أمام صدره واستند بجانبه على الباب وتمتم بـ اهتمام:
_ أحسن دلوقت؟

هزت « هبه» رأسها بـ تأكيد رغم الألــم الطفيف الذي يتخلل جسدها وهتفت بـ تساؤل:
_ كنت فين؟

جلس على المقعد المجاور لـ فراشها واعتلت الجدية ملامحه وأردف بـ اقتضاب:

_هبه في حاجه لازم ت عـ.ـر.فيها وأنا خبيتها عنك الفترة اللي فاتت وكنت هفضل مخبي لحد ما مدتها تنتهي بس بما إنك بقيتي عارفه طبيعة مشاعري تجاهك يبقى لازم ت عـ.ـر.في

هزت « هبه» راسها بـ قلق وانحنت مقتربة منه وابصرت ملامحه المشـ.ـدودة وهتفت بـ توجس:
_ حاجه إيه يا ثائر

هدأت ملامحه وانفكت عقدة حاجبيه وتابع حديثه بـ جدية طاغية:

_ فاضل طلقك من ما يقارب شهر ونص من بعد ما جيتي البيت باسبوع وأنا خبيت عنك عشان مترجعيش لأني كنت بدأت اطمن بوجودك ومشاعري اتحركت ناحيتك وخــــوفت إنك تمشي، أنا عارف إني غلطان ومكنش ينفع أخبي عنك حاجه مهمه زي دي بس لما إتأكدت من مشاعري حاجه جوايا قالتلي أخبي عنك لحد ما شهور عدتك تنتهي واقدر اتقدm ليكي..

لما لم تشعر بـ الغـــضــــب أو النفور بل شعرت بـ السلام والهدوء والسعادة تتدفق لها، لن تنكر ضيقها من إخفاؤه أمرًا كـ هذا عنها ولكنه بالآخير أخبرها؟! ابتسمت بـ وهن وأردفت بـ ضحكة خفيفه:
_ لو كنت قولتلي الكلام دا قبل دلوقت بـ شهر كنت وقتها هزعق وهصرخ واتهمك بالاستغلال والكذب بس دلوقت أنا مش عارفه إحساسي مش قادرة أحدد شعوري هو راحه ولا غـــضــــب بسيط ولا سعادة معاك حق أنا ليا كل الحق اضايق بس يمكن لأني بحبك مش هعمل كدا؟!

توقف الزمن حوله عند اربعة أحرف صداهم حُفر بـ عقله وتوال ترددهم حتى جحظت عيناه وأمسك بـ كفيها وهتف بـ صدmة:
_ أنتِ قولتي إيه في آخر كلامك؟!

ابتسمت « هبه» بـ خجل واحمرت وجنتيها ورغم تشوهها إلا انها ظهرت بديعة وفاتنة بـ عيناه وسحبت كفيها وتنهدت بـ حب هامسة من جديد بصدق:
_ ايوا بحبك يا ثائر، يمكن مش مناسبة ليك ومن حقك تحب واحده من مستواك وجميلة شبهك وتكون على الأقل بـ.ـنت وتكون أنتَ أول راجـ.ـل في حياتها وتشكلها على إيدك وتكون قوية زيك بس رغم كدا غـ.ـصـ.ـب عني حبيتك، من ليلة ضـ.ـر.بك لـ فاضل وقلبي دقلك بس دفنت دا وهـ.ـر.بت من مشاعري عشان عارفه عواقب حبي دا لأني خدت نصيبي في الدنيا بتجربة بشعة قبل كدا

حاول « ثائر» قطع سبيل أفكارها ومنعها عن التطرق لتلك النقطه ولكنها أمسكت بكفه لـ منعه وتابعت بـ توضيح:
_ خليني أكمل يمكن متتوفرليش الشجاعة دي تاني، حبيتك رغم كل النتايج اللي عقلي حطها عشان تمنعني أكمل حتى يوم ما استنيت منك كلمة تبرد قلبي ملقتهاش ورغم كدا قلبي حس إنه عاوز يكون جنبك ويتخبي فيك، أنا مش كاملة ولا جميلة ولا عندي ورث كبير ممكن تستفاد منه ولا حتى عندي شيء أقدر أوعدك بيه بس عندي شيء واحد.. عندي قلبي!! قلبي اللي بيحبك ويصـ.ـر.خ باسمك في كل ليلة من وقت ما تاه فيك، عندي روحي اللي اتعودت وجودك رغم غيابك الدايم عنها وهجرك ليها كتير، عندي حبي اللي هيكون مَسكن لـ قلبك ولو بـروحي.

لن يشعر أحداً بـ مقدار سعادته الآن وتراقص قلبه لتفوه تلك الفتاة بل تلك الجميلة عن حبها وعشقها له، كيف ترى نفسها غير مناسبة أو كاملة له؟! كيف ترى أنها ليست جميلة وهي كـ جوهرة نادرة بـ عيناه؟! كيف لم تشعر بـ حنان قلبها الذي يغدق الجميع؟! رفع كفها لـ فمه ولثمه بـ قبله عميقة ولم يُحيد بـ نظره عنها وتمتم بـ عشق:

_ أنتِ كاملة بطريقة كافيه لقلبي وأتمنى محدش يشوفك بالكمال دا غيري عشان محدش يحبك غيري وقلبه يدق ليكي ...

***************

بعدmا تأكد « راكــان» من غفوتها جلس يقضم أظافره نـ.ـد.مًا على فعلته، كيف طاوع قلبه على المزيد من الكذبات، أغمض عينيه لـ يحظى ببعض الراحة بعيداً عن أفكاره ولكن صورة والدته قفزت بـ عقله فـ نهض لـ يهاتفها...

_ ميار كانت هنا يا أمي

أتاه صوتها القلق من الناحية الأخرى
= حصل إيه وإزاي عرفت إنكوا في الفندق دا يا راكــان

شـ.ـد «راكــان» خصلاته وكاد يقــ,تــلعها وتمتم بـ غـــضــــب
_ معرفش أنا صحيت لقيتها كانت هنا وكلمت أثـيـر وقعدت معاها وهددتها وواضح إنها لعبت في راسها
صاحت والدته به بـ حدة ونفاذ صبر
= دي أخرة كدبك مراتك لازم تعرف الحقيقة ومفروض من قبل ما تحطها في الدايره القذرة دي معاك لأنها متستهلش منك كدا دي بـ.ـنت ناس مش زي الحقيرة التانيه

جلس « راكــان» بـ انهار على المقعد خلفه وفرت دmعة خائنة من عيناه وتمتم بألــم
_ عارف والله، أنا اتغيرت وأنتِ عارفه وهي كانت بعدت رجعت ليه بعد ما بنيت حياتي مع الانسانه الوحيدة اللي حبتها وحبتني راجعه تدmرني للمرة التانيه يا أمي

أشفقت والدته عليه وهمست بـ تأكيد ونبرة لا نقاش بها
= لازم مراتك تعرف منك قبل ما تعرف من برا وقتها عمرها ما هتسامحك أبداً ولا قلبها هيغفر ليك لأنك استغليت ضعفها وحبها ليك

دار « راكــان» حول نفسه كأسدٍ جائع ينتظر فريسته وكانت تلك الفريسه هي شفتاه حتى أنه لم يشعر بـ الدmاء التي لونت أسنانه وهتف بـ غـــضــــب متناسيًا « أثـيـر»
_ اقولها إزاي اقولها إني خبيت عليها إني متجوز واحده أكبر مني بـ خمس سنين وكل مره كنت بتكشف كنت بخبي زيادة وبكدب كدبه جديدة، تفتكري هتسامحني؟! تفتكرني هتقدر تبص في وشي تاني؟! هتكرهني!!!

خارت قواه وهبطت دmـ.ـو.عه تحرق وجهه الغاضب وعلت أنفاسه بـ وتيرة عالية وتابع حديثه بألــم:
_ هتكرهني يا أمي، أثـيـر هتكرهني ودي حاجه عمري ما هتحملها
***************************
ألقى بهاتفه بـ غـــضــــب حتى تهشم غافلاً عن تلك التي افترش قلبها بـ الجحيم وتصاعدت أبخرته وضاقت أنفاسها ولم تشعر بـ خطواتها التي تقترب منه حتى باتت أمامه مباشرة:
_ متجوز؟! متجوز صح؟! أنا سمعت صح؟!

تهالكت أعصابه وعجز لسانه عن النطق بـ موقف كـ هذا بل اعتصر قلبه ألــما لـ حالها وشحوب وجهها الذي أفتقد للدmاء، دارت « أثـيـر» حول نفسها بـ ضياع كـ من فقد موطنه الوحيد وأضحى بلا هاوية تُذكر ودmـ.ـو.عها تتساقط بلا إرادة منها وقلبها يعوي و.جـ.ـعًا وهتفت بـ حرقة:
_ رد عليااااااااا، متجوز عليااااا وواحدهه أكبر منك!!؟؟ خليت واحدهه زي دي تضحك عليا وتسخر مني؟!!! استغليت ضعفي؟!!!! لالا معقول كنت مغفله كدا؟!!! كل دا وأنا عايشه في كدبه؟!!!!

نهض « راكــان» مسرعًا وحاول الإقتراب منها ولكنها نفرت منه بـ حدة فـ ابتعد عنها وأردف بنفي:
_ لا والله لا أنا حبيتك وبحبك بالله غـ.ـصـ.ـب عني لا يا أثـيـر بلاش النظرة دي

رفعت كفها المُرتجف وكادت أن تصفعه بحق خذلانها القاسي منه ولكن بقت أصابعها مُعلقة بالهواء كحال قلبها الآن، تساقطت دmـ.ـو.عها بغزارة وحُرقة وهزت رأسها بألــم وتمتمت بتهكم وكأنها للآن لا تصدق ما سمعت :
_ كُنت تسليه ليك صح ؟... محبتنيش صح ؟!

أشارت لأعلى يسار قفصها الصدري بغـــضــــب ودmـ.ـو.عٍ مُلتهبة وصرخت بأنينٍ مُتعب :
_ليييييييه ... قولي ليييييييي عملت فيا كدا ..... لييييه بعد .. بعد ما قلبي حبك ..... كل دا بتخدع فياااااا... قلبي كان يستاهل قسوتك دي ...؟!!! لييييه كدبت عليااااااااا ...

حاول الاقتراب منها وتهدئتها عن حالة الغـــضــــب التي تلبستها ولكن صُرخها عليه ونفورها البادي على محياها جعلاه يتراجع ويهتف بحُرقة مماثلة لها :
_غـ.ـصـ.ـب عنيييي... والله غـ.ـصـ.ـب عنيييي .... أنا محبتش قدك ولا حبيت غيرك .... أنا آسف

ضحكة تهكمية صدرت عنها جعلته يُمعن النظر لملامحها المُرعـ.ـبة التي يختبرها لأول مرة وتلك القسوة التي تجسدت بها، كيف تبدلت لمثل هذا؟! هل هذه من أحب؟! هل ستُعاود نكستها من جديد بعدmا علمت ما أخفاه عنها ؟! .....

رفعت رأسها بشموخٍ دب بأواصلها وتحركت مقتربة منه ولم يخفى عليه اشمئزازها منه وأدرفت بقوة :
_مغلطش لما قولتلك إنك شبههم، أنتَ زيك زيهم كلكوا بتقطعوا فيا، كلكوا كـ.ـسرتوني بس بحييك لأن ضـ.ـر.بتك أنتَ جت في هدفها بالتمام وحطمتني بس تعرف أنا ممنونه ليك فعلاً عارف ليه ؟ عشان خلتني قوية كفاية وأقدر أكمل من غيرك من غير واحد كـ.ـد.اب زيك ....

أولته ظهرها وكتمت صرختها المُتألــمة التي تحرق حلقها بعنف، قبضت على قلبها لتمنع تلك الوخزة التي أصابتها والتي فشلت بتنحيها وتحكمت بدmـ.ـو.عها وأردفت بثباتٍ أحرقه :
_ نهايتنا كانت مكتوبه من البداية، أنتَ كدبت وأنا كنت المغفلة اللي صدقت وحبيتك، طلقني يا راكان وأطلع من حياتي .......
بـ الليالي الحزينة ستبقى الدmـ.ـو.ع هي الأنيس الوحيد لـ تعوض دفء أحضانك الخادعة

لـ كلٍ مِنا شِقين أحدهم يُخلق به والآخر يكتسبه وهذا يُقاسُ عليه ولكن مع الاختلاف لم يجعله الله غريزة بِنا بل جعلنا نتجرعه مع كل صدmة وندبة مُحتمة شعوره أقرب للسقوط بلا اكتراث من أعلى قِمم الجبال العاتية فاقدًا للألــم، البكاء، الصُراخ وأيضاً للعِتاب... يسلبك قدرتك على التعايش مع كينونتك بـ جعلك أقرب لـ دmية تُحرك حسب ميولٍ مأساوية أو ربما انتحارية! ومن غيره!
الخذلان....

أولته ظهرها وكتمت صرختها المُتألــمة التي تحرق حلقها بعنف، قبضت على قلبها لتمنع تلك الوخزة التي أصابتها والتي فشلت بتنحيها وتحكمت بدmـ.ـو.عها وأردفت بثباتٍ أحرقه :
_نهايتنا كانت مكتوبه من البداية، أنتَ كدبت وأنا كنت المغفلة اللي صدقت وحبيتك، طلقني يا راكان وأطلع من حياتي .......

تصلبت قدmاه عن التزحزح أو محاولة منعها عن الذهاب وكذلك عجز لسانه عن ترتيب حروفه عنـ.ـد.ما انصتت أذناه لنهايات حديثها المؤلم!! هل تطلب الفُراق؟! ستغدو خارج حياته بين ليلة وضحاها؟! حتى عقله توقف سيل الأسئلة المتدفق به وخارت قواه لـ يقع طريح الأرض وعيناه مثبتة على أثر خطواتها حيث اختبأت بـ غرفتهم!! أين هي شخصيته وتحكمه بـ زمام الأمور؟! أين هو كـ راكــان؟!

جذبت حقيبة السفر ووضعت ملابسها التي لم تهنأ بها بعد بلا اكتراث وفوضوية عارمة متجاهلة كافة تساؤلات عقلها وأيضاً مبعدة الواجب والمفترض أن يكون، لم ينشأ عنها سوى الدmـ.ـو.ع والنحيب الصامت مع القليل من الشهقات الحارقة سامحة لـ بعضٍ من جموحها الغاضب بـ الخروج، حملت حقيبتها وكلها عزيمة على قطع سبيل الوِصال لقد اتخذت قرارها بـ لحظة متهورة وقُضي الأمر لن تُبرح عن الطـ.ـلا.ق مهما كلفها ذلك ومهما يُكَن لها من آلالامٍ قادmة

بعد مدة قد عاد له ثباته ورتب حديثه الهارب تزامُنًا مع خروجها من الغرفة متوجهة لـ باب الخروج، بعض الأمتار كانت فاصلة بينهم ولكنه بـ قرارة نفسه يعلم أنها أيامٍ وربما أشهر أو أعوام! لكنه لن يسمح لـ ذاته أن تسول له أن لا عودة لهم!! أزال دmـ.ـو.عه التي برهنت صِدق ضعفه وحبه وطالعها بـ قلبٍ مُنفطر وروحٍ تحترق بـ الجحيم من فرط نـ.ـد.مها على ما ارتكبته بحق مسكنها الوحيد، اقترب منها بـ خطواتٍ حذرة ممسكًا بـ كفيها ولم يتعجب من صمتها أو عدm محاولاتها ردعه كـ المرة السابقة وهمس بـ نـ.ـد.مٍ ورجاءٍ شـ.ـديد:
_ مش قادر حتى أقولك أسف ولا أحـ.ـضـ.ـنك واطمنك زي الأول، هسيبك تهدي وعارف إنك هتيجي وتسمعيني وتفهمي أسبابي اللي رفضتي ت عـ.ـر.فيها، أنتِ عارفه مفتاح شقتنا فين كويس دا بيتك قبل ما يكون بيتي وهسيبلك كل الحريه فيه مش هسمحلك تبعدي أكتر من كدا عني...

ابتسمت « أثـيـر» بـ مرارة وتمتمت متهكمة:
_ البيت اللي صاحبه خـ.ـا.ين وكـ.ـد.اب عمره ما هيبقى مأوى أو بيت يطمني...

سحبت يديها من بين كفيه بـ هدوء وحملت حقيبتها وخرجت تاركة الباب مفتوحًا لـ يتسرب البرد لأواصله بعدmا اعتاد الدِفء منذ وطأت قدmيها قلبه المسكين، رمقته بـ نظرة حُطم فؤاده لها لما يتبين ماهيتها أهي لوم! أم عتاب! أم هي نظرة وداعٍ أخيرة منها!...
********************
بـ وقتٍ لاحق بـ نهاية اليوم
استندت « هبه» بـ ضعف على كلٍ من «رحمه» و «ورده» أثناء خروجها من المستشفى بعدmا أصرت عليهم لـ خروجها وعدm رغبتها بـ البقاء، جلست بـ صعوبة بـ المقعد الخلفي و بـ جوارِها « ورده» حتى تعاونها على الجلوس، تنهدت « هبه» بـ ألــم بعدmا تحركت السيارة ورفعت رأسها لـ تصتدm نظراتها المتألــمة بـ عيناه الهادئتين باعثًا لها طمأنينة جارفة لـ تنسجم بـ قلبها المضطرب مما جعلها تبتسم بـ حب وتدير وجهها لـ «ورده» المتابعة لهم بـ نظراتٍ حادة وتهمس بـ مزاحٍ:
_ في إيه يا بشكير قالبه وشك ليه

لم تبتسم «ورده» لمزحتها وإنما أشاحت بـ وجهها عنها حتى لا تُعنفها الآن أمامه...

عقدة « هبه» حاجبيها بـ ضيق من تصرف صديقتها الغريب وأخرجت نفساً تخلل قلبها وشردت بتواري الشمس خلف السُحب الملبدة بـ الغبـ.ـار ولكنها رغم الظلمة التي تحجبها كل ليلة إلا أنها تعاود النهوض بـ قوة من جديد نافضة فكرة الانهيار بعكس حالها لا تملك الخيار للمحاولة فقط بـ كل مرة تنهار بها تتساقط أجزاء روحها حتى باتت فارغة من كل شيء....

بعد وقت طويل وصلوا للمنزل... سبقهم «ثائر» لـ فتح الباب ولكنه صُدm بتواجد «أثير» زوجة ابن عمه!! والأدهى أنها تبكي؟! كانت جالسة على بزاوية من الطابق العلوي لـ شقتهم، استطاع رؤيتها بـ صعوبة بسبب تكورها على نفسها وصوت بكائها وصل بـ وضوحٍ له مما جعله يسرع لها وهتف بـ قلق:
_ أثير؟!

رفعت « أثير» رأسها بـ تعب وإرهاق وعيناه تذرفان الدmع وكأنها خرجت للتو من جنازة عائلية بـ خصلاتها المشعتة ووجهها شـ.ـديد الاحمرار جعلوها بحالها يُرثى لها، ابتسمت بـ تهكم وتمتمت:
_ هو اللي باعتك صح؟!
جعد «ثائر» ملامحه وتمتم بـ تعجب:
_ هو مين وقاعدة كدا لي وبتبكي وفين راكــان أصلاً
فور نطقه لاسم راكــان انتابتها نوبة بكاءٍ جديدة وارتفعت شهقاتها وهمست بـ حرقة وشرود:
_ متجوز عليا... الشخص الوحيد اللي حبيته واستثنيته عن العالم كله هو أول حد و.جـ.ـعني... فكرت إنه مش زيهم مش هيجـ.ـر.حني على الأقل ولا هيسخر مني... فكرته هيكون ضلي وسندي ويطمني... فكرته بيحبني... اطمنت ليه وسلمته قلبي قولت ليه بلاش أنت بالذات بلاش عشان لو جت منك هتحطم... قولت... قولت ليه بلاش والله.. بس هو عمل كل حاجه قولت ليه عليها لا... حطمني!!!

أشفق عليها «ثائر» وغلت الدmاء بـ جسده لكذب صديقه على تلك البريئة التي كما قالت قد حطمها!! مما رآه بأم عينيه بأنها لن تسامحه!! فاق من تأمله الحزين لها على صوت ورده المتعجب:
_ بتعمل ايه عندك ومين دي يا ثائر

أبصرتها «هبه» بـ تشوش بسبب اشتداد الجـ.ـر.ح عليها ولكنها ما إن لبثت وعرفتها وهتفت بـ توضيح:
_ دي أثـيـر مرات راكــان صح؟
هز «ثائر» رأسه بـ تأكيد ومسح على خصلاته بـ غـــضــــب وتمتم بـ تـ.ـو.تر مشيرًا لـ «ورده»:
_ دخليها معاكوا هروح مشوار وهاجي علطول

أومأت كلتاهما بـ تفهم ودلفت « هبه» مستندة على شقيقتها بينما صعدت «ورده» الدرج لتأتي بـ «أثـيـر» الباكية بحالتها المذرية....
*****************
وصل «ثائر» بعد نصف ساعة للفندق المقيم به «راكــان» وجسده يغلي من الغـــضــــب ويتمنى لو أن ما تفوهت به «أثـيـر» ليس بـ حقيقي حتى لا يبرحه ضـ.ـر.بًا حتى تتحطم عِظام جسده بـ أكملها ولكن حالتها الفظيعة أوضحت!! بل وأكدت صدق أقولها! ولكن كيف ولم يستمع خبراً عن زواجٍ سابق له!! كيف لم تُعلمه زوجة عمه!! بل وصديقه المقرب!! كيف له أن يجعل عروسه!! فلم يمضي على زواجهم بضع أيام أو أسبوع!!
بـ حدة وغـــضــــب طرق على الباب حتى خرج لها «راكــان» بـ هيئته المماثلة لـ زوجته مما جعله يتأكد من صِحة حديثها ولم ينتظر دقيقة بل كور قبضته وأطاحها بوجه «راكــان» بـ لكمة قوية أصابت فكه مما تسبب بـ جـ.ـر.ح لثته ونزول بعض قطرات الدmاء... وعاد لكمه مجدداً أقوى حتى تلون وجه «راكــان» بأكمله ولم يُحرك عظمة واحدة من جسده لـ يدافع عن نفسه!! بينما «ثائر» دفعه بعيداً وأغلق الباب وهتف بـ حدة وقسوة:
_ احكيلي حصل إيه يخلي مراتك تبقى برا بيتك لواحدها وهي عروسه وتقعد على سلم تعيط زي اليتامى عملت إيه في بـ.ـنت الناس يا ابن البدري

تحرك « راكان» خلف «ثائر» كـ انسانٍ آلي غير واعيٍ لأي شيء وجلس بـ المقعد المقابل له وتمتم بـ شرود:
_ ميار كانت هنا واتكلمت مع أثـيـر...

عقد « ثائر» حاجبيه ورمقه بـ نظرة غاضبة وهتف:
_ مين زفته دي كمان ولا البيه مدورها

ابتسم « راكــان» بـ سخرية من حاله المتعثر وشرد بـ زكرياتٍ مضت عليها أعوامٍ عديدة وأردف بـ نـ.ـد.م:
_ تقدر تقول كانت القلم اللي فوقني وهي نفسها كانت نهاية حقارتي وضياعي... دي بـ.ـنت اتعرفت عليها من عشر سنين في الفترة اللي كنت ضايع فيها بعد مـ.ـو.ت والدي كان عندي 20سنه كنت كل ليلة في سهره مع شله شكل وبنات شكل بس عمري ما وصلت إني أزني.. تقدر تقول كان جوايا خير لسه بس في الليلة دي كنت متخانق مع ماما.. مرات عمك وفضلت برا للصبح زي كل ليله وقومت لقيت البـ.ـنت دي جنبي... معرفتهاش ولا هي كانت تعرفني بس حظنا جه كدا.. كانت أكبر مني بخمس سنين... مرات عمك عرفت ازاي معرفش بس أكيد من البـ.ـنت وصممت إننا نتجوز وبالفعل اتجوزنا وبعد شهرين لقيتها اختفت... مكنتش مهتم بيها فعشان كدا مدورتش عليها وكملت حياتي بس بعدها جت حادثة ماما... وقتها عرفت إني مليش لازمه إني نكره قصاد قدرة ربنا... فوقت!! مش هكدب عليك وأقول دورت عليها لا نسيتها ومطلقتهاش لأنها مظهرتش وقولت حياتي بدأت تظبط وعدت السنين وبقت الدكتور راكــان اللي الكل بيتنماه زوج لبـ.ـنته أو ابن ليه بس محدش يعرف ماضيه!! لحد ما قابلت أثـيـر و حبيتها... ورجع احساس النـ.ـد.م ليا تاني بعد غياب سنين... رجع الخــــوف ليا...

كانت كلمـ.ـا.ت « راكــان» صادقة بل ونابعة من فؤاده النازف ووصلت بجدارة لـ «ثائر» المتابع له... ليس أمامه سوى تصديقه فتلك الفترة من حياته كان يرفض دوماً التطرق لها والحديث عنها ويختلق الحجج والأوهام لـ يتهرب ولكنه بات يعلم السبب الآن... تمالك ثباته وهتف بـ توجس :
_ ومعرفتش مراتك ليه؟ استغليت طيبتها!؟

هز « راكــان» رأسه بـ نفيٍ قاطع وعض شفتيه بـ نـ.ـد.م وتمتم بـ مرارة:
_ كنت خايف من اللحظة دي..كنت خايف من نظرتها اللي شوفتها النهارده.. مكنتش متخيل إن السر اللي خبيته عشر سنين ممكن يتكشف بين يوم وليله وتتهد كل أحلامي بالطريقة دي.!!!..

رمقه « ثائر» بـ نظرة غاضبة ومشمئزة ولكنه صديقه!! ويحتاجه الآن! وهتف بلا تردد:
_ باللي شوفته النهاردة... مراتك من المستحيل تسامحك، كان ليها حرية الاختيار، اللي عملته مش كدبه بيضه ولا حاجه هينه، أنتَ خبيت عليها إنك متجوز ومن واحده أكبر منك وكمان تعرف منها وفي فترة تعتبر شهر عسل ليكوا!!

جحظت عيني «راكــان» وقبض بـ قوة على قبضته وهتف بـ قسوة:
_ شوفتها فين يا ثائر

ضحك « ثائر» بـ تهكم جعل «راكــان» يلكمه بـ غلٍ وصاح وقلبه يتقلب على جمرٍ:
_ أثـيـر فييييين

جذبه « ثائر» من تلابيب قميصه المُلطخ بـ الدmاء وتحدث بـ اقتضاب:
_ كانت عند مامتك...

لم يرد إخبـ.ـاره بـ حالتها ولا كيف رآها كـ طفلة فقدت مسكنها بل عمل على تخليص حقوقها منه واشعال غـــضــــبه والثأر منه حتى وإن كان صديقه وهي غريبة عنه!!..

هز « راكــان» رأسه بـ ألــم وأغمض عينيه بـ نفاذ صبرْ ونهض محطمًا كل شيء طالته يداه وكأنه نمرٍ ضال واجهته وتضاعفت ثورته وهتف بـ حرقة:
_ لييييه محدش بيسمع أسبابي... ليييه بتلوومووني.؟!!! كلنا بشر وبنغلط ونتعلم... كلنااااا لينا حق نتسامح... هي مسمعتنيش ... حكمت عليا ومشيت... طلبت الطـ.ـلا.ق وهـ.ـر.بت من المواجهه... أنا نـ.ـد.مت واللله العظيييم نـ.ـد.مت ودفعت تمن أغلاطي وعصياني بشلل أمييي.... والله نـ.ـد.متتتت...

اقترب منه « ثائر» وجذبه بـ قوة لصدره وضمه مربتاً فوق كتفيه وتمتم بـ صدق وألــم لـ حال صديقه:
_ كل حاجه هتبقى بخير بس مفيش حاجه هتتحل بغـــضــــبك لازم تفكر وتهدى وترجع مراتك وتكلمها... النار لو اتسابت لحد ما تهدى هتاكل كل حاجه الحقها قبل ما تضيع منك...
ضمه « راكــان» بـ ارهاق وتعب وهو بـ حاجة شـ.ـديدة لـه وهمس بـ وهن وو.جـ.ـع:
_ أنا نـ.ـد.مت ودفعت التمن والله يا ثائر ومعرفش هي رجعت تدmر حياتي ليه...

شرد « ثائر» قليلاً وتحدث بـ غموض:
_ هنعرف... هنعرف قريب
********************

جلست كلا من « ورده» و « هبه» يراقبان « أثير» الصامتة التي لولا تحرك صدرها مع دخول وخروج أنفاسها لظنوا أنها فارقت الحياة! مضت ساعة ونصف منذ ذهاب « ثائر» وهي على وضعها صامتة تراقب الفراغ بـ عينين مُرهقتين.. قررت « ورده» كـ عادتها الفطرية التخفيف عنها فتمتمت مستفهمة:
_ هو خانك؟!

ناظرتها « أثـيـر» بـ ضحكة ساخرة وأزالت بقايا دmـ.ـو.عها وتمتمت بـ عبثٍ أليم:
_ ياريت يا شيخه كان هيبقى ارحم... طلع متجوز عليا وعرفت دا منها في شهر عسلي..

شهقت الفتاتان بـ صدmة مكممين أفواهِهم وانفرجا جفنيهم بـ زهول وخاصة « هبه» التي رأت عشق ذلك الرجل ينخرط من عينيه ولكن اكانت مخطئة؟!!!

ضحكت « أثير» بـ شـ.ـدة عنـ.ـد.ما تذكرت حديث والدته «دعاء» عن توضيح موقفه وهتفت ساخرة من حالها:
_ ومامته بتقولي كانت نزوه!!!؟

باك #

وصلت « أثـيـر» لـ البناية التي تقطن بها والدة « راكــان» بعدmا استمعت لـ محادثته معها وتبينت أنها كانت تعلم حقيقة كذبته ولم ترأف بها بل ساعدته اتمام هذا الأمر!! غير مكترثين لـ تلك التي انشق قلبها!! لم تتمنى مثل هذه المشاعر أن تختلج قلبها وهذا الكم من الغـــضــــب أن يندلع من عينيها قط!!
دلفت للبيت من المفتاح الذي سبق ورأته يستعمله، دلفت بـ هدوءٍ عكس النيران الناشبة بها وبسمة مُحطمة تلوح بـ ثغرها...
_ تعالي يا أثـيـر

التفتت « أثير» بـ بطء لـ تنظر لها بعينين فارغتين وتمتمت ببرود:
_ يُفضل تحكيلي كل حاجه دلوقت من غير تمثيل أو مناقشات فارغه

لم تُعلق السيدة « دعاء» على حديثها الذي تعلم سببه جيداً فـ عنـ.ـد.ما رأتها تصعد البناية بـ ضعف استنتجت السبب وتألــم قلبها لحال تلك الصغيرة الرقيقة، تحركت بـ كرسيها لتقترب منها وهتفت بـ نـ.ـد.م وضعف:
_ كان شاب طايش وقتها وبمـ.ـو.ت والده طيشه زاد وضاع مني وبقى شخص معرفهوش، سهر وكدب وبنات وخمره وكل حاجه وكنت سيباه على راحته عشان مقدره مدى تعلقه بوالده... حاولت معاه كتير وقتها كنا سيبنا بيت العيله وجينا سكنا هنا ولفت الأيام وجت ليا بـ.ـنت بتبكي وفهمت إن ابني اللي ضيعت شبابي وعمري عليه زاني..!!! وكمان البـ.ـنت أكبر منه...!! أجبرته يتجوزها وفعلاً والبـ.ـنت جت قعدت معايا هنا لأنه كان جواز صوري اسم وبس!! مكنش في وقت نسأل عنها ولا نستفسر كل حاجه كانت بسرعه وهو مش مهتم!! ورغم كدا متعلمش من غلطه لا فضل على حاله والبـ.ـنت بعد شهرين مشيت وهي على ذمته واختفت الكلام دا من عشر سنين... اللي كـ.ـسرني إن عمري ضاع على الفاضي والسبب الوحيد اللي كنت عايشه عشانه طلع بالقذارة دي، رجع لسهر وكل قرفه تاني ومهتمش إن البـ.ـنت مشيت ولا اهتم بأي شيء بس كنت فقدت الامل فيه لحد ما جالي اتصال إنه متخانق مع شله بتشرب مـ.ـخـ.ـد.رات على أساس إنه أحسن منهم!! بس ملحقتش أوصل!! عملت الحادثه وزي ما أنتِ شايفه ومن وقتها وهو عرف غلطه ونـ.ـد.م وقرب من ربنا ورجع ابني!! ولما شوفت حبه ليكي وكلامه عنك لسنين عرفت إن اللي زرعه شريف الله يرحمه فيه طول عمره مضاعش هدر حتى لو كان سبب فوقته هو أنا!! صدقيني مكنتش اتمنى توصلوا لكدا ومن أول يوم شوفتك قولتله يصارحك... قولتله بداية الكدب نار هتحرقك

صمتت بضع دقائق وأزالت دmـ.ـو.عها التي قلبت عليها لعنات الماضي بـ جِراحه وظلمته وهتفت بـ حرقة ورجاء:
_ مش هطلب منك تسامحيه دلوقت ولا تغفري ليه بسهوله بس اديه فرصه، ابني محبش غيرك والله ولا شوفت الفرحة اللي بتنور وشه غير لما دخلتي حياته، ابني نـ.ـد.م والله، أنتِ عارفه إنه بيحبك، متسمحيش لـ واحده زي دي تخرب بيتك وتخـ.ـطـ.ـف جوزك يا أثـيـر، متسبيش بيتك ولا تفرطي في حبك عشان القذرة دي، عـ.ـا.قبيه بس متبعديش عنه لأنك لو بعدتي هيرجع زي ما كان.... كانت نزوه يا بـ.ـنتي والله نزوه..

عم الصمت على الجميع سوى من صوت أنفاس الفتيات منهم المتألــمة ومنهم الشاردة بـ حياتها القادmة ومنهم الغاضبة!! لم يقطع الصمت سوى طرقات « ثائر» ودخوله بعدmا فتحت له رحمه الباب...

انتظرت « هبه» تفسيراً منطقي عما بدر ولأنها واثقة من ذهابه لـ « راكــان» فتمتمت بتوجس:
_ حصل ايه؟

هز « ثائر» رأسه لـ يطمئنها ورمق « أثير» الصامتة بـ شفقة وغـــضــــب من صديقه وتمتم بـ تعب:
_ أثير راكــان برا مستني يدخل لما تسمحيله

أدارت رأسها له بـبطء ورفعت كتفيها بلا اكتراث وتمتمت:
_ وجوده زي عدm وجوده مش فارقه

اقتربت « ورده» منها بـ طيبة صادقة وعفويتها المعتادة وابتسمت بـ مرح وهمست لها:
_ خليه يدخل عشان امسكه بين سناني كدا وأخلي أكبر حته فيه قد عقله الأصبع الاستاذ بتاعك دا

ابتسمت « أثـيـر» على مزحة تلك الغريبة التي لم تتعرف بها بعد وهزت رأسها بـ هدوء ليسمح له « ثائر» بـ الدخول...

وقفت « ورده» عنـ.ـد.ما رأته يدلف بـ حذر وعيناه تدور بـ البيت كـ قطة جائعة وأردفت بـ غلٍ:
_ خلي عينك مكانها بدل ما احرمك منها يا وحش

رمقها « راكــان» بـ نظرة بـ.ـاردة لهيئتها المذرية وقِصر قامتها وتمتم:
_ غوري العبي بعيد يا شاطره.. جايبينك من انهي حضانه أنتِ!!
افترست « ورده» شفتيها بـ حقد وزفرت أنفاسها الغاضبة بـ وجهه وهتفت بـ برود:
_ من نفس المكان اللي جايبين عقلك التافه منه!!

صدحت ضحكات الجميع من حولهم على مظهرهم الأقرب للقط والفأر بنزاعهم واشتباكهم من أول لقاء لهم ولكنه لم يلتفت سوى لـ معـ.ـذ.بة قلبه وحاصدة روحه تلك الأثير ذات الإكسير المُنعش لـ كيانه متناسيًا العالم بـ ضحكتها الفاتنة..

انتبه الجميع لـ نظراتهم المعاتبة فـ قرروا الانسحاب حتى يتركوا لهم المساحة الكافية ولكن «ورده»!!! لم تُبرح مكانها وإنما رفعت سبابتها بـ وجه « راكــان» وغمغمت بـ بسمة سمجة:
_ لو سمعت صوتك عالي والله ما هتطلع من هنا على رجلك

قلب «راكــان» عيناه بـ اشمئزاز مصطنع وهز كتفيه متمتماً بـ مرحٍ زائف:
_ اومال هطلع على إيه؟!

ضحكت « ورده» بـ سخرية وصفقت كفيها معاً وأردفت بـ جدية منافية لـ طبيعتها:
_على نقاله!! هتطلع من هنا على نقاله لأن رجلك مش هتشيلك!!! افتكر كلامي كويس مبحبش أعيده يا اسمك إيه
********************
جلس «راكــان» أمامها وعيناه تلتهم خاصتها بـ نظراتٍ حارقة وتمتم بتروي:
_ هتسمعيني!!!..

عقدت «أثـيـر» ذراعيها أمام صدرها وأراحت ظهرها للخلف رغم ما يعتمر قلبها من آلالامٍ وتمتمت بـ ببرود مصطنع:
_ دا أمر ولا قرار؟!

هز رأسه بـ نفي وشابك كفيه المُضمدين بـ الشاش وهتف بـ رجاء:
_ لا دا ولا دا... دا رجاء.. طلب

عنـ.ـد.ما وجد الصمت جلياً عليها وعيناها تدور على جـ.ـر.ح يديه بـ لهفة لم تحاول إقصائها ابتسم خلسة لـ حبيبته الوحيدة التي لن تنفك عن عشقه يوماً ولن يُبرح هو عن تتيمه بها حتى تُحصد روحه، رفع نظره لـ تتلاقى نظراتهم وتحدث بـ رجاء:
_ عارف إني غلطان وكان ليكي كل الحق في غـــضــــبك وو.جـ.ـعك اللي بتمنى أشيله عنك بس والله قلبي ما دق لغيرك ولا عرف أصلاً يحب غيرك من أربع سنين، أنا كنت ضايع في ملزات الدنيا ونسيت ربنا ونسيت رحمته ومشيت ورا صُحبه غلط، دفعت التمن في والدتي اللي ضيعت عمرها عشاني، أنا كنت تايه يا أثـيـر... مـ.ـو.ت والدي دmرني وو.جـ.ـع قلبي وحسسيني بوحدتي وضعفي ومشيت في طُرق غلط... معرفش هي رجعت ليه ومش عاوز أعرف بس اللي متأكد منه إني مش عاو غيرك ولا حابب يكون جانبي غيرك... ازعلي واتعصبي واشتمي بس وأنتِ في بيتنا ومعايا متسمحيش لحاجه توقع بينا... أثير..!!

****************
دلفت « ورده» خلف الفتاتان وكلها عزيمة على بداية النزاع الجديد مع رفيقتها المراهقة، جذبت المقعد وجلست أمامها بعدmا اطمأنت لـ ذهاب «ثائر» ليرى والدته وعقدة ذراعيها بـ غـ.ـيظ وغمغمت بـ توجس واستنكار:
_ أفهم بقا بتعملي إيه في نفسك؟!

تصنعت « هبه» عدm الفهم وهـ.ـر.بت بـ نظراتها للنافذة وتمتمت بـ تعب:
_ بعمل ايه يا ورده ما أنا كويسه اهو.. !!
مطت «ورده» شفتيها بـ دراما وتصنعت التفكير لـ عدة لحظات ثم تحدثت بـ هدوء:

_ بتحملي نفسك ذنوب أنتِ مش قدها!! أنتِ ناسيه إنك على ذمة راجـ.ـل وبتحبي راجـ.ـل تاني؟!

نهرتها «هبه» بـ شهقة مستنكرة وهتفت بـ تسرع:
_فاضل طلقني من شهر وأكتر يا ورده

صفعت «ورده» كفيها معاً بـ غـ.ـيظ وغـــضــــب وتمتمت من بين أسنانها:
_ الله أكبر يعني في شهور عدتك؟!! بتقربي من راجـ.ـل مُحرم عليكي وأنتِ تعتبري على ذمة راجـ.ـل ممكن ترجعوا في أي لحظه!! محدش عارف القدر مخبي إيه!!! بتحملي نفسك ذنوب هتنـ.ـد.مي نـ.ـد.م طول عمرك

أشاحت « هبه» بـ نظرها بعيداً عنها وترقرقت دmـ.ـو.عها الموجوعة وهمست من بين أنفاسها:
_ عارفه إن علاقتنا غلط وإني مينفعش أعترف بحبي ليه ومفيش بينا حاجه رسميه بس بحبه!!

نهضت «ورده» بـ عنف ولوحت بـ كفيها في الهواء بـ غـــضــــب وصاحت:
_ هتقولي لربنا بحبه؟!!! جيتي بيت تبعه وسمحتي ليه يقرب منك وأكيد لمسك ولو لمسه إيد بسيطة سمحتي باب للشيطان ومشيتي وراه ودلوقتي بتقولي بحبه!! ت عـ.ـر.في إن ربنا مش بيبـ.ـارك على العلاقات اللي بدايتها غلط!! حتى وإن كملت ليها عقـ.ـا.بات!! حقيقي مصدومه فيكي يا هبه، أنتِ اللي قربتيني أكبر من ربنا!! مش بقسى عليكي ولا بهاجمك أنا بنصحك بفوقكك، طالما طـ.ـلا.قك تم تقدري ترجعي بيتك يا حبيبتي وتصوني قلبك أكتر وتستغفري ربنا ووقت ما يبقى في رابط شرعي بينكوا وتبقي حلاله تقدري تفتحي قلبك ووقتها هتفرحي وقتها صدقيني هتبقي اسعد واحده في الدنيا ...

تساقطت دmـ.ـو.ع «هبه» النادmة سامحة للهدوء الولوج لها من جديد على ما اقترفته كيف تناست حدود دينها وانساقت خلف خطوات الشيطان حتى وإن كانت غارقة بـ الحب فـ ليس للمعصية بـ أعذارٍ تذكر!! رغم نضوجها وعقلها إلا أنها سمحت لـ مراهقتها بـ التدخل متناسية ضوابط دينها!!

نشبه الورود بماهيتها... إن سهلنا للعالم الوصول لنا لـ امتدت كفوف الجميع لـ قطفنا بلا حدود تذكر! ولكن إن زرعنا الأشواك حولنا لن يقترب إلا كل مُحاذر... سهولة الحصول تماثل سهولة التخلي وكذلك استحالة الوصول تعادل استحالة التخلي!!....
***************
فرغ «راكــان» من حديثه وانتظر إجابتها كـ طالب ثانوي ينتظر نتيجة نهاية عامه الدارسي والتي ستحدد طريق وجهته!! ولكنه لم ينتبه لـ تلك الواقفة تتابع حديثهم بـ عينين باسمتين وعنـ.ـد.ما طال الصمت قررت التدخل بـ خطواتٍ متغنجة وواثقة وهتفت بـ قوة:
_ طبعاً ملوش حق يكـ.ـدب عليكي يا أثـيـر بأنه متجوز تؤ تؤ... بس في كدبه كمان نسي يقولها!! نسي حمزه!! ابنه.
حينما تعجز عن الاختيار... أغمض عينيك واترك قلبك يتفقد هويته

انقطاع تدفق الدmاء لو لــثوانٍ عن العقل يسمح لــبعض الخلايا أو ربما جميعها بــالانسحاب والضمور الأبدي الذي لا شِفاء منه كـ مثل الصدmـ.ـا.ت المتتالية تُعطي للعقل بــهدنة زمنية من الانفصال عن العالم وولوجه لــبقعة نائية من الإنكار رافضًا الصمود والدفاع وبـذلك يبدأ التدرج بــفقده والعيش بلا اكتراث...

التوازن بين الأمور يقود الحياة البشرية لــقرونٍ من الهدوء الداخلي والسلام العام والعكس صحيح، كلما فَرُط الأعطاء كلما تكبد الجسد عناء الانسحاب تحت مسمى فقدان الشغف!...



فرغ «راكــان» من حديثه وانتظر إجابتها كـ طالب ثانوي ينتظر نتيجة نهاية عامه الدارسي والتي ستحدد طريق وجهته!! ولكنه لم ينتبه لـ تلك الواقفة تتابع حديثهم بـ عينين باسمتين وعنـ.ـد.ما طال الصمت قررت التدخل بـ خطواتٍ متغنجة وواثقة وهتفت بـ قوة:
_ طبعاً ملوش حق يكـ.ـدب عليكي يا أثـيـر بأنه متجوز تؤ تؤ... بس في كدبه كمان نسي يقولها!! نسي حمزه!! ابنه...

دارت الرؤوس المصدومة والمزهولة من وقع تلك الحروف عليها وانفرجت الأفواه عن شهقات الفتيات القادmة من الخلف وكذلك «ثائر» الذي عاد من شقته وصادف دلوفه حديث «ميار» الصاعق!! بينما ملامح «أثير» لم تتغير كل عضلة بوجهها مرتخية بطريقة جعلت الجميع يناظرها بدهشة وصمت وكان للصمت دورًا رئيسي باللعب بتلك الأمسية الصاعقة لهم!! وقفت كلا من «ورده» و «هبه» يبصران تلك الدخيلة التي استغلت تركهم لـباب الشقة مفتوح وولجت باصقة سمومها الممـ.ـيـ.ـتة لهم بكل شمـ.ـا.تة جعلت دmاؤهم تفور كفوران الحليب عند بسترته، مِثل الجميع يرمقها بـ أبغض النظرات على وجه الخليقة قابضًا فوق أحرف المقعد وغـــضــــبه المتفاقم يناشـ.ـد للثوران والبزوخ للنيل من تلك العاهرة التي قضت على سعادته للتو!!

أخيراً وبعد دقائق من الصمت اتخذها الجميع كلا حسب مفهومه خرجت أول الكلمـ.ـا.ت من فم « أثـيـر» بلا اكتراث:

_ مش كنتي تستني امر بطور الانهيار وأفوق وبعدين ترجعي بصدmة جديدة عشان لما انهار المرة دي تبقى النهاية وتبقي وصلتي لغرضك ودmرتي سعادتي!!

عدة خطوات بسيطة فصلت بينهم قطعتها «ميار» بـثقة حتى أصبحت بـمنتصف البيت وعيناه تلتقط نظرات الغـــضــــب والشر والكره من الجميع ولكنها لم تبالي وتصنعت التفكير لـعدة ثوانٍ وما لبثت أن هتفت بـ مكر:

_ مش يمكن في صدmة جديدة جايه هتبقي الضاربه القاضية ووقتها أبقى حققت غايتي بتدmيركوا!؟

لم يعد يحتمل « راكــان» وجودها الغير مرغوب به ولا نبرة الثقة والمكر التي تُعمر حديثها البغيض فـ نهض مقتربًا منها ينوي ازاحتها من أمامهم بالقضاء عليها وهتف بـ غـــضــــب من بين أسنانه:

_ ومفروض نصدق كدبتك دي صح؟! جايه بعد عشر سنين تقولي إني ليا ولد منك! كنتي فين من عشر سنين!! أنتِ نسيتي أنا عرفتك أزاي!!! نسيتي حقيقتك ولا إيه؟؟ ايه يخليني أصدقك!!!!

رفع يديه ينوي صفعها وجرها من حجابها الذي تخفي حقيقتها القذرة خلفه ولكن نظرة «ثائر» النافية لفعله جعلته يتراجع ويغلق قبضته ويهتف بـ كره وتوعد:

_ ورحمه أبويا لأدفعك تمن اللي عملتيه قبل كدا ولسه بتعمليه

ضحكت « ميار» بتشفي وسـ.ـخرية منه وعقدت ذراعيها أمام صدرها وتبدلت ضحكاتها بنظرة قاسية أوعدت بها آلالامِها المكنونة وغمغمت بـقسوة:

_ وحياة كل لحظة و.جـ.ـعتني فيها يا ابن البدري لأخليك تتمنى المـ.ـو.ت ولا هتطوله وما هتشوف يوم حلو في حياتك من النهارده

انقض عليها «راكــان» بـصفعة قوية صدح صداها بآذان الجميع ولم يكتفِ بذلك بل قبض على حجابها بين أصابعه وتمتم بـغل:

_ راجعة تدرمي حياتي لي يا قذرة، فاكرة كدبتك هتخول عليا وتلبسيني غلط واحد غيري واشيل الليلة لا، تبقي مت عـ.ـر.فيش ابن البدري اللي بتحلفي بيه دا، هنـ.ـد.مك أشـ.ـد النـ.ـد.م

لم تتحرك ملامح « أثـيـر» قيد أنملة ناحيتهم وبقت على واضعها وبسمة ساخرة تزين ثغرها بينما شرع « ثائر» بتخليص «ميار» من قبضة « راكــان» الغاضبة الذي سول له شيطانه القضاء عليها وهتف بـغـــضــــب:

_ راكــان فوق وشوف بتعمل إيه الموضوع مـ.ـيـ.ـتحلش كدا، هتضيع نفسك عشان واحده زي دي، اهدي

لم يكترث له بل هبطت يداه لتحيط بــعنقها بقوة سالبًا أنفاسها بـ عنف واسودت عيناه بـقسوة وهتف:

_ اومال تتحل ازاي، واحدة وسـ.ـخة زي دي دmرت حياتي بين يوم وليلة وبتكدب كمان وعاوزه تلبسني ولد منها بعد عشر سنين بعد ما هـ.ـر.بت من غير أسباب، عاوزني اخدها في حـ.ـضـ.ـني!!!

حينها ضحكت « أثـيـر» بـتهكم وصوبت أنظارها البـ.ـاردة عليهم وتمتمت بـ لامبالاة:

_ مش فارقه كتير، هي وصلت لهدفها واللي عوزاه قد كان، تفتكر إيه هدفها من الكدب!! مفيش كدبة ملهاش ماضي

قست نظراتها للحظة عنـ.ـد.ما تلاقت بـ «راكــان» وخرجت حروفها بـ قوة:

_ أية يخلني أثق في كلامك قصاد كلامها!! هي مكدبتش في حقيقتك!!! أنتَ الكـ.ـد.اب الوحيد هنا... على الأقل ظهروها المره دي في الوقت المثالي لأني كنت في لحظة ضعف مني هصدقك واسامحك

تزحزحت يداه تاركة « ميار» واهتزت قدmاه بـو.جـ.ـع وتقدm منها وعيناه تلمعان ببريقٍ خافت من الدmـ.ـو.ع وهمس بـأنين:

_ والله كـ.ـد.ابة، هي هـ.ـر.بت من عشر سنين وأنا مشوفتهاش ولا قربت منها إزاي تبقى حملت

تسللت «ميار» بـخــــوف من بينهم وكادت أن تصل لباب البيت لولا قبضة « ورده» الغاضبة التي نبشت أظافرها بجلدها وصوتها الحاد يهتف:

_ جيتي هدmتي بيت مت عـ.ـر.فيش صاحبه عانوا قد إيه على ما وصلوا لبعض وكمان كـ.ـسرتي قلب البت الغلبانه وعاوزه تهربي بسهوله كدا!!! دا يبقى عليا وعلى أعدائي

انهت حديثها بهجومها القوي عليها حتى اختل توازن كلتاهما وسقطت «ورده» فوقها نازعة حجابها بـ عنف سامحة لأظافرها بالتطاول لتُغرس بوجهها البغيض ولم تكف عن لكمها بمعدتها وسط صمت الجميع وعدm تدخلهم للسماح لها بالثأر من تلك الأفعى، رفعت « ورده» رأسها وابتسمت بـ شر وهتفت:

_ وحياة امي لو ما قولتي جايه هنا ليه وعاوزه إيه من البت لتطلعي ما فيكي حته سليمه يبـ.ـنت العقربة

صرخت «ميار» بحرقة بسبب آلالام جسدها واصطدام رأسها بالأرضية وعنف تلك الفتاة معها:

_ والله ابنه وراجعه عشان ياخده... ابعدي عني بقا

عم الصمت لــدقائق معدودة وتناقلت النظرات جميعها لـ «راكان» الغاضب من كذبها المستمر فنهضت « ورده» عنها وهتفت مشيرة للباب:

_ عارفه الباب اللي دخلتي منه زي الحرميه دا ثانية لو مخرجتيش هطلع عفاريتي عليكي

انهت حديثها وتنفست بـراحة واقتربت من «أثير» الصامتة وجذبتها عنوة من أمام « راكــان» وصاحت بأمر:

_ اتفضل برا وتاني مره لما تحب تدخل البيت للزم تبقى عارف شعور صحابه ناحيتك إيه والظاهر ليك إن وجودك مش مستحب

كاد «راكــان» مجابهة حديثها بآخر غاضب ولكنها قاطعته دافعة « أثـيـر» تجاه هبه المتألــمة وهتفت:

_ ادخلوا جوا وأنا هنضف المكان واجي

التفت ناحية « ثائر» المتابع للموقف وتحدثت بـهدوء مزيف:

_ خد صاحبك واتفضلوا ياريت عشان زي ما أنتَ شايف محتاجين نرتاح من قرف اليوم

انهت حديثها بنظرة ثاقبة لـ « راكــان» لتؤكد له أنه المعني بكلامها وراقبت نظراته القـ.ـا.تلة لها ثم خروجهم وهدوء البيت

*********************

انصرف الشباب وجلست الفتيات بعدmا نامت « رحمه» وكلا منهم بعالمها الخاص، عليهم جميعاً اتخاذ القرار بحياتهم القادmة، العواقب الناتجة عن القرارات القادmة ستكون وخيمة عليهم، منهم من أخطأت بترعها والسماح لقلبها بالانجراف خلف حبٍ جعلها كمراهقة وتناست حدودها بل وارتكبت خطأ فادح بالبوح بمشاعرها، تناست ما مرت به وانغمست بما صوره لها شيطانها الذي صور لها الجزء الممتلئ من الكوب وغلف الجزء الفارغ منه!!

منهم من وثقت وأحبت بروحها وكيانها وقدmت حياتها ىهينة لرجلٍ كان الأحن والأقوى والألطف لقلبها ولكن!! تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، لم يكن صادق!! لم يحبها!! لم يُخلص لها!! كانت مجرد فترة بحياته!! ماذا كانت تنتظر ألرجلٍ مثله بوسامته وجاذبيته ان يحب فتاة ثمينة مثلها قُضي نحب فرحتها من قبل بدايتها؟!...

منهم أيضاً الخائفة من الفُراق الأبدي، لعل من يرحل ويهجر تأتي به الأيام ليعود الوِد والحب ولكن ماذا عن الرحيل النهائي! تخشي فقدان حبيبها لن يتحمل خافقها فقدانه فمجرد تألــمه ينزف قلبها العاشق له ماذا عن مـ.ـو.ته!!

عليهم بالمشاركة لا التخفي والكتمان، اعتدلت «هبه» بجلستها وفركت كفيها بتـ.ـو.تر وهمست بـخجل:

_ أنا غلط... مكنش ينفع اجي هنا مع ثائر وافضل في بيته حتى لو هو شخص شهم وجدع، مكنش ينفع أسمح للشيطان بثغره يدخلي منها ومش بس كدا سمحت ليه يمسك إيدي ويقرب مره ورا التانية وانجرفت ورا قلبي في حب مراهقة مش نـ.ـد.مانه عليه بس نـ.ـد.مانه على عواقبه اللي هتأذيني، البدايات الغلط والمحرمه نهاياتها غلط ومأساوية وأنا مش عاوزه كدا، أنا حبيت ثائر بدون إرادة وسبب مني قلبي دق ليه بعد تجربة قاسية دmرتني وفجأة بعد شهور من المعاناة ربنا عوضني بقلب زي قلبه بحنيته، كفاية إنه فاهمني من نظرة عيني ومنفرش من عيوبي بالعكس بيحبها، حتى بعد ما عرفت إنه مخبي عليا طـ.ـلا.قي متعصبتش ولا لومته مع إني مفروض دا كان قراري ولازم يعرفني وقتها كان بإيدي أقول أفضل ولا امشي، الحب بيخلينا نتصرف غلط وخصوصا لما نسمع قلبنا، تجاربنا بتختلف زي عقولنا وقلوبنا وللآسف كلنا بنسمع للقلب رغم ثقتنا أن معظم قرارته غلط، الحب مش كفاية!! الحب أحياناً بيكون لعنه علينا او اختبـ.ـار مجبرين نخوضه وعارفين نهايته بس خايفين منها، أنا متأكده إنه شخص كامل عكسي!! بس قلبي عنده أمل يفرح...


انهت حديثها وتسللت الدmـ.ـو.ع النادmة تشق طريقها لوجهها وكتمت صوت بكائها حتى يتثني لهم الحديث، ابتسمت « ورده» بحـ.ـز.ن وشردت متحدثة:

_ لما قرر يعترف ليا بحبه عرفنا إنه عنده سرطان وفي مرحلة مش متقدmه بس معقوله، وقتها حسيت بزوال فرحة حبه وكأني وقعت من منحنى لبير كله ضلمه وخــــوف، بقالي سنين بحبه وبتحمل طريقته اللي عرفت اسبابها لقيته طفل!! طفل خايف!! خايف زي خــــوفي عليه، أنا مش معترضة على أمر ربنا بس أنا تعبانه!! خايفه!! جوايا كـ.ـسرة مش قادرة أبينها ليه عشان لازم أكون قويه معاه عشان ميضعفش!! بس أنا ضعفت دلوقت!! لما حد بيغيب عننا بسفر أو ببعد مؤقت بنقدر نشوفه صدفه أو نسمع صوته ولما بيرجع بنحـ.ـضـ.ـنه، معرفش نصيبي لي ديما قليل بس والله راضية بيه!! بس مش عاوزه و.جـ.ـعي وحسرتي تكون فيه هو!! أنا لقيت نفسي بترقص معاه!! مستعده أفضل طول عمري سنداه بس يكون معايا!! بس هو... هو لو مشي!! هسمع صوته ازاي!! هحـ.ـضـ.ـنه امتى واضحك!!! هشوفه صدفه!! هيغازلني ويتقبلني زي ماانا!! مين بعده هيطمني رغم خــــوفه وقلقه!! أنا بحاول اقوى عشانه بيه!!..

تساقطت دmـ.ـو.ع الفتيات بقوة وعلت شهقاتهم من حديث « ورده» النازف وصوتها الذي برهن خــــوفها وحبها لذلك الرجل ولكن دور المحطمة لن يكون بهين إذا تلبسته عليها بالقوة حتى وإن افتقدتها لعل بذهابه لن تلوم نفسه على تلك النقطه!!..

ضحكت « أثـيـر» من بين دmـ.ـو.عها وارجعت خصلة فارة خلف اذنها وهتفت بمرحٍ زائف:

_ دوري صح!!...

تنفست بـعمق مُجمعة لعنات اليوم معها وهمست بخفوتٍ متألــم:

_ شخص غريب طول اربع سنين بتشوفيه عادي بس ولا عمرك فكرتي تلمحي لقلبك بيه وفجأة يظهرلك نفسه مره ورا التانيه ويقول إنه بيحبك ويطمنك ويطمن قلبك ويحسسك إن العالم فيه طاقة وحيوية تكفي روحك الفاضيه يخليكي تحبي الحياة والأدهى تحبي نفسك!! تبنى بروج من الأمل والحب والأحلام وتسمحي لخــــوفك بالهروب وترقصي تحت المطر بسعادة وتحبي!! تحـ.ـضـ.ـني مخدتك بعد كل مكالمه من صوته وكلمة بحبك منه ترجع كسوفك وتعلي دقات قلبك، تقفلي فستانك وتستعدي للدخول حياته بأمل وفرحه لأول مره تتوغل ليكي وتنسي عيوبك وكـ.ـسرتك ووحدتك ولأول مره متخافيش!! نسيتي إن لكل حاجه ضريبتها!! نسيتي إن مع كل ضحكة بتضحكيها في مخزون و.جـ.ـع بيتحط في طريقك مماثل ليها، فجأة تصحي من الحلم الجميل دا وتكتشفي إنه كان مقدmة لكابوس هيفضل ملازمك طول عمرك، تكتشفي إن الراجـ.ـل اللي عشقتيه وقلبك ادmن وجوده طلع متجوز!! وت عـ.ـر.في من مـ.ـر.اته في شهر عسلك!! وكمان ت عـ.ـر.في إنه عنده ولد!! كلمة و.جـ.ـع متكفيش الوصف ليكي!! الخذلان مكنش كفاية يعبر عن حالتك!! في و.جـ.ـع وأنين جواكي بس أنتِ عاجزه ت عـ.ـر.فيه!! لسه مش مصدقه!! تفتكري قلبك حالته هتكون إيه؟!

همست « هبه» بتأثر وبلاوعي:
_ مقهور...

هزت « أثـيـر» رأسها بنفي وأزالت دmـ.ـو.عها وهمست بأنين:

_ لا... بينزف!! بينزف و.جـ.ـع!!

أصبح التنفس هو رئيس الجلسة وعم الهدوء إلا من صوت أنفاسهم السريعة وأنين روحهم، كلا منهم قصتها المأساوية تكفي ليبكي العالم معها ليواسيها، تواجدوا بأوقاتٍ غريبة معاً وتألفت قلوبهم واجتمعت النفوس ليعلن القلب سلطانه وتكشف الألسن عن ما تخفي ليظهر الكتمان بـصرخاتٍ موجوعة مزقت كيانهم...

*********************

دلفا كلاهما للغرفة بعدmا اطمأن « ثائر» من نوم والدته وبدل ثيابه وجلس يراقب تعابير « راكــان» الشاردة التي تتبدل كل ثانية وتقسو ملامحه ليتبين له حجم الفجوة التي يعاني منها، أغمض عينيه وتنفس بـهدوء وهتف:

_ إيه رأيك في اللي حصل؟

فاق « راكــان» من شروده ليجد نفسه بغرفة « ثائر» وتحديداً على فراشه فناظره بدهشة وهتف:

_ أنا جيت هنا ازاي!؟

ضحك « ثائر» بسخرية ولكزه بكتفه بقوة وتمتم بتهكم:

_ البيه كان سرحان من وقت ما ورده هزأتك وشكلك مكنتش واخد بالك من سؤالي؟! عندك إجابة لكل اللي حصل من شوي دا؟!

ضحك « راكــان» بتهكم على حاله ورمقه بنظرة مقتضبة وتمتم بتوجس:

_ أنتَ صدقت الشو اللي عملته القذرة دي؟! بتلبسني وساختها؟!

هز « ثائر» كتفيه ببرود ونهض متناولاً كأس المياه وتجرعه كاملاً وهتف:

_ وليه منصدقهاش في دي؟! ماهي قالت إنها كنت مراتك وطلعت صادقه! اشمعنا في دي هتكدب!!

هب « راكــان» من مضجعه بـغـــضــــب وصك أسنانه بقوة، جذب « ثائر» من تلابيب قميصه وتمتم بـحدة:

_ عشان كـ.ـد.ابه، عشان أنا مقربتش منها ولا لمستها من بعد ما اتجوزتها كنت برجع البيت أنام في اوضتي وهي مع أمي ولا كنت بشوفها،لأنها مشيت وهي مش حامل وراجعه بعد عشر سنين تنفي دا!!! ونفترض أنها كانت حامل فعلاً هـ.ـر.بت ليه؟ ولو هـ.ـر.بت لأي سبب رجعت دلوقت ليييييه؟! قولي!!!!

نفض «ثائر» يداه عنه وبصق المياه المُختزنة بفمه لتغطي وجه « راكــان» بالكامل وهتف بتشفي:

_ تعرف أنا فرحان فيك عارف ليه؟! لانك كدبت عليا ولانك كنت وسـ.ـخ زيها، الحاجه الوحيدة اللي زعلان عليها مراتك اللي ملهاش ذنب في كل دا، لو كنت صارحتني من البداية كان الوضع اتغير...

مسح «راكــان» وجهه من المياه العالقة به وغامت عيناه بلمعة انتقام وتمتم بغموض:

_ عندك حق الوضع هيتغير

تجاهله « ثائر» ومدد جسده على الفراش وهتف بأمر:

_ تعالى اتخمد في ليلتك الغم دي والصبح هنلاقي حل ووقتها هنعرف إذا كنت كـ.ـد.اب ولا وسـ.ـخ يا وسـ.ـخ

ضحك «راكــان» رغماً عنه بسبب حديث «ثائر» المرح وتناسى أحزانه لدقيقة وهتف:

_ طب هاتلي حاجه البسها بدل اللي وسـ.ـختهم بالميه يا حـ.ـيو.ان

أدار «ثائر» جسده بتجاهل ووضع الوسادة فوق رأسه وتمتم بنبرة لا نقاش بها:

_ لا وتعالي اتخمد ومفيش هدوم عقـ.ـا.باً ليك يا قذر


هز «راكــان» رأسه بلا فائدة وابتسم لعلمه بصدق حديث ابن عمه وأنه إذا أراد أمرًا لن يتوانى عن تنفيذه لذلك عليه النوم بملابسه المبللة، اتخذ نومته من السرير وأغمض عيناه ونظرات زوجته الرقيقة تأبى فراقه وعينيها الحزينتين لا يبـ.ـارحان مخيلته، يتذكر جيداً أنه لم يقترب من تلك المرأة فكيف أنجبت منه!! غـــضــــبه يتفاقم ليعميه وعقله يصور له أبشع الصور بكيفية قــ,تــلها والتخلص من جسدها العاهر، وسط شروده لم ينتبه لقوة السبات التي غطَ بها سامحًا للهدوء بالولوج لقلبه حتى يستيقظ معافياً ليواكب أحداث الليلة...
********************
يومٌ جديد بعد ليلة قاتمة قضاها الجميع بالبكاء والنزف والعويل الساكن، توارت السحب لتبزخ الشمس بأشعتها الزاهية لتلقي بسهامها على الأرض فتتجفف قطرات الندى بعد ليلة قضتها بتلامس أوراق الاشجار الحبيبة، وصلت «ورده» للمستشفى وعقلها اتخذ قراره النهائي، طرقت باب غرفته ليصل لها صوته الذي غاب عنها ليلة أمس وتناست مهاتفته، تنفست بـتـ.ـو.تر ولفت حاجبة عينيها عنه وأسرعت ملقية بجسدها داخل ذراعيه سامحة لقوتها بالتراخي بين جنبات صدره، تشبثت بقميصه من الخلف وارتفعت شهقاتها، ضمها «براء» بقوة لصدره مستمدًا عونه منها وإليها وقلبه يخبره بحـ.ـز.نها الشـ.ـديد، يعلم أنها ستخبره حلما تفرغ من وقوعها للبكاء ولكن تلك المرة!! هي ليست بخير، ابتعدت عنه ورفعت وجهها له مقربة شفتيها منه طابعة قبلة فوق شفتيه بخفة وهمست بعشق:

_ موافقه نتجوز وتكمل علاجك في بيتنا واحنا سوا

ضحك قلبه سعادة لتصريحها وجذبها في قبلة عميقة بادلته هي بأخرى قوية ليختلس لُبها كمٍ لا نهائي من الزكريات له وضمت جسدها له أكثر ويديها تتلاعب بلحيته الكثيفة، اسند جبهته على خاصتها بإرهاق وهتف بتوجس:

_ متأكدة إنك جاهزه؟!

هزت رأسها بلا تردد وهتفت:

_ جاهزه عن أي وقت فات يا براء

احتضنها لقفصه الصدري وغمغم باستفهامٍ:

_ اشمعنا دلوقت، حصل حاجه؟!

تسللت أصابعها لتختفي بلحيته السوداء ولمعت عينيها ببريقٍ من الدmـ.ـو.ع وهمست بثقة:

_ عشان مش عاوزه لحظة تعدي واحنا مش في بيتا، مش عاوزه ليلة تعدي وأنا مش في حـ.ـضـ.ـنك، عاوزه اقف في مطبخنا واحضر الفطار واستناك لما ترجع تحـ.ـضـ.ـني وتحكيلي يومك، عاوزه أكون جزء منك واثبت لنفسي إنك هنا معايا، مش عاوزه أخاف يا براء، عاوزه اطمن

لن ينكر خــــوفه المماثل لحالته ولكنه لن يظهر بل سيتظاهر بالقوة لأجلها مهما كلفه الأمر من تصنع، قرب كفها من فمه ولثم باطنه بعمق وهمس بنَبرة متلهفة:

_ مش مصدق إن اليوم دا هيجي ومعاكي، مكنتش اتوقع الفرحة اللي ماليه قلبي دلوقت بفضلك، أنا واحد عيشت عمري كله لواحده من مكان لمكان والحـ.ـز.ن استعمر قلبي وفقدت شغفي أو تظاهرت بكدا بس بشوفتك رجعتلي روحي نفسها ومش مستعده تغيب عنك، أنا كنت ضايع من غير حبك، يا روح براء متخافيش، أنا هنا وهفضل هنا مهما كان وعمر قلبي ما هيفارقك ولا يفوتك وحيدة

ضمته « ورده» بـراحة ودثرت نفسها بجسده تستمد الآمان منه وتركت ذاتها لسلطان النوم الذي هرب منها ليلة أمس

********************
جلست الفتيات بسكونٍ حول مائدة الإفطار بعدmا ذهبت «ورده» مبكراً، لم تدخل لقمة وحيدة بفم إحداهما ولكن التصنع والشرود غلب عليهم وسط نظرات الصغيرة الحانقة منهم فوضعت ملعقتها بـقوة انتبوا لها وهتفت بـغـ.ـيظ:

_ هتفضلوا تقلبوا في الأكل كتير ولا هناكل ونبطل لعب شوي؟!

تركت كلتاهما ملعقتها وصبوا اهتمامهم على «رحمه» الغاضبة وتمتمت «هبه» بقلق:

_ رحمه حبيبتي أنتِ متعصبه ليه؟!

أبصرتهم «رحمه» بعينين متوجستين ولوحت بيديها بالفراغ وهتفت موضحة مقصدها:

_ لا مش متعصبه ولا حاجه بس اللي يشوف كلكوا يعطف عليكوا، مش نهاية العالم، دا حتى بيقولوا يروح قرد يجي غزال!! ولا هو انتو كدا بتحبوا اللي يهينكوا؟!

لم تتمالك الفتاتان ضحكاتهم وانخرطوا بموجة من الضحك حتى ادmعت عينيهم وغمغت «أثـيـر» بصوت ضاحك:

_ عندك حق والله بس المشكلة إننا لنحب القرود بتاعتنا زيادة حبتين تلاته

لم تتعجب «هبه» من تبدل حال «أثـيـر» ولكنها هتفت بتأكيد لحديثها:

_ فعلاً احنا بنحب القرود..

نهضت «رحمه» لتغتسل فنظرت «هبه» نظرات مستفهمة لـ « أثـيـر» وهتفت بتساؤل:

_ أنتِ كويسه؟!

ربتت « أثـيـر» على كفها بـتـ.ـو.تر وغمغمت:

_ يمكن مش كويسه ومعرفش امتى هكون كويسه ولحد الآن معرفش الحقيقة بس عندي ثقة في راكــان لحد دلوقت، سميه تخلف أو خــــوف من الحقيقة بس حبه كان كبير وواضح في عيونه، لسه عندي جزء بينفي كل الأحداث دي، ولو كل دا حقيقة وقتها مش عارفه هتكون حالتي إيه ومش حابه أعرف صدقيني...

ابتسمت «هبه» بأمل لها وربتت على كفها وغمغمت بتأثر:

_ صدقيني بإذن الله تعالى كل حاجه هتكون بخير

اومأت «أثـيـر» وتمتمت بحرج:

_ أنا اسفه على اللي حصل امبـ.ـارح وإني دخلتكوا في حكاية غريبة زي دي وصدعتكوا بمشاكلي بالليل

هزت «هبه» رأسها بنفي وهتفت بطيبة صادقة:

_ لا يا حبيبتي متقوليش كدا، أنتِ بقيتي صاحبتنا ولو مرتحناش ليكي مكناش حكينا ليكي حاجه عننا، أنتِ طيبة وقلبك لسه صادق وتتحبي يا أثير

كادت « أثـيـر» أن ترد عليها ولكن صوت جلبة عالية قادmة من شقة الخارج جعلتهم ينهضون وتناسب «هبه» ارتداء نقابها ولكنها تعجبت حينما فتحوا ووجدوا الشرطة تحتل المكان حاجبين باب الشقة، لم يتثنى لهم رؤية الوضع جيداً ولكن صوت الضابط الذي صدح بقوة:

_ راكان شريف البدري مطلوب القبض عليه بتهمة قــ,تــل

نظرت الفتاتان لبعضهم بصدmة وهموا للذهاب ولكن صوت «راكان» المتسائل أوقفهم:

_ قــ,تــل إيه ومين؟!!!!

أجابه الظابط بحزم:

_ قــ,تــل... قــ,تــل ميار الشربيني
اتساع وخزات الألــم مؤشر جيد لتباين جمود الفؤاد

احتمالية نجاح العلاقات مرتبطة بنسبة مئوية يضعها الطرفين بـالمثابرة والإيثار كلاهما يتحتم عليهم ربط حِزام الأمان للإقلاع لأرضٍ عامرة بالتغيرات الفسيولوجية والنفسية والدنيوية!! ليس من السهل تقديم الحب بإفراط ومعه إيصالٍ أبدي لـضمان الوجود!! يتنحى العقل بـتلك المعركة المحسومة ليتخذ وضع المُراقب! لحين سقوط ثبات الفؤاد وإعلانه التخفي الكامل ليستلم اللُب الوِجهة لانتزاع الألــم وهدm أسوار الحـ.ـز.ن والشوق!!

بـمركز الشرطة وقفت «أثـير» بـخــــوف وألــم يمزق أحشاءها تبكي هلعًا مما قد يصيبه، مضت ساعة وهي على سجيتها تنتظر خروجه، لازالت لم تستوعب لما أُخذَ بتلك التهمة وكيف وهو لم يتثنى له الخروج من البيت كما أخبرها «ثائـر»!! دفنت وجهها الساخن بين كفيها المرتجفين وتوالت دmـ.ـو.عها الملتهبة تحرقها من الداخل، لم تقدر «هبه» على القدوم لمرضها وكل من بقى معها الآن هو «ثائـر»!! كيف تتساقط عليها كل تلك اللعنات من بداية زواجها الذي لم يَدُم لأيامٍ قليلة وجاءت غريبة وانتزعت فرحتها منها ولم تبالي بالفجوة التي أحدثتها بـفؤادها حتى أضحى منقلبًا عليها وتزداد وتيرة آلالامه!! ترغب بضمة واحدة من جدها أو ربما والدها ولا بأس ببسمة والدتها الحنونة ولكن بأي محيا ستواجههم!! كيف ستخبرهم بتلك المصائب التي تُصب فوق عقلها بلا تأني!! خطة زوجها المزعوم سعادته كانت فاشلة ورُسمت بقلمٍ رصاص سهل المحو ولم تصمد فهي بالكاد تتشبث بالبقاء!! انتبهت لـخروج «راكــان» مُكبل الرسغين مُكفر الوجه وعلامـ.ـا.ت الغـــضــــب ترتسم باحترافية على محياه ولكنها لم تُخفي ألــم قزحيتيه الراجيتين، هرولت إليه ودmـ.ـو.عها لم تتوقف وهتفت بغـــضــــب مشيرة ليديه:

_ راكــان في إيه وواخدينك على فين؟!
رأته يستسمح الرجل الممسك به بعيناه وانتقل ببصره لها بنظرة فارغة ولكنها حانية وهتف مقترباً منها:

_ متخافيش شوية إجراءات هتخلص ونرجع بيتنا بس ارجعي أنتِ

عن أي هراءٍ يتحدث يظنها طفلة وهكذا يضحك عليها بكلمتين!! دفعته بـغـــضــــب وحرقة بـصدره بكلتا يديها وهتفت بـصراخٍ مزقه:

_ لسه بردو بتضحك عليا!!! قولي هم لي بيعملوا فيك كدا!!!! أنت قــ,تــلتها!!!!

قاطعها نافيًا بشـ.ـدة وأمسك بكفيها بين يديه بـقوة يفتقدها وتحدث متهربًا بعيناه عنها:

_ لا لا... والله لا... هي أكيد ورا الكدبة دي... أنا معرفش يا أثـير... ارجعي البيت ومتخافيش

أنهى حديثه ونظر للرجل ليجذبه وتابعتهم بعيناه بـقلبٍ منفطر وروحٍ قاربت على الهلاك حتى اختفيا خلف جِدارٍ قاتم كـعيناه الدامعتين، تشعر بتشتته الهائل ولكن ما أقلقها هو هروب عيناه!!! دوماً كانت هي سبيلها الوحيد لتصديقه ولكن الآن!!

********************

بـمنتصف اليوم جلست «ورده» بـجانبه على أحد مقاعد الحديقة الذي أصرت على «براء» للخروج لها حتى يتعدل مزاجه قليلاً قبل جلسته الأولى غداً!! رأت حيرته وتدفق التساؤلات اللانهائية من عقله عن كيفية تلك الجلسات المرهونة حياته بها، ابتسمت بـحـ.ـز.ن لحاله ولكنها لن تسمح له بالانخراط بأفكاره فـقاطعته بـقرصة خفيفة بـخصره جعلته ينتفض من مكانه ويهتف بهلع و بـغـــضــــب مصطنع:

_ بتقرصي بقرة يا بقرة

لوت شفتيها بـضيقٍ زائف وعادت الكرة مرة أخرى ولكن أقوى وهتفت بكـبـــــريـاءٍ مازح:

_ ما هي البقرة مبتقعدش غير مع البقرة اللي زيها

تصنع «براء» الصدmة وخبط على صدره بـدراما وهتف بغباء:

_ تقصدي إني بقرة!؟

هزت «ورده» رأسها بـنفي وانفلتت منها ضحكة مرحة عليه وتمتمت بإنكار:

_ لا العفو يا قلبي عيب دا أنتَ مهما كان جوزي

جذبها «براء» لـصدره بـثقة ونصر وغمغم بغــــرور:

_ ايوا هي دي وردتي

كتمت ضحكاتها المستمتعة عليه وتمتمت بتماسك زائف:

_ أنتَ طوووور يا قلبي طوووووور

لم يدعها تكمل حيث دفعها من صدره كما جذبها لتقع على الارضية الخضراء وهتف بتشفي واشمئزاز مصطنع:

_ بالشفا يا قلبي

اعتدلت بـجلسته على الأرض ونظرت له من بين جفنيها المُغلقين نسبيًا بسبب أشعة الشمس وهتفت:

_ أما راجـ.ـل قليل الأصل صحيح.. يعني مأكلاك ومنضفاك وخرجتك تتشمش وفي الآخر دي جزاتي!!!!!... رجـ.ـاله توكس

ضحك «براء» بـشـ.ـدة عليها حتى ادmعت عيناه وتمتم من بين ضحكاته:

_ اسمها تتشمس يا جاهله... يا تعليم حكومي

لوحت «ورده» بـكفيها معاً بعدmا نهضت عازمة على وصلة من «الردح» المصري وهتفت:

_ حوش حوووش تعليم الخاص والاجنبي يخويا.... حتة براده بتتكلم أول مره أشوف حتة براده حديد بتتكلم يا جدع سبحان الله يحيي العظام

لم يتمالك زمام ضحكاته وانفجر ضاحكًا على معالم وجهها الشرسة وعقدة حاجبيها بدت رغم همجيتها عفوية له!!بدت ترياقًا خاص لسعادته وإعادة بريق ملامحه الشاحبة!! تلك الفتاة بـقوتها المتناهية تكفيه وتغنيه عن العالم برونقها الخاص!! جذبها من كفيها ونهض ضاحكا ثم هتف:

_ أنا تعليمك يا حلو يا مقطقط أنت

مدت شفتيها بـقرف و.جـ.ـعدت أنفها وتمتمت بـقلق وتوجس:

_ دا أخرك في الرومانسيه؟؟؟ مقطقط؟؟؟ قولي يا ابني لو أنت مش تمام ألحق نفسي قبل ما ألبس

غمزها «براء» من بين ضحكاتها وهتف بـوقاحة:

_ اديني فرصتي وهتعرف بنفسك يا بطل

بادلته وقاحته بأخرى مماثلة وجذبته من مقدmة قميصه وهمست أمام شفتيه بنبرة ناعمة:

_ هنشوف يا أبو عيون دوختني

استمعت لصدى ضحكاته بقلبها لا أذنها وهذا ما ارادته عن رغبة منها أن ينسى حـ.ـز.نه وأفكاره ويخرج معها قليلاً يشاركها عالمها المرح!! ستسحبه للعالم المُزهر حتى تنتهي فترة علاجه حتى ولو كلفها ذلك روحها، لن ينهزم أمامه السرطان ولا تُخار قوته!!

*******************
بـنهاية اليوم بعد العديد من الإثباتات والتحريات جلسوا جميعًا بـبيت «ثائر» ولم تنفك قزحيتي «أثـير» عن ذرف الدmـ.ـو.ع مما جعلها بحالة يرثى لها، جلست والدة «ثائر» محتضنة «دعاء» والدة «راكــان» المنهاره...

خيم الحـ.ـز.ن على الجميع بعد فشل «ثائـر» بالتوصل لحلٍ نهائي، ضمت «أثـير» جسدها لـ «هبه» بـضعف وتمتمت:

_ هو مقــ,تــلهاش يا هبه مستحيل راكــان يعمل كدا مهما حصل... صدقيني

فقيره للأصدقاء ووحيدة بالحياة فقدت ثقتها بـروحها خانها مصدر الأمان المُخزن لها فـتركت الأمواج تتقاذفها كـخرقة باليه لا حياة بها، ضُمت لتُكمل ثلاثي عُجت أرواحهم بـالندبات المماثلة مع اختلاف تأثيرها ولكن أضعفهم هي!!
جذبتها « هبه» بين ذراعيها بـحنانٍ وتمتمت وعيناه تتوسل «ثائـر»:

_ مصدقاكي بس اهدي عشان نفكر

قرر «ثائر» بـالخروج عن صمته الطائل وتمتم موجهًا حديثه لـ « أثـير»:

_ أثـير لازم تكوني أقوى من كدا عشان نعرف مين ورا اللعبه دي ومين عاوز يضر راكــان بالطريقة دي

ابتعدت « أثـير» عن أحضان «هبه» وضحكت بـتهكم هاتفة بـحرقة:

_ أنتَ بتقولي أقوى صح!!! وهبه عوزاني اهدى!!! اهدي وجوزي كل الادله بتثبت إنه فعلاً قــ,تــلها!!! قــ,تــل مـ.ـر.اته بعد ما هددها قدامنا كلنا!!! قــ,تــل مـ.ـر.اته بعد ما اعترفت ليه بوجود ابن منه!!! ابن زنا منه!!! حاضر ههدى وهكون أقوى بس بعدها محدش يلومني!!! محدش فيكوا حاسس بيا!!!

حاولت « هبه» تهدئتها وجذبها ولكنها دفعتها عنها بـغـــضــــب وألــم وأكملت بصياحٍ مؤلم:

_ محدش حاسس ولا فاهم..... جوزي طلع متجوز عليا وأنا زي الهبله بين كام ساعه حنيت ليه وكنت هسامحه!!! بس ربك كبير وضحلي وساخته وطلع عنده ولد كمان!!! مش كفايه صح!!! لا يقــ,تــل مـ.ـر.اته عشان يداري على قذارته بجريمه!!!! حد فيكوا شايف النار اللي بتنهش فيا!!! شايفين دmـ.ـو.عي دي!!! ولا حاجه ولا حاجه جنب كـ.ـسرتي وقلة حيلتي وأنا عاجزه حتى اروح لأهلي عشان يساعدوني!!! كفايه كـ.ـسرتي مش هكـ.ـسرهم معايا، أنا مش مسمحاه بس مش هبقى زيه، مش هكدب ولا ههرب، هعمل بأصلي وهقف جنبه وبعدها همحيه من حياتي ولو دا هيكلفني كل حياتي...

أنهت حديثها وخرجت مندفعة كـنيران ملتهبة وصفعت الباب بقوة خلفها انتفض الجميع على أثره وقلب تلك الأم يلتاع حـ.ـز.نًا ونـ.ـز.يفًا لحال فلذة كبدها الوحيد!!

عدة دقائق من القلق مرت عليهم قطعتهم والدة «راكــان» بـهمسٍ خافت موجهه حديثها لـ «ثائر»:

_ قولي يا ابني طمني على ابني

فرك «ثائر» جبهته بـتعب وإرهاق وهتف موضحًا:

_ راكــان فعلاً مكنش في البيت في الوقت اللي ميار اتقــ,تــلت فيه ودا اللي هتجنن وأعرفه لأنه كان بايت هنا معايا وصحيت لقيته جنبي وفي تسجيلات من مصدر مجهول بتهديد راكــان لـ ميار لما كانت هنا ومحاولته أنه يخـ.ـنـ.ـقها وكل كلامنا، في أدله كتير ضده ولسه بيدوروا

تساقطت دmـ.ـو.ع السيدتان وهتفت والدته بـرجاء:
_ والمحامي قال إيه

أغمض « ثائر» عيناه وتنفس بـقوة ليجابه غـــضــــبه وهتف:
_ موقفه في القضيه ضعيف

لطـ.ـمـ.ـت السيدة «دعاء» صدرها بـقوة وشهقت بألــم لحال ولدها الوحيد وصاحت بدmـ.ـو.عٍ:
_ يعني إيه؟!!! يعني ابني قــ,تــلها؟!!! لالا راكــان مستحيل يعمل كدا.... ابني مستحيل يعمل كدا

********************
بـنهاية ذلك اليوم المأساوي وقفت «هبه» بـشرفتها سامحة للهواء بتلامس بشرتها بعد نزعها نقابها، كل تلك الأحداث عجز عقلها عن مواكبة سيرها والإختلاط بها، تُشفق على تلك الفتاة التي لا حول لها ولا قوة تبدو هشة، ضعيفة، هينة وسهلة الكـ.ـسر، يـ.ـؤ.لمها قلبها لدmـ.ـو.عها التي لم تتوقف منذ رؤيتها لها وحال فؤادها المُحطم، هي بالأخير مرأة وضعت حبها لـرجل استغل نعومتها وطيبتها الشـ.ـديدة لـيخفي جريمته بحقها، هي جريمة بكل ما تحمله الكلمة من سوء، يميل قلبها لتصديق لمعة عيناي ذلك الرجل عنـ.ـد.ما رأى ابتسامتها يبدو صادقً!! قطع سيل تحليلها صوت طرقات تعرفها، ابتسمت بـحب وجذبت نقابها لـترتديه، اطلع بهيئته المتعبة ووجهه المرهق وثيابه غير المهنـ.ـد.مة من خلف بابها مما جعلها تسأله بتعجب:
_ في حاجه يا ثائـر؟!

لم يكترث لدهشتها بل تمتم بـتعب وحيره:
_ محتاج اتكلم معاكي شوي

أفسحت له المجال للدخول وتبعته بعدmا تأكدت من استيقاظ «رحمه» وترك باب المنزل مفتوح، جلست أمامه بعينين مستفهمتين لم يقابلها سوى بنظراتٍ ساكنة جعلتها تشك بحاله وهتفت:
_ ثائـر في إيه متقلقنيش

أراح ظهره على المقعد من خلفه بـوهنٍ وتمتم بـتشتت:
_ خايف يكون راكــان عملها في لحظة غـــضــــب وتهور منه

قاطعته بـثقة لا تعلم مصدرها:
_ لا

اعتدل بـجلسته وعقد ذراعيه من ثقتها بـرجلٍ لا تعلم هويته وتمتم بتوجس:
_ وإيه سر الثقه دي

رفعت كتفيها ثم اخدلتهم وتمتمت:
_ معرفش بس يمكن لأنه بيحب مـ.ـر.اته؟! لا دا يمكن بيعشقها؟!

ضيق عيناه بـاستفهام وتحدث:
_ إيه علاقة دا بأنه ميقــ,تــلش؟!

ابتسمت بـخفوت وعقدت ذراعيها ثم تنهدت هاتفة:

_ إنه عارف حجم الجـ.ـر.ح اللي سببه لمـ.ـر.اته بكذبه، أنا شوفت شكله يوم الفرح وصعب أقدر انساه ودي حاجه غير عاديه ليا، أنا بنسى بسهوله بس صاحبك عيونه كانت بتحكي حبه وانا شوفتها غفله؟! يمكن شيطانه يصورله إن مـ.ـو.تها هو الحل بس إنه يقــ,تــلها حتى لو بالغلط لا!! معاك إنه متهور بس بيحط حبه لمـ.ـر.اته قبل كل حاجه!! في نقطه ضايعه إزاي أنتَ بتقول كان موجود معاك وازاي اثبتوا إنه كان في مسرح الجريمه!! وأنتَ بتقول إنه كان نايم وصحيت لقيته نايم!!!

هدأ قلبه قليلاً من ناحية تلك الشكوك التي تساوره ولكنه تم إشعاله بنجاحٍ بسبب حديثها ولو بتوضيح عن رجلٍ غيره فهتف بغيرة:
_ وأنتِ لحقتي عرفتي كل دا عن راكــان بعد مرتين شوفتيه فيهم؟!

ابتسمت بـخجل وتفهم وغمغمت:
_ قولتلك حاجه مش من عادتي إني افتكر حد بالطريقة دي بس سميها صدفه عابره جت عشان تأكدلك إن صاحبك مقــ,تــلش... مجرد شعور بس

صمتت قليلاً ثم همست بـخجلٍ:
_ ومفيش داعي للغيره دي

ابتسم هو الآخر لخجلها البادي من صوتها العـ.ـذ.ب وتمتم بـحب:
_ لو مفيش غيره مفيش حب يا حلو

نهض مغادرًا ولكنه توقف عند الباب وهتف بـعشق:
_تصبحي على خير يا هبه

ابتسمت بـخفوت عنـ.ـد.ما تلاقت نظراتهم بـعناقٍ دافئ وهمست لذاتها وكأنه يسمعها:
_ وأنتَ بخير يا قلب هبه

********************
هل تلك النهايه؟! هل كُتب عليهم الفُراق بلا بدايه؟! أحقًا فؤادُها الحاني هجره؟! أكانت تستحق ذلك منه؟! أتلك التي وعدها بالحب والوفاء والأمان؟! جميع الاستفهامـ.ـا.ت تُطرح بـعقله بينما جسده يرتجف بردًا من جلوسه على الارضية البـ.ـارده بـآواخر الليل الطويل وسط مجموعة من المجرمين، ضحك بـسخرية على حاله وما وصل إليه من مأساة أطاحت به، الأستاذ الجامعي المنمق ينتهي به الأمر بزنزانة ورائحة حُرمِه تفوح منه!!! خبرٌ سيتصدر مكان عمله غدًا ليصبح حديث اليوم للشامتين، لا بأس لا يهمه الأمر إن كان سيرى لهفتها عليه كما اليوم!! لا بأس أيضاً بـدmـ.ـو.عه وآلالام جسده المُبرحة!! لا بأس بحالة قلبه الهجين!! لا بأس بشوقه الجارف لها....
عاد بهِ عقله لـبداية اليوم...

#فلاش_بالك

أفاق من نومه بـصعوبة على صوت رسالة وارده لـهاتف «ثائر» فـتناوله بـحرص حتى يخفض صوته ولكن كانت الصدmة من نصيبه حينما لمح محتوى الرسالة والتي نصت على ..
( عاوزنا نصفي اللي بينا تعالي عمارة **** لواحدك ووقتها هثبتلك حمزه ابنك ولالا)

لم يعطي لـعقله فرصة للتهاون بل نهض مسرعًا وسار على اطراف أصابعه حتى لا يوقظ «ثائـر» وخرج غافلاً عن سهولة الفخ الذي نُصب له!! لم ينتبه لـكيف وصل رقم صديقه لتلك المرأة ولما بعثت برسالتها له هو!! كل ما جال بعقله أنها ستثبت له وهو موقن من براءته من هذا الذنب، بعد مدة وصل المكان المنشود وصعد البناية نافضًا قلقه مع أدراج الرياح العاتية سامحًا لشيطانه بالتدخل والتحكم، طرق بـهدوء على الباب وانتظر عدة دقائق حتى تلقى الرد...

لم يكترث بها وإنما دفعها بـقوة للداخل غالقًا الباب بـقدmيه وهتف بـحزم:
_ قولتي إن عندك إثبات... حابب أعرفه... وحالا

جلست «ميار» بـكـبـــــريـاء أمامه وعيناه ترمقه بـنظرات ساخطة وتمتمت بـصدق:
_ من غير لف ودروان كتير... حمزه ابنك وعنده 9 سنين وتلت شهور وأظن كدا واضح هو جه إزاي

ضحك «راكــان» بتهكم واقترب منها هامسًا بفحيحٍ كأفعى مُمـ.ـيـ.ـته:
_ وبس صح؟! كدا أصدق؟! ولو نفترض إني صدقت ليه طالما كنتي حامل هـ.ـر.بتي؟! ولو بردو عندك أسباب تهربي عشانها رجعتي ليه؟!

اقتربت منه بـثقة وحقد وهمست بـنبرة لـعوب:
_ تصدق أو لا حاجه ترجعلك أما بالنسبه فمشيت ليه ببساطه لأنك مكنتش معترف إنك متجوز وأما إني رجعت فـأنا رجعت عشان أدmر حياتك!

هز «راكــان» رأسه وانتصب واقفًا على مقربة منها وعض شفتيه بـبديهة لـغـــضــــبه وتمتم بـتماسك:
_ حلو كدا اللعب يبقى نضيف طالما كل الورق مكشوف!

انفرج ثِغرها عن بسمة ماكرة وهزت رأسها بتأكيد منافيًا للحقيقة وغمغمت:
_ يمكن اه.... ويمكن لا

ضم «راكــان» شفتيه معا ولوح بـسبابته أمام وجهها هاتفًا بـضحكة مكتومة:
_ عندك حق.... بس أنا بحب ألعب على نضافه... بيبقى اللعب فيه جو حماس كدا... زي كدا

بلمحة كان قابضًا على خصلاتها جاذبًا إياها بـعنف وعيناه ترمقها باشمئزازٍ جلي وهسهس من بين أسنانه:
_ مش أنا اللي تلعبي عليه وتفكري إنك كدا بتلوي دراعي، أنا لو حطيتك في دmاغي هخليكي تتمني المـ.ـو.ت، حطيها في بالك مش راكــان البدري اللي يتلعب عليه يا بـ.ـنت الشربيني

نفض يده عنها باشمئزاز واقترب من عُلبه المناديل الموضوعة على المنضدة وتناول أحدهم ماسحًا يديه وكأنها لعنة اشتبكت له وغادر لبيت «ثائـر»



عاد من زكرياته على صوت أذان الفجر تزامنًا مع انقباضة قوية بـقلبه جعلت عيناه تفيض دmعًا فرفع رأسه للنافذة الصغيرة العالية وهمس بـرجاء:
_ يــارب

****************

بـمنتصف اليوم التالي قبيل الظهيرة جلست «ورده» بـقلق جوار « براء» تراقبه منذ بداية الجلسه، بداخلها تستعد لكل شيء، قرأت الكثير والكثير عن ذلك المرض الخبيث الذي احتل جسد زوجها سارقًا شبابه وسعادته، يداخلها قلقٍ خفي من القادm، تشعر بهجومٍ كاسح من العقـ.ـا.بات ستحتل طريقهم، تنهدت بـحب بعدmا شعرت بكفه يلاطف يديها وهمست بـحنان:
_ محتاج حاجه يا قلبي؟ أو في حاجه و.جـ.ـعاك!!

ابتسم «براء» بـعشق وتمتمت برجاء:
_ محتاجك جنبي يا ورده

تلاقت جفونها ببسمة حزينة لم تصل إليه وضغطت بـقوة أكبر على يده وأردفت بتأكيد:
_ أنا جنبك ومعاك وديما هكون معاك يا روح وكيان ورده

أبصرته يضم كفها لـقلبه لتشعر بـدقات خافقه الهائج فأشاحت بوجهها عنه في ضعف ألتمسه هو فـهتف:
_ عاوزك متخافيش مهما حصل، كل مره هتحسي بخــــوف افتكري إن معاكي بروحي وبراقبك... عاوزك قويه عشاني

ترقرقت الدmـ.ـو.ع بعينيها ولم تتمالك نفسها فسحبت يديها من براثينه وانحنت طابعة قبلة راجية على جبهته وتساقطت إحدى دmـ.ـو.عها لتلامس وجهها بـحنانٍ وخــــوف ليسكن الهدوء قلبه ويبتسم بـهيام

****************

دلفت بـثقة لـمركز الشرطة بعدmا رأت خروج «ثائر» منذ دقائق عكس مرتها الأولى التي ماثلت المـ.ـو.تى!!، وقفت أمام المكتب تنتظر خروجه وقلبها الخائن رغم ما قاساه ينبض بـقلق على ذلك الرجل، تنفست بـعمق بعدmا أبصرته يخرج ضعيفًا وهزيلاً وكأن ليلة واحده قضت نحبها منه!!! وأنزلت به الآلام الكارثية!!، ودت إلقاء نفسها بأحضانه لتنعم ولو قليلاً بـالراحة التي كانت تشعر بها معه ولكن لن تضعف وتتهاون من الآن، لم تُبرح مكانها وتركت مسافة كبيرة بينهم لتوصل له رسالتها بـبُعد طريقهم وصعوبته وكم ألــمه مظهرها المصطنع الذي ترسمه لتظهر قوتها المفقودة وتخفي أوجاعِها، لم يرغب بالضغط عليها وإنما اكتفى ببسمة باهته وهمس بـضعفٍ وصلها وإن كبرت المسافات وتفرقت الطرق:
_ بحبك

أشاحت بوجهها عنه حتى اطمأنت لـذهابه فاقتربت من محاميه بـلهفة سائلة:
_ حصل إيه ولي هو هنا النهارده تاني؟!

ناظرها الرجل بـتعجب من لهفتها التي تولدت بعد ذهاب «راكــان» وتمتمت بتعجب:
_ أنتِ مين حضرتك

أغمضت عينيها بـنفاذ صبر وهتفت بـحدة:
_ أنا مـ.ـر.اته وعاوزه أعرف وضعه إيه في القضية

هز الرحل رأسه بتفهم وتحدث مُعرفًا نفسه:
_ أنا سمير محامي الدكتور راكــان

هل تقضم رأسه عنوة وتفصله عن جسده؟!أم تجلس عليه حتى تنقطع أنفاسه وبهذا تستفيد من زيادة وزنها لمرة بـحياتها!! بينما هي تتقلب على نيرانٍ ملتهبة هو يعرف ذاته بكل برودة وجفاء!!، حسناً حسناً بعض الهدوء والشهيق والزفير هيا يا فتاة... أجل... ابتسمت بـتكلف وتمتمت:
_ أهلاً بحضرتك بس عاوزه اعرف وضع جوزي إيه في القضية وليه بات امبـ.ـارح في السـ.ـجـ.ـن

نظر «سمير» بـساعته وعاد بـنظره لها متحدثًا:
_ اتفضلي حضرتك نقعد في أي مكان بدل الوقفه دي وهعرفك كل حاجه

رفعت كفها بالهواء وبـصعوبة ضمته مجدداً جانبها وهزت رأسها بموافقة وتمتمت من بين أسنانها:
_ تمام اتفضل

**********************

جلست « أثـير» تنتظره أن ينهي مكالمته التي استطالت و.جـ.ـعلتها ترغب بالتهامه بـشعيراته البيضاء القليلة ليسد الشره الذي انتابها بـقوة بسبب غـــضــــبها، ضـ.ـر.بت بـقبضتها على المنضدة وهتفت بـجزع:
_ ممكن تركز معايا شوي

أغلق «سمير» الهاتف ووضعه جانبًا وابتسم بـرزانة وتمتم:
_ ممكن حضرتك تهدي عشان تفهمي اللي هقوله

اومأت برأسها بـتأكيد وعقدة ذراعيها أمام صدرها بينما اتسعت بـسمة الرجل فأخفاها سريعًا وهتف بجدية:
_ الدكتور راكــان كل الأدله ضده، في بصمه ليه على جـ.ـسم الضحية وبصمـ.ـا.ت تانيه في أماكن مختلفه من شقتها وفي تسجيل صوتي وهو بيهددها عشان ابنه!! حتى لما الظابط سأله عن سبب ذهابه ليه مأنكرش بالعكس قال إنه فعلاً راح ومحدش كان عارف وراح عشان يعرف حقيقة ابنه!! في التحيرات لقوا في شقة القتيلة تحليل DNAيثبت إنه الولد ابن راكــان فعلاً ودا دافع قوي للجريمه كل الأدلة أثبتت الجريمه عليه.. بعد يومين هيتحول للنيابه بس في نقطه واقعه...

*******************

اتخذ من ركنًا مظلم جلسته متخفيًا من ضعفه ونظراتها البعيده تحاوطه معاتبتة قلبه الخائن، النـ.ـد.م يلتهمه من الداخل، ماذا لو أخبرها وانتهى الأمر؟؟! هل حقاً أُثبتت الجريمة عليه وسيقضي ما تبقى من عمره بالسـ.ـجـ.ـن أو ربما يلقى حتفه قبل ذلك؟! يالسخرية القدر؛ عاجزًا عن ربط الأحداث، شخصيته الحازمة حُجبت بـغـــضــــبه وتركته أحمقًا!! لا تبدو الأمور على شكيتها المفترضة، هناك ثغرة مفقودة بالأمر!!...

كم بدى غـ.ـبـ.ـيًا وحقيراً أمام المحقق وهو يخبره يتواجد أوراقًا تثبت أبويته لذلك الطفل!! هل كانت حاملاً به أثناء هجرها له؟! فاق من شروده على صوت فتح الزنزانة تبعه صوت أحد الرجـ.ـال لطلب رؤيته!!!

جلس منتظرًا ذلك الزائر الغريب الذي أتاه خلسة فمن الصعب على أحد رؤيته هنا!! دفن وجهه بين كفيه بـتعب ولكنه استمع لـصوت خطواتٍ تقترب منه، رفع رأسه فوجد إمرأة منتقبة تقف أمامه ولكنها قوية!! أجل يرى قوتها بعينيها ولكن لما تبدو مألوفة له!!

_ أتمنى تكون اللعبه عجبتك يا دكتور... راكــان

حجظت عيناه صدmة عنـ.ـد.ما رفعت نقابها الأسود ليتبين وجهها الماكر وبسمتها الحاقدة التي أودت بحياتها خلف الجحيم!! نهض بـتعثر ليقترب منها ولكنها أوقفته بإشارة منها وتمتمت بـهمس:
_ ما قولتلك أنتَ متعرفش ميار الشربيني يا ابن البدري..
قطرات المطر تربت بنعومتها مع قسوة شتاء هذا العام، لم يعد هناك من يمحو دmـ.ـو.ع المخذولين والمتألــمين، نسمـ.ـا.ت الهواء تداخلت مع حدة البكاء لتصل موجاتها لعنان السماء، لقد حل الشتاء على العاشقين سرًا …. ووصل صداه لروح المصابون بالوحدة علناً... تخلى الجميع إلا من صوت أنينٍ خافت مازال يتردد بـالروح كـدلالة لبقائها على الخليقة ولم تغادر الجسد، قسوة الاعترافات بـأوقاتها المناسبة لا تضاهي مرارة وحسرة البوح بها بعد فوات الآوان....

إنها الثانية عشر بعد منتصف الليل، لم تغفل عينيها بعد، ارتشفت من قدح قهوتها الساخنة التي تداخل بُخارها مع أنفاسها البـ.ـارده لـيرسموا هالة من الحـ.ـز.ن حولها كـتلك التي أحاطت قلبها منذ أمد، لازالت كلمـ.ـا.ت ذاك المدعو «سمير» تتردد بـعقلها عن استحالة خروج «راكــان» من محبسه، تجرعت ما بقا من قهوتها بـمرارة ونهضت بـخطوات متثاقلة تنوي صنع غيرها حتى يواكب عقلها الأحداث الدائرة حولها ، أغمضت عينيها الجـ.ـا.مدتين لـوهلة فإذا بـصورته تتجـ.ـسم لها بـنظرته الأخيرة عنـ.ـد.ما غادرته متهربة صباح اليوم، رغم ما ارتكبه من فجائع بحقها إلا أنا قلبها يرفض القسوة عليه، أبصرت السماء من نافذة المطبخ الصغيرة وانكشاف السحب بعض الشيء وغياب الأمطار بـبسمة شاحبة وهمست بـضعف:
_ كان لازم تخبي يا راكــان، كان لازم الو.جـ.ـع يجي منك أنتَ؟

ضمت فنجان القهوة لـكفيها وسارت ترمق أركان البيت الذي أهداه إياه جدها بـعيد مولدها الماضي وكم طال رفضها لظنها بأنها لن تحتاج لـوحدتها مجدداً!! هي بئر من السذاجة والحماقة اللانهائية فهذا ما تبقى لها ليأويها الآن ولن تُقدm على المعيشة بـشقتهم المزعومة!! عادت لـغرفتها وتناولت هاتفها تنوي مهاتفة «هبه» للإطمئنان عليها، تلك الفتاة الحنونة ذات القلب الهين والبسمة الناعمة رغم ما يحويه قلبها من نزاعاتٍ هائلة
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡

خرجت «هبه» من المرحاض بعد ساعة قضتها بالإسترخاء سامحة لـجسدها بـالارتخاء بـالمياه الدافئة وتترك لـعقلها مساحة لـيستجمع قراره القادm، لن تتسرع وتنجرف خلف قلبها العاشق لـذلك الرجل مرة أخرى وتحمل الهموم فوق عاتقها مجدداً، انتهت من ارتداء منامة قطنية ثقيلة وغطت رأسها وعنقها بـوشاحٍ مماثل وفتحت بـلكونة الصغيرة التي أصرت عليها بـالنوم لـجانبها، أفسحت لـذراعيها المجال لـيلامِسا السور الحديدي مع ارتفاع صدرها بـنفسٍ عميق...

_ الجو برد وواضح إنك واخده شاور وهتتعبي

أجفلت من صوتها واردت للخلف بـفزع عنـ.ـد.ما أبصرته يـخرج من بـلكونته الملاصقة لـخاصتها وبسمته الهادئة تزين محياه الوسيم، مضت دقيقة من أصوات الرياح العاتية ما لبث أن حمحم بـمرح:
_ أنتِ شوفتي عفريت؟

رفرفت بـأهدابها بـتـ.ـو.تر ورطبت شفتيها وهمست بلا وعي:
_ ارحم والله

اختفت بسمة «ثائـر» وألتقى حاجبيها بـحرج وتمتم:
_ تمام
التفت عائدًا للداخل كـطفلٍ تلقى إهانة من والدته لاقترافه ذنبًا ولكنها قاطعته بعدmا تبينت فاجعة ما تفوهت به....:
_ مش قصدي والله أنا بس اتخضيت لأن الوقت متأخر وأول مره أشوف البلكونه دي وكدا

خلل «ثائـر» أصابعها بـخصلاته بـحرج طفيف وتحدث بـخفوت:
_ كل شقه في العماره ليها بلكونه جنب شقه تانيه

هزت «هبه» رأسها بـتـ.ـو.تر وعضت شفتيها بـحرج من موقفها الضئيل واكتفت بـالصمت...

راقبها «ثائـر» تُغمض عينيها سامحة لـنسمـ.ـا.ت الهواء البـ.ـاردة بـتلامس وجهها وبسمة صافية تبزخ من شفتيها البـ.ـاردتين ولم يتمالك زمام نفسه باختلاس النظرات العاشقة لها، أنثى بما تحمله الكلمة من معانٍ قيمه، ليس وجودها بـهين على القلب، إن مر طيفها ينحني الفؤاد تتيمًا به وإن صدحت ضحكاتها ابتهجت الروح لها، وجودها كـالسلام الدائم المُسكر للـعقل، قاطعه تأمله نظراتها الخجولة والمتعجبة فـحمحم بـخجل ورفع يده الممسكة بـكوب اللبن الدافئ وتمتم:
_ تشربي؟

ضيقت عينيها بـتوجس و.جـ.ـعدت ملامحه بـطفولية وهتفت نافية:
_ لا لا لبن لا لا

اهتز جسده من قوة ضحكاته على هيئتها الطفولية وما لبث أن تمتم متسائلا:
_ مبتحبيش اللبن؟

رفعت كتفيها وأخدلتهم مع ثني رقبتها بومطت شفتيها بـطفولية متحدثه:
_ مسمهاش مبحبهوش، ماما كانت ديماً تقولي وأنا صغيره قولي هو مبيحبناش لأنه نعمة ربنا

على ذكر والدتها ابتسمت بـحـ.ـز.ن وشردت ببعض الزكريات المترسخة بـعقلها وتمتمت بـحـ.ـز.ن:
_ كانت بتحب تسرحلي شعري كل يوم عشان هو طويل ولما كنت أقول ليها لازم اتعود إني اعمله لـنفسي كانت ترفض، كل يوم الصبح كانت بتزعقلي بعد محاولات كتير إني أشرب اللبن وأنا بعيط وفي الآخر بابا يقول ليها سيبيها تقولوا خليك دلعها، كانوا بيحبوا بعض جداً رغم صعوبة الحال، كنت بشوفها تأكل بسيط عشان تسيب لـبابا أكل عشان علاجه لأنه كان مريـ.ـض سكر وضغط، كل ليلة كنت بسمعه وهو بيصلي الفجر بيدعي ليها قبل نفسه ويقول يارب ديمها زوجه وأم وحبيبه صالحه لـقلبي واجعلني خير صائنًا لها، كنت صغيره بس كنت فاهمه لأن حبهم كان نقي زياده، أمي كانت أفضل أم في العالم وأبويا كان أحن أب، ربنا يرحمهم

راقبها تزيل دmـ.ـو.عها الحزينة وتضم جسدها لـتحتمي من البرد، تمنى لعله ذلك الوشاح الملامس لها عوضًا عنه، جسده يلح عليه بـالذهاب وأحتضانها لتعلم بأنه لـجانبها، قلبه يضطرب ألــماً عليها، هو أيضاً يشتاق لـوالده بـشـ.ـدة ولكن ليس بيدهم سوى الدعاء، حمحم متفهما:
_ هم في مكان أحسن دلوقت، ادعي ليهم

ابتسمت بـأمل لـيومٍ تلاقهم على خير ورمقته بـنظرة ممتنة لـإستماعه لها تفهمها هو وبادلها بإماءة وبسمة حانية ثم تمتم بـمزاح:
_ هو كل البنات لما بتعيط بتحلو ولا أنتِ وضع خاص ولا أنا اللي اتجننت؟

ضحكت بـشـ.ـدة عليه وأخفضت رأسها بـخجل وما لبثت أن تذكرت ما تنويه فـرفعت رأسها بـتـ.ـو.تر وتمتمت:
_ في حاجه لازم نتكلم فيها

رفع أحد حاجبيه بـتوجس ورفع سبابته بـوجهها وتمتم:
_ أنا قلبي بيقلق من النظره دي... مش متفائل خالص

ابتلعت ريقها بـصعوبة وابتسمت بـغـ.ـيظ وتمتم:
_ ليه إنشاء الله... تقصد تقول إني نكد؟

لوح بـكفيه بـنفي وهز رأسه هاتفًا:
_ وأنا أقدر أقول كدا محصلش طبعاً

تنفست بـقلق ووضعت يديها تهدأ من اضطراب قلبها وأردفت بـقوة:
_ أنا محتاجه ارجع بيتي

هز «ثائـر» رأسها بـتفهم وغمغم:
_ وأنا تحت أمرك هوصلك واستنى أجيبك

حمحمت بـخجل وهمست:
_ لا أنا هرجع بيتي علطول يا ثائر!

اعتدل بـوقفته واقترب من بـلكونتها أكثر ودنى منها مصححًا:
_ ما هو دا بيتك يا هبه!

هزت «هبه» رأسها نافية وتعلثمت حروفها وغمغمت:
_ أنا عارفه إن القرار صعب بس أنا محتاجه أبعد فتره، محتاجه هدنه من كل حاجه، على الأقل لحد ما فترة عدتي تخلص، ثائـر اللي إحنا بـنعمله غلط ومش واخدين بالنا

قاطعها بـغـــضــــب وحدة:
_ إيه الغلط؟ أنا قربت منك؟ أنا عملتلك حاجه ضرتك؟

نهرته بـنظرة معاتبة ومسحت على وجهها بـقلق مكملة:
_ كلامنا دا غلط... وجودي قصاد شقتك غلط... لمستك لإيدي غلط... نظراتك ليا غلط... كل اللي بنعمله غلط ومفيش شفيع ولا عذر ليه، أنا مش بلومك لواحدك أنا كمان غلط لما انساقت ورا مشاعري، أنا كان لازم أعاتبك على الأقل لما خبيت عني إن فاضل طلقني واستغليت دا لـصالحك بس عشان مشاعري ليك اتغاضيت عن كدا مع إن دا حقي والقرار بإني أفضل كان قراري مش قرارك

تلاقت نظراتهم بـلحظة مطولة نهرها «ثائـر» هاتفًا بـتـ.ـو.تر خفي وقوة:
_ تقصدي إيه بكل كلامك دا؟

نظرت بـعيناه بـقوة وترجي وتمتمت بـأمل:
_ نبعد فترة، مدة عدتي تخلص وبعدها كل شيء يبقى واضح مش هقدر أكمل في الغلط دا يا ثائـر صدقني، متعودتش أعرف أخطائي ومصححهاش، أنا خايفه من ربنا، أنا مش ملاك وكلي ذنوب بس لما أقدر أقطع الذنب دا مش هتأخر، أنا بحبك ودا شيء مفيش لا مسافه ولا ظروف هتغيره ولا تقلله، فاهمني!

ابتسم بسمة لم تصل لـعيناه وهز رأسه متحدثًا:
_ كدا هتكوني مطمنه أكتر؟ هتبقي مرتاحه؟

اخدلت ملامحها المتـ.ـو.ترة وهزت كتفيها بلا حيلة وأردفت بتأكيد:
_ هبقى مطمنه لما نكون سوى في حلال ربنا، هبقى مرتاحه وأنا بضحك ومش خايفه إن دا غلط، إحنا لا عيال ولا مراهقين إحنا كبـ.ـار كفاية عشان نفهم ونمنع نفسنا إنها تمشي ورا شيطان بكام لحظه وكلمه تريح القلب، صدقني دا أفضل لينا

انفرج ثغره عن بسمة دافئة عكس برودة الجو وتمتم بـنبرة حانية:
_ طالما دا هيريحك أنا معاكي فيه ودا قرارك وأنا هدعمك المره دي

ابتسمت بـراحة واختلجت السعادة قلبها وهتفت:
_ أنتَ لطيف أووي

رغماً عنه ابتسم لـنبرة السعادة بـصوتها ولمعت عيناه بـبريقٍ من السرور وحمحم مردفًا:
_ مش بـلطف قلبك يا سكر

ألجمها غزله البسيط بـنبرة صوته ونظرته الهائمة مما جعلها تُشيح بـوجهها عنه وتهتف بـحدة وحزم:
_ثائـر إحنا قولنا إيه!!!!؟

ضحك بـملئ فاهه على حدتها المزيفة وتهربها منه وراقبه ترتجف من البرد فـهتف بـحزم:
_ ادخلي من البرد.. الفجر قرب يأذن أصلاً

أومأت بـرأسها بـتفهم وناظرته بـسعادة لـتفهمه وهمست بـخجل:
_ تصبح على خير

استمع لـصوت إغلاق النافذة بـقلبٍ يتداخله القلق حول قرارها، لقد اعتاد رؤيتها كل صباح حتى وإن لم تراه، أعتاد بسمتها التي رغم كونها مخفية إلا أنه يراها بـقلبه الولهان بها، أعتاد طيفها المُحاط بـروحه العاشقة لها، كيف سـيعتاد على عدm تواجدها؟ هل سـيتحمل ابتعادها لأكثر من شهرٍ ونصف حتى تنتهي عدتها وحينها يُسمح له بالتقدm والزواج منها؟ لن يردعها عن قرارها الحتمي والذي تبين أثره عليها ولكنه لن يتحمل! لن يتحمل غيابها هكذا بعيداً عنه!! ألقى نظرة أخيرة على شرفتها قبلما يغلق نافذته ولكنه توقف ما إن استمع لـصوت آذان الفجر، ابتسم بـلا إرادة منه لـصدى الآيات التي تُلقى بـقلبه وتبعث السَكِينة والسلام بـروحه وتمتم وعينتيه تلمعان بـأمل:
_ يارب قدm الخير وريح قلبي

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
فرغت من صلاتها على بسمته الحانية التي يبعثها له من حينٍ لآخر منذ انتهاء جلسته، الأمل يُبسط بـفؤادها بـإسرافٍ مع بداية اليوم، لديها يقينٍ بـقدرته ربها أنه سـيصبح بخير ويتشاركا السعادة الأبدية يومًا بعد يوم، جمعت سجادتها ووضعتها بـرفق على المقعد واقتربت جالسة جانبه متناولة كفه لـيُصبح على مقربة من فمها ولثمته بـقبلة عميقة وتمتمت:
_ تقدر تصلي؟

لكزها بـحدة طفيفة بـجانبها وغمغم بـمرح:
_ أنا موقعتش للدرجادي يبت أنتِ أنا لسه بخيري مش شوية تعب اللي يهدوني

انحنت طابعة قبلة عاشقة فوق جبهته وضمت رأسه لـصدرها بـحب وغمغمت بـلهفة:
_ متقولش كدا... أنا عاوزاك بخير ديماً

رفع «براء» رأسها من صدرها وضيق عينيه بـخيبة أمل وتمتم:
_ هي مينفعش شفايفك كانت تنزل عشره سنتى لتحت؟ بتبوسي أختك أنتِ؟

لثوانٍ لم يصل لها مخزى كلمـ.ـا.ته ولكنه حينما انتهى مالت عليه من شـ.ـدة الضحك حتى أدmعت عينيها وتحدثت بـلا ترابط من بين ضحكاتها:
_ يعني لسه مصليه وبقولك... بقولك قوم صلي وتقولي كدا... الشيطان حاضر هنا رغم كل شئ منه للاااه

مال عليها أكثر بـجسده حتى اعتلاها وعيناه تلتهم تفاصيلها البديعة ومحياها الفاتن وشفتاه تهمس بـكلمـ.ـا.تٍ لم تتبينها ولكنها أتت لتلتقي بـخاصتها بـقبلة خفيفة ورطبة جعلتها تحيط عنقه بـحب وتفصل القبلة هامسة:
_ طالما أنتَ كويس يلا نصلي وأنا هصلي معاك تاني

نهض عنها وما لبث أن جذبها لـصدره بـعناقٍ ساحق كاد يستمع لـصوت تحطيم عظامها له وغابت عيناه بـعاطفة قوية للحظاتٍ ثم ابتعد عنها وسارا لـيغتسل ثم يتوضأ
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
بـمنتصف اليوم وقفت «أثـير» تهنـ.ـد.م ملابسها، وضعت لمساتها الأخيرة لـتكمل طلتها البهية وابتسمت بـبرود لانعكاس صورتها بالمرآه وهمست بـتهكم:
_ مش اللبس والمكياج اللي هيبني قوتك... فوقي

أكان ذلك صوت عقلها أم قلبها المشتاق له؟ أكان ذلك من المفترض عتابًا لها أم سخرية منها؟! أحقاً هي قوية أم تدعي تلك القوة التي تظن أنها لن تمتلكها بـيوم؟ التقطت حقيبتها وهاتفها وتوجهت للخارج، بعد مدة وصلت للبناية التي يقطن بها «ثائـر» تنهدت بـتعب وأخفضت رأسها على المقود ولمعت عينيها بـالدmـ.ـو.ع من شوقها الجارف له ولا حيلة لها بـذلك فـمهما طالت كذبتها أنها تحاول نسيانه يُلقيها قلبها بـجعبة لهفتها واشتياقها له، أزالت دmـ.ـو.عها واستجمعت شتات روحها وصعدت...

طرقت بـخفوت على الباب ودقيقة حتى طل «ثائـر» بـملامحه الهادئة وكأنه كان على علمٍ سابق بأنها ستأتي، دلفت وعينيها تدور بـالمكان لا تريد رؤية والدته حتى وإن كانت خارج الأمر فمن الصعب عليها الصفح لها، جلست بـجانب والدة «ثائـر» التي رحبت بها بـشـ.ـدة وتبعها هو بسؤاله:
_ أنتِ من جواكِ عارفه إن راكــان مستحيل يعمل كدا؟

وضعت كوب الماء الذي كانت ترتشف منه وناظرته بعينين داكنتين وغمغمت بـصدق:
_ وأنتَ عارف إن اللي عمله مستحيل حد يسامحه عليه،أنا جيالك عشان تساعدني

أنصت بـاهتمام لها وتمتم بـتوضيح:
_ خليكي واثقه قبل أي قرار إن راكــان عمره ما حب غيرك وإن ميار دي كانت غلطه دفع وبيدفع تمنها لدلوقت

أشاحت بـوجهها عنه في تردد وغمغمت بـتـ.ـو.تر:
_ أنا عاوزه أطلق

كانت والدة «ثائـر» تتابع الموقف من البداية ولم تنبث ببـ.ـنت شفة واكتفت بالملاحظة ولكن عنـ.ـد.ما تفوهت « أثـير» بـرغبتها بـإنهاء زوجها رمقت «ثائـر» بـنظرة تفهمها واستأذن مغادرًا، اعتدلت بـجلسته لـتصبح بـمواجهتها وجذبت كفيها لـتحتضنهم بـحنانٍ وغمغمت:
_ قوليلي حاسه بـإيه وأنتِ بتقوليها

رفعت « أثـير» عينيها لها ونطق لسانها رغماً عنها بـألــم:
_ حاسه بو.جـ.ـع مش عاوز يقف، حاسه بتعب وخـ.ـنـ.ـقه لأول مره أعيشها، روحي وقلبي رافضين النهاية دي بس أنا مش هقدر أسامحه رغم حبي الكبير ليه، أنا ضعيفه قدام كل الو.جـ.ـع دا وعمري ما كنت أتخيل إنه يخذلني بالشكل دا جوايا شعور بيقولي إنه لو كان اعترف بكل الحاجات دي قبل جوزانا كنت هغفرله وهنسى بس بعد ما عيشني في كدبه واستغلني صعب أنسى واعدى، رصيده في قلبي خلص!!

ابتسمت السيدة «نجاة» بـطيبة وربتت فوق كفيها وهتفت بـصدق:
_ لو كان رصيده في قلبك خلص مكنش زمانك خايفه وأنتِ بتطلبي الطـ.ـلا.ق، مكنتيش هتحسي بالو.جـ.ـع اللي في قلبك دلوقت، كان قلبك هيبقى بـ.ـارد ومرتاح بعكس دلوقت، يا بـ.ـنتي خديها نصيحه من واحده أكبر منك، ساعات بنخاف نواجه الناس اللي بنحبهم بحاجات كتير ممكن تجـ.ـر.حهم لمجرد إننا خايفين نو.جـ.ـعهم، مش كلنا عندنا قوة إننا نصارح ونواجه، أنا عارفه راكــان كويس مشوفتهوش فرحان زي ما شوفته معاكي يوم الفرح، يا بـ.ـنتي ادي لنفسك فرصه واقعدي احسبي خطواتك، أنتِ من جواكي مصدقه إنه برئ بس خايفه من بقية القصه، يا حبيبتي متحكميش عقلك زياده عن اللزوم

اومأت « أثـير» بـرأسها بموافقه واعطتها بسمة شاحبة وخرجت بـهدوء

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
منذ وطأت قدmاه هذا المكان لم تغفل عيناه لـدقيقة واحده، لو يرتمي بـأحضانها ولو لمرة سينعم بـالراحة التي فقدها، لها كل الحق بابتعادها وتهربها منه، ماذا إن كان بـموضعها؟ ماذا إن علم بـعلاقة سابقة لها بعدmا تزوجا؟ لـمجرد تخيله تدفقت دmاؤه بـغزارة لـعقله واسودت ملامحه قسوة مع ارتفاع وتيرة أنفاسه، دmعة خائنة أخذت مجراها لـوجهه نفضها عنه وتذكر نظرات وكلمـ.ـا.ت تلك الأفعى المدعوة بـزوجته الأولى!!!

# فلاش باك

لم تزول صدmته بعدmا استمع لـصوتها البغيض بعد حتى باغتته بـرفع نقابها ليري ملامحها الشامتة بها ونظراتها الكريهة المصوبة له، استجمع قوته وهتف بـتأثر:
_ أقدر أفهم راجعه ليه دلوقت؟ ليه بعد السنين دي كلها؟
أنزلت « ميار» نقابها واستندت بـجسدها على الحائط المقابل له وتمتمت بـحقد:
_ للأسف لأني في يوم حبيتك وافتكرت إنك ممكن تاخد بالك مني حتى!! قدmت نفسي ليك عشان اروح لوالدتك ونتجوز وبكدا أبقى قربت منك وأقدر أخليك تحبني بس فشلت!! فشلت وأنا بشوفك قرفان مني بل ومش شايفني أصلاً!!! قدmت تنازلات كتيييره وكنت مستعده أقدm عشان اسمع منك ولو كلمه واحد!! ولو نظره!! حتى لما مشيت مدورتش عليا ولا حتى طلقتني، لما عرفت إني حامل مشيت مكنتش هسمح لابني يعيش مع أب مش شايف أمه؟! مكنتش هسمح لنفسي أكرر اللي عشته مع ابني وادmره!! تخيل بقا ربنا أراد احمل من غلطه! أول ابن ليا يبقى ابن زنا!! طول السنين معرفتش أنساك رغم الو.جـ.ـع اللي عشته بحبك وأذيتك، تخيل بـ.ـنت تقدm نفسها وشرفها اللي هو كل ما تملك لولد أصغر منها لمجرد إنها نفسها يحبها!!! متخيل كرامتي وصلت لفين؟!!! متخيل و.جـ.ـع قلبي وأنا بستناك كل ليلة على أمل حتى تنام جنبي بس كنت بتهجرني!!! مشيت بابني وكنت هنساك بس قولت ليه مخلهوش يعيش من نفس الكاس اللي شربته؟! ليه ميشوفش ويدوق معنى إن حد يدmر سعادته وأحلامه؟! مسألتش نفسك ليه بعد السنين دي كلها مفكرتش اطلق ولا ارجع؟! عشر سنين وقت طويييل بردو!! لما عرفت إنك بدأت تحب بـ.ـنت قولت فرصتي واستنيت كل حاجه تتم وتعيشلك كام يوم

صمتت قليلاً تستجمع أنفاسها بسبب اندفاعها بـالحديث وغـــضــــبها المخفي بين حروفها، تساقطت دmـ.ـو.عها بلا هوادة منها رغماً عنها عنـ.ـد.ما تذكرت تلك السنوات زما عاشته بهم لأجل حبٍ لم يُقدر لها، اقتربت منه وهمست بـقوة وكره:
_ شوفت فرحتك اللي كانت مفروض تبقى معايااا!!! فرحتها اللي المفروض كانت تبقى فرحتي!!! أنا مش عارفه أكرهها صدقني لأنها أنقى منى ومنك وأنضف ومتستهلش كدا بس غـ.ـصـ.ـب عني!!! تخيل تفضل سنين كل يوم بيعدي رغبة انتقامك بتزيد من أكتر شخص حبيته في الدنيا، تخيل كرهي ليك بيزيد مع كله همسة بابا بسمعها من ابني وأنا عاجزه حتى اقولوا أو أوريه شككلك؟! تخيييل!!! تخيلللل كام سيناريو كان بيجيلي عشان لما يكبر هيتقالوا أنتَ ابن زنا!!!!

صاحت بـغـــضــــب وحده بعدmا تجرعت مرارة ألــمها للمرة التي لم تعد تحصيها ودارت حول نفسها بـتعب:
_ تخيل بقا و.جـ.ـعي!!! بنفس درجة كرهي ليك، لو مفكر انتقامي منك خلص تبقى بتحلم يا راكــان، متتعبش نفسك إزاي عملت كل دا لأن الفلوس بتعمل كل حاجه!! حتى ولو على حساب نفسك!! افتكر إن على قد طيبتي وسذاجتى هتقابله و.جـ.ـع يحطمك مني

راقب خروجها بـعينين دامعتين، أيشفق عليها أم يشفق على ذاته؟! أم على حبيبته التي أصبحت مرهونة لأفعاله الشنيعة؟! لم تكذب فزوجته أنقى منه!! زوجتها الرقيقة لن تتجاوز المزيد من المحن والصعوبات، رغم ما تكنه له من كره إلا أنه رأى صدق قولها بأنها أحببته! أكان حقاً جلمود الفؤاد لتلك الدرجة ولم يراها؟! أكان بتلك البشاعة ابتي تصفها به!!



لم يفهم قولها بأن الأمر كان على حساب نفسها! اختبر و.جـ.ـعها سابقاً عنـ.ـد.ما كان يحب « أثـير» سراً ويخشي عدm مبادلتها إياه! هو ليس حزينًا على تواجده هنا ولكن يحـ.ـز.ن لأجل معشوقته الباكية والضعيفة، تلك الهشة تخشى الليل وإن طال فـكيف تتعايش مع كل ذلك؟! حزين لأجل ابنه!! فلذة كبده الذي تربي بعيداً عنه كيتيمٍ!!! يالقذارة أفعاله
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
عادت «ورده» من الخارج بعد زيارتها لـطبيبه لتسأله عن حالته وكم سعدت بعدmا طمأنها بأنه بخير وإن أرادت إخراجه فلا بأس، دلفت غرفته وتعجبت من خلو فراشه ولكنها استمعت لخرير المياه فعلمت أنه بـالمرحاض، مضت فترة وجيزة انتابها القلق عليه فـنهضت وطرقت الباب وتمتمت:
_ براء مالك... بقالك فترة طويلة محتاج حاجه؟

استمعت لـصوته المتعب من الداخل يطمئنها ولكن على العكس ما زادها إلا خــــوفًا فعاودت الطرق بـقوة وأردفت بـحزم:
_ أنا هدخل

فتحت الباب وما لبثت أن وجدته منحنيًا على الحوض ويتقيأ بقوة وكأن حياته تعتمد على إنها ذلك الأمر، استشعرت الألــم بـصوته وحركات جسده الذي يتلوى وكأنه على جمرٍ، هرولت مسرعة إليه واقتربت مربتة فوق كتفيه بـحنان وتمتمت:
_ خد نفسك اهدي يا حبيبي

نهرها بجسده وكادت أن تسقط وتمتم بـأمر وانفعال:
_ اطلعي برا قولتلك متدخليش

أدmعت عينيها لـنظراته المتألــمة واقتربت ضاممة جسده لـيستند عليها وهمست بـصوتها الدافئ:
_ أنا وأنتَ واحد ومستحيل يكون بينا فرق، بلاش تبعدني عنك

لمعت عيني «براء» بـالدmـ.ـو.ع وارتجفت شفتاه وهمست بـحرقة:
_ صدقيني لازم تخرجي بلاش تشوفيني كدا على الأقل، خليكي برا يا ورده

كانت إجابتها أن فتحت صنبور المياه وغسلت وجهه بكامله ويداه وتناولت الفوطة مجففة إياهم ولم تبادله ولو نظرة واحده ولفت ذراعيه أحدهم حول كتفيها والأخر أمسكت به إلا أنا أوصلته للفراش وتمتمت:
_ ارتاح هجبلك حاجه تأكلها وتاخد المسكن

كادت أن تبتعد عنه ولكنه قبض على معصمها بـوهنٍ وجذبها لتقابل عيناه وحمحم بـتعب موضحاً:
_ متزعلش مني أنا مش عاوزه تتحملي فوق طاقتك عشاني، مش عاوز اكون حمل عليكي وتقرفي مني

علمت مقصده من البداية ولكنها فضلت الصمت، أحاطت وجهه بين كفيها بعدmا جذبتهم منه وهمست بـحب وثقه:
_ عمري ما هفكر حتى إنك حمل عليا، أنت جوزي وحبيبي وكل ما ليا بعد أهلي لو في يوم كنت أنا اللي محتاجاك واثقه إن عمرك ما هتردد إنك تكون سندي، أنا وأنت واحد وهنعدي المحنه دي بكل تعبها وو.جـ.ـعها عشان نحكي لولادنا عنها وإحنا مبسوطين بالإنجاز دا.... دي مش معركتك لواحدك يا براء

طبعت قبلة فوق شفتيه أودعت بها قلقها وخــــوفها وأيضاً ثقتها وحبها له وغمغمت بـلهفة:
_ أنا جعانه يلا عشان ناكل

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
بـنهاية اليوم وصلت أمام شقته وبسمة ماكرة تزين ثغرها، طرقت الباب بـغنج وكـبـــــريـاء وما لبث أن آتاه الرد منه، لم يسمح لها بـالدخول بل لم ينظر لها ولكنها دلفت بـالصغير الخائف وتحدثت بـدلال:
_ كدا بتقابل ضيوفك يا ثائـر بردو؟

ابتسم « ثائـر» بـغموض ونظر للصغير المرتجف وغمغم بـثبات:
_ كنت مستنيكي من بادري يا ميار هانم

نظرت للصغير ودفعته بـخفة لـ «ثائـر» وتمتمت:
_ دا حمزه... حمزه راكــان ابن ابن عمك.
ظُلمة البئر الذي وضعتني به... أقسم لك بـقرب وقوعك به...

رهبة الابتعاد تُخمد بـالتحلي بـالقسوة والجفاء، مصدر القوة ما هو إلا نُطفة من نِقاط الضعف والانهيار....

بـنهاية اليوم وصلت أمام شقته وبسمة ماكرة تزين ثغرها، طرقت الباب بـغنج وكـبـــــريـاء وما لبث أن آتاه الرد منه، لم يسمح لها بـالدخول بل لم ينظر لها ولكنها دلفت بـالصغير الخائف وتحدثت بـدلال:
_ كدا بتقابل ضيوفك يا ثائـر بردو؟

ابتسم « ثائـر» بـغموض ونظر للصغير المرتجف وغمغم بـثبات:
_ كنت مستنيكي من بادري يا ميار هانم

نظرت للصغير ودفعته بـخفة لـ «ثائـر» وتمتمت:
_ دا حمزه... حمزه راكــان ابن ابن عمك..

لم يُعطي لـحديثها أدنى اهتمام وارتمى بـجسده على الأريكة المقابلة لـوقوفها وتمتمت بـبرود:
_ كويس... فيه شبه منه

تلقت حديثه البـ.ـارد بـثقة وجلست على المقعد خلفها واضعة قدmٍ فوق أخرى وغمغمت بـمكر:
_ كنت فكراك أهبل زي ابن عمك بس حقيقي عجبتني

رفع «ثائـر» أحد حاجبيه بـتهكم وتمتم:
_ أظن إنك مش جايه تقولي الكلمتين دول وتاعبه نفسك وأنتِ عارفه إني ممكن أبلغ عنك

عقدة «ميار» ملامحها بـسخرية وهزت رأسها بـنفي مردفة:
_ لو كنت عاوز تبلغ مكنتش هتستني لحد ما أجيلك أو لحد ما صاحبك يبات في الحجز مع المجرمين اللي شبهه

اعتدل «ثائـر» بـجلسته وضم شفتيه بـتأكيد وغمغم بـوضوح:
_ عندك حق بس مش يمكن كنت مستني إنك تيجي بـنفسك لحد هنا؟!

ضحكت «ميار» بـقوة حتى أدmعت عينيها على سذاجته وأردفت بـسخرية:
_ عيبكوا إنكوا متعرفوش إني سبقاكوا بـألف خطوه! وإن عندي بدل اللعبه عشره!

عقد «ثائـر» ذراعيه أمام صدره وناظرها بـقوة مردفًا:
_ طالما كل ألعابك اتكشفت وسـ.ـجـ.ـنتي راكــان في قضية قــ,تــلك المزوره جايه هنا ليه؟!

قست ملامح الأخرى ولمعت عينيها بـوميضٍ من الألــم والحسرة المُغلف بالانتقام وهمست بـغلٍ:
_ عشان عرفت إنك كنت ورا راكــان يوم ما جالي البيت الصبح وهو ميعرفش وإنك بتدور ورايا وجايه أحذرك تبعد عني عشان دا مش في مصلحتك مفيش سبب يخليني أأذيك ولا ضغينه شخصيه بينا

هز «ثائـر» رأسه بـتفهم ولم تختلف ملامحه المقتضبة وحمحم متسائلا:
_ وبكدا انتقامك مجهول السبب من ابن عمي خلص؟!

قاطعته بـنظرة قـ.ـا.تلة جحظت عينيها لها وعلت أنفاسها، أيظن أنها تفعل كل ذلك بلا سبب؟! أيظن أن ليس لها حق بأفعالها؟!، كورت قبضتها بـغـــضــــب وهمست:
_ عندك حق مجهول السبب بس ت عـ.ـر.في السبب إيه؟! أصلك متعرفش معنى إن بـ.ـنت تحب وتبيع شرفها للي بتحبه وهو مش شايفها وحط مليون خط تحت مش شايفها دي، تعرف إحساس القهر؟! أكيد لا، شخص بتحبه يفضل لسنين مش شايفك ولما تبقى قدامه بضريبة حياتك يتجاهلك؟! لالا هو لسه مش شايفك التجاهل دا للي بنحبهم!! تعرف معنى إنك تربي طفل لواحدك في بلد غريبه ممعكش حتى تمن اكل ليوم واحد؟! إنك بتشوف ابنك بيكبر قدامك وكل يوم نفسه يشوف ابوه أو يعرفه وأنت عاجز عن إنك تقولوا الحقيقه؟! هتقولوا إيه؟! أبوك مكنش مهتم بوالدته هيعترف بيك أنتَ وأنتَ ابن زناااااا؟؟ السبب أظن بقا واضح صح؟؟

أومأ لها بـصمت ولم تتحرك عضلة واحدة بـوجهه ولم يتأثر ولكنه غمغم متسائلا:
_ عارفه بيقولوا الطبع بيغلب التطبع ليه؟!... عشان كلنا بنحب! وكلنا وقعنا في مشاكل أكبر وافظع من بعض وكلنا اتخذلنا وقلوبنا اتكـ.ـسرت وعديت فترات شوفنا الذُل فيها!! في مننا خرج بـقوته وحارب عشان يكمل حياته ويبني كام ذكرى جميله ودا اللي قلبه نضيف!! معندهوش كره ولا غِل!! ودا طبعه غلب على الظروف اللي مر بيها وفي أنتِ!!! اللي زيك كرث كل حياته وعشر سنين من عمره هدر عشان يرتب إزاي ينتقم؟! وينتقم بـغير وجه حق!! كان ممكن تواجهي راكــان إنك حامل وبـحقيقة مشاعرك ووقتها هيبقى عندك سبب قوي تمشي عشانه لو لقيتي منه رفض!! كان ممكن تاخدي فتره تجمعي نفسك وترجعي وتواجهي بردو بابنك؟! لكن مش تنتقمي؟! أنتِ شيطانك غلب طبعك وتطبعك وبقيتي مسخ...

بدت له بـ.ـاردة وكأنها جثة لم يهتز لها جفن من حديثه اللاذع أو نقده لها واكتفت بـأخذ أنفاسها المسحوبة وهمست بـألــم وصل له بـجدارة:
_ يمكن عندك حق بس أنتَ مجربتش تبيع نفسك عشان تعيش بـراحه ظاهريه مع ابنك؟!

سرعان ما تلبسها قناع القوة والكـبـــــريـاء ونهضت عازمة المغادرة ولكن صوته المتوجس أوقفها:
_ زيفتي مـ.ـو.تك إزاي؟! ومين اللي اتدفنت مكانك؟!

طرقت بحذائها العالي بـملل من كثرة أسئلته وتحدثت:
_ أسئلتك كتير وأنا مبحبش كدا.... عموماً الفلوس بتعمل كل حاجه، تقدر تزيف تاريخ الوفاه! تبدل جثه! شوية مكياج على جلد مصنوع مش هيضر عشان تكمل محاولة القــ,تــل وتفضل بصمـ.ـا.ت القـ.ـا.تل على الجثه بردو!! الموضوع مش صعب على واحده دارسه القانون وفاهمه بردو؟! ولا أنتَ بحثك عني مقدرتش تعرف إني كنت في كلية حقوق؟!

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡

ضمت السيدة «عفاف» جسدها لـجسد زوجها الغافي بـهدوء ولكنها تعلم أنه مستيقظ وهناك ما يشغل باله، لطالما كانت صغيرتهم الأقرب إليه عنـ.ـد.ما يتعلق الأمر بـالبوح بـأحزانه لـرفضه بـالضعف أمامه! مرت بهم الأعوام بين جيد ولا ولكن عشقهم لم تُقلله الأيام بل العكس لازالت تشعر أنها تلك الشابة المراهقة التي وقعت بحبه منذ زمن! بحثت عن كفه من أسفل الغطاء حتى وصلت له وفارقت أصابعه لـتحل خاصته بين الفراغات وابتسمت بـحنان هامسة:
_ مالك يا نور عيني

فتح « بلال» عينيه وانفرج ثغره عن بسمة هائمة بتلك العجوز المرابطة على فؤاده الشائك وهمس بـحيرة:
_ حاسس إني غلط في حقها لما سبتها تختار وتواجه لواحدها

أدارت وجهه لـتتلاقى نظراتهم وترى صدق حيرته وتشتته وتلك الغصة التي استمعتها بـصوته جعلتها تتألــم ضعفه وتهمس بـتأكيد:
_ بـ.ـنتنا قويه... عدت كتير وهتعدي وهتفضل بـقوتها، أنتَ مغلطش هي اختارت وإحنا هندعمها لآخر نفس فينا! بـ.ـنتي مش ضعيفه يا بلال وهتقدر تكون سند جوزها وعكازه لحد ما يبقى أحسن ويبقى هو ضهرها اللي بتتحمى فيه، بيتك شبهك مش هتسمح لنفسها تضعف!!

حسناً هناك سحابة من الرخاء والسَكِينة أحاطت خافقه جعلته يمدد ذراعه لـيضمها لـصدره بـقوة وتلمع عيناه بـوميض العشق الذي سكنه منذ عقود وتمتم بـعشق:
_ طول عمرك بتقدري تخففي عني يا عفاف ولا مره قلبك ردني خايب.... ربنا يديمك نعمه وزرق ليا

ابتسمت بـخجل لم تتخلى عنه حتى الآن رغم شيبها وهمست بـتساؤل:
_ بس قولي إيه خلاك توافق على براء بالذات

اعتدل « بلال» بـجلسته وأسند ظهره على الفراش وأعطها بسمة رائعة وتحدث بـصدق:
_ حسيته! حسيت حياته واقفه عليها!! أنا شوفت بـ.ـنتي لما جالها هنا وشوفته كان شكله ضايع، شوفت و.جـ.ـع بـ.ـنتي وإزاي كانت بتحبه وهو كان سبب و.جـ.ـعها! بس لما شوفت كـ.ـسرته وسمعت حكايته عذرته، براء بيحبها لا دا بيعشق التراب اللي بتمشي عليه، شوفت ضحكته وهو بيحكي عنها وفرحته لمجرد إني وافقت أسمعه!! حسيت نـ.ـد.مه في صوته ودmـ.ـو.عه اللي كان بيخبيها، لما جالي بعد ما عرف بـمرضه خــــوفت! لو لقدر الله حصله حاجه ورده قلبها مش هيتحمل و.جـ.ـع فراقه بس افتكرت حب بـ.ـنتك ليه... بـ.ـنتي مبسوطه، مطمنه، سعيده ودا كفايه ليا....

همت أن ترد عليها ولكن صوت صغيرتها المرح جعلها تنهض مهرولة لها وتتلقاها بـشوق بين أحضانها وكأنها لم تراها منذ عقود!! ظلت محكمة عليها حتى هتفت « ورده» بـمرح:
_ همـ.ـو.ت تحتك يا عفاف أنا لسه صغيره وعاوزه اتجوز الواد الغلبان دا

أخرجتها والدتها بـغـ.ـيظ من بين أحضانها وسرعان ما شهقت بـحرج من تواجد «براء» المبتسم لهم ولم تتردد للحظة بـدعوته لأحضانها هو الآخر وأدmعت عينيها لـتمسكه القوي بها وأشارت لـفتاتها باالذهاب وتركهم!!

هرولت «ورده» لـوالدها المنتظر رؤيتها بـشوقٍ أخفاه بـقوة وتحدث بـقوة:
_ عامله قلق ليه يا بشكير الكـ.ـلـ.ـب

تجاهلت حديثه وصعدت ملتصقة به بـالفراش وسرعان ما ضمت جسدها له بـلهفة وشوق وهمست بـحب:
_ وحـ.ـشـ.ـتني يا بلال والله.... وحشت بشكير

ضمها والدها بـقوة لـصدره وابتسم بـحنان على صغيرته التي مهما نضجت ستظل تلجأ لأحضانه وتتمسح به كـهرة صغيرة وتحدث بـحيرة:
_ طمنيني عنك وعن جوزك بدأ علاجه ولا لا

ابتسمت بـرزانة تُحسد عليها واضعة رأسها على فخذيه وشردت بـعينيها لـنقطة بعيدة وهمست بـألــم:
_ تعبان... تعبان وبيكابر... مش عاوز يضعف قدامي... كل يوم بيضعف زياده... أنا حاسه بيه وحاسه بـو.جـ.ـعه اللي بيحاول يخبيه عني

ربت والدها بـبسمة هادئة فوق حجابها وتحدث بـحكمة:
_ مفيش حاجه بتهزم قد المرض، بيذل صاحبه، جوزك مهما كان بيحبك ضعفه قدامك بيوجـ.ـعه، مفيش راجـ.ـل في الدنيا بيتحمل ضعفه قدام مـ.ـر.اته ولا حبيبته وإن هي تكون عكازه ومفروض العكس!! الرجـ.ـاله ليهم القوامه والقوه وربنا فضلهم بكدا، صعب جوزك أو أي راجـ.ـل يتقبل إن فجأة بقى ضعيف وبيتألــم بـشئ خارج إرادته! صعب يفهم إنه فجأة ممنوع يخرج! إنه محكوم وضعيف وزوجته هي اللي بتعيله!! خليكي جنبه متيأسيش! متمليش منه! طمنيه! متفارقيش قلبه يا ورده القلوب الصادقة بتـ.ـو.في بـوعودها وقلبك زي الورود البيضة

أغمضت عينيها منصتة لـحديث والدها الذي أثلج قلبها وأخمد نيرانه الناشبة! هي لم تكن لـتتركه يوماً ولكنها تحتاج لـجرعة مُضاعفة من قوتها التي تحتاجها الفترة القادmة مع قُرب جلساته وتمكن المرض منه! وسط دوامة أفكارها أحست بـقبلة رطبة تُوضع جانب ثغرها تعرف فاعلها عن ظهر قلب، ابتسمت وقد تمكن منها النوم وذهب بـسبات عميق....
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡

حزمت « هبه» حقائبها وكذلك شقيقتها رغم حـ.ـز.ن قلبها لـمرافقته إلا أنها تفعل ذلك عن رغبة منها، لن تسمح لشيطانها بالعبث مجدداً، ستعتبرها فترة هدنة بسيطة بينهم لا مجال للقاء أو الحديث المُنفرد، ستعمل على غض بصرها والتحكم بـدقات قلبها المسكين الذي يضطرب لـمجرد عبور طيفه، تنهدت بـضيق ووقع نظرها على «رحمه» الصامته فـباغتتها بسؤالها المتردد:
_ رحمه أنتِ زعلانه إننا هنمشي؟

رفعت الصغيرة نظرها وتحدثت بـحكمة وكأنها عجوزٌ وليست طفلة!!:
_ لازم أزعل... ثائـر كان زي أخ كبير ليا وديما كان بيساعدنا ووقف جنبك وبعد فاضل عننا وكمان تيتا نجاة علطول بتساعدني أذاكر وبتحبني، يمكن أكون زعلانه بس أنتِ علمتيني لما أعرف غلطي أبعد عنه وأحاول اصلح من نفسي ومكررهوش تاني، عشان كدا هنرجع بيتنا صح؟

هزت «هبه» رأسها بـموافقة ولمعت عينيها بـالدmـ.ـو.ع فـكيف تُرزق بـشقيقة كـتلك بـقلبها الكبير وعقلها الواسع وقدرتها الهائلة على فهمها والشعور بها!! ابتسمت وسط دmـ.ـو.عها وفتحت ذراعيها بـحب هاتفة:
_ تعالي...

دعوة صريحة للـصغيرة لـتلقي بـنفسها بين أحضان شقيقتها التي نعمت بـحـ.ـضـ.ـن والدتها لأعوام تتمسح بها لعله تستنشق عبير والدتها المتوفاة!! شـ.ـددت كلتاهما على الأخرى وتساقطت دmـ.ـو.عهم بـصمت قطعه طرق الباب فهمست « هبه»:
_ افتحي الباب على ما ألبس نقابي لو كان ثائـر مدخلهوش

أومأت الصغيرة بـحماس وأسرعت تفتح الباب لـتقع عينيها على « أثـير» المبتسمة وهتفت بـسعادة:
_ طنط أثير... حشـ.ـتـ.ـيني و 

انحنت « أثـير» محتضنة الصغيرة بـحب وجذبتها من كفها للداخل هاتفة بـحنان:
_ وأنتِ يا قلب طنط أثـير... بس نكتفي بـ أثـير بس ماشي!

هزت «رحمه» رأسها بـموافقة وصاحت بصوتٍ وصل لشقيقتها:
_ دي أثـير يا هبه

خرجت «هبه» بـبسمة رائعة واقتربت محتضنة إياها بـقوة وهمست بأذنها بـحنان:
_ عامله إيه دلوقت

ابتسمت « أثـير» بـسخرية وجلست بـقلة حيلة وتبعتها «هبه» وتمتمت بـيأس:
_ عادي... بضحك.. بأكل... بلبس... عايشه اهو

أشفقت « هبه» عليها واقتربت مربتة فوق ذراعها وتمتمت بـصدق:
_ أثـير أنا هنا وقت ما تحتاجيني... في أي وقت هتلاقيني... صدقيني كله هيبقى بخير

تمنت من قلبها لو أن كل شيء سيكون بخير ولكنها موقنة بـعكس ذلك هي ببساطة لن تصلح للمزبد من المحاولات الكاذبه! ابتسمت بـتهكم وغمغمت بـقلة حيلة:
_ أتمنى أكون أنا بخير في يوم...

كادت أن ترد عليها ولكن صوت جلبة من الخارج ابتلعت كلتاهما لعابها بسببه فآخر مرة استمعا لمثل تلك الأصوات كانت الشرطه هنا لتعتقل «راكــان»!! نهضوا جميعاً والخــــوف يدب بـأواصلهم وما إن فتحوا الباب حتى شهقت كلتاهما بـعنف كاد يخدش جوفهم!! كيف لـتلك الماكرة أن تكون على قيد الحياة بينما «راكــان» متهم بـقــ,تــلها!!! لم تقل صدmة إحداهما إلا عنـ.ـد.ما صدح صوت « ثائـر» بـبرود:
_ زي ما قولتي قبل كدا يا ميار هانم.... لا ضغينه شخصيه...

أنهى حديثه بـغمزة ماكرة من عيناه البـ.ـاردتين وهو يراقب نظرات «ميار» الحاقدة وتشنج جسدها بين يدي عناصر الشرطة التي كانت تعتقلها!! رحلت تلك الأفعى من بينهم ولكن نظراتها أخبرته بـالكثير!! أنه مازال خلفها الكثير من المؤامرات!! تنهد وهو يراقب نظرات الفتيات المصدومة بـمنظرهم المُضحك جعل ضحكته تصدح رغماً عنه بـقوة حتى أدmعت عيناه، التفتت الفتيات له بـنظرات غاضبة وغامضة بادلهم هو بأخرى هادئة وتحدث:
_ تعالوا هفهمكوا كل حاجه..

تبعوه بـصمت وعقل « أثـير» يعمل كـطاحونة قاسية والكثير من التساؤلات الغامضة تفتك بها !! تابعت بعينيها نظرات ذلك البـ.ـارد الذي يدور حولهم ببسمته المستفزة ، يكفيها برود للآن... أخرجت شحنة تـ.ـو.ترها وغـــضــــبها بصوتها الحاد هاتفة :
_ ممكن تفهمنا إيه اللي حصل وإزاي وليه؟؟؟؟

جلس «ثائـر» أمامهم واكتسبت ملامحه برودة كالصقيع :
_ اللي حصل إن جوزك كان مغفل!! متستغربيش، مشى ورا رساله من رقم مجهول بعنوان وراح تحت مسمى إنه يعرف الحقيقه ويريح نفسه!! ولحسن الحظ إن نومي خفيف وكنت وراه لحد ما طلع شقة عرفت إنها لميار!! فضلت مراقبه ووصلت البيت قبله ومعرفتوش إني شوفت حاجه وبعدها حصل اللي شوفتوه، دورت الأيام اللي فاتت وراها وعرفت إنها كانت مسافره برا وإنها بتشتغل فتاة ليل

جحظت عيني الفتاتين واكتفوا بالصمت فتابع هو بهدوء :
_ عرفت إنها هتجيلي أول ما تعرف إني عرفت حقيقتها، الموضوع مكنش صعب أي جريمه ليها ثغره زي القضايا، وزي ما هي زورت مـ.ـو.تها بالفلوس وفي جثه تانيه من المشرحه اللي ادفنت مكانها أنا قدرت أعرف كل دا بالفلوس ... مكنتش بروح لركان عشان عارف إنه متراقب زي ماانا متراقب بالظبط، كنت متوقع إنها هتيجي وجهزت لسمير كل الأدله اللي بتثبت إنها عايشه .... وأهمهم إن الشرطه كانت مرقباها لما وصلت هنا ...

لم تختفي صدmتهم ولو قليلاً بل زاد حقدهم على تلك الأفعى، كيف لـفتاة أن تخطط وتكذب وتلفق مثل تلك التهم!! كم كان عقلهم بل وقلبهم طاهراً ليستوعب مثل هذه الأمور!! ولكن ماذا إن رأوا قسوة العالم أجمع!! لم يروا ظلم النفوس وقتامة العقول وفساد الأرواح!!

بقت « أثير» على حالتها صامته وجهها شاحب عينيها تلمعان من كثرة دmـ.ـو.عها التي تأبي السقوط روحها فاصت بها وغادرتها، هي ضعيفة بكل ما للكلمة من معانٍ ونتائج، لا تقدر على تحمل كل هذا النفاق!! ساذجة!! ولكن لما تفعل تلك المرأة هذا بهم!! أدارت وجهها بحمرته الشـ.ـديدة ناحية « ثائـر» وهمست بـغـــضــــب وحقد:
_ وهي ليه بتعمل كل دا؟! ليه رجعت؟! ليه دmرت حياتي؟!!

عجز « ثائر» عن إجابتها هو بالفعل لن يجيبها وإنما اكتفى بـخفض عينيه عنها وتمتم بـتأثر لحالها:
_ إجابة السؤال دا عند راكــان لواحده

ضحكة متهكمة نجمت عنها ما لبثت أن تبعتها دmـ.ـو.عها المتألــمة وهمست بـحرقة:
_ مبقاش فيه راكــان من النهارده... مبقتش عاوزه اشوفوا... معرفش حد في حياتي بالاسم دا...

تركتهم بـصدmتهم وخرجت مسرعة ولم تتوقف دmـ.ـو.عها، بينما وضعت « هبه» رأسها بين كفيها بـتعب وألــم لحال تلك الفتاة التي ببعض الأيام أصبحت صديقتهم لأنها تماثلهم بتشوههم الداخلي!! هي أيضاً عاجزة مثلهم!! لمعت عينيها بـالدmـ.ـو.ع وهمست بنبرة متألــمة متعبه:
_ ليه بيحصل فيها كدا! كل دا عشان حبت؟! كل دا عشان وثقت في راجـ.ـل؟! عشان سلمت قلبها ومكنتش بنفس قذارته واتعاملت بطيبه وصدق! استغلها!! طب وكـ.ـسرتها! بيحبها؟! طب وو.جـ.ـع قلبها اللي مفيش دوا هيقدر يدوايه ولا يهديه؟! وروحها؟!!!

ظلت تهرتل بـكلمـ.ـا.تٍ غير مترابطة وعلى نحيبها بأنينه وتعبه بينما توقفت حروف « ثائر» بـجوفه رافضة الخروج تاركة لها مساحة كافيه من الضعف والانهزام الروحي لعل قلبها يهدأ ويعيد فرض حساباته!! فاق من شروده على صوت نشيجٍ عالٍ يأتي من الداخل! الصوت ليس لوالدته ولا لـ « رحمه» فهي بـجانب شقيقتها!! ضـ.ـر.ب جبهته بـعنف عنـ.ـد.ما تذكر الصغير المُرتعب!! كيف لم ينتبه لـوجوده كل تلك المدة!! نهض باحثًا عنه بـقلق وليته لم يجده!! ليته!! وجده متكورًا على نفسه محتضنًا دفتره الأسود لـصدره ودmـ.ـو.عه تهطل بـغزارة ألــمت قلبه!! اقترب منه وجذبه بـلطف لـصدره ومسح على خصلاته الفحمية التي تشبه والده العاهر وهمس بـهدوء:
_ بتبكي ليه في حاجه تعباك؟! حد زعلك؟!

لم يتلقى إجابة من الصغير فـتنهد بـقلق وحمله للخارج، لم يكن جيداً بـأمور الأطفال، لم يحمل طفلاً قبل ذلك؟! لا يعلم كيف يطمأنهم ولا كيف يمرح معهم!! هو بـالكاد يخرج طاقته مع « رحمه»، راقت نظرات « هبه» المستفسرة وتوقفها عن البكاء عنـ.ـد.ما رأت الصغير بين يديه ببسمة راضية وتمتم بتوضيح :
_ دا حمزه ابن راكــان

لا تعلم لما للحظة انتابها النفور من ذلك الطفل! ولكنها ما لبثت أن عادت لـعقلها، كيف تعـ.ـا.قبه على خطأ ليس بيده؟! تنهدت بـعمق واقتربت من الصغير الباكي وهمست بـحنان:
_ مالك يا روحي...

رفع « حمزه» عينيه لأول مره لهم وكانت كـطـــعـــنة قاسية حُفر آثرها بـقلوبهم وهمس بـأنين مزقهم:
_ أنا مليش غيرها هم لي خدوها مني؟!

جملة كانت كافية بـحرق فؤاد المستمعين له حتى تتساقط دmـ.ـو.عهم بـصمت، نبرته التي حملت الرجاء والألــم واليأس أصابتهم بـمقــ,تــل!! خرجت « هبه» من صمتها بـبسمة مصطنعة وهمست بـمرح:
_ هترجع قريب بس ينفع نبقى أنا وأنتَ نبقى صحاب؟

رأت السعادة جلية بـعيناه والأمل الذي تدفق لـحواسه وسرعان ما ظهر التردد عليه وهتف بـتذبذب:
_ أكيد.... أنا مش عندي صحاب خالص

احتضنته « هبه» بـقوة تحت نظرات « ثائـر» الهائمة بها وبسمته السعيدة التي تزين محياه، رغم ما يجول بـخاطره من أمورٍ شنيعة يشعر بـقدومها إلا أن بسمتها التي لم يراها بسبب نقابها جعلته كـطيرٍ يغرد بين السحاب...

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡

بـاليوم التالي وقف « ثائـر» أمام مركز الشرطه ينتظر خروج «راكــان» بـقلق، لقد أخبره «سمير» ليلة أمس بعد اعتقال « ميار» أنه سينهي الأمر اليوم ولكن لما كل ذلك التأخير!! نظر بـساعته بـضجر ثم رفع نظر لـتتقابل نظراته مع « راكــان» صديقه! وابن عمه! وأنيس دربه الوحيد! بدى كـعجوزٍ بـشيخوختها بـملابسه المتسخة ووجهه الممتعض وعيناه الذابلتين بـهالاتها السوداء! مع نمو لحيته لـيبدو كأحد زعماء المافيا بل وأسوأهم على الإطـ.ـلا.ق!! وكأنه خرج للتو من قتالٍ دام لـسنوات!! اقترب منه بـلهفة وجذبه بـعناقٍ ساحق، ابتعد عنه لـثلاثة أيامٍ ربما!! تباً هو لن يتحمل بعده ولو ليومٍ واحد!! لم يتحرك جوف « راكــان» بـهمسة واحدة منذ خروجه حتى وصولهم للبيت وبقى على هيئته شارد الفكر، وصل أمام منزله وصعد بـتردد من القادm!! لم ينتبه لـتلك الواقفة تتابعه بـعينين دامعتين وقلبٍ فُطر من الألــم والحُطام، حمدت ربها على غشاوة الدmـ.ـو.ع التي عبأت عينيها و.جـ.ـعلتها عاجزة عن رؤيته، لقد أتت صباحا بعدmا أخبرها « ثائـر» بأنه سيخرج اليوم، لا تعلم لما أتت ولكنها عليها إنها كل شيئًا اليوم!!! استجمعت قوتها وجلست بـجانب كلاً من والدة «ثائـر» وحمـ.ـا.تها راسمة بسمة مزيفة على ثغرها مُحيت عنـ.ـد.ما رأته بـهيئته المذرية أمامها، علت أنفاسها ورغم سرعتها إلا أنا عجزت عن مواكبة قوة خافقها، أغمضت عينيها بـتعب لتتهرب من نظراته المشتاقة لها حد النخاع!! فرت دmعة وحيدة من مقلتيها الغائمتين بـالحـ.ـز.ن وهي تراه مُقبلاً عليها، تنهدت بـعمق وأزالت دmـ.ـو.عها وهتفت بـقوة عنـ.ـد.ما شارف عليها:
_ بما إن الكل هنا ومفيش حاجه مستخبيه....

كورت قبضتها بـقوة حتى استشعرت بـسائلٍ ساخن بين أصابعها ولم تأبه للألــم الذي خلفته أظافرها وهتفت بـقوة وكأنها تمتلك العالم بـأسرة وليست أنثى محطمة لأشلاءٍ:
_ أنا وراكـان هنتطلق....

لن يغـــضــــب بل لن يثور هو فقط يريد ضمها الآن! يريد النوم بين ذراعيها حتى تهدأ وتنتظم أنفاسه ويُسلب قوته! هل هذا جزاء شوقه ولهفته لها!؟ هل هذه ضريبة حبه اللانهائي لها؟! أهكذا تقابل عودته؟! لما ينكر هو كان يتوقع! كان يعلم أنها لن تصمد ولن تغفر له!؟...

ابتسم بـهدوء ولم تعبر ملامحه ولا على ذرة واحدة من مشاعره المختلطة وخرج صوته الغائب منذ فترة:
_ موافق يا أثـير هانــم.....
قهر الرجـ.ـال... وما بشاعته وعُمق ألــمه... هل الدmـ.ـو.ع للأنثى فقط! ألا يحق لهم البكاء ولو خلسة! أليسوا بشرًا وداخل صدورهم عضلة بحجم قبضة اليد تدخر الألــم! هم الأقوى والأقوم... وكذلك الأبشع والأكثر ألــماً عنـ.ـد.ما يتطلب الأمر...

ترك جسده أسفل المياه الدافئة مُغمضًا عيناه بـقوة وكأنه يهرب من هواجسه التي تقــ,تــله، لم تنقبض عضلة واحدة من جسده فقط استعمل الأرتخاء وقلة الحيلة وتقبل الأمر، حديثها، صوتها، ملامحها، عينيها وما أدراك ما عينيها، هل تلك الحدقتين تمعنوا به بـحب ذات يوم!؟ هل نبت حبه بـقلبها ولو للحظة عابرة!؟ من تلك التي كانت نصبت عودها أمامه بـقوة وكـبـــــريـاء! أتلك زوجته التي أحبها وسار بها على خطوات الثقة والحب؟! أتلك طفلته المدللة التي كان يضع قلبه أسفل قدmيها؟! أهذه الفتاة الغريبة وقعت له؟! كيف؟! وكل شاردة وواردة منها أثبتت أنها نزعته؟! أجل نزعت حبه من قلبها بل ودفنت بقايا الجذور رافضة خروجها للحياة مجدداً! هل أستحق كل ذلك الألــم لخطأ عُقبَ عليه من أمد!؟ نـ.ـد.م! بكى! قُهر! تحسر! وتاب... أغلق المياه وتنفس بـقوة مخرجًا الهواء المؤلم من بين طيات قلبه النازف، لم يكلف نفسه عناء تجفيف جسده بل ارتدى ثيابه وخرج، لم يتوقف عقله اللعين عن جلده وكأنه يستحق ذلك؟! هي من تركته... هي من أرادت الطـ.ـلا.ق ومجرد أن وافقها ابتسمت وكأنها حصلت على طوق نجاتها وخرجت!! لم تضمه! لم تبتسم له لأنه عاد من حبسه بل فقط خرجت! خرجت تاركة قلبه يبكي دmًا وروحه تصرخ من قوة جلدها له وجسده الضعيف يطالب بوجودها!!

رمى بـجسده على الفراش بـإهمال وشردت نظراته بـسقف الغرفة المظلمة من حوله، لم يُحب الظلام بـيوم ولكنه اعتاد عليه لا يعلم كيف، تصنع النوم عنـ.ـد.ما استمع خطوات يعلم صاحبها تقترب منه...

دلف «ثائـر» بـصمت مُشعلاً الإضاءة وجلس على الفراش على مقربة منه يراقب تصنعه للنوم واستسلامه الغير مقبول، بعدmا ذهبت «أثـير» بعد سماعه موافقته ولم تنتظر أي إجابة أخرى منه غادر هو الآخر لـشقته بـخطوات مـ.ـيـ.ـتة وجسدًا آلي، حمحم بـضيق وهتف متسائلاً:
_ ايوا وبعدين هتفضل عامل شبه المطلقه كدا ولا تفوق وتبقى زي الرجـ.ـاله ولا إني أشك!

لم يفتح الآخر عيناه وإنما اهتز رأسه من ضحكته المتهكمة وتمتم بـعبث وكأنه خالٍ من الآلام التي كادت تمزقه!:
_ أنتَ بتقول فيها ما أنا هبقى مطلق فعلاً... يخربيت بوزك الفقر

ابتسم «ثائـر» بـسخرية وانحنى بـجزعه العلوي جاذبًا إياه من قميصه النصف مفتوح وهتف بـتوعد:
_ وحياة أمك وأمي يا ابن عمي لو ما فوقت وصالحت مراتك واتأسفت ليها لكون معرفك إزاي تبقى راجـ.ـل

أنزل «راكــان» يديه عنه بـتعب وناظره بـعينيه المُظلمتين وأردف بـاستسلام:
_ تفتكر مكلمتهاش؟! متأسفتش!؟ مشرحتش!؟ عملت كل دا وعارف إني غلطان بس دا كان ماضي! ماضي اتعـ.ـا.قبت عليه ودفعت تمنه ولسه بدفع تمنه وهي بكل برود عاوزه تنهي!

نهض بـألــم مُبعدًا وجهه عن صديقه وهمس بـصوتٍ مختنق من حبسه لـدmـ.ـو.عه:
_ بكل برود عاوزه تطلق! عاوزه تسيبني على حاجه مليش ذنب فيها! عمري ما كنت ضعيف غير معاها ولا بكيت غير بسببها! عمري ما حبيت غيرها ولا قلبي دق عشان واحده غير ليها!! استنيتها تكون جنبي ولو لمره! كنت عاوزه تفهم إنه مش ذنبي! وحتى لو ذنبي كان ماضي وخبيته عشانها! خبيته عشان متتو.جـ.ـعش!! خبيته عشان عارف إن دا هيحصل!! بس كان جوايا أمل إنها تفهم! تحس بيا!! بس..

انخفضت نبرته وطغى الألــم بـقوة عليها عنـ.ـد.ما تذكر إصرار نبرتها وملامحها الصارخة بـالبعد وهمس بـصوت خافت:
_ كنت عاوزها تحـ.ـضـ.ـني أو تجري عليا وتطمن أو حتى تبتسم! بس قوتها وهي بتطلب الطـ.ـلا.ق أكدتلي إني وقعت منها! إن أثـير اللي حبتها مش موجوده قدامي، كانت قويه! أو بتتصنع كدا في كلا الحالتين مبقتش عوزاني!!

نبرته ألــمت المستمع له حتى عنـ.ـد.ما تهرب منه حتى يسمع لدmـ.ـو.عه رآها بـقلبه، شعر بها وكأن سخونتها تحرقه هو!! نهض بـابتسامة زائفة وهتف مربتًا على كتفيه:
_ أنتَ أدرى بـيها عننا كلنا، أنتَ أكتر واحد عارفها وعارف إزاي ممكن تتصرف بعد اللي حصل، أي واحده مكانها كانت هتعمل كدا، لما تلاقي مرات جوزها الأولى راجعه بعد عشر سنين ومعاها ابنها اللي هو نفسه ميعرفوش!

التف «راكــان» بـغـــضــــب وتشنجت عظامه حتى وصل صدى احتكاكها لـ «ثائـر» وهتف بـغـــضــــب وألــم:
_ أنتَ بنفسك بتقول معرفش!! معرفش إنها كانت حامل!! مكنتش أعرف إنها بتحبني ولا كنت مستني منها أصلاً! بس كنت مستني مراتي وحبيبتي تكون جنبي وبعدها تغـــضــــب عليا براحتها!!

هز «ثائـر» رأسه بـموافقة يعلم صدق حديثه ولكن من خلال تلك الأيام التي التقى بـ «أثـير» علم كم هي أنثى ضعيفة بل لو وُجِدَ معنى أقل من الضعف لكانت هي! تلك الفتاة فَقيدة للثقه بذاتها وهنا تكمن المعضله! تنهد جاذبًا الآخر للفراش وجلس مقابلته وتمتم بـضيق:
_ هكلمك من خلال تجربتي... كلنا عندنا قلوب وكلنا بشر وكلنا بنحب بس مش كلنا بـ.ـنتو.جـ.ـع زي بعض! مش كلنا نقدر نتحمل! مش كلنا بنثق في نفسنا! تخيل لوأنا حطيت إيدي في مايه دافيه زيك ما تحطها على جمر!! كل واحد مننا بيتقبل المشاكل والخذلان حسب قوته وفي مننا معندوش ثقه خالص! لما بيزيد الألــم بنصبر للأسف ونتحمل بس ممكن تيجي قَشه!! عارفها هي دي اللي تكـ.ـسر جبل الو.جـ.ـع دا ووقتها بنبقى معمين ومش قادرين نفرق بين الصح من الغلط! مش كلنا زي بعض يا ابن عمي ولا كلنا أقوياء كفايه....

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
بعد ساعاتٍ متواصلة من القيادة الشاردة ودmـ.ـو.عها التي لم تتوقف وجدت نفسها بـمنطقة نائية، لا تعلم ما الوقت ولا أين موقعها ولا لما هي هنا!! هي فقط تعلم أنها تتألــم! بل ما يجيش بـصدرها أعمق من الألــم، تريده أن يتوقف، قلبها يتألــم وكأن الدmاء سُحبت منه! تتألــم لـنظرة الاستسلام وخيبة الألــم التي رأتها تندلع من عيناه الذابلتين، تتألــم ضعف ألــمه ولا تعرف كيف تفوهت بتلك الكلمـ.ـا.ت هي كانت تخشى قولها بينها وبين نفسها ولكن وجدت لسانها ينطق بها!! ولكن لما؟! لما وافقها؟! لما سار على خُطى ضعفها؟! هل حقاً سيتركها؟! مهلاً ألــم تريدي ذلك؟! لما التناقض والخــــوف الآن لما الألــم من الأساس؟! هو من كذب... من خدع... من استغل... من جعلك تبكين!! هو فقط المُلام الوحيد على و.جـ.ـعهم الروحي! شعرت بـأنفاسها تنسحب بـبطء وحاولت بـكل قوتها إدخال الهواء لرئتيها ولكنه مفقود! شعرت غياب الهواء من حولها وكأنه يلومها وكأنها هي سبب ألــمها؟! اللعنة على مرضها اللعين، مريـ.ـضة ربو من صغرها ولكن هذا توقف من زمن! لما عاد الآن؟! سحبت حقيبتها بـصعوبة وفتحتها بـهمجية حتى قبضت أصابعها على بخاخة الربو التي لا تفارقها ووضعتها بـفمها ضاغطة بـعنف عليها كأنها ملاذ حياتها الوحيد، بعد مدة هدأت أنفاسها وأغمضت عينيها لـتنزل دmعة باقية تحرق خديها كأنها جمر، دون إرادة منها وجدت يديها تقبض على هاتفها بـتعب وبسمة متعبة تعلو ثغرها، ضغطت أصابعها بـضعف تجري اتصالاً ومضت ثوانٍ حتى أتاها صوته!! صوته المُتعب مثلها! صوته الذي اخترق روحها وكأنه سهمًا طليق، ضغطت على شفتيها بـمرارة وهمست بـو.جـ.ـع:
_ محتاجاك...

كلمة وحيدة من عدة أحرف قالتها ثم استمعت لـصوت أنفاسه تعلو بـقلق جعلها تبتسم بـوهن وهي تتلقى أسئلته عن مكانها الذي لا تعرفه ولكنه أخبرها أن تظل معه على اتصال حتى يتبع موقعها..

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
جلست «ورده» تعبث بـطعامها بـتـ.ـو.تر والجميع يختلس النظر لها!! ناظرها «براء» بـعينين متعجبتين أتلك زوجته الوقحه؟! من حُمرة خديها علم أنها تشعر بالخجل ولكن لما؟! والأهم أتلك تخجل؟! لقد لقنته الانحراف كجرعة يومية!! جذب الملعقة من يديها وهز رأسه بتساؤل لها بينما هي ابتسمت بـقلق وعقدت ذراعيها ناظرة لـوالدها وتمتمت:
_ بابا كنت محتاجة أخد رأيك في حاجه

ترك والدها طعامه وأبصرها بـقلق فعنـ.ـد.ما تناديه بـ بابا يعلم بـقدوم مصـ يـ بـةلا محالة من ذلك الجذر البرئ! شبك يديه أمامه على الطاولة وتمتم بـاهتمام:
_ خير يا وش المصايب مش مطمن للنظره دي

ابتلعت ريقها بـخــــوف لا تعلم كيف ستقول ذلك ولكن عليها فلا مجال للتراجع الآن، نظرت لـ زوجها القلق وأعادت نظرها لـوالدها وهتفت بـقوة وخجل:
_ أنا وبراء عاوزين الفرح يكون بعد شهر

جحدها «براء» بـنظرة غاضبة وحادة جعلتها تدرك فداحة فعلتها ولكن ما تفوه به جعلها تكاد تصاب بـأزمة قلبية عنـ.ـد.ما هتف بـإصرار:
_ بعد اسبوعين يا عمي هي بتحب تهزر

أحقاً هذا ما قاله! ظنت أنه سيغـــضــــب لأنها من تحدثت وليس هو ولكن ذلك الخبيث الوسيم تفوق عليها! أشاحت بنظرها عنه ونظرت لوالدها بـوجه الجرو اللطيف خاصتها وأسبلت بـعينيها له ولكنه قاطعها بـتقزز مصطنع:
_ والله لو عملتي وش بومه حتى أنتِ هتفضلي بشكير

حسنا يبدو أنها ستكون أضحوكة الغداء الخاصه بهم وخاصة ووالدتها وزوجها انفجرا بـضحكاتهم عليها! جعدت ملامحها بـتقزز لهم وهتفت بـضيق:
_ أي يا حاج راعي إننا بنحدد فرحي وكبرت على الكلام دا واللي جنبي دا زوجي وقرة عيني وكدا

رمقها والدها بـنظرة ساخطة وقلب عينيه بـملل زائف منها وتمتم بـبسمة:
_ الله يكون في عونه دا أنا هدعيله فجر وعشا وفي كل صلاه

ضـ.ـر.بت الطاولة بـغـــضــــب مصطنع ونظرت لـزوجها ووالدتها الهالكين وسط ضحكاتهم وتمتمت:
_ عجبك كدا خليت برادة الحديد تضحك عليا!!

حمحم «براء» ولم تخلو نبرته من الضحك وتمتم:
_ براده ارحم من بشكير والله أو وش البومه.. يا بومه

نهضت بـحدة زائفة ورمقت الجميع بـنظرات غاضبة وحادة بادلوها بـأخرى إما ساخرة أو ضاحكة والأهم والدها! نظرات ماكرة! مسحت وجهها بـغـــضــــب ورفعت سبابتها لهم وتمتمت بـتوعد:
_ سأخبر الله بكل شيء... منكوا لللااااه

غادرت لـغرفتها وسط أصوات ضحكات الجميع على غـــضــــبها وحركتها المتعثرة حتى كادت تصطدm بـباب الغرفة وتقع ولكنها تفادتها وناظرتهم بـسخط وأغلقت الباب بـعنف حتى كاد ينخلع!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡

غادر «ثائـر» بعد حديثه معه بينما بقى هو يسترجعه، كلمـ.ـا.ته كانت دواءً لـروحه الخامدة، حقاً هو أكثر العالمين بـحالتها ومدى ضعفها وتشبثها به، لن يلومها مطلقاً، لن يعاتبها ولن يقسو عليها والأهم لن يجعلها تتوقف عن حبه لذلك السبب! أخرجه من شروده صوت هاتفه المُنبعث من جيب بنطاله المُتسخ الذي حفظه بـحافظة بلاستيكية حتى تبقى تلك الأيام عالقة بـذهنه، أخرجه وما إن أنار بـصورتها واسمها حتى انتفض جسده وأجاب بـتعب وشوق، لم يعلم ما أصابه عنـ.ـد.ما نطقت بـحروفها الضعيفة، شعر بـو.جـ.ـعها بـتلك اللحظة مما جعله ينهض نافضًا أوجاعه وقلة نومه واتبع موقعها، وصل لـمنطقة فارغة من البشر إلا منها! وجدها جالسة على الرمال ونظراتها زائغة بـمكانٍ بعيدًا كل البعد عنهم، لم يهتم لما دار بينهم صباحاً ولا لحـ.ـز.نه منها وعليها ولا لألــمه فقط صوتها وألــمها هما ما أتو به لهنا!! اقترب منها بـصمت حتى جلس جانبها وشعر بها تميل بـرأسها على كتفيه وتهمس بـصوتٍ مزقه :
_ مهما بعدت بلاقيني بهربلك، اعتبره مرض أو جنون بس أنا تعبت.. تعبت محاولات مع كل حاجه....طول عمري وحيده وبعيده الكل وبتقبل انتقادهم ونظراتهم اللي كانت بتمـ.ـو.تني وبضحك وبسكت... بشوف نظرات السخريه والتنمر في عيونهم قبل كلامهم وببعد وأخاف... اتحملت و.جـ.ـع كتير وقسوة كل اللي حواليا وكنت عايشه... مش سهل أعيش بس حاولت وكل مره كنت بحاول كنت بوقع جزء من روحي وقوتي مع كل محاوله... على قد صعوبة الموضوع وقتها على قد استحالته دلوقت...

شعر بـدmـ.ـو.عها التي بللت قميصه ونبرتها التي انخفضت مع ارتفاع أنفاسها وكأنها تحارب للصمود، حاول مقاطعتها ولكنه عجز أمام اشتداد قبضتها على ذراعه، أدmعت عينيه عنـ.ـد.ما بدأت سردها عنه! عن ما شعرت به...

عضت على شفتيها بـقهر وتذكرت تلك الأيام التي قضتها بـرفقته منذ أن أحبته!! وهمست بـاختناق:
_ أول مره لما لحقتني وقت ما مي و.جـ.ـعتني بكلامها اللي كنت أول مره أخد بالي منك، وسط قهرتي ابتسمت من جوايا، واتصـ.ـد.مت يومها لما لقيت متقدmلي، كانت كدبه ابريل زي ما قولتلك فعلاً بس فجأة الكدبة دي بقت واقع وحقيقه قدرت أعيشها وغـ.ـصـ.ـب عني لقتني حبيتك... يمكن حبيت ثقتك اللي بتزرعها جوايا وقوتك اللي بتمدني بيها، لقتني عشقتك مع الوقت رغم إنه وقت قصير، كل مره كنت بتقرب مني كنت زي الطفله اللي لقت فرحتها بعد سنين عـ.ـذ.اب وآلالام، لما بقيت ملكك لأول مره اطمنت بيقولوا لو حـ.ـضـ.ـنت شخص بتحبه مره مش هتقدر تبعد عنه طول عمرك وهتلاقي نفسك بـتجري ليه تحـ.ـضـ.ـنه وقت تعبك حتى لو هو سبب تعبك دا!!

رفعت رأسها من على كتفه وابتسمت بـخيبة أمل ومررت وجهها على ملامحه بـحب وهمست ودmـ.ـو.عها تتلمس خدها بـدفء يفتقده قلبها:
_ لما شوفت الرساله دي خــــوفت جوايا حاجه قالتلي أنتِ ملكيش حق تفرحي! جوايا خــــوف أكدلي إن فعلاً النهايه قربت رغم بدايتها! لما عرفت بـجوازك حسيت بنار جوا.. جوا في مكان أبعد من قلبي... نار بتحرق روحي... بس لما شوفت صدقك لما حكتلي قولت هسامح! هلومك واخاصمك شوي بس هسامحك لأني شوفت نـ.ـد.مك وتعبك والأهم حبك!! بس لما عرفت بابنك مقدرتش مش قسوه مني والله... والله ما قسوه بس كل اللي عقلي قاله إن لما هشوفه هفتكر الست دي وإزاي لمستها!! إزاي كانت على اسمك!! بس مهما كان هو طفل! ملوش ذنب!! بس أنا مش قويه كفايه إني أنسى! أنا ضعيفه وأنتَ عارف....

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡

جلست «هبه» بـالمقعد الخلفي مع شقيقته وجلس «حمزه» جانبه بملامحه الهادئة أخفضت عينيها تتهرب من نظراته التي تحوم حولها، تعلم أنه بُعدها لا يروقه ولكن لا تراجع عن ذلك الأمر، تنفست بـسعادته لـمجرد تخيلها زوجته! هل سيسعد قلبها حقاً ذات يوم! زُمرة من التشتت عجت بـرأسها وكم شعرت نفسها أنانية، ستتركه وسط مشاكله التي تنتهي وتبتعد! مهلاً أكان ذلك شيطانها اللعين بـخبثه ومُكره! حسناً ابتسمت رافعة حاجبها بـمكر هامسة لـذاتها بأنها تخطو نحو سعادتها ورضى ربها وما أروع من ذلك؟! احتضنت شقيقتها بـفرحة ولكنها ما لبثت أن اختفت عنـ.ـد.ما رأت انعكاس صورته المتهجمة بـالمرأة ينظر لها بـترجي! أخفضت رأسها كعادتها متهربة ولكن صوته الذي اخترقها وشعرت بـحدقتيه تسبقه:
_ ينفع نتفسح شوي باعتبـ.ـار آخر يوم قبل فرض الحظر بتاعك!؟... ورحمه معانا طبعاً

ضحكت بـمرح وهزت رأسها بمعنى لا فائدة هذا الرجل رغم نضجه ورجاحة عقله وخبثه إلا أنه مُراهق!! أجل مراهق عنـ.ـد.ما يتعلق الأمر بها وهذا ما أصبحت متأكدة منه، أومأت له بـتأكيد وهتفت «رحمه» بـبهجة:
_ عاوزه اروح البحر يا ثائـر

ابتسم «ثائـر» بـتأكيد ولمعت عيناه لـرؤية نظرة عينيها العاشقتين وتمتم بـحنان:
_ عيوني يا قلب ثائـر

دار بـعنينه للصغير المحتضن دmيته وابتسم بـحنان مربتًا فوق خصلاته وتمتم:
_ وأنتَ يا حمزه عاوز تروح فين؟

لم يتلقى ردًا من الصغير ولا بـنظرة عابره! ألــمه قلبه لـحاله وتهدل ملامحه وذلك الحـ.ـز.ن الكامن خلف اقتضاب وجهه ولكنه فضل الصمت...

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
رفعت « أثـير» كتفيها بـإهمال وأخدلتهم بـخيبة أمل وهزت رأسها لـتتساقط المزيد من عبـ.ـارتها لتلهب روحه الناشبة وبالكاد صوته وصله رغم أن فقط الهواء هو الفاصل بين وجهيهما !!:
_ معرفش معنى القوه... واثقه فيك وبحبك بس قوتي مساعدتنيش إن أواجهك ولا عارفه انسى و.جـ.ـعي... أنا ضعيفه ومش عارفه أكون قويه.... لما وثقت فيك وحبيتك فكرت إن مفيش ألــم تاني.. مفيش و.جـ.ـع هيزورني!! فكرت إني هكتسب نفسي اللي ضيعتها بس مش قادره، يمكن ردود فعلي كانت عنيفه ومتهوره ومبالغ فيها بس دا من حبي ليك..... يمكن حبك يشفعلك عندي بس محتاجه وقت!! محتاجه أبعد!! بالله محتاجه أبعد يا راكــان

شاركها دmـ.ـو.عها بأخرى مماثلة، متألــمة لحالها وحزينة لأجلها، نادmة ومعاتبة، شعر بـتقلص قفصه الصدري عند ذكر بعدها!! هل ستغادره!! كأن أحدهم غرس سيفًا حادًا بـقلبه ولم يصـ.ـر.خ! من فرط ألــمه لم يصـ.ـر.خ!! روحه تحترق لـدmـ.ـو.عها التي تهطل لـأجله ولكنه لا يستحق!! هو من الأساس لا يستحق ملاكًا كهذه! مد أصابعه المرتجفة يمحو دmـ.ـو.عها وهمس أمام شفتيه بـبسمة :
_ اللي يريحك ويطمن قلبك ويرضيكي هعمله حتى لو هيوجـ.ـعني...

ابتسمت مع نزول دmـ.ـو.عها، هذا الرجل يمتلكها قلبًا وقالباً، يعلم كيف يصوغ كلمـ.ـا.ته لـتُبعث لـفؤادها النازف وتكون ضمادته المُهدئة، هي كانت مخطئة بقرار طـ.ـلا.قهم وتعلم لأنها رأت صدقه وعمق نظراته العاشقة لها ولكنها لن تنسى! دفنت وجهها بـعنقه بـعنف وهمست بـاختناق:
_ مش عارفه هبعد فين ولا قد إيه ولا لأمتى بس محتاجه وقت، الوقت كفيل يقفل كل الجروح ويداويها بس اللي متأكده منه إني هرجع ليك...

أحاط كفه رأسها وسارت أصابعه لـتنعم بين خصلاتها النارية وتنفس بـراحة وكأنه حصل على نصيبه من السكِينة وهمس بـخفوت وحب:
_ مهما بعدتي ومهما كانت حالتك قلبي عمره ما هيبطل يحبك، يمكن يتعب من حبك بس لا هيمل ولا هيزهق، لو لآخر لحظه هستناكِ

ضمته بـقوة تريد جعله ضلعًا داخلها وهو بدوره بادلها احتضانها وكم رغب لو تدوم تلك اللحظة وتتخلى عن فكرة ابتعادها، سيتألــم ويصـ.ـر.خ ويتحسر ولكنه لن يوقفها لن يردعها عن قرارها، هي تحتاج الخوض لذاتها لتستكشفها وهو سيساعدها بذلك ولو تطلب الأمر حياته وما يملك...
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡

جلست «رحمه» بـجانب الفتى الصامت هكذا لقبته وجانبهم «هبه» و«ثائـر» هي بالكاد سمعته يهمس لـشقيقتها مرة واحده منذ آتى ليلة أمس! نظرت لـ شقيقتها و« ثائـر» الهائم بها وابتسمت بـحب فهي تستحق ذلك وأكثر من ذلك، تهجم وجهها فور وقوعها على ذلك الصنم الصامت جانبها وهتفت بـملل:
_ أنتَ القطه كلت لـسانك؟!

لم يرفع «حمزه» عينيه لها واكتفى بـرمي الحجارة بالبحر وارخى ملامحه ولكنها عاودت سؤاله بـنبرة مرتفعة تظنه أصم:
_ أنتَ أطرش ولا أخرس عشان اعرف أعلى صوتي ولا نتعامل بالإشارة!!

تقسم أنها استمعت لـصوت ابتلاعه للعابه وما زاد الأمر سوء هي نظراته الفارغة عنـ.ـد.ما التقت أعينهم!! رأت عتمة لم تعرفها بـطفولتها! ذلك الطفل جعلها ترتعد رغم صمته!! واكتفت بـالابتعاد عنه بينما نهض هو مغادرًا!!

بقت عينيها تتابع خطواته الثابتة ودmيته التي لم تفارقه وكأنه فتاة!! ضحكت بـسخرية على حاله أهذا سيصبح رجلاً ذات يوم!! دارت بـعينيها على شقيقتها التي تراقب حمزه وهو يتجول حولهم وما لبثت أن عادت له!! لا تعلم ما يجول بـخاطره ولكنه يتألــم! أجل ولكن ليس بسبب أخذه من والدته ولا ابتعادها ولكن ألــمه أكبر!! كادت أن تخرج زفيرًا عميق من صدرها ولكنه حبسته بـرعـ.ـب وهلع عنـ.ـد.ما رأت جسد « حمزه» يرتفع يصطدm بـقوة بـسيارة سريعة ووقوعه وسط بـركة من دmاءه!!!

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡

دلفت « ورده» لـغرفته التي خصصها والدها له بعد إصراره عليه بـالبقاء، عقدت حاجبيها بـضيق من الظلام الذي يحيط به! أضاءت الغرفة وجالت بعينيها بها ولكنه لم تجده وكادت أن تخرج لولا سماعها لـأنين خافت من اسفل الغطاء!! هذا الصوت تعرفه جيداً!! ابتعلت ريقها بـخــــوف واقتربت مسرعة منه وجذبت الغطاء وليتها لم تفعل، وجدته يخفي وجهه بالوسادة لـيكتم صوت ألــمه، تحسست كتفه بـحذر وأدارت وجهه لـتشهق بهلع عنـ.ـد.ما رأت احمرار وجهه وانتفاخ عينيه لـحبسه لدmـ.ـو.عه!! نزلت دmـ.ـو.عها بـغزارة عنـ.ـد.ما رأته ممسكًا بـمعدته يبكي كطفلا صغير أخذ إبرة كان يخافها!! رغماً عنها وجدت أنفاسها تعلو ودmـ.ـو.عها تزداد لـستحبه لأحضانها بقوة ويديها تربت على معدته بـحنان وتهمس بصوتها الدافئ:
_ هينتهي.... هـينتهي... اهدى

أكانت تقنع نفسها أم تقنعه؟! تعلم أن هذا الألــم سيزوره عند بداية مفعول جلسة الكيماوي بـجسده فهو كالنار تحرق ما تطوله عند مرورها، علمت أن هذا الألــم لا يحتمل ولن يتحمله اعتى الرجـ.ـال قوة وسألت عنه وليس بيدها حيلة لـتوقفه فحتى الدواء لا يسكنه حتى يزول مفعول هذا اللعين من معدته، يقولون أنه يدخل الجـ.ـسم لـيداويه وإن وقع على الجلد يحرقه! بل يخفيه! هكذا هي روحها عنـ.ـد.ما ترى ما يعانيه زوجها وحبيبها!! ضمت رأسه لصدرها وهمست بـحنان:

_ هيوقف بس اهدى... ادعي... استغفر ربنا... هينتهي والله... خد نفسك بهدوء

رفع «براء» يديه لـيقبض فوق كفيها بـعنف وقوة ألــمتها ولكنها لم تبالي هي فقط ترغب بتوقف ألــمه! تريد نزعه عنه! كما أنها ترغب بـإزالة قناتها الدmعية حتى تتوقف عن البكاء!!...

عض الآخر على شفتيه بـقوة وهمس بـتقطع:
_ متخافيش.. الدكتور قال إن دا عادي... بس بيوجـ.ـع... بيمـ.ـو.ت يا ورده

على ذكر المـ.ـو.ت لم تجد من سوى ادخاله لـصدرها لـعنف بل لروحها راغبة بو.جـ.ـعه، ماذا ستخبره أنها تعلم! تعلم أن هذا سيحدث ولا يمكنها منعه!! أزالت دmـ.ـو.عها وابتسمت طابعة قبلة فوق جبهته وتمتمت بـثقه:
_ هيزول بس ادعي... أقرأ قرآن... اذكره...خليك قوي عشاني... عشانا خليك قوي

أغمض عينيه بـتعب وشعور المـ.ـو.ت لا يفارقه، يرغب بالمـ.ـو.ت عوضًا عن ذلك الألــم الذي لا يتوقف ولا يعلم كيف ومتى سينتهى، كان بخير ويمزح ولكن فجأة شعر بنيران تهتاج بصدره ومعدته وصولا لروحه، أمعاءه تتقلص بـقسوة وكأنه تلعنه!! اعتصر عينيه من الألــم ولكنه عاود فتحهم على صوتها وهي ترتل عليه آيات مختلفة بصوتها الهادئ عكس طبيعتها... إن قال أن الــســكــيــنــة لامست فؤاده عن سماع القرآن لن يكذب صحيح!! إن قال أن روحه احتضنتها الراحة لن يبالغ!! ابتسم مغمضًا عينيه وهو يشعر بقرب زوال الألــم عنه ......
وما للـدلال بـحضرتك سوى الصمت والتخفي، ما بال القلب بـمروركِ يرتجف!

كلٌ منا له نصفه الأقرب! روحه الأمثل! نصيبه الأفضل! حبه الصادق! وأخيراً نهايته المُستحقه...

أغلق المُصحف ووضعه بـرفق جانب صغيره! صغيره النائم بعيداً عنه منذ اسبوعٍ بـعالمٍ آخر عجز هو عن إعادته، لا يعلم ما أصابه عنـ.ـد.ما هاتفه «ثائـر» يخبره بالحادث! تخلله شعورًا لا إرادي من النـ.ـد.م والاحتقار الذاتي، لقد أجرى التحاليل اللازمة لـيتأكد كون ذلك الفتى الغافي هو ولده! بـقسوته وقذارته نفى فلذة كبده الوحيد بعيداً عنه لـعشرة أعوام، تنهد مغمضًا عينيه بل هي أجفلت من تلقاء نفسها لم يزوره النوم منذ أكثر من اسبوع! يكفيه منظر ولده بجسده الصغير المُغطى بـالدmاء ونظراته الفارغة المنافية للحياة وغير الراغبة بالمواصلة! أحقا يرغب بالمـ.ـو.ت!! لقد أخبره الطبيب أن «حمزه» هو من يريد ذلك! من يريد الاختباء بـعالمه الخاص ولا يرغب بالعودة لعالمهم! لم يسعفه الوقت لتركه والذهاب لـ والدته لـيعلم بما ملأت رأسه! وضع رأسه بـتعب على الفراش بـجانبه مختلسًا بعض الدقائق لـيرتاح عقله ولكنه ما لبث أن ابتسم عنـ.ـد.ما استنشق رائحتها وصوت خطواتها المتـ.ـو.ترة، أكمل اصطناعه للنوم عنـ.ـد.ما شعر بها تقترب منه وتهمس بـحنانٍ لم يختفي حـ.ـز.نها منه:
_ هيبقى بخير صدقني، الدكتور قالي أنه قوي وبيدافع بـجـ.ـسمه بس رافض الواقع وحابس روحه، خليك قوي عشانه

انحنت طابعة قبلة عميقة فوق خصلاته السوداء وأخرى مثلها على كف يده وهمت بـالذهاب ولكنه جذبها بـقوة دافنًا وجهه بـصدرها وهمس بـاختناق:
_ خليكي هنا... متمشيش

ابتسمت «أثـير» بـحـ.ـز.ن وحاوطت رأسه لـجسدها وهمست:
_ أنا هنا لحد ما يفوق بس خليك أنتَ قوي هو محتاجك أكتر من أي حد

شعرت بـهزته النافية أمام بطنها وتبعها صوته المتقطع بـخــــوف:
_ معرفش هيتقبلني ويسامحني ولالا ثائـر قالي إنه مبيتكلمش مع حد وفي حاله

ابعدت رأسه عنها وانحنت جالسة أمامه بـحب مكورة وجهه بين كفيها وهمست بـنعومة وصدق:
_ هيسامحك ويحبك مش مجرد كلام لا لأنه مش مخير أنتَ باباه والوحيد اللي باقي ليه دلوقت والوحيد اللي هتحاوطه بـحبك وحنانك، معرفش حمزه مر بإيه ولا شوفته قبل كدا بس أنا حاسه بحـ.ـز.نه من بعده، لازم تعافر عشان تسكن قلبه مش كل يوم الحياه بتدينا فرصه نكفر بيها عن أخطاءنا ونتعلم منها...

جذب «راكــان» كفيها بين خاصته وأخفاهم بـخــــوف أمام صدره وغاص بـنظراته القاتمة بين عينيها الغائمتين وتمتم بـرجاء:
_ بتمنى مصدر قوتي يفضل معايا عشان أقدر أكمل، هكون جنبه ومعاه بس خليكي جنبي

ابتعدت عنه بـارتباك ورسمت بسمة زائفة وهتفت بـتعلثم:
_ أنا راحه... الجامعه.. عشان في اختبـ.ـارات النهارده ليا...

ابتسمت بحـ.ـز.ن معتصرًا عيناه لهروبها الذي بات واضحًا منه ولكنها تستحق محاولاته! لن يتوانى عن دعم قرارها وخاصة عنـ.ـد.ما أجلته حتى يستفيق «حمزه» ولم تغادر، نهض مقتربًا منها حتى بات أنفاسه تتصدى بـخصلاتها النارية، أحاط خصرها بين عضديه وشعر بـرجفته ولكنه لم يهتم يحتاج لـقربها، يحتاج لتخزين أنفاسها داخل صدره ليكمل قوته التي بدأت بالتراخي والضعف، أبعد خصلاتها عن مرمى عنقها الأبيض ودفن وجهه بـقوة ملتهمًا جيدها الناعم سامحًا لشفتيه بالتنعم داخله ولقلبه بالولوج للراحة التي يفتقدها، شعر بهدوء أعصابها بين يديه مما جعله يشـ.ـدد من ضمه لها متعمقًا بـشفتيه العابثتين بها، لم تهدأ شفتيه عن زرع القبلات المتلهفة والشغوفة على نحرها ولثم عِرقها النابض ليشعر بـسرعة تدفق دmائها وتـ.ـو.ترها، تنفس براحة ولم يبتعد بل جذبها لصدره أكثر وهمس بـصدق ومشاعره تتضارب:
_ كنت محتاج كدا صدقيني وإلا كنت هضيع

أغمضت عينيها بـضعف من قربه الذي يُعيد لها الكثير من المشاعر التي تجاهد لـحجبها وخاصة الآن وسحبت جسدها من بين ذراعيه مُبعدة صدى أنفاسه المُلتهبة عنها والتفتت لـتتلاقى عيناهم بـنظراتٍ ضعيفة، نادmة، معاتبة، عاشقة ومشتاقة ولكنها جمدت كل تلك العواطف واختطفت قبلة لحظية من خده وجذبت حقيبتها مسرعة للخارج حتى لا تتلف أعصابها بحضوره وتضطر لمواجهة مشاعرها من جديد معه...

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡

وقفت «هبه» تُرتب ثيابها وعينيها شاردتين كـقلبها، لم تهاتفه منذ حادثة «حمزه» ولم تسمح له بذلك بل عنـ.ـد.ما يأتي لا تخرج للقائه بل تضع الأعذار الواهية التي أصبح يعرفها ولكنه يأتي رغم ذلك! حملت نفسها ذنب ما أصاب ذلك الصغير الذي لم يسعد بحياته وعنـ.ـد.ما ابتسمت له ليصبح مع والده أتت هي لتغفل عنه ليقع وسط دmاؤه ويختفي عقله في عالمٍ موازي لهم، أدmعت عينيها عنـ.ـد.ما تذكرت لهفة «راكــان» والده الذي لم يراه قبل ذلك ولكنه بالأخير والده! ألقت بـجسدها على الفراش بـتعب متذكرة صديقتها «ورده» لم يغفل عقلها عنها الفترة الماضية وتعلم ما تعانيه مع زوجها، ابتسمت بـسعادة لـرفيقتها فمهما بلغ ألــمها يبقى بـقلبها مساحة بديعة لها وحدها تلقاها بها وسط حـ.ـز.نها وتضمها وسط ضعفها، تلك الفتاة نعمة الله لها ولكنها شبه هجرتها! لم تلقاها منذ مدة ولا تعلم حالتها حتى عنـ.ـد.ما عادت لبيتها لم تذهب لها! خفق قلبها فجأة عنـ.ـد.ما استمعت لـصوتها بالخارج! للحظة ظنت أنها تتوهم ولكنها ما لبثت أن رأتها تطل عليها بـضحكتها الجميلة وعينيها السعيدتين، لم تسعها الفرحة ونهضت مُغرقة نفسها بين أحضانها هامسة بشوق:
_ حشـ.ـتـ.ـيني و  يا ست ووحشني حـ.ـضـ.ـنك

ابتسمت «ورده» بـسعادة وجذبتها للفراش ولم تفصل عناقهم بل شـ.ـددت من ضمها لها وتمتمت بـحب:
_ وأنتِ أكتر، رجعتي امتى

هل عليها الصراخ بكونها تحبها مدى الحياه! هي لم تعاتبها ولم تسألها لما لم ترتادها! بل ضمتها وسألتها عن نفسها فقط!! لم تشأ الضغط عليها ولا لومها!! أتمتلك قلبًا داخل صدرها أم جنة تلك الفتاة! جذبتها بحيث تكون وسط أحضانها وهمست بـحب:
_ مش مهم خلينا كدا وهحكيلك... عندك وقت؟!

ابتسمت الأخرى بـصدق وربتت فوق رأسها بـحب وأردفت بتأكيد:
_ ولو معنديش وقت مش مهم... احكي وأنا هسمعك

لساعاتٍ ظلت تسرد لها ما حدث مع الجميع منذ غيابها ولم تسقط منها لحظة واحدة مما حدث وما كان من «ورده» غير الإنصات لها باهتمام والتركيز معها وكأنها تحكي تفاصيلٍ دولية! ابتسمت عنـ.ـد.ما لاحظت صمتها الذي طال وهمست:
_ خلصتي؟!

هزت «هبه» رأسها بتأكيد وأزالت دmعة وحيدة سقطت من عينيها وهمست بـتشتت:
_ أنا معرفش الصح فين والغلط فين ومش فاهمه إيه اللي بيحصل... ت عـ.ـر.في أثـير دي أول واحده ارتاح ليها من نظره بعدك، الوحيدة اللي شوفت خــــوفها وضعفها وتعبها وإنها شبهنا، البـ.ـنت دي أضعف مننا حتى وجواها خراب لو متصلحش هيقضي عليها

أغمضت «ورده» عينيها لعدة دقائق وسرعان ما تحدثت بـهدوء:
_ هي مغلطتش... دا مهما كان جوزها وبتحبه وفي لحظات ضعف لقت إن الطـ.ـلا.ق الحل بس لما هدت عرفت إنها كانت متهوره.. مغلطتش إنها فضلت جنبه وجنب ابنه اللي ملوش ذنب... محدش فينا ليه ذنب هو ابن مين ولا ماضيه ولا حتى حاضره أيه.. احنا بـ.ـنتحط في الظروف مش بمزاجنا... هي تبقى غلط لو مبعدتش فتره!! مينفعش تفضل بضعفها دا! مهما كان حب جوزها ليه مش هيقدر يرتب الحطام اللي جواها ويرجع يبنيه تاني..

اومأت «هبه» بموافقه على حديثها وتنهدت بـراحة قاطعتها الأخرى بـهمسة:
_ فرحي الاسبوع الجاي

انتفضت «هبه» كمن لدغتها أفعى بصدmة وحكت أذنيها وصمتت للحظات أصابها الزهول وتمتمت بـتردد:
_ بتهزري صح؟!

صدحت ضحكات «ورده» على منظر صديقتها المصدوم ولها الحق هي لم تصدق حتى أن والدها سيوافق على طلبهم بتلك السرعة بل ودعمهم!! جذبت يديها تقربها منها وتمتمت بـمرح:
_ أكيد لا ويلا البسي عشان ننزل أجيب شوية حاجات بنات ليا

_ حاجات بنات ليكي أنتِ يا بشكير؟! عيب والله

لم تستطع «هبه» أمساك زمام لسانها في تلك اللحظة حقاً وخاصة عنـ.ـد.ما رأت نظرات صديقتها المرحة

جحدتها «ورده» بنظرات ساخطة واقتربت محاصرة أحد أذنيها بين أصابعها بـعنف وهمست من بين أسنانها:
_ عندك مانع يا بوز الفقر أنتِ؟!

ابتلعت «هبه» ريقها ونظرت لها من أسفل وجهها بـسخط هامسة:
_ لا يا بشكير الكـ.ـلـ.ـب

تركتها الأخرى ونهضت بـتفاخر وسعادة تدور حول نفسها بالغرفة تردد..:
_ ودوني على بيت حبيبي نعيش مع بعض فيه

قاطعتها «هبه» بتهكم:
_ الله يرحمه كان طيب وغلبان

رمقتها «ورده» بنظرة متقززة رافعة إحدى حاجبيها وهتفت بـحزم:
_ خمس دقايق لو ملبستيش عشان ننزل وحياة الغالين لأخلي صوتك يسمع ننوس عين أمه مطرح ما هو

فرت «هبه» مسرعة تبحث عن ثيابٍ مناسبة ترتديها فتلك الجاحدة لديها طرق خبيثة بالتعذيب، وضع حبات الثلج بالظهر، الصفع على المؤخرة، شـ.ـد الأذن بطريقة تجعلها ترغب بالصراخ وكأن أحدهم يحطم عظامها! أهذا يكفي! حقاً صديقتها عنيفة بعض الشئ!

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
وصلت «أثير» لـجامعتها بعد ساعة قضتها بالتفكير ومحاولة تجنب الحوادث بسبب تشتتها، تنهدت بـتعب وهبطت للداخل، لاحظت نظرات الجميع منهم الشامة والمُشفقة وأخرى حاقدة! تنفست بـهدوء وعبرت الساحة الخارجية ولكنها ما لبثت أن رأت كابوس حياتها ومصدر دmار نفسيتها الأول «مي الشناوي» فتاة السماجة العالمية، لا تعلم لما انتابتها نوبة ضحك تحكمت بها بصعوبة وعبرتها بـتجاهل ولكن ليست «مي» من تتركها إن لم تُسمم بدنها بـكلمـ.ـا.تها اللاذعة!..

تجاهلت «أثـير» نظراتهم وضحكاتهم عليها ولكن ما تفوهت به تلك الأفعى بـتهكم:
_ ما هو واحد زي دكتور راكــان بحلاوته دي كلها مش هيكتفي بـالكوره دي بردو

حسنا... واحد... اثنان... ثلاثه... شهيق... زفير وهدوء.... ابتسمت «أثـير» لمحاولاتها التحكم بـغـــضــــبها التي أدتت ثمارها و.جـ.ـعلت الأخرى تستشيط غـــضــــبًا ولكنها لم تصمت وهتفت بـتكبر:
_ أنا لو بصحى على الشكل دا كل يوم كان زماني جالي قيئ لا إرادي دا ربنا رحمه

ضغطت «أثـير» على أسنانها تحكم دmعاتها التي أقسمت أنها لن تنزل مجدداً واقتربت منها بـعينين هادئتين كسكون الليل ولكن الأمر لم يطول وتحول ذلك الهدوء لـثورة من النيران واللهب وجذبتها بـعنف من خصلاتها ومن وسط شلتها أو بالأصح عصابتها وطرحتها أرضًا مُكيلة لها العديد من الصفعات العنيفة صاببة غـ.ـيظها وألــمها بها! لا تعرف لمدى ظلت تضـ.ـر.بها بـقسوة متذكرة صوت بكاؤها ليلاً وصوت عقلها المتعب وأنينها الخافت بسبب تلك الفتاة والعديد أمثالها! كانت مقاومة «مي» مقارنة بها كنملة لـفيل! أهناك وجه نجاة! بالطبع لا ويستحيل، ابتعدت «أثير» بـتفاخر عنها ناظرة لوجهها الذي اختفت ملامحه من كثرة الكدmـ.ـا.ت ورمقت صديقاتها الذين رحلوا ما إن هجمت عليها وتمتمت بـسخرية:
_ اومال فين عصابتك؟! ولا هم اسم وشكل بس زيك!؟

لم ترفع «مي» نظراتها لها بل تساقطت دmـ.ـو.عها بـصمت بسبب ألــم جسدها ورأسها الذي اقــ,تــلعته تلك الثمينة الكريهة!

رمقتها «أثـير» بنظرة ثاقبة وطبت شفتيها وتمتمت بـثقة:
_ لسانك لو طول تاني يا بتاعه أنتِ والله ما هيعرف دكتور يلم منك جزء جنب التاني... أنتِ شوفتي أثـير العيوطه والخوافه بس لسه مشوفتيش الهمجيه واللي حصل دا اعتبريه هدنة سلام معاها

هزت «مي» رأسها بـموافقة وارتجف جسدها من قوة التي أمامها، أتلك «أثـير» الخائفة التي كانت تبتعد عن مرمى بصرهم حتى لا يمزحوا عليها!؟ أتلك التي كانت تبكي تتوسلها ألا تجعلها أضحوكة؟! فاقت من شرودها على صوتها الحاد والحازم:
_ المكان اللي تلاقيني فيه تلفي وملمحكيش فيه عشان أنا صبري قليل ومهما كنتِ بـ.ـنت مين ميهمنيش ولا يعنيني في شيء

غادرتها وعلى وجهها بسمة راضية بما صنعته يداها، شعرت بـهدوء غـــضــــبها رغم انفلات تحكمها وصبرها، يشهد الله أنها حاولت حجب تلك الجزئية منها وإخماد قسوتها ولكن الجميع دفع لذلك، الجميع هجرها عنـ.ـد.ما احتاجت لضمة تخفف صوت ألــم روحها المجروحة، كانت تبكي بمردها وتبتسم! أحقا كانت تبتسم! كفاكِ كذبًا يا فتاة هي لا تعرف متى آخر مرة ضحكت بصدق! هم من صنعوا تلك القاسية والجاحدة لذلك هي ليست مُلامة ولن تنـ.ـد.م!!

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
وقف «راكــان» بـبرود أمام زنزانتها ورمقها بنظرات فارغة، تلك سبب دmاره الأول والأخير، لا يعلم ما يعانيه صغيره الآن بسببها، اشمأزت ملامحه عنـ.ـد.ما التفت له وعلى محياها بسمة خبيثة مثلها، راقب اقترابها منه بعينين فارغتين وهتف بـحزم:
_ عملتي إيه في حمزه

للحظة واحدة تألــم قلبها وخفق لذكره لصغيرها الذي نُزع قصرا من رحمها قبل اكتمال جسده وهي عاجزة عن ردعهم ولكنها كانت لحظة رأى النـ.ـد.م بعينيها ولكنه تبدل لـجفاءٍ وقسوة وهتفت به:
_ الأيام هتعرفك... في حاجات الأفضل ليها تفضل سر عشان لو اتكشفت هنعاني كتير ونفضل شايلين ذنبها طول حياتنا

مد يديه من بين القضبان محاولاً إحكامها على عنقها سالبًا أنفاسها بسبب برودها وردودها القـ.ـا.تلة ولكنها ابتعدت وهتفت بـقسوة:
_ مش كلنا لينا حق نفرح لما نلاقي جزء مننا بيجري ويلعب قدامنا وإحنا عاجزين إننا نقرب منه ونضمه، بلاش تفتح في دفاتر قديمه هيجي ليها وقت وترمي اللي مخبياه بس لو اتفتحت قبل معادها هتكون أنتَ النادm الوحيد

غموض حديثها وقسوته جعلت قلبه ينتفض رعـ.ـبًا على صغيره، لا يعلم هوية تلك المرأة بعد ولكن «ثائـر» أخبره أنها كانت تعمل بأحد بيوت الدعارة بالخارج!! ولكن هناك سؤال يلح عليه ويحتاج إجابة، لم يشعر، سوى بلسانه يهتف باستفسار:
_ عملتي تحليل DNA إزاي؟!

ضحكت «ميار» حتى أدmعت عينيها عنـ.ـد.ما تذكرت تلك الليلة، ألــم ينتبه بغـــضــــبه عنـ.ـد.ما ذهبت لهم وأخبرتهم بـوجود طفلاً منه وسط هجومها أنها سحبت خلسة خصلة من شعره! أهو بتلك السذاجة! صدقًا كان ذلك أسهل ما في الأمر وغـــضــــبهم وسـ.ـخونة الأجواء ما ساعدتها بذلك، همهمت بـتفكير وبصقت كلمـ.ـا.تها بـتهكم:
_ سهله وسط ضـ.ـر.بك ليا يوم ما قولتلك عن حمزه في شقة ثائـر شـ.ـديت من شعرك شعرايه واحده وأنتَ حتى محستش!

ابتسم «راكــان» بـبرود وتصنع التفكير وما لبث أن هتف بـسخرية:
_ كنتي بتشتغلي في بيت دعاره! وكان معاكي فلوس كل الفتره دي وتقدري ترجعي اشمعنا الوقت دا رجعتي؟!

ألا يمل من الحديث بهذا الموضوع؟! ألا يعلم موطن الرعـ.ـب الذي قاسته بالخارج؟! هي المُلامة الوحيدة لأنها من رمت بنفسها بين براثين الأسد وسمحت له بإحكام إغلاق فكيه عليها وعنـ.ـد.ما حاولت الخروج تصدت اسواره الحديدة لها! تنهدت بـتعب وزيفت ملامحها بـأخرى غاضبة وهتفت:

_ ايوا كنت شغاله في بيت دعاره... امشي يا راكــان ومتحاولش تفتح أبواب هترميك للجحيم وتاخد كل ساعدتك.. امشي وانسى وعيش مع ابنك ومراتك

رأى صدق حديثها ونظرة الرجاء التي توسلته بها، رآها تحبس دmـ.ـو.عها حتى لا تسقط ولكنه بالأخير استشعر نبرتها المتألــمة! تعجب من حالها ولكن صوتها أوقفها عنـ.ـد.ما قرر الرحيل:

_ خلي أثير تحـ.ـضـ.ـنه كتير وتنيمه في حـ.ـضـ.ـنها كل ليله وتلعب معاه، خليها تضحكله ديماً وتقولوا أنها بتحبه، خليها متسبهوش لواحده لأنه بيخاف الضلمه، هو علطول ساكت عشان متعودش إن حد يكلمه، خليها تفسحه وتحـ.ـضـ.ـنه جـ.ـا.مد، متسبهوش لواحده خالص أنتَ كمان وحسسه بحبك، حمزه طيب، خليه يسامحني وقولوا إني آسفه وإني محبتش قده في حياتي... خليه يسامحني

قالت حديثها واختفت بـركنٍ مظلم بزنزانتها وخلفت فراغًا حزينًا بقلبه، صوتها الحزين وتوسلها جعله يدرك أنها تتألــم وهناك مـ.ـا.تخفيه ولا يرغب حقاً بمعرفته، تنهد بـشفقة لا يعلم سببها واومأ لها وغادر تاركًا قلبها يتقلب بـألــم.....

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡

وضعت «ورده» القميص الشفاف على ملابسه أمام أعين «هبه» الماكرة وهمست بـخبث:
_ حلو صح؟!

لاعبت «هبه» أحد حاجبيها وقوست شفتيها بـنفي وهمست:
_ ارحمي الراجـ.ـل شوي حتى وهو تعبان هتجننيه

ضحكت «ورده» بشـ.ـدة حتى أدmعت عينيها ضاممة القميص لصدرها ولكنها أجفلت ما إن رأته أمامها وبسمة خبيثة تزين محياه!! هزت رأسها بـنفي ونظرت لـصديقتها التي تكتم ضحكاتها قدر الإمكان وهتفت بـخفوت:
_ هو هنا ولا أنا بتخيل؟!

هزت الأخرى رأسها بـتأكيد وسمحت لضحكاتها بالخروج واكتفت بالهروب بعيدًا عن مرمى بصرها، اقترب « براء» منها ونظراته الماكرة تدور على وجهها الذي اُصطبغ بالحمرة القانية وتمتم بـعبث:
_ كتري من الشفاف دا بحبه أووي

فتحت «ورده» فمها بـصدmة من حديثه الوقح ورفرفت بأهدابها بـزهول من جرأته أتظن نفسها وقحة أمام ذلك؟! يالسخرية فزوجها مرادف ثانِ للوقاحة والسفـ.ـا.لة وماذا أيضاً؟! شعرت بيديها تقترب منها جاذبًا القميص ولكنها ضمتها بقوة لصدرها وهزت رأسها بنفي هامسة:
_ أنتَ بتعمل إيه في محل لانجري يا عديم الأدب والحياء

دنى منها «براء» بـحرج وهمس بـتعجب:
_ إيه لانجري دي يا روحي؟!

لكزته بـكتفه بـغـ.ـيظ وأمسكت أذنه كطفلاً مذنب وهمست من بين أسنانها بـحرج:
_ عيب على طولك لما ورجولتك لما تدخل محل بنات يا عديم الدm والشعور

تأوه من قوة إمساكها له ولكنه ابتسم باستفزاز عنـ.ـد.ما وقعت عيناه على قطعة ما وهرب من بين يديها وجذبها ملوحًا بها أمام عينيها بلا خجل وهتف بـخبث:
_ حلو دا يا بشكير هناخده هياكل منك حته

غطت وجهها بكفيها وهتفت متمنية الذوبان:
_ كلتك عقربه عاميه يا بعيد منك للاه

سحبت نفسها بـخجل مبتعدة عنه ولكنه كان الأسرع بجذبها محاوطًا خصرها وهمس بوقاحة:
_ قولنا نكتر من الشفاف ولا أقولك بلاش خالص كله بيترمي في الآخر...

دفعته عنها بـقوة وفرت من أمامه والخجل يتأكلها خافضة رأسها عن عيون الناظرين ولكنها استمعت لصدى ضحكاته الرجولية تبعها نظرات النساء الهائمين به مما جعلها تُطيح بالخجل وعادت له جاذبة إياه من ياقة قميصه وتمتمت بـغـــضــــب:
_ عشان تكتم ضحكتك الحلوه دي يا أبو عيون حلوه

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡

دفعت « هبه» الغرفة بلا استئذان ظنًا منها بوجود « أثير» ولكنها شهقت بـصدmة ما إن رأته أمامها! ابتلعت ريقها بـتردد ورجعت بخطواتها للخلف تنوي العودة ولكنه هتف بـهدوء:
_ ادخلي يا هبه ومتقفليش الباب

حاولت التقاط أنفاسها ولكنه فشلت كما فشلت بتهدئة قلبها هو الآخر، اقتربت جالسة بـجانب الصغير وتمتمت بـخجل:
_ الدكتور قال حالته إيه

رفع « ثائـر» كتفيه وأخدلهم بخيبة أمل وتمتم بـإرهاق:
_ كل مؤشراته الحيويه كويسه بس عقله رافض يرجع وبيحارب كل المؤثرات

هزت رأسها بـحـ.ـز.ن وإشفاق عليه وتمتمت بـرجاء:
_ هيبقى كويس وبخير

أومأ لها بصمت ولم يرفع عيونه التي اشتاقت لها بل اكتفى بحجب نظراته عنها، رأت تعبه وإرهاقه الغالب عليه، ملامحه التي فقدت بريقها وابتسامته الرزينة التي كانت ما تزين ثغره ولكن أين هي؟! بل أين هو الآن؟! لما يتهرب من نظراته عنها؟! اشتاقت له نعم ولكنها تحارب ذاتها بالابتعاد حتى لا تنـ.ـد.م، تنهدت بـتعب وقبلت الصغير ورحلت بـصمت، رفع « ثائـر» بصره ينظر بـمكان جلوسها وابتسم بـحـ.ـز.ن وانحنى مُقبلاً الصغير موضع قلبتها لعله يستجمع بعضًا من قوته، لم يقدر على مواجهة عينيها لأنه يعلم نفسه الضعيفة أمامها، لقد قطع وعدًا على ذاته لن يقترب حتى تصبح له....

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
بعد سبعة أيام مُرهقة من العمل والتسوق والحب! بل بعد أعوامٍ من الانتظار والتعب والشوق! ها هي تُقبل يد والدها بعدmا انحنت حتى يُقبل رأسها لـتذهب لزوجها!!...

بـ دلالٍ وسعادة تتهادى من أعلى الدرج بـ خطواتها الواثقة نحو بدايتها الجديدة معه، أعصابها الحسية تستشعر مدى سرور خافقها بـ تلك اللحظات المُنيرة من حياتها، أغمضت عينيها لتُسكن دقات فؤادها الراكض وتلاقت عينيهم أخيراً بعد غيابها لأيامٍ عنه، بعض الدرجات فقط الفاصلة بينهم، اتسعت حدقتيها فور دورانها عليه بـ وسامته الفتاكة وجاذبيته القـ.ـا.تلة لها وحليته السوداء التي أوضحت صلابته وقوته، تنفست بـ عمق وشابكت ذراعها بخاصته بـ تملك متـ.ـو.تر لما هي مقدmة عليه، بعد معاناتها السابقة أخيراً أصبحت زوجته أمام العالم وبلا تردد ترغب بـ الصراخ بـ حبها وحجم عشقها المضني لـ ذلك الرجل الذي أوقعها بـ أسره و.جـ.ـعلها طفلته ومدللته قبل زوجته وحبيبته، لم يتغاضى عن أدق تفاصيلها بل لم يمل من كثرة حديثها وثقتها المهزوزة التي يعمل على إعادتها لها بكل مرة تفقدها...

«إن أردت شيئاً بشـ.ـدة فـ أطلق سراحه فإن عاد إليك فهو ملك لك وإن لم يعد فإنه لم يكن لك من البداية» كم صادقة تلك العبـ.ـارة بـ أدق حروفها قوة، أطلق سراح حبها بـ قلبه وغدَ بـ الأرض يفر هربًا وترك زِمام الألــم ونيران الشوق تلتهم خلاياه وبلا مقدmة عادت قدmاه لـ يصبح هو أسيرها الأول وطفلها الأحب ورجلها الأحن، ما بات عليه من قوة وسعادة يرجع لها وبها! هي من علمته كيف يصمد! كيف يتغلب على نِزاع جسده! كيف يتأمل اليوم الجديد بـ صدرٍ رحب! هي من أحب وسيظل يحب مهما بل منه الدهر، انفرج ثغره عن بسمة بلهاء منافية لـ طلته ولكن لـ حضروها عليه عواقب! بعدmا يذهب تنتهي تلك الأُمسية ستصبح تلك القصيرة الوالجة لقلبه زوجته بلا قيود! سيبحر بها لـ بلاد عشقه ولوعته...

بعد ساعاتٍ طويلة انتهت الحفلة بـ الكثير من الدmـ.ـو.ع من زوجته البكاءة ووالدتها الحنونة ووالدها، انحنى بـ مرح لـ يحملها بينما شهقت هي بـ خــــوف وهتفت:
_ براء لا أنتَ تعبان

غمزها «براء» بـ مكر وعض شفتيه بـ وقاحة وتمتم بـ عبث:
_ والله عيب عليكي نبقى ليلة دخلتنا وتقولي كدا وعموما دقايق وت عـ.ـر.في تعبان ولالا

دفنت «ورده» وجهها بـعنقه بـخجل بات يرافقها مؤخراً واكتفت بــالصمت بينما صدحت ضحكات «براء» السعيدة لـتنفتح أبواب حياتهم بــصدى فرحتهم العارمة، أنزلها بــعناية على الفراش وعيناه لا تزال مُسلطة على وجهها البديع وهمس بــعشق مُنعم بــسعادة:
_ مُبـ.ـارك عليا أنتِ وقلبك وحبك يا ورده

ابتسمت الأخرى بــدورها بـبهجة ونهضت لـتصبح أمام ناظريه أكثر وهتفت بـهمسٍ خجل:
_ مُبـ.ـارك عليا أنا أنتَ يا عيون ورده وحياتها الجايه

جذبها «براء» بــقوة مماثلة لــسعادته الجارفة وألصقها بـصدره وتحديدًا عِند قلبه وتمتم بــراحة:
_ أنا مش عاوز حاجه تاني في الدنيا دي بعد كدا، كفاية إنك وافقتي نتجوز وأنا لسه بتعالج

قاطعته «ورده» بــنفي و.جـ.ـعدت ملامحها بـ غـــضــــب مصطنع وغمغمت بـ حنق:
_ لا أنا عاوزه ولاد... ولاد كتييير يا أخويا مش هتنازل أنا

ضحك «براء» بشـ.ـدة على مزاحها ووقاحتها التي يعشقها عن طيب خاطر منه وهتف بــمكر مقتربًا من وجهها:
_ والله أنا جهاز بت عـ.ـر.في تعدي لحد كام؟

تصنعت التفكير لــثوانٍ معدودة ثم ابتسمت بــوقاحة وهتفت بــغــــرور:
_ مبعدش يا جيمي

صدحت ضحكات «براء» العالية تزلزل كيانها العاجز أمام سلطته فأمعنت النظر به وكأنه لوحة فنية وهمست بــبحة عاطفية:
_ بطل تحلو شوي حلاوتك دي خطر على قلبي والله

توقفت ضحكاته ولكن بسمته لازالت تزين محياه ودنى منها أكثر وإذا بــشفتيه تمتزج مع خاصتها بــقبلة محمومة وعاشقة جعلتها ترفع يديها لــتحيط عنقه بــقوة وتبادله مشاعره الضائعة بــأخرى مماثلة لها تاركين قلوبهم تقود القافلة لــوجهتها المعنية، ابتعدت عنه بــخجل وعضت شفتيها بــتـ.ـو.تر وهمست بــصوتٍ ضعيف:
_ لازم نصلي

دفعها «براء» بــخفة من خصرها لــصدره مجدداً وهمس بــجانب أذنيها بـصوته الرخيم:
_ نصلي ونلعب سوا يا حلوه


بعد نصف ساعة انتهت من خلع ثيابها وجلست بـثوب صلاتها على الفراش تنتظره، استمعت لـصوت المياه بـالمرحاض الخارجي ولكنها طالت! اقتربت بـقلق طارقة الباب ولكنها لم تتلقى إجابة فـعاودت مرة أخرة وكسابقتها لم يُجيب؟! دفعت الباب ولكنها فوجئت بأنه مفتوح! خفق قلبها بخــــوف وكأنها تعلم ما ينتظره خلف هذا الباب، دلفت بحذر وما إن رأته حتى شهقت بصدmة وتبعها صرخة عنيفة من أعماق روحها عنـ.ـد.ما رأته ساقطًا أمام الحوض ورأسه تنزف بـقوة حتى تلون قميصه الأبيض بحمرة قانية!!
ليت العمر لحظة فـأقدmها لكَ لـتبقى وليت اللحظة عمرًا فـأقضيه معكَ ونرحل

نهرتني صديقة ذات مرة لـأتوقف عن تذكر مخاوفي وإعادة طرحها بـعقلي عند ترددي ولكني سألتها ( أللخــــوفِ حدٍ؟) علمت إجابتها من تراقص قدحتيها وتأكدت حينها أن خائفة مثلي من مواجهة هواجسها التي تُعسر نومها وهي ذاتها الحاجز الوحيد الذي يفصلها عن السلام والــســكــيــنــة التي تفتقدها....

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡

بـقت لعدة لحظات تُناظره بـعينين متوسلتين الكذب والرجاء، تصلبت قدmيها وكذلك عينيها المـ.ـيـ.ـتتين! لا تعلم ما أصاب جسدها عند رؤيته! فقد أعاد عقلها تضاعف آلالامه بـالأيام الماضية وكثرة تقيؤه وضَعف جسده العام والهُزال الواضح عليه! جف حلقها عنـ.ـد.ما انبثقت فكرة أن تلك النهاية! أحقاً! أحقا خُتِمت قصتهم من قبل البداية! بـصعوبة أرغمت جسدها على السير نحوه والجلوس أمامه رافعة يديها المرتجفتين تحتضن وجهه بـخــــوف، بحثت بـهلع عن مصدر تدفق تلك الدmاء التي غطت أرضية المرحاض من حولهم ولكنها لم تنتبه لذلك السائل اللزج الذي يحتضن كفيها الملامسين لـمؤخرة رأسه!! بـلحظات الخــــوف يتوقف العقل عن العمل وتتصلب الأعصاب كافة عاجزة عن تصديق الحقيقة الملموسة سواء كانت النتيجة سلبية أم لا! هي حتى لم تتحسس عنقه لتعلم أكان يتنفس بعد أم لا! ابتعدت عنه تبحث عن هاتفها بـانهيارٍ ودmـ.ـو.عها تأبي التوقف وبـصعوبة من بين غشاوة عينيها وصلت لـرقم صديقتها!! وضعت الهاتف عن أذنها بـارتجافٍ ولم تستمع لـلكلمـ.ـا.ت الأخرى بل همست بـضعف وصوتٍ بُح من الألــم:

_ ألحقيني براء بيمـ.ـو.ت...

هكذا فقط! ألقت الهاتف وهرولت مسرعة جالسة أمامه محتضنة رأسه لـصدرها ولُبها المُتعب شُلَّ من كثرة محاولاته لـيواكب كل تلك المصائب والاختبـ.ـارات التي تهطل عليه!! لا تعرف كم مضى من الوقت عليها جالسة بلا روح تناشـ.ـد كيانها الغافي تهمس له من بين دmـ.ـو.عها بـمدى حبها واحتياجها له! لا تعرف ماذا يتوجب عليها أن تفعل ولكنها تعرف فقط أنها لن تبـ.ـارحه! استمعت لـطرق الباب فـهرولت مسرعة لـصديقتها وما إن رأتها وخلفها «ثائـر» حتى جذبتها للداخل ليروا زوجها!!

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡

أحكمت الغطاء حول شقيقتها الغافية بـحب وعادت بـذاكرتها لـنظرتها التي حجبها عنها طوال الليلة وتهربه الذي بات واضحًا للجميع! لن تلومه فهو يساعدها وظنت أن ذلك أفضل ولكنها تشتاقه ومتلهفة لسماع صوته! لم ينتظر لها الليلة سوى مرة واحدة عنـ.ـد.ما كانت تبكي بـسعادته لـرفيقتها ولا تعلم ماهية تلك النظرة أكان يطمئنها أم يلومها أم أنه يشتاقها! انتبهت لـصوت رنين هاتفها الذي أضاء بـاسم «ورده» فـتلقته بـتعجب وخــــوف نوبة من الهلع اقتحمتها هي الأخرى لـمجرد سماع صوتها الباكي وحجم فزعها! أغلقت الهاتف معها وكل ما جال بـخاطرها هو! نظرت للساعة التي تعدت منتصف الليل ومن الصعب خروجها بـمفردها ولم تجد مفر غير محادثته!! لم ترغب بالمزيد من الحرج والتـ.ـو.تر لـذاتها فـبعثت له بـرسالة تطلب رؤيته بأمرٍ هام!!....

بعد أكثر من نصف ساعة رأت سيارته على مدخل حارتهم، أسرعت بـخطواتها حتى وصلت أمامه ولم تحتاج للشرح فـملابسها الغير مرتبة وحركتها العشوائية نبأته بـكارثة واقعه! تنفس بـقلق ولم يرفع عيناه بها وكاد أن يسألها عن وجهتهم ولكنها سبقته على عجلٍ وارتباك:
_ على بيت ورده وبراء... بسرعه يا ثائـر

انصاع لـطلبها بـقلق رغم دهشته ولكنها إن لم ترغب بالحديث لن يجذبه منها! مضى الكثير من الوقت منذ سمع اسمه من شفتيها!...
غلف الصمت تلك اللحظات المشحونة بالتـ.ـو.تر والخــــوف منها والقلق والعتاب منه! مهما تغاضى عن مشاعره لن يكبح ذاته عن المزيد! توقفت السيارة أمام بناية فاخرة ولم تنتظره بل دفعت الباب بـنفاذ صبرٍ وجرت للداخل متجاهلة وجوده!! مسح على خصلاته بـغـــضــــب من تصرفاتها المُبهمة وتخبطها الذي بات يثير شياطينه النائمة وهمس لـنفسه بـتماسك:

_ خليك هادي... مجاش من كام يوم أو شهر...

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
_ يا ورده اهدي بالله عليكي

هتفت بـتلك الكلمـ.ـا.ت المواسية «هبه» وجذبتها عنوة عنها وسط مقاومتها لـتحتضنها لـصدرها لـعلها تمتص بعضًا من أوجاعها ولكنها دفعتها بـقوة وهتفت بـحرقة تداعى لها جسدها كاملًا

_ كان واقع... ودmه... مـ.ـا.ت!! هو براء مـ.ـا.ت صح!!

هزت «هبه» رأسها بـأسى على حال صديقتها التي فقدت عقلها منذ أخذوا زوجها، تشعر بما تعانيه جيداً ويتألــم قلبها بـمرارة عنـ.ـد.ما تراها بـتلك الحالة، هي أيضاً فقدت من كانوا الأغلى والأحب لقلبها وتجرعت حسرة الاشتياق!، أزالت دmـ.ـو.عها واقتربت مربتة فوق كتفيها بـحنان وهمست بـثقة ورجاء

_ متقلقيش هيكون بخير صدقيني هو واضح إنه وقع بس والدm دا مجرد جـ.ـر.ح صغير

نظرت لها الأخرى بـعينين متوسلتين الصدق والرجاء من حديثها وكل ذرة بـروحها تتمنى السكون والصمت ولكنها مرتعبة من فكرة ذهابه! لماذا اليوم! ألــم يَحق لها السعادة ولو لـليلة واحدة معه! هل قلبها سـيصمد أمام تلك الرياح التي تهدد حصونه؟ هزت رأسها بـنفي ودفنت وجهها بـين ذراعي «هبه» وهمست بـألــم وتنشج

_ كان مرمي على الأرض والدm حواليه... كانت شفايفه بيضا ووشه بـ.ـارد.... كان بيمـ.ـو.ت يا هبه... براء بيمـ.ـو.ت وهبقى لواحدي تاني... هعاني لواحدي تاني يا هبه

شـ.ـددت الأخرى من ضمها لها ونفت حديثها بـعنف وتمتمت بـصوتٍ باكٍ

_ هيفوق وهيبقى جـ.ـر.ح صغير ومش هيسيبك... هتفرحوا سوى وتضحكوا وتجيبوا ولاد كتير... مش هتبقى لواحدك تاني لأنه هيكون رفيقك وهيسكن روحك.... مش هنبقى لواحدنا تاني

كانت تواسي ذاتها قبل صديقتها كلمـ.ـا.تها كانت حارقة لـقلبها وكأنه تخبره ألا يضعف ويسقط بـتلك الهاوية الجاحدة والقاسية، رفعوا نظرهم بـلهفة عنـ.ـد.ما استمعوا لـصوت الغرفة يُفتح ويخرج الطبيب، نصبت «ورده» عودها بـلهفة ورجاء مقتربة منه وهمست بـتوسل ضعيف

_ هو... هو كويس صح؟!

لا يعلم الطبيب من أين له بـتلك البسمة الحانية ألـحب تلك الصغيرة لـزوجها ودmـ.ـو.عها التي لم تتوقف وتوسلها له سبب ذلك! تصنع الجدية والحزم وتمتم بـعملية

_ الحمد لله فاق كان في جـ.ـر.ح في مؤخرة رأسه هو سبب الدm إنما الإغماء لأن جـ.ـسمه ضعيف وبسبب حالته المرضيه

حسنا تنفست الصعداء وتخطته للداخل مسرعة تتسابق قدmيها للوصول إليه وبداخلها تقسم ألا تُغلق فمه الوقح من كثرة الطعام حتى لا يفقد وعيه مجدداً، ساذجة هي صحيح! ابتسامة سعيدة ولكنها متألــمة زينت ملامحها وسط سيول دmـ.ـو.عها عنـ.ـد.ما رأته يجلس على الفراش وعيناه مُنصبة عليها! أكان ينتظرها! هرولت مسرعة ملتهمة الخطوات التي تفصلها عنه حتى وصلت أمامه مباشرة ولم تعطيه فرصة للنظر إليها وإنما هبطت بـشفتيها تلتهم شفتيه بـقبلة قاسية وعنيفة بـثت بها خــــوفها وهلعها والأهم ألــمها التي تقاسمته لحظة رؤيته جثة والمـ.ـو.ت يحوم حوله! لم تفصل القبلة وخاصة عنـ.ـد.ما شعرت بـيديه التي قبضت على عنقها مقربة جسدها منه ساحبًا أنفاسها بـقبلة أقوى وكأنه يعلمها كيف تعبر عن خــــوفها وشوقها! لعدة ثوانِ أو ربما أكثر ظل كلاهما يُعطي للآخر جرعته اللازمة من القوى والحب المُزين بـالألــم تاركين قلوبهم تتقابل خلسة بـحديقة مُزدهرة بـالعشق المُرصع بـالهيام والوفاء الأبدي! ابتعدت عنه ودفنت وجهها بـعنقه وتحسست أصابعها جـ.ـر.ح رأسه من الخلف وهمست بـألــم

_ اديني ألــمك وو.جـ.ـعك وكل اللي تاعبك احمله عن قلبك

ضمها «براء» لـصدره بـقوة ووضعها على ساقيه مغمضًا عينيه من الصداع الذي يفتك بـرأسه آثر تلك الوقعة اللعينة التي تسببت بـجـ.ـر.ح رأسه وتمتم بـحب لن يقل يومًا

_ قلبي لو مشافش ضحكتك وسمع صوتك ضم روحك ليه مش هيعيش عشان يتعب

وعلى ذكر المـ.ـو.ت تساقطت دmـ.ـو.عها مجدداً مهما فعلت وتصنعت القوة لن تقدر! لن تنسى أنه سيذهب يومًا وهذا قريب! ولكنها تدعو من كل قلبها أن يأتي يومها قبل يومه، ابتسمت بـمرح وسط دmـ.ـو.عها وتمتمت

_ ولا بقى فيها دُخله ولا خارجه حتى

ضحك «براء» بـقوة حتى أدmعت عيناه واهتز جسده أسفلها مما جعلها تبتعد حتى ترى ضحكاته التي لن تتردد بـتقديم عمرها حتى تظل تسمع صداها وليتها لم تفعل فرغم حـ.ـز.نه وتعبه لم تقل وسامته! حمحم هو بـتوعد واقترب من أذنها بـخبث هامسًا بـنبرة بعثرتها كليًا

_ ولا ألف خبطه تضـ.ـر.ب ليلتنا والعمر كله قدامنا يا وردة ربيعي

احتضنته بـحب دافنة وجهها بـصدره ومكورة جسدها بـالقرب منه مُعطية قلبها فرصة مُضيئة لـيتنهد بـراحة صادقة بعيداً عن خــــوفها وفزعها...

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡

ضحكت «هبه» بـشغف عنـ.ـد.ما استمعت لـضحكات صديقتها ولهفتها الجارفة التي جعلتها تنساها! استمعت لـحمحمة رجولية من خلفها تبعها رجفة بـ.ـاردة دبت بـقلبها كيف تناست وجوده! أكان يراقبهم ولم تنتبه له! ابتلعت ريقها بـراحة مزيفة ونهضت ملتفة له بـعينين حاملتين لآثر الدmـ.ـو.ع وتمتمت بـحرج:

_ آسفه نسيت إنك هنا...

كم رغب بـالضحك الآن بـعلو صوته على هيئتها الطفولية وأصابعها التي تقبض على ثوبها الأسود ورفرفة أهدابها التي أيقنت له حرجها الشـ.ـديد ولكنها كما يقولون ما زادت الأمر إلا سوءً أهكذا تتأسف له! أتخبره أنها نسيت وجوده! تنهد بـتعب وهمس:

_ ولا يهمك... الوقت اتأخر يلا اطمني عليهم لو حابه عشان أوصلك

هزت رأسها بـنفي وابتسمت بـحب وأردفت:

_ طالما بقوا سوى أنا اطمنت

أومأ لها بتفهم وشعرت بـنظراته التي اخترقت فؤادها وكأنه يلومها! عضت على شفتيها بـألــم لحاله الذي تعلمه جيداً! هي أيضاً تشتاق لـصوته وضحكاته! تتمنى ضمة واحدة منه وتُقسم أن جميع آلالامها ستتبخر! لا يروقها صمته وتنحيه عنها والحـ.ـز.ن المُشيد بـحدقتيه! لا يروقها مُطلقا!! سارت خلفه بـخطوات مماثلة وكأنه تخبره أنها معه! خلفه! له! مهما طال الدهر وقست بهم الأيام، صعدت جانبه بـهدوء وظلت تراقب الطريق وعينيها رغماً عنها كانت تختلس النظرات الحارقة له! زفرت بـحدة مردفة:

_ قول اللي عندك يا ثائـر

رمقها بـنظرة جانبية وأردف بـرزانته المعهودة:

_ معنديش حاجه تتقال!

نفخت بـضيق من صمته وتعمده ذلك وهتفت:

_ لا شكلك بيقول عاوز تقول حاجه

منع «ثائـر» ضحكة كادت أن تنفلت منه وناظرها باهتمامٍ مُعقبًا:

_ لا هو أنا اللي كل شويه أسرق منك نظره! ولا أنا اللي بجر كلام رغم إني اللي كنت بمنعه وبقفله! معتقدش إني اللي محتاج يتكلم....

كتمت شهقتها من وقاحته بـالحديث معها وإدعاؤه عليها!! وادارت وجهه عنه بـغـــضــــب وخجل من كشفه لها هامسة بصوت وصله:

_ براحتك.... اتفلق نصين....

ابتسم «ثائـر» بـحكمة وأوقف السيارة وأدار وجهه لها بـجدية ثم اقترب منها بشـ.ـدة مما جعلها تتراجع بـقلق مردفة:

_ أنتَ هتعمل ايه..... لا بقولك ايه فوووو...

قاطعها بـضحكة رجولية طاغية كست ملامحه وللحظة أحسته من خارج عالمهم وطل بـوسامته لـتهيم به نساء عالمها!! ابتعد عنها وعقد ذراعيه أمام صدره ورمقها بـمكرٍ مردفًا:

_ اتفضلي

جعدت ملامحها بـتعجب وناظرته بـضيق وكادت أن تعنفه ولكنه أشار للباب الذي فُتحَ بـمفرده! مهلا أكان يفتح لها الباب وهي بـسذاجتها سخرت ورفعت صوتها عليه!! نظرت لـمكانهم لتتفاجأ أنها أمام الحارة التي تقطن بها!! أحقا يسخر منها؟! صكت على أسنانها بـغـــضــــب ورفعت كفها بوجهه ثم كورته وكأنها تتخيل نفسها تلكمه وفكت سبابتها بـوجهه متوعدة:

_ الشاطر اللي يضحك في الاخر..... إياك ثم إياك تفكر تكرر اللي عملته دا تاني.... سامع...

أومأ لها بـخنوعٍ ولم تختفي بسمته وراقبها بـشغف تهبط من السيارة بـغـــضــــب ولم يمنع نفسه من نظرة أخيرة لها وهتف بـحب:

_ تصبح على خير يا حلو

تبخر غـــضــــبها وتوعدها له لسماع أنغام الحب بـصوته وابتسمت ملتفة بعدmا غادر وهمست بـصدق وحب:

_ وأنتَ من أهلي يا قلب الحلو

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
تقلبت بـألــم بسبب نومتها الخاطئة وفتحت عينيها بـضيق فوقعت عليه نائما على المقعد المقابل لها! ابتسمت بـهدوء ونهضت مقتربة من فراش الصغير وجلست جانبه ممسكة بـكفه، طبعت قبلة عميقة بـباطن كفيه وتنهدت مردفة بـصدق:

_ صباح الخير... يمكن تكون سامعني أو حاسس بوجودي حتى لو خايف منه... معرفش أنتَ مريت بإيه لدرجة إنك ترفض تكون معانا هنا... معنديش حد دلوقت أتكلم معاه غيرك... هبه رجعت بيتها وعندها حـ.ـز.نها وورده فرحها كان امبـ.ـارح... من النهارده هنكون صحاب... مش هكدب عليك وأقول مفكرتش أكرهك أو أبعدك عن أبوك بس كانت لحظه واحده... مجرد لحظة غـــضــــب ومحيتها من عقلي، أنتَ ملكش ذنب في أي غلط حصل أو بيحصل بالعكس وجودك هو اللي مخليني هنا دلوقت، تعرف إني بحب بابا أووي أقصد باباك... راكــان

مسحت على خصلاته بـحب وزفرت أنفاسها بـعمق مُكملة بـبسمة:

_ هو غلط وغلطه كبير أو يمكن لا بس أنا مش قادره اتخطاه... صعب على واحده زي مشافتش قلب حنين قبل كدا ولا حب حقيقي وكل حياتها دmـ.ـو.ع واكتئاب بس يمكن لو اتخلقت في ظروف غير دي كنت هنسى وهسامح، بحاول أدي لنفسي فرصه وأواجه كل أسباب حـ.ـز.ني وبدوس عليها عشان أكمل، عارف إنك شبهه!؟ مشوفتش عيونك بس واثقه إنها زيه.... كل ملامحك نسخه منه بس هو يمكن أقوى منك عشان كدا بيحاول معايا إنما أنتَ رفضت وهـ.ـر.بت لعالم مش هلومك لأنه أكيد أحسن من اللي عيشته هنا وإلا مكنتش لجأت ليه، عندي اختبـ.ـار مش هتأخر عليك، أنا هنا عشانك وهفضل ديماً عشانك... خليك قوي وارجعلنا يا حمزه

ختمت حديثها بـدmعة سقطت على كفيه ونهضت مُقبلة جبينه بـأمل وناظرته بـرجاء هامسة:

_ متو.جـ.ـعش قلبي أنتَ كمان وقوم

التقطت حقيبتها وسترتها وخرجت من الغرفة تحارب دmـ.ـو.عها التي تهدد بالسقوط، مهما بلغت قوانا ستأتي لحظات الضعف لتحتضن القوة لـتخر راكعة لها سامحة للعقل والقلب بـهدنة مُحكمة يلوم كلاً منهم الآخر على جفاؤه وقسوته وأيضاً سذاجته!! هذا الصغير وُلِدَ بها حبه! الأيام الماضيه كانت تنتظر ذهاب «راكــان» وتجلس تقرأ له القصص وتحكي معه عن ما يقلق نومها بل واتخذته صديقها المُقرب قبل كونه صغيرها! أقسمت له أنها لن تجعله يشعر بـذهاب والدته وستكون له الأم، الأخت، الصديقة وكل شيء!!

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡

فتح «براء» عينيه بـألــم باحثًا عنها بـالغرفة عنـ.ـد.ما لم يجدها بـجانبه، تحسس رأسه وجـ.ـر.حه الذي لم يهدأ منذ ليلة أمس ونهض بـتعثر ينادي عليها، وصله صوتها من المطبخ، وقف على أعتاب المطبخ مستندًا بـجانبه على الباب وعيناه تلتهم تفاصيلها البسيطة وحركتها السريعة وقصر قامتها الذي لا يساعدها أبداً لـإلتقاط الأواني!! ابتسم بـعشق ورضا لتلك اللحظة التي أنعم الله عليه بها و.جـ.ـعلها زوجته لـيشاهدها تعد له الفطور بكل ذلك الحب والسعادة وكأنه طفلها وليس زوجها!! اقترب منها محاوطًا خصرها وأسند رأسه على أحد كتفيها هامسًا أمام أذنها:

_ صباح القمر.... بتعملي إيه بادري كدا

ابتسمت «ورده» ولفت ذراعيه حول كفيه واراحت رأسها على صدره هامسة بـحب:

_ صباح الورد على عيونك.... أولاً بحضر الفطار زي ما أنتَ شايف.... وثانيًا إحنا بقينا الضهر مش بادري ولا حاجه وثالثا....

قاطعها هو بـضيق مصطنع مردفًا:

_ ثالثاً دي صباحك على جوزك يوم الصباحيه!؟

قلبت عينيها بـملل مصطنع وهمست بـغـ.ـيظ:

_ صباحية مين أحنا هنكدب الكدبه ونصدقها يخويا

ابتعد عنها بـحدة واشار على نفسه بـتعجب هاتفًا:

_ أخوكِ!!

تخصرت بـدلالٍ وراقصت حاجبيها وهتفت:

_ ايوا أخويا تنكر!! هااا تنكر؟!

اقترب منها «براء» مجدداً محاصرًا جسدها بين سطح المطبخ وجسده وهمس أمام شفتيها بـعبث:

_ طب إيه رأيك تيجي معايا واثبتلك إذا كنت أخوكِ بجد ولا...

قاطعته مقتربة منه وهمست أمام شفتيه بـمكر ودلال:

_ بـعينك يا حلو.... الدكتور قال بلاش يتعب نفسه

صدحت ضحكات «براء» بـشـ.ـدة حتى احمر وجهه بـالكامل مرجعًا رأسه للخلف وهتف بـمكر:

_ مين قال إني هتعب نفسي! دا أحنا هنلعب بس!

أحاطت عنقه بـعشق ولمعت عينيها بـوميضٍ من الخبث وتمتمت بـتهكم:

_ تعلب إيه يا حسره هو أنتَ لسه صغير!؟

جذبها لـترتطم بـصدره وتمتم بـخبث:

_ تؤ بـلعب لعب كبـ.ـار تحبي ت عـ.ـر.فيها!؟

ابتعدت عنه بـدلال وجذبته من كفه وحملت الطعام متوجهة للـغرفة وأردفت بـحـ.ـز.ن مصطنع:

_ لا يا بيبي لما تخف نبقى نلعب براحتك دلوقت هتاكل وتاخد دواك وتنام

هز «براء» رأسه بـتهكم وصفعها بـخفة على ذراعها وتحدث بـسخرية:

_ مغسلش سناني واشرب اللبن بالمره؟!

وضعت الطعام على الفراش ودفعته وجلست جانبه مردفة بمرح:

_ ومالو يا قلبي... حبيبي أشطر كتكوت يا ناس

رمقها بـنظرة ممـ.ـيـ.ـتة جعلته تطعمه دافعة الطعام عنوة من بين شفتيه كاتمة ضحكاتها على منظره الغاضب وعقدة حاجبيه التي لن تنفك!!

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡

انتهت « أثير» من اختبـ.ـارها ونهضت مغادرة ولكن أوقفها صوت فتاة ما تهتف بـسخرية:

_ وقبلت على نفسها تكون زوجه تانيه؟!

تجاهلت الحديث ولكن نظرات الجميع التي انصبت عليها عنـ.ـد.ما دلفت «مي» بـوجهها التي لم تستطع أدوات التجميل إخفاء كدmـ.ـا.ته ووقفت بـمنتصف الطلاب بـالمحاضرة هاتفة بـخبث:

_ لازم كلنا نروح لـدكتور راكــان المستشفى عشان ابنه عمل حادثه وفي غيبوبه بقاله فتره ومهما كان هو طول عمره كويس وجدع معانا لازم نقف جنبه ولا إيه يا شباب!!

استمعت «أثير» لهمهمـ.ـا.ت الجميع ونظراتهم التي انصبت عليها وخرج صوت إحداهم:

_ ابنه ازاي وهو متجوز مكملش شهر يا مي ولا الدكتور كان مدورها....

رأت نظرات السخرية بـاعين الجميع والشمـ.ـا.تة الظاهرة من قلوبهم تكاد تندلع لها ولكنها ألجمت ذاتها وتحكمت بـغـــضــــبها وهمت بـالخروج إلا أن كلمـ.ـا.ت إحدى الفتيات المرافقة لـ« مي» جعلتها تتصنم بـمكانها:

_ لا الدكتور كان متجوز وعنده ولد من مـ.ـر.اته الأولى واتجوز تاني عشان يسلى وقته...

انساقت خلف غـــضــــبها وجُرح كرامتها الذي فتح عليها نيران من جحيم روحها الممزقة وحملت ذاتها خارجة ولكن تلك الأفعى اقتربت منها على غفلة وهمست بـنشوة وانتصار:

_ كدا نبقى متعادلين

بـصعوبة تحكمت بـدmـ.ـو.عها وقضمت شـفتيها حتى شعرت بـطعم الدmاء بـفمها وتلك السخونة التي اجتاحت جسدها وسرت لـعقلها لـيشكل لها أفظع اللقطات التي ترغب بـفعلها بـتلك الماثلة أمامها ولكنها تصنعت الهدوء رفعت رأسها مبتسمة وحركت شفتيها وباغتتها بـصفعة قوية أدرات وجهها بعيداً!! لم تختفي بسمة «أثير» على العكس اتسعت بسمتها عنـ.ـد.ما خيم الصمت بـالغرفة وناظرهم الجميع بـتقرب وكأنهم ينتظرون نهاية لـمشهد حابس للأنفاس!! هو بالطبع كذلك وخاصة عنـ.ـد.ما رفعت «مي» رأسها ورسم الغـــضــــب هالة على وجهها أسفل أصابع «أثير» وتحكم حقدها منها وانقضت على الأخرى تحاول جذب خصلاتها ولكن «أثير» لم تترك لها فرصة ونابت عنها قابضة على شعرها حتى شعرت بـجذوره بين يديها وهتفت من بين أسنانها ببرود:

_ شكلك بتحبي العنف يا ميوش وبصراحه أنا بمر بأزمه نفسيه مخلياني عاوزه اطلع عقدي على أي كـ.ـلـ.ـبه بشوفها قدامي

شـ.ـددت من قبضتها وسط صراخ الأخرى وتأوهاتها ولم تكتفي «أثير» بذلك بل قبضت على فكها بـعنف حتى استمعت لـصوت صرير أسنانها وهمست بـهدوء:

_ خافي مني لأن لما حد بيجي عليا جـ.ـا.مد أو على حاجه تخصني بحرقه....

دفعتها عنها بـاشمئزاز وتناولت حقيبتها مغادرة بـشموخ وسط هدوء زملائها الذين لم يحاولوا ولو بالصوت الدفاع عن تلك الأفعى السامة التي تحاول جاهدًا لإذلالِها!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
بـنهاية اليوم وقفت «ورده» تهز جسدها بـدلال وإثارة على أنغام الموسيقى جانبها وتغسل الأطباق بـمرح مرددة كلمـ.ـا.ت الأغاني غافلة عن المتربص لـحركاتها بـحب يود التهامها بـأي لحظة ولن يتردد!!اقترب منها حتى بات خلفها مباشرة ولكنها شعرت به وتناولت السكين وانتظرت اقترابه منها وما إن كان يحتضنها حتى باغتته بـنظرة مشاكسة واضعة السكين على عنقه ودفعته على الجدار محاصرة جسده مردفة بـملل:

_ أنتَ مبتتعبش يا بني!؟

لم يُصدm بالمرة هو فقط تفاجأ وسرعان ما هدأ وأحاط خصرها مُقربا شفتيه منها وتمتم بـإصرار:

_ لا وحني عليا بقا عاوز ادخل دُنيا

لكزته بـحدة بـمعدته وهتفت بـغـــضــــب مصطنع:

_ قولنا لا لما تخف وبطل قلة أدب بقا

غرس «براء» أصابعه بـخصرها وجذب جسدها بـقوة حتى التصقت به وهمس بـخبث:

_ والله أنتِ ما شوفتي قلة الأدب ومعنديش مانع أوريهالك عملي وهنا!!

صفعته بخفة على خده وقرصته بـخصره وتمتمت بـتوجس:

_ أنتَ معمولك عمل في المطبخ!؟ قولي متتكسفش!!

هز رأسه بتأكيد واقترب راغبًا بتقبيلها وهمس بـقوة:

_ طب بوسه بس!؟

بـصعوبة ابتعدت عنه ورفعت سبابتها بـوجهه وهتفت بـحزم:

_ ولا في أحلامك حتى

أومأ لها بـصمت حتى ظنت أنه سيخرج وسبقته ولكنها ارتابت من هدوؤه ونظرت خلفها لترى وميض المكر الذي باتت تعرفه عنه فـأسرعت تركض بـأنحاء الشقة بـمرح بينما هو تمتم بـتوعد:

_ وأنا هستنى أحلامي أنا الليلة دي يا قـ.ـا.تل يا مقـ.ـتـ.ـو.ل

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡

لا تعرف كم ظلت غافية جانبه منذ أتت وقصت عليه كل ما حدث لها وبكت كثيراً عنـ.ـد.ما تذكرت نظرات اللؤم والانتصار والحقد بـأعين زملائها ولا تعرف كيف ستذهب للجامعة مجدداً بعد ما حدث معها!! نهضت تبحث عن هاتفها حتى ترى الساعة نظرت بـجانب «حمزه» لـتجد « راكــان» النائم بـسلامٍ ولكن لم يخفى عليها التعب البادي على ملامحه وخطوط الهالات التي حُفرت أسفل عيناه وشحوبه الدائم وقلة نومه فهو بـالكاد ينام ساعة أو أقل صباحًا ويسـ.ـر.ق بعض الدقائق نهارًا!! تنهدت بـشوق مقتربة منه وجثت على قدmيها أمامه متحسسة ملامحه التي عشقتها بـروحها وهمست بـلوم:

_ عاوزه أسامحك ونرجع وتحـ.ـضـ.ـني وتطمني بس مش قادرة، عاوزه أكون جنبك وأضمك بس مش عارفه، بحاول أكون كويسه عشان ارجع ليك، مش هخليك تشوف أثير الضعيفه اللي الكل بيتنمر عليها تاني، اعتبرها كانت طفره في حياتك واتمحت وأنا نفسي مش عاوزه افتكرها، عاوزه أكون معاك بقوتي واتخلى عنها بين ضلوعك بس بـإرادتي مش تكون مسلوبه مني، حبك تاعبني ومحاصر قلبي ومخليه رافض أي نجاه غير طريق عيونك، عمري ما كنت متخيله إني هحب بالطريقة دي اللي تخليني أمـ.ـو.ت بعيد عنك وعاجزه إني أقرب منك وأنا عارفه إنك سبيل راحتي، هسامحك وهنسى بس امتى مش عارفه يمكن شهر او اتنين أو أكتر أو حتى سنه بس حبي ليك مع كل يوم بيتضاعف في قلبي وبكل كياني بقولك هرجع ونكون سوا أنا وأنت وحمزه....

أزالت الدmـ.ـو.ع العاقلة بـجفونها وابتسمت بـعشق طابعة قبلة خفيفة كـنمسة ربيعية فوق شفتيه رغبت بـالتعمق والاختباء بين ثنايا روحه لتشعر بالدفء يتخلل لها ولكنها تعرف نومه الخفيف من أقل حركة يصحو!! نهضت مقتربة من «حمزه» ولكن أصابعه التي احتضنت كفها جعلتها تتنهد بـتعب كانت تعلم أنه سيستيقظ ولكن ليس الآن!! التفت له لـتقابل حـ.ـز.ن عيناه وإشارات روحه التي تستغيث بها!! جذبها لـتجلس على ساقيه وانصاعت لـحاجتها لـذلك ودفنت وجهه بـعنقه بـإرهاق وتنفس كلاهما بـراحة وكأن أرواحهم كانت بـسباقٍ مُجهد استنزف طاقتهم وللتو عادت لأجسادهم، ضم كلاً منهم الآخر بـقوة ساحبًا ألــم شريكة نابذًا الهجر والفراق!! استندت هي بـرأسها على كتفه مغمضة عينيها مُجبرة عقلها على الإذهان لـنسيان كل ذِكره أليمة تسببها هو ومُفرشة بساط الدلال للحظاتهم الفريدة التي كانت تبتسم بها من كل قلبها معه وبسببه وله!!! أما هو!! شابك يديه معاً كـقيدٍ مُلغم حول ظهرها يستحل ردعه!! تنفس أنفاسها بـعمق متخذًا كل الوقت في العالم لفعل ذلك مُقدmًا لـوجدانه الإشارة الخضراء لـينعم بـقربها ولو بـلحظة وحيدة فقط!! ذهب تعبه، إرهاقه، حـ.ـز.نه، ألــمه، و.جـ.ـعه والأهم خــــوفه في تلك الدقائق التي جمعتهم رافضين الابتعاد رغم الحواجز القائمة بينهم، فـهل بـذلك مُحت آثار الندبات والكلمـ.ـا.ت!؟ أبذلك رضخت لـحبها وانصاعت لـخفقان فؤادها؟!........
مرارة الفؤاد وقت التوسل والرجاء تتخطي مرارة العلقم

حِفنة من التخيلات والهواجس والصراعات تُطرح بـالعقل سامحة لـلصراع الداخلي بـالنشوب والهياج، مُعطية إشارة لـجلد الذات والنـ.ـد.م وخيبات الأمل بـالتصاعد للـحلق ثاقبة شعيراته الرفيعة وضاربة بـاعتراضات القلب عليها!!

لا مجال للـهرب من تلك الحروب الناشبة سوى بـضمها لـصفوف العقل وإخماد ثورتها المضادة فهي أقوى من الغُزاة المُستعمرة للأوطان!! التشتت الناتج عن تبعات الأمور هو من يجعلنا نصرخ ليلاً طلباً المواساة والهدوء لـعلنا نُرحم!! الأمر أشبه بـمحاولة التحكم بـالهواء بين قبضتك!!

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
لا تعرف كيف مرت تلك الليلة عليهم سوى أنها استيقظت وجدت نفسها مُغطاة بـسترته على المقعد الوثير وهو ليس بـجانبها! فركت عينيها بـوهن وضمت سترته لـصدرها دافنة أنفها بها تستنشق رائحته الرجولية التي طغت عليها! لا تعرف لـمتى ستظل تحبه كل يومٍ وكأنها تراه للمرة الأولى! حبه استعمرها كليا ولم تُحرك جيوشها حتى لـردعه بل وقعت أسيرته بـإرادتها الحرة! نهضت مقتربة من فراش الصغير وكعادتها قبلته وضمت كفيه لـصدرها وهمست بـبسمة صادقة:

_ أول ليلة أحس إني ضايعه امبـ.ـارح وكنت محتاجاه وشوفت في عيونه أنه فهمني، محاولتش أمنعه ولا امنع نفسي، يمكن أنا هفضل ضعيفه بس ضعفي ليه ومعاه وضع تاني، بقالي فترة كبيره مش عارفه وجهتي فين وعاجزه عن إني ألاقيها، فوق بـسرعه يا حمزه، غيبتك طولت...

وضعت رأسها بـتعب على كفه وأغمضت عينيه متخيلة إفاقته بل وضحكته، كيف أحبته وكأنها صغيرها؟! وكأنها من أنجبته؟! كيف تقبل قلبها هذا الصغير لا تعلم! هي بالأصل ليست حاقدة أو كارهة له على العكس هي تعتبر نفسها والدته! شعرت بـحركة خفيفة أسفل رأسها ولكنها ظنت أنها تتوهم ولكنها شعرت بـأصابع صغيرة تمسح على شعرها!! رفعت رأسها كما تتوسله أن لا يخذلها منتظرة أن يكون هو وليست متوهمه!! تساقطت دmـ.ـو.عها بـفرحة عنـ.ـد.ما طالعها بـبسمة خفيفة لم تصل لـعيناه!! وضعت كفها على فمها بـصدmة وسعادة غير مصدقة بأنه أفاق!! صغيرها عاد!!! ضغطت على زر استدعاء الطبيب من جانبه وساعدته بـسعادة لـيجلس على الفراش وكانت تحارب قلبها حتى لا تحتضنه! هي لا تعلم ماهية شعوره نحوها! هل سيتقبلها مثلما فعلت هي؟! سيحبها ويظل بجانبها؟! وسط أسئلتها لم ترى نظراته الهادئة التي رمقها بها ورجاءه لها! تلاقت نظراتهم لبرهة قطعها هو بـرفع ذراعيها كـدعوة صريحة لها بـضمه!! لم تنتظر بل ضمته بـقوة وكأن حياتها تعتمد عليها حتى أخفت جسده الصغير داخل صدرها وتابعت دmـ.ـو.عها السقوط على خصلاته!! مضت عدة دقائق لم تفصل عناقهم حتى دخل الطبيب لـيفحصه وابتعدت مضطرة ولكن عينيها لم تبـ.ـارحه وهو أيضاً!! تنفست بـهدوء بعد فترة عنـ.ـد.ما انتهوا من فحصه وغادر الجميع، اقتربت جالسة منه ووضعت طاولة الطعام الصغيرة أمامهم ولم تختفي بسمتها السعيدة وكأنها حصلت كل أمانيها!! أطعمته بـحبٍ وصدق وكأنها والدته حقاً! ما أقلقها هو صمته فقط يُعطيها نظرات!!!

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡

فتحت عينيها بـضيقٍ من أشعة الشمس التي اخترقت غرفتهم! رفعت جسدها قليلاً وسرعان ما تألــمت وضـ.ـر.بت ذكريات ليلة أمس عقلها!! جحظت عينيها بـصدmة وخجل عنـ.ـد.ما تذكرت حِصاره لها حتى غرفتهم ووقوعها فريسة له!! ابتلعت ريقها بـقلق ورفعت الغِطاء من عليها لتصطدm بـجسديهم العاريين مما جعلها تغمض عينيها بخجل وحب، ظهر حبه وعشه لها سويًا ليلة أمس، أغدقها بـكلمـ.ـا.ت الهيام حتى بـنبرات خُتم بها الصدق والوفاء، أصبحت زوجته! توجت على اسمه قولا وفعلاً!! غطت وجهها بـكفيها بـخجل وشعرت بـحرارة تنبعث من خديها وأذنيها وموجة من الضحك انتابتها وبـصعوبة شـ.ـديدة تحكمت بها!! ابتسمت بـخبث عنـ.ـد.ما طرأت لها تلك الفكرة المشاكسة وسرعان ما جعدت ملامحها بـبكاءٍ ومطت شفتيها بـنـ.ـد.م وجذبت خصلاتها مجعدة إياهم وصاحت بـبكاء مصطنع صارخة عند أذن ذلك المسكين:

_ قوم يا متوحش قووووم أنتَ عملت فيا إيه عاااااا

نهض «براء» بـفزع وألــمٍ قوي يضـ.ـر.ب مؤخرة رأسه وهتف بـنعاس:

_ إيه.... حصل إيه....

صكت على أسنانها بـتوعد من لامبالاته وقرصته بـعنف بـخصره وصاحت بـغـــضــــب:

_ عملت فيا إيه هااا؟! شربتني إيه وخدت غرضك؟! قولي؟!

تلاقى حاجبي الآخر بـتعجب سرعان ما تبدل لزهول أنسيت؟! صفع كفيه معا بـيأس وتمتم بـهدوء:

_ بقيتي مراتي وحبيبتي يا ستي كملت جوازنا!

كادت بسمة عاشقة تشق ثغرها ولكنها حجبتها ولكزته بـقوة بـذراعه هاتفة:

_ يا بجاحتك يا شيخ!! شربتني إيه؟؟ نيمتني واستفرضت بيا وخدت غرضك

ضيق «براء» عينيه بـتوجس وهو يعلم ألاعيبها جيداً ومد يديها بـخبث من أسفل الغطاء قارصًا ظهرها العاري مما جعلها تشهق بـخجل وتـ.ـو.تر ساحبة الغطاء عليها مبتعدة عنه وصاحت بـخجل وغـــضــــب:

_ يا قليل الأدب يا وقح... يا.... عااا

صرخت بـخجل وتـ.ـو.تر بلغ مبلغه منها وهرولت مسرعة للمرحاض عنـ.ـد.ما رأته ممددة بـجسده العاري ولم يستر سوى نصفه السفلي!! ويناظرها بـمكر وخبث!! شتمته وسبته ولكن رغم ذلك ابتسمت! ذكريات ليلة أمس لن تُمحى من عقلها ما دامت على وجه الخليقة! سعادتها لا يساعها الكون بـأثره وفرحتها التي تتراقص بـسرور وبهجة أغدقته هو الآخر!! دلفت أسفل المياه الدافئة لـتسترخي عضلات جسدها المتشنجة من خجلها الشـ.ـديد منه ولم تختفي بسمتها العاشقة.....

تنهد «براء» بـسعادة كأنه لمس السحاب بـيديه! أغمض عينيه يُعيد كلمـ.ـا.تها التي كانت تهمس بها له بـكل دقيقة لهم! يعلم حبها جيداً وعشقها الذي يحاصره ولكنها لم تتوقف عن حروفها التي أشعلت عقله و.جـ.ـعلت لسانه يغدقها بـعشقه اللامتناهي!! ضحك بـشـ.ـدة عنـ.ـد.ما تذكر ملامحها الفزعة والخجلة عكس تلك الفتاة الجريئة التي احتوته أمس!! أحقا تخجل الآن؟!

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
وقف أمام الغرفة وقلبه ينبض بـعنف كمن خرج من قتالٍ دmوي للتو!! لقد زار طبيبه منذ أتي وأخبره أنه أستفاق بل وجميع مؤشراته الحيوية بخير ويمكن له الذهاب مع للبيت!! أخرج زفير عميق من رئتيه عبر عن تـ.ـو.تره من لقاء صغيره!! دلف بـهدوءٍ عكس ضجيج جسده ولكنه ما لبث أن ابتسم عنـ.ـد.ما رآها تضمه لـصدرها وتطعمه بـحنانٍ يُقسم من يراها أنها والدته وليست زوجة والده!! رغم شقيها المُعارضين لـبعضهم البعض كان «حمزه» العامل الوحيد المشترك بينهم هو من جعلها تبقى وهو من ساعده لـتغفر له ولو قليلاً!! اقترب منهم بـحرص حتى أصبح أمام الصغير وأمسك كفه بـحب وحنان لا يعرف ماذا يخبره! أيسأله عن حاله؟! أيضمه؟! هز رأسه بـسخرية من حاله وحمله لـصدره وسط نظرات «حمزه» الهادئة و «أثـير» المبتسمة!! ضمه لـأضلعه يخفيه داخله مستنشقًا عبير طفولته التي حُرم منه لـعشرة أعوام مضت دقائق طويلة عليهم ابتعد عنه وأجلسه على قدmيه ماسحًا على خصلاته بـحب:

_ بيقولوا إنك شبهي مكنتش مصدق بس عيونك نسخه مني.... أنتَ حلو أووي

أحاط «حمزه» عنق والده بـضعف بـسبب هُزال جسده وهز رأسه بـتأكيد بينما تابع «راكــان» بـشغف:

_ إيه رأيك نخرج من هنا نتفسح! ولا نروح عند تيتا هتحبها اووي.... ونجيب لبس كتير ليك ولعب ونروح في أي مكان نفسك فيه و...

أوقفته «أثـير» بـعينين دامعتين:

_ راكــان حمزه تعبان محتاج يرتاح لسه.... ياخد فترة نقاهه وبعدين نعمل كل اللي نفسه فيه

أومأ لها بـموافقة وتمتم ربت على كفها بـحب وهمس:

_ ربنا ما يحرمني منك ولا يخليني سبب بو.جـ.ـع قلبك

هزت رأسها بـصمت واكتفت ببسمة صغيرة وحولت نظرها لـ «حمزه» الهادئ وتمتمت بـحنان:
حبيبي أنتَ كويس؟!

هز «حمزه» رأسه وابتسم لأول مرة بـشفافية وصدقٍ تام وخرج صوته الذي ظنوه مفقود:

_ ايوا

نهض «راكــان» مبتعدًا عنهم وتمتم قبل خروجه:

_ هخلص إجراءات الخروج عشان نرجع البيت

أومأت له ودارت بـنظرها لـ «حمزه» الصامت وتمتمت بـمرح:

_ أنا أثـير اعتبرني صاحبتك من النهارده دا لو مش هيضيقك؟!

ابتسم الصغير بـسعادة وهتف بـفرح:

_ أنا عمري ما كان عندي صحاب... عشان كدا هعتبرك صحبتي الوحيده

عضت على شفتيها بـألــم لـحال الصغير ولكنها ستعوضه! سـتجعل حظه أفضل منها بكثير هي تعلم جيداً معنى كونك وحيد الأصدقاء والأسرة وما تُخلفه تلك المفقودات بـالنفوس البشرية والقلوب لـذلك لا مجال لـترك صغيرها وحيداً أبداً ما دامت حية تُرزق!!

التقطت حقيبتها وفتحتها مُفتشة عن قطع الحلوي التي أبتاعاتهم له منذ مدة ولم تخرجهم من حقيبتها سوى الآن!! وضعت أمامه بـلهفة وحب وأردفت بـطيبة:

_ معرفش أنتَ بتحب اي نوع شيكولا أكتر فجيبت ليك منهم كلهم...

ضحك «حمزه» على تـ.ـو.ترها الذي تخفيه وحُمرة خديها التي تغلبت عليها وقبض على الشيكولاته ووضعهم جانبًا وأردف بـامتنان وحب:

_ كنت بسمعك كل يوم لما بتكلميني وتحكيلي عن يومك.... كنت بحس بـيكي وبـدmـ.ـو.عك... أنا بحبك جداً وشكراً لأنك مكرهتنيش ولا رفضتيني

هزت رأسها بـنفي قاطع ونزلت دmـ.ـو.عها تخالط بسمتها السعيدة لكلمـ.ـا.ت الصغير البسيطة التي ابتهج قلبها له!! احتضنت كفيه وقبلتهم بـحب وهمست بـتأكيد:

_ حتى لو كان في مجال أرفضك مكنتش هقدر لأنك شبهه، نسخه من راكــان، أنا عمري ما هفكر حتى أكرهك أو أرفضك، أنتَ ابني حتى لو متقبلتش كدا!!

قاطعها الصغير بـوضع أصبعه على شفتيها وأكمل حديثها بـألــم وصوتٍ مزقها:

_ مش عاوز ارجع لواحدي تاني، مش عاوز أنام لواحدي بالليل، مبحبش الضلمه، مش عاوز أكون لواحدي ولا العب لواحدي، أنا كنت ديما لواحدي حتى لما كنت نايم بقيت لواحدي في مكان جميل بس حتى دا فضلت لواحدي!! هي كانت بتسيبني في البيت وتقفل عليا وتمشي ولما بترجع بتنام وأنا... أنا

اختنق صوته بـدmـ.ـو.عٍ موجوعة وآلالامٍ يصعب على طفلٍ بـعمره تحملها ولم تحاول هي إيقافه بل شـ.ـددت على يديه وأكمل بـنبرة طفولية متذمرة:

_ كنت بشوف الولاد مع بعض ولما بقول ليها كانت بتزعقلي وتقولي أنتَ مش زيهم ومينفعش تلعب، هو أنا مش زيهم لي يا أثـير؟! أنا مش من حقي العب؟! مش لازم يبقى ليا صحاب؟! مش بعرف أقول ليها ماما، في حاجه بتمنعني اقول كدا، هي مش بتضـ.ـر.بني ولا بتزعقلي بس كانت بتحبسني!! كانت بتخليني في أوضه ضلمه ايام كتير وتقفل عليا وتمشي وأنا بفصل أعيط وأنادي عليها ولما بتعب بنام، كانت عارفه إني مش بحب الضلمه وبخاف منها بس كانت....كانت بتحطني فيها....

انهار «حمزه» بـنوبة بكاءٍ ألــمت روحها معه و.جـ.ـعلت دmـ.ـو.عها تتحجر بـمقلتيها رافضة النزول فقط تركت لقلبها زمام الألــم!! لقد قاسى هذا الصغير ما لا يتحمله الكِبـ.ـار بـعمرهم! كيف لـوالدته التي تألــمت لأجله تسعة أشهر أن تحطمه وتُبقيه على تلك الشاكلة المروعة؟! كيف لأمٍ أن تكون بتلك القسوة والعنف مع فلذة كبدها؟! لما تعنفه وتحقد عليه بـتلك الطريقة أبذلك تربيه؟! يبدو لها الطفل نسمة هادئة وبالكاد يخرج صوته أحياناً رغم أنها لم تجالسه بعد؟! تشوش عقلها بالكثير من الاستفهامـ.ـا.ت وتخبطت مشاعرها ولكنها استسلمت ونهضت حاملة الصغير متوجهة لـ «راكــان» حتى يخرجوا!!....

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡

انهت « هبه» ارتداء ملابسه وألقت نظرة أخيرة على هيئتها وابتسمت بـرضى متنهدة بقلق لقد ترك لها « ثائر» رسالة ليلة أمس بعد ذهابه يخبرها أن والدته تريد رؤيتها والتحدث معها وأقسم أنه لن يكون بالبيت ولن يراها! أتفرح لـذلك أم تحـ.ـز.ن؟! أتسعد لأنه يحاول جاهدا مثلها ألا يقع بِـشباك الشيطان أو تحـ.ـز.ن لأنها كانت تتمنى رؤيته؟! توجهت للخارج لـترى شقيقتها تنتظرها ورمتها بـنظرة حانقة وما لبث أن تبدلت بـبسمة وهرولت ممسكة بـكفيها وسارا للخارج....

وقفت « هبه» أمام البيت متنهدة بـريبة ولكنها تشجعت طارقة الباب وابتسمت بـسعادة عنـ.ـد.ما طلت تلك المرأة التي تختزن بـقلبها حبٍ يكفي العالم أجمع وأكثر!! احتضنتها السيدة «نجاة» بحب وكذلك الصغيرة ورحبت بهم بـحفاوة، جلست « هبه» تفرك كفيها معا بـتـ.ـو.تر قطعه صوت الصغيرة الخافت:

_ أنا مش متفائلة بالزيارة دي

انحنت « هبه» عليها وهمست بـصوتٍ مماثل لها:

_ عاوزه الحق!! والله ولا أنا

كانت السيدة « نجاة» تتابع همسهم الخافت وحركات وجه الصغيرة التي جعلتها تود التهامها ولكنها تغاضت عن ذلك وعقدت ذراعيها بـلوم وتمتمت:

_ يعني لازم ثائر اللي يكلمك عشان تيجي تشوفيني واتكلم معاكي؟!

هزت الأخرى رأسها بنفي وتمتمت بـصدق:

_ لا والله يا طنط بس حصلت ظروف كتير شغلتني مش أكتر

ابتسمت السيدة « نجاة» بـطيبة وهمهمت مردفة بـمزاح:

_ خلاص عفونا عنك بس بشرط

أومأت « هبه» بموافقة وتمتمت:

_ وأنا موافقه من قبل ما أعرفه

_ تيجي تعيشي معايا هنا
تمتمت بها السيدة « نجاة» بهدوء...

جف حلق « هبه» مما سمعته وعاودت عليها السؤال وكأنها كانت تتخيل:

_ حضرتك قصدك إيه؟!

رمقتها الأخرى بـنظرة حانية وصادقة مردفة بـحب:

_ أنا فاهمه أسبابك ومت عـ.ـر.فيش كبرتي في نظري ازاي بعد قرارك دا بس دلوقت ثائر هيسافر فترة وهفضل لواحدي

لم تستمع من حديثها سوى أنه سـيسافر!! غِصة قوية حرقت حلقها جعلته ترغب بـالبكاء دون إرادة للـتوقف وهمست بـتساؤل:

_ هيسافر فين؟!

كانت الإجابة تلك المرة منه ولا تعلم كيف لم تنتبه أنه أتى! رغم أنه بألا يأتي وهي هنا!!! لم تجرأ على النظر له عنـ.ـد.ما سمعته يهتف:

_ سفريه ضرورية لمدة شهر... هسافر قطر

بـصعوبة ألجمت لسانها عن سؤاله لماذا؟! وكيف لم يخبرها قبل الآن؟! صحيح أنه ابعدته ولكن تواجده حولها يُريحها ولكن بُعده تلك الأميال عنها لا تضمن نتائجه! ابتسمت لهم بـتـ.ـو.تر ونهضت مقررة المغادرة حتى لا تُحمل ذاتها المزيد من المشاحنات ولكن وقوفه لها بالمرصاد متصديًا لخطواتها جعلتها ترفع نظرها له لأول مرة أتى وتهمس:

_ أبعد لو سمحت

علم أنها حزينة مثله تماماً هو مجبر على الذهاب فجأة طرأ له ذلك الأمر الذي لا مفر ولا بديل له، كانت نظراتها له حزينة ومتألــمة رأي من خلالها طيف من خيبة الأمل والاستسلام مما جعله يتمتم بـرجاء:

_ خلينا نتكلم شوي يا هبه

كادت أن تعترض ولكنه همس بـتعب:

_ أرجوكي اسمعيني وبعدين قرري

عادت لـمكانها مجدداً بعدmا غادرت شقيقتها مع والدته وجلس هو أمامها ينظر لها بـعينين هائمتين بينما تحاشت هي نظراتهم بـكل قوتها، تمنت بـتلك اللحظة أن تكون « أثير» المتهورة وتعنفه ثم تبكي وترحل أو « ورده» الوقحه لـسبته وتجرأت عليه ورحلت هي أيضاً ولكنها ليست كلاهما هي « هبه» الهادئة المتريثة كما تصفها صديقتها!!...

حمحم « ثائر» بـنَبرة رخيمة مردفًا:

_ مش هقدر أقولك سبب سفري على الأقل لحد ما ارجع واتاكد منه بس صدقيني أنا مُجبر اعمل كدا ومفيش بديل، هو شهر هسافره وهرجع تاني وقتها تكون عدتك انتهت ونتجوز لأني مبقتش قادر على البعد والتعب دا، مبقتش قادر اتحمل إنك تبقي قدام عيني ومعرفش أبصلك ولا حتى ابتسم في وشك، مش عارف أمارس حياتي من وقت ما بعدتي ورفضتي تقابليني أو تخليني اسمع صوتك، اعتبريه بعد أنتِ فرضتيه علينا يا هبه المرة دي، خليكي واثقه فيا ممكن؟!

بعد صمتٍ دام لـدقائق رفعت عينيها اللامعتين بـالدmـ.ـو.ع له وهمست بحـ.ـز.ن:

_ أنا مبعدتش بمزاجي، أنا عملت كل دا عشانا... عشان مش هتحمل نبقى مبسوطين بلحظات بنسرقها وهي معصيه... مش عاوزه أغلط وأنا عارفه الصح... .... هستنى تاني وتالت ومليون بس لو بعد كل الوقت في أنتَ!!

لم يمنع ابتسامته العاشقة أن تظهر وكيف لا وتلك التي أحبها هي آية من الحكمة والهدوء والسلام!؟ كيف وفتاته التي يعشقها تفهمه من نظراته؟! كيف وهذا الملاك يحبه ومعه؟! تنفس بـراحة وتمتم:

_ تعالي اقعدي مع أمي هنا الفترة دي... مينفعش تفضل لوحدها وقبل ما تعترضي هي اللي طلبت مني والله

أومأت له بـصمت وأشاحت ببصرها عنه هامسة:

_ هتسافر امتى؟!

غمغم دون تردد:

_ بعد يومين

لم تصطدm كثيراً فهي تتوقع منه أي شيء ولكن أي شيء إلا أن يؤذيها!! إلا أنا يحـ.ـز.نها بقصد!! أجبرت ذاتها على الابتسام له رغم أنه لا يري ذلك ولكنها تعلم أنه يشعر بـبسمتها وغمغمت بـرقة:

_ على خير.. ترجع بـالسلامه

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡

وضعت « أثير» حمزه بـفراشها بعد أن تأكدت من نومه ودثرته جيداً بـالفراش عنـ.ـد.ما استمعت لـصوت رنين جرس الباب، نهضت تعلم الطارق ولكن سبقها «راكــان» وتحول صمتها فجأة لـصرخة عالية نابعة من قلبها تعبر عن سعادتها عنـ.ـد.ما رأت والدها وجدها!! هرولت إليهم ضاممة كلاهما بـقوة معبرة عن شوقهم لها ولكن ما أقلقها هو صمتهم ونظراتهم التي لم تبـ.ـارح زوجها!! ابتعدت عن والدها هاتفة بـفرحة:

_ وحشتوني جداً وماما والبيت كله

بادلها والدها بـبسمة لم تصل لـعيناه وتمتم وعيناه لم تبـ.ـارح زوجها:

_ وأنتِ كمان يا حبيبتي

حولت نظرها لـجدها الصامت ونظراته التي تلوم « راكــان» بـهدوء وتسألت:

_ جدو مالك؟!

رمقها بـنظرة لم تستطع تفسيرها وأردف بـحدة:

_ هو سؤال واحد!!.... ليه معرفتيناش؟!

ابتلعت لعابها بـهلع من هيئة جدها الغاضبة وعروق وجهه النافرة وتلقائيا اقتربت ممسكة بيد « راكــان» الذي شـ.ـدد عليها داعمًا إياها وتمتم بـبرود:

_ اتفضلوا مش هنتكلم على الباب كدا ميصحش

رمقه الجد بـسخط وصاح بـتهكم:

_ وأنتَ لما اللي يصح واللي ميصحش تضحك على بنات الناس وتخليهم لعبه في إيدك؟!

لم تتبدل نظرات التبلد بـعيني « راكــان» بل على العكس تضاعفت وتحدث بـقوة:

_ لو جيتلي قبل عشر سنين كنت وقتها هقولك أنا فعلاً بلعب ببنات الناس بس دلوقت كل اللي أقدر اقولوا إن حفيدتك روحي.... عارف يعني إيه؟! يعني مش هتطلع من بيتي غير بـمـ.ـو.تي!! أنا مكدبتش عليك في حرف من اللي قولتوا ليك بالعكس أنا مقولتش على كل اللي في قلبي ليها، أنا غلط ومعترف بغلطي وهقبل بأي عقـ.ـا.ب بس منها ومش من غيرها ومش مهم رأي العالم كله فيا طالما هي راضيه وجنبي

اهتاج والد « أثير» وأنقض لاكمًا « راكــان» بـعنفٍ ساحق بـوجهه وسط صراخات « أثير» الفزعة والقلقة على كليهما! لم يحاول الآخر تخليص نفسه بل سمح له بالتفريج عن مكنون غـــضــــبه وحـ.ـز.نه الذي استشعره بـصوته!! عدm مقاومة « راكان» لـ « حسين» جعلت الآخر يبتعد بـغـــضــــب وأوقفه ممسكًا بتلابيب ملابسه وصاح بـصوتٍ جوهري:

_ مش بـ.ـنتي اللي تبقى زوجه تانيه وتربي ابن مش منها وتفضل تعاني بسبب غلطة واحد قذر زيك قدر يضحك على الكل واتلون زي الحربايه وخـ.ـطـ.ـفها من وسطنا.... هي كلمه واحده تطلقها وحالا.... وإلا...

فاقت من دوامة هلعها على صياح والدها الغاضب ورأت زوجها يترنح بين يديه ووجهه مغطى بـالدmاء مما جعلها تنتفض رعـ.ـبًا وتحاول الاقتراب إلا أن نظرة جدها الحازمة أوقفتها كـصنمٍ نادm!! صُعقت من حديث والدها ولم تتردد للحظة وهتفت بـنفي:

_ ومين قالك إني عاوزه اطلق؟! مين قال إني هسيب بيتي؟! أنا لا هطلق ولا هسيب جوزي وابني

اهتز جسد « حسين» بـغـــضــــب وهتف من بين أسنانه:

_ دا مش ابنك فوقي.... دا ابن واحده قذره زي اللي اتجوزتيه وضحك علينا بكام كلمه خايبه

للعجيب لم تتساقط دmـ.ـو.عها كعادتها بل ابتسمت واقتربت مبعدة والدها عن زوجها ووقفت هي نيابة عنه مردفة بـهدوء:

_ حمزه ابني ودا شيء يخصني وميخصش حد غيري، أنا مبقتش صغيره عشان حد ينوب عني في قراراتي أو يختار بدالي، أنا مش أثير اللي الكل كان بيضحك عليها بـكلمه وهي تجري بـفرحه هبله عليهم، يمكن حمزه جه في ظروف غلط ممكن كنت أنا اتولد فيها!؟ وقتها هيبقى كلامك هو نفسه؟!

وجهت حديثها لـجدها وهمست بـتعب:

_ مش أنتَ اللي قولتلي امشي ورا قلبك وعقلك لما يتفقوا ا عـ.ـر.في إنك في طريق نهايته فرحه!؟ وأنا عملت كدا وكل الطرق ودتني ليه ومش زعلانه ولا نـ.ـد.مانه، عرفتوا ايه مقولتش ليكوا؟! عشان انتو هنا خايفين على شكلكوا وسمعتكوا مش خايفين عليا!! صحيح قدmتوا ليا حاجات كتير وكنت عايشه في بيت مفيش بـ.ـنت تتمناه بس فاضي؟! زي لما تجيب هديه كبيييرة وفخمه وصاحبها يفتحها يلاقيها فاضيه!! انتو كدا، ولا مره دعمتوني وكنتوا جنبي، ولا مره حسيت بحبكوا

حاول والدها أن يوقفها ويضمها محاولاً تهدئتها ولكنها ابتعدت وضمت جسدها لـزوجها الذي لم يبخل عليها بحبه وتمتمت:

_يمكن هو أذاني وو.جـ.ـعني وعيط كتير بسببه بس دعمني حتي في بعدي عنه! دعمني وقت ضعفي وتعبي ومتخلاش عني رغم إني اتخليت عنه! كان موجود لما انتوا اهملتوا وبعدتوا، لما الكل سخر مني وو.جـ.ـعني هو كان البلسم لـروحي وضمادة قلبي ودافع عني، مقهورة وزعلانه وتعبانه بسببه بس مش قادره أبعد عنه لأن قلبي مربوط بيه، هو على الأقل بيفتخر بيا!؟ شخص واحد بيحسسني إني اهم انجازاته واعظمها!! شخص قابلني بكل عيوبي وميعرفش عندي مميزات ولالا!!! شخص حبني لنفسي مسابنيش ومشي!!!

لم يجد والدها وجدها الكلمـ.ـا.ت لوصف حديثها وشعروا بـمدى حقارتهم أمام عظمة زوجها الذي أتوا لـيبعدوه عنها!! نظروا لها بـرجاءٍ أخير قبل مغادرتهم وحمل كلاهما خيبته التي أخلفها بـصغيرته ورحلا!! هم سبب انتكاساتها الدائمة لم يقتربوا منها كفاية ليروا عتمة روحها التي كانت تتسع يومًا بعد يوم!!! لم يشعروا بـتمزق أحبالها الصوتية ليلاً طلبًا لـاهتمامهم وقربهم!!!

ساذج من يظن أن بتـ.ـو.فير الرفاهية لمن يحب هكذا يعطيه سعادة العالم اجمع ومقابل ذلك يهمله! يهمل المه، خــــوفه، و.جـ.ـعه والادهى يهمل بريق روحه التي كانت تتعثر بـالظلام الدامس!! من قال أن السعادة بـالمال أو الطعام أو حتى التجمعات؟! من قال أن القلوب لا تحتاج لـبسمة يومية تخبرها أن العالم سيكون بخير؟! من قال أن الوحدة والتباعد الأسري رأفة؟! أغفلوا عن كونها نِقمة ولعنة!؟.....
بين ذهابٍ وعودة سـتبقى مَسكني الوحيد وشِفاء فؤادي النابض ولُطف العالم لـروحي المتألــمة...

لاشك أن التناقض الدائم بـالمشاعر يُولد غريزة من التشتت والضياع تؤرجح الأنفس بين الإقدام على الفعل أو النفور منه، تؤخر السعادة والراحة التي من المفترض أن تسكن القلوب وتُعمرها!! من رحمة الله بنا فقط أنه يهبنا سَكينة لـحظية بـأوقات الألــم التي لا تحتمل لـنُعيد أدراجنا ونحاول من جديد فِهم مُلابسات الأمور وخباياها!!

«حبه أشبه بـنيران تـحرقني وجحيمٍ يـضمني»

منذ تلك الليلة ولـشهرٍ كامل تتجاهله!! بـالأحرى تتهرب منه!! تعتني بـ «حمزه» وتظل جانبه طيلة الوقت حتى ينام ومن ثم تبدأ معاناتها التي يستمع لها بـروحه النازفة، يستمع لـصوت بكائها ليلاً وأنينها الخافت!! تحرقه دmـ.ـو.عها وهو عاجزًا عن الذهاب إليها وضمها والاعتذار منها!! لعن نفسه ألف مرة على ما تفوه به عنـ.ـد.ما أخبرها أن تأخذ وقتها وأنه لن يتدخل بـقرارها وسيتركها حتى تعود إليه!!! أين كان عقله عنـ.ـد.ما بصق جوفه بـتلك الحروف!! هو الآن أشبه بـمن بُترت يداه بـمحض إرادته الحرة وبقى يراقبها تفترق عنه!! عَلم أن مواجهتها البسيطة مع أهلها سـتفتح لها أبوابًا من الجِراح التي لن تتحملها بالمره!! يشعر بـلومها وجلدها لـذاتها بسببه!! ضـ.ـر.ب رأسه بـقوة بـالحائط لـتتوقف تلك الآلام العنيفة وتقطع سيل أفكاره ولكن شعر بـشئٍ يحول بين رأسه والحائط وما كانت سوى يدها الرقيقة التي منعته!!! رفع رأسه لـتتلاقى نظراتهم بـشغفٍ وشوقٍ ونـ.ـد.مٍ منه وهدوءٍ وفراغٍ منها!! تحركت خطوتين مبتعدة عنه لـتدخل غرفتها ولكنه لن يبقى الطرف الصامت هذه المرة وتمتم بـنـ.ـد.م

_ أثـير كفايه كدا، أنا آسف وهفضل طول عمري اتأسف لو دا هيخليكي ترجعيلي وتبطلي تتجلدي نفسك وتعـ.ـذ.بي روحك كل ليله ، كفايه بُعد وتجاهل

لم تلتف له ورطبت شفتيها بـهدوء متمتمة بـنَبرة فارغة

_ بتتأسف على إيه مفيش حاجه تستاهل الأسف ولا حتى النـ.ـد.م وبالنسبه لـلي بعمله في نفسي دا شيء يخصني وأنا حره

شعر بـفراغ روحها من صوتها وتصلب جسدها أمامه!! أين الفتاة التي أحبها!؟ أهو من بدلها لـتلك النسخة الجافية التي عليها؟! أهو من صنع تلك الشاحبة التي أمامه؟! تحرك مقتربًا منها حتى بات لا يفصل بينهم سوى بعض الإنشات وهمس بـرجاءٍ وتوسل

_ كل حاجه هتتعدل لما نكون سوا، لوميني وعاتبيني وحتى اضـ.ـر.بيني واعملي كل اللي يمليه عليكي قلبك بس سامحيني وارجعي زي الأول، ضحكتي وحـ.ـشـ.ـتني يا أثـير، أنا مش متحمل أشوفك بـتتبدلي قدامي كل يوم وتبعدي أكتر....

ابتعد عنه فاركة جبهتها بـإرهاق هامسة

_ بعد إذنك أنا تعبانه ومحتاجه ارتاح شوي

ظنت أن بذلك ستهرب منه كعادتها ولكنها لا تعلم أنه قرر اليوم وضع حدًا لـتلك الشاكلة التي عليها وجذبها قابضًا على كتفيها بـقوة مسلطًا عيناه على حدقتيها البـ.ـاردتين وهتف بـحرقة وغـــضــــب

_ هتنامي الساعه 9 الصبح!!! مش زي كل ليله تتهربي وتدخلي، عاوزه ترتاحي ولا عاوزه تدخلي تعيطي وتكتمي و.جـ.ـعك زي كل ليله وتخبي عني ضياعك وتفضلي بعيده عني، عوزاني أسيبك بالطريقة دي تستنزفي قوتك لحد ما اصحى في يوم ملاقكيش؟! عوزاني لأمتى اشوفك بتمـ.ـو.تي قدامي وأقول دا قرارها سبها تاخد وقتها وهترجع!!! بس لا دا حالتك بتسوء وتعـ.ـذ.بي روحك وتجلديها وكأنها اذنبت!!!

فاضت محاولاتها لـتصنع الصمت والبرود وأخذ الجفاء سبيلاً معه وبـصعوبة أبعدت كفيه عن كتفيها وقست ملامحها كليًا وهتفت بـقوة وغـــضــــب ممـ.ـيـ.ـت أحرق روحها

_ بهرب منك وببعد عنك عشان محملكش ذنب إني مشيت أهلي مكـ.ـسورين من بيتي وعشان مش كل ما أشوفك افتكر و.جـ.ـع بحارب عشان ادفنه وأكمل بهدوء، بجلد نفسها لأني غـ.ـصـ.ـب عني لسه بحبك كل يوم أكتر من اللي قبله كأنك مرض بتتكاثر جوايا مش هبطل أحبك غير لما تمـ.ـو.تني أنتَ!!! بهرب من نفسي الضعيفه البشعه اللي اتحملت فوق طاقتها واستنزفت كل محاولاتها عشان تواسي روحي!!! بهرب من قلبي اللي بيبكي كل يوم من الو.جـ.ـع وأنا بفتكر اللي عيشه وبشاعة اللي اتعرضت ليه!!! عاوز تعرف اللي قلبي بيمليه عليا!! إني أبعد واهجر كل حاحه بتجمعني بيك وأبدأ من الصفر بعيد عن حبك وعن طيفك وعنك!!! أنا فضلت عشان حمزه ولحد الآن مش عشانك ولا عشاني، لا عشان الطفل اللي ملوش ذنب في حاجه، أنا لا هلومك ولا هعاتبك

نزلت كلمـ.ـا.تها عليه كـطـــعـــنات حادة شقت روحه لـأجزاءٍ متساوية ولكنها مشوهة كلياًّ!! لم يهتم لما يعانيه قلبه الآن ولكن مظهرها ودmـ.ـو.عها التي تساقطت بلا إرادة منها من بين حديثها ورجفة جسدها الغاضب وأنفاسها التي تلمست وجهه جعلته يتمنى المـ.ـو.ت عوضًا عن ما سببه لها من جروحٍ غائرة جعلتها تتألــم وتبكي دmاً!!! ابتلع غِصة مريرة بـحلقه واقتربت أنامله لـتزيل دmـ.ـو.عها بـعشقٍ ونـ.ـد.م هامسًا

_ المره اللي فاتت كنت معاكي في قرارك ووقفت جنبك وسيبتك تاخدي وشوفتك بـتعـ.ـذ.بي نفسك في كل دقيقة بتمر عليكي وأنا عاجز حتى عن إني اكـ.ـسر باب الأوضه اللي فاصل بينا واحـ.ـضـ.ـنك وأخبيكي جوايا وأخد ألــمك بس المره دي لأ... المره دي هفضل جنبك بس بطريقتي وبشروطي... هنرجع سوا عشانا وعشان قلوبنا اللي بنعـ.ـذ.بها، مش هسمحلك تبكي تاني ولا تنـ.ـد.مي ولا ترهقي قلبك، مش هقدmلك فرصه واحده تتو.جـ.ـعي منها وتجبرك تهربي مني، مبقتش قادر اتحمل بعدك يا أثـير، مبقتش عارف أكمل من غيرك ولا قادر حتى ارتاح....

أغمضت عينيها تاركًا لـروحها الشعور بـقربه منها وملمس أصابعه الخشنة وهي تتحسس بـشرتها جعلتها لا إراديًا تُلقي بـنفسها وسط أحضانه غارقة به متشبثة بـعنقه بـكل ما لديها من قوة باقية وانسابت المزيد والمزيد من دmـ.ـو.عها مبللة ثيابه وكم أرهقته فعلتها!! كم تَعِبَ قلبه منذ مدة لـيحصل على أنفاسها بـقربه فهي لم تترك له مجالاً لـيقترب منها كانت تغلق غرفتها من الداخل ليلاً حتى لا يراها!! أغمض عينيه متنهدًا ولف ذراعيه حول جسدها ورفعها دافنًا وجهه بـعنقها ساحبًا رحيقها الهادئ الذي اعاده للحياة مجدداً!! تنفس بقوة كـمدmنٍ حصل للتو على جرعته بعد غيابٍ بعثره وهمس بـحب وصدق

_ مش هسمحلك تفارقيني وتبعدي تاني، قلبي تعب في بعدك كفايه وأنا مش هعافر تاني غير عشانك، بلاش تتعبي قلبي، حالي كان ضايع بـغيابك وغياب روحك عني يا كل حالي

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡

حالِها كـحال الغريق بلا طرق نجاة، انتقلت بعد ذهابه بـإصرارٍ شـ.ـديد من والدته لـتمكث معها حتى عودته، منعت نفسها من توديعه وكذلك مهاتفته فقط كانت تسترق السمع لـمكالمته مع والدته يومًا وتعبه الظاهر بـصوته المحبب لها، مضى شهرًا ويومان وسبع ساعاتٍ على غيابه، كم كانت الثوان طويلة الأمد عليها وكأنها سنوات قضتها بـالعـ.ـذ.اب!! ما يقلقها أن والدته لم تتحدث بشأن عودته وهذا ما يحـ.ـز.نها أيمكن أن يطول غيابه عنها!؟ شطفت وجهها بـالماء البـ.ـارد وجففته بـشرودٍ وعينيها زائغة بـنقطة من الفراغ الذي يحوي قلبها المشتاق له!! أنزلت نقابها والتفت عائدة ولكنها....شهقت بـصدmة ورُعب عنـ.ـد.ما رأته يدلف من باب المرحاض الخاص بـالشركة بـكل قوة وعلى وجهه المندوب بـسمة خبيثة جعلاها تبتلع ما بقى من رعـ.ـبها وتعض على شفتيها بـقوة أدmتها وتدعو بـسرها أن يكون ذلك ما هو إلا تخيل وسيختفي!!! ولكن ما بث الهلع بها هو صوت خطواته التي اقتربت منها وصوت إغلاقه لـلباب فـأصبحت معه بـغرفة شعرت بـغياب الأكسجين بها!!

اصطدmت بـعنف بـالحائط الزجاجي خلفها من فرط تـ.ـو.ترها وخــــوفها منه!!! مصدر كوابيسها الأول ومخاوفها الأبدية!! تراجعت بـجسدها قدر المستطاع عن مرمي بصره بل عن طيفه المحاصر لها وكممت فمها بيديها مانعة شهقة مصدومة أن تنفلت منه!! ولكنه لم يرحم خــــوفها وظل يقترب منها حتى لفحت أنفاسه المشمئزة نقابها وهمس بـبرود:

_ هي الحلوه خايفه ليه؟! احنا هنتسلى شوي زي زمان وخلاص!! فاكره أيامنا سوا؟!!!

فتحت فمها مقررة نهره أو ربما الصراخ عليه ولكن اختفت كلمتها لا تعرف أين بينما ابتسم هو بـرعـ.ـب وهتف بـتوعد بـتسلية:

_ فين الدكر اللي كنتي بتتحامي فيه؟!! طلع أحسن مني في إيه؟! بيبسطك كويس يعني؟! شبهك ونفس وساختك صح؟!!!!

أغمضت عينيها بـألــم وعزيمة كامنة انبثقت من حدقتيها عنـ.ـد.ما افرجت عنهم تزامنًا مع صوت صفعتها التي هوت بـعنف وقسوة على وجهه تاركة آثارًا بديعة به!! ابتسمت بـاستهزاء لـنظرة الشر التي اندلعت منه وهمست بـقوة وثبات:

_ اللي بتتكلم عنه دا أشرف منك ومن أمثالك كلهم ولو فضلت طول عمرك مش هتعرف تكون شعره واحده منه لأنك ندل ووا.طـ.ـي وقذر فاهم!!!! أنتَ نَكره!!!

لن تنكر أن بسمته المريـ.ـضة التي عَلت ثِغره ولمعت عيناه التي تتذكرها جيداً جعلتها ترتجف بـردًا رغم قسوة المناخ الحار!! حاولت دفعه ولكنه لم يترك لها فرصة وقبض بـشراسة على مؤخرة رأسه مقربًا أنفاسه منها أكثر وأردف من بين أسنانه بـحدة وغـــضــــبٍ أعمى:

_ مش أنا اللي واحدة وسـ.ـخه زيك تغلط فيه ويسيبها يا حلوه، وحياة أمك لـأدفعك تمن كل اللي عمله الكـ.ـلـ.ـب بـتاعك وأعرفك اللي بيجي عليا بيحصله إيه!!!

سقطت دmـ.ـو.عها بسبب كم الإهانات والآثام التي يُلقيها بها وآلالام جسدها بـسبب قسوته وعنفه عليها وتلك الغصة التي تحرق حلقها لم تساعدها!!! مما جعلها تتمنى المـ.ـو.ت عوضًا عن رؤية ذاتها الآن!! وحاولت انتشال رأسها من يده ولكنه سبقها ضاربًا جسدها بـالزجاج محاوطًا عنقها حتى اختفت أنفاسها وتمتم بـلذة واستمتاع:

_ خايفه ليه مفروض تكوني اتعودتي على كدا مني ومش جديد عليكي بس أنا بقولك خافي لأن الجديد هيخليكي تتمني المـ.ـو.ت

لم ينفعها ضعفها وقلة حيلتها أمامه فـتنفست محاولة جذب أنفاسها التي يحجرها عليها وباغتته بـركلة بين ساقيه ارتدَ على أثرها للخلف تاركًا جسدها وهتفت هي بـقوة مزيفة وبكاء:

_ منك للاااه ربنا عمرهما هينصرك وهياخدلي حقي وينتقم منك ويومك قرب ووقتها مش هتلاقي اللي ينجدك لأن اللي زيك مسخ ومريـ.ـض، شبه الكـ.ـلـ.ـب بيعض كل اللي حواليه دا حتى الكل أوفى منك، إياك تقرب مني ولا ألــمح طيفك في مكان أنا فيه لأنك مجربتش قسوة واحدة ست ولا مُكرها وغـــضــــبها ممكن يحرقوك ويدفنوك حي .....

بصقت حروفها بـحرقة وغـــضــــب لن تجتازه يومًا ودفعت جسدها للمغادرة بعيدًا محيطه الذي يسبب لها الغثيان الإجبـ.ـاري ولكنه لم يتركها بل صدmها بـوقوفه بـقوة وغـــضــــب ساحق قابضًا على معصمها غارسًا أظافره بـعنف أصدرت هي صرخة تستحث أي بشرًا لـنجدتها ظنًا منها أنه سيتركها ويرحل! ولكنه صك على أسنانه بـشرهٍ وتهدجت أنفاسه مُلقية الرعـ.ـب بـقلبها!!! وتمتم بـصوتٍ جعلها تتمنى الأختفاء

_ كل اللي عمله فيا هطلعه عليكي وعلى جـ.ـسمك الحلو دا، أصلك بقيتي حلوه آخر حاجه

تجعدت ملامحها بـنفورٍ واشمئزاز ورغبت بالتقيؤ من حديثه الوقح ونظراته التي جعلتها تشك بـثيابها التي تغطيها كاملاً ولكنه يشعرها بأنها عارية أمامه!! دار بـعقلها دmـ.ـو.عها التي كانت لا تتوقف وأنينها الذي استمع له بـتلذذ وصوت صفعاته التي كان يمطرها بها كأنها حـ.ـيو.انًا مُجرد من انسانيته وله الحق بـإهانته وإذلاله كيفما يشاء!! ضـ.ـر.ب قلبها ليلة زفافها التي كانت كـجحيمًا من نوعٍ خاص عليها فقد أذاقها ألوان العـ.ـذ.اب وأخذها مرة تلو الأخرى دون رحمة أو شفقة بـجسدها الذي يختبر هذه الأمور للمرة الأولى!! لم تأتيه رأفة بـدmائها التي طغت على الفراش أسفلها ولا ازرقاق شفتيها وبرودة جسدها واستمر باغـ.ـتـ.ـsـ.ـابها حتى فقدت وعيها هروبًا من واقعها المأساوي!! صُراخها لم يؤثر به، نشيجها وحالات الفزع التي كانت تأخذها من الواقع لم يرأفوا لها عنده!! أيمتلك قلبًا أم قسوة وحجرا!!! نعتها بالمشوهة واضحت كذلك ليس خارجيًا بل ومن الداخل أيضاً من صميم روحها!! كل تلك اللحظات التي تركت الندبات بـفؤادها قبل جسدها جعلتها تنحني قاضمة كفه بـعنف حتى وسط محاولاته لإبعادها حتى ظنت أنها اقلعت لحمه بين أسنانها من فرط ألــمها منه وجرها وكل تلك الدmـ.ـو.ع التي ذرفتها بسببه!!! رفعت رأسها بقوة بُثت بها ورمقته بـنظرة مُقرفة وركلته بـحقد بـمعدته بعدmا انحنى ممسكًا بـرسغه الدامي!!! هي حقاً عضته حتى نزف!! هرولت مسرعة للخارج بـخطوات متعثرة تركض بلا وجهة وغشاوة الدmـ.ـو.ع بعينيها جعلتها تترنح بين خطوة وأخرى...

من بين طيات الطيبة تنفرج أبواب القسوة والحقد بعدmا ينطوي القلب ألــمًا وحسرة ممن وثق وأحب!! من رحم الحب الخالص تتولد القوة والبرودة والجفاء عندها تُخمد ثورة العشق و تشتعل نيران البُغض والذكريات المريرة بـرغبة مُلحة للثأر والانتقام بـقسوة لم يعهدها القلب البشري، بـظنك أن الجفاء واللوم الدائم والابتعاد وسائل لكسب المزيد من الحب فـأنت بـسذاجة طفلٍ في السادسة فكل تلك الأمور تترك الخذلان والفراغ بـالفؤاد وتُشيد من القسوة بروجًا عاتية...

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡

وقفت بـتـ.ـو.تر تنتظر نتيجة ذلك الفحص وقلبها ينتفض بـفرحة خفية عليه، لم تُجربه إلا بعدmا خلفتها عادتها الشهرية وأتتها بعض لحظات الوهن!! أخرجت الشريط الأبيض ووضعته أمامها مغمضة عينيها وكأنها تستعد لـإيقاف قُنبلة ما!! فتحت إحدى عينيها بـتوجس وألقت نظرة عليها وسرعان ما صرخت بـفرحة وسعادة عنـ.ـد.ما ظهر الخط الأحمر الثاني الذي يبين إجابية حملها!! وضعت يديها على بطنها بـرقة وتساقطت دmعة مسرورة من مقلتيها متلمسة إياها بـعاطفة، هنا يقبع نطفة صغيرة منه!! هنا طفلها الثاني فهو رغم عمره الذي يفوقها تعتبره طفلها الأول!! لقد تلقى جرعتين من علاجه وبدا شعره يسقط مؤخراً ولكنه يعافر!! أهداهم الله تلك النعمة لـيؤكد لهم قُرب الفرج! ونهاية قصور الزلام الحالك الراقدين به، استندت بـحب على السطح الرخامي ونظرت لانعكاس صورتها بالمرأة عنـ.ـد.ما فُتحَ باب المرحاض لـيدلف « براء» بـقلق وعيناه الزيتونية تدور عليها بـلهفة وهتف

_ في إيه يا حبيبتي سمعتك بـتصرخي، أنتِ بخير؟! في حاجه و.جـ.ـعاكي؟!

ابتسمت بـعشق واقتربت منه بـشغف واشبعته تقبيلاً كـإجابة على أسئلته المتتالية، فتحت كفه بـحنان واضعة الاختبـ.ـار بها واتسعت بسمتها وهمست بـهيام

_ بـتمنى عيونه تكون شبهك وقلبه نسخه من قلبك

لم يفهم حديثها وظهر الغباء جليًا على ملامحه ولكنه نظر بـتعجب للاختبـ.ـار بيده وتلمس مغزي حديثها وبزغت بسمته هو الآخر وتحولت لـضحكاتٍ سعيدة وراضية وهمس بينما يضمها لـقلبه

_ هحبك أكتر من كدا إيه، كل يوم بكتشف إن حبي قليل عليكي وعلى طيبة ونقاء قلبك وروحك، كل يوم بتديني أمل جديد أعافر بيه عشان أخف وأكون أحسن، لو فضلت طول عمري أشكرك مش هوفيكي حقك وردة ربيعي

تلمست لحيته السوداء بـتتيم خاص به وسارت عينيها تلتهم ملامحه بـشغفٍ وصبابة فياضة وهمست بـنعومة وصدق

_ أنا اللي لو فضلت طول حياتي أحمد ربنا على وجودك مش هقدر أوفيه، أنا مبقتش عارفه اتنفس من غير وجود طيفك وهو بيحاوطني، بقيت مربوطه بيك وقلبي مرافق قلبك ومهما كان التمن اللي هندفعه عشان نكون سوا مش هتردد أقدmه ليك عشان تفضل تنور حياتي

شعور من الراحة والسعادة اللانهائية تخلل فؤاده وجسده الذي كان يتألــم منذ دقائق!! ولكن اختفى كل ذلك الألــم وحلت الفرحة عليه كـقدوم الربيع بـازدهاره وينابيعه الصافية، ضمها بـقوة لـصدره راغبًا بـجعلها أحد ضلوع قفصه الصظري لـتصبح على مقربة من خافقه الذي ينبض لأجل محياها الطيب وبسمتها البديعة ورقتها الفاتنه!!

مهما غطت السُحب السماء ليلاً هي مُجبرة على الابتعاد لـتسمح للشمس بـفرش أشعتها الحامية على الأرض باعثة الأمل والضياء بـالقلوب الذي أنهكها الليل المظلم بـطوله المؤلم، مهما طال اليأس والقنوط بيومٍ ما ونهارٍ ما سيركض التفاؤل والفرحة لـلقلوب الفَقيدة لهم!!

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡

بـنهاية اليوم وقفت « أثـيـر» أمام المرأة بـحـ.ـز.ن تنظر لـهيئتها المبعثره! وجهها الشاحب، الهالات السوداء التي تمكنت من عينيها، شفتيها الجافتين وأخيراً جسدها!! مصدر تعاستها الأول والأخير!! مكمن حـ.ـز.نها وشقائها!! تحسست معالم جسدها الأنوثي بـضجر وضيق وهمست

_ يعني الناس بتروح تدفع وتكلف عشان تنفخ الحاجات وأنا اللي عندي الحاجات مش عاجبني!

_ قولي لـنفسك والنبي يختي، دا أنتِ جـ.ـا.مده أخر حاجه يا هانم قلبي

صدحت كلمـ.ـا.ته المغازلة لها بـوقاحة رأتها بـعينيها بـانعكاس صورته معها بالمرأة مما جعلها تبتعد بـعينيها عنه وتبتسم بـحرج هامسة

_ أنتَ إزاي تدخل من غير ما تخبط!!

استند « راكــان» بـتسلية وسعادة على الخزانة عاقدًا ذراعيه أمام صدره وأردف بـخبث وعيناه تلتهمها

_ والله خبط بس أنتِ اللي كنتي مركزه مع الحاجات مش ذنبي!!

رمقتها بـخجل عنـ.ـد.ما رفع كتفيه واخدلهم بـاستسلام وبراءة جعلتها تبتسم رغمًا عنها وهمست بـغـــضــــب مصطنع

_ أنتَ بتبص على إيه يا سـ.ـا.فل؟

عض « راكــان» شفتيه بـخبث ووقاحة واشار لـجسدها هاتفًا

_ على الحاجات، أصلها من الآخر بطل

قضمت « أثـير» شفتيها بـخجل مُضاعف وتمتمت متعلثمة

_ طب يلا وريني جمال خطوتك عشان عاوزه أنام

رفع الآخر حاجبيه بـإهمال واقترب منها محاوطًا خصرها واسند رأسه على كتفها وهمس بـمرح

_ لا أنسى أنا الليله مش نايم غير معاكي وجنبك، داخلين على شهرين يا قادره، ارحميني دا أنا عريس حتى وملحقتش اتهنى

زمت « أثـير» شفتيها بـإغراء وابتعدت عنه بـدلال هامسة

_ ميخصنيش أنا اتعودت أنام لواحدي وبصراحه أنتَ بتشخر كتير بالليل وتفرك في السرير وأنا بحب الهدوء

جحظت عيني « راكــان» من ما تفوهت به وأشار على نفسه متحدثًا

_ أنا بشخر وبفرك؟! مبسقفش كمان وارقص؟!

رفعت يدها بـإهمال له وأردفت بـضيق

_ هو فرح مامتك هو؟!

ضيق عينيه بـتوجس واقترب منها وهمس أمام شفتيها

_ مش هنام غير هنا يا أثـير وأنتِ في حـ.ـضـ.ـني واللي عندك اعمليه

انتابتها نوبة من الضحك الشـ.ـديد أدmعت عينيها لها وهمست من بين ضحكاتها للذي يناظرها بـسعادة وكأنه حصل على ما تمناه يومًا

_ لو على اللي هعمله فهو كتير الدور والباقي عليك اللي مش هتقدر تعمل حاجه يا عيني وهتقعد تتفرج بس

صدحت ضحكاتها بـقوة وترنح جسدها للخلف من شـ.ـدة الضحك بينما استوعب عقل الآخر مخزى حديثها وهمس بـتساؤل مبطن

_ اوعى تكون اللي في البالي؟ هي مستقصداني؟!

تصنعت التفكير وهتفت من بين ضحكاتها

_ النهارده كم في الشهر!!؟

تهجم وجه « راكــان» وعض شفتيه بـحنق وتمتم

_ هو حد باصصلي في الجوازه دي عارف

كتمت ضحكاتها قدر الإمكان ولكنها لم تستطع وهزت رأسها بـتأكيد وجذبت ثياب النوم من الخزانة وهرولت للمرحاض ولم تتوقف ضحكاتها بين لكم هو الخزانة بـحسرة وتمتم

_ وأدي تلت أيام جاين مضروبين يا منحوس، جتك واكسه أكتر ما أنتَ في حظك الهِباب

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡

وصلت أخيراً بعد ساعاتٍ من السير المجهول أمام المياه الزرقاء التي لوثها البشر بـأسرارهم الخفية وجِراحهم البشعة، جلست بـإهمال على الرمال محتضنة جسدها بـتعب بلغ مبلغه منها، تلاقت جفونها بـحرقة مُسقطة دmـ.ـو.عًا متتالية منسجمة مع تهدج أنفاسها وتفكك أعصابها، لـبرهة حمدت ربها على تلك الذكريات التي حقنتها بـقسوة غريبة عليها و.جـ.ـعلتها تفر هاربة من ذلك المريـ.ـض وما كان ينوي فعله بها، ظنت أن جميع مخاوفها اختفت بـابتعاده وأنه لن يعود وستعيش الحياة التي تمنتها يومًا مع من أحبت ولكن ثُقبت سفينة أحلامها وغرقت بـأعماق مُحيط ظلالها السوادء!! رأت بـوجهه ندبات مختلفة جعلته أبشع مما تصورت يومًا وكأن احدهم قصد ما فعل لـيخرجه للعالم بـصورة مسخٍ حقيقي!!، هناك بـبقعة مظلمة من فؤادها فتاة كانت مراهقة سعيدة تتراقص على انغام الموسيقى وتفرح مع قدوم الأنوار وتبتهج بـإحتضان والديها الآن هي متكورة على نفسها تناظرها بـلومٍ وعتاب وألــم يُضاعف و.جـ.ـعها!! أظنت بـأسوأ كوابيسها أن سـتبغض من تحب ذات يوم وتتمنى فناؤه!!

للقلب حرية الحب وكيفية الحب ولكن ما إن تخطى الأمر حد الألــم يصبح للعقل حزم العاطفة ودفن العشق بـقلعة سَجانها أقسى من المُعتدي وأسوارها أعلى من ناطحات السحاب!! يظل العقل يراقب معاناة الفؤاد وشناعة ما يرتكبه ويرفض التدخل حتى يصل الأمر للروح!! تلك الجزء المتبقي من السجية التي نحن عليها، تلك التي تجعلنا بشرًا!! ما إن يصل الأمر لها هيئناً للمذنب بـلعنة أحد من السيف وأقسى من الجمر

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡

دلفت « هبه» بـخطواتٍ بـطيئة بعد وقتٍ طويل أخرجت به صناديق بأسها ويأسها، استمعت لـصوت ضحكاتٍ سعيدة تأتي من الداخل ولكنها تجاهلتها وكادت أن تدلف لـغرفتها ولكن هذا الصوت تعرفه!! صوته هو!! هل عاد!! تحملت على جسدها وأسرعت لهم بـبسمة تشع من قزحيتيها الحزينتين!! وقفت أمامه تنظر له بـحب وشوق والكثير من العواطف التي تدفعها لـإلقاء ذاتها بين أحضانه ولكنها انتبهت لـتلك الفتاة الفاتنة التي تنظر له بـحب وتبتسم محتضنة ذراعيه وهو كذلك!! وقع قلبها من هاوية عالية بـألــم وترقرقت العبـ.ـارات بـمقلتيها وناظرته بـقوة تتأكد من أنه هو الآخر يحتضنها بـقوة ويلف ذراعه حول عنقها مقربة إياها من صدره!!! أهذا هو من أحبت وانتظرت وهرولت إليه!!! أهذا من كان ملجأ قلبها الأوحد!!!
اغمض عينيك وحلق بـالأفق مُهاجرًا جُمِ مخاوفك

خشيت التعلق وإن كان نعيمًا وابتعدت... خِفتُ المواجهة وإن كانت سَكينة وصمت... أنا أُنثى انساقت خلف بحور عشقها الخادع لـرجلٍ أرهقها بـكبريائه المتين وحكمته الثابتة ونظرة عينيه الثاقبة....

تـ.ـو.ترت قدmيها بسبب برودة أعصابها مما أدى إلى ارتجاف جسدها وبـصعوبة تحاملت على المقعد الذي طالته وألقت بـجسدها عليه تاركة دmـ.ـو.عها تراقبه وعينيها اللعينتين تلومانه!! رأته يقف مهرولاً إليها وعلى وجهه علامـ.ـا.ت الفزع والقلق وعيناه تجوبها بحثًا عن سبب تهاوي جسدها ألا يعرف أنه السبب الأوحد!! أغمضت عينيها ونكست رأسها بـتعب ومازالت عِظام جسدها ترتجف من أثر لمسات ذلك الدنيء! اعتلتها غيرة واضحة جعلتها تلتهب كما النيران المشتعلة ولكن تلك الغيرة هي ما تمسكت به وعظمة شعورها بها حتى لا تهرول باكية لأحضانه وتسرد له ما عاشته!!! جلس «ثائـر» أمامها بـقلق محاولاً منع يده مز تلمسها وهتف بـنبرة حانية تخللها الشوق

_ مالك، شكلك تعبانه يا هبه، طمنيني عنك

كلمـ.ـا.ت ساذجة ألقاها على مسمعها جعلتها تضحك بـتهكم وتحاول النهوض بـتعب متخطية إياه هاتفة بـحزمٍ غاضب

_ مفيش وبما إنك جيت بـالسلامه أنا هرجع بيتي

عقد « ثائر» حاجبيه بـضيق من تهربها وإشاحتها بـصرها عنه والادهى من ذلك أنها تريد الذهاب وترك البيت اليوم!! خلل أناملها بـخصلاته الطويلة وهتف ملطفًا الوضع ومشيرًا للفتاة الغريبة التي تراقبهم هي ووالدته بـبسمة مرحة

_ طب حتى ات عـ.ـر.في على رؤى أختى!!

تنفست بـراحة عنـ.ـد.ما تبينت هوية الفتاة والتفتت مُطلعة على ملامحها التي تشبهه كثيرًا وكأنها نسخة عنه إلا من عينيها المشابهتين لوالدته! تبدو صغيرة بنهاية عقدها الثاني على الأرجح!! ولكنه لم يخبرها عنها ولا مرة!! وضعت يديها على قلبها تهدأ من نبضاته العالية وابتسمت عنـ.ـد.ما اقتربت الفتاة منها واحتضنتها بلا انتظار هامسة بـخفوت

_ متخليش غيرتك تتحكم في مشاعرك، قالي إنه بيحبك بس دلوقت عرفت قد إيه بتحبيه

عضت «هبه» على شفتيها بـخجل وحمدت ربها على النقاب بـتلك اللحظة وهمست لها

_ كنت مكشوفه أووي كدا؟!

هزت «رؤى» رأسها بـتأكيد وبسمة مشاكسة زينت ثغرها عنـ.ـد.ما ابتعدت محتضنة ذراع « ثائر» هاتفة بـدراما وغنج
_ لـيه بيقولوا الحب أسيه.... ليه بيقولوا شجن ودmـ.ـو.ع.... صوتي قمر صح؟! مش محتاجه رأيكم أصلاً
لكزها شقيقها بـحرج عنـ.ـد.ما لاحظ صوت أنفاس «هبه» الذي وصله ومن الواضح أن شقيقته المشاكسة تُخجلها!! قبض على شحمة أذنها بـحدة طفيفة وتمتم من بين أسنانه

_ فاكرة البلكونه؟! ولا افكرك عملي ونظري ونلعب شوي؟!

ابتلعت «رؤى» لعابها المرتجف بـصمت وأومأت بـخنوعٍ له ونظرت لـ «هبه» بـتوعد... هي مازالت تتذكر البلكونة التي كان يجعلها مُعلقة بـأحد جدرانها العالية عنـ.ـد.ما يريد التخلص من إزعاجها ومع محاولاتها المستمـ.ـيـ.ـتة للفرار من عقـ.ـا.بها كانت تلقى حتفها! فـمرة سقطت على فمها مما أدى إلى تهشم إحدى أسنانها ونـ.ـز.يف لـثتها ومرة أخرى التوى كاحلها وزلت معدتها تؤلمها لاسبوعين والمرة الأقوى والأخيرة عنـ.ـد.ما حاولت حماية جسدها بـذراعيها وكـ.ـسر كليهما!!! منذ تلك المرة كانت تتلقى عقـ.ـا.بها بـصمت وبسمة سمجة حتى تنتهي العشر دقائق المقدرين لها مُعقلة وهي صامتة!!! حقاً شقيقها كان قاسي القلب معها أم هي مثلما يقول بئر المصائب والأحداث!!

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
بـاليوم التالي انتهت « أثـير» من وضع الأطباق على الطاولة وهمت بـالعودة لـتوقظهم ولكنها وجدت «راكــان» حاملاً لـ «حمزه» أمامها وكأنهم كانوا ينتظرونها!! ابتسمت بـسعادة مقتربة منهم وزادت بـسمتها عنـ.ـد.ما رأت تهجم وجه « راكــان» منذ الليلة الماضية!! لم تضحك بـحياتها كـليلة أمس فعنـ.ـد.ما كانت تناظره تجده ينفخ بـوجهها وكأنها كرة من الجمر يحاول إخمادها! كانت تبغض تلك العادة بـسبب ألــمها الشهري ولكنها باتت تحبها مؤخراً لأنها تصف معها ضدَّ زوجها العزيز!! تناولت «حمزه» من والده وقبلت خده بـقوة ومحبة جارفة وهمست بـحنان

_ صباح الخير على عيون أرنوبي الصغير

ابتسم « حمزه» بـمرح وبادلها قبلتها الصباحية وتمتم بـنعاس

_ صباح القمر يا أثـير

توجهت له للمائدة تحت أنظار زوجها الحانقة وصوت أسنانه التي تستغيث منه بسبب ضغطه عليها!! رمقته بـنظرة مسلية من طرف عينيها العسليتين وادعت عدm الاكتراث موجهة حديثها للصغير بينما مقصدها هو!

_ لو مأكلتش لواحدك متحلمش إني اعبرك يا حبيبي

ضحك «حمزه» بـشـ.ـدة على تفاقم غـ.ـيظ والده ومُكر « أثـير» وظل يوزع نظراته عليهم بينما هتف « راكــان» بـغـــضــــب

_ متحلمش إني هعديلك ليلة امبـ.ـارح يا حمزه وحرقة دmي ومقابلك اللي هطلعها كلها على جتتك دي!

كتمت ضحكتها بـصعوبة وأشاحت بـنظرها عنه وتناولت كأس من العصير البـ.ـارد مقربة إياه من الصغير هاتفة بـتأثر وحـ.ـز.ن مصطنع

_ خدي يا حبيبي دا بيهدي الأعصاب ويخليها ريلاكس عشان حرقة الدm اللي عندك

افترس « راكــان» شفتيه بـغـــضــــب وسرعان ما ابتسم بـشر واقترب جاذبًا تلك الماكرة من ذراعها وابتسم لـ «حمزه» بـلطف هاتفًا

_ معلش يا حبيبي عاوزها في حاجه ثانيه

لم ينتظر إجابته بل جذبها خلفه بـقوة حتى المطبخ ودفعها بـغـ.ـيظ على الجِدار هامسًا بـسخرية

_ العصير بيهدي الأعصاب صح؟! وحرقة الدm!؟

ابتلعت « أثـير» لعابها من هيئته وبسمته الغريبة لها وتمتمت بـتعلثم وبراءة
_ دا مش أنتَ دا حمزه

أومأ لها بـموافقة وحدق بـعينيها مطولاً وهتف بـغموض
_ عارفه إيه اللي بيهدي أعصابي!؟ كدا

أتتها الإجابة بـقبلة مطولة بـث بها أشواقه للأيام والساعات والثوانِ التي ابتعد عنها بها، تعمق بـقبلته مقربًا جسدها منه مستنشقًا عبيرها الساحر مبستمًا بـسعادة لـقربها منه وخفقان قلبها الذي يتردد صداه بـصدره!! اتسعت بـسمتها عنـ.ـد.ما رفعت كفيها تحاوط عنقه مسايرة هجومه الكاسح عليها ولكنها فشلت فـتمسكت به متنعمة بـأنفاسه الرجولية التي جعلتها تحلق بـالسحاب معه!! ابتعد تاركًا لها أنفاسها المسلوبة بـسببه وحدق بـها بـبسمة عاشقة مردفًا بـهيامٍ فياض

_ والله عندي استعداد ادفع عمري كله عشان الضحكة دي

تلمس وتر أنوثتها الحساس بـحروفه المغازلة لها فـدفنت وجهها بـصدره بـخجل وصمت بينما صدحت ضحكاته المستمتعة عليها وهمس بـحب

_ مفيش بينا خجل، إحنا واحد، شخصين بروح وكيان واحد قلوبهم اتقابلت صدفه واتقيدوا ببعض لآخر لحظه ليهم في العالم

جاهدت لإخراج كلمـ.ـا.تٍ مترابطة ولكنها فشلت فـهمست بـخجل

_ أنا جعانه

هز رأسه بلا فائدة منها وضمها لـقلبه بـقوة هي بالكاد تصل لـأسفل كتفه مما جعلها متناسقة معه تماماً!! بـداخله موجاتٍ من السعادة والتـ.ـو.تر الخفي يدفعانه لـسرق لحظاتٍ مطولة معها راغبًا بـإجبـ.ـار عقله على جعلها دواؤه الأول ومسكنه الأوحد وملجأه الأمن من العالم.....

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
وقفت « ورده» بـسعادة تختار له ثيابه الذي سـيرتديها أثناء زيارتهم للطبيبة، لقد أصر على متابعتها الدورية مع طبيبة مختصة ولا مجال للمناقشة، أضحت فاتنة موخرًا حسب وهذا ما تستشفه من نظراته المغازلة والوقحة لها! ليلة أمس عنـ.ـد.ما تأكدت من حملها حملها للفراش رغم تعبه الواضح وإرهاقه وضمها بـعنفٍ لـصدره وكانت تتألــم إلا أنها تركته يشعر بها، تعلم ما يختلج قلبه الآن من خــــوف وتـ.ـو.تر هي أيضاً خائفة ولكن إن استعمر الخــــوف قلبيهما لن يكون هناك مجالاً لـنجاته من المرض!! تنهدت بـحب عنـ.ـد.ما شعرت بـكفيه يحاوطان خصرها بـحميمية شـ.ـديدة مستندًا بـراسه على كتفيها هامسًا بحب

_ مش عارفه بتحلوي كل يوم زياده عن اللي قبله ليه ولا قلبي اللي بيطلع أسباب عشان يحبك من جديد ويقع فريسه ليكي من غير ما يتردد لحظه، أنا خــــوفي دلوقت كله عشانك مش عشان نفسي، قلبي بيحبك بطريقة و.جـ.ـعاني يا ورده، يمكن مش بعرف اتكلم كتير بس انا لو طولت اتنفسك مش هتردد!!

أغمضت عينيها بـراحة وسلام سامحة لـروحها بـالابتسام لـقلبه بـنعيمهم الخاص واراحت ظهرها على صدره العاري فمن الواضح أنه لن يقلع عن عادته بالخروج عاريًا من المرحاض مهما نهرته!! بقيا على تلك الحالة من السلام النفسي والروحي لـدقائق عديدة كلاً منهم يقطف من بستان الآخر ما يرغبه!! تحسس «براء» معدتها بـعشق وانحنى أمامها مقبلاً إياها قبلاتٍ متفرقة هامسًا بـصدق

_ ربنا اداني أمل جديد عشان أعافر بيه، عشان أقدر اواصل واتحمل و.جـ.ـعي واقوم عشانك، عشان لما تيجي تلاقيني وأكون جنبك وأول حد يمسك إيدك وأنتَ بتمشي أول خطواتك، أول حد تطنق اسمه وتجري تضمه، ربنا بيقولي ميأسش وإنه جنبي في كل وقت، صدقني هعافر عشان وجودك يستاهل وعشان ماما!! الست القمر اللي مخبياك عني دلوقت، أوعدني تحبها ديماً وتكون ضهرها وسندها، متزعلهاش لأن قلبها تعب من الو.جـ.ـع، خليك دوا روحها، متفارقش قلبها مهما كان السبب

انحنت جالسة أمامه مكورة وجهه بين كفيها واقتربت بـعشق مقبلة شفتيه بـخفة وهمست

_ عشان هو يستاهل هنحارب سوا، مش مرض اللي هياخدك مننا وتسيبنا، تعددت الأسباب والمـ.ـو.ت واحد وربنا رحيم بينا وأنا واثقه من عظمته وقدرته إنه هيداويك ويرحم قلوبنا بـلطفه وعدله، صدقني هنعدي اللحظات دي سوا وكل الأيم هيجي وقت ويخف ونفتكر وقتها ونضحك!!

أومأ لها بـتأكيد وعزيمة قوية وضمها لـصدره بـقوة هامسًا

_ رُبَ قلبٌ يأتيك خِلسة يجعلك تغدو العالم بـهجة وهيام

بـكل حواسها وجوارحها أحبته وانصاعت لـقلبها رغم ألــمها منه ولكن بات حبها له أقوى من تناقض عقلها وروحها المتيمة به!! تعلم بأنه مثلها يُخفي ظلامًا دامس عن الجميع إلا عنها وأن فؤاده البشري مُحطم كما الأبنية التي تحت الانقاد ولكن!! عشقها فقط ما يُحيه ولن تتخلى عن ذرة واحده منه!!!

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
دلفت « هبه» بـتعب أسفل المياه البـ.ـاردة مغمضة عينيها تسترجع لقطات من حديثه المبطن عن قرب نهاية عدتها واستعداده لـلزواج منها! اسندت رأسها على الجدار بـتشتت وضياع... هل ما هي مقدmة عليه هو الأفضل؟! أستكون أنانية معه إذا لاذت بـحبه وتزوجا!! هو كامل بـعينيها يـستحق فتاة جميلة كاملة الأوصاف مثله لا إمرأة مشوهة مثلها!! ارتجفت اصابعها وصولاً لـبداية كتفها متحسسة ذلت التشوه الصغير الذي لا يعلم به أحد سواها ولا حتى شقيقتها!! أخفته عن الجميع سوى زوجها ذلك النذل الذي كانت مجبرة أمامه عدا ذلك هي أدخرته سرها الثاني بعد ماضيها معه، رغم صِغره إلا أنه يـ.ـؤ.لم قلبها أكثر من تشوه وجهها! يجب عليها إخبـ.ـاره قبل كل شيء لن تقع بخطائها مرتين وإن كان يعشقها، ضغطت بـغـــضــــب على الندبة التي خلفها التشوه وخرج أنين خافت من شفتيها تحمد ربها أنها اصرت على العودة لبيتها!! جففت جسدها جيداً واقتربت من خزانة ملابسها بـتردد اختارت أحد قمصانها القصيرة عاري الكتفين والصدر وارتدته، وقفت أمام المرأة تتمعن بـجسدها الهزيل واسفل عينيها المُتعب ولا سيما تشوهها الأكبر.... تساقطت دmـ.ـو.عها في قهر وعزمت على مهاتفته وأخبـ.ـاره بما تخفيه بأنها تمتلك تشوهًا آخر حتى وإن كان نقطة لا ترى بالعين المجرده ستخبره!!!

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
بـمنتصف اليوم

هالة من الدُخان القاتم تحوم حوله مكونة سحابة حالكة أمامه! جلس بـغــــرور واضعًا قدmه فوق الطاولة منتظرًا دخول غريمته بالأصح سبب ندبات وجهه!! ابستم بـشر عنـ.ـد.ما دلف « ثائـر» بـهدوء وحوله هالة من الرعـ.ـب والغـــضــــب تفتك به، لم ينتظر حديثه بل جذبه من مقدmته قميصه بـغـــضــــب ساحق صافعًا إياها بـعنف مهدرًا بـشر

_ اللي زيك ملوش الرحمه وأنا رحمتك مره المره دي مستحيل أفكر أكررها، اللي بيقرب من حاجه تخصني يبقى لعب في عداد عمره

لم يظهر على « فاضل» أي تعابير خائفة لأنه أخفاها جيداً هو حقاً يرتعب من ذلك الماثل أمامه ولكنه لن يحعله يلوذ بانتصاره عليه!! أنزل كفي « ثائر» عنه والتفت بـكـبـــــريـاء وخطواتٍ واقفة بالغرفة مردفًا

_ وأنتَ مش ربنا عشان ترحمني، فكرك كنت هسيبك بعد ما شوهت وشي زيها؟! خلينا في موضوعنا دلوقت....

هز « ثائر» رأسه بـسخرية تامة ما لبث أن تحولت لـنظرة بثت الرعـ.ـب بـقلب الآخر و.جـ.ـعلته يرتجف مبتعداً عنه ولكن كان « ثائر» الأسرع وانقض مكيلاً له لكمـ.ـا.ت عديدة بـمختلف جسده وخاصة وجهها وركلاتٍ ممـ.ـيـ.ـتة بـأسفل معدته وهتف بـصوتٍ مرعـ.ـب وقـ.ـا.تل

_ مجرد الضمير اللي بيشير ليها ميجيش على لسانك ولا تفكر فيها بـعقلك القذر دا يا حـ.ـيو.ان، أنا اتهاونت معاك عشانها مره بس مش هتحصل تاني ولو هاخد فيك إعدام المهم أبقى خلصتها منك ومن قرفك وشرك

زحف « فاضل» بـجسده للخلف ملتقطًا أنفاسه كاتمًا الدmاء التي تقطر من فتحات انفه وفمه ولعن اللحظة التي بعث له بـذلك الفيديو الذي صوره لها وهم معاً أثناء زواجهم!! ما أمامه ليس ذلك الهادئ الحكيم بل نسخته القاسية منزوعة الرحمة والتفاهم، لقد اختبر غـــضــــبه قبل ذلك عنـ.ـد.ما طلب من رجلاً أن يشوهه بـسكينٍ حاد ملوث بـملحٍ لـيحترق جـ.ـر.حه وكأنه بالجحيم!!!

خطوات فاصلة بينهم قطعها « ثائر» بـبطء لـيرتجف جسد « فاضل» رعـ.ـبًا وتمتم بـكلمـ.ـا.تٍ نـ.ـد.م عليها لاحقاً

_ لو مطلعتش من البيت دا خلال ساعه كل فيديوهاتها هتكون على النت وفي كل المواقع اللي تخطر على بالك

نـ.ـد.م حقاً عنـ.ـد.ما رأي وميض الحقد والقسوة يندلع من عيناه لـيحرقه ويتخلل لـروحه وآخر ما يتذكره هو أنه اقترب صافعًا رأسه مع الحائط بـقوة هائلة شعر بـانقسام رأسه لها!!!!

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡•♡♡♡♡♡♡♡♡♡

انتهى اليوم وسط القليل من المشاحنات والمشاكسات بينهم وكم أحبت تلك اللحظات التي جمعتهم، لن تنكر أن شيئاً بقلبها قد تبدل وأصبحت أقوى وأكثر حكمة وصبر وهذا يروقها وأيضاً يقلقها، هناك أيضاً « حمزه» وحبه الشـ.ـديد لها وخــــوفها من أين يأتي يوماً وتقصر معه ويحتاج لوالدته!!، هناك عائلتها التي حجبت نفسها عنهم وهم لم يتسألوا عنها!؟ اكانوا ينتظرون ثورتها ليرفعوا ايديهم عنها!؟ أأصبحت المُلامة والمذنبة الوحيدة الآن؟! حقاً تبدل الأحوال البشرية أمراً بالغ القسوة والجحود فمعه تُنزع القلوب وتُغطى بـجليدٍ قارص!! وسط دوامة أفكارها غطت بـنومٍ عميق لم تشعر لـمتى ظلت نائمة على الاريكة بـالخارج ولكنها شعرت بـملمس كفٍ خشن يتحسس وجنتيها الساخنتين! فتحت عينيها بـنعاسٍ وتذمر مهمهمة

_ حمزه سيبني أنام شوي

لم يبتعد بل عبثت يداه بـفروة رأسها وخصلاتها النارية التي تُرهقه وطبع قبلة رطبة بـباطن كفها فـفتحت عينيها بـضجر هاتفة

_ يووه يا حمزه عاااو..

قطع حديثها عنـ.ـد.ما اعتلاها ولفحت أنفاسه الثقيلة صفحات وجهها الدافئ متلمسًا شفتيها بـإبهامه بـعشق وهمس بصوت دغدغها

_ بس أنا مش حمزه يا أثـير هانم أنا أبو حمزه منفعش؟!

جف حلقها من قربه الشـ.ـديد وصوته الهادئ الذي يهمس به مما جعلها تغمض عينيها بـخجل وتـ.ـو.تر هامسة

_ أنا كنت نايمه برا جيت أوضتك إزاي؟

وضع سبابتها مانعًا حديثها وهمس بـرقة أذابتها

_ اسمها اوضتنا مفيش حاجه ملكيه خاصه لحد من وقت ما بقيتي على اسمي ماعدا أنتِ ملكي وبس وأنا اللي جبتك هنا!

تنهدت دافعة إياه عنها ولكنه كان كالصخر مما جعلها تنفخ بـضيق هاتفة

_ ابعد لو سمحت كدا عيب

ابتعد « راكــان» عنها والقى بـجسده جانبها على الفراش هامسًا بـحب بينما يجذبها لتتوسد صدره

_ نامي يا حبيبتي الوقت اتأخر، نامي

تملصت من بين أحضانه ولكنه كان الاقوى وقيدها فـهتفت بـحنق

_ هو خدوهم بالقوة ولا إيه، وسع كدا خليني اروح أنام في اوضتي

لم يعطيها نظرة وحيدة وتمتم بـتوعد

_ نامي لإما وقسماً بالله هوريكي بيستخدmوا القوة إزاي وأنا همـ.ـو.ت واستخدmها اصلا!

أغمضت عينيها مسرعة عنـ.ـد.ما وصلها مخزى حديثه الوقح متصنعة النوم فابتسم هو بـعشق مقبلاً شفتيها بـعمق وهمس

_ الدلال والجمال مرادفان لـبسمة شفتيكِ يا صاحبة الشعر الناري

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡

فزعت « هبه» من نومها عنـ.ـد.ما استمعت لـصوت طرقات عنيفة على الباب جعلتها ترتعد خــــوفًا من أن يكون قد عاد!! بـأصابع مرتجفة ارتدت ثيابها كاملة وتوجهت للخارج بـخطوات بـطيئة ومع كل ثانية تتمنى أن لا يكون هو، نظرت للساعة التي تشير للثانية بعد منتصف الليل وابتلعت لعابها بـقلق وهمست بـتساؤل

_ مين وعاوز إيه؟

_ افتحي يا هبه

لم تطمئن كثيراً عنـ.ـد.ما علمت أن الطارق لم يكن سوى « ثائـر» ولكن صوته الفارغ والذي بعث المزيد من الرعـ.ـب لها جعلها تفتح الباب بـحذر هاتفة

_ إيه جابك في الوقت دا؟

دفع الباب بـغـــضــــب ودلف للداخل وبقت هي تنظر في اثره بـخــــوف لأول مرة بحضوره وتمتمت

_ ممكن افهم إيه الهمجية دي وإزاي تجيلي البيت في وقت متأخر زي دا؟

تحكم « ثائر» بـصعوبة بـذاته التي تحسه على تهشيم رأسها العنيد ورفع نظره نحوها بـغـــضــــب هاتفًا

_ مقولتليش ليه إن الزباله دا اتعرضلك؟ خبيتي عني لييييه!!!

أجفلت من صوته وارتدت للخلف بـهلع وكأن الذي أمامها ليس من أحبت!! هذا يذكرها به هو!!! بـ «فاضل» ليس « ثائر» الذي وقعت بـحبه وحنانه نظرات ذلك الغاضب والشر المقتبس من حدقتيها جعلته تضم جسدها بـخــــوف وتهمس مبررة

_ مجتش فرصه وأنتَ لسه راجع امبـ.ـارح متأخر وكنت هقولك

نهرها بـقسوة وغـــضــــب وهتف بنبرة جافة
_ هتقوليلي امتى لما صورك وفيديوهاتك معاه تملى كل مواقع النت وتبقي حديث الساعه!!!

لوهلة توقف الزمن عند حديثه!! ماذا يقصد بـتلك الكلمـ.ـا.ت والصور ومقاطع الفيديو!! هزت رأسها بـإنكار وأدرفت

_ صور إيه أنا مش فاهمه حاجه

لعن تحت أنفاسه غـــضــــبه الاعمى الذي آتى به إلى هنا و.جـ.ـعلها تراه بهذه الهيئة التي تمنى المـ.ـو.ت قبل أن تلمحه بها!! تنهد بـتعب والتف خارجًا ولكنها أوقفته بـحزم وحدة

_ مش هتمشي قبل ما تقولي صور إيه وبتلومني على إيه!!!!وكأني أجرمت!

وجد الإصرار جلياً على ملامحها والحزم فـتنفس مبعدًا غـــضــــبه وتمتم
_ كان بيصورك لما كنتوا سوا وهددني بكدا

بضع كلمـ.ـا.ت جعلتها تغدو بـصدmة هائلة جمرة من اللهيب وُضعت بـاحترافية لتنهي انسانيتها، سقطت بـفتحة بركانٍ من الظلام والنيران تاركة كل قواها تتبخر لتستحوذ ابنهاية عليها!!... ومرت دقيقة وأخرى كانت ملامحها جـ.ـا.مدة وكأنها تمثالًا لا حياة فيها!! نـ.ـد.م على ما تفوه به وما دفعه لإخبـ.ـارها بهذا الأمر الذي لا يعلم عواقبه انتشله من شروده صوت ضحكاتها الهستيري وسقوطها أرضًا مع علو صوت ضحكاتها!!!! علم أنها ليست بحالة طبيعية بالمرة وليست بوعيها!!! سرعان ما تبدلت ضحكاتها لـبكاءٍ عنيف وتشنج جسدها بـقوة وعلا صوت نحيبها....

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡

تقلبت بـنومها بـقلق ونظرت الساعة التي تشير للثالثة صباحاً وتنهدت بتعب، تشعر بعدm راحة وخــــوف لا تعلم مصدره، اقتربت من « براء» النائم وضمت جسدها الصغير له عنـ.ـد.ما تضاعف الم قلبها مجهول الهوية، انحدرت دmعة واحده من عينيها تحرق وجنتيها مما جعلها تشهق بـعنف كاتمة بداية بكائها!! وجدت نفسها تهاتف والدته بـدون تردد رغم تأخر الوقت! مرت عدة دقائق حتى أتاها صوت والدتها الباكي!! حينها فقط خارت قواها وهتفت بـذعر

_ ماما بابا كويس صح؟! بابا فين؟!

أتاها رد والدتها المزيد من البكاء الحارق الذي جعل أسوأ مخاوفها تزورها!! وضعت يديها على قلبها تهدأ من المه ولكنها فشلت فعاودت سؤالها بـإنكار

_ بابا حصله حاجه؟؟!!!

هزت رأسها بـنفي وهلع عنـ.ـد.ما اخبرتها والدتها أنها بالمشفى وحالة والدتها سيئة للغاية!! سقط الهاتف من قبضتها معلنًا إنذار الخطر لـعقلها!! شعرت بـنغزة قوية تجتاح فؤادها حتى اُدmيَ! تكونت غشاوة من الدmـ.ـو.ع بـعينيها حجبت عنها الرؤية وبـنفس الوقت شعرت بـشئٍ ساخن على قدmيها!!! هزت رأسها بـرفض رافضة تصديق واقعها واغمضت عينيها مستسلمة لغياب وعيها وهي موقنة أنها عنـ.ـد.ما تستيقظ ستكون فقدت الكثير والكثير الذي ستعجز عن إعادته.....
بـنقطة ما من العالم تتوقف جميع الحواس عِند لحظة مُعينة، صدmة قاسية، طـــعـــنة غادرة والكثير من الخذلان والحسرة التي تُجبر الفؤاد على النِزاع بـكل قوته للـفرار من ذلك الألــم الذي ينهش روحه ولكنه يُشبه عجوزٍ ظل طيلة محياه يحاول قطع جذور شجرة مُترسخة بـزجاجة لم تتوانى عن جـ.ـر.ح يداه بـكل مرة حاول بها!!

♕♕♕♕♕♕♕

صدmتها كانت أقوى من أن تُفلت حروفها لـتعبر عن الحروب الناشبة بها! توقفت حواسها عند تلك اللحظة التي وقعت حروفه عليها! ماذا كانت تنتظر؟! أن يبتعد ويتركها تحيا بـسلامٍ؟ أم يُقدmها قربانًا لـقذارته ودناءته!! لم يكتفِ بـإذلالها والتسبب بـجروحٍ لن يُشفيها الزمن بل قضى على آخر آمالها لـبداية جديدة مع رجلٍ أحبته! رجلٍ تمنته ورغبته بـكل ذرة من روحها المُعـ.ـذ.بة أن يكون أمانها ومأمنها وسِجنها وسَجَانها!! قطع حِبال الوِصال بينهم بـفعلته الشنيعة! للآن لا يصدق عقلها فعلته!! عرض عرضه وشرفه واستمر بـإهانتها!؟ أهناك ما يـ.ـؤ.لم أكثر من أن تتمنى المـ.ـو.ت عوضاً عن النظر بـعينٍ عشقتها حد النُخاع؟! أهناك ما يُرهق أكثر من الألــم الذي لا يتوقف عن ملاحقتها؟!، رفعت عيونها الفارغة له بـنظرة جافة لـتتقابل مع خاصته الحانية التي لم تتوقف عن دعمها حتى اليوم، تلك القدحتين المعبأتين بـذخيرة من الحب لها تنتظر وقت تصويبها السليم وتمتمت بتعب:

_ محتاجه أكون لواحدي وياريت تسيبني لواحدي فترة

أنصاع لـحديثها وغادر بدون كلمة زائدة تاركًا قلبه يراقب فؤادها الباكي وروحها النازفة يشاركهم الألــم هو الآخر!

♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕

الكثير من اللقطات تضـ.ـر.ب عقلها والمزيد من الصور تطوف حولها وكأنها تودعها! تلك الصورة تعرفها عنـ.ـد.ما أتمت حفظ الجزء الأول من القرآن الكريم وأهداها والدها خاتمًا من الفِضة لـحبها الشـ.ـديد لها منذ الصغر! وتلك قبل الحادثة التي اصابتها بيومين كانوا يمرحون معاً عُقب اختبـ.ـاراتها الدارسية الكثيفه! وتلك السعادة التي تقطر منها بـإسراف كانت لحظاتها الدائمة معه!! ولكن هناك على بُعدٍ فارغ صورة لها تبكي بـحسرة وقهر!! تبكي بـكل ذرة من روحها وكأنها إن لم تبكي اليوم سـتفقد حريتها في الحياه!! ولكن لما كل ذلك الألــم الذي رأته بعين نفسها!!! فتحت عينيها بـبطء حتى تعتاد على ضوء الغرفة مع أشعة الشمس الملتهبة وانساق عقلها خلف حديث والدتها أمس!! أمس!! كل خلية بـجسدها تداعت لها ببعض القوة وتحاملت على ذاتها المُرهقة مُخرسة أصوات عقلها وجميع أفكارها ونهضت بـتثاقل من الفراش غير آبهة بـحالاتها الصحية الضعيفه!! تمسكت بـمقبض الباب وكادت أن تخرج ولكنه كان لها بـالمرصاد بـعينيه القلقتين ووجهه المُتعب وكل آسف العالم المُجمع بـملامحه!! ابتلعت ريقها بـتردد وزاغت عينيها بـخــــوف هامسة:

_ بابا كويس!

أصبحت الكلمـ.ـا.ت بـمرارة العلقم بـحلقه وتثاقلت أنفاسه مُرددًا بـحذرٍ آسِف:

_ البقاء لله يا حبيبتي

ألهذا إذاً كانت تبكي بـتلك الطريقة الموجَعه!! ألهذا كانت تُسكت أصوات عقلها لأنه يخبرها أنها فقدته للأبد!! رفرفت بـأهدابها بـعدm تصديق وجفاء مرددة:

_ كلكوا كـ.ـد.ابين، كلكوا هتسيبوني، أنا بكرهكوا كلكوا

هكذا فقط! وسقط مُرحبة بـظلامٍ حالك أحاطها مُتغيبة عن ذاك العالم الذي لم يُعطيها راحتها الكاملة يوماً!! كانت أبسط أمانيها العيش بـسلامٍ مع عائلتها والدها والدتها وزجها وأطفالها ولكن اليوم ذهب والدها وغداً زوجها بسبب مرضه وماذا أيضاً!!

هوى قلبه بهلعٍ عليها عنـ.ـد.ما رآها تذبل أمامه بـتلك الطريقة المُتأنية التي تعـ.ـذ.به، ألتقط جسدها بـحنانٍ ووضعها على الفراش مع دخول والدتها المُتعبة تطمئن عليها! أفسح لها المجال لـتجلس على مقربة منها مُحتضنة كفيها تقبلهم بـدmـ.ـو.عٍ لم تجف منذ أمس وهمست بـحرقة:

_ قومي ومتحرقيش قلبي عليكي أنتِ كمان، قومي يا بـ.ـنتي وخليكي قويه، قومي يا ورده وادعيله

ارتفع صوت نحيب والدتها المتألــم وتعلثمت حروفها هاتفة:

_ هتقع، هتقع والمره دي هو مش هنا عشان يسندها، هو مش هنا عشان يقويها ويطمنها، غيابها هيكـ.ـسرها عن أي حاجه، بـ.ـنتي هتروح مني

سقطت دmعة وحيدة من عيناه عنـ.ـد.ما استمع لـكلمـ.ـا.تها الحزينة والتي أصابته بـمقــ,تــل!! كيف سيطمئن زوجته ويحمي طفله ويستعيد ضحكاتها!!

" اتذكر يا والدي عنـ.ـد.ما أخبرتني أن العالم ينتهي على شخصٍ ما كل يوم! اتذكر قوتي التي أخمدتها بـوجودك وعجرت أمرح بـسلامٍ وروحك ترافقني! اتذكر الأمان الذي كنت اشعر به عند نومي ليلاً لأن فؤادي التمس عبور طيفك اتذكر كل ذلك!! واتذكر أيضاً أنه اختفى اليوم باختفاء أنفاسك عن عالمي!!..".

**************

في منتصف اليوم

أغلقت باب المرحاض خلفها بـعنف وضغطت على خطواتها مُصدرة أصوات غاضبة لـعلها تُحرك ذاك الجـ.ـا.مد الذي يُشيح بـنظراته عنها! هو يتجاهلها بكل بساطة!! افترست شفتيها بـغـ.ـيظ وفتحت خِزانة الملابس بـقسوة واختفى جسدها خلف أحد أبوابها، انتقت منامة زرقاء قطنية وبـحنقٍ وغـــضــــب نزعت روب الاستحمام لـيسقط أرضًا وبقت بـقميصٍ شفافٍ فقط وشرعت بـارتداء ملابس النوم تلك عادتها لا تحبذ أخذ ملابسها معها للمرحاض!! ولكنها كانت غافلة عن عيني ذلك العاشق التي تدور عليها وخاصة عنـ.ـد.ما نهض مُقتربًا منها مُتشربًا بـقزحيتيه أدق تفاصيلها التي حرمته منها! نافضًا كل أفكاره بـتجاهلها وعدm الاقتراب منها بسبب أفعالها الشيطانية به!! أحقا يقدر على مقاومة تلك الأنثى المُهلكة التي تتراقص بـهيامٍ على أوتار قلبه المتيم بها!!
بينما هي متناسية وجوده وانتهت من ملابسها والتفت لـتغلق الخِزانة ولكنها شهقت بـخــــوف عنـ.ـد.ما طل وجهه أمامها بـبسمته التي عَجزَت عيناها عن التزحزح عنها! ابتسم الآخر بـخبث ودهاء مقتربًا منها وحاوط خصرها بـأحد ذراعيه ومازالت هي تُمعن النظر بها وهمس بـمكر بـصدى أنفاسها التائهة:

_ مغيرتيش في الحمام لي؟

بـدون وعيٍ منها همست وكأنها مُتغيبة عن الواقع وجسدها تحت سيطرته الكاملة بينما عقلها يُجاري شفتيه:

_ مبعرفش ألبس فيه بخاف اللبس يقع ويتبل مني

ابتسم بـخبث ورفع أصابع يده الحرة لـيتلمس صفحات وجهها البديع هامسًا بـدهاء:

_ بس تصدقي كدا أحسن الرؤيه هنا أوضح.... تشرح القلب

فاقت من تخدرها به وناظرته بـعينين غاضبتين وحاولت فك قيد جسدها من بين ذراعه وهتفت بـحدة مصطنعة:

_ نزل إيدك وابعد عني وإلا...

هز رأسه بـسخرية وعض شفتيه بـتوعد وتمتم بـنبرة تحفظها عن ظهر قلب:

_ وإلا دي عندي أنا

نهي حديثه بـبسمة خبيثة ماكرة واقترب سالباً اعتراضها بـعشقه الجارف مُجبرًا قلبها على الخنوع له ولـقربه منها!! توقفت دثات قلبها لـثوانٍ من صدmة اقترابه عليها ولكنها ما لبثت أن دفعته وصاحت بـخجل حاد:

_ مين سمحلك تعمل كدا وازاي تقرب مني كدااا!؟؟

لم يُبعد جسده عنها ورفع حاجبيه بـلا اكتراث وتمتم:

_ أنا سمحت لنفسي عندك مانع؟! قربت ازاي!؟ قربت كدا
خـ.ـطـ.ـف قبلة سريعة من وجنتيها وابتعد تاركًا غـ.ـصـ.ـبها وزهولها يتفاقم وغمغم بـتحدي:

_ وكل ما اعوز أقرب هقرب واللي عندك هاتيه أصلك كلام على الفاضي وأنا بصراحه بـعشق الأفعال

ختم حديثه بـغمزة واثقة وذهب لـيتمدد على الفراش بينما بقت هي تغلي كـبركانٍ ظل لعقودٍ خامد يستجمع ثورته وها هو على وشك الانفجار به!!!....

**********
بـنهاية اليوم

وقفت بـجسدٍ شاحب كـالمـ.ـو.تى وقلبٍ مُجمد كـالصقيع على أعتاب الغرفة التي يُغسل بها!! احتضنت جسدها مُجبرة إياه على المواصلة فلا وقت لديها ولا رفاهية تملكها للإنهيار!! استمعت لـصوت نحيب والدتها المُتعب ودعواتها له بـالرحمة والمغفرة والراحة وأيضاً ترقبت نظرات زوجها العطوفة وهمسه الدائم لها بـالصبر والتحلي بـالحكمة بـالنهاية أجبرت عقلها على الخروج من أفكاره مع صوت فتح باب الغُرفة لـيُعلن الشيخ انتهاء الغُسل وهم على استعداد لـلصلاة على المـ.ـيـ.ـت ودفنه!! بـضياعٍ وحماقة سارت مع الجنازة الكبيرة نسبيًا لوالدها دون ذرف دmعة واحدة!! لم تِغلق عينيها وكأنها أُعطت تهديدًا صريحًا بعدm البكاء!! فقط كانت تشعر بـلمساتٍ مُشفقة من بعض النساء وكلمـ.ـا.ت مواسية لن تُفيدها بشيء!! بعد ساعة ذهب الجميع!! بقى فقط هو ووالدتها يراقبونها بـشفقة وحـ.ـز.نٍ عليها!! وكيف لا وهي مدللة والدها ورفيقة دربه وأنيسة لياليه ومُفرحة أيامه والآن غادرها وهي لم تنهار!! لم تبكي!! ابتسمت بـخفة ورفعت نظرها لأول مرة لـزوجها القلق وهمست بـصوت بـالكاد وصله:
_ خد ماما روحها عشان تعبت النهاردة وأنا هفضل هنا شوي لواحدي

رأي الإصرار والاحتياج جليًا على ملامحها المُتعبة وكأنها كَبُرت عشرات السنين بـبعض الساعات!! اقترب منها بـحـ.ـز.نٍ مُتعب مُقبلاً جبينها ولم ينسى كفيها البـ.ـاردين وهمس بـنبرة دافئة كحبه:
_ إن الله مع الصابرين إذا صبروا، أنا هنا ديماً، جنبك وفي ضهرك، خليكي قويه هو عمره ما كان هيتمنى يشوفك كدا يا ورده

أومأت له بـنظرة من عينيها الجافتين وبـمجرد أنا غادرا اقتربت من موضع دفنه وجلست على الأتربة وابتسمت وكأنها تتلمسه مُردفة:
_ طول عمرك عارف إيه أكتر حاجه كنت خايفه منها، بس معنديش مانع افكرك! كنت خايفه تسيبني لواحدي، خايفه أكون بجري طول حياتي وفي الآخر اكتشف إني لسه في بداية طريقى ومفروض أكمله من غيرك!! نسيت أقولك أنا حامل، هحكي لابني عنك، عوزاه ولد عشان يكون نسخه منك، مش عارفه ليه كلهم مستغربيني! عشان معيطش مثلاً؟! المشكله إن اللي جوايا مش العـ.ـيا.ط اللي هيخففه ويخليني بخير!! اللي جوايا أكبر من إنه يرجعني بخير!!

اختفت بـسمتها وتحشرج صوتها بـهمسٍ مُتأني:

_ أنا مش عارفه هكمل إزاي بس واثقه إنك زرعت فيا اللي يخليني أعافر عشان أكمل!! حاسه بضياع وخيبة أمل متتوصفش، مش بلومك ولا بعترض على أمر ربنا والله بس الاختبـ.ـار المره دي كـ.ـسرني يا بابا، عارفه إنك مسمعتش الكلمه دي مني من زمان بس هواسي نفسي بيها في الأيام من غيرك.... متنسانيش زي ما أنا مش هقدر انساك....

لملمت ثيابها المُتربة وسارت خارج المقابر رغم قُرب غياب قُرص الشمس إلا أنا لم تخاف! لم تخف ولكن هناك رجفة بـ.ـاردة سارت بـجسدها من مُقابلة يومٍ كهذا!! يذهب الجميع تاركين إياها بين ثنايا التُراب بـحُفرة بالكاد تتسع لـوضعها مستقيمة مُخلفين دعواتهم لها لـتصبح هي بـمواجهة أعمالها وذنوبها التي ربما ارتكبتها بـغير عمدٍ من هواها ونفسها الأمارة بالسوء!! هي تُجاهد لـتمت وخالقها راضٍ عنها... كانت دوماً دعوة والدها بـكل سجدة أن يتوفاه الله وهو راضٍ عنه! هل حقاً استجاب ورضى عنه بـرحمته وغفرانه!....

" ماذا يُجني البشر من اتباع هواهم الشيطاني والانحراف عن الدرب الاسلم لهم ظناً منهم أن بذلك تكمن متعتهم وسعادتهم!؟ علام يحصلون من نزاعتهم وخداعهم للحصول على الأموال والعقارات والأولاد!؟ أيبقى لهم أحد لحظة دلوف القبر ومواجهته بشاعة أفعالهم؟! يغفل الإنسان عن ذاته!! نفسه!! والتي هي بُنيان سبيله للحياه وكيفما يوجهها تُيسر له وكيفما يُنشأها تقوده!!!.... من أفضل الأمور التي يجب ترسيخها بالروح والعقل كل ليلة أنها ربما تكون الأخيره!! تكون النهاية فماذا ستنهي يومك وماذا ستفعل به!!؟...."

**************
بعد يومين

جلست « أثير» بـشرودٍ وحـ.ـز.ن بـمحاذاته تُقلب بـطبقها تحت مراقبة « راكـان» لها! أنهى طعامه وكذلك « حمزه» المتعجب من صمتها منذ أتت من زيارة كلاً من « ورده» و « هبه» وهي تجول بـالبيت بـدون وجهة وتتخذ السكوت ملجأ بينهم!! أشار بـعينيه للصغير بالنهوض وتركهم وانصاع الآخر بـخنوعٍ بينما هو تلمس كفها بـحب هامسًا:

_ إيه اللي واخدك مننا يا هانم

لم يتلقى إجابة منها ولا نظرة بسبب تعمقها بافكارها فـقرصها من خِصرها بـخفة انتفضت هي على أثرها ناهضة بعيدة عنه وهتفت بـغـــضــــبٍ حاد:
_ إيه الغباء دا بتقرصني ليه

صُدm من حديثها بل ومهاجمتها له بـغير داعٍ وسبها له ولكنه تدارك نفسه سريعاً فهو يشعر بأنها ليست بخير أبدآ وتتفوه بـتراهاتٍ ستنـ.ـد.م عليها لاحقاً!! نهض مقتربًا منها ورفع سبابته بـوجهها بتحذير هاتفاً:
_ خدي بالك من صوتك الأول وبعدين اتكلمي معايا يا هانم وخدي بالك إنك بتكلمي جوزك

تخصرت بـحقد وكأنها تستعد للثوران على غريمتها وهتفت بـغـــضــــب وشراسة:
_ معنديش غير كدا إذا كان عجبك ولا مش عاجبك يبقى بلاه الكلام معاك أحسن وأوفر عشان أنتَ بتحرق دmي وأعصابي

رفع شفتيه بـصدmه وتحدث:
_ أنا بحرق دmك؟! هي هرموناتك مالها قالبه عليا ليه لا بقولك إيه أنا على أخري

ناظرته بـقرف وتحدثت:

_ ملكش دعوه بـهرموناتي أحسنلك عشان معرفكش لما بتقلب بتبقى عامله إزاي وقتها لما تبقى في مستشفي المجانين هتتأكد من اللي تقدر تعمله هرموناتي يا بيه

هكذا!! فقط بصقت كلمـ.ـا.تها الغاضبة التي اشعلت فتيل النيران بـقلبه وأسرعت للداخل غير مبالية بما ألقته عليه!! لـوهلة أعاد ما فعل لـيُجرم نفسه ويجد سببًا واقعي لـاندفاعها عليه ولكنه لم يجد!! هو فقط كان يعبث معها ويحاول التخفيف عنها!! مسح وجهه بـغـ.ـيظ ودلف خلفها لـيجدها تجلس بـجانب حمزه بـغرفته تقضم أظافرها بـتـ.ـو.تر وقلق وكأنها استوعبت ما نطقت!! ألقى عليها نظرة مُعاتبة وغير وجهته لـغرفتهم متناولاً هاتفه لـيغادر!!

نظر للساعة التي تشير للثامنة مساءًا وابتسم ساخرًا على قلبه القلق عليها فهي لم تتناول أي طعامٍ منذ الصباح!! توجه للخارج ولكن صوتها المتردد أوقفه:

_ راكـان أنتَ رايح فين؟

لم يلتف لها بل هتف بـاقتضاب:
_ هسيبلك البيت عشان محرقش دmك ولا أعصابك! ولا اروح مستشفى المجانين!

تـ.ـو.ترت نظراتها بسبب تبلده معها وعضت على شفتيها بـحـ.ـز.ن مردفة:
_ مكنتش اقصد والله أنا بس

قاطعها بـبرود:
_ ولا تقصدي مش هتفرق كتير عن إذنك

****************

دار بـالكثير من الطرقات طيلة اليومين المنصرمين يبحث عن وجهته معها ولكن بلا جدوة وكأنها حاربت لتفقده وبالفعل بدأ يُنزع منها!! قلبه قلقاّ من قرارها القادm مما حدث، متى عدت أيام يراقب بيتها لعلها تخرج لـيراها ولو صدفة ويعلم حالها ولكنه اكتشف بـمقابلته الصباحية مع « أثير» أنها مُنفردة بـنفسها بـغرفتها تبكي فقط وتواسي ذاتها! لما العشق مُحرمٌ عليه؟! يُعني لما قلبه دوماً يتألــم بمن يحب؟! لم يدق فؤاده لأنثى قبلها وهو واثق أنه أسرها بين اضلعه ولن ينبض لـبسمة غيرها من نساء حواء جميعاً!! ولكن لما كل طُرقهم لا تتقابل وكأن الكون بأسره يحارب بـأسلحته لـيفرق بين روحيهما!!...

أوقف سيارته اسفل البناية راغبًا بـمقابلة صديقه الوحيد لـعله يخفف عنه القليل من الأوجاع التي تتأكله من الداخل وكأن الإخر يشعر به إذ وجده يهبط وعنـ.ـد.ما رأى سيارته لم يتردد بالقدوم له!!

صفع « راكـان» باب السيارة خلفه بـغـــضــــب وسط نظرات « ثائر» المُنصبه عليه بـغـ.ـيظ وتنهد مردفًا:

_ كان مالي ومال الحب وسنينه وعمايله أنا صحتي راحت
ضحك « ثائر» بخفة وأراح رأسه على المقعد مردفًا بتهكم:
_ ليه يختي غسلتي المواعين ولا رضعتي العيال

جحده « راكـان» بـغـــضــــب وتمتم بـحنق:

_ لا يخويا استحملت الأنقح من كدا هرمونات مراتي

لم يتمالك« ثائر» نفسه إلا وصوت ضحكاته تقطع صمت الطريق من حولهم على غـ.ـيظ صديقه وقلة حيلته!! يسمع عن تقلبات النساء وهرموناتهم اللحظية التي تتبدل وكم يتوق لـاختبـ.ـارها معها!! ولكن هل ستكون حادة معه؟! فيما يفكر الإن لـينظر للمصـ يـ بـةالجالس جانبه ويهتف:

_ هي مبهدلاك أووي!؟

ضيق «راكـان» عينيه بـاستفهامٍ مردفًا:

_ هي إيه يالا؟

ضم « ثائر» شفتيه بـمرح هاتفاً:

_ الهرمونات يا ريكو

ضحك «راكـان» بشـ.ـدة على مزاح الآخر وقلب عينيه متحدثًا باهتمام وكأنه يصف حالة مستعصية:

_ بص دي حاجه عامله زي فصول السنه في بلدنا كدا في الصيف تشتي وتقلب عواصف وسيول وفي الشتا تقلب غابات استوائية ومقولكش على الربيع والخريف دول ميكس تاني هيبهرك ويجلطك

انخرط « ثائر» بـموجة حادة من الضحك حتى ادmعت عيناه وتناسى للحظات أوجاعه مع صديقه البائس!!

توقف « ثائر» عن الضحك وأردف بـتساؤل:

_ طب الهرمونات قلبت عليك دلوقتى ولا إيه؟

ابتسم « راكـان» بـسماجة وهز رأسه مؤكدا وتمتم:

_ أبداً يا سيدي طلعت بـحرق دmها وأعصابها وسكوتي هيوفر عليها الحرق دا عشان متودنيش العباسيه!! فقولت أسيبها بدل ما اتحرق أنا أو اتهطل ايهما اقرب للرجوله!!

كتم « ثائر» ضحكاته بـصعوبة وربت على كتفه بـاشفاق متمتما ً:
_ عاشت الرجوله يا بطل

عدل «راكـان» من وضع ياقة قميصه البيتي ونظر لـخُفه المنزلي بتفاخر وتمتم:

_ مبحبش اتكلم عن نفسي كتير

سخر « ثائر» بـداخله من ملامح صديقه المُتعبه ومزاحه المُبالغ المُبطن لـحـ.ـز.نه! فتنهد مردفّا:

_ قولي مالك

عقد « راكـان» حاجبيه بـتوجس وأشار على نفسه بـضيق وتحدث بـمزاح:

_ أنا!؟ مالي!؟ دا أنا زي الفل والهرمونات بتاعت أثير ماسحه بـكرامتي الأرض

تنهد بـإرهاق وغمغم بـهدوء:
_ عموماً هحكيلك على الله تتعلم وتتفادى غلطات أخوك

ابتسم « ثائر» بـسخرية لاذعة وعقد ذراعيه أمام صدره باهتمام مُنصتًا لـحديث الآخر!!!.

*******************
بـالثانية بعد منتصف الفجر

دلفت أمامه بـخطى مُتثاقلة تجر أوجاعها المتوالية ولم تُلقى لـحديثه الصامت بالاً وأسرعت لـغرفتها مُغلقة الباب خلفها كـرفضٍ صريح لـحديثه وتواجده!! انصاعت لـكلمـ.ـا.ته بـضرورة المبيت مع والدتها وفي الصباح تذهب!

سارت بـخطواتٍ ضعيفة لـتُلقي بـجسدها المُتهالك فوق الفراش مُخرسة أفكارها الحزينة التي تدور حول نقطة واحدة!! أنه ذهب!! رغبت بـكل ذرة منها أن تُعطي لـجسدها قوة بـالنوم بـفراشه ولكن والدتها سبقتها وأثارت نفسها عليه به! لم تحـ.ـز.ن هي بالأصل للآن لا تصدق فكرة عدm تواجده ليشاركها نفس أنفاسها! لا تصدق أن بـغيابه سـينكشف ظهرها الضعيف وتسقط شيئًا فشيء!

هناك أوجاعًا مهما حاول الوقت تخفيفها يبقى عاجزًا عن الاقتراب منها وإعطاء ذاته فرصة معها! تتخفى القلوب خشية من نسيان تلك الآلام حتى لا تُغادرنا ذِكراهم السيئة قبل الحَسنه!

***************
دخل غرفتها بـهدوء واشتياق بلغ مبلغه منه حاملاً بعض الأكياس التي أخفاها خلف ظهره مُقررًا التريث والهدوء معها حتى لا تتعصب من جديد! يشعر من صميمه أنها تعاني وترفض مطلقًا تدخله وهذا لا يفهمه ولا يقبله!!

خابت أماله عنـ.ـد.ما وجدها تغط في نومٍ عميق وكأنها من خارج الكون وليست تلك التي أمطرته بـسيلٍ من غـــضــــبها مجهول السبب! ناظرها بـغـ.ـيظ ووضع الأكياس على المنضدة القريبة من الفراش وفتح الخزانة ساحبًا ملابس تصلح للنوم ودخل المرحاض بـحنقٍ منها!!

بعد قليل من الوقت خرج من المرحاض ورأى حركتها المضطربة التي تُبرهن استيقاظها!!، اقترب منها وطبع قبلة شغوفة على جبهتها متلمسًا جفنيها المُخبئين راحته وضياء حياته بهما وهمس بـعشقٍ أتعبه:

_ كل حاجه هتكون بخير طول ما أحنا سوا يا هانم... بحبك

التف للجهة الأخرى من الفراش فاردًا جسده بإنهاك مغمضًا عينيه وألقى نظرة أخيرة عليها قبل أن يسحبه سلطان النوم وابتسم بـهيامٍ لـتلك المرأة التي استوطنت فؤاده قبل روحه الجافة واسرته ببسمتها الخجولة وعَبقها الذي أدmنه وأصبح ينتشي عليه بـكل صباحٍ يستيقظ وهي جواره! غلبه النوم وثَقُلت جفونه ولكن قبل أن يغط في النوم شعر بـكفها الرقيق يُدث بين خطوط كفه العريضة بـلهفة وعشق التمسه منها مما جعله يبتسم وينام براحة....

في كثيرٍ من الأحيان نحتاج لالتماس الحب مراراً وتكرارًا حتى وإن كان صادقًا وذلك لـرهبة القلب الدائمة وظُلمة زكرياته المريبة وتعاسته الطويلة التي جعلته يَنفي شعوره بـالإطمئنان مهما قُدm له!!!

**********
هائمه بين أفكارها التي تنهال عليها كـفيضانات كثيفة، أغلقت جفنيها لـثانية! ثانية واحدة حتى تعود يختفي ذاك الجفاف الذي أُلحق بها! وعنـ.ـد.ما أفرجت عنهم لم يهتز بؤبؤ سوداويتيها وكأنه جماد! بـالنظر لـجسدها الذي اختفى كاملاً داخل عباءتها السوداء وشعرها الذي بدأ في التساقط حتى بدأت تشعر بـبرودة تدب بـفروة رأسها من حينٍ لآخر بسبب الفراغ الذي خلفته خصلاتها المتساقطة! ذلك لم يكن شيء بـجانب وجهها الأبيض كالمـ.ـو.تى والارتخاء الشـ.ـديد به!!....
دلف بـهدوء وهالة من الحـ.ـز.ن تُمزق قلبه العاشق عليها منذ وفاة والدها من إسبوعين وهي حبيسة هذه الغرفة والفراش تاركة الأحزان تجلدها وهو فقط يراقبها عاجزًا! تحرك واضعاً الطعام جانباً وجلس بـجانبها متناولاً كفها البـ.ـارد يـدلكه بـحب وحنانٍ جارف، اعتصر ألــم قلبه وحاول الابتسام عنـ.ـد.ما لم يرف لها جفن منذ دخل وهمس بـلوم:

_ حبيبتي قومي كلي أي حاجه الوقت أتأخر ودا غلط على صحتك

كالعاده لم يحصل على جوابٍ وكعادته هو أيضاً انحني لاثمًا باطن كفها بـعشقٍ ورجاء هامسًا:

_ وحشني صوتك يا وردة ربيعي، أثير جاتلك النهارده ومامتك اتصلت ونفسها تسمع صوتك زيي

ارتفعت أنفاسه قليلاً حتى وصل لـجبهتها وقبلها بـعمق مستنشقًا رائحتها التي غابت عنه، يُدرك فاجعة قلبها ومدى تعلقها بوالدها ذلك الرجل الحنون كان الصديق والحبيب قبل كونه الأب لها! أغدقها بـحبه وحنانه دوماً وهذا رآه جيداً بـعيناه! اختفت أنفاسه لـعدة لحظات عنـ.ـد.ما شعر بـحركتها تضم كفها على يده! تصلب جسده لـاستجابتها له وابتسم بـقوة مردفًا بـتوسل:

_ عارف إنك سمعاني وإنك حاسه بيا، لو مش عشاني يبقى عشان خاطر ابننا أو بـ.ـنتنا، هو في مكان أحسن دلوقت مفهوش لا و.جـ.ـع ولا معاناه ولا دmـ.ـو.ع، مكان هيفضل يضحك فيه ويرتاح، أمر ربنا مفيش لا اعتراض ولا لوم عليه يا حته من روحي بس فوقي وارجعي وأنا هكون قوتك

شعر بها تُلصق جسدها به بـضعف وتهمس بـحروفٍ بالكاد وصلته:

_ مين هيعاند فيا ويقولي يا بشكير تاني؟ مين هصحى الصبح على صوت زعيقه فيا؟ مين هيطمني!؟ طب مين هيقولي حتى وأنا عاجز يابـ.ـنت بلال لسه شايف قلبك وأحواله!؟؟ كان نفسه يشوف ولادي... قالي إنه هيعلمهم يحبوني زي ما هو بيحبني وأكتر... عمرها ما... عمره ما زعلني بقصده وحتى لو مش قصده مكنتش ببات ليله قلبي زعلان منه لأنه كان بيراضي خاطري... هو وحشني.... وحشني أوووي

أجهشت بـبكاءٍ مرير وارتفعت شهقاتها وكأنه للتو علمت بوفاته! يوم وفاته ولتلك اللحظة لم تسقط دmـ.ـو.عها مما أقلق الجميع عليها وها هي الآن تعطي
نفسها الإشارة الخضراء لـتنهار بعيداً عن جليد قلبها وذلك الصقيع الذي يحيطه!!...

لم يوقفها أو يمنعها بل ربت على ظهرها بـحنان فياض وقبل مقدmة رأسها بـهيام وكأنه يخبرها أنه هنا! معها ولن يتركها! أنه أمانها! ملجأها من العالم!! ظلت تبكي لـفترة وجميع ذكرياتهم تضـ.ـر.ب عقلها المجروح، ابتسامته، صوته، مشاكسته، ضمته، أنفاسه، حبه ودعواته أحقا ذهب كل ذلك؟! أهي بأحد كوابيسها الأكثر بشاعة على الإطـ.ـلا.ق وعنـ.ـد.ما يحين الاستيقاظ سـتجده معها!؟ كم تمنت ذلك ولكن القدر دائماً يعاندها عضت على شفتيها بـقوة كاتمة صرخة قوية ترغب بتفجيرها وهمست بـألــم يمزق روحها:

_ مش قادره... مش قادره أصدق إنه مبقاش موجود معايا... قلبي بيوجـ.ـعني.... حاسه بـو.جـ.ـع في عقلي... هو أكيد هنا وعارف... عارف إني محتاجاه!! محتاجه يكون جنبي ويسمعني!! محتاجه حـ.ـضـ.ـنه!!! خايفه!!! أنا تعبت وقلبي مل الو.جـ.ـع والله مل الو.جـ.ـع وطاقتي استنزفت.... والله تعبت

اعتصر عيناه بـقوة وضمها إليه بـعنف راغبًا باستقبال آلالامها العديدة و.جـ.ـعلها طفلة نقية بعيدة عن الندبات والآهات والصرخات! قلبه وضع على حافة هاوية وبـلمحة تدحرج لـيسقط مسببًا رطمة طويلة الأمد له يعاني، عض شفتيه وكتم أنينه هامسًا بـصدق وتمني:

_ أنا هنا ديما وقلبي هنا وهو كمان هيفضل جنبك، خليكي قويه عشان تفرحيه بـسعادتك، خليكي بخير عشان قلبك... هتتعدل

احتضنته بـكل ما تمتلك من قوة لديها كـغريقٍ سُمح له بـوسيلة واحدة للنجاة وهي هو!! وهمست بـحرقة وسيلٍ من الدmـ.ـو.ع يلاحق بعضه البعض:

_ متسبنيش، أرجوك بلاش أنتَ كمان... خليك معايا للآخر وارحم قلبي من الو.جـ.ـع دا مره تانيه، قولي ديماً أنك جنبي ومش هتتخلي عني وتتعب قلبي

أغمض عينيه بـحـ.ـز.نٍ متين وشـ.ـدد من ضمها لـضلوعه وهمس بـحب وصدق:

_ مش هتخلى عنك أبداً.... نامي يا حبيبتي وارتاحي

أعطاها تذكرة للراحة اللحظية لـيأتيها النوم كـتعويذة بـسرعة البرق تضـ.ـر.بها وتغمض عينيها بعد أيامٍ من التعب والجفاء المُرابط حول قلبها ومنعها من ذرف الدmـ.ـو.ع على والدها لـدرجة شك البعض بـحبها له!! ابتسمت بـحـ.ـز.ن متمنية رؤيته بـأحلامها وغلبها سلطان النوم بين ذراعيه.....

بينما بقي هو يناظرها بـعينين ذابلتين بسبب ما وصلت له من آلالامٍ مبرحة جعلتها أضعف من السابق وأهش من جِدارٍ من الورق!!

****************

هبطت من بيتها تتوارى خلف نقابها وكلها يقين أن العالم اجمع ينظر لها وكانها عاهرة او مذنبة افتعلت الفحشاء وليست ضحية لـشخصٍ ذُكر بـهوية الشخصية أنه ذكر على سبيل الأمور القانونيه!! تشعر أن كل من يقابلها يناظرها بـاشمئزازٍ جلي!! رغم عدm معرفة أحد بشخصها!!! اوقفت سيارة أجره وصعدت متوجهة لبيت صديقتها ولكن على عكس توقعاتها وجدته يتبعها ويصعد بـجانب السائق دون حديث مما جعلها تغمض عينيها بضعف وتدعو ربها أن يمر اليوم على خير!! تعجبت من وقوف السيارة بغير وجهتها ونزوله أمام البحر وفتحه للباب القريب منها لكي تهبط!! تنفست بضيق وهبطت عاقدة ذراعيها أمام صدرها مردفة بـضيق:

_ اقدر افهم إيه شغل المراهقين اللي بتعمله دا؟

أخيراً تحدث « ثائر» بعد صمتٍ ولم يرفع عينيه بها وهتف بلا مبالاه:

_ لازم نتكلم يا هبه

نهرته « هبه» بـحدة:

_ مفيش بينا كلام ولا حتى سلام وزي ما قولتلك قبل كدا مليون مره انساني وهمشني من حياتك دا اللي عندي ليك

ضحك بـتهكم ورفع عينيه بـنظرة ثاقبة لها جعلتها تبتلع بقايا حديثها وتحدث بـحزم:

_ قولت لازم نتكلم وأنتِ قولت اللي عندك جه دوري ومش عاوز اسمع كلمه منك لحد ما أخلص....

لم تجبه وإنما أشاحت بنظرها عنه ليبتسم بـحب وسرعان ما تحول لـحدة وتابع حديثه:

_ لا أحنا صغيرين ولا مراهقين عشان نفضل نلعب لعبة القط والفار دي وتهربك مني ورفضك ليا اللي طال اللي من غير سبب!

قاطعته بـحرقة وحسرة جارفه:
_ من غير سبب؟؟؟!!! أنتَ واعي لنفسك!!! سامع كلامك وفاهمه وعقلك موافق عليه!!!

جحدها بـنظرة حادة لم تهتم بها وأكمل حديثه:

_ بُعد مش هبعد يا هبه ولا تأخير في الجواز هيحصل إلا بسببين إما مـ.ـو.تك أو مـ.ـو.تي وهنفضل سوا مش هضيع حبنا دا وأنا ما صدقت لقيته ومعنديش كلام تاني اقوله

ضحكت بـمرارة وضـ.ـر.بت زكريات تلك الليلة عقلها وصاحت به:

_ أنتَ أناني ومبتفكرش غير في نفسك واللي في دmاغك عاوز تعمله وانشا الله غيرك يولع مش مهم بس مش عليا يا ثائر، جواز وعلاقه بينا مش هيحصل!! الحب اللي بينا انتهي عند نقطه مش هنتخطاها ولا هننساها، مفيش أمل لعلاقتنا

صمتت تجمع أنفاسها المسلوبة من و.جـ.ـعها الداخلي وتابعت بـحرقة ودmـ.ـو.عٍ غزيرة:
_ احنا انتهينا وأرجوك كفايه واطلع من حياتي أنا خدت نصيبي ورضيت بيه

لم تنتظر رده بل أسرعت بـقلبٍ نازف وروحٍ تبكي و.جـ.ـعاً تركض من أمامه وكلها عزم على الفرار وتركه حتى لا يُوصم هو الآخر بفضلها!!!
جِد لي دَربًا خالٍ من هواكَ وعـ.ـذ.ابه، ابحث لي عن سبيلاً لأمحو لـقطات وداعي وذهابي، فَتش لي عن طريقٍ ضاعت منه آثار أقدامك، ادعو لي كي أفقدكَ من داخلي كي لا تُصبح الداء بعدmا كنت الدواء!، فَتش لي عن هواءٍ لا تحمله أنفاسك الحانية التي طالما أودعت قلبي بها! لا تحـ.ـز.ن لـفراقنا فـربما تنطوي الطُرقات من جديد وتتمسك الروابط!....

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡ ♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡

لازال جسد «هبه» ينتفض غـــضــــبًا وحـ.ـز.نًا من حدتها وحديثها معه! تعلم أنها مزقته من الداخل وطـــعـــنت رجولته بـأبرد الآلات الحادة واستمعت لـصوت تحطم كيانه الذي كان دومًا نِدًا لـكيانها المتهرتل!! كيف وصفته بـالأنانية والإهمال وإيثار نفسه عليها وهو من رمم كسورها وأعاد تشيد وجدانها المُلقى بين دmاء حـ.ـز.نها؟ كيف انصاعت لـكبريائها اللعين وجـ.ـر.حته بتلك الطريقة المؤذية؟ أرادت بـكل ذرة منها ردعه ومنعه عنها ولن تتردد بـتلك الفكرة السديدة ما حيت ولكن لم يكن عليها مطلقًا التسبب بـتلك الأوجاع له!، توقفت بـعد مدة من سيرها الضعيف بـمنطقة بعيدة عن مكانه بل وعن بيتها أيضاً ودرات حول نفسها بـضياعٍ كـنجمة فقدت مسارها ومكانها الأبدي وهو قلبه!! شعرت بالتصاق نقابها بـوجهها بـشـ.ـدة دلالة على كثرة دmـ.ـو.عها التي لم تتوقف مما جعلها تبتسم بـسخرية هامسة لـنفسها بأنها لابد من أن تُشاطره نفس الألــم الذي جعلته يتجرعه! لملمت شتات نفسها وتذكرت زيارتها اليومية لـصديقتها الغائبة عن العالم بـصمتها الذي طال أمده وتمشت لـخارج نطال تلك المنطقة السكنية واشارت لأحد السيارات صاعدة لـوجهتها الأخيرة تلك المرة!!..

**************************************

وقفت « أثير» بـسعادة تُحضر له فطوره بعدmا ذهب «حمزه» لـمدرسته الجديدة واعطى لها فرصة لإصلاح ما فَسد بينهم الأيام الماضية! العمر لحظة لا ممجال لمعرفة نهايتها أو بدايتها لذلك لن تُضيع المزيد من اللحظات دون رفقته والارتشاف من رحيق حبه لها وستنيى ما مضى وتخطو نحو وجهة جديدة لـحياتهم التي أُظلمت منذ مدة طويله!

انهت وضع الأطباق على السُفرة ونظرت للساعة التي تشير للعاشرة صباحًا وتنهدت بـحب ودلفت لـه! اقتربت من فراشه على استحياءٍ وجلست بـجانبه الفارغ منحنية قُرب أذنه مردفه:

_ راكـان، أصحى الوقت أتأخر

وهل كان نائمًا؟! يا لسذاجتها وطيبتها المفرطة فـهو منذ شعر بـخواءٍ وبرودة بـالفراش علم أنها غادرته باكرًا لـتجهز طفله وانتظرها طويلاً حتى تتذكره وها هي تعطف على قلبه المسكين وتمر عليه بهذا القرب المُهلك لأعصابه!!

عاودت « أثير» منادته ولكن تلك المرة على مقربة أكثر ونبرة أعلى ولكنه لم يستجب أيضاً مما جعلها تنهض مغتاظة منه وهي تعلم باستيقاظه من حركة أهدابه الخفيفة وتحرك تفاحة آدm خاصته بـوتيرة مضطربة!! نهضت مبتعدة عنه ولكن كانت قبضته لها بـالمرصاد وجذبها مجدداً مُفسحًا جانبه له لـتسقط بين ذراعيه بـغير قدرة منها!! ابتسم «راكـان» بـخبث وضيق عيناه اللامعتين وناظرها بـشغف مردفًا:

_ دا لو حمزه اللي بتصحيه هتزني عليه أكتر من كدا يا شيخه!

جعدت ملامحها بـضيق وحنق مردفه:

_ على الأقل حمزه عاقل بفضل اصحيه لحد ما يفوق لأنه بيبقى نايم الدور والباقي على العيل اللي عامل نفسه نايم!

حسنًا كشف خدعته البريئة التي أفتعلها لـتبقى على مقربة منه ولكن ما ادهشه هو صمتها وعدm غـــضــــبها لأنها بين أحضانه!؟ لم تردعه عنها؟! ابتسم بـخبث وسارت أنامله تستكشف خصلاتها النارية التي استطالت بـشـ.ـدة لـتصل لـما بعد خصرها وتُرهقه حبًا وشغفًا بها هامسًا بـمرح:

_ طب حمزه بتصحيه كل يوم بحـ.ـضـ.ـن وبوسه وضحكه وأبو حمزه اللي بيشوفك زي العيد مرتين في السنه دا ملوش نصيب؟

رفعت «أثير» كتفيها وأخدلتهم بـلامبالاه ومكر:

_ والله النصيب موجود بس الدور والباقي على صاحب النصيب بقا!!

جحظت عيني «راكـان» بـدهشة من جرأتها التي افزعته ولم يتخيلها بـأسعد أحلامه وفتح فمه عدة مرات لـيجد كلمـ.ـا.ت تصف فرحته ولكنها سبقته بـخُبث محاولة النهوض وأدرفت:

_ تقريباً صاحب النصيب طلع مخلع وكلام على الفاضي وأنا اللي كنت فاكره....

لم يسمح لـفمها بـالمزيد وفرض حصاره الضاري عليها ينهل من حبها الذي أودع قلبه المعـ.ـذ.ب به معوضًا جفاء لياليه التي تركته بها ومُختزنًا أكبر اللحظات وقتًا برفقة أحضانها ونعيم وجودها بين يديها وهمسها بأنها سامحته ومدى حبها له!!! لـدرجة شعر أنه ربما أحد أحلامه لم تخلو منها أو ربما استجابة لحظية لـدعواته المتعددة بأن تُصلح حياتهم!! استجابتها ومبادلتها شغفه وحبه جعلته يوقن أنها حقيقة واقعية وأن دربًا من دروب سعادته تلون بـالورود والألوان الزاهية عوضًا عن الظُلمة التي حُفرت به!!!

***************************************

استندت «ورده» على حافة السطح الرخامي بـمطبخها الحبيب الذي كانت تتحرك به بـكل شغفٍ ولهفة تصنع له طعامه وتبتسم عنـ.ـد.ما تشعر بـيدها تحتضن خصرها لـترفرف الفراشات الملونه حولهم مُعطية لـطلتهم أبهى صورها ولكن أين ذلك الآن؟! هو كان خير عونٍ لها بـضعفها وخير زوجٍ وحبيبٍ لقلبها وأعاد لها رشـ.ـدها بعد المزيد والمزيد من الآلام التي تلقتها ومازال قلبها مرتعبًا من القادm!! أغمضت عينيها بـحسرة عنـ.ـد.ما تذكرت موعد جلسته القادmة بعد إسبوعٍ واحد وجسده للآن لم يهنأ من الماضيه!!! كيف له رغم منبع أوجاعه يظل ندًا لآلامها؟ ابتسمت بـحب عنـ.ـد.ما التقطت أنفاها رائحته المميزة وتبعها يداها وهي تحتضن خصرها بـقوة مقربة جسدها الضعيف من صدره هامسًا بحب:

_ بقيتي أحسن؟ في حاجه و.جـ.ـعاكي؟!

وكيف لا وهو من حممها وألبسها ولم يكتفي بذلك بل وأعد الطعام وأطعمها وهاهي تصنع بعض القهوة لها لـتخفف ذلك الصداع القوي الذي يفتك بـرأسها!! مهما تناولت اللغة حروفًا عجزت كلمـ.ـا.تها عن وصفه وذِكر خِصاله الكثيرة والتحدث عن سجيته الرجولية الحنونة

اراحت ظهرها على صدره بتعب وعرفت أناملها طريقها لـتشابك خاصته بـعشقٍ جارف هامسة بـصدق:

_ بوجودك بقيت أحسن وبخير لأنك هنا، متقلقش

طبع «براء» قبلة حنونة فوق خصلاتها الغجرية التي يعشقها رغم تساقطها المستمر في الفترة الأخيرة وهمس بـقوة:

_ طب تعالي نتكلم شوي وتاخدي علاجك اللي بعد الأكل

سارت جانبه بأمانٍ أفتقدته لـأيامٍ منصرمة وابتسامة دافئة تعلو ثغرها حتى جلسا سويًا على الأريكة واحتوى كفيها بين خاصته بـهيامٍ جلي مردفًا:

_ عاوز مامتك تعيش معانا هنا، مينفعش نسيبها لوحدها وخصوصاً الفتره دي وكمان عشان حملك أكيد هتحتاجيها وفي حاجات كتير هحتاجها تعلمهاني عشان لما تحتاجيني أنتِ

مما صُنع هذا الرجل بـشهامته وشيمه الطاغيه؟! ألهذا القدر يفكر بها ويتفهم عليها؟! ابتسمت بـحب مردفة:

_ ماما عمرها ما هتسيب البيت اللي فضلت هي وبابا فيه سنين وتيجي تقعد معايا هنا، عمرها ما هتفرط في ذكرى واحده تخصهم حتى لو كان عشان حملي هي ممكن تفضل طول اليوم معايا هنا وجنبي بس وقت النوم هتنام في فرشته وحاضنه مخدته وبتحكيله عن يومها وقد إيه هي مبسوطه بحملي وإنه لو ولد هيبقى شبهه وكأن الطفل دا عوض ليها عن مـ.ـو.ت بابا...

هدأت تلتقط أنفاسها واقتربت ضاممة جسدها له تحتمي به من أوجاع حديثها التي دخرتها الأيام الماضية وتابعت بـحـ.ـز.ن:

_ إخر كل ليله كانوا متعودين تنام في حـ.ـضـ.ـنه بعد ما تحكيله يزمها بالتفصيل مع إنه كان بيبقى معاها فيه وشايف كل حاجه وهي اصلاً في البيت يعني مفيش أي حاجه جديده بتعملها بس رغم كدا هو كان بيسمع زي طفل بيسمع حكاية قبل النوم بس مسنحسل ينام قبل ما ينيمها ويطمن أنها جنبه وفي حـ.ـضـ.ـنه، صحيح حالنا كان عادي ووضعنا كان مستور بس ولا مره شوفت مره بتشتكي ولا تبص لحد أعلى مننا بل ربتني على كدا حتى بلال

تحشرج صوتها على ذكر اسمه التي تحجبه طوال الحديث وكأنها تتهرب من و.جـ.ـعها عليه!! ولكنها رغماً عنها انساقت لـمرحها معه ولحظاتها بين تواجده! احتضنته ب، شـ.ـدة وأكملت بـدmـ.ـو.عٍ كثيرة:

_ كان بيقف على باب المطبخ بـكرسيه يستناها لو سابته لحظه ودخلت تحضر أي حاجه، كان بيتقمص كتير لمجرد أنها تحـ.ـضـ.ـنه وتصالحه ويقولي بحس براحه ودفا في حـ.ـضـ.ـنها، كنت عايشه قصة حب في حبهم لبعض ومعافرتهم عشان بعض، ولا مره شوفت دmـ.ـو.ع ماما بسببه غير وقت الحادثه وكانت عليه مش بسببه وفضل يتأسف ليها إنه خلاها تبكي!!

هدأت شهقاتها فرفع هو وجهها إليه بـحـ.ـز.ن على حالها وتمزقت حِبال قلبه العاشق لها هامسًا وعيناه تلتهم ملامحها الجميلة:

_ أنا آسف إني كنت سبب في دmـ.ـو.عك كتير وعشان بطريقه غلط حاولت اوصلك حبي وخليتك تتو.جـ.ـعي بسببي وكمان بسبب مرضي، أنا...

قاطعته مُلصقة جبينها بـخاصته تقاسمه أنفاسه الساخنة والحزينة وهمست بـلوعة وعشق:

_ متتأسفش، لو مكانش في و.جـ.ـع مش هيبقى في فرح وسعاده، أنا فضلت كتير أحبك وأنتَ مش شايفني واتعـ.ـذ.بت كتير في بعدك وبكيت أكتر واتو.جـ.ـعت منك وعليك بس كل دا ميجيش حاجه جنب وجودك جنبي في لحظة ضعف وحـ.ـز.ن زي الفترة اللي فاتت، الوقت بينسي بس أنا منستش عشان لما افتكر الو.جـ.ـع أحط الفرح والحب قصاده ويعاديه وهو اللي يمحيه، مهما طال الليل الفجر هيهل دي ديماً كانت جملة بابا ليا وقت أي ضيق وتعب بمر بيه أنا راضيه بنصيبي وبحمد ربنا عليه وراضيه بكل حاجه منك إلا أنك تبعد عني او تسيبني زيه!! هتسيبني!!

هز رأسه نافيًا بـقوة ومن داخله يقسم أن يحارب ذلك المعتدي الذي دmر حياتهم وسلب سعادتهم وأحـ.ـز.ن فتاته وزوجته الحبيبة وعشيقته الابديه!! احتوى وجهها بين كفيه وأزال دmـ.ـو.عها الهاربة من قزحيتيها وهتف بـصدق:

_ مش هسيبك ولا هبعد مهما كلفني دا قوة وتعب متي، مش هبعد صدقيني ولا هقدر أسيبك يا وردة ربيعي

حسنًا بدأت آلالامها بالتلاشي بعيداً بـصحراءٍ جرداء بعد مدة ستنتهي وتختفي نهائيًا وهذا بفضله وفضل كلمـ.ـا.ته!! طبعت قبلة دافئة فوق جبهته وغاصت عينيها بـزيتونيتيه هامسة بـعشق:

_ بحبك يا براء

بادلها قبلتها بـاشتياق ولكن على جفنيها الرطبين وهمس بـصدقٍ وعاطفة جارفة:

_ وأنا بمـ.ـو.ت فيكي يا ضي عيون براء وروحه

***************************************

وصل «ثائر» لـبيته بـأقدامٍ كـالهلام لا تقوى على حمله بعد سماع كلمـ.ـا.تها اللاذعة وتلك القوة والإصرار النابع منهما!! كيف له أن يتحمل المزيد من بعدها عنه! هو بدأ بـحياته العادية وتعايش معها ولم يدق باب قلبه سوى مرة واحدة كانت لها ولن يتفانى عن حجبها عن العالم بتلك الغرفة التي طرقتها لـتحيي نيران حبه وقلبه الجاف!! من ظلم يُظلم ولو بعد حين هي ظلمت قلبه بـدخولها المتهادي عليه وهو سيظلمها ويخفيها عن العالم وهكذا تتعادل كافة الأطراف!! مر على والدته يطمئن عليها قبل نومه أو بالأحرى رغبته بالحديث معها عن أوجاع خافقه وكأنها تشعر بها وجدها جالسة تنتظره!!

أقدm عليها بـتعب ملقيًا رأسه على قدmها وكأنه عاد بالزمن عشرون عامًا أو أكثر ذاك الطفل الباكي الذي يتحامى بوالدته من ظلال كوابيسه الصغيره!! وهي كعادتها تهادت أناملها بين خصلاتها تمسح عليها بـحب مردفة:

_ احكيلي إيه تاعبك يا حبيبي

أغمض «ثائر» عينيه متذكرًا كل ثانية مرت عليه برفقتها منذ أول مرة راتها عيناه! وهمس بشجن وعشق:

_ الحياه مش عادله معايا يا أمي، طول عمري ماشي صح وناسي قلبي ولا يوم بصيت على بـ.ـنت ولا فكرت في بيت وافتكر كلام بابا الله يرحمه "داين تُدان يا ابن آدm»، معرفتش الحب غير لما شوفتها، وحبتها بعد أيام أو أكتر، كانت زي ماهي هاديه وعاقله ومش بترفع عيونها عليا وهي حبتني!! وأنا صبرت بس الدنيا مش عوزانا سوا!! لييه بدفع تمن غلط مليش يد فيه واتو.جـ.ـع بسبب جـ.ـر.ح معملتهوش!! ليه هي مُصره تبعد وترجعني وحيد تاني؟!

ربتت والدته على كتفه بـحـ.ـز.ن على حال صغيرها القوي الذي لم يطأ الحب بأوجاعه قلبه إلا منذ دلفت" هبته" عليه!! وهمست بـطيبة وصدق:

_ الست مننا يا ابني مش عاوزه غير لما تتعب تلاقي حـ.ـضـ.ـن يضمها ويشيلها ولما تحـ.ـز.ن تلاقي إيد تاخد بيدها وتدعمها ولما تحب تطمن وتفرح! البدايات من صدmة فرحتها بتخلي العقل نايم عن النهايات المحتومه ورافض يشوف النهاية اللي اترسمت من قبل ما القلوب تتقابل! هبه حبت قبلك ودا حاجه مش هنقدر ننكرها وعلى قد حبها ضاعفه و.جـ.ـع وخيبة أمل وكـ.ـسره من جوزها اللي مـ.ـيـ.ـتحسبش راجـ.ـل، طبيعي تخاف وطبيعي تبعد وجايز تو.جـ.ـعك عشان تخليك أنتَ اللي تبعد وتكرها وتفضل هي بعيده بتراقبك بتبدأ من جديد وناسيها وهتبقى موجوعه وبتمـ.ـو.ت بس عشان بتحبك عوزالك الأحسن وااللي هتريح قلبك وتكون أفضل ليك ودي وجهة نظرها

صمتت قليلاً تستشف ملامحه التي بدأت في الأرتخاء واللين وتابعت:

_ دورك تطمنها وتطمن قلبها إن مهما كان هتفضل تحبها وعمرك ما هتزعلها، الستات خايبه بتدي قلبها للي بيطمنها ويهتم بيها ويحبها وبيكون شخص واحد معاه مفتاح كيانها كله بعكس الرجـ.ـاله ممكن يكون ليه في كل مكان شخص معاه مفتاح قلبه!! طمنها ياابني وريح قلبها

ابتسم براحة لـحديث والدته الذي دفعه بـقوة للإصرار على ردعها عن ابتعاده ونهض مقبلاً جبهتها وكفها مردفًا بـسعادة:

_ أنتِ أحلى أم في الدنيا

احتضنته بـحب أودعته لها فقط بعد والده وهمست بـتمني:

_ وأنتَ أفضل وأحن ابن في الدنيا، ربنا يطيب بـخاطرك ويريح قلبك يا حبيبي

************************

وصلت «هبه» أمام منزل صديقتها بقلبٍ حزين ودخلت بـصمت بعدmا فتح لها زوجها، تلاقت عينيها مع صديقتها التي اشتاقت لها حد النخاع وتحدثت النظرات مطولاً بـعتابٍ ولومٍ شـ.ـديد لم يدm طويلاً حيث انقطع باندفاع «هبه» لأحضانها بـعيونٍ دامعة ترغب بالتخفي داخلها من كل هذا الألــم الذي تعانيه! بعد فترة من الصمت تحدثت «ورده» بـبسمة طيبة:

_ طب مش هتبـ.ـاركيلي وتفرحي إنك هتبقي خالتو!!؟

ارتسمت بسمة وضحكة سعيدة على وجه «هبه» وسارعت بضمها لها مردفة بـفرح:

_ مُبـ.ـارك يا عيوني، يتربى في عزكوا

بادلتها «ورده» عناقها القوى وهمست باذنها بـثقه:

_ احكيلي إيه تاعبك

تـ.ـو.ترت نظرات «هبه» بين البوح أو عدmه ولكنها قررت بالنهاية إخبـ.ـارها فهي بحاجه لـمستمع مُنصت ومعاتب وصريح كرفيقتها!

تنهد «هبه» بعد فترة من الحديث أفاضت بما أظلم خافقها وأتعبها بالأيام الماضية وتلاقت نظراتها مع صديقتها المليئة باللوم والعتاب ومن ثم اردفت:

_ مفيش لينا مستقبل مع بعض هو محتاج حد شبهه وأنا مفيش رابط هيجمعني بيه غير صدفه وبس!!

رطبت «ورده» شفتيها بعد طول صمت واعتدلت بـجلستها هاتفة:

_ هتفضلي لأمتى شايفه نفسك قليله وحاطه باعتبـ.ـارك إنك متستهليش تفرحي وتعيشي حياتك اللي اتحرمتي منها؟! هتفضلي لأمتي كل ما تتقدmي تسمحي للقذر دا يرجعك لنقطة الصفر تاني بحقارته؟!
ثائر هو الزوج والحبيب والصديق اللي بتتمنيه ولو طال يفرش قلبه في طريق و.جـ.ـعك مش هيتأخر!! بتلوميه على ذنب وحاجه ملوش يد فيها؟!

أشاحت «هبه» بوجهها بعيدًا عن مرمى نظرات صديقتها وتمتمت بـألــم وتفهم:

_ القلوب بتتشابه وزي ما قلبه نقي وبخير ولسه متو.جـ.ـعش يستاهل بنوته شبهه تصونه ويكون هو أول راجـ.ـل يدق بابها بـبدلته وفرحته وهي بفستانها وطرحتها إنما مش واحده مشوهه داخليًا قبل خارجيًا وقلبها متحطم وكمان مطلقه!! تفتكري دا من العدل؟! لا دي أنانيه مني إني اربطه بيا وهو يستاهل واحده أفضل حتى لو هو نفى كدا لا المجتمع ولا الزمن ولا الأيام هتنفيه بالعكس هيفضل وصمة عار ليه ومش هيتخطها بالسهوله اللي هو متخيلها دي!!

نهرتها «ورده» بشـ.ـدة واردفت بحدة وغـــضــــب:

_ يشيخه حـ.ـر.ام عليكي نفسك أنتِ إيه؟!!! جلد جلد مفيش رحمه خالص!! إيه عيبك إنك مطلقه!!! إنك ضحيه لواحد وسـ.ـخ طلع مرضه وعقده عليكي وبعدين ربنا وهبك فرصه وبدايه جديده مع حد كفيل يشيل كل ذكرى سودا اتسبب فيها الزمن جواكي وأنتِ تنفيه وتبعديه عن حياتك بالطريقه دي!! تفتكري من العدل اللي أنتِ بتعمليه فيه؟! مش كنتي وافقتي وخلاص بعد معاناة هتتجوزوا عشان وساخة فاضل وحقده تتنازلي عن حبك لراجـ.ـل أي واحده هتحسدك عليه؟! مع أبسط مشكله بتبعيه وتجري تهربي وتو.جـ.ـعيه ودا كفيل يخليه ينـ.ـد.م على حبك

صمتت تتابع ملامح صديقتها الحزينة وتابعت من جديد بـحدة أكثر ونبرة أعلى:

_ كلنا عندنا طاقه لما بتخلص طريق الشخص دا معانا بيقف ومهما حاول من جديد ومهما حارب عمره ما هيرجع لحظه ولا جزء صغير من الطاقه دي ومش صح نهائي إني افضل اقدm تنازلات مع شخص بيحارب بكل قوته إنه يكرهني فيه!!! القرار قرارك والصح اعمليه بس افتكري إن كل خطوة مشتيها في و.جـ.ـع قلبه هتحسيها وتعاني منها لو مش دلوقتي هيبقى في يوم ومش بعيد

***************************************

تقلبت « أثير» من نومها بكسل وهي تشعر بـأنفاسه تلفح وجهها وذراعيه تحيطانها كأنه يخشى هروبها منه!! ابتسمت بسعادة وخجل عنـ.ـد.ما طلت عيناه من بين جفناه بـنظرة عاشقة جعلتها تحمد خالقها على ذاك الحب الكامن بهما! لم يكن بأحلامها أن يهبها الله قلبًا حنونًا صادقًا كزوجها ولا رفيقًا مهتمًا مخلصًا مثله ولا حبيبًا عاشقًا لينًا يشبهه وكل تلك الخِصال تهاوت به!! هو كـدوامة سريعة تـحاوطها وتجذبها لها أكثر مع كل مرة حاولت الابتعاد!!

ناظرها «راكـان» بتوجس من شرودها وهمس بعبث:

_ سرحانه فين يا هانم كدا هغير

بلا تردد أجابت:

_ فيك يا عيون الهانم

ابتسم «راكـان» بـمرح وخطت أصابعه لخصرها وقربها منه أكثر مردفًا:

_والله يا بختي

ضحكت «أثير» بسعادة وحاوطت عنقه بدلالٍ مردفة:

_ دا أنا اللي يبختي من هنا لسنين كتييير

اراح «راكـان» رأسه على صدرها بسعادة وناظرها بعينين ناعستين مغمغمًا بـعاطفة:

_ ربنا يديم سعادتي بوجودك وفرحة قلبي بحبك يا أثير هانم

داعبت «أثير» خصلاته بـرقة هامسة بـعشق وتمني:

_ يارب يا حبيبي، بس أنا كدا هتغر على فكره!!

نهض من أحضانها جالسًا على ركبتيه مخمدًا رغبته في النوم وهمس أمام وجهها:

_ طب بـذمتك حد يبقى بطل زيك كدا ومـ.ـيـ.ـتغرش!!؟ دا يبقى عيب في حقك والله

ضحكت «أثير» بـشـ.ـدة وخجل على وقاحته وهمست بـخجل:

_ طب أوعي خليني أقوم حمزه زمانه جاي من المدرسه

نظر «راكـان» للساعة التي تشير للواحدة وهمس أمام شفتيها بـشغف ولهفة:

_ فاضل على معاده ساعتين دول معادي أنا ومفيش اعتراض يا هانم

هزت «أثير» كتفيها بـدلال أرهقه وهمست بـنعومة:

_ ومين قالك إن الهانم عندها اعتراض!؟

افترس «راكـان» شفتيه وابتسم بـخبث جاذبًا إياها له وهتف بـمكر:

_ دي الهرمونات شغلها عالي أووي

وغابا كلاهما بعد كلمـ.ـا.ته بـلحظات مسـ.ـر.وقة بعيدًا عن الخلافات أو المشاحنات التي تنتهي بالجفاء والابتعاد سامحين لـحبهم بالتمسك والتعلق رافضين البرودة أن تتسرب لـقلوبهم العاشقة...

************************************************

بعد يومين وصلت «هبه» لـمقر عمله وكلها عزيمة على إنهاء تلك المعضلة التي تحوم حولهم وقطع كل حِبال الوصال بينهم وإخماد ذلك الحب الذي وصم قلوبهم معا!!!

دلفت له بعد سماح سكرتيرته لها دون علم هويتها وذلك رغبة منها وعنـ.ـد.ما رآها هَبَ من جلسته الشاردة نحوها غير مصدقًا أنها أمامه بعد اختفاءها اليومين الماضين وحظره من أرقامٍ عديدة ورفض جميع محاولاته!! ولكن إشارته التي منعته من التقدm عنـ.ـد.ما تقدmت هي وجلست أمامه على المقعد مردفة بقوة وعزم:

_ لازم نتكلم

خفق قلبه من باطن قوتها وحديثها البـ.ـارد ولكنه تلبس الهدوء وتمتم:

_ اتفضلي وأنا سامعك

عقدت «هبه» ذراعيها أمام صدرها بقوة زائفة وتمتمت بـهدوء:

_ ابعد عني ودي آخر مره هيكون بينا كلام ولآخر مره هقولك الكلام دا مفيش حياه بينا دي كانت غلطه وانتهت وكل واحد فينا اتبسط شوي بمشاعر كان مفتقدها وراحت لحالها وإحنا كبـ.ـار كفايه عشان نفهم الكلام دا، وكفايه محاولات عشان وجودك تحت بيتي كل يوم لوش الفجر خلى ناس كتير تتكلم عليا وأنا مبقتش قادره اتحمل

سخر من نفسه على توقعه الذي اصاب هدفه وهاهي تعاود فرض رغبتها بالانفصال عنه قبل الارتباط! حقاً تشبه الذي سلخ الضحية قبل ذبحها حتى تتألــم كفاية!!

هذه المرة كانت عينيها منصبة عليه تؤكد له صدق وحزم حديثها وتابعت بـلا نقاش:

_ زي ما كنت ديماً بتدعم رأيي وإرادتي خليك معايا لآخر مره وابعد على الأقل عشان نفسك إحنا بداياتنا كانت غلط والنهايه مرسومه من زمان يمكن من قبل البدايه أصلا ومن غير كلام كتير فضلاً أبعد دا أحسن ليك وليا

هذه المرة لم ترحل بل جلست أمامه بكل قوتها الزائفة حتى تحرك هو وخرج عن جموده وسار نحوها ثم جذبها من مرفقها بـقوة وتحدث بـغـــضــــب اعمى:

_ زي ما كان لينا بدايه مهما كان شكلها لينا نهاية بس بأيدينا نحطها ونمشي فيها وزي ما بدأنا سوا هننتهي سوا وقرار بعدك دا مش لعبه ولا لبانه كل شوي تقوليها لحد ما بقت ملهاش لازمه لا دا قرار مقسوم بينا ومهما قولتي ومهما عملتي دا مش هيهز فيا شعره ولا يخليني أبعدأو اتخلى عنك تحت أي ظرف

لوت شفتيها بـضيق مصطنع من حديثه الذي يـ.ـؤ.لم حلقها بسبب حبسها لـدmـ.ـو.عها ونفضت يده عنها وتحدثت بـبرود:

_ لا القرار في إيدي ودي حريه شخصيه مش عاوزه لا اتجوزك ولا عوزاك في حياتي وزي ما قولت لينا نهايه وبإيدينا وأنا حطيت نهاية الحكايه الممله اللي مش عاوزه تنتهي دي

قبض بقسوة على رسغها ورأت لاول مرة نظرة عيناه الحانية تتحول لأخرى مظلمة وباهته يشع منها الغـــضــــب والقسوة مما جعلها تنـ.ـد.م على قدومها له بينما هو هتف بـغـــضــــب وحدة ناتجان من ألــمه:

_ أنتِ إيه يا شيخه مبتحسيش!!! مش حاسه بمعنى كلامك ولا الو.جـ.ـع اللي ماشيه ترميني فيه!!! مش حاسه بعـ.ـذ.ابي في بعدك ولا في حروفك اللي بتمـ.ـو.تني كل يوم مع التاني!!! أنتِ عندك قلب وبيحس ويتو.جـ.ـع أنما أنا لاااا!!! ماليش حق عليكي!!! إيه الجحود والبرود اللي اتمملك منك دااا!!! قوليلي لييييه بتعملي فيا كدااا!!! عاوزه نهايه ماشي بس المرادي بمزاجي مش بمزاجك وهتنجوز واللي عندك اعمليه اقولك!!!

ترك يديها وابتعد جالسًا على كرسيه بـبرود وتحدث:

_ أعلى ما في خليك اركبيه يا هبه وأنا هعمل اللي على هوايا وكله بمزاجي
لو اجتمع العالم بـطوائفه وأخبروكَ أن خافقي الحزين أقلع عن الوقوع بكَ وحتى إن ذُلَّ لساني وأحـ.ـز.نك.... أترك لكَ رسالتي تلك:
واللهِ ما لي بـتحكم على فؤادي عنـ.ـد.ما يُصب الأمر ناحيتك فـهو كـالرضيع كلما غابت والدته بـكى حـ.ـز.نًا ولوعَة لها وعنـ.ـد.ما مَر طيفها تهللت ملامحه سرورًا ونشوة باحتضانها وكأنها مَنبع أمانيه وفُوهَة سعادته...

توجهت لـصُنع بعض القهوة التي بات عقلها يُطالب بها مؤخرًا منذ ذلك اليوم الذي ختمه هو بـرفض إصرارها وأخبرها صريحة أنها مهما حاولت لإيقافه عن حبها لن تردعه! منذ تلك اللحظة وقد مَر ما يُقارب شهرًا وبالفعل عدتها أوشكت على الانتهاء أو ربما انتهت هي حقًا لا تهتم لذلك بل تقضي وقتها صباحًا تذهب لـصديقتها ومن ثم تعود لبيتها بعد العمل الذي حصلت عليه من جديد بـصعوبة وينتهي اليوم مع الكثير من الأفكار والدmـ.ـو.ع الحزينة منها ما يخبرها أنها مخطئة بل ومذنبة بحقه ومنها ما يُصف لـفؤادها وأنها على الدرب السليم الذي سيصلحه!! ولكن كيف يا هبه!!

انتزعت عقلها من شروده عنـ.ـد.ما تعالت أصوات القهوة المتساقطة على الموقد مما جعلها تبتسم بـتهكم وتُطفئ النار بعدmا اعدتها وتوجهت لـغرفة شقيقتها النائمة! بعدmا اطمأنت لـنومها دلفت غرفتها وجلست محتضنة الكوب الدافئ وبظنها أن كذلك ستتسرب حرارته لـقلبها البـ.ـارد!! هي بـأوج أيام العام حرارة وصيفًا ورغم ذلك قلبها يرتجف من فِكرة الابتعاد عنه! أدmعت عينيها عنـ.ـد.ما لاحت نظراته المعاتبة لها وهو يخبرها بحجم أنانيتها وقسوتها عليه وعلى قلبه العاشق لها!! ولكن ما بيدها لتفعله!؟ كانت سلمت قلبها له وتراقصت أوتار عقلها فرحة بحبه ولكن لم تعطيها الحياة عدالة كفاية وها هي أصبحت بعينيه أقل مما كانت تعتقد فهو رآها بـأضعف وأحقر حالتها ذليلة ومُهانة بل ومُغتصبة بفعل دناءة زوجها السابق!! ليست مخطئة ولن تتوقف عن الابتعاد وزرع الكره بقلبه لها ولن تسمح له بالاقتراب يكفيها قربًا ويكفيها ألــمًا لـروحها المعـ.ـذ.بة....

********************************************

أغمض « براء» عينيه بـراحة مستمتعًا بقرابها الذي بات ملجأه الوحيد ومنبع سعادته الدائمة ودواء داءه الخبيث!! ابتسم بـعشق وانفرجت شفتاه عن بسمة دافئة تدفقت من عينيه وملامحه عنـ.ـد.ما تململت من نومتها، طالعها بـعينين ماكرتين وضم جسدها له محتضنًا خصرها النحيل هامسًا بـبحة عميقة:

_ مش كفايه نوم وحـ.ـشـ.ـتني يا وردة ربيعي الحلو

ابتسمت الأخرى بـانتشاءٍ وبهجة عنـ.ـد.ما وقعت عينيها على بسمته اللطيفة التي تُلهب حواسها وتُشعل خجلها الذي اكتشفته معه فقط!! معه تبدلت أحوالها العنيفة لأخرى هادئة وحنونة، تبدلت من كونها مندفعة وهوجاء لامرأة حكيمة ورزينة!! باتت لا تعرف حالتها الجديدة أهي تقلبات الحمل الذي ينمو داخلها وأصبحت بـمنتصف شهرها الثاني أم بـسبب حبه الذي يغدقها به كـسيولٍ متدفقة!! تلك الراحة التي تسري بـعروقها وتجعلها كـفراشة خفيفة الظل تتراقص بين رحيق الأزهار بسببه هو! كان محقًا بأنه سيكون مأمنها وسندها ورجلها وقد كان !!!

احاطت عنقه بـسعادة وتشاركت أنفاسه المتلهفة لها هامسة بـنعومة ونبرة ناعسة:

_ وأنتَ وحـ.ـشـ.ـتني أكتر يا حبيبي

لاعب «براء» حاجبيه بـخبث وتلمست أنامله صفحات وجهها الساخن بسبب نومها واحمرار وجنتيها وهمس بـعبث:

_ اثبتيلي أصلي بصراحه بنسى بسرعه
ضحكت « ورده» بـشـ.ـدة وخجل ودفنت وجهها الذي تدفقت الحُمرة إليه وهمست بـخجل:

_ لا ذاكرة السمك دي تنفيها وتبدلها برجل آلي عشان بصراحه تعبت منك!!

مال عليها أكثر ونظراته الوقحة تداعب ملامحها الخجولة وأنفاسها الساخنة تدفعه للمزيد من القرب منها وهمس بـثقه:

_ والله لو ذاكرة كومبيوتر بردو هنسى طالما بخصوصك عشان مبشبعش منك!!

وهل تروي هي ظمأها منه؟! هل تكتفي منه بالأساس!؟ هي مثله لاتريد سوى البقاء بين أحضانه التي أدmنتها، منذ أخبرهم الطبيب بعد جلسته الأخيرة بأن جسده يستجيب جيدًا للعلاج المُكثف وهو لا يكتفي من قربها وهي أيضًا لا ترغب بالاكتفاء منه!! عوضها الله خيرًا وسعادة بعد وفاة والدها الحبيب بتحسن حالة كلًا من جنينها وزوجها! اكتملت سعادتها وتضاعفت دmـ.ـو.عها السعيدة ولا ترغب بالمزيد...

استقبلت شغفه وحبه الجارف لها بقلبٍ تُعبئه السعادة والفرح هامسة بـشجن ولوعة:
_ بحبك

********************************************
وقفت « أثير» بـتـ.ـو.تر تفرك كفيها أمام الاختبـ.ـار وكلها أملًا بإيجابية نتيجته!! تدفقت الدmاء بـأوردتها عنـ.ـد.ما بدأ ظهور بشائر الخط الأحمر الأول ومضت عدة دقائق ولم يظهر الآخر!! أصابها الإحباط وخيبة الأمل عنـ.ـد.ما اتضحت سلبية النتيجة!! ألقت بالاختبـ.ـار بـغـــضــــب وحـ.ـز.ن وخرجت غير منتبهة لـذلك الواقف منتظرها!!

قلق « راكـان» من تأخرها بالداخل وتضاعف الأمر عنـ.ـد.ما خرجت بوجه محتقن وعينين دامعتين جعلته يقترب منها بـخــــوف وجلس جانبها متسائلًا بقلق:

_ مالك يا حبيبتي إيه مزعلك؟

أشاحت بوجهها بعيدًا عنه وكتمت حـ.ـز.نها هاتفة بضيق:
_ مفيش حاجه

أدار وجهها له لـيتفاجأ بدmـ.ـو.عها التي بدأت ثورتها وتساقطت من مقلتيها اللامعتين وهتف بـقلق وخــــوف:

_ مفيش إزاي ودmـ.ـو.عك دي لواحدها كدا

كادت أن تهم بالكذب وتختلق أمرًا ما ولكنه رفع أصبعه بتحذير وحده:
_ من غير كذب ولا لف ودوران قوليلي مالك يا روحي وإيه سبب نزول دmـ.ـو.عك الغاليه دي

هزت رأسها بياس وتساقطت المزيد من دmـ.ـو.عها وافرجت عن مكنون صدرها بالأيام الماضية منذ تأخرت عادتها الشهرية مع رغبتها بالتقيؤ دومًا ورغبتها بأن تصبح أمًا وفشل النتيجة!!

ضمها « راكـان» لصدره وابتسم بـحب على قلبها الرهيف وطيبتها الجارفة مردفًا بـهدوء:

_ أولًا الحمل والولاد دول حاجه بتاعت ربنا ملناش دخل فيها غير بالدعاء والتمني بس! وثانيًا يستي متنسيش إن يعتبر بقالنا شهر متجوزين والاستاذ حمزه مش مهنيني على قربك أصلا يعني بسرقك منه وبهرب من شغلي عشان استفرد بيكي والحاجات دي عاوزه ضمير وتركيز مش كام ساعه مخـ.ـطـ.ـوفين لا عاوزه دراسه و...

أوقفته من سيل تخيلاته الوقحة وكلمـ.ـا.ته العابثة بـصفعة خفيفة على ظهر يده وتمتمت بـحدة وخجل:
_ متكملش مش عاوزه أعرف حاجه

ضحك « راكـان» بـشـ.ـدة على خجلها وأحاط كتفيها مكملًا:

_ والأهم بقا يا روحي إن مكتفي بيكي لابعد حد يعني لو ربنا مأردش يكون لينا ولاد أنا راضي ومبسوط بس المهم إنك جنبي وفي حـ.ـضـ.ـني وكدا سعادتي تكون اكتملت، أنتِ مت عـ.ـر.فيش فرحتي بتكون قد إيه لما ارجع البيت وألاقيكي مستنياني بضحكة وحـ.ـضـ.ـن وإخر كل ليله تكوني جنبي وبين ضلوعي بصراحه مش عاوز حد يشاركني فيكي وحتى لو ابني كفايه حمزه وهو مقطع عليا في الراحه والجايه لما خلاص بقت قررت اعتزل

ضحكت بـشـ.ـدة حتى أدmعت عينيها من سيل حديثه التي يتبدل تلقائيّا من الهدوء والجديه للمرح السعادة لـيخرجها من أحزانها ولكنها قررت مشاركته أفكارها وهمست بتعلثم:

_ بس يعني... أنا عاوزه... اروح للدكتور

ضيق عينيه بـتوجس ودفعها بعيدًا عنه بـحدة مصطنعة وهتف بـغـــضــــب:

_ نعم يختي!!! وهتقولي للدكتور إيه انشاء الله؟!! معلش أصل جوزي لمؤاخذه ومطلعتش حاامل؟! هتقوليلو مبيعرفش!!!

أخفت وجهها بين كفيها من وقاحته المعتادة ولأين وصل مجرى الحديث معه وهتفت بـجرأة واستفزاز:

_ والله اللي على راسه بطحه بقا يا دكتور!!


ماذااااا!!! هكذا صرخ عقله واقترب منها حتى اختلطت أنفاسهم وتمتم بـخبث:

_ واللي يثبتلك؟!! وخصوصًا أنك وحشااااني

ابتلعت لعابها من مقصده الذي وصل لها وخاصة من عدm تواجد الصغير واستغلاله الفرص وايضًا هي اشتاقت له بالفعل وللكن لا مانع من بعض المشاكسه!! ..
اقتربت منه أكثر وبدأت بفك أزرار قميصه الخفيف وهمست بـنعومة ودلال أطار المتبقي من عقله:

_ وأنتَ أكتر بس بصراحه تعبانه أووي يا حبيبي

ابتلع «راكـان» ريقه من دلالها الزائد الذي أيقظ شياطين لُبه وجذبها لـتتوسط ذراعيه هامسًا بـنبرة اشعلتها:

_ وأنا بصراحه بس يرضيكي يتقال على جوزك حبيبك أنه راجـ.ـل مش ولابد!!

حسنًا طارت مقاومتها وخططها بالمشاكسة وفتحت ذراعيها بـشوق تستقبل عشقه واقترابه المتخـ.ـطـ.ـف لها وبادلته هجومه عليها وافتراسه لقلبها العاشق له الذي وقع صريعًا له!! وانتهت تلك المشاكسة على صوت لقاء قلوبهم وتجاذب أرواحهم قوانين العشق...

********************************************
خرجت « ورده» من المرحاض وعلى وجهها بسمة سعيدة تدندن بعض النغمـ.ـا.ت المُبتهجة ولكنها قطعتها عنـ.ـد.ما شعرت بـكفيه حول خصرها وقبلة عـ.ـذ.بة تُحط فوق عنقها وضمة جسده لها جعلتها تلف جسدها له وتُطالع عينيه الشغوفتين بها وابتي كلما تنظر لهما تتوالى أنهار الراحة لقلبها وتمتمت بـتساؤل:

_ مبسوط؟

ضحك « براء» بـشـ.ـدة على سؤالها المحفورة إجابته على ملامحه وجذبها نحو فراشهم لـيجلسها بين أحضانه ويداها تلتف حول بطنها الصغيرة وهمس بـرضى:

_ كلمة مبسوط شويه على اللي في قلبي وعلى السعادة اللي هتنط من عيوني، مع كل وعد كنت بقطعه معاكي إني هكون جنبك كنت بسأل نفسي هل دا حقي أني أعشمك وأنا مش ضامن لعمري لحظه زياده ومش ضامنه على بعد خطوه واحده!! بس كان جوايا صوت بيقولي عشانها هتقدر وربك كبير ورحمته وسعت كل شيء ومع كل و.جـ.ـع كنت بحسه كنت بفتكر ابني أو بـ.ـنتي وبتمنى أكون معاه في أول همسه وأول ضحكه وأول خطوه!!

صمت قليلًا يتشرب تأثر ملامحها وطبع قبلة مطمئنة على شعرها المُبتل وتابع بـتنهيدة حارة وصلت أنفاسها لها:

_ كنت بقول حارب عشان اللي جاي يستاهل، يستاهل تتو.جـ.ـع دلوقت عشانه وتتألــم وتتعب بس يستحق!! ابنك وبـ.ـنت بعدين يستحقوا تكون معاهم وتقويهم ومتفرقش بينهم!! متبعدش بينهم عشان لما تكبر والدنيا تتعبهم زي ما تعبتك يكونوا ضهر وسند لبعض قبل ما يكونوا ضهرك وسندك ولأمهم!! كنت شايف كام مره بكيت ونمت جعان وجـ.ـسمي بردان وأنا شايف اهتمام أهلي بأخويا وأنهم ناسيني وإني زي اللقيط!! غلطه!! مع إني توأمه!!!

اهتز صوته بـرجفة حزينة جعلت عينيها تدmع لأجله ورفعت جسدها تحتضنه وتعدل وضعيته لـيصبح بين أحضانها وهمست بـحنان ويديها تخطو بين فروة شعره:

_ كمل يا حبيبي

شـ.ـدد من اقترابها له ودفن وجهه بصدرها مبعدًا ذلك الألــم الذي نشب بـصدره وأحرقه وتمتم بـضعف:

_ اتحملت عشان ولادي يستاهلوا، مش عاوز واحد في يوم يبص للتاني بنظرة كره لمجرد إني فضلته او حتى ضمـ.ـيـ.ـت واحد ليا ونسيت التاني!! مش عاوز لأي سبب أكون سبب دmـ.ـو.عهم أو تعبهم أو اهمالهم!! أنا تعبت كتير وحاولت أكتر عشان قهرتي منهم مكنتش تتوصف ولا و.جـ.ـع قلبي كان يتحكي عنه وعشانك وعشان ولادي!! مش عاوز أو.جـ.ـعهم ولا اسيبهم لواحدهم في الدنيا دي، أنا حبيت حياتي من أول ما شوفتك وحبيت نفسي اللي كنت كرهتها بعد ما بقيتي جنبي وبتدعميني، بحس العالم كله بيضحكلي لما بشوف ضحكتك أو لما بتقربي مني، قلبي بيكون مطمن طول ما نفسك جنبه وفي حـ.ـضـ.ـني، مش عاوز أفقد الحاجات دي يا ورده، مش عاوز أكون لواحدي تاني، مش عاوز....

مسحت دmـ.ـو.عها التي هبطت بسبب المه وتحاملت على نفسها المتألــمة لأجله ورفعت وجهه المحتقن لها مقبلة طرف شفتيه بعشق وهمست بـصدق:

_ ربنا اللي زرع الحب دا بينا وهو اللي قادر يجمعه للأبد وهو بردو قادر يفرقه بس هو مخلقهوش بينا عشان يفرقه وأكيد ليه حكمه من كل الاختبـ.ـارات اللي مرينا بيها دي وأكيد بردو اللي جاي أفضل وخير لينا إحنا منعرفوش، وأنا جنبك ومعاك يا قلب وروح ورده من جوه ومستحيل هتبقى لواحدك وتخف وتبقى بخير وتكون أو حد يشيل ولادنا واول اسم يكون منهم هيكون ليك يا حبيبي، قول يارب وارمي حمولك عليه وهو قادر يجبرنا

ناظرها بعينين لامعتين من فرط حبه وشغفه بها وعجزه عن وصفها بالحروف اللغوية وهمس بـتعب:
يارب
**************************************

بـصباح اليوم التالي استيقظت «هبه» على صوت طرقات بابها وما صدmها هو صديقتها!! تهللت ملامحها فرحًا وجذبتها بقوة لـصدرها محتضنة إياها وبعد وقتٍ طويل من الترحيب والاشتياق جلست الفتاتان تقص كلٍ منهما ما مرت به على الأخرى ومدى سعادة «ورده» وفرحتها بـعودة «براء» للعمل بعد انتقالهم للعيش مع والدتها وتحسن حالته الصحية وكذلك قصت «هبه» شناعة أفعالها من وجهة نظر رفيقتها وقسوتها مع «ثائر» مما جعل «ورده» تناظرها بلوم وتهتف:

_ لما بتحبيه وخايفه يوافقك على بعدك وتلاقيه كرهك بتكرهيه فيكي ليه؟ ليه مُصره تجـ.ـر.حي نفسك قبل ما تجـ.ـر.حيه؟!

ابتلعت الأخرى مرارة شعورها بالنقص منه وهمست بـتعب:
_ عشان تعبت! تعبت أحاول ابني كل حاجه من جديد وأقول بكره هيكون أحسن وكل حاجه هتبقى بخير وهو هيكون جنبي وابدنيا هتضحكلي وفجأة أقع في وادي كله تعابين وضلمه ومطلوب مني لواحدي أعافر بردو بس عشان اعيش حتى لو هعيش بو.جـ.ـع والم بقية حياتي!! مطلوب مني احمله فوق طاقته وهو ملوش ذنب!!

قاطعتها «ورده» بهدوء وحكمة جديدة عليها أبهرت الأخرى وتمتمت:

_ مش مطلوب منك كل دا!! مش لازم تضحي!! التضحية أوقات كتير بتكون عـ.ـذ.اب من نوع خاص لينا وخِنجر مسموم بنغرسه في قلوبنا واحنا متخدرين وبعد ما الخنجر يطلع نبدأ نحس بالو.جـ.ـع بس وقتها بيكون الدوا مشي وفاضل الو.جـ.ـع بس!! أنتِ مش هتقدري تكملي من غير ثائر ولا هو هيقدر ويوافق على التفاهات اللي بتعمليها دي ودا اللي تاعبك أكتر!!

ضيقت «هبه» عينيها بـاستفهام من مخزي الحديث ولكن «ورده» لم تهتم لتعجبها وأكملت:

_ ايوا تاعبك انه متمسك بيكي وانتِ لا!! بتضحي عشان ايه؟! هو طلب منك؟! وجهلك اشاره بكدا!!! قالك انا بتعر منك؟! الراجـ.ـل لو طال يفرشلك الأرض سعاده مش هيتأخر دا كفايه فرحته لما بيشوفك!! يمكن احنا مش بـ.ـنتقبل نفسنا بسبب كتر الو.جـ.ـع وخيبة الأمل اللي قبلناها من العالم بس في ناس تانيه قبلانا بكل عيوبنا قبل مميزتنا وعاوزه قلوبنا بتشوهها عشان تصلح التشوه دا بـطيبة وحب!!

**************************""""**

وصلت سيارة «راكـان» أمام بناية الطبيب الذي اصرت «أثير» على زيارته ولم يرغب هو بمنعها بسبب نظرة الترجي التي لاقاها بعينيها ولكنه لم يكن راضيًا عن رغبتها بكل حال!! ترجل من مقعده وتوجه ناحيتها ليفتح لها الباب وبعدmا هبطت أوقفها أمامه وأمسكها من كتفيها بـحنانٍ مردفًا:

_ أنا سمعت كلامك ونفذت رغبتك بس ا عـ.ـر.في إن أيًا كانت النتيجة وقتها القرار هيكون ليا ومفيش كلام في الموضوع دا يا اثير

أومأت بـصمت وصعدا للبناية وقلبها يدق بعنف كأنها مقدmة على مواجهة ضارية ستفتك بها ولكن لا سبيل للعوده!! جلست أمام الطبيب بعد طول انتظار تفرك كفيها معًا بخــــوف من طيلة صمته الذي قطعه «راكـان» بـهدوء:

_ حضرتك الأشعه وضحت إيه؟

خلع الطبيب نظارته الطبية وابتسم بـطيبة لهم ووجه نظره لـ «راكـان» القلق الذي يجاهد مخاوفه وتمتم:

_ والله يا راكان مخبيش عليك المدام عندها تكيسات على المبايض وحجمها مش صغير يعني العلاج مش هينفع معاه ولازم تدخل جراحي ودا سبب تأخر الحمل

افترس «راكـان» شفتيه بـغـــضــــب ونـ.ـد.م على موافقته لـاصطحابها وتحقق أسوء مخاوفه وتابع بـضيق:

_ تمام يا دكتور بس اقدر أعرف حجمهم؟

أومأ الطبيب بعملية وأعطاه التقرير الطبي وشرح له طبيعة حالتها وسط صمتها الذي لم تتخلى عنه سوى عنـ.ـد.ما هتفت بتساؤل بـ.ـارد:

_ أقدر أعرف سبب التكيسات دي إيه؟!

هتف الطبيب بـعملية وحذر:
_ بسبب السِمنة وزيادة الوزن!!

أومأت له بـبسمة شاحبة ونظرت لـ «راكـان» المترقب لها وكأنها كان يعلم ويخشى ذلك وابتسمت بـحسرة وخرجت دون قول المزيد!!

************************************

بعد يومين منصرمين قضتهم هي بالجفاء والبرودة بينهم وقطعها كل محاولاته للتخفيف عنها والحديث معها وكل عقلها يدور حول نقطة واحدة لا رجعة بها!! انفتح الباب بـعنف ودخل هو منه بـغـــضــــب ووقف أمامها وجسده يهتز من فرط تـ.ـو.تره وغـــضــــبه وهتف من بين أسنانه:

_ أنتِ ازاي تعملي حاجه زي دي وتتصرفي من دmاغك كأنك ملكيش راجـ.ـل ليه حق يتاخد رايه!!!

استجمعت شجاعتها ووقفت أمامه لتري حريق قلبه وغـــضــــبه وتمتمت بـصوتٍ مرتجف:

_ أخد رأيك لما الموضوع يكون بيخصك مش حاجه في جـ.ـسمي وتخصني!!

قبض على ذراعها بقسوة وعلت أنفاسه من تحديها له وهتف بـقسوة وغـــضــــب:

_ كل حاجه فيكي تخصني روحك قبل جـ.ـسمك وكل نفس بيخرج منك يخصني حتى تفكيرك التافه دا!!

اصدmت بعيناه المشتعلتين واشاحت وجهها عنه وهتفت محاولة تخليص الحديث:

_ ليه كنت عبده واشترتني؟! ولعدين يخصك في أيه اللي عملته عمليه وهتتعمل وتنتهي وخلاص

دار حول نفسه كـفريسة كأسدٍ حبيس يجاهد ذاته للانقضاض عليه وقطع حديثها البغيض ونزل تلك الأفكار عنها وصاح بها بحدة وأنفاسٍ لاهثة:

_ عمليه يا عالم هتخرجي منها ولالا مع أول مشكله اختارتي الحل السهل وجريتي تعملي تحاليل وفحوصات عشان عمليه تخسيس مش هتفيد في حاجهدا أنتِ حتى مدتنيش فرصه افهمك الوضع ولا حالتك يا متعلمه يا فاهمه سبتي أيه للي متعلموش واللي مش بيعرفوا يقرأوا!!! مفكره إن بالعمليه دي كدا هتقدري تخلفي؟! مفكره عشان هتخسي شوي كدا المشكله اتحلت!! عارفه المشكله فين؟! فيكي من جواكي!!! في ضعفك وعدm ثقتك في نفسك اللي بتلبسيها للوزن والتخن وخلاااص

ترقرقت الدmـ.ـو.ع بمقلتيها لتندرج على وجهها المحتقن بالحسرة والنـ.ـد.م لفعلتها وصدق حديثه وصاحت بحرقة والم وجسدها يرتجف:

_ عندك حق بس أنت مجربتش تعيش وسط عالم بيقطعوا فيك القريب قبل البعيد بعيونهم قبل لسانهم مجربتش تتحط موضع سخرية من الكل لمجرد ان وزنك زياده!!! مجربتش و.جـ.ـع قلبك وخــــوفك كل يوم من طلوع النهار عشان هتواجه ناس أنتَ خايف يجـ.ـر.حوك ويسخروا منك وتبقى اضحوكه ليهم!!! مجربتش بعد كل دا تكتشف انهم صح وإنك مريـ.ـض ودا سبب تعاستك دلوقت!!!

نهرها بعنف ويعلم أنها يجـ.ـر.حها بكلمـ.ـا.ته ولكن لا سبيل لللين والهدوء الآن فقد أخبره طبيبها بأنها تمشي بإجراءات عملية لانقاص وزنها وخطورتها على حياتها!!:

_ مجربتش أنتِ ليه توقفيهم عن حدهم وتقطعي لسانهم قبل عيونهم وت عـ.ـر.في كل واحد مقدراه وحجمه وتدافعي عن نفسك وتكـ.ـسري خــــوفك وضعفك وتخرجي من دور الضحيه دا وتفوقي وتتغلبي على الرهبه اللي عندك!!! مجربتيش تفكري لي تعملي رجيم وتخسي بيه ومع العلاج كل مشاكلك تتحل!! ولا جريتي للحل السهل وخلاص!!! جريتي تفكري في نفسك ولا عملتي حساب للكـ.ـلـ.ـب اللي ممكن يمـ.ـو.ت لو جرالك حاجه!!! مفكرتيش فيااا!!! عقلك مصورلكيش حالتي هتبقى ازاي!؟ طب بلاش مشوفتيش إنك لازم تقوليلي؟!....بس يكون في علمك اوعي تفكري في يوم ان العمليه دي هتم إلا على جثتي...

خرج صافعًا باب الغرفة خلفه بغـــضــــب وعنف جعلها ترتعد في مكانها وتتساقط دmـ.ـو.عها حسرة ونـ.ـد.مًا على ما اقترفته وهاهي تعكر صفو حياتهم مجدداً بفعلتها واندفاعها!! ولكن ماذا كان ينتظر منها وعقلها يصور لها أن خلاصها بتلك الطريقة حتى وإن كانت خطرًا عليها!! حتى ولو تضاعفت النتائج عليها!!! حديثه بـمحله وغـــضــــبه لا مجال للنقاش به ولكنها كانا تحتاج لـوجوده ودعمه لها!!! كانت تظن بذلك أنها تضعه لتقبل الأمر الواقع ولكن خابت تواقعاتها وسقطت ببئر أحزانها من جديد!!!

**************************************

فركت «هبه» كفيها معًا بتـ.ـو.تر بالغ وارتجفت قدmيها عنـ.ـد.ما سمحت لها سكرتيرته بالدخول وقلبها اللعين ينبض وكأنه للتو خرج من سباق مارثون وعلقها أيضًا لا يرحمها ولا ينفك عن ترديد كلمـ.ـا.ت «ورده» اللعينه وقدرتها على الاقناع واعطاؤه فرصة جديدة تستعيد توازنها بها!! باليومين الماضين لم تهدأ طاحونة عقلها عن العمل وجلدها باللوم والعتاب وقرر الجميع الوقوف بصفه واتحد كيانها اجمع عليها وهاهي تستجمع قوتها وتجلس أمامه تتهرب من أسهم عيناه المتربصة لها وتهمس بـتعلثم وضيق:

_ يعني.... أنا جايه... يوووه...

تنفست بـصعوبة وكأنه سحب جميع الاكسجين بالغرفة من حولهم وتمتمت بـتردد:

_ أنا أسفه على اللي قولته

وضع القلم من بين أصابعه الثابته وأنزل عينيه عنها وتمتم باقتضاب:

_ وأنا مش مُتاح وقت ما تعوزيني تلاقيني ووقت ما تقرري تبعدي ترميني
جميعُنا كاذبون باختلافِ أسباب الكذب والتفاوت بين درجاته المتعددة، جميعُنا عنـ.ـد.ما يتعلق الأمر بنا من الداخل نَجد تلقائية البوح تختفي وتتصاعد النظرات المُنكـ.ـسرة مع التنهيدة الطويلة المصحوبة بـزفرة كارهة لضعف الذات، مِنا من تتصلب قدmاه عِند القدوم على بداية جديدة فيخطو بالكذب المعروف نهايته ومِنا من يُضحي بـسعادة دافنًا مشاعره الصادقة وسامحًا للكذب بالإنبثاق من بين جنبات صدره، والأضعف هو الخائف من مشاركة أوجاعه لكثرة خذلانه حتى بات الكذب بشأن أحواله عادة مُنجية لـعقله، صِدقًا الجميع كاذب.....

فركت «هبه» كفيها معًا بتـ.ـو.تر بالغ وارتجفت قدmيها عنـ.ـد.ما سمحت لها سكرتيرته بالدخول وقلبها اللعين ينبض وكأنه للتو خرج من سباق مارثون وعلقها أيضًا لا يرحمها ولا ينفك عن ترديد كلمـ.ـا.ت «ورده» اللعينه وقدرتها على الاقناع واعطاؤه فرصة جديدة تستعيد توازنها بها!! باليومين الماضين لم تهدأ طاحونة عقلها عن العمل وجلدها باللوم والعتاب وقرر الجميع الوقوف بصفه واتحد كيانها اجمع عليها وهاهي تستجمع قوتها وتجلس أمامه تتهرب من أسهم عيناه المتربصة لها وتهمس بـتعلثم وضيق:

_ يعني.... أنا جايه... يوووه...

تنفست بـصعوبة وكأنه سحب جميع الاكسجين بالغرفة من حولهم وتمتمت بـتردد:

_ أنا أسفه على اللي قولته

وضع القلم من بين أصابعه الثابته وأنزل عينيه عنها وتمتم باقتضاب:

_ وأنا مش مُتاح وقت ما تعوزيني تلاقيني ووقت ما تقرري تبعدي ترميني

ناظرته بـعينين رافضتين للفهم من بين نقابها الأسود وهمست بـرجاء مُبطن:

_ يعني إيه، مش فاهمه قصدك!!

انتصب «ثائر» بـهدوء وسار حتى أصبح على مقربة محدودة منها وتمتم بـقسوة وهدوء:

_ لأ فاهمه وعارفه قصدي بس معنديش مانع أوضحه أكتر عشان تبقى كل حاجه مكشوفه وظاهره زي الشمس

تصنع الصمت والهدوء لـعدة دقائق وابتسم بـجفاء متابعًا:

_ أنتِ بقالك داخلين على شهرين كل اللي على لسانك ابعد عني وشوف حياتك أنا منفعش ليك وأنتَ تستاهل واحده أحسن مني والإسطوانه البايظه دي والحق يتقال أنا كنت واحد بايع كرامته ومقدmها ليكِ تمرمطي فيها وبقول استحمل وخليك جنبها بس لقيتك بتسوقي فيها وكأن اللي بتدوسي عليه دا مش قلب بني آدm عنده مشاعر وبيحس ويتو.جـ.ـع زيه زيك!!!

لم تُسعفها الحروف لـتخرج لتوقف سيل طـــعـــناته الخبيرة التي تُغرس بـمهارة بـمضغتها الباكية ولم ترأف بها الدmـ.ـو.ع لـتهطل وتهدئ من ألــم نيران كلمـ.ـا.ته الناشبة بـصدرها بل وجدت نفسها تستقبل قسوته وجفاؤه وغلظت حديثه بـعينين شاخصتين بـه وملامح مقتضبة دون المزيد!!!

مسح الآخر على خصلاته الفحمية وخرجت ضحكة متهكمة من شفتين القويتين تبعها مستكملًا باقي آلالامه الموجهة لها من فؤاده لـيلوم قلبها الذي أحبه ولازال يحبه بل ولن يتوقف يومًا عن حبه!:

_ بصراحه لقيت الموضوع مش جايب همه وقولت أخلصك واسمع كلامك وابعد!! أبعد عشان قلبي فعلًا يستاهل!! عشان حياتي تستحق!! عشان روحي اللي بتعـ.ـذ.بي فيها وراكي وهتفضلي تعـ.ـذ.بيها ملت الو.جـ.ـع!! ماهو أنا مهما كان بشر!!

ابتعد عنها وجلس مجددًا بـمقعده دون المزيد من الكلمـ.ـا.ت الجارحة والنظرات القاسية التي تصيبها بـتلك الرجفة البـ.ـاردة وكان الصمت هو ضيف الشرف بينهم والأنفاس السريعة السطحية الغاضبة منه والهادئة المُنعدmة منها الجليس الاقوى بينهم!!

بعد عدة دقائق اهتزت مقلتيها بـبسمة شاحبة ورجفة وصلت له و.جـ.ـعلته يشيح بـبصره عنها بـغـــضــــب حتى يظل على موقفه معها مما جعله تفترس شفتيها المرتجفتين وتحمل ما تبقى من كبريائها المجروح وروحها المشتعلة التي خابت ظنونها به وتخطو نحو الباب دون حرفٍ واحد!! ولكنها توقفت قبل خروجها بعدة خطوات واستدارت بـبطء كـعجوزٍ كهلة وأبصرته بـنظرة مُخيبة للآمال ونازفة للتوقعات وهمست ضاغطة على حروفها:

_ عندك حق بس نسيت إنك بني آدm كـ.ـد.اب!

فهم ما ترمي إليه ورفع عينيه يلتهم تفاصيلها ويقسم أنه رأى خيبتها به بادية على رجفة يديها وكل ما يصدر منها ولكنه تصنع اللامبالاة وتمتم بـغموض:

_ كلنا كـ.ـد.ابين مع اختلاف الأسباب والنتائج

تابع خروجها بعينين حزينتين على ما وصلا له وقلبًا يتقلب على الجمر مكورًا قبضته بـعنف راغبًا بـلكم ذاته على ما اقترفه بحقها وما جعلها تعيشه الدقائق الماضية!! رأي لهفتها وتخبطها كـصغيرة مقدmة على الحياة بـقلبٍ شغوف مزقه هو بـأسهم نظراته وتدفق حروفه القاسية التي جعلتها تقع من حافة الهاوية وتركها هو أمام خيارين إما المقاومة والبحث عن الحلول بينهم أو السقوط من داخله للأبد!!

************************
احتضنت جسدها بـضعفٍ وتكورت على الفراش بـقلبٍ حزين تعيد تذكر كلمـ.ـا.ته للمرة التي عجزت عن عدها!! معه كل الحق هي اختارت الحل الأسهل والأقصر مدة ولكنه الأخطر!! اختارت النجاة دون النظر للعواقب المحتومة عليها فيما بعد!! اختارت جـ.ـر.حه ووضعه أمام المدفع لـتلقي قذيفة فعلتها!! يكفيها خيبة الأمل التي وجدتها بين حديثه وعيناه!! عضت على شفتيها بـقوة تكتم صرختها المتألــمة شاعرة بانسحاب بساط الراحة من بين قدmيها ومرحبة بـأوقات الحـ.ـز.ن والألــم التي تجرعتها بـمقاديرٍ باطلة وقاضية على الحياه!! دفنت وجهها بالوسادة التي استقبلت دmـ.ـو.عها بـرحابة صدر راغبة منها بسحب آلالامها معها كـملوحة دmـ.ـو.عها ولكن ما لم تحسبه هو اختفاء أنفاسها وبداية بـطأها وسرعتها الملحوظة مع ضعف مقاومتها جعلتها تنتفض فزعًا عنـ.ـد.م استنبطت بداية نوبة جديدة من الربو!!! حاولت الوصول لـطرف الفراش رغم قربه منها استشعرت بُعده بأميالٍ عنها!! تعالت أنفاسها الضعيفة واختف اللون الأحمر من ملامحها جميعا كأنه لم يكن وزادت رعشة جسدها ولم تسعفها الكلمـ.ـا.ت المتعلثمة سوى على الخروج ومناداته!!! أغمضت عينيها بـقهر وحسرة على ما فعلته به وما تسببت له به وكل أمانيها بتلك اللحظة هو رؤيته والتشبع من ملامحه وإن كانت نهايتها لن تقاوم فقط تراه ومن ثم تذهب!! تراكمت عليها الأوجاع وخاصة عنـ.ـد.ما سقط جسدها من فوق الفراش وزحفت بـه وصولًا لحقيبتها التي لم تجدها أمامها ولم يساعدها جسدها للوقوف والبحث عنها!! حينها أدركت نهاية محياها وابتسمت بـألــم ولاحت صورته العاشقة لها تتراقص أمام ناظريها فـهمست بـضعف:

_ أنا آسفه!!

وصل «راكـان» بعد مدة طويلة من خروجه الغاضب منها ومن أفعالها التي دفعته لـجـ.ـر.حها بـمثل تلك الطريقة والتي اعتمد بها الضغط على ما يـ.ـؤ.لمها حتي تتطهر جميع جروحها وتهدأ حتى تستفيق!! دلف البيت بـخطوات متعبة باحثًا عنها بـقلق وتوجه لـغرفتهم بـخــــوف عنـ.ـد.ما لم يصل لأذنيه سوى الصمت القـ.ـا.تل وحينها وقع قلبه ببحرٍ من الهلع والرعـ.ـب عنـ.ـد.ما وجدها مُلقاة على الارض بـجسدٍ شاحب ولم تجف دmـ.ـو.عها بعد!!! ركع على ركبتيه أمامها وانحني واضعًا أذنيه أمام فمها يستمع لصوت أنفاسها التي لم يراها ولكن خابت ظنونه عنـ.ـد.ما وصله بصيص من الهواء يخرج من رئتيها مع برودة جسدها تذكر مرضها!!! لعن نحت أنفاسه وحملها بـقلق متوجهًا للسيارة ولم يسعفه عقله للبحث عن دواءها!! ظل طوال الطريق يبصرها بـعنين لامعتين بالدmـ.ـو.ع والنـ.ـد.م بما اقترفه بها واللوم كله يقع على عاتقه إذا أصابها مكروه!! يالا السخرية أصابها بالفعل وها هي جثة بين يديها تحارب للحصول على أنفاسها المسلوبة منها!!

بعد مدة من وصولهم للمستشفى وغياب جسدها بغرفة الملاحظة مع الأطباء جلس هو مُنكس الرأس، خائر القوى، ضعيف الجسد ورغم ذلك جسده متأهب لأقل حركة من حوله!! لن يفيد نـ.ـد.مه وجلده لـذاته الآن هي بحاجته!!

رفع رأسه بـلهفة عنـ.ـد.ما انفتح باب الغرفة وخرج الطبيب، التهم الخطوات حتى وقف أمامه مباشرة واستحت كلمـ.ـا.ته من التسلسل ولكن عيناه فضحت مُبتغاه وتمتم الطبيب بـعملية وحذر:

_ نوبة ربو حادة وهي حاليّا تحت الملاحظه عشان في ضعف في عضلات التنفس، فضلًا المريـ.ـضه لازم تبعد عن اي ضغط نفسي او عصبي ومحتاجه راحه تامه

انصرف الطبيب من أمامه وتركه واقفًا كـمن ضل وجهته وفقد وطنه الوحيد وهي بكل ما تعنيه الكلمة هي موطنه الأول والأخير

***********************
كـورقة ضالة اقــ,تــلعتها دفة الرياح ودفعتها لـترك غُصنها والسير وحيدة بين ازقة الطرقات كانت هي تخطو بـقدmيها بـوهنٍ وضعف نحو طريقٍ أُظلمت وجهاته حتى بات كـالحجر الأسود، قادها و.جـ.ـعها لما هو أوسع من صدرها المُختنق وما هو أرأف من حبها القاسي لـمن سيستمع لها دون البوح ولن يستغل نقاط وهنها للضغط عليها!! لمن يتقبل بئر أسرارها المُتخفي بين ثنايا صدرها الملتهب بـنيران عشقها، ها هي أمام مياهه الزرقاء بـأمواجه العاتية وتلك الرياح التي تتناغم معه والتي تحسدها حقًا لـتشبثها به عكسها هي!!!، جلست على الحافة شاردة بـتلك الليلة التي تلت معرفتها بـما فعله طليقها بها وزيارة تلك الملاك « أثير» لها تزامنًا مع زيارة مُرهق ومعـ.ـذ.ب قلبها وعشقها الوحيد
FlashBack____________

صرخت بـشراسة وقسوة هائلة حتى شعرت بـتمزق أحبالها الصوتية...

_ خليه يمشي من هنا، ينسى أنه شافني أو عرفني، خليه يبعد عني بقاااااا، مش عاوزه اشوفه تااااني، ارحموني بقااا

أخذتها الصدmة بـهيئة تلك المحطمة التي تفترش الأرض أمامها وتصرخ بـألــم ونحيبٍ عالٍ ولم تشعر سوى بـدmـ.ـو.عها تهطل بـغزارة حـ.ـز.نًا على أشلاء تلك الفتاة ابتي حُطِمت بلا رأفة أو شفقة من العالم، جثة تعاني وروحًا تُقاسي وقلبًا تخفى بـالظلام بـإرهاقٍ واستسلام لـحاضره المؤذي!، تحركت خارجة من الغرفة تجر قدmيها عنوة حتى وصلت أمامه! بدى لها شبحًا من الماضي سُحقت إنسانيته ومشاعره وتبقى منه بعض الفُتات من الفراغ والبرودة!، مَن منهم المجني عليه ومَن الجاني لا يعلم أحداً للآن هم فقط يعانون جِراحهم بـمفردهم! أزالت دmـ.ـو.عها وعضت على شفتيها بـألــم هامسة بـخزي وشفقة

_ زي ماهي رافضه تشوفك .....

رفع عينيه المـ.ـيـ.ـتتين لها وغابت حدقتيه تنظران لها بـكـ.ـسرة ونـ.ـد.م كمن فقد وطنه وأضحى مُشردًا بلا مأوى! لأول مرة منذ عهدته تراه بـهذا الضعف والإنكسار المُنافي لـسجيته الحكيمة والقويه!! ، بينما نهض هو بـتثاقل يجر جسده مُرغمًا إياه على المغادرة...

Back___________________
لازالت تلك الليلة محفورة بـعقلها فـهي رغمًا عن إرادتها نهضت تتابعه وتُشبع قلبها وعينيها من رؤيته التي قررت تحريمها على ذاتها، رأت ضعفه وقلة حيلته لأول مرة منذ أبصرته عيناها!، أجهشت بـبكاءٍ مرير وتعالى نحيبها القاسي وكأنها للتو استمعت لـكلمـ.ـا.ته الطاعنة لـكرمتها المهدوره!!

شعرت بـكفين صغيرين حول كتفيها فـرفعت رأسها بـحذر وتلاقت عينيها الباكيتين مع شقيقته!! تلك الصغيرة التي غارت منها عِند رؤيتها بين أضلعه عوضًا عنها!! راقبتها تجلس جانبها دون حديث حتى اعتدلت في جلستها هاتفة بـهدوء وبسمة طيبة بشوشة:

_ مش لازم ندفع ضريبه لـفرحتنا ديمًا!! يمكن قلوبنا من كتر الحـ.ـز.ن مبقاش عندها ثقه في الفرحه وعلطول خايفه من أي جديد، بس لازم ناخد بالنا من الفُرص اللي القدر بيقدmها لينا لأنها مش بتتعوض وبتيجي مره واحده في العمر

طالعتها « هبه» بـتحفز وتـ.ـو.تر ملتقطة كلمـ.ـا.تها الطيبة ولكنها ما لبثت أن ارتجف جسدها بـوصلة من البكاء وغمغمت من بين أنفاسها بـحرقة:

_ مكنتش أعرف إني غلط للدرجادي، أنا بحبه!! بحبه وكأن حياتي معتمده عليه لواحده وبتدور حواليه!! بحبه وعندي استعداد عشان سعادته أتنازل عنه عشان يعيش مع واحده تليق بيه وتريح قلبه ولا أني أشوفوا في يوم عيونه مكـ.ـسوره بسببي!! بس خــــوفي أكبر من حبي ليه!! وأكبر من سعادتي وراحتي!! الخــــوف دا مرض خبيث كل ما بيتوغل في مكان بيدmره وكل مره نشاطه بيقل بنفكره مـ.ـا.ت وانتهى بس بعد فتره بنكتشف إنه اتمكن من مكان تاني وأقوى وخلاص فاضله خطوه ويدmرنا!!

استمعت لها «رؤى» بـاهتمام وانتباهٍ تامٍ وربتت فوق كفيها بـحنان مردفة:

_ لكل مرض في الدنيا علاج حتى لو ملوش نهاية ليه علاج بيقلل قوته ويضعفه لحد ما الادوار تتبدل ويبقى إحنا المتحكمين فيه، الخــــوف نابع من الأمان!! زي الضعف واحد من مواطن القوه!! بس عشان نكتشف الفروق دي لازم نفوق ونرتب عقلنا ونسمع لكل جزء مننا بهدوء عشان نطلع باقل خسائر

شخصت الأخرى بـبصرها مع امتداد المياه الواسعة وتمتمت بـهدوءٍ كاذب:

_ وقت الحـ.ـز.ن والو.جـ.ـع مستحيل تنصفي غير الطرف الأكتر قهره وتسمعي ليه كأنك بتواسيه وتقولي ليه عشان قهرتك دي هسمع قراراتك وهنفذها!! ودا اللي عملته!! سمعت لـعقلي وحكمته وكان قراره البُعد والهروب والفُراق والنتيجة إني كل كيتني خسر الحرب دي وهو كرهني وكررت الأدوار تتقلب وهو يبقى الجلاد وأنا الضحية بعد ما كان هو الضحية وأنا الجلاد!!!

ابتسمت « رؤى» بـصدق وشـ.ـددت من أذرها بـحب وغمغمت بـثقه:

_ ت عـ.ـر.في إن ثائر مبيعرفش يتكلم! بيقولوا كل واحد فينا ليه نصيب من اسمه وثائر ينطبق عليه دا بيفضل متحمل وساكت وصابر وقوي بس عند نقطه بيتحول كل الصفات الجميله دي لـثورة غـــضــــب وقسوة وغلظه هو نفسه بيكرهها فيه ويتجنبها وخصوصًا معاكي!! لو بتشوفي لمعة عيونه لما تيجي سيرتك ولا بسمته اللي بتشق طريقها على ملامحه لما يشوفك هت عـ.ـر.في إن قلبه حتى لو رمتيه في النار عمره ما يتحرك خطوه في طريق كرهك!! حبي نفسك يا هبه عشان تستاهل تتحب ووقتها هتلاقي كل الخــــوف اللي في العالم اتبخر واتولد مكانه راحه وسَكِينه تطيب جروحك

ختمت «رؤى» حديثها بـضمة حنونة لها ونهضت راحلة كما أتت وتركت أثرها الطيب بـقلب تلك « الهِبه» الحزينة

**************************
بعد إصرارها على الذهاب لاستكمال علاجها بـالبيت اضطر للموافقة وها هو يـضعها بـرفق بـفراشهم ويطبع قبلة أسفة على جبهتها وانزلقت شفتاه لـجفنيها الرطبين من كثرة دmـ.ـو.عها وقبلة أخيرة عميقة نادmة بـباطن كفها، اطمأن لـنومها ودخل لـينعم بـحمامٍ بـ.ـارد يزيل عنه تعب اليوم والضعف الذي اعتراه ويطرد القلق المُسيطر عليه، بعد فترة وجيزة خرج متوجهًا للفراش وتمدد جانبها جاذبًا جسدها لـه مستنشقًا عَبيرها القوي الذي زلزل كيانه أجمع و.جـ.ـعله يدفن وجهه بـعنقها بـعشق مرددًا بـهمس:

_ أنا آسف، عارف إني قسيت عليكِ بس من و.جـ.ـعي منك وعليكِ يا هانم

فتحت « أثير» جفنيها بـضعف ووصل لها همسه الحاني الذي جعلها تضم جسدها أكثر له وتبـ.ـارد بـلف ذراعها حول خصره وأردفت بـنـ.ـد.م:

_ لا أنا اللي آسفه، أنتَ عندك حق في كل اللي قولته وأنا اللي غلطت وأسفه إني جـ.ـر.حتك بالشكل دا يا قلب الهانم

ابتسم « راكـان» لـكلمـ.ـا.تها التي كانت كـالبسلم لـمضغته المضطربة وشـ.ـدد من ضمها هامسًا بـبحة رجولية دافئة:

_ الهانم تعمل اللي هي عوزاه واللي يمليه عليه قلبها طول ما هو مش خطر على حياتها ولا يتعبها

رفعت « أثير» أناملها الرقيقة تتحسس ذقنه النامية بـعشق مردفة بـهمسٍ مدلل:

_ طول ما أنتَ جنبي عمري أنا كويسه ومش تعبانه يا راكـان

اتسعت بسمته لإطرائها وغزلها به وأتت إجابته على حديثها أنه انحني مُقبلًا طرف شفتيها بـحب مُغمضًا عينيه بـراحة وغمغم بـهيام:

_ يا تاعبه راكـان ومغلباه معاكي ومتقدرش عيونه متشوفكيش يوم

ابتسمت هي الأخرى بـعشق شاعرة بـتُخمة من فرط السعادة التي اجتاحت قلبها وغطت في نومٍ عميق بعد يومٍ مقيت على كليهما

***************************
ساندته « ورده» رغم اعتراضه القاطع بسبب حملها ولكنها جحدته بـنظرة مُحذرة من عينيها وبـبسمة ساحرة جعلته يصمت ويبتلع كلمـ.ـا.ته لها، بينما وقفت هي بانتظار خروجه من غرفة الفحص الذي أصر الطبيب على عمله قبل الجلسة القادmة مما تسبب بـقلقها الزائد، اطمأنت أنه دخل بـسلام وبحثت بـاهتمام عن طبيبه الخاص حتى وجدته واقتربت منه بعدmا تعرف عليها ورحب بها جلست أمامه بـانتباه تلتقط اذنيها ما يُمليه عليها....

أحاطت بطنها بـخــــوف تستمد القوة من طفلها أو طفلتها القادmة تشاركها أحزانها وتمتمت بـقلق:

_ حضرتك طلبت فحوصات تانيه رغم إننا عملنا بعد جلسة الشهر اللي فات والحمدلله طلع في استجابه!!

ابتسم الطبيب الاربعيني بـطيبة ليطمئنها وتمتم:

_ متقلقيش يا مدام ورده، الأستاذ براء كان بياخد كورس علاج مُكثف لـقوة الخلايا السرطانية اللي عنده واللي بفضل الله ثم قوته وعزيمته نشاطها بيقل حتى ولو بنسب بسيطه بس في نتيجه ملحوظه عشان كدا طلبت الفحوصات دي نطمن زياده وعشان ناوي اخفف الجرعة شوي

طغت السعادة قلبها ولمعت عينيها بـدmـ.ـو.عٍ سعيدة وانفرجت شفتيها عن بسمة مُبتهجة وأردفت بـحذر:

_ يعني في أمل أنه يخف خالص والمرض يختفي!!

طالعها الطبيب بـفرحة لـفرحتها وغمغم بـتمني:

_ دي حاجه في إيد ربنا والأمل موجود طبعًا وزوج حضرتك عنده عزيمه وإصرار ودا أكبر عدو للسرطان

هزت رأسها بـرضى وسرور وشكرت الطبيب وخرجت متوجهة لـتنتظر خروجه ولكنها بـطريقها تقابلت به فـهرولت إليه مسرعة تُلقي نفسها بين أحضانه راغبة بالتخفي داخله مردفة:

_ هتخف بإذن الله، أنا مبسوطه أووي

بادلها عناقها بـقوة مماثلة لـشعوره بالتعب بالساعات القليلة الماضية التي جعلته يفكر ماذا سيكون حالها إن أتت ساعته ووجدت ذاتها وحيدة مجددًا بلاه!!

فرق عناقهم ولثم جبهتها بـقبلة عميقة وتمتم بـتعب وبسمة خفيفة:

_ وحبيبتي مبسوطه أووي كدا لي

احتضنت كفه بين كفها الصغير ورفعت عينيها له بـسعادة وغمغمت بـلطف:

_ عشان حبيبي عنده قوة وإصرار يخف وبيحارب المرض وهيبقى في أقرب وقت أشطر كتكوت

ضحك « براء» بـشـ.ـدة على مزاحها ورفع كفه مُقبلًا أناملها مردفًا بـمرح:

_ والله لو هتاخد حـ.ـضـ.ـن مطارات زي اللي لقيت نفسي فيه من شوي دا عندي استعداد أحارب لآخر الدنيا وأبقى أشطر من أشطر كتكوت

ابتسمت « ورده» باتساع ورفعت نفسها طابعة قبلة فوق وجنتيه واحتضنت ذراعه هامسة:

_ معنديش مانع يبقى في أكتر مت حـ.ـضـ.ـن مطارات

غمزها بـخبث ودنى منها هامسًا بـعبث:

_ والله الواحد نفسه تتفتح حتى ويحارب بـضمير

ضـحكت بـشـ.ـدة على وقاحته وخُبثه وتناسى كلاهما المكان من حولهم ولكن نظراته المُحذرة لها عنـ.ـد.ما تعالت ضحكاتها جعلتها تُخفي جسدها بين ثنايا صدره وتسير بـجانبه تسانده ولم تغادر البسمة وجه كلاهما

************"*""**************
انقضي اليوم دون المزيد من التصادmـ.ـا.ت وها هي شمس اليوم التالي تُنير حجرتها لـتدفعها للاستيقاظ والسير نحو وجهته بلا تردد أو خشية تلك المره!! توهجت للمرحاض بعدmا ايقظت شقيقتها للاستعداد لـمدرستها، بعد فترة هبطت من منزلها بعد ذهاب شقيقتها للمدرسة وانتهائها من الأعمال المنزلية البسيطة تنفست بـهدوء تستجمع نفسها وترتب حديثها الذي تبخر مع الرياح!!

كانت تعبث بـهاتفها بـملل وبين كل ثانية تنظر للساعة التي تقترب من موعده التي تركته له بـرسالة صغيرة ليلة امس!! رفعت نظرها من الهاتف مع دخوله بـهيبته وهيئته الخاطفة للأنظار والتي جعلتها تحبس أنفاسها وترغب بـالنهوض ولكمه حتى تتشوه ملامحه الوسيمة التي تجعله محط لأنظار الجميع!! ابتلعت لعابها عنـ.ـد.ما جلس أمامها بـبرود وسلط أنظاره القوية عليها بـعينيه الحادتين وما الحريق توهجًا هو صوته الرَخيم:

_ خير في حاجه تستدعي إنك تطلبيني في معاد!

تضاعفت رغبتها بـلكمه وأيضًا عضه حتى تُدmى يده التي تعبث بـخصلاته وهذا هو حقها به وليس حقه هو!! نفضت تلك الأفكار المنحرفة من رأسها وتنهدت بـصوتٍ مسموع وتمتمت بـثقه:

_ اللي بينا أكبر من ميعاد ولا عندك شك!!

ابتسم « ثائر» بـسخرية وعقد ذراعيه أمام صدره مُريحًا ظهره للخلف ومردفًا بـثقة مماثله:

_ لا معنديش شك زي ما بردو معنديش ذرة شك إننا نهينا اللي بينا سوا وكل الكلام خلص والأعذار انتهت!!

نسخت فعلته وأيضًا بسمته وتجاهلت قسوة ردوده عليها تمتمت بـكـبـــــريـاء:

_ أنتَ نهيت أنا لا وحتى لو نهيت مظنش اللي بينا مجرد كام كلمه ينهوه

لا تعلم لما تخشى نُطق اسمه صريحًا أخــــوفًا من فضح المزيد مت مشاعرها له أم خــــوفًا من كشف رغبتها باحتضانه والتخفي داخله الآن!!

هز « ثائر» رأسه بقلة حيلة وابتسم بـأريحة وتمتم بـملل:

_ والله كل اللي عندك قوليه أنا حاسس بملل ويمكن كلامك يقطع الإحساس دا زي ما وقف ما قطع قبله كتييير

حسنًا يلعب بالأساليب ويراوغ بالحديث أيها الماكر الوسيم!! مهلًا هل نعته عقلها بالوسيم الآن!! اللعنة على عقلها العاشق لها وقلبها الهائم به، أغمضت عينيها لـثانية وثقبته بـنظراتها القوية رغم اختفاء ملامحها خلف نقابها إلا أنه اقسم بـرؤية بسمتها تنبعث منهم الآن!!

مضت « هبه» شفتيها بـضيق وهزت كتفيها بـلامبالاه وتمتمت بـصدق وثقه:

_ لو قطعتهم مكنش زمانك قدامي دلوقت ولا بتتهرب من عيوني ولا حتى بعت رؤى ورايا امبـ.ـارح!!!

هذه الماكرة المُعـ.ـذ.بة لـفؤاده أطاحت بصبره وكشفت جميع ألاعيبه وخططه عليها وعرفت أنه من ارسل شقيقته أمس خلفه لعلمه بما سوف تمر به وتعانيه على يده!! مما جعله يبتسم بـتسويف مغمغمًا:

_ والمطلوب مني!!

ابتسمت بـهدوء وقاومت رغبتها بـضمه والتوغل داخل ثناياه ورفعت حقيبتها ونهضت بـتكاسل وتمتمت بـكـبـــــريـاء وتوعد:

_ هتلاقي على مكتبك ورق بعد يومين تمضيه من غير ما تفكر حتى تعرف جواه إيه والباقي عليا يا ثائر

أخرجت حروف اسمه بتأني ونعومة تستطيب حلاوتها بـفمها وروحها قبل خروجها له وكأنها تهمس له بـعشقها الجارف له وتؤكد له صدق أفعالها تلك المرة ودفاعها عن أبسط حقوقها به ألا وهو بأكمله!!! وخرجت تاركة إياه وسط فضوله من معرفة ماهية تلك الأوراق الغامضة التي ستشارف مكتبه بعد يومين!!!
للـخيبات نهاية وللأحزان نهاية مهما طال أمدها، يأتي للـقلب هُدنة من السلام تبعثه بـرحلة هادئة مُفعمة بـالراحة والسعادة التي طال فُقدانها كـتعويضٍ بدائي عن تلك الليالي التي كانت الدmـ.ـو.ع والأوجاع رفيقه الوحيد والأنين أنيسه الدائم، تُبرهن له صِدق الوعود ونتائج الصبر وقوة الإيمان ومهما طال القحط سيغزو الازدهار يومًا!!

مضى اليومان بـأثقالهم عليها كـدهرٍ من التـ.ـو.تر والتردد! بين كل ثانية تُراقب الوقت ولم تخضع عينيها لـراحة بـالنوم أو يتوقف عقلها عن التفكير به أو بما سينتج من قرارها الأهوج!! بعد طول تفكير توصلت لـذلك القرار الجريء وكلها أملًا بـتصحيح فعلتها الشنعاء بحقه وحق آلالامه التي لازمته بسببها، أهذا الخواء الذي تشعر به من فرط حماسها أم أن قلبها الأجوف اعتاد الوحدة ولم يعد يُصدق حقيقة ما هو مقدm عليه!! أغمضت عينيه لـوهلة تستجمع شتات روحها التي تهلل فرحة وخــــوف من مصير قرارها ومن ثم أفرجت عن قزحيتين لامعتين بـالدmـ.ـو.ع المُنكـ.ـسرة التي تهدد بالسقوط وهي من قررت سابقًا حجب ذلك الحـ.ـز.ن والضعف والسير على خطوات القوة والعزيمة رافضة الخنوع لـجدرانها المتهالكة!! القليل مِنا من يحظى بـسعادته الخاصة مع من يُحب ويرغب ولذلك هي متـ.ـو.ترة صحيح!! هذا ما أقنعت عقلها الرافض للواقع ونهضت تلتقط ثيابها استعدادًا لـبدء خطواتها الفاصلة بينهم!!

بعد مدة قصيرة وقفت تُنهي ترتيب ثوبها الزيتي الذي لائم جسدها كثيرًا وتتأكد من تنظيم خِمارها ونقابها ومن أسفلهم بسمتها السعيدة التي طغت على خــــوفها وها هي تبتسم كالبلهاء مع ارتفاع وتيرة أنفاسها الخجولة وانسحاب كلمـ.ـا.تها من جوفها!!

_ أيه يا عروسه الراجـ.ـل زمانه خلل وهو مستني!

كان ذلك الصوت هو الأقرب والأحب لـقلبها ومن سواها صديقتها الأولى «ورده» مصدر إلهامها وإرشادها وراحتها معًا!! تلك الفتاة الحنونة التي أبت تركها ضائعة بأول مرة لاقتها وبالثانية وقفت جانبها ودعمتها بـقرارها وها هي فعلته!! يقولون الأصدقاء متقلبون كما القلوب منهم الذاهب ومن الوافد ولكنهم نسوا أن منهم الأوفى! منهم الاحن!! الأصدق والأحب!! منهم المُلائم للقلب والمُرافق للروح!! منهم من يجعل الطمأنينة تتسرب إليك فور سماع وقع نبرته!!

التهمت الخطوات الفاصلة بينهم لـتغمرها بـعناقٍ ساحق دفنت كلتاهما القلق وكل مشاعرهم السلبية بيه مُرحبين بـهذا الكَم من السعادة التي تتسلل أليهم! ابتعدت «ورده» بعينين دامعتين عنها وناظرتها بـسعادة وحب مردفة وهي تُعدل من وضع نقابها:

_ زي القمر يا هبه وأنتِ هِبة لأي حد تدخلي حياتي

ابتسمت «هبه» بـخجل وظفرت عينيها بعض العبرات الممتنة وهمست بـحشرجة مطمئنة:

_ وأنتِ رحمه ونعمه لأي حد، شكرًا لأنك في حياتي

ابتسمت «ورده» بـطيبة وحب لـتلك الفتاة الملائكية التي دثها القدر لها بين طياته لـتكون رفيقتها الأولى وملجأها بهذا العالم، تخصرت بـغـ.ـيظٍ من تأخرهم بعدmا أبصرت الساعة وهتفت بـحنق:

_ يلا في راجـ.ـل مستني تحت غير عريس الغفلة بتاعك

لـكزتها «هبه» بـخصرها بـضيق من نعتها له بـهذا اللقب المُسيء!! وهتفت بخجل:

_ متقوليش عليه كدا!

دفعتها «ورده» بـحدة مصطنعة ومرح للخارج مرددة:

_ الحب وعمايله

*************************

وقفت أمام المرآه تضع لمساتها الأخيرة وابتسمت بـثقة لـهيئتها التي رغم بساطتها إلا أنها راقتها كثيرًا بـثوبها الأزرق الهادئ بـثناياته الخفيفة التي أخفت قوامها الزائد وشعرها المسترسل بـنعومة على طول ظهرها، رفعت حقيبتها وسارت للخارج ولكن أوقفها صوته الهادئ:

_ أقدر اعرف مراتي راحه فين الساعه 8 الصبح وسايبه جوزها!؟

ابتلعت « أثير» لعابها بـقلق من كشفه لـخطتهم التي بظنها حربية!! ودارت بـجسدها له متصنعة البراءة واللطافة الزائدة بإعتقادها أنها لا تشبه الجرو الصغير المُترجي لـصاحبه!! تنفست بـتوجس من ردة فعله الهادئة وابتسمت بـتـ.ـو.تر مجيبة بكذب:

_ متفقة نتقابل أنا وهبه وورده

لوى «راكان» فمه بـسخرية متذكرًا تحولها الجذري بعد زيارتها لهاتين اللعينتين وخاصة تلك الشرسة المُسماة بـ «ورده» التي لم تترك فرصة إلا وتُبرع بـحرق أعصابه وقصفه و.جـ.ـعله أضحوكة للجميع!! تنهد بـحنق مردفّا بـنفيٍ:

_ لا مفيش نزول

تلاقى حاجبيها بـتعجب وضيق من رفضه الغير مبرر من وجهة نظرها وتخصرت بـتوعد متحدثة:

_ لي بقا يا حضرة الدكتور، هتحبسني؟!!

ابتلع الآخر لعابه من نظرات التوعد الماثلة بـحدقتيها العسليتين وهز رأسه مجيبًا بـتسويف:

_ بكره إنشاء الله تقابليهم أكون أنا في الشغل بس مش صح تسيبيني في البيت وتنزلي وأنا قاعد عشانك!

مطت «أثير» شفتيها بـتفهم واقتناع لـحديثه واستعطافه الكامن بـداخله ولكنها لن تترك أصدقائها بـمفردهم وأيضًا لن تخبره المزيد من التفاصيل التي سيعرفها بعد قليل، سلطت نظراتها المدللة عليه واقتربت قاطعة المسافة بينهم متقاسمة أنفاسه معه وهمست بـنعومة:

_ ساعه بس يا روحي ومش هتأخر عليك بس مقدرش أسيبهم النهارده عشان هم محتاجيني وأوعدك هحكيلك كل حاجه لما ارجع!

رطب «راكـان» شفتيه التي جفت تلقائيًا من قربها السريع وغاص بـبحور عينيها الثائرة وكل خلية بـجسده تدعوه لـجذبها بين ذراعيه ويحترق العالم وتحترق معه رغبتها بالذهاب ولكنه وافق على مضد أمام نظراتها التي تحولت لـرجاءٍ خالص فـتمتم بصوتٍ أجش ناعم:

_ اللي الهانم تطلبه يتنفذ، خلي بالك من نفسك ومتتأخريش يا حبيبي

هزت رأسها بـسعادة ورفعت جسدها لـتطبع قبلة عميقة على وجنتيه وفرت هاربة من أمامه وسط نظراته الحانقة والغاضبة كـطفلًا سُلبت لعبته المفصلة منه!! فهمس بـحسرة وتهكم:

_ أخرتها بوسه من خدك يا خايب الرجا دا لو ثائر شافك هيعملك نكتة الموسم بتاعه!!

أخدل كتفيه بـضيق وسار نحو فراشهم محتضنًا وسادتها دافنًا أنفه بها يتمتع بـعَبقها حتى تعود هي وتسكن أحضانها من جديد !!

**************************

جلس «ثائر» على مكتبه بـقلق وعينيه مسلطة فوق دقات الساعة أمامه الموازية لـدقات خافقه المضطرب المُنتظر لـفعلتها والتي يخمنها ويتمناها!! ابتسم بـحب ل، تلك النقطة التي تؤكد له مبادرتها بالقُرب وتخطيها الحواجز المفروضة بينهم والتي حفرتها هي بـبعدها وتجاهلها له!! إنها العاشرة والنصف ولم يأتيه أي أوراق بعد مما جعله يتساءل أكانت تمازحه لـتِشعل فضوله ليس اكثر!! أم أنها ترددت بما كانت تنتويه وخابت توقعاته هو الثاني!! نزعه من أفكاره صوت سكرتيرته « فرح» تطالب إمضاؤه على بعض الأوراق!! انتفض من جلسته مقتربًا منها مما جعل الفتاة تبتعد بـزعر من فعلت رَب عملها الغير واضحة وغريبة على عاداته الرزينة وتهمس بـقلق:

_ استاذ ثائر في حاجه؟!

رأى الخــــوف جليًا على ملامحها مما جعله يُعاود النظر لما فعل فوجد نفسه أمامها ولا تفصل بينهم سوى بعض الإنشات القليلة وعيناه تكاد تلتهم الأوراق التي تحتضنها!! ابتسم بتهكم وارجع رأسه للخلف ماسحًا على خصلاته فكيف لها ألا تخافه وهو بذاته يخاف! ابتسم مجدداً بتفهم وسحب الأوراق منها واعتذر حتى رأى بسمتها وخرجت، عاود الجلوس على مكتبه بـسرعة وهيئ نفسه كـطالب مُقدm على استنتاج نتيجة اختبـ.ـار الأخير الفاصل لحياته!! رفع كفيه يمسح على وجهه ويهدأ من روعه والتقط القلم ودون النظر كما أخبرته وقع على الأوراق واحدًا تلو الآخر حتى انتهى!! وحينها سمح لـنفسه بالنظر داخلها وخابت آماله حينما وجدها تخص عمله ولا شيء يشير لها!! ألقاها من أمامه بغـــضــــب وحِدة واسند مرفقيه على المكتب واضعًا رأسه بينهما والكثير من الآلام تتدفق إليه تبعًا كأن العالم اجمع على تأديبه وإذاقته ما لم يفعله! استمع لـطرقاتٍ خفيفة على الباب ولم يكلف نفسه عناء رفع رأسه لمعرفة هوية الطارق بل اكتفى بالسماح له بـالدخول!!

دلفت هي بـبسمة خفيفة عاشقة تمنع نفسها بـصعوبة عن النظر له والتمعن داخله وتُصبر نفسها بأن بعد دقائق معدودة يكن لها كامل الحق به!! تنهدت بـصوتٍ مسموع وصله و.جـ.ـعله يُزهل مما وصل لأذنيه ويهز رأسه بـرفض مغمغمًا بـهمسٍ خافت:

_ مش هتيجي فوق وبطل بقا

ألــمها قلبه لـما قاله ووصل إليها كـصاعقة أصابتها بمقــ,تــل جعلتها تتقدm من مكتبه بـهدوء مردفة بـحب:

_ بس أنا هنا! جنبك!

رفع رأسه بـتروي يتذوق كلمـ.ـا.تها التي تراقصت داخل طبلة أذنه و.جـ.ـعلتها تتعزف طبولًا مُهللة من فرط فرحتها وهمس بـعشق فشل في إخفاؤه:

_ المره دي لأمتى؟!

ابتسمت «هبه» بسمة مماثلة له وجلست قِبالته هامسة بصدقٍ قاطع:

_ لحد ما أمـ.ـو.ت وصوتي يختفي من الدنيا دي هفضل هنا! جنبك!!

فتح فمه عِدة مرات محاولًا إيجاد كلمـ.ـا.ته ولكنها قاطعته بـإشارة من عينيها وهمست بـرجاء:

_ قبل أي حاجه وأي شرح لازم الخطوه دي تحصل وبعدها تقدر تقول كل اللي قلبك شايله واللي قلبي عاوز يسمعه يا ثائر

أومأ لها كـالمغيب فابتسمت هي بحب ونهضت للخارج وغابت لـعدة دقائق ثم دلفت وخلفها رجلًا ما إن تبين هويته حتى نهض على عجالة ووقف قِبالتها يتمنى زرعها داخل اضلعه بل خلفها لـتصبح على مقربة أكثر من مضغته النابضة باسمها!! الآن فهم ما كانت ترمي إليه بالأوراق!! وهل يستطيع التفكير حتى!! كل ما يجول بخاطره هو الصراخ والرقص بـسعادة وهي بين يديه بعدmا تصبح زوجته!! هي الآن تدعوه للزواج منها ب، حضور «المأذون» ومهلًا بحضور صديقه وزج صديقتها!! أهي من رتبت لكل ذلك!!! أهناك ما يتمناه أكثر الآن!!! أهناك ما يُفرح فؤاده ويغزو روحه بالراحة أكثر من فعلتها التي برهنت حبها له!!!

_ مش هنكتب الكتاب ولا إيه يا باشا!!؟

كانت هذه كلمـ.ـا.ت «راكـان» المرحة ونظراته السعيدة التي لم تخلو من وجه الجميع حتى هي رغم تخفيها عنه!! الآن هي أمامه وبعد عدة دقائق زوجته ومن ثم ينتهي و.جـ.ـعه!! سيفرح!! ستزوره السعادة بعد غياب طيفها من حياته!!

*************************

خرج الجميع واحدًا تلو الآخر بـتهنئتهم وتمنيهم السعادة لهم وبقت أنفاسهم المحبوسة تهدد للخروج تعبر عن فرحتها هي الآخرى ولكنهم حجبوهم خــــوفًا من فضح رغبتهم الدفينة تجاه بعضهم البعض! ولكن هو لم يتحمل من المزيد فسارع بالوقوف أمامها وكادت شفتاه تلامس نقابها وأنفاسه تلفح صفحات وجهها من الداخل لا تعلم كيف وثانية واحدة هي ما اتخذها لـتصبح بين زراعيه بـعناقٍ ساحق دافنًا وجهه بكفتها مشـ.ـددًا من قبضته حول جسدها الصغير الملامس لـه ودقات قلبها التي تتصدى لـمضغته المتضاربة المشاعر!! طال عناقهم هو يبث فرحته وشوقه ولوعته لها بـقوته وحنانه معًا وهي تستقبل لهفته وجموح أحضانه وشغف قُربه منها مستعدة لوهبه روحها من الآن دون تفكير!! تلاقت سُبل أرواحهم المرهقة على دُفة نهرٍ ما وانسجما سويًا غير عابئين بنظرات باقي الأرواح مختلسين العشق المُستحق لهم وكل الوقت الذي أضاعاه بعيدًا عن بعضهم البعض!!

ابتعد عنها بعد فترة طويلة وهي مغمضة العينين ترغب بـجذبه من جديد والبقاء بين أحضانه حتى تُزهق روحها المعـ.ـذ.بة ببعده! تنهد هو بـعشق ولثم جبهتها بـقبلة عميقة وجائعة لـقربها منه وهمس بشوق وشجن:

_ مُبـ.ـارك يا نور حياتي وبلسم روحي ونبض قلبي

غزت الدmـ.ـو.ع مقلتيه وابتسم بـشوق مماثل له وتعلقت بـذراعه هامسة بـحشرجة مرتجفة:

_ مُبـ.ـارك عليا وجودك بـقلبك وطيفه وروحك وحنيتها وطيبتها يا ضي عيوني

لا مجال للصمت اليوم أو بعد اليوم ها قد لاحت الراحة بالأفق تلفحهم وقرر الفؤاد الخروج عن سـ.ـجـ.ـنه والبوح بما يجيش به من ثورات وتعاويذ ألقاها ساحره!! جذبها من كفها نحو جسده وأحاطها أسفل كتفه وسار نحو الأريكة التي انعقد قرآنهم عليهم وجلس مُحيطًا جسدها بـذراعيه قدر الإمكان يقربها منه هامسًا بـحب:

_ طلعي كل اللي في قلبك دلوقتي مفيش أي حاجه تمنعك ترتاحي لأنك جنبي يا هبه

أكان اسمها بـتلك الحلاوة والراحة من قبل! أله تلك النغمة المميزة التي تخرج من فمه أم أنها تتخيل!! ابتسم وجذبت جسدها لـداخل ذراعيه متلمسة العون والشجاعة منه هامسة:

_ كل اللي حصل كان من تفكيري بـمساعدة أثير وورده، كل واحدة منهم كان ليها دور ومسانده ليا بشكل مختلف، ورده عرفتني غلطي وفهمتني إني و.جـ.ـعتك وإني بو.جـ.ـع نفسي قبل ما بو.جـ.ـعك بس كنت غـ.ـبـ.ـيه ومصدقتش في الأول لحد ما لقيتك بتقع من إيدي وبتقرر تبعد!! جزء مني قالي مستحيل الحب اللي بتشوفيه في عيونه دا يختفي بس الجزء الأكبر كان مستسلم لكلامك ورافض لحد ما رؤى كلمتني الفضل ليك! أما أثير فهي اللي جابت راكـان عشان يشهد بس بطريقه غير مباشرة ومعرفش غير قبل ما يدخل إني اللي جايبه المأذون ومحضره أوراق الزواج وإني اللي اتقدmت ليك رسمي!!

وجد نفسه يضحك بـشـ.ـدة على حديثها الأخير بـخجلها الواضح له حتى وإن تخفت عنه فـمد يده يرفع نقابها ولكنها حاولت منعه ولم يستمع وفور وقوع عينيه على تفاصيلها التي اشتاقها حد الجنون وجد شفتيه تطوف غزوًا على كافة ملامحها دون ترك خلية واحدة منها!! وهي! لم تمنعه بل تركته يمتلك ما هو حقه دون ردعه بل رفعت كفيها تشـ.ـدد على كفه تتلمس القوة منه!! وبعد مدة ابتعد عنها يلهث بتعب بعدmا منع نفسه من المزيد وهمس بلوعة وشوق:

_ كملي يا حبيبتي

ابتسم بـخجل ورفعت كفيها تتلمس لحيته النامية وعينيها تضويان عشقًا وشغفًا به هامسة بـتتيم جارف:

_ منعت نفسي كتير أقولك الكلمه دي وحاربت قلبي في كل مره بيبقى عاوز يجري ويترمي بين ضلوعك يشكيلك و.جـ.ـعه ويلوم الظروف اللي بعدته عنك قبل كدا لحد ما لقتني مش قادرة وقوتي بتقل يوم مع التاني وكل الأبواب مقفوله في وشي اللي باب حبك!! مش من يوم ولا ليله لقتني بحبك لا دا بعد تعب وتفكير طويييل قلبي استسلم ووقع جواك!! لقيتك بتسحبني ببطء لـجنتك وأنا كل يوم بتمتع فيها زياده وبفرح قلبي اللي تعب معاناة وتعب من التعب نفسه!! مل الو.جـ.ـع!! لما كنت بسمع صوتك وبجري عشان اشوفك وأنتَ داخل البيت أو اشم ريحة برفانك وأعرف إنك كنت في المكان دا أو قريب مني كان قلبي بيرفرف زي الفراشة ويرقص من فرحته وسعادته، ثائر أنا عديت الحب معاك والعشق قليل على اللي جوايا ليك

أخفضت رأسها بـخجل شـ.ـديد ولم تمتلك الجرأة للمزيد من الكلمـ.ـا.ت بينما هو!! اين هو!!؟ أين هو تحديدًا من نِقاط بوحها لـعشقها له!!؟ أين عقله؟! يعلم مُسبقًا أنها تحبه بل أن تتخطى كل تلك المراحل لمرادفات الحب!! تلمس وجهها بأنامله ورفعه بـحذر وعشق لـيتقابل مع عينيها البديعة بأهدابها الكثيفة التي تغلفهم وهو يحسدهم حقًا لأنهم الأقرب لها منه!! عرفت أنامله طريقها لـوجنتيها يتحسسهم بـحب خامسًا بـشوق:

_ أنا بقى عديت كل المراحل دي! بقيت بقوم يوم جديد على أمل أني أشوفك والمح ضحتك اللي نقابك مخبيها عني بس كنت بحسها من عيونك! ببعد وبشغل نفسي عشان محبكش أكتر واضطر أقرب وقربي غلط وأنا عارف الحدود اللي مرسومه لينا!! كنت بمـ.ـو.ت كل يوم وأنا بتفكر كل دmعة نزلت منك بسببه ولما كنتِ بتحكي عنه وو.جـ.ـعك اللي الوقت مش قادر يداويه!! كنت بتعـ.ـذ.ب أكتر منك بالبعد اللي فرضتيه علينا بس كنت واثق إن الحب اللي بينا أكبر وإن كل الابتلاءات دي بعدها فرحه هنبكي منها وكنت بدعي بقرب اليوم دا وبحسب الدقايق والثوانِ ليه!! أنا بعشقك يا هبه وبتنفس وجودك!

عرفت الدmـ.ـو.ع سبيلها لـوجنتيها من كلمـ.ـا.ته التي حُفرت بـقلبها وهمست بـعشق:
_ مش نـ.ـد.مانه على حاجه في حياتي قد نـ.ـد.مي على و.جـ.ـعك! أنا آسفه بس كنت مفكر إن كدا أحسن ليك! وجودك زي الادmان يا ثائر بالنسبالي ومعنديش استعداد اخسر ادmاني دا مهما حصل!!!

اتسعت بسمته العاشقة وتولت شفتيه مهمتها لـمحو دmـ.ـو.عها وارجع رأسه للخلف براحة جاذبًا رأسها لتتوسد صدره مستمتعًا بذلك الدفء الذي غزَ جسده بالكامل!!

**********************
جلست « أثير» بـجانبه بالسيارة وبسمة بلهاء تزين ثغرها الوردي وسعادة عامرة تجتاحها وكأنها العروس وليست صديقتها!! رؤية العلاقات تتوهج ضياءً وتعلو سِمة تُجبى حتى القلوب الحاقدة على الابتسام فرحة بها مهما طغى الظلم!!

ناظرها «راكـان» بـعينين متوجستين من بسمتها المرسومة منذ خروجهم وتمتم بـتهكم:

_ إيه سر الضحكة اللي من الودن للودن دي!؟

التفتت بكامل جسدها لـتقابله وتمتمت بـحماس وسعادة:

_ مبسوطه ليهم اووي! هبه تستحق تفرح بعد كل التعب اللي قابلته وكمان ثائر بيحبها ودا باين اووي

ابتسم هو الآخر لسعادتها الطاغية وغزت أصابعه تحتضن أناملها الرقيقة وهمس بـعشق:

_ أنا بحبك أكتر!

خفضت رأسها بخجل وهمست بـحب:

_ عارفه

اصدر اعتراضًا من فمه على ردها المجازي المستفز وأشاح بوجهه عنها بـغـــضــــب طفولي بينما هتفت هي أمام إحدى المولات:

_ استنى هنااا

تمتم بـضيق مصطنع:

_ ليه انشاء آلَلَهّ؟

امسكت بـحقيبتها عنـ.ـد.ما توقفت السيارة وابتسمت بـحب مردفة:

_ محتاجه شوي لبس من هنا بقالي كتير مجبتش لبس!

أومأ لها بـصمت وسار خلفها متابعًا لحماستها الشـ.ـديدة وابتسم بـحب فمهما كبرت الانثى تظل طفلة تحتاج لـعناية كاملة واهتمام!

************************

خرجت «ورده» من المرحاض بخطى هادئة عنـ.ـد.ما رأته غافٍ على الفراش بـملابسه والتعب يفترس ملامحه الوسيمة فـلعنت ذلك الدواء الذي يضاعف إجهاده ويجبره على النوم كثيرًا!! اقتربت منه بـحذر تتلمس جبينه المعقود وانحنت طابعة قبلة خفيفة فوق جبهته والتفتت مبتعدة عنه ولكنه قبض على معصمها هامسًا بـنعاس:

_ طب لما تسرقي اسرقي بذمه مش بتسرقي من عيل صغير

ابتسمت بـحب لـمزحته وصعدت جانبه على الفراش وجلست مستندة بجسدها للخلف فـرفع هو رأسه يتوسد فخذها دافنًا وجهه بـبطنها بـتعب هامسًا:

_ خليني كدا شوي

ربتت بـحنان على كتفه وتلمست خصلاته السوداء بـعشق وانخفضت بـقبلة عاشقة عليها دون حديث!

ساد القليل من الصمت بينهم كلاهما تتقاطع أفكارهم نحو نقطه ما! أن يأخذه المـ.ـو.ت!! أيمكن أن يتركها وحيدة ثانية بين ازقة الطُرق الفارغة تبكي قهرًا على فراقه! أيمكن أن تلتاع بـمرارة الفُراق مجددًا!! بينما هو يتمنى من كل قلبه ألا يوافيه المـ.ـو.ت إلا وقد رضى الله عنه وهو أرضاه؛ يتمنى ألا يتسبب ذهابه ذات يوم بـكـ.ـسرتها فلا ذنب له إن كان الله يختبر كلاهما بـصبره وتحمله!

انحنت « ورده» تفتح أحد أدراج الكومود الملاصق للفراش تلتقط أدويته التي حان موعدها ورفعت كوب الماء أمامه هامسة بـنعومة وحب:

_ حبيبي... قوم خد علاجك

تنهد « براء» بتعب وأغمض عينيه سامحًا لدmعة وحيدة بالسير محو وجهتها للتنفيث عن قِلة حيلته ومرارة و.جـ.ـعه ونهض فاتحًا فمه يلتقط حبات الداوء التي تضعها أمام شفتيه ومن ثم المياه! كاد أن يختبئ عنها مجددًا ولكنها منعته ونهضت نحو خزانة الملابس متناولة ملابس للنوم وعادت إليه جالسة أمامه تفك أزرار قميصه الخفيف بهدوء وتلبسه التيشيرت القطني وتنهض متوجهة للخارج حتى يكمل بقية ثيابه وعادت بعد قليل حاملة كوب من الحليب الدافئ وساعدته أيضًا بـشربه كأنه صغيرها وليس زوجها وحبيبها!! انتهت من عنايتها به وجلست كما كانت لـيغوص هو بداخلها متمسكًا بكل دقيقة قربها منه مقبلًا معدتها يطلب من صغيرها الذي لم يكتمل أن يدعو الله له هو الآخر أن يُشفى وتنتهي آلالامه!!

كانت تعلم كل أفكاره التي تتقابل مع خاصتها فشـ.ـددت من ضمها لرأسه وهمست بحب:

_ إنشاء الله كله هيبقى بخير وينتهي يا روحي

هز رأسه بموافقة وتمني والنوم يُثقل جفناه ساحبًا إياه لـراحة لحظية من أوجاعه الجسدية والنفسية

************************
بحثت « أثير» عنه بـضجر بكل مكان تتوقع وجوده به ولكنه كـقشة بـبحر اختفى!! تنهدت بـغـــضــــب وتوجهت للداخل وما كادت أن تدلف لـقياس ملابسها حتى لمحت طيفه وهرولت بغـــضــــبها الذي تضاعف وخاصة عنـ.ـد.ما وجدته بقسم الملابس النسائية الخاصة!!! أخفت وجهها من أفعاله الوقحة ونظراته الجريئة التي يرمقها بها وتوقفت أمامه هاتفة من بين أسنانها:

_ فهمني بتعمل إيه هنا وأنا بدور عليك زي الهبله بقالي ساعه!!!

أعطاها «راكـان» قُبلة خبيثة بالهواء مع نظراته الوقحة للملابس من أمامهم وهمس بعبث:

_ بصراحه ملقتش مكان طراوه زي هنا ومفتوح من كل مكان حتى المقفول شفاف!!

تخبطت وجنتيها بحمرة شـ.ـديدة وغزَ الخجل جسدها بأكمله عنـ.ـد.ما توصلت لـمخزي كلمـ.ـا.ته عن الملابس فـهتفت بـحدة:

_ ملكش دعوه بالزفت المفتوح والمقفول واتفضل يلا عشان نمشي!!

تجاهل غـــضــــبها واقترب من قميصٍ فضي عاري الكتفين والظهر يصل طوله بالكاد لما قبل الركبة بـفتحة تبرز مقدmة الصدر ورفعه أمام عينيها بـلا خجل وتمتم بوقاحة:

_ طول عمري والفضي غالبني ومفضي وقتي وتاعبني إيه رأيك يا هانم!!

عن أي رأيي يتحدث وهي تكاد تمـ.ـو.ت خجلًا وتتمنى الذوبان الآن!! أمسكت القميص من يده وأعادته لـموضعه ورفعت اصبعها بوجهه بـتحذير وهتفت:

_ عارف لو ملمتش وقاحتك اللي ماشي تبعترها دي صدقني هخليك مش عارف تلم نفسك حتى!!!

غمزها «راكـان» بعينيه واقترب منها حتى لفحت أنفاسه وجهها وهمس بـوقاحة:

_ وأنا جاهز والله ومتبرع!!

************************

سارت بـجانبه وقلبها ينبض بقوة لكن ليس خــــوفًا أو قلقًا تلك المرة بل سعادة ونشوة من وجوده!! أصبحت زوجته وجانبه ولا تتمنى أكثر من ذلك! احتضنت ذراعه القريبة منها ومالت برأسها على كتفه عنـ.ـد.ما دلفت السيارة وهمستت بـحب:

_ أنا لسه مش مصدقه!

تصنع «ثائر»التفكير لعدة لحظات وهتف بعدها بمكر:

_والله هو في طريقه تصدقي وأنا همـ.ـو.ت واعملها بس بقول نخليها بعد الفرح!

فهمت مخزى حديثه فابتعدت عنه بـخجل وهمست:

_افتكرت محترم علفكرا

رطب « ثائر» شفتيه بـحركة درامية وتمتم بـوقاحة:

_ والله أنا مؤدب وزي الفل مع الكل إلا أنتِ!

عضت على شفتيها بـتـ.ـو.تر من تلك المشاعر ابتي تختبرها للمرة الأولى وهمست بنعومة:

_ هو إحنا هنعمل فرح!؟

هتف « ثائر» بلا تردد:
_ دا سؤال ولا جواب؟

أجابته بحب:

_ هتفرق؟!

ناظرها بـعشق واحتضن كفها وهمس بـصدق وقوة:

_ لا بس الاتنين واحد لأنه لو جواب يبقى مفيش كلام فيه بس لو سؤال يبقى الإجابه ايوه طبعًا، يعني بذمتك حد يبقى معاه قمر واتعـ.ـذ.ب واتمرمط على ما وصله كدا وميعملش فرح!!

أدmعت عينيها تأثرًا بما قال ولكنها تمتمت بهمس:

_ بس أنا مش عاوزه
أخبرني هل ستظل دليليِ!
أجيبني هل سـتبقى سَبيلي!
حادثني هل دومًا سـتكون مُعيني!
هل يومًا سـتهجرني بين ظُلمـ.ـا.ت فؤادي!
أدومًا سـتكون قبضتك بـقوتها تحتوي ضعف أناملي المرتجفة!
ناظرني واهمس بـدفء ألقلبي الواهن نصيبًا من الراحة بـقربك!
دائمًا سـتراني إن احتاجتني واجتاحتك رغبة بـرؤيتي ولكن ألروحي ذات المطلب منكَ!

سارت بـجانبه وقلبها ينبض بقوة لكن ليس خــــوفًا أو قلقًا تلك المرة بل سعادة ونشوة من وجوده!! أصبحت زوجته وجانبه ولا تتمنى أكثر من ذلك! احتضنت ذراعه القريبة منها ومالت برأسها على كتفه عنـ.ـد.ما دلفت السيارة وهمست بـحب:

_ أنا لسه مش مصدقه!

تصنع «ثائر»التفكير لعدة لحظات وهتف بعدها بمكر:

_والله هو في طريقه تصدقي وأنا همـ.ـو.ت واعملها بس بقول نخليها بعد الفرح!

فهمت مخزى حديثه فابتعدت عنه بـخجل وهمست:

_افتكرت محترم علفكرا

رطب « ثائر» شفتيه بـحركة درامية وتمتم بـوقاحة:

_ والله أنا مؤدب وزي الفل مع الكل إلا أنتِ!

عضت على شفتيها بـتـ.ـو.تر من تلك المشاعر ابتي تختبرها للمرة الأولى وهمست بنعومة:

_ هو إحنا هنعمل فرح!؟

هتف « ثائر» بلا تردد:

_ دا سؤال ولا جواب؟

أجابته بحب:

_ هتفرق؟!

ناظرها بـعشق واحتضن كفها وهمس بـصدق وقوة:

_ لا بس الاتنين واحد لأنه لو جواب يبقى مفيش كلام فيه بس لو سؤال يبقى الإجابه ايوه طبعًا، يعني بذمتك حد يبقى معاه قمر واتعـ.ـذ.ب واتمرمط على ما وصله كدا وميعملش فرح!!

أدmعت عينيها تأثرًا بما قال ولكنها تمتمت بهمس:

_ بس أنا مش عاوزه!

أنزل يديه من على المقود بـتعجب من حديثها الذي لـم يصدmه كثيرًا فهو توقعه!، بحثت يداه عن كفها المرتجف واحتواه بـحب وانشق ثِغره عن بـسمة دافئة وحانية وهمس بـحب:

_ وإيه يمنع الفرح؟ ليه مش عاوزه تفرحي زي البنات وتلبسي فستان أبيض وتضحكي من قلبك؟ إيه المانع إنك تسيبي قلبك يا عيوني

وحدت سبيلها الوحيد هو الضغط على كفه وكأنه جسدها وكم تتمنى ذلك حقًا أن تختبئ داخل ذراعيه، أعطت جفنيها راحة لحظية لـيمنعا دmـ.ـو.عها من الانهمار وهمست بعد فتحهم:

_ مش حابه الفرح، كفايه عليا إنك معايا وخلاص، مليش في جو الأفراح والدوشه دي

ضيق عينيه بـتوجس ومط شفتيه بـعدm اقتناع من حديثها الغير مألوف له ولكنه هز رأسه بـتفهم وربت فوق يديها وتمتم بـحب:

_ اللي عوزاه ديمًا هيكون يا حبيبتي

ابتسمت باتساع لـحبه الذي لا يترك فرصة إلا ويجهر به لها بل وللجميع من حولهم ولا يخجل من البوح به واجتاح قلبها بهجة ورضا عما عوضها الله به وتلاقت نظراتهم لـوقت ليس بـقصير كلًا يقص حكايته التي أدخرها بـغموضها عن الآخر وداخلهم عزيمة قوية للكشف عنها ووضعها بين ثناياهم، لمعت نظراتهم بـعشق لاز معركته وها هي غنائمه من المعركة التي ضحى بالكثير للفوز بها! هي وبسمتها ووجودها وعبقها الآخاذ!!

أخفض رأسه لـيلثم باطن كفيها معًا بـقبلة مطولة بَث بها امتنانه لـقلبها وعشقه الجارف لـروحها الطيبة التي جذبته بـقوة نحوها دون محاولاتٍ منها، وجهه نظره للطريق وقاد السيارة بـسعادة بعد مدة طويلة كان يتخذها مسكنًا لأوجاعه وصمته والبُعد عن العالم الذي لا يضمها معه، بعد مدة توقف أمام بنايته ودار بـنظراته لها مردفًا بـحزم:

_ دلوقتي هنطلع نسلم على ماما ورؤى عشان وحشتيهم ونرجع على بيتك تجيبي رحمه وحاجتك وترجعي شقتنا يا هبه

وزعت نظراتها بينه وبين الطريق الفارغ رغم أنها لم تتجاوز الثامنة وتمتمت بـبسمة متـ.ـو.ترة:

_ اللي تشوفه أنا معاك فيه

هز رأسه بـنفيٍ قاطع وغمغم بـحنان وصدق:

_ مفيش حاجه اسمها اللي تشوفه أنا بأخذ رأيك واللي أنتِ عوزاه هيمشي

ابتسمت له بـحب وترجلت من مقعدها وهو كذلك، اقترب منها مشابكًا أصابعهم معًا كرفضٍ صريح لأي مسافة ولو بسيطة بينهم! ابتسمت هي لـفعلته البسيطة ودلفت معه بـقلبٍ مطمئن

************************
تركته بـغـــضــــب ونيران هوجاء تشتعل داخلها من أفعاله الوقحة التي لا تنتهي وكأنه بئرٍ عميق يصدmها كل يومٍ بـما داخله لـدرجة تصيبها بسكتة قلبية من الممكن أن تودي بها!!، دارت حول نفسها بـحلقة مغلقة وهي تنتظر خروجه من المول التجاري كـلبؤة شرسة تنظم خطتها للنيل من فريستها والهجوم عليها!! ألــم يرى نظرات الفتيات بالداخل تلتهمه بل وكادوا يُلقون بأنفسهم عليه والتقرب منه!! هي الآن ليست بين اجتباء الإطاحة به للتنفيث عن غـــضــــبها أو الصياح به حتى تهدأ! كلاهما محتوم النتيجة!! عضت على سبابتها بـغـ.ـيظ من تأخره وعزمت أمرها على الدخول وجذبه بقوة وإخبـ.ـار تلك الراقصات بالداخل أنه زوجها وحبيبها وهي الوحيدة صاحبة الحق بالنظر إليه والتمعن به!! التفتت خطواتها للداخل ولكنها على حين غرة اصدmت به وهو يطالعها ببسمته البـ.ـاردة التي باتت إسلوبه في الفترة الأخيرة!!

لم تبتعد بل سارعت بإمساك كفه وجره خلفها للداخل السيارة وجسدها ينتفض غـــضــــبًا وداخلها ينازل البكاء بـقوة للتخفيف عنها ولكنها أبت الاستماع له وصعدت مُبدلة الأمكان لتتولى القيادة تحت نظراته الهادئة والمستمتعه!!

بعد مدة وصلا للبيت وصعدت هي كـقطارٍ فقد زمام السرعة وأصبح يجول بلا قيادة يطيح بما أمامه ودلفت غرفتهم مغلقة الباب خلفها بـقسوة تحت نظراته الصامتة وشاركه إياها الصغير!! عقد «حمزه» حاجبيه بـتعجب ومسح على وجهه من تكرار نوبات غـــضــــبها الملحوظ وهمس بخفوت لوالده:

_ نيلت إيه المرة دي يا بابا

ضحك «راكـان» بتهكم لـما قاله صغيره وانحنى لـيصل لطوله وهمس:

_ وإيه لازمتها بابا بقا يا ابن ماما!

هز الصغير كتفيه بـلا فائدة وتمتم بـلامبالاة:

_ كلها ألقاب، خلينا في موضوعنا عملت فيها إيه عشان فاضل ليها تكه وتبلعنا كدا؟

ابتسم « راكـان» بـزهو وشرع في قص ما حدث بـتفاخر على صغيره الذي ناظره بـحسرة وتمتم بـكـبـــــريـاء:

_ شوفلك أوضه غير أوضتي تنام فيها الليلة ولو ملقتش عندك البلكونه شِرحه وبرحه وترد الروح حتى الجو حر وهتساعدك!!

ابتلع « راكـان» لعابه المتوجس من مخزى حديث الصغير الذي يعلمه وتمتم بنفي وكـبـــــريـاء ناهضًا متوجهًا لـزوجته الحبيبة:

_ أنا مبشحتش يا واد أنتَ مراتي متقدرش تبات ليله بعيد عن حـ.ـضـ.ـني حتى شوف

بدأ في الطرق بـخفة حتى لا تصب جُم غـــضــــبها منه عليه وتمتم بـمهادنة وتوجس:

_ أثير حبيبتي افتحي الباب عشان نتكلم

لم يأتيه ردها فـسارع بـالحديث بـنبرة أعلى:

_ أثير افتحي عشان تعبان وعاوز أنام وأغير لبسي

التف لـ « حمزه» الماثل أمامه يمنع ضحكته الساخرة وهز كتفيه بحسرة وتمتم:

_ طِلعت بتقدر عادي!

التف بكامل جسده لـيطرق على الباب عنـ.ـد.ما فاجأته بفتحها له وإلقاء ثياب نومه بـوجهه هاتفة بـتحدي وغـــضــــب وعينيها تلمع بها شرارات الثأر:

_ أدي هدوم نومك وإياك ثم إياك أيدك تفكر تقرب من الباب دا تاني لا الليله ولا بعد كدا يا بتاع المفتوح والشفاف

أغلقت الباب بـوجهه بـحدة كادت تقــ,تــلعه ولفح هواء غـــضــــبها صفحات وجهه المصدومة من شراستها معه واستمع لـحديثها من الداخل:

_ رجـ.ـا.لة تقصر العمر كدا!!!

ابتسم بـبلاهة وحك ذقنة النامية وحول نظره لـصغيره الذي انسحب بـتروي لـغرفته وما كاد أن يحدثه حتى وجده يغلق باب غرفته بوجهه بـكـبـــــريـاء لا يليق سوى بطفلٍ مخادع وماكر مثله مما جعله يتساءل ما هي فعلته الشنعاء التي ارتكبها لـيصبح رَب البيت مُلقى بـثيابه على أريكة وحيدة بالخارج ورَبة البيت المصون وصغيره بداخل غرفهم ينعمون بفراشهم الوثير!!! هز رأسه بـسخرية مما وصل إليه حاله وتحرك لمكان نومه متذكرًا حاله قبل الزواج كيف كان الجميع يخشى الاقتراب منه بسبب غموضه ورزانته وتحكمه ولكن الآن!! أهذيه ضريبة الزواج!! انتبه لـلحقيبة الصغيرة بيده والتي هي أحد أسباب غـــضــــبها ولم تنتبه لها وابتسم بـعبث وهو يتخيلها عنـ.ـد.ما تراها يقسم أنها ستشعل به البيت وتحرقه حيًا وتمثل ببقايا جثته!!! حجب عن عقله جميع تلك التخيلات والأفكار وخطى نحو المرحاض ينعم بـحمامٍ بـ.ـارد يزيل عنه تشنجات جسده ويؤهله لـليلة فارغة منها ومن نعيم أحضانها التي بات يدmنها.....

*************************
بعد وقتٍ طويل قضته مع والدته التي ما إن رآتها حتى ابتهجت وضمتها لأحضانها بـحنانٍ جارف وشارفت على طعامها بنفسها متجاهلة أولادها وبين مزاح شقيقته اللطيفة التي أحبتها حقًا وكيف لا وهي كالنسيم يأتي عنـ.ـد.ما نكن بأمس الحاجة إليه لـيخفف قسوة الصيف ويُعدل برودة الشتاء! تلك الفتاة أوصلتها لبر الأمان وتركتها تخطو أولى خطواتها به للوصول لـراحتها، ابتسمت بسعادة عنـ.ـد.ما تذكرت نظراتهم المصدومة والسعيدة بـقرار زواجهم ودmـ.ـو.ع والفرحة التي غزت مقلتي والدته وكأنها حققت أسمى أمانيها بهذا العالم! انتبهت لوقوف السيارة ونزوله نحوها يفتح بابها وهبطت جانبه ببسمة حانية لبيتها! بعد مُدة من التـ.ـو.تر والسرعة انتهت من تجميع أشيائها هي وشقيقتها وخرجت وجدتهم يمزحان معًا لوهلة رأت طفلة ووالدها وليس زوجها وشقيقتها! اتسعت بسمتها ووقفت تراقبهم بـعينين تفيضان دmعًا وقلبًا أقسم ألا يدخر سعادة إلا ويقدmها لذلك الرجل الذي احتل كيانه وبدل حاله ووقف كـدرعًا حاميًا له، جففت دmـ.ـو.عها وخرجت لهم وأمسكت بيد « رحمه» وسارت جانبه حتى وصلا للسيارة...

***************************

القت « اثير» الهاتف بـضجر وجلست على الفراش تفكر كيف طاوعت غـــضــــبها وغيرتها وتركته للآن بلا طعام وأهدرت هذا اليوم الذي وفره هو للبقاء جانبها والتمتع بـأحضانها! زفرت بـضيق من فعلتها الطفولية ونهضت بـخفة تستحث الخُطى للخارج بعدmا دقت الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، خففت أنفاسها المتـ.ـو.ترة وبحثت عنه بأرجاء البيت بعدmا اطمأنت لنوم « حمزه» وتناوله طعامه الذي تركته له صباحًا، وقعت عينيها عليه مددًا على الاريكة رافعًا ذراعه يغطي عينها، اقتربت منه بـلهفة وانحنت تُشبع ظمأها من رؤيته أمامها بلا حواجز أو مشاحنات بينهم، دارت عينيها على ملامحه الهادئة بـشفتيه المُحددتين والجزء الظاهر من أنفه الحاد وتمنت رفع ذراعه وتقبيل جفنيه المُغلقين لـتَسب أغوار شوقها له، اتبعت رغبتها وسارت شفتيها لـتلثم وجنتيه بـحب وأسف ونهضت عائدة لـغرفتهم ولكن قبضته التي التفت حول خصرها جعلته تشهق بـفزع وجحظت عينيها بـخــــوف بينما نهض هو محتضنًا خصرها بين ذراعيه دافنًا وجهه بين طيات عنقها الناعم هامسًا بـصوتٍ يحمل بقايا النُعاس:

_ كنت عارف إني مش ههون عليكِ يا أثير هانم

اسندت رأسها على صدره مستقبلة قربه المحبب لها مستمتعة بـرَنة صوته الرجولي تدور بين ثنايا عقلها المتلهف له وهمست بـحب:

_ صحيتك؟

ساذجة حقًا وبلهاء ومهضومة تستحق الالتهام دون تردد بلطافتها الزائدة ونعومتها الجارفة التي تقطر منها!! ترددت بسمته بـعنقها مردفًا بـعشق:

_ مكنتش لسه عِرفت أنام كويس من غير حـ.ـضـ.ـنك

هزت رأسها بـموافقة والتفتت تقابل عيناه التي لا تشبع منهما وكأنهما نعيمًا خاصًا بها يـسحبها إليه، عرفت أناملها طريقها لـسوداويتيه تتحسسها بـرواية ورِقة بعثرت ثباته ورفعت الأدرينالين بـجسده لـصدر اعتراضًا بـشفتيه ابتسمت هي له وحاوطت عنقه مُرحبة بـسيل مشاعره التي تغمرها دومًا نحو ارضٍ مُبهجة وملونة بـعشقهم ومزينة بـرحاب شوقهم المُلتاع

****************************
إنها الثانية بعد منتصف الليل، لم يُجافيها النوم للآن رغم غيابه عنها الأيام السابقة بـسبب قلقها الزائد وحيرتها وها هي الآن من فرط سعادتها وفرحة مُضغتها يتهرب منها سلطان النوم لا بل يتراقص طربًا هو الآخر لـحصولها على سعادتها الجديدة بقرب قلبٍ عشقته بكل ذرة باقية بها، تقلبت في الفراش بـضجر من تبدد رغبتها في النوم ونهضت بـحماس نحو غرفة شقيقتها ولم تضع نقابها بل اكتفت بـحجابٍ يغطي شعرها مع عباءة بيتية مُريحة، خرجت للبلكونة المتصلة مع حجرتيهما ليقابلها الهواء المُنعش بـتياراته الخفيفة التي اسقطت حجابها فرفعته وابتسمت من جديد لـصفاء السماء رغم ظلمتها البادية للأعين، اختفت النجوم إلا من بعضها الاقوى والأشـ.ـد حرارة لـتتسع السُحب لهم وتبدأ دورتهم بتمويج الليل، اتسعت بسمتها عنـ.ـد.ما استمعت لـصوت فتح نافذته ولمعت بـندقيتيها بـلهيب العشق ملتفة له هامسة بـمشاكسة:

_ كنت واثقه إنك صاحي زيِ

عقد ذراعيه معًا وضحك بـمرح مجيبًا إياها بـهيام:

_وهيجي منين النوم طول ما القلب بيكي مشغول

أخفضت عينيها بخجل وشعرت بحرارة كلمـ.ـا.ته تهب بجسدها فغيرت مجرى الحديث متسائلة:

_ أنتَ محكتليش عن رؤى قبل كدا ولا شوفتها غير من فتره قصيره

علم أنها تغير مجرى الحديث فابتسم بـمرح وتمتم:

_ هتغاضى عن هروبك بس مش هجاوبك على السؤال دا دلوقتي ممكن!

هزت رأسها بتفهم وزاغت نظراتها نحو السماء مجددًا وغمغمت بـتعجب:
_ بيقولوا إن النجوم بتكون أشكال وأشخاص غابوا عننا من عالم تاني

أجابها بـهدوء ومرح لم يخلو من نبرته الملهوفة عليها:

_ اللي غابوا مهما طال غيابهم في قلوبنا النجوم سيبل نتخيلهم بيه او هدنه بنواسي نفسنا بيها، النجوم مدارات بتاخد كل واحد لمدار ناتج عن تفكيره، العقل بينسج محاولات وتخيلات يصبر الفُراق بيه

صمت يستجمع باطن نظراتها له وتحدث بنبرة رخيمة صادقة:

_ زي ما خدتني لـمدار عيونك وتوهت فيه

ألن يتوقف عن غزله الليله! لما يجبرها على الخجل والهروب منه؟ حروفه تعرف وجهتها الاصلية لفؤادها الذي يحترق شوقًا للغوص داخل أحضانه حتى تنتهي الخليقة، ضمت جسدها بيدها مع تنهيدة حارة وأبحرت بقزحيتيها للنجوم فكما يحتاج الليل للنجوم هي تحتاج إليه ولو بعد ألف عام!

أخرجها من شرودها صوته الحاني هامسًا:

_ منمتيش لي بقا يا حلوتي؟

هزت كتفيها بمعنى "لا" واستندت على الجِدار المواجه له وغمغمت بـمرح وخجل:

_ وطول ما القلب ليك عاشق ما يجوز ليه النوم

تهللت ملامحه الوسيمة التي انعكس ضوء القمر عليها ليظهر لوحة منحوتة لملامح رجل أُبدع خلقه ونُقشت ملامحه المُريحة وكأنه أرادها فكانت مثلما تخيل بل وأروع، فعل مثلها لتتسلط نظراتهم بينما حمحم بـضيق:

_ طب ادخلي نامي في الليله اللي نهايتها مش معديه دي عشان أنا شيطاني ابن كـ.ـلـ.ـب وا.طـ.ـي اصلًا!

ضحكت بـشـ.ـدة على حنقه وغـ.ـيظه المسترسل من ملامحه واعتدلت متوجهة للداخل وهمست بـمرح وحب:

_ تصبح على خير يا ثــائــر

تابعها حد دلفت وأغلقت النافذة بينما شخص هو ببصره في الفراغ متذكرًا لحظة مماثلة من عِدة أشهر وقفا بـنفس المكان وهي تطالبه بـذهابها والبُعد حتى يتجمعا بـرضا آلله رغم ضيقه وغـــضــــبه واقفها وصبر حتى لاقى ثمرة صبره الآن بها!!

*****************************

تحركت « ورده» نحو الطاولة لـتضع بقية الطعام وتوجهت لغرفتهم لتوقظه بعد نومه مبكرًا ليلة أمس، قابلت والدتها بطريقها فابتسمت لها بـتـ.ـو.تر وتخطها ولكنها أوقفتها بـصوتها الحنون مردفة:

_ عيونك دبلانه ليه يا بـ.ـنت بلال

عضت « ورده» على شفتيها تمنع دmـ.ـو.عها من النزول وهزت رأسها بنفي ولكن والدتها قاطعتها بـحزمٍ وثقه:

_ لو كدبتي على الكل عمرك ما هت عـ.ـر.في تكدبي على أمك، احكيلي مالك

جذبتها والدتها نحو غرفتها وأغلقت الباب وتوجهت للفراش وجلست جانبها هامسة بـحنانٍ وحب:

_ احكيلي يا ضي عيوني إيه تاعبك وسارق فرحتك

ألقت « ورده» بنفسها بين ذراعي والدتها وتمتمت بـحرقة ودmـ.ـو.عها توالت بـصمت:

_ خايفه يسيبني هو كمان، تعبه بيزيد كل يوم وجـ.ـسمه بيضعف، بيحارب ويقاوم بس بكدا بيقــ,تــل نفسه، هو خايف زي وأنا مش قادره اطمنه، أنا خايفه أفضل وحيدة يا ماما

ربتت والدتها على خصلاتها بـحنو واستمعت باهتمام لـكلمتها وهمست بـصدق:

_ جوزك بيحارب عشانك وعاوز يخف لأجل يكون جنبك، اقدارنا مكتوبه من قبل ما نتخلق أو نتعرف حتى ومهما زعلنا أو قاومنا مش هنغيرها ممكن نخفف البلاء بس مش هنمعنه عشان دي حكمة ربنا وواجب علينا نصبر ونحمده في كل وقت، ربنا سبحانه وتعالي بيقول " وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ* أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}." اصبري وادخري كل تعبك وتعبه دا عند رب كريم وصدقيني عمره ما هيخيب رجائك فيه

قبلتها كطفلة صغيرة وليست إمرأة تنتظر نطفتها الأولى وهمست بحب:

_ قومي صحي جوزك ببسمة حلوه وخليكي جنبه

اومأت لها وخرجت مجففة دmـ.ـو.عها بعد أن اثلجت كلمـ.ـا.تها قلبها وتوجهت له لـتجده قد استيقظ وشرع في تأدية صلاته، انتظرته حتى انتهى واقتربت مقبلة جبينه هامسة ببحة عاشقة:

_ تقبل الله يا حبيبي

جذبها « براء» لتجلس على قدmيه وأحاطها بذراعيه مستندًا بذقنه على رأسها مردفًا:

_ مِنا ومنكم يا عيوني، حشـ.ـتـ.ـيني و  يا وردتي

ابتسمت لـملكيته بها ودفنت نفسها بجسده أكثر كقطة تتمسح بصاحبها وهمست بـشوق:

_ وأنتَ أكتر يا روح وردتك وحياتها، أنا بحبك أوي يا براء، بحبك لدرجة تاعبه قلبي

أشارت موضع قلبها بـنظراتٍ متألــمة وعاشقة فـاقترب هو مقبلًا مكان إشارتها وهمس بـعشق أذابه قبلها:

_ مش أكتر مني يا نبضي، أنا مبقتش عارف اتنفس طول ما نفسك مش بيدفيني ويدعمني، حبك أناني يا وردة مبيرضاش بـجزء من القلب لا دا استهلك قلبي كله واستعمره

رفعت جسدها وقبلت تفاحة آدm خاصته بـعشق ونعومة حتى شعرت بتصلب جسده اسفلها وهمست بـرقة وصبابة جارفة:

_ حُبك متملك وعيونك مجره فريده من نوعها دوخت من أول نظره فيها ومش مستعدة أفوق منها

ابتلع باقي حديثها بـداخل فؤاده واقترب بشوقٍ يُخمد نيران روحه التي التهبت وتصاعدت بفضل كلمـ.ـا.ته الصادقة التي تهطل عليه تداوي أوجاعه وتخفف من جِراح وجدانه المحاوط لها، بادلته هي لهفته بـشغفٍ وسعادة سامحة له بالتغذي من رحيق حبها وإرواء ظمأه من ينابيع عشقها له

*************************

بعد اسبوع غاب عن عينيها وتصنعه الانشغال قبل أخذ إجازة لبداية زواجهم، جلست تفرك كفيها بتـ.ـو.تر وسط نظرات كلًا من « هبه» و « رؤى» الهادئتين عفوًا بل البـ.ـاردتين مثله!! عنـ.ـد.ما تهاتفه وهذا ليس من عادتها تجده كمن صُب عليه الاعمال وعنـ.ـد.ما تنتظر عودته يتهرب بتعبه طوال اليوم مما جعلها تتساءل هل نـ.ـد.م!! هل وعى لما فعل وقرر الانفصال عنها؟ أيرغب بتركها؟ ولكن هي رأت عشقها جليًا بقزحيتيه لما يبتعد الآن!!!!

تركتهم ودلفت غرفتها وسط صمتهم وعدm اهتمامهم بها مما جعلها تشتاق لـ « ورده» ولكنها تعلم فاليوم جلسة « براء» ويحتاجها أكثر منها بكثير، رمت بجسدها على الفراش بـتعب ونظرت للساعة التي تشير للثانية ظُهرًا وشقيقتها تمكث مع والدة « ثائر» الآن لا مانع بقسطٍ من الراحة، تهادت جفونها بـتثاقل وأغلقتهم تحت نظرات الماكرتين المـ.ـا.تبعتين لـغـــضــــبها المكبوت، صفقت « رؤى» بـمرح وهمست بحماس:

_ دلوقتي هبه نامت ورحمه عند ماما ومستحيل لو عملنا طبل جنبها تصحي يبقى إيه!!

تصنعت « أثير» التفكير لعدة لحظات وتخصرت مردفة بثقة:

_ تروحي تجيبي المُغلف وتطلعي علطول وتبعتي ليه رسالة عشان يطمن

لم تنتظر « رؤى» المزيد وهرولت لـغرفة شقيقها والبسمة عنوانها الأول وهي تتراقص بسعادة وعنج بينما الأخرى وقفت تتابع خلود رفيقتها للنوم بعدmا تأكدت من وضع حَبة منوم كاملة لها بقهوتها لتستسلم لسلطان النوم لتكتمل خطتهم!!

************************

السابعة مساءً شعرت « هبه» بثقلٍ هائل بـرأسها وفتحت عينيها بـضيق واستشعرت كثرة ملابسها فنهضت بـعدm توازن لـتشهق بـصدmة لانعكاس صورتها بالمرأة وهي تطالع ثوبها الأبيض الملامس لجسدها بـلطافة وخمارها المماثل له والذي بدأ يتعكر صفوه بسبب خطأ نومتها ومهلًا نقابًا أيضًا!! كانت كـجنية سُرقت من اساطير الأطفال لـتنير عالمنا الحقيقي بـطلتها الناعمة واحتشامها الكامل ومن خلفهم بسمتها الساحرة التي بدأت تشق ثغرها عنـ.ـد.ما رأته بـبذلته السوداء الأنيقة وقميصه ناصع البياض وربطة عنق سوداء تلائم حليته، أهذا الوسيم زوجها!!، مهلًا أتستحقه!! واقفًا مستندًا على حافة الباب بـجسده يتشرب أدق تفاصيلها بعينيه وهي للآن لا تفهم ما يجول حولها!! اقترب « ثائر» منها بخطى واثقة متناولًا كفها ورفعه لفمه ولثمه بقبلة عاشقة ونظرة مُهلكة منه متمتمًا بـصوتٍ أجش:

_ مُبـ.ـارك يا عروستي يا قمر

ما فهمته صحيح!! هل هي متوجهة لـعرسها!! ولكن كيف ارتدت كل ذلك ومن وفعلها!! ابتسم هو على تخبطها وقدm ذراعه لها لتتمسك به وهمس بالقرب من أذنها وهي يعدل من خِمارها:

_ متشغليش دmاغك هفهمك بعدين، دلوقتي انبسطي وافرحي بس، إحنا سوا

فعلت مثلما قال وها هي تجلس بـجانبه بالسيارة المتوجهة نحو قاعة عرسهم الذي رتبه وانهاه دون علمها!! ترجلت من مقعدها بـتـ.ـو.تر لـيساندها هو ويمسك بيدها ويسيرا للداخل ودهشتها تزداد عنـ.ـد.ما ترى الجميع!! وما تعنيه بالجميع تُعني حتى « ورده» وزوجها!!! والبسمة تزين أفواههم!! أكانت آخر من يعلم بعرسها!!! أشاحت بوجهها عنه عنـ.ـد.ما جلسا فهمس هو بـصوتٍ خافت عاشق:

_ لا القمر دا ميزعلش النهاردة ولا بعدين ولا أي يوم من هنا ورايح

لم تغـــضــــب أكثر من ذلك بل ابتسمت وهي تراه كمن حصل على جوهرته الثمينة ويرقص مع الجميع بـسعادة تقطر منه، استقبلت تهاني الجميع بسعادة وسرعان ما انتهت ليلتهم المليئة بالفرحة والتي طالت من وجهة نظرها ولكنها على عكس المتوقع لم تغـــضــــب أو تحـ.ـز.ن او تنفر بل كانت بقمة سعادتها وهي تراه أمامها وجانبها ولم يشعرها أنها أقل من أي فتاة مثلها!!

دلفت للبيت الذي مكثت به كثيرًا حتى حفظته عن ظهر قلب ولكنها تشعر أنها لأول مرة تدخله وعقلها قد نفى جميع ما حفظه وهي تراه قدد جدد جميع الأثاث بل وغير الكثير من ديكورات المنزل ليصبح كمملكة خاصة بهم ولا تختص بغيرهم!! تنهدت بـقلق عنـ.ـد.ما دخلت للغرفة وتركها هو حتى تأخذ حريتها ولكنها شعرت بتقيدها الشـ.ـديد الذي لا تعلم مصدره، استغفرت كثيرًا وشرعت بتغير ثيابها بملابس تصلح للصلاة وبداخلها الكثير من القلق فهي فلم تجهز ملابس لزواجها جلست مجددًا على الفراش تنتظر دخوله وما كذب حدثها ورأته يقدm عليها بـعدmا بدل ملابسه لأخرى بيتية مريحة، كادت أن تنهض وتحادثه فأوقفها بنظرة من عينيه وانحنى جالسًا أمام ركبتيها بـتعب وإرهاق واضعًا رأسه على قدmيها الملاصقتين للفراش، شعرت هي بعدm راحته لـتنزل على الأرض ويتوسط هو برأسه قدmيه وجسده يلامس الأرض ويهمس بـارهاق:

_ احكيلي كل اللي شاغلك يا هبه، محتاج ارتاح بصوتك

داعبت أناملها خصلاته ولم تُصدm من فعلته وشرعت في الحديث دون توقف:

_ مش عاوزه أخاف، مش عوزاك تنـ.ـد.م في يوم، كل خــــوفي إنك تنـ.ـد.م وأشوف النـ.ـد.م دي في عيونك، أنا جاهزه أكمل كل حاجه ناقصه بحبي بس مش هكون قادرة في يوم أواجه حـ.ـز.نك بسببي أو نـ.ـد.مك وإحساسك بالذنب إنك حبتني او اتجوزتني، عارفه إنك بتحبني ويمكن أكتر مني بس خــــوفي أكبر مني ومن حبي وحبك ومهما حصل عمره ما هيختفي بالسهولة دي

أزالت دmعة وحيدة تعثرت في طريقها من عينيها وتابعت بـحب:

_ هعوزك ديمًا تحـ.ـضـ.ـني وتقولي إنك جنبي، هحتاجك تطمني بإن كل حاجه هتكون بخير، هحتاج دعمك علطول، هقع كتير وهبقى في أمس الحاجه لقوتك عشان أقوم من جديد، مش هقدر أوعدك إني هتخلى عن خــــوفي أو ضعفي بس أوعدك إني هحاربه لحد ما حُبك يمحيه

هزت رأسها نافية عنـ.ـد.ما شعرت برغبتها بالبكاء وجذبت رأسه أكثر لتستمد القوة منها مع احتضان كفه وتابعت بخفوت مؤلم :

_ هتلاقيني ديمًا الحـ.ـضـ.ـن والملجأ اللي تحتاجه، هطمنك وهصونك، هخفف عنك وهحميك بعيوني بس متو.جـ.ـعنيش! متقهرش قلبي في يوم عشان مش هقدر المره دي أقوم حتى بيك!! أنا هنا ديمًا يا ثائر

نهض « ثائر» وجذب جسدها بـعناقٍ غير آدmي بالمرة ودفن وجهها المُبلل بالدmـ.ـو.ع لـموضع قلبه وأحاطها جيدّا وبدأ بتهدئتها كـطفلته الوحيدة وهمس بعد أن هدأ نحيبها:

_ والله قبل ما قلبي يفكر يجي عليكي هدوس عليه لأجلما شوف دmـ.ـو.عك في يوم بسببي يا حياة روحي وهِبة قلبي وروحي
السعادة: كَلمة مِن سَبعة أحرُف تُهب للجميع بلا أية استثناءات مع اختلاف طُرقها لكلٍ منا وهيئتها التي تُشعرنا بها، من رحمة الله علينا أن يُعطينا إياها بعد ليالٍ وأيام طال بها الحـ.ـز.ن حتى بات أنيسًا مُرحب به؛ تدور الحياة حول الحصول عليها بـجميع توابعها من الراحة والسَكينة والسلام ولكننا لا نعلم أنها مُقدرة مهما طال غيابها سيأتي يومًا وتشرق شمسًا هينة بـأشعتها، مُبهرة بـقوتها تزيل غُبـ.ـار اللحظات التي أخلفتها التعاسة

نهض « ثائر» وجذب جسدها بـعناقٍ غير آدmي بالمرة ودفن وجهها المُبلل بالدmـ.ـو.ع لـموضع قلبه وأحاطها جيدّا وبدأ بتهدئتها كـطفلته الوحيدة وهمس بعد أن هدأ نحيبها:

_ والله قبل ما قلبي يفكر يجي عليكي هدوس عليه لأجل ما أشوف دmـ.ـو.عك في يوم بسببي يا حياة روحي وهِبة قلبي وروحي

بادلته بـقوة مماثلة تتأمل تقاسم تلك الأفكار التي تزاحم عقلها وتمنعها من الشعور بالسعادة معه! قبضت أناملها على منامته بـخجل عنـ.ـد.ما انتبهت لـوضعهم، استشعر « ثائر» حرارة أنفاسها تلفح عنقه لـتُطيح بـقواعد صبره ورزانته وحمحم بـبسمة ملطفة عنـ.ـد.ما لاحظ ارتباكها الجلي:

_ مش هتخليني أصلي بيكِ؟

أيسألها عن حلمٍ طال تحقيقه؟ أحقًا ينتظر إجابتها التي تفوهت بها عينيها قبل جوفها؟ لم يسعفها لسانها للنطق وإنما احتضنت كفه بـخجل تحسه على النهوض وإقامتها للصلاة، وقفت خلفه بـقلبٍ من فرط الفرحة ظنته سيتوقف ولن تلومه! صدقًا لا لوم على قلبٍ ذاق حلاوة اللقاء بعد مرارة البُعد والجفاء، لاعِتاب ولا خِصام لـفؤادٍ أغدقه الشوق والحنين أعوامًا وها هو ينبض بـوتيرة لا تتتاسب مع عملة الآدmي...
وجدت شفتيها رُغمًا عنها تبتسم باتساع عنـ.ـد.ما وَقعت نَبرة صوته القوية والخَشنة والحانية تتلو آيات القرآن بـخشوعٍ وتأني كـداعية قضى عمره بين الإقامة والدعوة!! أهناك فِتنة بالرجـ.ـال أيضًا؟! أهم مِثل النساء يمتلكون الإغراء؟! هذا ما فكرت به بـغياهب عقلها الصغير عنـ.ـد.ما انتهوا من الصلاة وجلس قِبالتها يناظرها بـحنينٍ وشوق ينبعثان من حدقتيه البدعتين التي تتساءل هل يتغير لونهما بـتغير مزاجه وحالته!؟ فـهي تبدو لها الآن سوداء وأحيانًا تراها كـقدحين من القهوة الخالصة!! هذا الرجل سيصيبها بالجنون من فرط اكتشافه لا محالة!!

ابتسم « ثائر» وداخله يتراقص فرحة ورضا لـرؤيتها بين يدية لا حائل بينهم، عبثت ملامحه بـمكرٍ ودهاء لـشرودها الدائم بـملامحها والذي فضح شوقها المماثل لـشوقه وتمتم بـخبث:

_ ما كفاية نظرات وهمسات وندخل على العملي علطول!!

سقط فكها من حديثه الوقح الذي لم تتخيله منه مطلقًا وهزت رأسها عدة مرات تنفي تصديق أذنيها ما سمعته ورفرفت بأهدابها بـتـ.ـو.تر، فتحت فمها ثم أغلقته تنوي الحديث ولكنه رأف بها وليته لم يفعل وهمس بـعبث:

_ ما هو بصراحة مقدرش اشوف الإغراء دا كله واسكت دا حتى عيب في حقي!!

عن أي إغراء يتحدث ذلك الأعمى وهي ترتدي إسدال الصلاة ولم يرى شعرها للآن حقًا إن رأتها « وردة» لـأرسلت خُفها بـوجهها يترك بصمته الشهيرة لـتذكرها دومًا عنـ.ـد.ما تنوي ارتداء ملابس محتشمة لزوجها!! تناست وجوده ولم تشعر سوى بـهزة جانبها وكأنها على فراشٍ وثير!! مهلًا!! هي حقًا على الفراش وهو جانبها يطالعها بنظراته التي لا ترحمها ولكن السؤال كيف أتت لهنا وأين كان عقلها اللعين عنـ.ـد.ما أتت!!! الإجابة أتتها متغنجة من بين شفتيه مع بسمة خبيثة:

_ لقيتك سرحانه فيا كالعادة فقولت استغل الفرص، أصلي استغلالي أووي في الحاجات دي

تبع حديثه بـغمزها وقحة واقترب منها أكثر وسط ترددها وبداخلها تلعن قلبها الذي أوقعها بالحب ولا تعلم لما كل هذا الخــــوف!! هي واثقة به كـما لو كان نفسها ولكن خــــوفها هو الأكبر من بينهم!! تلكأت الكلمـ.ـا.ت بـجوفها ولكنها خرجت على أي حال هامسة:

_ أنا جعانة

ناظرها « ثائر» بـمعنى " حقًا"!! وتابع اقترابه منها متمتمًا بسخرية:

_ يشيخه فكرت القطة أكلت لسانك من قِلة الكلام

انفرج ثغرها عن بسمة خفيفة وأمام نظراته العابثة وجدت ضحكاتها يتردد صداها بالغرفة من حولهم وهو يتابعها بـهيامٍ وعشقٍ كأن أسمى آمانية تتجسد أمامه حية، يعلم أنها خائفة وللحق هو بذاته خائف عليها من نفسه التي تشتاقها حد النخاع، لها كل الحق بذلك القلق، تنهد بـمرح ورفع أصابعه لـتعبث بـحجابها لـيفك عقدة ويتمتم بـغـ.ـيظ:

_ يعني أنا دافع ومكلف فرح وشقه وفستان ومفاجأة وخطة وفي الآخر ألاقي إسدال وطرحة سودااا!!!

تهكم بـمرح على نفسه وغمغم بـمزاح:

_ أنتِ عليكي طار أو ندر! قوليلي أنا في مقام جوزك بردو!

ضحكت « هبه» بـقوة على مزاحه الجديد عليها وراحت تتأمله بـعشق وعينيها تطوف على ثائر ملامحه الوسيمة بداية من خصلاته الناعمة التي تلامس جبهته بـحميمية شـ.ـديدة ومرورًا بعينيه وأنفه الشامخ وشفتيه الحادتين وللحق وجدت داخلها دافع يأمرها بمبادرة تقبيله!! نهرت نفسها بشـ.ـدة وابتلعت لعابها بتوجس وغمغمت بـغـ.ـيظ:

_ بقولك أنا جعانه يا ثائر

اللعنة على ما يدور بـعقل « ثائر» الآن وهي تتأمله كـغريقٍ وجد ضالته ونجاته وعينيها ترسل له دعوة خاصة بالاقتراب دون تردد ولكنه لن يجازف بـتخويفها منه مهما بلغ عشقه لها لن يقترب دون رغبة وإرادة منها..

ولكن لا مانع من هدنة بسيطة أليس كذلك أيها العاشق المُلتاع! وقد كان رفع جسده يحيط جسدها بين ذراعيه بـحنانٍ جارف وسط نظراتها المترددة واقترب بـشـ.ـدة يأخذ قسطًا من الراحة بـقربها وينهل من نعيم وجودها جانبه ويروى شوق أيامه الماضية لها دون اعتراضٍ منها!! بل ارتفعت وتيرة أنفاسه عنـ.ـد.ما أحاطت عنقه بـكفيها الصغيرين وسقط حجابها لتتمرد خصلاتها الناعمة وتصدت بسمتها الخجولة شفتيه، ابتعد عنها على مضدّ وسحب شهيقًا طويل وزفره مع تنهيدة حارة من بين شفتيه مستندًا جسده على الفراش ومعتدلًا بجلسته جاذبًا رأسها تتوسط صدره بـأريحة شـ.ـديدة مغمضًا عينيه بـراحة لم يألفها طيلة أيامه، طبع قبلة ممتنة وراضية بل ومُنتشية على خصلاتها التي تنفس سلامه النفسي بـقربها وعمس بـعشقٍ صادق:

_ عمري ما هجبرك على حاجه ولا أنتِ مضطره تيجي على نفسك عشاني، أنا عارف إنك خايفه ومتـ.ـو.تره بس صدقيني أنا راضي بقربك مهما كان شكله وهفضل صابر ولو العمر كله يا هبه، مستحيل في يوم هاجي عليكِ أو أجـ.ـر.حك!

أغمضت عينيها وراحة غريبة دبت بـسائر جسدها بعدmا ظهر تصلب عضلاتها جليًا إليه وهذا ما دفعه للإبتعاد عنها يترك لها مساحة كافية، لفت ذراعيها بإحكام حول جسده تضمه إليها لتعبر عن امتنانها وحبها الخالص له هامسة بـحشرجة طفيفة:

_ مهما اتكلمت أو قولت عمري ما هعرف أوصفك يا ثائر، أنا محظوظه إنك بتحبني كل الحب دا، شكرًا لكل حاجه عملتها ولسه بتعملها عشاني، شكرًا لوجودك ودعمك ليا وثقتك فيا، شكرًا أووي

ربت بـحب على خصلاتها واغمض عينيه يستدعي النوم ولكن عينيه أبت النوم قبل مطالعتها والتصديق أنها بجواره فعادت لتبزخ من مقلتيه واردف بـعشق لن يقل يومًا بل سيتضاعف:

_ عاوزك بس تطمني! أنا جنبك ومهما حصل هفضل جانبك وفي ضهرك وهدعمك، اسمك بقا مربوط باسمي زي ما قلبك ربط قلبي بـحبه وروحك ضمتني، عاوزك جنبي يا هبه

حينها فرت دmعة وحيدة من عينيها شكرًا وامتنانًا لخالقها على تلك السعادة التي وهبها إياها دون حول ولا قوة منها، بقرب ذلك الرجل عرفت معنى القوة والصلابة والحنان بل والحب الذي يضعها به، دفنت وجهها بـصدره تخبر قلبها أن تلك الدقات التي تُنصت لها ما هي إلا نبضات من عشقت ومن أعاد إحياءك من جديد بـشخصية جديدة وبداية تستحق المحاربة....

************************

مضت الليلة سريعًا على الجميع وخصوصًا هي وهي تنتظر الغد على أحر من الجمر كـمظلومٍ ينتظر خبر براءته، سعادتها أمس لم تُضاهى وهي ترى رفيقتها تُزف على من تحب بـفرحة عارمة، تعوض الله أتٍ لا جدال فيه مهما طالت قسوة وغشاوة الأيام لن يحيل بينه وبين صاحبه حائل حقًا

تناولت تنهيدة من أعمق ما بداخلها من تـ.ـو.تر وخرجت من المرحاض المُلحق بـغرفته التي تمكث بها معه حتى تنتهي جرعته لليوم، مسحت على وجهها بـراحة عنـ.ـد.ما وصلت إليها ملامحه المُسترخية التي أوضحت تجلي الراحة عليه، تحركت لتجلس جانبه وسحبت كفه لتطبع قبلة حانية عليه وفتحته على مهلٍ وحاوطت شِطر وجهها به بـضعف هامسة:

_ الدكتور طمني وقالي إن العلاج استجابته عالية، عارفه إنك بتعاني بس عشان خاطري حاول المرة دي كمان، المشوار طويل أوي ومش عاوزه أكون لواحدي من غيرك، لو العالم كله جنبي هفصل وحيدة بدونك، أنتَ غير الكل يا براء، متخذلنيش وخليك جنبي

عاودت تقبيل كفه ووضعته بحنان على الفراش مُتبعة رأسها خلفه تتونس به من غياب عينيه وغيابه عن الواقع بنومه المتقطع ولكن ما لم تحسبه هو همسه الخافت باسمها ورفرفت أهدابه الكثيفة التي تحوي عينيه الساحرتين، تيقظت أعصابها لـصوته المتعب فرفعت رأسها تطالعه بقلق واضح بدده هو بـبسمة مطمئنة وتربية خفيفة على رأسها وغمغم بـمرح زائف:

_ يعني الواحد وهو نايم مش رحماه من صوتك

ابتسمت رغمًا عنها لمرحه الذي يدعيه لمساعدتها على الخروج من حـ.ـز.نها ومن الواضح أنه استمع لحديثها معه، تنهدت بـمرارة وتمتمت بـعبث منصطنع:

_ عشان تفضل فاكر إني وارك وراك مهما روحت ولا جيت أنا قدرك ونصيبك

تمتم « براء» بـتهكم وسـ.ـخرية:

_ عارف وهل يخفى القرد!

صححها تلقائيًا عنـ.ـد.ما رمقته بـنظرة غاضبة حانقة وتمتم:

_ هل يخفى القمر بردو يا روحي

هزت رأسها برضا وتفاخر ورفعت حاجبها بـكـبـــــريـاء مغمغمة:

_ ايوا كدا رجـ.ـاله متجيش غير بالسك...

برم « براء» شفتيه بـتهكم وطالعها بـتوجس:

_ وانتو حريم مفترية مبترحموش محدش بيعرف ياخد معاكوا حق ولا باطل

هزت « وردة» كتفيها ببراءة وأسبلت أهدابها بـلطف مزيف وهمست بدلال:

_ احنا!! دا احنا ملاااااااك....

تحدث مصححًا بـغـ.ـيظ:

_ هلاااااااك.... هلاااك يا روحي خدي بالك من تسقيط الحروف دا عشان بيعمل أزمة الأيام دي

أشربت بـعنقها ناحيته وضيقت عينيها بتحفز شـ.ـديد مردفة بتحذير:

_طب نام بقا بدل ما أقلب عليك وأعرفك الهلاك على أصوله

كتم « براء» ضحكته على مظهرها الغاضب وعينيها المحذرتين وعض شفتيه مردفًا:

_ أنا هالك فيك يا بطل يا حلو أنتَ

أين غـــضــــبها؟ وأين ضيقها؟ أكان هناك ما يغـ.ـيظها منه؟ هذه هي الأنثى تنجرف خلف معـ.ـذ.ب قلبها عنـ.ـد.ما يتعلق الأمر بالمغازلة والدلال!! نكست رأسها بخجل بينما صدحت ضحكاته هو حتى أدmعت عيناه من تبدل حالتها الشرسة المدافعة لتلك الهادئة، أين لسانها الذي يتعدى طولها بمراحل!! ابتلع ضحكاته عنـ.ـد.ما ناظرته بـغـ.ـيظ وهي تصك على أسنانها بعنف كـ.ـلـ.ـبؤة تنتظر نيل فريستها وهمست بـمدح وحب:

_ والله بحب أعصبك وأشوف تحويلك عشان بتبقي قمر وشبه الوردة في دلالها وغـــضــــبها

حسنًا سامحته بل وعفت عنه واقتربت مقبلة وجنتيه وسط بسمته واحتضانه لها بيده الواحدة وأغمضت عينيها مستندة على كفه مردفة بهمس ناعس:

_ نام شوي عشان ترتاح وتكمل الجرعة لسه اليوم طويل

ابتسم بحب عنـ.ـد.ما استمع لصوت انتظام انفاسها مع بقاء بسمتها الجميلة تزين وجهها النائم وتنفس براحة متذكرًا فرحتها عنـ.ـد.ما أخبرها بتغير الطبيب لموعد جرعته ليتثنى لهم حضور زفاف صديقتها « هبه» وهو في الحقيقة من طلب ذلك من الطبيب بل واصر عليه وحقًا يكفيه رؤية فرحتها بذلك وتهلل ملامحها التي أضاءت مع سماعها الخبر، تستحق كل السعادة والحب، القلب ضائع بلا وجهة عنـ.ـد.ما يتحيز الأمر لها يغلبه هيامه وعشقه لها فـيتحرك دون مناظرة أي عواقب أو نتائج

***********************

تحركت « أثير» بنعاس لغرفة الصغير « حمزه» النائم لتوقظه للذهاب للمدرسة وتعرف صعوبة تلك المهمة بل واستحالتها بعد تأخر نومهم أمس فبعد عودتهم من الزفاف ظل يلهو مع « رحمه» كثيرًا وعلى مضدّ تركها بعدmا أوضحت رغبتها في النوم، اقتربت من فراشه وجلست جانبه مغمضة عينيها التي تحمل بقايا النعاس وهزته بـرفق هاتفة باسمه عدة مرات ولم يستجب لها بل لم يتحرك قيد أنملة وهو يجثو على معدته ينعم بنومٍ هادئ وهي هنا تترك فراشها لأجله كم هو ماكر هذا الصغير! عضت على شفتيه بـغـ.ـيظ ونهضت تنوي جعل والدة يوقظه ولكن لفت انتباهها بلل وسادته أسفل رأسه فـانحنت تتفقدها باهتمام ولكن ما لم تتوقعه هو شحوب نلامح الصغير وغزارة عرقة الذي بلل وسادته وتناثر بوضوح على بقية أطرافه المخفية في الفراش!! وضعت يديها على جبهته تتفقد حرارته بـقلق وفزعت عنـ.ـد.ما استشعرت ارتفاع حرارته وهرولت للمرحاض تجهزه وعادت لـتحمله بين يديه بـحنانٍ واهتمام وهي تهمس باسمه بلوعة وقلق وبدأت عينيها بذرف العبرات عنـ.ـد.ما لم يستجب لمحاولاتها إفاقته وهمسها المترجي له!!

بعد فترة خرجت تسانده بعد عوته لوعيه بعد تحميمه بالماء البـ.ـارد وإعطاؤه بعد مخفضات الحرارة لحين وصول الطبيب الذي هاتفته قبل دخولها للمرحاض، بـعقلٍ شارد دثرته بالفراش وقبلت جبينه وتحركت ناحية زوجها لتوقظه تزمنًا مع وصول الطبيب لفحصه...

_ مفيش داعي للقلق دا مجرد نزلة برد والمدام اتصرفت صح ولحقت الوضع، دي أدوية مخفضة للحرارة ولاحتقان الزور بإذن الله بعدها هيبقى بخير

ودع « راكان» الطبيب وعاد ليجلس جانب صغيره النائم ويطمئن زوجته الشاردة، ابتسمت « أثير» بتـ.ـو.تر له ونهضت متعللة بـالذهاب لجامعتها التي لم تطأها قدmها منذ اشهر فقدت عددها!!

طالعها « راكان» بريبة من ملامحها المقتضبة التي رسمتها تخفي خلفها تـ.ـو.ترها وما اقلقه هو احتقان وجهها بـحمرة قانية وهي تنظر للصغير وتتبدل نظراتها للحـ.ـز.ن الخالص، لم يشأ اعتراض طريقها بعدmا غفى «حمزه» واتطمأنت عليه!!


قبضت على حقيبتها بـعنف تعبث بها عن بعض القوة للعدو نحو ما ينتظرها وداخلها متزعزع كمن فقد طريقه، نظرت حولها بريبة من ذلك المكان الذي تخطوه للمرة الثانية بفضل تلك المرأة ابتي سلبت سعادتها ذات يوم و.جـ.ـعلتها بـدائرة خالصة من الحـ.ـز.ن وها هي تترك أثر سُمها القـ.ـا.تل بين طيات حياتها من خلال الصغير الذي صدmها حقًا ما رأته به... هذا المكان كفيل بـسب اغواره القاسية بفؤادها النقي، المكان الذي يحاوط الجاني والمجني عليه ولا يعلم حقيقتهم سوى خالقهم فقط... إنه السـ.ـجـ.ـن ...

************************

سحبت « هبه» نفسها ببطء من بين ذراعيه وعينيها تلمع بـعشقٍ تتساءل هل سيقل يومًا؟ أم يتضاعف لـيغرقها به؟! توجهت للمطبخ بعد أداء فرضها وتغير ثيابها لـمنامة بيتية مُريحة قصيرة تصل لما بعد ركبتيها بـقليل وتركت لخصلاتها البنية العنان للتتمرد على طول ظهرها ووقفت تتمايل بدلالٍ وهي تدندن بعض الاغاني القديمة وتتحرك بـهمة ونشاط تنهي إعداد الفطور له بقلبٍ يثور بهجة وسعادة لا تسعه مطلقًا!!

_ صباح الجمال على اللي واخده العقل والبال

كان هذا صوته المتحشرج الناعس الذي صُب بـقوة بمضغتها التي دوت بها طبول المشاعر تُدق بلا هوادة أو توقف، التفتت له وبسمتها تعدو إليه وغمغمت بـرقة:

_ صباح الخير على اللي بوجوده طل الخير والسلام

ضحك « ثائر» باستمتاع لحديثها الذي أسعده كثيرًا واعتبره هدنة مقدmة منها تقدmها له وهو يدفن وجهه بـين خصلاتها الحريرية ويده تضم جسدها له سعيدًا بمبادرتها وتخليها عن تحفظها الزائد وهمس بـشجن:

_ والله السلام حل على أرضي بـاستعمارك ليه

مُهلك، فاتن، ساحر وخطير عليها من أين ينتقي كلمـ.ـا.ته التي يُعجز قلبها عن مجاراته والرد عليه فيكتفي بالخجل والتمتع بقربه وبغزله العاشق!! رفرفت بأهدابها عدة مرات في تـ.ـو.تر وهمست:

_ هحضر الفطار على ما تصلي وتاخد دوش

مط شفتيه بتتحسر وتمتم بـعبث:

_ لا أنا عاوز افطر الأول

تخصرت أمامه غير مراعية تصلب جسده من فعلتها التي جـ.ـسمت ثوبها ليحتضن جسدها أكثر تحت أنظاره الجائعة وكشف عن ما اخفاه من قدmيها ببذخ وتمتم بـعند:

_ لا مفيش فطار ولا كلام قبل ما تصلي

حُبًا بالله يا إمرأة كفاكِ دلالًا على فؤادي الضعيف فما أنا إلا صريع عشقكِ المُحرم وتمردكِ الشاسع فـلطفًا!! هز رأسه ينفض أفكاره التي لو راته لأوقعتها فاقدة للوعي وهمس بالقرب مت اذنيها:

_ مش ذنبي أن نومك خفيف وفوتي الفجر ومفكرة الناس كلها زيك يا حلوتي

أخرسها بل واسكت هواجس عقلها وابتلعت كلمتها ونكست رأسها بخجل لم يسمح لها هو به ورفع ذقنها متشربًا قُرب طلتها منه وهمس بـنبرة متوحشة بالمشاعر:

_ براحه على قلبي عشان هو استوى بما فيه الكفاية

ابتسمت « هبه» بشجاعة وخطت تجاهه أكثر رافعة يديها تحاوط عنقه بـدلالٍ ورقة هامسة:

_ حد قاله يتعب كدا!

ضيق « ثائر» عينيه من مخزى الحديث وغاص ببحور عينيها يستنتج الإجابة بنفسه وما كان منه إلا أنا انحنى ليحملها بين يديها خارجًا مت المطبخ وسط ضحكاتها الخجلة وتوعده لها، وضعها على الفراش بعناية كـرضيعٍ يخشى عليها واقترب حد تقاسموا الأنفاس وتناسجت الأرواح وأبحر عشقهم لينهل من رحيق قربها المرضي له ويبحث بذاته عن عشقها الذي تخبره به عينيها، ضم جسدها بقوة له يرغب بـدفنها داخله لـيستحيل للعالم رؤيتها وهو يهمس لها بـمدى شوقه وحبه الجارف له وهي تُرحب بـبساطة بما يقدmه دون اعتراض!!

***************************

فُتح الباب أمامها لـتظهر مصب أوجاعها وبئر مخاوفها ومنبع قلقها!! تظهر بجسدها الضعيف ووجهها الشاحب وشفتيها الجافتين؛ تجر أقدامها من يدفع خيبته وحسرته للحاق به متقدmة منها تجالسها بـهدوء وكأنها تتوقع زياراتها بل وتدري سبب قدومها، تأهبت ملامح « أثير» للقادm والتفت تواجهها واشتعلت عينيها بـتحفز لقــ,تــلها بأية لحظة وصاحت بـغـــضــــب:

_ أنتِ السبب صح!!؟ اللي في جـ.ـسمه دا بسببك!!!

ما كان من «ميار» سوى إماءة ضعيفة بالموافقة ونظرة نادmة بعدها أخرجت صوتها المتحشرج:

_ طمنيني عنه... هو بخير

أجابتها « أثير» بلا تردد بقسوة:

_ بخير عشان بعيد عنك، عشان ربنا رحمه منك ومن شرك وحقدك!!!

هزت « ميار» رأسها بتأكيد على حديثها الصحيح وشخصت عينيها بالفراغ تستذكر ما مر عليها من أيام قاست بها الهوان والذل وتقاسمت حسىرتها مع فلذة كبدها الوحيد وهمست بنـ.ـد.م:

_ لما سافرت من هنا كنت مقررة مرجعش، فوقت وعرفت إني ضيعت شرفي وحياتي في حياة شخص عمري ما هكون ولا حتى هامش فيها، حبيت راكان واتمنيته بس حكمة ربنا كانت أكبر مني ومن شري، كنت مسافرة لوجهه معرفهاش ولا مكان محدد لقتني على بلد غريبة بعادات أغرب ومعتقدات أقسى ومع الأيام انجرفت وراها وبقيت من ضمنها واتعايشت معاها وبقيت من أم لطفل لا يتعدى عمره شهور لـعاهرة بتتنقل من سرير راجـ.ـل للتاني بدون تفكير في نهايتها المهم توفر حياة لابنها!!!

رأت الاشمئزاز جليًا على ملامح مستمعتها فابتسمت بسخرية للقادm وأكملت:

_ اللي جاي هيخليكي تقرفي أكتر مني... مكنش هاممني غير أن ابني يبعد عن هنا وأوفر ليه حياة كويسه برا عشان متأكده إن راكان مش هيقبله لأنه مش أكتر من غلطه، نسيت حياتي هنا وبدأت بداية زبـ.ـا.لة في عالم بشع ضريبة وجودي فيه هو جـ.ـسمي، ومرت الأيام والسنين وحمزه كان مع مربيه جبتها ليه لما كمل 8 سنين، كانت لطيفه، جميلة، محترمه، حنينه وكل دا كان في الأول واتحول الطفل اللي مكنش بيبطل ضحك لواحد تاني ساكت، خايف، قلقان، علطول نايم، رافض يشوفني اتحول لاداة متعة لواحده مريـ.ـضة!!

تجلت الصدmة على ملامح « أثير» وفرغ فاهها عنـ.ـد.ما تابعت الأخرى:
_ كانت مريـ.ـضة ومتعتها الاطفال الصغيرة اللي تقدر تسيطر عليهم وتسمع منهم اللي هي عوزاه وبعد ما لقيت ابني بيضيع مني سألتها سبب تغيره وأنكرت واتهـ.ـر.بت مكنش قدامي غير إني ادور وراها لحد ما عرفت إن حمزه مش أول ضحية ليها بالعكس دا أول ضحية تطلع من تحت إيديها فيها الروح!!! وقتها شوفت جـ.ـسمه!! كله جروح وندبات قديمه وضـ.ـر.ب قديم ملحقش يخف وجديد لسه بيرسم المه وهو!! هو خايف والهلع معنى اللي شوفته عليه

تعلثمت حروفها وطغت مرارة ما رأت عليها وأكملت بعدmا توالت دmـ.ـو.عها:
_ دmرته بإيدي.... شوفته بيبكي من الو.جـ.ـع بعد ماهي مشيت وقتها عرفت مدى حقارتي ووساختي....شوفت كرهه ليا في عيونه.... هو ضحية زي ما أنا كنت.....

أوقفتها « أثير» عن الاستمرار وتبرئة نفسها ونهضت بـغـــضــــب عارم تدفعها بعنف بعدmا فقدت صبرها:

_ ضحية!!! أنتِ ضحية!!! حرمتي ابن من ابوه وحطمتيه وتقولي ضحية!!! كـ.ـسرتيه في الوقت اللي مفروض يشوف حلاوة الدنيا وتقولي ضحية!!! أنتِ واحدة أنانية مريـ.ـضة زيك زيها، أنا مش قادرة أوصفك ولا حتى ادعي عليكي، أنا بكرهك بحجم كل و.جـ.ـع هو شافه وكل صرخه خرجت منه، أنتِ شيطان ملوش ملة ولا دين.... ربنا ينتقم منك

_ أثير أنا عندي الإيدز

تصلبت قدmي « أثير» عن الحراك وهزت رأسها ترفض تصديقها ولكنها أكملت بـحسرة وحرقة:

_ ربنا بياخد حقه... مفيش كلام يبرر اللي ابني شافه بسببي بس وحياة راكان عندك متخلهوش يكرهني!! خليه لما يفتكرني يدعيلي ويضحك!!! قوليوا إني كنت بحبه وعملت كدا عشانه وصدقت شيطاني.... قوليلوا ماما بتحبك يا حمزه وسامحها وراكان ملوش ذنب في أي حاجه، خليه لما يفتكرني يدعيلي مش يكره حتى يشوف صورتي

لم يسعفها قلبها للمزيد فهرولت للخارج تلعن تسرعها الذي ات بها لهنا ولكن عنـ.ـد.ما رأت جسد الصغير الملئ بالندبات والجروح التي لم تطيب بعد طاف عقلها حول تلك المرأة لمعرفة الحقيقة الكاملة وليتها لم تأتِ بل ليتها لم ترى لتسمع وتري بشاعة ذلك العالم وقسوته على طفلٍ لم يتجاوز العاشرة بعد ويلقى كل ذلك العناء والحجود من قلوب البشر بل بالاصح منزوعين القلوب، هل كان العالم من البداية بكلذلك الجفاء والكره أم أن البشر هم من صنعوا منه ما عليه الآن!! أكانت بداية الخليقة بكل ذلك الألــم والبشاعة أم أن الانسان بـفطرته الجاحدة والبغيضة هو من بدلها!!!

****************************

اسبوعين من النعيم كانا حياتهما تسبح به، لا مكان للحـ.ـز.ن بعد الآن طالما هم جنبًا إلى جنب، جلست « هبه» بشرفة غرفتهم والتي كانت غرفتها بالسابق تنظر للطريق من أسفل وتطالع المارة وعلى وجهها بسمة عاشقة تستذكر لحظاتهم السعيدة وكم غلفها بعشقه ورفضه القاطع للابتعاد عنها حتى نزوله للعمل من أمس كان يرفضه ويصر على البقاء باحضانها، ضحكت بخجل وأخفت وجهها بين كفيها ودلفت للداخل تنوي تنفيذ ما وجهها عقلها له ولا سبيل للتوقف أو الابتعاد عن ذلك الأمر قبل انهاؤه، ربما تكون على خطأ ولكن يجب عليها بدأ حياة جديدة بعيدة عن قواقع الماضِ الأليم، انتهت من ارتداء ثيابها وخرجت من البيت بترقب وقلق وتحاول بث الطمأنينة داخله بانها لن تتأخر ستعود سريعًا قبل رجوعه من العمل ولن يكتشف الأمر، لقد عرفت مُسبقًا أنه هنا وهذا جزاؤه وقدره مت البداية ولن تستمع لقلبها وتشفق على رجلٍ مثله!! تحركت قدmيها للداخل تنظر بوجوه العابرين والجالسين منهم من كسى الحـ.ـز.ن قلبه ليظهر على محياه ومتهم من بلغت جرائمه حدًا يكفي لحرق العالم!! منهم من فقد نفسه والنهاية بين قضبانٍ حديدية تمنعه عن رؤية الشمس والدفء أسفل اشعتها ومنهم من تغلب على هواه ولكن لم يجابه ظلم البشر وأُلقى مظلومًا بين ظلمـ.ـا.ت السـ.ـجـ.ـن!!!!

تابعت تقدmه منها بفتور وقسوة حتى جلس على بُعدٍ مناسب وتمتم:

_ جايه تشمتي؟ ولا تواسي

أجابته بقوة:

_ الاتنين واحدة لناس بنحبهم والتانية لناس بنكرههم وأنتَ ملكش مكانه اصلاً عشان أحس نحيتك بأي واحدة منهم

ابصرها بـقوة وتمتم:

_ اومال إيه جابك يا هبه السـ.ـجـ.ـن لراجـ.ـل دmرك على حد نظراتك!

لعين، حقير، مريـ.ـض، وحاقد يعترف بتدmيره لها بل ويتفاخر بما اقترفه بحقها!! جحدته بقرف وتمتمت:

_ ليه؟! ليه عملت كل دا رغم إنك محبتنيش؟! ليه دmرتني بالشكل دا؟! ليييه

ابتسم بوحشية وصاح بتحفز:

_ عشان كنتي معايا واللي معايا ميروحش لغيري غير بمـ.ـو.تي، انا سبتك شهور طول ماكنتِ لواحدك بس أول ما قرب منك شوفتي بنفسك، اللي معايا دا حقي ومبسبش حقي حتى لو زهدته وهدفعك التمن غالي أنتِ وهو مش السـ.ـجـ.ـن اللي هيمنعني عنك أو عنه

تحكمت بأعصابها بصعوبة وادعت القوة مردفة:

_ بس أنا بقيت معاه! وأنت هنا بفضله!! وبسبب وساختك!!! عرفت قيمتك فين!!! شوفت رحمة ربنا بيا!!! شوفت انتقامه ليا!! رينا هيمنعك هو أكبر من جبروتك ومرضك وغلك

هز « فاضل» كتفه وتمتم ببساطة:

_ مش مهم دلوقت المهم إن صورتك قدامه هتفضل مكـ.ـسورة طول العمر حتى لو كدب عليكي بعكس كدا؟! بقيتي كـ.ـسر بالنسبة ليه!!

لو أخبرها قبل زواجها بل وقبل ذلك لوافقته وأيدته لكن الآن!! ابتسمت بـزهو وصاحت ب،ثقة:

_ دا بيعمله الناقصين المرضى اللي زيك!! اللي ملهومش لا غالي ولا عندهم ضمير ولا يعرفوا إن في حاجه اسمها نضافة وسماحة نفس!! بيعمل كدا اللي عاشوا طول حياتهم يستمدوا سعادتهم الكـ.ـد.ابة من و.جـ.ـع وكـ.ـسر الغير، عارف أنتَ عمرك ما هتتغير ولا قلبك هينضف هتفضل طول عمرك وسـ.ـخ!!! حقارتك عدت الحدود وجبروتك بس رحمة ربنا قريبة بيا وعدله هيجي وصدقني هتتمنى لحظة لو الزمن يرجع بيك تاني

لم يبدو عليه الانصات او الفهم او ربما التأثر بما قالته بل كان يعبث بثيابه وبعدmا انتهت عقد ذراعيه أمام صدره وتمتم:

_ هو أنتِ لسه عندك طولة بال للمحاضرات دي؟! يعني مزهقتيش؟! وبالنسبة للدكر بتاعك عارف إنك جاية تقابلي طليقك في السـ.ـجـ.ـن ولا....

قاطعته بصفعة بثت بها حقها وشياطينها التي تحوم حولها وأودعت غـــضــــبها وما ذرفته بسببه وللعجيب لم يبدو عليها الخــــوف او التردد من قسوة ملامحه وغـ.ـصـ.ـبه الذي استعره بل تحركت مبتعدة عنه واردفت بثقه:

_ جوزي دا راجـ.ـل واللي زيك أخرهم يبصوا ليه من بعيد ويتحسروا على الرجولة اللي مش عندهم، نهايتك قربت وافتكر كلامي مهما بلغ حجود القلب بيكون نذير للنهاية

غادرت وتركته خلفها غير مبالي بما قالت ولكن غـــضــــبه يتفاقم بسبب صفعتها له وحديثها عن زوجها بكل تلك الثقة والقوى التي لم يراها به من قبل بينما خرجت هي تتنفس الهواء النقي تاركة خلفها الماضِ بكل أوجاعه وظُلمته متعهدة ببداية لا مثيل لها لحياتها معه ولن يعكر صفو حياتهم أي شئ!! وولكن ما ينتظرها سيكون أكبر من أن تتوقعه فهي تصرفت كما أملاها عقلها ولم تحسب عواقب ذلك معه!!

***********************"*""

وصلت « أثير» البيت بعد وقتٍ طويل من السير الشارد ودلفت مباشرة لـغرفة « حمزه» تتفقده وقبلته بعدmا اطمأنت عنه وخرجت، سارت نحو غرفتها ترغب بالنوم قليلًا ليتوقف عقلها عن التفكير بكل ما استمعت له وخلق الاعذار لـ «ميار»!!! دلفت للغرفة وتوجهت للخزانة تخرج ملابسها ولكنها شهقت بـصدmة وعنف عنـ.ـد.ما وجدت « راكان» يجلس على المقعد المجاور للخزانة ينتظرها وملامحه لا تُفسر، تجاهلت وجوده مجبرة بسبب تعبها وتوجهت للمرحاض وبعد فترة خرجت نحو الفراش ولكن قبضته منعتها وهتف بها بقلق:

_ كنتِ فين ومالك تعبانه كدا لي

هزت رأسها نافية وفكت قبضته مربتة على كفه وهمست بـضعف:

_ كنت في الجامعه، مفيش مرهقة شوية بس هنام وهبقى تمام

يعلم أنها تكذب وكان ينوي مجاراتها ولكن تعبها ما دفع غـــضــــبه لينال منها ويصيح بحدة:
_ متكدبيش أنتِ مروحتيش الجامعه.. كنتي فين يا أثير

لن تخبره مهما فعل وهذا قرارها ولن تخبر أحد بل ستدفن ذلك السر باعمق روحها وتمضي نحو تطهير الصغير من دَنس والدته وتترك له الجزء الجيد عنها بذاكرته فقط!!

رفعت أنظارها له لترى غـــضــــبه ينهش ملامحه والقلق يتطاير من قزحيتيه وتمتمت بـوهن:

_ كنت عند وردة روحنا للدكتور عشان جوزها تعبان وهي معادها مع دكتور النسا النهاردة ومعرفتش اسيبها لواحدها

لم يبدو عليه الإقناع ولكنه أمام تعبها وافق على حديثها فتابعت هي تستغل الوضع مكملة بإرهاق:

_ معلش يا راكان أنا تعبانه شوي ممكن أنام ولما نقوم نتكلم؟!

هز رأسه موافقًا وتركها وغادر بينما هي بقت تنظر في أثره وتفكر في كذبتها التي اختلقتها لتنجو من ذلك البئر الذي وضعت ذاتها به ولا نجاة منه وسيظل ذلك السر يؤرق نومها كثيرًا تعلم، دmعت عينيها تأثرًا بحالة صغيرها وهرولت لغرفته تحتمي به من أفكارها القلقة عليها واحتضنت جسده النائم بين ذراعيها وعقلها يؤكد لها عدm تصديق زوجها لها ولكنها على أية حال استسلمت للنوم

***************************

وصلت « هبه» للبيت وما صدmها حقًا هو تواجد « ثائر» بانتظارها وأعصابها المقتضبة بل وملامحه الجـ.ـا.مدة تخبرها أن القادm ليس بجيد، تقدmت من جلسته تسأله بـتـ.ـو.تر:

_ وصلت امتى يا حبيبي؟

أبصرها « ثائر» بـجمود وتمتم بـبرود:

_ من شوي

تعجبت من برودة رده فتابعت بـمرح:

_ هغير وأحضرلك الغدا

رد عليها بـاقتضاب:

_ مليش نفس

ابتلعت لعابها من هول ما وصلت إليه أفكارها أن يكون له معرفة بذهابها لذلك المكان ولكنها تغاضت عن ذلك ووضعت ككفيها على كتفه بـحب وهي تدنو منه هامسة بمرح:

_ ليه بس يا حبيبي دا أنا حتى عملالك كل الأكل اللي بتحبه

نفض يدها عنه وكأنه يشمئز منها وابتعد متوجهًا لغرفته متمتمًا بغموض:

_ ويا ترى لحقتي تعمليه امتى قبل ما تروحي مشوارك!

زاغت أنظارها عنه وارتفع تـ.ـو.ترها من غموض كلمـ.ـا.ته التي تبطن معرفته وابتلعت لعابها الخائف متسائلة بـتوجس:

_ مشوار أيه أنا كنت في مدرسة رحمه عشان اجتماع أولياء الأمور

ضحك بشـ.ـدة حتى أدmعت عيناه على كذبتها المكشوفة فهي لا تعلم أن « رحمه» أخبرته قبلها وأخبرها أنه سيذهب ولا تقلق وبالفعل ذهب ولكنها لم تكن متواجدة بل ويعرف أين كانت ولكن ما يـ.ـؤ.لمه هو لما!! لما فعلت به هذا!! مهما كانت رغبتها تلك المرة لن يسامحها على فعلتها التي طـــعـــنته لها، لن ينساق خلف قلبه وينصت له وينسى فعلتها!! هي المته كثيرًا وهو لم يجرؤ على فعلها ولو لمرة لكن هنيئًا لها تلك المرة فـفؤاده أعلن عصيانه وغـــضــــبه منها.....
النهايات: بِضع أحرف تُرسم للختام وتبني بروجًا من الخطوات للمزيد من البدايات، ينتظرها الجميع بـفضولٍ مُريب لـعل الراحة تتخلل نهايته الحتمية! النهايات رغم قسوة وتعاسة بعضها إلا أن للرخاء والحب حيزًا عند البعض الآخر، على الجانب المُطمئن أن بـقدوم النهاية تنكشف زلات القلوب، قهر الأيام، ظُلمة الروح وأيضًا تُزيل سحابة الحـ.ـز.ن المتراكمة بـكثافة ترفض الإقلاع وكأنها مُستعمِر غاصب احتل الكيان ولا مجال لـتركه ولكن تأتي النهاية من بين جزيئات الدُجى لتعلن سقوط السِتار وخروج المارد من مصباحه وزوال القيود وهكذا هي النهايات.... مهما اختلفت تبقى نهاية!!

ثلاثة أيام من البرود، الأحاديث البسيطة المقتضبة، الوجوم، الصمت، التجاهل، الجفاء والكثير من النظرات الجـ.ـا.مدة التي لا تمت له بـصلة!! ليس هو ما عهدته طوال تلك الأشهر التي عرفته بها! ليس من أحبت ولكن ربما هو بـهيكله ولكن برودة قلبه صعقتها و.جـ.ـعلتها تحترق بـنيران النـ.ـد.م ويلتهمها الحـ.ـز.ن لما فعلته ولا تعرف هل حقًا أخطأت بتلك الطريقة وتستحق ما يفعله معها!؟ تشعر بالإختناق وأيضًا بـالحسرة فلم تَدُم سعادتها طويلًا وخيم الجفاء عليهم من جديد وكأن قدرها الوحيد والدائم هو الحـ.ـز.ن!! هناك ألــمًا خالص ووخزًا ثاقب يحفر بـمضغتها التي اسودت منذ هجر فراشهم وتبدل الدفء الذي كان بينهم لـصقيعٍ جليدي يُشبه قسوة شتاء ديسمبر! ليت الحب وقت الحـ.ـز.ن يُلين القلب ويُعطي هدنة للعاشق بـالسماح اللحظي حتى لا يبقى للبُعد إنشًا واحد! ليت قسوة الحب هينة.... نهضت من فراشها بـتثاقل ودلفت للمرحاض وبعد عدة دقائق تحركت للخارج بـقميصها البيتي المُريح عاري الكتفين بفتحة عنقه الواسعة تاركة شعرها يتمرد وتوجهت لصنع بعض القهوة لتخفف صداع رأسها الشـ.ـديد، كانت مُخفضة رأسها تسير بـشرود ولم تنتبه لوقوفه قبلها بالمطبخ، تلاقت نظراتهم للحظاتٍ قليلة هي بـنـ.ـد.مها وشوقها وخالص أسفها وهو بـخيبة أمله وعِتابه لها! جذب عينيه عنوة من بين نظراتها وتحرك ينوي الخروج فـمنعته هي بـجسدها صادّة رغبته وهمست بلا تفكير:

_ أنا اسفه وعارفه إني غلط إني كدبت عليك وخرجت من غير إذنك ورغبتك وخصوصًا إننا في أول أيام جوازنا بس كنت محتاجه اتكلم معاه، كنت محتاجه ابني حياتي معاك من غير قسوة الماضي اللي مالية قلبي، كنت محتاجة بداية نضيفة مفهاش و.جـ.ـع بسببه، أنا غلط واعتذرت

رفع نظراته الثاقبة لها التي تخفي ألــمه وحنينه لـضمها بين ذراعيه وجاهد نفسه لألا يفعلها ويدفن وجهه بين ثنايا عنقها الأبيض الذي اشتاقه حد الظمأ وتمتم بـعتب غاضب:

_ وأنا! مفكرتيش فيا؟! مخدتيش لحظة قبل ما تخرجي من البيت وتقولي رد فعلي هيبقى إيه؟! هزعل؟! هتو.جـ.ـع؟! مليش حق؟ مفكرتيش إنك على زمة راجـ.ـل مفروض يعرف إنك خارجه والادهى إنك راحه مكان مبيدخلوش غير الجاني وراحه لشخص مفروض لو بتحبيني قلبك كان يوجـ.ـعك عليا لما أعرف إنك روحتيله!! مفكرتيش في و.جـ.ـعي!!!

تهادت الدmـ.ـو.ع لـمقلتيها وهزت رأسها نافية بهستيريا ودفعت جسدها لـصدره وتمسكت بـتيشيرته هامسة بـألــم وحب:

_ فكرت والله ونـ.ـد.مانه بس قلبي كان محتاج يواجهه وأشوف حقي وربنا بينتقم ليا، كنت محتاجه اقفل كل الماضي بقرفه عشان ابني مستقبلي معاك، كنت محتاجه كدا يا ثائر عشان خــــوفي يروح، و.جـ.ـعك على عيني يا نور عيني والله ولو أطول أشيله عنك مش هتردد في كدا

لم يرفع يده التي تتمرد عليه وتبغي ضمها لأضلعه الني تحترق لملمس تواجدها جانبه وأغمض عينيه بـحـ.ـز.ن لحالتها وقسوته عليها ولكنه تألــم بشـ.ـدة من فعلتها التي أهانت وجـ.ـر.حت رجولته وكيانه ككل وأوقفته ضائعًا بين مسامحتها ودعمها كما كان دومًا وبين قسوته عليها لتتعلم والاختيار يتجسد الآن عنـ.ـد.ما أبعدها عنه وغلف الاقتضاب ملامحه وتمتم:

_ كل مره كنت بدعمك وبكون جنبك بس المرو دي اسف رجولتي متسمحش ولا كرامتي إن مراتي تروح لطليقها تزوره في السـ.ـجـ.ـن تحت أي مُسمى حتى ولو عشاني، خيبة أملي فيكي وو.جـ.ـعي المرة دي أكبر من كل مره ومش بإيدي هنسى وأكمل وكأن محصلش حاجه

سيول الدmـ.ـو.ع التي تهطل بلا توقف من عينيها كـبحيرة ظلت تنتظر فيضانها وقد آتَ وارتجاف جسدها مع تشبثها بـقبضتها على السطح الرخامي جانبها جعلته يخرج بـغـــضــــب صافعًا الباب خلفه دون النظر للمزيد من ضعفها أو انتظار كلمـ.ـا.تها مجددًا!! بينما وقفت هي تستند بقلة حيلة على جسدها ودلفت لغرفتها تنوي الانعزال بها كبقية الأيام السابقة تترك لدmـ.ـو.عها العنان تخفف بها حدة الأنين الصارخ بداخلها يدفعها لصفع ذاتها المتهورة وانجرافها وأنانيتها معه! هي اختارت ذاتها هذه المرة كسابقتها ولم تنظر لو.جـ.ـعه!! ومع كل مرة كان يحتويها ويبدد قلقها وخــــوفها وها هو قرر أن يُريها هذه المرة منبع أوجاعه ومصب صرخاته وندباته منها بـالقسوة التي تقطر من كل تفصيلة منه!!!!

مًهّمًآ بًلَغُ ألَمًيَ مًنِکْيَ
سِتٌظُلَيَنِ سِريَ آلَأعٌظُمً
وٌرفُيَقُيَتٌيَ آلأوٌحًدٍ
سِتٌظُلَيَنِ ظُلَيَ آلَدٍآئمً
وٌأنِيَسِﮯ آلَمًلَآزٍمً

عٌلَﮯ قُدٍر حًبًيَ سِـتٌقُآبًلَيَنِ عٌتٌآبًيَ!
سِتٌوٌآجّهّيَنِ صّمًتٌيَ!
سِتٌخِتٌبًريَنِ بًروٌدٍتٌيَ!
سِـتٌعٌيَشُيَنِ قُسِوٌتٌيَ!

ضجّيَجّ قُلَبًيَ مًآ هّوٌ إلَآ ثًوٌرةّ لَمًروٌر طِيَفُکْ!
مًضغُتٌيَ تٌصّرخِ ألَمًآ!
أحًقُآ کْآنِ آلَوٌجّعٌ وٌآلَخِذِلَآنِ مًنِهّآ!
أکْآنِ آلَأنِيَنِ وٌآلَخِيَبًةّ مًنِهّآ!
أهّيَ آلَدٍآء آلَآنِ!
أهّيَ آلَجّزٍء آلَمًفُقُوٌدٍ مًنِکْ!


••______________________________________••

صمت الأيام الماضية على تبدل حالها ومكوثها الدائم مع «حمزه» بل وتحججها به كلما بادر على الاقتراب منها وهروبها للنوم بغرفته وترك فراشهم بحديثها الواهي ولكن اليوم قرر الخروج عن صمته وجذبها عنوة لغرفتهم بعدmا نام الصغير وأغلق الباب وعاد للجلوس جانبها مترقبًا تهرب عينيها منه ومتسائلًا بـحدة طفيفة قلقة:

_ مش كفاية هروب وحِجج وتقوليلي في إيه وسبب تغيرك بقالك يومين؟

ابتسمت «أثير» بتـ.ـو.تر وفرك كفيها معًا مغمغمة بـاهتزاز:

_ تغير إيه يا حبيبي لا أنا بس من خــــوفي على حمزه ممكن أكون قلقت زيادة واهتمـ.ـيـ.ـت بيه ب تعبه ونسيتك شوي غـ.ـصـ.ـب عني

يبغض الكذب بكل أساليبه وها هي تكذب مجددًا ولا تعلم أنه يكشف تعلثمها وهمهم بـضيق وحدة مكملًا استجوابه لها:

_ مش عاوز كدب تاني وأظن كفاية صبرت عليكي يومين عشان تيجي تقوليلي مالك بس محصلش، مفيش خروج من الأوضة دي غير لما أعرف في إيه وكنتي فين من يومين ومتقوليش عند ورده عشان أنا كلمت براء وسألته قالي مفيش الكلام دا

جف حلقها من تلك المواجهة المغلقة الأبواب التي حُصِرت بها وليس أمامها سوى البوح بذاك السر الذي لو قُتلت لن تهمس به لذاتها ولو بالخفاء، نظرت لعينيه الحادة التي تُجزم أنها ترسل أسهم قـ.ـا.تلة لها وابتلعت لعابها وقررت خوض كذبة جديدة مردفة بهدوء تحسد عليه:

_ كنت عند دكتورة تغذية يا راكان

ظهر التعجب جليًا على محياه وهز رأسه بعدm تصديق فتابعت هي بـثقة كاذبة وهدوء:

_ قررت اعمل رچيم طالما أنتَ رافض العملية عشان أنا نفسي أخلف منك وأجيب اخ لحمزه بس يعني وتغيري اليومين اللي فاتوا عشان خايفة نظام الدايت ياخد غترة طويلة والحمل يتأخر أكتر من كدا

لن ينكر أن الراحة تسربت إليه بعد كلمـ.ـا.تها ولكن الشك اتخذ سبيله له ولا مجال للتراجع ولكنه استطاع قمعه وحاوط كتفيها بذراعيه ومال مقبلًا وجنتيها بـحب مردفًا:

_ أنتِ عجباني كدا وأنا بحبك وحبيتك كدا بس طالما دي رغبتك مش هقف قصادك بالعكس هدعمك ومش عشان الولاد أنا طبعًا سعادتي متتوصفش يوم ما تشيلي حته جواكي تجمعنا بس فرحتي الأكبر إن ارجع من شغلي أشوف ضحكتك وملامحك اللي بتدوبني دي وبعد يوم تعب اترمي في حـ.ـضـ.ـنك وبالنسبة للولاد دا رزق من ربنا مش هنستعجله لأن من استعجل الشيء قبل آوانه عُقب بحرمانه يا حبيبتي وكل شيء بأمر الله

أولجت الكذب والخِداع بحياتهم ولا مجال للتراجع فلتتحمل عواقبه، كلمـ.ـا.ته أذابت دmـ.ـو.عها المجمدة وأسقطتها بلا توقف فدفنت وجهها بكتفه تكتم صرخاتها التي تضوي داخلها وتمسكت به بقوة فربت هو بحنانٍ لم يقل يومًا على وجهها المُبتل وهمس بـصدق:

يمكن مش هتصدقيني وتفكريني بقول كلام وخلاص بس أنا مش عاوز ولاد غير منك ولا عاوز اسمع كلمة بابا غير من طفل تكوني أنتِ أمه، أنا مُكتفي بيكي عن العالم كله يا أثير، مش لاقيكي عند باب جامع عشان لمجرد ما تحصل مشكلة اجري وأفر وأسيبك، لا داانا حفيت وراكي لحد ما قلبي داب في عـ.ـذ.ابه الحلو منك وراضي بيه، خليكي واثقة في حكمة وعظمة ربنا وإن مهما طال الليل الشمس هتهل

هزت رأسها بموافقة على حديثه الذي فتح أعمق جروحها وتشبثت بـكفه ورفعته ببطء تلثمه بـحب وهمست بـحشرجة من كثرة دmـ.ـو.عها:

_ أنا لو فضلت أشكر ربنا واحمده عليك طول عمري مش هوفي حق لحظة فرح واحدة عشتها معاك، يمكن لسه في البداية بس أنا معاك وهصبر للنهاية وهرضى باللي ربنا مقدره لينا، قلبي ملوش مِلة معاك يا ضي العين، أنا ديمًا كنت محتاجة اطمن بس اطمن! وأنتَ جيت اديتني الحب والحنان والراحه وقبلهم كنت ديمًا بتطمني! تفتكر ددا مش كافيني وموفيني!! والله قلبي بيتنفس راحته في وجودك

بًحًثًتٌ بًـدٍآخِلَيَ عٌنِ مًکْآنِکْ
فُوٌجّدٍتٌکْ أبًدٍيَآ تٌرفُض آلَهّجّر
سِألَتٌ قُلَبًيَ عٌنِ حًآلَکْ
فُتٌفُآخِر مًردٍفُآ دٍوٌآء آلَروٌحً
تٌلَفُظُتٌکْ بًـهّمًسِيَ آلَنِآعٌمً
فُـأجّآبً جّوٌفُيَ بًأنِکْ آلَسِر آلَمًعٌلَنِ
فُضحًتٌنِيَ نِظُرآتٌيَ إلَيَکْ
فُتٌحًدٍثًتٌ عٌيَنِآيَ بًلَهّفُتٌهّآ لَآ آبًتٌعٌآدٍ عٌنِ روٌحً آلَفُؤآدٍ
هّذِآ أنِتٌ وٌهّذِآ مًکْآنِکْ وٌهّذِهّ أنِآ وٌتٌلَکْ أوٌصّآفُکْ

••____________________________••

أودعتك بـخافقي لـيذكرني بـكَ عند نبضاته ورسمتك بـمخيلتي لـتتراقص هيئتك أمام نظراتي، نقشت أحرفك بـخبايا أسراري لـاهمس بكَ بين أنفاسي، قطعتك وعدًا لأوفي بـبقائي وها أنا أخبرك بـثباتي ووفائي فأخبرني بحبك هل سـتظل حارس فؤادي؟!

اليوم هو بخير بعد الكثير من الأدوية المُسكنة والمهدئة وها هو يجلسها بين أحضانه ويقرأ لها رواية بسيطة اختارتها هي وكعادته منذ أيام يدثرها جانب قلبه ثم يتغنج صوته لأذنيها بـسرد كلمـ.ـا.ت الكاتب فلا تعلم أين توجه أذنيها ألصوته الهامس أم الرواية أم نبضات خافقة المتصادة لـظهرها!! ضاع ثباتها وتركيزها معه فأغلقت الرواية من يده والتفت تواجهه بـعينين حالمتين وبسمة هائمة على شفتيها، رفعت أناملها تتحسس ملامحه الوسيمة والهادئة فرجلًا مثله لم تعرف كيف يبدو غـــضــــبه للآن؛ واجهت عشقه وغيرته وحبه وحنانه وقوته ولكن غـــضــــبه عليها لم تختبره ولا تريد ذلك حقًا خصوصًا بتعبه! أودعت رأسها على أحد كتفيه وأحنت وجهها تتلمسه بـحب ولفت قبضتيها الصغيرتين حول خصره هامسة بـعشق:

_ أنا لو في حلم مش عاوزه أفوق منه ولا ارجع للواقع

ضم جسدها له وراح يربت على ظهرها كـطفلته ويده تمسح على خصلاتها بـعشق وهمس بجانب أذنيها:

_ لا مش حلم دا واقع وحقيقة بنعيشها وهنعيشها كتير يا وردتي، حقيقة إحنا فيها وأنتِ في حـ.ـضـ.ـني أنتِ وابننا

تبسمت باتساع وتمتمت بـحب:

_ ابننا
.. ربنا كبير وعوضه أكبر ورحمته أكبر وأعظم، صحيح الو.جـ.ـع كان كبير بس الطيب والراحة أحلى

ظل عدة دقائق يمعن النظر لوجهها المستدير ببشرتها المنقوشة بـحبات النمش اللطيفة التي تزينه ولونها الخمري الذي يناسب ضحكاتها الطفولية حقًا زوجته إمرأة كاملة الفِتنة والجمال والادهى هي أنوثتها! التي تؤرق مضجعه وتشعل النيران بجسده! مال على شفتيها بـقبلة حانية أودع بها عشقه لها ولم تبخل هي بل بادلته والتحمت روحيهما معًا وبعد فترة خرج صوته المشحون بالعاطفة:

_ قلبي عمره ما عرف للحب طريق غير بيكي يا وردة، أنا مش عارف أوصفلك لأي درجة وصلها حبي وخــــوفي من اللي جاي، من وقت ما حبيتك وحسيت بروحي عايشه مش بتتعـ.ـذ.ب، بعدتيني عن وحدتي وبقيتي ونيس أيامي، أنا بحبك يا وردة

ويا قلب الوردة الخجولة النابض بـعشق رجلًا تجسدت به معانِ الوسامة والرجولة والحب، أخفت جسدها داخل أحضانه وحاوطته كـطفلٍ رضيع يخشى برودة الابتعاد عن والدته، تمسحت بعنقه طابعة عدة قبلات خفيفة كالسحر بعثت الادرينالين بجسده وهمست بـصوتٍ خافت مُحب:

_ لو هحسب عمري يبقى من اليوم اللي بقيت ملكك فيه واليوم اللي حملت بحته منك هو يوم سعدي وهنايا وفرحتي، أنا ابتدا من يوم ما حبك طل عليا وعيونك فرحتني، أنا بعشقك يا نبض قلب وردة...

ضما كلاهما الآخر وتضاعفت رغبتهم المُلحة بالاختباء عن العالم الذي تسبب بحـ.ـز.نهم وخــــوفهم الذي يتوسط لحظات حبهم وطغى الصمت إلا من صوت دقات قلوبهم العامرة بالعشق والمُقيدة بالترانيم المميزة

ألَقُيَتٌ بًـفُؤآدٍيَ خِلَفُ خِطِوٌآتٌکْ
فُـعٌآدٍ أسِيَرًآ خِآضعٌآ لَکْ

بًحًثًتٌ عٌنِ قُلَبًيَ بًيَنِ ثًنِآيَآکْ
فُوٌجّدٍتٌنِيَ مًلَکْةّ مًتٌوٌجّةّ بًحًبًکْ
وٌأمًيَرةّ مًدٍلَلَةّ بًغُزٍلَکْ
وٌإمًرأةّ هّآئمًةّ بًکْ

تٌخِطِتٌ قُدٍمًآيَ حًآجّزٍ آلَسِيَر وٌرکْضتٌ مًهّروٌلَةّ إلَيَکْ
فُإلَتٌقُيَتٌ بًـروٌحًکْ وٌجّذِبًتٌنِيَ إلَيَکْ لَتٌحًتٌجّزٍنِيَ دٍآخِلَکْ

ذِآکْ قُلَبًيَ آلَعٌآشُقُ لَکْ وٌتٌلَکْ أحًرفُيَ آلَمًحًبًةّ لَکْ وٌتٌلَکْ أنِآ زٍوٌجّتٌکْ وٌطِفُلَتٌکْ وٌمًعٌشُوٌقُتٌکْ!

••__________________________________••

يومان أخران من الصمت الذي حاولت قطعه والتصدي له بكل جهدها ولكن خابت محاولاتها بالفشل معه ووجدت نفسها متكورة على الأريكة الصغيرة بغرفتهم تبكي بقوة وتنتحب بـحسرة على حالها ونـ.ـد.مًا على شناعة فعلتها فهي محق هي زوجة وَجب عليها إخبـ.ـار زوجها عند خروجها! رفعت نظرها للباب الذي فُتح ودلفت منه «رؤى» ببسمتها المعاتبة ولم تكلف نفسها عناء تجفيف دmـ.ـو.عها بل تتابعت شهقاتها وحاولت التقاط أنفاسها، جلست «رؤى» جانبها واحتضنت كتفيها لها بـحب وتمتمت بـعتب:

_ غلطانه ومحاولتيش معاه وقاعدة تبكي وتحبي وخلاص!

شهقت «هبه» بـحـ.ـز.ن وتعلثمت حروفها وتمتمت ببكاء:

_ بيتجاهلني وبيبعد عني.... بيبعد عني يا رؤى... كل... كل ما أكلمه أو اقرب منه... يجري يمشي ومش بيسمعني... هو كرهني!

ابتسمت «رؤى» بحنان على سذاجة زوجة شقيقها فهي بالكاد لم ترى حـ.ـز.ن شقيقها وما يفعله هجره لها وبعده عنها! ببعض الأيام خارت قواه وضعف جسده وكست التعاسة ملامحه فكيف تظنه توقف عن حبها!!

تنفست الأخرى الهواء المُعبأ بالتـ.ـو.تر وتمتمت بـتعقل:

_ الغلط غلطك يا هبه وأنا نفسي متوقعتش منك كدا، مينفعش تخرجي من غير إذنه وكمان تكدبي عليه وتصغريه بالطريقة دي، ثائر بيتو.جـ.ـع لما يحس إنه طلع مغفل أو عيل وخصوصًا منك!! مشوفتيش شكله لما رجع البيت وملقكيش وخرج زي المـ.ـجـ.ـنو.ن يدور عليكي وبعدين رجع وكأنه مكـ.ـسور وهم الدنيا فوق راسه!!

نظرت لها «هبه» بعينين نادmتين وعضت شفتيها بـألــم وخجل يبدو أن زوجها الحبيب لم يُصرح بأكثر من خروجها دون معرفته وكذبها عليها! وتجنب ذكر أنها ذهبت بزيارة لطليقها بالسـ.ـجـ.ـن!! يخجلها برجولته وحبه وتظل هي تؤلمه! ابتلعت لعابه الواخز مغمغمة :

_ مكنش قصدي.... عمري ما اقصد او.جـ.ـعه بالطريقة دي... حد يوجـ.ـع روحه! ثائر دا مش جوزي دا نبضي! مش بعرف اتنفس ولا ارتاح غير وهو جنبي! دا أبويا وأخويا وابني!

هزت «رؤى» رأسها بـحـ.ـز.ن على حاله شقيقها وتلك الفتاة التي يقطر العشق منها وتابعت بـحماس:

_ وبردو اللي بتحب جوزها بالطريقة دي تسيبه يبعد عنها الأيام دي؟! تسمحله أصلا!! أنتِ دلوقتي تقومي تلبسي حاجه لطيفة تجننه كدا وتستنيه يرجع ومتتكلميش! قربي منه بس! اتأسفي ليه بعيونك! ت عـ.ـر.في إنه ديمًا كان بيقولي أنا صحيح مش بشوف غير عيونها بس حتى لو شوفتها كلها هتفضل عيونها زي الشظايا اللي طارت لـقلبي واتغرست فيه!!

وٌافقت حديثها فتابعت الأخرى بتوضيح:

_ أنتِ الوحيدة اللي مهما و.جـ.ـعتيه قلبه مش هيفكر يبطل يحبك! بس لما الموضوع يتعلق بكرامته هتلاقي ثائر غير اللي حبتيه وحبك!! متسيبيش البيت بناره وتقولي هيهدى وقتها هتلاقي البيت ولع كله لازم تلحقيه قبل ما النار تاكله كله!

ابتسمت «هبه» بأمل وجففت دmـ.ـو.عها وهزت رأسها موافقة بينما نهضت «رؤى» مغادرة بعد حثها على وتحميسها على التخلي عن خجلها وعدm السماح للحـ.ـز.ن بالولوج لعلاقتها بزوجها...

••________________________••

دلف «ثائر» بخطوات بطيئة نحو غرفته التي يعتكف بها منذ خمسة أيام يختفي بها عنها حتى لا يُفضح شوقه وحنينه لها ولكنه لم يمنع عينيه من البحث عنها عنـ.ـد.ما لم يجدها كعادتها جالسة على الأريكة أو بالمطبخ! تنهد بتعب وجلس هو على الأريكة والحـ.ـز.ن يكسوه ويحفر طريقة لعقله، خمسة أيام امتنع عن الحديث معها أو التقرب لها بل واتخذ البرود بينهم حاجزًا ورآها تذبل أمامه وتتوسله بعينيها ولكن حـ.ـز.نه وألــمه الذي فطر قلبه منها هذه المرة بلغ مبلغه منه! هذه المرة بلغ الو.جـ.ـع ذروته وسُحقت روحه حتى ولو كانت لها أسبابها! كان يستحق ولو أن تخبره بذهابها! لا أن يكتشف ذهابها لذلك الوغد من ورأه! اغمض عينيه واراح رأسه على الأريكة وبعد عدة دقائق شعر بأنامل صغيرة ترتب خصلاته وتتمشى على ملامحه ولعلمه بهوية صاحبتها لم يفتح عينيه بل اكتفى بتلك اللحظة التي تفوح رائحتها المُعبأة بالياسمين لتنتشر بـكامل خلايا جسده، فتح عينيه بـصعوبة ليواجه عينيها الحزينة التي تلمع بها الدmـ.ـو.ع والترجي ينبع منها وعندها لم يتحمل المزيد فنهض جاذبًا إليها لصدره بقوة فولاذية ألــمته قبلها ولكنه يحتاج للشعور بها داخل عضلات صدره، لف ذراعيه حول جسدها ورفعها بلهفة لتشعر بالهواء يضـ.ـر.ب قدmيها بعدmا كانت على ارضية صلبة، لم تشعر كيف وصلت لغرفتهم بل وجلس بها على الفراش يحتضنها كجوهرة يخشى خدشها ويدفن وجهه بـعنقها يتنفس بـتثاقل جعلها تبتعد عنه وترفع وجهه إليها هامسة بـقلق:

_ مالك يا نور عيني

رفرف «ثائر» بأهدابه بأرق وهز رأسه نافيًا وأجاب بـصدق:

_ بقالي كتير منمتش يا هبه، معرفتش أنام من غيرك

لا تعلم اتبتسم لحبه ام تحـ.ـز.ن لما سببته له فهزت رأسها بحـ.ـز.ن متلمسة جفنيه واقتربت منهم تاركة قبلة حانية عليهم وهمست بعشق:

_ أنا آسفه يا نن عيني، حقك عليا وزعلك على قلبي، ارتاح يا حبيبي، أنا جنبك هنا

ابتسم «ثائر» بعد غياب بضعف وجذبها تتوسد صدره ومدد جسده المتعب وتمتم بـحب:

_ قلبي مبيقدرش يزعل منك يا هبة روحي

ابتسمت «هبه» باتساع وعبثت بأزرار قميصه بـدلال هامسة:

_ هونت عليك خمس ليالي بعيدة عن حـ.ـضـ.ـنك!؟

اعتدل على جانبه ليصبح بمقابلة وجهها ورفع أنامله لترجع خصلاتها خلف اذنها وهمس بـعشق:

_ ولا عمرك تهوني عليا يا حبيبتي، أنا كنت تعبان وتايه أكتر منك

جذبته بـخجل مقربة وجهه من ملامحها أكثر تتشرب عبقه الآخاذ الذي يسكرها واقتربت مقبلة جانب ثغره بـعمق وابتعدت مردفة باستحياء:

_ مش عاوزه اتكلم في اللي فات، مش عاوزه افتكر الأيام دي، أنتَ جنبي وكفاية عليا

لم يسعها المزيد من الكلمـ.ـا.ت فانحني مُخرسًا شفتيها بـقبلاته وغاب كلاهما خلف سحابة وردية لا مكان للحـ.ـز.ن لها هي فقط لحبهم!...

••____________________________••

مضى شهران على الجميع والأوضاع هادئة، تحركت «أثير» بمطبخها بـخفة كفراشة طفيفة ناعمة بـسعادة ورضا عن ما وصلت له فبعد مرور شهران نقصت الكثير من وزنها وأخبرها الطبيب بتحسن حالتها الإنجابية ولا مانع لديها أن تنجب! ابتسمت بسعادة عنـ.ـد.ما وصل إليها صوت ضحكات صغيرها الحبيب الذي رُزقت به لتعوضه ويعوضها هو الآخر «حمزه» تلك النقطة البيضاء بحياة تلك «ميار» التي توفت الشهر الماضي ولم يكلف «راكان» نفسه عناء الذهاب إليها بل تجاهل الإخبـ.ـارية! تنهدت بـفرحة عنـ.ـد.ما سمعت صوت أقدامه إليها التفت تواجهه ووجدته يستند بـجسده على باب المطبخ ويبتسم بـعبث وعيناه تدور على جسدها المكشوف من أسفل قميصها البيتي الأسود الذي ابرز قوامها المشـ.ـدود! رفعت حاجبها وسلطت نظراتها عليه وتمتمت بـثقة وقوة:

_ بتتفرج على إيه يا دكتور يا محترم!؟

شملها بنظراته ورفع حاجبيه بـمكر وهتف بـخبث:

_ على الحاجات اللي خست بس بقت دmار

اعترى الخجل ملامحها ولكنها قررت مجاراته وتخصرت هاتفة:

_ مش هقولك إنك قليل الأدب لأنك عارف بس هقولك عيب على الشهادة المتعلقة في الاوضة ومكتوب فيها دكتور ومُعلم أجيال!

فصل الخطوات الفاصلة بينهم وحاصر جسدها خلف رخامة المطبخ وعض على شفتيه بـخبث وتمتم بهمسٍ ماكر:

_ ما هو المعلم عاوز يدلع ويتعلم بردو مش هيعلم بس ولا إيه يا حرم المُعلم!

ضحكت «أثير» بشـ.ـدة حتى أدmعت عينيها واراحت رأسها على كتفه من فرط الضحك وتمتمت بـسخرية:

_ اللي يشوفك في المحاضرة وأنتَ شبه الصنم ما يشوفك وأنتَ سـ.ـا.فل ومش لاقي اللي يلمك دلوقت!

قرصها بـعنف بسيط بخصرها ورفعها لـتحاوط خصره بقدmيها و.جـ.ـعد أنفه بتهكم مردفًا بتوعد:

_ ما تيجي نشوف السفـ.ـا.لة دي جوه ونعرف هتلميني ولا!؟

دفنت وجهها بـعنقه من شـ.ـدة خجلها وضحكت بخجل محاوطة عنقه وهمست:

_ عيب يا راكان حمزه برا

مط شفتيه بـعبث ومكر وتمتم:

_ ابن الكـ.ـلـ.ـب دا راح لرحمه بعد شكله هيقع زي ابوه ورحمه هتطلع عينه وعين اللي جابوه

ابتسمت «أثير» بسخرية واردفت:

_ ربنا بيخلص بردو

ضيق عينيه وتقاسم أنفاسها وتمتم بـوعيد:

_ وأنا هعرفك أنا بخلص إزاي يا بطل

وسط خجلها واعتراضها حملها وسار بها لغرفتهم وأغلق الباب بقدmه ودلفا لعالهم الخاص....

••_____________________________••

صرخت «وردة» بـسعادة وبهجة وخرت ساجدة وقلبها تتسارع الدmاء إليه لتجاري نبضاته الثائرة والمتدفقة التي تجعل دقاته كالطبول! تحركت بـحماقة بأرجاء بيتها بعدmا أصرت والدتها على تركهم لمنزلها والذهاب لبيتهم وهي تبحث عنه بـبلاهة وعنـ.ـد.ما وجدته انقضت على ظهره كـطفلة وجدت والدتها وظلت متمسكة بعنقة من الخلف وبسمتها البلهاء ترتسم على ملامحها ولا الف معجم للغة قادرًا عن وصف حالتها!! أدmعت عينيها عنـ.ـد.ما أنزلها وأجلسها على قدmيه ببطنها المنتفخة وتحسسها بحب مردفًا بتساؤل:

_ سر سعادة حبيبي إيه؟

كورت وجهه بين كفيها وختمت قوله بقبلة عميقة على شفتيه بثت لها راحتها وسعادتها وابتعدت بسعادة هاتفة:

_ عشانك... فاضل جلسه!! جلسه وتخف!! جلسه وتنتصر عليه!!

ابتسم «براء» بسعادة شـ.ـديدة ورفع عينيه شاكرًا لخالقه وأدmعت عيناه بـرجاء وفرحة ليس من أجله فقط بل لأجل فرحتها وضمها لصدره مردفًا:

_ الحمدلله... نقدر بقا نروح نشوف جنس البيبي بدل الحظر اللي فرضاه دا!!

وقفت محتجة وتخصرت وأردفت بحزم:

_ لا مش هنعرف غير يوم ما الدكتور يقول مفيش جلسات تاني وجوزك خف ودا كلام مفهوش نقاش الولد ابني وأنا اللي حامل فيه وانتهى!

أجابها متهكمًا:

_ ليه اتكاثرتي ذاتيًا؟!

نفخت وجنتيها غـــضــــبًا منه وأردفت بثقة:

_ لا بس هو جوايا أنا وأنا اللي حملت وأنا اللي هتو.جـ.ـع وأنا اللي هخلف وارضع وأربي واسهر

نهض وعقد ذراعيه بتحدي وتمتم:

_ والعبد للاه مجهوده راح فين؟!

احمرت وجنتيها خجلًا من حديثه وتمتمت بـتـ.ـو.تر:

_ معرفش وبعدين كلامي مفيش رجوع فيه وكلمتي مش هتنزل

حقًا!! ضحك ملئ شـ.ـدقيه حتى خارت دmـ.ـو.عه وبعد فترة من الضحك الذي شاركته به اعتدل بوقفته واقترب منها ووكز جانب رأسها وهتف بـقوة واصطنع الجدية:

_ كلمتك دي مش عليا يمدام... مش براء االي مـ.ـر.اته تقولوا الكلام الفاضي دا وكلامي سيف عليكي فاهمهههه!!!

تخطاها للداخل رافعًا رأسه بكـبـــــريـاء وعيناه تختلس النظرات إليها فعقدت هي ذراعيها أمام صدرها وهتفت بـقوة وغـــضــــب مصطنع:

_ برااااااااء

آتاها مهرولًا ورفع أناملها لفمه وقبلها بـتـ.ـو.تر وتمتم:

_ نستنى ومالو يروحي حتى الفرحة تبقى فرحتين أنا عندي كام ورده عشان مسمعش كلامك

ابتعدت عنه ورفعت حاجبها بكـبـــــريـاء وسارت للداخل بينما ناظرها هو بـغـ.ـيظ وتمتم بـخفوت:

_ ربنا على الظالم ربنا يقصرك ككمان وكمان

صرخت هي بـحدة تلك المرة:

_براااااااااء

صحح حديثه وهرول لغرفة غير التي توجهت لها وتمتم:

_ بقول ينصرك.... ينصرك يا روحيييييي

••_____________________________••

فركت «هبه» كفيها معًا بتـ.ـو.تر أمام ناظريه وهو يتابع لهفتها لنظرات الطبيب وهو يعيد مراجعة فحوصاتها التي أجرتها مجددًا بعد، وضع الطبيب الأوراق من يده وتمتم ببسمة عملية:

_ مدام هبه الفحوصات بتأكد إن كل مؤشراتك الحيوية كويسه والحمدلله عندك استعداد للعملية وبإذن الله ضمان نجاحها كبير

أومأت له بابتسامة متسعة وحولت نظرها لزوجها السعيد لسعادتها فوضع يده على خاصتها بحب وضمها له ونهض خارجًا معها وما إن وصلا للسيارة حتى ارتمت بأحضانه تتذكر رفضه لرغبتها بإجراء العملية التي لم يرى أي داعٍ لها! هو بالأصل لا يرى ما تدعيه تشوه فقط يري لمعة الحب بمقلتيها! عن أي عيبٍ تتحدث!! وأمام رغبتها وتوسلها وافق وها هي بعد إسبوعين ستخضع لتلك العملية!

لف ذراعه حول جسدها ليدعمها ويخفف من رجفة جسدها وتمتم بحنان:

_ اهدي... هتعدي وإحنا سوى زي كل حاجة... متخافيش

هزت رأسها نافية وهمست بشرود:

_ حشـ.ـتـ.ـيني و  ملامحي قبل التشوه، وحـ.ـشـ.ـتني ضحكتي اللي كانت كاملة، نسيت شكلي!

هزت كتفيها وأجابت على نفسها:

_ مقدرش انسى بس كنت بواسي نفسي إني في يوم هرجع لشكلي دا وحتى لو بمعجزه كبيرة! فرحتي متتوصفش ولا قادرة اوصف شعوري! عاوزه اصرخ واعيط واتنطط واجري! عاوزه أبكي بحجم كل و.جـ.ـع حسيته وعيشته! عاوزه انزل خــــوفي وو.جـ.ـعي والليالي اللي قضيتها خايفة أواجه العالم وبتخبى بقماشة سودا!

ابعدها عن احضانه ومسح دmـ.ـو.عها التي بدأت بالنزول والتي اتضحت بعدmا عمل طوال الشهرين الماضين على دفعها لخلع نقابها وتقبل ملامحها التي عشقها وأنها كاملة بعينيه وإن رغبت بإرتداؤء سيدعمها ويساندها ولكن بعدmا ترضى عن شكلها وتوقن أنها ملكة وملامحها لا عيب بها!

كور وجهها الباكي بين كفيه واعطاها بسمة دافئة من شفتيه وهمس بـصدق:

_ ربنا عمره ما جاب حاجة وحشه ولا ضرنا العيب كله مننا إحنا البشر وفي الأول والآخر كله مقدر ومكتوب، ولازم كلنا نخوض الاختبـ.ـارات المليانه و.جـ.ـع بـألــمها وحسرتها ونبكي ونتألــم عشان يجي يوم لما نفرح نعرف الفرق ونعرف إن ربنا عظيم وحكمته فاقت كل شيء..

هز راسه مؤكدًا حديثه وتابع بصدق وحنان:

_ أنا لما هحب بحب الروح والقلب مش الشكل اللي هيدعمني لما اقع ولا الشكل اللي هيقويني ويسندني، مش الجـ.ـسم اللي هيقف جنبي ويبقى في ضهري لا!! المعدن والأصل اللي هيكون سند ليا وأرض صلبة واثق أنها هتشيلني، الشكل والجـ.ـسم أول حاجه بتختفي بعد ما التراب يلمنا وربنا بيفضل الروح ويرفعها ليه ودي اللي بتقابله! عمر الشكل ما كان مقياس ولا سبب لحبي ليكي! أنتِ في عيني ملكة جمال وأميرة فِتنة وأنوثه وفي قلبي نجمة بسماها ودلالها، بحبك يا هبه

عن أي هبه!! هل ينتظر حديثها؟! اين كلمـ.ـا.تها؟! بل أين لسانها؟! يا لهذا الرجل زما يفعله بها وما فعله سابقًا! شيم الرجـ.ـال يختص بها الله صِحاب العزيمة والصدق والرجولة لا الضعفاء ولا الحمقى!، ابتسمت بشجن وقبلت كفه المحتضن وجهها وهمست بعشق:

_ كلامي مش هيوصف لا فرحتي ولا حبي يا نور قلب هبه وثورة روحها، أنتَ بقيت ادmاني


اعتدل كلاهما بمقعده وخافقه ينبض بجنون ولم تنفصل أناملهم عن بعضها كحال قلبيهما وظل هو طوال طريق قيادته يختلس النظرات العاشقة لها وتبادله هي دون خجل أو تردد فما رغبته يومًا وحلمت به يتحقق واحدًا تلو الآخر والحـ.ـز.ن يبدو أنه هُزم بجدارة وقرر التنحي للفرحة والسعادة!!..

••___________________________••
بعد ثلاثة أيام
صرخت «أثير» بـصدmة وزهول وكممت فمها وتساقطت دmـ.ـو.عها بـبطء في حين انتفض «راكان» بهلع وخــــوف عنـ.ـد.ما وصل إليه صراخها وهرول للمرحاض الذي تركته مفتوح فوجدها واقفة بزاوية تبتسم تارة وتدmع عينيها تارة وهي تنظر في نقطة واحدة أمامها ببلاهة!! عقد حاجبيه واقترب منها يسالها عن سبب صراخها ولكنها لم تستجب له بل أشارت بعينيها للسطح الرخامي فذهب له والتقط الاختبـ.ـار الذي تبين انه للحمل!!! ابتلع لعابه بتوجس من نتيجته التي توقعها بسبب دmـ.ـو.عها ورفعه لنظره لـتتسع عيناه بسعادة وصدmة وعادو النظر إليها وكأنه يسالها هل ما رأه صحيح!!! هل تلك النتيجة محقة!! هل هي!!!

هزت راسها بتأكيد واقتربت منه بخجل ودmـ.ـو.عها تسبقها وتحاول ردعها ولكنها تأبى ترك تلك اللحظة! ابتسمت وسط بكائها والتقطت الشريط من يده ووضعته بين كفهت وثبتته على موضع قلبه وهمست بـخفوتٍ سعيد:

_ أنا حامل...!!

هز «راكان» راسه بإنكار وتمتم بـهمس:

_ بتهزري!؟

ابتسمت بـسعادة ووضعت كفه الآخر على بطنها وغمغمت بثقة وحب:

_ أنا حامل! في هنا بيبي منك!
لدينا مُتسع من الوقت لـنمنح الروح توهجًا لامع يُضاعف بريق رونقها الخاص لتصبح بأفضل طلة وتتناسى الآسى!

غرفة مُغلقة مُعبأة بـأتربة الماضِ وحـ.ـز.ن الحاضر ومخاوف المستقبل، نُرحب بها دومًا بين كل فترة وأخرى لأنها من الثوابت الباقية معنا وعلينا! غُرفة فاصلة بين الحب والكره، السعادة والحـ.ـز.ن، الشغف والبرود، اللهفة والجمود! هي مزيج مما نحن عليه، بإمكانها إدارة كافة أوجاعنا ولكن إن أبدينا لها الضعف الكامل والخنوع التام، بمقدرونا ردع قوتها التي تُحاصرنا بها وإيقاف جموحها الدوري الذي يبدل حالنا من السئ للأسوأ! هي كانت ولازالت غرفة بـمقبضٍ وباب!، بـعقلنا! وبيدنا إحكام إغلاقها وحجبها في نقطة بعيدة منا حتى يتثنى لنا الراحة والسعادة دون مخاوف أو ندبات...

أول نبضة، أول ضحكة، أول ثانية يستغرقها العقل للتفكير قبل الوقوع في الحب! كانت معكَ وإن تردد صدى الزمن وخُلقت من جديد سأطلبك بكل مرة تحين لي الفرصة، أنت بداخلي أعمق من أنفاسي يا مُعـ.ـذ.بي.....

صرخت « أثير» بـفزع عنـ.ـد.ما أُشعلت أنوار المنزل وشعرت بـكفين يحاوطان كتفيها وما زاد خــــوفها هو عدm تواجد زوجها أو صغيرها كما أخبروها بـضرورة ذهابهم لـمكانٍ ما!! توقف قلبها عنـ.ـد.ما خرج الجميع من حيث لا تعرف وما تقصده بالجميع هو أصدقائها، عائلتها ووالديها! حقًا!! لا تعلم أين تبدد خــــوفها وقلقها عنـ.ـد.ما اكتشفت أن المُمسك بها ما هو إلا زوجها الحبيب بـبسمته العاشقة وعيناه الفائضتين بـالغرام، بادلته البسمة بأخرى متعجبة والتف هو لـيصبح أمامها وأشار لها بـرأسه لتُمعن النظر بالبيت وما لبث أن سمع شهقتها القوية التي تنم عن صدmتها ربما! دارت تلك الجنية النارية بأرجاء المنزل تطالعه بإنبهارٍ جلي وقلبها ينبض بـعنفٍ من فرط سعادتها أم صدmتها لا تعلم حقًا! تطلعت لجميع الزوايا التي زُينت ببراعة فائقة وكأنها حفلة لـعيد ميلاد أحدهم! مهلًا ما اليوم!! جحظت عينيها وتراقصت خبايا روحها عنـ.ـد.ما تبين لها أنه عيد مولدها هي!! للمرة الأولى لا تحتاج للتلميح لقرب يوم ميلادها بل هو رتب له وجمع كل غالٍ على قلبها لـيقاسموها تلك السعادة التي لا تقدر على إحصائها! بـلحظة نست العالم والجميع من حولها وركضت ترتمي بين ذراعيه المترقبين لـعودتها بـلهفة وهمست بجانب أذنة بامتنان:

_ مش هقدر أوفيك مهما اتكلمت، شكرًا على السعادة دي يا كل سعادتي وهنايا

بادلها «راكان» عناقها غير آبهًا بالنظرات المتفحصة لهم وهمس بـحب ومشاكسة:

_ هقولك تـ.ـو.فيني إزاي لما التجمع دا يمشي بس دلوقت ابعدي لأن أبوكِ فاضل شوي ويجي يبلعني

ابتعدت عنه مسرعة وتعالت ضحكاتهم سويًا ومعها نظرات الرضى والسعادة من الجميع، هنأها جميعهم وحان دورهم هم! من تزعزعت روحها حنينًا وشوقًا لـأحضانهم ولـحبهم! من كانوا ضياء ظلمتها في الصغر تركوها وسط نيران عالمها في الكِبر، من تضرعت طلبًا لدفء حبهم بـليالي صمتها، كم كان دُجى الليل مُفزعًا لها وهم منغمسون باعمالهم متناسين أن لهم ابنة تستحق تواجدهم ودعمهم! أشاحت بوجهها بعيدًا عنهم وتمسكت بيد زوجها طالبة دعمه ولم يبخل ونظر لوالديها بإطمئنان جعلهم يتركونها الآن!!

السعادة كانت تحلق بالأفق بـقلوب الحاضرين، هي وسط كل من أحبت! هي بداخلهم كما هم بأعمق ما بداخلها ولن تبخل على ذاتها بالفرح بعد الآن! ابتسمت متحسسة بطنها التي بدأت بالبروز قليلًا فـهي بـشهرها الثاني وصغيرها كبرت نطفته وبدأ يشعر بها، مسحت بـحنان على بطنها وحدثته بـخفوتٍ مرح:

_ سبع شهور وتشرف بيتنا يا نور بيتنا، خليك هادي عشان مامي بدأت تتعب، عارفه إنك مش سامعني دلوقت بس قريب هتحس كمان بيا وبـبابي، هحكيلك عنه كتير، عشان أول ما تشرف تعرفه لواحدك وتبقى زيه، مامي بتحبك

تـ.ـو.ترت بسمتها عنـ.ـد.ما رأت والدتها تراقبها من بعيد بـعينيها الدامعتين ترجوها الاقتراب ومشاركتها فرحتها، ألقلبها السؤال الآن!؟ بعد اشهر قليلة ستصبح أمًا ولا تتمنى أن تقف مثل والدتها الآن ذات يوم، هرولت إليها بلهفة محتاجة والقت نفسها بين أحضانها وتوالت دmـ.ـو.عها بـنحيبٍ ممُزق للقلوب المستمعه، أخبرتها بـصمت عما عانته بانشغلالهم، عن آلالامها وكم التنمر والقسوة التي تجرعتها ممن حولها، عن قلبها الذي عشق رجلًا من خير وأحن رجـ.ـال الأرض....

ابتعدت عنها بعد فترة فـكورت والدتها وجهها بين كفيها ومسحت دmـ.ـو.عها بحنان وهمست بـنـ.ـد.م ورجاء:

_ مش عارفه أبدأ كلامي منين يا بـ.ـنتي... سامحيني... انشغلت عنك والدنيا لهتني وفكرت إنك طالما كبرتي مش هتبقي في حاجه ليا وإن كل اللي بتعمليه دلع... نسيت إنك في الأول والآخر بـ.ـنت محتاجه حـ.ـضـ.ـني قبل بعدي، نسيت إنك جزء مني، فكرت إن ببعدي هت عـ.ـر.في تديري حياتك وتبطلي تعتمدي علينا، أنا اسفه، بس مفيش حد في الدنيا هيحبك زي أنا وأبوكي، سامحينا يا أثير، طول عمرك قلبك احن وأطيب قلب فينا

هزت «أثير» رأسها بـموافقة ومدت كفها تمسح دmـ.ـو.ع والدتها وتبخر حـ.ـز.نها منهم بلحظة فهي لا تتحمل كـ.ـسرة والدتها التي تشع من مقلتيها بمثل هذا الشكل، لم تعهد والدتها البشوشة والقوية مُنكـ.ـسرة بتلك الطريقة، ربتت على كفيها بـحبٍ صادق وهمست بـحنان:

_ أنتِ أكبر واعظم من إنك تطلبي مني حاجة زي دي يا أمي، يمكن زعلت شوي بس بعدها بقيت بخير وعرفت قيمة كل حاجه وبقيت اقوى واقدر أعافر عشان نفسي، طول عمركوا جنبي مجاش على كام سنه انشغلتوا شوي، دا حقكوا عليا إني أقدر واصبر، أنتِ اعظم أم في الدنيا

_ طب وانا يا أثير؟

صوت والدها المُنكـ.ـسر جعلها تنهض بـتـ.ـو.تر وتقف أمامه تفرك كفيها بـتوجس، سامحت والدتها ولكن هو لن تقدر! هو لن يرضى قلبها عنه بـلحظة وتخفي كل ذلك الألــم الذي سببه بعده عنها!! كان دومًا خير عونٍ ورفيقٍ لها وفجأة ما إن نصبت عودها فر! تبخر وأصبح عمله أهم منها! أصبح الجميع ضمن أولوياته إلا هي!! هي صغيرته الوحيدة!! طفلته!! لم يحمل قلبها له الكره ابدًا ولكنها بحاجة للوقت لـتهيئ روحها له! ربما المها من والدتها كان أقل ولكن هو!! خذلها!! تخلى عنها!! وبالأخير أتى يبعدها عمن أحبت! لا لن تسامح بسهولة ولن ترضخ لحالته!! لن تجبر قلبها على الكذب انها عفت عنه!!...

نهضت بـقوة ووقفت أمامه مسلطة نظراتها المليئة بخيبة الأمل عليه وتمتمت بـثبات:

_ أنتَ خذلانك ليا كان أكبر منها، هي كانت جنبي أحيانًا، أنما انت!!! أنتَ اداتني كل حاجة أي حد يحسدني عليها من صغري ولما كبرت واحتجت وجودك يطمني عشان أواجه النقص والعقد اللي اتبـ.ـنت جوايا لقيتك اتبخرت!! كنت بشوفك زي العيد مرتين في السنه!! مع إن الكل كان في أول اهتمامـ.ـا.تك إلا أنا!! حتى اهتمامك كان مزيف!! قلبي طيب بس مش بيسامح بسهولة يا بابا

وكأنها تذكره بـرعيته التي عليها رعايتها كما وصاه النبي هي من رَعِيته! تخطته بـعزمٍ وتوجهت لـأصدقائها تلتمس منهم بعض القوة التي خسرتها بتلك المواجهة الصغيرة وهي تنفي اصوات اللوم التي تصرخ بداخلها تعاتبها عن قسوتها التي اكتسبتها منهم ولكن ما عاشته ليس بقليل وما شعرت به من أوجاع ليس بهين ولن تكفي بِضع لحظات لـإزالة أوساخ الماضِ العالقة بها.....

••_______________________________________________••

أتعلم لو أُخبرتُ قبل الآن أن لـي كل تلك الــســكــيــنــة والراحة معك لصرخ جوفي مُكذبًا القائل ونهره بل والصياح بـوجهه حتى يفر هاربًا، أقسم لك بـلغات العالم أن فؤادي لم تطأة قدm رجلًا سواك وروحي لم يمسسها عبير طيفًا سواك وأنني لم أمنح جسدي لـغيرك لـتضمه بين ثناياك فيا مُعـ.ـذ.ب الروح والفؤاد هل تعهدت لي بـالبقاء والثبات!؟

توسعت بـسمتها تزامنًا مع صوت إغلاقه لباب الشقة فـهرولت تقابله بـلهفة ليس وكأنه كان معها منذ دقائق وذهب ليطمئن على والدته، ألقت نظرة أخيرة على نفسها قبل الإقبال عليه وجرت مسرعة لـيتلاقها هو بـضحكة ضاخبة يضمها لـنبضاته التي تدوي فور وصول عَبقها له، ما حال القلب بـرؤيتها، يصبح صيدًا هينًا لعينيها وتدق نـبضاته بـعنف تتيمًا بـبسمتها وتتزعزع الأنفاس بـنشوة أمام هيئتها... ما حال القلب معها؟!

سار خلف خطواتها نحو غرفة الطعام وأضأت عيناه بـرضى عما اعدته ولكنه تسأل كيف! فهم للتو عادوا من حفلة عيد ميلاد « أثير»!! حول نظراته للغرفة من حوله وقد زُينت بـأنوارٍ لامعة كـحال ثوبها الأحمر القاني الذي تنعكس عليه جميع الاضواء لـيبتلع لعابه ويهمس بـتوسل:

_ أنتِ عاوزه إيه الليلة، مش هتعديها على خير عارف

فهمت مقصده ولم تتمالك ضحكاتها وسقطت بـنوبة ضحك شـ.ـديدة تساقطت دmـ.ـو.عها من فرطه واقتربت متلمسة صدرة وتحديدًا موضع قلبه ووضعت أذنيها تشاركه نبضاته وهمست بـحب:

_ عاوزه اطمن دا! أقولوا إن بيتنا بعد تسع شهور هيزيد روح جديده!

فتح عينيه على مصرعهما وهز رأسه بنفي غير مصدقًا لما تفوهت به فمن المفترض أن بهذا التوقيت من الشهر تأتي عادتها!! ابعدها عنه ونظر بعينيها المبتسمة وتمتم بـتساؤل راجي:

_ يعني أنتِ حامل!! مش بتهزري صح؟!

انفلتت ضحكاتها لا تعرف لما أمن فرط حماسه أم من شـ.ـدة سعادتها وأحاطت ذراعه بـخاصتها ودفعته نحو الطاولة وجسلت جانبه وتمتمت بـصدقٍ محبب:

_ لا مش بهزر، أنا حاااامل، يعني في بيبي جاي لينا في الطريق، في عوض من ربنا لينا تاني

ابتسم بـسعادة وأمسك كفها الصغير وقبله بحب مردفًا:

_ أحسن عوض من ربنا ليا هو وجودك جنبي وحبك ليا

لمعت الدmـ.ـو.ع بمقلتيها متذكرة ملامحها قبل شهرٍ من اليوم قبل إجراء عمليتها التي أخرها هو لأسبابٍ واهية عرفت باطنها وهو أنه يرغب بـتعزيزها لذاتها وتقبلها لنفسها من الخارج كما من الداخل، رغب بـجعلها تتفوق على مخاوفها وقد كان! اصبحت إمرأة بحق!! لا تخاف شيء سوى ابتعاده!

رفعت المعلقة بعدmا ملأتها بالطعام ودثرتها بفمه بـمرح متمتمة:

_ مش عاوزه كلام كتير، كل

لم يمنعها من تدليله بل جذبها لتجلس على قدmيه لـتصبح على مقربة أكثر منه وأحاط خصرها وتقبل حبها برحابة صدرٍ متناهية ولكن طرأ بـعقله سؤالًا فتمتم:

_ عرفتي بحملك امتى وازاي؟

وضعت المعلقة بفمه ومدت يدها الأخرى تزيل زوائد الطعام التي لطخت شفتيه وتمتمت:

_ الصبح بعد ما أنتَ نزلت الشغل، وردة كانت عندي وكانت عملالي سمك عشان عارفه إني بحبه بس أنا قرفت منه وحسيت إني تعبانه وعاوزه استفرغ وهي حلفت لننزل نعمل تحليل ويكون مستعجل واللي خلالها تصمم إنها متأخرة

لاعب حاجبيه بـمكر وهمس بـعبث ويديه تسير بـخبث على طول عنقها:

_ هي إيه اللي متأخرة؟

اقتربت من اذنه بـصعوبة بـسبب أفعاله الوقحة وهمست وابتعدت مسرعة فهتف هو بـمكر:

_ ما انا عارف

ضـ.ـر.بته بـخفة على وجنته ونظرت له بـخجل وتحذير هاتفة:

_ ثااااائر

ابتسم هو بـشغب مجيبًا:

_ روحه وقلبه وحياته

لم تجد سوا أن تبتسم له ولفت ذراعيها حول عنقه هامسة:

_ حشـ.ـتـ.ـيني و 

رفع « ثائر» أناملة تعيد خصلاتها التي تحيل بينهم واخفض نظراته لـملامحها مقتنصًا قبلة من وجنتيها وتعالت أنفاسه بـتهدج وغمرها بين أحضانه ونهض متوجهًا لـغرفتهم وهتف بـمرح:

_ أخيرًا دا الواحد فكر أنه هيمـ.ـو.ت ومش هيسمعها منك يشيخه

ضحكت « هبه» بـسعادة ودفنت وجهها بين ثنايا عنقه تشتم عبيره الرجولي المميز وهمست بـحب:

_ بس قولتها اهو

تطلع «ثائر» لملامحها التي ظهر النور والراحة عليها وقرر عدm إخبـ.ـارها بما عرفه ولن يفسد لحظتهم الفريدة فهي ابتعدت عنه منذ عدة أيام بسبب قلقها الدائم وتـ.ـو.ترها من عدm حملها ولم يضغط هو عليها ولكن الآن!! ومن اليوم لن يعكر صفو حياتهم شي!!

*****************************************


بعد يومان

تعالت أصواتهم المشاغبة حتى هرولت « أثير» مسرعة لـترى ما جعلها تفتح فمها ببلاهة وهو جلوس « حمزه» أمام « رحمه» يحاول مصالحتها وهي تشيح بوجهها بعيدًا عنه بتمرد وكـبـــــريـاء!! اقتربت منهم بغـ.ـيظ من أفعال الصغيرة التي جننت ولدها الوحيد وهتفت بـتوجس:

_ في إيه يا ولاد

وقف « حمزه» بـضيق متناولًا زفرة طويلة وهتف بـحدة:

_ رحمه زعلانه مني ومش راضية تتصالح يا أثير

لكزته « أثير» بـاصبعها بحدة في كتفه وأشارت لـ «رحمه» بالاقتراب منها وهتفت به بتوعد:

_ عشان أثير دي ياابن راكان والله ما هخليها تكلمك غير لما تشوف حلمة ودنك

جحدها « حمزه» بنظرة ساخطة وهتف بـغـ.ـيظ:

_ اطلعي منها أنتِ بس وهي هتهدى وتتحل وتبقى عال

قررت « رحمه» الخروج عن صمتها ووقفت أمامه بتحذير وتمتمت:

_ أثير معاها حق، أنا مش هكلمك عشان أنتَ مستهتر ومش بيهمك حد غير نفسك وعلطول بتزعلني وتزعق فيا وأنا مش صغيرة

فصل « حمزه» الخطوات التي حالت بينهم واحاط كتفيها بحنانٍ لا يناسب عمره وهمس بـرجاء وحب طفولي:

_ انا اسف حقك عليا، بس مكنش ينفع اقولك متلعبيش مع الولد دا وتروحي تلعبي وتكـ.ـسري كلمتي! مش احنا صحاب ولازم نسمع كلام بعض!

بدى الاقتناع جليًا على « رحمه» فهزت رأسها بموافقة وتمتمت:

_ بس مش معنى كدا تزعقلي قدام صاحبي في المدرسة وتشـ.ـدني وكنت هتوقعني قدامهم

رفع « حمزه» قامته وطبع قبلة على خصلاتها باعتذار وتمتم باسف:

_ انا اسف يا رحمتي، مش هتتكرر

ذهبا الصغيران وبقت هي منفرجة الجفنين تطالع أطيافهم التي بقت تتراقص أمامها بدلال وكأنها تعاندها!! هؤلاء أطفال بالعاشرة!!! أهذا ولد بالعاشرة أم رجل بالثلاثين!!! أتلك فتاة أم إمرأة بالعشرين!! دون وعيٍ هتفت بـبلاهة:

_ ذاك الشبل من ذاك المحوراتي يبني، طالع لابوك لفيت عقل البـ.ـنت وخدته في جيبك

_ ومالو أبوة بقا يا أثير هانم؟

تخصرت والتفت تقابله وتمتم بسخرية:

_ بيعرف ياكل بعقلي حلاوة

تمثل بنفس وقفتها وتمتم بتهكم:

_ يعني مُعترفة إنك هبلة وبعرف اضحك عليكي؟!

تغضنت ملامحها بشراسة ورفعت المعلقة الكبيرة التي شعرت بها للتو بين كفها وناظرته بتوعد وصاحت بتحدي:

_ وعشان كدا لما اقــ,تــلك هيقولوا هبلة ومش هاخد فيك دقيقة سـ.ـجـ.ـن

ختمت قولها بالجري خلفه بينما هو سبقها بخطوة نحو غرفتهم وتخبى بها حتي دلفت هي وما لبث أن أغلق الباب وجذبها لتقع بأحضانه وانتشل المعلقة من يدها وهتف بمكر:

_ أنتِ كلام بس، أنا بحب الفعل

لم يدعها تتحدث كثيرًا لتعى مخزي كلمـ.ـا.ته وانقض عليها بـقبلاته العاشقة يغذقها بها وسط ضحكاتها المرحة وغابا كلاهما بـسحابة نائية ناعمة تخفت عن الأنظار

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

تلفظني بـداخلك سِرًا لألا تنساني يومًا
ضُم قلبي لكَ حبًا لألا تشتاقني يومًا

أقسم لكَ.....

إن ضاقت بكَ الأماكن سـيكون قلبي مسكنًا لكَ

إن توالت جِراحك سـتجد روحي دواءً لكَ

أتعهد لكَ.....

لن تقفدني ما دام عقلك يرسمني بـمخيلتك
لن أتركك ما دام كيانك يناديني بـجوفك

اتوسل لكَ...

دُجى الليل حالكة وأنا كالطير المشوش أفقد الرؤية بلاك تدريجيًا، لا تغيب فأفقدك!

تزعزع الروح من فرط الحنين بات يـ.ـؤ.لم فلا تهجر! حتى لا تطردك روحي!


وقفت « ورده» أمام قبر والدها الراحل وجانبها زوجها المساند لها، انحنت واضعة بعض الورود على قبره ورفعت كفيها تقرأ له الفاتحة وما إن انتهت ابتسمت مردفة بحب:

_ الوضع بخير... عفاف لسه بتدور عليك وتصحي بالليل تحـ.ـضـ.ـن مخدتك وتقعد جنب كرسيك، البيت فاضي من غيرك والبرد قوي المرة دي، براء جنبنا، حتى بلال الصغير قرب يشرف، كان نفسي تبقى هنا وتكون أول من يشيله ويضمه، عفاف بتقولك إنك وحشتها ومش هتجيلك غير لما ترجع تزورها في الحلم زي عادتك

عضت على شفتيها تمنع المزيد من دmـ.ـو.عها وأحاطت بطنها وهمست بـتعلثم:

_ بلال الصغير... هيبقى شبهك... هيحبني زيك... هحكيله عنك... أنا كويسه وراضية بس زعلانه... حشـ.ـتـ.ـيني و ... الأيام بتعدي.... براء خف وانتصر على السرطان... الدكتور قالي إن جوزي كان بيحارب عشاني.... طول عمرك بتقدmلي الفرح وتختارلي الصح، هجيلك قريب بـحفيدك، هتوحشني، متنساش تزور عفاف عشان زعلانه منك جـ.ـا.مد

مسحت دmـ.ـو.عها بظهر يدها واستندت على زوجها وابتسمت له فربت هو على رأسها وأحاطها بذراعيه حتى خرجا من المقابر....

أغدقها الله بكرمه وعطاؤه ومازال يعوضها خيرًا، تعافى زوجها وأصبحت بـشهرها السادس وكرم رفيقتها بـحملها الأول ورتب لها حياتها، حقًا حكمته وقدرته عادلة بين البشر، ما قطع من أمرٍ إلا وعوضه بآخر..

•••_______________________________________________•••


بعد ثلاثة أشهر...

وقف الجميع بـحالة ترقب لـخروجها من غرفة العمليات بـعد إخبـ.ـار الطبيب لهم بـصعوبة ولادتها وضعف جسدها وتعرضها لـنـ.ـز.يفٍ حاد!! على كل زاوية جلست إحدى الفتيات تبكي وتتضرع لله أن ينقذ رفيقتها المرحة التي قاست كثيرًا، بينما وقف هو يتأكله النـ.ـد.م والحسرة عليها، لن يتحمل خسارتها بعدmا كانت له كل شيء! تملك دmـ.ـو.عه بصعوبة وهرول للطبيب الذي خرج وهتف بـلهفة وحدة:

_ مراتي وابني فين وعاملين إيه

أجابة الطبيب الأربعيني بـعملية:
._ المدام كويسة هتفضل تحت الملاحظة24 ساعه عشان نطمن عليها أكتر والطفل كويس وتقدر تشوفه عادي

لم تهدأ ثورته كثيرًا ولن تهدأ حتى يراها أمامه بأفضل حال ويستمع صوتها الذي يريحه، ظل ساعتٍ طويلة ينتظر السماح له برؤيتها وها هو يرتدي ملابس معقمة ويدلف لها بترقب وخــــوف ممزوج بـحنينٍ جارف، وقعت عينيه على جسدها الممدد على الفراش بتعب ووجهها المتعب فاقترب منها بـلهفة وجلس على قدmيه أمام فراشها هاتفًا:

_ حمدالله على السلامه يا وردة ربيعي

ابتسمت « ورده» بـوهن وربتت على راسه بحنان وهمست بتساؤل:

_ بلال فين؟

نهض « براء» جالسًا جانبها وطبع قبلة على منابت شعرها من الأمام وهمس:

_ الحمدلله بخير، حابه تشوفيه؟

هزت رأسها موافقة واحتضنت خصره القريب منها بضعف ودفنت وجهها به وهمست بـدmـ.ـو.عٍ حارقة:

_ كنت خايفه مشوفكش تاني يا براء

تنفس بصعوبة لكلمـ.ـا.تها التي أصابته بمقــ,تــل ومسح على كتفها وهمس بحب ونفي:

_ بعد الشر عنك يا روح وحياة براء، الحمدلله ربنا رحيم بينا وأنتِ بخير وابننا معنا وبخير

ابتسمت بـتعب ورفرفت بأهدابها بتثاقل تحارب النوم الذي يقتحمها وهمهمت:

_ عاوزه اشوفو واحـ.ـضـ.ـنه

أومأ لها بموافقة واستدعى الممرضة لتأتي به وبعد عدة دقائق كانت تحتضن صغيرها الذي ظنت لن تراه ولن تضمه أبدًا بعدmا استمعت لهمهمـ.ـا.ت الأطباء حول صعوبة وضعها، تنفست براحة وبكت بـصمت تخرج كل مشاعرها الخائفة وبدأت في إرضاعه بـحب تحت نظرات زوجها الحنونة والمراعية لها، ابتسمت هي بـحالمية لذاك الصغير الذي كانت نتيجة معاناة طويلة مع حبٍ ملحمي وهمست له:

_ مرحب بـيك في عيلتنا، النور هل بـوجودك، بابا معانا!

همس لها « براء» بـصدق وعشق:

_ أنا ديمًا هنا، حتى لو غبت أنا جواكِ زي ما أنتِ بين أنفاسي

**********************************************

على الجانب الآخر وقفت « أثير» بين يدي زوجها يحاول منعها من الإكثار من تناول المثلجات التي باتت تدmنها مؤخرًا بسبب حملها ولكنها ترفض بشـ.ـدة الاستماع له وإن منعها بـغـــضــــب تأتي بها سرًا!! جلس بـضجر يتابع التهامها للمثلجات البـ.ـاردة وعيناه تلتهمها بـشغف كما تفعل هي مع حلوتها المفضلة!! ابتسم بـحب متذكرًا حديث الطبيبة منذ عدة ساعات بأن حملها بخير ولا خطورة عليها، عرفت أنامله طريقها لفمها المُلطخ وشعر بتصلب فكها أسفله فـنظر لها بعبث وهمس:

_ كملي وقفتي لي، انا بمسح اللي وقع منك بس

ابتلعت « أثير» ما تبقى بفمها ونظرت له بـتوجس من نظراته التي تتأكلها وهمست بـتحذير:

_ لم نفسك

أجابها « راكان» بتهكم:

_ بقالي شهور لامم نفسي ومحترم ومفيش بعد كدا احترام

كتمت ضحكاتها عليه وتغاضت عن تلميحاته الصريحة فطبيبتها حذرته من تقاربهم في بداية حملها وكم رأت غـــضــــبه منها تلك الفترة!

جذب هو عبوة المثلجات منها وبدأ بالتهامها بـعنف تحت انظارها وهتف بها بـغـ.ـيظ:

_ اضحكي اضحكي يختي والله لاطلعه عليكي كله قديم وجديد

لم تمنع ضحكاتها من الانفلات وصدحت بقوة جعلته يزجرها بعينيه بـغـــضــــب فـكممت فمها ونظرت بأدب هامسة:

_ طب خلاص اهو مش هضحك

الهبت ضحكاتها المزيد من مشاعره فوجد نفسه يسحبها من يديها للسيارة ويضعها بـغـ.ـيظ بمقعدها وينطلق لـبيتهم!! أما هي طوال الطريق تكتم ضحكاتها على غـــضــــبه وافتراسه لشفتيه حتى وصلا أمام البناية وسارعت تسبقه ولكن لـثقل حملها لحقها هو وأمسك كفها وصعدا سويًا!!

بعد وقتٍ قليل دلف غرفتهم ينتظر خروجها من المرحاض ودقاته اللعينة تفضحه بـقوة وتنبض بـعنفٍ جلي جعله يضغط على قلبه لعله يهدأ، ثلاثة أشهر تمنعها الطبيبة اللعينة عنه وهي تستغل ذلك حقًا بدلالها وتغنجها عليه!! كيدهن عظيم....

نهض بـلهفة عنـ.ـد.ما طلت هي من خلف باب المرحاض بـتـ.ـو.تر تطمئن لعدm وجوده ولكنه صدmها كما كان دومًا ودفع الباب وجذبها لتتوسط أحضانها وأحاط خصرها بـحب وشوق هامسًا:

_ نبدأ منين بقا؟! من دلعك وعِنادك فيا ولا من هروبك ونومك في أوضة حمزه؟!

ابتسمت بخجل وأحاطت عنقه ورفعت جسدها لتصل لطولة وطبعت قبلة عميقة على تفاحة آدm خاصته جعلته يشعر بذبذبة لذيذة بجسده وهمست بـشوقٍ وحب:

_ نبدأ من قلبك!

اسند جبهته على خاصتها بعشق غلف روحه وهمس بـانفاسٍ مضطربة:

_ قلبي معرفش الحب غير بيكِ يا أثير هانم

ضمت هي جسدها له و.جـ.ـعدت أنفها بـأرنبة أنفه بـشغب وهمست جوار اذنه بـهيام:

_ ما بال قلبي يسألني عنك فأجيب هو الهمس القريب منك والطيف الملامس لك والبسمة الملاطفة لك أيها الوسيم

اغمض هو عينيه وتناول شفتيها بقبلة طويلة وابتعد هامسًا:

_ يُحدثني قلبي بأنكِ مُلهمتي وجنتي، يخبرني بأن ضحكاتك سبيله و قلبكِ دليله أيتها الفاتنة

*********************************************

بالشرفة التي جمعتهم ولكن بتفارقٍ بسيط هي الآن تضمهم سويًا وهي بين أحضانه وهو يملس على خصلاتها ويحيط بطنها البـ.ـارزة التي تضم صغيرهم الأول ولن يكون الأخير! اراحت « هبه» جسدها عليه وأغمضت عينيها بـسكينة وراحة باتت رفيقتها منذ أصبحت معه وهمست بـحب:

_ أنا في جنة الأرض صح؟!

شـ.ـدد « ثائر» من ذراعيه حولها وهمس بـحب مقبلًا أذنيها:

_ لا أنتِ في حـ.ـضـ.ـني ومعايا

ادارت جسدها بين ذراعيه لتواجه نظراته التي انعكس عليها شعاع القمر الساقط فأصبحت كنجمة فضية تحرس السماء وامعنت هي النظر بها وهمست بـحب:

_ مهما طال الوقت لن تتوقف دقات مُضغتي عن الهمس باسمك ما دامت أنفاسي تخرج بانتظام

دفن « ثائر» وجهه بعنقها الناعم وهمس بـعشق وهيام:

_ ما دامت عيناي لها الحق بالرؤية لن يقع نظرها على أنثى سواكِ !

توسعت بسمة « هبه» الرقيقة التي ابرزت جمال ملامحها التي توهجت بعدmا رحل تشوهها وهمست بعشق:

_ وقعت بين ثناياكَ العميقة وفقدت إرادتي الحرة بـالرحيل وبقيت داخلك أهرب من العالم لكَ ومنك إليكَ كأنني خُلقت منكَ ولكَ

______________________________

لا ندرك فداحة فعلتنا إلا بعدmا ينسحب بساط الوقت من اسفلنا وتتوقف دقات الساعة عن المرور، سنُحاسب وبشـ.ـدة على كل دmعة تسببنا بها لقلبٍ أرهقته كلمـ.ـا.تنا التي أعابت خلقه وسـ.ـخرت من مظهره وتهكمت على هيئته، الخلق للخالق ولا حكم لنا عليه ولا اعتراض علينا به، أنتَ لا تعلم مدى عُمق الجروح الذي تركتها بـروح أحدهم عنـ.ـد.ما نظرت له نظرة ساخرة أو قللت منه لأنه ربما أقل منك جمالًا! لا تبتهج بـفظاظتك وتعدو في الخلق مرحًا وتفاخر وتنسى أن يوم الحساب ستقف ويقص منك بحق دmـ.ـو.عه التي أهدرت على قسوته نظراتك وأفعالك التي رمـ.ـيـ.ـته بها! ستحاسب بيومٍ لن تجد ما تُقدmه ولا تقرضه! إياكم والسخرية من خلق الخالق....

تمت

لو خلصتي الرواية دي وعايزة تقرأيي رواية تانية بنرشحلك الرواية دي جدا ومتأكدين انها هتعجبك 👇

تعليقات