رواية شيخ في محراب قلبي هي رواية رومانسية تقع احداثها بين زكريا وفاطمة والرواية من تأليف رحمة نبيل في عالم مليء بالتناقضات والأسرار تتشابك مصائر شخصيات رواية شيخ في محراب قلبي لتجد نفسها في مواجهة قرارات صعبة تُغير مجرى حياتهم إلى الأبد ان رواية شيخ في محراب قلبي هي قصة عن الحب الذي يتحدى الزمن والمصير الذي يفرض نفسه والأرواح التي تسعى خلف الحرية والسعادة بين الأمل واليأس وبين القوة والضعف ينسج رواية شيخ في محراب قلبي تفاصيل حياتهم في معركة غير متكافئة مع القدر لتكشف كل صفحة عن لغز جديد يقود القارئ نحو نهاية غير متوقعة
رواية شيخ في محراب قلبي من الفصل الاول للاخير بقلم رحمة نبيل
لا تحـ.ـز.ن إذا أرهقتك الهموم، وضاقت بك الدنيا بما رحبت، فربما أحب الله أن يسمع صوتك وأنت تدعوه
الشيخ الشعراوي.
صلوا على رسول الرحمة
كان يجلس في منزله ممسكا مسبحته يقلب حباتها بين أصابعه يستغفر الله، ليعلو صوت استغفاره وهو يستمع لحديث ابنه الذي يصـ.ـر.خ داخل غرفته بغـــضــــب شـ.ـديد.
يسير في غرفته ذهابا وإيابا يصـ.ـر.خ بهياج على ذلك الذي يحدثه من الجهة الأخرى حتى أنه كاد يسبب له الصمم:.
انت اتجننت؟، اسكت خالص ولا كلمة احسن والله اجيلك دلوقتي اضـ.ـر.بك.
صمت قليلا يستمع لأسباب محدثه حول تلك المصـ يـ بـةالتي تسبب بها ليعلو صراخه دون أن يشعر:
ويحك يا رجل، ماذا أصاب رأسك الفارغة؟
زفر والده في الخارج مشيرا لزوجته التي خرجت للتو من المطبخ بعدmا انتهت من إعداد الطعام:
قولي للاستاذ اللي جوا يقفل قناة اسبيستون ويخرجلي.
ضحكت وداد تضع ما تحمله على الطاولة ثم سارعت بالتحرك جهة غرفة ابنها الوحيد لتطرق الباب وهي تصيح عليه أن يخرج:
زكريا، يلا يا زكريا عشان الفطار.
أجابها زكريا من الداخل وهو يحاول تمالك غـــضــــبه بسبب ذلك الذي يحدثه:
حسنا يا أمي، أنا قادm.
لوت وداد فمها بسخرية وهي ترحل: لا تتأخر يا روح امك.
توقفت السيارة واخيرا بعد رحلة طويلة جدا عانت فيها بسبب ذلك الدوار اللعين الذي يصيب رأسها بمجرد أن تلمح سيارة أو تشتم رائحة.
وقود، خرجت من السيارة وهي تترنج يمينا ويسره بسبب و.جـ.ـع رأسها.
رفعت عينها عاليا ترمق مسكنها الجديد الذي قرر والدها نفيها به بعيدا عن الجميع، التوى ثغرها بسخرية وهي ترمق والدها الذي هبط للتو من السيارة يخرج حقائبهم ثم أخرج بعض النقود ومنحها للسائق ليرحل سريعا بعدmا حصل عليها، رأت عين والدها ترتفع لعينها وقد أمسك بها وهي ترمقه بتلك النظرة التي يمقتها وبشـ.ـدة.
ابعدت عينها عن والدها وهي تسير جهة العمارة التي يقفون أمامها لتسمع صوت والدها يصدح خلفها محدثا والدتها:
اسمعيني كويس البيت ده اوعي رجلك تخطي براه من غير اذني لا انتِ ولا بـ.ـنتك سامعة؟
اكيد يا مرسي اطمن يا خويا ربنا يديمك لينا يارب.
وكان هذا آخر ما سمعته قبل أن يختفي الصوت بسبب بُعدها...
صعدت البناية بهدوء شـ.ـديد وهي تنظر حولها تحاول استكشاف المكان بطبيعتها الفضولية.
كانت تصعد وهي تعد الدرجات التي تصعدها فقد أخبرها والدها أنهم سوف يقيمون في الطابق الثالث والان هي وصلت اخيرا له وبينما هي هكذا إذ فجأة وجدت أحد الأبواب يفتح بعنف شـ.ـديد لتصدح صرختها في المكان كله...
خرج زكريا من غرفته يستغفر ربه لما سمعه من صديقه الأحمق في بداية يومه، وجد والده يجلس على طاولة الطعام تجاوره والدته ليبتسم بهدوء شـ.ـديد يحاول محو ما سمعه منذ قليل:
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
ردد والديه التحية ليشير له والده بالجلوس جانبه مرددا بحنق: ياترى ايه اللي عكر مزاج حضرتك من الصبح ياشيخ زكريا؟
أجاب زكريا بهدوءه المريب وهو يتناول بعض الطعام: إنه ذلك الأبله رشـ.ـدي...
شهق والده بفزع وهو يضع يده على فمه بصدmة: ياللهول، ماذا حدث لرشـ.ـدي يا بنيّ
هز زكريا رأسه بيأس من صديقه المزعج: اه يا أبتاه ماذا اقول لك؟ ذاك الأحمق قد ااا...
توقف عن الحديث وهو ينتبه لنظرات والده الساخرة منه ليدرك أن والده ما قال ذلك سوى ليسخر منه:
أتسخر مني يا أبي؟
هز والده رأسه ببسمة وهو يجيبه بحنق: ما شاء الله عليك طول عمرك لماح.
لوى زكريا فمه بضيق من حديث والده ثم نهض ليقول بهدوء وجدية: هنزل افتح المحل شوية قبل الصلاة يا والدي خلص وحصلني...
ثم تحرك يخرج من المنزل بخطوات هادئة كعادته ليمد يده ويفتح الباب ثم تحرك للخارج لكن قبل أن يغلق الباب ألقى كلمته التي أصابت والده في مقــ,تــل وكأنه ينتقم منه على حديثه معه منذ ثواني...
سلام عليكم يا حاج لؤي
اسود وجه لؤي بشـ.ـدة من حديث ابنه والذي يعلم تمام العلم أنه ينتقم منه به فهو لطالما استفزه بهذا الشكل:
عجبك كده يا وداد كلام ابنك؟ شايفة بيغظني ازاي؟
ضحكت وداد وهي تنهض وتحمل الأواني مرددة باستخفاف من غـــضــــبه الواهي على لاشيء:
جرا ايه يا لؤي الواد بيهزر معاك، بعدين يعني ما انت عارف زكريا مش بيحب حد يستخف بيه خصوصا بكلامه وانت بقى مش بتفوت فرصة غير وتضايقه
انهت حديثها وهي تدخل للمطبخ ثم أكملت بسخرية من الداخل: بعدين مش مكسوف من نفسك؟ اسمك لؤي ومسمي ابنك زكريا؟ يعني لو حد سأله اسمك ايه يقوله زكريا لؤي؟ عقدت الواد في عيشته يا شيخ.
لوى لؤي فمه بضيق وهو يتناول الجريدة من أمامه معارضا حديث زوجته: - وهو ماله يعني زكريا؟ كخة؟ ده حتى اسم جميل وماشي مع شخصيته.
ايوة بس لما ميكونش اسم الاب لؤي يا حاج لؤي.
فزعت برعـ.ـب تتراجع للخلف وهي تصرخ من ذلك الذي فتح الباب فجأة ليخرج هو يرمقها بتعجب ولصراخها الغريب ذاك، اشار بكفه لها أن تهدأ ثم قال:
اهدي فيه ايه؟
وضعت يدها على قلبها برعـ.ـب شـ.ـديد وهي تنظر حولها تحاول تنظيم تنفسها ليعلو صوت ذلك الشاب مجددا وهو ينحني لها:
انتِ كويسة يا آنسة؟
رفعت نظرها له وهي تهز رأسها ببطء شـ.ـديد ثم ابتلعت ريقها وتحدث بخفوت:
ايوة الحمدلله انا كويسة و...
قاطع حديثها لذلك الشاب صوت والدتها الذي ارتفع وهو ينادي عليها: فاطمة، بت يا فاطمة.
نظرت فاطمة خلفها للدرج فتجد والدتها تصعد عليه بصعوبة بسبب وزنها وسرعة تنفسها وقبل أن تتحرك سريعاً لمساندة والدتها كان ذلك الشاب يتحرك لها وهو يمسك يدها يساعدها على الصعود متحدثا بهدوء:
براحة على مهلك
رفعت والدة فاطمة نظرها لذلك الشاب المليح مبتسمة بود وطيبة: شكرا ياحبيبي ربنا يديك الصحة يارب.
ابتسم لها الشاب وهو يعاونها للصعود ثم تحدث موزعا نظره بينهما: حضراتكم جايين لحد هنا؟
تحدث السيدة بخفوت وهي تحاول تنظيم أنفاسها: لا ياحبيبي احنا السكان الجداد هنا.
ابتسم الشاب بسمة صغيرة وهو يتوقف بجوار شقته مشيرا لشقة أخرى تجاورها:
اه انتم اللي هتسكنوا في الشقة مكان الحاج مبروك؟ على كده احنا جيران بقى، انا هادي جاركم في الشقة دي
تحدث مشيرا للشقة التي تجاور شقة فاطمة ووالدتها لتبتسم فاطمة بود وهي تتناول يد والدتها منه متحدثة بامتنان:
شرف لينا وبشكرك على مساعدة ماما.
انهت حديثها وهي تسحب والدتها لباب شقتهم ووالدتها تتحدث بخفوت: شكرا ليك تاني يابني
هز هادي رأسه وهو يتحرك متوجها خارج البناية حتى يذهب لمحل صديقه ويساعده لكن أثناء خروجه اصطدm بشاب اخر ليزفر بضيق وقد تعرف لذلك الصدر العضلي ومن غيره ضابط حارتهم الموقر.
رفع هادي رأسه لرفيقه الذي كانت ملامحه تنبأ ما يعتمل داوخله ليبتسم هادي ساخرا يرمق ملامحه:
الله الله مالك بس يا باشا على الصبح ده حتى انهاردة الجمعة.
رمقه رشـ.ـدي بغـ.ـيظ شـ.ـديد ثم تركه وتحرك دون تكلفة نفسه عناء الإجابة على تساؤله، لحق به هادي وهو يضحك بشـ.ـدة على صديقه والذي لم يره مبتسما كما كان سابقا.
تحرك الاثنان جهة محل رفيقهم والذي يقضون به إجازتهم كل اسبوع بغض النظر عن وظائفهم إلا أنهم لم يخجلوا يوما بالعمل مع رفيقهم في محل الحلاقة الخاص بوالده...
دخل رشـ.ـدي وهادي للمحل ليجدوا زكريا يجلس على أحد المقاعد ببرود وهي يرمق الباب منتظرا إياهم وبمجرد دخولهم نهض سريعا متجها لرشـ.ـدي وهو يمسك ياقة ثيابه بعنف شـ.ـديد صارخا به:
قسما بربي يا رشـ.ـدي لولا إنك الكبير ومحترمك أنا كنت قليت بقيمتك هنا.
أخرج رشـ.ـدي صوتا ساخرا من حنجرته وهو ينظر ليد زكريا مردفا بحنق: وعلى ايه بس؟ والله يا راجـ.ـل ما انت منزل من نفسك عشان كـ.ـلـ.ـب زيي.
أنهى حديثه وهو يبعد يده ليتدخل هادي وهو يجلس على المقعد المقابل للمقعد الذي كان يحتله زكريا يردف ببرود شـ.ـديد و كأن ما يراه طبيعي:
حد منكم فطر؟
انتبه له الاثنان ليقول زكريا ببساطة وكأنه لم يكد يقــ,تــل رفيقه منذ ثواني:
لا الحاج لؤي نكد عليا فسبت الاكل ونزلت
ضحك هادي بصخب فكلما استمع لكلمة صديقه تلك لا يتحمل وينفجر ضاحكا، شاركه رشـ.ـدي الضحك وهو يتجه للمقعد المجاور له:.
يا اخي ابوك كان بيفكر في ايه وهو بيسميك زكريا لؤي؟
ضحك زكريا ساخرا من رفيقه وهو يجلس على مقعده بهدوء شـ.ـديد متشـ.ـدقا بجدية:
نفس اللي كان أبوك بيفكر فيه وهو بيسميك رشـ.ـدي أباظة.
انفجر هادي في الضحك أكثر وهو يرمق ملامح رشـ.ـدي لدرجة أنه سقط من على مقعده وضحكاته تتعالى أكثر وأكثر ليشاركه الاثنان في الضحك ساخرين مما هم به.
خرجت فاطمة مفزوعة من شقتها بسبب ارتفاع أصوات صراخ في الخارج لتشاهد فتاة تقاربها في العمر تقريبا تقف خارج الشقة التي خرج منها الشاب منذ قليل وهي تصرخ بحنق شـ.ـديد:
والله لاروح اقول لهادي وهو يتصرف معاكِ.
ثم استدارت سريعا وملامحها مليئة بالغـــضــــب لكن اختفت فجأة وهي ترى فتاة تقف على أعتاب الشقة المقابلة لهم لترفع حاجبها بتعجب وهي تتخصر ترمق تلك الفتاة من أعلى لاسفل مما جعل فاطمة تنكمش في نفسها برهبة لا تنفك تتركها ابدا وقلة ثقة تكاد تجعلها تسـ.ـجـ.ـن نفسها في غرفتها دائما...
أنتِ مين؟ انتِ الساكنة الجديدة؟
ابتلعت فاطمة ريقها وهي تهز رأسها بإيجاب لتبتسم لها تلك الفتاة وهي ترمقها من أعلى لاسفل بدقة ثم اقتربت منها وهي تمد يدها متحدثة ببسمة لطيفة:
انا بثينة قوليلي بوسي، وانتِ؟
ابتسمت لها فاطمة بخفوت وهي تمد يدها متحدثة بهدوء شـ.ـديد: انا فاطمة
ابتسمت بثينة وكادت تتحدث لولا ذلك الصوت الصادر من خلفها ليجعل ملامحها تمتعض بشـ.ـدة:
واقفة عندك بتعملي ايه يا بثينة.
جزت بثينة على أسنانها بغـ.ـيظ شـ.ـديد وهي تستدير وترمق زوجة عمها بحنق شـ.ـديد:
برحب بالضيوف الجداد يا مرات عمي فيها حاجة دي؟
نظرت السيدة لفاطمة بنظرات مخيفة ثم تحدثت موجهه كلامها لبثينة: لا يا ضنايا مفيش حاجة بس اخلصي عشان امك تستعوقك
انهت حديثها ثم دخلت للشقة مجددا وهي ترمي فاطمة بنظرات مخيفة بينما نظرت بثينة لفاطمة وهي تقول بتجاهل لحديث زوجة عمها ووالدة هادي:.
شكلنا كده هنبقى صحاب وأنتِ قمر وكتكوتة في نفسك كدة
ابتسمت فاطمة بسمة واسعة وهي تستمع لثناء بثينة في مظهرها، الشيء الذي لا تسمعه كثيرا فهي دائما ما كانت تستمع أنها ذات ملامح عادية لا شيء بها مميز وللحق هذا صحيح فهي فتاة كأي فتاة بملامح عادية لا شيء بها مميز وهذا ما سمعته كثيرا من والدها...
كان هادي يسير وهو يحمل الفطور له ولاصدقائه لكن توقف فجأة حينما كان يمر من أمام القهوة ليسمع صوت يناديه بخفوت:.
واد يا هادي، انت ياض يا هادي
توقف هادي وهو يتنهد بتعب مما يتكرر كل صباح ثم استدار ببطء لذلك الذي يجلس على القهوة في مقعده المميز والذي لا يغيره ابدا وكأنه قد صُنع لأجله خصيصا و حُرِم على غيره، تحرك هادي جهة ذلك الرجل الذي ينظر له ببسمة ليقول بهدوء شـ.ـديد قلما يخرج من فمه:
نعم يا عم فرج اؤمر يا غالي.
أشار له فرج بيده ليقترب منه وهو ينظر حوله بقلق: خد الجواب ده وصله لام اشرف في سكتك وقولها فرج مش هيتخلى عنك ابدا يا حبة الجلب
نظر هادي للخطاب بيده وهو يقول بحنق شـ.ـديد: والله العظيم انا آخرتي على ايدك انت وأم اشرف بسبب العشق الممنوع بتاعكم ده، ابنها اشرف العجل ده مسيره في مرة هيمسكني يخلص عليا
سخر فرج من حديث هادي وهو ينظر له: فشر، اشرف مين ده؟ عيب عليك ده انت اكبر بلطجي في الحارة كلها.
ابتسم هادي ساخرا من حديث فرج وهو يعتدل: الله يكرمك يا حاج فرج محدش بيشجعني على هوايتي غيرك، والله محسسني اني أمام مسجد مش فاهم ايه الفخر اللي بتتكلم بيه ده؟
زفر بضيق وهو يتحرك مرددا بنزق: خليك فاهم يا فرج إن دي آخر رسالة هوصلها لام اشرف و مرة تانية هروح ادي الرسالة دي لاشرف نفسه...
أنهى حديثه وهو يتحرك مبتعدا عن فرج الذي ابتسم بشوق يهتف بصوت عالي نسبيا ليصل له:.
قولها إن شوقي زاد وفاض وبكرة يجي اليوم اللي اخلص من الواد اشرف ابنها واتجوزها
تمتم هادي بسخرية وهو ينحرف لأحد الشوارع الجانبية: والله شكلك اشرف هو اللي هيخلص منك يا فرج ويخلصني من القرف بتاعكم ده...
توقف عن الحديث تزامنا مع توقفه أمام أحد الأبواب ليمد يده ويطرق الباب بعنف بعض الشيء وهو يزفر بضيق يلعن حياته وفرج وأم اشرف وأشرف نفسه...
فتحت إحدى السيدات الباب لتتفاجئ بوقوف هادي أمام المنزل وسرعان ما انفرجت شفتيها عن بسمة واسعة وهي تنظر حوله بريبة ثم همست ترمق يده بشوق:
فروجي فراريجو اللي بعتك؟
لوى هادي فمه بضيق وهو يمد يده بالظرف ساخرا منها: اه يا ام اشرف فروجك فراريجو ابو الفراريج هو اللي بعتني، اياكش ربنا يتوب علينا من الشغلانة الهباب دي
شغلانة ايه اللي هباب دي؟
تصنم جسد هادي وهو يستمع لذلك الصوت خلفه ليستدير ببطء شـ.ـديد وهو يبتلع ريقه متمتما ببسمة غـ.ـبـ.ـية:
اشرف حبيب قلبي...
هو الزفت هادي أتأخر كده ليه؟
تحدث زكريا وهو ينزع قطعة القماش من على صدر أحد الزبائن، ثم نظر له وهو يرحل وبعدها اتجه ليجلس جانب رشـ.ـدي بتعب وملل:
تلاقي فرج قفشه
هز رشـ.ـدي رأسه وصمت ليقترب منه زكريا وهو يهمس له بحاجب مرفوع: مالك؟ لسه بتفكر في الموضوع إياه؟
رفع رشـ.ـدي أنظاره لرفيقه وهو يشرد في حياته التي تزداد تعقيدا أكثر وأكثر كلما مر به الوقت، تنهد يخرج أنفاسه بتعب ثم همس:
تعبت يا زكريا تعبت ومش عارف استريح في حياتي دي خلاص جبت اخري
ربت زكريا على قدm صديقه يسانده فهو يشعر به وبحيرته الكبيرة تلك ليهمس له بحـ.ـز.ن:
برضو موضوع شيماء؟
هز رشـ.ـدي رأسه بإيجاب وهو يتنهد بتعب شـ.ـديد: غلبت معاها يا زكريا غلبت معاها، معندهاش أي ثقة في نفسها ابدا، وكل ما يتقدm عريس لازم البيت كله يتنكد عليه
ابتسم له زكريا وهو يتحدث بخفوت: براحة عليها يا رشـ.ـدي إنت عارف هي حساسة ازاي وأقل كلمة بتزعلها
أجاب رشـ.ـدي لينهي الموضوع: حاضر هحاول يا زكريا هحاول...
ابتسم له زكريا وهو ينهض ليلملم الاشياء في المحل: طب قوم يلا خلينا نجهز للصلاة شكل هادي طمع في السندوتشات لوحده.
جرا ايه ياض يا زبـ.ـا.لة انت تكونش فاكرني محترم ياض ولا اسم على مسمى، انا هادي اه لكن عربجي
أنهى هادي حديثه وهو يدفع اشرف بعيدا عنه بغـــضــــب شـ.ـديد ثم تحرك مبتعدا وهو يتمتم بضيق لاعنا فرج وأم اشرف وعلاقتهم المقززة تلك...
كان هادي يتحرك وهو يتمتم بغـ.ـيظ شـ.ـديد بينه وبين نفسه: بتخلوا الواحد يتخلى عن أخلاقه اللي بيجاهد إنه يحافظ عليها، حارة همج...
خرج من حديثه مع نفسه على صوت يصدح من خلفه: ها يا هادي يا ابني وصلت أشواقنا وحبنا للي يستحقه؟
توقف هادي وهو يبتسم بغـ.ـيظ ثم استدار ببطء وهو يرمق فرج بنظرات مرعـ.ـبة ثم اقترب من مقعده المميز على القهوة وهو يضع الفطور على الطاولة متمتما بينه وبين نفسه:
حـ.ـر.ام السندوتشات دي نعمة برضو...
أنهى حديثه وهو يرفع نظره لفرج على ثم ابتسم له قيمة مخيفة: ها يا فروجي فراريجو تحب تعرف حبة الجلب وصلتلك ايه؟
ابتسم فرج باتساع وهو ينظر له متلهفًا: هي بعتت معاك حاجة؟
ياااه يا فراريجو دي بعتت معايا اشواق وحب وكل ما تهوى الأنفس، تعالى يا غالي خلينا اعبرلك عن جزء صغير من اللي شوفته.
دخل زكريا للمنزل سريعا وهو ينادي والده حتى يذهبا سويا للمسجد لتأدية صلاة الجمعة لكن لم يسمع ردا، فاتجه حيث يجلس والده وجده يحدق في والدته بنظرات لا تنذر بالخير، ارتالطب زكريا من الوضع الدائر بين الاثنين ليتحدث وهو يهز رأسه بفزع للفكرة التي وصلت لرأسه ليصيح وهو يركض لغرفته سريعا:
يارب لا يارب، يارب مش اللي في بالي يارب.
دخل زكريا غرفته سريعا وهو يتخبط يدعو الله في قلبه الا يكون ما يخشاه قد حدث، انطلق لخزانة ملابسه وهو يفتحها سريعا بفزع ليجد ما كان يخشاه
استند على لاب الخزانة وهو يقول بقهر: ليه يا لؤي ليه؟ لازم تخانقها دلوقتي؟ طب كنت استنى انزل الصلاة.
مسح وجهه بضيق وهو يخرج من الغرفة يأمل أن تكون والدته رأفت بحاله وتركت له عباءته المفضلة على الاقل...
وكل آماله ذهبت أدراج الرياح وهو يرى والدته تتحرك لمكان المغسلة وهي تحمل ثياب المنزل كله.
نظر زكريا لوالده وهو يقول بحـ.ـز.ن: ليه يا لؤي مزعل ست الكل ليه؟ ولا هو عشان انت اسمك لؤي واحنا اسمنا زكريا و وداد هتطيح فينا؟
نظر له والده ولم يجيبه بل اكتفى بالصمت جوابا،
نظر زكريا لوالدته ليقول محاولا أن يجعل والدته تحيد عن اعتصامها ذاك:
وداد يا حبيبتي انا ابنك زكريا حبيبك اكيد خبيتي جلبية كده ولا كده عشاني صح؟
لم تجب عليه والدته بل اشاحت بنظرها بعيدا ليزفر زكريا وهو يقول بترجي: يا ست الكل ابوس ايدك مش وقته احتجاج دلوقتي الخطبة شغالة من عشر دقايق وعايز ألحق الصلاة...
نظرت والدته له بتذمر ثم ألقت نظرة حانقة لوالده تبتسم بسخرية ليبادلها والده نفس النظرة...
مسح زكريا وجهه بضيق شـ.ـديد هل كان يجب أن يتجاذبا في الحديث الآن، فها هي والدته ترفض التحدث بكلمة واحدة عن مكان العباءة الخاصة به وهذا لأنها غاضبة من والده، وكأن ادلائها بمكان عبائته سيفقد غـــضــــبها رونقه...
اتجه زكريا لوالده وهو ينحني مقبلا يده: يا حاج ابوس ايدك صالحها دلوقتي وبعدين اتخانقوا براحتكم...
لوى والده فمه بسخرية ثم نهض يقول وهو يرمق زوجته بحنق: انا رايح البس خليني ألحق الصلاة...
خرج صوتا ساخرا من فم زكريا وكأنه يخبر والده (هذا إن وجدت ما ترتديه)
ألتفت زكريا لوالدته، مشيرا للجهة التي سلكها والده: انا مش فاهم ايه دخل اللبس في زعلكم؟ كل ما تزعلي منه تلمي هدوم البيت كله تغسليها، مش فاهم، هل مثلا صوت الغسالة بيغطي على صراخ روحك من جوا؟ عصرة الجلبية في ايدك بتنسيكي زعلك مثلا، بعدين هتزعلي لمي هدومه هو وسيبي لبسي، انا مالي انا...
رفضت والدته التحدث بكلمة واحدة كما تفعل كلما غـــضــــبت من والده، صاح زكريا بضيق وهو يستغفر ربه ثم خرج من الشقة وقد قرر الذهاب كما هو، رحل حزينا فهو اعتاد الذهاب لصلاة الجمعة بعبائته المفضلة لكن كان للحاجة وداد رأي آخر، يشكر الله أنها لم تجعله يخلع ثيابه تلك حتى تغسلها...
سار طريقه للمسجد يستغفر ربه ويحاول أن يهدأ فهذه ليست المرة الأولى التي تفعل والدته هذا فهذه عادة عندها، لكن هذه أول مرة تفعلها يوم الجمعة وايضا قبل الصلاة مباشرة...
تنهد وهو يبحث في جيبه عن هاتفه حتى يغلقه قبل الصلاة لكن لم ينتبه لتلك التي كانت في الشقة فوقه تحمل سطل كبير من المياه التي استعملتها سابقا في تنظيف الشرفة. فهي ساكنة جديدة في هذه الحارة ومازلت تنظف الشقة رفقة والدتها، نظرت للشوفى ببسمة حينما انتهت من تنظيفها نظرت للمياه في السطل باشمئزاز شـ.ـديد فهي أصبحت سوداء من كثرة الأوساخ التي نظفتها فيها، لذا حملت السطل والذي كان ثقيلا نسبيا وخرجت للشرفة مجددا على أطراف اصابعها حتى لا تفسد ما نظفته للتو، رفعت يدها وهي تتنفس بعنف شـ.ـديد من ثقل السطل ودون حتى أن تكلف نفسها عناء النظر لاسفل قامت بسكب السطل سريعا وهي تتنفس براحة لتخفيف وزنه...
أثناء بحثه عن هاتفه شعر فجأة بسيل من المياه يسقط على رأسه ليشهق بصوت عالي وهو يرتد للخلف كحركة طبيعية لجسده صارخا:
رباه!
انتبهت هي من فوق لصوت شهقات أسفل شرفتها، أطلت برأسها لتجد جريمتها أمامها لتترك السطل برعـ.ـب وهي تضع يدها على فمها شاهقة...
ما كاد زكريا يستفيق من صدmته حتى شعر فجأة بشيء يهبط عليه من الأعلى بعنف لتصدح صرخته في المكان كله بينما هي صرخت برعـ.ـب تركض لداخل شقتها برعـ.ـب شـ.ـديد...
اتجهت وداد لتفتح الباب الذي يصدح جرسه باصرار، لكن فجأة شهقت بدون صوت لما رأت من حال ابنها، نظر لها زكريا مبتسما وهو يشير لنفسه:
اهو يا ست الكل، ربك انتقملك مني عشان زعقت قبل ما اخرج، مفيش أي ردة فعل طيب ايه هتتصدmي بهدوء من غير كلمة؟
ثم انحنى يقبل يدها وهو يترجاها: ابوس ايدك انطقي فين مكان الجلبية خلاص مبقاش فيه حاجة اروح اصلي بيها. يرضيكِ افوت صلاة الجمعة يا ست الكل. اروح اشحت طيب جلبية؟
زفرت والدته بضيق وهي تتركه ثم تحركت متجهة لإحدى الغرف وعادت بعدها بحقيبة بلاستيكية تعطيها له، انفرج فم زكريا ببسمة واسعة لينكب على والدته تقبيلا ثم جذب منها الحقيبة ودخل غرفته سريعا ليرتدي ثيابه في نفس الوقت الذي خرج به والده وهو يرمق زوجته بحنق مشيرا لنفسه:
حلو كده؟ عجبك كده يعني؟
ابتسمت وداد وهي تضم ذراعيها لصدرها، خرج زكريا من من غرفته وقد كانت ملامحه عابسة ليشير لنفسه:
ايه ده؟
نظر لؤي له ليراه مرتديا عباءة كانت تخصه حينما كان في عمر العاشرة تقريبا، انفجر اسعد على ابنه وهو يشير له ضاحكا، نظر له زكريا بحنق سرعان ما تحول لقهقهات وهو يرى والده يرتدي عباءة نفس شكل خاصته...
أشار زكريا لفخذه: طب حتى يا حاجة كنت هاتي واحدة لبعد الركبة، يرضيكِ انزل كدة؟ أبين عورتي للناس كلها؟
ابتسمت وداد ولم تجب بل نظرت لهم نظرة مستهزئة ثم رحلت لتكمل عملها...
نظر زكريا لوالده بغـ.ـيظ شـ.ـديد ثم أشار لنفسه قائلا: دلوقتي يا والدي العزيز اتفضل اتصرف ليا في أي بنطلون على الميني جلبية دي خليني اروح أشحت اي حاجة من رشـ.ـدي ولا هادي...
نظر لؤي لابنه بحنق وهو يتحدث مشيرا لما يرتديه: ماله يعني الميني جلبية دي مش فاهم؟ دي حتى مبينة جمال الفخدة
ضحك زكريا بصخب وهو يترك والده ثم اتجه ناحية غرفة والديه وهو يتحدث بحنق:.
آخرتي على ايدك انت ومراتك يا حاج ربنا يخرجني من البيت دي سليم
أنهى حديثه وهو يخرج من الغرفة يلف على قدmه حجاب خاص بوالدته ثم أشار لنفسه ببسمة مغتاظة:
حلو قلة القيمة دي؟
ضحك لؤي على ابنه بعنف ولم يتمكن من كبت ضحكاته فمظهر والده كان يدعو للضحك ليتحدث زكريا بغـــضــــب شـ.ـديد:
اضحك اضحك ما هو ده اللي انتم فالحين فيه انت ومراتك.
أنهى حديثه وهو يزفر بضيق يرمق هاتفه فهو يحاول الاتصال برشـ.ـدي أو هادي لكن لا احد يجيب عليه تحدث وهو يتجه للخارج وقد نفذ صبره:
هروح لهادي أشحت منه أي جلبية ولا نيـ.ـلـ.ـة، ياريت بس تكون انت وست الكل مرتاحين وناركم تبرد...
أنهى حديثه وهو يخرج من المنزل كاللص ينظر يمينا ويسارا حتى يتبين إذا كان هناك أحد بالشارع لكن لم يجد أحد ليتنفس الصعداء ويتحرك سريعا لاقرب منزل له ألا وهو منزل هادي والذي يقع على بعد منزلين منه وبينما هو يسير كان يتلفت حوله بريبة يحمد الله في قلبه أن الجميع الان في صلاة الجمعة و الطرق شبه خالية وبسرعة كبيرة كان يقف اسفل منزل هادي ولم يكد يخطو بقدmه للداخل حتى شعر بسطل ماء يسقط عليه للمرة الثانية، شهق زكريا بعنف وهو ينظر لنفسه صارخا بغـــضــــب شـ.ـديد دون أن ينظر حتى للأعلى:.
يابـ.ـنتي ما تكبي عليا بنزين وترمي عود كبريت وتولعي فيا ارحم، ايه الغُلب ده ياربي؟
أنهى حديثه وهو يتحرك لداخل المنزل بسرعة كبيرة قبل أن ينتبه له أحد ولما يرتديه.
بينما في الاعلى كانت فاطمة تقف في الغرفة الخاصة بها وهي وتتنفس بعنف شـ.ـديد وتضع يدها على قلبها بخــــوف شـ.ـديد وهي تهمس موبخة نفسها:
تاني مرة، تاني مرة ابهدل الراجـ.ـل ده انهاردة
كادت تبكي وهي تلطم متذكرة ركضه لداخل المنزل: اكيد هيجي يشتكيني دلوقتي.
وقف زكريا أمام شقة وهو يتنهد بضيق شـ.ـديد مما يتعرض له منذ الصباح تحسس رأسه بألــم لا ينسى ذلك السطل الذي سقط على رأسه ومن نفس النافذة. تنفس لحظة وهو يهدأ من نفسه لا يطيق ثيابه المبتلة وما كاد يرفع يده ليطرق الباب حتى سمع صوت هادي يقترب منه.
صعد هادي الدرج وهو يتمتم بضيق يتناول الفطور فقد ذهب لمحل الحلاقة الخاص بوالد زكريا ليجده مغلق، وبينما هو في شروده ذاك تفاجئ بزكريا الذي يقف امام شقته ومظهره غريب وبشـ.ـدة، همس ومازال الطعام في فمه:
ايه يا زكريا اللي انت عامله في نفسك ده؟
السلام عليكم ورحمة الله
السلام عليكم ورحمة الله.
كانت تلك الكلمـ.ـا.ت تصدح في مكبرات الجامع والجميع يخرج منه بعد انتهاء الصلاة، كان زكريا يسير جوار هادي ورشـ.ـدي اللذان لم يتوقفا عن الضحك منذ انتهاء الصلاة وقص هادي على رشـ.ـدي ما حدث مع زكريا.
خلاص يا لطيف منك ليه خلصنا.
ضحك رشـ.ـدي بصخب أكثر وهو يضـ.ـر.ب على كتف هادي لا يتخيل ما حدث مع صديقه، الشيخ زكريا والذي يخشاه الجميع في الحارة كان يسير بعباءة قصيرة وحجاب ملفوف على قدmه، لا يتخيل الأمر حقا.
زفر زكريا بغـ.ـيظ شـ.ـديد وهو يتجه للمحل الخاص بوالده ثم دخل وهو يشير لهم بالجلوس:
اتنيلوا اقعدوا لغاية ما اكلم الحاجة وداد تبعت الغدا وناكل سوا
ابتسم له هادي وهو يربت على معدته بجوع: اه بالله عليك يا زكريا لاحسن فطسان جوع
ابتسم زكريا بسخرية وهو يجري اتصال بوالدته متحدثا لهادي: يا اخي ده انت واكل السندوتشات بتاعة الفطار لوحدك ارحم معدتك شوية.
زفر هادي وهو يلقي بنفسه على الأريكة الموجودة في أحد الأركان: بصلي فيهم بقى دول هما ست سندوتشات.
أخرج زكريا صوتا ساخرا من فمه وهو يتحدث في الهاتف مع والده ليخبره أن يرسل بالطعام إليهم...
مرت دقائق والثلاثة يجلسون وهم يتحدثون في أمور العمل: طبعا ما انت مستريح عندك إجازة طويلة عريضة يا استاذ زكريا.
نظر له زكريا بسخرية: يا عم اسكت ده انا بيطلع عيني في الشغل غير اني كل شوية يطلبوني في المدرسة مش زيك قاعد في المكتب تحت التكييف 24 ساعة لا شغلة ولا مشغلة.
ابتسم هادي بكـبـــــريـاء وهو يهز كتفه: جرا ايه يا استاذ زكريا بلاش الحقد والسواد اللي جواك ده، بعدين ايه لا شغلة ولا مشغلة دي؟ طب ده انا المكتب بتاعي مش بيخلى من القواضي، قضية خارجة وقضية داخلة...
قهقه رشـ.ـدي بعنف على حديث صديقه، ذاك المحامي الفاشل: حوش المحامي المخضرم، يابني ده انت نص القواضي بتاعتك بتقضيها في السـ.ـجـ.ـن مع الموكل بتاعك لغاية ما انا أتدخل واخرجك
تحدث هادي بجدية: وهو انا بدخل السـ.ـجـ.ـن ليه؟ مش عشان أآنس وحدة موكلي جوا واملى عليه حياته؟
ضحك زكريا على رفيقه وكاد يتحدث لولا وصول صوت عالي لمسامعهم وفجأة وجد الجميع مجموعة من الشباب تقتحم المحل عليهم ويبدو عليهم انهم لا ينوون خيرا.
انحنى هادي لرشـ.ـدي وهو يهمس له: هما دول تبع حد انت حبسته؟ ولا تبع موكل انا وديته في داهية؟ ولا تبع وليّ أمر ابنه شال نحو بسبب زكريا؟
كانت وداد تسير للمحل وهي تحمل صينية الطعام لابنها وأصدقائه لكن فجأة وجدت هناك مجموعة من الشباب تخرج من المحل وهم يجذبون ابنها ورفاقه معهم ويصعدون لبعض السيارات التي تصطف أمام المحل وفي ثواني كانوا يختفون من أمام أنظارها.
نادت وداد بصوت عالي علّ صوتها يصل لهم: يا زكريا طب والغدا يابني؟
وما تلك سوى فقط بداية لحكاية سنرى بها من العجائب و الغرائب الكثير.
↚
ابتعد عن من تكره، لا تجامل كذبا، ولا توافق خجلا، لم يمنحك الله هذه النفس لتعـ.ـذ.بها...
الشيخ الشعراوي
صلوا على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.
دخلت وداد المنزل وهي ما تزال تحمل صينية الغداء التي كانت تأخذها لابنها، انتبه لؤي لها فضيق ما بين حاجبيه وهو يتعجب عودتها بالطعام كاملا دون نقصان، هل ما زال زكريا غاضبا منها؟
بادر لؤي بالسؤال سريعا وهو يحاول أن يدعي اللامباه حتى لا يكـ.ـسر هو الصمت اولا بينه وبين زوجته، عدّل لؤي من وضعية الجريدة في يده وهو يتمتم وكأنه يحدث نفسه لا وداد:
هو زكريا رجع الاكل ليه؟
ابتسمت وداد بسخرية وهي تضع الصينية على الطاولة ثم جلست بهدوء شـ.ـديد دون تكليف نفسها عناء النظر له حتى بينما لؤي اغتاظ كثيرا لتجاهلها له بهذا الشكل فأخرج هاتفه سريعا وأجرى اتصالا بزكريا وهو يزفر بضيق يدعي نفاذ الصبر، ليسمع صوت زوجته بجانبه تتحدث وهي تنظر للتلفاز ببرود:
متتعبش نفسك، زكريا خرج هو وهادي ورشـ.ـدي مع صحابهم.
كرمش لؤي ملامحه بتفكير، أي اصدقاء هؤلاء فزكريا لم يكن له اصدقاء ابدا طوال حياته سوى رشـ.ـدي وهادي فقط، لكنه ورغم كل التساؤلات التي تدور في رأسه ابى إلا أن يدعي الثقل وهو يتجاهل حديث وداد وقال بضيق وهو يزفر:
انا كلمتك دلوقتي؟ انا بتصل بابني بتكلميني ليه؟
ابتسمت وداد بغـ.ـيظ شـ.ـديد وقالت وهي تنهض بهدوء مريب متجهة للمطبخ تلوي شفتيها في حركة ساخرة:
الحق عليا بقولك عشان تنزل للمحل بدل ما ابنك سابه لوحده كده.
انتفض لؤي وهو يلقي الجريدة ارضا بغـــضــــب: ساب المحل لوحده من غير حتى ما يكلمني انزل بداله؟ هو ابنك اتهبل؟
تحدثت وداد من داخل المطبخ بعدm اهتمام: تلاقيه كان مستعجل ولاحاجة انا بس شوفته خارج هو الواد رشـ.ـدي وهادي مع شوية شباب كده وركبوا معاهم العربية، حتى اني ناديت ليهم عشان الغدا بس تقريبا مسمعوش.
زفر لؤي بضيق وهو ينظر لثيابه بضيق ثم صرخ بوداد: طب اتفضلي شوفي ليا اي حاجة ألبسها خليني انزل للمحل لغاية ما يرجع الأستاذ وانا حسابي معاه بعدين.
تحدثت وداد من الداخل تدعي قلة الحيلة: كان على عيني يا غالي بس زي ما انت شايف كل الهدوم في الغسالة
صرخ لؤي بضيق وقد فاض به الكيل منها ومن أفعالها: بقولك يا وداد شوفي ليا اي نيـ.ـلـ.ـة خليني انزل...
كانت فاطمة تسير في الشارع بهدوء شـ.ـديد كما اعتادت فهي لطالما كانت تميل الهدوء والعزلة لا تحب المشاكل رغم أن حياتها لا تخلو منها، تنهدت بضيق وهي تنظر خلفها لذلك الذي لم ينزع يده من على مزمار تلك العربة الصغيرة التي تسمى
توكتوك، استدارت فاطمة بضيق شـ.ـديد وهي تنظر لذلك الشاب الذي يكاد يصعد بالعربة الخاصة به على الممر الخاص بالمشاة...
فيه حاجة حضرتك؟ عمال تزمر لما طرشتني فيه ايه؟
نظر الشاب لفاطمة ببسمة وهو يقول مراوغا: انا بس كنت حابب اسأل لو عايزة توكتوك أو حاجة؟
هزت فاطمة رأسها برفض وهي تسرع من السير تنفي حاجتها له: لا شكرا مش عايزة حاجة.
انهت حديثها وهي تسرع من سيرها تحاول الابتعاد عنه فهي لا تطيق هذا النوع من الشباب العابث تخشى أن يقذف اي سائل في وجهها ويخـ.ـطـ.ـفها، انتفض جسدها بفزع عند هذه الخاطرة وهي تزداد في سرعتها وقد بدأت ضـ.ـر.بات قلبها تعلو خاصة وهي تسمع صوت الحاح ذلك الشاب وفجأة شعرت بيد توضع على كتفها لتتراجع سريعا وهي تصرخ بعنف.
صدmت بثينة من ردة فعل فاطمة الغريبة لترفع يدها تحاول أن تهدئها مشيرة لها انها لا تقصد اخافتها...
تنفست فاطمة بعنف وهي ترمق الشاب خلف بثينة مازال يقف وينظر نحوها، انتبهت بثينة لنظرات فاطمة لتنظر خلفها سريعا وهي تحدق بشر في ذلك الشاب تصرخ به بعنف:
جرا ايه يا عسل ما تطلع بالتوكتوك بتاعك جنبنا؟
ابتسم الشاب يحاول تفادي لسان بثينة اللاذع وهو يغمز لها ملطفا: في ايه بس يا ست البنات انا كنت بلطف معاها مش اكتر ولا ايه يا مزمزيل؟
لوحت بثينة بيدها مغتاظة منه وهي تشير له بالذهاب: وهي مش طيقاك يا خفيف الدm واتفضل زق عجلك واتكل على الله.
نظر الشاب لفاطمة بغـ.ـيظ ثم تحدث بضيق: وليه بس كده يا ابلة بثينة ده انا حتى كنت ماشي في حالي وهي اللي في سكتي ومعطلاني
نظرت بثينة حيث تقف مع فاطمة ثم قالت بسخرية: يعني البـ.ـنت ماشية على الرصيف وتقول انها معطلاك؟ تعملك ايه اكتر من كده مش فاهمة؟ تروح فين يعني؟ تطير عشان سياتك تستريح؟
كانت بثينة تحرك يدها كما لو أنها تمتلك جناحين تسخر من الشاب ثم أضافت:
اتفضل امشي من هنا بدل والله تليفون واحد وتلاقي هادي في وشك
ارتعب الشاب سريعا بمجرد ذكر هادي فمن في هذه المنطقة لا يعلم من هو هادي؟ لذا ودون كلمة إضافية امسك المقود الخاص به وتحرك سريعا مبتعدا عنهم محاولا الخروج بأقل ضرر ممكن...
استدارت بثينة سريعا لفاطمة وهي تبتسم وتمسك يدها قائلة: تعالي معايا ده انتِ شكلك لبخة زي البت شيماء، همشي أبعد الناس عنكم ولا ايه؟
سارت فاطمة خلفها وهي تحمل حقيبة مشترياتها تتسائل بتعجب: شيماء مين؟
نظرت لها بثينة ببسمة وهي تشير لأحد المحلات: شيماء صاحبتي تعالي هعرفك عليها.
سارت فاطمة خلف بثينة وهي تعدل من وضع نظارتها تبتسم بغباء وقد سعدت وبشـ.ـدة لدفاع بثينة عنها وبأنها تعتبرها صديقة وستعرفها على فتاة أخرى لم تكن تتوقع أن تتعرف على صديقات بهذه السرعة.
كان الثلاث شباب يجلسون في غرفة كبيرة فارغة إلا من طاولة تكاد تنهار إذا ما مرت بها نسمة هواء بالإضافة لمقعد صغير يحتل ركن صغير من الغرفة وهم يجلسون ارضا في محاولة الوصول لسبب وجودهم هنا.
تحدث هادي وهو ينظر لرشـ.ـدي يخمن سبب وجودهم: يكنش مفكرينك رشـ.ـدي أباظة بجد وخـ.ـطـ.ـفوك عشان فدية؟
نظر له رشـ.ـدي بغـــضــــب شـ.ـديد ثم ودون إضافة كلمة واحدة كان يلكمه بعنف في وجهه يفرغ بعضا من غـــضــــبه، تأوه هادي وهو يمسد فكه بو.جـ.ـع:
وليه الغباء طيب ما كنت كلمني عادي زي ما بكلمك؟
أنهى حديثه وهو يزفر بضيق ثم استدار لزكريا الذي كان مستمرا في النظر حوله وهو يستغفر بخفوت ليتحدث هادي بغـ.ـيظ وهو يرمق رشـ.ـدي:.
ايوة والله يا زكريا استغفر الله فعلا.
صمت قليلا ليعم الهدوء في المكان ثم سارع هادي بالتحدث مجددا وهو يقول ببسمة:
يكونش حد انا ضـ.ـر.بته قبل كده؟
نظر له رشـ.ـدي بسخرية يتمتم: وطبعا ما شاء الله حضرتك مش فاكر انت ضـ.ـر.بت مين ولا مين؟
هز هادي رأسه بضيف بعدm اهتمام: اه والله يابني هو انا دmاغي دفتر يعني؟
صرخ به رشـ.ـدي بغـ.ـيظ شـ.ـديد أن يصمت ليتذمر هادي وبعد ثواني.
صمت وكاد يتحدث مجددا لولا صوت فتح الباب ودخول بعض الاشخاص ليتحدث رشـ.ـدي سريعا للرجـ.ـال:
الحمدلله كويس انكم لحقتونا ابوس ايديكم اقــ,تــلونا.
نظر له هادي وهو يغمض عينه بحسرة: لا حول ولا قوة إلا بالله، يا رشـ.ـدي يا حبيبي بلاش تضحي بنفسك عشانا، احنا هنخرج من هنا سوا...
ثم نظر للاشحاص الذين دخلوا واضاف: بس لو انت مُصر صدقني هعمل كولدير ماية على روحك وهنحتسبك عند الله شهيد.
نظر له رشـ.ـدي بضيق ولم يجيبه ليصدح صوت أحد الرجـ.ـال في الغرفة وهو يتحدث كلمـ.ـا.ت عربية بلكنة أجنبية لتخرج منه الحروف بشكل يثير الضحك لكن لم يكن الأمر كذلك عند زكريا والذي شعر فجأة بتلوث سمعه ليرمق ذلك الرجل بضيق...
مين فيكا احمد النمرس؟
فيكا؟ ايه فيكا دي؟ يكونش قصده سيكا؟ ولا فيكا ده اسم يعني حد اسمه فيكا احمد؟
كان ذلك هادي الذي عبس بتفكير ثم أضاف ببسمة يوجه كلامه للرجل: لا اكيد حضرتك غلطان محدش فينا اسمه فيكا ولو إن فيكا اهون من الأسماء بتاعتنا.
تحدث رجل آخر كان يجلس على مقعد في ركن الغرفة ليظهر أمامهم بشكل مفاجئ وهو يصحح حديث رفيقه الأجنبي:
هو قصده مين فيكم احمد النمرس؟
تحدث رشـ.ـدي يرمق صديقيه وقد أدرك أن الموضوع به خطأ ما فتنحنح متحدثا:.
زي ما قال صاحبي تقريبا فيه سوء تفاهم، مفيش حد فينا اسمه أحمد النمرس وتقدر تتأكد من بطايقنا
تحدث ذلك الاجنبي مجددا بعربية فصحى ضعيفة بعض الشيء: لكن العموان معي يقول أن احدكما هو احمد النمرس
زفر زكريا بغـ.ـيظ شـ.ـديد وهو يستغفر ربه بينما هادي رمقه بعدm فهم هامسا:
مالك يا زكريا يا حبيبي هو الراجـ.ـل غلط فيك ولا ايه؟
رمقت زكريا الرجل بضيق وهو يتمتم: ياريته غلط فيا كنت هقول الله يسامحه و هاخد حسنات وحقي هيرجع.
صمت قليلا ثم قال بتذمر: لكن من يعيد حق لغتنا الآن بعد أن شوهها
اجابه هادي بغـــضــــب مصطنع: اه والله من يعيد حق لغتنا ده انت ليلة اهلك سودة كله إلا اللغة
فتح رشـ.ـدي فمه بصدmة كبيرة لما يقول صديقه ولم يكد يتحدث حتى بادر زكريا بالقول بهدوء شـ.ـديد يميز شخصيته:
اسمها عنوان وليست عموان هذا واحد.
كان يتحدث وهو يشير بأصابعه وكأنه في أحد الفصول الدراسية التي يقضي بها اغلب وقته:
اثنان انظر الينا كم شخص ترى؟
نظر لهم الرجل بتعجب شـ.ـديد لكن تلك النظرة الصارمة في عين زكريا والتي كان غالبا ما يستخدmها مع طلابه اخافته ليسارع بالعد بلغته الاصلية والتي اتضح أنها الفرنسية ليزجره زكريا بغـــضــــب وهو يشير له بإصبعه:
لا لا توقف توقف أبدأ العد خلفي ولكن بالعربية ارجوك.
همس رشـ.ـدي في أذن هادي بنبرة حانقة: ما شاء الله زكريا بيدي الحـ.ـر.امية درس خصوصي.
ضحك هادي بصخب وهو يراقب زكريا وما يفعله في الرجل الذي ابتسم بسعادة حينما أتقن العد بالعربية ليتحدث زكريا مجددا له:
حسنا كم عددنا؟
ثلاثة.
أجاب الرجل بفخر شـ.ـديد وهو يشير لهم ليتحدث زكريا ببسمة يصحح له الجملة التي تقف في حلقه منذ سمعها منه:
حسنا نحن ثلاثة لذا عنـ.ـد.ما تشير إلينا لا تقول احدكما بل تقول أحدكم.
صفق هادي بصخب وهو يحي صديقه: الله عليك يا فخر المدرسين الله، صاحبي ده والله كان بيطلع الاول علينا كل سنة ماشاء الله يابني، ربنا يحميك من عيون اي مدرس نحو شافتك وما صلتش على النبي.
ردد زكريا في نفسه الصلاة على الرسول وكذلك رشـ.ـدي الذي كان يضحك عليهم، ثواني وكان الرجل المصري يصـ.ـر.خ بهم بعنف:
انتم جايين تهزروا هنا؟ اخلصوا مين فيكم احمد النمرس؟
تحدث هادي وهو يشير لهم بعدm فهم: والله ما نعرف مين هو احمد النمرس ده.
ثم أشار لصديقيه معرفا: ياباشا ده اسمه رشـ.ـدي أباظة ابراهيم و...
انفجر أحد الرجـ.ـال في الضحك على اسم رشـ.ـدي وهو يقول من بين ضحكاته بأنفاس مقطوعة مشيرا لنفسه:
وانا اسمي احمد رمزي.
زفر رشـ.ـدي بضيق شـ.ـديد ثم زجر الرجل بغـــضــــب: ابتدينا خفة دm اهو.
تحدث الشاب بضحك أكثر وهو يلوح بيده: والله ما بهزر انا اسمي احمد رمزي اصل الوالد اسمه رمزي فقال ليه مسميش احمد، كان بيستخف دmه وكله جه على نفوخي، وانت برضو تلاقي والدك اسمه أباظة فحب يهزر معاك.
ضحك هادي بعنف وقد نسي أنهم مخـ.ـطـ.ـوفون وهؤلاء الذين يمزح معهم هم الخاطفون ليقول مشيرا لرشـ.ـدي:.
لا هو اسمه رشـ.ـدي أباظة كده، يعني اسم مركب وأبوه اسمه ابراهيم، ده أبوه دفع فلوس كتير عشان يسميه اسم مركب تقريبا كان حابب يذله باين
أنهى حديثه ينفجر في الضحك ونظرات رشـ.ـدي الحانقة تكاد تحرقه هو ومن يضحك معه ليتوقف هادي تحت نظراته ثم أشار لزكريا وهو يقول بضحك:.
وده اسمه زكريا لؤي تخيل جحود أبوه، في زمن انتشر فيه اسماعيل و ابراهيم جه جده سمى أبوه لؤي معرفش ازاي؟ وفي زمن انتشر فيه دودو ولولو أبوه سماه زكريا ده بقى ابوه اكيد كان بيذله.
أنهى حديثه وهو ينفجر في الضحك ويشاركه بعض الرجـ.ـال عدا الرجل الذي يجلس على المقعد يحاول كتم ضحكته ليتحدث الشاب الفرنسي:
وأنت اسمك ما هو؟
كاد زكريا يفتح فمه ليعدل له حديثه لكن قاطعه حديث رشـ.ـدي الشامت وهو ينظر لهادي بتشفي:.
هادي عبدالهادي المهدي
انهى حديثه وهو ينفجر بالضحك ومعه زكريا الذي نظر لرفيقه المغتاظ وبشـ.ـدة ثم قال معقبا على حديث رشـ.ـدي يحاول صبغ نبرته بالجدية:
إنت تعرف يا هادي إن التكرار في اللغة العربية من ضمن أغراضه هو التوكيد؟ تقريبا عمي عبدالهادي كان عايز يأكد على أنك هادي بي يا عيني أحد صدmة عمره فيك.
أنهى حديثه وهو يضحك بشـ.ـدة يشاركه في الضحك رشـ.ـدي الذي أضاف مشيرا لهادي:
تقريبا أبوه بيعايره، لا ده اكيد.
زمّ هادي شفتيه بغـ.ـيظ وهو يضـ.ـر.ب الاثنين بحنق ثم قال: خلاص يا خفيف يعني مش هيكون أقل منكم يعني.
ضحك الرجل الذي يتوسط المقعد وهو يقول بمزاح: ماشاء الله يا زين ما اختار اهاليكم.
ابتسم الثلاثة بخفوت يتذكرون بأن أسمائهم تلك هي سبب معرفتهم ببعضهم البعض أثناء الروضة فلطالما عانى الثلاثة من تنمر أثناء تلك المرحلة بسبب أسمائهم وكانوا ينتقلون من روضة لأخرى حتى جمعتهم الصدفة في أحد الاماكن وتصادف أول يوم حينما استعلمت المعلمة عن أسماء الثلاثة ليقول كل واحد منهم اسمه بخجل و بعد الانتهاء من التعارف نظر الثلاثة لبعضهم البعض وانبثقت بسمة صغيرة من أفواه الصغار توحي ببدء صداقة جديدة كانت بدايتها اسم غريب جمع الثلاثة ومنذ ذلك الوقت وكان زكريا لؤي و رشـ.ـدي أباظة و هادي عبدالهادي المهدي أكثر من إخوة وأقرب لبعضهم من أنفاسهم تشاركوا كل شيء حتى المنازل فلا تعلم منزل من هذا، وبعد أن كانت أسمائهم اكبر عقدة في حياة الثلاثة شباب أصبحت تلك الأسماء اكبر منحة حصلوا عليها فمع هذه المنحة حصلوا على صداقة لمدى الحياة...
طب دلوقتي لو احمد النمرس مش واحد فيهم يبقى ازاي وصلوا هنا؟
توقفت فاطمة مع بثينة أمام أحد محلات الخضار
في انتظار رفيقتها التي كانت تتحدث عنها طوال الطريق ثواني وكانت هناك فتاة تتحرك ببطء وهي تزفر بضيق ترمق بثينة بغـ.ـيظ صارخة في وجهها:
كنتِ فين يا زفتة انتِ؟ مرة واحدة الاقيكي اختفيتي من جنبي.
جذبت بثينة فاطمة إلى جوارها وهي تقول ببسمة معرفة شيماء عليها: شوفت واحد بتاع توكتوك بيضايق البت فاطمة فقولت اروح اشوف الدنيا.
نظرت شيماء لتلك المدعوة فاطمة بجوار رفقيتها ثم قضمت التفاحة بيدها وهي تنظر لها بتقييم مشيرة لها بالاقتراب لتقترب منها فاطمة ببطء شـ.ـديد ودون أن تمهلها شيماء فرصة كانت تجذبها طاحنة إياها بين ذراعيها وهي تقول ببسمة:
الله هنبقى شلة من تلاتة...
ابتسمت فاطمة بسعادة وهي تبتعد عنها ترمق ملامح شيماء الطفولية بشـ.ـدة رغم وزنها الزائد قليلا وجسدها الممتلئ في أماكن ليست مناسبة إلا أنها كانت جميلة بريئة أو أن قلبها النقي ولطفها الواضح قد انعكس على ملامحها
تحدثت فاطمة وهي تنظر لساعة يدها بفزع: يا نهاري اتأخرت ده انا ماما هتقــ,تــلني.
ضحكت بثينة وهي تجذب يدها تسير معها نحو العمارة وهي تقول: طب خلينا نرجع وفي الطريق هقولك على شروط الاشتراك في شلتنا المتواضعة...
يعني يوم ما اقرر اعتمد عليكم و ابعتكم في مهمة متفلحوش فيها ولا حتى من باب جبر الخواطر وتفرحوا قلبي مرة...
كان ذلك صوت الرجل الذي يحتل المقعد والذي اتضح أن اسمه هو مجدي وكان يوجه حديثه لفرانسو و احمد رمزي اللذان اتضح أنهم قد اخطئوا العنوان أحضروا أشخاص غير اللذين طلب احضارهم.
تحدث احمد بتذمر شـ.ـديد وهو ينظر لفرانسو يحاول الدفاع عن نفسه: يا عمي مش إنت اللي قولتلنا إنه في محل الحلاقة اللي على ناصية شارع عمر بن الخطاب؟
صرخ به الرجل بغـــضــــب شـ.ـديد وغـ.ـيظ: يا غـ.ـبـ.ـي انا قولتلك إنه في محل الحلاقة اللي على ناصية شارع ابو بكر الصديق
يا جماعة ما كلهم خلفاء في الاخر رضوان الله عليهم، متزعلوش نفسكم، خلي بس الاستاذ احمد رمزي والاستاذ فرانسو يجوا يوصلونا وبعدين يطلعوا على الشارع اللي عايزينه.
كان هذا رشـ.ـدي الذي قاطع حديث الرجـ.ـال لينهي هذا الأمر ويعودوا للحارة...
بادر مجدي بالحديث بقلة حيلة وضيق: يارب صبرني عليكم اعمل ايه دلوقتي انا؟ زمان الزفت رؤوف حذره وهرب.
تحدث زكريا بهدوء وهو ينظر لهم: هو مين حضراتكم اصل طريقتكم وكلامكم مش مبين انكم يعني معذرة حـ.ـر.امية؟
ابتسم احمد بغباء وهو يضـ.ـر.ب على كتف فرانسو بمزاح: حـ.ـر.امية ايه بس يا جدع بقى الواد فرنسو ده منظر حـ.ـر.امي؟ ده شكله عارض ازياء.
تحدث مجدي بحـ.ـز.ن وهم: حـ.ـر.امية ايه بس يابني. انا تاجر خردة عادي وأحمد يبقى ابن اخويا وفرانسو يبقى ابن اختي بس من اب فرنسي، والزفت اللي اسمه احمد النمرس ده عيل شمام وديلر جر رجل ابني لطريق البودرة والشم منه لله...
أنهى حديثه وهو يحاول منع دmـ.ـو.عه من الهبوط بقهر شـ.ـديد على ولده الصغير، تحرك زكريا ببطء ناحية الرجل المكلوم على ابنه وهو يربت على يده يحاول أن يواسيه ثم همس له ببسمته المعهودة:.
يا اخي ليه تزعل كده بعدين يعني فرانسو وأحمد مغلطوش يمكن ربك دبر للي حصل ده عشان يساعدك ويمهدلك الطريق
نظر له مجدي بعدm فهم لينهض رشـ.ـدي وهو يقول ببسمة مازحة: وعشان خاطر احمد رمزي رفيق الشاشات والسينمـ.ـا.ت، انا هروقلك الواد احمد النمرس ده واخليه يقول حقي برقبتي.
نهض هادي سريعا وهو يرفع يده متوعدا: يمين بالله ما حد مادد أيده على الواد ده غير لما اخلص انا معاه، ده انا هطلع مرمطتي دي على جتة اللي خلفوه واحد واحد
أشار رشـ.ـدي لهادي ممازحا: مش قولتك هادي عبدالهادي، اسمى ليس على مسمى.
كان لؤي يجلس في محله بعد أن انتهى للتو من حلاقة شعر رأس أحد الرجـ.ـال، زفر بضيق وهو ينظر حوله للمحل يتوعد ابنه بضيق شـ.ـديد، سيريه ذلك الشاب المزعج العنيد كيف يترك المحل ويذهب للتسكع دون حتى أن يكلف نفسه عناء غلقه خلفه.
كان لؤي يجلس هكذا بكل ضيق وغـــضــــب ليجد زوجته تتقدm منه وهي تحمل صينية طعام تقول بشفقة عليه:
تعالى يا لؤي كلك لقمة ده إنت من صباحية ربنا ما حطتش الاكل في بقك.
نظر لها لؤي بضيق شـ.ـديد وهو ينظر للجهة الاخرى متمتما: كله من دلعك ليه يا هانم شايفة ابنك نزلت لقيت المحل لوحده ومفتوح ولولا ستر ربنا لقيت كل حاجة مكانها، بس لما يرجعلي والله لااااا...
توقف عن الحديث وهو يرى ابنه يدخل للمحل ومعه رفاقه وشابين آخرين لينهض سريعا تجاهه بغـــضــــب شـ.ـديد وهو يقول ملوحا بيده:
كنت فين يا استاذ زكريا؟ ازاي تسيب المحل مفتوح وتخرج كده؟
نظر له زكريا بتعجب ولم يكد يخبر والده ما حدث حتى قاطعه والده بغـــضــــب شـ.ـديد:
اسكت ولا كلمة، ولما انت يا خويا غاوي صياعة وعايز تصيع مع صحابك مجتش تقولي ليه كنت نزلت انا؟
فتح زكريا فمه بدهشة وهو يكرر الكلمة خلفه بتعجب: اصيع؟
همس هادي بضيق شـ.ـديد: يعني كنا مخـ.ـطـ.ـوفين ويقولك بنصيع، ده لو كنا اتقــ,تــلنا كان قال إننا بنصيف في الساحل يومين وراجعين.
ضحك رشـ.ـدي وهو يدخل للمحل متجاهلا كل هذا النقاش الذي ارهقه وما كاد يلقي بجسده على الأريكة حتى يتسريح لولا يد لؤي التي أمسكت بثيابه من الخلف في حركة مهينة وهو يصـ.ـر.خ به:
رايح فين ياض؟
همدد شوية يا حاج لؤي فيه ايه؟
نظر لؤي لرشـ.ـدي بغـ.ـيظ وغـــضــــب شـ.ـديد وهو يقربه منه ويجز على أسنانه بحنق:
هو انا لسه خلصت زعيق؟ ولا هي قلة الأدب بقت ببلاش؟
نظر له رشـ.ـدي بصدmة من حديثه: وانا مالي طيب زعق لابنك، انا مالي.
تركه لؤي وهو يدفعه جهة زكريا وهادي يصيح بهم في ضيق شـ.ـديد: انتم مالكم ايه؟ مش كل البلاوي بتعملوها سوا يبقى تتهزقوا سوا، ودلوقتي بقى حد يفهمني كنتم فين
فتح فرانسو فمه بغية التحدث لكن هادي وضع يده على صدره يمنعه: لا استنى انت عشان زكريا هيفضل يصححلك الأخطاء الاملائية ومش هنخلص
أنهى حديثه وهو يستدير للؤي وألقى في وجهه الحديث مرة واحدة: اصلنا كنا مخـ.ـطـ.ـوفين يا حاج عقبال عندك يارب.
ضـ.ـر.بت وداد على صدرها بفزع مما سمعت وهي من ظنت أنهم ذهبوا للتسكع برفقة أصدقائهم ولم يسعفها عقلها للتحدث فكان أول ما خطر في بالها هو أن قالت:
علي لحم بطنكم كدة؟
نظر زكريا لوالدته وهو يضحك بيأس ثم اقترب مقبلا مقدmة رأسها: معلش يا ست الكل المرة الجاية هنخلي اللي خـ.ـطـ.ـفونا يقفوا في الطريق ويجبولنا فطار.
رمقت وداد ابنها بحنق شـ.ـديد هي تحدثت بمنتهى العفوية ودون شعور وهو الآن يسخر منها:.
بتتريق يا زكريا وانا اللي مهانش عليا تتعـ.ـذ.بوا من غير فطار يابني
علت قهقهات زكريا وهو يضم والدته إليه أكثر يدرك مقدار خــــوفها الآن ومحاولاتها البائسة لتطمئن نفسها ولو حتى بمجرد مزاح ليبتسم لها وهو يهمس بحنان:
متقلقيش يا غالية احنا كويسين والله وانخـ.ـطـ.ـفنا بالغلط اساسا
سخر لؤي منهم بشـ.ـدة: حتى يوم ما حد يعبركم ويخـ.ـطـ.ـفكم يكون بالغلط؟ شوية فشلة ملكمش لازمة.
تحدث احمد بمزاح وهو يحاول أن يخفف حدة الأجواء: لو الحاج عايزكم تتخـ.ـطـ.ـفوا انا في الخدmة.
نظر له هادي وهو يضع يده على صدره مرددا بامتنان مصطنع: تعيش يا غالي والله انا بس كنت عايزك تخـ.ـطـ.ـفلي واحد كده
نظر له فرانسو بترقب وتعجب ليكمل هادي بملامح ممتعضة: فيه راجـ.ـل بيقعد دايما على القهوة اللي في اول الشارع اسمه فرج فروجي فراريجو هربان من محل فراخ هو، عايزك تشوفلي اي تاجر أعضاء يشيله ومش هنختلف في السعر.
هبطت فاطمة من البناية وهي تتحدث بضيق شـ.ـديد تنظر للورقة بيدها بحنق فقد نست إحضار الزيت لتجبرها والدتها على الهبوط مجددا وإحضاره وللمرة الثانية تقابل بثينة في الطريق لتتسائل بتعجب ألا تملك تلك الفتاة بيتا فهي دائما تجدها في الشارع...
أشارت بثينة لها بيدها أن تقترب وما كادت فاطمة تتحرك جهتها حتى سمعت نباح كـ.ـلـ.ـب خلفها وكان الصوت يقترب أكثر و أكثر حتى شعرت أنه سيهجم عليها في أي ثانية، و دون حتى أن تلتفت خلفها أطلقت لساقيها الريح وهي تصرخ بفزع شـ.ـديد وتركض كالخرقاء بينما توقفت بثينة في منتصف الطريق وهي ترمقها تركض هنا وهناك كالمـ.ـجـ.ـنو.نة.
كانت فاطمة تصرخ برعـ.ـب وقد أخذت دmـ.ـو.عها تهبط بشـ.ـدة فتشوش الرؤية بسبب نظارتها، تتذكر حينما عضها أحد الكلاب في منتقطهم القديمة أثناء طفولته لتعاني من بعدها من فوبيا شـ.ـديدة تجاه هذه الكائنات، كانت تبكي بخــــوف وهي تركض تخشى حتى النظر إليه، لتجد فجأة أحد المحلات وبابه مفتوح، لذا ودون تفكير كانت تركض جهته وهي تنظر خلفها ترى كـ.ـلـ.ـب كبير اسود اللون أقرب للذئاب منه للكلاب وكلمـ.ـا.ت بثينة العالية تصدح خلفهم تحاول مساعدتها:.
متجريش ياهبلة وهو مش هيعملك حاجة.
لكن وكأنها كانت تطلب المستحيل ففاطمة لم تستمع لها بل وبسرعة رهيبة كانت تدخل للمحل وهي تصرخ بفزع أن ينجدها أحد ولكن أثناء دخولها كانت تنظر للخلف خــــوفا أن يعضها الكـ.ـلـ.ـب و في ثواني شعرت بنفسها تصطدm في أحد لتأخذه وتسقط به ارضا بعنف شـ.ـديد ويعلو صرخات ذلك الشخص وقد صدm مما حدث فجأة شعر بأحد يعانقه ثم يأخذه ويسقط به ارضا...
وصلت بثينة لمحل الحلاقة الخاص بالعم لؤي بعد أن حملت حجارة وابعدت بها الكـ.ـلـ.ـب لتدخل سريعا وهي تلهث بقوة وعنف وما كادت تتحدث حتى وجدت الجميع يحدق بصدmة كبيرة ارضا لتنتقل بعينها حيث ينظر الجميع وفجأة شهقت بصدmة وهي تهمس:
يا ليلة سودة...
↚
طبعا بعد ما كتبت البـ.ـارت ودخلت المغرب عشان اراجعه لقيته محذوف كمية خـ.ـنـ.ـقة وضيق حصلتلي والله رهيبة بس الحمدلله كتبته تاني بعد ما لقيت بعض المشاهد حفظتها عندي بالصدفة وقدرت أنقذ ما يمكن إنقاذه فأتمنى تكون الأحداث حلوة وتعجبكم وحابه ابشركم إن من البـ.ـارت الجاي هتبدأ تحلو اوي.
صدmة كبيرة وصمت مهيب عقب صراخ ذلك الذي سقط ارضا وفوقه فاطمة التي فتحت عينها بصدmة لسماعها تلك الصرخات والتي تعلمها جيدا وكيف لا وهي استمتعت إليها مرتين في نفس اليوم وهذه هي الثالثة...
كان زكريا أسفل فاطمة يتأوه من ظهره مغمض العين لم يرى حتى من سقط عليه لذا ودون معرفة من الذي سقط كان يصـ.ـر.خ بعنف شـ.ـديد وهو يدفع الجسد بعيدا عنه بقوة كبيرة:
ابتعد عني يا احمق.
لوى هادي فمه وهو يحرك يده بحسرة على تلك الفتاة فزكريا حتى الآن يظن أن أحدهم هو من سقط عليه، اتجهت بثينة سريعا لفاطمة وجذبتها بعنف من فوق زكريا الذي كان يغلق عينه ويستغفر ربه بحنق على ذلك الأبله الذي كـ.ـسر له فقرات ظهره.
ابتلعت بثينة ريقها وهي تنظر بحسرة لفاطمة هامسة بخــــوف: يعني من بين كل دول ملقتيش غير الشيخ وتقعي عليه؟
رمقتها فاطمة بتعجب شـ.ـديد وهي تمسك ذراعها الذي تأذى من السقوط مفكرة هل كان يجب أن تنتقي الشخص الذي ستسقط عليه ام ماذا؟
نهض زكريا بعنف شـ.ـديد وهو يرتب ثيابه ورفع عينه بعنف لذلك الذي أمامه والذي علم أنه هو من سقط عليه وبمجرد أن رفع عينه حتى اتسعت بشـ.ـدة وبصدmة مما رأى إذا من سقط منذ قليل واستوطن أحضانه كان فتاة.
خافت فاطمة كثيرا من نظراته لها وشعرت أنه سيحرقها لذا و دون أن تمنحه ثانية واحدة كانت تركض خارج المحل برعـ.ـب شـ.ـديد ولم تعطه الفرصة للتحدث فقد كان جسدها يرتعش رعـ.ـبا من نظراته
تنفس رشـ.ـدي الصعداء لذهاب تلك الفتاة من أمام صديقه الذي يبدو كما لو أنه يشتعل الآن.
نظر هادي لبثينة بحزم مشيرا لها بالرحيل سريعا لتلوي فمها بضيق من نظراته وكادت تتحدث لولا كلمته التي خرجت منه بعنف:
علي البيت...
تذمرت بثينة منه وخرجت سريعا دون حتى قول كلمة واحدة عكس طبيعتها الثرثارة.
نظر رشـ.ـدي لصديقه وهو يهز رأسه بيأس من تصرفاته وتحكمـ.ـا.ته في جميع نساء عائلته لطالما كان الأحمق هادي هو أشـ.ـدهم تحكما في من حوله وذلك بسبب وفاة وعمه والده وتسلمه هو لكل أمور العائلة وبالتالي كان يخشى أن يغفل يوما عن أحد ويتسبب لنفسه في أي مشاكل.
كان زكريا يتنفس بعنف شـ.ـديد وهو يتذكر احتضان تلك الفتاة له وسقوطها عليه استغفر ربه فمن الواضح أنها لم تقصد ذلك لكن هو ولأول مرة يسمح لفتاة غريبة بلمسه وهذا الأمر يجعل جسده ينتفض غـــضــــبا، خرج زكريا من المحل سريعا دون حتى أن يتحدث بكلمة واحدة والجميع ينظر في أثره بتعجب شـ.ـديد.
كانت فاطمة تركض على الدرج سريعا وهي تنظر خلفها تخشى أن يكون ذلك المرعـ.ـب قد لحق بها كانت ضـ.ـر.بات قلبها تزداد بشـ.ـدة وهي ترى الرؤية مشوشة أمامها بسبب نظارتها التي امتلئت دmـ.ـو.ع وصلت واخيرا للشقة الخاصة بها وفتحتها بمفتاحها الخاص سريعا واتجهت لغرفتها وكأنها لا تستمع لنداء والدتها التي تسألها عن زجاجة الزيت التي هبطت لاحضارها لكن فاطمة كل ما فعلته هي أنها ركضت لغرفتها سريعا والقت نفسها على الفراش وهي تتنفس بعنف وخــــوف، ما تزال ترى عينه المرعـ.ـبة تلوح أمام عينها ابتلعت ريقها بخــــوف شـ.ـديد تتسائل هل كل ذلك الغـــضــــب لأنها سقطت عليه بدون قصد، تقسم أنها لم تقصد الأمر.
تنفست بعنف وهي تحاول أن تهدأ نزعت نظارتها ووضعتها جانبها ثم وفي ثواني انفجرت في البكاء وهي تتذكر ما عرضت نفسها له بسبب غبائها نظرات الجميع لها كانت وكأنها تخبرها هل أنتِ خرقاء أو ما شابه؟
حاولت أن تهدأ خاصة وهي تستمع لصوت والدتها ترحب ببثينة في الخارج وشيماء اعتدلت سريعا في جلستها وهي تحاول أن تتنفس لتهدأ ولا تبدو أمامهن كفتاة بكاءة بلهاء وسرعان ما أطل عليها وجه شيماء البرئ والجميل والتي كانت ملامحها عكس بثينة تماما فبثينة كانت ملامحها حادة وبشـ.ـدة مخيفة لمن لا يعرفها.
تحدثت بثينة وهي تنزع حجابها تلقيه على الفراش ثم جلست جوار فاطمة وجذبتها بعنف لاحضانها قائلة بحنق:.
عيطي يا اختي عيطي؟ اول يوم ليكِ وتقعي على الوحش بتاع الحارة يا خسارتك في البهدلة يا ضنايا
حدقت فيها فاطمة بتعجب من بين دmـ.ـو.عها وهي تهمس بتعجب: وحش؟
لوت بثينة فمها بضيق وهي تتحدث بنبرة يتضح فيها الغـ.ـيظ والغـــضــــب والسخرية:
اه يا ختي الشيخ زكريا، بصي الحارة كلها كوم والراجـ.ـل ده كوم تاني ملكيش دعوة بيه لانه رخم وثقيل اساسا
تحدثت شيماء بضيق من حديث صديقتها فهي تعرف مقدار كرهها وبغضها لزكريا دون وجه حق:.
حـ.ـر.ام عليكِ يا بوسي يعني هو كان عمل ايه عشان كل ده؟ ده اطيب حد في الحارة كلها وخدوم.
ضحكت بثينة بسخرية كبيرة: اه خدوم فعلا، ده معقد وبيمشي يوزع عقده على خلق الله ويفضل يبص في الارض لما يتكفي على وشه راجـ.ـل خنيق وقفل مش عارفة اساسا عائلته مستحمله تعيش مع خـ.ـنـ.ـقته ازاي
نظرت لها فاطمة بتعجب من حديثها ذاك هل هو سيء لهذه الدرجة؟
هزت شيماء رأسها بضيق من حديث بثينة فهي لطالما كرهت زكريا دون وجه حق وذلك من بعد المواجهة بين الاثنين والتي خلفت من خلفها حرب بـ.ـاردة بينهما او على الاقل من جهة بثينة.
مش عارفة اساسا هادي مستحمله ازاي؟
نظرت فاطمة لبثينة بتساؤل: هادي ده اخوكِ؟
ابتسمت بثينة بسمة واسعة وهي تهز رأسها برفض: لا ده ابن عمي بس متربيين مع بعض من صغرنا
هزت فاطمة رأسها بتفهم لتتحدث شيماء وهي تحاول تغيير الموضوع ثم قالت:.
فيه محل حلو اوي فتح جديد على اول الشارع عايزين نبقى نروح نشوف اللبس عنده اياكش الاقي مقاسي بس.
نظرت لها فاطمة بحـ.ـز.ن لنبرتها تلك ونظرتها المحرجة لتقول وهي ترمق جسدها:
ليه بتقولي كده يا شيماء أنتِ جـ.ـسمك حلو ياقلبي هو بس محتاجة تخسي شوية صغننة وهتكوني قمر
تحدثت شيماء بسخرية تقطر و.جـ.ـعا: قولي كده للناس اللي شايفيني عاملة خطر وممكن انفجر في أي لحظة
فزعت فاطمة لحديثها فهي ليست سمينة لهذه الدرجة...
نظرت شيماء لاصابعها التي تفركها بحـ.ـز.ن: كله شايف اني تخينة و وحشة
صرخت بها بثينة بغـ.ـيظ شـ.ـديد لتقليلها من نفسها: قطع لسانهم ده انتِ زي القمر...
هبطت دmـ.ـو.ع شيماء بو.جـ.ـع وخجل من مظهرها: انتِ اكتر واحدة عارفة كويس يا بوسي انا عاملة ازاي
صمتت ثم قالت وهي تحاول تمالك نفسها: مفيش حد بيبصلي اساسا ولا فيه حد اتقدmلي زي بقيت البنات اللي من سني غير هو واحد بس وطبعا مش محتاجة اقول ايه اللي حصل وقتها لما شافني.
انهت حديثها لتقترب منها فاطمة وتجذبها لاحضانها برفق وهي تهمس لها بكلمـ.ـا.ت مواسية بينما بثينة تنظر لها بو.جـ.ـع لحالتها تلك فهي حساسة وبشـ.ـدة فيما يخص مظهرها وجسدها وهذا ما يسبب لها العديد من المشاكل مع الجميع خاصةً اخيها الذي يتشاجر معها دائما لتقليلها من شأن نفسها لطالما غـــضــــب منها وخاصمها لما تفعله بنفسها فهي قد يصل بها الحال لحرمان نفسها من الطعام حتى...
عاد زكريا للمحل مجددا دون حتى كلمة واحدة وايضا الجميع لم ينبث أيّا منهم بكلمة، انسحبت وداد من بين الجميع وهي تعود لمنزلها بينما نظر لؤي للجميع منتظرا تفسير عما سمعه منذ قليل.
تنهد زكريا وهو يشير لوالده بالجلوس ثم بدأ يقص عليه كل ما حدث معهم بدءا من خـ.ـطـ.ـفهم عن طريق الخطأ حتى تلك اللحظة التي يجلسون بها معه.
فتح لؤي فمه بصدmة ثم نظر لفرانسو وأحمد وصمت قليلا وبعدها تحدث: وانتم هتساعدوهم ازاي؟
ابتسم احمد بـ.ـارتياح فقد ظن أن لؤي سيهجم عليهم في أي لحظة بسبب نظراته المخيفة لكنه خيب أمله وكان متفهما لما فعلوه.
تحدث فرانسو ببسمة واسعة: يعني انت هتساعدنا؟
تنهد هادي بـ.ـارتياح بعدmا أنهى هو جملته دون أي أخطاء قد تستوقف زكريا
هز لؤي رأسه بإيجاب ثم أشار للباب، نظر الجميع حيث يشير بتعجب ولم يفهموا قصده ليتحدث ببسمة بـ.ـاردة:
كل اللي هقدر اساعدكم فيه هو إني أشيل المحل انهاردة واعفيكم منه غير كده انا out.
نظر زكريا لوالده بحنق شـ.ـديد فتحدث لؤي مشيرا لهم بالخروج: روحوا اي نيـ.ـلـ.ـة تانية شوفوا هتعملوا فيها ايه بعيد عني يلا اسرحوا...
نظر الجميع لبعضهم البعض ثم أشار لهم هادي باتباعه، سار الجميع خلف هادي والهمسات المتذمرة تعلو بينهم لما فعله بهم لؤي.
أخذ هادي الجميع حتى شقته فهو الوحيد المتاح فيهم الآن فشقة رشـ.ـدي بها أخته وزكريا للتو أخبرهم والده أن يفعلوا ما يشاءون بعيدا عنه، ولذا لم يتبق لهم سوا شقتة هادي.
دخل الجميع للشقة وأشار لهم هادي بالتزام الهدوء ثم سريعا ادخلهم لغرفته وهو ينظر حوله بحثا عن والدته لكن لم يجد أي أثر لها ابدا لذا رجح أنها ربما تكون خرجت لأجل التسوق أو ماشابه...
جلس الجميع واستقروا في غرفة هادي ليتحدث رشـ.ـدي مشيرا له: روح يا هادي يا حبيبي قلّب تلاجتكم وشوفلنا اي حاجة نأكلها
ابتسم هادي وهو يلقي نفسه على فراشه براحة شـ.ـديد متمددا يضع قدm على قدm:
روح ولو لقيت حاجة خدها انا مش فايقلك.
لوى رشـ.ـدي فمه بضيق منه ثم ضـ.ـر.ب قدmه بعنف ونهض ليبحث عن شيء يأكله تاركا الجميع في الغرفة يفكرون في طريقة لإيجاد ذلك المدعو أحمد النمرس...
دخل رشـ.ـدي للمطبخ يبحث عن شيء لاكله وأخذ يقلب في الثلاجة وهو يحمل اشياء عديدة ويخرجها يضعها بجانبه حتى انتهى وحمل كل ما جمعه ثم اتجه للغرفة مجددا ووضع كل شيء على فراش هادي وأخذ يحضر بعض السندوتشات ويعطيها للجميع.
رفع هادي رأسه ليرى ما يفعل رشـ.ـدي فوجد أنه تقريبا أحضر كل شيء تحتوي عليه ثلاجتهم ليتحدث ساخرا:
كان فيه نص لمونة في باب التلاجة مجبتهاش ليه؟
أخرج رشـ.ـدي نصف الليمونة من أسفل الطعام وأشار له بعدها بمعنى لا تخف لم انسها
انفجر زكريا في الضحك عليهم وهو يتناول بعض الطعام من يد رشـ.ـدي الذي كان يلعب دور والدتهم في هذا الوقت...
نظر رشـ.ـدي لفرانسو وهو يشير للطعام: تاخد تاني يا فرانسو متتكسفش البيت بيتك.
هز فرانسو رأسه ببسمة وهو يشير بما بيده بمعنى أنه اكتفى.
ساد الصمت بين الجميع وهم يتناولون الطعام بهدوء شـ.ـديد حتى بدأ احمد في التحدث:
هنعمل ايه؟ النمرس زمانه مختفي دلوقتي ومش هنقدر نوصل ليه
تحدث رشـ.ـدي وهو يأكل بنهم شـ.ـديد: لو حابب تخرج الفار من جحره بتعمل ايه؟
أجاب زكريا عليه ببسمة يفهم جيدا فيما يفكر: نحطله حتة جبنة
نظر لهم احمد بغباء هو وفرانسو بينما كان هادي يستمع لهم بتركيز شـ.ـديد...
تساءل احمد عن مقصدهم ليجيبه رشـ.ـدي وقد انتهى للتو من الطعام ثم نظر له نظرة خبيثة غامزا:
يعني نحطله طعم يسحبه لبرة وواحد زي النمرس ده ديلر وبتاع برشام ايه اللي ممكن يخرجه من جحره؟
مدmن...
كانت تلك كلمة فرانسو الذي فهم ما يقصدون ليوافقه رشـ.ـدي على حديثه ببسمة وهو يكمل حديثه بجدية كبيرة:.
هنحاول نخلي واحد يدور في المنطقة بتاعته ويعمل نفسه محتاج مـ.ـخـ.ـد.رات أو برشام ووقتها ولاد الحلال كتير، هيدلوه على مكان النمرس ووقتها يكون هو على اتصال معانا ونقدر نهجم عليه وناخده نظبطه وبعدين نسيب العدالة تاخد مجراها
تحدث زكريا بتخــــوف قليلا من الأمر فهم يتعاملون مع مدmنين وتجار للممنوعات:
طب وهو اللي هيروح ليهم هيكلمنا ازاي يعني مش هما هيفتشوه قبل ما يوصل ليهم.
هز رشـ.ـدي رأسه برفض وهو يشرح له الأمر: يابني ده ديلر مش تاجر مـ.ـخـ.ـد.رات يعني عيل تافه فأول ما هيشوف ضحية جديدة هيريل عليها من غير ما يفكر اساسا.
تحدث هادي بتذاكي وهو ينظر لهم: طب ما نحط ليه جهاز تتبع يا جماعة ونريح دmاغنا.
نظر له زكريا بحنق اجابه بسخرية كبيرة: جهاز تتبع؟ واحنا هنجيب منين جهاز تتبع دلوقتي شايفنا مافيا ولا شرطة؟ لامؤاخذة يا رشـ.ـدي.
أشار له رشـ.ـدي برأسه: خد راحتك يا حبيبي...
تحدث فرانسو بما يفكر به: ومن هو الطَعم؟
أشار له زكريا ليتوقف عن الحديث مجيبا إياه: حبيبي يا فرانسو الطَعم بفتح الطاء دي لما رشـ.ـدي يديك سندوتشات وتلاقي طعمها زي وشه إنما الطُعم ده هو شيء بتحطه عشان تستدرج...
قاطعه رشـ.ـدي بضيق شـ.ـديد: خلاص يا حبيبي مش محاضرة هي، وانت يا فرانسو ابوس ايدك بلاش تتكلم قدامه، لما يمشي ابقى طلع كل اللي جواك
تحدث احمد بعدm فهم: ايوة يعني مين الطعم برضو؟
نظر رشـ.ـدي ببسمة جهة هادي الذي كان يتسطح باسترخاء شـ.ـديد: هادي طبعا هو احنا لينا غيره؟ صاحب الوجه الملائكي والقلب الطاهر البرئ
نهضت بثينة وهي ترتدي حجابها مجددا مشيرة للفتاتين للحاق بها وهي تتشـ.ـدق بضيق:
تعالوا معايا نخرج اللحمة من الفريزر بتاع مرات عمي
نظرت لها فاطمة بتشنج لما تقول ولم تفهم حديثها لتزفر بثينة بضيق وهي تتحدث وتشرح لهم الأمر:.
انهاردة مرات عمي عزمانا وخرجت هي وأمي عشان يجيبوا الطلبات وأنا نسيت أخرج اللحمة زي ما قالوا
توقف شيماء وهي تتحدث بتعجب: طب ما تكلمي هادي وهو يخرجها يابـ.ـنتي وخلينا قاعدين براحتنا.
ابتسمت بثينة بسخرية وهي تجذبهم للخارج: وهو أستاذ هادي بيقعد في البيت انهاردة تلاقيه في المحل مع الشيخ ورشـ.ـدي.
زفرت شيماء بضيق وهي تلحق بها وقد تم إفساد جلستهم كالعادة.
سارت الثلاث فتيات خارج شقة فاطمة والتي تقع بجوار شقة هادي لتخرج بثينة مفاتيح شقة عمها والتي تحتفظ بها دائما أثناء خروج زوجة عمها بطلب منها...
وقف هادي على الفراش الخاص به وهو يصـ.ـر.خ بهم بغـ.ـيظ شـ.ـديد: ليه يا خويا إنت وهو اشمعنا أنا اكون مدmن؟
أشار له رشـ.ـدي ليجلس وهو يتحدث بحزم شـ.ـديد أن يصمت ويستمع له: اولا مينفعش زكريا لأن شكله ميوحيش بكده ابدا.
ولا فرانسو اكيد واحد شعره بني سايح وبياض بحمار وعيون زرقا مش هيروح يشم بودرة ده آخره يشم غزل بنات، وأحمد غـ.ـبـ.ـي وممكن يبهدل الدنيا.
اعترض احمد وبشـ.ـدة على حديث رشـ.ـدي ليتحدث له رشـ.ـدي بحاجب مرفوع: خلاص مش غـ.ـبـ.ـي، روح إنت.
تراجع احمد سريعا وهو يجلس مكانه مجددا مبتلعا ريقه يبتسم بتـ.ـو.تر: لا انا غـ.ـبـ.ـي اساسا حتى عمي مجدي دايما يقولي يا احمد يابني إنت كفارة اخويا عن ذنوبه في الدنيا دي.
ابتسم هادي ساخرا ثم نظر لرشـ.ـدي وقال: طب والاستاذ موانعه ايه؟
ابتسم رشـ.ـدي وهو يضيف: انا ظابط، انا اللي بقبض على امثالك يا مدmن
ابتسم هادي بغـ.ـيظ شـ.ـديد ثم نزل من على الفراش وهو يتحرك في الغرفة بسخرية شـ.ـديدة مقلدا أحد المدmنين وفي تلك اللحظة كانت الفتيات تعبرن من أمام الغرفة متجهين للمطبخ الذي يقبع في نهاية ممر غرفة هادي لكن توقفن بصدmة شـ.ـديدة جراء ما وصل لمسامعهن...
انا تعبان يا باشا والله اي حاجة ابوس ايدك انا خرمان، اي حاجة اديني اي حاجة انا بقالي يومين مش بنام حاسس إن فيه حاجة بتتحرك في دmاغي همـ.ـو.ت ابوس ايدك برشامة أو حقنة. اي حاجة
شهقت بثينة بصدmة وهي تتراجع للخلف تضع يدها على فمها لا تصدق ما وصل لاذنها منذ قليل، هادي مدmن؟ ومنذ متى؟ كيف حدث كل ذلك ولم يلاحظ أحد؟
ودون أن تنتظر ثانية واحدة كانت تهرول للخارج تحت نظراته الشفقة من شيماء وفاطمة اللتان لحقتا بها سريعا...
في الداخل اطلق رشـ.ـدي صفير حاد وهو يحي هادي غامزا له بمرح: ايه ياض الحلاوة دي؟ كنت شمام وانا معرفش؟
تحرك هادي وهو يهز كتفيه بكـبـــــريـاء: من انهاردة تناديني سيادة المدmن باشا شمام بيه
ضحك زكريا عليهم بشـ.ـدة ثم تحرك جهتهم وهو يشير للجميع بالانتباه له حتى يخبرهم ما سيحدث...
مش قادرة اصدق بجد، هادي اللي عمره ما حط سيجارة في بقه مدmن؟
نظرت لها فاطمة بشفقة كبيرة تحاول أن تواسيها فما عرفته منذ قليل ليس بالهين
تحدثت شيماء في محاولة منها لتخفيف الأمر: اهدي أنتِ بس يا بوسي وكل حاجة هتتحل.
رفعت بثينة وجهها لشيماء وهي تصرخ بعدm تصديق: تتحل؟ هو ايه اللي يتحل؟ انتِ مش عارفة يعني ايه هادي مدmن؟ يعني السند الوحيد لينا مدmن؟ الضهر الوحيد من بعد مـ.ـو.ت بابا وعمي مدmن، يعني الحيطة اللي كلنا بـ.ـنتسند عليها طلعت مايلة.
انهت حديثها وهي تنفجر مجددا بالبكاء وشيماء تنظر لها بشفقة وحسرة كبيرة، هي محقة وبشـ.ـدة فالأمر صعب للغاية تتخيل لو كان رشـ.ـدي مكانه كانت لتنهار كليا، فجأة وكأنها أدركت الأمر فتحت عينها بصدmة كبيرة تتخيل أن هذا الفاسد هادي قد يسحب أخاها بطريقه الوعر ويدmر له مستقبله وحياته كلها، يجب أن تنبه أخاها وتحذره من مرافقته.
كانت فاطمة مستمرة في التربيت على ظهر بثينة لها تخفف عنها القليل مما حصلت وهي تفكر أن بثينة ستعاني كثيرا في الأيام المقبلة...
كان الخمسة شباب يقفون على بداية الشارع الذي يوجد به محل حلاقة المدعو أحمد النمرس، نظر رشـ.ـدي للجميع جيدا وهو يعيد على مسامعهم الخطة مجددا:.
تمام هنكون ورا هادي خطوة بخطوة وبرضو أول ما توصل ابعتلنا رسالة على طول واحنا هنراقبكم لغاية ما تيجي اللحظة الحاسمة وهبلغ القوات التي هتكون ورانا بالضبط ووقتها هتهجم عليهم متلبسين تمام؟
هز الجميع رأسه بإيجاب ليربت رشـ.ـدي على كتف هادي وهو يدفعه للبدأ ثم قال سريعا وقد تذكر شيء:
ركز يا هادي كويس لاحسن يعرفوا انك مش مدmن يعني كل شوية حك مناخيرك أو اهرش في دراعك و.
قاطعه هادي بضيق وحنق مشيرا للمكان بسخرية: ما تروح انت يا خويا، ما اصل الشغلانة لمت، لو سمحت سيبني اشوف شغلي ومتدخلش.
رمقه رشـ.ـدي بصدmة وما كاد يتحدث حتى وجد هادي يتركهم ويتوغل إلى داخل الشارع يسير بخطوات واهنة بعض الشيء وبشكل مزري وهو يرخي كتفيه.
سار هادي في الشارع ببطء وهو يحط أنفه من وقت لآخر ويلتفت حوله بريبة مصطنعة وكأن أحدهم يراقبه ثم ذهب وتوقف أمام المحل الخاص باحمد النمرس وهو يفرك أنفه بعنف وينظر حوله بتـ.ـو.تر شـ.ـديد يتقمس الدور بإتقان على أمل أن يلفت نظر أحد رجـ.ـال النمرس وبالفعل ما هي سوى دقائق وقد رأى أحد الصبية يقترب من مكانه وهو يبتسم له بسمة غريبة مردفا بخفوت:
فيه حاجة يا باشا؟ شكلك تايه ولا ايه؟
ابتلع هادي ريقه وهو يفرك أنفه ثم نظر حوله بريبة شـ.ـديدة وهو يتحدث بتقطع:
اصل هو...
صمت قليلا ليشجعه الصبي بعينه على إكمال الحديث: اصل ايه؟ عايز حد ولا ايه؟ قولي عايز مين وانا اقولك محسوبك يعرف أهل الحارة نفر نفر...
تحدث هادي بصوت خافت وهو يفرك رأسه مدعيا الألــم: كنت عايز المعلم احمد النمرس...
ابتسم الصبي باتساع وقد صدق حدسه حينما رآه يقف بهذا الشكل خمن أنه أحد زبائن احمد النمرس إذا وسريعا تحدث ببسمة وهو يغمز له:
برشام ولا شم ولا حقن؟
تحدث هادي بصوت عالي نسبيا وهو يدعي فقدانه التحكم في نفسه: أي حاجة هاتلي أي حاجة بس بسرعة عشان خرمان...
نظر الصبي سريعا حوله يتأكد أن لا أحد استمع أما تفوه به هذا الأحمق ثم سحبه خلفه وهو يحدثه بحدة شـ.ـديدة:.
اششش اخرس الله يخربيتك هتودينا في داهية اتنيل امشي معايا...
لاحظ رشـ.ـدي والشباب أن الصبي أخذ هادي ودخل به لأحد الشوارع الصغيرة لذا ودون أن يضيعوا وقت كانوا يركضون خلفهم وقد حرص رشـ.ـدي على أن يبقي رجـ.ـاله على علم بكل تحركاتهم...
سار هادي خلف الصبي في بعض الأزقة الضيقة وهو يتلفت حوله بريبة يحاول معرفة إذا كان الباقون يلحقون به ام فقدوا أثرهم وبعد سير طويل بين شوارع صغيرة وبيوت متلاصقة توقف الصبي واخيرا أمام مبنى يعرف بال السايبر ليشير لهادي بالبقاء هنا وانتظاره وسريعا تحرك الصبي لاسفل المبني في جحر صغير وكأنه قبو أو ما شابه ليغيب دقائق استغلها هادي ليرسل رسالة لرشـ.ـدي والشباب والذين كانوا قد فقدوا أثرهم ليسرعوا بالذهاب حيث المكان الذي أرسله لهم هادي...
وصل الشاب للمكان سريعا فهم كانوا قريبين منه جدا ليجدوا هادي يتجه مع الصبي للاسفل في مكان أشبه بالقبو ليتجهوا سريعا خلفهم دون أن يشعر بهم أحد ويختبئوا خلف أحد الأعمدة ليتضح لهم المكان جيدا...
وفي منتصف المكان كان يجلس شاب يدخن الأرجيلة في مظهر بشع وبجانبه يجلس العديد من الرجـ.ـال والصبية، اتجه الصبي سريعا للشاب والذي اتضح أنه النمرس وهمس له ببضع كلمـ.ـا.ت يأمل أن يخرج من الأمر ببضع جنيهات عمولة له لاحضار زبون جديد كما جرت العادة.
رفع النمرس عينه لهادي الذي كان يقف وهو ينظر حوله بفضول ليضيق النمرس عينه بشك من أمر هذا الشاب، التقط هادي نظرات النمرس تلك ليتوجس خيفة من كشف أمره فبدأ يفرك أنفه مجددا ويفرك رأسه ويحك في جسده ليخرج الأمر عن سيطرته وتزداد الحكة عنه
تحدث رشـ.ـدي بحنق شـ.ـديد وهو يرمق ما يفعل ذلك الغـ.ـبـ.ـي هادي: قولتله يهرش عشان يبان خرمان مش جربان
زفر زكريا بضيق من افعال هادي: ما كان ماشي كويس
متـ.ـخـ.ـلف.
تحدث النمرس وهو ينظر لهادي: قولي بقى يا حلو الملامح عايز ايه؟
تحدث هادي وهو ينظر حوله بقلق بالغ يحاول ادعاء التـ.ـو.تر ثم قال بتقطع:
اي حاجة يا معلم اي حاجة بس ابوس ايدك اديني حاجة لاحسن خرمان وعلى آخري.
ضحك النمرس وهو ينفث الدخان في وجه هادي بشكل مقزز ومثير للاشمئزاز ثم أردف بحدة:
هو ايه اللي اي حاجة ياض هو لبان ولا ايه؟ انت كنت بتاخد ايه؟ حقن ولا بودرة ولا برشام؟
سارع هادي بالإجابة عليه ببسمة قلقة: حقن يا معلم، كنت باخد حقن.
عضل ولا وريد؟
أنهى النمرس حديثه وهو يضحك بعنف ويسعل بسبب الدخان ويشاركه في ذلك رجـ.ـاله ومن حوله ليلوي هادي فمه بضيق وهو ينظر لهم ويتمتم مع نفسه بغـ.ـيظ:
يخربيت تقل دmك.
نظر له النمرس بعدmا توقف عن الضحك ثم أشار لأحد الصبية وسأل هادي:
وانت بقى كنت بتاخد نوع ايه؟
ابتسم هادي بغباء وقد نسي للحظات ما اضطره للوقوف أمامه وقال بحماس:.
ايه ده هو فيه انواع كتير ولا ايه؟
ضحك النمرس وهو يهز رأسه و يدخن ارجيلته بكل راحة...
اكمل هادي حديثه بكل غباء جعل رشـ.ـدي يكاد يخرج من مخبئه وينقض عليه ويقــ,تــله:
حيث كده بقى اعملي تشكيلة على ذوقك يعني شوية حقن على بودرة ولو فيه كام برشامة كده اكون ممنونلك يا معلم.
ضحك النمرس بعنف وهو يراقب ذلك الأحمق أمامه ولم ينتبه إلى أن هادي كان يتحدث بطبيعته أو حتى ينتبه لاستقامة هامته عكس ما كان منذ دخوله...
تحدث زكريا وهو يشير لهادي بغـ.ـيظ: الواد ده متـ.ـخـ.ـلف ولا ايه؟
عض رشـ.ـدي شفتيه بضيق وهو يهمس: بس نخرج من هنا و الله هنفخه...
نظر النمرس لهادي وهو يحدثه بتيه بعض الشيء: الظاهر إن دmك خفيف؟
ابتسم هادي باتساع وهو يحرك ياقة ثيابه بفخر: واخد جائزة أفضل ممثل كوميدي في الجامعة و...
همس فرانسو وهو يراقب ما يحدث: هل صديقكم ابله؟
همس زكريا لرشـ.ـدي وهو يراقب الوضع: هنعمل ايه يا رشـ.ـدي دلوقتي؟
نظر له رشـ.ـدي وهو يلوح بالهاتف في يده مردفا: متقلقش القوات كلها برة مستنية مني رنة واحدة بس
ابتسم له زكريا ولم يكد يجيب حتى شعروا بأحد يجذبهم بعنف لمنتصف المكان أمام النمرس وصوت يصدح في المكان:
لقينا دول مستخبيين في المكان يامعلم
نظر النمرس لهم وهو يرمقهم من أعلى لاسفل ببسمة ساحرة ثم تحدث لهم:
ومين البهوات إن شاء الله؟
دول تلاقيهم بوليس يا معلمي.
هكذا أردف أحد الرجـ.ـال بجانب النمرس ليطـ.ـلق النمرس ضحكات عالية وهو يشير لهم باستهزاء:
شرطة ايه يابني دول اشكال شرطة دول؟
نظر زكريا لرشـ.ـدي ولولا الموقف الذي هم به لكان سقط ارضا من الضحك على هيئته وملامحه الممتعضة.
تحدث هادي وهو ينظر للنمرس مبتلعا ريقه بتـ.ـو.تر: هتعمل فيهم ايه يا معلمي دول شكلهم مخبرين اساسا بالذات الواد ابو عيون حضرة ده شايف بيبصلي ازاي؟
كان هادي يتحدث مشيرا لرشـ.ـدي الذي كان يرمقه بغـــضــــب شـ.ـديد ليبتسم له هادي بتشفي...
ضحك النمرس عاليا وهو ينفث الدخان في وجهه: لا يا راجـ.ـل شايفني بريالة يلا؟ اكيد العيال دي معاك، يا حيلتها
تحدث رشـ.ـدي سريعا بشمـ.ـا.تة: ايوة يا معلم هو معانا على فكرة
نظر زكريا لهما بضيق: والله؟ هو احنا جايين نبلغ عن بعض هنا؟
زفر هادي بضيق وهو ينظر لهم غمز احمد لرشـ.ـدي أن يجري اتصالا بالفرقة التي تنتظر بالخارج إشارته...
هز رشـ.ـدي رأسه ثم سريعا أخرج هاتفه وابتسم بخبث وهو ينظر للنمرس مردفا:
خلاص يا نمرس نهايتك اتكتبت وبايدي.
وفورا ضغط رشـ.ـدي على زر الاتصال وهو يبتسم بتشفي سرعان ما انمحت بسمته وهو يستمع للصوت الصادر من هاتفه وهو يصدح في المكان
عفوا رصيدك الحالي لا يسمح لإجراء المكالمة، الرجاء الشحن ثم إعادة المحاولة
لعن رشـ.ـدي أخته في هذه اللحظة فهو متأكد انها هي من فعلت ذلك فهي لا تنزع هاتفه من يدها، همس ببسمة غـ.ـبـ.ـية:.
حد معاه كارت فكة؟
↚
قل للذي نام والأحزان تخـ.ـنـ.ـقه وهمه في ظلام الليل يشقيه هون على قلبك المحزون إت له ربما يملؤه نورة ويرويه
صلوا على شفيع الأمة
صمت طويل عم المكان كله لا تسمع صوتا سوى صوت الأرجيلة التي توجد أمام النمرس ولا ترى شيء يتحرك في هذا المكان سوى الدخان الذي يطوف المكان والذي يخرج من فم النمرس
نظر الجميع لبعضهم البعض ببسمة بـ.ـاردة بينما همس هادي الذي يجاور رشـ.ـدي:.
ها يا سيادة الظابط اعمل ايه حاجة رن عليهم شباك طيب أو ابعت كلمني شكرا...
ابتلع رشـ.ـدي ريقه وهو ينظر له بضيق شـ.ـديد هامسا بغـ.ـيظ: تعرف تسكت شوية إذا تكرمت ابوس ايدك
مدّ هادي يده في وجه رشـ.ـدي مبتسما بطريقة مستفزة ليجعل رشـ.ـدي على حافة الجنون...
كاد رشـ.ـدي يتقدm لشادي يصـ.ـر.خ به أو حتى يضـ.ـر.به لولا ذلك الصوت الذي خرج منبها إياهم عن وضعهم الحالي الذي نسوه في خضم جدالهم الأحمق.
لا مؤاخذة بس يا رجـ.ـا.لة لو مش هعطلكم خليكم معايا شوية، الاستاذ الجربان خليك معايا الله يكرمك، ايوة تمام كده
استدار كلا من رشـ.ـدي وهادي لمصدر الصوت والذي لم يكن سوى النمرس الذي كان ينفث دخان ارجيلته بسخرية، ابتسم هادي بغباء وهو يحاول الاعتدال في وقفته بينما سبّ رشـ.ـدي هادي وما يفعله من أفعال متهورة صبيانية حتى أنه للحظات جعله ينسى وضعهم باستفزازه هذا.
تحدث فرانسو وهو يهمس لاحمد: هنمـ.ـو.ت؟
نظر له احمد ببسمة وهو يتحدث بنبرة يائسة: الظاهر كده يا خويا مش انت كنت حابب تجرب العيشة المتدنية؟ اديك هتمـ.ـو.ت مـ.ـو.تة متدنية
أشار النمرس لرجـ.ـاله بملل من هؤلاء الأشخاص أن يتحركوا ويمسكوهم لينتهي من هذا الأمر الذي سبب له صداع مقيت، وما كاد رجـ.ـال النمرس يتقدmون منهم حتى صرخ بهم هادي وهو يلوح بيده في وجوههم:
لا بقولكم ايه مش هادي المهدي اللي يجي رجـ.ـا.لة زيكم ويجرجروه، لا، انا أمشي بنفسي من غير ما حد يلمسني.
جدع ياض...
ابتسم هادي لرشـ.ـدي وهو يسير جهة الرجـ.ـال بكـبـــــريـاء شـ.ـديد رافضا أن يمسه أحدهم بينما تحرك خلفه الجميع ومعهم رجـ.ـال النمرس الذين نزعوا منهم الهواتف قبل أن يدفعوا بهم في أحد الغرف ثم أغلقوا الباب خلفهم بحدة...
في الخارج كانت القوات تنتظر أمر الهجوم من رشـ.ـدي لكن طال انتظارهم بسبب عدm تلقي أي إشارة من رشـ.ـدي...
تحدث أحد الجنود لشاب يبدو من هيئته وثيابه التي تختلف عن الباقيين:.
الإشارة اتأخرت يا فنـ.ـد.م هنعمل ايه؟
زفر ذلك الرجل وعينه معلقة بالمكان ينتظر أي شيء قد يثير انتباهه فهو يخشى التدخل الان ليجد أن الوقت لم يحن بعد، ويخشى أن ينتظر ويكون رشـ.ـدي في خطر هو ومن معه لذا لم يتمكن من ارسال إشارة:
نستنى شوية ولو موصلتش أي إشارة هنهجم خلي القوات تستعد...
أنهى الرجل حديثه لينصرف الجندي وينفذ أوامره بينما ذلك الرجل نظر جهة المقر وهو يزفر بقلق هامسا لنفسه:
ياترى حصل ايه جوا؟
كانت تجلس في غرفتها بعدmا غادرت شقة فاطمة، أرادت أن تعتزل بنفسها بعيدا عن الجميع حتى ترثي ذاتها.
سقطت دmـ.ـو.عها بشـ.ـدة تتمنى لو كان ما سمعته مجرد حلم لا بل كابوس، تنفست بعنف من بين شهقاتها تحاول أخذ أنفاسها بهدوء حتى تفكر في حل لهذه الورطة، ماذا ستخبر والدتها؟ وزوحة عمها؟ هل تخبرهم أن الوحيد الذي بقي لهن في هذه الحياة مدmن؟ أن الوحيد الذي عشقته منذ كانت صغيرة ولم تبصر عينها في الرجـ.ـال سواه مدmن؟ من تعيش لأجل بسمة منه مدmن؟
و.جـ.ـع كبير ينخر في جسدها لتلقي نفسها على الفراش وهي مستمرة في البكاء دون انقطاع لتمر ساعة تقريبا وهي على هذا الحال ترفض استقبال أي مكالمة من شيماء أو فاطمة اللتان لم تتوقفا عن الاتصال لها ولو للحظة واحدة...
هدأت بثينة وهي تحاول التفكير في شيء وقد استقرت اخيرا على رأيها لتهمس لنفسها بخفوت شـ.ـديد:
هواجهه واحاول اساعده بدون ما حد من ماما أو مرات عمي يعرفوا...
هكذا همست لنفسها بإصرار شـ.ـديد وقد قررت بمجرد عودة هادي من الخارج أن تواجهه بما يفعل وتحاول جهدها لتبعده عن هذا الطريق...
دخلت شيماء للشقة الخاصة بها وهي تستمع لصوت والدتها العالي من المطبخ وهي تتسائل عن هوية الشخص الذي دخل للتو...
انا يا ماما يعني هيكون مين؟ يا انا يا بابا يا رشـ.ـدي هو حد معاه مفتاح تاني غيرنا؟
انهت حديثها وهي تتجه للمطبخ فتجد والدتها منغمسة في طهو الطعام الذي تفوح رائحته وتمر عليها سالبة لُبّها، حاولت أن تتماسك فهي اخذت عهد على نفسها بعدm الضعف مجددا...
التفتت أسماء لابـ.ـنتها ببسمة واسعة وهي تتحدث بفرحة: شوشو قلب ماما تعالي بقى دوقي الكيكة بتاعتي عملتها بالشكولاته زي ما بتحبيها.
ابتلعت شيماء ريقها بتـ.ـو.تر ثم نظرت لوجه والدتها وكذبت عليها: لا يا ماما مش قادرة خالص بطني هتنفجر لسه واكلة برة مع بوسي وبطوط
تركت أسماء ما بيدها بتعجب ثم هتفت متسائلة: بطوط مين؟
ابتسمت شيماء وهي تتحدث أثناء خروجها من المطبخ فلا تضمن أن تستمر هكذا طويلا:
دي فاطمة جارة خالتي سناء (والدة هادي ) الجديدة اتصاحبنا عليها أنا وبوسي.
هزت أسماء رأسها بتفهم ثم نظرت لها وهي تذهب: طب حتى تعالي دوقيها وقولي رأيك؟
جاءها صوت شيماء من بعيد وهي تقول بصوت عالي: مش قادرة ياماما والله، لما اصحى هبقى اشوفها.
انهت حديثها وهي تدخل لغرفتها بتعب شـ.ـديد فهي لم تتناول شيء منذ الصباح، تحركت لتقف أمام مرآتها أسوء شيء قد يمتلكه الإنسان فهذه المرآة المقيتة تواجهك بكل عيوبك التي يشفق عليك المقربين من مواجهتك بها، سقطت دmعة من عين شيماء وهي تنظر لنفسها مخبرة إياها أنها بدأت مجددا فها هو حالها كل يوم كلما اختلت في غرفتها تقف أمام المرآة وهي ترمق نفسها بحـ.ـز.ن وقلة حيلة ماذا تفعل جربت كل شيء، كل شيء بلا استثناء.
ابتعدت وهي تتجه لفراشها ثم تسطحت عليه بتعب شـ.ـديد تتذكر الهمسات التي تسمعها من جاراتها عن ذلك الغـ.ـبـ.ـي الذي قد يقبل بها زوجة، ومن يقبل أن يتزوج بفتاة ذات جسد ممتلئ مثلها؟
اغلقت عينها بو.جـ.ـع تتذكر كلمـ.ـا.ت ذلك الخاطب المزعوم والوحيد الذي طرق باب منزلهم لأجل خطبتها بعدmا رشحتها سيدة ما لوالدته، تتذكر نظرته وصدmته هو ووالدته حينما رأوها رغم أنهم كانوا من الذوق الذي جعلهم يتداركون الأمر واخفاء صدmتهم سريعا لكن بعد أن التقطتها شيماء وقد كانت وقتها تكاد تطير من السعادة فهذا اول خاطب يأتيها وقد ظنت وقتها أنه ربما رآها وهي في طريقها لجامعتها وأعجب لذا تقدm لخطبتها، تلك الأحلام الوردية التي كانت تستمع عنها من أفواه صديقاتها، لكن يبدو أنها لا تمتلك تلك الميزة ولا تستحق هذا الامتياز فهي ليست مثلهن هي كما يصفها البعض.
سمينة هبطت دmـ.ـو.عها بعنف تتذكر ذهاب ذلك الخاطب سريعا دون قول كلمة وللحق هي شاكرة له لعدm جـ.ـر.حه لها لكنه نسي أن يصمت عينه أيضا كما اصمت فمه، فما منعه خجله من قوله، صرحت به عينه وبكل وقاحة.
ليأتي لهم اتصال بعدها بيوم واحد يخبرهم الجملة المعروفة للتملص من هذه المواقف كل شيء قسمة ونصيب.
سقطت دmـ.ـو.عها بشـ.ـدة وهي تكتم شهقاتها حتى لا تستمع لها والدتها وتقلق ثم دفنت وجهها في الوسادة وهي تهمس لنفسها بتلك الجملة بو.جـ.ـع كبير:
كل شيء قسمة نصيب، وانا قسمتي الو.جـ.ـع ونصيبي الوحدة.
كان الجميع يجلسون بهدوء شـ.ـديد منافي للحالة التي هم بها يفكرون في الخطوة القادmة بعدmا فشلت خطتهم فشلًا ذريع...
تحدث رشـ.ـدي بغـ.ـيظ شـ.ـديد وهو يضغط على يده بغـــضــــب: بس لما ارجع يا شيماء هكـ.ـسرلك عضمك على اللي بتعمليه ده.
نظر له هادي نظرة قادرة على اشعاله وكاد يتحدث لولا حديث زكريا الذي قاطع هذا الجو:
خلاص خلصنا اللي حصل حصل خلينا دلوقتي نفكر في طريقة نخرج بيها من هنا اكيد يعني هنفضل قاعدين نفكر في مين السبب؟
زفر رشـ.ـدي بضيق ثم نهض من الأرض وأخذ يسير بضيق شـ.ـديد مفكرا ليتحدث أحمد بأمل شـ.ـديد:
يعني ادعي القوات لازم تستقبل منك اتصال مينفعش لما يلاقونا اتأخرنا يتوغوشوا علينا ويجوا يطلوا علينا.
نظر له رشـ.ـدي قليلا ثم ضحك وهو يقول: مش عارف ليه حسك بتتكلم على أساس والدتك سابتك في ال kids area (منطقة لعب الأطفال ) ولما تتأخر عليها هتقلق وتيجي تشوفك اتأخرت ليه؟
ابتسم احمد بغباء على حديث رشـ.ـدي لكن رشـ.ـدي أضاف لهم ببسمة وهو يستدير لهم:
بس هما فعلا كده...
نظر له الجميع بلهفة ليقول لهم رشـ.ـدي وهو يفرد يده ببسمة: بلغتهم لو اتأخرنا جوا عن ساعة يقتحموا المكان...
تحدث هادي بسخرية لاذعة على حديث رشـ.ـدي: وليه ساعة ما كفاية خمس دجايج
تجاهله رشـ.ـدي وهو ينظر لهم متسائلا: فات قد ايه على وجودنا؟
نظر فرانسو لساعته ثم أخبرهم بالفرنسية أنهم هنا تقريبا منذ 45 دقيقة...
رمق زكريا فرانسو لبرهة ثم أشار له بالاقتراب قائلا بغـ.ـيظ: هات ساعتك يا فرانكو وتعالَ يا حبيبي...
صاح رشـ.ـدي وهادي تزامنا مع القائهم لأنفسهم عليه بعنف: يا اخي بقى...
صرخ زكريا أسفل وهو يضحك بعنف بلهجته التي تستفزهم وبكثرة: ما بكما أنا فقط أردت تقديم المساعدة ثم أننا نملك بعض الوقت لما لا اكتسب بعض الحسنات في تعليم الفتى؟
تحدث هادي وهو يضغط عليه بجسده أكثر قائلا ببسمة يجاريه: هذا لأنني لم اتخلص من اللغة العربية في الثانوية العامة حتى تأكل رأس سناء بها...
ضحك زكريا بقوة وهو يحاول ابعاد صديقيه من أعلاه صارخا بهم: طب أقوله يعني ايه 45 دقيقة بالعربي طيب.
تحدث رشـ.ـدي بحنق شـ.ـديد وهو يحاول جعله يتوقف عن دور المعلم الذي يتقمصه كلما سمع فرانسو يتنفس بجانبه، يخشى أن يستشعر زكريا يوما أنه لا يتنفس كما يتنفس العربي فيبدأ بتعليمه طرق التنفس بالعربية:
يعني هتكون ايه يعني؟ ساعة إلا ربع معروفة...
كاد زكريا يجيبهم لولا سماع الجميع لصوت رجل قد اقتحم الغرفة عليهم، همس هادي بتذمر شـ.ـديد وهو مازال يعلو زكريا:
جرا ايه يا خويا مش تخبط؟ افرض بنعمل حاجة كده ولا كدة؟
فتح الرجل فمه ببلاهة وهو يرى ما يفعل هؤلاء المجانين.
ضـ.ـر.ب زكريا رأس هادي بحدة وهو يدفعه بعيدا عنه صارخا به: رباه، ابتعد من فوقي أيها الأحمق ماذا تقول أنت؟
ابتعد هادي ليسقط ارضا وينفجر ضحكا على ملامح رفيقه بينما ابتسم رشـ.ـدي لهما وكأن ذلك الرجل الذي يتوسط الغرفة في انتظار انتهائهم مجرد هواء...
قوموا المعلم عايزكم برة...
نظر الجميع لبعضهم البعض وما كاد أحدهم يتحرك حتى وجدوا بعض الرجـ.ـال يقتحمون الغرف ولا يبدو من ملامحهم أنهم ينوون خيرا، انتفض فرانسو وأحمد سريعا ليأخذوا حذرهم...
تحدث أحد هؤلاء الرجـ.ـال وهو ينظر لهم بغـــضــــب شـ.ـديد: انتم اللي بلغتوا البوليس اللي برة؟
نظر جميع الشباب لبعضهم البعض دون أن يجيب أحدهم ببـ.ـنت شفة...
استفز صمتهم ذلك الرجل وما كاد يقترب حتى وصل لمسامع الجميع اصوات عالية من الخارج تدل على أن القوى اقتحمت المكان...
شكلهم كده اتوغوشوا فعلا...
صعد لؤي شقته وهو ينظر لساعة يده بقلق شـ.ـديد فقد ذهب الشباب منذ وقت طويل وحتى الآن لم يعلم ماحدث معهم، مد يده وفتح الباب وبمجرد دخوله حتى وصل لمسامعه صوت الغسالة التي تقبع في الممر المجاور للباب ليزفر بضيق شـ.ـديد وهو ينادي على زوجته:
وداد، يا وداد.
خرجت وداد من المطبخ وهي تسير ببطء جهته وتنظر له بحنق دون أن تتفوه بكلمة ليبتسم هو بسخرية وقد أدرك أنها ما تزال غاضبة:
ده عقـ.ـا.ب خناقة الصبح ولا عقـ.ـا.ب جديد؟
لم تجب عليه وداد ليزفر لؤي بضيق شـ.ـديد وهو يشير لها أنه جائع: طب انا جعان ولا ده كمان محروم منه؟
لم تجب عليه وداد بل تركته ورحلت فصرخ لؤي بغـــضــــب شـ.ـديد: لا بقى، دي بقت عيشة تقرف يا شيخة
ماذا حدث يا ابتي ولما كل هذا الغـــضــــب؟
نظر لؤي خلفه لابنه وهو يتنفس براحة لعودته سالما ولكن انكمشت ملامحه سريعا وهو ينظر له باشمئزاز وتحرك للداخل وهو يتمتم بسخرية:
اهو قناة اسبيستون فتحت تاني، توب علينا يارب.
أنهى حديثه وهو يدخل لغرفته ويغلق بابها بحدة شـ.ـديدة ليرمقه زكريا بتعجب وهو يهمس لنفسه:
ماذا دهاه؟
دخل رشـ.ـدي لشقته وهو ينظر حوله لذلك الهدوء المريب مخمنا أن والدته لابد وأنها قد خرجت لرؤية إحدى جاراتها ليسرع وينادي باسم شقيقه يدعو الله أن تكون هنا لكن لم يصل له أي إجابة، نادى مجددا وايضا لا رد لذا تحرك جهة غرفتها لعلها تضع سماعة الأذن ولم تستمع له، لكن عنـ.ـد.ما دخل وجدها نائمة بهدوء شـ.ـديد وسلام كطفلة صغيرة ليقترب منها وهو يرمقها بشر هامسا بجانب أذنها:.
فلتي مني يا شيماء بس لما تصحي والله لاعلقك يا جزمة...
أنهى حديثه وكاد يرحل لكن لم يتمالك نفسه عن فعل عادته التي لطالما قام بها منذ صغرها لذا سريعا انحنى وقبلها بحنو شـ.ـديد وهو يمسح على رأسها لكن انتبه لملوحة غريبة في فمه أثناء تقبيله لها، ابتعد قليلا يرمقها بتعجب وهو يمرر يده على وجنتيها ليجد أنها كانت تبكي قبل نومها، جلس رشـ.ـدي على ركبتيه ارضا وهو يحدق بها في حـ.ـز.ن شـ.ـديد على صغيرته اللطيفة والمسالمة التي تحمل نفسها فوق طاقتها.
زفر بضيق وهو يقترب منها يمسح دmـ.ـو.عها ثم قبل وجنتها بلطف شـ.ـديد وحنان هامسا بجوار أذنها:
حبيبة قلبي لو اقدر اني اخد كل حـ.ـز.نك ده ليا كنت عملت كدة...
صمت قليلا ثم أضاف بحنان وهو يمسد على شعرها بلطف شـ.ـديد وقد سيطر الحـ.ـز.ن على نبرته:.
صدقيني يا قلب اخوكِ بكرة تجيلك الفرحة التي تعوضك عن كل ده، أنتِ جميلة اوي يا شيماء بس للاسف الناس هي اللي وحشة فبيشفوكي كده، يا روحي انتِ أعلى من أن ناس زي دي تنزل دmعة من عيونك يا دبدوبتي...
أنهى حديثه وهو يقبلها قبلة اخيرة قبل أن ينهض ويخرج سريعا ليبدل ثيابه ويذهب لعند هادي كما اتفق معهم لكن تلك الغصة التي استحكمت حلقة جعلته يود الذهاب لحبس نفسه في غرفته حـ.ـز.نًا على حال أخته...
كان يتمدد على فراشه بتعب شـ.ـديد جراء ما عاناه منذ ساعة تقريبا فقد هجمت القوات سريعا على الوكر وبسبب غباء النمرس ورجـ.ـاله فلم يكونوا مجهزين بشكل جيد يؤهلهم للمقاومة فيبدو أن حديث ذلك الشرطي الفاشل رشـ.ـدي صحيح، هو مجرد ديلر لا اكثر لذا لا خــــوف منه...
خرج هادي من شروده على صوت طرق الباب فنهض وهو يظن الطارق أحد الشباب فقد اتفق معهم على ملاقاته في شقته بعدmا يغير كل شخص فيهم ثيابه.
تقدm هادي من الباب ثم فتحه بـ.ـارهاق شـ.ـديد واستدار وهو يخبر رشـ.ـدي بأن يغلق الباب:
اقفل الباب يا رشـ.ـدي وتعالى عشان انا فصلان والله.
فصلان ولا خرمان يا أبن عمي؟
فتح هادي عينه بصدmة كبيرة وهو يستمع لذلك الصوت ليبتلع ريقه وهو يهمس لنفسه:
يارب يكون رشـ.ـدي صوته بقى ناعم مش اكتر...
استدار ببطء ليجد بثينة تقف على الباب وهي تتخصر بغـ.ـيظ شـ.ـديد ليبتلع ريقه بتـ.ـو.تر من وقفتها ثم قال وهو يحاول عدm النظر لها:.
اهلا يا بسبوسة فيه حاجة ولا ايه؟
ابتسمت بثينة بسخرية ثم قالت له وهي تخرج: عايزاك في كلمتين يا هادي معلش...
انهت حديثها وهي تسبقه للخارج بينما هادي ينظر في أثرها بعدm فهم وتلك الكلمة التي ألقتها منذ قليل تحوم حوله منبئة إياه أن السيء لم يأتي بعد، تحرك هادي خلفها ببطء شـ.ـديد يحاول ترتيب أفكاره ومعرفة كيف وصلت لها هذه الكلمة، ام أنها لا تقصده هو؟ زفر بضيق وهو يجدها تتوسط أريكة الصالون بكل أريحية ليجلس على مقعد مقابلها يتساءل بعينيه عما تريد...
نظرت بثينة له قليلا تقنع نفسها ألا تضعف أمام عينيه لتتحدث بصوت خافت مشيرة للمطبخ:
ماما ومرات عمي في المطبخ...
هز هادي رأسه بمعنى وإذا؟ لتكمل هي سريعا: انا عارفة كل حاجة يا هادي...
رمقها هادي بعدm فهم لتسارع في القول بما يجول بخاطرها رامية بقنبلتها في وجهه:
إنك مدmن...
وها قد حدث ما كان يخشاه منذ قليل، فتح عينه بصدmة وهو ينتفض من حديثها واقفا ثم قال بعدm تصديق:
انا مدmن؟
نهضت بثينة بتـ.ـو.تر من حديثه تخشى أن يصل لأحد في المطبخ لتسارع تقترب منه:
اششش وطي صوتك حد يسمعك، انا مش هقول لحد متخافش وهساعدك عشان تطلع من الطريق ده...
فتح هادي فمه يضحك بعدm تصديق مما تقول ما الذي تهذي به هذه الفتاة، هو مدmن؟ وسرعان ما تذكر ما حدث منذ ساعات
أنتِ كنتِ في الشقة وسمعتيني؟
هزت رأسها بخجل منه فهي سمعته يتحدث بما لا يجب أن يسمعه شخص منه...
مكنش قصدي والله ده انا وفاطمة وشيماء كنا داخلين نخرج اللحمة من الفريزر وسمعنا بالصدفة
فرد هادي ذراعيه بصدmة وهو يصـ.ـر.خ بصوت عالي وقد أصبح الآن مدmنا رسميا:
احيه، ده انا اتجرصت في الحارة، يامصيبتك يا هادي
سقطت دmـ.ـو.ع بثينة بخــــوف شـ.ـديد من انهياره وهي تحاول تهدئته مردفة: متخافش والله انا قولت ليهم محدش يجيب سيرة لحد وانك هتتعالج مش كده؟
قالت آخر كلمة بأمل لينظر لها هادي وهو يضغط على يده بغـــضــــب ثم صاح دون أن يتحكم بحاله:
اتعالج ايه مش لما أدmن الاول؟
أهدى بس ابوس ايدك والله هتلاقي حل متخافش
صرخ هادي بجنون وهو يتخيل أنه أصبح الآن مدmنا في أعين الفتيات وطبعا لا يمكنك أن تسكت فتاة عن فتح فمها:
برضو بتقولي هنلاقي حل يابت انتِ هبلة ولا ايه؟ بقولك انا مش مدmن انا مش مدmن اغنيها ليكِ ولا الحنها...
ثم صاح بصوت عالي وهو ينظر المطبخ: ياما هاتيلي الطبلة والصاجات الله يكرمك...
ثم نظر بعدها لبثينة وهو يقول بضيق: فرحانة دلوقتي؟
نظرت له بثينة تظن أنه انهار لمعرفته أن سره انكشف أمامها لذا تحدثت بهدوء شـ.ـديد وهي تمسح دmـ.ـو.عها:
يا هادي والله انا عايزة اساعدك.
يا ختاااااااااااي
كانت هذه صرخة هادي الذي أطلقها بقلة صبر ثم صرخ فيها بغـ.ـيظ شـ.ـديد وهو يرفع يده يكاد يضـ.ـر.بها لتخفي وجهها صارخة:.
اهو بدأت أعراض الانسحاب تظهر عليك
صاح هادي فيها بغـــضــــب: أعراض انسحاب ايه يا متـ.ـخـ.ـلفة انتِ؟ دي خلايا مخك اللي انسحبت من راسك بسبب هبلك وحلفت مـ.ـيـ.ـت يمين إن ملهاش عيش في الدmاغ دي بعد وصله الغباء دي افهمي يا هبلة انا مش مدmن و لا نيـ.ـلـ.ـة
مسحت بثينة عينها بحـ.ـز.ن ثم نظرت له وهي تقول بعدm تصديق: بتقول كده عشان انسى واسيبك في حالك صح؟
اسكتي بدل والله اكـ.ـسرلك دmاغك الفاضية دي، اسمعي.
صمت وهو يتنهد بضيق ثم أخذ يشرح لها كل ما حدث لتفتح فمها بصدmة كبيرة مما تسمع:
يعني كل ده كان تمثيلية عشان تقبضوا على المجرمين
هز هادي رأسه وهو يحاول الهدوء: ايوة ولو كنتِ صبرتي شوية كنتِ سمعتي صوت شادي والشباب معايا جوا...
نظرت له بثينة ببسمة واسعة ثم اختفت قليلا وهي تقول بتـ.ـو.تر: إنت مش بتكدب عليا عشان انسى الحوار وتكمل شم صح؟
رفع هادي يده على هيئة حلقة وكأنه يكاد يخـ.ـنـ.ـقها ليتحدث وهو يضغط على فكه بعنف:.
اخفي من وشي دلوقتي لاحسن امسكك اقــ,تــلك سامعة، ولا اقولك انا اللي هغور
ثم خرج سريعا من الشقة وهو يرى والدته تخرج من المطبخ وتمسح يدها وبجوارها زوجة عمه:
في ايه يابني صوتكم عالي ليه؟
نظر لها هادي وقال وهو يفتح الباب بسخرية: لا ابدا يا حاجة كملي اللي بتعمليه انا نازل القهوة.
ثم خرج سريعا واغلق الباب خلفه بعنف لينتفض الجميع وتنظر سناء بحدة لبثينة:
فيه ايه يا بوسي هو زعلان كده ليه؟
لم تجب عليها بثينة فهي لم تستمع لها من الأساس لتجلس على الأريكة مجددا وهي تهمس ببسمة غـ.ـبـ.ـية:
مطلعش مدmن، مطلعش مدmن.
كان هادي يهبط الدرج بسرعة كبيرة وقد بدأ واخيرا يشعر بغـــضــــبه ينحسر ليصطدm فجأة في زكريا الذي كان على وشك الصعود إليه...
فيه ايه يابني براحة هتشيل وشي، مالك فيك ايه؟
هز هادي رأسه بلا شيء ثم امسك يده وسحبه خلفه ببطء وهو يقول: تعالى نقعد على القهوة وكلم رشـ.ـدي يجيلنا على هناك...
فاطمة يابـ.ـنتي تعالي بسرعة المسلسل هيبدأ...
خرجت فاطمة سريعا من غرفتها وهي تعدل نظارتها ببسمة واسعة ثم جلست جوار والدتها بحماس شـ.ـديد وهي تقول لها:
متفرجتش على الحلقة اللي فاتت احكي ملخص بسرعة لغاية ما التتر يخلص...
بدأت والدتها تقص عليها سريعا ملخص الحلقة السابقة وهي تصف لها بيدها كل ما حدث وكأنها تمثل معهم لتفتح فاطمة فمها بحماس:
يا نهاري ده انهاردة هتكون حلقة دmار...
ابتسمت لها والدتها ثم رمقت التلفاز بحنق شـ.ـديد وهو بمجرد انتهاء اغنية البداية يأتي إعلان طويل مدته 15 دقيقة تقريبا...
الواحد ملّ من القناة دي بجد اعلانات اعلانات اعلانات ده ناقص بعد كل اسم ممثل في التتر يجيبوا اعلان.
ضحكت فاطمة بعنف وهي تنهض سريعا تقول لوالدتها التي تجلس: طب كويس لغاية ما انزل اجيبلنا شوية تسالي عشان نمخمخ اصل حلقة انهاردة هتكون روعة...
انهت حديثها وهي تدخل غرفتها لتغيب داخلها قليلا ثم خرجت وهي تعدل من وضع حجابها قائلة بسرعة وهي تتجه للباب:
مش هتأخر هجيب شوية لب وبيبس وجاية وهجيب معايا درة فشار...
ماشي بس مش انا اللي هقوم اعملها زي كل مرة تقومي أنتِ بقى...
وافقت فاطمة سريعا وهي تخرج حتى تلحق بداية المسلسل...
في الأسفل كان كلا من هادي و زكريا يتقدmون جهة القهوة و زكريا لا يفهم شيء مما يفعل هادي فقد كان يتمتم بضيق شـ.ـديد طوال الطريق...
بمجرد وصولهم للقهوة حتى انطلق صوت عالي سعيد: هادي حبيبي، كنت فين من الصبح؟
زفر هادي بضيق شـ.ـديد وهو يرمق فرج الذي نهض من مكانه متجها له بظرف في يده وبكل لهفة مدّ يده بالظرف وهو يقول له بتملق:
خد معلش وصل ده لام اشرف...
نظر هادي ليده قليلا ثم رفع عينه لفرج وهو يقول بعدm فهم: هو مش انا ودتلها واحد الصبح؟
ابتسم فرج بسمة غـ.ـبـ.ـية بعض الشيء وهو يجيب: ايوة بس احنا دلوقتي بليل فلازم امسي عليها...
يا اخي جاك البلا في صباحك ومسائك وحبك الملزق ده ما تستخدm تليفونك وابعتلها رسالة واتس قرفتوني معاكم...
صدm فرج من هجوم هادي عليه وتراجع قليلا للخلف بينما ضحك زكريا وهو يتركه ليتصرف معه ثم تحرك للمحل المقابل للقهوة ليحضر له أي عصير بـ.ـارد...
إنت بتكلمني كده ليه يابني هو انا ضغطت عليك وزهقتك معايا ولا ايه؟
كان فرج يتحدث بحـ.ـز.ن وهو ينظر للغـــضــــب المرسوم على ملامح هادي ليجيبه هادي ببسمة بـ.ـاردة:
اه.
ابتسم فرج له وهو يمد يده بالرسالة وكأنه لم يكن يتحدث بتمسكن منذ قليل:
حيث كده مش هيضر لو ضغطنا ضغطة صغننة كمان، يرضيك ام اشرف تنام من غير ما اطمنها عليا؟
أشار هادي لنفسه بنفاذ صبر: انا مالي؟ ما تنام ولا تسهر انا مالي؟ بعدين تطمن عليك ايه بس يا فرج هو إنت مهاجر العراق ما انت ملزوق في الكرسي على القهوة لما بقيت ماركة مسجلة...
صمت ثم أكمل بغـ.ـيظ من ذلك الرجل المتصابي: يا جدع ده احنا بقينا نوصف الطريق بيك، لو حد سأل على مكان بنقوله على يمين كرسي فرج وعلى شمال كرسي فرج، ده احنا هنقدm طلب للدولة عشان تضيفك على الخريطة، يا جدع دول عيالك قربوا ينسوا وشك
تنفس فرج بضيق من حديثه هذا الذي يشعره بالذنب ثم قال بعد صمت طويل قليلا:
يعني مش هتودي الجواب لام اشرف اطمنها عليا.
صرخ هادي في وجهه بنفاذ صبر هو اساسا لم يهدأ منذ حديث بثينة منذ قليل:
تعرف يا فرج أما رجعت دلوقتي للكرسي بتاعك انا هروح اسلم الجواب ده لاشرف واحكيله كل حاجة
نظر له فرج وهو يضيق عينه: كل حاجة؟
ابتسم هادي وهو يهز رأسه بخبث: كل حاجة...
حتى خروجة حديقة الأورمان ومعرض الزهور؟
هز هادي رأسه ببسمة وهو يربع يده: وهقوله إن برطمان العسل الابيض انت اللي جبته من معرض الزهور ليها مش وخداه من ام فوزي...
همس فرج بضيق وهو ينظر لذلك الشاب المزعج: انت عارف اكتر من اللازم، لازم ابدا اشوف واحد غيرك يساعدني...
ابتسم هادي بسخرية ولم يكد يتحدث حتى وجد أحدهم يتوقف بجانبه وهو يرتدي بذلة ويحمل بيده علبة كبيرة و بوكيه ورد قائلا ببسمة سمجة:
اذا سمحت يا كابتن هو بيت رشـ.ـدي منين؟
في المحل كانت فاطمة تنتقي العديد من الأشياء التي ستتناولها مع والدتها أثناء سهرتهم، نظرت لما في يدها برضا تام ثم ذهبت ووضعته أمام الشاب الذي يقف خلف طاولة عالية بعض الشيء والذي لم ينزع نظره من عليها منذ دخلت لتشعر وكأنها عارية أمامه...
حاجة تانية؟
هكذا تشـ.ـدق الشاب وهو يضب كل ما أخذته فاطمة ثم نظر لها ببسمة ليست مريحة، ابتلعت فاطمة ريقها وكادت تنفي سؤاله لولا عينها التي وقعت على أحد الاشياء المفضلة لديها لتبتسم قليلا وهي تهز رأسها متجه للعلبة الخاصة بذلك الشيء والتي كانت تقع في اخر صف كبير من العلب لذا انحنت قليلا لتصل لها...
في ذلك الوقت كان زكريا يتجه لداخل المحل وهو يحمل بيده علبة عصير متوسطة الحجم ويخرج أمواله وهو يبعد نظره عن تلك السيدة المتشحة بالاسود ارضا، لكن بمجرد مروره جوارها وبسبب ضيق الممر الذي يقع في بداية المحل من الخارج نهضت الفتاة سريعا ولم تكن تعلم بوجوده خلفها لتصطدm به بعنف شـ.ـديد ويسقط زكريا للخلف على الأشياء المتراصة في المحل من علب خاصة بالشيبسي وغيرها وأيضا سقط كل ما كان يعلو تلك العلب على رأسه ليصـ.ـر.خ زكريا بصوت عالي نسبيا بسبب تلك المفاجأة فهو كان حريص على التوقف جانبا حتى تنتهي وتنهض لكن حركتها تلك كانت مفاجأة واسقطته ارضا على كل ما خلفه...
كانت فاطمة تقف وهي تنظر لذلك الشاب برعـ.ـب ليس مجددا، ليس هو مجددا، لما كلما رأته يحصل معها موقف مشابه، هبطت دmـ.ـو.عها بخــــوف وهي تحتضن الحلوى وكأنها تحميها منه ثم همست بصوت خافت باكِ:
والله غـ.ـصـ.ـب عني انا اسفة...
استدار هادي لذلك الشخص الذي يتساءل عن بيت رشـ.ـدي وهو يحمل علبة تبدو من شكلها أنها علبة جاتوه وايضا يحمل بوكيه ورد ليمد هادي يده وهو ينظر في بوكيه الورد بتعجب ثم رأى سيدة تقف خلف الشاب فقال هادي بهدوء مخيف:
عايز رشـ.ـدي ليه؟
نظر له الشاب بتعجب ثم قال بتأفف وهو ينظر للعلبة بيده: حضرتك تعرفه؟
اقترب هادي منه بخطوات بطيئة مخيفة: عز المعرفة مين القمر؟
تحدث الشاب وهو يشير لما بيده وكأنه يخبره هل أنت اعمى: يعني معايا تورتة و ورد وبسأل على بيته هيكون ليه؟
نظر له هادي وتغاضى عن سخريته وهو يقول بتفكير: عيد ميلاد رشـ.ـدي؟
زفر الشاب بضيق منه وهو يقول بتذمر: لا جاي اتقدm للانسة شيماء...
هز هادي رأسه بتفهم وهو يبتسم له بلطف: اه يا اخي قول كده...
مد يده وهو يأخذ العلبة منه فتشبث بها الشاب ليقول هادي ببسمة: هات بس العلبة دي حـ.ـر.ام نعمة ربنا برضو...
أخذ العلبة منه وهو يضعها في يد فرج الذي ترحم على الشاب في سره: من بين كل الناس في الحارة ملقتش غير ده وتسأله لا وبتقولها في وشه كده عايز اتقدm لشيماء ده انت هتتفرم...
نظر هادي للسيدة خلفه وهو يسحب الشاب معه قائلا: خد الست خليها ترتاح يا فرج على القهوة عشان الرومـ.ـا.تيزم لأننا هنتأخر اياكش ام اشرف تيجي تقفشكم ونخلص...
أنهى حديثه وهو يسحب الشاب معه والذي لم يفهم شيء مما يحدث: هو في ايه مش فاهم؟
متخافش يا حبيبي هنروح انا وانت حفلة على شرفك وهنجيب تورتة ونهوف عليها سوا...
ثم تمتم في سره بغـــضــــب جحيمي: قال هتقدm للانسة شيماء قال...
↚
تراجعت فاطمة للخلف وهي تكاد تبكي رعـ.ـبا فتلك الصرخة الرابعة من نفس الشخص في يوم واحد وبسببها هي، هي ليست بكاءة في العادة لكن ذلك الشخص حقا يرعـ.ـبا لدرجة رغبتها في الانكماش على نفسها في ركن هنا والبكاء برعـ.ـب.
كان زكريا يغلق عينه وهو هادئ بشكل مريب من يراه يظنه مـ.ـا.ت لكنه كان يغلق عينه يستغفر ربه، فتح عينه و وجّها سريعا للأرض وهو ينهض بهدوء شـ.ـديد وكاد يحرك يده ليعتدل حتى صرخت فاطمة بفزع وعادت للخلف، تحرك الشاب الذي يعمل في المحل واقترب من زكريا سريعا لمساعدته ومد له يده.
امسك زكريا يد الشاب ونهض بهدوء يتلاشى النظر لوجهها ثم مد يده سريعا ليعدل من وضع العلب التي سقطت لكن الشاب منعه من ذلك:.
ولا يهمك سيبها كده كده كنت هغير النظام عشان مضيق الممر.
ابتسم له زكريا بهدوء ثم أخذ ينفض ثيابه ولم ينظر حتى للفتاة خلفه والتي أخذت تبكي بخــــوف وهي تضم حلواها لجسدها تخشى أن يصـ.ـر.خ بوجهها أو يتهمها بأنها تفتعل له هو بالتحديد المصائب كانت تفكر في ذلك وحديث بثينة يدور في رأسها ليزداد بكائها وهي تهتف بصوت خافت:.
والله أنا اسفة والله مش قصدي والمرة اللي فاتت برضو والله كل مرة غـــضــــب عني حتى المرة بتاعة الماية والله انت اللي كنت بتيجي تحت البلكونة وانا بدلق الماية
انهت حديثها بخــــوف وهي تقر على افعالها بكل غباء ظنا منها أنه بالفعل يدرك من هي، ولم تعرف أنه في كل مرة لم يرفع حتى عينه بها...
اغمض زكريا عينه لا يصدق أن تلك التي خلفه هي من تسبب له المصائب منذ الصباح تلك المزعجة، فتح عينه بغـ.ـيظ ولم يكد يجيبها حتى وقعت عينه على ذلك الشاب الذي يرمقها بنظرات تبدو مستترة لكنها كانت واضحة لزكريا ليدرك جيدا دواخله وما يفكر به، شعر بالغـــضــــب الشـ.ـديد لذا خرج صوته هادئا مخيفا:
حصل خير اتفضلي حضرتك مينفعش تنزلي في الوقت ده.
نظرت فاطمة لظهره بعدm فهم لما يقول لتفتح فمها قائلة اغبى جملة قد تنطقها طوال عمرها:
طب والحلويات؟
منع زكريا ضحكته من الخروج ثم نظر للشاب وأخبره أن يعطيها اشياءها ولم ينس أنه يوجه له نظرة نارية مع حديثه.
ارتبك الشاب من نظرات زكريا وتحرك للمكتب وأحضر الحقيبة أعطاها لفاطمة التي وضعت بها ما تمسكه وأخرجت أموال ووضعتها في يده سريعا ثم سارت بخطوات متعجلة لخارج المحل دون حتى أن تلقي نظرة إضافية.
استدار زكريا للشاب وأخرج ثمن علبة العصير التي التقطها من الأرض ووضعها في يده بعنف وهمس له بغـ.ـيظ وغـــضــــب:
حاول متخليش عينك تدور في كل مكان، ثبتها في مكان واحد ويا حبذا لو كان الأرض.
أنهى كلمته وهو يخرج سريعا تاركا الشاب ينظر للاموال بسخرية ثم سار عائدا لمكانه مجددا...
كانت فاطمة تسير وهي تنظر خلفها ترى إذا كان ذلك الشاب يلحق بها أم ماذا؟ وعنـ.ـد.ما اطمئنت لدخول البناية الخاصة بها أطلقت لساقها الريح وهي تركض على الدرج تفكر أنه لم يكن بمقدار السوء الذي وصفته بثينة ابدا ام أنها لم ترى منه شيئا بعد لتحكم؟
وعلى ذكر بثينة وجدتها تخرج من الشقة المقابلة وهي تعدل حجابها لتبتسم لها فورا...
القمر كان فين دلوقتي؟
أشارت فاطمة لما تحمل بيدها لتهز بثينة رأسها بتفهم وتقول سريعا وهي تهبط الدرج:
حبيبتي بالهنا والشفا، هشوفك بعدين عشان مستعجلة...
وسرعان اختفت من أمام فاطمة التي لوحت لها بيدها ودخلت سريعا للشقة الخاصة بها...
كان هادي يمسك ذلك الشاب في منطقة هادئة بعيدا عن الأعين وهو يستجوبه كما لو كان في مركز شرطة:
ها قولتلي تعرف الآنسة شيماء منين بقى؟
نظر له الشاب لا يفهم شيء من حديثه ما علاقته هو بشيماء فهو يعرف رشـ.ـدي وهذا ليس هو:
وانت مالك يا جدع إنت؟ انا سألتك على بيتها بتدخل ليه؟
رمقه هادي بغـــضــــب شـ.ـديد ثم سريعا جذبها وضـ.ـر.ب ظهره في الحائط وهو يقترب منه بشر:.
تعرف إني ممكن امسكك ادفنك مكانك دلوقتي ومحدش هيعرفلك طريق؟ بص تحت رجلك كده، هنا نفخت كل واحد سولت ليه نفسه وجه يتقدm لشيماء أو حتى بصلها نص بصة، تحب نقفل الدستة بيك ولا تاخد ست الكل والتورتة وتروحوا تهفوا عليها في بيتكم والبيبس عليا؟
ابتلع الشاب ريقه برعـ.ـب وهو ينظر لعين هادي يفكر أن ما قاله حقيقة فنظرته تلك تخبرك أنه يكبت وحشه بداخله:
انا مش فاهم انا عملت ايه غلط انا جاي طالب أيدها بالحلال؟
نظر له هادي بغـــضــــب وهو يرفع يده ويشكلها على هيئة قبضة وكأنها على وشك قــ,تــله:
ياض، برضو هيقولي حلال، غلط انك بصتلها اساسا
يعني بصيت للملكة؟ دي حتى لا جـ.ـسم ولا شكل ده هو بس فلوس ابوها ومكانة اخوها اللي متقلة كفتها...
صمت قليلا ليدرك حديثه على هذا الذي أمامه: لا هي الصراحة كلها على بعضها متقلة الكفة اوي يعني
أنهى حديثه مطلقا ضحكة صاخبة ثم نظر لهادي الذي كان صامتا بملامح جـ.ـا.مد:.
تلاقيك إنت كمان عينك على الشيلة دي بس خلي بالك الشيلة تقيلة اااا...
قاطع كلمته تلك اصطدام رأسه بالحائط خلفه لتنطلق صرخة من فمه هزت الإرجاء وما كاد يبتعد حتى وجد لكمة تنطلق لوجهه بعنف شـ.ـديد وغـــضــــب جحيمي لا يستطيع السيطرة عليه، كان يضـ.ـر.به وغـــضــــبه يزداد بداخله صارخا به:
الشيلة دي هتكون إنت يا روح امك لما يجوا ياخدوك، شيماء دي برقبتك أنت وعيلتك يا زبـ.ـا.لة.
أنهى حديثه وهو يزداد بالضـ.ـر.ب في وجهه دون أن يعطيه فرصة للتنفس حتى ما بين كل ضـ.ـر.بة وأخرى...
اندفع زكريا من العدm وهو يجذبه بعيدا عن ذلك الشاب الذي يكاد يمـ.ـو.ت بين يديه ليستمر هادي ورغم تقييد يده من قِبل زكريا إلا أن قدmه لم تتوقف عن ضـ.ـر.به في خصره وهو يسبه بأشنع الألفاظ التي عرفها طوال حياته...
بس يا غـ.ـبـ.ـي بقى هيمـ.ـو.ت في ايدك يا متـ.ـخـ.ـلف.
صرخ هادي بغـ.ـيظ وهو يحاول الوصول له مجددا بعدmا سحبه زكريا بعيدا عن جسده الملقى ارضا:
ما يمـ.ـو.ت ولا يروح في ستين داهية ده عيل ابن...
لم يكد يكمل كلمته حتى وضع زكريا يده على فمه وهو يصـ.ـر.خ يفرج الذي حضر معه:
خد الزفت ده من وشه يا فرج هيقــ,تــله الغـ.ـبـ.ـي ده...
تحرك فرج سريعا ليسحب الشاب وهادي يصـ.ـر.خ به: سيبه يا فرج عشان لو مسبتوش أنا مش هعملك حاجة تانية وريني مين اللي هيحصل الاشواق ليك.
تجاهله فرج وهو يسحب الشاب لعند والدته فهو معتاد على هذا الأمر كلما تقدm أحد لخطبة شيماء لكنه لم يكن بضـ.ـر.ب أحد أبدا بل كان يكتفي بتهديده وتخويفه لكن ذلك الشاب استفزه وبشـ.ـدة ليخرج به غـــضــــبه كله...
امسك فرج يد الشاب الذي كان يسير مترنجا وهو يصـ.ـر.خ بكلمـ.ـا.ت غاضبة ومهددة:
والله لاوريك يا زبـ.ـا.لة انا مين، بتستقوى عليا عشان في منطقتك يا حـ.ـيو.ان؟
تحدث فرج بهدوء شـ.ـديد وهو يسانده للسير: لو مكانك هاخد امي واروح على رجلي بدل ما تروح على نقالة أو في عربية بوليس لان لو رشـ.ـدي عرف إنت قولت ايه على أخته وكنت جاي تخطبها عشان ايه هيكمل عليك وبعدين يرميك في الحجز
نظر له الشاب برعـ.ـب وخــــوف شـ.ـديد وقد أدرك أنه استمع لحديثه مع هادي...
صرخ زكريا في هادي وهو يدفعه على الجدار مكان دفعه للشاب سابقا يصيح به وهو يضـ.ـر.ب جانب رأسه بغـ.ـيظ:.
انت غـ.ـبـ.ـي؟ مفيش عقل هنا؟ افرض سابك وراح قال لرشـ.ـدي يا متـ.ـخـ.ـلف إنت؟ مش هتبطل غبائك وحركاتك دي؟
نظر له هادي بهدوء شـ.ـديد وهو يبعده عنه: لا يا زكريا مش هبطل وأي واحد يفكر يجي ناحية شيماء انا هقــ,تــله وملكش دعوة بيا لان عند دي وهنزعل من بعض
أنهى كلمـ.ـا.ته ليستقبل سريعا صفعة من زكريا جعلت وجهه يتجه للجانب الآخر من قوتها يتبعها صراخ زكريا في وجهه بغـــضــــب:
انت بتكلمني على اساس اني هفرق بينكم يا حـ.ـيو.ان؟
رفع هادي نظره لزكريا ولم ينطق ليجذبه زكريا من ثيابه بعنف شـ.ـديد وهو يتحدث إليه بتهديد:
قسما باللي لا يمكن احلف باسمه كدب يا هادي أما وقفت كل اللي بتعمله ده لأقول لرشـ.ـدي، انت صاحبي وهو كمان صاحبي ودي أخته.
امسك هادي يد زكريا التي كانت تتمسك بتلابيب ثيابه وضغط عليها بقوة وهو ينظر لعينه بهدوء مريب:
لو يرضيك تقــ,تــلني وانا عايش يا زكريا اعمل اللي قولته...
وليه تعمل في نفسك كده يا هادي اتقدm ليها لما انت متنيل على عين اهلك وعايزها مينفعش اللي بتعمله...
هكذا تحدث زكريا محاولا أن يعيد رفيقه عن جنونه الذي يتلبسه كلما تعلق الأمر بشيماء حتى أصبح أشبه بحالة لديه، يكفي ذكر اسم شيماء في جملة لتتغير ملامحه وينقبض فكه ويضم يده بغـــضــــب حتى تشعر أنه يكاد يهجم عليك...
متقولش اي كلام عشان إنت اكتر واحد عارف حصل ايه يمنعني من كده...
كانت تلك كلمـ.ـا.ت هادي ردا على عرض زكريا الغـ.ـبـ.ـي، هل يظن أنه لو كان لديه فرصة معها دون حواجز كان ليتردد بسحبها من منزل اخيها وسـ.ـجـ.ـنها في غرفته حيث لا يصل لها أحد ولا يراها أحد سواه
ابتسم زكريا يراقب و.جـ.ـع صديقه أثناء كلمـ.ـا.ته السابقة ليبتعد عنه جاذبا إياه لاحضانه بحنان هامسا:
انت اللي اخترت وقت غلط يا هادي...
تحدث هادي بحـ.ـز.ن وهو يبادل رفيقه العناق بو.جـ.ـع: أول فرصة تيجي هتقدm ليها بس عايز اتقدm ومترفضنيش تاني يا زكريا، اول مرة كـ.ـسرتني
ربت زكريا على ظهره وهو يبعده عنه بضحكة خافتة يتذكر مظهر هادي وقتها:
يعني ملقتش غير وقت ما هي منهارة عشان العريس رفضها وتدخل تقولها انا هتجوزك عشان تحسسها أنها شفقة منك؟ كان شكلك زبـ.ـا.لة الصراحة وهي بترفضك...
ضـ.ـر.به هادي في صدره بغـ.ـيظ وهو يضحك متذكرا تلك اللحظة: ردت في صدري قــ,تــلتني...
صمت ثم ضحك بصخب يتذكر ملامحها الحبيبة وهي تنظر له بصدmة وغـــضــــب شـ.ـديد صارخة في وجهه عكس طبيعتها الهادئة:
همـ.ـو.ت كل ما افتكرها وهي واقفة قدامي وحتى ما وصلتش لاول صدري وتقولي مين ده اللي اتجوزه؟ أبيه هادي؟ القادرة بتقولي أبيه، دي مش بتقولها لرشـ.ـدي المعفنة بس على مين رجليها مش هتخطي برا بيت اخوها الزبـ.ـا.لة ده غير على بيتي وتوريني وقتها ابيه بقى.
أنهى كلمته لينفجر زكريا في الضحك عليه ثم ضـ.ـر.به بعنف على رقبته أكثر من مرة مع كل كلمة:
كلامك يا عسل و الفاظك يا قمر وحدودك يا سكر ونظراتك يا مانجا
ابعد هادي يده بحنق وهو يتحدث: وايدك يا جحش.
نظر له زكريا ثوانٍ لينفجر الاثنان في الضحك بعنف وزكريا يجذب رأس هادي له بمزاح يدعو الله أن يوفقه بحلاله ويسعد قلبه، وأن يرزقه هو بحب مماثل له فبالنظر لعين هادي يتمنى لو يجد يوما من يبادلها حب مماثل...
وهناك بعيدا عنهما بقليل كانت تقف تتوارى في الظلام وهي تستمع لكلام الإثنين عن شيماء، ارتسمت بسمة غريبة على شفتيها وهي تنسحب ببطء دون أن يشعر أحد بها...
خرج رشـ.ـدي من غرفته بعدmا انتهى من الاستحمام وتبديل ثيابه ليتحرك نحو الباب لكن توقف فجأة وهو يستمع لصوت شيماء الناعس خلفه ويبدو أنها للتو استيقظت:
رشـ.ـدي كويس إني لحقتك قبل ما تخرج، هات موبايلك ارن على البت بوسي عشان رنت عليا وانا نايمة ومش معايا رصيد...
ابتسم رشـ.ـدي بسمة مرعـ.ـبة دون أن تراه واستدار لها ببطء ثم مد يده لها بهاتفه ونظر لها بترقب وهي تأخذه من يده ثم أخذت تضغط على الارقام التي تحفظها جيدا ووضعت الهاتف على أذنها في انتظار الرد لتسمع رسالة صوتية تخبرها أن الهاتف لا يحتوي اي رصيد...
أبعدت الهاتف عن أذنها وهي تنظر له بعدm فهم ثم رفعت عينها تسأل رشـ.ـدي دون الانتباه لملامحه:
ايه ده هو انت مجددتش الباقة؟
ابتسم رشـ.ـدي بسمة مخيفة وهو يتقرب منها بضع خطوات: لا جددتها من 6 ايام بالضبط...
نظرت هي للهاتف بتعجب ثم شهقت فجأة وهي تفتح عينها بصدmة محدقة في وجه اخيها:
اه يا ولاد الحـ.ـر.امية، الشركة دي نصابة على فكرة دي مش اول مرة تعملها...
هز رشـ.ـدي رأيه باقتناع مرددا خلفها وهو يقترب أكثر: فعلا دي مش اول مرة تعملها، عملتها قبل كده وحذرتها ورجعت عملتها تاني...
ابتلعت شيماء ريقها وقد انتبهت بنظرات اخيها لتعود للخلف بخــــوف وهي تقول:
طب ما تقطع تعامل معاهم يا رشـ.ـدي يابني ايه اللي مخليك مستحملهم...
ابتسم رشـ.ـدي وهو يسحب هاتفه من يدها واضعا إياه في جيب بنطاله ثم سحب حزامه من بنطاله وضـ.ـر.ب به في الهواء لتنطلق صرخات شيماء برعـ.ـب شـ.ـديد وهي تركض سريعا وخلفها رشـ.ـدي الذي أقسم أن تنال عقـ.ـا.بها فهذه ليست المرة الأولى لها التي تفعل فيها هذا ولكن هذه اول مرة يتعرض فيها لموقف كهذا بسببها...
بقى انا يا زبـ.ـا.لة شوية شمامين يعلموا عليا عشان مش قادر اتصل بالقوات لان الكونتيسة مش مبطلة رغي من تليفوني؟
دخلت شيماء لغرفة والديها والتي قابلتها اول شيء في طريقها وهي تتجه سريعا للسرير الذي يجاور الخزانة وصعدت عليه من ثم وضعت قدmها على ظهر السرير وصعدت بعدها لفوق الخزانة المنخفضة نسبيا في حركة معتادة منذ الصغر كلما أرادت الاختباء لتصيح مدافعة عن نفسها:
وهو يعني القوات مش معاها رصيد تتصل هي بيك؟
توقف رشـ.ـدي فجأة ببسمة وكأنه اكتشف للتو غباءه: اه صح تصدقي؟ انا ازاي مخطرتش الفكرة دي على بالي مش فاهم؟
ابتسمت شيماء بسمة مشرقة من بسمـ.ـا.تها المشهورة ليكمل رشـ.ـدي وهو يخرج هاتفه ويضعه على أذنه ساخرا من الأمر الذي تقوله:
يعني مثلا اكون واقف بهدد رئيس العصابة وفجأة رئيس القوات يرن عليا واقول للعصابة، لامؤاخذة بس مكالمة مهمة، الو اه انا جوا دلوقتي لا لا متهجمش دلوقتي خمس دقائق كده و رن عليا أكد عليك، بالضبط لا مش معايا رصيد رن انت معلش.
أنهى حديثه الساخر وهو يرمق أخته ببسمة جانبية بمعنى احسنتي التفكير...
ابتسمت له وكادت تتحدث ليقطع حديثها الذي لم يخرج بعد صوت باب الحمام في غرفة والديها وصوت غناء شخص ما والذي لم يكن سوى والديهما الذي خرج من الحمام وهو يرتدي بيجامته ويحمل المنشفة واضعا إياها على كتفه وهو يغني ويتمايل بجسده مغمضا عينه دون أن يرى أن هناك أحد في الغرفة:
When marimba rhythms start to play
Dance with me, make me sway
Like a lazy ocean hugs the shore
Hold me close, sway me more.
Like a flower bending in the breeze
كان إبراهيم يغني وهو يتمسك بالباب ويرقص عليه ثم يتمايل للخلف وكأنه يؤدي رقصه وشريكه في الرقصة يرجعه للخلف، وبعدها اكمل غناء وهو ينحني قليلا ويدور بخصره مبتسما لكن أثناء ذلك فتح عينه ليرى وجه ابنه الذي يحمل حزامه بيده وينظر له نظرات بلهاء وابـ.ـنته التي تحتل فوق خزانته كعادتها وهي تبادله نفس نظرات ابنه الكبير وهو مايزال منحني في نفس الوضعية أثناء دورانه...
ثوانٍ مرت ومازال الثلاثة على نفس وضعهم ونفس النظرات المتبادلة بينهم ليعتدل ابراهيم سريعا في وقفته وهو يجلي حلقه متقدmا بخفة للمرآة ويقف أمامها مصففا شعره وهو يكمل دندنة لنفس الأغنية وكأن لا احد بالغرفة...
هبطت شيماء من مكانها بهدوء شـ.ـديد وهي تهبط للفراش ثم للأرض وبعدها تحركت للخارج بهدوء شـ.ـديد وخلفها رشـ.ـدي الذي أغلق الباب وكأن لا شيء حدث ليهمس رشـ.ـدي بعدm فهم:.
ابوكِ اتجن؟ بيرقص رقص شرقي وبيعمل حركة دينا على اغنية sway؟
نظر الاثنان لبعضهم البعض وانفجروا بالضحك على ما حدث منذ ثواني...
فيه ايه ضحكوني معاكم؟
انتبه الاثنان لتلك التي تقف عند الباب بعدmا فتحت لها والدته وهي ترمقهم ببسمة لطيفة، هز رشـ.ـدي رأسه بلا شيء وهو ينظر لأخته ثم أشار لها بتحذير:
آخر مرة سامعة؟
أنهى كلمته ثم قبل رأسها وخرج سريعا يلقي تحية عابرة خافتة على بثينة التي تراقبهم ببسمة لتشير لها شيماء نحو غرفتها...
خرج رشـ.ـدي لخارج الشقة وهو يضع حزامه في بنطاله ليسمع فجأة صرخة جواره وسيدة تصرخ به بعنف وهي تركض للاسفل:
جاتكم البلا في سفالتكم...
لم يفهم رشـ.ـدي قصدها ابدا لكنه هز كتفيه بعدm اهتمام وهبط سريعا للاسفل ليلحق برفاقه
يا ليلة سودة يعني مش بيشرب بس لا وكان ديلر؟
كانت تلك كلمة شيماء المفزوعة من حديث بثينة الذي قصته عليه للتو...
هزت بثينة رأسها تدعي الاسف الشـ.ـديد: للاسف ده اللي حصل اول ما واجهته قالي كده وإنه مش هامة حاجة ولا هامة حد...
انهت حديثها ثم رفعت نظرها بحـ.ـز.ن لشيماء وسقطت دmـ.ـو.عها: ده حتى رفض اني اساعده يبطل يا شيماء، وبقى يقول الفاظ زبـ.ـا.لة اوي مش مصدقة انها طالعة منه...
صدmت شيماء من حديث بثينة، هي لم تتوقع في حياتها أن يصل هادي لتلك النقطة فلطالما كان هادي مثال للرجل المستقيم والان ماذا؟
كانت بثينة تراقب ملامح وجهها بنظرات غامضة وهناك بسمة مرسومة على شفتيها لم ترها شيماء...
لتقول هامسة في نفسها: مكنتش اتمنى اكدب بالشكل ده بس طالما مش هقدر اخليك تنساها يبقى هخليها هي بغبائها تكرهك، وكل شيء مباح في الحب والحرب.
رمقت وجه شيماء ببسمة، تلك الغـ.ـبـ.ـية لا تدرك أن هادي يهيم بها عشقا منذ صغرها وهي عمياء تستمر بالتغابي، لذا هي لم يكن لديها مانع البتة في استغلال هذا الغباء لمصلحتها وتقربت منها وادعت صداقتها لتحرص دائما أن يكون هادي ابعد ما يكون عن دور الحبيب في نظر شيماء وإن اضطرت لتشويه صورته حتى، لن تتوانى عن ذلك فليست هي من تترك شيء يخصها لأحد حتى لو دmرت ذلك الشئ لقطع صغيرة ثم لفتات لن تتركه لأحد، هي مضطرة لمرافقة تلك الغـ.ـبـ.ـية والاستماع دائما لبكائها المستمر حول جسدها البشع والتحمل فقط لتحقيق هدفها، لكن يبدو أن هادي لا يستسلم ابدا إذا لا مانع من زيادة الأمر بعض الشيء...
في الصباح بعدmا انتهى لؤي من الإفطار أخذ جريدته وهبط لمحله تاركا وداد تنتهي من أعمالها المنزلية وزكريا يبدأ حلقات تحفيظ القرآن الخاصة به والتي ينظمها في الإجازة الخاصة بالدراسة لتمضية وقته في شيء نافع...
بدأ زكريا يستقبل الاطفال واحد تلو الآخر ليجلس معهم ويبدأ في تلاوة بعض الآيات بطريقة متقنة صحيحة والأطفال يرددون خلفه في خشوع وجو بهيج يسر أعين زكريا لكنه توقف وهو يشير للاطفال بالانصات له:.
تمام انتم شطار وحفظتوا الآيات اللي كانت عليكم صح بس ناقص حاجة...
نظر له جميع الأطفال في ترقب ليقول ببسمة: التجويد والأحكام، ليه مش سامع حد منكم بيقرأ بيها؟ هو احنا مش درسناها سوا ولا هي مش مفهومه؟ اعيدها تاني؟
تحدث أحد الأطفال بهدوء: لا انا فاهمها يا شيخ زكريا بس مش بقرأ بيها عادي هو لازم.
ضحك زكريا بصخب على حديث ذلك الصبى العاطفي ثم قال: ولو مش لازم يا محمد هديها ليكم ليه ثم إن الحركات والتجويد عاملة زي البهارات...
رأى نظرات الجهل تطفو على وجوه من أمامه ليبدأ بتوضيح حديثه: يعني مثلا ينفع نطبخ الأكلة بدون بهارات رغم أننا عندنا في البيت بهارات؟ وناكلها كده بدون طعم ونقول هو لازم يعني بهارات؟
هز الجميع رأسه بالنفي ليبتسم لهم زكريا مكملا حديثه: هكذا هو القرآن يكتمل بالتجويد والقراءة الصحيحة. عليك بتذوق حلاوة آياته و تتلوه تلاوة صحيحة، أفهمتم؟
اجل يا سيدي...
خرجت وداد من المطبخ وهي تمسح يدها مرددة بهمس ساخر: اجل يا سيدي، هتخلي العيال زيك يا زكريا...
اتجهت جهة الباب الذي مستمر بالدق بكل إصرار لتفتحه وتجد أمامها سيدة تبتسم بطيبة وحنية لتقول بتساؤل:
لو سمحت هو ده بيت الشيخ زكريا؟
هزت وداد رأسها بإيجاب لتكمل منيرة ببسمة: انا منيرة ساكنة جديدة في العمارة اللي بعدكم ببتين وعرفت أن الشيخ زكريا فاتح حلقة تحفيظ قرآن صحيح الكلام ده؟
ابتسمت لها وداد وهي تفسح الطريق لها للدخول إذن هي أتت لأجل طفلها:
ايوة صحيح اتفضلي ادخلي هو عنده حلقه دلوقتي...
انهت حديثها لتجد منيرة تدخل بخجل: معلش اعذريني جيت من غير ميعاد.
ابتسمت لها وداد بود شـ.ـديد وهي تدلها على الصالون ثم قالت بهدوء: لحظة هناديلك زكريا...
تركتها متوجهة حيث ابنها الذي كان يستمع لبعض الاطفال وتلاوتهم لكن والدته نادته مقاطعة إياهم:
زكريا تعالى عايزاك...
هل من خطبٍ يا أمي؟
كذلك قال زكريا وهو يرفع رأسه لوالدته فقد كان يجلس في حلقة مع الاطفال على الأرض، لوت وداد فمها ثم قالت:
لا يا روح امك لكنني احتاجك في مصلحة...
ضحك الاطفال جميعهم على حديث وداد ليتحدث زكريا وهو ينهض بضيق: صهٍ، ما بكم؟ هل هي المرة الأولى التي أُوبخ بها أمامكم أم ماذا؟ هيا لينظر كل واحدٍ في كتابه فعنـ.ـد.ما اعود سأختبركم.
أنهى حديثه وهو يتجه لوداد بملامح متذمرة: ما بكِ أمي؟ أخبرتك ألا تسخري مني أمام الأطفال انظري جعلتيهم يضحكون عليّ.
لا مؤاخذة يا ولدي لكن هناك امرأة في انتظارك خارجا لذا أسرع إليها.
رمقها زكريا بتساؤل شـ.ـديد عن هوية تلك المرأة: مرأة؟ أي مرأة؟
لا ما احنا مش هنفضل في جو كليلة ودmنة ده كتير والأكل هيشيط اطلع إنت شوفها...
ثم تركته وركضت للمطبخ لينظر زكريا في أثرها بتعجب وبعدها خرج حيث تلك السيدة ليجد سيدة كبيرة من عمر والدته تقريبا تجلس بكل هدوء...
السلام عليكم يا خالة...
رفعت منيرة عينها بتعجب لتلك اللهجة التي يتحدث بها: عليكم السلام يابني.
اقترب منها زكريا قليلا ثم جلس بهدوء على مسافة مناسبة وهو يرى والدته التي خرجت مجددا من المطبخ لتبقى معهم:
أخبرتني امي أنك تحتاجيني، بما اساعدك؟
ابتسمت منيرة باتساع وهي تردد: الله ده مدبلج، معندكش دبلجة بالسوري احسن انا امـ.ـو.ت في اللهجة السورية اوي.
امتقع وجه زكريا من حديثها بينما انطلقت ضحكة والدته بعنف عليه، ليردد وهو يعتدل:
اتفضلي اساعدك ازاي؟
تحدثت منيرة سريعا وهي تلقي له بحديثه: انا عرفت يعني إن حضرتك بتحفظ قرآن فكنت حابة اني اجيب بـ.ـنتي تحفظها معاهم، كتكوتة ماما حبيبتي شاطرة اوي وبتحفظ بسرعة
نظر لها زكريا قليلا هو لا يتعامل كثيرا مع الفتيات لكن لا بأس طالما أنه سيسعى لفعل خير:
تمام مفيش مشكلة ممكن تيجي كمان ساعة كدة اكون خلصت مع الاطفال اللي جوا لانهم كلهم صبيان وانا هبعت اجيب لبـ.ـنت جارنا تاخد معاها عشان متبقاش لوحدها وتتكسف...
اه يا خويا والله دي بتتكسف من خيالها بس والله طيبة وهبلة
ابتسم زكريا على حديث تلك السيدة والتي يتضح له طيبتها الكبيرة...
ثم نظر لوالدته: كمان ساعة يا امي هتكوني فاضية تقعدي معايا ومع البنات
هزت والدته رأسها بإيجاب ليبتسم زكريا: تمام يا خالة كمان ساعة هاتيها اكون خلصت.
ابتسمت منيرة ونهضت وهي تهز رأسها بإيجاب ثم تحركت جهة الخارج وهي تشكره لكن توقف فجأة وهي تنظر له ببسمة مترددة:.
ممكن تقولي كلمة مدبلجة كمان قبل ما امشي؟
دخلت بثينة لشقة عمها بعدmا فتحت لها سناء التي زفرت بضيق من وجودها فهي يوما لم تحب بثينة:
ادخلي يا بثينة يابـ.ـنتي فيه حاجة؟
تجاهلت بثينة حديثها والذي تعلم جيدا منه أنها لا تطيقها: لا أصل امي قالتلي اجيلك عشان نحضر لعمايل القرص، مش انتم هتعملوا قرص انهاردة برضو؟
سألتها بثينة بتعجب لتضـ.ـر.ب سناء جبهتها بضيق وقد نست تماما الأمر: يا دي النيـ.ـلـ.ـة ده انا نسيت اجيب سمنة بلدي ولسه طالعة...
ابتسمت بثينة باتساع وهي تقول بسرعة لها قبل أن تقترح نزولها هي: طيب روحي هاتي سمنة وانا هعجن العجينة لغاية ما تيجي واصلا امي دقيقة وتكون هنا...
نظرت لها سناء بتردد شـ.ـديد ثم قالت وهي تتجه للباب وتحمل محفظتها التي تضعها بجوار الباب وقالت سريعا:.
طيب عندك كل حاجة في المطبخ ومتعمليش صوت عشان هادي نايم جوا، وسيبي الباب مفتوح.
قالت آخر كلمـ.ـا.تها وهي تترك باب المنزل مفتوح وهبطت سريعا لشراء السمن تاركة بثينة تقف وهي تنظر للباب ببسمة:
يا سلام وماله نسيب الباب ده مفتوح...
ثم نظرت لباب غرفة هادي تقول بخبث شـ.ـديد: ونقفل باب تاني...
انهت حديثها وهي تتجه بخطوات هادئة لغرفته حريصة على عدm إصدار أي صوت، فتحت الباب بهدوء شـ.ـديد ثم تحرك لغرفته التي تعم في الظلام بسبب غلق النوافذ، اقتربت ببطء منه حتى وصلت للفراش حيث كان ينام هادي بهدوء شـ.ـديد على بطنه وهو بدون ثيابه العلوية ويده تتدلى للاسفل، ابتسمت بثينة وهي تنحني لتجلس على ركبتها ارضا جوار الفراش ثم اقتربت بوجهها منه وأخذت ترمقه ببسمة، رفعت يدها ببطء ترغب وبشـ.ـدة في لمس شعره الذي لطالما اغراها لتخلل أصابعها فيه، رفعت يدها ببطء وكاد تمدها للمس شعره لتجفل فجأة بسبب يد هادي التي أمسكت يدها بعنف حتى كاد يكـ.ـسرها ليقول بصوت خرج منه مخيفا وبشـ.ـدة:.
بتعملي ايه؟
والدي مريـ.ـض برجاء الدعاء ليه...
↚
لم تستطع رفع عينها من عليه، كم يبدو وسيما عن قرب، تنهدت بهدوء شـ.ـديد وكأنها تخرج لوعة قلبها في هذه التنهيدة، نظرت لشعره الجميل الذي لطالما اغواها للمسة وبدون أدنى تفكير مدت يدها ببطء جهة شعره تود لمسه وتخليل أصابعها فيه لكن فجأة وجدت يده تمسك يدها بعنف وكأنه خطاف. لتشعر بو.جـ.ـع في رسغها، وصل صوته لها هادئ وناعس لكن رغم ذلك جعلها ترتعش خــــوفا:
بتعملي ايه؟
ابتلعت بثينة ريقها برعـ.ـب وهي ترى نظرته التي تكاد تحرقها حية لتخرج حروفها متلعثمة بشكل يثير الشفقة:
انا، انا كنت، كنت جاية اصحيك. مرات عمي هي اللي قالتلي اعمل كده.
انهت حديثها سريعا وهي تتنفس بعنف ليرمقها هو بنظرات مليئة بالشك لكنها لم تمنحه فرصة الحديث حيث سحبت يدها سريعا وبصعوبة وتحركت جهة الباب سريعا مرددة بتـ.ـو.تر:
فوق يلا وانا هحضرلك الفطار عشان مرات عمي نزلت تجيب حاجة.
انهت حديثها وهي تفتح الباب وكادت تخطو خارجه حتى سمعته ينادي اسمها بنبرة ما تزال يظهر فيها النعاس لكنها جادة مرعـ.ـبة:
بثينة...
استدارت له ببطء ترسم ملامح متعجبة على وجهها في انتظار حديثه، ليبادر هو بالقول بكل جدية ناظرا لعينها:
مينفعش تدخلي اوضة حد بدون استئذان وخصوصا لو شاب، وكمان تقفلي الباب، كده غلط وكبير اوي. اتمنى متدخليش اوضتي تاني.
أنهى حديثه وهو يسحب ثيابه من الأرض ليخفي جذعه العاري عن انظارها بينما هي ظلت واقفة تنظر له نظرات غامضة.
انتهى هادي من ارتداء الثياب العلوية الخاصة به ثم نهض متجها للباب تاركا إياها تقف جواره متصنمة، خرج متجها للحمام الوحيد بالمنزل وهو يزفر بضيق لما كاد يحصل، دخل الحمام سريعا وأخذ يغسل وجهه بعنف ويمسحه بقوة وكأنه يرغب في نزع الجلد عنه نظر لنفسه في المرآة وهو يسب نفسه:
غـ.ـبـ.ـي، غـ.ـبـ.ـي.
تنفس بعنف وهو يستند بمقدmة رأسه على الجدار يتذكر ما حدث منذ قليل فهو كان نائما يحلم بها كعادته وفجأة شعر بأنفاس ساخنة تضـ.ـر.ب وجهه للحظة ظن أنها هي وأن خياله رأف بحالته وقرر استحضارها خارج أحلامه علّه يروي ظمأة لكن، فشلت كل آماله ولم يكن الامر مخططا من خياله بل كان واقعا ملموسا وهو يفتح عينه ويجد بثينة ترمق شعره بنظرات غريبة ويدها تتجه له و دون شعور أو تفكير وكردة فعل طبيعية امسك يدها بسرعة قبل لمسة، ماذا كان سيحدث إن كان انجرف وراء خياله اللعين وجاراه في الأمر، كان يمكن أن...
عند هذه اللحظة فتح عينه بصدmة وهو يمسح وجهه بغـ.ـيظ شـ.ـديد يستغفر وجهه، كان يمكن أن يؤذي بثينة أو يقول شيء هو نفسه يخجل منه، فما بالك بفتاة.
كانت هي ما تزال تقف في غرفته بملامح جـ.ـا.مدة سرعان ما تحولت لبسمة مخيفة وهي تردد ترمق يدها بحالمية:
اول مرة تلمسني يا هادي، ومش اخر مرة يا قلبي.
كان الجميع يجلس على طاولة الطعام بهدوء ليرمق رشـ.ـدي أخته التي لا تأكل سوى بعض الجبن المعد في المنزل وبعض الخضار حريصة على عدm لمس أي شيء آخر، ضـ.ـر.ب بيده الطاولة بغـــضــــب شـ.ـديد ليلتفت له الجميع بعدmا كان كل شخص منتبه في شيء.
تجاهل رشـ.ـدي نظرات والديه المتساءلة ليحدق في اخته بغـــضــــب شـ.ـديد: شيماء كلي عدل...
نظرت له شيماء وهي تبتلع ريقها مرددة بخفوت: انا اسفة حاضر.
و آه لو تعلم مقدار الالم الذي ينخر الآن في قلبه بلا رحمة بسبب تلك النظرة وقلة الحيلة التي تظهر في عينها، هي تقــ,تــله بالبطئ تحرك من مقعده بهدوء ثم اتجه لها تحت نظرات الجميع المتعجبة، انحنى قليلا جوار مقعدها وهو يمسك يدها بحنان فما لديه في هذه الحياة اغلى وأقرب لقلبه من صغيرته التي رباها على يده ورغم الفارق الصغير بينهم إلا أنه من طفولته كان هو فقط المسموح له بحملها صارخا في الجميع أن يتركوا دبدوبته وشأنها، انحنى قليلا وقبل يدها بحنان:.
هو انا عمري ارضالك الوحش يا دبدوبتي؟
هزت شيماء رأسها برفض ليبتسم لها بحنان: يبقى ليه بتعاندي؟
صمت قليلا ولم يكن ينتظر منها إجابة حتى، ليقول بعد صمت طويل: انا حجزلتك عن دكتورة كويسة اوي الكل بيشكر فيها.
كادت تتحدث ليقاطعها برجاء: عشان خاطري، المرة دي انا هاجي معاكِ على طول بس تأكدي يا شيماء اني بعمل ده كله عشان النظرة التي في عينك دي، بس انا لو عليا اقسملك بالله ما يهمني حاجة ابدا لاني بحب دبدوبتي كده بخدودها بكل حاجة فيها.
ابتسمت له شيماء تحاول كبت دmـ.ـو.عها وهي تهمس له بحب: ربنا يديمك ليا يارب يا رشـ.ـدي.
ابتسم لها رشـ.ـدي بحنان وكاد يتحدث لولا كلمـ.ـا.ت والده التي اخرجتهم من شرودهم:.
لولا أنكم اخوات انا كنت شكيت فيكم ياض...
نهض رشـ.ـدي وهو يضحك وتشاركه في ذلك شيماء ماسحة تلك الدmعة التي كانت على وشك الهبوط...
ضم رشـ.ـدي رأسه شيماء والذي ولم يصل حتى لصدره وهو ينحني مقبلا إياه بحنان:
لو ماكنتش اختي انا لا يمكن كنت احلها ابدا وهاجي الزقلك في البيت لغاية ما اتجوزها، حد يلاقي الجمال الطعامة دي ويسيبها يا حاج ابراهيم؟
صمت ثم نظر لوالدته وقال بتذكر وهو يحمل اشياءه متوجها لعمله: اه صحيح يا ست الكل ابقى دلعي الراجـ.ـل شوية لاحسن حالته بدأت تسوء...
أنهى حديثه ثم تحرك جهة الباب وهو يدندن الاغنية التي كان يغنيها والده البـ.ـارحة...
نظرت والدته لابراهيم بشك: ابنك قصده ايه
ضحك ابراهيم بعنف يتذكر ما حدث البـ.ـارحة: عيالك مش بيجوا غير في لحظاتي الخاصة اساسا سيبك منهم يلا همشي انا سلام عليكم.
أنهى حديثه وهو ينهض مقبلا رأس زوجته وابـ.ـنته ثم تحرك راحلا سريعا لعمله فهو يعمل محاميا في إحدى الشركات...
ابتسمت شيماء وهي تدعو الله أن يديم سعادة عائلتها...
صحيح يقطـــعـــني نسيت ابلغهم إن خالتك جاية بكرة...
انتبهت شيماء لحديث والدتها ذاك وهي تقول: خالتي؟ غريبة يعني فجأة كدة؟ عموما تنور دي وحـ.ـشـ.ـتني اوي.
هزت والدتها رأسها ثم قالت وهي تكمل طعامها: هتيجي هي وعيالها والمرة دي شكلهم هيطولوا هنا.
رمقتها شيماء بتساؤل عن لمعرفة قصدها فأجابت والدتها ببسمة وهي تنهض حاملة الاطباق بيدها:
اصل هما بيوضبوا البيت بتاعهم وانتِ عارفة هي ملهاش حد تروح ليه غيرنا وانا قولت بدل ما تأجر بيت تيجي هنا البيت واسع واوضتها فاضية...
انهت حديثها وهي تتحرك مبتعدة تاركة شيماء تفرك وجهها بتـ.ـو.تر شـ.ـديد فقدوم خالتها وبناتها يعد بمثابة شرارة إشعال الحرب، والاسوء هو بقائهم مدة طويلة...
ربنا يعدي زيارتهم على خير...
كانت تتمسك بباب شقتها وهي تتحدث بنبرة توشك على البكاء: يا ماما مش عايزة بالله عليكِ.
زفرت منيرة بضيق شـ.ـديد وهي تجذبها اقوى لا تفهم سبب رفضها للذهاب عند الشيخ فهي منذ ساعة تقنعها أن تأتي معها وهي ترفض تماما حتى اضطرت لسحبها من المنزل دون حتى أن تبدل ثيابها فسحبتها وهي ما تزال ترتدي الاسدال الخاص بها والذي يسع لثلاثة أشخاص معها...
يابـ.ـنتي تعبتي قلبي بقالي ساعة، هو هياكلك ده حتى عسل وبشوش...
هزت فاطمة رأسها برفض وهي تكاد تبكي. ماذا تخبرها أن هذا الشخص تحديدا من بين سكان هذه الحارة كادت تتسبب له في إعاقة دائمة أكثر من مرة، بل اربع مرات إن صح القول:
يا ماما والله هحفظ مع نفسي، اقولك في شيوخ على النت حلوين اوي هحفظ معاهم.
زفرت منيرة بغـ.ـيظ من عناد ابـ.ـنتها: وهما شيوخ النت هيسمعوا ليكِ؟ طب ده الشيخ ده مفيش حد في الحارة كلها إلا أما شكر في أخلاقه ولطفه وطيبة قلبه، وإن هو بيحفظ كل اولاد الحارة لوجه الله...
صمتت قليلا ثم أضافت ببسمة غـ.ـبـ.ـية كطفل صغير: طب ده حتى طلع مدبلج
ضحكت قليلا وهي تنظر لابـ.ـنتها التي تعدل نظارتها بحنق وتلوي شفتيها بغـ.ـيظ:
ده كان بيكلمني زي المسلسل المكسيكي وبيقول كيف اساعدك يا خالة؟
انهت حديثها بفرحة شـ.ـديد وكأن زكريا عاشق لها اعترف بعشقه بعد سنين فراق وليس فقط أنه تحدث أمامها ببضعة كلمـ.ـا.ت باللغة العربية الفصحى...
لم تجب فاطمة بل استمرت بالعبوس ولكن منيرة لم تدع فرصة مستغلة تركها للباب ثم جذبتها سريعا من يدها على الدرج وهي تقول لها بإصرار شـ.ـديد:
هتروحي للشيخ المدبلج يعني هتروحي سامعة. لازم تختمي القرآن وامشي رافعة راسي بيكِ كده واقول بـ.ـنتي حاملة للقرآن...
صمتت فاطمة ولم تجيب لرؤيتها نظرة والدتها الحزينة التي جعلتها تنسى كل شيء وتتجاهل اعتراضها:
انتِ عارفة اني مدخلتش مدرسة ولا بعرف اقرأ ولا اكتب فعايزاكي تحفظي وتيجي البيت تحفظيني معاكِ عايزة احفظ القرآن يا فاطمة هو انا طلبي صعب؟ عايزة اقرأ سور جديدة في الصلاة يابـ.ـنتي.
دmعت عين فاطمة لحديث والدتها وذهبت لها وضمتها مقبلة رأسها بحنان. هي لا ترفض أمر حفظ القرآن نفسه لكنها ترفض أن يكون هو المسئول عن ذلك، لذا دعت أن يكون الرفض من عنده هو فكما تعلم عنه لا يقبل بالاقتراب من فتاة، وهي وقتها ستجتهد وتبحث عن أي وسيلة أخرى تتعلم بها مع والدتها...
كان يجلس وهو يتلو بعض الآيات لحين وصول الفتيات، لكن قطع خلوته تلك صوت والدته الهادي ينبئة بحضور السيدة وابـ.ـنتها...
خرج بهدوء شـ.ـديد يتبع والدته التي نادته من الداخل مخبرة اياه بحضور سيدة للقاءه، تقدm زكريا خلف والدته مبتسما بهدوء شـ.ـديد متحفظ ليقابل تلك السيدة المرحة التي قابلها منذ ساعة...
ابتسم زكريا يتحدث بهدوء واحترام شـ.ـديد لتلك المرأة بعمر والدته: ايوة اتفضلي يا أمي، جبتي الكتكوتة الصغننة عشان التحفيظ؟
رمقته تلك منيرة ببسمة متحمسة بشـ.ـدة فهي قبل أيام قليلة أتت له لتطلب منه تحفيظ ابـ.ـنتها للقرآن الكريم ورغم أنه لا يمتلك طالبات كثيرات إلا أنه لم يرفض لتلك السيدة المرحة البسيطة طلبا فهي ذكرته ببساطة والدته فقد اخذت تلح عليه في تحفيظ ( كتكوتة ماما) كما تقول على ابـ.ـنتها...
ايوة يا شيخ اهي هي بس مك...
توقفت عن الحديث وهي تستدير ولم تجد ابـ.ـنتها بجانبها تلك الشقية التي تأبى وبشـ.ـدة المجئ، زفرت بضيق وهي تلمح ابـ.ـنتها تقف على الدرج المواجه لهم لتندفع لها بعنف شـ.ـديد لا يناسب جسدها الممتلئ وهي تجذبها بحدة تصرخ بها:
يا بـ.ـنتي بقى حـ.ـر.ام عليكِ تعبتيني معاكِ هو هياكلك ولا إيه؟
ابتسم زكريا يتفهم الأمر فدائما ما يحدث ذلك في أول مرة يأتي إليه طفل ثواني ووجد السيدة تقترب وهي تجذب تلك الكتكوتة التي، توقف عقله عن العمل وهو يرى تلك الكتكوتة التي تُسحب بعنف خلف والدتها، ودون أن يشعر وعلى غير عادته صاح باستنكار مشيرا لتلك الفتاة بعدmا ابعد عينه سريعا عنها وقد لمح من نظرة واحدة أنها شابة يتخطى عمرها العشرين عاما كما يبدو:
دي كتكوتة ماما؟
تحدثت وداد من الخلف وهي تلوى فمها بمزاح: كتكوتة ايه دي فرخة يا حاجة...
ضحكت منيرة بشـ.ـدة وهي تنظر لابـ.ـنتها التي كانت ترمق زكريا وكأنه على وشك الانقضاض عليها...
تحدثت وداد بحرج تخفي ضيق ملامح ابنها: طب اتفضلوا ادخلوا نتكلم جوا احسن.
ماما يلا نروح البيت
كانت تلك الهمسة كافية لزكريا الذي كان ينظر لوالدته بأن يتعرف على صاحبة ذلك الصوت، إنها تلك المصـ يـ بـةالتي لا تنفك تسبب له كوارث...
ابتسمت لها منيرة وهي تتقدm مع ابـ.ـنتها لداخل الشقة لكن فاطمة لم تتحرك بل استمرت بالنظر نحو زكريا بخــــوف حتى ناداتها والدتها بالدخول، تقدmت فاطمة ببطء شـ.ـديد لداخل الشقة وكادت تخطو نحو الداخل مارة بزكريا حتى ركض زكريا واحتمى في باب الشقة متمسكا به وكأنه سيحميه من المصائب.
نظرت السيدتان له بتعجب لما يفعل لكن فاطمة هي فقط من تفهمت لما يفعل ذلك، هو يظن أنها تتعمد احداث مشاكل له، صمتت بضيق وهي تسير نحو الداخل وتتقدmها والدتها ووالدته وهو مازال يلتصق في الباب بخــــوف منتظرا أن تمر وتبتعد عنه...
لم تهتم فاطمة كثيرا وتحركت خلفهم وما كاد زكريا يتحرك غاضضا بصره واضعا عينه ارضا حتى وجد جسد الفتاة يفترش الارض وهي تتأوه بسبب الاسدال الخاص بها والذي تعرقلت به...
ورغم الموقف الذي هم فيه إلا أن زكريا ابتسم وقبل يده من الجانبين وهو يهمس بفرحة لنفسه:
الحمدلله، الحمدلله، قمر ولطف، كان قلبي حاسس والله.
نظرت له والدته بعدm فهم لحديثه، هل هو سعيد لسقوط الفتاة؟ ام، صمتت قليلا وهي تنحني وتساعد فاطمة للنهوض التي كانت تعبس بشكل مغتاظ، انتبهت وداد على فاطمة لتتذكر أنها نفس الفتاة التي سقطت على ابنها في المحل البـ.ـارحة، لتبتسم وهي تدرك جيدا سبب خــــوف ابنها منها فيبدو أنه خشي أن تكرر الامر ثانيا ولم تدرك وداد أنه لم يكن ليكون ثانيا بل، خامسا.
يعني زوجة حضرتك طالبة الخلع يا استاذ ايه اللي مش مفهوم؟
كان ذلك صوت هادي الذي يجلس خلف مكتبه يستند بظهره على مقعده محركا قلمه بين أصابعه بهدوء شـ.ـديد يراقب ذلك الذي يجلس أمامه وكأنه يجلس على جمر، رفع الرجل عينه لهادي الذي كان مبتسما في انتظار رده:
وإن رفضت؟
اعتدل هادي جيدا وهو ينظر الرجل بدقة: الموضوع مفيهوش تقبل وترفض. لان حتى الاختيار ده مش متاح، المدام طلبت طـ.ـلا.ق بالحسنى وحضرتك رفضت يبقى ألقاك بإذن الله في محكمة الأسرة يا استاذ، شرفت.
أنهى هادي كلامه مشيرا لباب مكتبه بغـــضــــب مكبوت فهذا الرجل الذي حُسب للاسف على الرجـ.ـال أتى ليغريه بالمال حتى يترك قضية زوجته كما فعل مع جميع من ذهبت لهم سابقا، فهو ليس بالهين بل هو صاحب اكبر سلسلة محلات الذهب في المنطقة والمناطق المجاورة بينما زوجته مجرد فتاة صغيرة لا تليق سوى أن تكون ابـ.ـنته لا اكثر، بيعت له بأبخس الأثمان، و لأنها كانت من وجهة نظره بيعت له بثمن قليل إذا لا ضير من العبث بها وحتى تكسيرها إن أراد، لكن ما لم يحسب له حساب أن تلك اللعبة الصغيرة التي أكملت الثامنة عشر منذ اسبوع لا اكثر، كانت تنتظر أن تكمل هذا السن ليسجل زواجهم رسميا وتبدأ محاولاتها في الفرار من أسر ذلك المريـ.ـض الذي يقبل بالزواج بفتاة يكبرها بضعف عمرها...
يعني ده اخر كلام عندك؟
هز هادي رأسه وهو مازال يشير له على الباب: بالضبط آخر كلام فخليه يكون بالحسنى بدل ما تكون الذكرى الأخيرة مني مش لطيفة...
نظر له الرجل بشر فكل من ذهبت له زوجته سابقا استطاع اسكاتهم بأمواله لكن تلك الغـ.ـبـ.ـية لا تكل ولا تمل:
قصدك ايه؟
ضـ.ـر.ب هادي يده على المكتب بغـــضــــب لينتفض الرجل واقفا برع ويتبعه هو وينهض ثم صرخ به:
يعني اطلع برة مكتبي حالا...
ارتعب الرجل من نظراته تلك ثم ابتلع ريقه و عدل من وضع عباءته البنية على كتفه ثم قال قبل أن يخرج لعله يحفظ ماء وجهه:
تمام افتكر إنك اللي بدأت.
تحرك هادي من خلفه مكتبه بعنف ولم يكد يصل له حتى تحرك الرجل للخارج سريعا وهو يهرول مرتعبا من ذلك الرجل الذي لا يخفى عنه قوته...
زفر هادي يحدق في أثره بضيق ثم اتجه صوب النافذة في مكتبه الصغير المتواضع والذي أختار أن يكون في منطقته، فتح النافذة وهو يتنفس بضيق يمسح وجهه لكن لم يكد ينزع يده من على وجهه لتقع عيناه على مسكن جعل جسده يهدأ سريعا عكس ضـ.ـر.بات قلبه التي ازدادت، فتح النافذة أكثر وهو يقترب لينظر لها جيدا تلك الصغيرة التي تتفنن في اغضابه...
اغمض عينه يتنهد بتعب وتلك الذكرى تلوح أمام عينيه لا تنفك تتركه أببدت في صحوته ولا حتى نومه...
تمام تمام، كل شيء قسمة ونصيب ولا يهمك، سلام عليكم
كان ذلك رشـ.ـدي الذي استقبل للتو اتصالا أثناء جلوسه مع هادي في منزله، تساءل هادي وهو يكذب ما سمعه:
هو فيه ايه؟
رفع رشـ.ـدي نظره له بعدmا كان شاردا في طريقة يخبر بها أخته بالأمر:
العريس اللي كان جاي لشيماء اتصل. وقالي كل شيء قسمة ونصيب.
تشنجت ملامح هادي بعنف وهو يستمع لحديثه، متى أتى هذا العريس؟ كيف لم يعلم هو بأمره؟ خرج من شروده على رؤيته لشيماء تقف أمام الغرفة التي يجلس بها مع أخيها وقد أحضرت ضيافته كما طلب منها رشـ.ـدي، ومن ملامحها يكاد يجزم أنها استمعت لما حدث...
وضعت الصينية أعلى طاولة تتوسط الغرفة ثم كادت تغادر لولا رشـ.ـدي الذي ركض وجذبها لاحضانه سريعا فهو يعلم جيدا مقدار هشاشة صغيرته:.
حبيبتي متزعليش ياقلبي كل شيء قسمة ونصيب وده لا قستمك ولا نصيب، والصراحة كده معجبنيش الواد ده، بكرة يجي اللي يقدرك ويطلبك مني ياقلبي
ابتسمت شيماء بحـ.ـز.ن وهي تدفن نفسها في صدر اخيها تخبر نفسها أن غدا سيأتي غيره لها ما عليها سوى الصبر، هي لم تكن يوما من المهووسات بالزواج لكنها تفعل كل ذلك فقط لتثبت لنفسها قبل الجميع أنها كالفتيات. مرغوبة.
اتجوزها أنا...
وياليته ما نطق تلك الكلمة، فبسببها تحولت تلك الدبدوبة اللطيفة إلى تلك اللعبة المرعـ.ـبة التي تُستخدm في افلام الرعـ.ـب وهي تبتعد عن أحضان اخيها ترمقه بصدmة. هل وصل بها الحال لتتجوز شفقة؟
تقدmت منه تاركة اخيها وهي تقف أمامه ترفع رأسها له فهذا العملاق أمامها تصل لما بعد خصره ببعض أنشات فقط:
اتجوز مين؟ أبيه هادي؟
فتح هادي فمه بصدmة كبيرة وتشنج فمه، هل نادته أبيه للتو؟ هي بعمرها لم تناديه أبيه؟ ام أنها ترغب في استفزازه؟
أبيه؟ وده من امتى يا عنيا؟
هكذا تحدث هادي في تهكم واضح مانعا نفسه من إمساك رأسها أمام اخيها الذي يراقب ما يحدث بصدmة وضـ.ـر.بها في الحائط حتى تعلم ما ابيه بقادر على فعله...
خرج هادي من شروده ذلك على صوت اصوات عالية في الاسفل لينظر بتعجب يرى بعض الاناس مجتمعة ولم يتبين له شيء لكنه رجح أنه ربما أحد الباعة المتجولين الذين يلتف حوله الناس يوميا لرخص ثمن بضاعته مقارنة بالمحلات وكاد يتحرك من أمام نافذته موبخا نفسه لشروده و ضياع فرصة مراقبتها حتى تختفي من أمامه لكن توقف على صوت رجل عالي وهو يقول:
يا جماعة حد معاه رقم رشـ.ـدي باشا يتصل بيه بسرعة...
لم يفهم هادي الأمر وعاد للنافذة مجددا ليسمع حديث امرأة تقف أسفلها تردد بحـ.ـز.ن:
ياختي الحـ.ـيو.ان خبطها بالتوكتوك من هنا وجري من هنا، جاتهم نيـ.ـلـ.ـة بقوا اكتر من البني ادmين...
حتى محدش عارف يعملها ايه البت عمالة تعيط وتقولهم عايزة اخويا و محدش معاه رقمه يكلمه وهي مش مبطلة عـ.ـيا.ط...
وكان هذا أكثر من كافي ليبدأ عقله في ترتيب الأمر ودون حتى أن ينتظر ثانية كان يركض خارج مكتبه بجنون كمن فقد عقله وهو يكاد يسقط على الدرج أكثر من مرة، ركض حتى مكان التجمع مزيحا جميع من أمامه بسرعة كبيرة ولهفة حتى وصل لها، تبكي ارضا وهي تنادي أخاها كفتاة ذهبت الروضة وتبكي لأجل والدتها. تحرك جهتها بهدوء وببطء مبتلعا ريقه بخــــوف شـ.ـديد وضـ.ـر.بات قلبه مـ.ـا.تزال تعلو بشـ.ـدة ودmـ.ـو.عها تقــ,تــله، انحنى ارضا جوارها وهو يناديها بحنان شـ.ـديد:.
شيماء، شيماء حبيبتي أنتِ كويسة...
كان صوته خافتا هامسا مرتعبا، بينما هي كانت تبكي لا تهتم لأحد ولا تنتبه لأحد، ليقترب هو أكثر منها ويهمس لها بحنان شـ.ـديد:
شيماء بالله عليكِ بطلي عـ.ـيا.ط و ردي، أنتِ كويسة؟
رفعت شيماء عيونها وهي تبكي مشيرة لقدmها بو.جـ.ـع كبير: رجلي بتو.جـ.ـعني اوي...
ليتها كانت قدmي انا وما رأيت دmـ.ـو.عك حبيبتي، كان هذا همس هادي لنفسه دون الإفصاح عنه، انحنى أكثر وهو يضع يده خلفها ثم حملها سريعا لتصرخ برعـ.ـب وخجل شـ.ـديد:
بتعمل ايه سيبني نزلني يا هادي نزلني...
لم يجبها هادي بكلمة وابعد الجميع من طريقه وهو يتجه بها ناحية العيادة التي تقع في بناية مكتبه بينما هي غرقت في خجلها وخزيها، فلا بد أنه يجاهد الان لحملها بوزنها هذا، هي ثقيلة كيف سيصعد بها الدرج الان...
أنتِ خسيتي كده ليه؟
نظرت له بتعجب تتعجب كلمته تلك لا تلاحظ أي علامـ.ـا.ت إرهاق أو تعب على وجهه...
اصلك خفيفة اوي، ده التلفزيون عندنا اتقل منك
حسنا بالطبع هذه مبالغة منه لكنها حقا خفيفة، لا يشعر بها أم أن فرحته لقربها من قلبه جعلتها تقريبا لا تزن شيء، تنهد بخفوت يحاول تهدئة ذلك الغـ.ـبـ.ـي الذي يضـ.ـر.ب بالقرب منها فهي ستشعر باضطرابه...
نظرت شيماء لهادي وكأنها لأول مرة تراه ملامحه لم تدقق بها يوما أو تهتم حتى لفعل ذلك كيف يكون بهذه الجاذبية وهي لم تنتبه لذلك يوما؟
كان زكريا يستمع لحديث السيدة منيرة حول
كتكوتة ماما وكيف أنها جيدة في كل شيء. وتجيد الحفظ سريعا. لم يقاطعها ابدا وهي تسترسل في الحديث لينتهي الجميع من الحديث وتسأل منيرة عن موافقته، تنهد زكريا ببطء لا يعلم ماذا يقول لكنه تحدث بهدوء شـ.ـديد يحاول ألا يحـ.ـز.ن تلك السيدة اللطيفة:.
أنا مقدر جدا تعب حضرتك، بس للاسف انا مش بحفظ بنات كبيرة كده...
ابتسمت فاطمة فجأة وهي تتنفس الصعداء لا تصدق أنه رفض الأمر من تلقاء نفسه لكن اختفت بسمتها وهي تستمع لأصرار والدتها:
بس يابني انت قولتلي عادي مفيش مشكلة...
هز زكريا رأسه بإيجاب وهو يشرح لها الأمر: بس مكنتش اعرف أنها آنسة انا فكرتها بـ.ـنت صغيرة حتى البنات الصغيرة مش بتعامل معاهم كتير
ليه يابني هو حـ.ـر.ام؟
ابتسم لها زكريا وهو يشرح لها مقصده من الرفض: لا يا خالة مش حـ.ـر.ام بس الاولى تروح لسيدة افضل من رجل ولو راحت لرجل بيكون بشروط...
شروط ايه؟
بدأ زكريا يوضح حديثه نحو ذلك الأمر: يعني بيكون في وجود محرم للبـ.ـنت سواء والدها او غيره أو في وجود نساء أخريات إذا أمنت الفتنة.
أنهى حديثه على أمل أن ترفض الأمر لتقول بحـ.ـز.ن: بس يابني مفيش هنا ستات تعلمها انا سألت وملقتش غيرك في الحارة كلها...
هز زكريا رأسه هو يعلم ذلك جيدا فهذا السبب هو ما جعله يقرر أن يبدأ تحفيظ قرآن في منطقته...
تحدثت وداد سريعا تخفي حرج ابنها: خلاص يا زكريا يا حبيبي ده كفاية مجية الست منيرة لهنا بنفسها، خليها تيجي يا ام فاطمة بعد المغرب اكون خلصت شغل البيت واقعد انا معاهم ولو حصل ظروف ومقدرتش يبقى تيجي أنتِ...
هزت منيرة رأسها سريعا موافقة الأمر تترقب حديث زكريا الذي قال بقلة حيلة:
حسنا لا بأس ليقدm الله الخير...
أنهى حديثه وهو يهز رأسه بموافقته منعا لحرج تلك السيدة وهو يدعي ألا ينتهي به الأمر بإعاقة دائمة له...
اقتربت منيرة من ابـ.ـنتها وهي تقول ببسمة واسعة: شوفتي وهو بيتكلم مدبلج، فظيع في الدبلجة
بينما فاطمة كانت تنظر اهم بصدmة تفكر في الأيام القادmة مع الشيخ زكريا...
لازم عسل؟ قال يعني لو القرص اتاكلت من غير عسل هيحصل حاجة...
كانت تلك كلمـ.ـا.ت بثينة التي كانت تحمل جرة عسل بضيق من إجبـ.ـار والدتها على النزول وإحضارها...
سارت في الشارع تتمتم بغـ.ـيظ وضيق شـ.ـديد لا تهتم بنظرات المارة لها ابدا لكن فجأة سمعت صوت بوق صاخب، لتتجاهله تماما فإن أراد العبور ليتحرك في مكان آخر. لكن يبدو أن السائق كان مصرا على أن يمر من مكان سيرها هي لذا ألتفت له بثينة بغـــضــــب شـ.ـديد وهي تصرخ ملوحة بيدها:
جرا ايه يا جدع إنت مالطريق قدامك اهو اتنيل عدي من اي حتة...
انهت حديثها وهي ترمق تلك السيارة الصغيرة قديمة الطراز بتهكم شـ.ـديد لا تطيق التحدث مع أحد الآن، لكن كان لسائق السيارة رأي آخر وهو لا ينزع يده من على البوق بشكل مزعج، تحركت بثينة جهة مقدmة السيارة وهي تضـ.ـر.بها بكفها مغتاظة بشـ.ـدة:
جرا ايه يا خويا جايب زمارة جديدة وبتجربها؟ ولا يكونش مولد ابوك هو؟
هبط سائق السيارة من مكانه وهو يتحرك مقتربا قليلا من بثينة قائلا ببسمة واسعة بـ.ـاردة مستفزة:.
لا بعيد عنك فيه شوية بهايم ماشية في نص الطريق...
اغتاظت بثينة بشـ.ـدة من حديث السائق وهي تتوعده بداخلها لتهدر به في حده:
انا قولت برضو السواقة الكلابي دي مش غريبة عليا...
ضحك الشخص المقابل لها وهو يردف: الحمدلله على الاقل سواقتي هي اللي كلابي، مش زي بعض الناس تفكيرهم هو اللي كلابي...
زفرت بثينة بغـــضــــب كبير وهي تنفخ بضيق: يعني هي الحارة كانت ناقصة قرف يعني؟
انا عارفة ياختي ده كفاية وجودك يا بسبوسة...
ابتسمت بثينة بسخرية فهذه الفتاة التي أمامها تستنفز كل ذرة صبر بداخلها، تسطيع فعل ما لم يتمكن أحد من فعله ابدا وهو استفزازها...
الظاهر إن لسه الحاجة مربتكيش من اخر مرة يا، يافضة.
ضحكت ماسة بشـ.ـدة على سخريتها من اسمها وهي تنظر لها: يا ختي كده قمر وكده قمرين، الدور والباقي على اللي ماشية ببوسي وهي في الأصل بثينة طب والله الاسم خسارة فيكِ بس نعمل ايه للاسف محسوبة علينا إنسانة فلازم نديكي اسم نناديكي بيه...
اخرجت سيدة ما رأسها من السيارة وهي تحدق في بثينة بغـــضــــب وغـ.ـيظ: فيه حاجة يا ماسة يابـ.ـنتي؟
تحدثت ماسة وهي تتحرك جهة السيارة وتصعد لها: لا يا ست الكل ما أنتِ عارفة القطط الضالة كترت اليومين دول...
انهت حديثها وهي تصعد لتطلق البوق مجددا: ابعدي يابت لاشيلك واخلص الناس من قرفك...
ضحك بثينة ببرود شـ.ـديد وهي تتحرك لجانب الطريق مرددة: ماشاء الله هي سحر جابتلك زمارة جديدة ولا ايه؟
انهت حديثها وهي تضـ.ـر.ب كف باخر ساخرة: وسعوا يا جماعة لعلبة الصفيح دي خليها تعدي...
تحركت ماسة بغـ.ـيظ بالسيارة وهي تهتف ببسمة بـ.ـاردة مستفزة: اهو أخرتك تحت عجل علبة الصفيح دي يا بوسي...
انهت حديثها وهي تتحرك تاركة بثينة تلعن ماسة ووالدتها واليوم الذي جائت به الحارة فما أحد يغـ.ـيظها و يغـــضــــبها بمقدار تلك الفتاة سليطة اللسان ولا احد يضاهيها في الحديث سواها:
طب يا ماسة هتروحي مني فين يعني؟ اديكي رجعتِ الحارة تاني وانا بقى هوريكي اخري يا بـ.ـنت سحر...
ركضت اسماء جهة الباب بسرعة بسبب الطرقات العنيفة عليه وهي تعدل حجابها وتتمتم برعـ.ـب:
استر يارب، استر يارب، طيب جاية ياللي على الباب.
فتحت سريعا بفزع لتتغير ملامحها فورا وهي ترى تلك التي غمزت لها بمشاكسة هاتفة:
سمكتي القمر اللي وحشاني...
انفرجت اسارير اسماء بشـ.ـدة وهي تهتف بفرح شـ.ـديد لابنه اختها الغالية:
ماسة؟
ماسة.
فتاة في الثامنة والعشرين من عمرها تعمل طبيبة بيطرية، ابنة اخت اسماء، اي أنها ابنة خالة رشـ.ـدي وشيماء، جريئة نارية في طباعها ليست تلك الفتاة الهادئة ابدا التي تصمت عن شيء وهذا لا يعني وقاحتها فهي تسير بمبدأ ( عامل الكل بما يستحق )، جسد يشبه الساعة الرملية مع خصر نحيف للغاية طويلة نسبيا، ذات قمحية البشرة ذات عيون واسعة وتلك ما يميزها مع شفاه صغيرة كالطفل
سحر: والدة ماسة.
ماجد: شقيق ماسة الأصغر يبلغ من العمر 18 عاما.
↚
ملحوظة: البـ.ـارت اللي فات غلطت وقولت إن ماسة 28 سنة بس هي من عمر رشـ.ـدي يعني 27 سنة وكانت غلطة مني فبعتذر...
دخل بخطوات بطيئة مترددة للعيادة يخشى أن يصل إليها ويضطر لابعادها عن أحضانه، يضطر لفقدان ذلك الدفء الذي يحيط قلبه.
تحرك هادي خلف الممرضة التي أتت له سريعا ترشـ.ـده لغرفة جوار مكتب الطبيب بها فراش صغير يشبه ذلك الذي في المستشفى مع كلمة بسيطة وبسمة بشوشة مطمئنة:
ثواني والدكتور يكون موجود.
انهت حديثها لتخرج بهدوء تاركة خلفها هذا الثنائي الغريب بنظرات اغرب ف. شيماء كانت ترمق هادي بنظرات تبدو وكأنها تصادف وجهه للمرة الأولى بينما هادي كان لا ينظر إليها يخشى أن تفضحه نظراته كما فعلت خفقات قلبه قبل قليل، لذا كان يدعي شروده بعيدا عنها و في الحقيقة هذا سهل الأمر على شيماء لتتفحصة أكثر محاولة تبين أي علامة تدل على إدmانه، هالات سوداء اي نحافة زائدة أو أي شيء يثبت إدmانه كما علمت، لكن لا شيء هو كما يبدو عادة بجسد قوي شامخ وجه غير ذابل وعيون طبيعية.
قاطع هذا الهدوء المريب والمرهق للاعصاب دخول الطبيب تتبعة الممرضة وهو ينظر لشادي ببسمة فهو جارة في نفس العمارة:
استاذ هادي اهلا بيك.
نظر له هادي ببسمة بسيطة وهو يرحب بيه، استدار الطبيب جهة شيماء واقترب منها وأخذ يفحص قدmها تحت تأوهاتها التي تحاول كتمها لكن يبدو أن دmـ.ـو.عها كانت متمردة لذا لم تستطع منعها ابدا...
كم آلمه قلبه لرؤية تلك الدmـ.ـو.ع لذا سريعا خرج من الغرفة وهو يتحجج أنه سيجري مكالمة لرشـ.ـدي. خرج من الغرفة تاركا الطبيب مع الممرضة وشيماء ثم أخرج هاتفه وهو يحاول تهدأة نفسه ثم أجرى اتصال برشـ.ـدي الذي صرخ برعـ.ـب وهو يخبره أنه سيأتي سريعا...
لتمر دقائق تقريبا ويجد رشـ.ـدي يقتحم المكان بعنف وكأنه في إحدى غاراته على وكر عصابات صارخا:
شيماء حصلها ايه يا هادي؟
أشار له هادي أن يهدأ وهو يحاول التحدث والابتعاد عن تلك الحالة التي تلبسته بمجرد قربها منه:
أهدى هي كويسة الدكتور قال مجرد التواء مش اكتر وهو بيرده جوا. وكمان شوية خدوش في رجليها هتتعالج مع الوقت.
لو كان يظن أن كلمـ.ـا.ته تلك هدأت من روع رشـ.ـدي فهو مخطأ حيث أخذ رشـ.ـدي يتحدث بجنون وهو يسب ذلك الذي أذى صغيرته اللطيفة، يبدو الأمر كأب تأذت ابـ.ـنته.
خرج الطبيب من الغرفة بعد صرخات عالية من شيماء كاد رشـ.ـدي يدخل على إثرها للغرفة ليجعلها حطاما لكن هادي منعه وأخبره أن هذا طبيعي لأن الطبيب يقوم برد قدmها مجددا في وضعها الطبيعي لعلاج الالتواء...
الحمدلله الآنسة كويسة وزي ما بلغت الأستاذ هادي مفيش اي خطر انا هكتبلها على مسكنات ومراهم للجروح، هتحاول بس تتفادى أنها تمشي أو تضغط على رجليها لفترة دي. الف سلامة عليها.
أنهى الطبيب الحديث ببسمة عملية هادئة ثم تحرك جهة مكتبه ليستكمل عمله الذي تركه لأجل تلك الحالة الطارئة بينما ركض رشـ.ـدي للغرفة سريعا وهو يرى صغيرته تتسطح بوجه متألــم ويلتف حول قدmها رباط ابيض كبير، تقدm منها سريعا وهو يقبل جبينها بحنان شـ.ـديد هامسا باسمها بلطف:
شيماء...
فتحت شيماء عينها ونظرت لرشـ.ـدي ببسمة متو.جـ.ـعة وهي تقول بهدوء: أنا كويسة يا رشـ.ـدي والله هو بس رجلي اتلوت متخفش...
نهض رشـ.ـدي بهدوء وحملها ببطء شـ.ـديد يخشى أن يـ.ـؤ.لم قدmها لتلف هي يدها حول رقبته لا تخشى شيء ولا تخجل كما حدث مع هادي منذ قليل فهذا رشـ.ـدي الذي حملها في حياتها أكثر مما كان يتنفس لذا لا ضير من اغماض عينها والسكون قليلا لكتفه الذي لطالما استقبل دmـ.ـو.عها...
خرج رشـ.ـدي وهو يحمل شيماء بحنان ثم نظر لصديقه بامتنان شـ.ـديد وكاد يتحدث لولا هادي الذي قاطعه وهو يلقي نظرة سريعة على ملاكه الصغير فقط ليطمئن قلبه لا اكثر:.
خد شيماء انت، وانا هجيب العلاج واحصلكم...
ابتسم له رشـ.ـدي وهو رأسه ثم تحرك بهدوء جهة الخارج بينما تحرك هادي صوب الشخص الذي يسجل الأسماء وقام بدفع الأموال له ثم انتظر في الخارج حتى أحضرت له الممرضة الورقة المدون بها اسماء الأدوية وذهب ليحضرها سريعا بعد أن مر على مكتبه وتأكد أن لا أحد في انتظاره ثم ابلغ مساعده أن يهتم بالشئون هنا حتى يعود وهو لن يتأخر، وسريعا اتجه لإحضار الأدوية لصغيرته...
ماسة؟
ابتسمت لها ماسة وهي تدخل للشقة وخلفها والدتها وماجد اخيها الذي يحمل هاتفه طوال الوقت لا ينزع عينه من عليه...
مفاجأة مش كده؟
ابتسمت اسماء بشـ.ـدة وهي تهز رأسها بتأكيد ثم اتجهت لهم تعانقهما بحب شـ.ـديد وكيف لا وهي لا تملك في هذه الحياة سواهم بعد عائلتها ولا تملك اغلى منهم بعد عائلتها، وهذه الشقية ماسة التي لا تنفك تخرجها عن هدوئها تعدها بمثابة ابنة لم تنجبها، لذا قالت بحب شـ.ـديد:.
مفاجأة قمر يا روحي، بس مش قولتوا هتكونوا هنا بكرة!؟
ابتسمت سحر مشيرة لابـ.ـنتها بغـ.ـيظ شـ.ـديد: المفروض فعلا على أساس العربية بتاعة المرحوم هتخلص تصليح بكرة بس اقول ايه على بـ.ـنتي، راحت وقفت فوق دmاغ الميكانيكي لغاية ما خلصها وجات و رأسها ألف سيف تيجي انهاردة وتعمل مفاجأة
ابتسمت لها اسماء بحب: جدعة يابت يا ماسة كويس إنك عملتي كده، ألا فين الواد ماجد؟
أشارت ماسة بضيق لأخيها الذي سارع باحتلال الأريكة وهو مايزال ينظر في هاتفه الذي يصدر أصوات طلقات نارية وأسلحة وكأنه في حرب:
اهو متنيل بيلعب...
ضحكت اسماء وهي تتجه له ساحبة اياه لتضمه بعنف مربتة على ظهره بحب ليخرج هو يده من خلف ظهرها ويكمل لعب وهو يقول:
ايه يا خالتي هخسر كدة اصبري...
زجرته سحر بعنف على وقاحته لتضحك اسماء فهي لا تغـــضــــب ابدا من ذلك المشاكس الصغير فهو تربى برفقتهم حينما تـ.ـو.في والده فجأة وتعرضت اختها لمصاعب كثيرة هي وابـ.ـنتها لذا اخذت هي الصغير وربته رفقة اولادها حتى كتب الله لأختها الاستقرار وجائت لتأخذه مجددا:
ايه يا سحر براحة على الواد، العب راحتك يا قلبي
انهت اسماء حديثها وهي تمسك يده اختها بحماس شـ.ـديد مشيرة لماسة ببسمة:.
انا هاخد امك يا ماسة نجهز أكلة حلوة كده لينا كلنا وكمان اتكلم معاها لاحسن وحـ.ـشـ.ـتني وأنتِ خدي راحتك البيت بيتك مفيش حد هنا وشيماء خرجت تجيب طلبات وزمانها جاية مش عارفة اتأخرت ليه؟
انهت حديثها وهي تسحب اختها للمطبخ مقررة الاتصال بابـ.ـنتها لتطمئن ولكن بمجرد اتصالها صدر صوت هاتف من غرفة شيماء لتتحدث ماسة بصوت عالي وهي تتجه لإحدى الغرف:
التليفون بتاع شيماء هنا يا خالتي...
انهت حديثها وهي تفتح الخزانة في تلك الغرفة ثم نظرت لها بنظرات مفكرة وسريعا مدت يدها وسحبت بعض الثياب المريحة وتحركت خارج الغرفة لغرفتها هي ووالدتها لتبدل ثيابها بتلك التي اخذتها منذ قليل فللحق هي متعبة لدرجة عدm قدرتها على إفراغ الحقائب والبحث فيها عما يناسب المنزل، لذا لا ضير في استعارة بعض الثياب.
أثناء ابدال ثيابها سمعت صوت الباب الخارجي يفتح ثم يغلق مجددا لتسرع في ارتداء الثياب ببسمة وهي تنطلق من غرفتها لرؤية ابنة خالتها الصغيرة ببسمة واسعة...
بينما في الخارج تحرك رشـ.ـدي بأخته التي غفت على يده من كثرة البكاء، كعادتها عنـ.ـد.ما تبكي كثيرا، لذا تحرك نحو غرفتها بهدوء ووضعها في فراشها وقبل جبينها بحنان شـ.ـديد ثم استدار ليخرج وهو ما يزال ينظر إليها، أغلق الباب ببطء وحرص ثم استدار وما كاد يعتدل في وقفته حتى وجد شخص يصـ.ـر.خ في وجهه وهو يهجم عليه بالاحضان ليفزع ويعود للخلف كردة فعل طبيعية صارخا برعـ.ـب...
بينما ماسة كانت تنتظر أمام الباب وحينما وجدته يُفتح لم تمنح نفسها حتى الفرصة لرؤية من خرج وسرعان ما هجمت عليه تحتضنه بعنف ليعود ذلك الشخص للخلف والذي تقسم أنه ليس شيماء، فمنذ متى وكانت شيماء تمتلك معدة مسطحة تستشعر تقاسيمها من ذلك الحـ.ـضـ.ـن ومنذ متى كان جسد شيماء صلب بهذه الدرجة؟ وبعد تفكير لم يستمر ثواني كانت تعلم هوية ذلك الشخص ولم تكد تبتعد عنه حتى شعرت بيد حديدية تقيدها إليه أكثر جاذبة إياها لغرفة مجاورة وسرعان ما أغلق الباب ليشـ.ـدد ذلك الشخص العناق وهو يهتف ببسمة وعشق:.
والله ما هو راجع...
فزعت ماسة لما حدث خلال ثوانٍ ولم تستوعبه سوى الآن لتهدأ قليلا وهي تسكن في ذلك الحـ.ـضـ.ـن الدافئ هامسة بنبرة جعلته يشـ.ـدد عناقها حتى كاد يدخلها لصدره:
وحـ.ـشـ.ـتني اوي يا أباظة...
وهذه ميزة تتفرد بها تلك القطة، كما تفردت بعرش قلبه. فهي الوحيدة المسموح لها بذكر ذلك الاسم أمامه بل أنه وللغرابة يشعر بلذة غريبة حينما يخرج من فمها هي وفي أكثر لحظاتهم حميمية، ابتسم بعشق:
واباظة مـ.ـيـ.ـت من غير قطته...
ضحكت بخــــوفت وهي تحاول الابتعاد: بس يا رشـ.ـدي بغير والله
ضحك رشـ.ـدي وهو يهمس لها بعشق: حشـ.ـتـ.ـيني و يا ماستي...
ابتسمت ماسة وهي تهمس له بغـ.ـيظ: ولما انا اتنيلت على عين أهلي ووحشتك مكلفتش نفسك تيجي وتزرني ليه؟
عض رشـ.ـدي على شفتيه بغـ.ـيظ من تلك التي تتفنن في إخراجه من أكثر لحظاته انسجاما، ليجيب عليها بحنق وهو يبتعد قليلا دون تركها:
عشان اتنيل على عين أهلى واستريح من لسانك اللي عايز يتخلع من جذوره.
ضحكت ماسة بشـ.ـدة على حدثه ثم ضمته لها مجددا وهي تهمس بدلال تتقنه جيدا وتعلم أنه يلعب على اوتار ثباته كما لم يفعل شيء قبلا:
بس إنت عارف يا أباظة إن إنت بالذات اللي مقدرش أكلمه كلمة من لساني اللي عايز خلعه من جذوره ده...
ابتسم رشـ.ـدي وهو يرتب شعرها بحنان: وحتى لو قلتي يا ماستي فأنا عارف ازاي اسكتك...
ابتسمت له ماسة وهي تغمز له بوقاحة: ايوة ايوة قلة أدب عارفة، طول عمرك سـ.ـا.فل ياض يا رشـ.ـدي وما شوفتش تربية من ايام ما كنت بتقولي هاتي بوسة واحنا في حضانة
فتح رشـ.ـدي عينه بصدmة هذه الفتاة لن تتوقف يوما عن مفاجئته، ليبعدها عنه وهو يرفعها من ثيابها:.
أنتِ لسه بتذلي اهلي بيها؟ وياريتني خدت البوسة ده أنتِ فضحتي امي وقتها، بعدين قلة أدب مين يا ختي ليه شاقطك من على الدائري ولا جايبك من كازينو؟ ده انتِ مراتي يا معفنة...
أبعدت ماسة يد رشـ.ـدي عنها وهي تتخصر ساخرة: وهل لاني مراتك ده يديك حق إنك تقل ادبك؟
نظر رشـ.ـدي لوضعيتها بحاجب مرفوع ثم هز رأسه برفض: لا طبعا ميدنيش الحق بس يديني الحق إني اديكي بالجذمة...
رمقته ماسة بشر ليصـ.ـر.خ بها: بت اتعدلي وأنتِ بتكلميني...
اعتدلت ماسة سريعا وهي تنظر له بحنق شـ.ـديد وهي تنفخ ثم قالت وهي تتجه للخارج:
انت بجد بقيت لا تطاق و...
توقفت عن الحديث وهي تشعر به يجذبها من ثيابها من الخلف وهو يتحدث بصدmة يرمقها من أعلى لاسفل وكأنه لاحظها للتو:
يا مصيبتك السودة؟ ده التيشيرت الجديد بتاعي؟
نظرت له ببسمة غـ.ـبـ.ـية وهي تنظر لما ترتديه بصدmة: هو ده جديد؟ يا راجـ.ـل وانا اقول الورقة التي في الضهر دي ايه؟ فكرتك سايبها عشان ميفقدش قيمته.
صرخ بها رشـ.ـدي وقد ملّ من ارتدائها الدائم لثيابه: ده انا اللي هخلي قيمتك في الأرض دلوقتي يا صعلوقة يا شحاتة، يابت ده انا بقيت اجيب لبسي وانا خايف مكنش اول واحد اجربه، اعمل فيكِ ايه؟
ربنا ماسة على صدره بحنان: أهدى بس إنت متعصبش نفسك عشان واحدة زيي أهدى بس الضغط هيعلي عليك...
ما يتنيل يا ختي ما يتنيل وأنتِ مالك؟ بعدين إيه ده؟
كان يتحدث وهو يسحب حزام تضعه هي في منتصف التيشيرت لتضيقه من عند الخصر كفستان...
حتى حزامي يا مؤمنة حتى حزامي؟
ابتسمت ماسة وهي تبعد يده وتدور حول نفسها بفرحة: بزمتك مش استايل حلو كمان الحزام لايق عليه...
ابتسم رشـ.ـدي وهو يهز رأسه برفض متحدثا بهدوء مصطنع: على فكرة أنا عندي حزام تاني احلى ويليق عليه اكتر...
ضيقت ماسة عينيها بتفكير: ازاي ده؟ انت قلبت دولابك كله ملقتش حاجة
كان رشـ.ـدي يهز رأسه لها وهو يخلع حزامه الذي يرتديه لتلاحظه هي وتبتسم بتـ.ـو.تر وهي تتبلع ريقها متراجعة للخلف:
اه صح تصدقي إن ده احلى؟ بس مش مشكلة خليك لابسة لما تقلعه يبقى أخده مش مهم...
هز رشـ.ـدي رأسه برفض: والله ما يحصل هتاخديه دلوقتي يعني هتاخديه دلوقتي...
ياراجـ.ـل هامشي يعني مسقط البنطلون عشاني، خلاص خليه.
تحركت ماسة جهة الباب تزامنا مع انتهاء رشـ.ـدي من فك الحزام ثم سريعا كانت تركض وهو خلفها وصياحهم يعلو في المنزل فكانت تركض حول الأريكة وهو يركض خلفها بينما ماجد يجلس على الأريكة ومازال يلعب في هاتف ده غير مهتم لما يحدث حوله، و سحر واسماء لم تتدخل أي واحدة منهما فيبدو أنهما اعتادا كل هذا حينما يجتمع الاثنان سويا...
اصبر بس هفهمك اصل انا كسلت افضي الشنطة وادور على لبس فملقتش غير لبسك، يعني هتستخسر فيا تيشرت يا أباظة؟
هدر رشـ.ـدي فيها بغـ.ـيظ وقد امسك بها: اقولك على حاجة انا هقفل دولابي ده بقفل واياك سامعة اياك المحك في محيط دولابي باتنين متر...
ابتسمت له ماسة وهي تهز رأسها بإيجاب ثم اندفعت وقبلت خده سريعا وهي تبتسم له بحب:
خلاص قلبك طيب...
نظر رشـ.ـدي سريعا لماجد بطرف عينه ليجده ما يزال ينظر في الهاتف الخاص به، لذا اقترب منها سريعا وضمها بحب شـ.ـديد وهمس لها ببسمة خبيثة:
طب ت...
قاطع حديثه صوت رنين الباب ليبعدها رشـ.ـدي سريعا مشيرا لغرفتها بحزم:
ملمحش طيفك برة يا ماسة...
هزت ماسة رأسها ببسمة هادئة ثم تحركت بهدوء ودون عناد كعادتها نحو غرفتها فهي تعلم جيدا أنها لا يجب أن تعارضه في هكذا أمور، نعم تمزح وتعاند وتشاكس لكنها تمتلك من النضج ما يجعلها تفرق بين المزاح والجد وهي تثق برشـ.ـدي كثيرا لذا تطيعه دائما حتى لو تركت روحها بين كفيه ستكون واثقة أنه سيحافظ عليها بروحه، وأن أوامره كلها تكون لأجلها ولمصلحتها هي...
تحرك رشـ.ـدي صوب الباب وهو يعلم الطارق جيدا، نظر خلفه يتأكد من دخول ماسة للغرفة، حتى فتح الباب وهو يبتسم لهادي داعيا إياه للدخول بهدوء شـ.ـديد وبسمة، ليدخل هادي وهو يبادله الابتسام وعينه تدور في المكان على أمل أن يلمحها، يعلم أن هذا مستحيل لكن هذا القلب الاحمق ما زال يبحث عن أي أمل ليروي ظمأه بمحياها...
ابوكِ اتصل...
وكانت تلك الكلمة كفيلة لتنقلب ملامح فاطمة من التـ.ـو.تر الشـ.ـديد للمقابلة بعد العشاء للغـــضــــب المكتوم. لتهمهم بعدm اهتمام:
اممممم
استمرت منيرة في التحدث رغم معرفتها لكره ابـ.ـنتها ذلك لكن في النهاية هذا والدها بحق الله:
سأل عنك وقال هيبعتلك فلوس عشان تجيبي لبس للشتا وااا...
توقفت وترددت عن اكمال حديثها لرؤية دmـ.ـو.ع ابـ.ـنتها الحبيسة تتناول الطعام وكأنها تبتلع اشواك:
خلاص كملي اكل مش هفتح الموضوع ده تاني.
هزت فاطمة رأسها بإيجاب وهي تمسح دmـ.ـو.عها بثيابها تحاول اخفاء و.جـ.ـعها من ذلك الذي يسمى ظلما والدها، لكم هي الحياة قاسية لا تعطيك كل شيء وإن فعلت لا تأمن غدرها فستجدها متربصة لك في أحد الأركان بانتظار أن تطمأن لها حتى تسحب اغلى شيء على قلبك بعيدا عنك مستمتعة برؤية تلك النظرة الموجوعة على وجههك...
نهضت بهدوء من مقعدها تتجه لغرفتها وهي تردد بنبرة منخفضة: هجهز عشان اروح للشيخ...
واتبعت كلمتها وهي تختفي من أمام والدتها التي نـ.ـد.مت التحدث في ذلك الأمر فيبدو أن جـ.ـر.ح ابـ.ـنتها لم يبرأ بعد من جهة والدها...
كان الجميع يتناول العشاء بهدوء شـ.ـديد ليقطع هذا الهدوء صوت بثينة الحانق وهي تصب بعض الطعام للجميع:
مش الدكتورة شرفت؟
انتبهت لها والدتها و زوجة عمها بعدm فهم لتجلس وهي ترمق هادي الذي يتناول طعام بهدوء شـ.ـديد دون أدنى اهتمام...
قصدي ماسة بـ.ـنت سحر.
زفرت والدتها بضيق كبير وهي تتناول طعامها محذرة إياها: واحنا مالنا بيهم يابـ.ـنتي، اسمعي يا بثينة بلاش مشاكل زي كل مرة مع ماسة أنتِ عارفاها مش بتسكت لا هي ولا امها واحنا مش نقصين و.جـ.ـع قلب الله يسترك...
ايه ياما وانا قولت حاجة يعني؟ انا بقول انها جات انهاردة.
نظرت لها والدتها نظرة ساخرة: لا ياحبيبتي مقولتيش حاجة بس انا عارفاكي كويس اوي يا بـ.ـنت بطني وعشان كده بقولك بلاش مشاكل.
زفرت بثينة وهي تهز رأسها بعدm اقتناع ثم نظرت لهادي الذي لم يبدي أدنى اهتمام بما يقولون:
كل يا هادي بطاطس إنت بتحبها...
ابتسم لها هادي بهدوء وهو يهز رأسه: بأكل يا بثينة تسلم ايدك...
ابتسمت بثينة باتساع من حديثه بينما هو كان شاردا في ذلك الملاك الصغير الذي يقع على بعد منزلين من منزله...
رمقت والدة هادي بثينة بضيق وهي تمضغ طعامها لا يعجبها ابدا تصرفاتها اللزجة تلك تجاه ابنها، لكن ماذا تفعل لا يمكنها قول شيء فهي حتى الآن لم تخطأ على الاقل أمامها...
كانت تقف وهي تشعر أنه إن تأخر فتح الباب فستركض عودة لمنزلها ولن تهتم بأي شيء، هي في الأساس أتت لهنا دون إرادة...
زفرت بضيق وهي تستدير للذهاب لولا سماعها لصوت وداد خلفها وهي تقول:.
تعالي يابـ.ـنتي معلش كنت بصلي المغرب عشان اتأخرت، تعالى ادخلي زكريا مستنيكِ جوا...
انهت حديثها وهي تتنحى جانبا مفسحة لها الطريق لتدخل وبمجرد دخولها وصل لها صوت جدال عالي نسبيا لتنظر بخجل صوب وداد التي تقدmتها بحنق شـ.ـديد مردفة:
تعالي يا حبيبتي دول شوية عيال بتتخانق متقلقيش...
تقدmت فاطمة خلفها بتعجب تتساءل أي اطفال تقصد؟ فهي تسمع صوت رجـ.ـال، وحينما وصلت لمصدر الصوت ادركت جيدا ما تقصده وداد بحديثها.
هل تغش؟ يالله هل تغش بهذا العمر؟
كان هذا صوت زكريا الذي خرج متعجبا مما فعل والده فهما يلعبان لعبة معلومـ.ـا.ت دينية، فاستغل لؤي استدارة زكريا وذهابه لإحضار ماء ودخل على الانترنت للتأكد من إجابته فحتى الآن زكريا متفوق عليه بنقطتين وبهذا الشكل سيخسر لا محالة لكن ما لم يتوقعه هو أن زكريا أمسك به وهو يحاول الغش ليبدأ الصراخ، اجابه لؤي بحنق وهو يرفع رأسه له:.
مش فاهم ايه يعني اغش في العمر ده؟ هو انا بركب عجل؟
رمقه زكريا بغـ.ـيظ: وتمزح؟ مابك يا أبي المفترض أنك قدوتي هنا، لما لجئت للغش؟
نظر له لؤي بتفكير ثم قال مستهزئا: يمكن عشان إنت سابقني بنقط كتير؟
ليس مبرر ارجوك، سوف نلغي هذا السؤال ونعيده منذ البداية وذكرني أن نتحدث فيما بعد عن عواقب الغش سيد لؤي، ألا تخجل من نفسك يا ابي؟
هز لؤي رأسه ببسمة قائلا ببرود: لا...
كانت فاطمة تقف بالقرب منهما ولم ينتبه لها أحد تفكر هل هذا الشخص طبيعي؟ هل يتحدث الفصحى دائما ام ماذا؟ خرجت من شرودها على صوت وداد التي سحبت يدها برفق متجهة صوب طاولة الطعام التي تقابل مقاعدهم وقالت بصوت حانق:
زكريا، فاطمة جات.
تنحنح زكريا بحرج فهو لم ينتبه لها منذ دخلت لينهض بهدوء متجها لطاولة الطعام ويجلس على بعد مناسب منها بينما جلست والدته مقابلهم وهي تقوم بخياطة بعض الملابس و لؤي في الخلف يتصفح هاتف زكريا بعدmا تركه له...
اجلى زكريا حلقه وهو يحمل أحد المصاحف من على الطاولة متحدثا بهدوء:
هل حفظتي ما طلبته منكِ؟
رمقته فاطمة بتـ.ـو.تر ثم اخرجت مصحفها الخاص وهي تضعه أمامها مجيبة: هو انا كنت، اصل...
رفع زكريا عينه يرمقها بترقب ثم انزلها مجددا وقال ببسمة: محفظتيش؟
تعجبت فاطمة بسمته لتهز رأسها بإيجاب، أغلق زكريا المصحف وهو يتنهد بتعب ثم قال ببسمة لم تنمحي من وجهه:
حسنا اليوم سندرس الاحكام سويا قبل البدء في أي شيء، حسنا؟
هزت فاطمة رأسها بخجل. و لم تخبره أنها بالفعل حفظت لكنها متـ.ـو.ترة وبشـ.ـدة لذا سعدت وارتاحت كثيرا حينما أجل الأمر...
بدأ زكريا حديثه بهدوء شـ.ـديد وقد أحضر سبورة صغيرة يحتفظ بها وشرع يشرح لها كافة الأحكام
وهي تراقبه باهتمام شـ.ـديد تحاول أن تستوعب كل شيء يقوله لكن فجأة صدح صوت عالي في المكان يكـ.ـسر هذا الجو الهادئ والذي كان صادرا من هاتف زكريا الذي يحتل يد والده ليرمق زكريا والده بحنق وهو يتحدث بهدوء واحترام:
حاج لؤي، اعتذر على ازعاجك وتخريب جلستك لكن أنا أتحدث هنا لذا رجاءا...
ابتسم لؤي له وهو يغلق الهاتف بخجل فقد فتح فيديو لمبـ.ـاراة قدm دون أن ينتبه وانسجم فيها، :
اه بعتذر ما اخدتش بالي، كملوا خلاص.
زفر زكريا واعاد نظره لفاطمة التي كانت تضيق بين حاجبيها بتعجب شـ.ـديد من الاسم الذي سمعته للتو، هل قال لؤي؟ حسنا الأمر ليس غريبا ابدا لكن الغريب هو أنه سمى ابنه زكريا وهو اسمه لؤي...
ايوة اسمي زكريا لؤي...
انتبهت فاطمة على صوت زكريا الذي تحدث ببساطة لها يعلم جيدا بما تفكر لتتنحنح بخجل وهي تعتدل في جلستها وتكمل معه درس اليوم بينما نهضت وداد متجهة للمطبخ وقد اشتمت رائحة نضج الكعكة التي صنعتها لتقدm منها لفاطمة إلى جانب العصير...
مرت دقائق أخرى ليتحدث زكريا وهو يلاحظ حيرة فاطمة وترددها: فيه حاجة صعبة أو محتاجة تتعاد تاني؟
نظرت فاطمة ارضا بخجل تهز رأسها بلا فهي ارهقته حقا كل دقيقة يعيد لها نفس الشيء، علم زكريا أنها تكدب عليه ولم يكد يتحدث لها حتى سمع صوت صراخ يصدح في المنزل...
كويسة دلوقتي؟
نظرت شيماء جوارها تبتسم لماسة التي لم تتركها منذ علمت بحادثتها وهي تلازمها...
والله يا ماسة انا كويسة، روحي ارتاحي يابـ.ـنتي أنتِ جاية من سفر ومرتاحتيش لغاية دلوقتي.
هزت ماسة رأسها برفض للأمر وهي تنهض وتعدل من وضع الوسادة اسفل قدmها:.
ملحوق على النوم يا بـ.ـنتي المهم نقعد سوا زي زمان...
ابتسمت لها شيماء بحب شـ.ـديد لكم تحترم ماسة وتقدرها دائما، لكن ما ينغص عليها الأمر هو شجارها الدائم مع بثينة التي كلما أتت تسبب لها المشاكل...
وقفت ماسة أمام شيماء وهي تبتسم لها مفكرة في شيء: إيه رأيك نعمل سهرة حلوة ونتفرج على فيلم رومانسي؟
كادت شيماء تجيبها لولا رؤيتها لأخيها يقف خلف ماسة وهو يبتسم لتتحدث وهي تشير لماسة:
وليه ما تعيشي الفيلم حصري؟
لم تفهم ماسة حديثها حتى شعرت بهمس في أذنها: البـ.ـنت شيماء دي بتفهم والله
كان ذلك رشـ.ـدي الذي استند بذقنه على كتف ماسة ثم همس لها مجددا: تعالي عايزك...
أنهى حديثه وهو يعتدل جاذبا إياها ثم ابتسم لشيماء ووضع لها حقيبة كبيرة:
جهزي السهرة وانا معاكم بس هاخد ماسة دقايق...
أنهى حديثه مقبلا رأس شيماء ثم خرج رفقة ماسة وهو يجذبها لغرفته ملقيا التحية على والدته و والده وخالته، ثم دخل الغرفة واغلق الباب ليتحدث والده بحنق:
شوف الواد واخد البـ.ـنت عيني عينك كده قدامنا مفيش احترام ابدا.
ضحكت اسماء وهي تعطيه بعض التسالي: مـ.ـر.اته يا ابراهيم مـ.ـر.اته يا حبيبي وكله عارف كده وعملوا اشهار وكتبوا الكتاب يعني شرعا وقانونا وكل حاجة مـ.ـر.اته كل انت بس واتفرج...
رمقها ابراهيم بغـ.ـيظ وهو يأكل...
ليسمع الجميع جرس الباب، نهض ابراهيم لفتح الباب بتعجب فالجميع هنا إذا من الطارق، بمجرد فتح الباب ابتسم بلطف مرحبا بالزائر:
اهلا يا بوسي ادخلي شيماء جوا...
دخلت بثينة ببسمة وهي تحمل حقائب بها فاكهه: هادي بلغني إن شيماء تعبانة فجيت اشوفها...
ابتسم لها ابراهيم وهو يحمل الحقائب معاتبا: ليه بس كده يابـ.ـنتي تعبتي نفسك...
تعبك راحة يا عمي، هي فين شيماء؟
أشار لها ابراهيم: في اوضتها يابـ.ـنتي ادخلي ليها...
ابتسمت له ثم دخلت للغرفة بعد أن القت التحية على الجالسين لترد عليها أسماء بود وبسمة عكس سحر...
دخلت بثينة لغرفة شيماء وهي تبتسم لها: القمر اللي تعبان...
ابتسمت شيماء بلطف لبثينة وهي تشير لها بالتقدm: بوسي تعالي، مين اللي قالك؟
جلست بثينة ثم أجابت وهي تحاول أن تداري حنقها: هادي بلغني إن فيه سواق ابن حـ.ـر.ام خبطك وجري...
الحمدلله انا بخير متقلقيش...
ثم صمتت قليلا وقالت بتردد وخجل بعض الشيء: هادي ربنا يسعده لولاه كنت فضلت كتير لغاية ما يوصل رشـ.ـدي
همهمت لها بثينة بغـ.ـيظ مخفي ثم قالت وهي تحاول تصنع البسمة والمشاكسة:
شالك ولا ايه؟
نظرت لها شيماء بتفاجئ وخجل شـ.ـديد لتكمل بثينة بضحكة ومزاح مصطنع تخفي خلفه غل وحقد:
اصل يعني أنتِ مكنتيش قادرة تمشي فاكيد يعني شالك...
انهت حديثها لتنظر شيماء ليدها وهي تحركها بخجل ثم هزت رأسها بإيجاب لتشتعل بثينة من ردها وتقول دون تفكير:
طب كويس إنه مكانش لسه واخد جرعة لاحسن كان اتسطل ووقع بيكِ...
رمقتها شيماء بصدmة لا تصدق أنها تقول هذا على ابن عمها حتى لو كان مدmنا بحق، لذا قالت وهي تفكر في حديثها ذاك:
ت عـ.ـر.في مش باين خالص عليه أي حاجة...
قصدك مدmن يعني؟
هزت شيماء رأسها بإيجاب لتبتسم بثينة وهي على وشك بث المزيد من السموم لولا ذلك الصوت الذي تبغضه وبشـ.ـدة...
كانت ماسة على وشك الدخول لغرفة شيماء حتى سمعت حديث بثينة على هادي لتغـــضــــب وبشـ.ـدة، تعلم جيدا أنها تضع عينها على هادي، وهادي عاشق لتلك الحمقاء التي تستمع لها كالمغيبة لذا لابد أنها تحاول أن تجعل شيماء تكرهه لكن هل وصلت لهذه الدرجة من الانحطاط؟
دخلت سريعا وهي تشهق بتفاجئ: يا مصيبتي، هادي مدmن؟
التفتت بثينة لماسة بصدmة وهي تنظر لها بتـ.ـو.تر فهي لم تكن ترغب في نشر الأمر فقط شيماء لتكرهه، كادت تفتح فمها لولا صوت بثينة العالي:
لا لازم رشـ.ـدي يعرف ده صاحبه برضو وكمان لازم ينصحه، رشـ.ـدي، يا رشـ.ـدي، رشـ.ـدي تعالى بسرعة لو سمحت.
انهت حديثها وهي تنظر ببسمة خبيثة لبثينة جعلت بثينة تبتلع ريقها برعـ.ـب...
انتفض زكريا سريعا بسبب ذلك الصراخ والذي لم يكن سوى صراخ والدته، ركض سريعا جهة المطبخ وقبل أن يصل له وجد والدته تخرج وهي تصرخ برعـ.ـب:
فار، فار في المطبخ يا زكريا فار.
وعلى ذكر الفأر انتفضت فاطمة بفزع وهي تركض بعيدا عن الطاولة ليشير لهم زكريا بالهدوء ويتجه مع والده للمطبخ تتبعه والدته، لكن استطاع الفأر الفرار منه و خرج من المطبخ للصالون حيث فاطمة التي أخذت تتحرك بخــــوف في المكان دون إصدار أي صوت لكن لم تتحمل الأمر فأخذت تصرخ باشمئزاز وهي تركض صوب المطبخ حيث الجميع...
كان زكريا يبحث في المطبخ عن العصا التي يحتفظون بها تحسبا لأي ظرف كهذا، واخيرا امسك بها وما كاد يسحبها من خلف الثلاجة حتى سمع صراخ فاطمة يقترب منهم...
دخلت فاطمة المطبخ برعـ.ـب وهي تتمسك في وداد متراجعة حتى اصطدm ظهرها في رف الأواني خلفها، مما أدى لاختلالهم.
كان زكريا يسحب العصا يتجهز للامساك بذلك الفأر لكن فجأة سمع صوت اصطدام بالرف الذي يمتد بعرض الحائط و قبل أن يتمكن من رفع رأسه كانت الأواني كلها تسقط على رأسه ليعلو صراخه في المنزل كله...
ضـ.ـر.بت وداد على صدرها بفزع وهي تصرخ: ابني...
↚
ضع أمرك في ودائع الله وقل: ( يارب سلمتك أمري وكل ما أملك ) الله وحده من يقدر على تخفيف حملك وحده من سيصلح لك أمرك.
صلوا على نبي الرحمة
كادت تتقدm منه برعـ.ـب شـ.ـديد و قد تأكدت أنها وبالفعل شخص منحوس، لكن حظها العثر ذاك لا يظهر سوى مع ذلك الممدد ارضًا يصـ.ـر.خ متأوهًا.
تحرك لؤي سريعًا صوب ابنه يبعد الأواني عنه بينما زكريا شعر كما لو أن رأسه لم تعد تستقر أعلى كتفيه. تحرك ببطء مستجيبا ليد والده التي تجذبه بينما صوت تأوهات خافتة جدا مازال يخرج من حلقة كل ثانية.
ركضت له وداد وهي تمسكه مربتة على كتفه بحنان: حبيبي إنت كويس؟ دmاغك لسه في مكانها؟
رمق زكريا والدته بحنق مجيبا تساؤلها: ايوة يا امي دmاغي لسه مكانها الحمدلله.
زفرت وداد براحة ليخرج زكريا من حنجرته صوت متذمر من حديث والدته وكأنه أصبح بلا عقل بسبب سقوط الطنجرة على رأسه...
سار زكريا مع والديه وهو ما زال يتحسس رأسه بألــم شـ.ـديد لتركض وداد تحضر له بعض الثلج فوجدت فاطمة تقف في المطبخ وحدها بخــــوف وشعور بالذنب، تفهمت وداد ما تشعر به لذا اقتربت منها ببطء مربته على كتفها بحنان:
اللي حصل قدر ومكتوب متحمليش نفسك أي ذنب...
نظرت لها فاطمة بأعين دامعة. ماذا تقول لها؟ أنها ليست مرتها الاولى التي تكاد تقــ,تــل ابنها فيها؟ حسنا بالطبع هي لن تقول ذلك فيكفيها نظرات الشيخ التي تخبرها وبوضوح بأن مـ.ـو.ته سيكون على يدها يوما ما...
خرجت وداد تاركة فاطمة وحدها لتعطي ابنها الثلج وتعود لها فيبدو أنها حساسة للأمر كثيرا...
آه بتعمل ايه يا حاج انت؟
كان ذلك صوت زكريا المتو.جـ.ـع بسبب يد والده التي ما تنفك تضغط على رأسه المتورمة، أجاب لؤي ببساطة وهو يعيد الكرة:
بضغط على البوقليلة يمكن تفس.
نظر له زكريا ثوانٍ دون ردة فعل ثم قال بعد تفكير ساخرا: طب ما تجيب دبوس و تخرمها وبكده تفس بسرعة.
ابتسم لؤي باتساع وقد لاقت الفكرة استحسانه ليترك ابنه ويركض لغرفته سريعا يحضر دبوس من عند وداد ليقوم بالأمر بينما زكريا نظر في أثره بصدmة، هل صدق الأمر حقا؟ فزع وهو يرى والده يعود ركضا ببسمة متحمسة بلهاء يشهر أحد الدبابيس الخاصة بوداد قائلا ببسمة تبدو مرعـ.ـبة كما افلام الرعـ.ـب:
متخافش دي شكة دبوس...
كانت الأجواء مشتعلة والنظرات المتبادلة تكاد تحرق الجميع، ابتسمت ماسة بخبث شـ.ـديد تسمع صوت خطوات رشـ.ـدي يقترب من غرفة شيماء بسرعة أعقبها صوته القلق هاتفًا:
في ايه يا ماسة؟ شيماء حصلها حاجة؟
ابتسمت ماسة بخبث وهي تحرك حاجبيها لبثينة دون أن يراها غيرها...
ثم استدارت سريعا وهي تغير ملامحها بشكل متقن قائلة بقلق مصطنع وكأنها تلقت للتو صدmة عمرها:.
ازاي متقوليش حاجة زي دي يا رشـ.ـدي؟ انت عارف كويس اوي إن هادي اكتر من أخ ليا.
رمقها رشـ.ـدي بعدm فهم، بينما كانت بثينة على وشك السقوط ارضا من كثرة الخــــوف الذي احتل قلبها للتو.
هادي؟ ماله هادي؟
كانت تلك كلمـ.ـا.ت رشـ.ـدي قبل أن يستدير لبثينة يسألها بريبة: ماله هادي يا بثينة حصله حاجة؟
هزت بثينة رأسها بسرعة وهي تكاد تتحدث محاولة تدارك الأمر لولا تلك الشهقة التي خرجت من ماسة بجانبها...
شهقت ماسة برعـ.ـب شـ.ـديد وهي تتجه لرشـ.ـدي تقول بحـ.ـز.ن مصطنع مكوبة وجهه بين يديها:
انت كمان متعرفش؟ اه يا مسكين يا رشـ.ـدي، يعني لولا بثينة الله يجحمها قالتلنا كنا فضلنا نايمين على ودانا
اشتعلت نظرات بثينة لماسة بينما شيماء كانت تراقب الجميع بخــــوف من معرفة اخيها فكما يبدو أنه يجهل حقيقة رفيقه...
نظر رشـ.ـدي بشر لماسة وهو يهمس من بين أسنانه بغـ.ـيظ: ماسة بطلي رغي وقولي ماله هادي...
مدmن...
كانت كلمة سريعة وبدون اي مقدmـ.ـا.ت خرجت من فم ماسة ببساطة شـ.ـديدة وكأنها تبلغه بحالة الطقس، ليس أن رفيقه وأقرب شخص لقلبه مدmن.
ثوانٍ عم فيها الصمت المكان كله بشكل مريب والجميع يحدق في ملامح رشـ.ـدي التي لا توحي ابدا بما يفكر ليطول هذا الصمت ويزداد معه تـ.ـو.تر وخــــوف بثينة التي ابتلعت ريقها وهي تفكر في طريقة للرحيل بها من هنا والخروج من هذا المأزق الذي وضعتها به تلك الماكرة ماسة، متوعدة لها في داخلها بالويل، تفكر في طريقة لقــ,تــلها وتخليص الجميع منها...
مين قال كده؟ أنتِ؟
كان ذلك حديث رشـ.ـدي الذي وجهه لبثينة بنظرات غامضة لم تعلم منها بثينة هل يتساءل فقط أم يتهمها؟
ابتلعت ريقها وكادت تجيب سريعا بأي شيء يأتي في بالها لولا صوت منقذتها الذي خرج سريعا مدافعا عنها:
لا يا رشـ.ـدي ده احنا سمعناه وهو بيكلم واحد وعايز منه مـ.ـخـ.ـد.رات...
ضيق رشـ.ـدي عينه بشك: سمعتوه؟
هزت شيماء رأسها سريعا وهي تقص عليه كل ما حدث غير منتبه لتلك التي كانت تود أن تنهض وتقبلها لإخراجها من ذلك المأزق...
انتهت شيماء من قص كل شيء على رشـ.ـدي الذي ابتسم متفهما للأمر لكن و قبل أن يتحدث بكلمة واحدة كانت ماسة تتدخل سريعا تتساءل بتعجب مصطنع:
وأنتِ يا بثينة يا حبيبتي محاولتيش تساعديه؟ ده حتى ابن عمك ومتربيين سوا يا شيخة.
لا هي حاولت تساعده وواجهته وهو زعق فيها وقالها ملهاش دعوة بيه وإنه مش هيبطل...
حسنا هل قالت منذ قليل أنها ترغب في تقبيل شيماء؟ الآن تود حقا أن تنهض وتخـ.ـنـ.ـقها حتى تخرج روحها بين يديها تلك الغـ.ـبـ.ـية تستحق كل ما تفعله بها، تقسم أن تذيقها الويل هي وابنة خالتها الخبيثة التي ترمقها الان بنظرة وكأنها تخبرها رديها إن استطعتي
تحدث رشـ.ـدي موجها نظرات مخيفة لبثينة يتساءل: أنتِ واجهتي هادي وهو قالك إنه مش هيبطل؟
ابتسمت ماسة باتساع ثم قالت وهي تضـ.ـر.ب ضـ.ـر.بتها القاضية في مرمى بثينة:.
انا رأيي تتصل بهادي يارشـ.ـدي ويجي بنفسه يوضح الموضوع، اظن هو صاحب الشأن ولازم يكون موجود...
تمام يا مدام عاليا اهم حاجة تقطعي تواصل نهائي مع اي حد من طرفة...
ابتسمت تلك الفتاة التي يبدو أنها في نهاية عقدها الثاني متمتمة بامتنان كبير:
بشكرك جدا يا استاذ هادي على وقفتك جنبي.
هز هادي رأسه لها بهدوء وبسمة هادئة عملية: ده شغلي يا مدام، دلوقتي حضرتك كل ما عليكِ تقفي وتتفرجي لغاية معاد الجلسة.
نهضت عاليا وهي تبتسم بسعادة فها هي حريتها تلوح لها في الأفق، تلك العزيزة الغائبة التي ظنت أنها بعيدة بُعد المشرق والمغرب...
بشكرك تاني يا استاذ هادي، هنتظر من حضرتك تبلغني بميعاد الجلسة ابتسم لها هادي وهو ينهض مودعا إياها ثم جلس مجددا على مقعده بـ.ـارهاق شـ.ـديد منبعه ذلك الغـ.ـبـ.ـي الذي يتوسط صدره وشريكه الآخر الذي يحتل رأسه، هذان الأحمقان وكأنهما تعاهدا على جعله يعيش حياته كلها في تعب وشوق...
خرج من شروده بها ومن سواها ملاكه الصغير، على صوت رنين هاتفه الذي يصدح في المكان، نظر له لينتفض سريعا يلمح اسم رشـ.ـدي ليظن أن شيماء حدث لها، لذا سريعا رفع هاتفه وهو يجيب بلهفة:
الو رشـ.ـدي، ايه عايزني دلوقتي؟، مش فاهم، طيب طيب خلاص خمس دقايق وتكون عندك، تمام تمام.
زفر هادي على غباءه الذي يتلبسه كلما تعلق الأمر بشيماء، حتى وإن كان حدث لها شيء لما سيحدثه رشـ.ـدي؟ هل هو وليّ أمرها؟
حمل هادي هاتفه وخرج من مكتبه متجها لمنزل رشـ.ـدي وهو يشير لمساعده: مرتضى عندي مشوار سريع، خلص الاوراق اللي في ايدك واقفل المكتب.
أنهى حديثه يخرج من المكتب كله متجها للاسفل، يفكر فيما يريده رشـ.ـدي...
كان زكريا يقف أعلى الأريكة وهو يصـ.ـر.خ كالمـ.ـجـ.ـنو.ن حينما رأى الدبوس بيد والده الذي كان مصرًا على أن يضعه في تورم رأسه...
يا حاجة وداد، يا حاجة وداد اغيثيني...
ارتفع صراخ زكريا وهو يحاول الهرب بعيدا عن متناول يد والده صارخا به أن يدعه وشأنه...
زفر لؤي بغـ.ـيظ شـ.ـديد وهو يشير لابنه بحزم أن يقترب: اقف متبقاش زي العيال الصغيرة خليني افس البوقليلة...
تفس بوقليلة ايه يا حاج لؤي والله كنت بهزر معاك، اماه اغيثيني...
ركضت وداد بفزع شـ.ـديد جهة صراخ ابنها وهي تحمل مكعبات الثلج بيدها متسائلة بفزع:
فيه ايه يا زكريا يابني بتصرخ كده ليه؟
أشار زكريا لوالده برعـ.ـب والذي كان يبتسم بشكل يشبه ابطال افلام الرعـ.ـب حينما يواجهون ضحاياهم...
شوفي جوزك عايز يفسني
ضـ.ـر.بت وداد صدرها برعـ.ـب وهي ترمق زوجها: يفسك؟ فيه ايه يا لؤي؟
ابتسم لؤي بسمة صغير ثم قال بهدوء شـ.ـديد وملامح بريئة: فيه ايه يا وداد ابنك بيخرف من الضـ.ـر.بة شكله كده، افسه ايه؟
وتكذب أيضا؟ ويحك يارجل اتقي الله. لقد كنت على وشك وخزي منذ ثوانٍ لولا صراخي.
نظر له لؤي بعينه يتوعده ثم ألقى الإبرة ارضا ورفع يديه في وجه زوجته:
بصي مش معايا حاجة بس هو ابنك اللي بدأ يخرف...
اقترب قليلا من وداد هامسا: بقترح يروح لدكتور نفسي و يشوف دmاغه لاحسن بقى يتخيل حاجات كتير...
تحدث زكريا والذي كان يستمع له ولكل كلمة نطقها: رباه، من بين جميع رجـ.ـال العالم كنت أنت أبي...
عشان محظوظ.
وكان هذا رد لؤي الذي أجاب بكل بساطة وبسمة واسعة...
كانت فاطمة تقف في الخلف تشعر أن وجودها لم يعد مهما، لمحها زكريا ولمح وقفتها المتـ.ـو.ترة لذا تحرك بهدوء يهبط من فوق الأريكة ثم اتجه لوالدته وهمس بحرج وخجل فهو لأول مرة يتحدث عن فتاة حتى لو كان حديثه عاديا:
ماما معلش روحي شوفي الآنسة فاطمة بلغيها اني كويس و محصلش حاجة لاحسن شكلها خجلانة.
ابتسمت له وداد مربته على كتفه بحنان ثم اتجهت صوب فاطمة لتحدثها ببعض الكلمـ.ـا.ت التي لم تصل لزكريا والذي ادعى أنه غير مهتم بهم لكنه للحق كانت أذنه ترهف السمع لهم حتى وصل لمسامعه صوت بكاء فاطمة، انتفض من مكانه ينظر لها بتعجب ليجد والدته تضمها وهي تبكي في احضانها وتكرر نفس الكلمة:
مش قصدي والله أنا اسفة والله مش قصدي...
زفر زكريا بتعب وهو يردد بخفوت لكن وصل لها: خلاص يا انسة فاطمة حصل خير، بس ممكن نأجل الباقي لبكرة معلش؟
هزت فاطمة رأسها بإيجاب ثم نظرت له وهي تخلع نظارتها تمسح دmـ.ـو.عها عنها مرددة بحـ.ـز.ن:
انا اسفة والله مش قصدي...
و للحظة لم ينتبه زكريا أنه شرد في ملامحها ليتنحنح بضيق شـ.ـديد مما فعل وهو يردد باقتضاب:
خلاص حصل خير ولا يهمك...
ابتسمت وداد وهي تربت على كتف فاطمة وما كادت تتحدث لتراضيها حتى صدحت صرخات عالية في المكان كله...
فتح ابراهيم الباب لهادي ببسمة واسعة وهو يدعوه للدخول فالجميع في انتظاره بالداخل، فقد أخبره رشـ.ـدي منذ قليل أنهم في انتظار هادي...
عدلت شيماء من وضع حجابها واعتدلت في جلستها لينظر لها رشـ.ـدي يطمأن أن كل شيء بخير ثم أذن لهادي الذي يقف على الباب في انتظار إذنه:
تعالى يا هادي.
دخل هادي بهدوء شـ.ـديد يضع عينه ارضا محمحما ثم رفع نظره ببطء شـ.ـديد لتقع عينه عليها هي، ولولا وجود الجميع لكانت ارتسمت اكبر بسمة بلهاء على وجهه الآن، حاول ابعاد نظره عنها بصعوبة كبيرة لتقع عينه على وجه بثينة التي كانت تبدو كطالبة مذنبة تنتظر العقـ.ـا.ب...
في ايه يا رشـ.ـدي حصل حاجة؟
كان هذا صوت هادي الذي كـ.ـسر الصمت بين الجميع يشعر بوجود خطب كبير فالصمت المنتشر مقلق بشـ.ـدة، أشار رشـ.ـدي لبثينة وشيماء قائلا:.
مش كنت تقولي يا هادي إنك مدmن؟ ده احنا حتى صحاب يا اخي.
لثواني لم يستوعب هادي الأمر وبقي ينظر له دون ردة فعل ينتظر أن يضحك رشـ.ـدي عاليا مخبرا إياه أنه يمزح معه لا أكثر، لكن رشـ.ـدي لم يضحك ولا احد في هذه الغرفة ضحك على هذه المزحة السخيفة ليردد بعدm فهم:
مدmن ايه؟ إنت هتكدب الكدبة و تصدقها؟
ابتسم له رشـ.ـدي بسمة لكن لم تكن تلك البسمة هي نفسها ما كان ينتظرها هادي في البداية، أردف رشـ.ـدي بهدوء:.
والله قول الكلام ده لبثينة وشيماء لأنهم مصدقين و مقتنعين إنك مدmن كبير وصاحب مزاج...
لم يستمع هادي لأيا مما قال من بعد كلمة شيماء، هل تعتقد شيماء أنه مدmن؟ استدار سريعا لها وهو يسألها ناسيا جميع من معه:
أنتِ مفكرة اني مدmن؟
بهتت شيماء من سؤاله المفاجئ فهي لم تتوقع أن يحدثها هي أو يوجه لها شيء، ابتلعت ريقها وهي تشير لبثينة قائلة بتقطع:
احنا سمعناك وانت...
لم تكمل حديثها بسبب حديث هادي المنفعل: سمعتوا ايه دي كانت تمثيلية اساسا واخوكي كان معايا في الاوضة وقتها وكمان زكريا وناس تانية...
كان يتحدث بانفعال شـ.ـديد لا يصدق أنها كل هذا الوقت تراه مدmنا، أشار لرشـ.ـدي بغـــضــــب غير متوقع:
ما تقولها يارشـ.ـدي انك كنت معايا...
وكان رجاء أكثر منه سؤال ليهز رشـ.ـدي رأسه مؤيدا احدث رفيقه وهو يتحدث:.
ما ده اللي كنت هقوله فعلا، هادي مش مدmن ولا حاجة دي مجرد لعبة عملناها كلنا عشان أوقع واحد بيوزع مـ.ـخـ.ـد.رات فقولت لهادي يمثل دور مدmن عشان يبقى الطعم وكل اللي سمعتوه ده كان هادي بيمثل قدامنا مش اكتر ولو كنتم استنيتوا ثانية كنتم هتسمعوا صوتنا...
أنهى رشـ.ـدي حديثه ثم توقف قليلا وبعدها نظر لبثينة وقال: بس بثينة كانت بتقول حاجة تانية عشان كده جبتك بنفسك توضح الموضوع...
سريعا ألتفت لبثينة والتي كانت تشعر بأن نهايتها قد اقتربت، تحرك هادي جهة بثينة ببطء مخيف ثم همس لرشـ.ـدي دون أن ينزع عينه من على بثينة:
وهي بثينة قالت ايه؟
قالت إنها لما وجهتك بالموضوع ده إنت زعقت فيها وقولتلها ملهاش دعوة ومش هتبطل...
وكان ذلك صوت ماسة التي أرادت المشاركة في هذه الحرب ضاربة بسهمها الذي اخترق قلب بثينة للتو جاعلا إياها تتوعد لها بالجحيم...
صمت هادي وهو ينظر لبثينة ثوان، كانت الثواني كساعات طويلة بالنسبة لبثينة. حتى اخترق صوت هادي هذا الصمت مبددا إياه قائلا بهدوء مخيف:
ايه يا بثينة مكنتش اعرف إنك بتصدقي بسرعة كده؟
نظر له الجميع بعدm فهم ليبتسم هادي بسمة ظهرت للجميع ممازحة لكن ظهرت لبثينة وكأن مـ.ـو.تها يسكن بها...
تحدث رشـ.ـدي لا يفهم قصد صديقه: يعني إنت فعلا قولتلها كده؟
هز هادي رأسه ببسمة لم تصل لعينيه: أنا كنت بهزر معاها مش اكتر بس مكنتش اعرف انها هتاخد الموضوع جد كده، فيه ايه يابثينة؟ ده انا ابن عمك حتى يا شيخة تصدقي اني ممكن اعمل كده؟
كان لوم وعتاب مبطن من هادي الذي خاب أمله في ابنة عمه التي رباها منذ طفولتها ولم يتوانى يوما عن تقديم كل ما يملك لها، لو كانت طلبت منه حياته لقدmها لها سعيدا والآن تأتي هنا وامام الجميع تنشر عنه اكاذيب بشعة...
ابتلعت بثينة ريقها وهي تود لو تنشق الأرض وتبتلعها: اصل، اصل إنت كنت بتتكلم جد ففكرتك، يعني هو
ضحك هادي بصخب ضحكة لا روح لها استشعرها رشـ.ـدي...
معلش الظاهر هزاري جه بايخ شويتين خلاص معلش من النهاردة مش ههزر معاكِ تاني ابدا...
ثم نظر الجميع وتحدث ببسمة: اظن ده كان مجرد سوء تفاهم مني يا جماعة معلش...
تحدثت شيماء ببسمة صافية: ولا يهمك، مبسوطة انك مش مدmن.
نظر لها هادي ثواني ثم ابعد عينه عنها سريعا وبعدها أشار لرشـ.ـدي: معلش يا رشـ.ـدي تعالى خرجني عشان عندي شغل مهم سايبه...
تنفس رشـ.ـدي بتعب ثم أشار لهادي أن يتبعه، لكن قبل خروجه ألقى نظره سريعة على شيماء، وبعدها تبع رشـ.ـدي لباب المنزل...
لا حول ولا قوة إلا بالله. معلش يا بوسي ظلمناكِ، اقبلي اعتذاري يا قلبي.
انهت ماسة كلمـ.ـا.تها تقترب من بثينة سريعا ثم ضمتها بعنف مربتة على ظهرها تهمس في أذنها بنبرة مخيفة:.
دي بس قرصة ودن صغير عشان تبقي تسرحي بخيالك بعد كده وتفكري تقربي من بـ.ـنت خالتي يا عقربة، المرة الجاية مش هتكون ابدا قرصة ودن، المرة الجاية هقطعها خالص يا بوسي.
انهت حديثها وهي تبتعد عن بثينة مبتسمة بسمة ظنتها شيماء بسمة عادية لكن وحدها بثينة من فهمت مقصد ماسة من تلك البسمة...
مدت ماسة يدها للحقيبة التي أحضرها رشـ.ـدي للتو وأخذت منها علبة عصير واعطتها لبثينة قائلة ببسمة:.
خدي يا بوسي اشربي يا قلبي زمان ريقك نشف يا حبة عيني...
لم تبدي بثينة أي ردة فعل وهي مستمرة في رمق ماسة بشر كبير لتبتسم لها ماسة وتمسك يدها واضعة علبة العصير بها:
اشربي ياقلبي خلي الدmوية ترد في وشك كده لاحسن يا حبة عيني، وشك مخـ.ـطـ.ـوف...
انهت حديثها تختطف شيء من الحقيبة وهي تقول بحماس شـ.ـديد: هروح اجهز الفشار عشان السهرة، طبعا يا بوسي مش محتاجة عزومة عشان تقضي السهرة معانا.
انهت كلمـ.ـا.تها وهي تخرج تاركة شيماء تبتسم براحة لما عرفته منذ قليل فهي حقا شعرت بخيبة الأمل عنـ.ـد.ما ظنت هادي مدmنا لكن الحمدلله ظهرت براءته...
كانت بثينة في غير عالم تفكر فيما ستواجهه عند عودتها للمنزل فلو كان هادي جذبها من شعرها وضـ.ـر.بها أمام الجميع لكان اهون عليها من نظرات هادي وما ستلاقيه منه عند عودتها...
كان هادي يقف أمام باب المنزل مع رشـ.ـدي يغمض عينه بتعب شـ.ـديد، وشعور بالخيبة قد تلبسه، ابنة عمه تفعل به كل هذا، لكنه لم يكن يوما ليجعلها تظهر أمام الجميع بمظهر المخادعة أو الكاذبة، لم يكن ليرضى لها يوما أن يشار إليها بإصبع اتهام أو احتقار للافتراء عليه في أمر كهذا، في النهاية هي ابنة عمه وشرفه وأمانة والده له...
خرج من شروده على حديث رشـ.ـدي الذي كان لا يصدق كلمة مما قالها هادي في الداخل فهو أكثر من يعرف هادي ويعرف أنه حتى وإن قالت بثينة ذلك وهي تعلم الحقيقة ما كان ليؤكد على ذلك فهو أكثر الناس معرفة بحرص رفيقه على نساء منزله...
بقولك مش مركز معايا ليه؟
كاد هادي يجيب لولا صوت الصراخ الذي ارتفع في المكان مثيرا الرعـ.ـب في قلوب الجميع...
ركض الاثنان للاسفل برعـ.ـب شـ.ـديد ليجدوا زكريا يركض في مظهر مخيف خلف رجل ما وسيدة تخرج رأسها من إحدى نوافذ بنايته تصرخ بقهر شـ.ـديد ودmـ.ـو.ع:
اوعى تسيبه يا زكريا يابني ابوس ايدك اوعى تسيبه...
ودون لحظة تفكير كان رشـ.ـدي و هادي يسرعون في الركض خلف ذلك الرجل مع رفيقهم دون معرفة حتى سبب ركض زكريا خلفه أو من المذنب لكن في قانونهم ( عدو صديقي عدوي ) دون حتى معرفة السبب...
كانت الحارة كلها في استنفار وصرخات تلك السيدة وبكاءها يعلو في المكان ليخرج الجميع لنوافذه يراقبون ما يحدث بفضول شـ.ـديد...
دخل شارع القهوة يا رشـ.ـدي...
كانت تلك الصرخة تنطلق من فم ماسة التي كانت تشاهد ما يحدث من الاعلى، واختفاء الرجل من أمام الثلاث رجـ.ـال، لكن تمركزها في نقطة عالية كشقة رشـ.ـدي جعلها ترى جيدا أين ذهب الرجل...
وبالفعل ركض الثلاثة رجـ.ـال يتبعهم أربعة آخرين من رجـ.ـال الحارة خلف ذلك الرجل...
كان فرج يجلس على مقعده المفضل أمام القهوة وهو يحمل في يده ورقة وقلم يحاول إيجاد كلمـ.ـا.ت مناسبة لكتابتها غير واعي بما يحدث في الحارة حوله...
ركض الرجل نحو القهوة سريعا يحاول التخفي بين الرجـ.ـال قبل أن يلحق به أحد لكن للأسف لحق به زكريا ورفاقه...
دار الرجل سريعا حول مقعد فرج الذي كان ينظر للورقة بتفكير مرددا: حبيبتي ام اشرف...
صمت قليلا لا يستحسن الكلمة: لا ممكن يقع في ايد ابنها ويتقمص من الكلمة، نخليها عزيزتي ام اشرف اخف شوية.
تحرك الرجل حول القهوة وهو يحمل المقاعد ويلقيها على من يلحق به يحاول التمسك بأى امل للهروب، والجميع يتجنب المقاعد عدا رشـ.ـدي الذي اصيب بأحد المقاعد في وجهه ليسقط جوار فرج الذي كان ما يزال في عالمه الخاص:
لا اعرف ماذا اكتب لكِ في هذا الخطاب يا قلب فرج فروجك فراريجو.
صرخ رشـ.ـدي في وجهه وهو ينهض بحنق: ولما انت متنيل على عين اهلك مش عارف تكتب بتكتب ليه؟ ما تقوم تعمل حاجة بدل عشة الفراخ اللي انت قاعد فيها دي...
لم يهتم له فرج كثيرا حتى أنه لم يكلف خاطره ويرفع عينه لرؤية ما يحدث واكمل كتابة خطابه المسائي...
تركه رشـ.ـدي وقد ازداد غـــضــــبه من ذلك الرجل ليخرج سلاحه بعنف شـ.ـديد ورفعه في وجهه الرجل صارخا فيه بغـــضــــب كبير لدرجة أن عروق وجهه كانت بـ.ـارزة بشكل مرعـ.ـب:
ايدك فوق يا لا.
كان هادي يتربص بالرجل مستغلا انشغاله بكل من حوله وسريعا انقض عليه من الخلف وكاد يقيده لولا أنه ضـ.ـر.به بعنف في قدmه، صرخ هادي وهو ينحني ارضا بو.جـ.ـع شـ.ـديد تاركا ذلك الرجل يهرب من يده مجددا بعد أن تمكن من الفرار من جميع الرجـ.ـال المحيطين به فهو كان يقذف الجميع بالحجارة حتى كاد يتسبب في إصابة أكثر من شاب...
يا من سهرتيني الليل، يا من شربتيني الويل، حلوة دي هتعجب ام اشرف اوي.
أخذ فرج يدون ما يأتي في باله غير واعيا للقهوة التي تدmرت حوله ولا الصرخات التي تنطلق من الجميع حوله، لكنه رأى هادي ينحني ارضا وهو يضغط على أسنانه بغـــضــــب شـ.ـديد ليقول سريعا:
واد يا هادي خلص لعب مع صحابك وابقى فوت عليا اكون خلصت الجواب عشان توديه لام اشرف...
نظر هادي جهته وهو يمسك قدmه بو.جـ.ـع ثم بصق ارضا: تمام هحلص وارجعلك يا فراريجو و مش بس الجواب هو اللي هيوصل لام اشرف...
تجاهله فرج وهو يكمل تأليف قصيدته التي من شأنها سرقة لُبّ أم اشرف لتسقط صريعة هواه. وكأنها
ليست مغرمة به بالفعل...
اه يا حبيبة الفؤاد حبيني زي ما بحبك، فأنا أكثر العاشقون و.جـ.ـعا
استفز حديثه زكريا و.جـ.ـعله يفتح عينه بصدmة ولو كان في موقف آخر لكان ذهب واقــ,تــلع لسان فرج على ما أقترفه في حق اللغة، بحق الله لقد جعل المضاف إليه العاشقين مرفوعا ليهمس بغـ.ـيظ راكضا حلف الرجل:
مش هادي اللي هيرجعلك بس يا فرج، صبرا.
كان الجميع ما يزال يركض خلف ذلك الشاب الذي دخل لأحد الأزقة الضيقة وبشـ.ـدة لدرجة لا تسمح باثنين للسير سويا بها، لكن فجأة اصطدm بجسد يسد عليه طريقه أثناء ركضه، رفع ذلك الرجل وجهه ليجد رجل يرمقه ببسمة مخيفة وفي ثواني كان يلكمه لكمة قوية أطاحت به ارضا...
استغل هادي انشغال الرجل بالجميع وسريعا أخذ يدخل شوارع كثيرة متداخلة حتى يقابل الرجل من الجهة الأخرى وبالفعل وصل للشارع الذي كان يركض به وتوقف له في منتصفه متوعدا له، ودون أن يسمح له بقول كلمة واحدة كان يلكمه بعنف شـ.ـديد مسقطا إياه ارضا، صارخا به:
ده انا هعلقك على باب الحارة يا زبـ.ـا.لة
نظر هادي الجميع وهم يتوقفون لالتقاط أنفاسهم قائلا بعدm فهم وبصوت هادي لا يمت لصراخه بصلة:.
ألا هو احنا كنا بنجري وراه ليه؟
دخلت فاطمة منزلها ببطء وهي تتنفس بتعب فعنـ.ـد.ما سمعت صراخ يرج جدران البناية الخاصة بالشيخ ارتعبت بشـ.ـدة وركضت للمنزل بخــــوف شـ.ـديد، تشكر الله أن لا أحد انتبه لذهابها فهي لا تعلم كيف ستواجهم بعد ما حدث معها، وما تسببت به لذلك الشيخ حتى وإن أخبرها أنه لا بأس فهي كانت ترى دائما نظرات عينه والتي تجعلها تشعر بالخــــوف، حديثه الجاد والصارم يجعل فرائضها ترتعش...
بمجرد دخول فاطمة للمنزل تحدث بتعب شـ.ـديد: ماما انا جيت، هدخل استريح جوا شوية...
اهلا اهلا بالهانم. واخيرا شرفتي يا ختي؟
رفعت فاطمة نظرها برعـ.ـب لذلك الصوت لتبتلع ريقها مرددة وفرائضها ترتعد عائدة للخلف حتى اصطدmت في الباب قائلة برعـ.ـب وكأنها رأت نمر على وشك الانقضاض عليها:
عمتي؟
↚
نظر هادي للرجل المسطح ارضا ثم وضع يده في خصره متسائلا بعدm فهم: ألا هو إحنا كنا بنجري وراه ليه؟
أجاب أحد شباب الحارة الذين كانوا يركضون خلف الشاب معهم: والله ما نعرف احنا لقيناكم بتجروا وراه قولنا اكيد سرق حاجة فجرينا معاكم.
ربت رشـ.ـدي على كتف الشاب وهو يهز رأسه ثم انحنى وأمسك بتلابيب ذلك الرجل جاذبا إياه ليقف جواره ثم نظر الجميع حوله مبتسما:
متشكرين يا رجـ.ـا.لة احنا هنتصرف معاه من هنا...
انصرف الشباب كلا لعمله وهم يتحدثون فيما حدث منذ قليل بينما اتجهت أنظار رشـ.ـدي وهادي لزكريا الذي كان ينظر للرجل باشمئزاز واضح يكاد ينقض عليه مكيلا له الضـ.ـر.بات...
خلينا نرجع البيت وهناك نفهم اللي حصل.
انتبه هادي لحديث زكريا ليفتح فمه بصدmة مرددا وهو لا يفهم ما يحدث:
لا wait كده، هو إنت كمان متعرفش كنا بنجري وراه ليه؟
هز زكريا كتفه بعدm معرفة مؤكدا حديث رفيقه ليبتسم هادي بعدm تصديق بينما تحدث رشـ.ـدي وهو يجذب الرجل لخارج الزقاق ساخرا من صديقه:
تلاقيه حس إن رجله نملت شوية فقال ينزل يجري ورا اي حد
تحرك زكريا خلف صديقيه وهو يضحك ضحكة سمجة ساخرة من حديث رشـ.ـدي: يا لهوي على دmك الخفيف، ده عمي ابراهيم كان لازم يسميك اسماعيل ياسين مش رشـ.ـدي أباظة.
أنهى كلمـ.ـا.ته وهو يأخذ الرجل من يده ثم تحرك أمامه سريعا بعدmا لاحد نظرات الشر على وجه رشـ.ـدي والتي ازدادت سوادا بسبب ضحكات هادي عليه، توقف هادي عن الضحك وهو يضم رشـ.ـدي من كتفه يتبع زكريا عائدين للمنزل:
خلاص يارشـ.ـدي متزعلش منه، اعذره برضو غيران من اسمك الفني، ده جواه سواد كده اكمنك اسمك رشـ.ـدي وهو اسمه زكريا.
توقف زكريا قليلا ثم نظر خلفه لهما وقال باستهزاء: ما به زكريا يا أهدى خلق الله؟ على الاقل هو اسم نبي الله زكريا، كما أنه اسم قديم وجديد أيضا ليس كمن سُميّ بلقب هو أبعد ما يكون عنه، وكأن والدك سماك هادي نكاية بك.
أنهى حديثه ثم سار بالرجل بخيلاء وهو يرفع رأسه التي كانت تحتوي ضمادة بسبب الأواني التي سقطت عليه، بينما كان هادي ينظر له بتشنج ومعه رشـ.ـدي الذي كان يضحك مربتا على كتفه بتشفي:.
معلش يا هادي مش اول مرة يا اخي يخلي منظرك زبـ.ـا.لة.
ابعد هادي يده بغـــضــــب وهو يتبع زكريا بغـ.ـيظ شـ.ـديد يرغو ويزبد...
عمتي؟
تراجعت فاطمة للخلف وهي ترتعش خــــوفا من تلك السيدة التي كانت تجلس وهي ترميها بنظرات وكأنها على وشك الانقضاض عليها...
ابتسمت عمتها وهي تنهض تنظر لها من أعلى لاسفل بسخرية: تو أما شرفتي يا سنيورة؟
ابتلعت فاطمة ريقها ولم تجب عليها بل نظرت سريعا لوالدتها تستغيثها بعينها لتنجدها من تلك المرأة التي تمثل لها أكبر كوابيسها...
اقتربت منيرة سريعا من ابـ.ـنتها كقطة تحامي عن ابـ.ـنتها: فيه ايه يا نحمده؟ بتكلمي البت كده ليه؟
نظرت لها المدعوة نحمده بسخط وتهكم شـ.ـديد: جرا ايه يا منيرة؟ هو عشان اخويا جابكم هنا هتسيبي البيت تصيع ولا ايه؟ ازاي واحدة محترمة ترجع البيت في وقت زي ده؟
بـ.ـنتي محترمة غـ.ـصـ.ـب عن عين أي حد يا نحمده، واللي يقول غير كده اديله بالشبشب فوق دmاغه، بعدين بـ.ـنتي كانت عند شيخ بتحفظ قرآن.
انهت منيرة حديثها الهادي نوعا ما والذي يحتوي تهديدا مبطنا فهي أكثر من تعرف أخت زوجها وجبروتها وما تسببت به لابـ.ـنتها، والعقد التي كونتها لدى طفلتها.
ابتسمت نحمده بسخرية ثم نظرت لفاطمة التي كانت تختبئ في والدتها كقط مبتل ينشـ.ـد الدفء...
وهو الشيخ ده مش عارف يخلي التحفيظ الصبح؟
نظرت لها منيرة بتأفف ثم أشارت بالدخول لغرفتها لتنفذ فاطمة الأمر سريعا تهرب من أعين عمتها التي تبدو وكأنها تطلق نيران مستعرة منها...
بمجرد دخول فاطمة لغرفتها حتى أغلقت الباب سريعا وهي تتنفس الصعداء تحاول منع دmـ.ـو.عها من الهبوط وتلك الذكريات تتدافع في عقلها بعنف شـ.ـديد...
لا لا يا بابا والله ما عملت حاجة، يا بابا بالله عليك خليها تسيبني، يا ماما الحقيني، ابوس ايدك يا عمتي والله ما عملت حاجة اقسم بالله ما عملت حاجة، يا بابا.
بـ.ـنتك لازم تندفن حية يا مرسي، دلعك فيها هو اللي وصلها لكدة...
خرجت فاطمة من ذكرياتها بفزع على صوت معها في غرفتها، نظرت حولها بسرعة وهي تمسح دmـ.ـو.عها لتجد ابنة عمتها تتوسط فراشها وهي تضع سماعة أذنها وترمقها بعدm فهم لما تفعله، تمالكت فاطمة نفسها وهي تعدل من وضعية وقوفها ثم نظرت لمنار ببسمة صغيرة:
معلش يا منار ما اخدتش بالي إنك هنا...
تجاهلتها منار وهي تعيد تشغيل الأغنية مجددا ثم هزت رأسها متحدثة بخفوت:.
و لا يهمك معلش بقى لو هشاركك اوضتك بس هي فترة هقضيها معاكي ونرجع تاني البلد.
فزعت فاطمة من حديثها، هل تقصد أن عمتها ستظل هنا فترة؟ ليست مجرد زيارة صغيرة كعادتها؟
فت، فترة؟ انتم هتقعدوا هنا كتير؟
لم تجيبها منار فهي لم تستمع لها من الأساس بل كانت أعينها شبه ملتصقة بالهاتف لا تعير تلك التي أوشكت على الاحتراق أي اهتمام...
ابتلعت فاطمة ريقها وهي تفتح باب غرفتها بهدوء وحذر ثم خطت للخارج وماكادت تتحرك حتى وصل لمسامعها صوت عمتها:
وانا بقى قولت بدل ما أجر شقة زي كل مرة، بيت اخويا مفتوح، خليني اوفر القرشين لمدرسة منار.
ابتسمت منيرة بسمة صغيرة وهي تجيبها بضيق شـ.ـديد حاولت اخفاءه: وماله يا حبيبتي تنوري انتِ ومنار.
دخلت فاطمة لغرفتها مجددا وهي تغلق الباب بهدوء ثم تحركت لفراشها بآلية وتسطحت عليه بتعب شـ.ـديد وجسدها كله يرتحف و.جـ.ـعا وذكرى بعيدة تراودها وكأنها كانت البـ.ـارحة، اغمضت عينها بعنف شـ.ـديد وهي تهمس:
امنت بيك يارب، امنت بيك يارب، فاللهم عوض ينسيني احزاني وكأنها لم تكن، واللهم عوض يربت على قلبي وكأنه لم يحـ.ـز.ن يوما...
سقطت دmعة بعدmا انتهت من دعاء جدتها الذي كانت تردده دائما في انتظار ذلك العوض الذي سينسيها جميع أحزانها، في انتظار ذلك النور الذي سينير حياتها بعد عتمة طويلة...
صعد زكريا يجذب الرجل من ثيابه بعنف وخلفه هادي ورشـ.ـدي، حتى وصل لتلك الشقة الذي كانت السيدة تصرخ من نافذتها وبمجرد دخوله حتى وجد السيدة تركض له ثم أخذت تكيل الضـ.ـر.بات للرجل الذي يمسكه بكل و.جـ.ـع وقهر وهي تصرخ في وجهه:.
حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا اخي، إنت ايه شيطان؟ حسبي الله ونعم الوكيل...
كانت تضـ.ـر.به وهي تبكي بقهر و قلة حيلة تصيح في وجهه بو.جـ.ـع امرأة رأت من الحياة ما اثقل كاهلها وكأنها أضحت في الثمانين من عمرها رغم أنها لم تتجاوز الاربعين...
كنت هتمـ.ـو.ت ابنك في ايدك، يا شيخ منك لله، منك لله هو الوحيد اللي قادر ينتقملي منك.
اهتز قلب زكريا لتلك الدعوات وآه لو يعلم ذلك الذي بيده أن دعوة تلك السيدة ليس بينها وبين الله حجاب لكان خر ارضا متوسلا باكيا، لكنه كان يبدو غير مهتما لما يحدث.
تدخل رشـ.ـدي يحاول أن يفهم ما يحدث: براحة بس يا ست فهميني ايه اللي حصل؟
نظرت له السيدة وتعرفت عليه سريعا فأخذت تحدثه وهي تبكي: الراجـ.ـل ده يا باشا كان هيمـ.ـو.ت ابنه في أيده...
قالت كلمـ.ـا.تها مشيرة لطفل يسكن احضان أخته الكبيرة ورأسه تحتوي ضمادة بينما هناك طفل ثالث يجلس ارضا يلعب ببعض الأشياء أمامه وكأن لا شيء يحدث حوله...
أشار هادي للسيدة بالجلوس وقص عليهم ما حدث فيبدو أنها على وشك الأنهيار وبالفعل تحركت السيدة لتجلس جوار رجل يضع رأسه بين يديه وقد كان على وشك خسارة أخته وعائلتها للتو، أشارت السيدة للرجل الذي يحتجزه زكريا بين يديه:.
الراجـ.ـل ده يبقى جوزي وبيتعاطى مـ.ـخـ.ـد.رات وكل يوم يرجع البيت متدهول زي ما انت شايف كده يابني وينزل فينا ضـ.ـر.ب وشتيمة وقل قيمة، حتى شغله مبقاش يروحه لما حاله وقف والورشة اتقفلت فنزلت ودورت على شغل، وكل ما كنت بجيب قرشين بطلوع الروح يجي ويخادهم بالقوة...
صمتت تكفكف دmـ.ـو.عها بو.جـ.ـع: وزي ما انت عارف يابني المدارس قربت والعيال لازمها لبس وشنط وحاجات كتير فلما جبت القبض خبيته منه على كام قرشين استلفتهم من اخويا.
قالت مشيرة للرجل الذي يجلس جوارها يشعر بالعجز...
قام هو جه وقعد يزعق ويكـ.ـسر في البيت عايز فلوس عشان يشرب بيه الهباب اللي بيطفحه ولما رفضت اديه ليه قعد يخبط رأسه في الحيط ويضـ.ـر.ب في اللي يقابله ومسك ابنه وكان هيمـ.ـو.ته في أيده لو معطتش ليه الفلوس. و اول ما عطيته الفلوس رمى ابنه وخبط راسه في الحيط وجري.
نظر رشـ.ـدي باشمئزاز للرجل الذي كان يبدو كمن لا طاقة له حتى ليفتح فمه يدافع عن نفسه بكلمة واحدة...
هز هادي رأسه وقد استوعب الآن طاقة ذلك الرجل الذي كاد يقــ,تــل الجميع لابد أنه أخذ نوع مـ.ـخـ.ـد.ر ما وأعطاه تلك الطاقة الهائلة التي كانت تساوي جيشا كاملا، والان بالنظر للرجل يبدو أن طاقته قد فنت في محاولة الهرب...
تحدث زكريا بعد تفكير طويل يحاول إيجاد كلمـ.ـا.ت: حضرتك تحبي نساعدك؟
نظرت له السيدة بتعجب قليلا، اعتدل زكريا في جلسته ثم تحدث بهدوء كبير وهو لا ينزع نظره من على زوجها:
أقصد يعني تحبي نتصرف معاه؟
تدخل رشـ.ـدي في الحوار سريعا وهو يشير للرجل بعدائية كبيرة: ما اظنش إن الموضوع في ايدها دلوقتي، ده سارق ومتعاطي وكان بيحاول يقــ,تــل يعني الراجـ.ـل ده مصيره السـ.ـجـ.ـن أو مصحة ادmان
أنهى رشـ.ـدي حديثه بنبرة جادة صلبة كعادته رغم نظرات زكريا المحذرة له والتي كان يخبره بها أن يتريث ولا يتحدث بجمود مع السيدة يكفيها ما تعانيه بالفعل...
ضمت السيدة ابنها الصغير الذي كان يلعب ارضا جوار قدmها ثم قالت بهدوء وهي لا تشيح بنظرها عن ابنها:
اعملوا اللي انتم عايزينه المهم بعيد عني وعن عيالي...
انهت المرأة حديثها والذي كان واضحا به وصولها لنهاية تحملها من هذا الرجل. لكن من تلوم فهذا اختيارها، وقد اسائت الاختيار وكان عقـ.ـا.بها لهذا الخطأ كبير كادت تفقد به أحد أطفالها...
بعد مرور ساعة تقريبا كان الثلاث شباب يراقبون سيارة الشرطة التي أخذت الرجل بعد أن حادثهم رشـ.ـدي ليأخذوه ثم يرى ما يفعله معه لاحقا...
ألتفت هادي لزكريا ليلاحظ أخيرا تلك الضمادة التي تزين رأسه: ايه ده يا زكريا؟ مالها راسك؟
رفع زكريا عينه لأعلى رأسه وهو يردد بسخرية: لا دي مجرد بوقليلة متاخدش في بالك.
بوقليلة؟
همس هادي بعدm فهم ليضحك رشـ.ـدي من خلفهم وهو يشير بيده مودعا: طب يا شباب اشوفكم بكرة لاني تعبان نوم وعندي شغل كتير غير الراجـ.ـل اللي هيجي بكرة عشان شيماء...
كان يتحدث وهو يتجه صوب منزله لولا أنه شعر فجأة بيد تمسك ثيابه بعنف من الخلف وتجذبه ليعود مكانه مجددا حيث رفاقه وصوت هادي يتردد بضيق:
تعالى هنا إنت رايح فين؟ راجـ.ـل مين ده اللي جاي عشان شيماء؟ هيعمل ايه؟
نظر له رشـ.ـدي ثم ليده التي تمسك ثيابه وكأنه أمسك به متلبسا وهو يسـ.ـر.قه ليردد بسخرية لاذعة:
لا ابدا اصل شيماء كانت بتسرب فكان جاي يعاين، إنت عبـ.ـيـ.ـط ياض راجـ.ـل جاي عشان شيماء، هيكون جاي ليه؟ جاي ياخد صورة تذكار معاها يعني؟
لم يهتم هادي لكل تلك السخرية التي خرجت دفعة واحدة من فم صديقه ليقترب منه يهسهس بشر من بين أسنانه:
ايوة ما هو ده سؤالي؟ جاي ليه عشان شيماء؟
شعر زكريا باحتدام الأمر بين الاثنين ليتدخل سريعا وهو يبعد رشـ.ـدي عن يد هادي الذي كان على أعتاب فقدان سيطرته على نفسه:
ايه يا هادي يا حبيبي راجـ.ـل جاي عشان الآنسة شيماء، اكيد جاي طالب حلال يعني.
كان يتحدث وهو يقف بين الاثنين يفصل بينهم وجهه لهادي وظهره لرشـ.ـدي، كان زكريا يلقي بنظرات محذرة لذلك الغـ.ـبـ.ـي الذي سيكشف نفسه بسبب تسرعه وغباءه، لكن يبدو أن هادي قد اتخذ قراره وانتهى الأمر وقد تسلم الغباء عقله حتى اشعار اخر:
طالب حلال؟ اول مرة اسمع طالب حلال دي؟ انا اسمع عن طالب علم، طالب ستر. إنما طالب حلال دي جديدة.
ضحك زكريا بصخب وهو ينظر لرشـ.ـدي: اضحكني ذلك المعتوه، اضحك الله سنك يا هادي.
ازاحه رشـ.ـدي جانبا وهو بضيق عينه بشك: انتظر قليلا أيها الضاحك، عايز بس اعرف ماله القمور وعايز ايه؟
نظر له هادي وقال بهدوء ليس من شيمه: انا عايز اعرف حاجة واحدة بس...
نظر له رشـ.ـدي بترقب ينتظر حديثه حتى انطلقت كلمـ.ـا.ت هادي الغـ.ـبـ.ـية والغير مستوعبة:
مين ده اللي جاي؟
تساؤل قد يبدو فضولي للبعض، لكن ل زكريا كان واضحا تماما بأنه يحمل في طياته إعصار سيقــ,تــلع كل ما يواجهه...
تعجب رشـ.ـدي من الغباء الذي تلبس هادي فجأة فهو منذ خمس دقائق تقريبا يسأله نفس السؤال وهو يجيبه بنفس الجواب وللمرة المائة بعد المليون يكرر رشـ.ـدي حديثه:
عريس يا حبيبي، عريس لشيماء هو اللي جاي.
ابتسم هادي بسمة مخيفة وهو يتخيل في رأسه طريقه مؤلمه لقت. ل رشـ.ـدي فهو في النهاية رفيقه لا يود أن يعذ. به...
اه وياترى بقى هنستقبل العريس ده امتى؟
نستقبل؟ اسمها هستقبل.
ابتسم له هادي بسمة مخيفة وهو يربت على كتف رشـ.ـدي بتهديد: لا ازاي هنستقبل سوا هو احنا مش صحاب ولا ايه؟
ابتسم رشـ.ـدي ببرود شـ.ـديد وهو ينظر في عين هادي بنظرات غامضة: لا يا حبيبي احنا صحاب وعيلة واخوات كمان، واكيد لازم تكونوا موجودين في يوم زي ده ده انتم اخوات شيماء برضو.
ربت زكريا بيده على صدره مغمضا عينه ببسمة خافتة: حبيبي يا رشـ.ـدي اعز الله قدرك يا اخي.
رغم تلك الكلمـ.ـا.ت التي حرقت هادي إلا أنه ابتسم وهو رأسه ثم تحدث بهدوء شـ.ـديد:
تمام عن اذنكم بقى هروح اكوي البدلة بتاعة بكرة...
أنهى حديثه وهو يرحل وعروقه نافرة بشكل مرعـ.ـب والغـ.ـيظ قد تملك قلبه تاركا خلفه زكريا ورشـ.ـدي الذي كان يشيعه بنظرات غامضة وبسمة ترتسم على فمه بشكل مخيف...
انتبه زكريا لنظرة رشـ.ـدي ليقول ببسمة قلقة: وها هي الحرب قد اشتعلت...
تحرك هادي متجها لمنزله بغـــضــــب كبير وهو يتمتم بسخرية وغـ.ـيظ شـ.ـديد: عريس جاي لشيماء، ماشي يا رشـ.ـدي ماشي...
أثناء حديثه اصطدm فجأة في جسده ليسمع صوت تأوه وتمتمـ.ـا.ت غاضبة، رفع هادي عيونه لذلك الشخص ليجد أنه لم يكن سوى فرج الذي عنـ.ـد.ما رأى هادي ابتسم باتساع وهو يتحدث بلهفة:
كويس اني لقيتك يا هادي يلا بقى روح وصل لام اشرف الجواب، انا سيبتك تلعب مع صحابك براحتك اهو.
كتر خيرك والله.
ابتسم له فرج وهو يخرج الرسالة من جيب بنطاله الواسع بعض الشيء يحمد الله أنه قابل هادي أثناء عودته للمنزل فهو قد يأس من عودته بعدmا انتظره في القهوة كثيرا...
علي عكس المتوقع ابتسم هادي لفرج وأخذ منه الرسالة بكل طاعة ووضعها في جيبه متحدثا ببسمة وهو يضم كتف فرج له:.
حبيبي يا فرج ده انا هوصل الأشواق والحب والعشق وكل حاجة بص لو عايز هجبلك ام اشرف تقعد جنبك على القهوة واللمون عليا لو عايز وخلي بس اشرف يفتح بقه...
ابتعد فرج قليلا عن هادي يرمقه بشك لهذا الرضا الغريب والمخيف فهادي لم يكن يوما يتقبل ما يريده بنفس راضية كما يرى الآن، اذا ماذا حدث؟
ابتسم له هادي وقد لاحظ تعابيره المندهشة ليسارع بالقول: بص هعملك كل اللي عايزة ويوم فرحك باذن الله لما ربنا يفتحها عليك ويكرمك إنت وام اشرف وابنها اشرف يوافق، بدلتك عليا يا عم.
حسنا الأمر أصبح مخيف بحق، فهادي لا يبدو طبيعيا البتة لذا ابتسم له بريبة متراجعا للخلف يردد بخــــوف:
هو إنت قــ,تــلت حد وعايزني اداري جثته معاك ولا ايه؟
ابتسم هادي بسمة مخيفة: لا بس هيحصل...
وصل زكريا لشقته، دخل بهدوء شـ.ـديد حتى لا يزعج أحد ثم تحرك بخفة لغرفته لكن توقف فجأة على ذلك الصوت القادm من أحد الأركان وهو يردد بحنق شـ.ـديد وكأنه طفل فقد لعبته المفضلة:
شوف دmاغك ورمت ازاي مش كنت سيبتني فسيتها...
زفر زكريا وهو يستدير لوالده ببسمة صغيرة ليجد أن والدته تجلس جواره وهي تنظر له بقلق حتى تطمأن نفسها أنه بخير:
اشكرك أبي، لكن كما ترى أنا بخير حال.
تحرك لؤي جهته يرسم ملامح الخــــوف بمهارة على وجهه وهو يضع يده على كتف ابنه:
بني، ارجوك دعني افس...
صمت قليلا وكأنه يفكر في شيء ما ثم قال يتساءل: هي افس مش لغة عربية فصحى صح؟
نظر له زكريا باستياء وهو يشعر أن والده يسخر منه: ابي ارجوك اريد النوم فأنا متعب لذا، اذا سمحت دعني اذهب للنوم.
تركه زكريا واتجه للغرفة تاركا والده خلفه يحاول جاهدا ايجاد كلمة تساوي كلمته في الفصحى، توقف زكريا فجأة واستدار لوالدته وقال بخفوت وخرج:
صحيح يا امي كلمي الآنسة فاطمة وخليها تيجي بكرة العصر لأن بعد المغرب عند مشوار مهم.
أنهى حديثه متجها لغرفته يفكر فيما سيحدث غدا مع هادي ورشـ.ـدي: ربنا يستر بكرة، معركة العصر وواحدة بليل، شكل هتفس بقاليل كتير يا حاج لؤي، ده انا بكره هرجع مبقلل من كل حتة...
وفي الخارج كان لؤي مازال يفكر في الأمر بجدية كبيرة وكأنه هذه الحادثة أثارت انتباهه لهذا السر الخطير، لذا تحرك بشرود صوب زوجته وهو يفكر في كلمة مقابله لكلمته في الفصحى...
ألقى زكريا بجسده على الفراش وهو يتنهد بتعب شـ.ـديد يغمض عينه محاولا النوم دون التفكير في أي شيء حدث اليوم، وما كاد يسقط في النوم الا وتناهي لمسامعه صوت خافت يبدو وكأنه يأتي من النافذة التي تعلوه فتح عينه بحذر ورفعها حيث النافذة والتي يتخللها بعض الضوء القادm من الخارج وعلى هذا الضوء كان هناك جسد صغير يتحرك على قضبان النافذة، فتح زكريا عينه يحاول التحقق مما وصل إليه ليسقط فجأة ذلك الشيء عليه جاعلا صراخه يرج المكان كله...
فار...
تحرك رشـ.ـدي لداخل منزله بهدوء شـ.ـديد فكما يظهر، الجميع نائم لكن بمجرد دخوله حتى سمع صوت اغاني يصل لاذنه قادm من غرفة شيماء...
اغمض عينه يمسح وجهه وهو يتنهد بتعب فأكيد ليست شيماء صاحبة القدm المصابة هي من ترقص الآن على تلك الموسيقي الغربية والتي يصور له عقله الان أشياء كثيرة ليس بريئة ابدا...
رمى رشـ.ـدي مفاتيحه على الطاولة ثم تحرك بهدوء لغرفة أخته وفتح الباب بحذر ليجدها، بلاء حياته و مصدر مصائبة تقف في منتصف الغرفة ترتدي ثيابه كعادتها وهي تتمايل بشكل جعله يبتلع ريقه بصدmة فليست اول مرة يراها ترقص لكن اول مرة يراها ترقص بتلك الطريقة لذا سريعا دخل الغرفة وهو يرمقها بحنق شـ.ـديد:
خلصتي النمرة بتاعتك؟
وعلى عكس المتوقع لم تتوقف ماسة عن الرقص بل استمرت في الرقص أكثر، فماسة لم تخجل يوما من رشـ.ـدي وكيف ذلك وهي تقريبا قد تزوجته من سنين طويلة بعد أن قضت طفولتها هائمة به وهو يبادلها هذا العشق الطفولي بعشق يضاهيه، دون أن يقدm على قول كلمة واحدة لها أو حتى يلمح لها بالأمر حتى أصبح الاثنان في مرحلة الثانوية لتذهب له وتخبره أن هناك شاب يزعجها ويحاول التودد لها وبعد عراك كبير بين رشـ.ـدي والشاب، ذهب مباشرة لوالده يخبره أنه يريد الزواج بها في الحال وبالطبع مراهق في الخامسة عشر من عمره حينما يطلب هكذا طلب سيتلقى العديد من السخرية والاستهزاء لكن رشـ.ـدي كان لا يمزح وقتها وأصر بشـ.ـدة حتى أدرك الجميع أنه جاد في طلبه ليعده والده أنه إن حصل معدل كبير في الثانوية سيطلبها له ويزوجهم، وبالفعل انهى رشـ.ـدي الثانوية بمعدلات متدنية جدا ورغم ذلك تزوجها رغم انف الجميع ليجعلها وبعد سنوات من الحب الصامت الخجول، زوجته أمام الجميع.
اتجهت ماسة صوب رشـ.ـدي، وضعت يدها حول عنقه وهي مستمرة في الرقص بكل صخب وفرح وكأنها تحتفل بانتصارها الصغير على غريمتها التي تركت المنزل بوجه محمر من الغـــضــــب...
اقترب رشـ.ـدي منها هامسا بحنق رغم بسمته التي يجاهد لكبتها وهو ينظر لشيماء:
الله يسامحك هتبوظي عقل البـ.ـنت
ضحكت ماسة بشـ.ـدة وهي تقترب منه هامسة: لا متخافش اختك عارفة اني قليلة الادب.
صدm رشـ.ـدي لكلمتها وابتعد عنها يهز رأسه يائسا منها ثم نظر لشيماء التي كانت تدعي انتباهها بالهاتف ليقول رشـ.ـدي ببسمة قبل أن يسحب ماسة:
احم شيماء حبيبتي فيه بكرة عريس جاي ليكِ.
رفعت شيماء عينها بصدmة لرشـ.ـدي وهي تتساءل عن هوية ذلك الشخص الذي جاء لخطبتها ليوضح رشـ.ـدي سريعا:
هو زميلي في الشغل وكلمني عليكِ وبكرة جاي هو وعيلته، بصي اديني خمس دقائق وهاجي اقولك كل حاجة...
أنهى حديثه وهو يسحب ماسة خلفه والتي انقلبت ملامحها فجأة لسماع هذا الخبر، تفكر ماذا عن هادي؟ ذلك الغـ.ـبـ.ـي الذي لا ينطق بكلمة...
أخذ رشـ.ـدي يد ماسة حتى وصل للشرفة التي تقع في الصالون ودخل إليها معها ثم ترك يدها مربعا يده بحنق وهو يرمقها بغـ.ـيظ...
اقدر اعرف ايه اللي عملتيه انهاردة؟
كنت برقص.
وكانت هذه إجابة بسيطة من ماسة على سؤال رشـ.ـدي الذي انقلبت ملامح وجهه بغـ.ـيظ:.
ماسة، انتِ فاهمة كويس اوي أنا قصدي ايه؟ اوعى تفكريني اهبل ومكنتش واخد بالي باللي عملتيه مع بثينة.
اعتدلت ماسة في وقفتها ثم قالت متجاهلة كل حديثه السابق: هو إنت بجد هتجوز اختك لصاحبك؟
ورغم انتباهه لتغيريها محور الحديث إلا أنه أجاب بهدوء شـ.ـديد: الموضوع ده يرجع لشيماء لو هي وافقت تمام، ايه المانع؟
طب وهادي؟
نظر رشـ.ـدي بغموض لماسة وهو يقترب منها مرددا سؤالها: ماله هادي؟
اخرجت ماسة صوتا ساخرا من حنجرتها وهي تنظر للشارع في الاسفل: متقوليش انك مش عارف اللي فيها، انا عارفة وانت عارف وزكريا عارف والعقربة بثينة عارفة وفرج عارف حتى أم اشرف عارفة، الحارة كلها عارفة ماعدا اختك الهبلة إن هادي بيحبها...
ابتسم رشـ.ـدي وهو يهز رأسه ساخرا: طب اعمل ايه اروح اقوله بالله عليك يا هادي تعالى اخطب اختي؟
صمتت ماسة ولا تعرف ماذا تقول فهي حقا حتى الآن لا تفهم سبب تردد هادي في التقدm بطلب يد شيماء:
اكيد لا بس...
صمتت ولم تتحدث لتشعر برشـ.ـدي يجذبها لاحضانه بحب وهو يستند بذقنه على رأسها مرددا بشرود:
انسي يا ماسة ومتشليش هم واللي فيه الخير ربنا يقدmه...
صباح يوم جديد يحمل الكثير والكثير...
انتهى زكريا من فطوره كعادته ثم تحرك للمدرسة التي يعمل بها بسبب استدعائه إليها، وفسر الأمر لقرب بداية الدراسة وأنهم لربما يحتاجونه في شيء ما...
بينما هادي بمجرد استيقاظه تحرك سريعا صوب منزل عمه، فهناك أمر عليه القيام به قبل أي شيء.
توجهت مروة صوب الباب الذي يطرق منذ دقائق وتلك الكسولة ابـ.ـنتها لم تكلف نفسها عناء رؤية الطارق حتى، بمجرد فتحها للباب حتى ابتسمت باتساع وهي تحدق بهادي. تتنحى جانبا مرحبة به:.
هادي؟ اتفضل يا بني ادخل. نورت يا حبيبي.
تنحنح هادي وهو يخطو داخل منزل عمه بهدوء شـ.ـديد يخفض وجهه ارضا تحسبا لوجود بثينة على راحتها في منزلها أو بدون حجاب لكن زوجة عمه والتي يبدو أنها أدركت ما يفكر به سارعت لاخبـ.ـاره:
خد راحتك يابني بثينة في أوضتها...
ابتسم هادي وهو يتجه صوب الأريكة التي تتوسط المنزل ثم تحدث ببسمة مريبة بعض الشيء:
معلش ممكن تناديها يا مرات عمي، محتاجها في حاجة ضروري.
ورغم تعجب مروة لحديثه وفضولها لمعرفة سبب رغبته في التحدث مع ابـ.ـنتها إلا أنها هزت رأسها بإيجاب تتحرك سريعا لغرفة ابـ.ـنتها تخبرها أن هادي في انتظارها ثم خرجت له تخبره ببسمة أنها قادmة واضافت بهدوء متجهه صوب المطبخ:
هروح اجهز الفطار عشان نفطر سوا
لم يعترض هادي على حديثها خاصة أنه يود الحديث مع بثينة على انفراد وبالفعل رأى بثينة تخرج من غرفتها بوجه شاحب وكأنها تُساق لمـ.ـو.تها...
لم يبدي هادي ردة فعل أو يتحرك حتى بل اكتفى بالجلوس ومراقبتها بهدوء شـ.ـديد حتى وصلت عنده وجلست على مقعد بعيد عنه بعض الشيء وهي تتحدث بصوت خافت قليلا وبسمة متـ.ـو.ترة:
اهلا يا هادي، ماما قالتلي إنك عايز تتكلم معايا خير؟
اعتدل هادي في جلسته وهو يرمقها بنظرات مبهمة: خير يا بثينة بس يعني أنتِ مقولتليش إنك شيفاني حـ.ـيو.ان اوي كده؟ طب كنتِ بلغيني يا بثينة وانا اغير من نفسي لو مش عاجبك مش تروحي وتفضحيني برة.
ابتلعت بثينة ريقها وقد علت ضـ.ـر.بات قلبها من صراحته، وقد أتت اللحظة التي كانت تحاول الترتيب لها منذ البـ.ـارحة لكن كل ما خططت له قد تبخر تماما...
وأمام صمتها تحدث هادي بنبرة مخيفة وهو ينظر لها بشر: أنتِ عارفة مين البـ.ـنت اللي بحبها يا بثينة؟
قد يبدو سؤالا غـ.ـبـ.ـيا للبعض لكن لبثينة هي تعرف جيدا ما يقصد هادي من وراءه لذا اجلت حلقها بتـ.ـو.تر وهي تجيبه بخفوت:
شيماء...
ولما إنتِ عارفة اني بحب شيماء وعايز اتجوزها، ملقتيش غيرها من بين كل الناس عشان تهزري معاها الهزار البايخ عني ده.
هي اللي...
كادت تفتح فمها لولا صرخة هادي التي خرجت دون إرادته مما جعل مروة تخرج بفزع من المطبخ وهو يصـ.ـر.خ كالمـ.ـجـ.ـنو.ن:
هي اللي ايه؟ ها؟ هي اللي ايه يا بثينة!؟
صمتت بثينة برعـ.ـب شـ.ـديد لم تتوقع هجومه هذا عليها ليكمل هو متجاهلا كل شيء يهدر بقهر شـ.ـديد وحـ.ـز.ن:.
هان عليكِ تتهميني اتهام زي ده وقدام البـ.ـنت الوحيدة اللي بحبها؟ وأنتِ عارفة كويس اوي اني بحبها، يا شيخة ده أنتِ اول واحدة جريت عليها وقولتها اني بحبها ومستني تكوني حلالي.
سقطت دmـ.ـو.ع بثينة بعنف وهي تنكمش على نفسها بخــــوف كبير من تهوره، هي تعلم أنه ابدا لن يقدm على ضـ.ـر.بها لكن في حالته تلك هي لا تضمن شيء...
تنفس هادي بعنف يحاول أن يهدأ نفسه لكن تلك الهيئة التي يشعر بها تكاد تدفعه للجنون لا يصدق أنها فعلت به هذا وهو من اعتبرها أكثر من اخت وذهب إليها سريعا كغـ.ـبـ.ـي يخبرها أنه يحب شيماء وينتظر ذلك اليوم التي تكون ملكه وماذا فعلت هي؟ حاولت التفريق بينهم...
اغمض عينه بو.جـ.ـع شـ.ـديد ثم همس: اتمنى بس تكوني مش قاصدة اللي قولتيه يابثينة وإنه كان مجرد هزار لاني لو اتأكدت إنه غير كده ردة فعلي مش هتعجبك...
انهت كلمـ.ـا.ته محذرا إياها بنبرة مخيفة ثم اتجه سريعا للباب لكن قبل الخروج توقف وقال بخيبة أمل وانكسار:
مرة تانية متجبيش سيرتي لا بخير ولا بشر لأن وقتها أنتِ عارفة كويس أنا ممكن اعمل ايه.
أنهى حديثه وخرج من المنزل يفكر فيما فعله، لقد تغاضى سابقا عن أفعال بثينة الكثيرة و غفر لها الكثير والكثير لكن لن يسمح لها بالتجاوز في حقه أمام أحد، وخاصة شيماء.
نظرت بثينة للباب الذي اغلقه هادي بقوة خلفه وهي لا تبدي أي ردة فعل خاصة لحديث والدتها التي تحاول فهم ما حدث لكنها تركتها ببساطة ودخلت لغرفتها دون أي كلمة...
جاء المساء وجاء المعاد المحدد لقدوم العريس المزعوم لشيماء، تجهز هادي وهبط من البناية الخاصة به وهو يتجه لمنزل رشـ.ـدي بعد أن أجرى اتصالا بفرج ليؤكد على ما اتفق معه عليه...
خرج كلا من زكريا ووالدته من البناية الخاصة بهم واتجه زكريا صوب منزل رشـ.ـدي بينما اتجهت وداد صوب منزل فاطمة للأطمئنان عليها، فهي لم تأت اليوم في ميعادها رغم أنها أكدت على والدتها صباحا بشأن الميعاد الجديد الذي حدده زكريا...
تقابل زكريا أثناء طريقه مع هادي الذي كان مبتسما بشكل يثير الرعـ.ـب في القلوب ليتمتم زكريا في سره برعـ.ـب:
استرها يا ستار.
اتجه الإثنان صوب المنزل الخاص برشـ.ـدي ليستقبلهم رشـ.ـدي ببسمة أثارت سخط هادي وبشـ.ـدة، ليدفعه بغـ.ـيظ شـ.ـديد متجها للداخل وخلفه الباقيين وهناك بسمة خبيثة تتوسط فم رشـ.ـدي ولم ير تلك البسمة التي ترتسم على فم هادي والتي كانت تضاهي خاصته خبثا
كان فرج يجلس كعادته على القهوة في مقعده المميز يحاول إيجاد كلمـ.ـا.ت مناسبة لخطاب اليوم:.
عزيزتي ام اشرف، إنه أنا مجددا يا حبيبة القلب، ومن سيكون غيري؟ فلا أحد سواي يتذكرك يا عزيزة...
صمت فرج قليلا مضيفا: هو انا كده شكلي بذلها ولا ايه؟
قطع فرج الورقة والقاها جواره حيث كومة كبيرة من الورق الذي قطعه...
عزيزتي ام اشرف، كيف حالك وحال اشرف؟
صمت مجددا لا تعجبه تلك المقدmة زفر بضيق وهو يقطع الورق بضيق مفكرا:
استغفر الله مش لاقي مقدmة للخطاب، انا ادخل في الموضوع على طول.
ولم يكد يكتب خطاب جديد للمرة المائة حتى انتبه لسيارة تدخل للمنطقة ويبدو أنها المطلوبة لمهمته التي كلفه بها هادي مقابل ارسال رسائله دون تذمر...
انتبه فرج لتوقف السيارة قرب القهوة وهناك شاب يخرج رأسه منها وهو ينظر حوله كأنه يبحث عن شيء ليتجه له فرج سريعا محاولا التظاهر أنه يمر صدفة، وبالفعل تحرك فرج من جانب السيارة يتصنع أنه لا ينتبه لها، لكن الشاب لم ينادي عليه أو شيء من هذا القبيل لذا استدار وعاد يسير جوارها مجددا دون اهتمام ليتجاهله الشاب مجددا مما أثار حنق فرج الذي اتجه لنافذة الشاب وهو يطرق عليها بانزعاج:.
انت يا جدع انت مش شايفني رايح جاي جنبك؟
نظر له الشاب بعدm فهم: نعم؟
عايز ايه؟
تفاجئ الشاب من لهجة فرج تلك وما كاد يتحدث حتى قاطعه فرج: انت شكلك كده عايز بيت رشـ.ـدي صح؟
صدm الشاب من حديث ذلك الرجل وتحدث: عرفت منين؟
ياراجـ.ـل باين على وشك اهو، المهم اساسا بيت رشـ.ـدي مش هنا...
ارتاب الشاب من حديث الرجل الذي يبدو عليه الخبث، أو الغباء لا يعلم:
ايوة ازاي مش هنا؟
بص يا سيدي، الشارع الرئيسي اللي برة جنب المقلة اللي على الناصية هتلاقي هناك شارع صغير هتدخله وتمشي لاخره وتحود يمين في شمال هتلاقي هناك قهوة هو بقى عند القهوة دي.
نظر له الشاب بشك بالفعل رشـ.ـدي أخبره أن منزله جوار القهوة، لكن هو ظن أنه في هذا الشارع...
ابتسم رشـ.ـدي وهو ينادي أحد الصبية من الشارع: واد يا محمد...
أتى المدعو محمد إلى فرج سريعا ليمد فرج يده ويفتح باب السيارة مشيرا له بالركوب:.
روح يا محمد يا حبيبي وريه بيت رشـ.ـدي...
ابتسم الطفل وهو يصعد للسيارة قائلا بفرحة: هو ده عريس أبلة شيماء؟
هز فرج رأسه مشيرا للشاب بالتحرك...
وبالفعل تحرك الشاب وهو يتنهد بتعب فقد نسي العنوان الذي اخبره به رشـ.ـدي وهو فقط كان يحاول تذكر الشارع بالنظر للطرق وربما يكون ذلك العجوز محقا وقد علم بمجيئه لمعرفته برشـ.ـدي مثلا، فهم على ما يبدو على معرفة به وبمجيئة لأجل شيماء كما قال الطفل، كما أنه دخل لهذا الشارع دون معرفة بالطرق ولم يكن متأكدا أنه شارع رشـ.ـدي من الأساس.
استدار الشاب بسيارته يسير حسب حديث الصبي الذي كلفه هادي لتضليله قليلا، تاركا فرج ينظر في أثره مبتسما وهو يخرج هاتفه ويرسل رسالة لهادي يخبره بنجاح تشتيته للشاب...
انتبه هادي بهاتفه لتتسع بسمته بشكل يثير الريبة في قلوب من حوله وهو يهمس بخبث:
ده شكل الليلة هتبقى فل اوي...
↚
نظر في ساعة يده متأففا بضيق شـ.ـديد لا يعلم لما تأخر ذلك المهمل عديم المسئولية، كيف يتأخر شخص في يوم مهم كهذا، يا الله كم هو شخص مهمل غير ملتزم...
ايه يا هادي يا حبيبي عندك ميعاد ولا حاجة؟
كان ذلك رشـ.ـدي الذي لاحظ أن هادي كل خمس ثواني ينظر لساعته متأففا وهو يتمتم بضيق وكأنه هو العروس، تحدث هادي بنزق يدعي الملل:.
لا ابدا بس مش معقول كده يا اخي، من اولها تأخير وعدm مسئولية امال لما يتجوز هيعمل ايه مش عارف؟
رفع رشـ.ـدي حاجبه ساخرا من صديقه: لا أصل هو ساكن بعيد فتلاقيه أتأخر، متضايقش نفسك انت بس. ده انا اخوها ومش مضايق كده.
كان زكريا يجلس في منتصف الأريكة بين هادي و رشـ.ـدي وهو ينظر لهاتفه بعدm اهتمام بمن حوله فهو معتاد على ما يحدث ويعلم أن هذه الحرب البـ.ـاردة بين رفيقيه هي تمهيد لمجزرة ستحصل بعد قليل...
دفع هادي زكريا للخلف بحنق حتى يتسنى له رؤية وجه رشـ.ـدي: ضهرك كده يا زكريا، نعم يا خويا مين ده اللي متضايق؟ انت شايفني متضايق؟ وهتضايق ليه يعني؟ رد عليا هتضايق ليه؟
كان هادي يتحدث وكأنه على وشك الانقضاض على رشـ.ـدي مقطعا اياه بأسنانه، زفر زكريا بضيق وهو يتقدm مجددا في جلسته ليصبح بين الاثنين قبل أن يقــ,تــل أحدهما الآخر. فتحدث لرشـ.ـدي بحنق شـ.ـديد:.
جرا ايه يا رشـ.ـدي يا اخي، ما الواد زي الفل اهو وفي اكتر حالاته انتعاشا...
نظر بعدها لهادي وهو يربت على صدره بمواساة: أهدى يا حبيبي انت بس ده رشـ.ـدي وإنت عارفة يعني مش حد غريب...
كاد رشـ.ـدي يتحدث وهو يخفي بسمته بصعوبة لكن قاطعتهم صوت ماسة الذي ناداه من الداخل:
رشـ.ـدي معلش عايزاك...
نظر رشـ.ـدي لهادي وهو يضيق عينيه ثم تحرك صوب الداخل ليرى ما تريده ماسة منه بينما ألتفت زكريا لهادي وتحدث بنبرة متأكدة:.
إنت عملت حاجة في العريس صح؟
كان تقرير أكثر منه سؤال لكن هادي ادعى الصدmة وتشنج وجهه باستنكار شـ.ـديد مشيرا لنفسه رافضا ذلك الاتهام المجحف في حقه:
انا؟ اعمل فيه ايه يعني؟ ما انا متلقح قدامك اهو.
نظر له زكريا متبسما بسخرية ثم اقترب منه هامسا: عايز تفهمني إنك هتكون قاعد هادي بالشكل ده وشيماء جاي ليها عريس؟
انقلب وجه هادي وهو يزفر بضيق ثم تجاهل زكريا وهو يعود بظهره الأريكة مربعا ذراعيه لصدره هامسا بحنق:.
اياكش بس فرج يقدر يتوهه كتير...
فيه ايه يا ماسة بتنادي ليه؟
كان ذلك رشـ.ـدي الذي تحرك للداخل استجابة لنداء ماسة...
زفرت ماسة بضيق وهي تسحبه سريعا للمطبخ بينما هو ابتسم بخبث ظنا منه أنها تفعل ذلك لتنفرد به:
ماسة مش وقته الناس برة بصي لما يمشوا يبقى تعملي اللي أنتِ عايزاه...
توقفت ماسة بعدmا وصلت معه للمطبخ ثم رمقته بعدm فهم لثوانٍ قبل أن تبتسم بخبث مقتربة منه هامسة:
تعرف ايه اللي بيعجبني فيك يا أباظة؟
ابتسم رشـ.ـدي وهو يجذبها لاحضانه بعشق هامسا: ايه ياقلب أباظة؟
قلة ادبك، يا اخي عمي ابراهيم ما كلفش نفسه يربيك شوية، بس متزعلش هو عامة بيكون الطفل الاول مش متربي لأن أهله بيكونوا لسه مش عندهم خبرة في التربية وبيكونوا فاكرين أنهم استعجلوا ولسه عايزين يعيشوا حياتهم فمش بيربوا الطفل الاول. فبيطلع العيل فاسد صـ.ـا.يع قليل الادب ومش متربي
انهت حديثها تشير لنفسها ببسمة فخر: ايوة زيي كده...
لم يتمكن رشـ.ـدي من كبت ضحكاته الصاخبة على حديثها بينما هي رمقته بضيق وهي تبتعد عنه مشيرة للطاولة أمامها:
انا جايباك عشان الخلاط باظ يا محترم مش عشان اللي في دmاغك، انا محترمة يا اخ.
صمتت تراقب تعابيره الساخرة فهو أكثر من يعلم تلك الفتاة التي تقف أمامه متبجحة:
شوف وانا اللي ظلمتك...
ما علينا المهم اتصرف وصلح الخلاط عايزة اعمل عصير قبل ما حد يجي...
نظر رشـ.ـدي قليلا للجهاز أمامه يحاول معرفة أين هو العطب لكن هو لا يعلم شيء بخصوص هذه الأجهزة لذا أشار لماسة أن تذهب لشيماء وهو يخرج من المطبخ:
طب اخرجي أنتِ وشوفي شيماء لغاية ما اعمله...
أنهى حديثه وهو يخرج تاركا ماسة تنظر بقلة حيلة لما يحدث لتتجه بعدها صوب شيماء التي تكاد تبكي رعـ.ـبا بالداخل...
هادي تعالى عايزك...
كان ذلك صوت رشـ.ـدي الذي خرج للتو حيث يوجد أصدقائه ليشير لهادي طالبا إياه أن يقترب منه، نظر له هادي بشك يفكر فيما يحتاجه رشـ.ـدي.
لم يتحرك هادي من محله متحدثا بحنق شـ.ـديد: عايز ايه اخلص؟
تشنج وجه رشـ.ـدي من حديث هادي لكنه للأسف يحتاج له لذا هو مضطر لاظهار بعض اللين والاحترام معه:
محتاجك يا هادي يا حبيبي شوية...
رفع هادي حاجبه وهو ينظر له باشمئزاز من أعلى لاسفل ثم تحدث بحنق شـ.ـديد:
يحنن يا عسل...
اغتاظ رشـ.ـدي من هادي وتعنته الشـ.ـديد لذا تحرك بغـ.ـيظ شـ.ـديد صوبه وهو ينحني عليه ساحبا إياه من ثيابه صارخا به بغـــضــــب:
ولا مش عشان احترمتك هتسوق فيها، انجر قدامي عايزك...
اولا سيب البدلة عشان انا قعدت ساعة اكويها، ثانيا بقى يا زبـ.ـا.لة إنت مش هعملك حاجة ومش هتحرك من مكاني سامع؟
كان هادي يفكر في رأسه أن رشـ.ـدي يحاول أن يشغله بأي شيء أو يحاول صرفه بأي حجه منعا للمشاكل لذا كان يعاند معه ويرفض الحراك، ابعد هادي يد رشـ.ـدي وعاد للجلوس محله مجددا وهو يرمق رشـ.ـدي الذي اوشك على الانفجار بكل برود...
حاول رشـ.ـدي أن يهدأ نفسه وهو يشير لداخل منزله: الخلاط باظ وانا مش بفهم فيه، فتعالى اتنيل صلحه لانك الوحيد فينا اللي بتفهم في الحاجات دي...
نظر له هادي بشك مضيقا عينه يحاول أن يتبين صدقه من عدmه، لكن ملامح رشـ.ـدي كانت تظهر جديته الشـ.ـديدة، وامام صمته الطويل صرخ رشـ.ـدي بنفاذ صبر:
ما تخلص يالا الناس على وصول وعايزين نعمل عصير...
مش لازم عصير كفاية كوباية ماية وخلاص
تحدث هادي وهو يزمّ شفتيه بضيق بينما نظر زكريا لهما بملل شـ.ـديد ثم نهض مشيرا لرشـ.ـدي أن يرشـ.ـده للمطبخ:.
سيبك منه يارشـ.ـدي ده دmاغ دبانة في جـ.ـسم طور، وريني فين المطبخ واتأكد أن مفيش حد جوا وانا هتصرف...
نظر له رشـ.ـدي بتعجب ثم بادر بالسؤال: إنت بتفهم في الخلاطات؟
هز زكريا رأسه برفض مجيبا: لا بس بعمل عصير لمون حلو اوي...
عض رشـ.ـدي شفتيه بعصبية كبيرة من صديقيه الأحمقان ثم دفع زكريا بخفة ليسقط على الأريكة:
يا اخي بقى ارحم امي إنت التاني، عصير لمون ايه هما جايين لزيارة مريـ.ـض...
صدح فجأة صوت رنين جرس الباب لينظر الثلاثة لبعضهم البعض قليلا حتى تحرك رشـ.ـدي بلهفة للباب وهو يعد من ثيابه...
وخرج والده من الداخل ليستقبل الضيوف مع ابنه...
فتح رشـ.ـدي الباب ببسمة واسعة وهو يرمق صديقه و والدته مرحبا بهم: مصطفى باشا...
سمع هادي من الداخل صوت رشـ.ـدي وهو يرحب بالضيوف ليغمض عينه بغـــضــــب شـ.ـديد مستوعدا فرج في سره بالمـ.ـو.ت. ذلك العجوز. إن فشلت خطته بسببه سيتزوج هو ام اشرف ويحرق قلبه.
دخل رشـ.ـدي للصالون ومعه ضيوفه حيث يقف والده وهادي وزكريا في انتظارهم...
تقدm شاب طويل ورشيق خلف رشـ.ـدي ومعه سيدة يبدو عليها الرقي والأناقة الشـ.ـديدة وخلفهم فرج الذي دلهم على الطريق.
أشار هادي لفرج على رقبته بعلامة الذبح، ليبتسم فرج برعـ.ـب وهو يحرك كتفيه بقلة حيلة، تقدm هادي منه وهو يهمس من بين أسنانه بغـ.ـيظ:
هو انا مش قولت يلفوا أحياء القاهرة كلها؟ ايه اللي جابهم دلوقتي دول مكملوش نص ساعة حتى.
ابتلع فرج ريقه وهو يقص عليه ما حدث: اصل الواد طلع ذكي وشكله حس أننا بـ.ـنتوهه فبعد ما بعته مع الواد محمد لقيته رجعلي وبيقولي فين بيت رشـ.ـدي لاحسن هبيتك في الحجز، يرضيك يعني يا هادي يا بني عمك فرج على آخر العمر يبات في الحجز؟ وام اشرف تتعاير أن جوزها سوابق؟
رقمه هادي بتوعد وعيونه تطلق شرار: خايف تتحبس يا فرج؟ انا بقى هرمل ام اشرف.
نظر له فرج ثم قال بمزاح ثقيل وهو يضحك ضحكته الغـ.ـبـ.ـية: ترملها ازاي هي بطيخة؟
ضـ.ـر.به هادي بخفة في كتفه وهو يدفعه بغـ.ـيظ شـ.ـديد: امشي من وشي بدل ما أنزل اولعلك في ام اشرف وفي اشرف وفيك...
رحب رشـ.ـدي بالجميع ثم اجلسهم على الأريكة ببسمة واسعة: نورت والله يا مصطفى، منورة يا هانم...
ابتسمت والدة مصطفى بهدوء وهي تهز رأسها: البيت منور باصحابه يابني...
ابتسم مصطفى وهو يضع من يده بوكيه الورد إلى جانب علبة الحلوى التي كانت تحملها والدته منذ قليل ليمتعض وجه هادي متمتما بسخرية:.
مش فاهم كل اللي يلاقي نفسه فاضي يجيب تورتاية و بوكيه ورد ويجي يحرق دmي، الواحد يولع في محلات الجاتوه ولا يعمل ايه بس؟
في الداخل كانت شيماء تقف أمام المرآة ترمق نفسها بحـ.ـز.ن شـ.ـديد وهي تتحرك أمام المرآة تشعر بأنها لن تقدر على الخروج بمظهرها هذا، دخلت عليها ماسوة وهي تتحدث بسرعة:
ها يا شوشو خلصتي و...
توقفت عن الحديث لرؤيتها دmـ.ـو.ع شيماء التي تهبط ببطء على خدها، فزعت ماسة من مظهرها واقتربت منها بعدm فهم مرددة:
شيماء مالك يا قلبي!؟ بتعيطي ليه؟
نظرت لها شيماء بحـ.ـز.ن وهي تشير لنفسها: مش عايزة أخرج كده يا ماسة.
امال هتخرجي ازاي يعني؟
لكن شيماء أكثر وهي ترتمي في احضانها بو.جـ.ـع: مش عايزة أخرج اساسا، انا خايفة اوي. خايفة حد يبصلي بصة وحشة وانا مش ناقصة والله.
تألــمت ماسة لحديث شيماء وشعرت بمقدار و.جـ.ـعها فما اسوء أن تفقد فتاة ثقتها في نفسها وجسدها بل يصل الأمر لأن تمقت النظر لنفسها في المرآة، ربتت ماسة على ظهر شيماء بحنان هامسة:
شيماء يا قلبي أنتِ جميلة اوي، ومتصدقيش حد يقولك غير كده، لازم يكون عندك ثقة في نفسك يا شيماء مينفعش كل كلمة تسمعيها تهز ثقتك كده.
انهت حديثها ثم قالت بمزاح وهي تحاول تلطيف الاجواء قليلا: بتفكريني يوم ما اخوكِ جه يطلبني قعدت اعيط زيك كده؟
ابتعدت شيماء بتعجب عن ماسة وهي تردف: كنتِ خايفة برضو؟
هزت ماسة رأسها بلا وتشـ.ـدقت بجدية كبيرة: لا كان جايبلي الجاتوه بالفراولة وانا كنت بحبه بالشوكولاتة...
ضحكت شيماء من بين دmـ.ـو.عها وهي تفكر في علاقة اخيها وماسة، لكم تتمنى يوما أن تجد من يحبها كما يفعل أخيها مع ماسة...
بس دي حتة مقطوعة واحنا مش هنرمي بـ.ـنتنا في اخر بلاد المسلمين، يا اما تجيبلها شقة في المنطقة هنا يا ما خلاص.
هكذا أبدى هادي اعتراضه الخامس عشر بعد المائة على كل ما يقوله مصطفى فكلما أخبرهم شيء. اعترض عليه هادي سريعا يحاول اخراج العيوب به...
نظر زكريا لهادي بحنق شـ.ـديد وقد سأم أفعاله تلك لذا اقترب منه هامسا بضيق شـ.ـديد:
هادي يا حبيبي أهدى شوية عشان رشـ.ـدي هيقوم دلوقتي يولع فيك...
زفر هادي بضيق وهو يتحدث بصوت عالي ليسمعه الجميع: ما هو اللي ساكن في حتة مقطوعة بعيدة يعني نرمي البـ.ـنت في أي حتة عشان تستريحوا؟
تحدث ابراهيم بعدm فهم لاعتراض هادي: مقطوعة ايه يابني ده بيقولك ساكن في المعادي...
نظر هادي للشاب بغـ.ـيظ شـ.ـديد ثم قال بعناد: ايوة ما المعادي حتة مقطوعة ليا واحد صاحبي هناك بيقولي أنها حتة مقطوعة ومش ساكن فيها حد.
أطلق زكريا ضحكة ساخرة على حديث هادي الذي يظهر للاعمى أنه يبدو مغتاظ وبشـ.ـدة...
ايوة فعلا ده حتى سكانها مكملوش المليون لسه، احنا نجوزها في كوخ في الصحرا عشان تستريح.
تنحنح مصطفى وهو ينظر لوالدته يحثها على التحدث لتهز هي رأسها بفهم:
ألا هي فين عروستنا مش هنشوفها ولا ايه؟
اعتدل هادي في جلسته بتحفز شـ.ـديد وهو يرمق السيدة بنظرات مشتعلة ولو كانت أعينه رصاص لكانت سقطت صريعة...
نهض رشـ.ـدي ببسمة وهو يشير لهم أنه سيناديها بينما اخذت والدته تشير لهم بتناول بعض الكعك والمشروبات البـ.ـاردة التي ذهبت سحر واحضرتها سريعا...
غاب رشـ.ـدي لدقائق قليلة قبل أن يخرج وهو يصطحب معه شيماء التي كانت تستند عليه بسبب قدmها فهي تسير عليها بشكل متعرج تحاول ألا تضغط عليها، وخلفهم ماسة التي حيت الجميع ببسمة هادئة ثم اتجهت لتجلس جوار والدتها...
نهض هادي سريعا بمجرد أن لمح شيماء في شكل جذب انتباه الجميع له، لكن وكأنه يهتم لهم، فهو شعر بأن العالم كان خالي من حوله إلا منها هي، ملاكه الجميل البرئ. ابتسم لها دون شعور وكاد يتقدm جاذبا إياها من يد اخيها لولا زكريا الذي جذبه بعنف مجددا ليجلس جواره:
اقعد فضحتنا، غض بصرك يا اخي بقى واترزع ده العريس معملش زيك.
لم يعيره هادي أي اهتمام وهو مازال يوجه بصره تجاه شيماء التي تحركت مع رشـ.ـدي حتى جلست جواره مقررة عدm رفع عينها حتى لرؤية الشاب تخشى رؤية نظرات ازدراء أو رفض في أعينه...
ما شاء الله قمر يابـ.ـنتي...
هكذا تحدثت والدة مصطفى والتي اخرجت كلمـ.ـا.تها هادي من شروده ليعيد نظراته الحارقة لها مجددا، ابتسم مصطفى مؤيدا لحديث والدته:
عندك حق يا ماما...
ياروح امك.
نظر الجميع سريعا لهادي الذي انفلتت منه تلك الكلمـ.ـا.ت ليبتسم هو بسماجة يحاول أن يخفي حرجه:
اقصد يعني واضح أن حضرتك روح الست الوالدة ما شاء الله ربنا يخليهالك.
تجاهله مصطفى فهو لا يطيقه منذ بداية الجلسة ويشعر تجاهه بحنق شـ.ـديد منذ بدأ يعارضه على كل شيء وأي شيء.
تنحنح مصطفى وهو ينظر للجميع ثم قال بتهذيب شـ.ـديد: بعد اذنك يا عمي ينفع اقوم انا والانسة شيماء شوية في البلكونة نتكلم سوا...
تقوم ايه، قامت قيامتك ي، اممممممم
وضع زكريا يده سريعا على فم هادي الذي صاح بحنق شـ.ـديد وهو يكاد ينهض ليقــ,تــل مصطفى، رمق الجميع هادي بصدmة، ليبتسم لهم زكريا يحاول إخفاء ما فعله رفيقه:
معذرة، هو لم يقصد شيء أنه يعاني من خللا في المخ، المسكين.
ابعد هادي يد زكريا عن فمه وهو يصـ.ـر.خ: اوعى ايدك دي جاك خلل في معاميك، هو ايه اللي يقوم يقعد معاها في البلكونة دي؟ وتحب بقى نجبلك حمص ودرة مشوية عشان تظبط القعدة.
احمرت عين رشـ.ـدي بشـ.ـدة وهو ينهض بعنف صارخا في وجه رفيقه: هادي...
قاطع ذلك الجو المشحون رنين هاتف يصدح في الأجواء...
ايوة، دلوقتي؟، طب تمام انا جاي.
أنهى مصطفى حديثه وهو ينهض بحرج شـ.ـديد ينظر لتلك الوجوه المتجهمة: بعتذر يا جماعة بس جالي شغل مستعجل فهضطر استأذن ويبقى احدد معاد تاني مع رشـ.ـدي...
أنهى حديثه لتنهض والدته تتحرك خلفه سريعا بخــــوف من ذلك الرجل المرعـ.ـب...
سمع الجميع صوت الباب يغلق لينطلق رشـ.ـدي سريعا صوب هادي وعيون تقدح شرار ناويا على قــ,تــله بينما هادي لم يتحرك من مكانه وهو يرمقه بشر كبير...
وقف زكريا سريعا أمام هادي وهو يتحدث برعـ.ـب من مظهر رشـ.ـدي: ما بك رشـ.ـدي اهدأ قليلا يا رجل أنت تعلم أن هادي بلا عقل...
ابعد يا زكريا لاحسن اضـ.ـر.بك إنت...
فتح زكريا عينه بفزع ورغم ذلك لم يتحرك وهو يصـ.ـر.خ في رشـ.ـدي: اضـ.ـر.ب بس مش هسيبك تقرب منه وتضـ.ـر.به...
كانت نظرات زكريا تكاد تحرق رشـ.ـدي كأم تدافع عن صغارها، هو لن يترك رشـ.ـدي يضـ.ـر.ب هادي في لحظة غـــضــــب قد تصنع بينهما حواجز لكن إن ضـ.ـر.به هو سيتفهم الأمر ولن يعلق، بينما هادي يقف خلف زكريا لا يهتم لأحد سوى شيماء التي كانت تنظر للجميع بدmـ.ـو.ع غزيرة.
لذا وللمرة الثانية ينطق دون وعي وبغباء شـ.ـديد يضاهي غباءه في المرة الأولى:
جوزني شيماء يا رشـ.ـدي.
عم الصمت في المكان كله وفتح الجميع أفواههم بصدmة كبيرة وتوقفت شيماء عن البكاء وهي ترمق هادي بعدm تصديق لما يقول...
نظر زكريا لهادي خلفه ببلاهة ثم ابتعد من أمامه بهدوء: غيرت رأيي اديله بالجذمة ابو دmاغ جذمة ده اياكش يتربى...
تحدث ابراهيم وهو يخرج من المكان: قولتلك صاحبك عبـ.ـيـ.ـط بس مسمعتش كلامي، اشرب بقى جاتك نيـ.ـلـ.ـة اهبل اتلم على شوية مجانين.
نظر رشـ.ـدي بحاجب مرفوع لهادي متجاهلا حديث والده الذي خرج وخلفه والدته ظنا أن هادي جن لطلب كهذا:
نعم يا ضنايا؟
بقولك جوزني اختك ايه اتطرشت؟
ضحك رشـ.ـدي بصخب وهو يهز رأسه بيأس مستديرا ليرحل: الظاهر فعلا جنيت وانا مش هرد عليك...
أوقفه حديث هادي الغاضب: انا مش فاهم بتتنك على ايه بروح اهلك؟
أنهى حديثه وهو يتقدm جاذبا رشـ.ـدي من تلابيب ثيابه بعنف شـ.ـديد: ولا اقسم بالله اما اتجوزت اختك لأكون متصرف تصرف مش هيعجبك...
نظر رشـ.ـدي ليد هادي ببسمة ساخرة: يامي يامي، اجري يا بابا هات المأذون بسرعة لاحسن يقــ,تــلني.
أنهى حديثه وهو يبتسم بسخرية: أعلى ما في حمارك اركبه يا مهدي، بس اختي مش هتتجوزك بالهجمية اللي فيك دي انا مش مستغني عن اختي.
تحدث زكريا مصححا حديث رشـ.ـدي: اسمها خيلك يا رشـ.ـدي
لا حمارك، الاشكال دي آخرها حمار اعرج مش وش خيول لا.
ارتخت يد هادي تدريجيا من حول ثياب رشـ.ـدي ليقول مبتلعا ريقه: طب اعمل ايه وتجوزني شيماء؟
ايه يا عم إنت هو إنت جاي تشتري بقرة؟
كان هذا صراخ شيماء التي شعرت بالغـ.ـصـ.ـب من حديث ذلك الهادي...
رفع هادي نظره لشيماء وابتسم كمـ.ـجـ.ـنو.ن دون أن يجيبها بينما هي تقدmت منه كما فعلت المرة السابقة ووقفت أمامه متحدثة بجرأة لم تعرف من أين اكتسبتها...
مين قالك إني هوافق عليك يا، أبيه هادي؟
ابتسم هادي وهو يجيب باستخفاف: لا ما هو بصي بقى، حتى لو نادتيني بابا دلوقتي برضو هتجوزك...
ثم رفع عينه لرشـ.ـدي وقال بعناد شـ.ـديد: اسمع إنت كمان شيماء مش هتتجوز غيري، تتصل بالاستاذ اللي كان هنا و تبلغه ينسى شيماء خالص...
ابتسم رشـ.ـدي وهو يربع يده ببرود: و إلا؟
صاح هادي بغـــضــــب وغـ.ـيظ: لا ما هو انا ممكن اعملك مصـ يـ بـةهنا لو متجوزتهاش، ده انا مش متربي وصـ.ـا.يع. حتى أسأل زكريا
نعم وأنا أشهد على ذلك...
هكذا أكد زكريا حديث صديقه مساندا إياه في جنونه هذا فبعد كل هذا الوقت تحدث واخيرا بما في قلبه...
تحدثت شيماء بغـ.ـيظ شـ.ـديد رغم أن هناك جزء داخلها يرقص فرحا بتمسك هادي بها وشعور لأول مرة تختبره أن هناك من يحارب لأجلها، وهناك من يفعل المستحيل للفوز بها...
وانا يوم ما اتجوز، اتجوز واحد اسمه هادي عبدالهادي المهدي؟
شهق هادي شهقة عالية تشبه تلك الشهقات التي تطلقها النساء تهكما مع التواء طرف شفتيه لأعلى بتشنج، ثم أخذ يضـ.ـر.ب كفيه ببعضهما في حركة شعبية وهو يصيح بها:.
حوش حوش مين اللي بيتكلم؟ يابت ده إنتِ اخوكِ اسمه رشـ.ـدي أباظة يابت، امال لو كان اسمه لؤي كنتِ عملتي فينا ايه؟
أنهى حديثه ثم نظر لزكريا: لا مؤاخذة يا زكريا.
أشار له زكريا بعينه أنه لا بأس...
فتحت شيماء عينها بصدmة من حديث هادي وحركاته الشعبية التي يقوم بها والتي تراها لاول مرة منه، بينما رشـ.ـدي حاول كتم ضحكته على حديثه:
خلصت؟
استدار له هادي ونظر له بشر: لا مخلصتش يا أباظة واسمعني عشان مش هعيد كلامي...
صمت بكرى ثم تحدث بعدها بجدية كبيرة: هجيب امي ونيجي نخطب اختك وهجيب جاتوه وورد والخلاط بتاعنا عشان تعملولي عصير ونقعد نتفق على الخطوبة وخلص الكلام، عقل اختك بقى عشان مطلعش عفاريتي عليها...
اشتعلت نظرات شيماء من تهديده لها: إنت بأي حق تهددني كده مش فاهمة ايه البجاحة اللي في دmك دي؟ حد قالك إني همـ.ـو.ت عليك!؟
نظر لها هادي بشر مضيقا عينه مما جعلها تتراجع سريعا مختبئه في رشـ.ـدي وهي تبتلع ريقها برعـ.ـب تسمع حديثه المخيف:
لا هو إنتِ مت عـ.ـر.فيش؟ مش انا مـ.ـجـ.ـنو.ن اه والله حتى اسألي اخوكِ
أنهى حديثه وهو يرفع عينه لرشـ.ـدي ثم أضاف: انا هجيب امي بكرة والخلاط زي ما اتفقنا خلي البت اللي وراك دي تنزل تجيب كيلو جوافة وكيس لبن عشان بحب الجوافة بلبن...
رمقته شيماء بغـــضــــب شـ.ـديد ليكمل هو بعدmا كاد يرحل ساخرا: اجيب المصفاة بتاعتنا معايا؟ لاحسن تسبب البزر يقف في زوري ويخـ.ـنـ.ـقني...
أنهى حديثه ثم رحل سريعا وملامحه مكفهرة وغاضبة بشكل كبير من نظرات شيماء، نظر زكريا لأثر هادي ثم أعاد نظره لرشـ.ـدي بخيبة أمل يتحدث إليه بحـ.ـز.ن:
عارٌ عليك رشـ.ـدي، أنظر إلى ما فعلته بالفتى لقد كاد قلبي يتوقف حـ.ـز.نا على نبرته، ألــم ترى نظرات الو.جـ.ـع في عيونه؟ ألــم تستمع لصوته المكلوم؟
أنهى حديثه ليصل لمسامع الجميع صوت هادي الذي كان يغني على الدرج بفرحة كبيرة:
وهتجوز هتجوز، هتجوز
ثم أطلق زغرودة كالمجانين، هز زكريا رأسه بشفقة وهو يهمس: المسكين سيمـ.ـو.ت كمدا...
ثم تنهد وهو يرفع رأسه لرشـ.ـدي مضيفا: ابقى اعملي عصير مانجو عشان مليش في الجوافة اوي.
أنهى حديثه وهو يتحرك خلف هادي مستئذنا الجميع.
وصلت وداد لمنزل فاطمة واخيرا وبعد حديث طويل مع إحدى جاراتها التي اوقفتها أمام البناية لأكثر من ساعة تقريبا قبل أن تسحبها معها لبيتها حتى تريها كيفية صنع أحد أصناف الحلويات بعدmا تذوقته لديها ونال إعجابها...
طرقت وداد الباب بهدوء شـ.ـديد منتظرة الرد لكن لم تسمع شيء، طرقت مجددا، وايضا لا رد.
تنهدت وداد بتعب ورجحت أنها ليست في المنزل اليوم لذلك لم تحضر، حسنا هي فعلت واجبها وأتت للسؤال عنها لذا لتعود لمنزلها و...
توقفت وداد في منتصف الطريق للدرج وهي تستمع لاصوات خافتة وتأوهات تصدر من الداخل وكأن أحدهم يُعـ.ـذ.ب أو ما شابه...
ارتابت وداد ثم عادت مجددا للباب تحاول أن ترهف السمع لتتأكد أن ما سمعته صحيح وأن هناك صوت تأوهات في الداخل، لذا طرقت مجددا بحذر:
فاطمة، يا منيرة، حد جوا؟
بالداخل كانت فاطمة مسطحة ارضا كجثة تنظر للسقف واعينها شاخصة وكأن روحها تخرج منها تضع يدها على صدرها وكأن هناك من يحاول كتم أنفاسها، و.جـ.ـع كبير ينخر عظام صدرها وكأن مطرقة كبيرة تضـ.ـر.ب ذلك الجزء كانت تنظر حولها بتعب شـ.ـديد ودmـ.ـو.عها تهبط لا تقدر سور على إخراج تلك التأوهات الخافتة من بين أنفاسها المسلوبة، تشعر أنها تودع هذه الحياة. لكن فجأة سمعت صوت طرق على باب، انتعش الأمل في قلب فاطمة وهي تتحرك بتعب شـ.ـديد تحاول اخراج صوتها لكن كل ما كان يخرج هو تأوهاتها العاجزة، بكت بعنف شـ.ـديد تحاول الصراخ أن ينجدها أحد، فجأة ارتفع صوت من الخارج وقد تعرفت عليه، إنه صوت وداد لذا حاولت إخراج صوتها.
مدت يدها وأخذت تطرق بضعف على الباب غرفتها الذي سقطت جواره تحاول أن تخبرها أنها بالداخل...
عجز هو كل ما شعرت به، ترى مـ.ـو.تها يقترب وهي حتى لا تستطيع الصراخ، سقطت دmـ.ـو.عها بضعف لقلة حيلتها...
في الخارج كانت وداد لا تتلقى أي رد ولولا ذلك الصوت الخافت في الداخل لكانت رحلت...
فجأة تناهى لمسامع وداد صوت يشبه الطرق وكأنه أحدهم يطرق بابا أو ما شابه، لم تفهم ما يحدث و لوهلة ظنت أنها تتخيل أو أن هذا المنزل مسكون. لذا تراجعت للخلف بخــــوف شـ.ـديد واتجهت صوب منزل هادي المقابل لمنزل فاطمة وطرقت الباب برعـ.ـب وهي تنظر خلفها للباب...
سناء، يا سناء.
فتحت سناء الباب بعدmا سمعت صوت وداد لتتفاجئ بوجه وداد الشاحب وهي تقف أمام منزلها مشيرة للمنزل الذي يقابلها برعـ.ـب:
هو فيه حد جوا يا سناء؟
لم تفهم سناء السؤال لكن وجه وداد الشاحب جعلها ترتاب بشـ.ـدة وهي تخرج من منزلها تحاول تهدئتها:
اهدي يا وداد فيه ايه يا ختي؟ وشك مخـ.ـطـ.ـوف كده ليه؟
ابتلعت وداد ريقها برعـ.ـب واشارت لمنزل فاطمة وهي تتسائل: هو فيه حد جوا؟
معرفش والله أنتِ عارفاني مش بطلع بس ليه؟ عايزة حاجة منهم يعني؟
نظرت لها وداد برعـ.ـب ولم تكد تجيب حتى سمعت صوت تحطيم داخل الشقة المقابلة لتصرخ السيدتان برعـ.ـب وتتحرك سناء برعـ.ـب جهة الشقة وهي تردد:.
يا ستار يا رب فيه ايه بيحصل جوا؟
ثم أخذت تطرق بعنف ورعـ.ـب: ست أم فاطمة فيه حاجة ولا ايه؟
من الداخل كانت فاطمة تبكي دون صوت وقد بدأ الو.جـ.ـع يزداد، وانفاسها تتباطئ، فجأة انتبهت للطاولة الصغيرة التي تجاور غرفتها والتي تحتوي على فاز من الفخار لذا بدأت تحاول أن تمد يدها لتسقطها، علها تستطيع أن تنبه من بالخارج عن وجودها...
حاولت وحاولت ودmـ.ـو.عها تمنع عنها الرؤية بشكل واضح بالإضافة أنها لم تكن ترتدي نظارتها، لكن شعرت بيدها تصطدm بالطاولة لذا و دون تفكير
ضـ.ـر.بت الطاولة بعنف شـ.ـديد لتسقط الفاز من عليها محدثة صوت عالي جدا...
فزعت كلا من وداد وسناء لذلك الصوت لذا تحركت سناء سريعا لمنزلها بعدmا لم تتلقى جوابا ممن في الداخل، واحضرت المفاتيح الاحتياطية للشقة الخاصة بفاطمة فهي تمتلك بعض الشقق في هذه العمارة وهذه واحدة منهم...
تحركت جهة الباب بسرعة لتجد وداد خلفها تحثها: بسرعة يا سناء ليكون حصل حاجة...
حاضر استني لحظة بدور على المفتاح، كويس إني نسيت ادي ام فاطمة النسخة التانية...
انهت حديثها وهي تدس المفتاح بالباب ثم فتحته سريعا وأخذت تنادي على أي أحد لعل أحدهم يجيبها...
كانت فاطمة تحاول رفع صوتها وهي تبكي لعل أحدهم يشعر بها...
تقدmت وداد في الشقة وهي تنادي فاطمة لكن فجأة اصطدmت قدmها في شيء نظرت ارضا بسرعة لتتسع عينها برعـ.ـب شـ.ـديد تضـ.ـر.ب صدرها بخــــوف شـ.ـديد:
يا مصيبتي...
ركضت لها سناء سريعا لترى ما حدث حتى تفاجأت بفاطمة التي تتسطح ارضا وهي تتنفس بصعوبة شـ.ـديد وكأنها على وشك الغرق، انحنت لها سريعا وهي تحاول التفكير في شيء:
يا ستار يا رب البـ.ـنت هتمـ.ـو.ت اتصلي بأي حد يا ام زكريا بسرعة البت هتروح من أيدينا...
إنت هتجوزني للمـ.ـجـ.ـنو.ن ده يا رشـ.ـدي؟
تحدثت شيماء باستياء كبير وهي ترمق اخيها والذي يبدو عليه الرضا التام لما قاله ذلك المعتوه هادي قبل رحيله، ابتسم رشـ.ـدي وهو يقترب من أخته يردف بضحك:
محدش هيقدرك ويحافظ عليكِ قد المـ.ـجـ.ـنو.ن ده يا دبدوبتي
نظرت شيماء لوجه اخيها بحنق إذا ما خمنته صحيح، رشـ.ـدي يميل لذلك المـ.ـجـ.ـنو.ن ويوافق على حديثه:
بس يارشـ.ـدي...
اي هو اعتراضك على هادي؟
كلمـ.ـا.ت قاطع بها رشـ.ـدي حديث أخته التي لم تكن حتى تعلم بما تعارض ولما تعارض لكن شعلة التمرد بداخلها قد اشتعلت بمجرد رؤيتها لاصرار هادي وثقته بالأمر؟
هو، يعني، يارشـ.ـدي يعني إنت مشفتش كان بيكلمك ويعاملك ازاي؟
ابتسم رشـ.ـدي بحنان وهو يربت على شعرها بحنان ثم شرع يحاول إقناعها فهو لن يجد من يهتم بطفلته البريئة بمقدار ذلك المـ.ـجـ.ـنو.ن:
وأنتِ هترفضي عشاني؟
هزت شيماء رأسها بالايجاب ليضحك هو بخفة: لا ملكيش دعوة بيا أو باللي بيني وبين هادي، هادي اخويا وابني، زي مكانتك عندي، عمري ما ازعل منه، و لو عايزة رأيي، مش هتلاقي في الدنيا دي كلها حد يحبك قد هادي.
صدmت شيماء من حديث اخيها وخجلت بشـ.ـدة لذا اندفعت تدفن وجهها في صدره لتزداد ضحكته عليه وهو يهمس لها بحنان:
خدي وقتك وفكري كويس، واهو نأدب الزبـ.ـا.لة ده ونربيه شوية.
ضحكت شيماء بخجل شـ.ـديد: طب وصاحبك مينفعش...
قاطعها رشـ.ـدي وهو يضمها بحنان: ملكيش دعوة بمصطفى سيبيه عليا
تحدثت ماسة التي تقف بعيدا عن هذا الثنائي المريب وهي تقضم قطعة تفاح من تلك التي تحملها بيدها هامسة بشك:
اقطع دراعي أما كان مصطفى ده لعبة منك يا أباظة...
كان زكريا في طريق عودته للمنزل بعد أن ترك منزل رشـ.ـدي بضيق من تصرفات رفيقه، فجأة سمع صوت رنين هاتفه ليجد أن المتصل ليست سوى أمه التي بمجرد أن فتح المكالمة حتى سمع صرختها المفزوعة:.
زكريا، الحقني يابني.
↚
واحدة من أكثر الجُمل التي أؤمن بها والتي تُطمئِن قلبي دائمًا هي جُملة وعلى نيَّاتكم تُرزقون. أنا أؤمن جدًا بهذه الجُملة، وأطمئنُّ بها، فعنـ.ـد.ما تكون نقيًا من الداخل، يمنحك الله نورًا من حيث لا تعلم، يحبك الناس دون سبب، وتاتيك مطالبك دون ان تنطق بها. صاحب النيَّة الطيِّبة هو من يتمنى الخير للجميع دون استثناء؛ فسعادة الاخرين لن تاخذ من سعادتك، وغِناهم لن ينقص من رزقك، وصحتهم لن تسلبك عافيتك، واجتماعاتهم باحبتهم لن تفقدك احبابك. دايمًا كن الشخص الذي يمتلك النية الطيبة. اللهم انا نسالك سلامة القلب.
سبحان من أوحى إليك بنورهِ
لتظلَّ بدرًا ساطعًا عبر المدى
صلّى عليكَ الله ما خفقَتْ بنا
أرواحنا ترجو جوارك موعدا
صوت خافت تسلل من بين اخشاب نافذتها ليثير انتباهها أثناء وقوفها في مطبخها تنتهي من غسل الأواني بعدmا أطعمت ابنها وذهب للنوم قليلا.
اتجهت جهة النافذة ترهف السمع لذلك الهمس الخافت قليلا تحاول أن تتبين أي شيء من خلاله، لكن لم تستطع لذا مدت يدها وفتحت النافذة بهدوء شـ.ـديد لتتفاجأ بوجهه يطل عليها منها بشكل اثار فزعها لتتراجع سريعا جاذبة طرف عبائتها بخفة ثم بصقت به بصقات وهمية وهي تتمتم برعـ.ـب:
كده يا فراريجو كنت هتوقف قلبي.
ابتسم فرج وهو ينظر حوله بعدmا تأكد من خلود ابنها للنوم وقرر النزول قليلا من على عرشه الذي يستقر في القهوة والمجئ بنفسه هذه المرة فيبدو أن هادي سيعزف عن مساعدته حتى اشعار آخر بسبب ما حدث:
حشـ.ـتـ.ـيني و يا ام اشرف...
ابتسمت السيدة بخجل شـ.ـديد وهو تنهره بعينها: عيب يا فرج اختشي يا راجـ.ـل، هو إنت صغير؟
بعدين اشرف نايم جوا ولو صحي دلوقتي هيفـ.ـضـ.ـحك في الحارة.
لوى فرج فمه بضيق من هذا الأشرف الذي يقف في وجه سعادته مع والدته:
انا مش فاهم ابنك ده قلبه حجر؟ ليه مش راضي يريح قلبي ويجمع قلبين سوا؟
تنهدت ام اشرف وهي تجيبه مبررة لابنها: اعذره يا فراريجو صعب برضو بعد العمر ده يجوز أنه لراجـ.ـل تاني...
تشنج وجه فرج وكاد يتحدث لولا شعوره بيد تمسك بثيابه من الخلف بعنف شـ.ـديد جاذبة إياه خارج هذا الشارع الفرعي الصغير والذي يحتوي منزل ام اشرف ومنزل اخر فقط...
أخرج فرج الخطاب سريعا وهو يشعر بنفسه يبتعد عن ام اشرف ثم ألقاه سريعا على النافذة وهو يصـ.ـر.خ قبل أن يخرج من الشارع:
اقرأي الجواب يا أم اشرف، تصبحي على خير يا حبة الجلب...
أنهى حديثه وهو يلوح لها بيده بشكل مثير للضحك بينما كان هادي يجذبه لخارج الشارع حتى وصل به أمام الشارع الصغير وتنحى به جانبا لأحد الجدران يهمس بشر كبير:
انا قولتلك ايه؟
ايه؟
صرخ هادي في وجهه بغـــضــــب شـ.ـديد: هتسوق العـ.ـبـ.ـط ولا ايه؟ مش قايلك الواد ده ميوصلش لبيت رشـ.ـدي؟
هز فرج رأسه مبتلعا ريقه بخــــوف من هذا المـ.ـجـ.ـنو.ن ليكمل هادي بغـــضــــب وهو يقترب منه:
وحضرتك عملت ايه؟ داخلي بيه الشقة بكل سعادة ولا كأنك وليّ أمره...
أنهى حديثه وهو يتحدث متعجبا يتذكر بسمة فرج الغـ.ـبـ.ـية التي دخل عليهم بها:
لا وداخل مبتسم اوي وسعيد جدا و إنت داخل وراه، هو إنت رايح تخطب لابنك؟
ابتسم له فرج نفس تلك البسمة الغـ.ـبـ.ـية جاعلا هادي يكاد ينقض عليه يقــ,تــله:
ما هو اصل إنت مشفتش وهو نازل من العربية وقعد يهددني...
ابتسم هادي ساخرا منه: هو مش هددك اساسا صح؟
هز فرج رأسه مبتسما وهو يجيب: هو قالي بيت رشـ.ـدي فين وإلا هتشرف في الحبس، قمت قولتله والله لاوصلك بنفسي كمان وركبت معاه العربية، عربيته كان فيها تكييف حلوة اوي يا واد يا هادي.
صرخ هادي به بغـــضــــب شـ.ـديد وهو يضـ.ـر.ب الجدار خلفه ولم يكد يتحدث حتى لمح بطرف عينه زكريا يركض برعـ.ـب شـ.ـديد على وجهه لأول مرة يراه صوب بنايته، كرمش هادي ملامحه بعدm فهم فماذا قد يكون حدث في البناية الخاصة به وقد تثير رعـ.ـب زكريا هكذا، فجأة شعر بقلبه يكاد يتوقف عنـ.ـد.ما تخيل أن والدته مرضت أو ما شابه. ودون لحظة تفكير كان يركض خلف زكريا برعـ.ـب شـ.ـديد ليرى ما حدث تاركا فرج ينظر في أثره بتعجب قبل أن يهز كتفه بعدm اهتمام متجها صوب القهوة يفكر في كلمـ.ـا.ت لخطابه الذي سيرسله في الصباح لام أشرف...
صعد زكريا الدرج سريعا وضـ.ـر.بات قلبه تقرع بشـ.ـدة ورعـ.ـب فوالدته لم تنطق سوى بكلمتين بعدmا استغاثت به وأخبرته أن يحضر لمنزل هادي، و لم يستوعب ما حدث كل ما اعتقده أن هادي حدث له شيء أو والدته، كان يتنفس بعنف شـ.ـديد يشعر بالرعـ.ـب الشـ.ـديد يكاد يوقف قلبه عن الخفقان...
وصل اخيرا للطابق المنشود وما كاد يتحرك جهة شقة هادي حتى سمع اصوات شهقات وتأوهات قادmة من الشقة المقابلة لشقة هادي لذا تحرك بأقدام مرتخية من الرعـ.ـب جهة الباب وهو يحاول ألا يختلس النظر. مد يده ليطرق الباب لكن سمع فجأة صوت بكاء والدته لذا سريعا لغى عقله وتوغل داخل المنزل بخطى سريعة جدا وعقله يحاول مساعدته لتخمين ما يحدث في الداخل، لكن ما رآه حينما وصل حيث والدته لم يكن عقله ليصل له ولو بعد مئات السنين من التفكير.
توقفت اقدام زكريا بصدmة وهو يرى جسد فاطمة متيبس ارضا تحاول أن تتنفس بعنف شـ.ـديد وكأنها تصارع المـ.ـو.ت بينما كان جسدها وكأنه شُل، وسريعا دون أن يسأل عن سبب ما حدث أو يستفسر عن شيء كان ينحني حاملا إياها بين ذراعيه وهو يركض كالمـ.ـجـ.ـنو.ن لاسفل...
بينما فاطمة كان ذراعيها مرتخيان بجانبها ومازالت أنفاسها تصارع للخروج، تشعر أنها على وشك المـ.ـو.ت، لكن فجأة وصل لها همس بجانب أذنها وكأنه شعلة في وسط ظلمتها، لذا جاهدت لرفع يدها وتمسكت في قميصه بعنف شـ.ـديد وكأنها بتركه ستفنى، كان تتنفس بعنف شـ.ـديد وهي تزداد تمسكا به...
بينما زكريا كان يركض بها كالمـ.ـجـ.ـنو.ن في الشارع وهو يشعر بها وكأنها على وشك المـ.ـو.ت، وأثناء ركض اصطدm بعنف في هادي الذي نظر ليده بصدmة ولم يكد يتحدث حتى صرخ به زكريا أن يحضر سيارة سريعا...
ركض هادي ليحضر أي سيارة وسريعا لعاد لزكريا وفتح له الباب ليدخل ثم صعد هو جوار السائق...
كان زكريا يجلس في الخلف وما تزال فاطمة تستوطن أحضانه وضـ.ـر.بات قلبه تكاد تحطم صدره من قوتها ويد فاطمة تزيد من التمسك بثيابه...
نظر لها زكريا برعـ.ـب وهو يهتف: بسرعة لو سمحت. دي بتمـ.ـو.ت.
كان يتحدث وهو يكاد يبكي فلاول مرة يوضع في موقف كهذا، ولأول مرة يرى أحد يحتضر بين يديه...
نظر هادي لصديقه الذي كان على حافة الانهيار يحاول أن يطمئنه لكن زكريا لم يكن في حال تسمح له الانتباه...
وصل الجميع واخيرا إلى أقرب مستشفى لهم ليهبط هادي سريعا يفتح الباب لزكريا الذي هبط سريعا يركض بها للمشفى وهي ما تزال تتمسك به رافضة تركه وكأنها ستمـ.ـو.ت إن تركته...
دخل زكريا للمشفى سريعا وهو ينادي على أحد ليساعده بسرعة قبل مـ.ـو.تها بين ذراعيه:
دكتور لو سمحتم، هتمـ.ـو.ت، دكتور.
ركضت له بعض الممرضات الخاصات بحالات الطوارئ ومعهن سرير ناقل ليضع هو فاطمة عليه بعد أن نزع يدها بصعوبة من ثيابه، وهو يقول لهم شارحا ما حدث:
مش عارفة تتنفس خالص. مش بتتنفس
كان يتحدث بهذيان كالمـ.ـجـ.ـنو.ن وهو يرمق وجه فاطمة الذي كان شاحبا وكأنها تسلم روحها...
دخلت الممرضات بفاطمة لإحدى غرف الفحص سريعا وخلفهن زكريا الذي كان يشيعها بنظرات مرتعبة قلقة وكأنه يودع ابـ.ـنته لبداية أول يوم دراسة لها...
شعر بكف هادي على كتفه بعدmا دفع الأموال للسائق ولحق به، يربت على كتفه هامسا بهدوء شـ.ـديد:
أهدى هتكون بخير.
نظر له زكريا برعـ.ـب لا يعلم ما ذلك الخــــوف الذي سكن قلبه ليشير جهة الغرفة التي دخلت لها منذ قليل:
هي، هي كانت، هي...
صمت ولم يعرف ماذا يقول. صمت لكن ضـ.ـر.بات قلبه الهادرة لم تصمت.
خلاص يا مرسي قولتلك كل حاجة هبلغك بيها...
كان ذلك صوت منيرة الحانق محدثة زوجها الذي يصر على أن تخبره تحركات ابـ.ـنتها كلها.
سمع الأثنان صوت يقترب منهما متحدثا بهدوء لكن خبيث: مرسي يلا عشان حطوا الاكل للرجـ.ـا.لة...
انهت حديثها وهي تنظر لغريمتها التي تقف أمام زوجها: ازيك يا منيرة، عاش من شافك.
ابتسمت منيرة بسمة حانقة وبشـ.ـدة مجيبة إياها بهدوء: الحمدلله يا صفية. اهو عايشين.
وبـ.ـنتك عاملة ايه يا حبيبتي مجبتهاش معاكِ ليه؟ على الاقل كانت جات هيصت شوية مع البنات.
زفرت منيرة بغـ.ـيظ شـ.ـديد فهي تعلم إلى ما ترمي تلك الحية: بـ.ـنتي مش بتحب الافراح وأنتِ عارفة بعدين هي مش فاضية اساسا.
لوت صفية فمها يمينا ويسارا بسخرية: ياحسرة على ايه يعني ياختي؟ انا قولت تيجي تفرفش لها شوية وتشوف الافراح، يعني لا هتعمل فرح ولا تحضر افراح يا عيال؟
أحمر وجه منيرة لتحدث صفية عن هذا الأمر المحظور في هذا المنزل وفي كل مكان لتصيح فيها بهياج:.
تتردلك يا حبيبتي في فرح بـ.ـنتك، ده لما تلاقي اللي يرضى يشيل شيلتها.
انهت حديثها اللاذع والذي أصابت به صفية في مقــ,تــل ثم نظرت لزوجها بغـــضــــب شـ.ـديد لوقوفه هكذا كعمود الإنارة دون الدفاع عن ابـ.ـنته أمام زوجته البغيضة تلك...
عن اذنكم ترجع البيت لاحسن فاطمة لوحدها، ابقى قول لأختك يا مرسي إني سبقتها لما تخلص الحنة براحتها يبقى تحصلني. ولو عايزة تبات براحتها.
انهت حديثها ثم خرجت من المنزل قبل أن تصطدm بابنة صفية وهي تتحدث بتعجب لرحيلها الآن:
مرات عمي؟ أنتِ ماشية ولا ايه مش هتاكلي؟
رمقتها منيرة بشر كبير وسـ.ـخط: تسلمي يا حبيبتي يبقى ناكل في فرحك.
نظرت علياء لأثر زوجة عمها الغاضبة بتعجب لكنها رجحت الأمر لحدوث مشاداة بينها وبين والدتها كالعادة، فمنيرة تكون زوجة عمها الذي تزوج والدتها بعد مـ.ـو.ت والدها، ليصبح مرسي في مقام والدها بعد الزواج من والدتها...
دقائق عصيبة مرت على زكريا الذي كان يقف في الخارج مع هادي و والدته وسناء بعدmا أتوا خلفهم بسرعة...
خرج الطبيب ليتجه له زكريا برعـ.ـب شـ.ـديد وهو يسأله عما حدث: خير يا دكتور هي كويسة؟
هز الطبيب رأسه بإيجاب أنها بخير: متقلقش هي كويسة دلوقتي...
طب هو ايه اللي حصل!؟
نظر الطبيب لملامح القلق على وجه زكريا مجيبا وهو يهز كتفيه بعدm معرفة:
معرفش...
شهق زكريا بفزع مصطنع وهو يعود للخلف: يا ستير يارب، ودي ليها علاج ولا نسفرها برة يا دكتور؟
رمق الطبيب زكريا بحنق لعلمه أنه يسخر منه: حضرتك بتتريق؟
ابتسم زكريا بسمة مغتاظة وقد بدأ يفقد هدوءه: يعني هو الكلام اللي حضرتك بتقوله منطقي؟ يعني لو حضرتك معرفتش هي فيها إيه مين اللي هيعرف؟ هادي؟
أنهى حديثه بسخرية مشيرا لهادي الذي يقف جواره ليتحدث هادي بحنق: الاه؟ وماله هادي؟ مش يمكن اطلع بعرف وأنا معرفش؟ بعدين متنساش اني كنت علمي علوم. ده انا جبت 9 من 15 في أحياء اولى ثانوي
رمقه زكريا بشر ليصمت ثم نظر مجددا للطبيب الذي بدأ يتحدث متغاضيا عن حديث الاثنين:.
الآنسة معندهاش أي شيء عضوي ابدا اقدر أشخص منه مرض، عموما أنا طلبت تعمل أشعة على الرئة عشان نتأكد اكتر، بس موضوع شلل الجـ.ـسم اللي حصل ده نفسي مش عضوي، ياريت تعرضوها على طبيب نفسي افضل.
أنهى حديثه وهو يستأذنهم للرحيل تاركا الجميع يقف بتعجب من حديثه، فما هي الحالة النفسية التي قد تؤدي لشلل جسدها؟
فجأة انتبه الجميع لصوت بكاء يأتي من نهاية الممر والذي لم يكن سوى لمنيرة التي حدثتها وداد بمجرد دخولها للمشفى واخبرتها كل ما حدث...
اقتربت منيرة وهي تكاد تنهار ارضا من كثرة الرعـ.ـب الذي يسكن قلبها على ابـ.ـنتها، اتجهت لها وداد سريعا تحاول تهدئتها لكنها استمرت في البكاء تلوم نفسها لتركها ابـ.ـنتها وحدها في المنزل رغم علمها بحالتها...
لم يفهم زكريا مقصدها لكنه استأذن من الطبيب لتدخل عند ابـ.ـنتها وتطمئن عليها، ثم نظر لوالدته وأخذ هادي ليدفع ثمن الفحص الذي أجراه الطبيب، وهو يتنهد بتعب فهذا اليوم كان ملئ بالمفاجآت حقا...
تعالى يابني دخلها الاوضة دي.
اردفت منيرة وهي تشير لغرفة فاطمة التي يحملها زكريا، دخل زكريا للغرفة بحرص شـ.ـديد وخــــوف على تلك التي تتوسط أحضانه ثم انحنى قليلا على الفراش جاعلا إياها تتمدد بحذر شـ.ـديد وما كاد يبتعد عنها حتى وجد يدها ما تزال تتمسك في ثيابه بعنف كما كانت تفعل حينما اخذها للمشفى...
ابتلع زكريا ريقه ثم ابتعد سريعا مستغفرا ربه...
واخيرا استطاع الفكاك منها ثم كاد يخرج خلف والدتها لولا أنها أمسكت يدها مرسلة بشرار عبر جسده. فهذه الفتاة هي الوحيدة التي استطاعت تحطيم حدوده ودخولها ضمن اماكن شائكة حرص دائما على إبقاء أي فتاة بعيدة عنها...
اغمض عينه بضيق شـ.ـديد محاولا أن ينزع يده من يدها طاردا كل تلك الأفكار من رأسه لكنها فتحت عينها بتعب شـ.ـديد تشـ.ـدد على يده بحـ.ـز.ن هامسة:
لا لا خليك ارجوك.
تصنم جسد زكريا وهو يبتلع ريقه. لكنه رغم ذلك نزع يده بخفة منها وخرج سريعا مخبرا والدتها أنه وضعها مكانها متمنيا لها الشفاء العاجل، ثم غادر سريعا تاركا والدته تجلس رفقة والدتها وقلبه يكاد يخرج من ذلك الموقف الذي يختبره لأول مرة.
اغمض عينه بغـــضــــب شـ.ـديد من نفسه ينهر نفسه عما فكر به وهو معها، ما بك زكريا هي مريـ.ـضة لا تعي شيء، بينما أنت؟
توقف في منتصف الطريق يتنفس بعنف، انا ماذا؟ ما الذي حدث لي؟ ألأنها أول فتاة يقترب منها بهذا الشكل؟ أم...
في صباح يوم جديد كان زكريا يتسطح على فراشه بتعب، فقد عاد البـ.ـارحة متأخرا بعدmا ظل هائما على وجهه كالمغفل يجلد نفسه دون رحمة عما فكر به، وقد اتخذ قرارا لا رجعة فيه.
استيقظ زكريا من نومه وادى صلاته وخرج من الغرفة حيث وجد والده ينتظر الافطار على الطاولة ووالدته تعده بهمة كبيرة...
ابتسم زكريا وهو يجلس ملقيا السلام على الجميع ليسمع صوت والده الحانق:
كنتم فين امبـ.ـارح يا زكريا؟ امك مش راضية تقولي، معقولة كنت رايح تخطب من غير ما اعرف يا ابني؟ ايه هعرك يا زبـ.ـا.لة ولا ايه؟
فتح زكريا فمه بتشنج من خيالات والده ولم يكد يتحدث حتى وجد والده يتحدث بدرامية كبيرة:
طبعا تلاقيك مستعر من ابوك اللي فاتح محل حلاقة، ومين يعني هيكون فخور إن أبوه حلاق على باب الله؟
تألــم قلب زكريا كثيرا على والده لذا سريعا نهض متجها صوبه يضمه بحب شـ.ـديد مقبلا رأسه:
ابي أنت فخري دائما، لا تقل هذا مجددا عن نفسك ارجوك
ضم زكريا اكثر وهو يدفن وجهه في صدر والده قائلا بحـ.ـز.ن لحديثه السابق:
نحن البـ.ـارحة لم نذهب لرؤية عروس اقسم لك...
فجأة شعر زكريا بصفعة قوية تسقط على رقبته من الخلف وصوت لؤي يخرج بحنق:
ما انا عارف يا خويا هو لو كان بجد كنت سبتكم في البيت اساسا ده انا كنت نزلته على دmاغكم.
ابتعد زكريا سريعا عن مرمى يد والده بغـ.ـيظ شـ.ـديد وهو يصـ.ـر.خ بحنق: و لما الضـ.ـر.ب إذن؟ ما بك ابي؟
ضحك لؤي على منظره ولده ثم انتبه لوداد التي تضع الطعام على الطاولة وقال وهو يغمز لها متجاهلا زكريا:
ألا هو القمر بيطلع الصبح ولا ايه؟
فتح زكريا فمه بحنق مرددا: انا حاسس إني بقيت عزول في نصكم، انا بقيت حمل تقيل على قلبكم والله انا عارف.
وما كاد يتجه صوب المقعد الخاص به حتى سمع صوت طرق عنيف على باب شقتهم جعل والدته تشهق برعـ.ـب شـ.ـديد وهي تردد بعض الكلمـ.ـا.ت...
أشار لها زكريا أنه سيرى الطارق لذا سريعا اتجه صوب الباب بخــــوف أن تكون فاطمة مرضت مجددا ولم تجد والدتها من يساعدها سواه لكن بمجرد أن فتح الباب انكمشت ملامحه بتعجب وهو يجد هادي يقف أمام شقته في هذا الوقت متأنقا بشـ.ـدة وكأنه على وشك الزواج لكن هادي بمجرد أن فتح الباب حتى امسك بيده في عنف وجره بسرعة خارج الشقة وهو يقول بصوت عالي ليصل لمن بالداخل:
متستنوش على الفطار يا لؤي بالهنا والشفا...
نظر زكريا لما يرتدي بصدmة فقد كان يرتدي بجامته المنزليه وخف كل قدm تختلف عن الاخرى فاليمنى يرتدي بها خف باللون الاحمر واليسرى باللون الاسود المخطط بالابيض...
صدm زكريا حينما وجد صديقه يضع خلاط كهربائي أسفل ذراعه الاخر وهو يجذبه ليفتح عينه بصدmة من تصرفات هادي الذي أخذ يرغو ويزبد أثناء طريقه من منزله وحتى منزل رشـ.ـدي، فعلم زكريا فورا ما حدث لذلك الغـ.ـبـ.ـي منذ الصباح لذا سريعا حاول الفكاك من أسر يده:.
دعني فقط أبدل ثيابي، بربك هادي أبدو كالابله هكذا...
كان زكريا يضـ.ـر.ب هادي بعنف في يده التي تتمسك به وهو يُسحب لمنزل رشـ.ـدي وقابل في الطريق والدة هادي والتي كانت تحمل بعض الاشياء لترمقه معتذرة من همجية ابنها الغـ.ـبـ.ـي...
توقف زكريا عن الاعتراض فهو يعلم رأس ذلك الثور الذي يسحبه، إن أراد شيء فلن يقنعه أحد بالتراجع، ثوانٍ ووجد زكريا نفسه يقف أمام شقة العروس وهو يرتدي بيجامة سخيفة وخف ذو اشكال مختلفه ومازالت خصلاته مهتاجة بعض الشيء لولا تمسيده عليها أثناء الوضوء، وبجانبه يقف هادي مرتديا افضل حلاته، ووالدته في الطرف الآخر ترتدي اسدالا للصلاة ويبدو أنها جرت بنفس الشكل الذي جُر هو به.
تنفس هادي ليهدأ ضـ.ـر.بات قلبه فهو منذ البـ.ـارحة ينتظر هذا اليوم الجديد ليضمن وجود شيماء جانبه باقية العمر، مـ.ـجـ.ـنو.ن؟ نعم لكن ومنذ متى تصرف أحد بعقله في الحب.
رفع هادي يده لطرق الباب وانتظر الرد بفارغ الصبر في مظهر نادر لعريس يأتي صباحا مع عائلته التي ترتدي ثياب النوم.
ابتسمت شيماء بشـ.ـدة لبثينة و شيماء اللتين اتيتا لها منذ الصباح لزيارتها فهي لم تر فاطمة منذ كُسرت قدmها بينما بثينة اختفت منذ ذلك اليوم الذي حدث فيه جدال حول هادي...
خلاص يا فاطمة سيبيها هي قفل اساسا.
ضحكت فاطمة وهي تتجه للجلوس جوار شيماء مجددا بعدmا فشلت في جعل بثينة تنضم لهم في الحديث لكنها كانت مستمرة في العبوس بشكل كبير...
ابتسمت فاطمة وهي تربت على يد شيماء بحنان: معلش يا شيماء مكنتش اعرف إنك تعبانة غير من بثينة، شوفتها بالصدفة وسألتها عليكِ وقالتلي اللي حصل...
ردت لها شيماء البسمة بلطف تحاول ألا تحـ.ـز.نها: ولا يهمك يا قلبي وجودك يكفي...
استيقظ رشـ.ـدي بملل وغـ.ـيظ كبير من ذلك الطارق على باب غرفته لكنه لم يجيب لعلمه بهوية ذلك المزعج وأنه عنـ.ـد.ما يمل سيدخل بنفسه وبكل وقاحة، وبالفعل ثوان وكان ذلك المزعج يقتحم الغرفة بعنف صارخا في ذلك النائم بلا حول ولا قوة:
هو انا مش خبطت كتير وعملت نفسي محترمة؟ مش بترد عليا ليه ولا هو انتم مش بتيجوا غير بقلة الادب؟
اعتدل رشـ.ـدي وهو يفتح عين واحدة بنعاس ثم قال باقتضاب: اه، اقفلي الباب بقى زي الشاطرة عايز اتخمد...
لم تأبه ماسة لاعتراضه لكنها انطلقت له تقف فوق رأسه جوار الفراش وهي تلكزه في كتفه بشر:
إنت متفق مع مصطفى ده صح؟
ابعد رشـ.ـدي يدها بضيق شـ.ـديد: ماسة انا تعبان وعندي شيفت من العصر لحد الساعة 3 الفجر ف ابوس ايدك سيبيني انام ممكن؟
اغتاظت ماسة بشـ.ـدة منه و كادت تجيبه لولا أنها سمعت صوت يأتي من الخارج لذا تركته وخرجت سريعا وأغلقت الباب خلفها لتجد بثينة تتحرك صوب الحمام بهدوء شـ.ـديد لتبتسم بخبث متجهة لها وهي تهمس خلفها:
اقفش حـ.ـر.امي شامبو وصابون.
انتفضت بثينة برعـ.ـب شـ.ـديد وهي تستدير للخلف وما كادت تتحدث حتى وجدت باب الحمام يفتح ويخرج منه شخص ذو وجه أحضر يخرج من فمه سائل ابيض لتنطلق صرخات من الفتاتين برعـ.ـب خرج على اثرها ساكني المنزل كلهم حتى شيماء التي استندت على فاطمة لتخرج.
تحدث ابراهيم بتعجب شـ.ـديد لصراخ الفتاتين في وجهه: فيه ايه؟ برص في الحمام ولا ايه؟
كان يتحدث بفزع وهو يستدير خلفه ليجد صوت ماسة يصدر بحنق شـ.ـديد: ايه يا حاج ابراهيم اللي عامله في نفسك ده؟
نظر لها ابراهيم بعدm فهم فماذا فعل هو؟ هو فقط وضع ذلك الماسك الذي وجده في الداخل وايضا يفرش أسنانه...
لم يكد ابراهيم يجيب حتى ارتفع صوت رنين الباب، تيبست اجسام الجميع بتعجب لهوية القادm، لتتحرك سحر سريعا جهة الباب والذي بمجرد أن فتحته وجدت أمامها مشهد عجيب لهادي ببذلة فخمة يتوسط والدته وزكريا اللذان كانا يرتديان ثياب النوم...
ابتسم هادي باتساع وهو يحي سحر التي تنحت داعية إياه للدخول بتعجب شـ.ـديد، تقدm هادي رفقة من معه للداخل ببسمة واسعة لكن فجأة توقف بتعجب ليرى ذلك المشهد أمامه، شيماء تستند على جارته مرتدية بيجامة زهرية ذات رسومـ.ـا.ت كرتونية وتضع حجابها بإهمال، رشـ.ـدي يقف على باب غرفته مرتديا شورت يصل لركبته بينما ارتدى ثيابه العلوية بشكل عكسي بسبب فزعه لصراخ ماسة، وإبراهيم يقف أمامهم ببجامته المنزلية ذات الأشكال المضحكة يضع المنشفة على كتفه مع وجه أحضر وفرشاة في فمه وأمامه كلا من ماسة وبثينة بوجوه متعجبه بينما أسماء تقف على باب المطبخ وهي تنظر له بصدmة، الموقف برمته كان يدعو للضحك وبشـ.ـدة.
استقر الجميع في غرفة الضيوف في منزل رشـ.ـدي في مظهر أقرب لمشفى المجانين وليس جلسة للاتفاق على خطوبة...
ابتسمت سناء بحرج كبير لما عرضها له ابنها الأحمق تود لو تنهض وتنقض عليه وتقــ,تــله لهذا الاحراج الذي تعيشه الآن بسببه...
تغاضى هادي عن كل نظرات الحنق والغـــضــــب الموجهه له ليتحدث وهو يعتدل في جلسته يهنـ.ـد.م من حلته:
بعتذر ياعمي لو جيت في وقت مش مناسب.
ابتسم رشـ.ـدي والذي كان يجلس بثيابه المعكوسة والشورت بغـ.ـيظ شـ.ـديد: لا يا حبيبي وتعتذر ليه بس؟ المرة الجاية يبقى تعالى بعد الفجر على طول، بعدين الوقت مناسب اوي زي ما انت شايف فمتقلقش
أنهى كلامه وهو يشير بيده على جميع الجالسين في حالات مضحكة ووالده لم يغسل وجهه بعد حتى.
تجاهل هادي حديث رشـ.ـدي ثم ابتسم باتساع وهو يضع علبة جاتوه بجانب الخلاط على الطاولة أمامه:.
انا يشرفني يا عمي اني اطلب ايد بـ.ـنت حضرتك الآنسة شيماء، ولو حضرتك وافقت ممكن نكتب الكتاب اخر الاسبوع.
نظر الجميع له بصدmة بينما رشـ.ـدي تشنج بغـ.ـيظ شـ.ـديد لبرودته تلك التي تكاد تصيبه ودون لحظة تفكير كان ينهض من مقعده متجها صوب هادي بغـــضــــب الدنيا ينتوي قــ,تــله بأبشع الطرق...
لكن زكريا كالعادة توقف في المنتصف ليصاب بلكمة كان من المفترض أن تكون على وجه هادي الآن...
نظر له زكريا بشر وسرعان ما رد له لكمته بغـــضــــب شـ.ـديد تملك منه منذ الصباح، ليبدأ الاثنان بالشجار وهادي يقف في الخلف يصـ.ـر.خ بهم أن يتوقفوا ليس وكأنه هو من تسبب في البداية بهذا الشجار من الأصل:
بس يا شوية همج، عايزين تبوظوا خطوبتي ولا ايه؟ يا شيخ حسبي الله ونعم الوكيل فيكم هتضيعوا فرحتي.
أنهى حديثه ليرمي جسده عليهما سريعا بغـــضــــب شـ.ـديد يحاول الفصل بينهم ليشتعل الشجار بين الثلاثة وكأنهم في الروضة...
كانت بثينة تجلس مشتعلة في الداخل حينما علمت سبب حضور هادي في الخارج، واشتعلت أكثر لرؤية لهفته التي إصابتها في مقــ,تــل...
مش مصدقة يا شيماء هتتجوزي هادي؟
كان ذلك صوت فاطمة التي صاحت بفرح عنـ.ـد.ما أخبرتها شيماء بسبب وجود الجميع هنا، خجلت شيماء بشـ.ـدة من وهي تبتسم ثم هزت رأسها.
دخلت ماسة سريعا للغرفة وهي تبتسم باتساع وبعدها أشارت لفاطمة أن تساعدها:
يلا يا فاطمة تعالي جهزيها معايا.
صمتت ثم ألقت نظراتها على بثينة مرددة بخبث: اديك معانا يا بوسي ياقلبي لاحسن العريس مستعجل اوي.
رمقتها بثينة بشر كبير بعدmا أخرجتها من شرودها، لترمي لها بنظرات غامضة مخيفة.
جلس الجميع بهدوء شـ.ـديد بعدmا تم الفصل بين الثلاثة، ليتحدث هادي مجددا وبنفس البسمة الغـ.ـبـ.ـية مكررا طلبه على مسامع الجميع:
انا يشرفني يا عمي اطلب ايد الآنسة شيماء.
صمت الجميع في انتظار رد ابراهيم الذي طال صمته بشكل مريب، استدار رشـ.ـدي لوالده يحثه على الحديث:
ايه يابابا مش بتتكلم ليه؟
أشار ابراهيم لوجهه متحدثا ببطء شـ.ـديد وكأن وجهه من صخرة: مش عارف اتكلم، من البتاع اللي على وشي ده
كان يتحدث بحديث غير مفهوم نسبيا، عقد رشـ.ـدي حاجبيه بتعجب: ايه ده يابابا ما تقوم تغسله وخلاص.
لا لسه مكملتش ساعة...
تحدث هادي ببسمة وهو يمد يده بالخلاط: خلاص لغاية ما عمي ابراهيم يفقس حد يقوم يعملنا عصير جوافة بلبن.
رمقه رشـ.ـدي بغـــضــــب شـ.ـديد. هو اساسا لا يطيقه منذ الصباح، لكنه تجاهله ونظر لوالده بحنق وهو يتحسس قناع وجهه بتعجب:
ايه ده يابابا؟ ده شكله مجبس اوي.
معرفش انا لقيت برطمان اسود في الحمام فحطيت منه
نظر رشـ.ـدي له بشك كبير ثم اقترب منه واشتم ذلك القناع الذي يضعه والده:
علبة سودة؟
هز ابراهيم رأسه بإيجاب ليتحدث رشـ.ـدي وهو يدعو ألا يكون ما يفكر به صحيح:
مرسوم عليها فواكه كده؟
ومجددا هز ابراهيم رأسه ليشعر رشـ.ـدي وكأنه على وشك السقوط ارضا بذبحة قلبية مرددا بقهر وحسرة:
دي علبة البروتين والمغذيات اللي جايبها ب500 جنيه يا ابراهيم حـ.ـر.ام عليك.
تحدث ابراهيم بتعجب شـ.ـديد وكان يتحدث بصعوبة: يا راجـ.ـل عشان كده طعمها مسكر وحلوة.
نظرت له اسماء بحنق شـ.ـديد لأفعاله المخجلة: وهو إنت كلته ولا ايه يا ابراهيم؟
لا بس وانا بحطه وقع شوية في بقي فلقيت طعمه مسكر كده وزي الفواكه.
دخلت ماسة وهي تحمل صينية عصير تتبعها فاطمة التي كانت تحمل صينية كيك...
ابتسمت ماسة الجميع وهي تضع الصينية على الطاولة تتبعها في ذلك فاطمة التي ابتسمت للجميع لتقع عينها فجأة على زكريا الذي جعل جسدها ينتفض متذكرة ما حدث البـ.ـارحة وما قصته عليها والدتها...
شعر زكريا بعيون موجهه إليه ليرفع عينه سريعا فوجد فاطمة تنظر له يخجل وصدmة لا يعلم لما لكنه ابتسم دون وعي لرؤيتها بخير وقد أضحت طبيعية فهو لم يسأل والدته عن حالتها خــــوفا من اظهار اهتمامه الغير مبرر والغريب بها...
انتبه زكريا أنه يطيل النظر بها لذا سرعان ما اخفض بصره مبعدا عينه عنها متمتما...
استغفر الله العظيم...
انتبهت فاطمة من شرودها على صوت ماسة التي هزتها لتفيق بسرعة وهي تنظر لها ببسمة مهتزة لولا رنين المنزل الذي صدح في الأجواء كاسرا الصمت بين الجميع، تحدثت فاطمة سريعا وهي تبعد نظرها من على زكريا بصعوبة وخجل، تحاول تدارك نفسها:
هروح اشوف مين ادخلي أنتِ لشيماء يا ماسة.
انهت حديثها متجهة للخارج بينما ماسة استأذنت من الجميع للذهاب حيث شيماء فهي لن تتركها مع تلك الحية وحدها كثيرا لربما اقنعتها هذه المرة أن هادي كائن فضائي يأكل الفتيات وهذه الساذجة ستصدقها سريعا...
تحدث هادي ببسمة واسعة هاتفا: ده اكيد فرج، يارب يكون جاب اللي طلبته.
ابتلع زكريا ريقه الذي جف جراء ما حدث منذ قليل ليشعر لهادي يقترب منه يهمس ببسمة مستفزة:
بقينا نبتسم اهو ومش بنغض البصر.
رماه زكريا بنظرات مشتعلة لم يقطعها سوى صوت تكسير عالي يتبعه صرخات من الخارج، لينتفض زكريا برعـ.ـب جلي راكضا للخارج وهو يصـ.ـر.خ:
فاطمة...
خرج الجميع بسرعة خلف زكريا الذي كان يبدو مرتعبا بشكل كبير أثار انتباه رشـ.ـدي الذي ابتسم بخبث:
دي شكلها لعبت معاك يا شيخنا...
توقف زكريا برعـ.ـب في بهو المنزل وهو يرى ما فعلته تلك الكارثة ذات الارجل التي تأوهت بو.جـ.ـع تكاد تبكي كالأطفال، اغمض زكريا عينه بغـــضــــب وهو يستدير معطيا ظهره لها هامسا بحنق:
مش معقولة كمية المصايب دي في بني آدm واحد...
أنهى حديثه ثم تمتم لنفسه بصوت لم يصل لأحد: ده انا شكلي هيطلع عيني معاكِ يا فاطمة.
↚
كانت بسمـ.ـا.ت كلا من هادي ورشـ.ـدي تكاد تخرج زكريا عن هدوءه، فالاثنان منذ صراخه باسم فاطمة لم يتوقفا عن التحديق إليه بتلك النظرات المزعجة وكأنهم يخبرونه تم الايقاع بك.
زفر زكريا بغـ.ـيظ شـ.ـديد ثم ضـ.ـر.ب هادي في كتفه متحدثا بضيق وهو يشير لتلك التي تتأوه خلف ظهره:
قول لامك تساعدها اخلص.
ابتسم له هادي بسمة جعلته يكاد ينقض عليه، تحدث هادي بعد لحظات صغيرة لوالدته:
مامي لو سمحت ساعدي الآنسة عشان تقوم.
رمقه رشـ.ـدي باشمئزاز لحديثه وهو ينظر له من أعلى لاسفل: مامي؟
همم، إنت عارف يا رشـ.ـدي يا حبيبي اني خريج جامعات خاصة مش زيكم حكومي.
ضحك رشـ.ـدي بعنف على حديث هادي ثم اقترب من زكريا يقول مستفزا هادي: الاه؟ هي جامعة اسكندرية دلوقتي بقت خاصة؟
نظر لهم هادي بشر كبير وهو يردد بأنفة وكـبـــــريـاء: لا يا خفيف بس كنت باخد كورس في الجامعة الأمريكية.
قهقه زكريا على تذمر هادي وهو يربت على كتفه: وياريت جه بفايدة يا حبيبي ألا ما جبرت بخاطرنا مرة وطلعت كلمة انجليزية ولو بالغلط.
ابعد هادي يد زكريا عن كتفه بضيق وهو يرمقه من أعلى لاسفل: الحق عليا براعي مشاعرك لأنك عندك فوبيا من الانجليزي، وكمان مش حابب تقولوا اني بتنطط عليكم بمستوايا في الانجلش
أطلق زكريا صوتا ساخرا من صوته ليقاطع حديثهم صوت ابراهيم الذي خرج بصعوبة:
خلينا نروح نقعد عشان مش قادر أقف.
أنهى حديثه متجه صوب غرفة الضيوف ليتبعه الجميع عدا فاطمة التي نهضت وسارت للداخل بسرعة كبيرة تضع وجهها ارضا بخجل شـ.ـديد ترغب لو تبتلعها الأرض من كثرة الاحراج الذي سببته لنفسها فهي عنـ.ـد.ما كانت على وشك فتح الباب تعرقلت قدmها في أحد الوسائد ارضا لتسقط بعدها على طاولة زجاجية تحتوي مزهرية مسقطة إياهم ارضا...
جلس الجميع مجددا في غرفة الضيوف و بدأوا بالتحدث مجددا في الأمور المتعلقة بالخطبة لكن قطع كل هذه النقاشات صوت رنين هاتف هادي الذي حمله سريعا ثم تحدث بصوت منخفض قليلا:
ايه يا فرج إنت فين ده كله؟
يابني انا بقالي ساعتين برن الجرس ارحم امي وحد يجي يفتح رجلي نملت.
صدm هادي من حديثه وتذكر أن فاطمة كانت ذاهبة لفتح الباب لكن بسبب ما حدث عادت راكضة للداخل دون فتح الباب، اغلق هادي المكالمة ثم نظر لرشـ.ـدي ببسمة غـ.ـبـ.ـية:
معلش يا رشـ.ـدي يا حبيبي ممكن تفتح الباب؟
رمقه رشـ.ـدي بعدm فهم لكنه رغم ذلك نهض متجها صوب الباب وبمجرد فتحه للباب أطل عليه فرج الذي كان يرتدي بذله بالون الليمون الفاقع والمؤذي للعين وكأنه ذاهب لحفلة تنكر...
دلف فرج للمنزل ببسمة واسعة وكأنه والد العريس وهو يحدث رشـ.ـدي بهدوء غريب عليه:
ازيك يا رشـ.ـدي يا بني، فين الجماعة؟
أشار رشـ.ـدي وهو يرمقه بتعجب تجاه الغرفة التي يجلس بها الجميع ثم سبقه وهو يبتسم بسخرية، حتى دخل الاثنان للغرفة وبسمة رشـ.ـدي مرتسمة وباتساع على وجهه...
حدق هادي بتعجب في بسمة رشـ.ـدي الذي كان يحرك له حاجبيه بمشاكسة حتى استوعب هادي سبب البسمة التي كانت مرتسمة على وجه رشـ.ـدي منذ قليل حينما لمح فرج الذي دلف خلفه بكل فخر وكـبـــــريـاء وهو يتجه جهة ابراهيم ليسلم عليه، حسنا كل هذا عادي تقريبا إذا استثنينا بذلته الغريبة لكن ما رآه بعد ذلك جعل هادي ينتفض سريعا ساحبا فرج خلفه معتذرا من الجميع ببسمة صغيرة...
يعني ايه مش هتلبسي فستان؟ أنتِ هبلة؟
اقتربت فاطمة من ماسة تحاول تهدئته فهم منذ دخلوا لهذه الغرفة يحاولون إقناع شيماء بـ.ـارتداء فستان لائق لهكذا مناسبة رغم الاوضاع الغريبة الذي تم به الأمر لكن تظل خطبة في النهاية وعليها التأنق لأجلها...
ابتسمت بثينة من بعيد بسخرية من الأمر كله شاكرة في سرها غباء تلك البالونة المدعوة شيماء...
نظرت شيماء لماسة وهي تفرك يدها بتـ.ـو.تر شـ.ـديد مشيرة لعباءة بسيطة تتوسط الفراش مبتلعة ريقها بتـ.ـو.تر:.
مالها يعني العباية يا ماسة ما هي حلوة اهي.
حلوة؟ برضو هتقوليلي حلوة؟ عريس جاي يتقدmلك وتلبسيله عباية سودة؟ ايه هتتجوزي واحد محروق إياك...
كانت فاطمة تتوسط ماسة وشيماء تحاول أبعاد تلك التي تصرخ عن شيماء التي عاندت الأمر أكثر وهي تصر على رأيها:.
بقولك ايه يا ماسة يا اما البس العباية دي يا اما مش هخرج انا بقولك اهو، يعني هو يجي في الوقت اللي يعجبه ويتأمر علينا كلنا وفي الاخر عايزني اخرجله ولا كأني عروسة مولد وأبين اني واقعة؟
في تلك اللحظة احتدت عين ماسة واستدارت سريعا لتلك الحية التي تجلس بهدوء على الفراش تراقب نتيجة عملها، ابتسمت ماسة لبثينة ثم تحدثت بكلمة واحدة:
لا ملعوبة منك.
ابتسمت بثينة بسخرية بينما لم تفهما أي من فاطمة أو شيماء قصدها لتستدير لهم ماسة وهي تسحب شيماء قائلة ببسمة:
بقولك ملعوبة منك التقل ده، خلي هادي يشيط كده اكتر ما هو شايط يا عيني، ده حتى مصبرش لغاية ما يجي بليل وتقوليلي أنتِ اللي واقعة؟ ده هو اللي واقع من سنين يا هبلة.
نظرت لها شيماء بعدm فهم لكن لم تعطها ماسة الفرصة للفهم وهي تعطيها العباءة التي اخرجتها من الخزانة مخبرة إياها أن ترتديها فهي ستكون جميلة عليها، لتنفذ شيماء الأمر بينما تحركت ماسة لتجلس على الفراش جوار بثينة هامسة بشر:
ما انتِ طلعتي حلوة اهو وبتفكري، امال ايه السمعة الزفت اللي طالعة عليكِ دي إنك متـ.ـخـ.ـلفة؟
استدارت بثينة بغـــضــــب لماسة التي ابتسمت لها بسمة تخبرها بها أنها ستجدها دائما كالشوكة في الحلق إذا ما فكرت يوما في الاقتراب من شيماء و إفساد حياتها...
كان يجلس بين الجميع كل شخص منهم يتكلم في هذا وذاك وهو فقط يجلس معهم بجسده فقط بينما عقله وقلبه مع تلك التي سقطت منذ قليل واسقطت معها آخر دفاعاته، زفر زكريا بضيق واضعا وجهه بين كفيه عازما على تنفيذ ما فكر به، فما يحدث الآن لم يكن يوما من شيمه ولن يكون.
يكفيه أنه حتى الآن يؤنب نفسه على ما حدث اليوم السابق ولولا رؤيته لحالتها لما كان اقدm يوما على لمس امرأة لا تحل له، رغم أنه في ذلك الوقت لم يفكر في شيء ابدا سوى إنقاذها لكن بعد ذلك بدأ الشيطان يخيل له اشياء غير محمودة، استغفر ربه للمرة التي لا يعلم عددها وهو يأكد على نفسه تنفيذ ما قرره، بمجرد عودته للمنزل سينفذ ما قرره، نعم هذا ما سيحصل.
خرج زكريا من شروده على يد رشـ.ـدي الذي كان يرمقه بتعجب شـ.ـديد وهو يشعر بحيرته تلك:
مالك يا زكريا إنت كويس؟
نظر له زكريا ثوانٍ قبل أن يهز رأسه بنعم مبتسما بسمة صغيرة: كويس هو موضوع كده بس شاغل بالي مش اكتر...
موضوع ايه ده؟
صمت زكريا قليلا يفكر هل يخبره بالأمر أو يصمت الآن فهو ابدا لن يكذب عليه أو يراوغ فهذه ليست عادته ولن ينتهجها الان...
هقولك يا رشـ.ـدي اكيد هقولك إنت وهادي انا مليش غيركم بس مش دلوقتي، انهاردة يوم هادي
أنهى حديثه ببسمة ليربت رشـ.ـدي على يد زكريا مقتربا منه هامسا بحنان شـ.ـديد فهو يخشى أن يكون وقع في مشكلة ما وهي ما جعلته يبدو شاردة بهذا الشكل:
إنت عارف اني جنبك دائما يا زكريا، ولو احتجت أي حاجة هتلاقيني صح؟
ابتسم زكريا على حديث رشـ.ـدي فلا بد أنه فكر الآن بأن ما يؤرقه هي مصـ يـ بـةكبيرة أو تورط في شيئا ما...
عارف يا رشـ.ـدي عارف متقلقش هقولك كل حاجة بعدين...
ابتسم له رشـ.ـدي وهو يعود مجددا لوالده لعله يقنعه بنزع ذلك القناع السخيف عن وجهه ليتحدثوا قليلا بجدية في هذه الخطبة التي لن تنتهي فهو يريد النوم قليلا قبل بدأ مناوبته...
ايه اللي إنت عاملة في نفسك ده يا فرج؟
تعجب فرج من حديث هادي ونبرته لينظر سريعا لثيابه ومظهره: ماله؟ مش عجبك النيو لوك؟
بعيدا عن البدلة بتاعتك اللي هتعميني دي، بس ايه اللي إنت جايبة ده؟
أخرج فرج صوتا حانقا من حنجرته وهو يكاد يحرق هادي بنظراته المغتاظة مشيرا لنفسه:
إنت بتعيب في البدلة بتاعتي؟ إنت اتجنيت؟ دي بدلة فرحي...
رمقه هادي من أعلى لاسفل بحسرة: يا صبر المعازيم اللي فضلوا باصين ليك طول الفرح من غير ما يخرجوا معميين منه...
علي فكرة دي كانت البدلة المفضلة عن المرحومة...
ضحك هادي بسخرية من حديث فرج: الله يرحمها كانت حمالة قاسية، ما علينا ممكن افهم ايه اللي إنت مسكه في ايدك ده؟
ابعد فرج عيونه من على عادي بتذمر ثم نظر لما يتوسط يده متحدثا بعدm فهم:
مش إنت اللي طلبت مني اجيبه؟
اقترب منه هادي يهسهس بشر بجانب أذنه وهو يكاد يفقد وعية من غباء فرج:
انا قولتلك تجبلي ربطة جرجير وبقدونس؟
لوى فرج فمه بضيق من ذلك الشاب المزعج بحق مشفقا في سره على شيماء...
ده مش بقدونس ده كزبرة بص هتلاقي ليها جذور من تحت ومتفر...
توقف عن الحديث بسبب يد هادي الذي أخذ يضـ.ـر.ب الجدار جوار رأس فرج ينفس عن غـــضــــبه قليلا قبل أن يسقط أرضا بمرض في القلب:
اخرس بقى اخرس هتجبلي جلطة حـ.ـر.ام عليك هتمـ.ـو.تني، انا قولتلك هاتلي جرجير وكزبرة؟
أنهى حديثه بغـــضــــب شـ.ـديد ثم أكمل بسخرية: ايه جاي أخطب كرنبة؟
كرنبة؟
انكمشت ملامح هادي بتعجب وهو ينظر لفرج أمامه متحدثا بخفوت: ايه الصوت ده؟
ابتسم فرج بتشفي على هادي وأشار له للخلف، استدار هادي ببطء وحذر ليجد شيماء تقف أمامه وهي تحمل صينية المشروبات بيدها ترمقه بشر كبير ويبدو أنها استمتعت فقط للجزء الاخير من حديثه حيث أنها صاحت في وجهه بغـــضــــب كبير:
كرنبة؟ انا كرنبة يا استاذ يا محترم؟
كاد هادي يفتح فمه ليجيبها لكنها لم تعطه أي فرصة لذلك حيث فتحت فمها صارخة به:
جاك كرنبة لما تنزل على نفوخك تقسمه نصين يا عديم الرباية إنت.
وعلى عكس المتوقع كان هادي يقف ويستمع لحديثها وصراخها دون أن يبدي أي حركة أو اعتراض مما استفز شيماء بشـ.ـدة فوضعت الصينية التي تحملها في الارض جوارها ثم نهضت وامسكت كأس ملقية إياه في وجهه وهي تشعر بالمرارة قد استحكمت حلقها مما سمعته دون حتى أن تمنحه فرصة واحدة لتوضيح ما حدث...
اغمض هادي عينيه تزامنا مع اصطدام ذرات المشروب بوجهه وضم قبضتيه بغـــضــــب شـ.ـديد جعل شيماء تلعن نفسها على ما فعلته في لحظة غـــضــــب تلاشت سريعا بمجرد رؤيتها ملامحه...
عادت للخلف برعـ.ـب شـ.ـديد وهي ترى هادي يفتح عينه ببطء مع بسمة صغيرة مرتسمة على وجهه يتحدث ببساطة كبيرة متجاهلا ما حدث منذ قليل فهو أكثر الاشخاص معرفة بحساسيتها تجاه جسدها:
مانجة؟ هو انا مش قولت عايز جوافة بلبن؟ ده انا حتى جايب الخلاط معايا.
ابتلعت شيماء ريقها برعـ.ـب ثم رفعت نظرها له لتجده يرمقها ببسمة ابعد ما تكون عن الغـــضــــب، ابتسم هادي محاولا إزاحة غـــضــــبه جانبا فما فعلته مجرد رد فعل لما سمعته وللحق هو سعيد لكونها لم تعد تخشى الدفاع عن نفسها:
بس هو سؤال صغير...
رفعت شيماء نظرها لهادي بتعجب لتجده يتحدث ببسمة مشيرا لثيابها بتعجب:
هو أنتِ كده لابسة؟
فتحت شيماء عينها بعدm فهم ليوضح هو حديثه والذي لو كانت فتاة أخرى غير تلك الحمقاء لكانت اسمعته وابل من لسانها اللاذع كما فعلت هي منذ قليل...
قصدي يعني أنتِ خارجة تقابليني كده بالعباية السمرة؟
نظرت شيماء لنفسها قليلا بخجل تتمنى لو لم تستمع لبثينة التي حثتها على ارتداء تلك العباءة السخيفة لكنها رغم ذلك تحدثت محاولة عدm اظهار حرجها أو أي شيء له:.
مالها يعني ما هي حلوة اهي، وبعدين ده اللي عندي لو مش عاجبك انت حر.
انهت حديثها وهي تحمل صينية المشروبات مجددا ثم تقدmت من الغرفة التي يجلس بها الجميع تزفر أنفاسها التي كانت تحبسها بقربه...
بينما هادي نظر لاثرها مخرجا صوتا ساخرا من فمه: عايزة تطفشيني بعباية سودة؟ مت عـ.ـر.فيش انتِ العباية السودة دي مقدسة عند الشباب ازاي؟ جاتك النيـ.ـلـ.ـة في عـ.ـبـ.ـطك، ده انا هلزقلك اكتر يا هبلة.
أنهى حديثه متحركا للداخل لينهي هذه الجلسة التي حدث بها الكثير والكثير يحاول محو آثار العصير عن وجهه وثيابه يستأذن من ابرهيم القدوم مساءا والتقدm مجددا...
معلش يا عمي هنيجي بليل ونعيد الحوار من الاول.
تلمس ابراهيم وجه الذي كان ما يزال مشـ.ـدودا بسبب ذلك الشيء الذي وضعه عليه منذ قليل:
بص يالا انا مش فاضي لعـ.ـبـ.ـطك إنت وصحابك، اتصرف مع الزفت رشـ.ـدي وابقوا بلغوني باللي هيحصل...
أنهى حديثه ثم نهض بضيق من هؤلاء المجانين الذين ابتليّ بهم، ألا يكفيه ابنه ليحصل على اثنين آخرين مجانين.
تتبع الجميع ابراهيم وهو يخرج ثم عم الصمت قليلا قبل أن يقطعه هادي الذي تحدث ببسمة سخيفة لرشـ.ـدي:
ها يا أبيه رشـ.ـدي نيجي امتى تاني؟
تحرك زكريا صوب منزله بعدmا أتاه اتصالا من والدته تخبره بحاجتها له، وقد انتهى من موضوع هادي مع وعد بالقدوم مساءا للتقدm بشكل رسمي يليق بشيماء وللتحدث في كل التفاصيل، وهو يحمد الله على طلب والدته له فهو كان يرغب في الحديث معها على كل حال.
وصل زكريا لمنزله وما كاد يصعد إليه حتى وجد فتاة تهبط بسرعة كبيرة من على الدرج لذا سريعا ابتعد عن الباب وتوقف في الخارج جانبا وهو ينظر للجهة الأخرى حتى تعبر الفتاة لكن شعر فجأة بتوقفها جواره وصوتها يصدح في أذنه متسائلا:
اذا سمحت يا أخ متعرفش الاقي فين مستر زكريا؟
كرمش زكريا حاجبيه بضيق شـ.ـديد من هذا اللقب الذي تطلقه عليه الفتاة، فتح زكريا فمه بنية الإجابة لكن توقف عن الحديث وهو يسمعها تتحدث بسخرية:.
هو إنت لا بس كده ليه؟
نظر زكريا لنفسه وكأنه للحظات نسي ما كان يرتديه ليغمض عينه بضيق شـ.ـديد من مظهره الغير منمق.
كنت في حفلة تنكرية...
ابتسمت الفتاة بسخرية ثم قالت دون اهتمام: ما علينا، شكلك ساكن هنا معلش تقولي مستر زكريا في الدور الكام لاني طلعت ومش عارفة هو في الدور الكام.
زفر زكريا وهو ينظر ارضا يود الصعود الان ليغير ثيابه وايضا لتلافي الوقوف بهذا الشكل مع فتاة حتى وإن كانت مراهقة:
حضرتك محتاجة حاجة؟
وإنت مالك انا عايزة مستر زكريا، قولي بس هو فين وانا...
منار.
توقفت منار عن الحديث وهي تنظر خلفها لابنة خالها ببرود ثم تنهدت بضيق تاركة زكريا يقف بقلب يطرق بشـ.ـدة جوارها لذلك الصوت. لكنه لم يتوقف لثانية إضافية حيث صعد سريعا درجات منزله تاركا فاطمة تقف مع تلك الفتاة المزعجة.
مش فاهمة يا بني يعني اقول لها ايه؟
صمت زكريا ولم يجب سؤال والدته هو يعلم جيدا أنها غاضبة منه الآن لكنه قرر وانتهى الأمر، تنفس قليلا ليهدأ ثم أجاب:
زي ما قولتلك يا امي إن بعد كده أنتِ اللي هتحفظيها مش انا.
التوى فم وداد بعدm فهم لحديث ابنها: انا؟ انا ايه يا بني؟ هو انا بحفظ برضو؟
ما هو انا هحفظك وأنتِ تحفظيها، يعني كل يوم هقرأ ليكِ الجزء اللي عليها بالتفسير بكل شيء يخصه وأنتِ تقوليه ليها.
لم يبدو أن وداد قد اقتنعت لحديث ابنها لذا سارعت وقالت: وليه اللفة دي يابني ما تحفظها زي ما انت.
زفر زكريا بضيق شـ.ـديد، كيف يفهمها أنه لن يستطيع فعل ذلك بنفسه؟
يا امي ولا لفة ولا حاجة ده افضل صدقيني وكمان عشان تحفظي أنتِ كمان معاها، مش أنتِ كنتِ حابة تحفظي برضو؟
ايوة بس...
ما بسش ارجوكِ وافقي، الدراسة خلاص على الابواب وانا هرجع ادرس تاني فاحتمال أتأخر عليكم وده مش كويس لأنها بـ.ـنت، فأنا لما اخلص كل حاجة اقعد معاكِ وافهمك كل اللي هتحفظيه ليها وأنتِ براحتك بقى يبقى اي وقت حفظيها وأنا برة البيت...
صمت قليلا يفكر في الأمر: وانا هبقى امتحنها بنفسي في نهاية كل جزء، تمام؟
ورغم عدm اقتناعها بالأمر ابدا إلا أنها هزت رأسها بإيجاب متنهدة بضيق:
تمام يابني ربنا يهديك يارب.
وكان واضحا لزكريا كثيرا مقدار استياء والدته من الأمر لكنه لن يخاطر بتحمل أي ذنب آخر يكفيه ما عاناه في الأيام السابقة، هو لا يود ارتكاب ذنب فيها لا يريد أن يظل يختلس النظر إليها اثناء التحفيظ ويستغل الأمر لذا هذا افضل حل قد يقوم به حتى يحين الوقت ل...
خرج زكريا من أفكاره على صوت رنين هاتفه ليخرجه مجيبا عليه وهو ينهض مبتعدا عن والدته:
الو يا استاذ جمال...
اه ده إنت اهبل بقى؟
كان ذلك صوت ماسة الذي خرج حانقا غاضبا من ذلك الوقح الذي يستمر بالاتصال بها كل يوم من فترة طويلة ملقيا على مسامعها حديث مقزز وكلمـ.ـا.ت خادشة كثيرة و المخيف أنها لا تستطيع أن تضع رقمه في قائمة الاتصالات التي لا تريد استقابلها فكلما فعلت ذلك وجدته يتصل بها وكأنها لم تفعل شيء...
ماسة اسمعيني الاول...
قاطعته ماسة بغـــضــــب شـ.ـديد وهي تنظر خلفها مخافة أن يسمعها أحد: اولا اسمي ميجيش على لسانك القذر ده، ثانيا بقى اقسم بالله لو اتصلت كمان مرة بالرقم ده انا هدي رقمك لجوزي وهو يتصرف معاك.
لم تمنحه ماسة بعدها فرصة للرد على حديثها وأغلقت الاتصال سريعا في وجهه وبعدها أغلقت الهاتف كليا...
هي ظنت أنه مجرد شاب مزعج يريد المزاح كما يحدث دائما لذا لم ترد اخبـ.ـار أحد فهي لن تركض لرشـ.ـدي تشكيه كلما جاءها اتصال سخيف من أحد الشباب الذين لم يكلف ذويهم أنفسهم وقت لتربيتهم، لكنها بدأت تخاف حقا من هذا الشاب الغريب فحديثه وثقته تلك وكأنه يعرفها تخيفها وبشـ.ـدة...
خرجت ماسة من شرودها على صوت شيماء التي جاءت من الخلف وهي تربت على كتفها متحدثة بهدوء:
ماسة رشـ.ـدي اتصل وبيقولك قافلة فونك ليه؟
نظرت لها ماسة وابتسمت بخفوت: هو فصل شحن هشحنه واكلمه ياقلبي.
تمام هو قال هيخلص شغل ويتصل تاني.
ابتسمت لها ماسة وهي تتحرك جهة غرفتها بشرود شـ.ـديد ثم فتحت هاتفها لتتحدث مع رشـ.ـدي فهي تعلم أنه لن يتوقف حتى يحدثها، لكن بمجرد فتحها للهاتف وصلت لها رسالة على الواتساب الخاص بها من رقم غريب لأول مرة تراه لذا دخلت للمحادثة تقلب بها قبل أن تفتح فمها بصدmة كبيرة هامسة برعـ.ـب:
يا ليلة سودة...
فتحت فاطمة باب منزلها تتبعها منار التي تجاهلتها طوال الطريق ولم تتحدث بكلمة ولم تكد الفتاتان تدخلان للمنزل حتى تناهى لمسامعهما صوت جدال بين والدتيهما، وصوت منيرة تصرخ بعنف شـ.ـديد في نحمده:
ليه يعني؟ هي بـ.ـنتي ناقصة ايد ولا رجل عشان يطفش؟
ضحكت نحمده بسخرية شـ.ـديد وهي تجلس محلها ترتب ثياب ابـ.ـنتها الخاصة بالمدرسة:
والله إنت اكتر واحدة ادرى ببـ.ـنتك وباللي فيها...
نحمده.
كانت كلمة واحدة خرجت غاضبة من فم منيرة التي كادت تنقض عليها تقطع لحمها بين أسنانها لتكمل حديثها بغـــضــــب شـ.ـديد:
العريس اللي جه لفاطمة ده انا هرفضه بس مش عشان كلامك الماسخ اللي عماله تردديه ولا كأنه اغنية عجباكِ، لا ده عشان أنتِ عارفة كويس اوي إنه مينفعش ليها
أطلقت نحمده صوتا ساخرا من حنجرتها وهي تردد بصوت خافت: ياختي بس حد يقبل بيها إن شاء الله قتال قــ,تــلة هي لاقية...
كادت منير تجيب لولا أنها لمحت ابـ.ـنتها تقف بجوار القائم تراقبهم بملامح باهتة غير مهتمة في الحقيقة فهي اعتادت الأمر من عمتها بل من جميع من في العائلة، حسنا لا بأس فاطمة الان تحركي لغرفتك وعندها يمكنك البكاء كيفما شئتِ...
لكن حتى هذه الأمنية الصغيرة لم تنالها حيث اوقفتها عمتها وهي تناديها بحنق شـ.ـديد:
استني قبل ما تدخلي روحي هاتي فينو ومربى وحلاوة وكمان شوفي امك ناقصها ايه في المطبخ وهاتيه...
انهت حديثها وهي تتركهم وتتجه صوب غرفة فاطمة تحمل في يدها ثيابها التي كانت ترتبها لأجلها، تاركة فاطمة تقف في منتصف المنزل بوجه شاحب قليلا لتتحدث دون أن تنظر لوجه والدتها:
هروح اغير الجيبة لأنها اتبهدلت مني...
تحركت جهة الغرفة التي دخلتها عمتها منذ قليل بنية تغيير الجيبة التي تمزقت من أسفل جزء صغير وايضا ابتلت بالمياة التي سقطت من المزهرية التي كـ.ـسرتها هي في منزل رشـ.ـدي...
دخلت الغرفة لتجد عمتها تتحدث مع منار بصوت خافت جدا ليتوقفوا عن الحديث بمجرد دخولها، لم تعرهم أي اهتمام لتتجه صوب خزانتها وتبدأ في البحث عن ثياب لها، لكن يبدو أن جميع ثيابها متسخة فوالدتها لم تغسل الثياب بعد زفرت بضيق تحاول إيجاد شيء ترتديه حين وصل لمسامعها صوت تأفف عمتها وكأنها هي من تقتحم غرفتهم وليس العكس، لذا وحتى تتجنب أي كلمة قد تسمم مسامعها سحبت أحد قطع الملابس القديمة الخاصة بها والتي كانت تضعها في خزانتها من أسفل...
سحبتها وخرجت للحمام حتى تبدل ما ترتديه لكن بمجرد أن ارتدت الجيبة حتى سقطت من خصرها تفترش الأرض أسفلها، نظرت لها فاطمة بحنق شـ.ـديد وهي تنحني ساحبة إياها مجددا لاعنة في سرها عمتها وتعنتها الشـ.ـديد لتزفر بضيق وهي تمد يدها وتنزع ذلك الرباط الخاص بحذائها والذي كانت تعلقه على باب الحمام من الخلف بعد غسله، لتقوم بربطه على خصرها حتى يمنع ثيابها من الانزلاق ثم تأكدت من وضع ثيابها جيدا والبنطال الذي ترتديه أسفل الثياب وبعدها خرجت لتحضر ما طلبته عمتها.
رقي في التعامل؟ إنت عبـ.ـيـ.ـط يا رشـ.ـدي؟ بقولك اختك لبستني كوباية المانجة في وشي وانت عارف كويس اوي اني مش بحب عصير المانجة.
صمت هادي قليلا يستمع لصوت رشـ.ـدي عبر الهاتف وهو في طريقه للمكتب الخاص به، ليضحك فجأة على حديث رشـ.ـدي:
اه فعلا انا هبهدل اختك معايا، اصل انا قاسي اوي واختك يا عيني مكـ.ـسورة الجناح، يا جدع ده انا من يوم ما قولت عايز اتقدmلها وهي عدmاني العافـ.ـية.
تحدث رشـ.ـدي بملل من حديث هادي الكثير: قصره يبقى تعالى بكرة مش انهاردة لاني هكون في الشغل لغاية الساعة 1.
طب ما اجيلك 1 يا رشـ.ـدي عادي يعني مش هنزعج متقلقش
اطلق رشـ.ـدي صوتا ساخرا من حنجرته وهو يردد على مسامع هادي: انا هنزعج يا اخي، وبعدين عشان تاخد راحتك كده وتفكر في افعالك شوية بدل الهبل اللي متخذه منهج في حياتك ده، اشوفك بكرة بقى وسلام عشان عندي شغل.
أنهى رشـ.ـدي حديثه وهو يغلق الاتصال سريعا فهو مل حقا من إلحاح هادي للمجئ اليوم وكأن لا غد له، تنهد بتعب وهو يحاول الاتصال مجددا بماسة التي لم تجب على مكالمته منذ قليل.
نظر هادي للهاتف بحنق شـ.ـديد فهو أراد اليوم أن ينام وقد ضمن أنه خطى اول خطواته لتصبح شيماء ملكه وله دائما، لكن يبدو أن ذلك تأجل للغد...
يلا على الاقل تكون البدلة اتغسلت من المانجة، ماشي يا شيماء أما ربيتك والله لااااا.
توقف عن الحديث لرؤيته بثينة تقف في شارع جانبي مع سيدة تتشح في السواد وتتحدث معها بعنف شـ.ـديد وكأنها على وشك الشجار أو ما شابه، تحرك للطريق الآخر حيث يتفرع الشارع الذي تقف به بثينة مرت من أمامه سيارة فجأة وبمجرد رحيلها اختفت بثينة تماما وكأنه كان يتخيل وجودها لا أكثر...
نظر هادي لساعة يده ولولا أنه تأخر على المكتب لكان ذهب لمنزلها وسألها ما حدث فرغم أنه لم يسامحها بعد على كذبها إلا أنه ما يزال مسئولا عنها.
بكام دي؟
أشارت فاطمة لبعض الحضروات قبل أن تنحني لتنتقي منهم ما يناسبها وبعدها نهضت ووضعته للبائع حتى يحدد ثمنهم لكن أثناء ذلك شعرت فجأة أن الجيب الخاصة بها قد أصبحت أوسع وبدأت تنزلق، لذا مدت يدها وامسكتها جيدا حتى لا تُفضح في وسط السوق وحملت ما اشترته وتحركت سريعا صوب المنزل بعدmا انتهت من التبضع وجلبت كل ما طلبت عمتها...
خرج زكريا من المنزل وهو يزفر بضيق مستغفرا ربه فما سمعه منذ قليل من مدير المدرسة التي يدرس بها لا يسر ابدا...
سارت في الشارع بسرعة كبيرة بعد مكالمة والدتها وهي تدعو ربها ألا تكون عمتها تنتظرها أيضا...
نظرت فاطمة للحقيبة بيدها وهي تمسك باليد الأخرى الجيبة الخاصة بها والتي كانت واسعة بعض الشيء بسبب استعجالها وذلك البنطال أسفلها لا يساعد ابدا بسبب قماشته التي تسبب انزلاق الجيبة أكثر...
في الطريق المقابل كان زكريا يسير سريعا وهو يتحدث في هاتفه ويبدو أنه كان على وشك الشجار:
يا استاذ جمال مينفعش ابدا اللي حضرتك بتقوله، مينفعش انا مش هدرس لمدرسة بنات ارجوك، مش عشان حاجة بس عشان...
توقف زكريا عن الحديث وهو يرى فاطمة تسير كالبلهاء تنظر في الحقيبة معها وتنفخ بضيق كاد يبعد نظره عنها بسرعة كما يفعل لولا ما حدث بعد ذلك جعله يفغر فاهه...
سارت فاطمة تلعن عمتها في تلك اللحظة فهي من أصرت على أن تهبط هي وتشتري الاشياء الخاصة بطعام مدللتها منار الذي ستأخذه معها للمدرسة، فجأة سمعت رنين الهاتف لتضع سريعا حقيبة المشتريات أسفل ذراعها وأخرجت الهاتف لتجيب دون أن تنتبه أنها تركت الجيبة الخاصة بها والتي كان الرباط الذي يمسكها قد انفكت عقدته أثناء انحنائها لشراء بعض الخضروات...
رفعت فاطمة يدها سريعا تجيب بضيق: ايوة يا عمتي...
لكن فجأة توقفت وهي تشعر بالجيبة الخاصة بها تسقط ارضا فتحت عينها بصدmة كبيرة تسمع صرخة عالية جوارها وجسد يتوقف أمامها بسرعة هائلة مشكلا حاجز وهو يعطيها ظهره يفرد يده صارخا:
رباه
نظرت فاطمة لظهر زكريا وهي تحاول ألا تبكي من ذلك الموقف الذي وضعت بها نفسها وشرعت تحاول تبرير الأمر:
والله مش قصدي هي اللي واسعة و...
فقط ارتديها ارجوكِ...
قال زكريا بصوت زاجر يحاول التحكم في نفسه حتى لا يستدير ويصفع تلك الغـ.ـبـ.ـية التي تقف خلفه وتبرر له الأمر بدلا من محاولة إصلاحه.
بكت فاطمة من صراخه لكنها سريعا انحنت ورفعت الجيبة بسرعة قبل أن يلاحظ المزيد من الناس الأمر فيكفيها ما تعرضت له من احراج وأمام الشيخ الذي يبدو وكأنه لا أحد في هذا العالم سواه حتى تضع معه دائما في مواقف مخجلة...
تحركت فاطمة بهدوء شـ.ـديد من خلف زكريا وهي تحاول الذهاب من أمامه دون كلمة واحدة فماذا ستقول وهي في هكذا موقف، لكنها توقفت فجأة عن السير لسماعها صوته الذي كان خافتا قليلا:
والدتي مستنياكِ في البيت...
أنهى كلمـ.ـا.ته دون حتى توضيح سبب انتظار والدته لها أو أي شيء تاركا ايها تنظر لظهره بتعجب كبير، لكنها سريعا تحركت قبل أن يتحدث مجددا إليها وأثناء ذلك اصطدmت بالخطأ في أحد حاويات القمامة الكبيرة لتسقط بها ارضا...
اغمض زكريا والذي كان على وشك التحرك عينه بحنق شـ.ـديد مرددا بغـ.ـيظ: يالله لا يعقل أن تحتكر كل هذا الغباء وحدها. كارثة ذات ارجل وأيدي تسير مسببة العديد من المصائب.
كان يسير وهو يضع يده على قلبه الذي يحقق بعنف، تلك اللحظة التي كان يخفض بصره عنها للارض ورأى فيها الجيبة تسقط شعر يتوقف قلبه للحظات قبل أن يهرع ويغطيها سريعا كردة فعل غـ.ـبـ.ـية منه، ربت زكريا على قلبه وهو يتنهد بو.جـ.ـع كبير متمتما:
يالله يوما ما ستتسبب هذه الفتاة في توقف قلبي عن الخفقان، اه كاد قلبي يسقط أرضا.
ذلك الخــــوف الذي شعره منذ لحظات عليها حتى أنه لثوانٍ كاد ينطلق لها ويجذبها ملقيا إياها في أي منزل بسرعة قبل أن ينتبه أحد يخبره جيدا أن حتى ما فعله وأخبره لوالدته ليس كافيا ليبعدها عن تفكيره، لكن ما عساه يفعل كل ما يستطيع فعله هو أن يدعو ربه
دخلت فاطمة للمنزل ووضعت كل ما جلبته على الطاولة ثم انطلقت للمرحاض سريعا فهذا المكان الوحيد الذي تستطيع أن تختلي فيه بنفسها بعد احتلال عمتها وابـ.ـنتها للمنزل...
دلفت المرحاض سريعا وهي تتنفس بسرعة كبيرة ومازالت صورته وهو يركض لها معطيا إياها ظهره وهو يشكل درعا حاميا لأجلها تقتحم رأسها، أغلقت عينها بقوة ثم غسلت وجهها بعنف تحاول ابعاد رأسها عما حدث لكن كيف وهي طالما تتنفس لن تنسى ذلك الذي تعرضت لها.
تحركت للخارج ثم نادت والدتها وهي تدخل الغرفة واحضرت عباءة ترتديها بدلا من تلك الجيبة وبعدها اتجهت لوالدتها تخبرها عن انتظار وداد لها لتأذن لها والدتها للذهاب...
كانت تسير وهي تشعر أنها مراقبة وأن هناك من يتبعها لذا أسرعت أكثر في سيرها حتى كادت تسقط ارضا لولا تلك اليد التي أمسكتها...
نظرت فاطمة بتعجب لبثينة التي كانت وكأنها تهرب من اسدا: مالك بتجري كده ليه يا بوسي؟
حاولت بثينة تمالك نفسها قليلا حتى لا تظهر أمام فاطمة بمظهر البلهاء ثم قالت ببسمة:
ولا حاجة يا بطوط بس كنت مستعجلة شوية...
قالت محاولة أن تبعد تفكيرها عنها: كنتِ فين كده؟
ابتسمت لها فاطمة مشيرة للبناية التي يسكن بها زكريا: خالتي وداد مستنياني مش عارفة ليه هروح اشوفها لو عايزة حاجة مني...
قلبت بثينة شفتيها بحنق شـ.ـديد وهو وقول بتلميح: طب يا بطوط بس حاولي متحتكيش بالعيلة دي كتير لا حسن تقلبي زي الشيخ...
انكمشت ملامح فاطمة بعدن فهم وهي تحاول معرفة سبب حديث بثينة بهذا الشكل وهذه العداوة جهة زكريا وعائلته:
مش فاهمة يا بثينة قصدك ايه؟
انتبهت زكريا لشيء خلفها لتتحدث بسرعة وهي تتحرك مبتعدة: بعدين يا فاطمة لان الموضوع كبير، عن اذنك دلوقتي بس عشان مشغولة.
انهت حديثها وهي تتحرك بسرعة جهة ذلك الشيء الذي قلب ملامحها بهذا الشكل وتحركت فاطمة صوب منزل زكريا وهي تفكر في سبب كره بثينة له، فهي تعاملت معه ولم يظهر يوما أي وقاحة أو تجاوز بحقها، على العكس كان دائما متفهما، لكن ربما هذا ما يظهره أمامها فقط.
انطلقت بثينة سريعا جهة البناية التي يسكن بها رشـ.ـدي وسحبت ماسة لداخل البناية بعنف شـ.ـديد تحتجزها في مكان مخفي أسفل الدرج متحدثة بشر كبير جانب أذنها:
مراحب بالسنيورة اللي عايشة جو المغامرات وماشية تهدد فيا وتكيد ليا.
زمت ماسة شفتيها بحنق وتذمر شـ.ـديد: أخص عليكِ يا بوسي أنتِ زعلتي من هزاري؟ مش كده برضو خلي عندك روح رياضية.
ابتسمت لها بثينة وهي تهمس جانب أذنها بنبرة مرعـ.ـبة: ما هو فعلا انا عندي روح رياضية عشان كده لسه سيباكِ عايشة لحد دلوقتي لكن متعتمديش على كرمي ده كتير لأني لو جبت اخري صدقيني يا ماسة ما حد هينجدك من تحت ايدي.
أبعدت ماسة بثينة عنها بعنف شـ.ـديد وهي تتحدث بسخرية: وماله يا بوسي يلا هاتي أخرك وانا هاخده منك بروح رياضية زي ما اخدت رشـ.ـدي...
اسودت عين بثينة بشر كبير لتسمع صوت ماسة الغاضب وهي تقترب منها: لا لا لا اوعى تكوني مفكراني هبلة ومعرفش بحبك الطفولة اللي كان من ناحيتك لرشـ.ـدي؟
احمرت عين بثينة وفي ثواني كانت يدها ترطم بوجه ماسة جاعلة رأسها يستدير للجهة الأخرى.
ابتسمت ماسة بسمة مخيفة وهي تستدير لها متحدثة بهدوء عكس ما كانت تتوقع بثينة:.
إنت واحدة زبـ.ـا.لة يا بثينة كل شوية بحال وكل شوية بتحبي في واحد شكل ولما يتاخد منك بتحولي على غيرك ومش بتزعلي لحظة، لأنك ببساطة مش بتحبي الشخص لنفسه لا بتحبيه عشان حاجات متـ.ـخـ.ـلفة زيك، ولما لقيتي رشـ.ـدي ملهوش طريق معاكِ غيرتي على غيره ولما غيره مجاش معاكِ قولتي أما تشوفي سكة هادي كده...
فتحت بثينة عينها بصدmة وهي تستمع لحديث ماسة، ماذا تقصد بغيره؟ هل تعلم ما فعلته قديما، لكنها ورغم ذلك ادعت عدm الاهتمام وهي تنظر ببرود لماسة التي ابتسمت لضغطها على الوتر الحساس فهي أكثر من تعرف بثينة وتعرف جيدا أنها لم تحب هادي لكنها تود إثبات فقط أنها تستطيع الحصول عليه طالما وضعت عينها عليه وأنها مرغوبة بعد فشلها مرتين في الحصول على الحب. مرة رفقة رشـ.ـدي الذي لم ينظر لها يوما حتى إلا كابنة عم رفيقه ومرة مع رفيقها الثري أثناء الجامعة والذي تخلى عنها بأمر من والده وسافر لإكمال دراسته وإدارة اعمال والده في إحدى الدول الأجنبية تاركا إياها خلفه لا تملك غير أن تعود لهادي الذي كان أمامها دائما ولم تفكر يوما به؛ لرؤيتها أنه أقل من طموحها لكن كل ذلك تغير حينما صارحها هادي بحبه لشيماء ورغبته في الزواج منها وقتها شعرت أن شيء ملكها يسحب من بين أصابعها، ولم تدرك بسذاجتها أن هادي لم يكن يوما ملكها.
ابتسمت ماسة على ملامح بثينة الشاحبة ثم اقتربت منها وهمست لها في أذنها بشر كبير:
لو شيماء حصلها حاجة محدش هيقف ليكِ غيري يا بثينة...
انهت حديثها ثم صعدت للأعلى تاركة بثينة تنظر في اثرها بنظرات مريـ.ـضة مرددة بنبرة خبيثة:
طب كويس إنك بلغتيني، لاني مش ناوية اعمل حاجة لشيماء لاني ببساطة اقدر اتصرف معاها واسيب الباقي لغبائها، إنما أنتِ بقى فمحتاجة شوية شغل لانكِ ت عـ.ـر.في حاجات كتير اوي مكنش لازم ت عـ.ـر.فيها...
يعني حضرتك بعد كده اللي هتحفظيني؟
هزت وداد رأسها بتعجب لبسمة فاطمة تلك وكأنها أخبرتها للتو بخبر نجاحها ولا تعلم أن فاطمة الان تشكر الله في قلبها لعدm اضطرارها للتعامل مع زكريا مجددا فهي يكفيها ما تتعرض له كل مرة حينما تكون معه وكأن المصائب تنتظر تلك اللحظة لتظهر...
تمام بما إني وضحت الموضوع نبدأ؟
ابتسمت لها فاطمة سريعا تهز رأسها بإيجاب سعيدة كثيرا ومرتاحة لهذا الوضع:.
تمام بس انا مجبتش المصحف بتاعي معايا مكنتش اعرف اني هاخد دلوقتي.
ابتسمت لها وداد وهي تنهض: هروح اجيب واحد من مكتبة زكريا ونبدأ ولا يهمك، انا زكريا وراني هنبدأ في ايه وعرفت كل حاجة.
انهت حديثها ثم اتجهت للداخل تحضر المصحف تاركة فاطمة في الخارج تحمد ربها لاستجابته دعائها فهي دعت ألا تراه مجددا بعد ما تعرضت له معه...
أنهى هادي عمله وكان في طريقه للمنزل قبل أن ينتبه لفرج الذي يحتل مقعده المميز لذا اتجه له سريعا بغـــضــــب شـ.ـديد يكاد يكـ.ـسر الأرض أسفل قدmه صارخا بغـــضــــب بمجرد وصوله حيث فرج:
يابرودك يا اخي، يعني كنت هتبوظ الخطوبة الصبح وقاعد هنا تشرب سحلب؟
اشرب كركديه طيب؟
اغتاظ هادي من حديث فرج ليسحب مقعد ويجلس أمامه وهو يرمقه بشر: بقى انا اقولك تجبلي بوكيه ورد يا فرج تقوم تجبلي حضار، ايه هنعمل محشي؟
ابتسم فرج وهو لا يشعر بأي ذنب لما فعل: وفجل لو سمحت، انا كنت جايب فجل عشان اكـ.ـسر اللون الاخضر واعمل ميكس الوان كده...
تعرف يا فرج لو الخطوبة دي باظت بسببك هعمل ايه؟
نظر له فرج بترقب ليكمل هادي حديثه بغـ.ـيظ كبير: هتجوز أم اشرف واحرق قلبك
ويهون عليك عمك فرج يا هادي؟
تحدث فرج بمسكنة ليبتسم له هادي ببرود مرددا: لا يا غالي متهونش وعشان كده هسمي اول عيل فرج عشان تعرف اني...
توقف هادي عن التحدث وهو يلمح شيء جعله يفتح عينه بصدmة كبيرة ليهمس:
شيماء؟
تمام كدة يافاطمة شطورة، كده خلصنا اللي علينا انهاردة وبكرة نكمل سوا.
ابتسمت فاطمة لوداد بحب وتقدير وهي تنهض مقررة الرحيل فهي تأخرت حتى أنها لم تخبر والدتها أنها ستأخذ درسها الآن وايضا نسيت هاتفها في المنزل بسبب تعجلها...
تحركت فاطمة متجهه للخارج سريعا خــــوفا أن تقابل زكريا بينما وداد تنظر لها بتعجب لركضها بهذا الشكل لكنها لم تهتم كثيرا واتجهت للمطبخ...
بعد ثوان قليلة دخل زكريا للمنزل وهو ينادي بصوت عالي على والدته مخبرا إياها أنه أتى ليسمع فجأة صوت رنين هاتف والدته:
تليفونك بيرن يا امي...
رد يا زكريا يابني شوف مين عشان ايدي مشغولة حاليا...
حمل زكريا الهاتف ورأى اسم منيرة ينير الشاشة لذا اجابه بهدوء قليلا واحترام شـ.ـديد:.
السلام عليكم...
زكريا؟ فاطمة عندكم يابني؟
تذكر زكريا رؤيته لفاطمة وهي تخرج من منزله راكضة بعيدا ولم يرد هو أن يقترب قبل أن تختفي حتى لا يعرضها للحرج لذا أجاب منيرة بالرفض واخبرها أنها رحلت منذ ثوانٍ ليصل له صراخها الذي جعل قلبه ينتفض برعـ.ـب:.
الحقها يا زكريا الحقها بسرعة يابني ابوس ايدك خليها متجيش البيت دلوقتي ابوها جايب مأذون وحالف مـ.ـيـ.ـت يمين ليجوزها لواحد قده اول ما توصل، ابوس ايدك يابني تلحقها خليها عندكم دلوقتي، الحقها يا زكريا...
↚
كان يجلس شاعرا بنار تندلع داخله يتخيل نفسه يمسك ذلك الغـ.ـبـ.ـي الذي يبتسم أكثر بسمة مقيتة رآها طوال حياته، ثم يقوم بضـ.ـر.به في أقرب حائط له وبعدها يحضر سكين ويفتح امعائه ثم يقوم برميها في أقرب مكب نفايات...
كانت هذه الأفكار تدور برأس هادي الذي لمح وقوف شيماء مع أحد الشباب والذي يراه لأول مرة في حياته ويبتسم لها وكأنه حبيب يلتقي حبيبته بعد فراق سنوات طويلة...
ألا مين الواد الملون اللي واقف مع شيماء ده؟
خرج هادي من أفكاره السوداء على صوت فرج الذي يتحدث جوار أذنه وكأنه بالفعل لا يرى ما يحدث...
لا بس الواد جميل ما شاء الله
زفر هادي بضيق وهو يرمق ذلك الشاب ذو العيون الزرقاء والبشرة الشاحبة بعض الشيء والنمش الذي ينتشر أسفل عينه وعلى أنفه مع شعر اشقر بعض الشيء...
شايف ما شاء الله الواد قمر اوي...
انفجر هادي في فرج الذي يشعر وكأنه يغازل الشاب: خلاص يا فرج عرفت إنه قمر وعسل اروح ابوسه من بقه يعني؟ ولا اقولك انا افكني من شيماء واتجوزه؟
أنهى كلمـ.ـا.ته المـ.ـجـ.ـنو.نة وهو يتحرك مبتعدا عنه صوب هؤلاء الحمقى الذين يقفون في الشارع هكذا دون خجل بينما نظر فرج له بصدmة من حديثه لكنه رغم ذلك ابتسم وهو يقول بغباء:
لا بس الواد حلو ماشاء الله...
يا استاذ سلامة مينفعش وقفتك دي لو سمحت هات الفلوس خليني اطلع...
هكذا تحدثت شيماء بضيق شـ.ـديد وهي تنظر لذلك الشاب والذي يكون شقيق لإحدى الصديقات أتى ليعطيها أموال كانت قد استلفتها منها أخته سابقا...
ابتسم سلامة لها وهو ينظر لها مستمعا بإغاظتها...
فقد قمت أخته حينما حدثته أنفا عن لطافتها: طيب أنتِ ليه متعصبة كده؟ انا بس حابب نتكلم شوية مش اكتر.
نعم يا ضنايا؟
ألتفت سلامة بتعجب لذلك الصوت الذكوري ليجد نفسه يقف أمام شاب عملاق بالنسبة لجسده الهزيل. رفع الشاب حاجبه بتعجب من لهجة هادي الذي يرمقه كما يرمق الأسد فريسته ليتحدث متعجبا نبرته وهو يرى رجل كبير في السن يركض سريعا على وجهه بسمة بلهاء ليقف بالقرب منه وكأنه لا يرغب في تفويت لحظة من الحوار:
نعم يا افندي فيه حاجة؟
ايوة فيه بس تعالى على جنب كده عشان نتناقش بهدوء منعا لخدش حياء فرج.
ارتجفت يد ماسة وهي تمسك الهاتف برعـ.ـب مما ترى فقد كان يحتوي على صور خاصة بها؛ بعضها بثياب المنزل والبعض الآخر وهي دون حجاب، فزعت سريعا وهي تحرك يدها على لوحة مفاتيح هاتفها تكتب بسرعة دون أن ترى جيدا ما تكتبه:
انت مين؟ وعايز ايه باللي بتعمله ده؟
توقفت عن الكتاب تترقب حتى ظهرت علامة زرقاء تدل على قراءة الشخص المرسل لرسالتها، خفق قلبها بعنف شـ.ـديد وهي تنظر للعلامة التي تدل على أنه يكتب الان، ثواني مرت كالجحيم عليها وهي تترقب الأمر حتى ظهرت رسالته على الشاشة بحروف مقتضبة:
انا مش عايز ائذيكِ يا ماسة انا بس عايز نتكلم ممكن؟
شعرت ماسة بدmائها تفور في شرايينها وهي متأكدة في داخلها أن هذا هو نفس الشاب الذي يزعجها عبر الهاتف لذا سريعا ودون أن تشعر كانت تغلق المحادثة وتغلق الهاتف نهائيا بعدها، ثم سكنت محلها تنظر بشرود أمامها تنتظر شيء مبهم ثم تحركت تخرج من غرفتها متحركة نحو باب الشقة بهدوء شـ.ـديد وخرجت وأغلقت الباب خلفها ثم تحركت بهدوء وجلست على الدرج المؤدي لأعلى تنتظر في هدوء شـ.ـديد وهي تستند برأسها على قدmها ثم أغلقت عينها بهدوء شـ.ـديد وكأن لا شيء حدث منذ ثوانٍ...
صدm زكريا من حديث منيرة ليترك الهاتف سريعا دون أن يدع لعقله المجال حتى يفكر ولو قليلا وسريعا انطلق لخارج الشقة دون أن يجيب نداء والدته التي كانت تتساءل عن هوية المتصل...
كانت ملامحه تعلوها الفزع الشـ.ـديد وهو يتذكر حديث والدتها الملهوف ونبرتها التي ظهرت له وبوضوح أنها.
كانت تبكي بعنف، هبط درج البناية سريعا ينظر حوله عله يلمح طيفها لكن لم يجد شيء لذا سريعا ركض للبناية الخاصة بها وهو يدعو ربه ألا تكون قد وصلت للشقة الخاصة بها بعد.
دخل البناية سريعا ليلمحها وهي تخطو على بداية درج الطابق الثاني والخاص بشقتها ليعلو صوته مناديا إياها بلهفة شـ.ـديد:
آنسة فاطمة، آنسة فاطمة لحظة لو سمحتي.
توقفت فاطمة على درج منزلها وهي تستمع لصوت يناديها، صوت تعلمه جيدا. نظرت فاطمة للاسفل بتعجب لتجد أن الشيخ يركض على الدرج خلفها، وللحق ارتابت كثيرا من الأمر وهي تفكر لما يناديها؟ هل حدث شيء أو فعلت شيء؟ هي حتى لأول مرة لا تسبب له مشاكل.
و قبل أن يصل لها زكريا سمعت صوت باب يُفتح يتبعه صوت والدها الذي هز قلبها من موضعه:
اخيرا شرفتي يا هانم، اطلعيلي يلا عشان عايزك.
نظرت فاطمة بتعجب لوالدها تتساءل لما هو هنا لكن لم تدm حيرتها وهي تتقدm جهة والدها تتجاهل زكريا الذي استوقفها منذ قليل ظنا منها أنه يود توبخيها على شيء ما...
لكن كل ذلك اختفى بمجرد أن وصلت للشقة وجذبها والدها للداخل بعنف وكأنه يسوق الشاه للمذبح...
ها اتفضل...
نظر سلامة حوله بتعجب فقد سحبه ذلك الشاب المـ.ـجـ.ـنو.ن واجلسه عنوة على أحد مقاعد القهوة ثم سحب مقعد وجلس جواره يضع يده على خده كمن يستمع لقصة ما قبل النوم، لم يفهم سلامة شيء من هذا المـ.ـجـ.ـنو.ن لذا تحدث بضيق وتأفف:
هو حضرتك مـ.ـجـ.ـنو.ن؟ اتفضل ايه بالضبط؟
ادعى هادي الصدmة وهو يشير لنفسه: الاه؟ هو مش إنت كنت بتقول من شوية لشيماء إنك حابب تتكلم شوية؟ انا فاضي اساسا ولسه مخلص شغل فقولت اسمعك انا طالما حابب تتكلم لأن الآنسة شيماء مش هتقدر تقف كتير بسبب رجليها.
اه ده إنت بتستخف دmك؟
ابتسم هادي وهو يضع قدm على قدm متحدثا بفخر غـ.ـبـ.ـي بعض الشيء: لا انا فعلا دmي خفيف حتى أسأل الكل...
ابتسم الشاب بسخرية ثم اقترب من هادي وهمس له: بيجاملوك صدقني.
عاد فرج في هذه اللحظة بعدmا كان لدى ام اشرف ليجد ذلك الشاب يحتل مقعده المقدس ليتحدث بحنق شـ.ـديد وهو يدفع الشاب بعيدا عن مقعده:
ولا الكرسي ده بتاعي يالا قوم من عليه، إنت يا زفت يا مروان (صبي القهوة ) مش قولت محدش يقرب للكرسي بتاعي؟
أشار هادي له بالصمت: فرج اسكت دلوقتي واقعد في أي داهية لغاية ما اشوف حكاية الاستاذ ده...
تشنج فرج وهو يكاد يفتح فمه باعتراض ليشير له هادي بتحذير: لو قام من هنا هقوم معاه على اول محل جاتوه واطلع على ام اشرف ومش هتلمحني غير وانا معايا فرج الصغير انا بقولك اهو.
صمت فرج بتذمر شـ.ـديد وهو يلقي له بنظرات مشتعلة ثم بعدها نظر للشاب بغـ.ـيظ وضيق شـ.ـديد ينتظر انتهاء هذا كله، بينما هادي استدار مجددا للشاب واضعا يده أسفل ذقنه متحدثا بهدوء وكأنه ليس ذلك الذي كان يصـ.ـر.خ للتو في فرج مهددا إياه:.
ها يا قلبي احكيلي كل اللي كان نفسك تقوله لشيماء ولا كلامك مش بيتكشف على شنبات؟
شعر الشاب بسخرية هادي لينهض سريعا وهو يتحدث بغـــضــــب شـ.ـديد: هو واضح فعلا إن حضرتك مـ.ـجـ.ـنو.ن وبتستخف دmك عليا اختي كانت مستلفة من الآنسة شيماء فلوس وكنت جاي ارجعها ليها عن اذنك...
أنهى حديثه وهو يتحرك مبتعدا عن ذلك الشاب المـ.ـجـ.ـنو.ن، تاركا هادي يغلي محله ولم يفرغ غـــضــــبه بعد لذا سريعا نهض وركض خلف الشاب وهو يصـ.ـر.خ بغـــضــــب جحيمي:.
ولا خد ياض لسه مخلصناش فضفضة والله لتقول كل اللي في نفسك...
نظر فرج لأثر الاثنين بحنق ثم اتجه لمقعده وأخرج محرمه ومسحه بازدراء ثم تربع على عرشه وهو يشعر بالراحة الشـ.ـديدة...
كانت تقف من بعيد تراقب أفعال هادي مع سلامة برعـ.ـب شـ.ـديد لملامح الإجرام المرتسمة على وجه هادي لتلاحظ بعدها تحول ملامحه للهدوء وهو يتخذ وضع المستمع مع الشاب تعجبت كثيرا تصرفات وهي تراقب ذلك الشخص المعقد، لكن فجأة وجدته يعود صوب القهوة وهو يبتسم بسمة مخيفة وكأنه قــ,تــل الشاب للتو لذا ابتلعت ريقها وهي تتراجع للخلف تنوي العودة للمنزل قبل أن يلمحها هادي الذي رماها بنظرة مرعـ.ـبة جعلتها تطلق صرخة صغيرة وبعدها انطلقت برعـ.ـب صوب المنزل وعيون هادي تكاد تحرقها وهو يتمتم بغـــضــــب:.
ماشي يا مرهفة الحس أما ربيتك مبقاش هادي، الظاهر إن رشـ.ـدي مدلعك بس انا هوريكِ أنتِ واخوكِ.
اتفضل يا مولانا ابدأ...
توقفت قدm فاطمة عن التحرك وهي تستمع لكلمـ.ـا.ت والدها التي لم تفهم مقصده منها أو فهمت وحاولت إنكار ما وصل لها لكن رؤية ذلك الشيخ مع دفتره يتوسط والدها ورجل اخر في نفس عمر والدها إن لم يكن اكبر جعلها تتأكد أن ما وصل لها صحيح لذا صاحت بصدmة وهي تتراجع سريعا للباب:.
هو فيه ايه؟ الناس دي بتعمل ايه هنا؟
بكت منيرة بشـ.ـدة وهي تنهار ارضا ترثي حالها وحال ابـ.ـنتها التي لم تبتسم لها الدنيا يوما...
اتجهت نحمده سريعا جهة فاطمة تجذبها للغرفة الخاصة بها قبل أن تفسد الأمر:
تعالي معايا بس يا حبيبتي وانا افهمك...
بكت فاطمة بعنف شـ.ـديد وهي تبعد يدها عنها برعـ.ـب شـ.ـديد: سيبيني بس انتم عايزين ايه؟ انا عمري ما هتجوز الراجـ.ـل ده؟
نظر لها الرجل بتعجب شـ.ـديد ثم تحدث ببوادر غـــضــــب موجها حديثه لمرسي: جرا ايه يا استاذ مرسي هو مش حضرتك قولتلي برضو أنها موافقة ولا ايه أصله ده؟
انتهزت فاطمة الفرصة وهي تتحدث بلهفة وقهر شـ.ـديد ودmـ.ـو.عها كالعادة تسير على خدودها بكثرة:
لا لا انا مش موافقة على حاجة ومش هتجوز حد...
غـــضــــب مرسي يزجرها بعينه لكنها لم تهتم له، ليتحدث مرسي محاولا إقناع الرجل:.
يا معلم طول بالك عليها دي عيلة ومتسرعة بعدين هي اساسا اتفاجأت مش اكتر دلوقتي تهدي وتفهم الحوار...
كان يتحدث بكلمـ.ـا.ته وهو ينظر بعين فاطمة مهددا إياها بقول عكس ذلك، وبالفعل فعلت ذلك وهي تصرخ بهم جميعا:
اتجوز مين؟ اتجوز راجـ.ـل قدك يابابا هو إنت عايز ترميني لاي حد وخلاص حـ.ـر.ام عل، اااه
توقفت فاطمة عن الحديث بسبب والدها الذي اندفع إليها فجأة وهو يمسكها من يدها بعنف شـ.ـديد يرمقها بشر كبير.
كان زكريا يقف في الخارج يستمع لكل ذلك الصراخ لا يعلم هل يتدخل ام لا؟ في النهاية هو مجرد غريب ليس له أن يتدخل بين اب وابـ.ـنته خاصة أنهم في منزلهم وليسوا في مكان عام حتى لينصحهم مجرد نصيحة، هو إن تدخل الآن سيكون مقتحما وقحا، لكن صراخ فاطمة اصابه في مقــ,تــل، نبرتها التي تصرخ بها عليهم تخبره أنها اعتادت هذا الظلم. ابتلع ريقه بو.جـ.ـع شـ.ـديد ثم تراجع للخلف ببطء شـ.ـديد يلعن ضعفه على التدخل وانقاذها، فمن هو ليقتحم منزلهم ويقف في وجه والدها.
كانت تشعر بيد والدها تكاد تخترق ذراعها من شـ.ـدة ضغطه عليها وهو يصـ.ـر.خ في وجهها بعنف شـ.ـديد:
هو ده اللي بتحفظ يا هانم؟ باعتة بـ.ـنتك لبيت شاب غريب مش كفاية اللي انا عايش فيه بسببها.
سقطت دmـ.ـو.ع فاطمة بعنف تحاول الفكاك من يد والدها وهي تتوسله أن يدعها وشأنها:
حـ.ـر.ام عليكوا انا تعبت سيبوني في حالي، مش عايزة منكم غير اني اعيش في حالي صعب ده؟
اغتاظت نحمده من حديثها ذلك لتصرخ في وجهها توبخها: شوف قليلة الرباية عايزة تمشي على حل شعرها...
احمرت عين فاطمة وقد فاض بها لتصرخ فجأة ودون أن تهتم بأحد: انا برضو اللي بمشي على حل شعري؟ ولا بـ.ـنتك يا عمتي اللي عماله تصاحب كل شاب شوية و...
صمتت لتسمع صوت صفعة يرن صداها في المكان لتغمض عينها بعنف وهي ترتعش كقط مبتل أسفل مطر غزير لكن ثوانٍ مرت ولم تشعر بشيء لتفتح عينها ببطء وخــــوف تجد سد منيع يقف أمامها وهو من تلقى صفعة والدها بدلا عنها، وكأنها شعرت فجأة بأمان يحيطها فيالعجب هذه الدنيا نحتمي من اناس كان من المفترض أن يكونوا ظهرا لنا في اناس كل ما نعرف عنهم هو مجرد الاسم فقط، خرجت همسة من فاطمة مترجية باكية وهي تتوسل رجولته ألا يتركها معهم هنا فإما سيقــ,تــلونها أو يزوجها من ذلك العجوز...
ارجوك ساعدني...
وصلت شيماء للمنزل بسرعة وهي تخرج المفتاح وتنظر خلفها كل ثانية وأخرى ترى إذا ما لحق بها هادي ام لا وبسبب عجلتها لم تنتبه لتلك التي تجلس على الدرج في هدوء شـ.ـديد ولم تحرك ساكنا...
دخلت شيماء المنزل سريعا وهي تتنفس الصعداء لتخلصها من ذلك المـ.ـجـ.ـنو.ن تتساءل كيف ستتعايش معه فيما بعد ولم تكد تبلغ غرفتها حتى سمعت صوت رنين هاتفها لتصدm من الرسالة التي وصلت لها من رقم غريب والذي كان مضمونها ( ما أنتِ حلوة اهو وبتسمعي للناس امال لما تقفي قدامي بتبقي زي القطر ليه يا ام قلب كبير يا حنينة؟ ).
ابتلعت شيماء ريقها تتساءل من أين أحضر رقمها؟ لا تتذكر أن رشـ.ـدي اخبرها بإعطائه رقمها، حسنا عنـ.ـد.ما يعود رشـ.ـدي ستسأله عن الأمر.
انهت حديثها وهي تتجه لغرفتها سريعا وبعدها ارتمت على الفراش وهناك بسمة حالمة واسعة ترتسم على وجهها لا تصدق ما عاشته منذ قليل، هل غار عليها فعلا؟ ام أنها تتخيل؟
أغمضت عينها وهناك بسمة واسعة ترتسم على وجهها تدعو الله أن يكون ما يحدث معها هو بداية لسعادتها وهناك نقطة في اعماق اعماق قلبها بدأت تخفق لذلك الذي يحترق في الاسفل.
صعد رشـ.ـدي درجات منزله سريعا وهو يتحدث في الهاتف: خلاص يا مصطفى حقق معاه وانا هجيب الورق واجيلك، لا لا سيب التاني ليا، ماشي تمام اقفل دلوقتي.
أنهى رشـ.ـدي حديثه وهو يدلف للشقة الخاصة به سريعا متجها بعدها لغرفته يبحث في ادراج مكتبه عن بعض الأوراق يلعن في سره تلك القردة التي تزوج منها:
طبعا تلاقيها دخلت بهدلت الدنيا عشان تاخد شراب من عندي...
فجأة انتبه لوجود الملف على الطاولة جوار الباب والتي لم ينتبه لها عند دخوله للغرفة ليمسك الملف ويخرج سريعا متجها صوب الباب...
خرج رشـ.ـدي من باب الشقة وهو ينظر للملف بيده لكن فجأة لمح خيال على الدرج المؤدي للأعلى، رفع رشـ.ـدي عينه بتعجب شـ.ـديد ليصدm من وجود ماسة تجلس على الدرج بهدوء شـ.ـديد وهي تنظر له دون أي ردة فعل وكأنها ليست بوعيها، تحرك رشـ.ـدي بخطوات بطيئة صوب الدرج ينادي بصوت خافت:
ماسة؟ مالك ياقلبي قاعدة كده ليه؟
انحنى قليلا ليجلس ارضا على ركبتيه وهو يحاول رفع وجهها من على قدmها:
ماستي مالك ياقلبي؟
انت مين يا جدع انت؟ وازاي تدخل البيت بالشكل ده؟
أنهى مرسي حديثه الغاضب لزكريا ثم نظر لخلف ظهره حيث تختبئ ابـ.ـنته يصـ.ـر.خ بوجهها وقد استفزه أن تحتمي بغيره منه:
اخرجي تعالي هنا ومتتقليش حسابك يا استاذة، وانت يا اخ اتفضل من غير مطرود.
ابتلع زكريا إهانة مرسي ثم تحدث بهدوء يحاول استحضاره بصعوبة: يا اخ اللي إنت بتعمله ده ميرضيش ربنا استغفر ربك دي بـ.ـنتك عايز تجبرها على الزواج ومن راجـ.ـل شيخ؟
احتدت أعين مرسي بشـ.ـدة لذا انطلق صوب زكريا تزامنا مع انطـ.ـلا.ق شهقة فاطمة من الخلف وتمسكها بثيابه فجأة ليجفل زكريا من حركتها الغير متوقعة متقدmا للامام محاولا ابعاد يدها عن ثيابه لكنها أبت إلا أن تتمسك به كما يتمسك الغريق بالقشة ليسمع صوتها الباكي:
بالله عليك ما تسبني ابوس ايدك...
اهتز قلب زكريا بشـ.ـدة لنبرتها التي تبدو كسكين اخترق قلبه وسمع صراخ مرسي به:.
واضح إن الاستاذة المحترمة تعرفك كويس اوي، مين بقى حضرتك عشان تقف في نص بيتي كده تعلمني الصح والغلط في حق بـ.ـنتي؟
انا الشيخ اللي بحفظها قرآن بس...
لم يكمل حديثه بسبب صوت امرأة اتى من حلف مرسي صارخة بسخرية مريرة:
يعني كان عندي حق لما قولتلك مفيش في الحارة دي ولا شيخ غير شاب صغير، شوف بقى يا اخويا مراتك بتودي بـ.ـنتك عند مين؟ شاب صغير ويا عالم...
انا مسمحش لحضرتك تسييء ليا ولا ترمي محصنات على حد اذا سمحتي...
كانت كلمـ.ـا.ت صغيرة هادئة من زكريا الذي قاطع بها حديث تلك السيدة المقيتة عالما بما ستقوله عنهما لكن ورغم الهدوء في صوته إلا أن عينه قد بدأت تحتد وكأنه على وشك افتراس كل من بالمنزل، يا الله هل يوجد أناس بتلك الحقارة ودون شعوره خرجت كلمـ.ـا.ته غاضبة وبشـ.ـدة صارخا بالجميع:.
يشهد ربنا اني ولا ثانية رفعت عيني في بـ.ـنتكم ووالدتي كانت دايما قاعدة معانا وقت التحفيظ ووالدي كان بيكون جنبنا و اللي بالمناسبة كانت مرة واحدة بعدين طلبت من والدتي تتولى هي أمر تحفيظها مش انا...
صمت ثم أكمل كلمـ.ـا.ته بتهكم شـ.ـديد: على الاقل كنت اظهري بعض من ثقتك بابنة تربت أسفل سقف منزلك سيدتي إذا لم تثقي بنيتي...
ومين قالك اني واثقة فيها دي...
نحمده.
كانت تلك الصراحة تنطلق من فم مرسي الذي ألقى نظرة مرعـ.ـبة لأخته والتي يعميها حقدها والغل المستوطن في قلبها عن التحكم في حديثها عن ابـ.ـنته...
خلص الحوار اتفضل حضرتك اطلع من هنا، وفاطمة بعد كده مش هتحفظ قرآن عندك ولا هتحفظ خالص، شرفتنا.
استغفر زكريا ربه في سره وهو يحاول التحدث لمساعدة تلك التي تتمسك به حتى كادت تقطع ثيابه:.
يا سيدي الفاضل افهمني، ايه اللي يجبرك تزوج بـ.ـنتك بالشكل ده؟ مفيش أي مبرر بكرة نصيبها يجيلها ويجي شخص يحافظ عليها مينفعش ترميها لاي حد كده وخلاص...
ابتسم مرسي بسمة ساخرة متهكمة لم ترق لزكريا أبدا ثم تحدث بحنق شـ.ـديد:
يعني انا لقيت وقولت لا يا خويا هو ده اللي موجود...
لم يفهم زكريا مقصد مرسي من الحديث فما الذي يعيب فاطمة ليقول مثل تلك الكلمـ.ـا.ت لذا تساءل بعدm فهم:.
يعني ايه هو ده اللي موجود؟ هو حضرتك واعي بتقول ايه؟ دي بـ.ـنتك.
أخرج مرسي صوتا ساخرا من فمه ثم نظر لزكريا من أعلى لاسفل قائلا بجدية صدmته هو نفسه قبل أن تصدm زكريا:
خلاص اتجوزها إنت...
لم تحرك ماسة ساكنا وهي تنظر لوجه رشـ.ـدي بهدوء مخيف جعل رشـ.ـدي يلقي كل ما بيده جانبا ثم انحنى جوارها وجذب رأسها لصدره بحنان شـ.ـديد وهو يربت عليه بخــــوف:
قلبي مالك؟ حد زعلك؟
واخيرا صدرت منها حركة تظل على أنها حية حيث رفعت ذراعيها وطوقت رقبة رشـ.ـدي بقوة، رغم تفاجأه من حركتها إلا أنه شـ.ـدد من عناقها وهو يستند على الجدار المجاور للدرج وقد أصبحت تسكن أحضانه يهمس لها بحنان:
مالك يا ماسة؟
رفعت ماسة عينها له وهي تهمس بنبرة خاوية من أي تعابير تقريبا: التليفون...
لم يفهم رشـ.ـدي شيء من حديثها: تليفون ايه؟ فيه ايه يا ماسة خــــوفتيني.
بكت ماسة وهي تضمه أكثر متحدثة بصوت متحشرج: الصور بتاعتي معاه وبيهددني بيها...
فتح رشـ.ـدي عينه بفزع مما تقول ليبعدها سريعا عن أحضانه متحدثا بهدوء مخيف:
صور ايه؟ ومين ده اللي بتتكلمي عنه؟
بكت ماسة أكثر وهي تشير للشقة: واحد بيضايقني على التليفون...
اغمض رشـ.ـدي عينه بغـــضــــب شـ.ـديد ثم ابعد ماسة عنه بهدوء حتى لا يفزعها أكثر يكفيها ما هي به ثم تحرك بهدوء وأمسك يدها متحدثا بحزم:
تعالي وريني تليفونك فين؟
سارت ماسة خلفه وهي تبكي بخــــوف شـ.ـديد بينما رشـ.ـدي كان يشتعل وهذا أبسط ما يمكن وصف حالته به، سار معها حتى وصل لغرفتها لتحمل هي الهاتف وتعيد تشغيله ثم تمد يدها به إليه، نزع رشـ.ـدي الهاتف من يدها بعنف وغـــضــــب ثم أخذ يبحث فيه لعشر دقائق تقريبا وبعدها أخرج هاتفه بهدوء شـ.ـديد وأجرى اتصالا:
الو يا مصطفى هبعتلك رقمين تعرفلي مين صاحبهم ضروري...
أنهى كلمـ.ـا.ته ثم أعطاه الرقمين واغلق المكالمة...
ابتلعت ماسة ريقها برعـ.ـب من نظرات رشـ.ـدي لها وهو يسألها: من أمتى والولد ده بيضايقك؟
من فترة يعني اسبوعين او...
توقفت عن الحديث وهي ترى رشـ.ـدي يلقي بكل شيء أمامه في غـــضــــب ثم صرخ بها وقد نسي حديثه لنفسه منذ قليل بألا يزيد خــــوفها:
اسبوعين؟ اسبوعين ومكلفتيش خاطرك حتى تقوليلي؟
بكت ماسة بخــــوف شـ.ـديد وهي تتراجع للخلف مخافة أن تطولها يده: انا، انا والله فكرته واحد بيرخم زي العاده بس...
انطلق لها رشـ.ـدي جاذبا إياها من ذراعيها بغـــضــــب شـ.ـديد جعلها تطلق تأوها عاليا:
حتى لو يا ماسة، حتى لو بيرخم تيجي تقوليلي، سامعة حتى لو رقم اتصل بالغلط سامعاني؟
أنهى كلمـ.ـا.ته بصراخ عنيف في وجهه وقد تحكم به غـــضــــبه، هزت ماسة رأسها بإيجاب وهي تبكي محاولة نزع يده مرددة بألــم:
انت بتو.جـ.ـعني يا رشـ.ـدي.
انتبه رشـ.ـدي لعين ماسة ليجد أن يده تمسك بذراعها بطريقة مؤلمة وبشـ.ـدة ليبتلع ريقه وهو يبعد يده عنها متراجعا للخلف يمسح وجهه بضيق شـ.ـديد لما فعله ثم نظر لها باعتذار شـ.ـديد فهو في غـــضــــبه لا يفرق بين حبيب وعدو بل يقــ,تــلع كل من أمامه...
نظرت له ماسة بغـــضــــب من بين دmـ.ـو.عها ثم تحركت لفراشها تاركة إياه يقف في منتصف الغرفة يلوم نفسه على ما فعله معها ثم تحرك بهدوء للفراش وهو يربت عليها بحنان:.
ماسة، متزعليش مني انا بس اتعصبت و...
توقف عن الحديث وهو يراها تغطي وجهها بالكامل بالغطاء دون أن تغيره أدنى اهتمام ليرفع رشـ.ـدي حاجبه بسخرية من حركاتها تلك، ابتسم بخبث وهو يعلم جيدا كيف س
خرج من أفكاره الخبيثة على رنين هاتفه المزعج رفع الهاتف أمام عينه يردد بسخرية:
اكيد طبعا مفيش غيرك بأم الرخامة بتاعتك دي، عيل لزج
فتح المكالمة وتحدث بتأفف: نعم يا زفت الطين يا هادي قولتلك مش هرجع البيت غير...
توقف عن الحديث وهو يستمع لحديث هادي من الطرف الآخر ثم ردد بعدm فهم:
أهدى بس وفهمني ماله زكريا؟
قبل ذلك بعشرة دقائق: ايه مسمعتش انا قولت ايه بقولك اتجوزها إنت طالما صعبانة عليك اوي كده وكمان شكلها عجباك فاتجوزها إنت لاني خلاص تعبت وانا مستني تتجوز.
صدm لا بل صعق زكريا لحديث ذلك الرجل هل هناك اب قد يقول هكذا حديث عن ابـ.ـنته؟ يا الله ألا يملك قلب؟ شعر زكريا بـ.ـارتخاء يد فاطمة الممسكة به وتلك الشهقة المجروحة التي خرجت منها...
ابتلع ريقه وهو يرفع نظره للرجل ثم تحدث بعد صمت ليس بطويل لكنه مر على الجميع كدهر خاصة منيرة التي كفت عن البكاء وهي تنظر له برجاء تعلم جيدا أن الأمر صعب لكن هذا أملها الوحيد لانقاذ ابـ.ـنتها فزكريا شاب محترم وسوف يحافظ على ابـ.ـنتها لكن ذلك الرجل الذي أحضره زوجها تعلم جيدا أنه لن يذيق ابـ.ـنتها الراحة ابدا ناهيك عن خدmتها لأبنائه فهو ارمل ولديه أبناء من امرأتين ويبحث عن زوجة ثالثة بعد مـ.ـو.ت الاثنتان، قاطع كل تلك الأفكار التي تدور في رأس منيرة صوت زكريا الذي خرج ثابتة جادا وحازما:.
انا اساسا كنت هكلم حضرتك عشان اطلب ايد الآنسة فاطمة بس كنت مستني الوقت المناسب وكنت هطلب من الست منيرة تكلم حضرتك عشان اطلب مقابلتك...
صمت قليلا ثم قال بعدmا ابتسم له بسمة هادئة: ولولا الموقف اللي كنا فيه وخــــوفي إن حضرتك تظن الأمر مجرد شفقة أو عرض وخلاص كنت طلبتها انا للزواج، بس بما إن حضرتك مش معترض ابدا فخليني أقولها بشكل رسمي...
تنفس زكريا وهو يتحدث بهدوء شـ.ـديد مبتسما له بعدmا استرق نظرة لوجه فاطمة الشاحب وبشـ.ـدة وكأنها رأت وحش...
انا بطلب من حضرتك ايد الآنسة فاطمة وهيكون شرف كبير اوي ليا توافق.
لا بس انت بوظت وش الواد عيل غـ.ـبـ.ـي صحيح...
تجاهل هادي حديث فرج الذي يرغو ويزبد به منذ ضـ.ـر.به لذلك الشاب والذي اتضح أنه أتى بدلا من أخته لرؤية شيماء وقد كان ينوي التقدm لها...
حمل هادي كوب المشروب الذي يتوسط الطاولة وهو يتحدث بسخرية: طب بس لان أم اشرف لو سمعتك هتغير اوي.
ضحك فرج بشـ.ـدة على حديث هادي وهو يفهم معانيه المبطنة: لا يا خويا انا مستقيم والحمدلله...
نظر له هادي بسخرية ولم يكد يتحدث له بلسانه اللاذع حتى استمع لرنين هاتفه ليجد أن المتصل هو زكريا، فتح المكالمة وهو يرتشف بعضا من المشروب الساخن:
الو يا زيكو، لا خلصت شغل بس ليه؟
تحدث زكريا وهو يبتعد عن الجميع: عايزك يا هادي تجيب رشـ.ـدي وامي ولؤي وتجيلي عند بيتك عشان هتجوز.
بصق هادي المشروب في وجه فرج بفزع وهو ينهض متحدثا بصدmة: تتجوز عند بيتي؟ هتتجوز امي ولا ايه؟
اغمض زكريا عينه وهو يؤنب نفسه على اتصاله لهادي لكن رجح أنه الوحيد المتفرغ لمعرفته أن رشـ.ـدي الآن سيكون بعمله ولن يجيب عن هاتفه:
امك مين يا متـ.ـخـ.ـلف انت...
لكن هادي لم يستمع له وأخذ يندب حظه: يا مصيبتك يا هادي عمال تقول هتجوز أم اشرف هتجوز أم اشرف اديها هتتردلك في امك، ومن مين؟ صاحبي اللي آمنته على بيتي، وياترة بقى هقولك بعد كده يا جوز امي ولا تحب اناديك بابا زكريا...
صمت ثم تحدث بحسرة: على آخر الزمن ابويا يبقى اسمه زكريا لؤي، يعني يارب انا موعود ابويا اسمه عبدالهادي المهدي و جوز امي اسمه زكريا لؤي؟
لم يتحدث زكريا ولا كلمة وصمت يستمع لجنون رفيقه فهو يعلم أنه عنـ.ـد.ما يبدأ التحدث فلن يصمت ابدا لذا تركه يفرغ ما في جعبته وهادي لم يتوانى عن الحديث بل أخذ يتحدث دون انقطاع:
وياترة بقى يا صاحبي هترميني برة الشقة عشان تاخد راحتك ولا يكونش ه...
لم يكمل حديثه بسبب فرج الذي التصق به وهو يقول ببسمة غـ.ـبـ.ـية: قوله انا كمان عايز اتجوز ام اشرف، خليه يقولي عملها ازاي؟
نظر له هادي بنظرة شر ثم تحدث لزكريا: عجبك كده؟ شمتت فينا فرج يا اخي الله يسامحك.
اسكت يا حـ.ـيو.ان يا متـ.ـخـ.ـلف خلينا اتكلم، بقولك هتجوز عند بيتك مش في بيتك ولا هو عشان البعيد نيته زبـ.ـا.لة فاكر الكل زيه، هتجوز فاطمة جارتك يا غـ.ـبـ.ـي، اتينل هات رشـ.ـدي ولؤي وامي وقولهم اللي هقولك عليه ده...
قص زكريا الأمر بسرعة وهو يؤكد على هادي أن يوصل الأمر لوالديه بجدية ودون مزاحه الغـ.ـبـ.ـي.
أنهى زكريا حديثه واغلق الهاتف سريعا في وجه هادي دون أن يعطيه فرصة للتحدث و استدار للعودة حيث يجلس والد فاطمة والمأذون وباقي العائلة بعد رحيل ذلك العريس المزعوم لكن بمجرد أن استدار وجد والدة فاطمة تقف أمامه بأعين دامعة...
صعد كلا من هادي ورشـ.ـدي درج بناية منزل زكريا ورشـ.ـدي يؤكد على هادي ألا يتحدث بشيء غـ.ـبـ.ـي:
فهمت يا زفت، سيبني انا اتكلم لغاية ما نفهم من زكريا الحوار كله.
خلاص فهمت فهمت هو انا غـ.ـبـ.ـي بقالك ساعة بتعيد وتزيد في نفس الكلام...
أنهى حديثه وهو يمد يده ليضـ.ـر.ب جرس منزل زكريا، وانتظر قليلا حتى فتح الباب وكان لؤي هو من فتحه. كاد رشـ.ـدي يفتح فمه للتحدث لولا ذلك الغـ.ـبـ.ـي الذي يقف جواره والذي قال ببسمة واسعة بلهاء:
يلا يا حاج لؤي ادخل البس بدلة حلوة كده واتشيك عشان انهاردة كتب كتاب زكريا ابنك.
سمع الجميع صوت شيء يكـ.ـسر في الخلف ليستدير الجميع حيث تقف وداد وهي تضـ.ـر.ب صدرها بيدها بصدmة لما سمعت منذ قليل...
نظر رشـ.ـدي لهادي بشر شـ.ـديد ليبتسم له هادي وهو يتحدث بغباء مشيرا حيث وداد ولؤي المصدومين:
هيمـ.ـو.توا من الفرحة...
↚
أتعلم ما معنى: عسى فِ الأمر خيرة؟
تعني: أن يبتعد شيء، لِيقترب شيءً أجمل..
صلوا على نبي الرحمة
ضغط رشـ.ـدي على شفتيه تحت أسنانه حتى كاد يقطعهم من غباء ذلك الذي يقف جواره...
تحدثت وداد وهي تركض صوب الباب حيث كان لؤي ما يزال يقف وهو لا يعي شيء مما يحدث هل ما سمعه صحيح؟ عقد قرآن زكريا؟ ابنه هو؟
بتقول ايه يا هادي؟ انت بتهزر ولا ايه يابني؟
كانت تلك الكلمـ.ـا.ت التي انطلقت من فم وداد تزامنا مع وقوفها أمام الجميع في انتظار توضيح لذلك المزاح الثقيل الذي سمعته منذ قليل لكن حديث رشـ.ـدي والذي قاله بعدها لغى كل شكوكها تجاه الأمر:
اهدي شوية يا خالتي واسمعيني الموضوع مش زي ما انتم فاهمين...
نظر له لؤي بصدmة فإن كان هادي يمزح، فرشـ.ـدي لا: يعني بجد؟
ايوة بس معلش خليني افهمكم الموضوع بسرعة.
استدار زكريا بعدmا أنهى مكالمته مع هادي داعيا الله أن يستخدm عقله لمرة واحدة كشخص طبيعي دون أن يتسبب في مقــ,تــله، وأن يتحدث رشـ.ـدي هو أمام والديه وليس هادي المندفع حتى لا يخرب كل شيء...
بمجرد استدارة زكريا وجد منيرة تقف أمامه ومازالت دmـ.ـو.عها لم تنضب بعد وتحمل في عيونها نظرات كثيرة مختلطة استطاع فقط تمييز نظرة الامتنان له ليأتي له صوتها وهي تتحدث بهدوء:.
انا عارفة انك ملكش ذنب في كل اللي بيحصل وانك انظلمت في الحوار ده كله بس...
صمتت قليلا تحاول ابتلاع غصتها ثم أكملت بنشيج بسبب البكاء: بس إنت املي الوحيد عشان أنقذ بـ.ـنتي من أيدهم، لو المرة دي عرفت أخرجها من الموضوع المرة الجاية مش هعرف وفي مرة من المرات الكتير دي هلاقي نفسي بزف بـ.ـنتي لشخص قد ابوها أو مدmن او غيره...
صدm زكريا من حديثها يتساءل داخله ما الذي يدفع تلك العائلة لمحاولة التخلص من ابـ.ـنتهم بتلك الطريقة فهو للحق لا يرى بها عيب قد يدفعهم لذلك...
انتبهت منيرة لنظرات الحيرة التي تعلو وجهه لتبتسم في المقابل بسمة مقهورة مكـ.ـسورة:
عارفة إنت بتفكر في ايه، بس انا مليش الحق اني اقولك حاجة والوحيدة اللي ممكن تقولك هي فاطمة نفسها...
حسنا هي لم تفيده بشيء بل على العكس زادت حيرته بشكل كبير جدا فما هو الشيء الذي فعلته فاطمة وقد يدفع عائلتها لمحاولة التخلص منها بأي ثمن؟ فهي لا تبدو من تلك الفتيات العابثات التي قد ترغب عائلتهن في التخلص منهن مخافة جلب العار، الموضوع كبير وكبير جدا...
كل ما استطاع زكريا التفوه به في ذلك الأمر: هو الموضوع ليه علاقة بالحالة اللي كانت فيها؟
كان يقصد بحديثه تلك الحالة التي وجدها عليها سابقا حينما كادت تلفظ أنفاسها الأخيرة، ليصل له جوابه بإيماءة صغيرة من رأس منيرة وهي تضيف على حديثها السابق:
كل اللي اقدر اقوله ليك إن الحالة دي بتيجي ليها لما تحس بزعل أو خــــوف، وقتها كل اللي عليك تعمله إنك تطمنها بوجودك وأنها مش لوحدها قولها انك جنبها وهي شوية شوية هترجع لحالتها الطبيعية...
اه يا فاطمة كم سر تحملين؟
مش فاهم يعني ايه نطب على الناس كده بدون مقدmـ.ـا.ت ونقولهم عايزين بـ.ـنتكم لابني؟ مفيش دm خالص؟
كان ذلك صوت لؤي الحانق وهو يسير جانب زوجته ورشـ.ـدي وهادي...
نظر رشـ.ـدي لهادي مخرجا من حنجرته صوتا ساخرا وهو يضيف على حديث لؤي:
يا عمي على الاقل رايحين بليل والناس قاعدة عادي بلبسها وانتم رايحين لابسين كويس، غيركم استقبلوا العريس بالبيجامـ.ـا.ت والبوكـ.ـسر.
هز هادي رأسه مدعيا الغـــضــــب من تصرف زكريا مرددا: إمبوسيبل ياربي، مش معقولة كمية الوقاحة اللي في ابنك دي يا لؤي، انت معرفتش تربي. إمبوسيبل.
كان هادي يتحدث وهو يلوح بيده مغمضا عينه يعبر عن سخطه لتصرف رفيقه الوقح ذاك، لا يعلم كيف اقدm زكريا على مثل هذا الفعل؟
ضحك رشـ.ـدي بغـ.ـيظ وهو يقول رامقا هادي بحنق: مش هو لوحده اللي متبرباش يا حبيبي...
لا لا أباظة متقولش كده، اي نعم عم إبراهيم أيده فرطة وعايش مراهقة متأخرة بس متنكرش إنه رباك.
توقف رشـ.ـدي ونظر بشر لهادي الذي كانت الجدية تعلو ملامحه بشكل كبير ثم أكمل طريقه متمتما بحنق شـ.ـديد على ذلك عديم الاحساس الذي يجاوره، تحدث هادي وهو يلاحظ ضيق رفيقه الكبير ذاك:
مش فاهم إنت مضايق نفسك ليه؟ عشان يعني جيت الصبح وانتم بالبيجامـ.ـا.ت وكان شكلكم عرة؟
نظر له رشـ.ـدي بشر ليكمل هادي دون الاهتمام بنظراته: متقلقش يا حبيب اخوك انا عارف انكم عيلة مهزقة فمش هتفرق معايا ولا تخليني اغير رأيي فيكم، انا مش غريب برضو.
مد رشـ.ـدي يده وفي ثواني كانت صفعته تهبط على رقبة هادي من الخلف متحدثا ببسمة مستفزة:
ولما، احنا، عيلة، مهزقة، جاي. تتجوز، من عندنا، ليه؟
كانت يده تصفع رقبة هادي ما بين كل كلمة والأخرى ليبعد هادي يده بغـ.ـيظ شـ.ـديد ثم وفجأة لكمه بعنف وهو يقول ببسمة:.
عشان انا مهزق انا كمان وبحب اختك الهبلة...
مسح رشـ.ـدي جانب فمه ليتأكد إن كان نزف أم لا من ضـ.ـر.بة ذلك الغـ.ـبـ.ـي وبعدها انطلق فجأة جهة هادي وهو يجذبه ناويا ضـ.ـر.به حتى يطلب الرحمة ذلك الأحمق يتحدث أمامه بكل وقاحة مخبرا إياه أنه يحب أخته، وهادي كان يقف متحفزا له لولا صوت لؤي المتأفف من افعالهما الصبيانية:
الاستاذة المهزقين، مش لازم كل الشارع يعرف انكم مهزقين ومتربتوش.
نظر الاثنان للؤي بحنق حتى تحدث رشـ.ـدي بضيق: يا عمي هو...
ولا كلمة قدامي منك ليه جاتكم البلا في صحوبيتكم الغـ.ـبـ.ـية دي.
نظر هادي بضيق لرشـ.ـدي ثم تقدmه سريعا لينظر له رشـ.ـدي بشر وقام بالاسراع من سيره حتى يسبقه وخلفمها لؤي يضـ.ـر.ب كفه بالآخر...
نظر هادي لرشـ.ـدي ليجد أنه أصبح أمامه ليسرع هو من سيره أكثر حتى أصبح الأمر سباق بين الاثنين حتى منزل هادي وكان الاثنان يركضان في الشارع كالمجانين...
وصل هادي اولا لباب المنزل الذي يجاور منزله وهو يتنفس بعنف شـ.ـديد جراء الركض حتى هنا وخلفه رشـ.ـدي الذي كان على وشك الفوز في ذلك السباق الأحمق لولا أن هادي غشه وأخبره أنه رأى ماسة...
مد هادي يده ورن الجرس بسرعة وهو يبتسم بانتصار محركا حاجبيه لاستفزاز رشـ.ـدي الذي تقدm ليقف جواره...
ثوانٍ وفتح الباب ليقابلهم وجه امرأة ترمقهم من أعلى لاسفل بنظرات متأففة تزامنا مع وصول لؤي و وداد للمنزل:
نعم اتفضلوا عايزين مين؟
اعتدل رشـ.ـدي في وقفته ثم نظر باحترام للؤي الذي تقدmهم متحدثا بهدوء وتهذيب:
مساء الخير. انا والد زكريا ودول اخواته.
عرف لؤي عن نفسه في انتظار أن تسمح لهم تلك السيدة بالدخول والتي لم تكن سوى نحمده التي تحركت بتأفف:
ايوة اتفضلوا.
نظر هادي لرشـ.ـدي بغـ.ـيظ شـ.ـديد هامسا: مالها الولية الحيزبونة دي؟
هز رشـ.ـدي كتفه بعدm فهم فهو بالطبع لاحظ ضيق وتأفف السيدة من رؤيتهم...
تحركت نحمده للداخل يتبعها الجميع بهدوء شـ.ـديد ليجدوا الجميع يجلس في البهو بشكل يوحي أنهم في جنازة وليس عقد قرآن...
نظر هادي حيث يجلس زكريا بصمت شـ.ـديد حتى أنه لم يشعر بدخولهم أو بنظرات والده الحارقة التي وجهها له، تحرك لؤي خلف نحمده وجلس على أحد المقاعد، حينها شعر به زكريا الذي رفع نظره لوالديه بخجل شـ.ـديد ونظرات الاسف تملء عينيه.
اشاحت وداد بنظرها للجهة الأخرى حيث منيرة تتجاهل ابنها فهي لا تود أن تظهر أمامه أنها تقبلت الأمر حتى وإن كانت سعيدة لاختياره فاطمة بعد أن كان عازفا عن الزواج، لكن يكفيها أنه لم يكلف خاطره ويخبرهم.
تنحنح لؤي ليخرج من هذا الجو المشحون ثم نظر حيث يجلس مرسي الذي كان يدور بانظاره على وجوه الجميع بحنق شـ.ـديد لصمتهم، حتى قطع كل ذلك الصمت صوت لؤي وهو يقول بهدوء:.
طبعا بعتذر من حضرتك على أننا طبينا عليكم كده بدون معاد ولا غيره بس زي ما انت عارف طيش شباب...
أنهى كلمته ببسمة يحاول بها إذابة الجليد...
بمجرد انتهاء لؤي من الحديث حتى نظر هادي لزكريا لاويا شفتيه بتهكم شـ.ـديد كسيدة عجوز رأت فتاة ترتدي ثياب كاشفة، كان ينظر لزكريا من أعلى لاسفل بحنق شـ.ـديد وهو يهز رأسه بخيبة أمل وكأن زكريا قد خيب ظنه.
ابتسم رشـ.ـدي بسخرية على حركات هادي. ليس وكأنه قام بالأمر ذاته منذ يوم، ثم أعاد نظره للؤي الذي أكمل حديثه:
فعشان كده خلينا أطلب الموضوع بشكل لائق، انا يا استاذ يشرفني اني اطلب بـ.ـنتك لابني على سنة الله ورسوله.
اهتز قلب زكريا ولا يعلم السبب لتلك الكلمة، يا الله هو حتى كان يرى الزواج أمر بعيد جدا عنه. لم يفكر يوما في الزواج أو في الفتاة التي يريدها زوجة وكأنه قد حذف ذلك الجزء من قاموسه والان جاء القدر وأهداه قاموسا جديدا صُنع خصيصا لأجل تلك التي تختفي في غرفتها في الداخل.
ابتسم مرسي بسمة متسعة وهو ينظر لزكريا ثم للؤي مجددا وبعدها قال سريعا دون أن حاول حتى يخفي لهفته:
تمام نكتب الكتاب دلوقتي؟
شعر لؤي بشيء خاطئ في الأمر هو حتى لم يخرج ابـ.ـنته ليروها أو لتجلس مع زكريا كما يحدث، حتى لم يعيشوا فترة تعارف. ترجم لؤي قلقه وافكاره تلك على هيئة نظرات محتارة وجهها لزكريا الذي نظر ارضا بخجل من الجميع ثم قال بعد صمت قصير:
بعد اذنك يا بابا انا حابب بس اكتب على فاطمة عشان اقدر اتعامل معاها براحة وفي إطار شرعي.
إن كان يظن بهذه الكلمـ.ـا.ت أنه خدع والده فهو لن يخدع والدته بها ابدا التي نظرت له بشك وقد تأكدت أن شيئا ما حدث، و لولا أنها تعلم جيدا من هو زكريا ابنها الذي تربى على يدها لكانت ظنت بالأمر الظنون.
بهذه السهولة، انتهت حكايتها، باعها والدها بالمجان.
أيا ليته باعها بالرخيص كما يقال، لا بل هو باعها بالمجان وحط من قيمتها أمام الجميع، ولولا حديث زكريا بالخارج أنه كان يود سابقا أن يتزوجها لكانت رفضت الأمر حتى لو قــ,تــلها والدها، لكن نار زكريا ولا جنة ذلك العجوز الذي أحضره والده، هي طامعة في كرمه أن يطـ.ـلقها بعد فترة ويتركها لحال سبيلها.
أغمضت عينها بو.جـ.ـع شـ.ـديد وهي تضع رأسها على الفراش بتعب لتشعر فجأة بالباب يفتح ويدخل والدها وخلفه عمتها، ثوانٍ وصدح صوت والدها حاملا الدفتر بيده:
قومي امضي.
رفعت فاطمة عينها لوالدها ولم تجب لتقترب عمتها منها وتجذبها بعنف جاعلة إياها تجلس مستقيمة على الفراش ثم وضعت القلم في يدها متمتمة بغـ.ـيظ شـ.ـديد:
مش فاهمة هتمـ.ـو.تي نفسك على ايه؟ ده شاب وحليوة ماشا والله خسارة فيكِ، اتنيلي امضي اخلصي.
رفعت فاطمة عينها التي امتلئت دmـ.ـو.ع وهي تنظر لعمتها بو.جـ.ـع شـ.ـديد وقد ذكرتها بذكرياتها السوداء لتمضي بأصابع ترتعش وسمعت صوت والدها يخبرها أن تضع حجاب حتى يدخل الشهود لأخذ موافقتها...
فعلت فاطمة ما طلب والدها ودخل كلا من رشـ.ـدي وهادي ليستمعوا لموافقة العروس، التي شردت قليلا في نقطة بعيدة حتى خرج صوتها وكأنه يأتي من بئر سحيق:
موافقة...
ماسة...
رفعت ماسة رأسها باعياء من على وسادتها وهي تستمع لصوت شيماء المنادي، لكنها شعرت وكأنه شاحنة قد مرت عليها جاعلة من جسدها يأن و.جـ.ـعا بمجرد تحريك اصبع...
فزعت شيماء من مظهر ماسة لتركض لها وهي تتحدث برعـ.ـب شـ.ـديد عليها: ماسة مالك كده؟
بكت ماسة بو.جـ.ـع وهي تنظر لشيماء برؤية مشوشة: همـ.ـو.ت يا شيماء حاسة إن فيه عربية عدت عليا.
ابتلعت شيماء ريقها برعـ.ـب شـ.ـديد ثم اخرجت هاتفها بسرعة تحاول الاتصال برشـ.ـدي لكن كان هاتفه مغلق. لذا خرجت سريعا من الغرفة وهي تصرخ باسم والدها:
بابا، يابابا تعالى بسرعة ماسة تعبانة اوي...
خرج ابراهيم من الغرفة سريعا برعـ.ـب بسبب نداء ابـ.ـنته وهو ينظر لها بفزع شـ.ـديد لحديثها ثم ركض جهة الغرفة ليجد وجه ماسة قد احمرّ بشـ.ـدة وعيونها تذرف الدmـ.ـو.ع بلا توقف وتأوهاتها تملء المكان كله.
يا ستار يارب، مالك يا ماسة يابـ.ـنتي حصل ايه؟
رفعت ماسة عينها بتعب شـ.ـديد لابراهيم وهي تحاول التحدث لكن لا شيء فقط تُحرك شفتيها بصعوبة شـ.ـديدة...
حملها ابراهيم سريعا وهو يحدق بشيماء التي تبكي جواره: شيماء حطي طرحة على رأسها بسرعة يابـ.ـنتي خليني اخدها لاي مستشفى...
ركضت شيماء سريعا واحضرت حجاب ماسة الذي كان ملقيا على الأرض ووضعته على رأسها ثم تحركت خلف والدها بسرعة وخلفهم سحر التي فزعت من مظهر ابـ.ـنتها تاركين في المنزل اسماء التي تحتضن ابن اختها الذي يبكي بخــــوف على أخته.
تحرك ابراهيم سريعا لسيارته وهو يضع ماسة في الخلف وجوارها تجلس شيماء التي كانت تبكي بشـ.ـدة، ثم صعد لمقعد السائق وهو يتحدث بسرعة:.
كلمي اخوكِ يا شيماء خليه يجلينا على المستشفى اللي في الشارع الرئيسي...
اخرجت شيماء هاتفها تحاول مجددا التحدث مع رشـ.ـدي لكن لا رد: تليفونه مقفول يابابا ومش عارفة أوصله...
بـ.ـارك الله لكما وبـ.ـارك عليكما وجمع بينكما في خير...
أنهى المأذون كلمـ.ـا.ته المعتادة التي تقال في نهاية تلك المناسبة السعيدة عادة لكن في هذ الحالة كانت الوجوه ما بين متجهمة وحاقدة ومترقبة ومرتاحة...
ابتسم هادي بغباء وهو ينظر لرشـ.ـدي بعيون مترجية: بقولك يارشـ.ـدي بما انك جيت من الشغل بدري اهو اروح اجيب امي والخلاط ونيجي نكتب الكتاب زي زكريا؟ عشان نبقى احنا التلاتة كاتبين الكتاب ايه رأيك في الفكرة دي!؟
ادعى رشـ.ـدي التفكير ثم قال: انا عندي فكرة حلوة، انت تفضل سنجل كدة خمس ست عشر عشرين سنة عشان تغزي العين عننا. اصل لو احنا التلاتة اتجوزنا ناخد عين يا بني.
يبقى أشغل الرقية الشرعية، ها قولت ايه اروح اجيب جاتوه وورد والخلاط؟
ابتسم رشـ.ـدي بسمة سمجة ثم هز رأسه بلا ليضغط هادي على شفتيه بغـ.ـيظ كبير ثم انتبه على صوت لؤي وهو يتحدث ببسمة وهدوء:
طب يا جماعة باذن الله بكرة نيجي نقعد كلنا سوا ونتفق على كل حاجة، دلوقتي استأذنكم عشان معاد دوا الضغط.
أنهى حديثه يرمق ابنه بشر كبير ثم رحل من وداد التي لم تتحدث كلمة واحدة منذ بداية الجلسة تاركين زكريا يكاد يحترق محله بسبب الغـــضــــب الواضح الذي كان يسكن أعين والديه...
نظر لهم زكريا ثوانٍ ولم يعرف ماذا يفعل هل يدخل ويجلس معها أم يرحل ام ماذا؟
لكن كل ذلك اختفى حينما سمع صوت منيرة تناديه بهدوء شـ.ـديد وهي ترمق زوجها ونحمده بجمود كبير:
زكريا يابني ادخل خد مراتك معاك لو سمحت...
خرجت شيماء من الغرفة التي ترقد بها ماسة وهي لا تشعر بشيء حولها منذ سقطت مغشي عليها في المنزل. تقدm لها ابراهيم سريعا بخــــوف فهو انتظر في الخارج بينما دخلت ابـ.ـنته وسحر معها:
ها يا شيماء يابـ.ـنتي هي كويسة؟
ابتسمت له شيماء وهي تربت على كتفه ثم ارشـ.ـدته للمقعد حتى يجلس ثم تحدثت وهي تطمئنه:
أهدى يا بابا هي كويسة الحمدلله الدكتور قال حمى شـ.ـديدة شوية بس هتاخد أدوية وتكون كويسة والحمدلله أننا لحقناها، بس.
صمتت شيماء وهي تلوي شفتيها بضيق: بس هي عمالة تنادي على رشـ.ـدي جوا وبتخرف باسمه وهو موبايله لسه مغلق ومش عارفة اوصله و...
صمتت فجأة وقد خطرت لها فكرة غـ.ـبـ.ـية قليلا لكنها سبيلها الوحيد لذلك، انتبهت لصوت والدها وهو ينادي عليها:
ايه يابـ.ـنتي روحتي فين؟
ولا حاجة يابابا بس انا بعد اذنك هكلم هادي هو الوحيد اللي يقدر يروحله ويجيبه من الشغل بعد اذنك.
هز ابراهيم رأسه بـ.ـارهاق وهو يشير لها بيده أن تفعل: تمام بس بسرعة يابـ.ـنتي.
اخرجت شيماء هاتفها سريعا وهي تبتلع ريقها بخجل ثم أحضرت رقمه الذي سجلته حينما ارسل لها رسالة وضغطت على زر الاتصال في انتظار أن يجيب عليها...
كان يجلس رفقة رشـ.ـدي بعدmا أخذ زكريا زوجته للمنزل مع والديه حتى تنتهي منيرة من أمر زوجها ثم يعيد زكريا فاطمة مجددا فهو رفض أن يستضيفها في منزله بشكل دائم قبل أن يُشهر زواجهما في المسجد ويقيم لها زفافا كأي فتاة. لتقترح منيرة أن يأخذها معه الان فقط حتى تنتهي من أمر زوجها وبعدها هي ستذهب لأخذها ولاحقا يتناقشون في أمر زفافهما وغيره من التفاصيل...
وقتها دخل زكريا بعدmا طرق الباب ليجدها تنام على فراشها بكل براءة وهدوء وعلى وجهها أثر دmـ.ـو.ع، حسنا زكريا لا بأس فهي زوجتك وحلالك الآن ينقصك أن يعلم الجميع بزواجكما حتى يصبح صحيحا مائة بالمائة، دخلت منيرة على زكريا لتجد أن ابـ.ـنتها نائمة بهدوء وزكريا ينحني قبالتها في هدوء ينافس هدوء نومها...
لذا تراجعت للخلف قليلا وهي تتنحنح بخفوت متحدثة سريعا وهي تخرج: معلش يا ابني شيلها لان شكلها تعبان ومش هتصحى...
تحدثت وهي تكاد تخرج لولا كلمة زكريا التي اوقفتها ولا يعلم كيف حديث ذلك:
طب معلش لبسيها أي حاجة واسعة عشان وهي نايمة ممكن، يعني قصدي هو إني...
اه يا الله لما الأمر صعب هكذا؟ ابتلع ريقه وهو يرفع نظره لمنيرة يتأمل أن تكون قد فهمت عليه. ابتسمت منيرة وهي تهز رأسها متفهمة ثم توجهت سريعا لدولاب ابـ.ـنتها وأخرجت إسدال الصلاة وهي تطلب منه رفعها حتى تتمكن من جعلها ترتديه...
حسنا هذا كثير عليه في يوم واحد، اقترب منها زكريا ببطء وهو يرفعها جيدا وبحرص شـ.ـديد لتصبح تقريبا بين أحضانه لتلبسها منيرة الاسدال سريعا ثم قبلتها بحب وهمست لزكريا:
معلش يابني خدها معاك ولما ابوها يمشي هاجي انا أخدها عشان متسمعش حاجة تزعلها كفاية اللي سمعته لغاية دلوقتي...
هز زكريا رأسه مبتلعا ريقه بتـ.ـو.تر ينظر لتلك التي تستوطن أحضانه للمرة الثانية، لكن هذه المرة وهي زوجته، لا يعرف لماذا لكن عنـ.ـد.ما رأى والدتها تنحني مقبلة إياها اراد هو الآخر أن يقبلها قبلة صغيرة وشعور في داخلها أنه يحمل طفلته لا ينفك يتركه كلما اقترب منها...
تحرك زكريا للخارج وهو ينظر لرشـ.ـدي وهادي نظرة فهم الاثنان معناها ليتحركوا أمامه سريعا يراقبون له الطريق فلا أحد يعلم أنها زوجته وقد تتكاثر الأقاويل عليهما...
سار زكريا بها حتى وصل البناية الخاصة بها ليتركه كلا من هادي ورشـ.ـدي بعد أن ألقى عليهما كلمـ.ـا.ته المقتضبة:
هادي بلغ الشيخ ساجد اني هعمل اشهار لعقد زواجي بعد صلاة الجمعة بكرة...
أنهى حديثه وهو يصعد الدرج بها تاركا خلفه رشـ.ـدي وهادي ينظران لبعضها البعض بتعجب ومازالت الصورة لم تتضح بعد...
ذهب الشابان حتى القهوة ليجلسا عليها بهدوء شـ.ـديد ليتبعهم بعد دقائق زكريا الذي جلس وهو يتنفس بعنف شـ.ـديد وكأنه كان يركض لاميال...
رفع زكريا نظره للاثنين بتعجب لتلك النظرات التي يرمقونه بها: فيه ايه؟ بتبصوا كده ليه؟
ابتسم رشـ.ـدي وهو يضـ.ـر.ب هادي بمشاكسة غامزا له بقصد اغاظة زكريا: هو ده بقى الموضوع يا شيخنا اللي قولتلي هكلمك فيه!؟
نظر له زكريا بملل وهو يقلب عينه عالما بداخله أنه لن يسلم من حديثهما وقد تحققت مخاوفه وهو يصله صوت هادي الممازح:
مقولتلناش يعني انك مدلوق بالشكل ده؟
حتى هو لم يكن يعرف ذلك هكذا فكر زكريا في نفسه وهو يستمع لصوت رشـ.ـدي الجاد:.
لا بجد يا زكريا ازاي تتجوز بالشكل ده؟ ده هادي الاهبل آخره كان يدخل بخلاط، إنما أنت ما شاء الله داخل بمأذون على طول.
حسنا ماذا يخبرهما أنه لم يكن حتى في أكثر أحلامه جموحا ليفعل شيئا كهذا دون دراسة طويلة وتفكير طويل جدا، وأنه ذهب لهناك حتى يلحق بها وعنـ.ـد.ما وجد والدها سيضـ.ـر.بها تدخل سريعا وبدأت الأمور تتعقد منه، هو حتى لم يكن يفكر في الزواج ليس الان على الاقل، لكنه قال ما قاله بشأن رغبته السابقة في الزواج منها فقط لوقوف فاطمة وسماعها كل ما يحدث وعرض والدها لها عليه بهذا الشكل، فهو إن كان عرض عليه الأمر بشكل شخصي وحدهما كان سيفكر وقد يرفض فهو بالطبع لم يقع في حبها بهذه السرعة التي تؤهله للزواج منها دون تفكير أو حتى سؤال عائلته والمقربين منه، لكن ذلك الذي يدعى والدها بكلامه عنها وعرضها بذلك العرض الوضيع وعلى مسامعها لم يدع له فرصة للرفض حتى لا يجـ.ـر.حها أكثر، بل تحدث وقال أنه كان يرغب في الزواج به من الأساس حتى لا يخجلها أمامه، رغم عدm إنكاره أن هناك جزء داخله قد بدأ يميل لها وهذا سبب رفضه تحفيظه لها وقفل أي باب للشيطان ليأتي القدر ويجعلها بين ليلة وضحاها زوجته...
عادي يعني انا اساسا كنت بفكر في الموضوع ده من فترة لاني بحب اكون واضح وانتم عارفين...
هكذا برر زكريا الأمر أمام أصدقاءه فهو إن رفض كـ.ـسرها أمام نفسها فلن يفعل أمام أحد حتى لو كان ذلك الأحد أصدقاءه الذين لا يملك اغلى منهم ولا يوجد أقرب منهم لقلبه...
ابتسم هادي وهو يحرك يغمز له: زيدي يا زيدي قال والاستاذ كان بيهزقني على اللي عملته.
قاطع حديثهم ذلك رنين هاتف زكريا برسالة أتت له من والدته تطلب حضوره حتى لم تهاتفه. يبدو أن الأمر لن ينتهي بهذه السهولة.
تنهد زكريا بتعب وهو ينهض مبتسما: حسنا استأذنكم فقد اشتعلت الحرب في الأعلى، سأقابلكم غدا في محل والدي ونجلس سويا ونكمل حديث.
أنهى حديثه راحلا سريعا وهو يدعو ربه داخله أن ينتهى الأمر على خير...
ليله صوت هادي وهو يتحدث بصوت عالي: حدثني إن احتجت الدعم أمام الحاج لؤي، اشهر سلاحك يا فتى فلن ينفعك لسانك مع والدك
نهض رشـ.ـدي وهو يشير لداخل القهوة متحدثا بملل: هشوف الاستاذ اللي جوا أخر المشاريب ليه؟
رفع هادي حاجبه بتهكم واضح: هو الاستاذ مش مستعجل كالعادة ليه؟ اتخانقت مع ماسة صح؟
هز رشـ.ـدي رأسه متجها للداخل: موضوع طويل هجيب المشاريب واجيلك...
رحل رشـ.ـدي تزامنا مع ارتفاع رنين هاتف هادي الذي لم يصدق عينه وهو يرى اسم دبدوبي الصغير يعلو شاشته مفكرا ببسمة أن شيماء إن رأته ستخـ.ـنـ.ـقه...
رفع الهاتف سريعا على أذنه قبل أن تغلق المكالمة وهو يتصنع الغـــضــــب منها بسبب آخر موقف لهما معا:
نعم عايزة ايه؟
صدmت شيماء من لهجته وكادت تتحدث لولا صوته الذي قاطعها بحنق شـ.ـديد:.
اوعك تكوني فاكرة إن لما تتصلي تعتذري هرضى على طول؟ لا يا هانم مش اقل من خمس ست سبع اتصالات عشان ارضى.
ابتسمت شيماء من الجانب الآخر بيأس عليه وهي تحاول التحدث: انا اساسا مش...
قاطعها هادي بحزم وضيق: متبرريش لو سمحتي انا شوفتكم بعنيا الاتنين...
يابني اسمعني ر...
قاطعها هادي مجددا متقنا دوره الغاضب: لا يا شيماء مش بالسهولة دي اسامحك لا يا ماما، مش اول ما تتصلي اقولك خلاص سامحتك ومحصلش حاجة.
نفخت شيماء بضيق وهي تصمت ليكمل هو حديثه بتذمر كطفل صغير: يعني مثلا طالما أنتِ اتصلتي بيا يبقى حسيتي بالذنب، كان ممكن تتعبي نفسك شوية وتقولي كلمتين حلوين تجبري خاطري بيهم لاني زعلان اوي على فكرة...
صاحت شيماء بحنق شـ.ـديد من حديثه: يا بني انا متصلة عشان عايزة رشـ.ـدي وهو فونه مقفول...
اصلا؟ يا وا.طـ.ـية.
مين دي اللي وا.طـ.ـية؟
كان ذلك صوت رشـ.ـدي الذي خرج يحمل في يده صينية المشروبات الخاصة به وبهادي وزكريا، استدار هادي وهو يجيب بغـ.ـيظ يمد يده بالهاتف له:
اختك، اتفضل كلمها ومعلش ابقى اتعب شوية في تربيتها عديمة الشعور دي وقولها إن الجفا بيعلم القسوة.
أنهى حديثه وهو يزم شفتيه كطفل و ينأى بنظره بعيدا عن رشـ.ـدي الذي كان يفتح فمه بصدmة لما يقوله هادي متسائلا عن سبب اتصال شيماء به وعن سبب حديث هادي الغـ.ـبـ.ـي متوعدا له بالضـ.ـر.ب بعدmا ينتهي من حديثه مع أخته...
مد هادي يده وانتزع مشروبه ثم جلس بهدوء جوار رشـ.ـدي يدعي عدm الاهتمام رغم حواسه المتحفزة لكل كلمة تخرج من رشـ.ـدي...
ايوة يا شيماء فيه ايه؟
تحدثت شيماء سريعا وبعدm تصديق فهي ظنت أن اخيها في العمل وليس مع هادي، لذا سارعت سريعا في التحدث بما جعل دmاء رشـ.ـدي تجف في عروقه:
رشـ.ـدي كنت فين بقالي ساعة بكلمك وتليفونك مقفول، ماسة تعبت اوي واخدناها على المستشفى...
بمجرد دخوله للمنزل حتى استقبلته شرارات الغـــضــــب التي تخرج من والده و نظرات خيبة الأمل التي تصوب إليه من والدته، ابتلع ريقه يفكر جيدا في طريقة لارضائهما دون أن ينزل من قدر زوجته أمامهما...
ممكن الاول ادخل استحمى واغير هدومي لاني تعبان جدا وبعدها أخرج ونتكلم براحتنا...
هذا كل ما استطاع التحدث به محاولا الحصول على فرصة أخرى للتفكير في مخرج لما وقع به، لكن كل ما وصله منهما هو صمت شـ.ـديد ونظرات حانقة لينهض سريعا متجها صوب غرفته داعيا الله أن يلهمه القوة لحل هذا الأمر...
دخل غرفته سريعا وحمل ثيابه ثم اتجه صوب مرحاضه سريعا غافلا عن تلك التي تتوسط فراشه، فهو حينما جاء بها وضعها على الأريكة تبعا لأوامر والدته ثم هبط سريعا لأصدقاءه ليقوم والده سريعا بعدmا تأكدت وداد أنها بخير بإدخالها لغرفة ابنه فهي بالنهاية زوجته...
كان زكريا يقف أسفل المياة وهو يتنفس بعمق محاولا التفكير في شيء لكن وبعد دقائق لم يصل لحل لذا فكر أن يخبرهم نفس السبب الذي أخبره لأصدقاءه رغم علمه أنهم لن يتركوه بسهولة...
خرج من المرحاض وهو يتنهد بتعب شـ.ـديد مرتديا شورت قصير نسبيا و يجفف شعره بمنشفة صغيرة،.
لم يرى تلك التي كانت أعينها تتسع بعنف شـ.ـديد لما تراه فهي ترى أمامها رجل عاري الجذع دون أن تستطيع تمييز ملامحه من المنشفة لذا سريعا شعرت بالهواء يسحب من الغرفة وبجسدها يتيبس...
ابعد زكريا المنشفة من على وجهه وهو يتجه لخزانة ملابسه لكن توقف فجأة وهو يرى تلك التي تتوسط فراشه ليسرع ويحاول اخفاء جذعه عنها برعـ.ـب شـ.ـديد فهو لم يعتد يوما أن يظهر عاري الجذع أمام فتاة أو امرأة حتى والدته منعها منذ كان طفل في العاشرة من رؤية حتى جزعه العلوي عاري بسبب خجله الشـ.ـديد من الأمر، ليدرك زكريا في هذه اللحظة أن تلك الفتاة التي يحتضنها فراشه بهذا الشكل خُلقت لتكـ.ـسر حدوده واسواره واحدا تلو الآخر، خرج زكريا من شرودن على صرخة فاطمة التي صمّت آذان الجميع ليفتح عينه بفزع وهو يرى تلك الحالة تعود إليها مجددا وجسدها يُشل تقريبا وقد أصبح تنفسها بطئ بشكل مرعـ.ـب لذا ودون تفكير ركض لها زكريا وهو يصـ.ـر.خ باسمها في فزع كبير جاذبا اياها لاحضانه بقوة ثم...
كانت الأجواء ساخنة وبشـ.ـدة وكأن أحدهم أشعل للتو في المنزل وهذا ما حدث بالفعل فكانت منيرة تقف في منتصف المنزل بتحفز شـ.ـديد أمام نحمده تستعد للانقضاص عليها ولن يمنعها شيء عن ذلك حتى زوجها الذي يتوسط الأريكة بكل أريحية وكأنه تخلص من عبء كبير بزواج ابـ.ـنته...
تمام يا منيرة بس مترجعيش تنـ.ـد.مي لما الاستاذ اللي جريتي عليه تجوزيه بـ.ـنتك يرميها بعد ما يعرف اللي هي عملته، على الاقل الراجـ.ـل اللي جابه مرسي عارف اللي فيها وراضي
كانت تلك كلمـ.ـا.ت نحمده الحاقدة والتي لا تقبل حتى الآن أمر زواج فاطمة من هكذا شاب، وابـ.ـنتها حتى اليوم كل من تقدm لها كان أقل من مستواها.
ابتسمت منيرة بسخرية متسائلة: وياترى بقى ايه اللي عملته بـ.ـنتي يا ست نحمده يمنعها تتجوز من واحد كويس ومحترم وتعيش زي بقية خلق الله؟
أطلقت نحمده ضحكة عالية ساخرة وهي ترمي بكلمـ.ـا.ت كالسم على مسامع اخيها وزوجته غير مراعية أن من تتحدث عليها هي في النهاية ابنة اخيها وليست غريبة، لكن حقدها قد اعماها عن رؤية الأمر:.
متعشيش الدور يا منيرة الله يكرمك لان انا وأنتِ والعيلة كلها وكل الناس عند بيتكم القديم عارفين كويس اوي إن...
صمتت ثم تحدثت موصبة هدفها لمنتصف قلب منيرة: بـ.ـنتك مش بـ.ـنت بنوت يا عنيا...
حسنا هنا ويكفي. ثوانٍ وكان خد نحمده يستقبل كف منيرة في لطمة عنيفة أودعت بها كل الذل الذي تعرضت له مع ابـ.ـنتها من أشخاص نُزعت الرحمة من قلوبهم، لتصرخ بصوت عالي رجّ جدران المنزل:
اخرسي، بـ.ـنتي اشرف منك ومن اللي خلفوكي.
منيرة.
ألتفتت منيرة لزوجها الذي هرع سريعا ليبعد بينهما تهدر في وجهه بعنف شـ.ـديد غير عابئة لشيء:
ايه و.جـ.ـعتك الكلمة اوي يا مرسي؟ وكلامها على بـ.ـنتك مش هامك؟
رفعت نحمده عينها بشر لمنيرة وهي تصرخ في وجهها بغـــضــــب شـ.ـديد اعماها: بتضـ.ـر.بيني يا زبـ.ـا.لة عشان بقول الحقيقة؟ وياترى لو سكتيني دلوقتي هتسكتي بقيت الناس ازاي؟
صرخت منيرة بقهر وحسرة على ابـ.ـنتها التي ذاقت من الدنيا ما يكفي لينهار جبل:.
عنهم ما سكتوا، كفاية اني عارفة كويس اوي إن بـ.ـنتي مغلطتش.
صمتت قليلا لتكمل بدmـ.ـو.ع ونحيب عالي: لان زي ما قولتي أنتِ الكل عارف اللي حصل يا نحمده وعارفين كويس أوي إن بـ.ـنتي شريفة وأنها مش بـ.ـنت بنوت فعلا بس مش بمزاجها، الكل عارف يا نحمده إن بـ.ـنتي تم اغـ.ـتـ.ـsـ.ـابها بس الظاهر إنك أنتِ اللي مصرة على تجاهل الموضوع وماشية تتهمي بـ.ـنتي أنها لوثت شرف العيلة...
صمتت قليلا تحاول التنفس من بين شهقاتها العالية لتكمل: عمري في حياتي يا نحمده ما هنسالك كلامك ده وجوز بـ.ـنتي انا بنفس هقوله...
كاد مرسي يزجرها عن التحدث لتقاطعه منيرة وقد وصلت لأقصى حد من تحملها صارخة بهم:
مش ده اللي عايزينه؟ هروح اقوله يا مرسي يمكن يكون احن عليها من اللي منها، هروح اقوله إن مـ.ـر.اته تم اغـ.ـتـ.ـsـ.ـابها وهي لسه بـ.ـنت 17 سنة...
↚
شعور أنها مراقبة لا يكاد يتركها كلما خرجت من منزلها، وكأن هناك شخص يسير خلفها في كل مكان كظلها.
ابتلعت بثينة ريقها بخــــوف وهي تسرع من خطوات قدmها تدخل أحد الشوارع وكل ثانية وأخرى تنظر خلفها برعـ.ـب شـ.ـديد وكأن شبحا يلحق بها. حسنا لن تكذب وتقول أنها لم تفكر لثوانٍ في هذا الاحتمال، أن يكون المراقب لها من الأشباح فهي كلما التفتت فجأة لم تجد أحد خلفها مما عزز تلك الفكرة داخل رأسها.
توقفت فجأة على جانب أحد الأزقة الضيقة تنظر حولها بريبة شـ.ـديدة وكأنها على وشك السرقة لكن توقف قلبها عن الخفقان وهي تستمع لصوت جوار أذنها يتحدث بهمس:
الجميل ماله خايف كده؟
صرخت بثينة برعـ.ـب وهي تلتفت سريعًا لذلك الذي يشرف عليها بطوله وجسده الضخم، تضع يدها على صدرها بفزع شـ.ـديد تحاول تنظيم تنفسها ثم نظرت حولها بخــــوف قبل أن تدفعه بعيدا عنها بغـــضــــب جحيمي:
انت غـ.ـبـ.ـي!؟ كنت هتوقف قلبي...
صدرت قهقهات من ذلك الرجل وهو ينظر لها بنظرات ساخرة محتقرة: اللي يشوفك وأنتِ مرعوبة كده ما يشوفكيش وأنتِ ماشية تخبطي في خلق الله.
قلبت بثينة عينها بغـ.ـيظ شـ.ـديد وهي تتحدث بضيق: قُصره، طلبت تقابلني ليه؟ مش قولت إن أخري معاك كان إني اجبلك الرقم بتاعها؟
التوى ثغر الرجل ببسمة جانبية ساخرة ثم قال وهو يلقي قنبلته: الاستاذ جوزها بيدور ورايا فقولت اقولك تاخدي بالك من حركاتك الايام الجاية لاحسن تتقفشي و...
أنهى حديثه بغمزة من عينه وهو يضحك للرعـ.ـب الذي ملء وجهها وهي تتحدث بتقطع وخــــوف شـ.ـديد:
رشـ.ـدي؟ وهو، هو عرف منين؟
يمكن عشان ظابط مثلا؟ عموما هو معرفش حاجة عني بس هو بدأ يدور ورا الرقم عشان يعرف أصله فأنا ببلغك تاخدي بالك.
هزت بثينة رأسها وهي تفكر في تلك الورطة التي أوقعت نفسها بها، بسبب تسرعها ورغبتها في الانتقام من ماسة بعدmا عرفت أن ماسة تعرف الكثير عنها مما تخفي عن الجميع...
تمام اسمعني انا معرفكش ولا انت تعرفني، انت كنت حابب حد يوصلك ليها وانا بس عطتك رقمها يعني لو وقعت انا مليش فيه. إنت فاهم؟
هز الرجل رأسه ومازالت تلك البسمة الساخرة والخبيثة في نفس الوقت مرتسمة على فمه لتستدير بثينة سريعا وهي ترحل قبل أن يلمحها أحد رغم حرصها على مقابلته خارج الحارة...
نظر الرجل لاثرها بنظرات مقززة وهو يمرر أنظاره على جسدها من أعلى لاسفل عاضا شفتيه بنبرة شهوانية:.
وماله ياقمر بكرة يجي اليوم اللي ت عـ.ـر.فيني كويس.
كاد لؤي يركض سريعا لغرفة ابنه لسماع صوت صراخ فاطمة لولا يد وداد التي منعته من ذلك متحدثة بهدوء:
سيبه مع مـ.ـر.اته يا لؤي أيا كان اللي بيحصل هو هيتصرف ولو احتاج مساعدة هتلاقيه بينادي...
توقف لؤي محله قليلا وهو ينظر بتردد للباب وقد هدأت الصرخات فجأة ثم بعدها تحرك بعدm اهتمام مصطنع جهة الأريكة يشغل التلفاز ببرود شـ.ـديد...
في الداخل: انتبه زكريا لتلك الحالة التي عادت مجددا لزوجته وحدث مثلما حدث المرة السابقة فقد تيبس جسدها وكأنها شُلت وأصبح تنفسها بطئ بشـ.ـدة وكأنها على وشك لفظ أنفاسها الأخيرة لذا ودون تفكير ثانية كان يركض جهتها جاذبا إياها لاحضانه في عناق كبير ثم أخذ يهدهدها كطفلة صغيرة وهو يقرأ على مسامعها بعض الآيات القرآنية وهي فقط تتنفس بعنف بين أحضانه وهو مازال يتلو الآيات على مسامعها ويشـ.ـدد على عناقها أكثر واكثر حتى كاد يدخلها لاحضانه متذكرا حديث والدتها له بأنها في تلك الحالة تحتاج فقط للشعور بأن أحد جوارها وأنها ليست وحدها لذا كان يشـ.ـدد على عناقها يدفن وجهها في رقبته وهو مستمر بتلاوة الآيات...
بينما فاطمة بمجرد رؤية رجل ذو جذع عالي حتى عادت لرأسها تلك الذكريات السوداء بعدmا أفاقت من أغمائها و وجدت أحد الرجـ.ـال يخرج من المرحاض وهو يجفف شعره متحدثا بنبرة مقززة مبتسما بخبث:
صباحية مبـ.ـاركة يا قمر...
أغمضت فاطمة عينها بشـ.ـدة تشتم رائحة غريبة عليها وصوت حنون اجش يقتحم غيمتها السوداء وهو يقرأ عليها بعض آيات القرآن بلطف وصوت ملائكي لتبدأ بالهدوء شيئا فشيء و بعض الشهقات تخرج من فمها كل فترة.
شعر زكريا بـ.ـارتخاء جسد فاطمة ليبدأ في التحدث إليها بهمس حنون بشـ.ـدة وكأنه يتحدث مع ابـ.ـنته الصغيرة:
اششش انا هنا معاكِ متخافيش، انا جانبك دايما.
مدت فاطمة يدها دون وعي تحيط بها عنق زكريا بشـ.ـدة وكأنها تخشى رحيله وعودة تلك الذكريات السوداء إليها مرة أخرى. لتخرج همسة صغيرة من بين شفتيها ودون شعور بأي شيء سوى ذلك الدفء الغريب عليها والذي لأول مرة تشعر به:
متسبنيش.
ومجددًا تلك الكلمة تكررها على مسامعة تستفز بها كل ذرة مسؤلية داخله تجاهها وكأنه لم يتزوج للتو بل حصل على طفلته الأولى التي يشعر جهتها بمسؤولية كبيرة جدا ولا يعلم لماذا هذا الشعور معها هي بالتحديد؟ ربما لأنها زوجته، لكنه شعر أيضا بنفس الشعور قبل زواجه منها، أو ربما بسبب نظراتها الحزينة التي يراها دائما، حسنا لا يهم كل ذلك المهم أنه بالفعل يشعر تجاهها بمسؤولية كبيرة إلى جانب بعض المشاعر الغريبة والتي لا يود حقا تفسيرها.
انتبه زكريا لانتظام انفاس فاطمة بجانب عنقه وقد علم منها بنومها، لذا اعتدل قليلا وهو يحاول جعلها تتسطح على فراشه لكن بمجرد أن مدّ يده ليبعدها عن أحضانه حتى تشبثت به فاطمة أكثر وهي تبكي في نومها متمتمة بخــــوف:
لا خليك معايا. متسبنيش.
ابتلع زكريا ريقه وهو ينظر إليها قليلا قبل أن يعتدل بجسده يستند على ظهر الفراش خلفه جاذبًا اياها بين ذراعيه في وضعية افضل ثم نظر لها ببسمة لا يعلم مصدرها أو سببها حتى، يقترب منها محققا حلمه الذي أراده منذ رؤيته لمنيرة تقبلها، ف اقترب مقبلا إياها بحنان شـ.ـديد من وجنتها وبعدها جذب الغطاء عليهم، فأصبح هو يستند بظهره على الفراش خلفه وهي تنام قريرة العين بين أحضانه، زوجته الصغيرة والتي كاد يفتن بها لولا طلبه من والدته أن تحفظها هي لكن ها هو القدر يصر على جمعهما معا وتحت مسمى جديد، زوجته، كرر زكريا الكلمة بتعجب شـ.ـديد من وقعها عليه فها هو قد تزوج بعدmا كان يبعد تلك الفكرة عن رأسه رافضا إياها في ذلك الوقت، لكن ها هو يجلس على فراشه يضم بين أحضانه زوجته التي لا تتخطى معرفته بها ايام فقط.
تنهد زكريا وهو يغمض عينه تاركا كل شيء لحتى يستيقظ ناعما بذلك الدفء الجديد على فراشه وتلك الاحضان الغريبة عليه. ارتسمت بسمة ساخرة على جانب فمه وهو يتذكر حساسيته الشـ.ـديدة تجاه جميع النساء ورفضه حتى لمجرد لمسة عابرة ولو بالخطأ ها هو يحتضن امرأة غريبة تقريبا وكأنه عاشق لها وليس شخص عرفها من ايام فقط وقد كانت غريبة عليه، و ها قد أضحت تلك الغريبة امرأته.
ركض رشـ.ـدي بجنون في طرقات المشفى يتبعه هادي الذي فزع لحالته حينما أنهى اتصاله مع أخته، كان يسير رشـ.ـدي في ممرات المشفى وهو يبحث بعينه عن رقم الغرفة الذي علمه من أخته...
داخل الغرفة كانت ماسة تضحك بتعب شـ.ـديد على تذمرات شيماء من هادي: مش فاهمة هو شايف نفسه ايه؟ قال مفكرني اتصلت عشان سواد عيونه.
صمتت قليلا ثم أخذت تتحدث بنبرة خشنة بعض الشيء مقلدة هادي: طالما اتصلتي يبقى حاسة بالذنب، يلا راضيني بقى.
ازدادت ضحكات ماسة وهي تضع يدها على صدرها بو.جـ.ـع بينما سحر كانت تنظر لهما بيأس ثم قالت وهي تنهض:
هروح اجيب اي حاجة اشربها بدل القعدة اللي كلها تنمر دي.
انهت حديثها تاركة كلا الفتاتين تنظران في اثرها ببسمة حتى تحدثت ماسة بمشاغبة ومازالت نبرتها مجهدة وبشـ.ـدة. :
سيبك من سحر يابت وقلديلي هادي شكلك مسخرة وأنتِ بتقلديه.
ابتسمت شيماء بغباء وحماس وهي تنهض من الفراش الخاص بماسة التي تحسنت قليلا وأصبحت قادرة على التحدث بعدmا كانت تتنفس بصعوبة...
توسطت شيماء الغرفة وهي تنفخ صدرها بشـ.ـدة، تقف وهي تفتح قدmيها بشكل مثير للضحك ثم تحركت في الغرفة كبطريق متحدثة بصوت رخيم اجش تحاول منه تقليد صوت هادي:
اسمع يا رشـ.ـدي انا هروح اجيب امي والخلاط وهاجي اتجوز اختك.
عند هذه اللحظة لم تتمكن ماسة من التحمل فصرخت من الضحك تراقب مشية شيماء وهي تفتح قدmيها بغباء شـ.ـديد نافخة صدرها حتى كادت تفقد أنفاسها.
استمرت شيماء في تقليد هادي وهي تركض ومازالت تفتح قدmها بغباء تقلد هادي أثناء نداءه لرشـ.ـدي:
رشـ.ـدي، رشـ.ـدي ااااا
كانت تتحدث وهي تمثل وكأنها تركض خلف رشـ.ـدي بهيئة هادي لكن وأثناء ذلك استدارت فجأة لتجد أن رشـ.ـدي وهادي يقفان على باب الغرفة والبلاهة هي كل ما يظهر على ملامحهما.
كان هادي يرمش بعدm استيعاب يرى تلك الغـ.ـبـ.ـية تقلده بهذا الشكل المضحك، بحق الله هو حتى لا يسير بهذا الشكل البشع الذي تقوم به.
رفع رشـ.ـدي حاجبه وهو يمرر أنظاره على زوجته واخته، يا الله ما هذا الغباء الذي يحاط به.
ابتلعت شيماء ريقها بصدmة وهي تعتدل في وقفتها وتجلي حلقها بتـ.ـو.تر مشيرة لماسة التي فور رؤيتها لرشـ.ـدي حتى ادعت الإغماء وهي تلقي يديها جوارها مخرجة لسانها وكأنها للتو مـ.ـا.تت خـ.ـنـ.ـقا:
ماسة هي اللي قالتلي.
تمام يا مرسي مش انت عملت اللي انت عايزة؟
ممكن بقى تسيبني انا وبـ.ـنتي في حالنا؟
صدm مرسي من حديث زوجته هل تمنعه الآن من ممارسة حقه كأب وزوج؟ ويبدو أن منيرة ادركت فيما يفكر لتتحدث بهدوء وحيادية تحاول أن تتحكم في غـــضــــبها قليلا فبالنهاية هذا زوجها ويجب عليها احترامه حتى وإن لم يستحق ذلك:.
هتفضل اب لبـ.ـنتك دايما يامرسي. انا مش بقولك اني بمنعك تكون ليها اب، بالعكس أنا بتمنى أنك تكون اب ليها ولو ليوم واحد يا مرسي.
صمتت تراقب ملامح الاستنكار التي تعلو وجه زوجها وكأنها رمته للتو بأتهام باطل سخرت في نفسها وهي تسمع صوت نحمده التي اكتفت مما تقوله زوجة اخيها:
قصدك ايه يا منيرة؟ محسساني إنه ماسك الكرباج ونازل جل. د في بـ.ـنته، مش كل اللي بيعمله عشان مصلحتها؟ واديكي شايفة اهو جوزها لواحد ماشاء الله.
ياريته كان جل. دها، ياريته، بس هو معملش كده هو د.بـ.ـحها يا نحمده، بعدين مين ده اللي جوزها ها؟
كانت توجه نظراتها الحادة لوجه نحمده قائلة بغـــضــــب مـ.ـجـ.ـنو.ن: جوزها مين معلش؟ ده كان جايب واحد عجوز يجوزها ليه ولا أنتِ مكنتيش معانا؟ ولو زكريا اتجوزها فده كرم ورجولة منه هو مش فضل من اخوكِ.
صدmت نحمده من حديث منيرة التي تخطت به كل الخطوط الحمراء وهي التي لم ترفع يوما صوتها على أحد وكانت دائما تختبأ إذا ما سمعت مواء قطة بالقرب، ها هي ذا تنتفض أمامهم وكأنها على وشك الهجوم عليهم.
صمتت نحمده ولم تتحدث بكلمة أخرى فهي لا تضمن ردة فعل منيرة قد تطردها وابـ.ـنتها من المنزل ولا تجد مكان تذهب إليه، بينما كان مرسي صامت صمت مريب يستمع لكن ما تقوله زوجته عنه دون حتى كلمة اعتراض من جهته...
نظرت منيرة لهما ببسمة سعيدة بسيطرتها على الأوضاع هنا لتتحدث بعد صمت طويل عن المكان:
من انهاردة محدش فيكم هيتدخل في حياة بـ.ـنتي ولا حد ليه الحق يتحكم فيها غير جوزها وبس.
كانت تغمض عينيها ناعمة بدفء غريب. دفء ودت لو تعيشه طوال حياتها. ابتسمت أثناء نومها وهي تتشبث أكثر بذلك الشيء الذي يضمها ثم اقتربت اكثر وهي تقبل ذلك الشيء بحب وراحة شـ.ـديدة.
بينما كان زكريا يكاد ينفجر خجلا مما تفعل فهي تلتصق به بشكل خطير جدا، وهو لم يعتد على أن يلمس امرأة غير والدته والآن تأتي هذه وتلتصق به بهذه القوة؟ بل وتقبل صدره أيضا.
حاول أن يتنفس ليهدأ نفسه، ثم مد يده بتردد وهو يربت على رأسها بحنان هامسا بصوت خافت:
فاطمة.
لم تجبه فاطمة رافضة أن تخرج من تلك الغيمة التي تحيطها بكل راحة، لكن زكريا عاد مجددا ونادى عليها وهو يحاول تهدأته ضـ.ـر.بات قلبه التي تكاد تخرج من صدره:
فاطمة اصحي...
فتحت فاطمة عينيها قليلا لا تعي شيء حولها و دون شعور منها أو حتى تعلم سبب فعلتها اقتربت من زكريا وهي مازالت تغلق عينها بعض الشيء ثم كوبت وجهه قليلا واقتربت منه وقبلته في خده وبعدها أحاطت رقبته واكملت نومها وكأنها كانت بحلم أو ما شابه تاركة زكريا يكاد قلبه يتوقف عن الخفقان وانفاسه تتسارع وهو يهمس:
رباه، سيتوقف قلبي.
حاول زكريا الابتعاد عنها بعدmا فشل في جعلها تستيقظ وللحق هو في هذه اللحظة لا يتمنى ابدا أن تستيقظ وتراه بهذا الشكل.
وبمجرد أن نزع رأسها من على صدرها ووضعها على الفراش حتى انتزع جسده من الفراش بسرعة وهو يغادره ببطء حذر يبتعد للخلف بظهره موجها نظره لها يود ارتداء ثيابه قبل أن تستفيق، لكن ليست كل الاماني تتحق فبمجرد ابتعاده عنها حتى شعرت فاطمة وكأنها سحبت فجأة من ذلك الدفء والقيت ارضا بعنف لتفتح عينها بانزعاج تنظر حولها لترى الشيخ أمامها ينظر لها بشكل غريب متراجعا للخلف وكأنه لص وكان فقط يرتدي شورت قصير ولا شيء آخر...
توقف زكريا عن التحرك وهو ينظر لها بصدmة وهي تبادله نفس النظرات، استمر الوضع لثوانٍ دون أن يقدm أحد على التحرك انشا واحدا وكأنهما تجمدا.
قطعت فاطمة تلك اللحظات من الصمت المريب بصرختها التي صدحت في المنزل كله...
ماسة هي اللي قالتلي.
تحدثت شيماء بخجل تكاد تبكي مما وضعت فيه نفسها بسبب الغباء مشيرة لماسة التي تدعي الإغماء بشكل مثير للضحك مخبرة إياهم أن ماسة هي صاحبة الفكرة.
اقترب هادي وهو يلوي شفتيه لأعلى بتشنج ناظرا لشيماء ثم تحدث بسخرية كبيرة:
هو انا بمشي زي ما بتعملي كده؟
نظرت له شيماء بخجل شـ.ـديد لينظر لها هادي بحنق وهو يتحدث بغـ.ـيظ: بعدين انا بمشي فاتح رجلي بالمنظر ده؟ ليه عندي تسلخات؟
احمر وجه شيماء بشـ.ـدة من حديثه تنظر له بحنق، لكن ليس هادي من يصمت ليكمل حديثه بسخرية لاذعة:
بعدين بتجيبي سيرة الخلاط بتاعنا ليه؟ ده شاهد على خطوبتنا.
تأفف رشـ.ـدي مما يحدث ليتحرك جهة زوجته التي تدعي المـ.ـو.ت تقريبا فهذا ليس مظهر مريـ.ـضة نائمة ابدا، وقف رشـ.ـدي أمام الفراش وهو يهز ماسة بسخرية:
ماسة يا حبيبتي أنتِ عندك حمى، مش مـ.ـيـ.ـتة محروقة.
استمرت ماسة في ادعاء الإغماء ليقترب منها رشـ.ـدي مبتسما بسخرية وهو ينحني مقتربا منها بشكل كبير مستغلا انشغال شيماء بشجارها مع هادي الحانق:
طب على الاقل دخلي لسانك بدل ما أنتِ شكلك زي المخـ.ـنـ.ـوقة كدة.
لم تتحرك ماسة سنتي واحد أو ترمش حتى ليبتسم رشـ.ـدي وهو يقترب مقبلا وجنتها بحنان شـ.ـديد لعدة ثوانٍ قبل أن ينتبه أحد، ليجد ماسة تستدير للجانب الآخر وهي تعطيه خدها الآخر ليقبله...
اطلق رشـ.ـدي ضحكات عالية وهو يضـ.ـر.ب جبينها بخفة ثم نظر لهادي وهو يتحدث بضيق:
زفت يا هادي خلاص خلصنا.
رمقه هادي بحنق شـ.ـديد وهو يهدر معترضا ملوحا بيده: يا عم اسكت شوية خلينا نشوف حكاية نفخة الصدر دي، ايه ياختي شايفاني ماشي نافخ صدري ولا فاتح رجلي ولا كأن عندي البواسير؟
خجلت شيماء بشـ.ـدة من حديثه ليرمقه رشـ.ـدي بغـ.ـيظ شـ.ـديد صارخا في وجهه أن يكف عن حديثه الوقح.
ثم نظر لماسة التي استفاقت واخيرا وهي تجلس معتدلة على الفراش ليقترب منها بحنان شـ.ـديد يضع يده على وجهها مربتا عليه بحنان:
حبيبي عامل ايه؟
ادعت ماسة الغـــضــــب فهي لا تنسى صراخه بها ابدا لذا نظرت للجهة الأخرى قائلة بحنق:
مش بكلمك.
ضحك رشـ.ـدي عليها ثم جذب وجهها مجددا له وهو يقترب منها بشـ.ـدة هامسا بحب:
واهون عليكِ
ما انا هونت عليك يا أباظة
اقترب رشـ.ـدي منها أكثر وأكثر حتى كاد وجهه يلامس وجهها قائلا بحب شـ.ـديد:
قلب وروح أباظة.
كان رشـ.ـدي ينظر بعشق لماسة وهو يهمس لها بكلمـ.ـا.ته المعتذرة عما بدر منه أثناء غـــضــــبه وما كاد يضيف كلمة حتى وجد هادي يطل عليهم من الاعلى وهو يقول ببسمة غـ.ـبـ.ـية:
بمناسبة اللحظات السعيدة دي والمود الرايق ده يا أباظة، اروح اجيب امي والخلاط وتجوزني اختك؟
رفع كلا من رشـ.ـدي وماسة وجههما لهادي الذي كان بسمته البلهاء تزين وجهه مضيفا:
متجوزني اختك يا أباظة وخليك جدع.
انتفض رشـ.ـدي نافضا ذراع هادي عن كتفه وهو يتحدث بحنق شـ.ـديد: يا بني ارحم امي يابني...
دخل في ذلك الوقت ابراهيم وهو يحمل بعض الطعام ليفاجئ بحضور الجميع وينتبه لرشـ.ـدي الذي ركض عليه سريعا وهو يقبل يده متوسلا إياه أن يخلصه من هادي الذي أضحى كالعلقة:
ابوس ايدك، ابوس ايدك خلصني منه يا حاج، اقولك منك ليه يعني اعتبرني معرفش شيماء دي ولا اقربلها اصلا خلي كلامه كله معاك، خليه يعتقني ابوس ايدك.
صمت قليلا ثم قال ببسمة مـ.ـجـ.ـنو.نة: اقولك حاجة احسن خده وخد بـ.ـنتك واطلع على اي مأذون وجوزهم واديها ليه يروح بيها.
رشـ.ـدي.
تحدثت شيماء بخجل شـ.ـديد لحديث أخيها ليتجاهلها رشـ.ـدي وهو ينظر باستجداء لأبيه الذي نظر له بسخرية ثم تحدث بدرامية كبيرة:
يا اما قولتلك يا بني وحذرتك، إياك وصداقة الهبل بس انت عملت ايه؟ روحت وصاحبت اعـ.ـبـ.ـط اتنين في الحي كله، اشرب بقى.
أنهى ابراهيم حديثه وهو يضع حقائب الطعام ارضا ثم خرج وهو ينظر لابنه بتأثر شـ.ـديد:
إياك والعـ.ـبـ.ـط يا بني، إياك والعـ.ـبـ.ـط.
نظر رشـ.ـدي لاباه بغـ.ـيظ وهو يتبعه صارخا بحنق: خد يا حاج هنا لسه مخلصناش كلام...
نظر هادي لرحيل رشـ.ـدي وابراهيم ثم تحرك خلفهم فاتحا قدmه كما كانت تفعل شيماء راكضا بنفس الطريقة التي كانت تركض بها وهو ينادي رشـ.ـدي بصوت رخيم جدا وبنفس طريقة شيماء:
رشـ.ـدي، رشـ.ـدي.
فزع زكريا من صراخ فاطمة الذي صم اذان الجميع، لينطلق دون شعور منه منقضا عليها يكتم فمها وهو ينظر للباب برعـ.ـب:
اششش اسكتي، استري عليا ابوس ايدك هيفتكروني بعمل حاجة غلط.
نظرت له فاطمة برعـ.ـب وهي تراه عاري الجذع لتدفعه بعنف شـ.ـديد ثم انتفضت من الفراش وهي تصرخ متجه صوب الباب لكن وقبل أن تفتحه شعرت بزكريا يجذبها من الخلف مانعا إياها من الخروج وهو يتحدث لها:.
يرضيكِ يعني تفضحي جوزك ولؤي يشمت فيا؟ ده لو شافني بالشورت هيصورني ومش بعيد يفرجها للناس بعد صلاة الجمعة ابويا وانا عارفة
توقفت فاطمة عن التحرك وهي تنظر له بتعجب شـ.ـديد لما يقول متعجبة طريقة حديثه معها فهي اعتادت منه الجمود واللامبالاة. هل يحدثها هي الان؟
انتبه زكريا لهدوء فاطمة بين ذراعيه لذا ابتعد عنها يتنحنح بخجل شـ.ـديد من الوضع الذي كان عليه ليحمر وجهه دون شعور وهو يفرك عنقه بخجل:
اسف مكنتش اقصد.
كانت فاطمة تنظر له دون وعي ثم همست وكأنها انتبهت الان: مراتك؟
لم يفهم زكريا قصدها لتعيد هي حديثها بشكل اوضح: إنت قولت مراتك؟
ابتسم لها زكريا وهو يهز رأسه: اممم مراتي هما خدروكِ ولا ايه؟ مش فاكرة أننا اتجوزنا؟
وانت بقى ما صدقت تتجوز عشان تقل ادبك و تقلع قدامي؟ وانا اللي كنت مفكراك محترم، طلعت زيك زي كل الرجـ.ـا.لة بتحرككم رغباتكم.
تشنج زكريا بصدmة من حديثها ليجدها تفتح الباب وتخرج تاركة إياه في صدmته...
خرج زكريا من صدmته على فتحها للباب وخروجها منه ليهرع سريعا ويرتدي ثيابه ثم خرج خلفها ليجدها تقف مع والدته وهي تخبرها أنها راحلة لذا ركض سريعا ممسكا إياها من ثيابها من الخلف وكأنه امسك بلص صغير يسـ.ـر.ق حذائه...
نظرت فاطمة بصدmة لفعلته لتبدأ التحرك بين يديه بغـ.ـيظ شـ.ـديد هاتفه من بين أسنانها:
اوعى كده سيبني خليني اطلع.
تطلعي ايه طلعت روحك، هتطعلي كده؟
نظرت له فاطمة بعدm فهم ليشير هو بعينه جهة شعرها، فزعت وهي تتحسس رأسها تهدر به أن يغمض عينه ليسخر بها زكريا وقد اكتشف جانبا به جديد لا يخرج سوى مع تلك الفتاة بين يديه:
ايه يا ختي خايفة اشوف شعرك وأنتِ مراتي؟ ما أنتِ من شوية كنتِ هتوريه لأمة لا إله إلا الله ولا هو حـ.ـر.امٌ على بلابه الدوح حلال على الطير من كل لون؟
فتحت فاطمة فمها ببلاهة لا تفهم ما قال للتو وما كادت تستفسر حتى صرخ بوجهها:.
ادخلي يابت غطي شعرك.
فزعت منه فاطمة وهي تركض سريعا لغرفته باحثة عن حاجبها برعـ.ـب من صراخه...
انتبه زكريا لنظرات والده و والدته المتعجبة لتصرفاته، لكنه تجاهل الأمر الآن يراقب تلك التي خرجت من غرفته ثم تخطته جهة الباب مودعة والدته دون حتى أن توجه كلمة له، وماكادت تغلق الباب خلفها حتى تحدثت بحزم:
لو سمحت هما اسبوعين ونطلق.
وليه اسبوعين؟ طب ما انا ممكن البضاعة مثلا تعيش معايا لشهر، لازم يعني أبدلها بعد الاسبوعين؟ مينفعش اعمل طلب إمداد وقت.
نظرت له بحنق ثم اردفت بعصبية: انا مش بهزر على فكرة، بعد اسبوعين هتطلقني.
دفع زكريا رأسها بعيدا عن الباب وهو يتحدث بغـ.ـيظ شـ.ـديد منها: اسرحي يا عسل يلا عند بيتك
ثم اغلق الباب في وجهها بحنق شـ.ـديد واستدار ليجد نظرات والديه ازدادت تعجبا من تصرفاته ليتحدث وكأنه لم يفعل شيء:.
فيه ايه؟ بتبصوا كده ليه؟
استيقظ زكريا في الصباح على صوت والدته وهي تنكزه في كتفه لينهض. فتح زكريا عينه بانزعاج شـ.ـديد لاستيقاظه مبكرا فاليوم هو الجمعة وليس أي جمعة بل الجمعة الأخيرة من الإجازة. ثم سيعود للتدريس مجددا:
نعم يا وداد ابوس ايدك سيبيني انام شوية قبل ما
لؤي يفتكرني ويقولي انزل المحل.
لم تجبه والدته بل استمرت في نكز كتفه بغـ.ـيظ شـ.ـديد ليفتح عينه بانزعاج شـ.ـديد وهو يزفر بضيق:.
نعم يا وداد اؤمري فيه ايه!؟
لم تجبه دلال بل أشارت على ثيابه أن ينهض ويعطيها لها، ضيق زكريا عينيه بتفكير ثم همس بينه وبين نفسه:
هدوم وصمت؟ البداية دي انا عارفها كويس، اتخانقتي مع لؤي؟
أدارت وداد وجهها للجهة الأخرى معبرة عن حقيقة ما قال، لطم زكريا بحنق شـ.ـديد:
يا مرارك يا زكريا، يا مرارك، يعني انتم مش بيحلى ليكم تتخانقوا غير الجمعة؟ مش فاهم عشان يعني البركة تحل في الخناقة ولا ايه؟
أشارت له وداد بحزم أن ينهض ويعطيها ثيابه ليتحدث بحنق شـ.ـديد: فالحين بس تتخانقوا وكله يجي على دmاغي انا...
ولا يا وداد مش هديكِ حاجة عشان اكيد اخدتي دولابي كله.
صمت وهو ينهض من فراشه بضيق شـ.ـديد متجها صوب الحمام متمتما بضيق شـ.ـديد:
والله بعد كده لاخبي هدومي عند الواد هادي.
نظرت وداد الحمام بحنق وهي تفتح عينها بصدmة من فعلة ابنها ليصلها صوته وهو يقول بغـ.ـيظ شـ.ـديد:.
مش هتستريحوا انتم غير لما انزل الشارع ببوكـ.ـسر والناس تعايركم إن ابنكم كان ماشي ببوكـ.ـسر وهو طول الباب...
كان لؤي يجلس في الخارج يبتسم بسخرية وهو يرى وداد تتحرك من أمامه ونظراتها تكاد تحرقه...
خرج زكريا من غرفته بضيق وهو يتمتم مغتاظا من ذاك الزوج: افضلوا أنتم خلفوا عيال وبهدلوهم معاكم بخناقكم مش فاهم انا الخناقة الصامتة دي؟ يعني الواحد يعرف الخناقة اللي تقفل بطـ.ـلا.ق أو قلمين، إنما انتم لا ازاى لازم لما تتخانقوا تنكدوا على الدنيا معاكم.
كاد هادي يخرج من المنزل سريعا ليلحق برفيقيه في محل لؤي فاليوم هو موعد تجمعهم في المحل سويا لكن بمجرد أن فتح الباب حتى تفاجئ بوجود بثينة في وجهه وهي تبتسم له بسمة غريبة عليه...
تراجع هادي سريعا مفسحا لها طريق الدخول: اتفضلي امي جوا.
أنهى حديثه وكاد يخرج سريعا لولا أنها أوقفته وهي تقول بحـ.ـز.ن شـ.ـديد لجفاءه معها:
برضو لسه متضايق يا هادي ما انا اعتذرت ليك كتير...
توقف هادي بتعجب وهو يعود للباب ناظرا لها بعدm فهم، هل تظن أن ما فعلته كان سهلا؟ يبدو أنها جنت اكيد.
هو ايه اللي اعتذرتي عنه؟ انك روحتي تشوهي صورتي قدام شيماء؟ ولا انك افتريتي عليا زور؟
كادت بثينة تفتح فمها لكن اقتراب هادي بسرعة منها جعلها تشهق بقوة ورعـ.ـب:
احمدي ربك إن اخرك معايا كان إني امنع الكلام، لان صدقيني لو سبت الموضوع لشياطيني هيكون ليا كلام تاني معاكِ.
أنهى حديثه ثم رحل بسرعة قبل أن يعود ويصفعها مؤدبا إياها...
بينما هي نظرت له بغـ.ـيظ شـ.ـديد ثم اخرجت هاتفها متحدثه بهدوء شـ.ـديد: الو يا شوشو، أنتِ في البيت؟ طب تمام انا جيالكم، ومتخليش فاطمة تمشي لما نشوف حوارها هي كمان.
انهت حديثها وهي تنظر بغـ.ـيظ حولها ثم خرجت من المنزل بحنق فهي من الأساس جائت لأجل أن ترى هادي و ها هو يرحل تاركا إياها دون حتى أن يسامحها، والان لترى أمر السيدة فاطمة والتي علمت بزواجها صدفة من خلال حديث شيماء معها بالأمس والذي اخبرها رشـ.ـدي بكل ما حدث...
همست بثينة بغـ.ـيظ شـ.ـديد وهي تغلق الباب خلفها بعنف: والله شكل الهبل بس هما اللي بينفعوا مع صنف الرجـ.ـا.لة، شيماء و كمان فاطمة وانا قاعدة أزمر.
يابني ركز الله يكرمك هما شعرتين بس هتشيلهم في أيدك
زفر هادي بحنق وهو ينظر في المرآة لوجه فرج بغـ.ـيظ شـ.ـديد: بقولك ايه يا فرج انا لو عليا هشيل راسك نفسها فاهدى كده لاني على اخري منك.
صمت فرج برعـ.ـب وهو يناظر عيون هادي التي تقدح شرار...
همس زكريا وهو يضع الطعام على الطاولة يجهز الفطور للجميع: قوم يا رشـ.ـدي إنت شوف فرج لاحسن مش بيسلك مع هادي.
هز رشـ.ـدي كتفيه بعاد شـ.ـديد وكأنه طفل صغير: مليش فيه، ده دوره هو، انا لسه حالق لواحد.
أصدر زكريا صوتا ساخرا من حنجرته على طفولة رفيقيه ليستفيق على صوت هادي الذي غمزه في المرآة بخبث:
ها بقى يا كازانوفا احكيلنا ايه اللي وصلك للجواز بالشكل ده؟
يابني انت لو مركزتش هتوصلني للرفيق الأعلى ابوس ايدك انا لسه حتى ممسكتش ايد ام اشرف.
ضحك هادي بصخب وهو ينحني قليلا لفرج هامسا: مش عيب لما تبقى خلبوص كبير كده ولسه ممسكتش ايد ام اشرف؟ يا جدع ده انا قولت انك وصلت لمرحلة البوس بس شكلك زي حالاتي لسه مستني الفرج.
هز فرج رأسه وهو يتنهد بتعب وملل موافقا حديث هادي...
ابتسم زكريا وقد استمع لحديثه هادي فهو الاقرب له من رشـ.ـدي...
تحدث رشـ.ـدي وهو ينظر لزكريا بتعجب يتناول بعض الطعام سريعا حتى ينتهي هادي:
مقولتليش يا زكريا هتعمل فرحك امتى؟
انتبه هادي والجميع لحديث رشـ.ـدي ليبتلع زكريا ريقه بتـ.ـو.تر فهو حتى لا يعلم مصير علاقته بفاطمة:
ربنا ييسر لسه معرفش...
تحدث هادي بغـ.ـيظ شـ.ـديد: لا يا خويا اعرف بسرعة لاني ناوي والنية لله نتجوز سوا في نفس اليوم، واياك اسمع كلمة اعتراض.
ضحك رشـ.ـدي بصخب وهو ينهض يضم هادي من الخلف متحدثا بمشاكسة: أنتِ صغنونة هتتجوزي.
شعر هادي بيد رشـ.ـدي تبدأ في زغزغته ليبدأ الضحك دون التحكم في نفسه:
رشـ.ـدي لا، بس، بواخة بقولك، بس.
ضحك رشـ.ـدي بشـ.ـدة على ضحكات هادي التي ملئت المكان ليبتسم لهم زكريا بحب شـ.ـديد شاكرا الله في نفسه على هؤلاء الأصدقاء الذين يعشقهم.
انتبه رشـ.ـدي وهادي لنظرات زكريا ليتغامزا ثم وفي ثوانٍ كان الاثنان يهجمان على زكريا الذي صرخ بفزع قبل أن تصدح ضحكاته مختلطة بضحكاتهم في منظر مبهج للقلب...
هتف هادي بفرحة شـ.ـديد: ايه رأيكم نعمل التلات افراح مع بعض؟ هيكون حلو اوي.
سمع الجميع فجأة صوت يقتحم المحل متحدثا بثقة كبيرة: فعلا حلو، والأحلى بقى لو كانوا اربع افراح وجوزتني بثينة بـ.ـنت عمك...
↚
نظر هادي لرفيقيه قبل أن يعيد نظره لذلك الذي يقف أمامهم ببسمة مشرقة لطيفة وثياب مهنـ.ـد.مة لا تتناسب ابدا مع الحارة واجوائها...
ابتسم ذلك الشاب وهو يراقب الصدmة على وجوه الجميع ليتحرك صوبهم متحدثا ببسمة بسيطة:
ها اجيب خالو واجي امتى؟
نظر رشـ.ـدي للشاب وهو يهمس لهادي بصوت منخفض مازح: الحق ياض يا هادي بـ.ـنت عمك هتتجوز واحد بريحة وطعم الكرواسون.
لم يتمكن هادي من كبت ضحكاته على حديث رشـ.ـدي ليسقط ارضا ضاحكا وهو يتخيل ابنة عمه بحديثها وتصرفاتها تلك زوجة لذلك الشاب برائحة الكرواسون كما يقول رشـ.ـدي.
اقترب الشاب بحنق شـ.ـديد وهو يساعد هادي لينهض: ايه يا هادي مطولش ولا ايه؟
نظر هادي لوجه وهو يود أن يخبره أن يهرب لكنه ابتلع حديثه فتلك بالنهاية ابنة عمه وعرضه لذا تنحنح وهو يرسم الجدية على وجهه:.
لا ابدا يا فرانسو يا حبيبي متطولش ايه بس يابني؟ ده انت بقيت من العيلة من يوم ما كلت سندوتش من ايد رشـ.ـدي يا جدع
رفع رشـ.ـدي يده ملوحا بها في الهواء يؤكد على حديث هادي ليبتسم لهم فرانسو بفرحة ثم يقول بحماس شـ.ـديد:
طب اجيب خالو امتى طيب؟
تحدث زكريا بتعجب من لهجة فرانسو: سيبنا من خالو دي وقولي ما شاء الله بقيت لبلب في اللهجة المصرية ازاي؟
ما هو انا اشتغلت على نفسي عشان اللحظة دي بعدين اساسا انا كنت بتكلم مصري كويس بسبب والدتي هو بس بعض الالفاظ اللي كانت محتاجة تتظبط، إنما الفصحى هي اللي فيها مشاكل
نظر له هادي بتحذير وهو يقول: اسمعك تنطق كلمة فصحى قدام زكريا هعلقك احنا مش ناقصين ما صدقنا بقاله يومين بيتكلم معانا عادي.
خرج صوت مستنكر من حنجرة زكريا وهو يتحدث معترضا على حديث هادي: بتكلم عادي؟ على أساس إن الفصحى مش عادي؟ انا حقيقي مش فاهم اعتراضكم ايه هنا؟ المفروض اساسا كلنا نتكلم فصحى
تحدث رشـ.ـدي وهو ينهض من مقعده متجها صوب فرانسو: وانت عرفت بثينة منين؟
ابتسم فرانسو بحرج شـ.ـديد ثم قال بخفوت: لما جينا معاكم الاول ودخلت المحل هنا عشان نكلم عمو لؤي وهي دخلت ورا البـ.ـنت اللي كانت بتجري ورا الكـ.ـلـ.ـب شوفتها.
همس هادي لزكريا وهو يكبت ضحكته: لؤي لو سمع كلمة عمو لؤي دي مش بعيد يولع المحل بينا.
رمقه زكريا بغـ.ـيظ شـ.ـديد و لم يكد يتحدث حتى وقعت عينه على شيء في الخارج جعله يترك الجميع ويخرج سريعا...
معرفش والله يا شيماء الموضوع تم من غير حتى ما اخد بالي فجأة لقتني مـ.ـر.اته وعلى سريره و...
صمتت فاطمة وقد أدركت للتو فقط ما قالته لتبتسم ماسة بخبث وهي تقترب منها بشـ.ـدة تغمز لها بوقاحة:.
ايوة ايوة كملي ايه اللي حصل بعد السرير كملي اصلي بحب قلة الأدب.
اخرجت شيماء صوتًا ساخرا من حلقها وهي تهمس لنفسها بسخرية: قال يعني البت محرومة، ده هي ورشـ.ـدي ما شاء الله 24 ساعة قلة ادب قدامنا.
ابتسمت ماسة وهي تستمع لحديث شيماء ثم مالت عليها وهي تهمس: بكرة تبقي أنتِ وهادي قلالات الادب كده يا شوشو و...
قاطعتها شيماء وهي تصرخ بخجل شـ.ـديد مبعدة ماسة عنها. هي تعلم جيدا وقاحة ماسة لذا اوقفتها عن الحديث وفي تلك اللحظة فُتح باب غرفة شيماء بعنف لتدخل منه بثينة كما لو كانت في هجوم على أحد أوكار الإرهاب...
صرخت ماسة بفزع مصطنع وهي تبعد طرف البلوزة الخاصة بها عنها تنفخ فيها بخــــوف:
تف تف تف يا ستير يارب، يا قاعدين يكفيكم شر الجايين...
انهت حديثها وهي تضع يدها على قلبها تمثل الفزع بينما بثينة تجاهلتها كليا وهي تتجه صوبهم تجلس على الفراش جوار شيماء لتنهض ماسة وهي تقول بضيق شـ.ـديد:
هروح اشوف الشاي زمان ماما خلصته، تطفحي حاجة يا بثينة؟
كادت بثينة تجيبها بحديث لاذع لكن ماسة لم تمنحها الفرصة فقد خرجت سريعا وهي تقول:
طب يا جماعة عن اذنكم بقى اشوف الشاي لأن زي ما انتم عارفين إذا حضرت الشياطين بقى.
انهت حديثها وهي تغلق باب الغرفة خلفها بعنف تاركة فاطمة خلفها ترمقها بعدm فهم لما فعلته لكنها أفاقت على حديث بثينة الهجومي المستنكر:
بجد اللي سمعته يا فاطمة؟ أنتِ اتجوزتي الشيخ؟
خرج زكريا بسرعة من المحل للشارع وهو يلمح بعينه ما جعل عروقه تنفر في جسده حيث كان هناك أحد الشباب يمسك فرج من ثيابه بعدmا خرج من المحل بطريقة مهينة يهزه بغـــضــــب شـ.ـديد صارخا في وجهه...
انتبه كلا من رشـ.ـدي وهادي للامر ليركض الاثنان سريعا جهة الشجار الذي يدور بين رفيقهم وذلك الشاب والذي كان الابن الأوسط لفرج من بين أبناءه الأربعة، ففرج يملك اربع أبناء؛ ثلاث رجـ.ـال وفتاة وجميعهم متزوجون ويعيشون في منازل مستقلة بعيدا عنه عدا ابنه الأكبر الذي يعيش معه في نفس المنزل هو وزوجته وأولاده.
كان زكريا يمسك تلابيب ثياب ذلك الشاب بغـــضــــب جحيمي نادر الظهور على وجهه يصـ.ـر.خ وقد بدأت عروقه تنفر:.
بتمد ايدك على ابوك يا ندل؟
كان فرج يبكي كطفل صغير وهو ينظر بصدmة لابنه الذي جاء ناويا ضـ.ـر.به، فجأة شعر فرج بأحد يسحبه لاحضانه والذي لم يكن سوى هادي الذي ضمه بحنان شـ.ـديد مربتا عليه وقد شعر بقلبه يحترق جراء تلك الدmـ.ـو.ع وهو الذي لم يرى يوما وجه فرج حزين منذ ولادته كان دائما يمزح ويضحك حتى أضحى كرفيق له وليس رجل كبير في السن، وكان هادي يعامله على هذا الأساس. أن فرج صديقه ورفيقه الذي يمازحه ويضحك معه والان يبكي في أحضانه كطفل صغير...
وانت مال امك انت؟ بتتدخل بيني وبين ابويا ليه!؟
هكذا صاح الشاب وهو يدفع زكريا في صدره بغـ.ـيظ شـ.ـديد محاولا الوصول لوالده فهو جاء اليوم لأجل شيء ولن يذهب دونه، اغتاظ زكريا من حديث الشاب وتبجحه فيه ليهبط بلكمة قوية عاد الشاب على إثرها لخلف بعنف يصيح في فرج الذي يختبئ في أحضانه هادي بخــــوف وقلة حيلة:.
بتتحامى فيهم؟ مفكر هسيبك في حالك يعني؟ ياراجـ.ـل اعمل حاجة في دنيتك بدل التفاهة والعيشة المقرفة بتاعتك دي، ده إنت عايش ولا الاهبل.
وعند تلك الجملة كان هادي يبعد فرج عن أحضانه منطلقا صوب الشاب بغـــضــــب شـ.ـديد ممسكا إياه كما لو أنه يحضر لنهايته...
لم تفهم فاطمة شيء من حديث بثينة وسبب كرهها الواضح لزكريا لتبادر بالسؤال:
مش فاهمة ماله الشيخ؟
زفرت شيماء بحنق شـ.ـديد وهي تعلم أن رفيقتها ستبدأ في بث كرهها لزكريا وقد تتسبب في جعل فاطمة تنـ.ـد.م:
مفيش يا فاطمة هي بثينة اساسا كان فيه زمان مشكلة بينها وبين زكريا ومن وقتها وهي...
قاطعتها بثينة بحقد وغـــضــــب شـ.ـديد: لا فيه يا شيماء، فيه أنها هبلة ومتـ.ـخـ.ـلفة عشان من بين كل رجـ.ـا.لة الحارة تتجوز الشيخ زكريا، ده متـ.ـخـ.ـلف ومتحكم في كل اللي حواليه، مش بعيد يخـ.ـنـ.ـقها في عيشتها وبعدين نسيتي اللي سلامة عمله قبل كده؟
سلامة مين؟
تسائلت فاطمة بعدm فهم وهي تنتظر إجابة بثينة التي سارعت القول وهي تقص عليها:
سلامة ده كان صاحب زكريا ورشـ.ـدي وهادي زمان وكان من صنف الشيخ كده حـ.ـر.ام ومش حـ.ـر.ام، ومرة مسك أخته ضـ.ـر.بها وعدmها العافـ.ـية وكان هيقــ,تــلها عشان شعرها بان من الحجاب في الشارع وبعدين اتجوز بـ.ـنت عمه وخـ.ـنـ.ـقها في عيشتها وكان كل يوم يصبحها بعلقة ويمسيها بعلقة لدرجة البـ.ـنت انتحرت في الاخر.
شهقت فاطمة بفزع شـ.ـديد تتخيل نهاية تلك الفتاة المأساوية لتسمع صوت شيماء التي هدرت بغـــضــــب شـ.ـديد في بثينة بسبب حديثها السام ذلك:
بثينة بطلي بقى هتخــــوفي البـ.ـنت، بعدين أنتِ عارفة كويس اوي إن زكريا مش زي سلامة ابدا بالعكس ده هو اللي كان دايما يحوش عنه أهل بيته لما الجنون يمسكه وكان دايما يخانقه وكمان هو قاطع سلامة لما شاف اللي كان بيعمله...
ثم نظرت لفاطمة وهي تربت عليها محاولة مسح كل ما سمعته منذ قليل: ما تاخديش على كلامها يافاطمة هي بثينة كده زي القطر مش بتعرف تفرمل في كلامها، والله رشـ.ـدي دائما يقولي مفيش احن من زكريا فيهم كلهم وا.طـ.ـيب واحد واكيد أنتِ شوفتي ده بعينك.
قاطع كل ذلك ماسة وهي تدخل للغرفة سريعا راكضة جهة شرفة شيماء صارخة:
الشباب بيتخانقوا تحت والموضوع شكله كبير اوي...
ركضت جميع الفتيات للنافذة وخلفهم فاطمة التي كانت كلمـ.ـا.ت بثينة تدور في علقها كالطاحونة غير راحمة إياها وهي حتى لم تتخطى ما حدث لها سابقا وها هي على مشارف أن تتعرض لنفس الشيء، عنف وضـ.ـر.ب.
كان هادي يضـ.ـر.ب الشاب بعنف لم يخرج منه سابقا حتى في أكثر شجاراته شراسة متذكرا دmـ.ـو.ع رفيقه وشهقاته بين أحضانه حتى كاد يزهق روح الشاب بين يديه لولا زكريا الذي جذبه بعنف شـ.ـديد بمساعدة فرانسو ورشـ.ـدي الذي انطلق للشاب و.جـ.ـعله ينهض بغـــضــــب شـ.ـديد وهو يصـ.ـر.خ في وجهه:
اسمع ياض اقسم باللي خلقني وخلقك رجلك تدب ام الحارة دي مرة تانية انا هسيبك ليه وبعدها هتشرفني في الحجز سامع؟
لم يجيبه الشاب حيث كانت نظراته توجه لهادي وهو يبصق الدmاء من فمه ببسمة مخيفة متحدثا بصوت خافت:
لا راجـ.ـل يالا، بس هنشوف هتفضل كده لامتى؟
تحرك هادي بعنف بين يدي زكريا وفرانسو وهو يصـ.ـر.خ به: تحب اوريك يا روح امك؟
ضحك الشاب بسخرية وهو يتجاهل صياح هادي ثم نظر لفرج الذي ينظر له بقلب مكلوم وموجوع عليه رغم كل ما فعله:
مبسوط؟ سيبت شوية كلاب عشان يضـ.ـر.بوا ابنك؟ ده انت راجـ.ـل ابن.
ترك زكريا هادي فجأة وهو يندفع للشاب ضاربا اياه في وجهه صارخا فيه بغـــضــــب شـ.ـديد:
اقسم بالله ما فيه كـ.ـلـ.ـب غيرك يا حـ.ـيو.ان يا عاق...
ابعد رشـ.ـدي زكريا عن الشاب بصعوبة لا يود أن يتطور الأمر لأكثر من ذلك حتى لا يورط أصدقاءه في قضية أو ماشابه ليوجه حديثه للشاب بغـــضــــب شـ.ـديد:
اتفضل امشي من هنا لاحسن انا ماسكهم عنك بالعافـ.ـية واياك تعتب الحارة تاني، امشي.
تحرك الشاب ببطء بسبب جروحه متوعدا للجميع برد الصاع صاعين، تاركا خلفه فرج يبكي بحـ.ـز.ن على ما حدث لابنه وما وصل إليه...
ابعد هادي يد فرانسو عنه ثم اتجه صوب فرج وهو يضمه إليه مقبلا رأسه بحنان:
خلاص يا فرج، اديني ضـ.ـر.بتهولك ضـ.ـر.ب مش بضـ.ـر.به غير للحبايب
ثم انحنى قليلا هامسا في أذنه: اللي هما العرسان اللي كانوا بيجوا لشيماء.
ضحك فرج من بين دmـ.ـو.عه ليبتسم هادي وهو يشاكسه حتى يخرجه من حالته تلك:.
خلاص بقى امسح دmـ.ـو.عك دي لتعدي ام اشرف وهي رايحة السوق وتشوفك كده فتصرف نظر عنك.
تقدm زكريا لفرج وهو يمسح دmـ.ـو.عه ثم سحبه من أحضان هادي جهة المحل: عشان قولتلك يا فرج اقعد افطر معانا، مش لو كنت قعدت كان زمانا متعبناش هادي كده؟
ضحك فرج وهو يسير مع الشباب صوب المحل يتحسر في قلبه على ابنه الذي كاد يقــ,تــله فقط لأجل بعض الأموال.
دخلت فاطمة للمنزل بعدmا تعللت بتعبها الشـ.ـديد لتنفرد بنفسها تفكر جيدا في طريقة لتنجي نفسها من هذا الرباط الذي قيدها البـ.ـارحة، هي بالاصل كانت تود أن تنتهي منه في اسرع وقت وبعدmا سمعت حديث بثينة أصبحت أكثر إصرارا على الأمر...
خرجت فاطمة من شرودها على صوت عمتها الكريه جانبها وهي تناديها: ايه مش سامعة؟ بقالي ساعة بنادي...
نظرت فاطمة لعمتها بلا أي ملامح تدل على اهتمامها.
لتتحرك عمتها جهتها وهي تمد يدها ببعض الأموال متحدثة بنبرة حانقة متأففة كعادتها:
بقولك خدي روحي هاتي اااا...
توقفت نحمده عن الحديث بصدmة وهي ترى ردة فعل فاطمة الجديدة عليها كليا حيث قلبت فاطمة عينها بملل شـ.ـديد متجها صوب غرفتها بعدm اهتمام:
معلش يا عمتي انا تعبانة نزلي منار واهو على الأقل تخرج من الأوضاع بدل ما هي 24 ساعة قدام تليفونها.
اغتاظت نحمده كثيرا من حديث فاطمة لتركض جهتها ممسكة يدها تجبرها على النظر في وجهها وهي تصيح بغـ.ـيظ شـ.ـديد:
بصيلي كده وأنتِ بتتكلمي يا ختي، ايه هو اللي مش هتنزلي ده؟ هو أنتِ يابت عشان لقيتي واحد يعبرك هتشوفي نفسك ولا ايه؟
صمتت تنظر لفاطمة من أعلى لاسفل باحتقار: بعدين بـ.ـنتي مين دي اللي انزلها؟ أنتِ نسيتي إن بـ.ـنتي بتتعلم وبتذاكر مش زيك، آخرك ثانوية عامة و...
توقفت نحمده عن الحديث بسبب انتفاض فاطمة وهي تدفعها للخلف صارخة بغـ.ـيظ شـ.ـديد:
وهو ده بمزاجكِ؟ قوليلي ده بمزاجي يعني؟ بعدين بـ.ـنتك مين دي اللي بتذاكر ما بلاش نضحك على بعض يا عمتي لاني عارفة كويس اوي بـ.ـنتك بتعمل ايه وأنها بتكلم ش...
توقفت عن الحديث بسبب صفعة عمتها التي هوت على خدها بعنف شـ.ـديد جاعلة من دmـ.ـو.عها تهبط بكت فاطمة بعنف شـ.ـديد تتمنى لو تقــ,تــلها عمتها الآن حتى تتخلص من كل هذا العـ.ـذ.اب الذي ملته، هل يمكن أن يصل و.جـ.ـع الإنسان وعـ.ـذ.ابه لدرجة الملل؟ ملت هذا العـ.ـذ.اب وهذه الحياة، والغريب انها بدأت تدخل في حالة تبلد.
أفاقت فاطمة من شرودها ولم تعي بذلك الذي كان يضمها منذ دقائق قليلة صارخا بغـــضــــب شـ.ـديد كاد يصيبها بالصمم في وجه عمتها...
كان زكريا يصعد الدرج الخاص بمنزل هادي بعدmا جاء معه حتى يتجهز لصلاة الظهر وقد قرر عدm العودة للمنزل بسبب إضراب والديه، ليمر من أمام منزل زوجته والذي كان بابه مفتوح. لكنه كعادته وضع وجهه ارضا وهو يتجه صوب منزل هادي متجاهلا الأمر ناويا أن يمر عليها بعدmا ينتهي مما جاء لأجله، لكنه توقف فجأة حينما سمع صراخ يأتي من داخل المنزل والذي كان واضحا جدا أن المعنيّ بالأمر هي زوجته، استمع لصراخ عمتها المتسلطة، حاول تمالك نفسه مذكرا إياها أنها عمتها في نهاية الأمر و...
توقف عن ذلك التفكير وهو يستمع لصوت صفعة عنيفة يتبعها شهقات عنيفة جعلته يتخلى عن كل هدوءه وصبره ويقتحم المنزل على غير عادته وهو ينطلق سريعا لزوجته ساحبا إياها لاحضانه بحنان شـ.ـديد موجها نظراته المشتعلة لعمتها صارخا في وجهها وقد هاله أن يرى اثر الصفعة على وجنتها:
حضرتك بأي حق تمدي ايدك عليها؟
صدmت نحمده من وجوده لكنها حاولت أن تتماسك أمامه وهي تصرخ في وجهه بالمقابل:
وانت مالك انت؟ بـ.ـنت اخويا وبربيها.
وتبقى مراتي برضو، اللي حضرتك ضـ.ـر.بتيها تبقي مراتي
كان زكريا يصـ.ـر.خ بشكل مرعـ.ـب يحاول أن يحتفظ بجزء من هدوءه فمن أمامه سيدة كبيرة في النهاية...
تشنجت نحمده وما كادت تجيب حتى قاطعها زكريا وهو يشـ.ـدد من ضمه لفاطمة بينما يده تتحرك بحنان على رأسها دون شعور منه:
قسما بربي اللي مش بحلف بيه كذب إن حد هوب ناحيتها تاني ما هيلاقي مني اي احترام وهخليه ينـ.ـد.م...
نظرت له السيدة بنظرات متحدية وكأنها تخبره ارني ما لديك.
ابتسم زكريا بشكل مخيف وهو ينادي: هادي
اجابه هادي الذي يقف على الباب من الخارج: نعم يا زكريا
تحدث زكريا وعينه ما تزال موجهه لنحمده: الشقة دي الست ام فاطمة مأجراها ولا اشترتها منك؟
مأجراها بس ليه؟
ابتسم زكريا بسمة جانبية وهو يجيبه و يبدو أن رسالته وصلت لنجمده التي تراجعت في نظراتها:
مفيش اصل كنت بفكر اشتريها منك وتكون مهر فاطمة.
بالطبع لم يكن هذا قصده بل كان يود أن يوصل لنحمده أنه قادر وبسهولة على الزج بها هي وابـ.ـنتها في الشارع ولتذهب وتبحث عن سكن آخر...
ربت زكريا بحنان أكثر على ظهره فاطمة وهو يتحدث بهدوءه وقد عاد إليه أخيرا:
ده اقل حاجة أقدmها لفاطمة، ولا ايه رأيك يا عمتي؟
ابتلعت نحمده ريقها ولم تجيبه...
كانت فاطمة في عالم آخر وهي تشهد ما يحدث وكأنها تشاهد مشهدا سينمائيا ما لا تفهم شيء، هل حقا دافع عنها للتو؟ وما هذا الشعور الغريب الذي شعرت به؟ هل يعقل أن يكون الشعور المسمى بالأمان؟ حقا لا تعلم فهي لم تجربه يوما.
ابتسم زكريا وهو يستمع لصوت منيرة التي جائت للتو من الخارج وهي تمسح قطرات العرق التي تزين جبينها حاملة حقيبة كبيرة مليئة بالمشتريات، حملها هادي سريعا عنها وهو يدخل للمنزل لتبتسم له منيرة بامتنان ثم تفاجئت بوجود زكريا الذي يعانق ابـ.ـنتها بشكل غريب:
زكريا؟ انت هنا من امتى يابني؟
ابتسم زكريا وهو يبعد فاطمة عنه بهدوء ثم نظر لمنيرة واتجه لها مقبلا يدها باحترام لتبتسم منيرة بسعادة كبيرة وقد شعرت للتو أنها كسبت ابن وسند لها، وصل صوت زكريا لها وهو يجيبها سريعا:
مفيش يا امي انا بس كنت جاي ابلغ فاطمة اني بليل هاجي أخدها ونروح عند بثينة لان فيه عريس جاي ليها انهاردة.
صدmت فاطمة من حديثه، اي عريس هذا؟ فهي للتو كانت مع بثينة ولم تخبرها شيء.
ابتسمت منيرة وهي تجيبه بسعادة: اكيد يابني دي مراتك دلوقتي
ابتسم لها زكريا ثم استدار لفاطمة وتحدث بشيء سريع خطر على باله: وكمان بعد اذنك لو تسمحيلي بعدها اخدها ونروح اي كافيه و...
ترك زكريا كلمـ.ـا.ته معلقة وهو يفرك رقبته بإحراج ثم سارع بالتحدث: شوية كده والجمعة هتأذن وبعد صلاة الجمعة انا هشهر جوازنا عشان الكل في الحارة يعرف.
ابتسمت له منيرة وهي تربت على يده بحنان: ربنا يبـ.ـاركلك يا حبيبي، مفيش مشكلة يبقى خدها وأخرجوا شوية.
ابتسم لها زكريا ثم استأذن وخرج سريعا لهادي متجها مع للشقة الخاصة به تاركا فاطمة تنظر بحنق لوالدتها بسبب موافقتها على ذلك الأمر وهي اخذت تشير لها بالرفض.
عريس؟ عريس مين ده إن شاء الله؟
صاحت بثينة بغـــضــــب شـ.ـديد في وجه والدتها التي حدثها هادي منذ قليل قبل ذهابه للصلاة عن أمر العريس الذي تقدm لها، ويود الحضور اليوم لأجل خطبتها.
معرفش مين هو هادي اللي قالي أنه جاي انهاردة و هنشوفه بس هو صاحبه يعني وبيقول إنه عارفة، وإنه كويس وابن حلال.
انكمشت ملامح بثينة بغـــضــــب جحيمي وهي تهدر: نعم!؟ جاي انهاردة؟ من غير ما تاخدوا اذني؟ هو ايه أصله ده؟
زفرت والدتها بحنق شـ.ـديد وهي تنهض تاركة إياه متجهة صوب المطبخ تعد لسهرة اليوم:
والله انا معرفش لما يجي يبقى نشوف واللي فيه الخير يقدmه ربنا...
انهت حديثها تاركة بثينة تكاد تحترق حية في الخارج متعودة لذلك القادm اليوم بالويل.
أنهى الامام صلاة الجمعة ثم أخبر الجميع بالانتظار وبعدها بدأ في اشهار زواج زكريا على فاطمة لتنهال المبـ.ـاركات من جميع المصلين على زكريا بينما كان هادي يستند بظهره على أحد الأعمدة بحنق شـ.ـديد يلعن ذلك الفرانسو الغـ.ـبـ.ـي فهو كان من المفترض أن يذهب لخطبة شيماء اليوم بشكل رسمي ويحدد موعد عقد القرآن، لكن مجئ ذلك الغـ.ـبـ.ـي حال دون ذلك...
كان رشـ.ـدي يكتم ضحكته على ملامح هادي بصعوبة شـ.ـديد وهو يربت على كتفه مواسيا:.
معلش يا هادي يا حبيبي اصبر يا غالي يبقى نعملك خطوبتك مع بثينة ايه رأيك؟
ابعد هادي يد رشـ.ـدي عنه بغـ.ـيظ شـ.ـديد ثم تركه واتجه صوب زكريا يبـ.ـارك له وتبعه رشـ.ـدي الذي ضم زكريا بحب شـ.ـديد و ايضا لؤي الذي كان يستقبل المبـ.ـاركة من جميع رجـ.ـال الحارة.
بينما عند النساء كانت فاطمة تجلس في غرفتها وقلبها يخفق بعنف لسماعها اسمها وقد اقترن بزكريا لتغمض عينها بتعب لا تعلم نهاية مـ.ـا.تعيشه متجاهلة ذلك الشعور الذي خلفه عناق زكريا اليوم.
في المساء: كانت بثينة تقف أمام المرآة وهي تنظر لنفسها بغـ.ـيظ شـ.ـديد تكاد تحترق لا تصدق حقا ما آل إليه حالها، هل ستتزوج من رجل آخر غير هادي؟ حسنا هذا سيحدث فقط في حالتين. اما على جثتها أو جثة ذلك العريس المزعوم القادm، والمتوقع أن تكون جثته هو.
خرجت من شرودها على صوت شيماء وهي تقول ببسمة واسعة: حبيبة قلبي قمر ماشاء الله ده العريس عقله هيطير...
هو صحيح اسمه ايه يا بوسي؟
هكذا تسائلت فاطمة بتعجب شـ.ـديد لتبتسم بثينة بسخرية كبيرة: لسه متشرفناش بيه بس قريب ه...
توقفت بثينة عن الحديث بسبب صوت الزغاريد الذي ملء الغرفة وصوت ماسة يصدح في المكان مهلل بصخب:
يا الف نهار ابيض يا الف نهار مبروك، بوسي هتتجوز؟ دي القيامة هتقوم يا جدعان.
انهت حديثها وهي تجذب بثينة لاحضانها بعنف تقبلها بشـ.ـدة على كلا الجانبين أكثر من مرة كالنساء الكبيرات في السن لتتغضن ملامح بثينة بغـــضــــب شـ.ـديد تشعر بسخرية ماسة منها.
ابتعدت ماسة وهي تقول ببسمة واسعة: طب والله يا بوسي وماليكِ عليا حلفان فرحتي فيكِ كبيرة اوي ياقلبي، ربنا يعمر بيته يارب اللي فكر يخلصنا منك. ربنا يوفقه يارب ويكفيه شرك.
احمر وجه بثينة بغـــضــــب شـ.ـديد وكادت تتحدث لولا شيماء التي جذبت ماسة بعيدا عن وجه بثينة قبل أن تنفجر.
كان هادي يجلس وهو يحترق بشـ.ـدة فمن المفترض أن يكون هذا يومه هو ليطلب يد شيماء لكن، لا كيف ينتظر الاستاذ فرانسو، فليحترق هو لا بأس لكن فرانسو ابدا لن ينتظر ثانية فمن الممكن أن تترك بثينة عشها وتطير بعيدا.
نكز رشـ.ـدي هادي في خصره بغـ.ـيظ شـ.ـديد ليتحدث: خلاص يا هادي خلاص يا حبيبي الواد يا عيني تقريبا فكر أنه قــ,تــلك قتيل من بصاتك خف شوية.
التوى ثغر هادي بحنق شـ.ـديد وهو ينظر لفرانسو من أعلى لاسفل بغـ.ـيظ شـ.ـديد لينتبه له فرانسو:
فيه حاجة يا هادي يا حبيبي؟ معجب ولا ايه؟
نفخ هادي بسخرية لاذعة ثم قال بوقاحة: لا يا حبيبي مليش في الدقن والشنب.
ابتسم فرانسو وهو يعتدل ثم نظر لخاله رمزي (والد احمد رمزي الخال الاصغر لفرانسو ) وهو يقول:
خالو لو مش هعطلك ممكن تسيب كوباية القهوة وتتكلم؟
اصبر فاضل بق.
اغتاظ فرانسو وهو يتحدث بحنق: بق ايه يا خالو هو إنت في قهوة، ومستحرم البق يضيع عليك؟
نظر له رمزي وهو يتحدث بهدوء شـ.ـديد مرتشفا كوب القهوة الخاص به: الاه؟ يعني اسيب الكوباية فيها شوية عشان سكان البيت يبوروا؟
تحدث هادي بحنق شـ.ـديد: يبوروا ايه بس يا حاج؟ امال إنت جاي لمين؟ ولا يكونش مرات عمي الله يرحمه القطر هيفوتها؟ ما تشوف خالك يا عم فرانسو.
نظر فرانسو بحنق شـ.ـديد لخاله: يعني مش كفاية بتشرب قهوة في قعدة خطوبة ولا كأنك في عزا لا وكمان جايب لينا الكلام، يا رتني كنت جبت خالي مجدي ( الرجل الذي ظهر مع فرانسو عنـ.ـد.ما خُطف زكريا ورفاقه ).
تحدث زكريا وهو يضحك بعنف على ملامح هادي المغتاظة من كل ما يجري: ومجبتهوش ليه طيب؟
أشار فرانسو لخاله بغـ.ـيظ شـ.ـديد: هو اللي شبط فينا وكان لازم حد يقعد في البيت عشان معاد متابعة والدتي.
شفاها الله وعفاها.
ابتسم فرانسو لزكريا بهدوء ثم تنحنح وقد قرر أن يتحدث هو فيبدو أن رمزي قد نسيّ لما جاء من الأساس:
طب يا هادي انا سبق وبلغتك بطلبي خليني ابلغك تاني.
تنفس فرانسو بهدوء ليتحدث لكن قاطعه احمد وهو يرفع يده بغباء: ممكن اتكلم؟
رمقه الجميع بتعجب ليتحدث رشـ.ـدي بسخرية: ما تتكلم يا بني إنت في فصل ولا ايه؟
ابتسم له احمد مشيرا للمشروبات أمامه: هو انا بس كنت عايز سن اب مش بيبسي عشان مش بحبه وياريت لو فيه تلج اكون شكور ليكم.
دفع هادي فرانسو بغـ.ـيظ شـ.ـديد وهو يقول: خد خالك وابن خالك وغور مش عندنا بنات للجواز.
ثم نظر لرشـ.ـدي الذي كان يضحك بعنف شـ.ـديد وهو يقول: استنى يا رشـ.ـدي اجيب الخلاط واجي معاك نشوف حواري مع اختك، اياكش اتجوزها قبل الخمسين
امسك فرانسو يده وهو يضحك بشـ.ـدة: معلش امسحها فيا بص يا سيدي نادي العروسة اشوفها وخلينا نخلص.
نفض هادي يده وهو ينظر لزوجة عمه قائلا بضيق: نادي بثينة يا عمتي خلينا نخلص.
تحركت سريعا عمته لتحضر ابـ.ـنتها تاركة الجميع يضحك على تصرفات عائلة فرانسو متذكرين ما فعله هادي برشـ.ـدي ليبدو الأمر وكأنه يُرد له ما فعله.
دخلت بثينة رفقة والدتها دون حتى أن ترفع عينها في أحد ليتحرك هادي مشيرا للجميع بالقدوم مع للخارج ليتركوا لهما فرصة للتحدث سويا
انتظرت بثينة حتى خرج هادي لتنظر بعدها لذلك الشاب من أعلى لاسفل بسخرية ثم ابتسمت بسمة مستهزئية وهي تشير له باستحقار شـ.ـديد:
انت.
أشار فرانسو لنفسه وهو يصطنع الغباء: انا؟
ابتسمت له بسمة مقيتة وهي تهز رأسها مشيرة للخارج: حالا تاخد نفسك وعيلتك اللي قاعدة برة دي وتقولهم محصلش نصيب سامع؟
ابتسم لها وهو ينهض يهز رأسه بموافقة متحركا من جانبها يقول بكل هدوء ونبرة غير مهتمة:
حاضر وبالمرة بقى وانا خارج أبلغ رشـ.ـدي مين السبب في إن مـ.ـر.اته تتهدد من شاب ومين اللي عطى الشاب رقم مـ.ـر.اته والصور بتاعتها، مش رشـ.ـدي برة برضو؟
شحبت ملامح بثينة وشعرت كما لو أن الاكسجين قد فرغ من حولها وهي تستمع لكلمـ.ـا.ت ذلك الشاب لتنهض بفزع مستديرة له وهي ترمقه بصدmة:
انت، انت ازاي؟
ابتسم لها فرانسو ثم اقترب منها وهو يقول ببسمة خبيثة تنافس خباثة بثينة:
ها يا قمر تحبي أخرج واكسب ثواب في رشـ.ـدي المسكين ولا استر عليكِ من باب إنك مراتي والمك واعلمك الادب؟
ورغم كل النيران التي اشتعلت في رأس بثينة إلا أنها نظرت له بشر كبير وهناك بسمة مخيفة ارتسمت على وجهها:
فاكرني بتهدد؟ لو عايز أخرج وقولهم بس وريني مين اللي هيصدقك، كلمتي قصاد كلمتك.
ابتسم فرانسو لها ثم أخرج هاتفه وقال وهو يلوح له في وجهها: تؤ تؤ كلمتك قصاد صوري.
دفع زكريا بالباب الزجاجي الخاص بأحد الكافتيريات وهو يدعو فاطمة بيده أن تتقدm للداخل، فقد استأذن من هادي ورحل مع فاطمة راغبا في الجلوس معها قليلا والتحدث في القادm من حياتهما سويا ويوضحا جميع الأمور فهما حتى الآن لم يجلسا سويا ويتحدثا ابدا.
وجد زكريا المقهى مزدحم في الاسفل لذا كاد يلتفت ويرحل لولا صوت النادل الذي ناداه وأخبره أن هناك دور علوي فارغ وهادئ، ابتسم له زكريا بهدوء ثم تحرك لتتحرك فاطمة خلفه حتى قادهما النادل لأحد المقاعد البعيدة الهادئة والتي تجاور حائط زجاجي طويل يطل على المكان بالاسفل في منظر جميل حيث الانوار والأضواء الخاصة بالمحلات المحيطة.
المكان حلو هنا صح؟
حاول زكريا فتح حوار مع فاطمة والتي يبدو واضحا جدا أنها أتت هنا مجبرة، حسنا هو بالفعل يعلم أنها هكذا لذا لم يهتم كثيرا و نظر صوب النادل الذي أتى ليأخذ طلباتهم:
تاخدي ايه؟
لم تجب فاطمة عليه ليغتاظ منها بشـ.ـدة ثم طلب بعض السندوتشات والايس كريم والعصير لها وطلب له هو عصير فقط.
لم تعره فاطمة اهتمام وهي تفكر فيما سيحدث في حياتها القادmة ليتحدث هو متعجبا هذا التجاهل:
ممكن نتكلم؟
هممم.
استفزت زكريا وبشـ.ـدة من تصرفاتها معتبرا إياها وقاحة شـ.ـديد منها ليتحدث محاولا أن يتمسك بهدوءه حتى لا يعلو صوته، فليس هو من يتحدث مع امرأته بطريقة وقحة أمام أحد ولا حتى أمام نفسه:
معلش ممكن افهم ليه الطريقة دي في التعامل؟ انا بدر مني اي شيء خطأ؟
لم تجبه فاطمة لثوانٍ تزامنا مع قدوم النادل ووضعه الطعام، فأخذ زكريا يقرب منها كل شيء تاركا فقط كوب عصير أمامه وهو يقول بخفوت:
كلِ لو سمحتِ عشان م...
إنت هتضـ.ـر.بني امتى؟
وكان اغبى سؤال قد يخرج من فم إنسان يوما لكن في الحقيقة فاطمة لم تكن تقصد أن يخرج بتلك الصيغة البلهاء وكأنها مشتاقة للضـ.ـر.ب لكنها كانت تقصد أن تعلمه أنها تعرف كل شيء عنه متسائلة متى سيأخذ دوره في ذبحها بالبطئ، فيبدو أن هذا مصيرها تنتقل من تلك اليد لتلك اليد.
ورغم صدmة زكريا الكبيرة من سؤالها ذاك إلا أنه حمل كوبه وهو يرتشف منه بعض الرشفات الصغيرة متحدثا بجدية كبيرة:.
بعد الاربعين بأذن الله، نكمل اربعين يوم متجوزين واحطلك جدول محترم كده ونبدأ ضـ.ـر.ب على بركة الله، وأنتِ وشطارتك بقى يعني لو صوت صريخك عجبني ممكن ابدأ اجل. دك.
فتحت فاطمة فمها ببلاهة شـ.ـديد لاجابته مبتلعة ريقها برعـ.ـب طفولي غـ.ـبـ.ـي:
تج. لدني؟
ارتشف زكريا المزيد من العصير الخاص به وهو يهز رأسه: اممم ومع الوقت باذن الله هتترقي و توصلي لمرحلة الكهربا وندخل في المتعة السادية الخاصة بيا بقى، هسرق كبل كهربا من العمود اللي جنب البيت وافضل اصعق فيكِ بقى.
ابتسم وهو يضع الكوب على الطاولة متحدثا وكأنه سادي بالفعل يستمتع بالتعذيب:.
هكهربك مرة قبل الاكل ومرة بعد الاكل زي الدوا كده، و لو ربنا كرمك وعيشتي هجيب طشت ( طبق كبير ) وأغطسك فيه لغاية ما تبقللي...
ابقلل؟
ابتسم زكريا اكثر وهو يهز رأسه: وهجيب لؤي يفس البقاليل اللي هتخرج منك أصله بيحب يفس اوي.
فتحت فمها وعينها بصدmة ليضيف زكريا بسرعة: البقاليل، بيحب يفس البقاليل.
تحدثت فاطمة بسخرية شـ.ـديدة من الأمر: انت بتتريق صح!؟
ابتسم زكريا باستخفاف: أنتِ شايفة ايه؟
لم تجبه فاطمة ليقترب منها زكريا وهو يميل على الطاولة ليصل لها ثم همس لها بنبرة مخيفة:
اكيد بهزر طبعا يا فاطمة بس قوليلي بقى مين ده اللي وصلك فكرة اني ممكن في يوم امد ايدي على ست؟ لا وكمان مراتي؟
ولو رفضت الجواز؟
ابتسم فرانسو وهو يهز كتفه بعدm اهتمام: طبعا مقدرش اجبرك لاني جنتل مان زي ما أنتِ شايفة، ولاني جنتل مان فأنا ضميري بيحتم عليا اقول لرشـ.ـدي على اللي بيهدد مـ.ـر.اته.
احمرت عين بثينة بشـ.ـدة وهي تنظر له بشر مرددة من بين أسنانها: مش فاهمة انت مصر ليه؟ اكيد طبعا مش من حبك فيا؟
وأنتِ شايفة إن فيكِ حاجة تتحب!؟
لم تجب بثنية وقد صدmت من رده الوقح ليكمل هو بخبث وهو يبتسم بسمة لم ترحها اطـ.ـلا.قا:
كل الموضوع اني عايز واحد تقبل تتجوز بيا بدون اي اعتراض.
نظرت له بثينة من أعلى لاسفل بتعجب فحتى وإن كانت ترفض الزواج به فهي لا تنكر أنه شبه خالي من العيوب فهو حسن المظهر بتلك الملامح الأجنبية وأيضا يبدو من ثيابه أنه ميسور الحال إذا ماذا حدث ليضطر إلى تكبد كل هذا العناء من أجل الحصول على زوجة، وأتى جوابها سريعا وهي تستمع لجملته التالية التي ألقاها بلا أدنى اهتمام في وجهها:
محتاج واحدة تقبل تتجوزني وتربي ابني...
ابتسم بخبث يراقب صدmتها وقد حقق مراده ليهمس مكملا حديثه الخبيث: وطبعا مش هلاقي حد في ادبك و طيبتك تربيلي ابني، ها قولتي ايه يا بوسي؟
↚
انطلقت ضحكة بثينة الخافتة بعض الشيء حتى لا يسمع أي شخص من الخارج ذلك وهي تردد بسخافة كبيرة لذلك الأجنبي اللعين الذي يقف أمامها مهددًا إياه:
وياترى بقى حابب القمور الصغير يبقى ايه؟ شمام ولا حـ.ـر.امي؟
ابتسم فرانسو متجاهلًا سخريتها وهو يجيبها بكل جدية: على ذوقك بقى. عايز عقربة صغيرة زيك كده.
بعدين مين عارف مش يمكن اربيكم سوا واكسب ثواب فيكِ؟
ابتسمت بثينة بسمة مـ.ـجـ.ـنو.نة بعض الشيء: اممم وياترى المفتش كرومبو ميعرفش انا ممكن اعمل ايه في اللي يقف قدامي؟
هو رأسه بإيجاب مجيبا إياها بكل برود: صدقيني مفيش حد يعرف قذارتك قدي يا روحي.
اغتاظت وبشـ.ـدة وهي تنهض وقد تخلت عن برودها غير متحملة لذلك الشخص أمامها لتهدده صراحة:.
شكلك اهبل اسمع بقى يا عسل إنت اللي قدامك دي اساسا واحده مـ.ـجـ.ـنو.نة يعني توقع اي حاجة مني لاني صدقني لو عملت اللي في دmاغك ده مش هسيبك تتهنى يوم في حياتك واديك بنفسك شوفت انا ممكن اعمل ايه!؟
ضحك فرانسو وهو يتحدث بحاجب مرفوع: لا هو انا مقولتلكيش؟ اسكتي مش انا دكتور نفسي اساسا، اه والله يعني كل حالات العـ.ـبـ.ـط دي انا تعاملت مع اسوء منها واكتر يا عسل انا كنت مخصص طبيب للحالات المستعصية في اخطر السجون فمش هتيجي واحدة بريالة زيك تخــــوفني في الاخر.
كانت بثينة تنظر له بصدmة كبيرة له ولحديثه ليكمل هو بشر مشيرًا لشعره الذي يرفعه بعيدًا عن عينه:.
ميغركيش الشعر السايح ولا العيون الملونة دي، ده انا قضيت في السجون مع المجانين اكتر ما قضيت مع اهلي.
أنهى حديثه يرمق ملامح وجهها التي كانت تتغير من الصدmة للغـــضــــب للسخط الشـ.ـديد:
بردو مش فاهمة اشمعنا انا؟ اصل إنت مش جاي تتقدm لحفيدة الشعراوي فمتقنعنيش انك عايزني اربي ابنك.
ابتسم لها وهو يقترب منها بشكل خطر ثم همس جوار أذنها: رغم كل اللي فيكِ يا غالية إلا إن دmاغ الأفاعي اللي عندك دي عجباني، عندك حق هو ابني سبب من الأسباب وباقي أسبابي هحتفظ بيها لنفسي.
أنهى حديثه مبتعدًا عنها يرمق عينها بسخرية كبيرة ثم تحدث قبل أن يعود ويجلس مكانه بكل هدوء كما كان يفعل قبل قليل متحدثًا عن نفسه وكأنه لم يكن واقفا للتو يهددها:.
انا مطلق وطبعا زوجتي احتفظت بابني بسبب حقها في الحضانة وعشان اعرف اخد ابني منها وطبقا للقوانين في فرنسا لا يجوز اني اكون اب عازب عشان كده قررت اني اتجوز وهاخدك عشان أثبت اني متزوج وأحق بابني من أمه المهملة...
صمت ينتظر ردة فعل منها على ما يقول لكن لا شيء كان وجهها خاليًا من الملامح تمامًا تشعر كمن فقدت الحياة هل ضاع كل شيء فجأة؟ خسرت هادي وكل شيء؟ والان هي مجبرة للتزوج بشخص لا تعلم عنه شيء بالإضافة لكونه مطلق ولديه ابن أيضا، يا للسعادة التي تعيش بها.
خرجت من شرودها على صوته وهو يحدثها بهدوء شـ.ـديد وبسمة تزين ثغره: طبعا انا بلغت هادي بكل ده وهو تفهم وقال إن الأمر معتمد على موافقتك بس فزي الشطورة لما يدخل دلوقتي ويسألك رأيك تعملي نفسك مكسوفة زي اي بـ.ـنت عندها دm وتمشي على اوضتك وتسيبي الباقي ليا.
اطالت فاطمة النظر في عين زكريا حتى شعرت بالخجل فجأة ونظرت بسرعة للاسفل تحاول اخفاء ارتجاف صوتها:
هو يعني، مفيش حد بس عشان انت يعني...
صمتت ولم تعلم ماذا تقول هي بالطبع لا يمكنها أن تخبره أن بثينة من قالت ذلك فكما علمت من شيماء هم بالفعل ليسوا على وفاق كما أنها تخشى تأثر علاقته بهادي إن علم أن ابنة عمه تخيفها من زوجها وهي في الأصل لم تعلم أهي محقة ام مخطئة ولا يمكنها الحكم على زكريا من الآن لذا حاولت أن تشتت أفكاره، سمعت صوته يقول بهدوء شـ.ـديد وبسمة غريبة على وجهه:
عشان ملتحي ولا عشان بيقولوا عليا شيخ؟
ابتلعت فاطمة ريقها وهي تهز رأسها بنعم فهذا اهون من قول الحقيقة، ابتسم لها زكريا وهو يدفع الطعام جهتها أكثر متحدثًا برفق شـ.ـديد:
طب كلِ الاول أنا طلبت الاكل ليكِ.
نظرت فاطمة في عينه بتعجب وتلك النبرة الحنونة التي يتحدث بها دائما تحرك قلبها بعنف شـ.ـديد.
ابتسم زكريا لرؤيته كل تلك المشاعر المتتابعة على وجهها فهذه الصغيرة ليست ظاهرة ابدًا في إخفاء ما تشعر به، ودون أن يرتب للأمر وجد نفسه يمد يده ممسكًا بخاصتها لتجفل هي دون شعور.
ابتسم لها وهو يشـ.ـدد ضغطه على يدها متحدثا بهدوء: أنتِ شايفة اني متشـ.ـدد لدرجة اني اضـ.ـر.ب نساء وتحديدًا زوجتي؟
لم تعلم فاطمة كيف تجيب عليه فهي في الأساس لك تخطط لاي من هذا، لذا صمتت ليكمل هو:.
للاسف احنا عايشين في زمن إن الملتحي أو المتدين ارهابي، والمنتقبة سارقة وبتخـ.ـطـ.ـف اطفال، تخيلي معايا سُنة الرسول حولّنا معناها السامي لمعاني بشعة بالشكل ده.
ابتلعت فاطمة ريقها وحاولت التحدث: انا مش قصدي على فكرة هو بس...
قاطعها زكريا وهو يتنهد بخفوت: فاطمة انا فاهم كل حاجة بس صدقيني قاعدة التعميم دي مش كويسة ابدا بلاش دmاغك توديكِ لاني ممكن في يوم ابقى متزمت في ديني أو اتحكم فيكِ، انا اه هتحكم فيكِ بس في حدود الدين يا فاطمة ومش هيكون تحكم بمعناه الحرفي لا انا هنصحك وهحاول اني أبين ليكِ كل جوانب الشيء اللي بحاول اقنعك بيه، والله لو اقتنعتي يبقى خير وبركة مقتنعتيش، اكيد مش همسكلك الكرباج واضـ.ـر.بك هحاول مرة واتنين وتلاتة.
صمت يراقب ملامحها ثم رفع يدها أمام وجهه يضمها بكلا كفيه متنهدا: عمري في حياتي ما هكون سبب في إني ابكيكِ. خليكِ متأكدة من كده يا فاطمة، إن طول ما فيا نفس هعاملك بما يرضي الله وبما يأمرني به ديني وأنتِ اكيد عارفة ديني بيأمرني بايه؟ ده أنتِ وصية الرسول يا فاطمة.
كان كل شيء حولها يحدث وهي تجلس فقط تشاهد كما لو كانت مجرد مشاهد وليست المعنية من كل شيء فها هو خاتمه يزين بنصرها بعدmا اخبر هادي أنها وافقت وأنه يود أن يجعلها ترتدي خاتمه الآن وقد أحضره معه، ذلك اللعين جهز لكل شيء لكن مخطئ إن ظنها قد استسلمت فهو جعلها أكثر إصرارا على تنفيذ ما كانت تخطط له منذ وقت، هي ستبعد شيماء ونهائيا عن هادي وتفسخ خطبتها من ذلك الغـ.ـبـ.ـي ثم تتزوج هي بهادي.
خرجت من شرودها على صوت قرب أذنها ولم يكن سوى صوت تلك اللعينة الآخرى التي لم تأخذ بثأرها منها حتى الآن...
انحنت ماسة على بثينة مدعية أنها تبـ.ـارك لها لتهمس في أذنها: مبـ.ـارك يا بوسي يا قلبي اخيرا لقيتِ واحد يلمك بعد ما كنتِ كل شوية تتبعتري على واحد وياريتك فلحتي، يا حبة عيني كل واحد تحطي عينك عليه يبقى نصيب غيرك يا مسكينة، معلش اديكِ هتتجوزي ونخلص منك.
انهت حديثها وهي تستقيم مطلقة زغرودة عالية رنّ صداها في المكان كله لتلمح بعينها رشـ.ـدي الذي ابتسم لها بحب لتبادله البسمة وهي تغمز له بشقاوة جعلت ضحكته تعلو المكان.
بينما هادي كان كل ثانية وأخرى يوجه بسمة لشيماء بغباء شـ.ـديد وهي تخجل وتخفض نظرها ارضا...
وكل ذلك تحت انظار بثينة التي توعدت للجميع بالويل فا هم جميعا سعداء وهي فقط التعيسة هنا، حسنا اللعبة لم تنتهي بعد.
مرّ يومان على كل تلك الأحداث وقد عاد الجميع لعمله وحياته الطبيعية وكذلك فعل زكريا الذي عاد للتدريس مجددا مع بدأ العام الدراسي الجديد لكن هذه المرة في مدرسة بنات وليس التي كان بها قديما والتي كانت للصبية...
تحرك زكريا في أحد ممرات المدرسة متجها صوب أحد الفصول وعنـ.ـد.ما وصل له استمع إلى صوت غناء و ضحكات عالية ليتجه صوب الباب يطرق عليه ثم ابتعد بعدها معطيّا ظهره لهم حتى تعود كل فتاة لوضعها وحتى لا يضع أي فتاة في موقف حرج.
انتظر زكريا خمس دقائق ثم توجه للفصل بأقدام ثابتة وبسمة بسيطة مرتسمة على وجهه ملقيا السلام على الفتيات ليجبن بصوت منظم مرتب معا.
ابتسم زكريا لهن ثم تحدث بهدوء شـ.ـديد متحدثا لهن بكلمـ.ـا.ت حذرة مختارة:
اولا كل عام وانتم بخير، ثانيا خلوني اعرفكم بنفسي. انا الاستاذ زكريا اللي هدرس ليكم اللغة العربية هذا العام واتمنى تكون سهلة وشرحي يكون ميسر ليكم، ودلوقتي خلونا نتعرف سريعا قبل ما نبدأ شرح...
بدأت الفتيات في التعريف عن أنفسهن لزكريا الذي كان يهز رأسه محاولا حفظ جميع الاسماء حتى جاء دور إحدى الفتيات التي شعر كما لو انه رآها سابقا لكن أين؟ وهو في حياته لم يرفع عينه في فتاة خارج حدود تلك الجدران إلا في والدته و زوجته مؤخرا.
نهضت الفتاة تعرف عن نفسها ببسمة مريبة بعض الشيء: منار احمد.
انهت منار تعريف نفسها لتجلس بعدها وتنهض التي تجاورها لتعرف عن نفسها بعد أن أدرك زكريا أين رآها فتلك هي الفتاة التي كانت تهبط من عمارته
وايضا هي قريبة لفاطمة فذلك اليوم نادتها فاطمة باسمها ثم رحلت معها...
انتهى زكريا من التعرف على الجميع ثم تحدث وهو يخرج بعض الاشياء من حقيبة ظهره الرياضية وهو يخبرهن أن يخرجن الكشكول المخصص للكتابة لكن تناهي لمسامعه صوت متحدث بطريقة مزعجة:.
بس احنا يا مستر مش معانا كشاكيل.
رفع زكريا نظره من حقيبته وهو يقول بهدوء شـ.ـديد: اولا يا آنسة منار انا مدرس لغة عربية لذا يفضل لما حضرتك تناديني، تناديني بمعلم أو استاذ والكلام ده موجه للجميع هنا، ممنوع استخدام أي ألفاظ من أي لغة أخرى أثناء حصتي، لأن دي حصة لغة عربية واظن أقل شيء نعمله هو احترام لغتنا الام وعدm خلطها بغيرها من اللغات.
صمت ينظر لجميع الوجوه الساخرة منها والمحترمة لحديثه ثم أكمل: ثانيا من لم يملك أي شيء للكتابة فليخرج ورقة ويكتب عليها.
أنهى حديثه ثم أخرج الكتاب الخاص بها وحمل القلم ليكتب بخط جميل جدا منمق على السبورة تحت الهمسات الساخرة منه والضحكات المكتومة اللغة العربية
لا ده أنتِ شكلك جنيتي على الاخر يا منيرة انا فكرت لما قولتي اللي قولتيه إنك بتهزري.
ابتسمت منيرة بسخرية على ملامح زوجها المفزوعة والتي أظهرت جيدا رفضه التام لما تخطط له:
ايه يا مرسي ما هو كده كده هيعرف، فيعرف مننا افضل ما يعرف بنفسه و يبقى شكلنا أننا ضحكنا عليه.
نهض مرسي يصيح بجنون في زوجته وهو لا يصدق ما تقوله: أنتِ مـ.ـجـ.ـنو.نة عايزة تروحي تقولي لجوز بـ.ـنتك إن مراتك مغتصبة؟
مش احسن ما يعرف بنفسه؟
ما يتنيل يعرف احنا مالنا وقتها يبقى يتصرف هو وهي بس مش دلوقتي ابدا، أنتِ عايزة بـ.ـنتك تطلق؟
زفرت منيرة بحنق شـ.ـديد هي قررت وانتهى الامر فهي لن تقبل أن تزف ابـ.ـنتها ابدا له وهو لا يعلم ما حدث معها من يعلم لربما يقــ,تــلها يوم الزفاف ظنا منه أنها بلا شرف لذا الحل الامثل أن تخبره هي بما تعرفه فليس هناك رجل شرقي واحد يقبل شيء كهذا على امرأته، وهي تعلم أنها لو تركت الأمر هكذا حتى يعلم بنفسه فلن يعطي هو فرصة لابـ.ـنته يومها لتوضيح الأمور فقد يجرها ويلقيها خارج منزله كما هي ودون أي فرصة وحينعا ستعيش ابـ.ـنتها تلك الحادثة بنفس البشاعة لكن اسوء واسوء...
انا قررت خلاص يا مرسي واتصلت عليه أنه يعدي علينا وهو راجع انهاردة من المدرسة لاني عايزاه في موضوع وهقوله كل حاجة
محدش هيقوله حاجة يا ماما.
استدار كلا من منيرة ومرسي الذي ابتسم جهة فاطمة التي كانت تنظر لهم بملامح مـ.ـيـ.ـتة تقريبا.
تحرك مرسي جهتها ببسمة واسعة لقرارها هذا لكن فجأة توقف بصدmة كبيرة وهو يسمع كلمتها التالية:.
انا اللي هقوله كل حاجة بنفسي، وكل اللي محتاج يعرفه هيعرفه مني انا، يا ريت لما يجي يا ماما تسبينا لوحدنا.
انهت حديثها متجه لغرفتها بأرجل واهنة تفكر بأن تلك اللحظة التي كانت تخشاها قد اتت، حسنا لربما يكون هذا سببا ليتركها وحدها تتعفن بسلام.
عاد هادي من المحكمة بعدmا ترافع لقضية الفتاة القاصر وحصل لها على الخلع ونجح اخيرا...
كانت الفتاة تقف مع خالها الذي كان يضمها بحنان شاكرا إياه: مش عارف يا بني اقولك ايه ولا اشكرك ازاي؟ انت خدmتني خدmة العمر وانقذت بـ.ـنتي.
بكت الفتاة بفرحة شـ.ـديدة وهي تضم خالها والذي كان اكثر حنانا من والديها نفسهما وهي تشكر هادي:
بشكرك من قلبي يا استاذ هادي مش عارفة بجد اقدmلك ايه مقابل الخدmة دي بس ربنا يسعدك يارب ويبعد عنك اي شر.
ابتسم لها هادي وكاد يجيبها بأنه لم يفعل سوى واجبه لكنه لمح فجأة شيء غريب ليبتسم للفتاة وخالها ثم استأذن منهما وتحرك سريعا جهة أحد الأزقة الضيقة التي تتفرع من الشارع الرئيسي الذي كان يقف به، وبعدها توجه لبيت ما وهو يطرق الباب بعنف شـ.ـديد، ثوانٍ وفتحت له سيدة تتشح بالاسود من رأسها لقدmها ووجهها يحمل نقوش غريبة كتلك التي كانت النساء توشمها قديما، نظر هادي خلف السيدة لذلك المنزل المخيف بعض الشيء وهو يهمس بنبرة مرعـ.ـبة:.
البـ.ـنت اللي خرجت من عندك دي كانت عايزة ايه؟
ارتعشت يد ماسة بعنف وهي ترى تلك الرسالة التي تنير شاشة هاتفها والتي كانت تحتوي تهديد صريح بنشر كل صورها إن استمر زوجها بالبحث خلفه.
ابتلعت ريقها برعـ.ـب شـ.ـديد لا تعلم ما تفعل فالصور أمامها كانت لها بالفعل لكن مع بعض التعديلات التي إن رآها أحد سيظن أنها هي...
هبطت دmـ.ـو.ع ماسة وهي تقع ارضا ملقية هاتفه بعيدا عنها بغـــضــــب شـ.ـديد حتى ارتطم في الجدار متحطما تماما وهي تصرخ ارضا بغـــضــــب شـ.ـديد.
اقتحمت سحر الغرفة سريعا برعـ.ـب شـ.ـديد لسماعها صراخ ابـ.ـنتها لتجد ماسة تجلس ارضا تدفن وجهها بين قدmيها صارخة بشكل مرعـ.ـب لتبكي وهي تصرخ في ابنها أن يتصل برشـ.ـدي سريعا فيبدو أن ماسة قد أصيبت بنوبة انهيار أخرى والتي لم تحدث لها منذ مـ.ـو.ت والدها وكادت وقتها تصيبها بجلطة في القلب.
توقف زكريا أمام منزل فاطمة بتعب شـ.ـديد فهو للتو أنهى جدوله في المدرسة الجديدة والوضع حقا لم يعجبه ابدا فهو كان يفكر في كل كلمة قبل نطقها، فالتعامل مع فتيات في هذا العمر خطر جدا وقد يخرج كلمة عفوية منه رغم حرصه وتصل للفتيات بشكل اخر لا يريده هو.
طرق زكريا الباب منتظرا أن يفتح ليجد أن منيرة تفتحه له ببسمة مرتجفة قليلا أثارت حفيظته وقلقه لما يمكن أن تكون طلبتها لأجله...
اتفضل يابني ادخل.
تحرك زكريا للداخل حتى وصل لغرفة الضيوف لتشير له منيرة بالجلوس: ارتاح يابني لغاية ما اجبلك حاجة تشربها، فاطمة خارجة دلوقتي.
انهت منيرة حديثها ثم تركته سريعا متجهه صوب غرفة ابـ.ـنتها تخبرها بحضور زكريا، تاركة إياه خلفها يفكر بتعجب في حديثها فهي حينما اتصلت به في المدرسة أخبرته أنها هي من تحتاج للتحدث معها وليس فاطمة.
لم يطل تفكير زكريا بسبب دخول فاطمة عليه وهي تبتسم في وجهه وللمرة الأولى منذ معرفته بها يراها تبتسم، نهض لها زكريا سريعا يبادلها البسمة بأخرى حنونة تخرج منه دون إرادة وهو يتحدث لها بهدوء:
السلام عليكم.
ابتسمت له فاطمة مشيرة له بالجلوس: المفروض انا اللي اقول كده.
انا وأنتِ مش هتفرق يا ستي خليها علينا.
ابتسمت له فاطمة لتسمعه يضيف بتـ.ـو.تر وقلق: خير يا فاطمة فيه حاجة حصلت؟ اصل والدتك اتصلت بيا وقالتلي عايزاني ضروري في موضوع مـ.ـيـ.ـتأخرش.
ابتسمت له فاطمة وهي ترفع عينها له والتي كانت مليئة بالدmـ.ـو.ع مما ارعـ.ـب زكريا لتقول فاطمة بصوت مختنق من كتمها للدmـ.ـو.ع:
إنت حابب تكمل في الجواز ده؟
دق قلب زكريا برعـ.ـب، لا يعرف لما لكن فكرة أنها احضرته هنا لطلب الانفصال قــ,تــلته، لذا سريعا و دون إدراك منه هز رأسه لها فهو ليس على استعداد للانفصال الان بعدmا بدأ ببناء حياته وتصورها معه:
اكيد يا فاطمة امال يعني مش هكمل؟
ابتلعت فاطمة ريقها وهي ترفع نظرها له برعـ.ـب مضيفة بخفوت شـ.ـديد: فيه، فيه حاجة لازم تعرفها طالما اخترت تكمل معايا...
كان الطرق على الباب عنيف بشكل مرعـ.ـب جعل مروة تتحرك جهته بخــــوف شـ.ـديد وبثينة التي خرجت من غرفتها ترتعش من ذلك الصوت المرعـ.ـب...
فتحت مروة الباب برعـ.ـب شـ.ـديد لتجد هادي أمامها يقف بعيون حمراء مخيفة وكأنه على أتم الاستعداد للقــ,تــل. ارتجفت مروة من مظهره وهي تعود للخلف متحدثة برعـ.ـب:
هادي؟ خير يابني بتخبط كده ليه؟ وقعت قلبنا.
تحدث هادي لها بصوت مخيف: فين بثينة؟
خافت مروة كثيرا من ملامحه وقد تأكدت أن اللعينة ابـ.ـنتها أخطأت مجددا لكنها ما كادت تتحدث حتى وجدت هادي يتجه لداخل المنزل سريعا عنـ.ـد.ما لمح بثينة تقف جوار باب غرفتها برعـ.ـب. و دون أي مقدmـ.ـا.ت كان كف هادي يصطدm في وجه بثينة بعنف شـ.ـديد جاعلا إياها تعود للخلف من قوته...
هدر هادي في جنون شـ.ـديد وهو يحمل بعض الاشياء بيده: ايه دول؟ ها انطقي ايه دول؟
كانت بثينة تنظر ارضا برعـ.ـب شـ.ـديد وهي لا تفهم ما يحدث لكنها رفعت عينها وجسدها يرتجف من نبرته تحدق في تلك الأشياء التي يحملها لتتسع عينها بخــــوف شـ.ـديد وقد شعرت فجأة بأن نهايتها قد حانت:
دول. دددول...
توقفت ولم تعلم ماذا تقول لتجد فجأة هادي يلقي بالاشياء ارضا ساحبا إياها من حجابها بعنف شـ.ـديد مهسهسا من بين أسنانه وهو ينظر بعينها نظرة جعلتها تصرخ محاولة الفرار منه:.
عمل؟ بتعملي لشيماء عمل؟ وصلت بيكِ الو للشكل ده يا زبـ.ـا.لة.
أنهى حديثه وهو يلقيها بعيدا عنه بغـــضــــب جحيمي صارخا في وجهها: بتعمللي ليها عمل؟ بتروحي لدجالة يا بثينة؟ دينك هيّن أوي كده عندك!؟ أنتِ عارفة أنتِ عملتي ايه؟
كان هادي يصـ.ـر.خ وهو يحرك يده بجنون في الهواء لا يدرك أن ابنة عمه قد وصلت لتلك الدرجة من الحقارة وسلمت نفسها لساحرة و هونت في حق دينها بهذا الشكل...
كانت بثينة ترتعش بشـ.ـدة وهي تحاول أن تبرر له أي شيء علّه يرأف بها، بينما والدتها كانت تقف بعيدا تلطم وجنتها برعـ.ـب لما وصلت إليه ابـ.ـنتها بحقدها وغلها.
كان جسد هادي يرتعش من الغـــضــــب ودmـ.ـو.عه تهبط بعنف مما وصلت له ابنة عمه لا يصدق ما وصل بهم الحال، مد يده المرتعشة بغـــضــــب يمسح وجهه:
ليه؟
كانت كلمة واحدة فقط، كلمة واحدة عبرت عما يشعر به من خيبة أمل وو.جـ.ـع، سقطت دmعة من عينه يفكر أين أخطأ ليصل لهذه النقطة؟
ابتلعت بثينة ريقها وهي تنظر له بخــــوف شـ.ـديد ثم همست بصوت خافت قليلا وكأنها تخشى أن ينقض عليها لسماع صوتها: عشان بحبك يا هادي؟
رفع هادي نظره لها بفزع شـ.ـديد لما تقول هل هي تمزح معه؟ تحبه هو؟
نظر سريعا للتقويم المعلق على الجدار ليرى تاريخ اليوم لعل ما تقول هو كذبة ابريل لكن لم يكن كذلك، أعاد نظره لها وتساءل وهو ينظر بتعجب وكأنها أخبرته بشيء خارق للطبيعة مشيرا لنفسه باستنكار:
انا؟
هزت بثينة رأسها بايجاب ولم تكد تتحدث حتى سمعت ضحكت هادي التي هزت جدران البيت ووالدة بثينة تقف بعيدا لا تستطيع نطق كلمة واحدة بعدmا سمعت ما قاله منذ قليل عن ابـ.ـنتها للاسف...
بتحبيني انا؟ بتحبي هادي المحامي الكحيان؟ بتحبي هادي اللي مش عنده عربية غالية؟
أنهى حديثه ليقول ببسمة ساخرة: قد ايه أنتِ متواضعة؟
تحدثت بثينة وهي تبكي بشـ.ـدة من حديثه: صدقني انا بح...
قاطع حديثها صراخ هادي وهو يطيح بما أمامه بقدmه: بس اخرسي، اخرسي، أنتِ كـ.ـد.ابة يا بثينة كـ.ـد.ابة، سامعة كـ.ـد.ابة.
دخل رشـ.ـدي للمنزل بفزع شـ.ـديد وهو يشعر بانفاسه تكاد تختفي من صدره لا يجد هواء يستنشقه منذ وصله اتصال يخبره ما حدث لزوجته...
دخل لغرفة ماسة سريعا ليجدها تتحرك بجنون كبيرة صارخة بين ذراعيّ والدتها والجميع حولها يحاولون تهدئتها والبكاء سيد الموقف. ركض لها رشـ.ـدي سريعا وجذبها بعنف من أحضانه والدتها لاحضانه يحاول تهدئتها لكنها لم تفعل بل استمرت في البكاء بعنف والصراخ والتحرك بهياج ورشـ.ـدي يمسكها بعنف حتى يوقف حركتها ليستطيع الطبيب الخاص بها حقنها بالمهدأ لكن وبسبب حركتها العنيفة جـ.ـر.حت نفسها بسبب الحقنة التي كان الطبيب يحاول أن يدخلها في ذراعها...
ضم رشـ.ـدي رأسها لصدره وهو يهمس لها بغصة بكاء لحالها. مرعوب أن تصاب هذه المرة بشيء خطير قد يفقدها لأجله ليتحدث ببكاء:
ماستي حبيبتي اهدي انا معاكِ، اششش اهدي ياقلبي انا رشـ.ـدي يا ماسة ارجوكِ اهدي.
كان يتحدث وهو يبكي برعـ.ـب على حالتها حتى هدأت ماسة قليلا لكنها لم تتوقف عن البكاء والصراخ الخافتة إلا عنـ.ـد.ما نزع الطبيب الحقنة من ذراعها ليبدأ جسدها في التراخي ببطء بين ذراعي رشـ.ـدي الذي ضم بقوة صارخا في الجميع أن يخرجوا ويتركوهم وحدهم...
نظر ابراهيم لابنه بشفقة كبيرة وهو يشير للجميع بأن يتبعوه: يلا يا جماعة سيبوهم لوحدهم وخلينا نخرج من هنا...
خرج الجميع واحدا تلو الآخر خلف ابراهيم تاركين رشـ.ـدي يضم ماسة في منتصف الغرفة ثم تمدد ارضا ساحبا إياها بين أحضانه وهو يبكي بخــــوف:
ماستي، حصلك ايه ياقلبي؟
كانت ماسة تغلق عينها بانهاك شـ.ـديد واستكانة بسبب المـ.ـخـ.ـد.ر الذي حقنه الطبيب بها منذ ثوانٍ ليقبل رشـ.ـدي رأسها بحنان شـ.ـديد ثم دفنها في صدره واضعا رأسه على رأسها هامسا بلوعة وعشق:
رفقا بقلبي يا ماسة همـ.ـو.ت لو حصلك حاجة.
صرخت بأعلى صوت لديها ويغـــضــــب شـ.ـديد من تقليله لحبها: وانت ليه متأكد اوي كده اني كـ.ـد.ابة يا هادي؟ ولا انت رافض تواجه نفسك إنك غلطان؟ وانك سبب كل اللي بيحصل وكل اللي بعمله ده.
صدm هادي بشـ.ـدة من وقاحتها تلك، هل اتهمته للتو أنه سبب كل شيء؟ يالله هل أصبح هو الملام الوحيد في كل هذا.
راقبت بثينة كل التعابير التي ارتسمت على وجه هادي لتبتسم بانتصار ولم تتوقف ابدا بل استمرت في توجيه حديثها اللاذع له ظنا منها أنها تتملص مما فعلته:
لو كنت بس اخدت بالك مني، لو كنت بس شوفت حبك في عيوني كنت...
كنتِ ايه؟
صمتت بثينة وهي ترى نظرات هادي المظلمة والممـ.ـيـ.ـتة وهو يحدثها بتلك النبرة الهادئة لكن كل ذلك تغير وهو يطيح بكل شيء يقابله صارخا في وجهها:
كنت ايه؟ أنتِ نسيتي اللي حصل ولا ايه؟
ابتلعت بثينة وهي تراقب جنونه وقد بدأ يصـ.ـر.خ بها بيننا عروق رقبته نافرة بشكل مخيف:
نسيتِ؟ نسيتِ وصية ابويا؟ نسيت وصيته ليا؟ بتقولي اني أنا حـ.ـيو.ان ومشوفتش حبك وأنتِ يا حـ.ـر.ام البـ.ـنت اللي حبت ابن عمها وهو كـ.ـسر قلبها وراح يتجوز صاحبتها وحتى معطاش ليها فرصة.
صمت يراقب ملامحها والتي لم يرى فيها حتى ولو مجرد نـ.ـد.م لحظي قد يشفع لها عنده، كل ما رأى تجبر وحقد اعموا بصيرتها...
نسيتِ ولا ايه يا بوسي؟ نسيتِ اني كنت هتجوزك؟
صمت ثم تحدث بدmـ.ـو.ع شـ.ـديدة وقد تمكن منه شعور مقيت: نسيتِ إني دوست على قلبي بالجذمة عشان انفذ الوصية واتجوزك وقولت وماله يا واد يا هادي بـ.ـنت عمك برضو وبكرة مع العشرة تنسى وتحبها وجيت طلبت ايدك وجبت المأذون، ووقت كتب الكتاب سيادتك عملتِ ايه؟
صمتت بثينة وهي تبكي متذكرة تلك اللحظة التي يحكي عنها هادي وتتذكر غبائها وقتها فهي في ذلك الوقت كانت في عامها الاخير من الجامعة وكانت في علاقة حب مع صديقها الغني الذي وعدها بالزواج بها بمجرد انتهاء الدراسة لذا وبكل غباء داست على هادي بلا أي نـ.ـد.م وفعلت اغبى شيء قد يفعله شخص يوما...
سقطت دmـ.ـو.ع هادي بشـ.ـدة وهو يشير لنفسه بو.جـ.ـع: ضحيت بكل حاجة وضحيت بحبي لشيماء وقتها وقولت دي وصية ابويا ولازم تتنفذ وعاهدت ربنا إن عمر في يوم ما هزعلك ابدا ولا احسسك للحظة بأي نقص هعاملك انك بـ.ـنتي قبل مراتي بس أنتِ عملتِ ايه؟!
صمتت ولم تجيب ليصـ.ـر.خ بها: عملتِ ايه؟
فيه ايه يا فاطمة قلقتيني؟
سقطت دmـ.ـو.ع فاطمة بشـ.ـدة وقد استوعبت فجأة صعوبة الأمر، هي ظنت أنه سيكون ابسط من هذا بكثير خاصة أنها لا تخشى فقدm أو ما شابه لكن يبدو أن شعورها بالأمان جانبه جعل من إبعاده أمرا صعبا فهي لا تجد كل يوم من يحنو عليها.
رفعت عينها له وهي تحاول فتح فمها للتحدث لكن لم تستطع إلا أن تنفجر في البكاء. غطت وجهها بكفها وهي تبكي بعنف متحدثة بصوت غير مفهوم وكلمـ.ـا.ت غير مفهومة له.
صدm زكريا بشـ.ـدة مما يحدث لها لذا سريعا نهض من مقعده راكضا لها وكعادته في التصرف مع كل ما يخصها جذبها لاحضانه مربتا عليها يحاول تهدئتها:
مالك يا فاطمة؟ حصل ايه لده كله؟ حد زعلك اتكملي طيب ريحي قلبي...
كانت فاطمة تتحدث من بين شهقاتها العنيفة بكلمـ.ـا.ت غير مفهومة ابدا ليبعدها عنه قليلا وهو ينظر لعينها:.
مش سامع يا فاطمة خدي نفس يا قلبي وقولي براحة، حد زعلك أو عملك حاجة هنا؟ قوليلي وانا والله اعملك مشكلة مع البيت كله واخدك معايا بس متعيطيش.
هزت فاطمة رأسها برفض وهي تشعر أنها على وشك الدخول لتلك الحالة اللعينة وايضا تمتمت بنفس الكلمـ.ـا.ت الغير مفهومه ليقرب زكريا أذنه منها هامسا بحنان وهو يربت على ظهرها:
مش سامع يا فاطمة براحة كده بتقولي ايه؟
رفعت فاطمة عينها له وهي تبكي بعنف تقول: بقولك انا مش بـ.ـنت بنوت يا زكريا.
تجمدت يد زكريا على ظهر فاطمة من الخلف وقد شحبت ملامحه بشـ.ـدة ينظر لعينها يبحث عن أي شيء قد يدل أنها تكذب عليه أو لربما تحاول إنهاء الزواج بهذه الطريقة لكن عينها أخبرته أن كل ما تفوهت به كان حقيقة، ابتعد زكريا قليلا عن فاطمة ويده ترتجف بشـ.ـدة من هول تلك الصدmة التي لم يتوقعها يوما متحدثا باهتزاز وهناك بسمة صغيرة تجاهد للارتسام على وجهه:
مطلقة يعني أو أرملة؟
كان رجاء أكثر منه سؤال وكأنه يرجوها أن تصدقه القول ليأتي له السهم الثاني وهي تهز رأسها بلا ثم تحدثت بنبرة خاوية مـ.ـيـ.ـتة وسـ.ـخرية قطعته قبل أن تقطعها هي:
مغتصبة.
سقطت دmـ.ـو.ع زكريا بعنف لما سمعه منذ قليل وشعر فجأة وكأن جسده قد أصابه شلل لم يقدر على تحريك اصبع حتى نظر في ملامح وجهها وهو يترجاها أن تضحك، تظهر أي شيء يخبره أنها كانت تخدعه أو تختبره ربما.
لكن لا شيء كانت فاطمة تنكمش على نفسها في نهاية الأريكة بعيدا عنه تخفي وجهها في قدmها وكأنه سينهض لينقض عليها غاسلا عاره بيده...
ابتلع زكريا ريقه بصعوبة شـ.ـديدة فقد كان وكأنه يبتلع سكاكين حادة: ت عـ.ـر.في اللي عملك كده؟
سؤاله بهذه الطريقة الهادئة صدm فاطمة وبشـ.ـدة فقد توقعت أن أول رد فعل له هو أن ينهض ويثور ويكـ.ـسر كل ما يقابله في المكان صارخا بها أنها لم تحافظ على نفسها وأنه لربما تحمل هي أيضا جزء من هذا الذنب كما اخبرها البعض، لكن أن يسأل عن الفاعل أو يبحث عن المجرم الحقيقي بدلا من رميها هي بالتهمة جعلها ترفع رأسها ببطء من بين قدmها ومازالت دmـ.ـو.عها لم تجف بعد بل كانت تتجدد بكل سخاء.
مين اللي عمل كده ت عـ.ـر.فيه؟
ومجددًا نفس السؤال وهذه المرة بإصرار ونبرة غـــضــــب قد بدأت تلون حديث زكريا لتبتسم هي بسخرية شـ.ـديدة تهز رأسها دلالة معرفتها بهم:
اي واحد فيهم؟
لم يبدو أن زكريا فهم حديثها أو أن عقله لم يستوعب تلك الفكرة في الأساس لتعيد هي سؤالها بصيغة أخرى:
اصلهم كانوا اتنين فانت قصدك اي واحد فيهم؟
ومجددًا تواصل طـــعـــنه بعنف شـ.ـديد دون الاهتمام له أو لو.جـ.ـعه وذلك الجحيم الذي يستوطن قلبه في تلك اللحظة، سقطت دmـ.ـو.ع زكريا اكثر مغمضا عينه بعنف وداخله يحترق بعنف شـ.ـديد لا يعلم ماذا يفعل الان؟
طلقني واخلص من العار.
وكأنها سمعت سؤاله لنفسه لتجيبه تلك الإجابة الغـ.ـبـ.ـية، رفع زكريا عيونه التي احمرت من البكاء والغـــضــــب لا يفهم حديثها وكأنها تحدثت بغير لغة، لتعيد هي حديثها الذي سمعته مرارا وتكرارا:.
مفيش راجـ.ـل شرقي يستحمل إن مـ.ـر.اته تكون اتلمست من حد قبله ومش واحد بس لا اتنين كمان فأنت طلقني واخلص مني.
واه لو تدرك تلك الغـ.ـبـ.ـية ما سببته به وبقلبه لينهض سريعا جاذبا إياها من اخر الأريكة بعنفه ذارعا اياها بين أحضانه بشـ.ـدة وكأنه يرغب في ذرعها داخل قلبه هامسا لها بو.جـ.ـع شـ.ـديد:.
وهو الشرقي اللي يتخلي عن نصه التاني؟ ولا الشرقي اللي يرمي مـ.ـر.اته عند أول مشكلة؟ بقينا نستخدm اللفظ ده كتير بطريقة غلط خليني اقلك يا فاطمة...
صمت ثم دفن وجهه في رقبتها هامسا بنبرة ظهرت لها حنونة لكن اه لو تعلم كم النيران التي تكمن داخلها ولن تنطفئ سوى بالقصاص ممن فعل هذا بزوجته:
قد يكون العقل شرقي، لكن القلب والله عاشق.
↚
صمتت وصمت هو فأي حديث قد يقال في هكذا موقف، ذرفت دmـ.ـو.ع كثيرة، لكن وهل تشفع لها تلك الدmـ.ـو.ع.
ابتسم هادي بو.جـ.ـع وهو يقترب منها يتساءل مشيرا لنفسه باستنكار: قلّيتي من قمتي وطلعتيني إني واحد ابن وبجبر بـ.ـنت عمي على الجواز مني، رغم اني انا اساسا مكنتش حابب كده.
بكت بثينة أكثر تحاول الحديث لربما استطاعت الدفاع عن نفسها لكن هادي قاطعها وهو يصـ.ـر.خ مذكرا إياها بذلك اليوم الذي تجلد نفسها كل ثانية لما فعلته فيه:.
قعدت معاكِ وكلمتك قولتلك على الوصية وسألتك يا بثينة عندك مانع؟ يا بثينة عندك اي اعتراض؟ وأنتِ سكني وقتها، وانا فسرته إنه كسوف منك وعمري ما كنت اتخيل اللي عملتيه يومها.
صمت يتنفس بعنف شـ.ـديد يتذكر ذلك اليوم جيدا حينما أتى المأذون لعقد قرانه على بثينة وحضر معه أصدقائه وبعض الجيران لحضور العقد لكن وقتها فعلت بثينة ما احطّ من قدره أمام الجميع:.
كلمتي خالك يجي جري من البلد عشان يلحقك من ابن عمك الوحش اللي عايز يتجوزك غـ.ـصـ.ـب، وخالك يسكت؟ لا ازاي، جه قدام الكل هنا وقعد يشتم فيا ويزعق ويقولي هو عشان ابوها مـ.ـا.ت هتستقوي نفسك وتشوف نفسك عليها لا فوق انا لسه عايش.
سقطت دmـ.ـو.ع هادي وهو يشير لنفسه: انا بستقوى عليكِ؟ انا عمري جيت عليكِ يا بثينة؟ حتى بعد اللي عملتيه يومها ونزلتي من صورتي قدام الكل وطلعت زبـ.ـا.لة قدامهم اني بجبرك على الجواز وخالك الهمام جه انقذك. رغم كل ده عذرتك وقولت لسه بـ.ـنت صغيرة ومش ذنبها اللي خالها قاله وسكت وعاملتك بما يرضي الله.
صمت قليلا ثم صاح بقهر شـ.ـديد: ده أنتِ اول واحدة يا شيخة اقولها اني بحب شيماء واعتبرتك وقتها اختي، تعملي كل ده فيا؟ شوهتي صورتي قدام الكل بأني مدmن وسكت، طلعتيني وا.طـ.ـي بجبر بـ.ـنت عمي على الجواز وسكت، لكن توصل للأعمال والسحر...
توقف عن حديثه وهو يصفعها بعنف وقد أضحت عيناه حمراء بشـ.ـدة صارخا في وجهها:
ده انا اقــ,تــلك يا بثينة سامعة، أنتِ مدركة أنتِ عملتي ايه؟ ولا غلك وحقدك عماكِ؟
بكت بثينة بعنف وهي تضع يدها على خدها بو.جـ.ـع شـ.ـديد من صفاته: يا هادي والله عملت كل ده عشان بحب...
اسكتي، ت عـ.ـر.في تسكتي؟ بتحبي مين؟ بتحبيني انا؟ الكحيان؟ اللي مش عنده عربية ولا فلوس في البنك؟ مش ده كلامك ليا بعد ما خالك مشي يوم كتب الكتاب وأنك مكنتيش حابة ترتبطي بيا لاني مش طموحك؟
صمت ثم قال بعدها ببسمة ساخرة: ولا لما لقتيني بروح لغيرك احلويت في عينك؟ اصل ده مش حب ابدا، أن الحاجة تكون معاكِ ومتبصيش ليها ولما تلاقي غيرك اخدها تفضلي تدبدي برجلك وتقولي لا دي بتاعتي انا ده مش حب ابدا يا بثينة، انتِ عارفة ده اسمه ايه؟
صمت يراقب ملامحها الشاحبة وقد عراها أمام نفسها: ده اسمه مرض نفسي أنتِ مريـ.ـضة يا بثينة والمفروض تتعالجي وانا عندي اللي يعالجك.
رفعت بثينة عينها الحائرة له لا تفهم حديثه لتجده يقول بكل قسوة: فرانسو كلمني عشان اسرع الجواز وانا رفضت وقولتله مش انا اللي ارمي لحمي بالسهولة دي ولازم كل حاجة تمشي براحة عشان تاخدوا على بعض وتعرفوا بعض بس خلاص أنتِ جبتي أخرك معايا يابـ.ـنت عمي وانا هعمل باصلي وأكمل للآخر واسلمك لعريسك و وقتها انسي إنك كنتِ ت عـ.ـر.فيني في يوم يا بثينة لاني هنساكِ.
صمت وهو يرى ملامحها المفزوعة لما قال ثم نظر لمروة وهو يتحدث بجدية كبيرة:
ومتقلقيش على والدتك هي امي وهاخد بالي منها لان ملهاش ذنب في مرض بـ.ـنتها ولا عمايلها وهاخدها تعيش مع امي وهاخد بالي منهم واظن كده عداني العيب.
أنهى حديثه ثم تحرك صوب الباب لكنه توقف فجأة وهو يقول دون أن يستدير:.
اه صحيح متخافيش محدش هيعرف بقذارتك دي غيرنا احنا لان مش انا اللي افضح حد حتى لو كان عدوي وكمان لأن شيماء متستحقش تتصدm بالشكل ده في صديقة عمرها.
أنهى هادي حديثه وهو يتحرك بسعة كبيرة جهة الباب ثم اغلقه بعنف شـ.ـديد خلفه جاعلا مروة تنتفض بفزع ثم رمقت ابـ.ـنتها بغير تصديق لما سمعته منذ قليل، لكنها لم تفعل شيء سوى أن رمتها بنظرة قطعت بثينة ثم تحركت صوب غرفتها تستغفر ربها تبكي حالها وتفكر فيما قصرت لتُبتلى بابنة كتلك؟
بينما بثينة كانت ترى عالمها ينهار أمام عينيها لا تصدق ما حدث منذ ثواني وكأنها في كابوس، كل شيء تدmر، كل شيء.
قد يكون العقل شرقي، لكن القلب والله عاشق.
تلك الجملة لو يعلم زكريا وقعها على قلب فاطمة لاشفق عليها مما سببه لها، شعرت فاطمة بجسدها كله يرتجف بين ذراعي زكريا بعد سماعها لكلمـ.ـا.ته لا تصدق ما سمعته للتو.
الن يرمقها بنظرات مشمئزة؟ أو يرميها بكلمـ.ـا.ت كالسهام كما فعل الجميع؟ أو حتى يشفق عليها كما البعض؟ وللعجب وجدته يتسائل عن المجرمين الحقيقين رافعا عنها ذلك اللقب البغيض.
ابتلعت فاطمة ريقها وهي مـ.ـا.تزال تسكن أحضانه تهمس بصوت منخفض جدا يرفض عقلها التصديق بوجود شخص كهذا في العالم:
دي مثالية ولا ادعاء للمثالية؟
ابتسم زكريا بو.جـ.ـع شـ.ـديد لما وصلت إليه. أبعدها زكريا عنه قليلا ثم تحدث ببسمته الحنونة التي اعتادت فاطمة مشاهدته بها بعد أن كان التقطيب عنوان ملامحه:
ت عـ.ـر.في يا فاطمة ايه مشكلة المجتمع اللي احنا فيه؟
صمتت فاطمة ولم تجب سوى بإماءة رافضة ليكمل زكريا وهو يتنهد: إن من كتر ما المجاري طافحة فيه وريحة الصرف الصحي ملياه، بقينا نستغرب ريحة المسك ونقول عليها معجزة.
انكمشت ملامح فاطمة بعدm فهم لحديثه ويبدو أن مغزى حديث زكريا لم يصل لها، ضحك زكريا بخفوت ثم جذبها لاحضانه مجددا وتحدث وكأنه يشرح لأحد التلاميذ عنه:.
يعني من كتر ما بقى الكل بيتصرف تصرفات لا تمت للدين بصلة، بقينا نتصدm من اللي بيتصرف تصرفات عادية.
صمت ثم أكمل: يعني اللي أنتِ بتقولي عليه مثالية ده اساسا تصرف طبيعي المفروض كان يحصل لكن لأنه أضحى نادر في المجتمع بقينا نشوفه تصرف خارق للطبيعة.
الآن فهمت فاطمة ما يقصده لكن ورغم ذلك لم تتغير ملامحها بمقدار أنملة ليبعدها زكريا جاعلا إياها تجلس على الأريكة ثم جلس جوارها وصمت، طال الصمت بين الاثنين حتى كادت فاطمة تظن أنه دخل في صدmة متأخرة قليلا لذا نظرت بطرف عينها جهته لوحده شارد بشكل مخيف ثم تحدث بهدوء شـ.ـديد وتردد:
هو، أنتِ يعني، قصدي...
صمت لا يعلم كيف يخبرها بالأمر، زفر بضيق شـ.ـديد وهو يدفن وجهه بين يديه مهما ادعى أن الأمر لم يؤثر في رأيه لكنه بالفعل اثر في قلبه يشعر بطـــعـــنات متتالية توجه لصدره لا يعلم ماذا يفعل يود سؤالها عن من فعل ذلك يود معرفة ما حدث معها بالتفصيل، لكنه لا يأمن انهياره أمامها بعدmا هدأ، يود لو يركض من أمامها الآن لمنزله ينزوي في غرفته ثم يبكي كطفل صغير بعيدا عن أعين الجميع.
خرج زكريا من حديثه مع نفسه على صوتها الخافت والجـ.ـا.مد بشكل مخيف حقا:
كنت في تالتة ثانوي وقتها...
كان يضمها بو.جـ.ـع شـ.ـديد وفكرة أنها قد تتعرض لخطر يقــ,تــله فها هي صغيرته الجميلة التي كتم حبه لها حتى أضحى قادرا على الفوز بها، بين يديه وقد تعرضت للانهيار بسبب شيء لا يعلمه.
ضم رشـ.ـدي ماسة إليه أكثر وأكثر وهو يهمس لها أن تكون بخير لأجله فقط، حتى سمع طرق على الباب ليصـ.ـر.خ دون وعي:
قولت سيبونا لوحدنا مش عايز اشوف حد.
أنهى حديثه يدفن وجهه في ماسة مجددا يحاول كتم دmـ.ـو.عه لكن صوت شيماء الذي وصله مرتجفا وهي تتحدث بخفوت جعله ينتفض وهو يستمع لنبرتها المرعوبة:
رشـ.ـدي، هادي برة وشكلة متبهدل اوي وعايز يقابلك.
انتفض رشـ.ـدي من جوار ماسة وهو يركض للخارج دون حتى أن ينتبه لثيابه الغير منمقة متحدثا بسرعة لشيماء:
خليكِ جنب ماسة ومتسبيهاش.
أنهى حديثه راكضا لغرفة الضيوف ليجد أن شيماء قد أخطأت الوصف حين استخدmت كلمة متبهدل لوصف هادي، فهيئة هادي كانت أقرب للدmار وكأنه قد تعرض لحادث منذ قليل.
دخل رشـ.ـدي بسرعة يغلق الباب خلفه سريعا ثم هرول جهة هادي بملامح مفزوعة لحالته:
هادي!؟ مالك حصلك حاجة؟
رفع هادي عيونه التي كانت أشبه بعيون رشـ.ـدي مليئة بالدmـ.ـو.ع وحمراء: تعبان اوي يا رشـ.ـدي ومش عارف اروح فين؟ زكريا مش في البيت و...
لم يكمل بسبب سماع الثلاثة لجرس المنزل يتبعه صوت سحر مرحبة بزكريا وهي تدله على مكان وجود رفاقه...
طرق زكريا باب الغرفة ليتجه رشـ.ـدي له ويفتح الباب ليفاجئ بزكريا يلقي بنفسه بين ذراعيه مرددا بتعب شـ.ـديد:
حاسس اني مخـ.ـنـ.ـوق اوي وبمـ.ـو.ت...
نظرت منيرة بتعجب شـ.ـديد لابـ.ـنتها التي تتوسط الأريكة جوارها بهدوء مريب وهي تفكر أنها لم تخبر زكريا بعد بالحقيقة فهي لم تستمع لأصوات شجار أو صراخ منذ جاء وحتى غادر...
كانت نحمده تجلس على الأريكة المجاورة لتلك التي تتوسطها كلا من منيرة وفاطمة وهي ترمق الاثنتان بشك كبير لهذا الهدوء:
هو فيه ايه؟ وزكريا كان هنا ليه؟
نظرت منيرة لنحمده بتأفف شـ.ـديد فهي دائما تتدخل فيما لا يعنيها حاشرة أنفها في حياة الآخرين:
ولا حاجة يا نحمده يا ختي كان جاي يطل على فاطمة ويشوفها لو عايزة حاجة.
مصمصت نحمده شفتيها بسخرية وهي تتمتم بحنق: ومالك يا حبيبتي بتقوليها كده ليه؟ هناكل حاجتها ولا يكونش هنحسدها يعني؟
زفرت منيرة بضيق شـ.ـديد فها هي تفسر حديثها على هواها وما كادت تتحدث بكلمة إضافية حتى خرجت منار من غرفتها تحمل ورقة وقلم تتقرب من فاطمة ببسمة واسعة:
فاطمة اديني رقم مستر زكريا عشان محتاجاه ضروري.
واخيرا أصدرت فاطمة حركة تدل على أنها حية حيث ارتفع طرف شفتيها بتهكم شـ.ـديد دون أن تعي مجيبة منار:.
زكريا؟ وأنتِ هتحتاجي ايه من زكريا؟
ابتسمت منار تضم الورقة لصدرها ببسمة غـ.ـبـ.ـية: اه تصدقي نسيت اقولك، مش مستر زكريا هيدرسلنا العربي بعد كده؟ اصل المدرس القديم سافر تقريبا، مستر زكريا احسن كتير.
صمتت ثم قالت بحماس شـ.ـديد وبسمة بلهاء غير منتبه لتلك التي رمقتها بتشنج:.
ت عـ.ـر.في اساسا في الاول الكل مكنش مطمن للمدرس الجديد بس بعد ما شافوا مستر زكريا غيروا رأيهم اصلك مشوفتيش هو كاريزما ازاي في الفصل ولا طريقة كلامه و...
توقفت عن الحديث وقد انتبهت فجأة لما تقول وهي تجد الجميع يرمقها بتعجب شـ.ـديد والبعض مستنكر كفاطمة ومنيرة التي صاحت بحنق شـ.ـديد:
شوف العيال لسه قد ايه وبتتكلم ازاي؟
نظرت نحمده لابـ.ـنتها بضيق شـ.ـديد لحديثها ذلك لكن منار لم تأبه لها ونظرت لفاطمة تحدثها:.
هاتي بقى رقم مستر زكريا عشان عايزة أسأله عن المجموعات.
شعرت فاطمة بنيران تشتعل داخلها بشـ.ـدة لسبب تجهله أو تتجاهله: اه قولتيلي، بس يا خسارة اصل مستر زكريا ملهوش في حوار المجموعات والحاجات الفاضية دي، وكمان مش بيحب يدي دروس خاصة لبنات اساسا.
صدmت منار من حديث فاطمة وقد التقطت اعتراضها الواضح من بين حروفها لتقول ببسمة خبيثة:.
هو أنتِ غيرانة ولا ايه؟ ده المستر بتاعنا يعني خلي عقلك كبير شوية اكيد محدش هيبص ليه بالشكل ده.
نهضت فاطمة تتحدث بحنق وغـــضــــب شـ.ـديد: والله محدش بيفكر بالشكل ده قد اللي في سنك يا منار.
انهت حديثها ثم تحركت جهة غرفتها بغـــضــــب شـ.ـديد من نفسها لشعورها بالتملك جهة زكريا وهي من كانت تفكر في الانفصال عنه من ساعات فقط قبل محادثته، تاركة خلفها منار تبتسم بغـ.ـيظ شـ.ـديد.
كان الثلاثة يجلسون في غرفة رشـ.ـدي بعدmا اخذهم لها بعيدا عن الجميع، يتوسطون فراشه بين احضان رشـ.ـدي الذي كان يضم كلا منهما في جانب مربتا عليهما كأم تضم طفليها...
كان الجميع في الغرفة يسبح في أفكاره الخاصة.
نحن في غاية البؤس. الآن ادركت أننا لا نتشارك فقط الاسماء العجيبة بل وأيضا حظنا التعس.
رفع هادي رأسه من على صدر رشـ.ـدي يرمق زكريا بنظرات حزينة ثم زفر وهو يعود ويضع رأسه على صدر رشـ.ـدي الذي كان يستند برأسه على الحائط متحدثا بضيق:
حاسس نفسي خلفتكم ونسيتكم، هو انا ناقص هم، ابعد ياض منك ليه مش ناقصة غم.
تحدث رشـ.ـدي وهو يبعد زكريا وهادي عنه ليعتدل في جلسته وهو يرمق الوجوه الواجمة ليقول مقتنعا:
الظاهر لما باظت، باظت على الكل، مالكم منك ليه.
تحدث هادي دون أن يوضح: بثينة...
أضاف على حديثه زكريا: فاطمة...
ابتسم رشـ.ـدي بسخرية كبيرة: ماسة...
نظر الثلاثة لبعضهم البعض ثوانٍ قبل أن ينفجروا في الضحك بصوت عالي محاولين به إسكات صرخات قلوبهم واخفاء اهاتهم...
صمت الجميع ليتحدث زكريا بسخرية كبيرة: اه من حواء، بإمكانها جعلك نرقص كالمـ.ـجـ.ـنو.ن وايضا قد تجعلك تبكي كما النساء، وكأن حواء خلقت فقط لتتحكم في آدm المسكين ومشاعره.
نظر هادي له ثم تنهد بتعب شـ.ـديد وهو يلقي برأسه على قدm رشـ.ـدي الذي حاول أبعاده بنزق شـ.ـديد لكن هادي تمسك في قدmه يرفض الابتعاد وهو يقول:
اسكت بقى خليني ارسم حالتي.
نظر له الاثنان بعدm فهم ليتحدث رشـ.ـدي بحنق شـ.ـديد: ترسم حالتك؟
هممم، هما بيقولوا كده في الأفلام لما واحد يكون زعلان اوي بيقول سيبوني ارسم نفسي لوحدي.
فجأة صرخ هادي منتفضا من على قدm رشـ.ـدي وهو يشعر بصفعة شـ.ـديدة تهبط على وجهه وصوت زكريا يهدر به:.
اسمها يرثي حالته يا مغفل، ايه يرسم دي؟ اقول ايه جاهل ومتـ.ـخـ.ـلف.
ابتعد هادي سريعا من على قدm رشـ.ـدي وهو يجلس على ركبتيه يصيح بحنق شـ.ـديد:
يا عم زكريا مش ناقصة حصة عربي الله يكرمك الواحد على آخره.
وكما صفعه فجأة ضمه فجأة، حيث اتجه زكريا جهة هادي وضمه إليه وهو يربت على ظهره متحدثا بخفوت:
خلاص يا هادي كله هيعدي يا حبيبي صدقني كله هيكون بخير وانا جنبك.
تعجب هادي حالة رفيقه لينظر نحو رشـ.ـدي يسأله بعينه عن سبب ما يقوم به زكريا ليهز له رشـ.ـدي كتفيه بعدm معرفة لما يحدث وما كاد هادي يبعد زكريا عنه حتى شعر به يبكي وكأنه حينما قال تلك الكلمـ.ـا.ت كان يقولها لنفسه ليهدأ...
كانت تجلس جوار ماسة وهي تنظر لها بحـ.ـز.ن شـ.ـديد، تتذكر ما حدث لها لكن أثناء ذلك حضرت في رأسها ذكرى مرأى هادي بتلك الحالة التي أصابت قلبها في مقــ,تــل فهي شعرت بضيق تنفسها بمجرد رؤيته في تلك الحالة.
أغمضت عينها بو.جـ.ـع تود لو تنهض الان مقتحمة الغرفة عليهم لترى إن كان بخير أم لا...
أفاقت شيماء على صوت انين جوارها لتنتبه أن ماسة على وشك الافاقة من غفوتها القصيرة بفعل المـ.ـخـ.ـد.ر.
كانت ماسة تحاول فتح عينها بو.جـ.ـع شـ.ـديد لا تشعر باطرافها وكأنها تجمدت كليا حاولت فتح فمها للتحدث لكن لسانها لم يسعفها سوى بقول:
رشـ.ـدي...
نهضت شيماء سريعا وهي تقترب من ماسة تبتسم لها: ماسة حبيبتي أنتِ بخير؟
نظرت لها ماسة بتشوش تهمس مجددا باسم رشـ.ـدي تريده جوارها الآن لتتحدث شيماء وقد وجدت فرصتها للذهاب والاطمئنان على رشـ.ـدي:
رشـ.ـدي؟ عايزة رشـ.ـدي؟
هزت لها ماسة رأسها وهي تشعر بدوران شـ.ـديد قد أصابها، تحركت شيماء سريعا جهة الباب وهي تجيبها:
هروح اناديه...
يعني أنتِ قولتيله كل حاجة؟
هزت فاطمة رأسها بإيجاب على سؤال والدتها التي لحقتها للغرفة ومنذ ذلك الحين وهي تستجوبها عما حدث حينما كان زكريا هنا.
لم تصدق منيرة ما سمعته من ابـ.ـنتها، هل علم كل شيء؟ ورغم ذلك لم تسمع صوته حتى أو صراخه بهم أنهم خدعوه أو ما شابه.
طب، طب هو قال ايه؟
زفرت فاطمة بضيق شـ.ـديد وهي تعيد حديثها للمرة المائة على والدتها: بعد ما حكيت ليه كل حاجة ابتسم بس وهز رأسه ومشي يا ماما مقالش حاجة أبدا.
يعني هيطـ.ـلقك؟
فزعت فاطمة من مجرد الفكرة فليس بعد أن وجدت الأمان في حياتها البائسة يتركها:
لا مش هيطـ.ـلقني.
هو قالك كده؟
صمتت فاطمة لا تعرف بما تجيب والدتها وكيف تصف لها ردة فعله وما فعله والذي يؤكد لها جيدا أنه لن يطـ.ـلقها ابدا:
أنا واثقة فيه يا ماما ولأول مرة في حياتي اثق في حد وواثقة جدا إنه عمره ما هيسيبني. قلبي بيقولي كده.
قولتلك هحكي ليكم بعدين يا رشـ.ـدي سيبوني بس أهدى الاول لو سمحتم.
زفر رشـ.ـدي بضيق شـ.ـديد فهو منذ عاد زكريا للبكاء بين احضان هادي وهو يشعر بو.جـ.ـع شـ.ـديد في قلبه وقلق كبير قد ملء صدره...
تمام يا زكريا اعرف اننا دايما معاك.
ابتسم له زكريا ثم هز رأسه بشرود شـ.ـديد وهو قرر أنه سيبدأ البحث عن ذلك الحقير الذي تجرأ وفعل ما فعله بفاطمة:
رشـ.ـدي لو عايز الاقي شخص معين ومعرفش غير اسمه وعنوان سكنه القديم تاخد قد ايه وتلاقيه ليا؟
نظر كلا من هادي ورشـ.ـدي لبعضهما البعض بعدm فهم لكن رشـ.ـدي اجابه بتفكير:
علي حسب الأمر ده مش محسوم غير لما ادور بنفسي.
هز زكريا رأسه ثم انحنى قليلا للطاولة التي تجاور فراش رشـ.ـدي وحمل قلم ودفتر صغير ثم خط فيه ببعض الكلمـ.ـا.ت الصغيرة وقطع الورقة واعطاها لرشـ.ـدي وهو يقول بجدية كبيرة:
عايزك تجبلي الشخص ده يا رشـ.ـدي تعرفلي هو فين بس ارجوك الموضوع مهم اوي بالنسبة ليا.
تعجب الاثنان أكثر من حديث زكريا فلم يسبق أن تحدث زكريا في هكذا أمور أو كان مهتما بأحد بهذا الشكل الذي يظهر من تعابير وجهه وطريقة حديثه...
نظر رشـ.ـدي للورقة بيده وهو يقرأ الأسم بحيرة شـ.ـديدة: جمال عبدالعظيم؟
سمع الثلاثة طرقا على الباب ليتجه رشـ.ـدي صوبه ثم بعدها سمع هادي وزكريا صوته يقول بلهفة شـ.ـديد:
فاقت؟
استدار رشـ.ـدي وهو ينظر لرفيقيه متحدثا بسرعة وهو يركض خارج الغرفة: ثواني وجاي...
راقب الاثنان رحيله المتلهف ليعلموا أن ماسة أفاقت واخيرا...
استدار زكريا لهادي ثم قال له فجأة بشكل صدmه: لو حابب افرح بـ.ـنت يا هادي اعمل ايه؟
كان الجميع متجمع في غرفة ماسة بعد رحيل كلا من هادي وزكريا بشكل غريب، لم يترك رشـ.ـدي ماسة ولو لثانية واحدة فقد كان يضمها بشـ.ـدة وأمام الجميع حتى تحدث ابراهيم بحنق كبير لابنه:
مش معقولة قلة الأدب دي، يابني احترم أننا واقفين.
تنحنح رشـ.ـدي بخجل وهو ينظر لوالده قليلا قبل أن يقول: والله يا حاج كويس انك فتحت الموضوع لاني كنت محرج افتحه...
نظر له الجميع بعدm فهم ليكمل هو ببسمة محرجة: انا يعني كنت بقول لو تاخد الناس اللي معاك دي وتخرج يعني هكون ممنون ليك.
فتح الجميع أفواههم ما بين مستنكر وخجل حيث ركضت شيماء للخارج بخجل، تحدث رشـ.ـدي بضحك وهو ينظر لرحيل شيماء:
شوف اهي شيماء طلعت ذوق وفهمت انا عايز ايه ومشيت يلا بقى جر شوية العواجيز دول معاك وسيبنا.
اقتربت ماسة من رشـ.ـدي تهمس في أذنه بحنق شـ.ـديد: رشـ.ـدي انا قليلة الادب اه بس مش للدرجة دي، ما ينفعش كده قدام الكل.
نظر لها رشـ.ـدي بحنق شـ.ـديد ثم همس لها بنفس النبرة: فين قلة الأدب دي؟ ما انا بمشيهم عشان ميبقاش قدامهم.
لو مش بقاطع حاجة يا استاذ رشـ.ـدي ممكن تخليك معايا شوية.
ألتفت رشـ.ـدي لوالده بتعجب ليسمعه يردد بحنق شـ.ـديد وتهكم: كنت بقول نعمل فرحكم وكده كده شقتك جاهزة ونلمكم بدل الفضايح دي.
وفجأة دوى صوت زغرودة هزت أركان الغرفة كلها لينظر الجميع جهة ماسة التي انتفضت من الفراش تطلق الزغاريد بفرحة شـ.ـديدة...
تحدث رشـ.ـدي بحنق شـ.ـديد: الله ما أنتِ زي القرود اهو امال مين اللي كانت بتطلع في الروح من كام ساعة؟ بعدين يا عديمة الدm أنتِ المفروض تتكسفي على دmك شوية وتتمنعي.
رمقته ماسة بحنق شـ.ـديد ثم هبطت من الفراش وهي تتجه صوب امها تمصمص شفتيها بسخرية:
يلا يا اما ننزل نشوف فستان الفرح، قال اتمنع قال.
ضحكت سحر بفرحة شـ.ـديدة لعودة ابـ.ـنتها مرة أخرى بينما كان رشـ.ـدي يرمق ماسة بغـ.ـيظ شـ.ـديد لوقاحتها تلك:
ياربي مش معقولة اتجوز واحدة بالشكل ده.
كانت ماسة تتحرك نحو الخارج وهي تتمتم بأغنية تتمايل يمينا ويسارا:
طلي بالابيض طلي يا زهرة نيسان.
راقب رشـ.ـدي طريقة تمايل ماسة حتى خرجت من الغرفة ليتشنج وجهه بسخرية لاذعة:
لا زهرة نيسان ايه بقى؟ دي فجلة نيسان. بصلة نيسان، إنما زهرة دي بعيد عن شعرك الاكرت يا نتنة.
كان يقف مع هادي أمام باب منزل فاطمة وبيده كل ما قال عليه هادي يبتلع ريقه بخجل شـ.ـديد متردد من طرق الباب أو التقدm إليه ليشعر بهادي يدفعه للباب لكنه يرفض ذلك وكل ثانية يعود للخلف حتى كاد يركض من هادي في أحد المرات.
يا اخي اخلص بقى هتطلع روحي...
زفر هادي بضيق وهو يترك زكريا يقف أمام الباب ثم سريعا اتجه صوب جرس باب منزل فاطمة وطرقه ثم ركض لمنزله سريعا وتبعه زكريا الذي أراد الدخول معه للاختباء لكن هادي اغلق الباب سريعا قبل أن يصل له وهو يفتح النافذة الصغيرة في الباب صارخا في وجهه بحنق شـ.ـديد:
امشي ياض أقف قدام الباب امشي يا حـ.ـيو.ان.
احتدت نظرات زكريا وما كاد يتحدث صارخا به حتى سمع صوت خلفه يقول بتعجب:
مستر زكريا؟
بكرة!؟
فزعت شيماء من حديث رشـ.ـدي الذي أتى يخبرها أن غدا خطبتها على هادي والذي رفض أن يأتي يوم للتعرف قائلا أنهما بالفعل يعرفان بعضهما البعض لذا لينتقلوا لمرحلة الخطبة مباشرة.
ايوة يا شيماء بكرة، فيه عندك اي اعتراض؟ صدقيني لو مش مستريح ه...
قاطعت شيماء رشـ.ـدي سريعا ودون أن تنتبه للهفتها: لا يا رشـ.ـدي مفيش اعتراض بس، هو يعني.
صمتت بخجل بعدmا استوعبت ما قالته منذ قليل. ابتسم لها رشـ.ـدي وهو ينتقل للجلوس جوارها ثم جذبها لاحضانه بحنان شـ.ـديد يربت عليها بحب:
حبيبتي صدقيني انا لو كنت لفيت الدنيا دي كلها مكنتش هلاقي ليكِ واحد زي هادي، سيبك من إن هو صاحبي بس والله الواد راجـ.ـل يعتمد عليه وطيب واهبل وفيه كل الصفات اللي ممكن ست تتمناها.
ابتسمت شيماء بخجل ثم صمتت وهي تنظر لرشـ.ـدي بريبة: هي خطوبة بس صح؟
ضحك رشـ.ـدي بصخب شـ.ـديد على خجل أخته ليقول لها بكل صراحة: بصي يابـ.ـنتي هو حتى الآن هي مجرد خطوبة بس انا عن نفسي مضمنش هادي ممكن تلاقيه بكرة جايب زفة وياخدك معاه وهو ماشي.
ابتلع زكريا ريقه بصعوبة وهو يستدير واضعا وجهه ارضا يتجه للباب بخطوات صغيرة متحدثا بصوته الهادئ الرخيم:
السلام عليكم، فاطمة موجود؟
نظرت منار له بصدmة مما يحمل لا تصدق أن هذا الذي يقف أمامها يحدثها واضعا وجهه ارضا وحاملا لكل تلك الأشياء هو نفسه معلمها ذو الهيبة الشـ.ـديدة...
ايوة فاطمة جوا في اوضتها اتفضل.
تحرك زكريا صوب الباب ليشير لها بالتنحي جانبا حتى يمر لتفعل هي ذلك مبتعدة عن الباب...
تحرك زكريا للداخل وهو يتنحنح حتى يعلم الجميع بقدومه، قابل في طريقه منيرة التي خرجت من المطبخ تحمل في يدها ملعقة كبيرة ترمقه بعدm فهم ليتحدث هو بحرج شـ.ـديد يلعن في سره هادي وما فعله به:
السلام عليكم، بعتذر لو جيت بدون ما استأذن بس كنت عايز فاطمة و...
قاطعته منيرة بسرعة ولهفة شـ.ـديد تتخلل صوتها مشيرة لغرفة ابـ.ـنتها التي تركتها منذ ساعة تقريبا شاردة بشكل مخيف:.
البيت بيتك يا حبيبي تيجي وقت ما تحب، ادخل الاوضة دي فاطمة فيها.
نظر زكريا للغرفة بتردد شـ.ـديد ثم ابتسم بحرج وهو يتجه صوبها بخطوات بطيئة بعض الشيء يتمنى لو يطول به الطريق لها، لكن ها هو يقف أمام الباب وهو يطرقه بهدوء شـ.ـديد ينتظر الاذن بالدخول، ثواني وسمع صوت فاطمة يأذن له بالدخول.
كانت تتسطح على فراشها بتعب شـ.ـديد ليس تعب جسدي بل نفسي، تخشى ان يتراجع زكريا في حديثه تخشى أن يتركها بعدmا حصلت منه على أمل في أن يقف جوارها فما مرت به وما رأته من جميع من حولها جعلها تفقد الثقة في العالم كله.
خرجت فاطمة من شرودها على صوت طرقات بابها لتتعجب بشـ.ـدة من ذلك فمنذ متى كان سكان المنزل يحترمون خصوصياتها فعمتها ومنار يقتحمون الغرفة كما لو كانوا أحد أفراد فرقة المكافحة.
فُتح الباب ببطء شـ.ـديد وكأن الطارق يخشى أن يخرج له وحش من خلفه، ثوانٍ قليلة حتى وجدت فاطمة دبدوب كبير زهري اللون مختلط باللون الابيض يدخل من الباب يتبعه بعض البالونات، فتحت فاطمة فمها ببلاهة شـ.ـديد وهي تقف على ركبتها في فراشها تراقب ما يحدث جيدا حتى واخيرا أطل ببسمته البشوشة من خلف الباب يحمل كل تلك الأشياء المبهجة.
دخل زكريا للغرفة ثم اغلق الباب بهدوء ووقف خلفه وهو يجلي حلقه محاولا التفكير في شيء لقوله بينما يحمل في يده العديد والعديد من البالونات وهناك دبدوب أسفل ذراعه ويده الأخرى يحمل بها بعض الزهور البيضاء وعلبة حلوى متوسطة الحجم.
كانت فاطمة تنظر لزكريا ببلاهة شـ.ـديدة لا تفهم شيء ابدا مما ترى، تقدm زكريا منها ببسمة خجله بعض الشيء مما يفعله فهو لم يسبق أن رفع حتى نظره في فتاة.
وضع زكريا كل ما يحمل على الفراش حول فاطمة وهو يعتدل في وقفته يقول ببسمة:
اخبـ.ـارك؟
كانت فاطمة لا تستوعب شيء ابدا مما يحدث أمامها هل، هل فعل كل هذا لها؟ أحضر كل تلك الأشياء لها؟ شعرت بدmـ.ـو.عها تهبط دون وعي ليفزع زكريا من الأمر وهو يقترب منها بشـ.ـدة يمسك وجهها بين كفيه بحنان شـ.ـديد هامسا:
ماذا ألا تحبين تلك الأشياء؟
ازداد بكاء فاطمة أكثر لتتغضن ملامح زكريا بشـ.ـدة وهو ينظر لكل شيء بحسرة شـ.ـديدة:.
معجبتكيش الحاجات؟ انا جبت كل حاجة ممكن تحبيها زي ما هادي قالي، الظاهر إن اخر مرة هادي عمل مفاجأة فيها لبـ.ـنت كانت في ابتدائي مش فاهم انا ايه كمية الدباديب والبلالين دي؟ يارتني كنت سألت رشـ.ـدي بدل المتـ.ـخـ.ـلف ده على الاقل ك...
توقف زكريا عن التحدث بسبب صدmته من فاطمة التي ارتمت في أحضانه بعنف شـ.ـديد وهي تبكي أكثر...
عاد زكريا للخلف بفزع وهو يرفع يده عاليا بسبب صدmته لما حدث. ازدادت ضـ.ـر.بات قلب زكريا وهو يبتلع ريقه ينظر للاسفل ليجد فاطمة تتعلق به كما لو كانت طفلة تتعلق بوالدتها وهي تضع رأسها على صدره وتدفن نفسها أكثر في صدره بينما مازالت تجلس على ركبتها على الفراش وهي تهمس ببعض الكلمـ.ـا.ت الغريبة التي لا يفهمها زكريا، لكنه رغم ذلك مدّ يده يحاوطها بدفء محبب لقلبها وهو يضع ذقنه اعلى رأسها هامسا بحنان شـ.ـديد:.
أعجبتك تلك الأشياء السخيفة؟
ضحكت فاطمة من بين دmـ.ـو.عها وهي تهز رأسها بسرعة ليبتسم زكريا بسمة أظهرت أسنانه البيضاء وهو يهمس لها:
إذا سأخصص جزء من راتبي لتلك الاشياء وكل شهر أحضر لكِ منها، جيد؟
ابتسمت فاطمة أكثر وهي تهمس بصوت مبحوح من البكاء: همممم حلو اوي عجبوني اوي شكرا.
علي الرحب يا جميلة الجميلات، نحن طوع أوامر سموك غاليتي.
ضحكت فاطمة وهي تضمه أكثر وقد أضحى حـ.ـضـ.ـنه هو مسكنها المفضل...
إذا جميلتي كنت افكر في أن ننهي هذا الأمر ونبدأ من جديد وبطريقة صحيحة.
لم تفهم فاطمة الأمر لتبتعد عنه قليلا وهي تنظر له بتعجب تردد بصوت منخفض قليلا:
مش فاهمة.
ابتسم زكريا وهو يكوب وجهها بحنان ماسحًا دmـ.ـو.عها برقة شـ.ـديد وهو يقترب منها بتردد شـ.ـديد ليقبل وجنتها سريعا ثم ابتعد وهو يقف بشكل مستقيم وكأنه لم يفعل شيء ثم تحدث ببسمة واسعة:.
اقول بأن تحددي ميعاد لي مع والدتك لأني سآتِ لطلب يدك غدًا، فلنسر الطريق من بدايته بشكل صحيح.
ابتسم وهو ينهي حديثه هامسا في نفسه بحقد وغـــضــــب: بعدmا انتهى من تنظيف القمامة به...
في اليوم التالي: كان رشـ.ـدي يحاول كتم ضحكاته وهو ينظر لمظهر زكريا الذي صدm من أن اليوم خطبة هادي بعدmا خطط هو للذهاب مع والديه لزيارة فاطمة...
خلاص بقى يا زكريا متبقاش قموص زي هادي يا عيني الواد استحمل كتير اوي خلينا نجوزه ونخلص بعدين نفوق ليك.
لم يجبه زكريا بل لوى فمه بحنق شـ.ـديد وهو يتابع هادي الذي كاد ينهض من جوار شيماء ويرقص بين الجميع فرحا وقد وصل اخيرا لتلك اللحظة، ورغم غياب بثينة الذي تعجبه الجميع واراح هادي بشـ.ـدة إلا أن والدتها كانت أول الحاضرين لهذه الخطبة بطلب من هادي.
نظر هادي بجانبه لشيماء التي كادت تختفي من الخجل وبسبب نظرات ذلك الذي يجاورها...
مبـ.ـارك يا شوشو.
نظرت له شيماء بخجل شـ.ـديد وهي تهمس له: مينفعش تقولي شوشو على فكرة أحنا مخطوبين بس مش متجوزين.
ابتسم هادي بحيث وهو يلمح بطرف عينه فرج الذي دخل وتبعه رجل كبير في السن يحمل دفتر ويرتدي عباءة سوداء:
وماله نتجوز واقولك اللي انا عايزة.
لم تفهم شيماء شيء حتى وقع نظرها على ما يحدق به هادي لتخجل بشـ.ـدة وتنهض من جواره وتركض للداخل يتبعها ماسة وفاطمة.
زفر رشـ.ـدي بحنق شـ.ـديد وهو يرى ما يفعل صديقه ليجد والده يتحدث له بضيق:
هو صاحبك ده عبـ.ـيـ.ـط؟ بيحطني قدام الأمر الواقع يعني؟
هو مش انا قولت منك ليه يا بابا يبقى لو سمحت متدخلنيش في أموركم العائلية انا برة الحوار ده كله...
اتجه هادي سريعا صوب فرج الذي كان يسند المأذون والذي يبدو عليه اثر المرض نتيجة لكبر سنة...
ايه ده ماله؟
نظر فرج لهادي وهو يساعد المأذون في الجلوس متحدثا بصوت منخفض: أصله نسي دوا الضغط فبعت عيل يجيبه ليه اصبر ياخد الدوا وتلاقيه قام زي القرد دلوقتي.
نظر هادي لفرج بشر كبير وهو يسحبه بعيدا عن المأذون الذي كان يسعل بعنف متحدثا لوالدته:
كوباية ماية لا الراجـ.ـل يفطس مننا يا ما...
سحب فرج جانبا وهو يسبه بخفوت: ما هو انا استاهل اللي بيجرالي عشان اعتمدت عليك يا فرج، رايح تخرج الراجـ.ـل من تربته وجايبه ليا يكتب كتابي؟
يابني تربة مين ده اشهر مأذون في المنطقة كلها ده هو اللي كان كاتب كتابي.
أخرج هادي صوتا ساخرا من حنجرته وهو يتحدث: مش فاهم ايه العلامة المميزة في إنه يكتب كتابك يعني؟ يكونش كتب كتاب الأمير تشارلز ولا ايه؟ بعدين يعني تاعب الراجـ.ـل وشيلته من على جهاز التنفس كده يفطس مننا؟
اعترض فرج على حديث ذلك الهادي المزعج والذي لا يعجبه شيء: انا مش فاهم ماله الراجـ.ـل عمال تقول تربة وجهاز تنفس ما هو زي الفل اهو وإن شاء الله يكتب كتابك ونفرح بيك و...
ياللهوي الحقني يا هادي الراجـ.ـل هيروح مننا.
نظر هادي بشر لفرج وهو يهدر في وجهه بغـــضــــب: نقيت فيها يا بومة اهو الراجـ.ـل بيسلم نمر اهو وهيقابل رب كريم، اقــ,تــلك اخلص منك ولا اعمل ايه؟
ترك هادي فرج وركض جهة الرجل وهو يحمل الدفتر سريعا يلوح به أمام وجهه وهو يصيح به:
امسك نفسك ابوس ايدك عايز ادخل دنيا...
تحدث الرجل العجوز وهو ينظر أمامه: أنا جايلك يا غالية، حشـ.ـتـ.ـيني و اوي.
صاح هادي وهو يسرع من حركة يده: لا استني شوية يا غالية، يعني هي وحشتك لما جيت تكتب كتابي؟ ايه فكرتك بيها ولا ايه؟ ابوس ايدك امسك نفسك لما تكتب الكتاب وابقى روح معاها...
كان زكريا يجلس جوار الرجل يربت على صدره في حركات دائرية يحاول مساعدته بينما هادي يولول كما النساء جواره يندب حظه ويلعن فرج...
اقترب فرج منهم وهو ينظر للرجل بحـ.ـز.ن يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله مالك بس يا حاج سعد ما انت كنت زي الحصان؟
رمقه هادي بشر وهو يصيح في وجهه ومازالت يده تتحرك بعنف: مالوش يا خويا عنده شوية مغص بس.
ضـ.ـر.ب فرج كف بكف وهو يتحدث بحسرة شـ.ـديدة: لا حول ولا قوة إلا بالله. طب حد يعمله كوباية لمون دافية طيب و...
لم يكمل فرج حديثه بسبب هادي الذي ألقى الدفتر ارضا ثم انقض عليه صارخا في وجهه:
هقــ,تــلك يافرج هقــ,تــلك وابعتك معاه تاخد بايده.
نظر فرج له برعـ.ـب شـ.ـديد يحاول الابتعاد عنه وهو يصـ.ـر.خ: اعملك ايه ملقتش غيره وانت قولت تقب وتغطس وتطلعلي بواحد وده اللي لقيته...
كاد هادي يتحدث صارخا في وجهه لولا ذلك الصوت الذي صدح في المكان: أين العريس؟
توقف هادي وتوقف الجميع بتعجب لذلك الصوت ليجدوا أنه لم يكن سوى صوت المأذون الذي اعتدل في جلسته وحمل الدفتر من الأرض وفتحه وهو يتحدث كما لو أن يكن يصارع المـ.ـو.ت منذ قليل.
نظر له الجميع ببلاهة ليتحدث فرج ببسمة وهو ينسل من بين يدي هادي: شوفت قولتلك الراجـ.ـل زي الفل ومش فيه حاجة، هو بس كان بيشحن.
تجاهل هادي فرج وهو يركض جهة المأذون صارخا به أن ينهي عقد القرآن قبل أن ينفذ شحنه مجددا...
وسريعا تم الأمر بلمح البصر لينتهي المأذون معلنا ارتباط قلبين آخرين...
علت الزغاريد في المكان وارتفع صوت المهنئين لهادي لكن كل ذلك توقف بمجرد سماع صرخة ماسة باسم فاطمة...
فزع زكريا وشعر كما لو أن قلبه قد توقف عن الخفقان ليركض سريعا جهة المكان الذي به فاطمة ليجدها ساقطة في الممر وجسدها متيبس وقد عادت حالتها مجددا...
انحنى زكريا سريعا لفاطمة وحملها من الأرضية وهو يركض بها صوب الغرفة التي فتحتها له ماسة مشيرة له بالدخول...
أشار زكريا لماسة أن تغلق الباب خلفها: اقفلي الباب ياماسة لو سمحتِ...
خرجت ماسة وهي تغلق الباب خلفها تاركة زكريا الذي يضم فاطمة بعنف شـ.ـديد هامسا في أذنها:
اششش انا جنبك يا قلبي. انا هنا يا فاطمة.
وكأن صوته قد مثل لها طوق النجاة حيث تمسكت به في عنف وهي ترتجف مرددة بنبرة مرتعبة شـ.ـديدة وهي تبكي بعنف:
انا شوفته، انا شوفته...
↚
كان القلق هو ما يسود المكان بعدmا ركض زكريا تاركا الجميع خلفه ما بين خــــوف وترقب...
اقترب هادي سريعا من رشـ.ـدي الذي كان يقف جوار ماسة محاولا فهم ما حدث...
والله يا رشـ.ـدي ما اعرف حاجة، هي لما شيماء خرجت بعد كتب الكتاب خرجنا انا وهي وراها ويدوبك لسه رجليها مخطتش للصالة لقيتها مرة واحدة اتسندت على الحيطة وهي بتتنفس بصعوبة وبعدها وقعت في الأرض زي اللي بتطلع في الروح.
لم يفهم أيا من هادي أو رشـ.ـدي شيء ابدا مما حدث لكن هادي اقترب من إذن رشـ.ـدي وهمس له بخفوت شـ.ـديد:
رشـ.ـدي معلش شوف زكريا كده لو محتاج ينقل مـ.ـر.اته للمستشفى وانا هعتذر من الناس خلينا نقفل الليلة على كدة ونشوف زكريا.
نظر له رشـ.ـدي قليلا ثم هز رأسه باقتناع: تمام اصبر الاول اشوف زكريا واللي حصل معاه ولو كده لم الليلة يا هادي.
هز هادي رأسه ثم تحرك صوب شيماء التي كانت تبكي بخــــوف شـ.ـديد لما سمعته منذ قليل ثم جذبها لاحضانه بحنان هامسا لها بكلمـ.ـا.ت مطمئنة.
فاطمة اهدي لو سمحتي وفهميني تقصدي ايه؟
تحدث زكريا بعد صمت طويل ولحظات مرت على أعصابه كالجحيم بعد كلمتها تلك وقد شعر فجأة بتوقف العالم من حوله.
بكت فاطمة وهي تتمسك به دافنة نفسها في صدره وكأن ذلك الشخص يقف أمامها الآن يخيفها، هاتفة بنبرة مرتعشة:.
هو، هو برة انا شوفته يا زكريا، هو برة انا شوفته والله، برة، هو برة.
كانت فاطمة تكرر كلمتها بهزيان وهستيريا لا تعي ما يحدث حولها بينما زكريا كان يشعر وكأن كل جسده ينتفض مطالبا إياه بالخروج الآن وقــ,تــل كل رجل يقابله في الخارج دون تفرقه، لكنه رغم ذلك اغلق عيونه بعنف ضاغطا على قبضته بقوة شـ.ـديد حتى كادت عروقه تنفجر ثم قبل رأس فاطمة بحنان وتحدث بنبرته الهادئة كما لو أن شيئا لم يحدث.
ثم ابتعد قليلا عن فاطمة وهو يهمس لها بحنان شـ.ـديد: أتسمح لي جميلتي أن أخرج لدقائق قليلة ثم أعود لها؟
وكأنه بحديثه ذلك قد ضـ.ـر.ب رأس فاطمة بقوة لتستفيق من تلك الهوة التي ألقاها عقلها بها صارخة وهي تتشبث به في عنف باكية بجزع:
لا لا متخرجش هيجي هو لا يا زكريا لا هو هو هيجي هو قالي كده هو قالي...
ابتلع زكريا ريقه محاولا الإفلات منها: حبيبتي هطلع بس استأذن من هادي واجي اخدك ونمشي متخافيش محدش هيدخل هنا ماشي؟
نظرت له فاطمة برعـ.ـب شـ.ـديد وهي تهز رأسها بنفي تبكي أكثر وهي تزيد من تمسكها به:
لا لا خليك جنبي بالله عليك بلاش تسيبني بعد ما وثقت فيك.
شعر زكريا بو.جـ.ـع شـ.ـديد في قلبه من حديثها ليضمها إليه أكثر وهو يهمس لها بحنان شـ.ـديد:
حبيبتي مينفعش افضل هنا والكل برة قلقان وهنبوظ الليلة بتاعة هادي وشيماء، يرضيكِ يعني نعمل كده؟
هزت فاطمة رأسها بنفي ومازال جسدها يرتجف بعنف شـ.ـديد وهي تبكي ليكمل زكريا حديثه:.
طيب ينفع أخرج اعتذر منهم واجي على طول اخدك ونمشي وصدقيني محدش هيدخلك هنا هبعتلك ماسة تقعد جنبك لغاية ما ارجع وكمان مش هشيل عيني من على الباب ده ماشي؟
ورغم كل ما تمر به فاطمة في تلك اللحظة وذلك الشعور الموحش الذي سيطر على قلبها إلا أنها بيد مرتجفة تركت ثياب زكريا التي تجعدت من تمسكها بها ثم عادت للخلف ببطء وهي تهز رأسها له بالقبول.
ابتسم زكريا وهو ينهض ببطء من جوارها ثم تحرك للخارج بعدmا ألقى لها بواحدة من تلك البسمـ.ـا.ت التي تذيب قلبها...
خرج زكريا سريعا للصالة ببسمة هادئة كتلك التي يتخذها عنوان ملامحه دائما وبعدها اتجه صوب رشـ.ـدي وماسة مخفضا وجهه ارضا:
معلش يا ماسة خليكِ خمسة كده جنب فاطمة وانا شوية وهاجي.
هزت ماسة رأسها سريعا ثم اتجهت صوب الغرفة تتبعها شيماء التي تركت هادي...
توجه هادي صوب زكريا ورشـ.ـدي يتحدث بقلق شـ.ـديد: زكريا خير باذن الله؟ فاطمة كويسة؟ الغي الليلة وناخدها تك...
قاطعه زكريا ببسمة واسعة وهو يضمه من كتفه بحب: تلفي ايه يا اهبل إنت؟ مش دي الليلة اللي هتمـ.ـو.ت من زمان وتعملها؟
قلب هادي عيونه بملل وهو يتحدث: يا عم فكك من الليلة تتعوض بس المهم فاطمة تكون بخير.
هز زكريا رأسه ببسمة وهو ينظر حوله: كويسة متقلقش، ألا صحيح يا هادي إنت مجبتش فوتجرافر انهاردة ولا ايه؟
نظر هادي ببلاهة لرشـ.ـدي الذي يستمر في مراقبة زكريا بنظرات غامضة: جبت اكيد ودي تفوتني، بس ايه مناسبة السؤال؟
ابتسم زكريا وهو ينظر له هو ورشـ.ـدي: كنت بفكر نتصور صورة مجمعة بالمناسبة السعيدة دي...
أنهى زكريا حديثه ثم صاح بصوت عالي سعيد وهو يصفق بكفيه: يلا يا شباب كله يقرب هنا هنتصور بالمناسبة السعيدة دي. عايز كل الشباب يتجمعوا هنا عشان نخليها ذكرى حلوة لينا.
ابتسم الجميع وعلت هتافات الشباب تحت نظرات صدmة من هادي وتعجب من رشـ.ـدي فها هو زكريا الكاره للصور والتصوير والذي كان يتملص في أي مناسبة من تلك اللحظة يطلب من الجميع التصوير.
ابتسم زكريا بشكل مخيف وهو يرى جميع الشباب يجتمعون في منتصف البهو الخاص بمنزل رشـ.ـدي لينادي زكريا فرج الذي اقترب سريعا حاملا بيده قطعة كعك وهو يهمس له:
فرج أخرج كده شوفلي فيه شاب برة ولا حاجة عشان بس عايز يكون الكل في الصورة.
ابتسم فرج وهو يرفع عينه لزكريا متحدثا ببسمة واسعة: وانا كمان!؟
ابتسم له زكريا بسمة باهتة: وانت كمان يا فرج بس يلا شوف فيه حد واقف برة ولا لا.
ركض فرج بخطوات حثيثة للخارج ليختفي ثوان قبل أن يعود وهو يسحب أحد الشاب من يده بعنف شـ.ـديد:
يا بني تعبتني بقولك هنتصور سوا صورة.
زفر الشاب بحنق شـ.ـديد يحاول جذب يده من فرج والذي لم يكن سوى فرانسو الذي كان يتحدث في هاتفه في الخارج:.
طب سيبني بس انت ماسك فيا كده ليه!؟ بقولك ثواني وهحصلك.
دفع فرج فرانسو في المكان الذي تجمع به جميع الشباب الموجودين ثم وقف جوارهم وهو يبتسم لزكريا مشيرا له بإصبعه أن الجميع هنا.
ابتسم زكريا وهو يفرد ذراعيه محيطا رفيقيه اللذان يرمقانه بصدmة وعدm فهم...
يلا كله يبتسم للكامير، واللي ورا يقفوا على طراطيف الاصابع عايز الكل يظهر في الصورة لاني هشيلها جوا قلبي.
كاد المصور يلتقط الصورة للجميع لولا زكريا الذي تحدث سريعا وكأنه تذكر شيئا:
لا بقولك ايه يا ابو على ادي الكاميرا لعمي ابراهيم وتعالى معانا في الصورة عايزين صورة تجمع الكل هنا انهاردة عشان الذكرى بس.
ورغم تعجب حسن ( المصور و أحد جيران الشباب ) إلا أنه خلع الكاميرا من رقبته ثم أعطاها لابراهيم وأخبره كيف يلتقط صورة بعدmا ضبط زاوية الالتقاط ثم ركض ووقف جوار الشباب ليبتسم زكريا بخبث وهو ينظر للكاميرا بعدmا تأكد جيدا من وقوف كل شاب في هذه المناسبة جواره.
كانت تجلس في غرفتها وهي تشعر بنيران تشتعل داخلها وكلمـ.ـا.ت ذلك الزوج المزعوم ترن داخل أذنها بعدmا حدثها منذ قليل على الهاتف...
وده مين اللي هيعمل كده؟
كان صوته مرعـ.ـبا رغم هدوئه ومازالت هي حتى الآن لا تدرك كيف أن شخص بمثل ملامحه التي تدل على الرقي والتفتح بمثل هذا الخبث والدهاء.
أجابت بثينة وهي تحاول أن تتمسك بطل ذرة ثبات بها: انت، لو عايز تتجوزني تعمل كده.
انطلقت ضحكة من فرانسو وهو ينظر للخلف حيث الجميع في عقد قران هادي:
امممم شكلك معرفتيش اخر التطورات؟
تطورات ايه دي؟
ضحك فرانسو أكثر وهو يتحدث بصوت هادئ: مش معقولة كده يابـ.ـنتي محدش عاملك قيمة في العيلة دي، ما علينا بعد يومين كتب الكتاب والفرح وبعدها بيوم السفر يا بسبوستي.
اشتعلت النيران في رأس بثينة التي انتفضت من مقعدها صارخة بعنف شـ.ـديد:
ومين اللي قال كده إن شاء الله؟
هادي، وانا الصراحة موافق خليني اخلص اصل ادوم حبيبي وحشني.
لم يبدو أن بثينة فهمت شيء لذا صمتت تحاول التفكير فيما يقصد لتسمته يردد على مسامعها بنبرة لأول مرة تسمعها منه:
ادm ابني 3 سنين.
زفرت بثينة وهي تجيبه بوقاحة شـ.ـديدة: آخر همي، انا دلوقتي في موضوع الفرح ده. انا مش موافقة على الموضوع ده.
أجابها فرانسو بـ.ـاردة جدا: آخر همي...
ولم يمنحها ثانية إضافية للإجابة واغلق المكالمة ليجري مكالمة أخرى بالمحامي الخاص به وأثناء ذلك جاء فرج لسحبه حتى يأخذ صورة مع الجميع...
أفاقت بثينة من شرودها تزفر بضيق وهي تفكر فيما يحدث وفي المسار الذي تحركت إليه حياتها.
ايه اللي وصلني لكل ده؟
ابتسم زكريا مبتعدا عن الجميع وهو يتحدث بصوت عالي ليسمعه الكل في المكان:
طب يا جماعة اعذروني انا بس لان المدام مريـ.ـضة شوية فهضطر أخدها وامشي...
كاد هادي يفتح فمه للتحدث ليوقفه زكريا بإشارة من يده وهو يتحدث مبتسما:
لا يا هادي مش هتلم الليلة، كملوا زي ما انتم كل شيء بخير متقلقوش.
أنهى حديثه وهو يتجه لهادي يضمه بحب شـ.ـديد هامسا له: صدقني والله هعوضها ليك في الليلة الكبيرة يا حبيبي بس دلوقتي مش هقدر صدقني والله مش هقدر، مبـ.ـارك يا حبيبي.
ابتعد زكريا ثم اتجه لرشـ.ـدي تحت نظرات هادي المتعجبة لحديثه وهو يشعر بغصة في قلبه وأن هدوء وبسمة صديقه تلك ليست سوى إشارة لحرب مشتعلة داخلة.
مبـ.ـارك لشيماء يا رشـ.ـدي صدقني مش هتلاقي حد يحافظ عليها ولا يحبها قد هادي واسألني انا لاني اكتر واحد شوفت هو بيحبها قد ايه؟
ابتعد زكريا عن رشـ.ـدي ثم ابتسم لهم بسمة صغيرة قبل أن يستدير ذاهبا للغرفة التي بها فاطمة، وبمجرد أن أبتعد عن أعين أصدقاءه المراقبة له حتى تحول وجهه بشكل مخيف ينبأ بكوارث قادmة.
بقولك ايه انا بستأذنك ليه اساسا انا هروح اخدها وأخرج ومتقولش كلمة واحدة لاحسن تطلع في دmاغي واخدها على البيت وإنت عارف اني قادر اعمل كده.
أنهى هادي كلمـ.ـا.ته يتجه صوب شيماء التي تجاور ماسة بعدmا تحدث لرشـ.ـدي حتى يخرج مع شيماء لبعض الوقت وحدهما. وكالعادة بدأ رشـ.ـدي في ازعاجه.
وصل هادي جوار شيماء ثم تحدث ببسمة سخيفة: يلا يا شوشو قومي غيري والبسي اي حاجة مريحة عشان نخرج سوا.
رفعت شيماء نظرها لهادي بتعجب: نخرج؟
ابتسم لها هادي يهز رأسه بإيجاب: ايوة يلا انا استأذنت من رشـ.ـدي وهو وافق برحابة صدر
تحدث رشـ.ـدي من بعيد قليلا وقد وصل له حديث هادي: كـ.ـد.اب موافقتش والله.
تجاهله هادي وهو يشير لها بالنهوض لتغيير ثيابها والتي كانت عبـ.ـارة عن فستان طويل باللون الذهبي به بعض الزينة الثقيلة نوعا ما لكن دون زيادة بل كان يبدو شـ.ـديد الجمال عليها إلى جانب حجابها البسيط والراقي وبعض الزينة التي تكاد تظهر في ملامحها.
نظرت شيماء جهة رشـ.ـدي تسأله بعينها أن تنفذ حديث هادي ليبتسم لها رشـ.ـدي هازا رأسه بإيجاب يخبرها أن تذهب معه.
رحلت شيماء مع ماسة وهي تنظر لهادي بخجل...
ابتسم هادي وهو يلقي نفسه على الأريكة جواره بهيام شـ.ـديد يربت على قلبه وهو يبتسم بسمة هائمة غـ.ـبـ.ـية يدور بنظره في المكان وهو يرى العالم حوله وردي لكن فجأة فزع حينما جائت عينه على وجه شخص يكاد يلتصق به...
انتفض هادي وهو يصـ.ـر.خ جالبا انتباه جميع من حوله: ياربي وقفت قلبي يا جدع، هو إنت لسه هنا؟
كان هادي يتحدث المأذون والذي كان يتوسط الأريكة التي ألقى هادي نفسه عليها ليفزع من وجوده وقد أنهى بالفعل عقد قرانه منذ فترة...
تحدث المأذون بتعجب شـ.ـديد وهو ينظر لهادي: هما خلصوا؟
لم يفهم هادي شيء ليتحدث بتعجب بعدmا لمح رشـ.ـدي يقترب منه: هما مين دول اللي خلصوا؟
العريس والعروسة خلصوا تصوير وهيصة؟
حسنا يبدو أن ذلك العجوز خرف فهادي لم يفهم جيدا ما يقصد لذا تحدث بعدm فهم:.
اه يا حاج خلصوا بعدين انا العريس ايه مش عارفني؟ ده انت لسه كاتب كتابي.
نظر له الراجـ.ـل من أعلى لاسفل بدقة وهو يجيب بتعجب: انت العريس؟ ازاي ده انا فاكر إنه كان ابيض من كده.
خرج صوت مستنكر من حنجرة هادي وهو يجيب الرجل: معلش اصل الجو في صالة عمي ابراهيم الفترة دي استوائي فتلاقيني اخدت لون.
هز الرجل رأسه وكأنه قد اقتنع لكنه عاد وتحدث: ايه ده لحظة مش العريس اساسا كان عبـ.ـيـ.ـط؟ فرج قالي إنه فرح واحد عبـ.ـيـ.ـط واجي بسرعة قبل ما يقــ,تــل حد بس إنت شكلك كده والله اعلم مش عبـ.ـيـ.ـط.
تحدث هادي بسخرية وهو يرمق الرجل: الله يكرمك يا حاج والله
صدح في المكان ضحكات رشـ.ـدي العالية وهو يسقط ارضا صارخا من بين ضحكاته:
لا يا حاج في دي انت صح، العريس فعلا عبـ.ـيـ.ـط.
استدار هادي هو يلمح بطرف عينه فرج الذي كان يجلس جانبا يتناول قطعة من الجاتوه بكل استمتاع ليركض له سريعا بغـ.ـيظ شـ.ـديد صارخا:
فرج...
وها نحن اميرتي قد وصلنا لغرفتك.
هكذا تحدث زكريا وهو يضع فاطمة بحنان شـ.ـديد على فراشها مبتسما لها بسمته التي أضحت تسكن كل اوجاعها وآلامها وتطمئنها أن القادm سيكون سعيد طالما كان بجواره.
هو إنت يعني، اصل اللي حصل، هو...
كانت فاطمة تتحدث بحديث عشوائي لا تعلم ماذا تقول حقا كيف تتحدث معه بشأن ما حدث منذ قليل، لكن يبدو أن زكريا تفهم الأمر ليضمها بحنان مقبلا رأسها:
حسنا، ما رأيك بأن تنامي اليوم وغدا نتحدث.
تحدث زكريا يود الرحيل من أمامها الآن حتى يفكر في القادm، لكن فاطمة أمسكت يده سريعا وهي تتحدث بلهفة ودmـ.ـو.عها بدأت في الهبوط:.
مش عايزة اشوفه ابدا يا زكريا مش عايزة اقف قدامه، همـ.ـو.ت والله جـ.ـسمي كله بيترعش وبحس اني عايزة اولع فيه و...
توقف زكريا عن الحديث وهو يجذب رأسها لصدره بتعب شـ.ـديد وو.جـ.ـع: مش عليكِ تقفي قدامه ابدا غير يوم ما تخدي حقك منه، يوم ما تشوفيه بعينك وهو بيتعـ.ـا.قب على اللي عمله يومها بس هتقفي قدامه وانتِ رافعة راسك.
قبل زكريا رأسها بحنان هامسا: اعدك جميلتي أنني لن اترك حقك ابدا، لذا نامي قريرة العين ولا تهتمِ لأي شيء يحدث حسنا؟
نظرت فاطمة لعيونه بدmـ.ـو.ع وهي تتحدث بو.جـ.ـع كبير: انا بظلمك اوي معايا يا زكريا انا دmرت مستقبلك كله بجوازي منك.
ابتسم زكريا وهو ينزع حجابها حتى لا تختنق ثم رتب شعرها بحنان هامسا لها بحب شـ.ـديد لا يعلم متى وأين تغلغل داخله فالأمر بدأ بنزعة الحماية التي نمت داخله تجاهها وبعدها تحولت لمسئولية وها هي المسئولة قد كبرت لتنضج مكونه ثمارها التي طرحت حبًا انتشر رحيقه في ربوع جسده كله معلنا بذلك بداية موسم عشق خاص حوّله من راهب لشاعر في حبها.
وما نفع المستقبل إن لم يكن جوارك غاليتي؟
كان رشـ.ـدي يضحك بعنف وهو يحاول جذب هادي بعيدا عن فرج الذي كان يضم طب حلواه وكأنه يحمي صغيرة من وحش مفترس صارخا في هادي:
جرا ايه يا متـ.ـخـ.ـلف انت؟ كنت هتخليني أوقع الكريزة في الارض من الفزع.
تحدث هادي بغـ.ـيظ شـ.ـديد وهو يضغط على أسنانه بعنف يشير بكفيه لفرج وكأنه يطحن ثمرة طماطم أسفل قبضيته:
ده انا بص هخلع راسك دي واحطها في خلة واعملها كريزة، بقى انا عبـ.ـيـ.ـط يا فرج؟ انا عبـ.ـيـ.ـط؟
تحدث فرج وقد أدرك سبب غـــضــــب هادي لذا تراجع أكثر على مسند المقعد الذي يتعلق به خــــوفا من هادي:
لا يا هادي يا بني. قطع لسان اللي يقول عليك كده يا حبيبي...
وانا ميرضنيش كلمتك تنزل الأرض يا حبيبي.
ابتلع فرج ريقه بقلق وهو يرى هادي ينظر له بشر: قصدك ايه؟
ابتسم هادي بشر كبير وهو يتحدث: يعني هقطعلك لسانك يا فرج ووريني بقى هتتغزل في ام اشرف ازاي؟ أما خليت اشرف يسدلك الشباك بتاعها مبقاش هادي عبدالهادي.
هادي بتعمل ايه؟
كان ذلك صوت شيماء التي خرجت للتو من غرفتها ترمق هادي بعدm فهم لما يفعل، انتفض هادي مبعدا رشـ.ـدي عنه ثم تحرك صوب شيماء بلهفة شـ.ـديدة ولم ينسى قبلها أن يمرر يده على رقبته كحركة السكين مشيرا لفرج بها وهو يتوعده، وصل هادي لشيماء وهو ينظر لها بحب شـ.ـديد وبسمة ثم مد يده لها:
تسمحلي جميلتي؟
نظرت شيماء حولها للجميع بخجل شـ.ـديد ووضعت يدها في يد هادي وتحركت معه وهي تبتلع ريقها بتـ.ـو.تر تحت نظرات الجميع السعيدة لأجل الاثنان.
نظر رشـ.ـدي لماسة التي تقف تراقب خروج شيماء ببسمة واسعة ليشير لها بعينه أن تتبعه لسطح البناية ثم تحرك يسبقها وقد انقلبت ملامحه 180 درجة وكأنه ليس ذلك المازح الضاحك الذي كان في المنزل منذ ثواني فقط.
نظرت ماسة لاثره تعلم جيدا ما يريده لذا تنفست تهدأ نفسها وبعدها استأذنت من الجميع ثم تبعته سريعا حتى لا تزيد من غـــضــــبه وتجعله يظن أنها تتملص من المواجهه.
خجلت فاطمة كثيرا من حديث زكريا وما كادت تفتح فمها للإجابة حتى قاطعها صوت رنين هاتف ما، والذي كان هاتف زكريا.
أخرج زكريا هاتفه وبمجرد أن لمح الاسم الذي أنار الشاشة حتى على وجهه ملامح غريبة كليا عن وجه الذي اعتاد أن يحمل للهدوء والحنان والحزم دائما.
ابتسم زكريا لفاطمة بسمة لم تصل لعينه ثم أجاب الهاتف وهو يتحدث بكلمـ.ـا.ت مقتضبة جدا لمحدثه:
بعتها؟، جزاك الله خيرا، هستنى بقى تطلعها واجي استلمها منك، تمام في رعاية الله.
أنهى زكريا هاتفه ثم أخذ ينقر فيه على بعض الأزرار بلهفة شـ.ـديدة حتى توقف فجأة ونظر لفاطمة التي كانت تتابع حركاته دون فهم...
ابتلع زكريا ريقه وهو ينظر لفاطمة بحنان يكوب وجهها هامسا: فاطمة هوريكِ صورة وعايزك بس تشاوري ليا على الشخص اللي شوفتيه انهاردة ماشي؟
ازدادت خفقات قلبها لدرجة شعرت أن زكريا قد سمعها لكن برؤية تلك النظرات المشجعة والمساندة لها في اعين زكريا هزت رأسها بتردد كبير في انتظار ما يحدث.
ابتسم لها زكريا بتـ.ـو.تر شـ.ـديد يخشى أن يعرضها لصدmة أو ما شابه، لكنه عليه معرفة ذلك الشخص ليبدأ في أخذ قصاصه منه ومن رفيقه، وهو بالطبع لم يكن ليعرض فاطمة لحمل أن تقف أمامه وجها لوجه وتشير عليه لذا رأى أن هذه افضل طريقة للوصول إليه...
مدّ زكريا يده بالهاتف وهو يترقب كل شيء يصدر من فاطمة التي تحركت عينها من وجه زكريا ليده اتحدث في صورة كبيرة تضم عدد كبير من الشباب والذي تعرف منهم البعض مما رأت سابقا. أخذ وجهها يمر على الجميع وهي تشعر أنها على وشك الانهيار وتنفسها أصبح صعب جدا. تشعر ببوادر انهيار وتلك الحالة اللعينة تكاد تعود لها لكن فجأة توقف كل ذلك حتى تنفسها الضعيف توقف وهي ترمق ذلك الذي كان يجاور رشـ.ـدي ويبتسم بسمة واسعة وكأنه لم يذنب في حياته أو يحيل حياة أحدهم لتعيسة. يبتسم هكذا بكل بساطة وهو دmرها وحطمها. سقطت دmـ.ـو.ع فاطمة أكثر وقد أضحت شهقاتها عالية مرتعبة تشير بأصبع مرتجف جهة أحد الأشخاص وهي تتحدث بنشيج بكاء حاد:.
ده، ده يا زكريا هو ده كان. كان...
توقفت فاطمة عن الحديث وهي تصرخ بانهيار شـ.ـديد مغمضة عينها تدفن وجهها بين قدmيها لا تود تذكر كل ما حدث تتمنى لو تفقد تلك الذاكرة اللعينة فهي للحق لا تحتاج شيء منها.
تجمد زكريا محله بصدmة كبيرة وهو يفتح فمه غير مصدق لتلك الحقيقة التي ضـ.ـر.بته بها فاطمة من قليل، لا يصدق أن ذلك الشخص الذي يدعي البراءة والهدوء والشرف أمام الجميع ليس سوى واحد من أقذر أصناف الرجـ.ـال إن صُنف رجلاً من الأساس.
سحب زكريا نفسه بعنف من صدmته وهو يرفع رأس فاطمة يضمها إليه بقوة وقد استحالت عينه للسواد تماما هاتفا بنبرة مرعـ.ـبة:.
اشششش خلاص خلصت، الموضوع خلص عندك لغاية هنا و اوعدك مش هتشوفي وشه غير وهو مذلول يا قلبي...
صمت قليلا ثم تحدث بحب ونبرة مرعـ.ـبة: وعدًا قطعه قلبي لعيناكِ جميلتي...
كان هادي يجلس على مقعد أمام شيماء وهو يستند بظهره للخلف يحدق في شيماء التي تدعي أنها تتناول الطعام لتتلاشي ذلك الحرج من هادي، لكن هادي كانت نظراته لها جـ.ـا.مدة وهو يراقب كل ما تفعله بملامح ممتعضة...
زفر ببطء ليهدأ نفسه ثم اعتدل في جلسته يدفع الطعام أمام شيماء ثم سحب طبق السلطة التي لا تأكل سواه منذ جلست وتحدث مشيرا للطعام:
كلِ يا شيماء يا حبيبتي انا مش خارج مع معزة عمالة تأكلِ خس بس.
رفعت شيماء نظرها لهادي بعدm فهم ليقترب هادي بجسده قليلا منها هامسا:
انا مش اهبل يا شيماء عشان ماخدش بالي من اللي بتحاولي تعمليه.
تـ.ـو.ترت شيماء وهي تعتدل في جلستها أكثر مردفة: قصدك ايه يا هادي؟ ما انا بأكل عادي و...
هو انا عمري اشتكيت من جـ.ـسمك يا شيماء؟ عمرك شوفتي في عيني نظرة عدm رضا عن جـ.ـسمك؟
لم تجب شيماء فالسؤال ألجمها كليا ليكمل هو بغـ.ـيظ يحاول كبت غـــضــــبه منها:
لا صح؟ يبقى ليه بتعملي كده؟
صمتت شيماء ولم تجب مجددا ليزفر هادي بضيق وهو يمد يده يمسك يدها التي تستقر على الطاولة بينهما:.
شيماء اسمعِ اللي هقوله عشان اخر مرة هقول الكلام ده، لو أنتِ بتعملي كل الهبل ده عشان مثلا رأيي فيكِ أو رأي حد فيكِ ففكك من الحوار ده كله ومتعمليش اي حاجة لان انا معنديش اي مشاكل مع الحوار ده بالعكس أنا يوم ما حبيتك. حبيتك كده.
صمت يتابع تعابير وجهها ثم أكمل: إنما بقى لو بتعملي كل ده عشان نفسك فأنا معاكِ بس انا مش عايزك تعيشي وأنتِ حاسة نفسك متكتفة أو متقيدة بحاجة معينة يا شيماء ارجوكِ.
سقطت دmـ.ـو.ع شيماء دون أن تشعر لتهز رأسها له وهي تضع وجهها في الطعام أمامها تحاول اخفاء دmـ.ـو.عها فهذا الموضوع حساس جدا بالنسبة لها وجسدها يعد أكبر عائق في دنيتها كلها.
نهض هادي من مقعده واتجه لشيماء ثم سحب رأسها لاحضانه برقة وحنان شـ.ـديد مربتا على رأسها دون كلمة واحدة بينما هي وكأنها واخيرا حازت فرصتها للانفجار بكل ما يعتمل نفسها لتتحدث من بين شهقاتها:.
انا بكره نفسي اوي اوي يا هادي، بكره ابص لنفسي في المراية، لحظات لبسي بتكون ابشع لحظات في عمري وانا بحاول الاقي حاجة تناسبني. تعبت من كل ده.
ضمها هادي إليه أكثر يقبل رأسها ثم أبعدها بحنان وهو ينحني على ركبتيه جوار مقعدها ممسكا بيدها خامسا:.
كل ده مش مهم عندي يا شيماء قد ما قلبك مهم عندي لو حصلك ايه ولو حصلت أي تغيرات في شكلك هتفضلي شيماء اللي حبيتها وحفيت وراها وطلع عين أهلي عشان في الاخر تكون على اسمي.
ابتسمت شيماء بسمة صغيرة من بين دmـ.ـو.عها لتسمعه يكمل حديثه بهمس خافت وكأنه يدلي بسر:
اقولك على سر خطير؟
إنت اللي قــ,تــلتك موفاسا؟
صدm هادي من جواب شيماء ثواني قبل أن ينفجر ضاحكا عليها وهو يهز رأسه بلا متحدثا:
لا حاجة اخطر من قــ,تــل موفاسا...
حاول تمالك نفسه قليلا ليهمس لها بخفوت: انا اللي كنت بطفش العرسان اللي بيجولك.
عرسان؟ بيجولي؟
كانت معالم الصدmة تظهر جليا على وجه شيماء لا تصدق ما اخترق سمعها للتو، هز هادي رأسه وهو يقاوم تلك الضحكات التي يمنعها بصعوبة من الانطـ.ـلا.ق لرؤيته ملامح وجهها:
لا هو انا مقولتلكيش؟ مش عقبال عندك كان بيجيلك عرسان كتير وانا اللي كنت بطفشهم؟
ونهاية كل السكوت ده ايه؟
رفعت ماسة عينها لرشـ.ـدي تحاول تفادي ذلك الغـــضــــب الذي يشع من عينه وهي تحاول تفادي كل غـــضــــبه:
يا رشـ.ـدي ما انا مش عارفة اقول ايه انت اللي ناديتني.
ماسة...
كلمة واحدة لكن أثرها على ماسة كان كبير فقد ارتجف جسدها برعـ.ـب لتلك النبرة التي تحدث بها إليها لتبتلع ريقها وهي تستمع لحديثه:
أنتِ عارفة كويس اوي أنا ناديتك ليه؟ فاتكلمي قبل ما اعصابي تفلت وهيكون رد فعلي مش حلو واظن مفيش حد يعرفني اكتر منك.
ابتسمت ماسة بغباء وهي تحاول أن تلطف الأجواء: ما انت عارف يا رشـ.ـدي اني بتخـ.ـنـ.ـق مرة واحدة و...
وبتنهاري بالشكل ده اللي محصلش من وفاة والدك!؟ ما اظنش يا ماسة.
أغمضت ماسة عينها بتعب شـ.ـديد وهي تتحرك صوب رشـ.ـدي تضمه بلا مقدmـ.ـا.ت وهي تستند برأسها على صدره ويدها تلتف حوله هامسة له بحب:
انا بحبك اوي يا أباظة.
إن كانت تظن أنها بهذا الشكل قد امتصت غـــضــــب رشـ.ـدي، فقد أصابت فهي بالفعل بمجرد ضمها له هدأ جسده تلقائيا وبادلها العناق يهمس جوار أذنها بحنان:
حصل ايه يا ماسة؟
ضمته ماسة أكثر وهي تقص عليه كل ما حدث وما رأت وكل شيء لتستشعر بجسده يتيبس أسفل يدها بشكل مخيف وما كادت تتحدث حتى قاطع هذا الصمت صوت رنين هاتف رشـ.ـدي الذي أجاب سريعا بصوت يحاول عدm إظهار غـــضــــبه فيه...
فين؟ ماله زكريا؟ طيب تمام ثواني واكون عندكم.
أنهى رشـ.ـدي حديثه ثم قبل رأس ماسة بحنان وهو يتحدث لها: انزلي دلوقتي يا ماسة وبعدين نكمل كلامنا...
ماله زكريا؟ فاطمة حصلها حاجة؟
جذب رشـ.ـدي ماسة خلفه وهو بجيبها باختصار: فاطمة كويسة بس زكريا الله وحده اعلم ايه اللي حصل ليه؟
كان يطرق الباب بايقاع منتظم ليسمع صوت لؤي من الداخل وهو يسب في الطارق حتى فتح الباب بعنف شـ.ـديد:
جرا ايه يا طور إنت؟ ماسك طبلة في فرح شعبي ولا ايه؟ مش عارف اتابع المـ.ـا.تش.
لوى هادي فمه بحنق شـ.ـديد وهو يتحرك للداخل: ايه يا لؤي العنف ده؟ كل ده عشان مـ.ـا.تش يا اخي اووف منكم الكورة لحست مخكم.
منكم اللي هما مين يعني؟ بعدين إنت جاي عندنا عايز ايه؟
ابتسم هادي بهدوء شـ.ـديد: ايه يا لؤي بس كلامك ده كده هحس انك مش طايقني.
ما هي دي حقيقة فعلا انا مش طايقك ولا طايق كابتن ماجد اللي بقاله ساعة عمال يصـ.ـر.خ جوا رباه و ويحي، ولا كأنه بيحارب مع احمد مظهر في فيلم واسلاماه.
ابتسم هادي وهو يستمع لصوت طرق عنيف على الباب جعل لؤي ينتفض من مكانه بغـــضــــب شـ.ـديد صارخا:
مين الحـ.ـيو.ان اللي بيخبط ده؟
تحرك لؤي جهة الباب سريعا يفتحه ليجد رشـ.ـدي يدخل بعنف كما لو كان في غارة على وكر عصابات وهو يصيح برعـ.ـب:
زكريا حصله ايه؟
نظر لؤي لرشـ.ـدي يحاول أن يهدأ نفسه ثم تحرك جهة الداخل ببرود شـ.ـديد: محصلوش حاجة بس شوية كده وهيبقى مشرد بلا مأوى.
لم يفهم رشـ.ـدي ما يحدث ليتحرك سريعا صوب غرفة زكريا يتبعه هادي والذي لم يحلو له المرور سوى من أمام التلفاز مانعا عن لؤي الرؤية بالكامل لينحني لؤي سريعا ويمسك بخفه المنزلي ملقيا إياه على هادي الذي صرخ متألــما من وقعه على ظهره.
دخل رشـ.ـدي الغرفة بنفس الشكل الذي اقتحم به المنزل وهو يصـ.ـر.خ بفزع في زكريا:
حصل ايه؟ حد عملك حاجة؟ انطق قول حصل ايه؟
استدار زكريا لرشـ.ـدي بملامح شبه خاوية من أي تعابير وهو يتنفس بعنف يرمق هادي الذي تبع رشـ.ـدي للغرفة وهو يفرك ظهره بألــم مغلقا باب الغرفة خلفه...
تحدث زكريا بصوت غامض مخيفا موجها حديثه لرشـ.ـدي: رشـ.ـدي إنت تعرف ايه عن صاحبك اللي اسمه مصطفى ده؟
انكمشت ملامح رشـ.ـدي بعدm فهم وهو يطيل النظر في زكريا ليتحدث هادي متدخلا في الحوار:
مصطفى مين؟ قصدك زميله اللي كان جاي يطلب ايد شيماء!؟
هز زكريا رأسه وعيونه تزداد سوادا وهو يتحدث بنبرة مرعـ.ـبة: هو بعينه يا هادي...
↚
يا ستير ياربي الواد ده مش بطيقه ابدا بحسه سمج كدة.
هكذا أردف هادي بمجرد تعرفه على المصطفى الذي يقصده زكريا تحت نظرات حنق من قِبل رشـ.ـدي الذي لا يعجبه ما يقوله هادي عن مصطفى وتحت نظرات زكريا التي كانت ابعد ما تكون عن الطبيعية.
هادي على فكرة أنا اللي قولت لمصطفى يجي ويعمل نفسه إنه هيتقدm لشيماء عشان تتنيل تتحرك وهو ملوش ذنب.
رمقه هادي بحنق شـ.ـديد ولم يبدو أنه استساغه حتى بعد تلك الكلمـ.ـا.ت التي برر بها رشـ.ـدي تصرفه، لكن الاثنان غفلا عن نظرات زكريا التي كانت تتحول من طبيعيه لمرعـ.ـبة...
بس إنت بتسأل عليه ليه يا زكريا؟
تسائل رشـ.ـدي بعدm فهم ف زكريا لم يكن أبدا من النوع الذي يحاول مصادقة أشخاص غريبين إن كان هدفه من السؤال هو المصادقة.
ابتسم زكريا وهو ينظر لرشـ.ـدي ثم هز رأسه بلا شيء وتحدث بطريقة مخيفة:
مفيش يا رشـ.ـدي بس كنت عايز رقمه منك.
لم يفهم رشـ.ـدي شيئا لكن حدسه يخبره أن لا خير قادm بعد تلك النبرة ابدا...
وبالفعل حدث ما توقع فبدون شعور كانت دmـ.ـو.ع زكريا تهبط يتذكر رعـ.ـب فاطمة وتمسكها به وعدm قدرته على الانهيار أمامها حتى لا يضعفها وهو من المفترض أن يكون مصدر قوتها، لكن الآن هو أمام أصدقاءه من لا يخجل حتى من النحيب ك طفل أمامهم لذا ودون تخطيط منه أو شعور وجد نفسه يبكي...
فقط عينه كانت تذرف الدmـ.ـو.ع وقلبه من كان يصـ.ـر.خ بو.جـ.ـع، عدا ذلك كان يبدو بخير فلم تتغير ملامحه ابدا رغم تلك الدmـ.ـو.ع التي تهبط منه.
فزع كلا من رشـ.ـدي وهادي الذي كان اقربهم، صرخ بفزع وهو يمسك كتف زكريا وينظر له:
زكريا مالك؟ هو الواد ده عملك حاجة؟
هنا وبدأ قناع زكريا الجليدي بالتصدع فانكمش وجهه بغـــضــــب وحـ.ـز.ن وهو ينفجر في البكاء وقد سقطت رأسه على كتف هادي متحدثا بنحيب شـ.ـديد وكأنه طفل يشكو لوالده:.
قــ,تــلني يا هادي، قــ,تــلني وكـ.ـسرني، حاسس اني مش قادر اتنفس والله ما قادر عمال ابتسم وانا مش قادر حاسس اني همـ.ـو.ت من الو.جـ.ـع كل ما افتكر...
كان هادي مصدوم من حديث زكريا فهو كان يحدثهم كما يتحدث معهم عادة وبلا أي مقدmـ.ـا.ت انفجر في البكاء، وهذا إن دل على شيء فيدل على أنه تحمل الكثير حقا وكان يكبت دmـ.ـو.عه عن الهبوط والان انفجر مخزون و.جـ.ـعه دفعة واحدة مسببا طوفان مشاعره.
لم يشعر رشـ.ـدي بنفسه وهو يجذب زكريا لاحضانه مربتا عليه بحنان يحاول تمالك دmـ.ـو.عه:
عملك ايه يا زكريا؟ والله اروح اضـ.ـر.بهولك دلوقتي ومخليش في جـ.ـسمه حتة سليمة، قولي عملك ايه وانا اخدلك حقك منه بس متعيطش.
ضم زكريا نفسه وهو يدفن وجهه في جسد رشـ.ـدي رافضا التحدث بكلمة واحدة فما فعله لم يكن بحقه هو بل كان بحق زوجته لكنه اكتفى فقط بقول:
مش هقدر احكي حاجة يا رشـ.ـدي، كل اللي اقدر اقوله إن هو كـ.ـسر اغلى حاجة بملكها.
يابـ.ـنتي انطقي بقى تعبتيني معاكِ.
تنهدت فاطمة بتعب شـ.ـديد وهي تشير برأسها بلا شيء: يا شيماء بقالك ساعة بتزني فوق دmاغي وقولتلك مفيش حاجة وانا معرفش ليه زكريا اتصل باجوازتكم.
لوت ماسة شفتيها بحنق: ايوة فالحين بس انتم تقطعوا علينا أنتِ وجوزك. ده الواد كان خلاص هينهي الزعل بحـ.ـضـ.ـن وب...
توقفت ماسة عن الحديث بسبب ضـ.ـر.بة شيماء لها بكتفها ونظرتها التحذيرية:.
خلاص اسكتي هتفضحينا، بعدين مش كفاية خلتيني اجرجر البت من بيتها بمنظرها اللي يعر ده؟
نظرت فاطمة لنفسها بتعجب وهي ترى الاسدال الخاص بها لتنكمش ملامحها بحنق شـ.ـديد وهي تعترض على حديث شيماء:
هو ايه اللي يعر ده الاسدال لسه جديد على فكرة.
هو زكريا شافك بالاسدال ده؟
كان سؤال ماسة لهدف ما لم تلاحظه فاطمة وهي تمسك طرف الاسدال تحاول تذكر ما إذا كان زكريا رآها بهذا الاسدال ام لا وبعد تفكير طويل ابتسمت وهي تجيب:.
لا مشفنيش بيه...
ابتسمت ماسة وهي تتنهد براحة لكن كل ذلك انقلب وهي تسمع باقي جملة فاطمة التي هشمت كل راحتها تلك:
بس شافني قبل كده بالاسدال القديم كان معفن وعرة شوية على رأي شيماء
صمتت قليلا ثم أكملت وهي لا تستطيع امساك ضحكتها تتذكر ما حدث معها غير منتبه لماسة التي كاد قلبها يتوقف مما تسمعه من تلك البلهاء:
استني استني افتكرت، في مرة شافني في الشارع وكنت لابسة جيبة قديمة اوي ليا وكانت واسعة جدا.
تحدثت شيماء بصدmة كبيرة: تلاقي منظرك فيها وهي مهلهلة عليكِ كان زي الشحاتين
ودون أن تشعر فاطمة انطلقت ضحكة عالية منها وهي تهز رأسها نافية: لا وقعت مني خالص في الشارع قدامه.
انهت كلمتها وهي تسقط على الفراش من الضحك تتذكر صراخ زكريا وكلمته المميزة التي يقولها عند كل مصـ يـ بـةوكل مرة كان يقابلها. لتخرج منها الكلمة بصوت عالي تقلد زكريا:
منظره وهو بيقول رباه، قــ,تــلني.
دخل رشـ.ـدي لمنزله وخلفه كلا من زكريا وهادي بعدmا هدأ زكريا وتوقف عن نحيبه وعم صمت طويل بين الجميع قطعه صوت زكريا الرخيم وهو ينظر لرشـ.ـدي يسأله إذا ما كان يملك أي معلومـ.ـا.ت عن ذلك المصطفى؟ ورغم فضول رشـ.ـدي لمعرفة ما الذي يربط مصطفى بزكريا إلا أنه هز رأسه بحيرة يخبره أنه سيحاول البحث له في حاسوبه لكن زكريا نهض وهو يأمره أن يأتي معه الان لفعل ذلك، وبالفعل سحب زكريا كلا من رشـ.ـدي وهادي خلفه وتوجهوا لشقة رشـ.ـدي وها هم في طريقهم لغرفته لولا تلك الصرخة التي انطلقت من غرفة شيماء والتي كان محتواها الكلمة المفضلة لزكريا.
رفع زكريا حاجبه بصدmة وهو يستمع لصوت فاطمة تتحدث مثله ودون أن يشعر ارتسمت بسمة لطيفة على فمه وهو يهمس:
تلك المحتالة الصغيرة تسخر مني؟
اقترب هادي من زكريا وهو يهمس له: بما إنك هنا جنبنا، مين اللي جوا وسرق العلامة المميزة بتاعتك؟
ابتسم رشـ.ـدي وهو يراقب حنق زكريا على هادي وعودته لزكريا رفيقهم حتى ولو بنسبة بسيطة ليتدخل في الحوار مضيفا بمشاكسة:
يعني إنت مش عارف يعني؟ دي اكيد زكريا النسخة المؤنثة.
ضحك هادي بصخب وهو يراقب ملامح زكريا التي احمرت بغـــضــــب: والله عال مش مكفيكم سخرية مني وهتشتغلوا على البـ.ـنت المسكينة اللي جوا...
صمت زكريا وهو يستمع لصوت فاطمة وهي تقلده: ابتعد عني يا احمق، يا الله ما هذه المصائب التي تسقط على رأسي، يالكِ من احمق.
فتح زكريا عينه بصدmة وهو يستمع للجملة الأخيرة من حديثها ليقول بصدmة مشيرا للباب:.
هل قالت للتو يالكِ من احمق؟، لم تؤنث احمق، تلك الغـ.ـبـ.ـية ذات الرأس الفارغ لقد شوهت اللغة. غيرتُ رأيِ هي تستحق كل السخرية تلك الحمقاء سأريها كيف...
توقف زكريا عن الحديث وهو يراقب انفجار قهقهات كلا من رشـ.ـدي وهادي في الضحك، وهادي يضيف من بين ضحكاته بصعوبة شـ.ـديدة:
مش معقول بجد إنت شخص مش معقول، ده هيدي مـ.ـر.اته درس خصوصي.
صمت زكريا قليلا ليقول بتفكير: حسنا لم افكر في هذا سابقا لكن بعد كل ما سمعته اعتقد انني سأفكر في الأمر مليا فتلك الكارثة قد تصيبني بالقلب إن تحدثت امامي بهذا الشكل مجددا.
صمت ثم نظر للباب ليقول بغـــضــــب وكأنه يحدث فاطمة: أي شخص هذا لا يعرف أن مؤنث أحمق حمقاء؟ انا حتى في حياتي لم اناديها بحمقاء لتقلدني بهذا الشكل المسئ لي، هي تحتاج حقا...
توقف زكريا عن الحديث وهو يشعر بهادي يجذبه صوب غرفة رشـ.ـدي مرددا بحنق شـ.ـديد:
كانت ليلة سودة يوم ما قلدتك، كل ده عشان اتنيلت قلدتك؟ احمد ربك أنها مطلعتكش ألدغ. غيرك وهو بيتقلد اكتشف أنه عنده تسلخات وعامل البواسير خمس مرات.
لم يفهم زكريا شيء من حديث هادي لكن انفجار رشـ.ـدي في الضحك انبأه أن هناك ما حدث لهادي ويشبه ما حدث له...
كان الثلاثة يضحكون بصخب على أعتاب غرفة رشـ.ـدي ولم يكد رشـ.ـدي يفتح الباب إلا وكان والده يخرج من المطبخ المقابل لباب غرفته وهو يحمل طبق فاكهه كبير ويتراقص به ويدور وكأنه يؤدي استعراض ما وكعادته كان يدندن بكلمـ.ـا.ت اغنية اجنبية I love you when you call me senorit. ( احبك عنـ.ـد.ما تناديني سنيوريتا ).
كان الثلاثة شباب متسمرين أمام ذلك المشهد الفريد أو الشابان، فرشـ.ـدي بالفعل قد شاهد وحضر العديد والعديد من تلك العروض العالمية والتي يتفنن والده كل مرة بها.
اقترب هادي من رشـ.ـدي يهمس ومازالت عينه معلقة بابراهيم الذي لم يسمح بكل ما حوله من أن يخرجه من غيمته الوردية:
لا مؤاخذة يا رشـ.ـدي يا خويا بس هو ابوك ليه عايز حد يناديه سنيوريتا؟
نظر رشـ.ـدي لهادي بلا أي ملامح وهو يجيب: لا ده استعراض عادي ما شوفتهوش بقى وهو بيرقص على اغنية مايكل جاكسون تقولش المرحوم كان خارج من تربته يرقص وراجع، عالمي يا ابراهيم، عالمي والله يا غالي.
تحدث زكريا وهو مازال ينظر لما يفعل ابراهيم ببلاهة: طب نكح طيب ولا نعمل حاجة عشان يعرف اننا هنا؟
أشار رشـ.ـدي بيده لزكريا: لا سيبه متخرجهوش من حالة الفن اللي هو فيها دي دلوقتي هتلاقيه وهو بيلف ويعمل حركة دينا الرقاصة وقف لوحده.
كبت زكريا ضحكاته وهو يستمع لكلمـ.ـا.ت رشـ.ـدي الذي كان يبدو من ملامحه أنه بالفعل اعتاد كل ما يحدث، وبالفعل بدأ ابراهيم يلف خصره كما تفعل الراقصات عادة وهو يبتسم ليفتح عينه واخيرا أثناء ذلك لكن فجأة توقف خصره عن الحركة في منتصفها وهو يرى بعينه ابنه ورفقته اصدقاء وعلى الجانب الآخر كانت تقف ماسة وشيماء ومعهم فاطمة والجميع يرمق ما يحدث ببلاهة عدا شيماء ورشـ.ـدي اللذان اعتادا ما يحدث تقريبا.
اعتدل ابراهيم في وقفته كما المرة السابقة وحمل طبق الفاكهة مجددا والذي كان قد تركه في غمرة استعراضه ثم تحرك بخطواب هادئة تحمل من الهيبة ما ينافي ما كان يحدث منذ دقائق وهو يتجه صوب غرفته بعد أن ألقى تحية على الجميع وكأن شيئا لم يحدث:
مسائكم لذيذ يا شباب.
نظر الجميع لبعضهم البعض بصدmة كبيرة وكلا منهم ترتسم على وجهه ملامح بلاهة وعدm استيعاب لما حدث منذ قليل...
لينطلق سؤال رشـ.ـدي بحنق شـ.ـديد: انا همـ.ـو.ت افهم ليه دايما يرقص رقص شرقي على أغنيات أجنبية يعني لو كان رقص رقصته دي على اغنيه يابـ.ـنت السلطان مش كان هيكون احسن؟
تحدث هادي وهو يكتم ضحكته بصعوبة: يعني هي الأغنية بس اللي مزعلاك؟ مش إن الحاج ابراهيم للتو عمل استعراض راقص قدامنا كلنا؟
يا عم وهو انتم غربا يعني؟ ده بيتك يا هادي خد راحتك يا حبيبي.
هنا وانفجر الجميع في الضحك دون قدرتهم على السيطرة على قهقهاتهم العالية...
انتبه زكريا لفاطمة والتي كانت تمسك معدتها من الضحك ليبتسم باتساع وهو يردد:
علينا إذا بشكر الفنان الواعد لأعطائنا شرف رؤية تلك الضحكات الربيعية.
انتبه الجميع لحديث زكريا ليطـ.ـلق هادي صفير عالي وهو يضـ.ـر.ب كتف زكريا غامزا:
يا زيدي يا زيدي، ملاحظ إن اخر فترة مودك بقى رومانسي زيادة حبتين.
خجلت فاطمة من نظرات الجميع لها لتهرب سريعا صوب باب الخروج وتبعها سريعا زكريا وهو يشير لرشـ.ـدي:
هات اللاب بتاعك وحصلني على بيتي يا رشـ.ـدي.
أنهى حديثه وهو يتبع فاطمة سريعا بينما نظر اتجه هادي سريعا صوب شيماء وهو يمسك يدها مرددا بينما يتجه للباب:
ثواني وهحصلكم على بيت زكريا يا رشـ.ـدي اسبقني انت.
لكن قبل أن يخطو هادي خطوة واحدة لشيماء كان رشـ.ـدي يمسكه من ثيابه من الخلف وهو يهمس بحنق شـ.ـديد من بين أسنانه:.
رايح فين كده يا عسل؟
نظر له هادي بتعجب مصطنع وهو يجيبه: هخلص حاجة على السريع واحصلكم، متخافش مش هتأخر عليكم
يا خويا ما تتأخر ولا متجيش خالص، إنت واخد البـ.ـنت ورايح فين؟
نظر هادي لرشـ.ـدي بعدm فهم مصطنع قبل أن ينتبه ليده التي تمسك يد شيماء ليبعدها بسرعة وهو يشهق بصدmة:
ايه ده؟ بسم الله الرحمن الرحيم ايه اللي جاب دي هنا؟
رفع رشـ.ـدي حاجبه بسخرية كبيرة وكأنه يقول له حقا، تحدث هادي رافضا نظرات الاتهام في عين رفيقه:
لا متبصليش كده، انا اساسا معرفش ايه اللي جابها معايا دي؟ يمكن شبطت فيا من غير ما اخد بالي.
شهقت شيماء وهي تبتعد عن هادي بغـ.ـيظ: والله؟
نظر لها هادي وهو يغمز لها بأنه يخدع اخيها لكن رشـ.ـدي زفر بضيق وهو يشير له بتحذير:
متتحركش لغاية ما اشوف اللاب توب
دخل رشـ.ـدي لغرفته وتبعته ماسة وهي تغمز لهما: هعطله خدوا راحتكم.
ابتسم لها هادي بامتنان بينما تخضبت وجنتيّ شيماء بشـ.ـدة بسبب تلميحات هذان الاثنان.
لحق زكريا بفاطمة على الدرج وهو يمسك ذراعها بسرعة مرددا بحنق شـ.ـديد:
استني يا آنسة هنا رايحة فين دلوقتي لوحدك؟
توقفت فاطمة وهي تتنفس بسرعة بسبب ركضها على الدرج ومازالت وجنتها حمراء بسبب ما تعرضت له من احراج في الاعلى لتبتلع ريقها وهي تجيبه:
هرجع البيت و...
توقفت عن الحديث وهي تجد فجأة زكريا اقترب منها دون مقدmـ.ـا.ت وهو يطبع قبلات صغيرة على وجنتيها ثم همس دون أن يبتعد عنها بحب شـ.ـديد ولم يقاوم مظهرها هذا وبهذه الحالة:
رحماكِ جميلتي فهذا القلب والله يعاني.
كانت فاطمة في عالم آخر وهي تحاول أن تتحدث بكلمة لكن وكأن أحدهم قد ربط لسانها فلم يسعها سوى أن تتحدث بكلمة واحدة:
زكريا...
قلبه.
ابتلعت فاطمة ريقها وهي تنظر حولها تخشى أن يراهم أحد في هذا الوضع رغم تأخر الوقت نسبيا، كان قلب زكريا يطرق بشـ.ـدة يشعر وكأنه سيخرج من محله ليسمع همستها وهي تسأله سؤال لم يتوقعه منها في هكذا لحظات:
زكريا هو إنت ممكن في يوم تنـ.ـد.م على ارتباطك بيا؟
رفع زكريا نظره لها بتعجب يحاول معرفة سبب هذا السؤال المفاجئ في هكذا وقت لكنه رأى خــــوف في عينيها وقد علم من عينيها أنها تعرضت للكثير والكثير مما أفقدها الثقة في الجميع وهي الآن تريد طمئنة قلبها بوجوده دائما جوارها وهو لن يقصر ابدا في طمئنتها لذا ابتعد عنها قليلا وابتسم بسمته التي أضحى يخصها بها مرددا:
لا يسعني القول سوى أن هذا القلب أضحى كطفل يحبو صوبك طوال الوقت، وأن الاشواق أضحت في بعدك اشواك.
ابتسمت له فاطمة من بين دmـ.ـو.عها ثم همست له: تعرف إني بحب لما تتكلم بالفصحى اوي...
ابتسم زكريا وهو يداعب وجنتها بحب شـ.ـديد: وانا احبك عنـ.ـد.ما تتحدثين فقط، لا يهم بأي لغة أو بأي كلام تتحدثين، فقط كل ما يهمني أنك تتحدثين هذا كافٍ لسرقة ذلك المسكين الذي يخفق بين جنبات صدري.
ابتسمت له فاطمة ليضيف هو بمزاح: لاحظي اني مغرقك دلع الايام دي وأنتِ...
تنهدت فاطمة بخجل وهي تستمع لحديثه ثم ابتعدت قليلا تود الذهاب قبل أن تلقي بنفسها بين أحضانه الان وترفض تركها للابد لكن بمجرد تحركها توقفت مجددا وهي تلتفت بتردد شـ.ـديد لزكريا تتحدث:
هو زكريا يعني، هو ايه وضعنا دلوقتي يعني هو احنا المفروض يعني كده...
كانت ترغو دون كلمة واحدة واضحة لكن زكريا ابتسم لها وهو يمسك يدها متحركا بها للخارج:
حسنا جميلتي إليكِ الوضع بالتحديد، نحن الآن زوجان برتبة خطيبين.
ابتسمت له فاطمة ليتوقف زكريا بمجرد وصوله للبناية الخاصة بها ليهمس لها بحب شـ.ـديد:
بلغي والدتك إن بكرة هاجي مع الحاج والحاجة زيارة والمرة دي نبدأها صح.
لا ما هو انا مش متخانق من اخوكِ ومصرفه بالعافـ.ـية عشان تقفي ليا مقموصة كده.
كانت شيماء تربع ذراعيها على صدرها وهي تعطيه ظهرها بحنق شـ.ـديد تجيب حديثه:
والله مش انا لازقة وشبطت فيك بالغلط. غور بقى.
فتح هادي عينه بصدmة لحديثها ليندفع لها وهو يديرها له بعنف شـ.ـديد مغتاظا:
لا مش عشان بهزر معاكِ يبقى تسوقي فيها، ايه غور دي؟
خافت شيماء من نظراته لتتحدث بتـ.ـو.تر شـ.ـديد: قصدي اتفضل غور.
ابتسم هادي وهو يحاول كبت ضحكاته: الاه؟ ما أنتِ طلعتي بتهزري اهو ودmك سم
لوت شيماء فمها بحنق من حديث هادي ليقترب منها هادي وهو يهمس لها بخبث شـ.ـديد:
طب ايه نبدأ؟
نظرت له شيماء بعدm فهم ليغمز لها هادي وهناك بسمة وقحة ترتسم على وجهه، خرجت شهقة فزعة من فم شيماء وهي تصفع هادي بصفعة صغيرة قبل أن تتركه وتركض لغرفتها:
انت واحد سـ.ـا.فل وانا هقول لرشـ.ـدي على قلة ادبك دي
لوى هادي فمه بتشنج وهو يلوح بيده عاليا بحنق: قلة أدب ايه يا عنيا اللي هتقولي عليها لاخوكِ؟ ما الاستاذ جوا اهو وأكلها والعة. إنما أنا حظي قليل انا عارف جاتك البلا في معرفتك الهباب عيلة فقر.
يعني أنتِ عايزة ايه دلوقتي يا ماسة بس عشان مشغول.
بقولك انت مش عاجبني يا أباظة، مش زي أباظة بتاع زمان ابدا.
توقف رشـ.ـدي عما كان يفعل ثم تحدث بتفكير: مش فاهم يعني زمان كنت ابيض واسود دلوقتي بقيت بالالوان ولا ايه؟
ابتسمت ماسة بسخرية وهي تضـ.ـر.ب كتفه بخفة: ما انت لذيذ اهو وبتقلش امال ايه الوش الاسمنتي اللي لابسة ده؟
تنهد رشـ.ـدي ثم اقترب من ماسة وهو ينظر بعينها نظرة غامضة: طب بس أنتِ لان احنا لسه متكلمناش في اللي حصل يا خفيفة الدm.
وهو ايه اللي حصل يعني يا أباظة؟
ابتسم رشـ.ـدي وهو يحمل حقيبة الحاسوب الخاص به: ت عـ.ـر.في ايه احلى حاجة فيكِ يا ماستي؟
ابتسمت ماسة وهي تضع يدها حول رقبته غامزة: دلعي وجمالي.
تؤ تؤ استهبالك...
ابعد رشـ.ـدي يده ثم تحرك جهة الباب وهو يتحدث بسرعة: عايز خط الفون بتاعك اللي كـ.ـسرتيه يا ماسة لان المرة دي انا اللي هتصرف بنفسي مش هستنى غيري لغاية ما يجيب ليا الكـ.ـلـ.ـب اللي بيعمل ده كله معاكِ.
رشـ.ـدي...
أوقفها رشـ.ـدي عن حديثه وهو يلتفت لها ثم تحدث بجدية كبيرة: ماسة لو سمحتي مش عايز أي كلمة ولا تعملي غير اللي اقولك عليه لأن المرة دي الموضوع زاد اوي وانا مش هستنى لما الكـ.ـلـ.ـب ده يعمل اكتر من كده.
أنهى حديثه وهو يخرج تاركا ماسة تقف في منتصف الغرفة بحنق شـ.ـديد تعلم جيدا أن رشـ.ـدي لن يصمت عما حدث لكن الخــــوف كل الخــــوف أن يعلم ذلك الحقير بأنها قالت لرشـ.ـدي أو ينتبه أنه يتتبعه فيؤذيه فما علمته من رسائله أنه ليس بالهين ابدا وأن ما يفعله ليس مرته الاولى بالتأكيد.
في صباح يوم جديد بعدmا قضى الثلاث شباب الليلة عند زكريا ثم عنـ.ـد.ما اشرق الصباح اتجه كلا لعمله...
في مكتب هادي كان يجلس وأمامه فرانسو الذي كان يظهر على وجهه الحنق الشـ.ـديد:
مش كنت بلغتني إن خلال يومين هيتم الفرح؟
زفر هادي بضيق شـ.ـديد يرجع شعره للخلف مغتاظا من نفسه ومن ابنة اعمه وما أوصلته أفعالها له:
الموضوع تم في لحظة غـــضــــب وعصبية وكنت حابب بس اخــــوف بثينة مش اكتر بس مش انا اللي ارمي بـ.ـنت عمي بالشكل ده يا فرانسو.
ضيق فرانسو عيونه بشك كبير يفكر فيما اوصل هادي للحظة الغـــضــــب تلك كما يقول لكنه صمت قليلا دون أن يفضي بمكنوناته:
طب هو انا ممكن أعقد عليها واخدها معايا فرانسا والفرح لما نرجع واوعدك والله ما هقرب منها غير لما تسلمها ليا بنفسك.
نظر له هادي بحنق شـ.ـديد وكاد يفتح فمه معترضا ليوقفه فرانسو وهو ينهض سريعا متجها صوبه:.
متستعجلش وفكر براحتك واعرف اني هقبل بأي حاجة هتقولها بس قبل ما تاخد قرار فكر فيا وفي ابني يا هادي اللي راميه مع أمه اللي كل يوم سهرات وسكر وبلاوي اكتر من كده.
أنهى حديثه مبتلعا تلك المرارة يحاول تمالك نفسه فهو يشتاق وبشـ.ـده لصغيره الحبيب الذي تركه رفقة والدته والتي يعلم جيدا أنها لا توفر فرصة حتى تفسده:.
انا ابني كل يوم بيكلمني ويعـ.ـيط ليا إني اروح واخده وانا متكتف مش عايز اروح ليه غير عشان أخده من أمه ولازم عشان اعمل كده إني أكون متزوج، وافق وانا اوعدك بشرفي ما هقرب منها غير لما يتم ليها فرح زيها زي كل البنات لو حابب أمضي ليك إقرار بكده انا مستعد.
صمت هادي وهو يرمق حالة فرانسو المتدهورة أمامه ليهز رأسه بشرود وقد بدأ يتزحزح عن موقفه الصارم ويفكر في الأمر من زاوية فرانسو:.
طيب معلش يا فرانسو سيبني افكر.
دخل رشـ.ـدي مكتبه وهو يلقي ما بيده على الأريكة الخاصة به ثم سريعا جلس على مكتبه وهو يسحب الحاسوب من حقيبته واضعا إياه أمامه يكمل ما كان يعمل عليه طوال الليل بعدmا نام كلا من زكريا وهادي.
كانت عين رشـ.ـدي تمر على شاشة حاسوبه بانتباه شـ.ـديد وهو يشعر بعقله يكاد ينفجر فذلك الرقم الذي أعطته إياه ماسة ليبحث عن صاحبه مأمن كما لو أنه رقم أحد أفراد المخابرات وليس رقم شاب عابث عادي.
زفر رشـ.ـدي بضيق وهو يبعد حاسوبه من أمامه ثم أخذ يفرك رأسه بسبب الصداع الذي تلبسه لقله نومه، ثوانٍ وكان صوت رشـ.ـدي يصدح مناديا العسكري الذي يقف في الخارج:
يا عسكري، يا عسكري.
دخل العسكري سريعا وهو يؤدي تحية لرشـ.ـدي منتظرا أمره، نظر له رشـ.ـدي قليلا وقبل أن يفتح فمه وجد مصطفى يقتحم مكتبه وهو يحمل بعض الملفات:
رشـ.ـدي هو إنت لسه مخلصتش قضية مصنع الخشب؟
أشار رشـ.ـدي للعسكري بالخروج مخبرا إياه: معلش هاتلي كوباية شاي و اي برشامة للصداع.
أدى العسكري تحيته وخرج من الغرفة بعدmا اغلق الباب خلفه تاركا رشـ.ـدي يصوب نظراته الحادة جهة مصطفى الذي لا يعلم بالتحديد ما فعله لكن يكفي أنه أبكى رفيقه ليكون على رأس قائمته السوداء...
لا خلصتها وسلمت الملف كمان.
انكمشت ملامح مصطفى بعدm فهم يرمق الملف بيده: ازاي ده؟ عرفت مين اللي اختلس الفلوس بس ازاي والملف بأيدي مش فيه اي حاجة؟
نهض رشـ.ـدي من مكتبه وهو يتجه لمقدmته يستند عليها ويلوي شفتيه يدعي التفكير:
ايوة بس دي نسختك انت يا درش إنما نسختي انا من الملف سلمتها وفيها كل اللي وصلت ليه والمفروض إنك إنت كمان تسلم اللي في ايدك وفيه كل اللي وصلت ليه، ده لو كنت وصلت لحاجة.
تعجب مصطفى من نبرة رشـ.ـدي والتي يخيل إليه أنها ساخرة متوعدة لكنه رغم ذلك تحدث بعدm فهم:
ايه نسختي ونسختك دي؟ هو مش احنا team برضو؟
كنا...
شعر مصطفى بالريبة من كلمة رشـ.ـدي: كنا!؟ هو فيه ايه بالضبط يا رشـ.ـدي؟ مالك انهاردة كده شكلك مش مظبوط؟
كاد رشـ.ـدي يفتح فمه يجيبه ليقاطع ذلك طرق الباب أعقبه دخول العسكري وهو يؤدي التحية واضعا ما بيده على الطاولة متحدثا بآلية:
سيادة اللواء طلبك يا مصطفى باشا.
رمق مصطفى رشـ.ـدي بشك قبل أن يتحرك للخارج وهو يفكر فيما حدث تبعه العسكري الذي أغلق الباب خلفه، ابتسم رشـ.ـدي بسخرية وهو يحمل كوب الشاي ليرتشف منه بعض الرشفات بعد أن ابتلع البرشام لكن أثناء رفعه لوجهه لمح شيء على الطاولة جوار الصينية التي أحضرها العسكري آثار انتباهه ليضع ما بيده على مكتبه سريعا وهو يحمل ما يتوسط طاولته والذي لم يكن سوى هاتف مصطفى الذي ألقاه على الطاولة في غمرة غـــضــــبه ونسيه أثناء خروجه.
ابتسم رشـ.ـدي بشر وهو يمسك الهاتف متحدثا بخبث شـ.ـديد نازعا الخط منه حتى لا يحاول مصطفى الاتصال به وهو يقول بخبث:
خلينا نشوف هببت ايه يا درش؟
يا شيماء متتحسنيش بالذنب ده هو كام ساعة وهرجع على طول.
جلست شيماء على الفراش وهي تتحدث بحنق ناظرة للحقيبة التي تتوسط فراش ماسة:
والله العظيم رشـ.ـدي لو عرف ليطين عيشتي وعيشتك وينزل البيت ده على دmاغي ودmاغك، رحلة ايه اللي تتنيلي تطلعيها دي انتِ صغيرة؟
زفرت ماسة بحنق شـ.ـديد وهي تتأكد من حقيبة يدها وأنها وضعت بها كل ما قد تحتاجه هذا اليوم:
اولا هي مش رحلة، دي مؤتمر، ثانيا بقى دي ليوم يعني هبدأها دلوقتي واخلصها الساعة 7 بليل ورشـ.ـدي انهاردة مسهر يعني هيرجع الساعة 1 اساسا فايه المانع بقى؟
ابتسمت شيماء بسخرية وهي تشير لصورة رشـ.ـدي التي تجاور فراش ماسة: رشـ.ـدي.
ألقت ماسة ما بيدها على الفراش وهي تهتف بضيق: يووه يا شيماء متخــــوفنيش اكتر ما انا خايفة اساسا انا مش فاهمة اخوكِ ده مضيقها ليه؟
تحدثت شيماء بجدية شـ.ـديدة تحاول افاقة تلك الغـ.ـبـ.ـية التي ستتسبب في انفجار بركان رشـ.ـدي:
ماسة متستهبليش. أنتِ عارفة كويس اوي إن رشـ.ـدي مش مضيقها وعارفة برضو هو ليه بيرفض المؤتمر ده بالذات وبيسمح ليكِ تروح اي حاجة تانية.
أغمضت ماسة عينها بضيق شـ.ـديد تفكر في الأمر فرشـ.ـدي دائما ما كان متفهما لها وداعما لها ولم يقف يوما أمام طموحها لكن رفضه لذلك المؤتمر كل عام بعد ما حدث معها ذات مرة أضحى أمر واقع عليها الرضوخ له:
أنتِ عارفة اني تخطيت الموضوع ده من زمان يا شيماء بعدين انا مش البـ.ـنت الهبلة ام 19 سنة اللي لسه بتدرس انا دلوقتي كبرت وبقيت ناضجة.
نهضت شيماء وقد يأست من تلك الرأس اليابسة وهي تخرج: خلاص انا جبت اخري يا ماسة اعملي اللي تحبيه اياكش يولعك فيكِ وفي مؤتمرك الزفت ده ونخلص انا مالي، انا عليا حذرتك وأنتِ حرة.
نظرت ماسة لاثرها بحيرة شـ.ـديدة ما بين رغبتها في الذهاب ومواجهة مخاوفها التي تولدت لديها في ذلك العام ومابين إلغاء كل ذلك والجلوس هنا في منزلها تنتظر رشـ.ـدي على الدرج كعادتها كل يوم لتقضي معه الليل كله في أحضانه الدافئة، حسنا هي ستذهب وتعود قبله كما خطت ثم تنتظر كالعادة ولن يشعر بشيء، أو هذا ما تتمنى.
في المساء وفي منزل فاطمة كانت منيرة تتحرك هنا وهناك تخشى أن تنسى شيء فهذا اليوم الأول الذي يزورها به أهل زوج ابـ.ـنتها بعد ذلك الزواج الذي تم بشكل عجيب صدm الجميع...
كانت فاطمة في غرفتها وهي تقف أمام المرآة تشعر بضـ.ـر.بات قلبها تزداد كلما اقترب وقت مجئ زكريا تحاول اقناع نفسها أن ما قررته صحيح وأن زكريا هو الوحيد الملائم لها وأن كل ما سمعته من بثينة كان نابعا من غـــضــــب بثينة على زكريا فقط، وأن زكريا ليس سيئا ابدا، نعم هذا صحيح هي رأت كل شيء بعينها و...
فاطمة يلا عشان الناس وصلت.
فزعت فاطمة لصوت والدتها وهي تنبأها أنه أتى. يا الله لما هذا الرعـ.ـب الذي تلبسها فجأة وكأنها اول مرة تراه وهي من أضحت تراه أكثر من اي شيء في حياتها، ابتلعت فاطمة ريقها وهي تتقدm من باب غرفتها والذي بمجرد أن فتحته حتى قابلت منار والتي كانت على وشك الدخول، لتظل منار تنظر لها ثوانٍ قبل أن تقول:
ايه اللي انتِ لبساه ده؟ ده لبس البيت احلى يا شيخة.
فتحت فاطمة فمها بصدmة وهي تنظر لذلك الفستان الذي يصل لكاحلها باللون السماوي ولم تكد تجيبها حتى وجدت والدتها تندفع لها ساحبة إياها ولم تمنحها حتى فرصة أن تغير ثيابها لتصبح افضل بعد ما سمعته من منار.
كان يجلس في غرفة الضيوف تلك الغرفة التي تحمل له اسوء ذكريات يوم صارحته بكل شيء لكنه الآن سعيد فها هو على وشك تبديل تلك الذكريات بأخرى سعيدة...
نظر جواره ليجد والدته تجلس وهي تبتسم باتساع بينما لؤي كان يحرك تلك الكارفات على شكل فيونكة(ببيونة ) بضيق شـ.ـديد وقد أجبرته وداد على أن يرتديها ليصبح كما تقول عليه دائما كلما ارتدى تلك البذلة جنتل مان.
اقترب لؤي من زكريا المبتسم ببلاهة: طبعا فرحان ما انت مش مخـ.ـنـ.ـوق زيي، الليلة دي هتخلص وانتم شايلين جثتي عشان امك تستريح وابقى مت وانا جنتل مان اياكش روح البلوجر اللي جواها تستريح.
كتم زكريا ضحكته وهو يتذكر تلك المشاجرة التي كادت تشتعل بين الإثنان قبل مجئيهم:
يعني يرضيك كنتم تتخانقوا وتقوم لامة هدوم البيت كله ووقتها لا كنت هتطول لا بدلة ولا جلبية وكنت هتيجي للناس بالجلبية بتاعة اولى اعدادي ويبقى منظرك عرة؟
زفر لؤي بضيق وهو يعدل من وضعية الكرافات للمرة المائة وهو يلعن كل ما يحدث وفجأة دخلت منيرة وهي تردد عليهم عبـ.ـارات الترحيب للمرة الألف بعد المليون تسحب خلفها ابـ.ـنتها التي كانت أقدامها تأبى التقدm خطوة واحدة مرتعبة من ذلك اللقاء وكأنه ذلك الجالس غريب وليس زوجها وأن هذه اول مرة تراه به ولم يقبلها البـ.ـارحة بالفعل.
ابتسمت وداد باتساع وهي تنهض سريعا تضم فاطمة إليها بحب شـ.ـديد تكنه لها منذ كانت تأتي لتحفظ عند ابنها وهي ترقيها ببعض ايات القرآن تثني على جمالها الطبيعي...
تحدث لؤي وهو يضم فاطمة بحب ابوي شـ.ـديد مربتا على ظهرها بحنان فالمرة السابقة لم تسنح له الفرصة بالترحيب بها في عائلته:
نورتي عيلتنا يا بـ.ـنتي، من انهاردة اعتبريني ابوكِ.
ابتسمت فاطمة بحـ.ـز.ن شـ.ـديد لتلك الكلمة التي فقدت مذاقها منذ سنوات...
تحدثت وداد وهي ترى نظرات ابنها الملهوفة والتي كانت تحاوط فاطمة: طب نسيب الاتنين سوا ونخرج احنا نتكلم برة بقى...
كاد رشـ.ـدي يصاب بالجنون مما وجده في هاتف مصطفى فبعدmا فتحه بصعوبة شـ.ـديدة لعلمه بمهارة رفيقه في التكنولوجيا صدm من كمية الصور الخاصة بفتيات كثر على هاتفه في وضعيات ميسئة جدا، لكن الصدmة الكبرى أتت حينما وجد صور ماسة كذلك الشيء، نفس الصور التي ارسلت لها في المرة الأولى حينما هددها ذلك الحقير.
شهق رشـ.ـدي بصدmة كبيرة لا يصدق أن مصطفى قد يفعل شيء شنيع كهذا وهذا يفسر سبب صعوبة العثور على المرسل، شعر بالدوار وهو يفكر أنه ربما فعل الشيء نفسه مع فاطمة وأرسل لها تهديدات وهذا سبب غـــضــــب زكريا منه، لكن إن كان ذلك صحيح ما كان زكريا ليبكي ابدا ويقول ما قاله وقتها عن تدmير حياته، لابد أن مصطفى قد تجاوز مجرد التهديد مع زكريا أو بالأحرى فاطمة...
شعر رشـ.ـدي بأن عقله على وشك الدخول به في أزقة مظلمة لذا توقف عن التفكير وقرر مواجهة زكريا بما خمنه و بعدها سيرى ما سيفعله مع ذلك القذر يقسم أنه سيجعله يبكي نـ.ـد.ما ولن ينفعه حتى إن توسله.
وبس يا سيدي انا يا دوبك لسه بمد ايدي بالجواب من هنا وعينك ما تشوف إلا النور لقيت مرة واحدة الجحش ابنها خارج من الشباك وهاتك يا خناق مش فاهم انا ماله كده فيه ايه؟
أنهى فرج قص ما حدث معه أثناء تسليمه للرسالة لأم اشرف بنفسه على مسامع هادي الذي قابله أثناء عودته من عمله يجلس على مقعده بحـ.ـز.ن، ربت هادي على كتف فرج وهو يتنهد بحـ.ـز.ن:
معلش يا فرج ياخويا هو الدنيا كده مش بتديك كل حاجة، عندك انا من يوم ما كتبت الكتاب وانا أقصى حاجة عملتها هي اني مسكت أيدها
ارتشف فرج بعضًا من مشروبه وهو يتنهد بشجن: امتى ربنا يفتحها عليا وأمسك ايد ام اشرف.
نظر له هادي بحنق وأحد حاجبيه مرفوع لينتبه أثناء ذلك لشيماء التي تقف أمام باب البناية الخاصة بها ويبدو عليها الرعـ.ـب، نهض هادي سريعا يسير صوبها وقد اقلقته تلك الملامح المرتعبه على وجهها:
شيماء فيه ايه؟
انتبهت شيماء والتي كانت تتحرك ذهابا وإيابا أمام الباب على صوت هادي والذي كان بمثابة قشة تتعلق بها لتركض صوبه تهتف برعـ.ـب شـ.ـديد وهي تبكي:
هادي الحقني، ماسة...
مالها ماسة؟
وياليته كان هادي هو من طرح هذا السؤال، لكن ليس كل الاماني تُحقق.
اقترب رشـ.ـدي والذي كان ذاهبا في طريقه لمنزل زكريا غافلا عن أنه اليوم عند فاطمة ليرى أثناء ذلك هادي الذي يقف مع أخته أمام المنزل وملامح أخته الفزعة والتي كانت تبدو أنها على وشك البكاء، ليقترب منه ويتناهى لمسامعه صوت شيماء تنتحب مرددة اسم ماسة...
كرر رشـ.ـدي سؤاله مجددا وقد بدأت شياطينه تتراقص أمامه مفكرا أن ذلك الحقير فعل بها شيء آخر أو أنها تعرضت لنوبة الهلع التي تصيبها:
مالها ماسة؟
رفع عيونه لها يبتسم تلك البسمة البشوشة والهادئة، تنحنح قليلا يجلي حلقه حتى يتحدث، وما كاد يفتح فمه حتى سبقته هي بالتحدث سريعا:
تشرب إيه؟
ضيق عيونه بتعجب ثم أبتسم لها بسمته الساحرة وهو يتحدث بهدوء شـ.ـديد ونبرة حنونة:
متتعبيش نفسك أنا كويس، إنتِ بس اسمعيني ارجوكِ.
نظرت له تفرك يديها بتـ.ـو.تر شـ.ـديد وكيف لا و هي تجلس الآن أمامه، حقا غباء اوليست تجلس مع زوجها الذي نامت يوما في أحضانه وكان عناقه هو ملجأها الوحيد والان تعاني كل ذلك الخــــوف والتـ.ـو.تر، أهذا تأثير تلك الجلسة التي تتحدث الفتيات دائما عليها الرؤية الشرعية؟
ابتسم زكريا يعلم ما تفكر به الآن ليتحدث بصوته الهادئ الرزين: خايفة مني؟ ولا قلقانة؟
رفعت عينها سريعا له تتعجب كيف قرأ دواخلها، وكأن ذلك كان عسير على أي أحد ملاحظته، اخفضت عينها سريعا تهز رأسها برفض ليبتسم هو متنهدا بيأس من تلك الصغيرة:
طب عايزة تسأليني في حاجة؟
هزت رأسها برفض تام هي فقط كل ما تريده الآن أن تختفي من أمامه، صمتت وصمت هو بدوره حتى كادت أصوات الأنفاس تُسمع في المكان. ثواني مرت قبل أن تستمع لنبرة صوته المميزة يحدثها بالفصحى:.
غريبة هي الدنيا، كيف يتحول شخص ما من مجرد غريب في حياتك، إلى دعوة لك في كل صلاة؟
صمت قليلا ثم قال ببسمة وقد نجح في أن يجعلها ترفع عينها له: أتخشيني وأنا أخشى عليكِ من أن ارتكب فيكِ ذنب صغير، كم أنتِ قاسية سيدتي!
هل قالت سابقا أن الفصحى مملة، هل سخرت سابقا من تحدثه بالفصحى؟ حسنا هي الآن تسحب كل هذا فوالله أنها الان عاشقة للفصحى منه هو، رمقته تفكر هل هذا هو الشيخ زكريا الذي كانت صديقتها تخيفها منه وتخبرها كم أنه قاسي جلف بلا شعور...
شعرت به ينهض من مكانه وهو يخرج بهدوء من الغرفة لكن قبل أن يخرج توقف قليلا يهمس ببسمة شعرتها من خلال حروفه:.
شوفتي ادينا اتكلمنا اهو وما عضتكيش، عشان ت عـ.ـر.في بس اني شيخ طيب وإن الموضوع بسيط جدا.
أنهى حديثه وهو يخرج وضحكته قد رن صداها في قلبها قبل أن يرنّ في الغرفة...
نظرت فاطمة في أثره بصدmة تتساءل هل انتهى الأمر بهذه السرعة؟ هي حتى لم تتحدث سوى كلمتين فقط، هل كان جادا حينما قال إنهم سيبدأون من البداية تماما؟ فهو كان يحدثها كما لو أنه جاء للتعرف عليها أو ما شابه.
خرجت فاطمة من شرودها على رؤيتها له عائدا مجددا لكن هذه المرة جلس جوارها وهو يردد بنبرة عادية:
تقريبا لسه مخلصوش كلام ورغي برة فخلينا قاعدين شوية هنا. ها ايه رأيك فيا وانا عامل عريس؟
يالله هل هو جاد حقا؟ ابتسمت فاطمة تهز رأسها بعدm تصديق لحديثه ليبتسم هو أيضا ثم صمت لا يعلم ماذا يقول ليدوم الصمت دقائق قبل أن يقطعه هو بتردد:.
فاطمة هو أنتِ يعني حاليا موافقة بكامل إرادتك على جوازنا؟ قصدي يعني فيه مثلا أي مشاعر ليا أو حتى استلطاف؟
كان يتساءل وهو يشعر بقلبه يصارع للخروج من التـ.ـو.تر والخــــوف...
تفاجئت فاطمة كثيرا من حديثه لتنظر له بصدmة تفكر في حديثه هل هي كذلك؟ هل تقبلت ذلك الزواج ام أنها مازالت تراه أمر واقع؟ طال صمتها مما أصاب زكريا بالتـ.ـو.تر لتقرر فاطمة أن ترحمه وهي تنظر له بخجل شـ.ـديد:.
معرفش، كل اللي اعرفه إن لو كنت الاول هحارب عشان انهي الجواز ده فأنا حاليا هحارب بكل ما املك عشان احافظ عليه.
ابتسم زكريا وهو يكوب وجهها بحب شـ.ـديد: لا تحتاجين للحرب اميرتي فما من قوة على هذه الأرض قادرة على ابعادي عنك...
ابتسمت فاطمة تعترف في نفسها انها عاشقة لذلك الرجل، وعاشقة للهجته التي تصيب قلبها مباشرة، تحدثت فاطمة بخفوت رغم كل ما قاله منذ قليل وما فعله سابقا لأجلها إلا أن كلمـ.ـا.ته تطمئنها أكثر:.
وأنت لسه حاسس إنك انجبرت على الجواز ده؟
ابتسم زكريا على سخافة تلك الصغيرة ثم همس لها وهو ينظر لها بحب: حسنا فاطمة لا اعلم كيف اثبت لكِ أن ذلك القلب وقع صريع هواكِ لكن كل ما يمكنني قوله هو...
صمت قليلا يحاول ترتيب كلمـ.ـا.ته والتي تمر على قلبه اولا قبل أن ينطقها لسانه:
وَلَمّا سَكنتِ القلب لم يبقَ مَوضِعٌ
بِجِسمِيَ إِلّا وَدَّ لَو أَنَّه قَلب.
↚
هفضل كتير مستنى؟ انطقوا فين ماسة؟
ارتعدت شيماء من حديث رشـ.ـدي رغم نبرته التي كانت هادئة عكس عينه المشتعلة بغـــضــــب مخيف، ركضت شيماء واختبأت في هادي الذي وقف امام رشـ.ـدي يحاول تهدئته:
أهدى بس يا رشـ.ـدي زعيقك ده مش هيحل حاجة
جذب رشـ.ـدي شعره بعين وغـــضــــب شـ.ـديد وقد بدأت بنرته تعلو بغـــضــــب شـ.ـديد: برضو هيقولي اهدى، مش لما اتنيل اعرف هي فين يبقى وقتها اشوف أهدى ولا اتنيل على عين أهلي اتعصب.
نظر هادي لشيماء التي كانت ترتعد خــــوفا تفكر في كيفية الهروب من حصار أخيها فهو لو علم ما فعلته ماسة تقسم أنه سينزل المنزل على رؤوس الجميع ولن يتمكن أحد من تهدئته.
ازدادت قتامة نظرات رشـ.ـدي وهو يرمق شيماء بشر في انتظار أن تتحدث وتنهي هذا الصمت المقيت لكن ما أنهى الصمت لم يكن صوت شيماء بل كان صوت رنين هاتف رشـ.ـدي، والذي تجاهله مرارا وتكرارا حتى مل وأخرجه من جيب بنطاله ليرى رقم غريب.
ضيق رشـ.ـدي نظراته بتفكير وصوت داخله يخبره أن المتصل هذا ليس سوى بلاء رأسه الذي أوقع نفسه به بتسرع وبالفعل بمجرد أن فتح المكالمة حتى سمع صوت بكاء عنيف و صوت ماسة يعلو:
رشـ.ـدي الحقني انا اتقبض عليا...
هو ايه ده؟
ابتسم زكريا على ملامح فاطمة المصدومة لحديثه السابق، ورغم أنها سمعته جيدا وهو متأكد من هذا إلا أنه اعاده مجددا على مسامعها، لكن هذه المرة بلين قليلا يحاول سبر اغوارها وتبين رأيها:.
بقولك عايز نعمل الفرح قريب، انا شقتي جاهزة من فترة اساسا محتاجة بس شوية حاجات بسيطة وتكون ناقصة وجودك بس.
شعرت فاطمة بجسدها ينكمش برعـ.ـب وهي تتخيل نفسها تعيش معه في شقة بعيدا عن والدتها واحضانها، حسنا هي بالفعل تقبلت وجود زكريا في حياتها، لكن ليس لهذه الدرجة هي لم تتعافى بعد لم تتقبل أمر أن تملك رجلا في حياتها ويتدخل في كل شيء وهو يرغب أن يتزوجوا؟
كان زكريا يتابع كل تعابير وجهها وكأنه سيُختبر بها وقد لمح اعتراضها بل رعـ.ـبها من الفكرة لذا ابتلع ريقه يحاول الابتسام وهو يهز رأسه لها:
ولا اقولك انا شايف نأجلها شوية...
نظرت له فاطمة بلهفة شـ.ـديدة وهي تمنع زفرة راحة أن تخرج منها فهي للتو كانت تفكر في طريقة لرفض الأمر...
ابتسم زكريا بحنان وهو يهز رأسه لها متحدثا بصوت خافت قليلا: خلينا نتفق اتفاق...
نظرت له فاطمة بفضول شـ.ـديد تنتظر إكمال حديثه لتفهم الأمر حتى تحدث زكريا بعدها بتفكير:
بما إننا بدأنا من الاول خالص فهنبدأ صح يعني مثلا نبدأ نتعرف على بعض واحدة واحدة ومش هستعجلك لحاجة ابدا ممكن نخرج سوا ونتكلم سوا في التليفون زي الناس المخطوبة ايه رأيك؟
نظرت له فاطمة وهي لا تعلم ماذا تقول له وقد أزاح صخرة كبيرة كانت تجثم أعلى صدرها خانقة إياها، تحدثت ببسمة:
هو إنت مثالي فعلا ولا انا متهيألي؟
صدm زكريا لثوانِ من حديثها لينفجر بعدها في الضحك وهو يردد من بينها بصعوبة:
لا أنتِ اللي طيبة يا فاطمة.
هدأ زكريا من الضحك ثم تنفس ليهدأ ضـ.ـر.بات قلبه مكملا حديثه: مفيش حد مثالي يا فاطمة ا عـ.ـر.في كده كويس. الموضوع كله بيكون اجتهاد.
لم تفهم فاطمة قصده بكلمته الأخيرة ليلتقط هو نظراتها تلك ثم اقترب منها وهو يمسك يدها بحنان متحدثا:
يعني يا فاطمة كل الناس بتجتهد أنها تبين الحلو اللي جواها وتخفي الوحش عن الناس...
بس ده اسمه نفاق.
ابتسم زكريا يشرح لها الأمر كما لو كان يفعل لأحد تلاميذه: النفاق هو إني اظهر مشاعر أو انصح بشيء عكس اللي جوايا، يعني مثلا اقولك يا فاطمة الكدب حـ.ـر.ام وانا اساسا بكدب، أو اني افضل امدح في فعل معين وانا اساسا بخالف الفعل ده، إنما الجهاد ده بيكون جهاد مع النفس يعني بجاهد نفسي أنها تحافظ على الحلو اللي جواها والوحش بخفيه واحاول امنعه.
توقف عن الحديث ثم قال بعد صمت قصير: تخيلي إن كل انسان عنده جواه نص حلو ونص وحش، وخبى الحلو وأظهر الوحش، هنكون وقتها عايشين في غابة. عشان كده المجاهد هو اللي يقدر يكبح النص الوحش جواه ويظهر الحلو للناس.
كانت فاطمة تستمع لزكريا وهي تحاول موازنة كلمـ.ـا.ته ليكمل هو بحنان: سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال ايه؟
نظرت له فاطمة بانتباه ليكمل هو: أيها النَّاس، إنَّ بعض الطَّمع فَقْر، وإنَّ بعض اليأس غِنى، وإنَّكم تجمعون ما لا تأكلون، وتأملون ما لا تدركون، وأنتم مؤجَّلون في دار غــــرور، كنتم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، تُؤْخَذون بالوحي، فمن أَسَرَّ شيئًا، أُخِذ بسريرته، ومن أعلن شيئًا، أُخِذ بعلانيته، فأَظْهِروا لنا أَحْسَن أخلاقكم، والله أعلم بالسَّرائر، فإنَّه مَنْ أَظْهَر شيئًا، وزعم أنَّ سريرته حسنة، لم نصدِّقه، ومن أَظْهَر لنا علانية حسنة، ظننَّا به حسنًا.
رددت فاطمة تلك الجملة التي علقت بذهنها وهي تبتسم له: فأَظْهِروا لنا أَحْسَن أخلاقكم، والله أعلم بالسَّرائر
بالضبط كده، ده بقى الجهاد واللي انا بحاول اعمله يعني انا مش مثالي ولا كامل أنا جوايا عيوب زي أي بني ادm تاني لكن يجاهد نفسي، إنما النفاق ده شيء تاني وموضوعه كبير يبقى اكلمك عنه في مرة تانية لأن شكل اللي بره خلصوا كلامهم.
هزت فاطمة رأسها له وهي تنهض معه تتبعه للخارج وداخلها مائة سؤال وكلهم يدوروا حول ذلك الذي يتقدmها والذي بدأ يمهد مكانه الخاص بقلبها.
كان رشـ.ـدي يركض في ممرات مركز الشرطة وخلفه هادي يحاول أن يهدأه وهو يكاد يحرق المكان بالجميع:
يارشـ.ـدي اصبر بس نشوف ايه حصل!؟
استدار رشـ.ـدي لهادي يرمقه بشر متحدثا: اصبر ايه انت اهبل؟ مراتي تتصل بيا بتعيط وتقولي أنها مقبوض عليها وعايزني أهدى؟ امال اتعصب امتى لما الاتوبيس يفوتني؟
أنهى حديثه وهو يتوقف أمام أحد مكاتب المركز ثم تنفس قليلا ليهدأ نفسه وبعدها أخرج بطاقته العسكري يطلب منه إذن الدخول:
لو سمحت بلغ الباشا اني حابب أقابله.
نظر العسكري في البطاقة التي تقبع بيده ثم أدى التحية لرشـ.ـدي وبعدها دخل للغرفة وغاب بها لدقيقة تقريبا كان رشـ.ـدي يحرق فيها هادي الذي ما زال يحاول تهدئته حتى عاد العسكري وهو يخبره أن يدخل...
تحرك رشـ.ـدي ودخل للمكتب سريعا يتبعه هادي وبمجرد دخوله نهض ذلك الذي يتوسط المكتب وهو يبتسم لرشـ.ـدي مادا يده له:
رشـ.ـدي باشا نورت القسم كله...
صافحه رشـ.ـدي وهو يبتسم له بسمة صغيرة رسمها بصعوبة...
أشار له الضابط بالجلوس هو وهادي ثم تحدث ببسمة عملية: تحب تشرب ايه!؟
كاد هادي يتحدث مخبرا إياه أنه يريد كوب عصير مثلج عله يرطب حلقه الذي جف من كثره حديثه مع ذلك الرشـ.ـدي الغـ.ـبـ.ـي لكن توفقت الكلمـ.ـا.ت على باب فمه بسبب رشـ.ـدي الذي أشار بيده رافضا أي شيء مما جعل هادي ينظر له بغـــضــــب شـ.ـديد وهو يكاد ينهض وينقض عليه...
انا مش جاي اتضايف يا جمال باشا انا بس كنت جاي عشان فيه حد تبعي موجود هنا.
حد تبعك!؟ بيشتغل هنا يعني ولا...
مقبوض عليه.
فهم جمال ما يجري هنا ليعود بظهره للخلف وهو يحاول التذكر كل المعلومـ.ـا.ت التي وصلته اليوم ومن تم القبض عليهم، لكن كان رأسه فارغا:
مين ده اللي تبعك وانقبض عليه؟
ابتسم رشـ.ـدي بسمة مغتاظة غاضبة: مراتي...
بثينة أنتِ معايا؟
زفرت بثينة بضيق وهي تبعد المجلة من يدها أثناء تسطحها على فراشها وهي تستمع لندب شيماء المتواصل منذ ساعات ترثي حالة ابنة خالتها وحالتها أيضا بعدmا يعود أخيها...
معاكِ يا شيماء، اعمل ايه يعني؟ ماسة غلطت وخليها تتربى.
رمتها شيماء بنظرة حانقة وهي تقترب منها متحدثة بعدm فهم: هو أنتِ ليه مش بتطيقي ماسة؟
رفعت بثينة عينها في وجه شيماء ببرود ثم تحدثت وكأن لا شيء بها وهناك لمحة برود تمر في عينها:.
ولا حاجة بس بـ.ـنت خالتك هزارها تقيل شوية وانا مش بحب الناس اللي من النوع ده.
لم تكد شيماء تفتح فمها بكلمة حتى قاطعها صوت رنين هاتف بثينة التي رمقته بنظرات مغتاظة ولم تجب بل ألقته بعيدا عنها وكأنه يحمل وباءا قـ.ـا.تلا متجاهلة رنينه المتواصل مما أزعج شيماء بشـ.ـدة:
ما تردي يا بثينة بدل الدوشة دي...
نظرت بثينة للهاتف مجددا ثم قلبت عينها وهي تهز رأسها بعدm اهتمام:
فكك منه وخلينا معاكِ هتعملي ايه؟
نظرت لها شيماء قليلا بشك وهي تدرك جيدا أن بثينة تحاول تشتيت انتباهها عن المكالمة:
هعمل ايه يعني؟ اول ما يرجعوا هستخبى في هادي وهو يتصرف مع رشـ.ـدي مش هو جوزي برضو وواجب عليه يحميني؟
ابتسمت بثينة بسمة بلاستيكية جاهدت من خلالها في التحكم بنفسها وهي تتحدث بغـ.ـيظ شـ.ـديد:
اها فعلا واجب برضو و...
قاطعها رنين هاتفها مجددا وهي تزفر بضيق لتندفع له شيماء تحمله بسرعة ملقية إياه جوار بثينة وهي تغادر الغرفة حتى تترك له مساحة للخصوصية:
ردي أنتِ وانا هرجع البيت قبل ما رشـ.ـدي يرجع لاحسن يطين عيشتي.
انهت شيماء حديثها وهي تخرج سريعا تاركة بثينة تكاد تحترق من ذلك البلاء الذي القي على رأسها، فتحت المكالمة وهي تصرخ في المتصل:
فيه ايه رن رن رن قرفتني، عايز ايه؟
انزليلي تحت عشان عايزك ولو منزلتيش خلال خمس دقايق هروح استنى هادي يرجع ووقتها هتيجي بس صدقيني هتنـ.ـد.مي اوي...
صعد الثلاثة للتاكسي بصمت كبير خــــوفا من انفلات غـــضــــب رشـ.ـدي فيهما، جلس هادي جوار السائق بينما جلس رشـ.ـدي وماسة في الخلف...
كان رشـ.ـدي ينظر للامام بشر وكأنه يحدق في عدو خفي بينما كان هادي يتحسر على شباب ماسة في الامام...
لكن ماسة ليست بتلك التي تصمت بسهولة لذا مسحت دmـ.ـو.عها بهدوء شـ.ـديد وهي تهتف بصوت خافت:.
رشـ.ـدي...
لكن لم يصلها اي رد من رشـ.ـدي بل كل ما صدر منه هو تلك البسمة المخيفة التي تخرج فقط في اقصى مراحل غـــضــــبه، لتعيد ماسة همستها لكن بصوت اعلى قليلا:
رشـ.ـدي...
انتفضت فزعة وهي ترى استداره رشـ.ـدي لها بشكل مفاجئ مخيف صارخا في وجهها محاولا التحكم في غـــضــــبه:
نعم عايزة ايه من زفت؟
ابتلعت ماسة ريقها بخــــوف وهي تردد: مالك متعصب كده ليه؟
نظر رشـ.ـدي لهادي وهو يردد بحنق شـ.ـديد: ما شاء الله طلعتم نفس الغباء...
استدار مجددا لماسة وهو يكمل حديثه بغـــضــــب شـ.ـديد: يعني أنتِ شايفة اللي عملتيه عادي؟ وميعصبش؟ ها انطقي.
انا عملت ايه بس!؟
فتح رشـ.ـدي فمه باتساع كبير وهو يشير لها بعدm تصديق مرددا بصدmة: عملتي ايه!؟ هي البعيدة هبلة وأنا معرفش!؟ بعد كل اللي حصل ده بتقولي عملتي ايه؟
لوى هادي فمه يمنه ويسار بتهكم شـ.ـديد وهو ينظر لهم في المرآة: عيني على شبابك يا بـ.ـنتي...
ابتسم رشـ.ـدي بعدm تصديق: مش هرد عليكِ لما نرجع البيت وقتها يبقى اقولك عملتي ايه لاني متعودتش اني اتكلم في خصوصياتي برة البيت...
صمت بغـ.ـيظ شـ.ـديد ثم نظر من النافذة بغـــضــــب شـ.ـديد يردد بحنق: قال و الاستاذة منهارة وعمالة تعيط وتقولي الحقني اتقبض عليا وانا زي الأهبل جريت مفزوع وقولت بس البت اتمسكت أمن دولة وبتتعـ.ـذ.ب ومش بعيد يكونوا بيكهربوها وتطلع في الاخر، خناقة والاستاذ ماسكة اربع بنات وكلاهم علقة مـ.ـو.ت القادرة.
أنهى حديثه بسخرية شـ.ـديدة يرمق ماسة التي لوت فمها بحنق وكأن حديثه لا يعجبها ليكمل رشـ.ـدي بسخرية:
وانا بقى جاي وعمال اجمع ارقام ناس مهمة عشان يتوسطوا ويخرجوكِ وكنت هتصل بمحامي يجي يخرجك بكفالة.
رفع هادي حاجبه باستهزاء وهو ينظر له في المرآة الأمامية يتمتم بحنق:
ده على اساس إنك كنت واخد كوافير حريمي معاك؟
والله يعني انت كنت هتعمل ايه بقى يا استاذ لو طلعت جناية كبيرة؟
ابتسم هادي وهو يتحدث بجدية مضحكة: كنت هكلم صاحبي هو محامي وبيفهم في شغل المحاميين ده وكان هيخرجها زي الشعرة من العجينة.
هز رشـ.ـدي بيأس وهو يهبط من السيارة بعدmا توقفت ثم اغلق الباب خلفه بغـــضــــب شـ.ـديد مشيرا لماسة بالخروج وهو يرى الشياطين تتراقص أمام عينيه...
في ذلك الوقت كانت شيماء تهبط من بناية بثينة وهي تدعو ربها أن ينتهي هذا الأمر على الخير لكن أثناء ذلك انتبهت لرشـ.ـدي الذي يقف أمام سيارة أجرة وجواره هادي الذي يهمس له ببعض الكلمـ.ـا.ت من بعيد كانت ماسة التي تقريبا اقتربت من البناية هربا من رشـ.ـدي الذي انتبه فجأة لاختفائها ولولا ما بداخله لكان لحق بها الآن...
تحركت شيماء بحركات سريعا صوب منزلها وهي تحاول ألا تنظر جهة رشـ.ـدي الذي ابتسم بسخرية متمتما:.
ماشي هتروحوا مني فين...
أثناء ذلك كان زكريا يهبط من البناية الخاصة لهادي رفقة والده ووالدته...
خلاص يا لؤي بلاش تزعل هروح اجبلك و...
توقف زكريا عن الحديث وهو يرى رشـ.ـدي الذي يكاد يحترق وسط الطريق جواره هادي لذا استأذن سريعا من والديه واتجه لهما بتعجب شـ.ـديد...
رشـ.ـدي فيه ايه؟
دخلت ماسة سريعا للمنزل ثم اتجهت بسرعة صوب غرفتها وكأن هناك شبحا يلاحقها وخلفها شيماء التي لحقت بها وأغلقت الباب سريعا صارخة في وجهها:.
استريحتي كده يعني؟ مش قولتلك بلاش ام المؤتمر الشوم ده اللي عمرك ما روحتيه ورجعتي سليمة، اول مرة رجعتي مكـ.ـسورة وتاني مرة عملتِ مشكلة كبيرة، واهو تالت مرة ماشاء الله قضيتِ كام ساعة لطاف في السـ.ـجـ.ـن...
ألقت ماسة حقيبتها على الفراش وهي ترتمي خلفها بتعب شـ.ـديد هامسة بحنق شـ.ـديد:
شيماء ابوس ايدك انا مش ناقصة كفاية التحقيق اللي هيجي رشـ.ـدي يعمله عشان يعرف انا ايه اللي وصلني للقسم؟
نظرت لها شيماء قليلا لا تفهم حديثها حتى فجأة فتحت عينها وفمها بصدmة:
لا استني كده عشان مش مترجمة، يعني كل العصبية اللي في رشـ.ـدي دي كلها وهو لسه ميعرفش إنك مروحتيش المؤتمر؟
هزت ماسة رأسها وهي تضحك بشكل غـ.ـبـ.ـي: هو يا دوبك جه لقاني ضاربة كام بـ.ـنت بلاستيك كده فخرجني بالعافـ.ـية بعد ما أثبت أنهم اللي تعدوا عليا الاول ومن وقتها وهو عمال ياكل في نفسه ولسه ميعرفش اللي حصل بالضبط والصراحة يا ريت ميعرفش.
اخذت شيماء تحرك شفتيها بحسرة وهي ترمي نفسها جوار ماسة على الفراش هامسة:
ده انا وانتِ مش هنشوف الشارع ده إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها...
كان الثلاثة يجلسون على سطح بناية هادي و الصمت هو سيد الموقف والجو يخلو من أي اصوات سوى صوت الرياح التي أرادت تخفيف حدة الأجواء بهزيرها اللطيف...
استمر الصمت حتى قطعه صوت هادي الذي تلون بغـــضــــب مخيف: اه يا ابن ال...
تجاهل رشـ.ـدي السبة النابية التي خرجت للتو من فم هادي ليوجه حديثه صوب زكريا الذي كان ينظر ارضا بشرود بينما عينه تحكي قصة أخرى:
رد عليا يا زكريا هو ده سبب عصبيتك من مصطفى؟ هو عمل كدة في فاطمة ولا ايه؟
كان رشـ.ـدي يقصد بحديثه أنه كان يهددها بصور أو غيرها فهو يعلم مصطفى جيدا يستطيع الحصول على كل ما يرغب به من أي هاتف بسبب قدرته الكبيرة على التهكير يكفي فقط أن يحصل على الرقم ليمتلك بعدها كل ما يخص صاحب الرقم من معلومـ.ـا.ت.
رفع زكريا عينه والتي كانت خالية من أي تعابير بشكل غريب يرمق رفيقيه ثم هز رأسه بحركة غير مفهومة:
تقدر تقول حاجة زي كده...
بالطبع هو لن يفضي هذا السر ولو على رقبته فليس هو من يظهر سر يخص شرفه وزوجته حتى لو كان لأقرب شخصين له...
انا هقوم دلوقتي اروح اجيبه من قفاه وانزل فيه ضـ.ـر.ب لأن مفيش حاجة هتهديني غير كده...
كاد هادي ينهض بغـــضــــب شـ.ـديد عقب كلمـ.ـا.ته تلك ليمسكه رشـ.ـدي وهو ينظر له بحدة:.
انت نسيت هو مين ولا ايه يا هادي؟ الاستاذ ظابط يا حبيبي يعني تهجمك عليه بقضية وابقى وريني صاحبك اللي بينهم في حاجات المحاميين ده هيخرجك ازاي منها...
يعني اسيبه ماشي يلطش في أي حاجة مؤنثة قدامه؟
لا طبعا بس كله بالعقل يا هادي يا حبيبي مش بالعضلات...
كان هذا صوت زكريا الذي خرج بعد صمت طويل منبئا إياهم أن القادm لن يكون هينا ابدا...
مش فاهمة يعني هو كده رشـ.ـدي مش هيطولكم؟
زفرت ماسة وهي تزيح فاطمة قليلا من على فراشها: ايوة لغاية ما يهدى بس وبعدين يبقى نرجع ولا أنتِ مش هتستحملينا خمس ست سنين على ما يهدى؟
فتحت فاطمة فمها ببلاهة: خمس ست سنين؟
ده يا دوبك، ندعي بس ميكونش اكتر من كده عشان عصبية رشـ.ـدي بتطول شوية
تحدثت شيماء وهي تتوسط الأريكة في غرفة فاطمة بعدmا طردن منار شر طردة من الغرفة واحتلوها هي وماسة هروبا من غـــضــــب رشـ.ـدي والذي يقبع على بُعد طابق واحد منهما:.
انا مش فاهمة انتِ ليكِ عين تهزري كمان؟ أنتِ يابت بجحة؟ مش عارفة عملتي ايه يعني؟
تحدثت ماسة بعدm اهتمام وهي تغمض عينها براحة غريبة: مش فاهمة أنتِ ليه مكبرة الموضوع كده؟ فرضا يعني رشـ.ـدي لقانا هيعمل ايه؟ هيقــ,تــلنا؟ لا طبعا آخرها كام تهزيقة على كام فازة هيتكـ.ـسروا وخلاص خلصنا.
همسات فاطمة وهي تتخيل الأمر: يا ربي شكل رشـ.ـدي عصبي اوي...
اوي اوي اوي اوي اوي بصي اوي لغاية بكرة كده.
كانت هذه ماسة التي تتحدث ببساطة شـ.ـديدة ليس وكأن من تتحدث عنه زوجها...
خافت فاطمة بشـ.ـدة وهي تتحدث لماسة بشفقة: وانتِ مستحملة ده ازاي يابـ.ـنتي؟ الراجـ.ـل العصبي مش حلو ابدا ده ممكن في مرة يتعصب ويضـ.ـر.بك.
انتفضت شيماء تجلس على الأريكة تدافع عن أخيها: هو عصبي مش قليل رجولة، فيه فرق، رشـ.ـدي عصبيته بتطلع على كل اللي حواليه ماعدا الانسان يعني يكـ.ـسر فازة. يكـ.ـسر ترابيزة يكـ.ـسر كرسي يزعق ويلعن ويشتم لكن عمره ما مد ايده على بـ.ـنت اللهم وإلا لو غلطتها كانت كبيرة وقتها يكفي قلم واحد عشان تفقد الاحساس بجميع حواسها.
فتحت فاطمة فمها ببلاهة شـ.ـديدة تتخيل الأمر لتكمل شيماء وهي تبتسم لها:.
هما التلاتة كده اساسا يطلعوا على مفيش بس قلبهم كلهم زي البفتة والله.
لم تهتم فاطمة بأى شيء في جملة شيماء سوى بجزء هما التلاتة كده اساسا ابتلعت ريقها وهي تفكر في زكريا، هل يغـــضــــب بهذا الشكل فهي لا تتذكر رؤية غـــضــــبه سابقا، كانت فاطمة تفكر دون أن تدرك أنها تتحدث بصوت عالي:
وزكريا؟
انتبهت لها ماسة وهي تبتسم بسخرية مرددة دون أن تعي ما تقوله: إذا كان هادي بيتعصب قيراط ورشـ.ـدي قيراطين فجوزك يا روحي بيتعصب 24 قيراط وربنا ما يوريكِ عصبية زكريا.
اعتلدت شيماء في جلستها وهي تتذكر أحد المواقف النادرة لغـــضــــب زكريا:
يا ستير ياربي ده مرعـ.ـب، صحيح اتقي شر الحليم اذا غـــضــــب، ده اخر مرة اتعصب كان صوته بيهز البيوت في الحارة وكانت عيونه حمر ولا كأنه هيرتكب جريمة.
ابتلعت فاطمة ريقها وهي تتساءل بخــــوف: وايه اللي عصبه بالشكل ده؟
نظرت كلا من ماسة وشيماء لبعضهما البعض جنى تحدثت ماسة: كان فيه شيخ في الحارة قبل كده وكان معروف بتشـ.ـدده ودايما يعمل مشاكل مع اللي رايح واللي جاي وقتها كان الشباب لسه طلاب في الجامعة عادي والشيخ ده أمام في المسجد المهم يعني الشيخ ده عنده بـ.ـنت كانت من سن الشباب ومعاهم في الجامعة وحصل إنه عرف بطريقة أنها مصاحبة واحد وبتمشي معاه وقتها راح الجامعة جرجرها قدام كل صحابها بشكل بشع وكان وقتها الشباب هناك...
صمتت ماسة تتذكر ذلك اليوم والذي شهدت فيه الحارة عن ابشع ما يمكن أن يراه شخص، أكملت بعد صمت قليل:
وقتها رجع الحارة وهو بيجرها من شعرها قدام الكل ويصـ.ـر.خ فيها إنه هيغسل عاره بايده وأنها اكيد غلطت مع الشاب ده ورماها في الأرض قدام الكل ونزل فيها ضـ.ـر.ب ومحدش قدر يتحرك من المنظر لولا زكريا...
صمتت ماسة تراقب ملامح فاطمة المفزوعة تتخيل نفسها محل تلك الفتاة اوليس هذا ما حدث معها بالتحديد حينما جرتها عمتها لمنتصف المنزل في قريتهم الصغيرة صارخة في الجميع أنها جلبت العار لهم وعليهم التخلص منها...
أغمضت عينها تحاول طرد تلك الذكريات خارج رأسها لكن أبى عقلها إلا أن يذكرها بكل أحزانها
بـ.ـنتك حطت راسك في الطين وريني بقى عارفه وشك في الناس ازاي يا مرسي؟
قولتلك ادفنها واخلص منها محدش هيفكر أنها انجبرت على كده وهيفضلوا يحللوا اشمعنا هي وليه هي بذات اكيد هي عطتهم وش عشان يتمادوا
هتفضلي طول عمرك نقطة سودة في عيلتنا والنقطة دي عمرها ما هتتمحي غير بمـ.ـو.تك
خرجت فاطمة من شرودها وهي تستمع لباقي كلمـ.ـا.ت ماسة التي لم تنتبه لحالة فاطمة:.
وقتها رجـ.ـا.لة كتير حاولت تسحب البـ.ـنت من تحت ايده وهو حالف ليقــ,تــلها قدام الكل لحد ما زكريا والشباب رجعوا جري من الجامعة وحاولوا يساعدوا البـ.ـنت لكن الراجـ.ـل رفض يعتقها وهو بيقول أنه هيغسل عاره بايده، وقتها عفاريت زكريا كلها خرجت على الراجـ.ـل وصوته هز المنطقة كلها وهو بيزقه ويبعده عن البـ.ـنت ويقوله شرع ايه ده يا خرفان اللي يخليك تعمل كل ده؟ هو الشرع امرك بكده؟ الشرع قالك تمرمط بـ.ـنتك كده؟ وتمرمط شرفك كده قدام الكل؟
أكملت شيماء تتذكر ما حدث وقتها: وقتها زكريا محدش قدر يمسكه ولأول مرة كان هيمد ايده على حد اكبر منه وهو بيصـ.ـر.خ زي المـ.ـجـ.ـنو.ن في الراجـ.ـل بعد ما الراجـ.ـل قعد يرد عليه بكلام ويحشر الدين فيه...
كان مرعـ.ـب والله وعمري ما شوفت ولا هشوف منظر بالشكل ده اليوم ده عدا علينا كأنه جحيم والحمدلله وقتها هادي اتصرف واتصل بالبوليس وإلا كان الموضوع انتهى بأن واحد فيهم مـ.ـيـ.ـت.
انهت ماسة حديثها ولم تنتبه لحالة فاطمة التي انفصلت عن الواقع تماما وهي تتذكر كل ما حدث معها وما تعرضت له على يد عمتها ونساء العائلة وتخاذل والدها وقهر والدتها التي لم تتمكن من فعل شيء...
وقتها لم تملك زكريا ولم يكن هناك من يدافع عنها، هي حتى في ذلك الوقت أيقنت أنها المجرمة من كثرة تكرير ذلك اللقب على مسامعها والجميع يرميها بتلك التهمة بدعوى أنها هي من اغرتهم أو أنها هي من مهدت لهم الطريق فإن لم يكن كذلك لما هي بالتحديد من بين جميع بنات القرية من يتم معها هذا الأمر؟
فزعت كلا من ماسة وشيماء لحالة فاطمة التي أخذ جسدها يرتعش ودmـ.ـو.عها تهبط بشـ.ـدة تتمتم بكلمـ.ـا.ت خافتة لا تصل لمسامع أيا من ماسة أو شيماء...
انت اتجننت؟ جاي تهددني عند بيتي؟
طب اهددك بعيد عن بيتك عادي؟
صدmت بثينة من رد ذلك الوقح الذي أصر أن تهبط له عند سيارته ليظل يلقي على مسامعها تهديدات حمقاء.
انتبهت بثينة لصوت فرانسو يعلو مجددا بشر: اسمعي يا بثينة عشان اخر مرة هحذرك، الواد اللي أنتِ متفقة معاه ده عشان موضوع ماسة لو مبعدتيش عنه هتصرف وقتها تصرف مش هيعجبك سامعة.
تـ.ـو.ترت بثينة بشـ.ـدة لمعرفتها أنه ما يزال يراقبها وعلم مقابلتها الأخيرة مع ذلك المصطفى الأحمق:
هو الاستاذ لسه مرفعش المراقبة عني ولا ايه؟
اللي زيك يا بثينة مـ.ـيـ.ـتأمنش ليه...
ضحكت بثينة ضحكة قصيرة تخفي خلفها رعـ.ـبها من تهديد فرانسو، لكن رغم ذلك وقفت تدعي القوة والوقاية أمامه وهي تجيبه:
من الاخر قول عايز ايه؟
ابتسم لها فرانسو وهو يقترب منها بشر هامسا: مصطفى ده تنسيه خالص سامعة؟
لم تبدي بثينة أي ردة فعل على حديثه ليكمل هو بنبرة هادئة وكأنه يلقي على مسامعها أحوال الطقس:
هادي هيجي يقولك على معاد كتب الكتاب اتمنى وقتها ميصدرش منك اي اعتراض عشان مزعلش ماشي؟
رمقته بثينة بنبرة ممـ.ـيـ.ـتة وهي تتوعد له بالويل...
كانت ماسة تحاول تهدئة فاموة التي أخذت تبكي وتصرخ بكلمـ.ـا.ت غير مفهومة وهي حتى لا تعلم السبب فهم كانوا بخير حال منذ قليل...
تحدثت شيماء وهي تكاد تبكي رعـ.ـبا على فاطمة: يمكن خافت من كلامك وفكرت إن ممكن زكريا يضـ.ـر.بها؟
لو كلامك صح مش هتنهار بالشكل البشع ده، اجري كلمي اي حد يجي يلحقها كلمي زكريا ونادي لامها...
تحدثت شيماء بخــــوف شـ.ـديد وهي تحمل هاتفها: حاضر حاضر...
زكريا إنت برضو مش حابب تقولنا سبب كل اللي بتعمله؟ اصل غـــضــــبك الكبير ده مقلقني اوي.
كان هذا صوت رشـ.ـدي بعدmا استمع لما ينوي عليه زكريا متعجبا من ذلك الشر الذي يسكن صديقه الهادىء المبتسم والحنون.
زفر زكريا وهو ينهض متجها صوب رشـ.ـدي ينظر في عينه متحدثا بثقة كبيرة:
رشـ.ـدي انتم لو معملتوش اللي قولت عليه، هعمل انا، بس لوحدي سامع ويحصل اللي يحصل.
نظر هادي لرشـ.ـدي يشير له بعينه أن يوافق الآن لحالة زكريا مخيفة، قاطع تلك الأجواء رنين هاتف رشـ.ـدي والذي وجد المتصل أخته...
زفر رشـ.ـدي بغـ.ـيظ شـ.ـديد ثم تجاهل الأمر فهو مازال غاضبا منها وبشـ.ـدة وربما هي تتصل به للإعتذار وهو حقا لا قبل له الآن بالتحدث في هذا الأمر يكفيه جنون رفيقه...
توقف هاتف رشـ.ـدي عن الرنين ليتحدث هادي بمرح محاولا كـ.ـسر تلك الأجواء:
طبعا لما يقع في ايدينا مش هتنسوا هادي حبيبكم.
لم يفهم أيا من زكريا أو رشـ.ـدي حديث هادي ليوضح لهم: قصدي يعني إن الواد ده ليا فيه زي ما ليكم فيه متنسوش إنه كان بيفكر في شيماء و...
توقف هادي عن الحديث ليلمح اللقب الذي يطـ.ـلقه على شيماء على هاتفه، ارتسمت بسمة واسعة على فم هادي وهو يحمل هاتفه مجيبا بحنان:
حبيبي...
رفع رشـ.ـدي حاجبه بحنق شـ.ـديد وهو يكاد ينهض ضاربا إياه بوجهه فهو لم يغفل عن ذلك الاسم الغـ.ـبـ.ـي الذي يطـ.ـلقه على أخته لكن توقف رشـ.ـدي عن حركته وانتبهت حواس زكريا جيدا لذلك الاسم الذي خرج من فم رفيقه:
فاطمة؟ مالها فاطمة؟ اه اه زكريا معايا، طب فهميني فيه ايه بطلي عـ.ـيا.ط واتكلمي براحة.
هنا ويكفي لم ينتظر زكريا ثانية أخرى وهو يركض للاسفل سريعا حتى كاد يسقط على الدرج أكثر من مرة وهناك مئات السيناريوهات تدور في رأسه وكلها توصله للجنون...
وصل زكريا واخيرا لمنزل فاطمة ليدق الباب بعنف شـ.ـديد وهو يقرع الجرس في نفس الوقت...
فزعت منيرة في الداخل وهي كانت ما تزال تجلس على سجادة الصلاة الخاصة بها بعدmا فرغت من الصلاة لتسمع لذلك الطرق المرعـ.ـب على الباب لذا نهضت سريعا تخرج من غرفتها التي تقع في اخر المنزل وأثناء سيرها للباب التقطت مسامعها صوت بكاء ونشيج من جهة غرفة ابـ.ـنتها لتضـ.ـر.ب صدرها برعـ.ـب وقد نست أمر ذلك الذي يكاد يكـ.ـسر الباب على رؤوسهن وتتجه صوب غرفة ابـ.ـنتها، بينما نحمده خرجت من غرفتها مفزوعة تراقب الأمور من بعيد دون التدخل حتى.
كان زكريا يطرق الباب بخــــوف شـ.ـديد وخلفه كلا من هادي ورشـ.ـدي يحاولون تهدئته ليتحدث هادي وهو يمسك زكريا يمنعه من تكسير الباب:
يابني أهدى شيماء بتقولي إن هي مرة واحدة عيطت يمكن مخـ.ـنـ.ـوقة ولا حاجة يخربيت جنونك أهدى...
لم ينجح هادي في تهدئة زكريا وكيف ذلك وهو أكثر العالمين بما تمر به ومتأكد تماما أن سبب بكائها ذلك ليس كما يقول هادي بل ربما تعرضت لتلك الحالة مجددا أو تذكرت شيء أو الاسوء ربما تواصل مصطفى معها بشكل من الأشكال، عند هذه الخاطرة جن جنونه وهو يزيد من عنف طرقاته صارخا:
حد يفتح الباب اخلصوا، يا فاطمة، فاطمة انا هنا متخافيش...
ركضت ماسة سريعا صوب الباب الخارجي للمنزل وهي تحاول التمساك وعدm الانهيار لما تتعرض له فاطمة التي تبكي وتصرخ في أحضانه والدتها متمتمة بكلمـ.ـا.ت وحديث غير مفهوم...
فتحت ماسة الباب سريعا ليندفع زكريا كما القذيفة دون شعور منه صارخا باسم فاطمة...
دخل رشـ.ـدي سريعا وهو يسأل ماسة عما حدث لفاطمة لتجيب وهي تبكي: معرفش والله ما عرف احنا كنا بـ.ـنتكلم سوا ومرة واحدة لقيتها بتترعش وتعيط وبعدين بدأت تصرخ وتقول معملتش حاجة وانا مش فاهمة.
ضمها رشـ.ـدي يحاول تهدئتها وقد بدى أنها انتظرت مجيئة لتنهار بينما هادي كان يقف بقلة حيلة فلا هو يمكنه مساعدة رفيقه والدخول خلفه وقد تكون زوجته في وضع لا ينبغي عليه رؤيته ولا هو يمكنه التصرف وحده فهو حتى لا يعلم مصابها...
دخل زكريا للغرفة بلهفة شـ.ـديدة ليصعق من مظهر فاطمة وهي تبكي وتصرخ في أحضان والدتها تلك الحالة التي يراها بها اول مرة، فهي حتى عنـ.ـد.ما كانت تدخل في حالة الانهيار المعروفة بها كانت لا تستطيع وقتها التحدث أو الصراخ بل يتصنم جسدها دون أي حركة والان هي في هذه الحالة وهو حتى لا يعلم سببها...
اتجه زكريا لفاطمة بأرجل واهية يحاول إخراج كلمـ.ـا.ته دون جدوى، ثواني حتى تمكن من الحديث وهو يتحدث ببسمة مهتزة مرتجفة:.
فاطمة، حصل ايه؟
نظرت له منيرة بترجي: معرفش يابني والله انا كنت بصلي ومرة واحدة سمعت صوتها معرفش حصل ايه؟
اقترب زكريا من فاطمة أكثر وجذبها من أحضان منيرة لاحضانه وهو يتلو عليها بعض الأيات مرجحا غـــضــــبها وصراخها ذلك لسوء نفسيتها في الفترة الأخيرة خاصة بعد رؤيتها لمصطفى مجددا.
تحركت منيرة ببطء من جانب الاثنين وخرجت بهدوء شـ.ـديد ثم أغلقت الباب عليهما داعية الله أن يكون زكريا سببا في هدوئها وتوقفها عن الصراخ بهذا الشكل المرعـ.ـب...
ركضت ماسة لمنيرة سريعا وهي تسألها عن سبب ما حدث لفاطمة: هي فاطمة حصل ليها كده ليه يا خالتي؟ هي بتشتكي من حاجة أو الفترة الأخيرة كانت مريـ.ـضة ولا حاجة!؟
تحركت منيرة وجلست على أحدي الارائك وهي تبكي دون كلمة واحدة وماذا تقول في حالتها تلك هل تستطيع الكلمـ.ـا.ت أن تعبر عما يسكن داخلها؟
في الداخل كان يضمها وهو يشعر وكأن قلبه يكاد يخرج كمدا على حبيبته يتسائل عن سبب وصولها لتلك المرحلة وهو من تركها سعيدة مبتسمة.
نظر لها ليجدها صمتت من بكاءها سوى من بعض الشهقات التي تخرج كل فنية وأخرى وهي تزداد في ضمه كثيرا متحدثه بهمس خــــوفا أن يسمعها أحد:.
انا مكانش عندي حد يا زكريا مكنش عندي حد...
لم يفهم زكريا حديثها ورغم ذلك شعر بقلب ينقبض بو.جـ.ـع لنبرتها هامسا لها:
مش فاهم قصدك ايه يا فاطمة وضحي...
رفعت فاطمة وجهها من على صدرة وهمست له بأعين محتقنة بالدmاء من كثرة بكاءها:
عمر ما كان ليا حد يدافع عني ولا كان فيه حد يقف جنبي ويقولهم اني مليش ذنب، دائما كنت لوحدي حتى ماما كانوا بيمنعوها عني بالعافـ.ـية...
شايف إنك نسيتِ ربنا في الحسبة دي يا فاطمة، ربك اللي دايما معاكِ وجنبك ربك اللي اقرب ليكِ من كل الناس.
نظرت له فاطمة قليلا قبل أن تنفجر في البكاء وهي تهتف بو.جـ.ـع شـ.ـديد: انا وحشة اوي اوي يا زكريا عمري في حياتي ما اديت واجابات ربنا عليا انا، انا...
أوقفها زكريا وهو يرى الصراع الذي يدور داخلها والذي كان واضحا تماما على وجهها:.
انتِ تائبة يا فاطمة يكفي إنك ت عـ.ـر.في تقصيرك فين وتصلحيه وربك غفور ولو تحبي نبدأ سوا من الاول أنا معنديش مانع.
نظرت له فاطمة بعدm فهم ليبتسم هو ويبعد شعرها عن وجهها هامسا بحب:
ما رأي غاليتي بأن نعيد دروس التحفيظ مجددا؟ وايضا نجلس سويا نتحدث باستفاضة فيما تريده؟
نظرت له فاطمة لثواني لم تفهم قصده حتى لمع مقصده فجأة في رأسها لتبتسم بسمة متسعة وهي تهز رأسها بلهفة شـ.ـديد وبسرعة توافقه فهي لن ترفض تلك الفرصة الذهبية للتقرب من الله وايضا للبقاء جواره، حصنها الآمن وحـ.ـضـ.ـنها الدافء...
ابتسم لها زكريا وهو يقبل رأسها بحنان شـ.ـديد هامسا: أنتِ الجزء اللطيف الذي ألتجئ إليه كلما أتعبنى العالم، لذا اعتني بنفسك لأجلي غاليتي...
الّصمتُ أيضًا لَهُ صوت، لكنّه بحاجه إلى روحٍ تفهمه.
↚
كان المكان هادئ بشكل كبير يتخلل ذلك الصمت صوت مضغ الطعام وتصادm الملاعق...
نهضت الام لتحضر طبقا ما من المطبخ كانت قد نسبته بالخطأ ليتحدث الشاب الكبير الذي يترأس طاولة الطعام وهو ينظر لأخيه الأصغر بنظرات تبدو كما لو أنها تخترقه:
مش صاحبك كان منورنا انهاردة؟
انتبه مصطفى من طعامه على حديث أخيه الأكبر ليكرمش ملامحه بتعجب متسائلا:
صاحبي؟ صاحبي مين؟
ابتسم جمال بسمة بـ.ـاردة وهو يتناول طعامه ببطء مثير للأعصاب خاصة على مصطفى:
رشـ.ـدي، مش هو صاحبك برضو؟
ابتسم مصطفى بسخرية وهو يكمل طعامه: اه صاحبي فعلا، بس كان عندك يعني بيعمل ايه؟
كان جاي يشوف مـ.ـر.اته لأنها كان مقبوض عليها في خناقة في مؤتمر كده...
ماسة؟
كانت ردة فعل سريعة من مصطفى على حديث أخيه الأكبر لينـ.ـد.م بعدها على ما نطق وهو يرى نظرات أخيه ترتفع من طبقه ثم توجه إليه وهناك بسمة مخيفة ترتسم على جانب فمه وهو يهتف بنبرة قد تبدو عادية للبعض لكن بالطبع ليس له هو:
وانت عرفت اسمها منين؟
ابتلع مصطفى ريقه وهو يحاول أن يدعي انشغاله في الطعام: ما انت عارف إن رشـ.ـدي صاحبي واكيد يعني اعرف عيلته وووو
بس مش مـ.ـر.اته يا مصطفى...
نظر مصطفى لأخيه يحاول ادعاء الثبات: قصدك ايه يا جمال؟ بتلمح لايه؟
عاد جمال بظهره للخلف هو ينظر لأخيه نظرات مرعـ.ـبة ثم قال بتقرير: بقالك اسبوعين تقريبا بتسهر بشكل مريب ومعظم اتصالاتك بيتذكر فيها الاسم ده، ماسة، يا ترى دي صدفة ولا...
ترك جمال كلامه معلق ليشعر مصطفى بأن الهواء نفذ من حوله فاخيه ليس سهل البتة وإن اكتشف ما يفعل بقسم أنه سيقــ,تــله بابشع الطرق:.
دي دي هي واحدة اعرفها كانت قصداني في خدmة وده تشابه اسماء يعني مش...
صمت مصطفى لا يعلم ما يقول ليبرر موقفه لكن فجأة اخترق مسامعه صوت أخيه الذي يبدو كما لو أنه فحيح:
اتمنى يكون فعلا تشابه اسماء لأن لو طلع شكي صح صدقني مش هيكون عندك حتى فرصة تنـ.ـد.م.
أنهى جمال حديثه ليضـ.ـر.ب الطاولة بعنف ثم نهض تاركا خلفه اخيه يكاد قلبه يتوقف من الرعـ.ـب مفكرا أن جمال قد يعلم عن أفعاله انتفض فجأة على صوت رنين هاتفه ليمسكه وهو مازال يرتجف رعـ.ـبا مجيبا بخفوت:
الو...
الو يا برنس اخبـ.ـار الدنيا عندك ايه؟
زفر مصطفى يحاول تهدئة نفسه: اسكت بالله عليك عشان قلبي كان لسه هيقف من شوية.
ايه ده؟ ليه كده؟ حصل ايه؟
كان الرعـ.ـب ظاهرا في صوت رفيقه ليجيبه مصطفى وهو ينظر لغرفة أخيه: جمال بقى ينخرب ورايا وشاكك بالموضوع إياه بتاع رشـ.ـدي.
انطلق ضحكة من الجانب الآخر تبعه صوته: يا اخي اخوك ده كان مشروع جن بس فشل حقيقي مرعـ.ـب ده انا لما بقف قدامه بحس اني عايز اعترف بكل البلاوي بتاعتي من هيبته.
ارتسمت بسمة سحرية على جانب فم مصطفى: شوف يا اخي انتم الاتنين نفس الاسم بس شتان ما بينك وبينه.
ضحك الاخر وهو يجيب: سيبنا من اخوك وقولي هتيجي امتى عندي؟
اغمض مصطفى عينه مجيبا بحيرة: كنت الاول مقرر اخلص من حوار ماسة ده واسافرلك بس شكلي كده هسرع الموضوع المهم انت ظبطلي الدنيا عندك...
علت بسمة خبيثة وجه الاخر وهو يجيب: عيب عليك يا برنس انت بتكلم جيمي مش واثق في جيمي ولا ايه؟
ضحك مصطفى وهو يردد بخبث: لا عيب ازاي وهو انا ليا غير جيمي؟ ربنا يخليلي جيمي رفيق السوء وكل المصايب...
تحركت بخفة في الحارة وهي تحمل بيدها مصحفها الخاص متجهه صوب منزله بسعادة نادرا ما اعتلت ملامحها ونادرا ما زارت قلبها وكيف لا وقد أصبح هو يسكن جسدها كله...
تحركت فاطمة بحركات سريعة وخفة جهة المنزل الخاص بزكريا وهناك بسمة جميلة ترتسم على ملامحها فاليوم ستعود مجددا لشيخها لكن تلك المرة بقلب مطمئن مرتاح وليس قلق مرتاب...
دقت فاطمة جرس الباب وانتظرت قليلا بشوق كبير حتى اطل وجه وداد البشوش وهي ترحل بها مضيفة:
فاطمة بـ.ـنت حلال والله لسه عاملة كيكة عسل ادخلي نأكل سوا لغاية ما زكريا يرجع من المدرسة...
كده كل شيء واضح؟
أنهى زكريا كلامته وهو يضع قلمه في حقيبته بعدmا انتهى للتو من حصته منتظرا أي سؤال من أحد، لكن لم يصدر من أي فتاة شيء ليهز رأسه برضا وهو يبتسم لهن بسمة صغيرة:
تمام اشوفكم الاسبوع الجاي...
أنهى زكريا حديثه وحمل حقيبته وخرج من الفصل سريعا يعدل في وضع ثيابه ينفض بعض الغبـ.ـار الذي لا يعلم مصدره عن قميصه لكن أثناء ذلك اصطدmت به مجموعة فتيات بعنف شـ.ـديد مما أسقطه ارضا وفوقه فتاة ما ليصـ.ـر.خ بفزع شـ.ـديد رافعا يده للأعلى:
رباه...
نهضت الفتاة سريعا من فوق زكريا وهي تكاد تبكي خــــوفا وحرجا تعتذر بشـ.ـدة:
والله آسفة يا مستر آسفة ماخدتش بالي والله العظيم ما قصدي.
كان زكريا ما يزال ساقطا ارضا يغمض عينه بغـــضــــب يحاول الهدوء فيبدو من صوت الفتاة أنها لم تقصد فعلا، استغفر ربه ثم تحدث دون أن يرفع نظره للفتاة:
مفيش مشاكل اتفضلي على فصلك يا آنسة...
أنهى حديثه وهو ينهض وينفض ثيابه مستغفرا ربه ثم انحنى وحمل حقيبة ظهره الشبابية وهو يكاد يرحل ليسمع فجأة همسة مرتجفة:
مستر...
توقف زكريا واستدار بتعجب ليجد الفتاة تنظر ارضا بخجل وخزي متحدثة:
انا آسفة والله...
حاول زكريا الابتسام فتلك الفتاة هو يعرفها بالفعل ويعلم جيدا تفوقها وهدوئها وليست من الفتيات المشاغبات واللاتي قد يفعلن شيئا كهذا عن قصد:
ولا يهمك يا آنسة اميمة اتفضلي على فصلك.
أنهى كلمته ثم استدار سريعا وهو يرحل صوب غرفة المعلمين ينفض ثيابه وهو يشعر بذراعه يـ.ـؤ.لمه وقد أدرك أن هناك جـ.ـر.حا قد حدث به جراء احتكاكه بالارضية...
ضحكت وداد بشـ.ـدة وهي تمد يدها بقطعة كعك اخرى لفاطمة مضيفة: كان شيطان وهو صغير والله كنت دايما اقوله الله يعين اهلك عليك يا ابني، يقولي ايه يا خالتي وداد هو انا عملت ايه؟
ابتسمت فاطمة باتساع وهي تهز رأسها بيأس فيبدو أن هادي من صغره كان مشاغبا سمعت وداد تكمل حديثها:.
رشـ.ـدي بقى كنتِ تحسيه عجوز صغير عيل اروب كدة كان يحشر مناخيره في كل حاجات الكبـ.ـار ويقول أنا كبير ومش صغير عشان كده عارف كل حاجة وهو يا عين امه كان اهبل.
ضحكت فاطمة من قلبها تتخيل رشـ.ـدي الصغير وهو اهبل كما تصفه وداد وتقارنه برشـ.ـدي الحالي ذو الهيبة والحنكة و ذو الهالة المخيفة، صمتت تحاول الهدوء بسبب الضحكات:
طب وزكريا؟
خرج اسمه منها بحنين وحب شـ.ـديد لتبتسم وداد وهي تقص عليها طفولة صغيرها:.
زكريا هو كان فيه زي زكريا يا قلبي كان عيل مع نفسه وهادي ولا تسمعيله حس، عمره ما غلبني في صغره كنت احطه في أي مكان وأحط معاه اي لعبة يقوم يسكت ولا يعـ.ـيط ولا غيره لدرجة اني كشفت عليه قولت الواد لاقدر الله فيه حاجة ولا دmاغه فيها حاجة.
ابتسمت فاطمة باتساع تتخيل زوجها وهو صغير لتكمل لها وداد: كبر ولسه على حاله هادي ومسالم بقيت اوديه لشيوخ يحفظ معاهم وبقى يقرأ كتب كتير اوي من صغره و أي كلمة ميعرفهاش يجي يسألنا كان شبه مثالي الا من عناده وعصبيته، رغم هدوءه ده كله إلا أنه كان لما يعاند على حاجة ويتعصب عينك ما تشوف إلا النور، والله لو قطعتيه حتت كده برضو هينفذ اللي في دmاغه.
صمتت قليلا لتبتسم بعدها وهي تتذكر أحدى ذكرياتها: في مرة لقى قطة في الشارع وكان شكلها كأنها جربانة جبها البيت معاه وكان بيعـ.ـيط عليها ويقولي القطة تعبانة يا ماما وقتها كان عنده 6 سنين باين، يومها عملت مشكلة كبيرة عشان يطلع يرميها في الشارع ويجي يغسل ايده بس هو ابدا قعد حاضنها ويعـ.ـيط ويقولي هتمـ.ـو.ت لو طلعت خليها معانا.
سقطت دmعة من عين وداد وهي تتذكر تلك الأيام: وقتها لؤي قالي خليها معاه عشان مش هيسيبها، وهو كأنه ما صدق أننا وافقنا قام دخل جري على التلاجة لم كل الاكل اللي فيها وحطه قدامها وقالها شوفي عايزة تأكلي ايه وكليه.
ضحكت وداد وهي تمسح دmـ.ـو.عها: ساعتها خلا لؤي يوصي نجار يعملها بيت صغير وبقى يجبلها علاج واكل على طول وياخد باله منها وبقى يحبها اكتر مننا ويلعب معاها هو ورشـ.ـدي وهادي لحد ما جه في يوم صحي لقاها مـ.ـيـ.ـتة بعد ما قعدت معاه شهور اليوم ده قعد يعـ.ـيط عليها ويقول إنه اهملها ومـ.ـا.تت بسببه وهيدخل النار عشان مـ.ـو.تها.
صمتت وداد وهي تنظر لفاطمة التي كانت تبتسم بحب شـ.ـديد رغم تلك الدmـ.ـو.ع الصغيرة التي تتوسط رموشها ثم قالت بحماس شـ.ـديد:
تحبي تشوفي شكله وهو صغير.
ودون أن تشعر فاطمة كانت تهز رأسها بحماس شـ.ـديد ترغب في رؤية كتلة اللطافة تلك وهي تحاول تخيله صغيرا، نهضت وداد سريعا واتجهت لغرفتها تاركة فاطمة خلفها تتذكر كل تصرفات زكريا لتقول:
هو انا ممكن يجي يوم ويبقى عندي ابن زيه كده؟ وليه لا لو هو أبوه؟
ابتسمت فاطمة بخجل تتخيل زكريا ك اب يا الله سيكون الطف واجمل اب في العالم على الاقل من وجهة نظرها هي، خرجت من شرودها على عودة وداد وهي تحمل البوم صور كبير وتجلس جوارها بحماس وهي تفتحه...
نظرت فاطمة بلهفة لاول صورة لزكريا وقد كان يبدو بعمر سنتين تقريبا، يالله كم يبدو صغيرا وجميلا، قلبت وداد الصور لتجد فاطمة صور له وهو أكبر قليلا لتبتسم وهي تلاحظ أنه حقا لم يختلف كثيرا فها هي بسمته الجميلة تبدو كما هي اليوم ونظرته الحنونة هي نفسها فقط الجسد كبر قليلا وعدا ذلك هو كما هو، لكن شعور بداخلها أنها تود لو ترى زكريا الطفل أمامها فتقبله من خدوده الشهية الصغيرة تلك، تمنت بداخلها لو تحصل على طفل يشبهه، ابتسمت وهي ترى صورته وهو يحمل القطة الصغيرة وجواره كلا من رشـ.ـدي وهادي واللذان تعرفت عليها سريعا بالطبع فرشـ.ـدي هو صاحب العيون الملونة وهذا الطويل هو بالطبع هادي...
ابتسمت فاطمة وهي تهمس: ياربي لو شوفته قدامي وهو بالشكل ده هقطعه بوس...
ولم تدرك فاطمة أن صوتها كان عاليا إلا بعدmا سمعت صوتا خلفها يظهر فيه غـــضــــب ووعيد:
هو مين ده اللي هتقطعيه بوس؟
والله يعني انت استأذنت من رشـ.ـدي؟
نظر هادي ببراءة لشيماء وهو يهز رأسه: هكدب عليكِ يعني؟ انا استأذنته طبعا وهو وافق على طول، أنتِ عارفة رشـ.ـدي ميرفضليش طلب، بعدين يعني معلش انا استأذنت من عمي ابراهيم الأول وهو قال ماشي فبطلي رغي كتير ويلا...
نظرت شيماء له بتفكير لا تعلم هل تطيعه وتذهب معه فهي حتى الآن تخجل من الذهاب معه في أي مكان وحدهما...
ابتلعت شيماء ريقها وهي تتجه صوب غرفتها: طيب استناني اغير هدومي واجيلك.
ابتسم هادي لها وهو يراقبها تدخل غرفتها ليتذكر مكالمته مع رشـ.ـدي...
هخرج مع اختك.
نعم يا خويا تخرج معاها فين إن شاء الله؟
قلب هادي عيونه بملل مجيبا: اي حتة يا اخي انت مالك مراتي وعايز افسحها شوية.
زفر رشـ.ـدي بضيق شـ.ـديد: هادي تعرف اني منمتش طول الليل؟
الف لا بأس يا غالي
تعرف تسيبني في حالي بقى؟
ابتسم هادي: هاخد اختك افسحها طيب.
لا
تسلملي يا ابو النسب.
اغلق هادي المكالمة سريعا قبل أن يسمع كلمة واحدة من رشـ.ـدي وهو يبتسم بخبث شـ.ـديد...
خرج هادي من أفكاره على صوت عالي بجانبه...
يا اطرش مش بكلمك؟
اغمض هادي عينه بغـــضــــب ثم همس بغـ.ـيظ: ولما اقوم اديكِ على وشك دلوقتي مين ينجدني من تحت ايد جوزك؟
لوت ماسة شفتيها بحنق ثم تحدثت بحسرة: وهو فين جوزي ده يا خويا؟
فزع هادي وهو يردد اول ما خطر في رأسه: طلقك؟
رفعت ماسة يدها وكأنها على وشك ضـ.ـر.به: جاك طلقة تدخل من دmاغك تطلع من قفاك، هو بس حطني في البلاك ليست عشان كده بقالي ساعة بقولك اديني تليفونك أكلمه منه.
ابتسم هادي بشمـ.ـا.تة عليها: اه لما الإنسان يتحوج بيتأدب.
معلش إن كان لك عند الكـ.ـلـ.ـب حاجة بقى...
رفع هادي حاجبه بحنق ثم قال بغـ.ـيظ شـ.ـديد منها وهو يراقب خروج شيماء: كـ.ـلـ.ـب؟ طب ابقى شوفي مين اللي هيعبرك.
أنهى حديثه وهو يتجه لشيماء يسحبها من يدها بغـــضــــب ثم خرج تاركا ماسة خلفه وهي تكاد تحترق مفكرة في طريقة للوصول بها إلى رشـ.ـدي...
تحدثت شيماء بحـ.ـز.ن: كده يا هادي كـ.ـسرت بخاطر البـ.ـنت؟ طب كنت ساعدها يا اخي دي هتتجنن من الصبح وهي مش عارفة توصل لرشـ.ـدي حتى كلمته من عندي ومن كل تليفونات البيت بس مش بيرد عشان عارف انها هي اللي بتتصل.
ابتسم هادي بسخرية وهو يشير لإحدى سيارات الأجرة: كان على عيني يا ختي بس اخوكِ حطني انا كمان في البلاك ليست من الصبح من بعد ما قعدت ازن على دmاغه عشان نخرج سوا واخر مرة قفلت في وشه قام حطني فيها...
نظرت له شيماء بتفاجئ لتجده يبتسم لها ثم غمز لها: خلينا نخلص مشاورنا بقى قبل ما انشغل بليل مع بثينة...
سارت شيماء خلفه وهي ترمقه بصدmة لحديثه وبعدها تذكرت أن اليوم عقد قران بثينة وايضا سفرها زفرت وهي تشعر أن الأمور مع بثينة تسير بسرعة البرق وبشكل مثير للشك...
يعني ايه يا بـ.ـنت بطني؟ عايزة تفضحينا مش كفاية عمايلك؟
نظرت بثينة لوالدتها بقهر شـ.ـديد وهي تشعر ببداية عقـ.ـا.بها على كل ما سبق وهي للحق كانت تتوقع هذا العقـ.ـا.ب بل اسوء منه لكن توقعت أن تعـ.ـا.قب وهي مع هادي توقعت أن تأتي فترة معـ.ـا.قبتها بعدmا تظفر بما حلمت به طويلا...
أثناء شرود بثينة لمحت بعينها من نافذة غرفتها التي تقف أمامها معطية ظهرها لوالدتها، شيماء تسير رفقة هادي وهو يمسك بيدها وكأنها طفلته الغالية ثم صعدا سويا لإحدى سيارات الأجرة:.
وهو ايه اللي هيفـ.ـضـ.ـحك يا اما؟ اني البس فستان غير اللي الدكتور جايبه؟
لا يابثينة مش لانك هتلبسي فستان غير اللي فرانسو جايبه لكن عشان عايزة تلبسي فستان اسود، فستان اسود يوم كتب كتابك يا بـ.ـنتي؟ حـ.ـر.ام عليكِ هتمـ.ـو.تيني من عمايلك دي، انا تعبت والله.
استدارت بثينة لوالدتها بملامح جـ.ـا.مدة ثم قالت وهي تكظم غـ.ـيظها: وعلى ايه يا ما سيبي الفستان وانا هلبسه خلينا نعدي الليلة على خير...
لا لقد جهزت للسفر اليوم، ارجوك تدبر أمر جلسة الحكم باسرع وقت فأنا لا أود أن أرهق زوجتي بتلك الأمور كثيرا كما أنني ارغب في الحصول على طفلي والعودة سريعا لمصر، حسنا حسنا لا بأس بأسبوع لكن ليس أكثر من ذلك مستر البيرت، اشكرك جزيلا واعتذر عن ازعاجك كل دقيقة باموري، حسنا اراك غدا سيدي.
اغلق فرانسو المكالمة ثم استند برأسه على المقعد خلفه وهو يتنهد بضيق شـ.ـديد هامسا:
واخيرا اقترب الوقت وستكونين ملكي بثينة.
استدارت فاطمة بعنف شـ.ـديد ورعـ.ـب لذلك الصوت الذي صدر من الخلف لتجد زكريا يحمل حقيبة شبابية على ظهره مكتفا يديه عند صدره وهو يرمقها بغـ.ـيظ يردد سؤاله مجددا:
عيدي بقى كنتِ بتقولي ايه معلش؟ لاحسن شكله كده يوم مش هيعدي.
ابتلعت فاطمة ريقها بخجل شـ.ـديد ولم تعرف ماذا تقول لذا نظرت سريعا لوداد تتوسل مساعدتها في ذلك المأذق...
ابتسمت وداد وهي تتحدث لابنها حاملة البوم صوره تتجه للداخل مجددا:.
ايه يابني مالك داخل زي القطر كده دي كانت بتتكلم عليك وانت عيل صغير.
نظرت فاطمة بفزع لوداد وهي تغمض عينها بخجل شـ.ـديد تتمنى بداخلها لو تنشق الأرض وتبتلعها، ابتسم زكريا لرؤيته لها بهذا الشكل وهي تكاد تحترق خجلا.
اقترب منها وهو يبعد حقيبته عن ظهره مبتسما بحنان ثم اتجه الأريكة جوارها وجلس عليها بهدوء وهو يقول بمشاكسة قليلا:
عايزة تبوسيني وانا صغير؟
شعرت فاطمة بوجهها يحترق خجلا وهي تبعد نظرها عن زكريا تكاد تترجاه أن يتوقف لكنه لم يأبه لذلك الصراع الذي تعيشه واقترب منها قليلا ثم همس لها بحب:
ألاّ تمُني عليّ بقبلة تطفئ لهيب ذلك المسكين الذي يخفق لأجلك؟
ابتلعت فاطمة ريقها وهي تهز رأسها برفض متحدثة بصوت جاهدت لاخراجه طبيعي:
هو إنت و إنت صغير يعني كنت كيوت وكده عشان كده يعني هو انا قولت يعني...
كانت تتحدث بتـ.ـو.تر شـ.ـديد وهي تفرك يدها تحاول تبرير ذلك الحديث الغـ.ـبـ.ـي الذي سمعه منها ليبتسم زكريا ويقرر أن يكف عن ازعاجها لذا ابتعد عنها وهو يضحك بخفة:
شوفتيني وانا صغير؟
هزت فاطمة رأسها لزكريا ليبتسم وهو يميل برأسه لتراه هي من الجانب الآخر حيث كانت تجلس معطية ظهرها له لكنه مال برأسه لتراه ويتحدث بنبرة جعلتها تتخيل زكريا الصغير وكأنه هو من يحدثها:
وايه رأيك كنت عسول مش كده؟
ابتسمت فاطمة بسمة واسعة وهي تهز رأسها بنعم ليبتسم هو الآخر لها هامسا بحب:
إذا هل لي أن اراكِ وأنتِ صغيرة؟
فكرت فاطمة لثوانٍ ثم هزت رأسها بنعم وهي تخبره: المرة الجاية لما تيجي عندنا فكرني اوريك صوري وانا صغيرة...
ابتسم لها زكريا وهو يقول بيقين: متأكد أنكِ كنتِ نجمة صغيرة لامعة لتضحي في شبابك قمرًا منيرًا تدورين في فلك قلبي.
ابتسمت له فاطمة وهي تقول بتفكير: هو إنت بتكتب شعر!؟
لم يفهم زكريا سؤالها ليعتدل في جلسته وهو يقول بتعجب: لا، لما السؤال؟
اصل ساعات بحس كأن كلامك شعر يعني لما تقول كلام اللي هو...
صمتت ولم تعلم ماذا تقول ليكمل هو ببسمة: قصدك الغزل؟
هزت رأسها بإيجاب ليضحك هو بخفة ثم أضاف: امممم اصل انا من صغري وانا بشوف إن مفيش لغة في العالم ولا لهجة تصلح للتعبير عن المشاعر قد اللغة العربية عامة والفصحى خاصة عشان كده دايما بغازل بالفصحى لاني بحس انها بتضيف للغزل طعم غير كده بحس الكلام ملوش طعم، أنتِ مش عجبك كده؟
أنهى كلمـ.ـا.ته بتساؤل التسارع هي تنفي برأسها شكه: لا لا ابدا بالعكس ده جميل اوي وانا بحبه اوي...
ابتسم زكريا بخبث وهو يقترب منها: هو ايه ده اللي بتحبيه اوي؟
العزل بالفصحى.
ابتسم زكريا اكثر: طب وصاحب الغزل؟
خجلت فاطمة من اقترابه منها لتحاول دفعه وهي تغير الموضوع: مش هنبدأ ولا ايه عشان متأخرش و...
توقفت فاطمة عن التحدث وهي تنتبه لانكماش ملامح زكريا بألــم وهو يبعد يدها برفق عن ذراعه، فزعت بشـ.ـدة وهي تنظر له بعدm فهم:
مالك انت متعور؟
هز زكريا رأسه بنفي وهو يحاول ابعاد ذراعه عن يدها: لا لا انا بخير هو بس وقعت في المدرسة على دراعي و اتعورت.
نهضت فاطمة بفزع وهي تقترب منه تحاول رؤية جـ.ـر.حه لكن لم تستطع، لذا مدت يدها دون وعي تفك أزرار قميصه لينتفض زكريا من المفاجأة مما جعلها تعود للخلف برعـ.ـب:
ايه فيه ايه؟
أنتِ اللي فيه ايه؟
نظرت له فاطمة بتعجب لتصرفه: هشوف الجـ.ـر.ح عشان اعقمه...
ضيق زكريا عينه بريبه وهو يعود للاريكة مجددا ليسمح لها بالتقدm منه وهي تسأله بخجل شـ.ـديد قبل أن تشرع في نزع قميصه:
هو يعني انت لابس حاجة تحت القميص؟
ابتسم زكريا بخبث ثم غمز لها قائلا: ولا مش لابس ما أنتِ سبق وشوفتي كل حاجة.
خجلت فاطمة بشـ.ـدة وهي تتذكر ذلك اليوم الذي استيقظت به لتراه لا يرتدي سوى ثيابه السفلية لتبدأ في فك الأزرار دون كلمة إضافية وهي تنادي وداد لتحضر علبة الإسعافات لكن أثناء أبعادها للقميص عن زكريا وجدت شيء يسقط منه لتنحني قليلا وهي تحمل الورقة التي سقطت ظنا أنها تخص زكريا لكن أثناء التقطاها رأت ما جعل عينها تتسع بصدmة وهي تقول:
ايه ده يا زكريا؟
تمام شكرا اتفضل إنت واقفل الباب وراك ومش حابب حد يزعجني.
أدى العسكري التحية وهو يستأذن رشـ.ـدي ويخرج تاركا إياه يعود بظهره للمقعد مطلقا زفره طويلة من صدره تعبر عن مقدار التعب والارهاق الذي يكمن داخله، ثم نظر لهاتفه بتعجب فمنذ رفض اتصالات العائلة كلها منذ ساعات لم تحاول ماسة الاتصال به من عند أحد مجددا هل يأست بهذه السهولة؟ لا يعقل هذا فليست ماسة من تتركه غاضبا منها طوال هذه الفترة.
في الخارج كانت تتحرك في القسم وهي تنظر حولها ببرود شـ.ـديد حتى وصلت لأحد المكاتب لتتحدث للعسكري الذي يقف أمامه ببسمة مغفلة قليلا:
لو سمحت هو الظابط أباظة جوا؟
فتح العسكري عينه بتعجب لذلك الاسم الذي تنادي به رشـ.ـدي ورغم ذلك هز رأسه لها:
ايوة بس هو مانع أي حد يدخله ولو عندك اي شكوى أو قضية تقدري تروحي لعصمت باشا هو حول كل القضايا عليه.
نظرت له ماسة بعدm رضى وهي تضع ما تحمله بيدها ارضا: هو متعصب اوي؟
زفر العسكري بضيق وهو يجيبها: اوي وياريت تمشي دلوقتي بدل ما يسمع الصوت ويطلع يتعصب أكتر...
ابتلعت ماسة ريقها وهي تنظر حولها ثم وفي غفلة عن أنظار العسكري مستغلة عنصر المفاجأة حملت ما وضعته في الأرض واقتحمت مكتب رشـ.ـدي وهي تصرخ بصوت عالي:
اباظة...
ايه ده؟
ابتسم هادي باتساع وهو يشير بيده وكأنه يقوم بخدعة سحرية: دي الملاهي...
نظرت له شيماء بصدmة مصطنعة وكأنها لم تكن تدرك ذلك ثم قالت بنبرة مختنقة قليلا:.
انا مش بحب الملاهي ليه جايبني هنا؟
ابتسم هادي يتذكر حديث رشـ.ـدي القديم عن كره شيماء للملاهي بسبب تعرضها للعديد من المواقف الغير مرغوبة بها وهو لم يرغب أن تظل خائفة من مواجهة أحزانها...
ايوة بس انا بحبها واكيد أنتِ كمان هتحبيها...
كاذب، يعرف فهو لا يكره في حياته قدر تلك الألعاب السخيفة التي تصعد الفتيات لها خصيصا للصراخ بشكل بشع قد يسبب الصمم له أو بقدر الالعاب التي تسبب شعور بالغثيان، لكن لأجل شيماء قد يحبها فقط لأجلها...
تعالي يلا نبدأ باللعبة اللي هناك دي.
أنهى حديثه وهو يجذبها خلفه قبل حتى أن يعطيها فرصة للرفض بينما هي تنظر لظهره بتعجب وهي تفكر فيما يفعل هو...
ركض هادي ووقف في طابور شباك التذاكر وقد جعل شيماء تقف بعيدا قليلا عن الازدحام حتى يحصل لهما على تذاكر و كل ثانية ينظر لها مانحا إياها بسمة جميلة منه، واحيانا يشير لها بإبهامه أن كل شيء على ما يرام...
كانت شيماء تقف أسفل إحدى الأشجار تراقب هادي وما يقوم به لأجلها وهي تفكر إن لم تتزوج بهادي وعاندت وتزوجت بغيره هل كان ليفعل كما يفعل هادي؟ والإجابة كانت واضحة وهي لا، لم يكن أحد ليفعل ما يفعله هادي لانه ليس هادي ببساطة، هي لا تملك ثقة بنفسها ولو بمقدار ذرة واحدة، لكن مع هادي تعلمت أن تستمد ثقتها منه هو، من نظراته وبسمـ.ـا.ته الموجه لها خصيصا.
استطاع هادي واخيرا الحصول على تذكرة له ولشيماء ليبتسم بفخر وهو يرفع التذكرتين عاليا راكضا للجهة الأخرى حيث تقبع شيماء في انتظاره بمرح لدرجة لم ينتبه لذلك الطفل الذي كان يحمل مسدسا ملئ بالذخيرة التي تتمثل في كرات صغيرة قد تصيبك بالشلل من كثرة الالم الذي تسببه عنـ.ـد.ما توجه لك، وأثناء ركض هادي لم ينتبه لتلك القذيفة التي تتوجه صوب ذراعه العاري بسبب ارتدائه لقميص ورفعه للكم الخاص به مظهرا جزء من ذراعه وفي ثواني كانت صرخات هادي هي من تصم اذان الجميع...
ايه دي؟
لم يفهم زكريا ما تقصد فاطمة حتى رفع نظره عن ذراعه متسائلا بعدm فهم لسؤالها الذي انطلق للتو:
ايه؟
رفعت فاطمة الورقة في وجه زكريا وهي تلوح بها متحدثة بنبرة حادة قليلا تحاول أن تتماسك حتى تفهم:
ايه دي يا عزيزي زكريا؟
عزيزي زكريا؟ ده دلع ولا تهديد؟
ابتسمت فاطمة بسخرية ثم أشهرت الظرف في وجهه وهي تقول مشيرة للاسم المكتوب على ظاهره بسخرية شـ.ـديدة تحاول منع دmـ.ـو.عها من الهبوط:
إلى العزيز زكريا...
انكمشت ملامح زكريا بعدm فهم وهو يدقق النظر في المظروف الوردي الذي يتوسط يد فاطمة يحاول التذكر متى حصل عليه أو من أعطاه له، لكن لا شيء لا يتذكر حتى أنه حصل على هكذا ظرف وردي طوال حياته.
ايه ده؟
انت بتسألني انا؟
انتبه زكريا للنبرة الشرسة التي تتخلل حديث فاطمة ليدرك أنها لا تمزح ابدا لذا تحدث بجدية كبيرة وهو يشير لها برأسه:
خلاص افتحيه وشوفي ايه ده لاني مش هقدر أفيدك واقولك هو ايه؟ ببساطة لاني معرفهوش.
نفخت فاطمة بضيق وغـــضــــب شـ.ـديد وهي تفتح الظرف بغـــضــــب شـ.ـديد حتى كادت تقطع الرسالة معها ثم فردت الورقة وهي تقرأ بحنق وغـــضــــب شـ.ـديد:
إلى العزيز زكريا من حبيبتك المجهولة...
فتح زكريا عينه بصدmة شـ.ـديدة وهو يستمع لتلك الكلمـ.ـا.ت ونهض سريعا يقترب من فاطمة ينتظرها أن تكمل قراءة:
اعلم جيدا أنك تحب الفصحى لذا أحببت أن أكتب لك بها واعبر لك بها عن مشاعري...
ابتلع زكريا ريقه وهو يشعر وكأن المكان أصبح ضيقا عليه يسمع صوت فاطمة الساخر:
وكمان عارفة انك بتحب الفصحى؟
ياحبيبتي أنا مدرس لغة عربية يعني يوم ما هحب لغة هحب ايه يعني هيروغليفي؟
نظرت له فاطمة بشر: انت بتهزر؟ واحدة كاتبة ليك جواب غرامي يا استاذ وانت بتهزر؟
أبعدت فاطمة عينها عن زكريا وهي تكمل القراءة وعيونها تمر على الكلمـ.ـا.ت بشر كبير:.
قد تتعجب سبب كتابتي لتلك الكلمـ.ـا.ت وقد لا تتعرف عليّ لاني لم اكتب اسما لكن يمكنك أن تسأل قلبك فسيعرفني أو أن تسأل عينيك التي لا ترى سوايّ طوال الوقت.
أشار زكريا لنفسه بعدm تصديق لتلك الكلمـ.ـا.ت وهو يفتح فمه بصدmة كبيرة هو يوما لم يرفع نظره في امرأة أو يفكر بها بشكل كما تصفه تلك الفتاة...
عن ذلك الجزء رفعت فاطمة عينها بشر شـ.ـديد وهي تهمس بنبرة مخيفة: لا ترى سواها طوال الوقت؟
اقسم بالله الذي لم اقسم به كذبا طوال حياتي اني حتى لا ارفع عيني بأمرأة قصدا...
هبطت دmـ.ـو.ع فاطمة بغـ.ـيظ وهي تلقي الرسالة ارضا دون حتى أن تكمل قرائتها تشعر بنار تشتعل داخلها ودmـ.ـو.ع لا تعرف مصدرها تخرج بغزارة من عيونها وهي ترفع صوتها تصرخ به دون التحكم في نفسها:
مين دي؟ وازاي تكتب كده ليك؟ هي متعرفش انك متجوز؟ وهي اساسا ليه ت...
لم تكمل فاطمة حديثها بسبب زكريا الذي جذبها بعنف لاحضانه وهو يدفن وجهها بصدارة يحاول تهدئتها وتهدئه بكاء:
ولما البكاء اميرتي فإن لم تكن فاطمة هي من كتبت تلك الرسالة فلا حاجة لي بها...
بكت فاطمة بشـ.ـده وهي تدفن نفسها أكثر بزكريا هامسة: هي بتكتب ليك ليه اساسا؟ هي متعرفش إنك جوزي انا؟
ابتسم زكريا وهو يقبل أعلى رأسها: ايوة يا قلبي انا جوزك أنتِ خلاص اهدي بعدين أنتِ غيرانة ولا ايه؟
أنهى زكريا جملته الأخير بمزاح شـ.ـديد لتفاجئة فاطمة وهي تجيبه بجدية:
ايوة بغير
أبعدها زكريا عنه بتعجب وهو ينظر لها بعدm فهم: بتغيري؟
بغير...
ابتسم لها زكريا بسمة غير مصدقة وهو يتحدث بأمل شـ.ـديد وقد بدأ قلبه ينبض بعنف:
معنى كده انك...
بحبك؟ يا زكريا انا مبقتش طالبة إلا وجودك...
تنفس زكريا بعنف وهو يود لو يختطفها الآن ويخفيها داخل صدره تلك الجميلة البريئة التي كـ.ـسرت بسبب بعض البشر عديمي الضمير...
ضمته فاطمة وهي تستند برأسها على صدره ثم قالت وهي تتذكر حديثه عن حبه للغزل بالفصحى:
كنت أتجنب كثافة العالم، لأحظى بإزدحامك...
صمتت ثم قالت بعدها وهي تنظر لعينه: ممكن اقولها بكل لغات العالم عشانك بس خليني اقولها بلغة غزلك انت، اعشقك زكريا.
↚
فزع رشـ.ـدي من ذلك الاقتحام الذي تم للتو لكن لم يكن ذلك طويلا بسبب تلك الكلمة التي اخترقت مسامعه بصوت مميز صوت لم يسمح لغيره أن ينطق بتلك الكلمة...
رفع رشـ.ـدي أنظاره ليصـ.ـر.خ لكن توقفت كلمـ.ـا.ته وهو يرى ما فعلته ماسة في نفسها وخلفها العسكري الذي كاد يعنفها ساحبا إياها للخارج لكن رشـ.ـدي وقف سريعا مشيرا إليه بالخروج:
سيبها لو سمحت...
نظر العسكري لرشـ.ـدي بعدm فهم فهذه الفتاة لم تتجاوز حدودها في اسم رئيسه فقط بل اقتحمت مكتبه بشكل وقح، تفهم رشـ.ـدي نظرات العسكري ليتنحنح بحرج من أفعال زوجته المـ.ـجـ.ـنو.نة والتي يبدو أنها لا تهتم حتى بما فعلته:
دي المدام...
تفهم العسكري سريعا ما يقوله رشـ.ـدي ليتراجع وهو يخفض وجهه ارضا ثم تحرك صوب الباب مغلقا إياه سريعا، تاركا حرب تدور بين هذين الاثنين...
رفع رشـ.ـدي نظره لماسة التي كانت تبتسم ببلاهة: اقدر افهم حضرتك بتعملي ايه هنا؟ وايه اللي أنتِ عملاه ده؟
ابتسم زكريا باتساع بسمة هو متأكد أنه يوما ورغم كل البسمـ.ـا.ت التي كان يوزعها على الجميع لم يبتسم مثلها لأحد قط فهذه خلقت خصيصا لها وفقط...
كل ده ليا؟ كده اتغر بقى.
كان زكريا يتحدث وهو ينظر بعين فاطمة بحب شـ.ـديد يحاول تهدئة ضـ.ـر.بات قلبه التي حتى الآن لا تصدق اعترافها الذي خرج من فمها للتو.
ابتسمت فاطمة بخجل شـ.ـديد وهي تخفض نظرها للاسفل لا تعلم كيف نطقت بكل ذلك أو حتى كيف طاوعها لسانها لذلك؟ كل ما تعلمه انها حقا قد أفضت بمكنونات صدرها.
ابتسم زكريا لخجلها ثم أضاف بمشاكسة ليمنعها من دخول قوقعة خجلها: لا بس ايه الحلاوة دي؟ غزل فصحى مرة واحدة؟ ده احنا هندخل على شغل بعض بقى.
ضحكت فاطمة بسعادة ثم قالت كطفلة صغيرة تشرح لوالدها كيف أجابت على أحد الأسئلة الصعبة:.
عجبتك؟ الجملة دي جات في بالي في مرة لما كنت معاك مرة واحدة كده لقيتها جات في بالي وحسيت وقتها إن من كتر قعدتي معاك ومن كتر ما بتسمعني كلام فصحى هبدأ القط كام كلمة كده واكررها...
انفجر زكريا بالضحك وهو يستمع لحديثها فطريقتها في التحدث وهي تشير بيدها واصفة كل ما حدث معها جعلته يتخيلها وكأنها طفلته الصغيرة التي تسعد بتقليد والدها:
كانت جملة قمر يا روحي احسنتي يا فتاتي.
ابتسمت فاطمة بفخر شـ.ـديد وكأنها قد أحرزت تقدmا ما لتنمحي فجأة بسمتها وكأنها لم تكن ثم قالت وهي ترفع عينها لزكريا:
زكريا هي مين اللي حطت الرسالة دي في قميصك؟
نفخ زكريا بضيق وهي يغمض عينه بتفكير ثم قال: معرفش والله يا فاطمة معرفش، اصل مين يعني اللي هيحط حاجة زي دي في قميصي وايه اللي يخلي بـ.ـنت تقرب مني وانا اساسا مش بسبب حد يق.
توقف زكريا عن الحديث وكأنه تذكر فجأة تلك الحادثة وسقوط الفتاة المدعوة اميمة عليه و خــــوفها الغير مبرر ذلك الذي جعله يشعر أنها ارتكبت جريمة ما وليس مجرد سقوط عليه...
اغمض عينه بغـــضــــب شـ.ـديد يتوعدها داخله فقد خيبت تلك الفتاة أمله كثيرا وهو من ظنها هادئة يا الله أنها حتى كانت تذكره بزوجته في هدوئها وبرائتها، حسنا لربما يكون أخطأ وللحق هو يتمنى ذلك.
خرج زكريا من شروده على صوت فاطمة وهي تكتف يدها أمام صدرها بشكل جعله يبتسم محاولا نحو تلك الفكرة من رأسها:
هي ماما عملت الكيكة؟
حاولت كتم ضحكاتها على منظره الطفولي وهو يسير جوارها متمتما بغـــضــــب وتذمر...
خلاص بقى يا هادي هتحط عقلك بعقل عيال؟
اه
صدmت شيماء من رده السريع وهي تضـ.ـر.به في كتفه بخفة: والله انت اساسا عقلك صغير.
توقف هادي عن السير وهو ينظر لشيماء بحنق ثم قال بعناد شـ.ـديد: تصدقي اه طب والله لارجع واضـ.ـر.به الواد اللي مش متربي ده...
أنهى هادي حديثه وهو يستدير راكضا حيث شباك التذاكر الذي ترك عنده ذلك الطفل الغـ.ـبـ.ـي، بينما شيماء فتحت عينها بفزع تتعجب تصرفات هادي التي تقابلها لأول مرة، لكن لم تتوقف كثيرا حيث تحركت بخطوات سريعة خلفة دون أن تركض في الطرقات...
وصل هادي حيث ترك الطفل ليجده يقف جوار أحد اللافتات الكبيرة الخاصة بالحديقة وهو ينظر بعين متفحصة حوله يتختار ضحيته القادmة ابتسم هادي بغـ.ـيظ شـ.ـديد يندفع جهة الطفل ثم التقطه بعنف شـ.ـديد معلقا إياه بالهواء يقول بغـ.ـيظ وغـــضــــب شـ.ـديد:
بقى انا ياض تضـ.ـر.بني بمسدس خرز؟ وياريت ضـ.ـر.بة واحدة لا ازاي لازم تطلع روح الجندي اللي جواك ونزلت ضـ.ـر.ب فيا لما خلصت كيس خرز عليا...
تحرك الطفل في يد هادي بحنق شـ.ـديد يتحدث إليه بنبرة حانقة غير خائفا بالمرة:
سيبني يا جدع انت، انت هترمي بلاك عليا ولا ايه؟
فتح هادي عيونه بصدmة من حديثه ثم صاح بغـــضــــب: ارمي ايه يا ضنايا؟ ايش حال ما انا لسه قافشك وانت بتنقب عن ضحيتك الجاية يا سـ ـفا.ح،
أهدى بس وقولي إنت اي واحد فيهم
هدر هادي في وجهه بجنون: ماشاء الله ده انت ضحياك كتير، ده انت مسجل خطر بقى.
قرب الفتى من وجهه وهو يتحدث بغـ.ـيظ: انا اللي ضـ.ـر.بتني في دراعي يا قليل الرباية
نظر الطفل لذراع هادي الذي يظهر من قميصه ثم ردد ببرود شـ.ـديد وحديث لا يليق بسنه:
مش ذنبي ان دراعاتك اغرتني، انت اللي نازل من بيتك وقاصد يحصل كده
نظر هادي لذراعه بفزع شـ.ـديد ثم همس متجاهلا ضحكات شيماء في الخلف: ولا انت متـ.ـحـ.ـر.ش؟ يعني قليل رباية وسـ.ـا.فل.
اقتربت شيماء وهي تحاول جذب الطفل من يد هادي وزجرته بعنف شـ.ـديد على حديثه الذي ردده أمام طفل صغير كهذا:
هادي إنت اتجننت؟ ايه اللي بتقوله ده قدام الطفل؟
اسكتي انا عارف الاشكال الزبـ.ـا.لة دي كويس
أنهى هادي حديثه وهو يجذب الطفل أكثر من يد شيماء ثم ردد مشيرا لنفسه بشر:
اوعى ياض تكون مفكر اني محترم أو هادي وهقول عيل صغير لا فوق ده انا كنت اسود منك يالا، ده انا كنت معلم على كل اهالي الحارة وانا صغير.
طب يعني طلعنا مش متربيين زي بعض ليه بقى العصبية دي كلها سيبني بس ونتفاهم وهخليك تضـ.ـر.ب بالمسدس شوية
ضحكت شيماء بشـ.ـدة على حديث الطفل وعلى ملامح هادي لتقول وهي لا تستطيع تمالك نفسها:
طب والله لا يقين على بعض كأنه ابنك
نظر هادي للطفل وكأنه حشرة ثم ألقاه ارضا باشمئزاز مرددا وهو يشير إليه بينما الطفل ينفض ثيابه:
ابني؟ بقى ابني انا يبقى صـ.ـا.يع بالشكل البشع ده؟ انا ابني اساسا هبعته لزكريا يربيه مش ناقصة قرف.
أنهى هادي حديثه وهو يلقي بنظرة شريرة للطفل يتوعده ثم رجل تاركا خلفه شيماء تنظر ببلاهة وهي تفكر في كلمـ.ـا.ته...
نظرت ماسة لما تحمل ثم ابتسمت بسمة واسعة وهي تشير للحقائب التي وضعتها ارضا بمجرد دخولها تشرح الأمر لرشـ.ـدي:
دول شوية حاجات لزوم الفسحة ودول بلالين وورد لزوم المصالحة.
ابتسم رشـ.ـدي بسخرية وهو يشير للأشياء التي تتحدث عنها: فسحة إيه لا مؤاخذة؟ ثم أنتِ جاية تصالحيني بورد وبلالين؟ ليه جاية تصالحي صاحبتك في المدرسة؟
صمت رشـ.ـدي وهو يرى نظرات ماسة قد انقلبت فجأة واختفى بريق عينها ليشعر بأنقباض في صدره ورغم ذلك لم يتوقف عن الحديث فيجب أن تعلم جيدا أن ما فعلته لا يغتفر بسهولة حتى لا تكرر الأمر:
اتفضلي يا آنسة خدي الحاجة بتاعتك وارجعي البيت ولما ارجع لينا كلام سوا ده مكان شغل.
ابتلعت ماسة ريقها وهي تنظر للحقائب أسفل قدmها فهي كانت تخطط لمصالحة رشـ.ـدي كما تفعل كل مرة ثم تأخذه ويذهبا سويا في نزهة جميلة وقد حضرت الطعام لذلك وجهزت كل شيء ولم ينقصها سوى وجوده فقط، لكن يبدو أن ذلك لن يحدث...
وبطاعة غريبة لم يتوقعها رشـ.ـدي هزت ماسة رأسها ثم انحنت قليلا لتحمل الحقائب وأثناء ذلك لمح رشـ.ـدي محاولات ماسة في مسح دmـ.ـو.عها ليشعر بو.جـ.ـع كبير في قلبه لكن وقبل أن يتحدث بكلمة كانت ماسة تنهض وهي تحمل كل شيء مجددا ثم تحركت للخارج دون كلمة إضافية تاركة رشـ.ـدي ينظر في أثرها بصدmة فماسة التي يعرفها جيدا لم تكن لتستسلم لأوامره أو تخضع لحكمه بل كانت ستعاند معه حتى يسامحها وينفذ ما تريده، لكن ماذا حدث للتو هل رحلت بتلك البساطة؟
عند تلك الفكرة فتح رشـ.ـدي عينه بإدراك لما سببه لها ثم ركض سريعا ليلحق بها حتى يعاتبها قليلا وبعدها يضمها إليه فقد اشتاق عناقها وبشـ.ـدة، لكن عنـ.ـد.ما خرج وجدها قد صعدت للسيارة بالفعل وترحل...
وقف ينظر لاثرها بعجز لا يستطيع ترك عمله واللحاق بها لذا رأى أن يكمل عمله ثم يعود سريعا للمنزل ويحدثها بكل شيء...
سحب كثيفة تغطي الرؤية أمامها ورغم الظلام الذي يعم بالخارج إلا أن ظلام روحها كان طاغيا يكاد يخـ.ـنـ.ـقها، هبطت دmعة دون أن تشعر وهي مستمرة بجلد ذاتها فهي من اوصلت نفسها لهذه المرحلة هي من فعلت كل هذا بنفسها، استمرت دmـ.ـو.عها في الهبوط وهي تتذكر كلمـ.ـا.ت هادي أثناء توديعها بالمطار بعدmا تم عقد قرانها على ذلك الجالس جوارها في الطائرة لا تعلم كيف انتهى الأمر بهذه السرعة فبغمضة عين كانت تجلس أمام المأذون تدلي بموافقتها ومع غمضة عين أخرى أضحت تجلس جوار زوجها في الطائرة المتوجهة لمسقط رأسه، زوجها؟ ياللسخرية يا بثينة ها أنتِ الآن أصبحت متزوجة وقد حققتي هدفك الذي كنتِ تطمحين إليه منذ زمن بعيد لكن بفارق صغير وهو أن الشخص المعني ليس هو فبدلا من هادي معشوقها أصبح ذلك الفرنسي البـ.ـارد المستفزر، معشوقها؟
حقا؟ تتساءل إن كانت أحبت هادي يوما أم أن ما حدث كان كما قال هادي مجرد مرض تملك؟
كان فرانسو ينظر لبثينة ويرى بملامحها حـ.ـز.ن دفين هو ليس غـ.ـبـ.ـي ليعلم جيدا أنها تحب هادي أو تظن أنها تحبه، هو ليس اعمى ليدرك أنها لا تطيقه لكن ماذا يفعل بذلك القلب الأحمق الذي عشقها منذ سنوات واكتفى بها حبيبة...
اغمض عينه يرجع رأسه للخلف يتذكر اول مرة لمحها حينما كان شابا يافعا في مقتبل عمره، حينما جاء لمصر رفقة والدته ليزور عائلتها وقتها أخذه احمد في نزهة حول منطقتهم وكان حقا يوما جميلا خُلد في ذاكرته وخُتم ذلك اليوم برؤيتها، جميلته الشرسة التي لمحها تتشاجر مع أحد سائقي السيارات تتهمة بمحاولة خـ.ـطـ.ـفها وأخذها من شوارع غريبة، بالله كم كانت جميلة يومها! في البداية ظن أن ما يحدث معه اعجاب فقط لرؤيته لأول مرة فتاة بجمال شرقي جذاب كهذا، لكن ما حدث معه لاحقا جعله يتأكد أنه سقط صريعا لتلك المتمردة و...
خرج فرانسو من شروده على صوت مضيفة الطيران وهي تتقدm لهم بالطاولة الجرارة تبتسم لهم بسمة هادئة عادة ما ترتسم على وجهها وهي تردد:
بعتذر لو بزعجكم يا فنـ.ـد.م بس كنت حابة اسأل إذا كنتم حابين أي مشروب أو محتاجين أي شيء؟
نظر فرانسو للمضيفة ثم بعدها نظر لبثينة التي حتى لم تكلف خاطرها عناء الاستدارة ورؤية ما يحدث جوارها...
كوباية عصير برتقال إذا سمحتِ.
ابتسمت له المضيفة وهي تهز رأسها ثم مدت يدها حاملة أحد الاكواب التي ترتص على الطاولة الجرارة الخاصة بها ووضعتها على الفاصل بين الزوجين ثم تساءلت إن كانوا بحاجة لشيء آخر ورحلت سريعا دون كلمة إضافية...
اشربي،
استدارت بثينة ببطء تنظر لفرانسو بتعجب لتجده يشير بعينه على كوب من العصير مشيرا إليها أن تحتسيه لكنها لم تبدي أي ردة فعل ثم استدارت مجددا تتجاهله...
ابتسم فرانسو بسخرية وهو يحمل الكوب ثم جذب يدها من جوارها ووضعه بها مقربا وجهها منه هامسا:
حذاري تديني ضهرك مرة تانية سامعة؟ لما اكلمك تبصيلي وتحترميني يا بثينة وإلا اقسملك إن رد فعلي مش هيعجبني
ايه هتقول لهادي؟
ابتسم فرانسو وهو يراقب تجاوبها معه واخيرا ثم قال: لا يا قلبي مش انا اللي اروح وأفصح مراتي قدام حد حتى لو كانت هي تستاهل القــ,تــل، بس انا ليا عقـ.ـا.ب خاص بيا ومش حابب إنك تجربيه مفهوم؟
نظرت بثينة له قليلا لتشرد في عيونه الملونة وهي تطرح سؤالا غـ.ـبـ.ـيا قليلا لا تعلم كيف خطر على بالها في ذلك الوقت:
هو انت ازاي بتتكلم كده؟
جفل فرانسو للحظات بسبب ذلك السؤال الغريب لكنه رغم ذلك ابتسم بسمة صغيرة مشيرا لفمه:
من بُقي.
أدركت بثينة سؤالها الغـ.ـبـ.ـي الذي طرحته في وقت خاطئ وبشكل خاطئ غـ.ـبـ.ـي وهي من تعاهدت ألا تحدثه حتى يسأم منها ويتركها في حال سبيلها، ابتسم فرانسو وهو يقرأ دواخلها بكل سهولة ثم قال يعود لمقعده مشيرا إليها أن تشرب عصيرها:
والدي فرنسي بس والدتي مصرية عشان كده بتكلم عادي.
ارتشفت بثينة رشفة سريعا لترطب حلقها بعدmا تفوهت بتلك الكلمـ.ـا.ت السخيفة لكنها توقفت وهي تستمع لحديثه ذلك ليخرج من فمها ثاني اغبى جملة بعد جملتها السابقة:
يعني إنت فرنسي من ناحية ابوك؟ هو ابوك كان مسلم؟
فتح فرانسو عينه بصدmة شـ.ـديدة لحديثها ذلك وهو يجيب بسخرية: لا بوذي
لوت بثينة شفتيها بحركة حانقة تدرك سخريته منها، لكنه وقبل أن تتحدث أجابها بجدية عن سؤالها:
بابا كان بلا ديانة و،.
لم يكمل حديثه ليفزعه شهقتها وهي تضـ.ـر.ب صدرها مرددة: ملحد
جز فرانسو على أسنانه بغـــضــــب شـ.ـديد وهو ينظر حوله ليرى إن كان أحد قد انتبه له ثم أعاد بصره لها يزجرها لتبتلع ريقها بخــــوف وتسمع صوته يجيبها:.
بقول كان، يعني زمان كان كده مكنش بيؤمن بالاديان اساسا لغاية ما صاحب في جامعته شاب سوري مسلم وبقى اقرب شخص ليه ووقتها بدأ يدرس تصرفاته ودينه ويبحث عن الاسلام لغاية ما أعلن إسلامه بعد صداقتهم ب9 شهور وبعد إسلامه بسنتين قابل والدتي اللي كانت بتكمل دراسة هناك واتجوزوا، ثم إن ازاي ممكن يجي على بالك إن والدي مش مسلم؟ اصل لو هو مش مسلم ازاي والدتي هتتجوزه يا غـ.ـبـ.ـية أنتِ؟
تعجبت بثينة من تلك القصة وهي تنظر له بانبهار حتى ألقى جملته الأخيرة في وجهها جعلها تفكر حقا انها كانت غـ.ـبـ.ـية لتسأل سؤال كهذا، لكن لحظة هل نعتها للتو بالغـ.ـبـ.ـية؟
نظرت له بغـــضــــب شـ.ـديد وفتحت فمها لتذيقه مرارة لسانها الذي لا تملك غيره لكنها توقفت بصدmة شـ.ـديدة تفتح عينها بشكل مثير للضحك وكأن عينيها ستخرج من محاجرها وهي تجده يجذبها لاحضانه بعنف دون أي مقدmـ.ـا.ت حتى، هامسا لها بصوت رخيم:.
دلوقتي بقى اسكتي شوية عشان تعبان وعايز انام قبل الحرب اللي هتحصل
نست بثينة ما فعله للتو وركزت في كلمـ.ـا.ته بعدm فهم: الحرب؟
امممم حرب وشكلها هتكون شرسة اوي، بس ت عـ.ـر.في انا مطمن لاني واخد معايا واحدة بتنافس ابليس
كان هادي يجلس في الصالة وهو ينظر للمنزل الفارغ حوله بعدmا رحل الجميع عقب عقد قران بثينة ورحلت والدته رفقة والدة بثينة لتواسيها في اليوم الأول لبُعد ابـ.ـنتها...
نظر هادي حوله وهو يتساءل هل قام بالشيء الصحيح ام هل فرط في وصية والده وعمه؟ هو سأل جيدا وعلم كل شيء عن فرانسو ومن حديثه وطريقة تصرفاته علم جيدا أنه الوحيد الذي يصلح لبثينة، لكنه بداخله ورغم كل ذلك لا يستطيع أن يمنع قلقه على ابنة عمه التي كانت بمثابة اخت له طوال فترة حياته.
مسح وجهه وهو ينهض بتعب شـ.ـديد لا يود ترك نفسه للافكار سيذهب اليوم للمبيت عند زكريا و...
قاطع أفكاره صوت طرق على باب المنزل ليتجه صوبه سريعا وهو يعلم جيدا صاحب تلك الطرقات و قد صدق حدسه بالفعل وهو يجد رشـ.ـدي يقف أمام الباب وجواره زكريا وهما يبتسمان له ويردد زكريا:
عرفنا إنك هتبات ليلتك وحيد انهاردة فقولنا نيجي نونسك
ابتسم هادي وهو يبعد عن الباب ليفسح لهما المجال للدخول: يا راجـ.ـل؟ تصدق تأثرت وقربت اصدقكم
ضحك رشـ.ـدي وهو يغلق الباب خلفه غامزا له مشيرا للحاسوب الخاص به الذي يحمله:.
طب متصدقش اوي لاننا اساسا جايين عشان حاجة تانية خالص
ابتسم هادي بسخرية وهو يتحرك صوب المطبخ محضرا بعض من المشروبات التي ابتاعها اليوم لعقد قران بثينة:
من غير ما تقول باين على وشكم، ها اتحفوني. أي مصـ يـ بـةألقت بكم؟
ابتسم رشـ.ـدي وهو ينظر لزكريا ثم تحدث بخبث: مصطفى،
انا مش فاهمة ايه لازمته القمص ده؟
نظرت ماسة لفاطمة بملامح منكمشة غـ.ـيظا مما حدث صباحا مع رشـ.ـدي فهي لم تنسى ما فعله وكيف كـ.ـسر قلبها، حتى أنها لم تدعه يلمحها من وقتها فعنـ.ـد.ما عادت من عنده صباحا جمعت بعض الثياب لها وجائت لفاطمة هنا وجلست معها ثم جلست مع والدتها أثناء حضور فاطمة لعقد قران تلك العقربة بثينة وقد رفضت أن تدع رشـ.ـدي يرى وجهها وتعلم جيدا أنه لم يعد للمنزل حتى الآن فهو عاد من العمل على عقد القران ولم يكتشف اختفائها حتى الآن...
يا ماسة يا حبيبتي ما هو أنتِ متعصيش كلامه وبعدين تيجي تطبي عليه في شغله بدون اي انذار وفي لحظات هو ليه متعصب فيها و عايزاه يسامحك عادي؟ ده أنتِ اللي قولتي بلسانك إن عصبية رشـ.ـدي صعبة ومش بيهدى بسرعة،
نظرت لها ماسة بغـ.ـيظ شـ.ـديد ثم همست: ايوة بس هو مسألش عليا من الصبح ولا حتى قال يعدي يشوف حصلي أيه؟
صمتت قليلا ثم أضافت بتفكير: تفتكري يكون بيخـ.ـو.ني؟
يخـ.ـو.نك؟ ماسة حبيبتي أنتِ بتخرفي؟ هو هيخـ.ـو.نك امتى وازاي هو ملاحق على مصايبك عشان يكون عنده رفاهية الخيانة؟
زفرت ماسة بحنق شـ.ـديد ثم ألقت نفسها على الفراش تنظر للسقف وهي تردد بحنين:
وحشني اوي يا فاطمة وحشني اوي ت عـ.ـر.في أنه بقاله كتير ما اخدنيش في حـ.ـضـ.ـنه وطبطب عليا وقالي ماستي زي ما كان دايما يعمل؟
سقطت دmـ.ـو.ع ماسة بحـ.ـز.ن وهي تقول: حاسة إنه بدأ ينساني انا، انا عايزة أباظة اللي حبيته يرجعلي تاني يا فاطمة أنتِ مشوفتيش الصبح كان عامل ازاي؟ ده كأنه اتحول تماما، كان بيزعق فيا جـ.ـا.مد خــــوفت منه ولأول مرة اخاف منه يا فاطمة،
سقطت دmـ.ـو.عها أكثر لتصبح تلك المرة الأولى التي تراها فاطمة باكية وهي تقول بو.جـ.ـع شـ.ـديد من بين شهقاتها:.
انا بس مش طالبة أكثر من خمس ثواني يا فاطمة، خمس ثواني يضمني ويقولي إنه لسه بيحبني يطمن قلبي إنه لسه معايا وليا زي ما كان دايما وبعدها يمشي ويغيب زي ما يحب بس خمس ثواني مش كتير يا فاطمة
ضمتها فاطمة وهي تربت على ظهرها بحـ.ـز.ن تدرك تلك اللحظة التي تمر بها ماسة ومن يعلم عنها افضل منها وهي اكثر من مرت بتلك الحالة لكن وقتها لم يكن هناك من يضمها، ربتت فاطمة على شعر ماسة بحنان:.
اهدي بس يا ماسة وصلي على النبي كده، أنتِ اكتر واحدة عارفة رشـ.ـدي فمتزعليش دلوقتي يتصل بيكِ ويراضيكِ، أنا متأكدة
عمل ايه زفت الطين ده كمان؟
هكذا تحدث هادي بحنق شـ.ـديد بعدmا استمع لاسم ذلك الملعون مصطفى ليكمل رشـ.ـدي حديثه وهو يلقي أمامهم بهاتف لينظر الاثنان لبعضهما البعض بتعجب، حتى بادر هادي بالتساءل:
ايه؟ هو هددك إنت كمان بصور؟
ابتسم رشـ.ـدي بسخرية ثم أشار للهاتف قائلا: ده تليفون مصطفى اللي لقيت عليه كل البلاوي واللي ممكن توديه في داهية بدون حتى ما نظهر في الحوار بس،
نظر له الاثنان بقلق شـ.ـديد في انتظار باقي حديثه ليطول صمت رشـ.ـدي حتى فقد زكريا صبره:
بس ايه؟ انطق يا رشـ.ـدي.
بس كل ده بقى بح
تحدث هادي بعدm فهم: بح ازاي لا مؤاخذة؟
زفر رشـ.ـدي بتعب ثم عاد بظهره على الأريكة وهو يشرح لهما ما حدث: مصطفى مش اهبل ابدا ولا مجرد عيل بيتسلى لا ده ذكي جدا ودmاغه عالية عشان كده اول ما عرف إن فونه اختفى ودور عليه ملقهوش بدأ ياخد احتياطاته
يعني ايه؟ هو التليفون مش معاك يعني؟
نظر رشـ.ـدي لزكريا وهو يهز رأسه بالايجاب ثم وضح اكثر ما يقصده: معايا بس للاسف مش فيه حاجة أبدا
لم يفهم أيا من الاثنان حديث رشـ.ـدي الذي أكمل وهو يحمل الهاتف يفتحه:.
مصطفى اول ما عرف أن فونه ضاع وطبعا عليه بلاوي قام جاب فون جديد وسحب عليه كل البيانات اللي هنا وقفل حسابات الفون ده اللي هي عليها الصور
فتح هادي عينه بصدmة وهو يهمس: وده عادي؟
هز رشـ.ـدي رأسه ثم فتح الحاسوب الخاص به واخذ ينقر على بعض الأزرار وهو يقول:.
ممكن لو كان رابط كل الحسابات بايميل خاص بيه او رقم يقدر يروح لشركة الاتصالات ويثبت ملكيته للرقم ده والشركة وقتها تقدر ترجع ليه الرقم في خط تاني ووقتها يرجع كل حساباته اللي مرتبطه بالرقم ده ويعمل خروج من اي جهاز تاني مفتوح فيه الحسابات دي وبكده سحب كل المعلومـ.ـا.ت عنده وسابنا احنا نزمر بالتليفون
أنهى رشـ.ـدي حديثه وقد تعلقت عينه بالحاسوب أمامه ليسمع صوت زكريا الغاضب وهو يصـ.ـر.خ به:.
يعني كده خلاص؟ مش هتعرف نعمل ايه حاجة؟
نظر له رشـ.ـدي ببسمة خبيثة ثم أدار الحاسوب صوبه هو وهادي وقال وهو يشير للشاشة:
لا لسه اللعبة في البداية
نظر كلا من هادي وزكريا للشاشة أمامها بعدm فهم ليفتح رشـ.ـدي فمه بنية شرح ما يقصده لولا صوت رنين هاتف زكريا الذي قاطع تلك الأجواء ولك يكن سوى اتصالا من فاطمة، نظر زكريا لرفيقيه واعتذر منهما قليلا ثم نهض ليجيب على فاطمة:.
الو يا فاطمة خير ياقلبي فيه حاجة؟، رشـ.ـدي؟ اه هو معايا فيه حاجة ولا ايه؟، هي بخير طيب؟، طيب فهمت خلاص يا فاطمة هشوفه كده سلام عليكم
أنهى زكريا الاتصال ثم عاد لرشـ.ـدي وهادي ليبادر رشـ.ـدي سريعا وهو ينهض حاملا حاسوبه:
تعالوا معايا وانا هفهمكم كل اللي اق،
توقف رشـ.ـدي عن الحديث وهو ينظر لزكريا الذي أخذه من أمام هادي واتجه صوب باب منزل هادي ونزع الحاسوب من يده ثم دفعه للخارج واغلق الباب في وجهه متحدثا بحدة وحزم:.
مش هنعمل حاجة غير لما تشوف مراتك يا رشـ.ـدي، روح شوفها هي عند فاطمة عشان بتقول انها تعبانة
ورغم صدmة رشـ.ـدي لما فعله زكريا إلا أن كل ذلك انمحى من رأسه عند نطقه لكلمة مريـ.ـضة، هل ماسة مريـ.ـضة؟ هو لم يتصل بها منذ ما حدث بينهما صباحا...
تحرك رشـ.ـدي سريعا صوب باب الشقة الخاص. لفاطمة ثم طرقه بسرعة وعنف وقلبه يقرع برعـ.ـب شـ.ـديد حتى وجد الباب يفتح وتظهر له قريبة فاطمة تلك الفتاة المراهقة تقف أمامه ليتحدث برعـ.ـب:.
نادي فاطمة لو سمحتِ
بثينة، بثنية فوقي خلاص وصلنا
لم تهتم بثينة لتلك الاصوات المزعجة التي تقتحم نومها بكل وقاحة لتكمل نومها بـ.ـارهاق شـ.ـديد، لكن فجأة شعرت بشخص ينكز كتفها ويحركها بعنف قليلا لتفتح عينها بغـ.ـيظ وانزعاج وهي تنظر جوارها لتجد ذلك الشاب الذي يدعو فرانسو يضمها وهو ينظر لها نظرات لم تهتم لها كثيرا حتى سمعت صوته وهو يقول لها بعبث بلكنته الفرنسية التي سلبت إحدى دقات قلب بثينة:.
لا امانع أن أظل محتضنك هكذا لنهاية العمر، لكن الطائرة على وشك الهبوط جميلتي لذا ايقظتك
لم تفهم بثينة شيء من حديثه لكنها فجأة انتفضت بعيدا عنه وهي تنتبه لحالتها قد تذكرت فجأة كل ما حدث معها وزواجها السريع من ذلك الرجل الذي يجاورها، انتفضت في مقعدها وهي ترى اقتراب فرانسو منها ليبتسم هو لها مرددا بهمس:
متخافيش مش باكل بني ادmين انا بس هقفلك الحزام عشان الهبوط.
أنهى فرانسو ما يفعل ليبتعد قليلا عنها ثم ربط حزام الامان الخاص به، وبعد هبوط الطائرة امسك بيد بثينة بكل تملك وهو يتحرك بها خارج المطار ثم صعد بها لإحدى سيارات الأجرة وتوجه بها لبناية عالية جدا تقع في شارع راقي ومنطقة جميلة جدا لم تكن تراها سوى في التلفاز، هبط فرانسو من السيارة ثم سحبها خلفه وهو يصعد للبناية وهي تسير خلفه تشعر بضـ.ـر.بات قلبها تكاد تكـ.ـسر صدرها من قوتها، ابتسم فرانسو وهو يلمح خــــوفها ورعـ.ـبها ويدرس جميع حركاتها...
سحبها ودخل بها للمصعد لتلصق بجدار المصعد برعـ.ـب ولم يكد الباب يقفل حتى وجدوا قدm تمتد سريعا لتمنع الباب من الانغلاق...
امالت بثنية رأسها وهي تنظر لتلك القدm التي كانت تلتمع بشـ.ـدة أسفل إضاءة المصعد القوية ليظهر بعدها سيدة ترتدي ثيابه أنيقة وتضع عطر جعلها تفتن بها وهي المرأة إذا ماذا عن زوجها؟
عند تلك الخاطرة نظرت لفرانسو بسرعة كبيرة ولا تعلم لماذا لكن عنـ.ـد.ما رأته ينظر في هاتفه بعدm اهتمام شعرت براحة كبيرة لتتنفس الصعداء، لكن ما كادت تخرج تلك الزفرة المتاحة حتى سمعت صوت تلك المرأة يصدح بنبرة ساحرة:
لا اصدق عينيّ، فرانسو متى عدت؟
ابتسمت بثينة وهي تنظر لفرانسو ثم همست بنبرة مخيفة: كان عندك حق لما قولت أنها هتكون حرب وادي اول دبابة ظهرت في الساحة،.
كان ينام بعمق وهو لا يشعر بشيء حوله غارقا في أحلامه التي تجمعه بجميلته البريئة ليتلاشى كل ذلك بسبب صوت رنين هاتفه الذي أخرجه من أحلامه الوردية...
فتح زكريا عينه بحنق وهو يجيب على هاتفه بصوت ناعس: السلام عليكم
زكريا إنت لسه نايم ومروحتش المدرسة؟
نهض زكريا بفزع وهو ينظر للساعة بيده ثم دفع هادي الذي ينام بشكل فوضوي جواره ليسقط هادي ارضا دون أن يهتم زكريا، ونهض سريعا يركض في أرجاء الغرفة:.
راحت عليا نومة يا فاطمة. مش عارف ازاي دي اول مرة تحصل و،
توقف زكريا عن الحديث فجأة وهو يقف في مكانه ثم تساءل بنبرة متعجبة:
هو مش انهاردة الجمعة برضو؟
اجابته فاطمة عبر الهاتف بالايجاب: ايوة صحيح انهاردة الجمعة
عض زكريا شفتيه بغـ.ـيظ شـ.ـديد وهو يكاد يقتحم الهاتف ويخـ.ـنـ.ـقها: ولما هو الجمعة ايه مناسبة السؤال اللي في الأول ده؟
تحدثت فاطمة بحنق شـ.ـديد تتذكر حديثه لها بالأمس ووعده: مش إنت قولت انك هتحقق في موضوع الجواب لما ترجع المدرسة وانك تقريبا شاكك في واحدة؟
زفر زكريا بيأس وقد فهم سبب اتصالاها هذا يا الله هي لن تنسى ابدا ذلك الأمر حتى يحضر لها رقبة الفتاة:
يا حبيبتي كان قصدي يوم الأحد باذن الله هروح وأشوف الموضوع وانا اساسا لسه مش متأكد من الحوار ده و،.
توقف زكريا عن الحديث ليجد نفسه قد دهس هادي بالخطأ ليعلو صوت صراخ هادي في الغرفة وهو يضع يده على بطنه ضاربا الأرض بيده الثانية سابا زكريا بكل ما يعلم من سباب...
زكريا إنت لو ما عرفتش مين البـ.ـنت دي وقولتلي عليها انا هاجي اجيب بنات المدرسة بـ.ـنت بـ.ـنت من شعرها
صدحت ضحكات زكريا العالية في المكان دون اهتمام بحالة هادي ثم عبر عليه مجددا متجها للخارج تاركا هادي خلفه يسبه ويلعنه بو.جـ.ـع.
أكمل زكريا ضحكاته وهو يخرج من الغرفة ثم تحدث غافلا عن تلك التي تكاد تسقط صريعة من صدى ضحكاته وتأثيرها على قلبها المسكين:
اه يا اميرتي ما أسعد صباحي لسماعي صوتك وما اسعده لشعوري بغيرتك
جاءه صوت هادي من الداخل: اه يا وا.طـ.ـي يا زبـ.ـا.لة.
كاد زكريا يجيب هادي لكن قاطع ذلك صوت فاطمة الذي صدح في الهاتف: ايوة ابدأ بقى وصلة الشعر بتاعتك عشان تثبتني وانا هبلة وبتثبت بسرعة وانسى بس لا يا شيخ انا لازم اعرف مين البـ.ـنت اللي عينها منك
تنهد زكريا وهو يهز رأسه بيأس: حاضر يا فاطمة حاضر ممكن بقى اروح اتوضى واصلي وأبدأ يومي وهبقى اعدي عليكِ و،
زكريا،
صمت زكريا يستمع لصوت فاطمة: عيوني.
تنهدت فاطمة وهي تشعر أنها أثقلت عليه كثيرا بسبب حديثها ذلك أو أنه ربما حـ.ـز.ن من حديثها:
اوعى تزعل مني انا بس والله مش قادرة اتخيل إن فيه واحدة ممكن تفكر فيك
ابتسم زكريا وهو يجلس على أحد المقاعد في البهو ثم همس لها بحب: أنا أجد السِعة فيك، وسط ضيق يومي.
صمت يبتسم وهو يستمع لتسارع أنفاسها: لذا لا تظني بأن حديثك معي صباحًا قد يزعجني، بل هذا من دواعي سرور قلبي سيدتي، حتى وإن كان حديثك هذا صراخ فلا بأس ارمي على قلبي ثقلك يتقبله مرحبا به
زكريا،
نعم،
تعرف إنك بقيت اغلى حد في حياتي؟
تعرفِ إنك بقيتي اغلى من حياتي؟
ضحكت فاطمة ضحكة خافتة ثم قالت وهي تتنهد بعشق تشكر الله لي قلبها على هكذا شخص أصبح لها حياة:
محدش يقدر يغلبك في الكلام.
ابتسم زكريا مجيبا إياها: بالعكس كلمة منك قادرة تغلبني يا فاطمة أنتِ بس استمري في بسمتك دي وأنتِ هتهزميني شر هزيمة
استيقظت ماسة بانزعاج شـ.ـديد بسبب تلك الأشعة التي اقتحمت نومتها لتفتح عينها بحنق شـ.ـديد تحاول شـ.ـد المفرش على وجهها لتخفيه مرددة بتذمر:
فاطمة اقفلي الشباك مش عارفة انام.
فاطمة مين يا سنيورة فوقي كده وقومي يا ختي،.
فزعت ماسة من ذلك الصوت لتنتفض من الفراش وهي تنظر حولها بعدm فهم فهي غفت البـ.ـارحة في غرفة فاطمة وفي أحضانها إذا ما الذي أحضرها لهنا؟
ايه اللي جابني هنا؟
سار الاثنان في الممر خلف رشـ.ـدي لا احد يفهم شيئا ولا ما قصده رشـ.ـدي في حديثه عنـ.ـد.ما أخبرهم أنه علم طريق دة للإيقاع بمصطفى.
نظر هادي لزكريا يسأله بعينه عما إذا كان يعلم سبب وجودهم في هذا المكان لكن زكريا هز رأسه بعدm فهم لما يحدث وهو يتحدث بهدوء:.
خلينا نشوف آخرة رشـ.ـدي ايه؟
كل خير يا حبيبي كل خير
هكذا تحدث رشـ.ـدي وهو يتوقف أمام أحد المكاتب بخبث ثم نظر للعسكري وأخرج بطاقته الشخصية مخبرا إياه أن يبلغ رئيسه أنه يود مقابلته ليغيب العسكري ثوانٍ ثم يعود لهم مجددا سامحا لهم بالدخول...
تحرك رشـ.ـدي للداخل يتبعه كلا من هادي وزكريا بهدوء شـ.ـديد في انتظار ما سيحدث...
دخل الثلاثة لينهض هو من مكتبه وهو يبتسم بسمة هادئة مشيرا بيده للمقاعد:
رشـ.ـدي باشا اتفضل.
جلس رشـ.ـدي وايضا رفيقيه ثم نظر له وهو يبتسم له بسمة وقبل أن يتحدث قاطعه جمال وهو يتحدث بنظرة محتارة قليلا يحاول تخمين سبب وجود رشـ.ـدي هنا:
خير يا رشـ.ـدي باشا، فيه حد يخصك تاني هنا؟
لم يفهم زكريا الأمر عكس هادي الذي فهم حديث جمال فهو من جاءوا له يوم سـ.ـجـ.ـن ماسة ومن ساعدهم لإخراجها...
ارتسمت بسمة ساخرة على شفتي رشـ.ـدي وهو يتحدث بنبرة تنبأ بعاصفة هوجاء خلفها:
تؤ تؤ المرة دي جايين عشان حد يخصك يا جمال باشا.
نظر جمال للثلاثة بتعجب ثم تحدث بهدوء يحاول تكذيب ذلك الهاجس الذي تلبسه وقد بدأ شكه في أخيه بشأن ماسة يزداد في تلك اللحظة:
حد يخصني؟
هز رشـ.ـدي رأسه مجيبا إياه بكلمـ.ـا.ت كانت بمثابة جحيم وفُتح لمصطفى: مصطفى اخوك،
الرُّوحُ إذا آوتْ، دَاوَتْ
وإذا أحبَّتْ، أَحْيَتْ.
↚
ابتسمت بسمة واسعة وهي تتنحى جانبا فاتحة الطريق أمام تلك الجميلة الأنيقة كما وصفتها في رأسها لتندفع نحو احضان زوجها أمام عينها...
ابتسمت بثينة تتأمل المنظر أمامها وهي ترى تلك الفتاة تتعلق برقبة فرانسو كما القرود ثم وبوقاحة شـ.ـديدة على الأقل بالنسبة لها قامت بطبع قبلة عميقة على خده وكل ذلك وزوجها حتى لم يكلف نفسه عناء الابتعاد عنها...
ابتعدت الفتاة عن فرانسو وهي تبتسم باتساع تاركة فرانسو مصدوم فهي لم تعطيه حتى فرصة لمحاولة دفعها فقد أخذته على حين غفلة منه أثناء شروده بزوجته و قبلته...
اقتربت بثينة بشر كبير منهما ليبتسم فرانسو في نفسه يلمح شرارات الغـــضــــب تنتشر في الجو ليغمره شعور بالسعادة وهو يمني نفسه بأن ذلك الحجر المسمى بقلبها قد بدأ بالتحرك له والدليل ذلك الغـــضــــب النابع من غيرتها...
أمسكت بثينة وجه فرانسو بشكل آثار مفاجأته لتقلبه بين يديها بنظرات غامضة ثم هتفت بتفكير وهي تنظر له:
مسابتش فتفوتة روج واحدة على خدك،
فتح فرانسو عينه بصدmة كبيرة لحديثها ذلك ليجدها تلتفت للفتاة تسألها باستفسار:
هو ايه نوع الروج اللي أنتِ بتستخدmيه شكله نضيف،
ابتسم فرانسو بسخرية وهو يستهزأ من نفسه كيف فكر للحظة أن بثينة قد تغار عليه بهذه السرعة وكأنها عاشقة له...
انفتح باب المصعد ليدفع الفتاة من أمامه بغـــضــــب و حنق ثم سحب يد بثينة التي سارت خلفه وهي تنظر بشر للفتاة ثم أشارت لها باصبعها وكأنه طائرة تسقط ارضا وبعدها غمزت للفتاة بطريقة غامضة لم تفهم منها الفتاة شيء أو تفهم مقصد بثينة منها...
استخدm فرانسو مفتاحه الخاص ليفتح شقته التي كان يقطن بها قبل سفره ثم دخل سريعا ومازالت يد بثينة تستوطن يده حتى وصل لمنتصف الردهة ثم ترك يدها بهدوء وتحرك بعدها لإحدى الغرف ببطء وبعدها دخل إليها ثم اغلق الباب خلفه تاركا بثينة تقف في المكان وهي تنظر حولها بعدm فهم تحاول تفسير تصرفات ذلك الشاب المريبة لكن لم تتوصل لشيء سوى أنه ربما جن لكثرة مصاحبته لاصحاب المشاكل النفسية...
مين اللي جابني هنا؟
لوت شيماء شفتيها بضيق من تصرفات ماسة التي أضحت تتمادى بها لتجيبها بضيق:
مين يعني؟ اكيد رشـ.ـدي
اغتاظت ماسة بشـ.ـدة من حديث شيماء ذاك لتنهص من الفراش والذي لم يكن سوى فراش شيماء وهي تهتف بضيق وصوت عالي تعتقد أن رشـ.ـدي بالخارج فاليوم هو يوم عطلته:
وهو الاستاذ بأي حق يجيبني هنا بدون ما ياخد اذني؟ ثم إن هو ماله بيا اساسا ما انام مكان ما احب.
خلصتي؟ رشـ.ـدي اساسا مش هنا ويلا قومي وفوقي كده عشان هننزل نشتري لبس انا وفاطمة وهناخدك معانا،
انهت شيماء حديثها تاركة ماسة تتميز غـ.ـيظا من رشـ.ـدي وهي تنهض متوعدة إياه بالويل
ماشي يا أباظة أما خليتك تتوب مبقاش ماسة،
مصطفى؟ ماله مصطفى؟
ادعى جمال جهله بالموضوع رغم شكه من البداية في أخيه، لكن كان لديه امل صغير، أمل صغير فقط أنه لم يخذله ويقوم بفعل شنيع كهذا.
ابتسم رشـ.ـدي وهو يلاعب أحد قطع الاثاث الصغيرة على مكتب جمال وهو يتحدث بجدية بعدmا رفع نظره له:
للاسف يا جمال باشا اخو حضرتك مترباش
اغمض جمال عينه يحاول التحكم بنفسه ثم نهض وهو يقول بجدية كبيرة يدور حول مكتبه حتى جلس على الأريكة جوار زكريا تاركا كلا من هادي ورشـ.ـدي يتوسطان المقعدان المقابلان لمكتبه:
احب اسمع بنفسي كل حاجة حصلت ومن الاول لو سمحت.
نظر رشـ.ـدي لزكريا وهادي ثم بدأ بقص كل ما وصل له على هاتف مصطفى ليشتعل غـــضــــب جمال وهو يرى بعينه نفسه يقــ,تــل أخيه، لكن ليت ما فعله أخيه توقف على ما حكاه رشـ.ـدي إلا أن زكريا نظر لرشـ.ـدي وتحدث بنبرة مـ.ـيـ.ـتة ولم يتحكم بنفسه:
انا ليا حق عند اخوك ومش هستريح غير لما اخد روحه بايدي يا جمال باشا
صمت ثم تحدث بعدها بقليل: فهل حضرتك عندك استعداد تساعدني اخد حقي من اخوك؟
نظر جمال لعيون زكريا والغـــضــــب المشتعل داخله والذي خمن أنه ليس كما قال رشـ.ـدي مجرد تهديد ببضعة صور كأي مراهق لذا سارع وقال بقلق:
هو مصطفى عمل كده في مراتك برضو؟ يعني هددها؟
ابتسم زكريا بسمة مـ.ـيـ.ـتة ثم قال بنبرة خرجت خاوية منه: للاسف مراتي مكانش عندها الرفاهية دي، أنها تتهدد ويكلمها وغيره
ابتلع جمال ريقه بعدm فهم: قصدك ايه وضح لو سمحت لازم اكون عارف كل حاجة حصلت عشان اقدر اساعدكم.
نهض زكريا من أمامه بغـــضــــب شـ.ـديد يحاول كبته كلما تذكر ما حدث: اللي حصل حصل يا جمال باشا واللي يهمني في الحوار ده إن اخوك ياخد جزاته بس بعد ما انا اخد حقي منه تالت ومتلت،
أنهى زكريا حديثه وهو يدور في المكتب بعصبية شـ.ـديدة غريبة عليه، لكن في وسط كل ذلك كان هادي شاردا في شيء حتى انتفض بفزع وهو يتحرك سريعا صوب زكريا يمسكه من كتفه يجبره على الاستدارة ليواجهه:
زكريا هو مصطفى ااااا، هو قرب من فاطمة؟
كانت كلمته الاخير خافتة بشـ.ـدة لكنها وصلت لمسامع الجميع فهادي من حديث زكريا ربط الأحداث بينه وبين حديث شيماء حينما دخلت فاطمة في حالة انهيار وقتها أخبرته شيماء أنها كانت تهزي بكلمـ.ـا.ت هيستيرية وكأنها تصرخ بأحد تخبره أن يبتعد عنها وبعدها تصرخ أنها لم تفعل شيء وأنها ليس لها ذنب، والان حديث زكريا بأن فعلة مصطفى تخطت التهديد كل ذلك تجمع برأسه مشكلا حقيقة واحدة بشعة ولكم تمنى لو ينفيها زكريا وهي أن مصطفى اعتدى على فاطمة...
نظر زكريا لهادي بنظرات مـ.ـيـ.ـتة ولم يجيب ليتأكد هادي من شكه عائدا للخلف بجزع بينما كان رشـ.ـدي في صدmة مما فهمه منذ قليل يا الله في أي بئر سقط رفيقه؟ بأي مصـ يـ بـةوقع؟
كان جمال وكأنه بعالم آخر يرى اين وصل أخيه من أفعاله تلك، أين اخطا هو؟ لقد، لقد تخلى عن حياته ليكون جواره بعد مـ.ـو.ت والده، تخلى عن منصبه في المخابرات المصرية وتخلى عن حلمه وأصبح ضابط عادي فقط لئلا يبتعد عنه وعن والدته، تخلى عن كل شيء لاجلهما.
وضع جمال رأسه بين يديه يشعر برغبة عارمة بالصراخ يود لو ينهض الان ويصـ.ـر.خ هو بحياته لم يتوقع أن أخيه وصل لتلك الدرجة من الحقارة...
همس بصوت مختنق يمنع نفسه من الانهيار ليس قبل أن يقــ,تــله بيديه هاتين ليس قبل أن ينزع تلك البذرة الفاسدة من ارضها...
قولي كل اللي حصل بالتفصيل وحذاري تخبي أو تكدب عليا في حاجة.
اغمض زكريا عينه بغـــضــــب يرفض أن يتحدث بالأمر أمام أحد يرفض أن يفـ.ـضـ.ـح سر زوجته امام أحد، لكنه مجبر على ذلك لينال القصاص الذي يسعى إليه عليه بقص كل شيء...
هتفضلي مخصماني لامتى يا ماسة؟ مش خلصنا واعتذرت؟ بعدين أنتِ ليه محسساني اني كلمت راجـ.ـل غريب عشان يجي ياخدك؟ ده جوزك يا ماما
نظرت ماسة بغـــضــــب لفاطمة وهي تترك قطعة الثياب التي كانت تنظر إليها محلها تستدير هاتفة:.
يعني أنا متنيـ.ـلـ.ـة على عين امي وعاملة نفسي زعلانة وهربانة من البيت عشان اجننه وهو بيدور عليا تقومي أنتِ تقوليله مكاني قبل حتى ما يلاحظ غيابي؟
ضحكت شيماء من تذمرات ماسة ثم نزعت أحد الاثواب قائلة: هروح اقيس الفستان ده يكون خلصتم الخناقة
انهت حديثها متحركة من جانب الاثنتين لتتحدث فاطمة ببسمة وهي تلتصق بماسة:.
خلاص بقى يا ماسة الحق عليا قولت هيجي عشان يشيلك تقومي أنتِ صاحية وتتصالحوا، هعرف منين إنك بتنامي زي الجثة؟
لوت ماسة شفتيها وهي تدعي البكاء: ما هو ده اللي قاهرني اني محستش بيه واتقمصت وانا بقوله نزلني دلوقتي يا رشـ.ـدي مش عايزة اروح معاك، بس كل ده ضاع وانا نايمة زي المتخدرة
كتمت فاطمة ضحكة كادت تفلت منها وهي تتذكر البـ.ـارحة حينما دخلت رفقة رشـ.ـدي لغرفتها حتى يأخذها...
دخل رشـ.ـدي بفزع شـ.ـديد وخلفه فاطمة وهو يتوقع رؤية ماسة منهارة أخذ يلوم نفسه بعنف على ما فعله بها هو السبب بما حديث الان لو لم يصرفها في الصباح لم تكن ل
توقف رشـ.ـدي عن التفكير وهو يرى ماسة تنام بشكل فوضوي على الفراش الخاص لفاطمة وهي تفرد كلا ذراعيها فاتحة فمها بشكل مثير للضحك. أشار رشـ.ـدي لها وهو يرفع حاجبه:
هي دي اللي تعبانة وبتمـ.ـو.ت؟
نظرت فاطمة لوضع ماسة مبتسمة بغباء: ربك هو الشافي يا بني شوف سبحان الله مسافة ما جيت كانت بقت زي القرد اهي
اطلق رشـ.ـدي ضحكة ساخرة وهو يمسح وجهه مستمعا لحديث فاطمة التي تنحنحت بحرج تحديثها وتدخلها بينهما:
بس ده مينفعش انها فعلا تعبانة يا رشـ.ـدي تعب نفسي إنت ما شوفتش حالتها دي يا حبة عيني مقهورة اوي باللي حصل، ما اظنش أنها هتتعامل معاك زي الاول بعد ما،
يا رشـ.ـدي يا حـ.ـيو.ان.
توقف فاطمة عن حديثها بسبب تمتمـ.ـا.ت ماسة أثناء نومها وهي تسب رشـ.ـدي، ابتسم رشـ.ـدي بعدm تصديق مشيرا لها و كإنه يقول أهذه هي المتعبة نفسيا؟
عادت فاطمة للخلف وهي تتنحنح: شوف سبحان الله ربك شفى تعبها النفسي برضو
هقــ,تــلك واطلع عينك
كانت هذه همسة ماسة التي كانت تسبح في نوم عميق غير واعية لما يحدث حولها، ضحك رشـ.ـدي بسخرية وهو يشير لها:.
مين دي اللي مريـ.ـضة وتعالى خدها انا قولت هاجي الاقي البـ.ـنت بتودع وعمال اجلد في نفسي وانا جاي، دي عايزة تقــ,تــلني، بتخطط لقــ,تــلي وهي نايمة
ابتسمت فاطمة بحرج وهي تبتلع ريقها مشيرة لخارج الغرفة: ايه ده صوت زكريا ده؟ هروح اشوفه عايز ايه خد راحتك
انهت حديثها وهي تخرج تاركة رشـ.ـدي يرمق ماسة بسخرية ثم اتجه وسحبها من على الفراش لاحضانه يضمها بحب رغم كل شيء مقبلا جبهتها بعشق هامسا:.
انا فعلا حـ.ـيو.ان عشان زعلتك يا ماستي حقك عليا،
أنتِ يابـ.ـنتي روحتي فين؟
خرجت فاطمة من شرودها على حديث شيماء التي أشارت لنفسها متحدثة بعدm اقتناع:
مخليني تخينة صح؟
نظرت فاطمة جيدا لشيماء وهي تهز رأسها برفض تام: مخليكِ قمر يا روحي، بعدين يا شيماء أنتِ مش تخينة الدرجة اللي تخليكِ متعقدة من نفسك
لوت شيماء شفتيها بضيق وهي تهمس: انا بس عايزة ابقى حلوة عايز اخلي هادي يشوفني حلوة،.
تحدثت ماسة وهي تضيق عينها: وهو هادي كانت اشتكى ليكِ من ح،
توقفت ماسة عن الحديث وهي تستمع لصوت خلفها تعرفه جيدا وتمقته وبشـ.ـدة، استدارت سريعا وهي تنظر لتلك الفتاة التي ابتسمت بخبث شـ.ـديد:
اوووه شوفوا مين هنا؟ ماسة البلطجية رد السجون
تحولت ملامح ماسة كليا فأصبحت كما لو أنها مجرمة خطيرة وهي تعود للخلف بتحفز متحدثة ببرود شـ.ـديد:
ايه ده شوفوا مين اللي هنا؟ مليكة المبقعة.
احمرت عين مليكة بغـــضــــب شـ.ـديد وهي تدرك أن ماسة تقصد تلك البقع في جلدها والتي نتجت عن بعض اللكمـ.ـا.ت والضـ.ـر.بات التي تلقتها منها أثناء المؤتمر فهي واحدة من الأربعة فتيات اللواتي قامت ماسة بضـ.ـر.بهن أثناء المؤتمر...
طول عمري كنت بقول عليكِ حقيرة ولا تمتي للرقي بصلة وفعلا يوم عن يوم بتثبتيلي ده
ابتسمت ماسة وهي تقول بحنق شـ.ـديد: خليني بقى أَأْكدلك ده.
وعقبت حديثها بصفعة رنّ صداها في أرجاء المحل كله جعلت مليكة تشهق بفزع شـ.ـديد وهي تضع يدها على خدها ولم تكد تبادر برد تلك اللطمة حتى وجدت ماسة تنقض عليها بعنف شـ.ـديد استجمع جميع رواد المحل حولهما محاولين أبعادهمها عن بعضهما البعض...
خرج من غرفته وقد ابدل ثيابه لثياب منزلية مريحة وقد قرر الذهاب وتحضير بعض الطعام له ولبثينة لكنه تفاجئ من وجود بثينة تجلس على أحد الارائك في البهو وهي مازالت ترتدي نفس ثيابها ليتحرك صوبها بعدm فهم وهو يتحدث:
أنتِ لسه قاعدة عندك؟ مغيرتيش ليه؟
رفعت بثينة عينها في وجهه وهي تتأمله للمرة الأولى ثم قالت وهي تهز كتفها ببرود شـ.ـديد:
يمكن عشان معرفش حاجة في البيت مثلا؟
نظر لها فرانسو بحرج فهو بسبب غـــضــــبه منها لعدm اعتراضها على تقبيل امرأة له نسيّ أن يرشـ.ـدها للغرفة لذا تنحنح بحرج وهو يشير للغرفة التي خرج منها للتو:
بعتذر، دي الاوضة تقدري تدخلي تاخدي دش وتغيري لبسك اكون حضرتك الاك
هي مش دي الاوضة اللي انت لسه خارج منها؟
هز فرانسو بنعم على سؤالها ليستمع بعدها للجملة التي توقعها: وهو إنت مفكرنا متجوزين بجد عشان ننام في نفس الاوضة؟
ابتسم فرانسو و هو يقترب منها ثم انحنى على ركبتيه ليجلس أمامها في حركة مفاجئة لم تتوقعها ثم أمسك يدها وهو يتحسسها بأصبعه ناظرا لها ببسمة غريبة:
بثينة هو أنتِ مفكراني متجوزك ليه؟
صمتت بثنية لا تفهم سؤاله ذلك فهو اوضح لها جيدا سبب زواجه منها ولذا لم تتحدث أو تجيبه ليكمل هو حديثه:.
انا مش متجوزك اقضي بيكِ غرض وبعدين كل واحد يروح لحال سبيله، بثينة أنتِ مراتي بكل ما للكلمة من معنى وانا مش مخطط ان ده يتغير قريب ابدا
نهض تاركا إياها متجها صوب المطبخ متحدثا ببرود: انا وعدت هادي اني مش هقرب منك غير بعد ما نعمل الفرح فمتقلقيش مش انا اللي اخلف وعد قطعته لنفسي ابدا، غيري لبسك اكون جهزت الاكل.
أنهى حديثه تاركا إياها ترمق أثره بعدm فهم وهي كل يوم تكتشف به سر اخر وكأنها سقطت في بئر لا قاع له، تنهدت وهي تمسح وجهها لا تعلم كيف ستكون أيامها القادmة لكنها تتوقع معركة حامية معه ومع تلك النساء التي تحوم حوله والأهم، مع نفسها التي بدأت تجهل تصرفاتها...
كان يستمع لكل كلمة وهو يشعر بنيران تنشب في صدره ورغم ذلك لم يظهر على وجهه أي شيء بل استمر في الاستماع بكل برود حتى أنهى زكريا قص كل ما حدث مع الاحتفاظ ببعض التفاصيل له دون أن يخبرها لاحد فهو قص عليهم كيف تم الأمر ولم يتطرق لشيء آخر فقط الخيوط العريضة من القصة يقنع نفسه أنه حان الوقت لكشف بعض الخطوط لينفذ وعده لفاطمة...
نظر رشـ.ـدي لزكريا بحـ.ـز.ن شـ.ـديد يشعر بألــم رفيقه، وأي ألــم هو فصديقه يعيش بجيحم حقا، لا يمكنه تخيل حدوث ذلك مع ماسة يالله كان سيمـ.ـو.ت وقتها، لكنه وللحق يحسد زكريا على ثباته ذلك غير عالما بداخله الذي مـ.ـا.ت منذ سماعه لما حدث...
نهض هادي دون شعور متجها صوب زكريا ثم عانقه بشـ.ـدة وهو يبكي على رفيقه وما تعرض له ويبكي فاطمة تلك الفتاة المسكينة التي تجرعت من الاوجاع ما يكفي، ولأن فقط استوعب انهيار زكريا ذلك اليوم.
كان هادي يبكي بعنف شـ.ـديد وكأنه هو من وقع بتلك المشكلة وهو يقف جوار مقعد زكريا يضم رأسه بين ذراعيه هامسا له بو.جـ.ـع:
ليه يا زكريا ليه استحملت كل ده لوحدك؟
سقطت دmـ.ـو.ع زكريا بو.جـ.ـع وهو يمسك ذراع هادي الذي يحيطه متحدثا بكـ.ـسره وقهر:
عايزني اقول ايه يا هادي؟ اقول إن شوية عيال لا يمتوا للبشر بصلة اعتدوا ع،
لم يستطع زكريا اكمال كلمته بسبب بكاءه الذي انفجر فيه وهو يشعر وكأنه قلبه يستغيث للتحرر من هذا الو.جـ.ـع...
نهض رشـ.ـدي سريعا متجها لزكريا ثم جذبه في أحضانه هو وهادي هامسا بحنان يقاوم دmـ.ـو.عه:
حقها هيرجع يا زكريا والله ليرجع حتى لو كان آخر حاجة هعملها وبعدها استقيل، هيرجع بأي طريقة بس انت متعيطش عشان خاطري
بكى زكريا اكثر في حـ.ـضـ.ـن رفيقه وكأنه يشكيه أحزانه...
كان جمال يتابع كل شيء بملامح لا توحي بما في داخله ليهمس بعد صمت طويل منه:
انا عارف فين الشخص التاني،.
خلاص خلصنا يا ماسة احمدي ربنا أنها مشيت وما اصرتش تعملك محضر والله العظيم المرة دي كان رشـ.ـدي جاب اجلك فيها
انهت شيماء حديثها بغـ.ـيظ شـ.ـديد بعدmا استطاعت بصعوبة أبعاد ماسة عن طريق الفتاة والخرج بها من المحل وها هم يجلسون في أحد المطاعم في ذلك المول الكبير...
ارتشفت فاطمة بعضا من العصير أمامها ثم قالت بحنق: ربنا يعين رشـ.ـدي على ما بلاه.
نظرت ماسة لفاطمة بشر وما كادت تتحدث حتى لمحت بعينها أحد الأشخاص في محل يقع مقابل المطعم وهي تهمس بتعجب:
فرج؟
رفعت شيماء رأسها بعدmا كانت منـ.ـد.مجه في طعامها تقول بعدm فهم: فرج؟ ايه اللي هيجيب فرج هنا؟
هزت ماسة رأسها بعدm معرفة وهي تشير للواجهه الزجاجية لأحد محلات الملابس:
اهو هناك اهو.
استدارت كلا من فاطمة وشيماء صوب ما تشير إليه ماسة ليجدن أن فرج يقف في أحد المحلات وهو يتحدث مع عاملة هناك...
تحدثت فاطمة بعدm فهم: هو ايه اللي جاب فرج هنا؟
نهضت ماسة سريعا وهي تتحرك صوبه ضاحكة: معرفش تعالوا نشوف
نهضت شيماء تتبعها بفضول شـ.ـديد وكذلك فاطمة تاركين الحقائب عند طاولتهم، متجهين صوب المحل الذي يقف به فرج وبمجرد دخولهم سمعوا صوت فرج الحانق:
لا حول ولا قوة إلا بالله يابـ.ـنتي افهمي شوية بقولك عايز نفس الفستان بس مقاس اكبر شوية.
زفرت عاملة المحل بضيق شـ.ـديد وهي تجيبه بنفس الكلام للمرة الألف: يا فنـ.ـد.م مينفعش اجيب كبير شوية كده بدون ما اعرف المقاس يعني حضرتك حدد المقاس بالضبط وانا اجيبه يعني large ولا Medium ولا small؟
بطاية
صدmت العاملة من حديث فرج ذلك العجوز الغريب: هو ايه اللي بطاية يا فنـ.ـد.م عيب كده
تعجب فرج من حديثها: هو ايه اللي عيب؟ أنتِ بتسألي عن مقاسها وانا بقولك هي بطاية كده.
انطلقت ضحكات صاخبة من الخلف استدار على اثرها كلا من فرج والعاملة ليجدوا ثلاث فتيات تضحكن...
ابتسم فرج بفرحة شـ.ـديدة وهو يتجه صوبهن متحدثا بسعادة كبيرة: انتم هنا؟ طب الحمدلله تعالوا ساعدوني لاحسن البـ.ـنت دي مش بتفهم في حاجة أبدا
فتحت العاملة فمها بصدmة شـ.ـديدة من حديثه...
ابتسمت ماسة وهي تغمز له: هي مين دي اللي بطاية يا فرج؟ وجاي تشتري ليها لبس ماركة كمان؟
ضحكت شيماء وهي تضيف بمزاح: يا رتني كنت خطبتك إنت يا فرج بدل هادي اللي اغلى حاجة جابها ليا كانت الخلاط بتاعهم وخده وهو مروح كمان
انطلقت ضحكات فاطمة بشـ.ـدة وهي لا تستطيع تحمل ما يحدث لتسمع صوت فرج الذي بادر سريعا بالشرح:
اصل انهاردة عيد ميلاد ام اشرف وجيت عشان اجبلها هدية بس البـ.ـنت اللي هنا دي مش بتفهم
لو سمحت يا استاذ انا مسمحلكش
كان هذا صوت العاملة الحانقة من ذلك العجوز الوقح...
تجاهلها فرج وهو يشرح لماسة كل ما يريد: بصي عايز اجبلها فستان حلو كده على ذوقك وأنتِ عارفة بقى ام اشرف هاتيلها حاجة كده كيوت ورقيقة زيها
ضحكت ماسة وهي تشير للعاملة بالاقتراب لتصف لها ما تريد...
بينما شيماء نظرت للمحل حولها بفضول لتقول وهي تشير خارج المحل: بطوط روحي هاتي الشنط من المطعم وتعالي نشوف لبس هنا
لوت فاطمة شفتيها بحنق وهي تخرج متجهة صوب المطعم: خفي لبس شوية يا شيماء مش معقولة كل الهدوم دي.
دخلت المطعم وهي تنظر للطاولة الخاصة بهن لتجدها فارغة من الحقائب نظرت حولها سريعا تبحث عنهم حتى وجدت نادل يتحرك من أمامها فاستوقفته بسرعة وهي تسأل مشيرة للطاولة الخاصة بهن:
لو سمحت الترابيزة دي كان عليها شنط وحاجات
نظر لها النادل وهو يبتسم بعملية مشيرا لمكان الكاشير: ايوة يا فنـ.ـد.م احنا دورنا عليكم بس ملقناش حد، حضرتك هتلاقي الشنط عند الكاشير هناك.
هزت فاطمة رأسها شاكرة إياه ثم تحركت حيث أشار لتقف أمام طاولة طولية وهي تتحدث بهدوء ورقة كعادتها:
لو سمحت كان فيه شنط على ترابيزة 34
هز العامل رأسه مشيرا لها بالانتظار حتى يذهب ويحضرهم لتبتسم له وهي تهز رأسها بأنها ستنتظره.
وأثناء ذلك كان يسير رفقة فتاة وهو يغمز لها بوقاحة متجها صوب الكاشير لدفع ثمن طعامه ووقف جوار فاطمة وهو ينظر للعامل الذي يجلس خلف احد الأجهزة متحدثا بنبرة رخيمة بعض الشيء:.
الفاتورة بتاعة ترابيزة 9 لو سمحت.
كانت فاطمة تنتظر العامل ليعود بالحقائب الخاصة بها حتى سمعت ذلك الصوت بجانبها، ذلك الصوت الذي لطالما كان رفيق مخلص لاحلامها بل كوابيسها، شعرت فجأة ببرودة تسير في جسدها كله وهي تستدير ببطء تنظر لذلك الشخص داعية الله أن يكون مجرد تشابه في نبرات الصوت لا أكثر، لكن كل ذلك تحطم وهي تبصر وجهه المخيف والذي لم يغادر رأسها ابدا وسريعا ودون أن تشعر مرت الذكرى أمام عينها وصوته القذر يصدح في رأسها...
صباحية مبـ.ـاركة يا عروسة
كان وجه فاطمة يتصبب عرقا والرعـ.ـب قد احتل جسدها كله لتعود للخلف بسرعة وهي تنظر له بفزع لكن بالخطأ اصطدmت بأحد العاملين في المطعم لتستدير له بسرعة وهي تبكي معتذرة...
بينما هو انتبه لتلك الضجة التي حدثت جواره لينظر بتعجب فوجد فتاة قد اصطدmت بالنادل لم يهتم كثيرا وكان على وشك الاستدارة لولا ذلك الوجه الذي ذكره بما فعله قديما فتح عينه بصدmة وهو يبتلع ريقه هامسا لنفسه برعـ.ـب شـ.ـديد:.
أنتِ؟ ازاي؟ أنتِ،
بكت فاطمة بعنف وقد رأته وهو يحدق بها لتستدير فجأة وتركض بسرعة كبيرة خارج المطعم وكأنه وحشًا يتبعها تاركة الحقائب وكل شيء خلفها...
ركض مصطفى بسرعة خلفها يلحقها خــــوفا أن تسبب له مشاكل لكن لم يتسطع ذلك ليجد فجأة ماسة تخرج رفقة شيماء من المحل المقابل وماسة تنادي فاطمة بفزع فهما رأيا جيدا ما حدث بالمطعم والحالة التي كانت بها فاطمة...
نظر مصطفى بصدmة لماسة وهو يتساءل بفزع: ماسة؟ أنتِ ت عـ.ـر.في البـ.ـنت دي؟
تعجبت ماسة من وجود مصطفى هنا فهي تعرفه رفيق رشـ.ـدي، لكن لما يحدثها وما علاقته بفاطمة و لما يسأل عنها؟ لكنها رغم ذلك أجابت بخــــوف أثناء ذهاب شيماء لاحضار الحقائب ثم تحركت معها مسرعين خلف فاطمة:
ايوة فاطمة تبقى مرات زكريا.
انهت ماسة حديثها وهي تتحرك مع شيماء خلفهم فرج الذي أحضر ما يريد والجميع في حالة فزع لما رأوه منذ قليل ولا احد يفهم ما حدث مع فاطمة تاركين مصطفى خلفهم يكاد يسقط ارضا من هول الصدmة، هل تركها في قريتها وهرب لتلحق به لهنا؟
انتفض الجميع على رنين هاتف أحدهم وبسبب الحالة التي كان بها الجميع لم يعلم أحد أي هاتف هو المقصود حتى انتبه رشـ.ـدي لهاتفه الموضوع على المكتب هو الذي يرن...
اتجه رشـ.ـدي صوبه ببطء وهو يحاول التحكم في غصته ويحاول التماسك فما علمه منذ قليل ليس بالهين...
وجد رشـ.ـدي أن المتصل لم يكن سوى ماسة، كاد يغلق المكالمة لكن توقف سريعا واجاب فهو لا ينقصه أن يزداد غـــضــــبها...
الو يا ماسة، مالك فيه ايه؟، ازاي يعني مش فاهم اهدي ووضحي، طب ايه اللي حصل ليها؟، يعني ايه مرة واحدة كده؟، طب هي فين دلوقتي؟، خليكِ وراها يا ماسة متسيبيهاش غير لما توصل البيت وانا هبعت ليها زكريا.
انتفض زكريا عند تلك النقطة وهو يتأكد رغم شكه في البداية أن المعنية في الأمر هي فاطمة لينهض سريعا متجها صوب رشـ.ـدي يحاول الاستعلام منه عن ما حدث. وقبل أن يسأل عن شيء كان رشـ.ـدي يفضي له بكل محتوى الرسالة:
البنات كانوا في السوق سوا ومرة واحدة فاطمة سابتهم وجريت كأن فيه مصـ يـ بـةومحدش عرف يلحق بيها وهما حاليا رايحين وراها البيت.
لم يفهم زكريا شيء: يعني ايه لوحدها كده؟ هي مش مـ.ـجـ.ـنو.نة عشان تتصرف بالشكل ده اكيد حاجة حصلت ليها
تحرك رشـ.ـدي وهو يحمل اشياءه مشيرا لرفيقه أن يلحقه: هنعرف ده لما نوصل يلا،.
دخلت منزلها سريعا دون أن تنظر جهة أحد أو تلقي بلكمة واحدة حتى على عمتها التي تجلس على الأريكة جوار ابـ.ـنتها بكل برود، بل تجاهلهتم كليا وهي تتركهم وتركض لغرفتها مغلقة إياها خلفها بسرعة كبيرة وكأنه سيلحق بها للمنزل مفكرة في هول ما حدث، لقد رآها، لقد رآها...
لطـ.ـمـ.ـت وجنتها برعـ.ـب وهي تتخيل ما سيحدث إن علم مكانها وجاء لأجلها، فجأة علت الضـ.ـر.بات على بابها وهي تسمع صوت ماسة وشيماء العالي ومعهم والدتها التي لا تفهم شيء لكن حديث ماسة وشيماء أقلقها، لكن فاطمة لم تعطي اهتمام لأحد بل كانت في غرفتها تشعر بنهايتها قد اقتربت تتخيل أنه سيأتي إليها ويقــ,تــلها كما سبق وهددها إن لمح وجهها سيتخلص منها لكن بعد أن يذيقها الويل مرة أخرى...
ارتفعت شهقات فاطمة وهي تصرخ برعـ.ـب في غرفتها تتخيل ما سيحدث لها وذكريات ذلك اليوم البشع تراودها وتمر أمام أعينها كشريط بعدmا ظنت أنها على وشك دفنها نهائيا...
يا سكر، سكر
استدارت تلك الفتاة التي تحمل بعض الكتب بين يديها مجيبة على رفيقتها:
ايه يا فاطمة؟ هتيجي معانا السيما؟
تغضنت ملامح فاطمة بحنق شـ.ـديد وهي تسحب يد رفيقتها وجارتها تحثها على العودة معها للمنزل وتتجاهل ذلك الأمر فهم ليس لديهم متسع من الوقت وقد أصبحت الامتحانات على الابواب وهم الآن في السنة الأخيرة من الثانوية وعليهم استغلال كل ثانية في حياتهم للدراسة:
بطلي رخامية بقى ويلا نروح وسيبك من السيما والقرف عندنا امتحان يوم الخميس في درس التاريخ
جذبت سكر يدها من فاطمة بضيق شـ.ـديد وهي تخرج بعض الأموال من ثيابها:.
بصي يا فاطمة انا ما صدقت ابويا يديني الفلوس عشان اروح مع العيال السيما فبطلي بواخة بقى وتعالي معانا مش هنأخر والله
لوت فاطمة شفتيها بضيق وهي تعدل من وضع الحقيبة على كتفها: لا انا مقولتش لامي ولا ابويا روحي أنتِ وخلاص انا هروح.
زفرت سطر بضيق شـ.ـديد وهي تنظر خلفها لباقي رفيقاتها في الدرس وهم يتعجلونها للمجيء وبعدها نظرت لفاطمة لا يهون عليها أن تتركها تعود وحدها خاصة في هذا الوقت وقد أوشكت الشمس على الغروب وهذا الوقت في قريتهم معاد مقدس لتناول العشاء لذا لا تجد الكثيرين في الشوارع، لكن هي ترغب وبشـ.ـدة في مشاهدة الفيلم مع الباقيين لذا تحركت صوب فاطمة تقبلها سريعا على وجنتها وهي تقول ببسمة:.
هفوت عليكِ وأنا راجعة ونذاكر سوا لغاية اخر الليل ايه رأيك؟
ابتسمت فاطمة بلطف لرفيقتها وهي تعلم كم أنها ترغب وبشـ.ـدة في الذهاب للسينما لذا هزت راسها بالايجاب وحثتها على الذهاب...
راقبت فاطمة سكر وهي ترحل مع رفيقاتها ثم تحركت بملل شـ.ـديد صوب منزلها الذي يبعد مسافة لا بأس بها عن مكان الدرس الذي تتلاقاه، نظرت للسماء فوقها هي تشرد فيها تفكر إلى أين سيئول حالها و بأي تخصص ستلتحق، وفي هذا الوقت من العام القادm كيف سيكون حالها؟
أسئلة كثيرة كانت فاطمة تعتاد أن تفكر بها دائما وهي تدعو ربها أن ييسر لها حياتها، تنهدت بتعب ثم أخرجت علبة عصير كانت تحتفظ بها في حقيبها وأخذت تشربها أثناء سيرها، وها هي بعد سير لمدة خمسة عشر دقيقة بدأت تتوغل في الأراضي الزراعية والتي تدل على قرب وصولها للمنطقة الخاصة بمنزلها زفرت بتعب شـ.ـديد وهي تسرع من خطواتها قبل أن يجن الليل عليها وقد بدأ الشمس بالفعل في الغروب الا من بعض الخطوط الذهبية اللون...
أثناء سيرها سمعت فاطمة بعض الخطوات خلفها لتنحني جانبا ظنا منها أن هناك من يود العبور لكن فجأة شعرت بيد تمتمد لكتفها انتفضت سريعا وهي تصرخ بحنق شـ.ـديد ظانة أنها سكر وقد عادت:
سكر يا،
توقفت فاطمة عن الحديث وقد تعرفت على هوية ذلك الشخص لتتحدث بهدوء شـ.ـديد وهي تبتعد بضيق:
جمال؟ معلش فكرتك سكر
ابتعدت بقدmها بعض الخطوات لتجد فجأة يد تقبض عليها بعنف وصوت جمال جارها يصدح في المكان بخبث شـ.ـديد:.
استني بس ما تعتبريني سكر يا ستي
نظرت فاطمة ليد جمال التي تقبض على يدها وصاحت بغـــضــــب وهي تجذب يدها منه:
انت اتجننت ولا ايه؟ ازاي تمسك ايدي كده؟ والله لاقول لابويا يشتكيك لابوك ؛ لان الظاهر اخر مرة محوقتش فيك
انهت كلامها وهي تسير بغـــضــــب شـ.ـديد فهذه ليست المرة الأولى التي يعترض فيها جمال طريقها وليست المرة التي تتشاجر معه لذا لم تهتم كثيرا رغم الغـــضــــب الذي سكنها منه...
خطوة، اثنان، وماكادت تخطو الثالثة حتى شعرت فجأة بيد جمال تجذبها إليه للمرة الثانية، لكن هذه المرة وضع يده على فهما ليمنعها الحديث، فتحت فاطمة عينها بصدmة كبيرة وهي تحاول الفكاك من بين يديه تفكر في وقاحة جمال التي ازدادت متوعدة له بالويل وهي تتلوى بين يديه تحاول الصراخ، لكن وعلى عكس العادة هذه المرة لم يتركها جمال وهو يضحك بسماجة كعادته بل استغل خلو ذلك الطريق سوى منهما وحملها سريعا وركض بها لشارع جانبي وهي شعرت بدقات قلبها تتسارع بشكل غير طبيعي وفجأة وجدته يلقي بجسدها في سيارة مغلقة وهناك من يجلس خلف المقود ثم صعد جوارها وقبل أن تنطق بكلمه كان جمال يغلق فمها بيده وهو يضع إصبعه على فمه مشيرا لها بالصمت:.
اششششش لو سمعت صوتك هقــ,تــلك سامعة؟
أنهى حديثه ثم استدار للرجل الذي يحتل خلف المقود وهو يشير له بالتحرك:
ما تتحرك يا عم إنت مستني ايه؟
تحركت السيارة ليرتجف جسد فاطمة بعنف وهي تتشنج بطريقة مرعـ.ـبة تحاول ترجي جمال أن يتركها وهي لن تخبر أحد لكنه لم يدع لها الفرصة ليبتسم لها وهو ينظر لملامحها المرتعبة:
واخيرا يا بطوط، الليلة دي هتكون ليلة وداع ليا عشان بكرة هسافر وملقتش حاجة مناسبة أكثر منك اودع بيها مصر.
عند تلك الكلمـ.ـا.ت شعرت فاطمة بانفاسها تطبق على صدرها وهي تتحرك بجنون في السيارة تجذب شعر جمال بغـــضــــب شـ.ـديد تضـ.ـر.به صارخة به:
يا ابن ال، يا زبـ.ـا.لة والله لاقــ,تــلك يا حـ.ـيو.ان قبل ما تقرب مني.
كانت فاطمة تنشب أظافرها في وجهه بعنف شـ.ـديد جاعلة إياه يصـ.ـر.خ محاولة أن تفتح الباب لتقفز منه فالمـ.ـو.ت أهون عندها مما يخطط له هذا الحقير، وقبل أن تبادر في أخذ خطوة الهروب كان هناك مسدس يوجه لرأسها وصوت أجش يأمرها بحدة:.
لو عملتِ حركة كمان هفرغه في راسك سامعة
علي نحيب فاطمة وهي تنظر له بغـــضــــب: المـ.ـو.ت عندي اهون من اللي عايزين تعملوه يا ابن ال، انت وهو والله لاوديكم في داهية
انهت حديثها وهي تهجم على قائد السيارة بعدmا كان قد توقف أمام أحد المنازل يحاول أبعادها عنه بينما هي كانت تقاوم لآخر ثانية حتى وجدت جمال يجذب شعرها من أسفل الحجاب بشكل مؤلم صارخا بها:
تعالي بقى يا بـ.ـنت ال،.
أنهى جمال حديثه وهو يجذبها خارج السيارة بعنف وهي تصرخ به أن يتركها تشعر بقلبها يكاد يتوقف خــــوفا مما ستواجهه في الساعات القادmة وللحق كانت تدعو الله أن يتوقف الان قبل أن يحدث لها ما سيحدث...
فتح جمال الباب والقاها في المنزل بعنف شـ.ـديد ثم دخل وخلفه رفيقه الذي رأته فاطمة جيدا والذي اتجه صوبها وقال ببسمة مخيفة جعلت فاطمة تبكي بعنف شـ.ـديد وقد تخلت عنها شجاعتها:.
المفروض كانت صاحبتك تيجي معاكِ بس حظك بقى ملقناش غيرك نقضي بيه الليلة فأستحملي بقى
في هذه اللحظة شعرت فاطمة بالنهاية رعـ.ـب لم ولن تشعر به طوال حياتها، شعرت بالرعـ.ـب وهي ترى جمال يسحبها بعنف لإحدى الغرف ثم ألقاها على الفراش لتترجاه:
بالله عليك يا جمال بالله عليك ابوس ايدك سيبني والله العظيم ما هقول حاجة أحد والله ما هقول حاجة لحد بس سيبني ابوس ايدك ابوس ايدك.
كانت تترجاه وهي تبكي بعنف شـ.ـديد من بين شهقاتها لا تستطيع التحكم برجفة جسدها ليبتسم جمال بسخرية منها وهو يلمح صديقه يحمل إبرة ويتجه لها، نظرت فاطمة لما ينظر له جمال لتفتح عينها بصدmة وهي ترى ما يحمل ذلك الشخص بيده وما كادت تتحرك هاربة حتى ألقى جمال بثقل جسده عليها مانعا إياها من الحركة وفي الثانية التالية كانت الإبرة تنغرز بجسدها لتشعر بسائلها يسير به مسرى الدm وهو ينتشر بسرعة رهيبة ليتيبس جسدها فجأة وقد ظنت أنها مـ.ـخـ.ـد.ر وأنها لن تشعر ولن تعي لما يحدث معها رغم بشاعته، لكن هذان الشيطانان لم تكن تلك خطتهما من البداية فهم حقنوها بمادة تشل جسدها بالكامل رغم شعورها بكل شيء يحدث حولها، وها هي تشعر بأنها غير قادر حتى على الرمش رغم شعورها باطرافها جيدا، بكت بصمت غير قادرة على فتح فمها للصراخ حتى ابسط حقوقها منعوها منها، منعوها الدفاع عن نفسها أو حتى الصراخ.
شهدت فاطمة بعد ذلك اسوء وقت قد يمر على احداهن وهي تشعر بالالام تنتشر بجسدها يتحطم وكل ما تستطيع فعله هو البكاء بدون صوت، لم تستطع فاطمة التحمل أكثر من ذلك ليشفق عليها عقلها ويريحها من ذلك العـ.ـذ.اب وتسقط فجأة في غيبوبة قصيرة هروبا من كل ما يحدث، ولم تشعر بعدها بشيء سوى أنها فتحت عينها بصعوبة كبيرة على صوت جريان المياة تبعها خروج ذلك الرجل الاخر وليس جمال وهو ينظر لها نظرة قذرة هاتفا بطريقة مقيتة:.
صباحية مبـ.ـاركة يا عروسة
ويا ليتها كانت قادرة حتى على الرد عليه أو الصراخ في وجهها إلا أن تشنج جسدها قد بدأ يتفكك بعض الشيء لتشعر بأن هناك أحد صعد الفراش جوارها، ولم تتمكن من الاستدارة له لكن وصلها صوت جمال الواضح:
شوفتي لو كنتِ جيتي معانا من الأول كنا مشيناها ودي بس اقول ايه أنتِ عنيدة
ضحك مصطفى وهو يلقى المنشفة ارضا ثم نظر لها نظرة مخيفة لن تنساها طالما حييت:.
لو بقك ده انفتح بكلمة واحدة أو لمحتك في يوم هقــ,تــلك بس مش قبل ما اعيشك ليلة احلام زي امبـ.ـارح كده سامعة؟ ومتحاوليش انك حتى تتكلمي لان ببساطة مش هتلاقينا. بمجرد ما تقومي من هنا هنكون احنا الاتنين مشينا من البلد كلها
أنهى حديثه وهو يضحك بصخب ويشاركه في ذلك جمال...
وبعد ذلك اختفى الاثنان لتتمكن من الحركة بعد ساعتين وتخرج من ذلك المكان وهي تحاول تغطية جسدها بما تبقى من ثيابها بعدmا قطعها جمال لتكتشف أنها بقيت في ذلك المكان ليلة كاملة وقد بدأت الشمس تشرق، سارت في الشارع بصعوبة كبيرة تشعر أنها ستسلم روحها في اي ثانية حتى شعرت فجأة بالوجه يزداد أكثر وفجأة سقطت ارضا وهي تستمع لصرخات حولها لم تدرك منها شيء لتستيقظ بعدmا مستقبلة جحيمها...
خرجت فاطمة من ذكرياتها على صوت طرقات عالية وصوت زكريا يصـ.ـر.خ بها أن تفتح الباب، لتهز رأسها بنفي وهي تضع يدها على اذنها صارخة بهم أن يتركوها وشأنها هي لا تريد أحد معها ولا تود قرب أحد...
التصق زكريا في الباب من الخارج وهو يضـ.ـر.به بعنف شـ.ـديد هاتفها بها أن تفتح:
فاطمة افتحي الباب انا زكريا يا فاطمة افتحي ليا
بكت فاطمة أكثر وهي تصرخ بهم: مش عايزة اشوف حد ولا حتى إنت يا زكريا مش عايزة حد أمشوا كلكم.
انا عايزة ابقى لوحدي مش عايزة حد
كانت تتحدث وهي تبكي بشـ.ـدة من بين شهقاتها...
تحدث رشـ.ـدي وهو يشعر بو.جـ.ـع على رفيقه وما يعانيه: ايه اللي حصل يا ماسة؟
بكت ماسة بعنف وقد أضحت لا تفهم ما يحدث مع فاطمة: معرفش والله ما اعرف هي مرة واحدة جريت ومعرفش حصل ايه؟
تساءل هادي بشك: شوفتوا حد هناك؟
أجابت شيماء من بين شهقاتها: لا هو فرج بس اللي قابلناه صدفة هناك والله ومحصلش حاجة خالص مش عارفة ليه زعلت كده.
تحدثت ماسة بسرعة وهي تبكي: وصاحبك يا رشـ.ـدي شوفنا كما مصطفى هناك وسأل عليها، هو ممكن يكون ضايقها؟
عند تلك الكلمة ازداد ضـ.ـر.ب زكريا للباب وهو يقول مانعا دmـ.ـو.عه بصعوبة:
افتحي يا فاطمة بقولك بدل ما اكـ.ـسر الباب
لم تجب فاطمة عليه لكن صوت بكائها الذي على اجابه جيدا ليسقط هو ارضا وهو يبكي بو.جـ.ـع شـ.ـديد
انا اسف يا فاطمة حقك عليا خلفت بوعدي ليكِ، انا اسف افتحي عشان خاطر، افتحي يا فاطمة،.
كان يتحدث وهو يبكي بعنف يتذكر وعده لها أنها لن ترى مصطفى حتى يأتي اليوم الذي ينتقم لها به:
حقك عليا انا اسف بس افتحيلي ارجوكِ يا فاطمة، حقك عليا
كان يتحدث وهو يبكي بعنف فهو حتى لم يتمكن من حمايتها نفسيا من رؤية ذلك الحقير ليأتي له صوتها من الداخل:
امشي يا زكريا ومترجعش لاني مش هجبلك غير الحـ.ـز.ن وبس صدقني بعدك عني احسن ارجوك امشي
ضـ.ـر.ب زكريا الباب بغـــضــــب شـ.ـديد ليصـ.ـر.خ بها من بين دmـ.ـو.عه.
وأنتِ مالك؟ حد اشتكالك؟ افتحي الباب بقولك
صرخت فاطمة من الداخل بو.جـ.ـع شـ.ـديد به: مش هستنى لما تشتكي يا زكريا مش هستنى، تقدر تقولي من يوم ما عرفتني فرحت كام يوم؟ يا زكريا إنت من يوم ما عرفتني وما شوفتش لحظة واحدة سعيدة ارجوك سيبني وامشي.
كل يوم، كل يوم كنت بكون سعيد لاني بصحى وعارف إنك مراتي وعلى اسمي، كل يوم عشان كنت عارف إني هسمع صوتك، كل يوم عشان عارف إني هشوفك يا فاطمة، كل يوم وطول ما انتِ معايا هفضل سعيد، افتحي الباب ارجوكِ
بكت فاطمة بعنف من حديثه هي لا تستحقه، يستحق واحدة تجعل حياته سعيدة وليس تعيسة مثلما فعلت هي به:
ارجوك يا زكريا سيبني وعيش ارجوك ابعد عني.
اغمض عينه بو.جـ.ـع وهو يهمس لها بو.جـ.ـع شـ.ـديد: يا ليتْ كانَ ذلكَ مُمكنًا غاليتّي، لكنْ واللَّه حُكِمَ على قلبيّ أن يكونَ سجينًا مؤبدًا لقلبك
بكت فاطمة من الداخل أكثر لا تتحمل حديثه ذلك لتسمع بعدها جملته بصوت مختنق من الدmـ.ـو.ع هامسا وكأنه يحدث نفسه:
مِلْ عليَّ بكُل ثِقلك، وخــــوفك وحُزنك، كُلِّي يتحمُلك إنْ تعبَ بعضك مِن كُلَّك.
فجأة فُتح الباب بشكل فاجئ زكريا ولم يكد يستوعب الامر حتى كانت فاطمة تلقي بنفسها بين أحضانه وهي تبكي بعنف هامسة له ألا يتركها ابدا أن يظل جوارها دائما فهي لا تسطيع من دون، ليهمس هو لها بعشق:
حتى وإن ودّ العقل تركك، فمن يقنع القلب بالتخليّ عنكِ؟
ظلام هو كل ما يمكنه رؤيته في ذلك المكان، يصـ.ـر.خ منذ ساعات، لكن لا أحد يجيبه ابدا شعر بالانهاك الشـ.ـديد ليتوقف عن الصراخ وهو يتذكر كيف جاء هنا فبعدmا رأى تلك الفتاة في المطعم وركضها بذلك الشكل ومعرفة من تكون، ركض سريعا مبتعدا عن المكان عائدا لمنزله حتى يتحدث مع جمال رفيقه بعيدا عن الأعين وما كاد يهبط من سيارته حينما وصل المنزل إلا وشعر أن هناك ثقل شـ.ـديد يهبط على رأسه مسببا في أغماءه وها هو منذ افاق وهو يحاول مناداة أحد ليفك وثاقه، لكن ما من مجيب، أخذ يسب بعنف شـ.ـديد وهو يتخيل أن تلك الحقيرة عادت وأخبرت زوجها بأمره لكن إن هذا صحيح هل سيتمكن زوجها من فعل كل ذلك في هذا الوقت القصير؟ أو حتى أنها لم تخبر زوجها. إذا من أحضره هنا؟
كان يقف بعيدا وهو يراقب صراعه مبتسما بسخرية وقد استحال وجهه للسواد واحمرت عيونه بشكل مخيف وهو يتخيل بنفسه طرق لقــ,تــله ثم همس:
نهايتك على أيدي يا حـ.ـيو.ان
أنهى حديثه وهو يخرج هاتفه ثم ضغط على بعض الأزرار ووضع الهاتف على أذنه في انتظار أن يجيبه أحد، وصل إليه صوت عبر الهاتف ليتحدث بجمود شـ.ـديد وهو مازال ينظر لأخيه بشر:
هبعتلك عنوان، تعالوا عليه،.
↚
كان لا يعي بأي شيء حوله سواها هي فقط، تلك التي تستوطن أحضانه ومن قبلها قلبه، كان يضمها وهو يشعر بالجوع يكاد يفتت قلبه يتذكر حديثها السابق عن انفصالهما...
بينما هي كانت فقط تكتفي بأحضانه عن الكون كله متسائلة كيف تصبح حياتك غريبة بدون شخص ما بعدmا كان ذلك الشخص غريبًا عن حياتك.
عايزة تسبيني يا فاطمة؟
كان سؤالا معاتبا خرج منه دون وعي يود فقط أن يتأكد أنها لن تكرر الأمر مجددا أو تنطق بتلك الكلمـ.ـا.ت التي قــ,تــلته مرة أخرى...
رفعت فاطمة عينها له وهي تحاول ألا تبكي مجددا فيكفيها بكاءًا حتى اليوم يكفيها ضعفا وخذلانا...
احيانا بتمنى إني كنت اتجوزت الراجـ.ـل اللي بابا جابه ولا اني اتجوزتك يا زكريا وعـ.ـذ.بتك معايا واحيانا مش بقدر اتخيل ازاي كان ممكن تكمل حياتي من غيرك، مش عارفة انا عايزة ايه بس كل اللي عايزاه إني أفضل كده يا زكريا في حـ.ـضـ.ـنك دايما مهما قولتلك ابعد اوعك تبعد ارجوك متسبنيش يا زكريا.
تنهد زكريا وهو يضمها إليه بحنان يدرك ذلك الصراع داخلها جيدا يعلم بما تفكر ويعلم ما تشعر، ويا ليته كان له سلطة على عقلها لمحى تلك الأفكار ويا ليته يملك حكم على قلبها لأخذ منها أحزانها كلها، لكن كل ما يمكنه فعله الآن هو أن يحاول القصاص لها وبعد ذلك سيعمل على بناء ذكريات أخرى سعيدة له معها...
قطع كل ذلك صوت رشـ.ـدي الذي تنحنح وهو ينظر حوله للجميع المستمتع بما يحدث، رفع زكريا نظره لرشـ.ـدي بحنق شـ.ـديد وقد استوعب الان أين هما؟
اقتربت ماسة من رشـ.ـدي وهي تجفف دmـ.ـو.عها متحدثة بغـ.ـيظ شـ.ـديد: جرا ايه يا اخ انت؟ ازاي تقطع لحظة رومانسية زي دي؟ ولا هو عشان إنت ملكش فيها فمش مقدر
ابتسم لها رشـ.ـدي بعدm تصديق لما تقول ثم أشار لنفسه باستنكار هادرا:
انا؟ انا مليش في الرومانسية؟ طب خلي حد غيرك يقول كده طيب.
نظرت له ماسة بملامح ممتعضة لا تنسى ما قام به معها البـ.ـارحة ثم هتفت بغـ.ـيظ شـ.ـديد:
لا تكونش مفكر الكلمتين اللي بتقولهم دول رومانسية؟
شهق رشـ.ـدي وهو يعود بجذعه العلوي للخلف هاتفا بردح كالنساء: نعم يا ختي؟ كلمتين؟ كل اللي عملته من وقت ما اتصيت في نظري واتجوزتك من سنين كلمتين؟ ليه كنت بقول كل سنتين حرف ولا ايه؟
هز هادي رأسه بشفقة: لا حول ولا قوة إلا بالله يابني ده انا لسه كاتب كتابي على اختك وخلاص اجتزت مرحلة الاحضان، ده انت بعيد اوي
نظر له رشـ.ـدي بشر كبير يزجره بعينه: اسكت انت حسابك معايا بعدين عشان الاحضان دي، وانتِ حاضر لما نرجع البيت هوريكِ الكلمتين.
اشاحت ماسة بيدها بعدm اهتمام وهي تتذمر منه: يا عم بقى انتم مفكرين نفسكم بتعرفوا تتكلموا؟ بص زكريا كان بيعاكس فاطمة بالفصحى ازاي؟ انا عايزة واحد يكلمني فصحى ويقولي فديتك روحي يا روح الفؤاد
نظر الشابان لزكريا بملامح جـ.ـا.مدة ليرفع زكريا حاجبه بمعنى ماذا؟
زفر رشـ.ـدي ثم اقترب من ماسة قليلا وهو يهمس لها بنبرة حنونة بشـ.ـدة: عايزة فصحى يا ماستي وحد يقولك روح الفؤاد؟
هزت ماسة رأسها بنعم وهي تربع ذراعيها لصدرها تدعي الغـــضــــب لتسمع بعدها تلك النبرة المغرية الحنونة التي خرجت من فم رشـ.ـدي:
اذهبي للجحيم يا روح الفؤاد
أنهى رشـ.ـدي حديث وهو يشير لكلا من زكريا وهادي أن يتبعوه ثم خرج دون أن ينظر نظرة واحدة حتى لماسة التي تجمدت في ارضها من حديثه تفتح فمها بصدmة كبيرة لا تصدق كيف خدعها ذلك المحتال بنبرته الحنونة وهي من أغمضت عينها استعدادا لحديثه المعسول...
راقبت ماسة خروج زكريا وهادي خلف رشـ.ـدي لتمد اصبعها في الهواء تشير به نحو الاتجاه الذي خرج منه رشـ.ـدي صارخة بحنق شـ.ـديد:
تبًا لك
صمتت قليلا تتنفس بحدة ثم صرخت مجددا وهي تمد عنقها لعل صوتها يصل لرشـ.ـدي الذي انطلقت ضحكاته في الخارج عليها:
لتتعفن في الجحيم يا رشـ.ـدي يا ابن اسماء
ضحكت شيماء بشـ.ـدة على ماسة بعدmا كانت تبكي منذ قليل لتتوقف عن الضحك حينما وصلتها همسة هادي قبل أن يخرج:.
وأنتِ يا دبدوبتي اذهبي لأمي لحين انتهي حسنا؟
نظرت شيماء بيلاهة في أعقـ.ـا.ب هادي وهي تبتسم بدون وعي...
وبمجرد رحيل الثلاثة التفتت كلا من ماسة وشيماء بسرعة وتحفز لفاطمة التي مسحت دmـ.ـو.عها وهي تقول بغباء:
ايه؟ بتبصوا كده ليه؟
زفر زكريا بضيق وهو ينظر لرشـ.ـدي جواره بينما هادي كان يجلس جوار السائق متجهين صوب المكان الذي أخبر جمال رشـ.ـدي عنه...
ايه مالك!؟ من وقت ما خرجنا وإنت بتبصلي بصات مش مظبوطة، معجب ولا حاجة؟
كان هذا حديث زكريا الحانق من نظرات رشـ.ـدي المشتعلة ليصـ.ـر.خ به رشـ.ـدي بضيق وهو يضـ.ـر.ب كتفه بغـ.ـيظ:
عجبك كده؟ اديها شبطت في كلامك، اكلمها ازاي بعد كده؟
لم يفهم زكريا شيء من حديث رشـ.ـدي ليسمع بعدها صوت هادي وهو يحدثه ببسمة غـ.ـبـ.ـية من الامام:
بقولك يا زكريا يا حبيب اخوك عايزك تكتبلي كام جملة من اللي بتقولهم لفاطمة دول في ورقة صغير ة كده اثبت بيهم البت شيماء.
لوى زكريا شفتيه بحنق وهو ينظر من النافذة جواره ثم تحدث وهو يمسح وجهه بضيق:
جمال مقالكش عايزك ليه؟
هز رشـ.ـدي رأسه بو.جـ.ـع وقد كان يحاول ابعاد افكار زكريا عن الأمر حتى لا يفكر به ويحـ.ـز.ن، فمزاحه منذ قليل لم يكن سوى لصرف انتباهه عن الأمر، لكن يبدو أن زكريا قد أدرك ذلك بالفعل...
معرفش، هو قالي عايزكم في حاجة مهمة
تحدث زكريا بقلق شـ.ـديد وشك: انت متأكد يا رشـ.ـدي من جمال ده؟ قصدي يعني مش ممكن يكون بيخدعنا ويحمي اخوه؟
هز رشـ.ـدي رأسه برفض لحديث زكريا ثم تحدث بنبرة واثقة: لا يمكن انا واثق في جمال زي ما بثق فيك وفي هادي كده، رغم عدد مرات تعاملي القليلة معاه. بس مين ميعرفش جمال الاباصيري؟ ده معروف جدا ومعروف شـ.ـدته على أي حد بيرتكب غلط حتى لو كان الحد ده أبوه نفسه، الراجـ.ـل ده اساسا مظلوم في مكانه ده والله، المفروض يكون في كتيبة قوات خاصة.
هز زكريا رأسه وهو يغمض عينه يرجع برأسه للخلف مغمضا عينه بو.جـ.ـع مفكرا في طريقة لإسعاد فاطمة...
كان يجلس على مقعد بطريقة عكسية يراقب في الكاميرات أمامه أخيه وهو يحاول التحرر من قيده يحاسب نفسه ويجلدها بقسوة متسائلا أين أخطأ مع أخيه ليصل لتلك المرحلة؟ هو ظنه مجرد طائش يتصرف برعونة وعدm مسئولية، لكن أن يصل به الامر لاغـ.ـتـ.ـsـ.ـاب فتاة بتخطيط مسبق هذا ابدا ما لا يقبله ولا يغفره.
سقطت دmعه من عيون جمال وهو يتنهد ناظرا للسقف فوقه يحاول التحكم في غصته حتى لا ينهار، فهو على وشك فقد أخيه الذي تخلى عن كل شيء لأجله سابقا:
اه
تأوه صغير خرج منه محملا بو.جـ.ـع عميق وهو ينظر حوله يحاول الاستيقاظ من هذا الكابوس:
ليه كده يا مصطفى ليه؟ ليه توصلنا لهنا؟
أنهى حديثه وهو يبكي بضعف فمهما فعل يظل أخيه الصغير الذي حمله على كفوفه بعد ولادته مباشرة وهو يركض به في أرجاء المنزل صارخا أنه أصبح لديه اخ كرفاقه وأنه لن يكون وحيدا ابدا كما ظن، بل سيكون دائما مع أخيه الصغير.
بكى جمال وعلت شهقاته وهو يهمس بو.جـ.ـع: يا رتني كنت حبستك في البيت ومطلعتكش منه ابدا ولا اني اوصل اللحظة دي، يا رتني كنت منعتك من السفر ومنعتك من صاحبك ده.
مسح دmـ.ـو.عه وهو يتأوه بو.جـ.ـع مدركا جيدا أنه مهما بلغ و.جـ.ـعه فلن يصل لو.جـ.ـع تلك الفتاة التي سلبها أخيه ورفيقه حياتها لذا لا تراجع فيما قرره ابدا، أخيه سينال عقـ.ـا.به بالطريقة التي يختارها زكريا، هو فقط أحضره لهنا وسيتركه له ليقتص لنفسه ويطفأ نيران قلبه رغم تيقنه أن لا شيء سيفعل وبعدها هو سيعـ.ـا.قبه بطريقته الخاصة، بالقانون. نعم سيسلم أخيه بعدmا يجمع الأدلة ضده وهذا اقل ما يمكنه فعله وما يمليه عليه ضميره وانسانيته...
كان يمسك بيدها وكأنها ستهرب منه بأي لحظة وللحق هي كانت ستفعل ذلك على الاقل في رأسها كانت تفكر في ذلك، زفرت بثينة للمرة التي لا تعلم عددها وهي تجلس جوار فرانسو في أحد المكاتب الخاصة بمحامي ما يتحدث معه لمدة طويلة إصابتها بالملل حقا وهو يرفض حتى ترك يدها لذا صاحت بنزق كبير:
فرانسو،.
واه لو تعلم ما فعلت للتو بنطقها لاسمه لأول مرة بهذا الشكل لذا ابعد أنظاره عن المحامي وهو يمنحها كامل تركيزه يسألها بعينه عما تريد لتتحدث هي بضيق شـ.ـديد
ممكن تسيب ايدي؟
وكأنها أخبرته أن يتمسك بها أكثر حيث شعرت بيده تشـ.ـدد التمسك بيدها بعناد شـ.ـديد كطفل تطلب والدته أن يتركها قليلا وهو يهز رأسه برفض متحدثا بشك:
عايزة حاجة؟
الحمام، عايزة ادخل الحمام لو سمحت ممكن؟
كانت تتحدث بنبرة منزعجة وبسمة سمجة ليترك هو يدها على الفور بحرج شـ.ـديد ثم هو رأسه بإيجاب وهو يشير لخارج المكتب:
اخر الطرقة على اليمين هتلاقي باب لونه اسود هو ده الحمام
هزت رأسها بضيق شـ.ـديد وهي تنهض تاركة إياه وعينه تتابعها حتى خرجت من الباب ثم انتبه على حديث المحامي وهو يحاول جذب انتباهه مجددا...
هل نعود لحديثنا؟
ابعد فرانسو عينيه من على الباب بصعوبة وهو يعود للحديث معه صارفا انتباهه عن تلك التي استمرت في تعذيبه لسنوات طويلة والآن تكمل م
هذا بمهارة منقطعة النظير و دون حتى أن تشعر...
سارت في الممر وهي تمسح وجهها بعنف شـ.ـديد تشعر هذه الأيام أن روحها تائهة لا تعلم ماذا تفعل، شعور التيه والرتابة قد تلبسها لم تعد تنبهر بشيء ولا تعجب بشيء فهي كلما أحبت شيء فقدته، وهذا ترك غصة في قلبها لن تزول بسهولة...
ما بكِ انتبهي كدتِ تدهسين قدmي،
خرجت بثينة من شرودها على صوت صراخ جوارها، رفعت عينها ببطء تنظر لصاحب ذلك الصوت الرقيق هامسة بسخرية في نفسها أن فتيات هذه الدولة لهن نفس الصوت ونفس الرقة تقريبا، وبعد النظر لصاحب الصوت علمت أنهن يملكن نفس الشكل والمظهر والقوام أيضا ما هذا الملل حقا؟ هل هن مستنسخات!؟
رغم كل الصراخ الذي خرج من الفتاة إلا أن بثينة هزت رأسها باعتذار صامت مقتضب وتركتها تقف كالبلهاء بـ.ـارضها ثم تحركت جهة المرحاض متجاهلة كلمـ.ـا.تها والتي تراهن أنها سبات نابية...
تقدmت تلك السيدة بغـــضــــب شـ.ـديد بعدmا انتهت من صب جام غـــضــــبها على الهواء بعد رحيل تلك الوقحة، لتدخل مكتب المحامي دون أن تستأذن حتى من السكرتير، استدرات جميع الرؤوس لذلك الزائر الغير مرغوب به أبدا...
انظروا من لدينا هنا؟ فرانسو العزيز.
استدار فرانسو وهو يعلم جيدا صاحب الصوت بملامح جـ.ـا.مدة وهو يقول ببرود شـ.ـديد:
ماريانا،
راقبت فاطمة ملامح الهلع التي ارتسمت على وجه كلُّ من ماسة و شيماء بعدmا انتهت من قص حكايتها وذلك بعد إصرار كبير من ماسة لمعرفة سبب انهيارها المتكرر...
كانت شيماء تشعر بأن جسدها ينتفض رعـ.ـبا مما سمعته رغم أن فاطمة لن تتطرق لشيء ابدا او اي تفاصيل قد تسبب لها الانهيار مجددا، بل إنها اختصرت الأمر بجملة واحدة كانت أكثر من كافية لتصعق من أمامها
وانا صغيرة اتعرضت لاغت. صاب.
قد تبدو للبعض جملة بـ.ـاردة بعض الشيء أو لا مبالية بوقع هكذا جملة على النفوس، لكن فاطمة لم تجد داعٍ للبكاء وغيره فهي سبق وبكت كثيرا وانهارت أكثر والان قد تلبد قلبها من كثرة الاحزان وايضا يكفيها معرفة أن زكريا معها وجوارها ليهدأ ذلك القلب...
فاطمة،
توقفت ماسة عن التحدث وهي ترى بسمة فاطمة الموجوعة: بلاش يا ماسة صدقيني بلاش مواسات لاني مش بحبها والله أو بتقبلها الا من زكريا.
انهت حديثها بمزاح شـ.ـديد تحاول اخراج الفتاتين من تلك الصدmة فهي لا تود أن تتحول جلستهم للبكاء والمواساة وغيرها. لتجد فجأة شيماء تنفجر في البكاء وهي تضمها بشـ.ـدة مربتة على ظهرها لا تعلم السبب لكنها ابتسمت وهي تهدأ شيماء وكأنها هي الموجوعة...
بينما ماسة بكت دون اخراج صوت بل فقط بعض الدmـ.ـو.ع التي تتساقط من عينيها لتتحدث بعدها بصوت ابح قليلا بسبب كتمها لانفعالاتها:
أنتِ، أنتِ عارفة اللي عمل كده؟
نهض من مكانه بعد ساعة تقريبا كان يوبخ بها نفسه ويلعن أخيه ويترحم على صغيره الذي تلوث بأفعال قذرة، شعور خانق تلبسه في تلك الساعة وكم كان ممتنا لصوت الجرس الذي أخرجه من كل ذلك الظلام الذي أحاط به نفسه...
فتح جمال الباب بهدوء داعيا الجميع للدخول دون حتى محاولة مسح اثار دmـ.ـو.عه، أشفق رشـ.ـدي بشـ.ـدة على حالة جمال تلك لا يعلم كيف يواسيه فهذا أخيه بحق الله، لكن هو من جنى على نفسه...
بينما زكريا لم يهتز قلبه حتى لرؤية اثار الدmـ.ـو.ع على وجهه بل لم يشفق عليه لثانية، كلما تذكر بكاء ونحيب فاطمة وانهيارها ازدادت قسوة قلبه دون ذرة شفقة على أحد و قد نجح ذلك الحقير مصطفى في إخراج الجانب السيء الذي كان يجاهد لاخفائه...
أشار جمال لهم أن يتبعوه يسير بهم صوب غرفة الضيوف فهذه هي شقته الخاصة في إحدى البنايات التي كانت تحت الانشاء تقريبا...
خير يا جمال باشا؟ كلمتني وقولتلي اجي بسرعة فيه حاجة؟
هز جمال رأسه وهو يجلس بـ.ـارهاق شـ.ـديد مشيرا لهم بالجلوس يجيب على سؤال رشـ.ـدي:
ايوة يا رشـ.ـدي، انا. انا نفذت وعدي وجبتلكم جمال لغاية هنا تاخدوا حقكم منه وبعدها انا هعرف ازاي اخليه ياخد جزاته بالقانون.
نظر له زكريا بشك كبير لا يصدق أن هناك من يمكنه التضحية بأخيه هكذا، لكن ما لا يعرفه أن جمال تحمل الكثير من تصرفات أخيه وحاول إعادة صقله مجددا بعدmا تشوهت روحه، لكنه فشل مرارا وتكرارا متيقنا أن أخيه كان قضيته الوحيدة الخاسرة
طب والواد التاني ده؟
أخرجه سؤال هادي من شروده ليرفع نظره له وهو يتنهد بضيق: جمال، انا هعرف اخليه ينزل مصر و،
ينزل مصر؟ وهو برة مصر اساسا؟
كان سؤالا غاضبا من زكريا ليبدأ جمال في قص ما يعرفه: اللي اعرفه إن جمال سافر برة من كام سنة واتعين في شركة هناك ومن وقتها وهو على اتصال بمصطفى وكمان أعتقد أن مصطفى كان المفروض يحصله
هز زكريا رأسه ثم نهض وهو يقول بنبرة مرعـ.ـبة: طب هو فين مصطفى دلوقتي؟
نهض جمال ثم أشار له باتباعه لإحدى الغرف والتي والتي عنـ.ـد.ما فتحها وجدها تغرق في الظلام ليشير لإحدى الزوايا متحدثا بجمود ليس وكأنه يتحدث عن أخيه:.
خلصوا اللي عايزين تعملوه
أنهى حديثه تاركا الثلاث شباب يدلفون للغرفة بملامح مرعـ.ـبة اخفتها الظلمة التي تحيط بهم ببراعة شـ.ـديدة...
كان يجلس في إحدى اركان ذلك المكان الفسيح وبشـ.ـدة حتى رأى نور يخترق تلك الظلمة وظلال عديدة تقف أمام الباب لكنه وبسبب بعده في أحد الأركان لم يستطع أن يتبين من ذلك القادm لكنه وداخل قلبه قد بدأ يدرك تماما من أتى به ولماذا؟
ثوانٍ وسمع صوت الباب يُغلق آخذا معه النور الذي جاء به منذ قليل وساد بعد ذلك صمت طويل لم يقطعه سوى خطوات اقدام اخذت تقترب منه
ورغم كل ما تلبسه من خــــوف في تلك اللحظة إلا أنه برع وبشـ.ـدة في إخراج صوته ثابتا:
مين؟ انت مين وعايز ايه مني؟
وكان الرد على سؤاله لكمة عنيفة جعلت رأسه تكاد تسقط من على كتفه يتأوه بشـ.ـدة منها...
كان زكريا يتنفس بعنف لا يكتفي من تلك اللكمة بل تقدm مجددا وهو يضـ.ـر.به أكثر منفسا عن جزء صغير من الجحيم الذي يسكن قلبه وهو يتذكر همسات فاطمة المرتعبة يتذكر ارتجاف جسدها وهي تقص عليه ما حدث يتذكر خــــوفها من رؤيته وكل ذلك لا يزيده سوى عنفا أكثر جعل رفيقيه يتعجبون ذلك الواقف فلم يكن زكريا يوما من محبين العنف وإن كان غـــضــــبه مدmرا لكنه يوما لم يرفع يده على أحد والان يرون أمامهم شخص آخر يحركه غـــضــــبه ويعميه انتقامه...
كام زكريا يضـ.ـر.ب غير مباليا بصرخات مصطفى التي كادت تصم الآذان وهو يصـ.ـر.خ في الشخص الذي يضـ.ـر.به سابا إياه بأبشع الألفاظ...
توقف زكريا واخيرا عن ضـ.ـر.به وهو يتنفس بعنف شـ.ـديد يشعر بغـــضــــب يزداد اشتعالا أكثر واكثر ولا يقل ولو بمقدار ذرة واحدة، وفي تلك اللحظة التي توقف فيها زكريا عن ضـ.ـر.ب مصطفى كان رشـ.ـدي يستلم منه زمام الأمور ضاربا إياه بعنف منتقما لرفيقه ولزوجته وهادي أيضا الذي اندفع يشارك رشـ.ـدي في ضـ.ـر.به بغـــضــــب وغـ.ـيظ يكاد ينفجر داخله...
في الخارج كان يجلس بجمود على إحدى الارائك يستمع لصوت صراخ أخيه الذي كان يجاهد دائما لسماع ضحكاته، صغيره اللطيف الذي خطى اول خطواته وهو يمسك بيده الان يسير في طريق نهايته نحو الهاوية بعدmا أضحى مسخًا...
أرى انك ما زلت تتذكرني يا عزيزي،
ابتسم فرانسو بسخرية كبيرة وهو يتجاهلها متحدثا للمحامي: ما الذي أتى بهذه هنا؟
هذه تحمل أسمًا يا فرانسو لذا لا داعي لصلافتك تلك.
استدار لها فرانسو من جديد وهو مازال يجلس بكل برود: حقا؟ وانا لست مهتما بهذه حتى اكلف نفسي عناء تذكر اسمها الذي محوته منذ سنين طويلة
أطلقت ماريانا تأوها مصطنعا وهي تضع يدها على قلبها بخفة: يا لك من قاسٍ يا رجل لقد كـ.ـسرت قلبي لتوك.
لم يكد يجيبها حتى سمع طرقا على الباب أعقبه دخول بثنة التي رمقت ماريانا بتعجب شـ.ـديد تتساءل سبب وجودها هنا لتسمع صوت فرانسو وهو يدعوها للاقتراب، ورغم تعجبها إلا أنها اقتربت منه ببطء لتجد يده تسحبها جواره مقبلا خدها بحنان شـ.ـديد:
هل انتهيتِ جميلتي؟
لم تفهم بثينة شيء من حديثه لتتحدث ماريانا بحنق شـ.ـديد وهي ترمق تلك الفتاة من أعلى لاسفل:.
لا تقل لي أنك تعرف تلك الوقحة فرانسو. ستصيبني بخيبة أملٍ شـ.ـديدة في ذوقك يا رجل
تحدثت بثينة لا تفهم النظرات حولها ولا نبرات الحديث لكنها خمنت شيئا واحدا أن تلك التي تقف أمامهم بوقاحة منقطعة النظير ليست سوى زوجته السابقة:
هي دي بقى الحيزبونة مراتك؟
فتح فرانسو عينه بصدmة من حديثها لكن ما صدmة أكثر هو صوت ماريانا الذي خرج مستنكرا على حديث زوجته:
شو؟ مرته؟
اغمض فرانسو عينه بغـ.ـيظ شـ.ـديد وقد أوشكت خدعته على الانكشاف، للحق لم يتوقع أن تنكشف بهذه السهولة لولا مجئ تلك الحيزبونة كما تقول بثينة والتي لم تكن سوى زوجة صديقه المرحوم التي أتى ليقتنص منها ابن رفيقه قبل أن تفسده تماما...
يا ابن ال
شهقت فاطمة بعنف لا تصدق تلك السبة التي خرجت للتو من فم ماسة مستنكرة تماما أن تخرج من فم فتاة:
ماسة، ايه الكلام اللي قولتيه ده عيب مينفعش يخرج من بـ.ـنت ولا من اي شخص اساسا.
نظرت ماسة بغـ.ـيظ شـ.ـديد لفاطمة تشعل أنها تحترق من الداخل كما لو أن هناك من أوقد نارا بها ثم تركها تتحول لرماد:
انا، انا اساسا محستش بنفسي بس والله لو شوفته قدامي ل،
صمتت ماسة فجأة ثم تحدثت سريعا: هو حد يعرف بالحوار ده؟ قصدي زكريا يعني يعرف أن مصطفى هو اللي عمل كده؟
هزت فاطمة رأسها بنعم وهي لا تفهم سبب هذا السؤال لنرى بعدها بسمة واسعة ترتسم على وجه ماسة وهي تقول بتشفي:
كده نقدر نوزع قرص على روحه.
انهت حديثها وهي تنتبه لشيماء التي كانت شاردة بشكل مخيف لتضـ.ـر.ب كتفها بغـ.ـيظ:
فيه ايه يا زفتة أنتِ كمان؟
انا كنت هتجوزه لولا هادي؟
انهت شيماء حديثها لا تستوعب الأمر ابدا، أن تصبح زوجة لهكذا رجل إن صح تسمـ.ـيـ.ـته بهذا اللقب
ضحكت ماسة بسخرية وهي تتحدث لها: لا يا ختي اصل اخوكِ هو اللي جايبه اساسا
جايبة؟ ازاااا،.
قاطع كلمة كلمة شيماء صوت صرخات عالية يأتي من أسفل النافذة الخاصة بفاطمة تحركت ماسة صوب النافذة تنظر منها بتعجب لهذه الصرخات لتجد هناك شاب يقف أمام فرج متبجحا وجواره سيدة أخرى تصرخ كالمجنانين بشكل مريع...
تحركت ماسة بسرعة ترفع حجابها وهي تتحرك للخارج هاتفة: ده شكله الواد قليل الرباية ابن فرج رجع تاني
انهت حديثها وهي تخرج من الغرفة سريعا وخلفها كلا من شيماء وفاطمة لا تفهمان ما يحدث...
ضحكات عالية انطلقت من فمه وهو ينظر حوله للظلام المحيط وكأن ما يحدث ليس سوى مقلبا من أصدقاءه...
مفكرين إني هخاف من جو الافلام ده؟ تبقوا مغفلين.
لم يظهر أحد عقب كلمـ.ـا.ته لذا استمر في الحديث عله يستفزهم ليخرجوا وقد بدأ يتعب من كثرة الضـ.ـر.بات التي تلقاها من أشخاص حتى لم يبصر وجوههم ولكنه عرف جيدا من يكونوا:
ياريت بس وانتم جايين تكونوا جبتوا حريم معاكم لاحسن القعدة هتبقى ناشفة اوي.
أنهى حديثه وهو يطـ.ـلق ضحكات صاخبة رغم و.جـ.ـع فكة الذي كان شبه متأكد من أنه كُسر:
يعني ماسة ممكن تطري القعدة هي وشيماء إنما مرات الشيخ بلاش لاحسن بقت قديمة وانا بحب اااااااا،.
لم يكمل كلمـ.ـا.ته بسبب الركلة التي تلقاها بعنف شـ.ـديد شعر بسبها أن رقبته قد كُسرت ليُخرج واخيرا صرخة هزت جدران المكان بسبب قوة الضـ.ـر.بة، استدار ببطء وهو يحاول ألا يسقط مغشيا عليه من قوة الركلة لينظر في وجه ذلك الذي ضـ.ـر.به وسرعان ما اتسعت عينه بصدmة كبيرة وارتجف جسده وهو يراه يقف أمامه ينظر له بغـــضــــب جحيمي علم منه أن هذه ليست سوى بداية نهايته والتي تمنى أن تكون قريبة بعد رؤيته لتلك النظرات...
محدش هيخلص عليك غيري يا
ابتلع مصطفى ريقه وهو يهتف بـ.ـارتجاف وهو يميز صوت أخيه رغم ضعف الإضاءة في المكان، لكن مجرد طيفه هنا كفيل بإصابته بالفزع. لا يصدق أن الأمر وصل لأخيه وهو من ظن أنه سيتمكن من انهاءه بعيدا عنه كما يفعل كل مرة...
جمال، انت، انا مش، دول هما اللي جايبني هنا وب،
انا اللي جايبك يا مصطفى
فتح مصطفى عينه بصدmة كبيرة وهو يستمع لحديث أخيه لا يصدق أنه هو من أوقعه وسلمه لهؤلاء:.
انت؟ انت يا جمال اللي سلمتني ليهم؟ ده انا اخوك
انت وا.طـ.ـي يا مصطفى وانا ميشرفنيش واحد زيك يبقى اخويا، بعدين ايه مفكرني هداري عليك ده انت حتى اكتر واحد عارفني
شعر مصطفى بالخطر والان فقط احس بفداحة ما حدث له وبأنه لن ينجو تلك المرة بنفسه، أوليس أكثر من يعرف أخيه كما قال:
طيب هتعملوا ايه يعني؟ محدش عندي أي دليل.
انطلقت ضحكات جمال وهو ينظر لأخيه ثم اقترب منه هامسا: كده يا مصطفى يا حبيبي معندكش ثقة في اخوك؟ بس عموما خليني اطمنك واقولك إن الدليل معايا مش باقي بس غير الكـ.ـلـ.ـب التاني يجي هنا ووقتها اقدر انفذ اللي في دmاغي
أنهى حديثه وهو ينظر للجميع أن يخرجوا معه ويكفي اليوم حتى لا يمـ.ـو.ت متجاهلا صرخات أخيه التي علت من خلفهم وهو يحاول استعطافه:
جمال لا متعملش كده، يا جمال انا اخوك يا جمال، يا جمال.
اختفى صوت مصطفى وخفت بعد غلق الباب، استدار رشـ.ـدي لجمال وهو يسأله بجدية:
هتجيب التاني ازاي؟
ابتسم جمال بخبث وهو ينظر لزكريا ثم قال لهم: هقولكم،
بقى كده يا أبا؟ تجيب شوية بلطجية ليا؟ وريني بقى هيعملوا ليك ايه؟
أنهى ابن فرج الحديث وهو يشير لبعض الرجـ.ـال الذين أحاطوا بهم ليصـ.ـر.خ في الجميع:
هما فين اللي كانوا عاملين نفسهم رجـ.ـا.لة وبيتكاتروا عليا؟، الاستاذ اللي عامل نفسه شيخ وهو عيل اساسا والاتنين اللي معاه.
ارتعش فرج يدعو الله ألا يأتي أحد فهو لا يريد أن يتأذى أحد بسببه. اقترب ببطء من زوجة ابنه التي أصرت على القدوم مع زوجها هذه المرة:
يا بـ.ـنتي ما يصحش كده؟ خدي جوزك وارجعوا بيتكم وانا اللي هجيلكم واللي عايزينه هعمله بس بلاش مشاكل
نظرت له السيدة بحنق شـ.ـديد: يعني ايه؟ عايز ابنك يسيب اللي ضـ.ـر.بوه كده من غير ما ياخد حقه؟ ليه مخلف نسوان ولا ايه يا أبا؟
ايه اللي بيحصل هنا؟
التفت الجميع لذلك الصوت والذي كان صوت فاطمة وهي تنظر لهم بشر وهناك نيران داخلها بعدmا سمعت حديث ذلك الرجل والذي علمت جيدا أنه يقصد به زكريا:
فيه ايه؟ وايه البلطجية اللي جايبها دي؟
كانت توجه حديثها لذلك الرجل بغـــضــــب شـ.ـديد وهي تقف جوار فرج بينما ماسة كانت تأخذ وضع استعداد في انتظار كلمة واحدة لتخرج كل غـــضــــبها فيهم...
نظر الرجل لفاطمة من أعلى لاسفل نظرة جعلت داخلها يشتعل أكثر وهي تتذكر نظرات هؤلاء القذرين ليزداد غـــضــــبها وهي تهتف في وجهه:
بتبص على ايه؟ عينك في الأرض يا حـ.ـيو.ان
رفع الرجل نظره لها ثم قال بسخرية كبيرة: ايه هما استخبوا وبعتوا حريم ليا ولا ايه؟
ما انت عارف بقى مينفعش الرجـ.ـا.لة يدخلوا في خناقة مع الحريم زي ما قولت عشان محدش يغلطهم
التفت الرجل صوب ماسة التي كانت تتحدث ببسمة بـ.ـاردة وهي ترتقب منه.
حركة واحدة حتى تنشب باظافرها في وجهه مستنكرة وبشـ.ـدة ذلك الهدوء الغريب الذي يتخذه رجـ.ـال المكان منهجا فهن لم يتدخلن إلا حينما رأوا ذلك التخاذل الغريب...
تقدm لؤي يدفع الجميع من أمامه حينما ركض إليه فتى صغير يخبره بتشاجر زوجة الشيخ زكريا مع أحد الرجـ.ـال...
انطلق لؤي لفاطمة بتحفز يسألها: في ايه يا فاطمة حد عملك حاجة؟
تنحت فاطمة جانبا احتراما لوالد زوجها وهي تشير للرجل متحدثة بحنق:.
الاستاذ ده جايب شوية بلطجية وجايين يعلوا صوتهم على فرج وعمال يقل أدبه على زكريا
انهت كلامها وهي ترمي له بنظرة حاقدة لينظر لؤي صوب الرجل وهو يشير بعينيه لفاطمة بأخذ الفتيات والصعود:
اطلعي أنتِ وماسة وشيماء دلوقتي
ثم نظر للشاب وهو يتحدث له بهدوء: فيه ايه يابني؟ هو كل ما تلاقي نفسك فاضي تيجي تعمل مشاكل هنا؟
بقولك ايه يا عم الحج متدخلش، انا ليا حق هنا وجاي اخده.
تحركت فاطمة للأعلى تنفذ حديث لؤي حتى لا يغـــضــــب منها زكريا إذا علم بتدخلها ذلك بينما ماسة كانت تغلي خلفها من الغـــضــــب تود لو ترى أحد أمامها فتخرج غـــضــــبها فيه كله...
ايوة زي ما بقولك كده يا هادي جه تحت وقعد يزعق ويقول هو فين الاستاذ اللي عامل نفسه فندام ده. بيلقح عليك يعني، وعمال يضـ.ـر.ب في خلق الله
نظرت ماسة لشيماء وهي تبتسم بسخرية عليها...
دخلن الثلاثة لمنزل فاطمة ثم اتجهوا للنافذة سريعا وهن يشاهدون ما يحدث...
هو قال كده؟ ليلة أهله مش معدية، سرع يا عم إنت ودوس بنزين
كان هذا حديث هادي وهو يصيح في السائق جواره بحنق وجواره رفيقيه ولا احد يفهم ما به...
ايوة زي ما بقولك يا هادي وكمان صح ده جايب معاه بلطجية كتير اوي يعني خلي بالك
ابتسم هادي على تلك الدبدوبة وهو يهتف بمزاح: يعني الف واجي من اخر الحارة ولا اتنكر؟
لوت شيماء فمها بحنق شـ.ـديد وهي تهتف بصوت مغتاظ: تصدق بالله انت ظريف اساسا وانا اللي كنت عايزة أحذرك عشان ميعملش ليك عاهة مستديرة.
سخر هادي من حديثها وهو يردد كلمتها
مستديرة؟ ليه هتعارك مع بَرجل؟ اقفلي يا شيماء اقفلي خليني اشوف الدنيا
أنهى حديثه وهو ينظر للمرآة مرردا بنبرة مازحة: اتمنى متكنوش فرغتوا طاقتكم في مصطفى عشان عندكم طالعة كبيرة،.
نودع الاحزان قليلا ولنتسعد لبعض الجنون في الفضل القادm والكثير الكثير من الضحك كل ذلك في الفصل القادm...
بعتذر إذا كان البـ.ـارت قصير بس والله بسبب تعبي مقدرتش اكتب أكثر وكنت هلغي البـ.ـارت بس انا اساسا عايزة اخلص الرواية ومش عايزة كل شوية الغي وأأجل عشان كده نزلته هو أقل من كل مرة بحاجة بسيطة مش كتير. واستعدوا معايا لبعض الجنون البـ.ـارت القادm...
وحتى ذلك الوقت اقول لكم.
↚
تقدmت السيارة واقتربت من حدود الحارة التي يقطن بها الشباب ليهتف هادي مشيرا بيده للسائق.
بس وقف هنا تسلم، انزلوا يلا
نظر كلا من زكريا ورشـ.ـدي لبعضهما البعض لا يفهمان شيئا من حديث هادي فهو أخبرهما بحدوث شجار دون توضيح أسباب أو مع من سيتم الشجار والان جعلهم يهبطون في بداية الحارة، يبدو أنه واخيرا قد جن هادي.
نظر هادي للسيارة وهي ترحل من أمامهم ثم بعدها استدار لأصدقائه وهو ينفخ صدره بشكل مثير للضحك ذكّر رشـ.ـدي بيوم قلدته شيماء يسير بطريقة مضحكة وهو يقول بجدية وقوة:
ورايا يا رجـ.ـا.لة عشان فيه شوية حشرات مزعجة في الحارة.
أنهى حديثه وهو يتحرك من أمامهم نافخا صدره وخلفه زكريا ورشـ.ـدي يضحكان بشـ.ـدة عليه ظانين أنه يمزح لا أكثر، لكن حينما اقتربوا من المنطقة التي تقع منازلهم بها ورأوا ذلك الكم من الأشخاص يقفون وهم يحملون عصيّ خشبية توقف هادي فجأة وهو ينظر لهم بصدmة هاتفا بصوت مسموع للاثنان:
مقالتليش أنهم كتير كده؟ يا وا.طـ.ـية يا شيماء
تنحنح وهو يعتدل في وقفته وينظر خلفه لاصدقاءه متحدثا بجدية مضحكة:.
تقريبا كده نسيت موبايلي في العربية، هروح الحق السواق قبل ما يطمع فيه والبركة فيكم بقى
أنهى حديثه وهو يكاد يستدير خارجا من الحارة كلها لولا يد رشـ.ـدي التي امسكت بثيابه من الخلف هاتفا بسخرية وهو يرمق يده:
مساء الفل يا حبيبي التليفون في ايدك، تعالى بس ده انت حتى البركة بتاعتنا
أنهى حديثه وهو يسير متغلغلا لداخل المنطقة وجواره زكريا جاذبا بيده هادي الذي كان ينظر حوله للرجـ.ـال هامسا:.
ماشي يا شيماء والله لاوريكِ عمالة تحميني من غير ما تحذريني، شكلك هتلبسي الاسود قبل ما تلبسي الابيض
توقف رشـ.ـدي وهو ينظر لما يحدث حيث كان لؤي يتحدث بحدة كبيرة مع أحد الشباب الذي لم يتضح له هيئته من ظهره.
بابا فيه ايه؟
كانت هذه الكلمـ.ـا.ت تنطلق من فم زكريا والتي التفت الشاب على إثرها وهو يبتسم بسمة مقيتة متحدثا بخبث شـ.ـديد:
واخيرا نورتوا؟ ده احنا مستنين من بدري يا راجـ.ـل.
نظر له زكريا بتعجب مصطنع وهو يشير له ولرفاقه: احنا؟ والله ما نعرف ولا حد بلغنا انك مستنينا،
معلش ما احنا برضو اللي جينا من غير معاد
أنهى الرجل حديثه وهو يشير للرجـ.ـال بيده ليرفع الجميع ما يحمل بيده مشهرا إياه في وجه الشباب ليهمس هادي في اذن رشـ.ـدي:
شوف الجمدان رفع بس صباعه قاموا رفعوا العصيان في وشنا، يلا بقى يا رشـ.ـدي ارفع المسدس في وشهم وخليهم يمشوا.
ابتسم رشـ.ـدي بسخرية كبيرة وهو ينظر لهادي ثم قال بحنق: مكانش يتعز يا حبيبي بس مش هينفع
ليه المسدس فاصل شحن ولا ايه مش فاهم؟
زفر رشـ.ـدي بحنق شـ.ـديد وهو ينظر بغـ.ـيظ لذلك الأحمق متمتما: مش فاهم اللي خلاك محامي ده كان بيفكر في ايه؟ يا ذكي لو عملت كده يبقى اسمها ترهيب العامة. اني اشهر مسدسي في مكان عام ده ممكن اتكدر بسببه الا طبعا لو مسألة حياة أو مـ.ـو.ت.
لم يكد هادي يجيبه حتى قاطعه ابن فرج وهو يصـ.ـر.خ بغـــضــــب في وجه زكريا وقد بدا أنه كان يتحدث معه في أمر ما مما أغـــضــــب الشاب بشـ.ـدة:
انتم مستنين ايه هاتولي العيال دي زاحفة
نظر هادي حوله وهو يرى الجميع يهجم عليهم بسرعة كبيرة لدرجة لم يستوعب الامر بسرعة حتى سمع صرخة رشـ.ـدي به ليبدأ في صد بعض الضـ.ـر.بات من هؤلاء الرجـ.ـال، لكن وبسبب أن بعض هؤلاء الرجـ.ـال يحملون عصيّ كان الأمر صعب قليلا.
كانت الفتيات تشاهدن الامر من الأعلى وقد ازدادت حدة الأجواء والجميع في ترقب لما يحدث خاصة بعد تدخل شباب من الحارة لمساندة زكريا وأصدقاءه بسبب لؤي الذي ركض وأحضرهم عنـ.ـد.ما رأى أن الأمور بدأت تخرج عن السيطرة...
كان زكريا يضـ.ـر.ب بغـــضــــب كل من يأتي أمامه مفكرا بسخرية أنه يضـ.ـر.ب ويستخدm العنف للمرة الثانية في يومه وهو من كان يأبى حتى أن يرفع يده على أحد سابقا لكن هذه هي الحياة إن إتخذت السلام سبيلا، اجبرتك على أخذ المهانة شعارا...
سقط هادي ارضا وهو يتأوه بعنف بسبب ضـ.ـر.بة أحدهم على ذراعه بعصا بعنف شـ.ـديد. لتعلو صرخاته في الأجواء لكنها ضاعت بين الصرخات الأخرى والسباب والأصوات الغاضبة، نهض هادي بغـــضــــب شـ.ـديد وهو يركض بغـ.ـيظ صوب ذلك الرجل الذي ضـ.ـر.به ليطيح به ارضا بعدmا اندفع آخذا إياه في عناق ثم سقط به ارضا وبعدها انقض عليه بعنف...
كان رشـ.ـدي يحاول أن يصد جميع الضـ.ـر.بات التي توجه له فكلما أراد أن يخرج هاتفه محدثا وحدته للمجئ يجد أن هناك أحد ما ينقض عليه...
كانت كلا من شيماء وفاطمة تمسكان ماسة بصعوبة عن الهبوط للاسفل فهي كلما رأت أحدهم يقترب من رشـ.ـدي كانت تصيح بعنف شـ.ـديد تحذره وكأنه يستمع لها، وإذا رأت أحدهم يضـ.ـر.به أو يوجه له شيء تظل تطلق بعض اللعنات وهي تكاد تقفز من النافذة تنقض عليه وتقطعه بأسنانها...
هبط من سيارته بهدوء شـ.ـديد وهو يتوقف بها على بعد مناسب من ذلك الشجار الذي يحدث امامه ويبدو أنه مشتعل وبشـ.ـدة، خلع نظارته الشمسية وهو يغلق باب سيارته متقدmا من الشجار ينظر به بتعجب شـ.ـديد ليلمح زكريا ورشـ.ـدي وهادي، فقط هم من تعرف عليهم، وببرود شـ.ـديد يُحسد عليه تقدm صوب القهوة وهو يجلس على أحد المقاعد واضعا نظارته على الطاولة بهدوء وهو ينظر للصبي الذي يقف جواره يترقب الشجار بحماس شـ.ـديد:.
لو سمحت كوباية قهوة سادة
استدار صبي القهوة بتعجب لذلك الصوت جواره ليلمح رجلا يبدو غريبا عن المكان بثيابه التي لا تحمل ولو ذرة غبـ.ـار عليها وشعره المرتب بشـ.ـدة
نعم؟
تحدث جمال بعدm فهم لكلمة الصبي: نعم ايه؟ بقولك عايز قهوة سادة
أشار الصبي صوب الشجار الذي كان في أوج اشتغاله في تلك اللحظة والذي يقبع أمام القهوة بخطوات فقط وكأنه يخبره أي قهوة تلك في وسط الحرب هل أصبت بالعمى؟
لكن جمال لم يهتم بل ابعد نظره عن الصبي وهو يراقب ما يحدث امامه باستماع شـ.ـديد لطالما احب المشاهدة من بعيد دون أن يزعج نفسه. حسنا هو اتى لسبب وسوف يقوم به ثم يرحل بهدوء دون أن يزعج نفسه بهكذا أمور سخيفة، لكن رغم ذلك كان رحيم وحنون لدرجة أنه أخرج هاتفه واتصل بوحدته للمجئ هنا وتوقف تلك الحرب الغـ.ـبـ.ـية بين هؤلاء الشباب المزعجين...
كان هناك اثنين يمسكان بهادي وآخر يضـ.ـر.به بعنف شـ.ـديد ليبصق هادي بعض الدmاء في وجهه وهو يصـ.ـر.خ بغـ.ـيظ ومزاح في غير وقته:
ايه يا رشـ.ـدي يا حبيبي مش ده حياة أو مـ.ـو.ت؟ ولا تحبني اتقطع بانيه الاول عشان توقف الدنيا هنا؟
لم ينتبه رشـ.ـدي لحديث هادي وقد كان منشغلا بأحد الشباب في يده بينما زكريا ركض صوب هادي وامسك الشخص الذي يضـ.ـر.به من الخلف وهو يلف ذراعيه حول رقبته على وشك خـ.ـنـ.ـقه وقد وصل زكريا لأقصى مراحل غـــضــــبه...
ومن الاعلى كانت جميع النساء تقف في الشرفات تطلق الصرخات التي لا تفيد، لكنها كانت تضفي بعض الإثارة للأجواء، وعلى إحدى النوافذ كانت الفتيات يشاهدن ما يحدث بعجز كبير حتى صرخت ماسة بغـــضــــب شـ.ـديد وهي ترى أحدهم يضـ.ـر.ب رشـ.ـدي بعنف:
اه يا زبـ.ـا.لة يا تربية،
توقفت عن الحديث فجأة وقد خطرت في بالها فكرة ما لتنظر بسرعة لفاطمة التي كانت تبكي على زكريا جاذبة إياها من ذراعها تهزها بحنق:
بت بطلي زن وقوليلي عندكم خرطوم هنا؟
نظرت لها فاطمة من بين دmـ.ـو.عها بعدm فهم
خرطوم؟
هزت ماسة رأسها وهي تشرح لها ما تريد بالتحديد متجاهلة شيماء التي كانت تصرخ جوارهم بسبب رؤيتها لكل ما يحدث:
ايوة الخرطوم اللي بنوصله بالماية ده
هزت فاطمة رأسها بتشوش لا تفهم مقصد ماسة من كل ذلك: ايوة بس ليه؟
ابتسمت ماسة بخبث وهي تتحدث: اتفرجتي على فيلم الباشا تلميذ؟
نظرت فاطمة بغباء شـ.ـديد لماسة لا تفهم فيما تفكر أو ماذا تقصد وما مناسبة ذلك الفيلم الان في وسط تلك الحرب، لكن رغم ذلك هزت رأسها بنعم لتبتسم لها ماسة وهي تقول باستمتاع:
حلو اوي ايه رأيك نعيد مشهد الفرح؟
كان الصبي يقف جوار طاولته وهو يراقبه كيف يحتسي قهوته بكل برود غير آبها بكل ما يحدث حوله لكن فجأة على صوت الصراخ واقترب منهم وبدأت بعض الاشياء تتطاير، تحرك الصبي للداخل سريعا وقد قرر أن يتابع من الداخل تاركا إياه يجلس مكانه بلا أي ردة فعل حتى فجأة سقط أحدهم على الطاولة التي كانت تجاوره كاسرا إياه...
نظر جمال ارضا لنظارته التي كُسرت بأسف شـ.ـديد وهو ينحني للرجل الذي كان يتأوه بعنف شـ.ـديد بسبب سقوطه العنيف على الطاولة متحدثا بحـ.ـز.ن شـ.ـديد:
تعرف ان بيطلع عيني عشان الاقي ماركة النضارة دي؟
رفع الرجل نظره بتعجب لذلك الصوت وهو يتأوه ليهز جمال رأسه بقلة حيلة ثم وفي ثواني كانت لكمته تصطدm في وجه الرجل ثم نهض متجها صوب الشجار:
حظك انك تعبان دلوقتي والا كنت اخدت منك حقها تالت ومتلت بس ربنا يعينك على اللي انت فيه.
أنهى حديثه وهو يقف في منتصف الشجار ثم انحنى قليلا ومد يده نازعا أحد الرجـ.ـال بعنف وقد كان منكبا فوق اخر يضـ.ـر.به بعنف والذي لم يكن سوى زكريا، نزع جمال الرجل من فوق زكريا وبعدها ضـ.ـر.به برأسه بشـ.ـدة ثم مد يده لزكريا الذي رفع عينه له ثوانٍ قبل أن يمسك بيده وينهض ليتحدث جمال:
مفيش داعي للشكر احنا اخوات.
ضحك زكريا ضحكة صغيرة مع هزة بسيطة من رأسه بلا معنى تقريبا تاركا إياه وهو يتجه صوب رشـ.ـدي يمد له يد العون بعدmا تكالب عليه البعض طارحين إياه ارضا...
نظر جمال حوله بملل ثم كاد يعود صوب مقعده مجددا لولا تلك اللكمة التي سقطت على وجهه مانعة إياه من الأمر، اعتدل جمال في وقفته وهو ينظر للشخص الذي ضـ.ـر.به متحدثا وهو يرد له اللكمة بأشـ.ـد منها:
مش معنى اني سامحت في النضارة ابقى طيب.
تحركت صوب النافذة وهي تحمل خرطوم الماء مبتسمة بشر وكلا من شيماء وفاطمة يرمقونها بعدm فهم لتقف ماسة أمام النافذة مباشرة وهي تقول بخبث:
ثوانٍ والفرح ده كله يتلم
انهت حديثها تزامنا مع تدفق المياة بعنف شـ.ـديد من الخرطوم والذي سقط بشكل عنيف على الجميع بسبب ارتفاع الطابق الذي تقذف منه المياة ولشـ.ـدة الضغط في الخرطوم والذي كان مخصصا للحرائق...
كان الجميع منـ.ـد.مجين فيما يحدث وفي الشجار حتى فجأة شعروا بمياة عنيفة تتساقط على رؤوسهم مسقطة اياهم ارضا...
وبعدmا كانت حربا طاحنة أصبح المكان اشبه بلعبة مائية وقد كانت ماسة تضـ.ـر.ب بالخرطوم جميع رجـ.ـال ابن فرج بغـــضــــب وغل كبير وبالطبع نال زكريا والرفاق البعض من ضـ.ـر.بات ماسة...
ابتسم هادي وهو يرى الرجـ.ـال يتساقطون بحدة مما يحدث ضاحكا وهو يلاحظ الفاعل:
طب والله البت ماسة دي بمـ.ـيـ.ـت راجـ.ـل.
أنهى كلمته ببسمة واسعة وهو ينظر لثيابه التي ابتلت بعض الشيء لكن وقبل أن يتحدث بكلمة إضافية كان الخرطوم يوجه لوجهه بعنف شـ.ـديد ليسقط ارضا وماسة تصرخ بغـــضــــب من الاعلى بصوت لم يصل لهم:
عمالة اقولك اوعى من وشي وانت مش بتسمع
أسقطت ماسة هادي بغـ.ـيظ شـ.ـديد غير مهتمة به لتصل لأحد الرجـ.ـال خلفه وتسقطه هو الآخر...
انطلقت ضحكات رشـ.ـدي العنيفة على هادي لا يتحمل مظهره فهو فتح فمه وكان وشك التحدث ليجد دفعات عنيفة من المياة تصطدm في وجهه مسطقة إياه ارضا.
انحنى رشـ.ـدي على ركبتيه يضحك بعنف على هادي وهو يستمع لصوت سيارات الشرطة التي ملئت المكان، وما كاد يتوقف عن الضحك حتى شعر بدفقات عنيفة من المياة تصطدm به بإصرار شـ.ـديد ليسقط ارضا بعنف شـ.ـديد ولم يستطع النهوض فكلما حاول النهوض اسقطته ماسة مجددا بكل حقد شـ.ـديد متذكرة صراخه في وجهها وما فعله معها لتضـ.ـر.به بعنف بالماية متجاهلة نظرات الغـــضــــب التي وجهها لها...
ضحك كلا من زكريا وجمال الذي لم يتحمل الأمر وايضا هادي الذي كان ينهض بصعوبة بسبب المياة أسفله وأيضا بسبب ضحكاته على رشـ.ـدي
تبًا لبرودك يا رشـ.ـدي
كانت ماسة تصرخ بتلك الكلمـ.ـا.ت وهي تضـ.ـر.به بالمياة وهو يصـ.ـر.خ بها أنه سيقــ,تــلها عنـ.ـد.ما تقع تحت يده...
هوريكِ يا ماسة بس اصبري عليا
لتجيبه هي بكلمـ.ـا.ته التي سبق وحطم بها آمالها سابقا: اذهب للجحيم
أنهت كلمـ.ـا.تها وهي توجه المياة لجميع الشباب متحدثة بكلمـ.ـا.ت لم تعبر حدود النافذة:.
ليذهب جميع الرج. ال للجحيم
سقط الجميع ارضا بسبب المياة ليعلو صوت جمال حانقا وهو يتوعد الفاعل...
فجأة وفي وسط كل ذلك توقفت المياة عن التدفق لتنظر ماسة بشر خلفها صارخة:
ايه اللي قفل الماية؟
تحدثت فاطمة والتي كانت لا ترضى ابدا عن تصرفها: الماية قطعت يا قلبي، منيرة هتتعصب اوي من فاتورة الماية اخر الشهر.
نظرت ماسة للنافذة بشر وهي تهمس: وزارة الريّ انقذتك من ايدي يا رشـ.ـدي والا مكنتش خرجت من تحت الماية غير وانت بايش.
في الاسفل كان رشـ.ـدي في أوج غـــضــــبه من تصرفات ماسة الصبيانية متوعدا لها برد قاطع لوضع حد لها فهي قد تمادت كثيرا فيما تفعله فهي ليست طفلة في النهاية لتقوم بمثل هذه التصرفات، نظر حوله ليجد زكريا يجلس ارضا في وسط الوحل الذي نتج من تلاحم ذرات المياة بالأرض الرملية اسفلهم، كان يجلس بلا اهتمام لأي شيء وجواره هادي الذي يتنفس بعنف شـ.ـديد بعد هذه المعركة الطاحنة...
تسطح زكريا على الأرض دون الاهتمام لشيء وهو يتنفس بعنف شـ.ـديد فقد نفس للتو الكثير من غـــضــــبه في ضـ.ـر.ب هؤلاء الرجـ.ـال يغمض عينه ومازال صدره يعلو ويهبط بعنف...
بينما الجميع ينظر له بعدm فهم لتصرفاته فهو يستلقي في بركة من الوحل الان، لكن زكريا كان ابعد ما يكون عن عالمهم الان بل كان هناك في عالمه هو ومعها هي فقط يفكر إلى متى، إلى متى سيستمر هذا الو.جـ.ـع؟
نظرت ماسة حولها لتلك النظرات المستائة...
فيه ايه منك ليها بتبصوا عليا كده ليه؟
نهضت فاطمة من فراشها وهي تتجه صوب ماسة صارخة بغـــضــــب شـ.ـديد لتصرفاتها تلك:
أنتِ ايه يابـ.ـنتي مش طبيعي اللي بتعمليه ده أنتِ مش بتحسي بنفسك وأنتِ بتعملي المصـ يـ بـةولا ايه انا مش فهماكِ
تراجعت ماسة في الفراش سريعا وبخــــوف من صراخ فاطمة والتي فاجئتها بالأمر تماما لتردد بريبة من نظراتها:
بتزعقي ليه انا كنت بساعدهم.
أخرجت فاطمة صوتا ساخرا من حنجرتها وهي تنظر لشيماء مشيرة لماسة بمعنى انظري لقد ظلمناها فهي كانت تساعدهم فقط
ضحكت شيماء ضحكة صغيرة وهي تنظر لماسة بضيق: وبالنسبة للدوش الاخير اللي نزل على دmاغهم ده كان مساعدة؟
لا انتقام
وفي ثوانٍ دون أن تعي الأمر كانت فاطمة تنقض بغـــضــــب شـ.ـديد على ماسة صارخة بها وهي تحاول خـ.ـنـ.ـقها:
وزكريا ماله بانتقامك؟ الواد بهدلتيه منك لله.
حاولت ماسة ابعاد يدها وهي ترى جنونها لتصرخ بحنق: اه قولي كده بقى الموضوع كله انك خايفة على حبيب القلب مش مضايقة من تصرفاتي، عموما يا روحي آخرها واحدة بنادول ويكون زي الفل
لك شو يا رفيق، لتكون مفهمها إني مرتك؟ إذا كان هيك فأنا ماني ممانعة خصوصا إنك بتعرفني بحبك كتير.
أنهت حديثها وهي غير واعية للقنبلة التي القتها منذ قليل بين الجميع تاركة بثينة في حالة صدmة وغباء مفاجئ تحاول جاهدة أن تربط الأمور ببعضها وتعلم ما يجري حولها فهي أصبحت تائة حقا، بينما كان فرانسو لا يرفع عينه من عليها يرتقب أي تعبير في وجهها...
اوبس الظاهر إني خربتا ع الاخير مو هيك؟
جز فرانسو على أسنانه بغـــضــــب شـ.ـديد وهو ينظر لها صارخا بها أن تتوقف، لكن وقبل أن ينطق كلمة كان جسده كله يتيبس برعـ.ـب تحت لمسات بثينة التي تحركت له دون أن يشعر وضمت نفسها له بحب كاد يظنه حقيقة وهي تنظر للفتاة هامسة ببسمة غير مهتمة ابدا:
لا يا قلبي متخافيش مفيش حاجة اتخربت، ده بس فرانسو حبيبي كان بيختبر غيرتي عليه،.
انهت حديثها وهي ترفع عينها لفرانسو تربت على ذقنه بحنان: بس هو عارف اني بحبه ومكانش لازم يعمل كده
حسنا الان بدأ يخاف فعليا من هذا التهديد الذي سمعه للتو، ابتلع ريقه بخــــوف وهو ينظر أمامه لماريانا التي قلبت عينها بملل ثم عادت للتحدث باللكنة الفرنسية:
حسنا لننتهي من هذا الأمر المزعج، لقد أخبرتك سابقا فرانسو شرطي الوحيد للتخلي عن ابني لك.
مسح فرانسو وجهه وهو يرمقها بغـ.ـيظ: وانا أخبرتك سابقا ماريانا أنني سآخذه منكِ ودون أن انفذ شرطك الغـ.ـبـ.ـي
ابتسمت ماريانا بألــم وهي تنظر لتلك التي تتعلق بذراعه متحدثة بنبرة متألــمة:
لأجل تلك الفتاة أليس كذلك؟ هذه هي الفتاة التي رفضت زواجك مني سابقا لأجلها وهي نفسها التي كنت تحدث محمد عنها صحيح؟
اشتدت قبضة فرانسو حول بثينة دون أن يشعر وهو يردد بصوت مرعـ.ـب: هذه، تكون زوجتي ماريانا ونعم هذه هي التي رفضت زواجك لأجلها وماذا فعلتي أنتِ؟ ذهبتي وتزوجتي بصديقي بكل وقاحة.
ابتسمت ماريانا بصعوبة و قد سقطت دmـ.ـو.عها على حديثه. حسنا ليست هذه المرة الأولى التي تسمع بها كلمـ.ـا.ته، ولكنها هذه المرة أدركت جديا أن لا فرصة أمامها معه فهو تزوج وانتهى الأمر، سقطت دmـ.ـو.عها أكثر بسبب ما ترى وهذا الحب الذي يسكن عيون فرانسو، وفجأة حدث مشهد لم يتوقعه أو يتخيله فرانسو و لو حتى في أكثر أحلامه جنونا، بثينة اقتربت من ماريانا وجذبتها لاحضانها مربتة على ظهرها بحنان شـ.ـديد لتنفجر ماريانا دون شعور في أحضانها تبكي ما اضاعته في حياتها بغبائها تبكي بشـ.ـدة ايام اضاعتها رفقة زوجها الراحل لأجل حب واهي، لكم نظلم انفسنا بسبب حب غـ.ـبـ.ـي!
لم تفهم بثينة معظم حديثهما لكنها استطاعت فهم بعض الكلمـ.ـا.ت التي تتذكرها جيدا من فترة دراستها وخمنت أن تلك الفتاة أحبت زوجها وعكس ما توقعت هي أن تفعل يوما بمن أحبت زوجها كانت تتجه صوبها وتضمها بحنان في عناق احتاجت هي له سابقا ولم تجده، احتاجت أن يضمها أحدهم في بكائها هكذا ولم تجد، مع كل خسارة اشعرتها بأنها غير مرغوبة كانت تحتاج أن يضمها أحدهم مخبرا إياها أنها مرغوبة وأن هناك من يحبها هذا فقط ما كانت تحتاجه وكانت تقـ.ـا.تل لأجله، لكن لا أحد فعل ذلك بل كانت هي من تلعق جروحها بنفسها بعيدا عن الجميع حتى تخرج لهم بمظهر القوية...
ودون شعور كانت تبكي في أحضان ماريانا وهي تهمس لها بحنان: فيه ناس كتير بيحبوكِ، ناس كتير عايزاكِ، أنتِ مش لوحدك
وكأنها كانت تقول هذه الكلمـ.ـا.ت لبثينة الصغيرة التي كُسرت في طفولتها مع اول خسارة لها تطمئنها أن هناك من يهتم بأمرها في هذا العالم...
صدm فرانسو بما يحدث امامه وازدادت صدmته وهو يستمع لحديث زوجته ليتأكد أن بثينة تعاني من مشاكل نفسية عويصة مشاكل في الثقة في الاخرين مشاكل في خــــوفها من فكرة أن لا أحد يرغب بها...
بكت ماريانا وهي تتعجب حالتها تلك ثم همست لبثينة بحـ.ـز.ن شـ.ـديد بلهجة مصرية تعلمتها من رفقتها لفرانسو من سنين طويلة:
ما بقاش ليا حد هنا، كلهم سابوني ومشيوا
همسات لها بثينة بحنان مقدرة حالتها جيدا، ومن يتفهمها أكثر منها:.
باقيلك الطفل، باقيلك ابنك اتمسكي بيه لان هو اللي هيكون رفيقك في الدنيا و سندك بعدين
صدm فرانسو من حديثها ذلك ليجدها تبتعد عن ماريانا وهي تمسح دmـ.ـو.عها مرددة وهي تنظر له برجاء لأول مرة توجهه له:
هو ينفع نسيب الطفل مع أمه يا فرانسو؟ بلاش تحرمها من اخر حاجة ممكن تحسسها إن فيه حد معتمد عليها في حياته أو تحرمها من اخر حد ممكن يحبها في الدنيا ارجوك.
سقطت دmـ.ـو.ع ماريانا وهي تتحدث بما لم تتوقع يوما أن تتحدثه: ابوس ايدك يا فرانسو وافق وسيبلي الطفل المحكمة لو شافت ظروفي وقارنتها بظروفك اكيد هتديك انت الحضانة ارجوك ده اخر شخص باقي ليا،
توقف فرانسو ينظر للفتاتين بعدm فهم. لا يعلم ماذا يقول ولكنه نظر للمحامي الذي لم يتحدث منذ بداية تلك الجلسة الغريبة:
موافق اسيبلك الطفل بس بشرط،.
توقفت الفتيات عن الحديث بسبب سماعهن لصوت في الخارج عالي قليلا، نظر الجميع في الغرفة لبعضهم البعض وفي ثوانٍ كانوا يركضون للخارج ينظرون من فتحة الباب الصغيرة على ما يحدث في الممر الذي يفصل بين شقة فاطمة والخاصة بهادي...
في الخارج كان الجميع يقف بثيابه المتسخة وبشـ.ـدة أمام باب هادي بعدmا أدرك الاخير أنه نسي أخذ مفتاحه صباحا قبل خروجه والان الجميع يقف بعدmا أدركوا أن والدته أيضا ليست بالداخل...
أشار جمال لنفسه بضيق شـ.ـديد: انا كده هاخد برد وكمان الطينة بهدلت جـ.ـسمي كله خلصوني
نظر له زكريا بحنق ثم أشار له هو ورفاقه بحنق أشـ.ـد منه: والله كلنا كده يا استاذ عشان قولتلكم تعالوا عندي
زفر رشـ.ـدي بضيق شـ.ـديد وهو ينظر لهادي: طب هي امك مش بتحطه تحط المشاية أو في سلة الزبـ.ـا.لة او اي حتة؟
نظر هادي له بتفكير ثم قال بعد صمت قصير: لا بس تقريبا بتحطه عند الست منيرة مرة عملتها وسابته هناك.
أنهى حديثه وهو يتحرك صوب الباب لتبتعد الفتيات بفزع عنه وكأنه سيراهم ثوانٍ وصدحت خبطات هادي على الباب، كادت فاطمة تجيب إلا أن ماسة منعتها من ذلك فهي إن أجابت ستفتح لهم الباب وهي وقتها لن تضمن ردة فعل رشـ.ـدي...
نظرت فاطمة لماسة بغـ.ـيظ شـ.ـديد أن تتركها ف بالفعل والدة هادي تركت المفتاح عندهم وهي لا تدع لها فرصة لتقول ذلك...
نفسك لو طلع هنفخك.
تحدث رشـ.ـدي في الخارج بضيق شـ.ـديد وهو يعلم افعال ماسة: مش هيفتحوا خلينا نروح عند زكريا وخلاص
أنهى حديثه وهو يتحرك صوب الدرج الذي يجاور باب فاطمة والذي عادت ماسة للالتصاق به مجددا لترى حركة رشـ.ـدي التي قام بها قبل أن يهبط الدرج حيث مرر يده بالقرب من رقبته على هيئة سكين وكأنه يشير لها بأنه سيقــ,تــلها متوعدا لها يعلم أنها تراه.
تحرك الجميع خلف رشـ.ـدي الذي كان يغلي من الغـــضــــب بسبب تصرفات ماسة متوعدا لها بالجحيم على يده...
تحرك الأربعة بهيئتهم التي تشبه هيئة بعض الصبية بعد انتهائهم من اللعب في الطمي...
بس إنت لبسك هيطلع صغير عليا يا زكريا
نظر زكريا لهادي وهو يصعد الدرج بحنق شـ.ـديد
عشان خمسة سنتي فرق؟ مش مشكلة البس البنطلون أقصر شوية مش هيحصل حاجة، الدور والباقي على جمال باشا.
نظر جمال لنفسه فهو يعد أكثرهم طول هنا لكنه حقا لا يهتم بالأمر كل ما يهمه هو أن يزيل كل تلك الأوساخ عنه وفقط...
بعد انتظار ثوانٍ فُتح الباب ليطل منه وجه وداد التي فتحت عينها بصدmة مما ترى لكنها على عكس المتوقع لم تعلق ابدا بل تنحت جانبا بكل هدوء سامحة لهم بالمرور ليهمس جمال بإعجاب:
ماشاء الله الست الوالدة شكلها متفهمة جدا، دي مقالتش كلمة واحدة.
ابتلع زكريا ريقه بريبة من تلك المقابلة وهو يهمس: ادعي بس ميكونش اللي في بالي صح لان لو كان صح وقتها هتشوف تفهم الست الوالدة اللي على حق
دخل الأربعة للصالة يحاولون فهم كلمـ.ـا.ت زكريا الذي اتسعت ابتسامته وهو يرى والده يجلس على الأريكة في البهو يرتدي جلبابه القصير المعتاد يفرد ذراعيه على الأريكة وكأنه يرتدي افخم البذلات وهو ينظر لهم ببسمة ملوحا بيده:.
اهلا يا شباب، الماية جميلة جوا، ادخلوا خدوا شاور وتعالوا يلا
ضحك زكريا وهو يمسح وجهه بعدm تصديق وكأن والديه يختاران الوقت المناسب كل مرة للشجار، أشار زكريا لوضع والده المريب والذي جعل الجميع يفتح فمه بصدmة كبيرة:
وهذه اعزائي نبذة صغيرة فقط عن تفاهم والدتي والآن الحقوا بي لتروا إلى أي مدى قد يصل تفهمها.
ثم نظر لهادي وهو يتحدث بسخرية: مكانش عاجبك أن اللبس يبقى اقصر 5 سنتي؟ ده انت هتلبس دلوقتي لبس كله على بعضه 5 سنتي عشان تبقى تتبتر على النعمة
بت أنتِ بطلي بصاتك دي عشان مبقتش بطيقها،
ابتسمت فاطمة بغـ.ـيظ وهي تمسح وجهها بضيق: يعني أنتِ مشوفتيش كانوا عاملين ازاي؟ كده هياخدوا برد، بس ازاي لازم الأستاذة تنفذ اللي في بالها
ريحي نفسك يا فاطمة عشان هي مش هتحس ولو بسنتي ذنب.
كان هذا حديث شيماء الحانق والتي لم تكن سعيدة أيضا بما فعلته ماسة، لكن وكأن ماسة لا تهتم للأمر فقد كانت تتسطح على الفراش بعدm، ليعم صمت طويل بعض الشيء في المكان قطعه صرخة ماسة فجأة وهي تهتف ببسمة مخيفة:
ايه رأيكم نلعب لعبة الثقة؟
لعبة ايه يا ختي؟ ثقة؟ ومعاكِ أنتِ؟ ده الواحد يعد صوابعه بعد ما يسلم عليكِ
تجاهلت ماسة حديث شيماء وهي تبدأ في شرح لعبتها التي ابتكرتها الآن:
لا هتكون بينا وبين الشباب.
اعتدلت فاطمة أكثر في جلستها وهي تنتبه لحديث ماسة التي استمرت في وصف لعبتها الغـ.ـبـ.ـية:
دلوقتي كلنا ما شاء الله بقينا مرتبطات صح؟
هزت الفتاتان الرأس بإيجاب لتكمل ماسة بخبث: فلة اوي كل واحدة هتتصل بجوزها وتقوله أنها مش عايزة تكمل في الجواز ده ونشوف ردة فعل كل واحد فيهم هنتسلى اوي
وافرضي صدقوا؟
نظرت ماسة بحنق لفاطمة وهي تتحدث بريبة لتجيبها بسخافة.
مين بيتكلم جولييت؟ اكيد روميو مش هيسيبك يا روحي اللي المفروض تخاف هنا هي انا لان تقريبا رشـ.ـدي تكة مني ومش بعيد يصدق ويرمي يمين الطـ.ـلا.ق عليا، ها معايا؟
ورغم جنون الفكرة إلا أن شيماء تحمست وبشـ.ـدة للامر لذا وافقت سريعا متلهفة لسماع رد هادي عليها، لكن فاطمة كانت عكسها غير متحمسة للأمر فهي أخبرت زكريا بهذا الأمر بالفعل منذ ساعات وكان رده واضحا وقتها لكن إصرار ماسة عليها جعلها ترضخ للامر وهي تردد بشك:.
بس هما الباقيين مش ممكن يسمعوا لو واحدة كلمت جوزها؟
ابتسمت ماسة بخبث وهو تهتف: ودي برضو حلها عندي
تنحنح وهو يعتدل في جلسته على مقعده وكأنه يجلس على جمر يرى جميع الانظار توجه إليه بشكل مرعـ.ـب وكأنهم على وشك حرقه حيا...
اجلى زكريا حلقه وهو يتحدث بخجل مما فعلته والدته بهم: لا بس الجلاليب دي شكلها جميل عليكم والله. مش كده يا لؤي؟
رفع لؤي عينه ينظر للشباب وقد ارتدوا جلابيب قصيرة بعد أن جردتهم وداد من ثيابهم المتسخة تاركة اياهم ليعطيهم لؤي بعضا من العباءات القصيرة التي اعتاد هو وزكريا ارتداءها...
اخر شياكة والله خصوصا الوجه الجديد
أنهى لؤي حديثه وهو يشير بعينه لذلك الذي يتوسط أحد المقاعد وعينه تطلق شرارا على زكريا. ابتسم زكريا بغباء وهو يبتلع ريقه بخجل شـ.ـديد:
منورنا يا جمال باشا والله.
ابتسم جمال وهو ينظر لنفسه وتلك العباءة القصيرة الغـ.ـبـ.ـية يتذكر ما اوصلهم لهذه اللحظة:
منورة بيكم يا خويا، منورة بيكم يا ضنايا
ابتسم زكريا وهو ينظر لهادي و رشـ.ـدي حيث كان الاثنان يرمقونه بحنق شـ.ـديد ليردد هادي بغـ.ـيظ شـ.ـديد:
والله امك دي ست مفترية، وانا اللي فكرتها طيبة
لوى زكريا شفتيه بغـ.ـيظ وهو يردد: هادي لو سمحت انت عارف ان امي ست مفيش في طيبة قلبها، هو بس لؤي اللي بيعصبها وبيخرج اسوء ما فيها و،.
توقف زكريا عن الحديث وهو يرى والدته تخرج من غرفتها وهي تحمل ورقة كبيرة مكتوب عليها بحروف عملاقة:
اطلع إنت وصحابك برة البيت عشان هنفض
خرجت ضحكة ساخرة من فم رشـ.ـدي وهو ينظر لهيئته يتخيل نفسيه وهو يخرج بهذا الشكل في الشارع ليتحدث زكريا بصوت عالي وحنق:
ايه يا ست أنتِ ده؟ ده أنتِ مفترية والله،
احمرت عين وداد بغـــضــــب وهي تلقي الورقة التي تحملها ارضا ثم دخلت للغرفة وعادت وهي تحمل ورقة أخرى خطت عليها.
انا مفتريه يا عديم الربايه
نظر زكريا للورقة بجدية وهو يهتف بحنق وقد نسيّ وضعه وما كان يتناقش به منذ ثوانٍ:
اولا يا امي بعتذر على كلمة مفترية انا بهزر وأنتِ عارفة، بس معلش بعد كدة ابقى اكتبي مفترية بالتاء المربوطة وليست الهاء، وكمان الرباية نفس الأمر بالتاء وليست الهاء، وفي الاخر حطي علامة استفهام بما انك بتسألي
وضع هادي يده على ذقنه مفكرا: و دي نديها كام في الاملاء يا استاذ زكريا؟
تحدث زكريا بجدية كبيرة: سبعة من عشرة ومش اكتر من كده ده إذا تغاضينا عن الخط و،
قاطع حديثه صراخ هادي الذي نفذ صبره من صديقه هذا: انت ياض دmاغك دي فيها ايه؟
عقل
كانت إجابة بسيطة من زكريا أثارت غـــضــــب هادي أكثر لينقض عليه هادي يخـ.ـنـ.ـقه بغـــضــــب شـ.ـديد:
يا غـ.ـبـ.ـي يا غـ.ـبـ.ـي هنشل يا رب هنشل، امك عايزة تطردنا بجلابيات فوق الركبة برة البيت وإنت واقف تصحح في الخطأ يا متـ.ـخـ.ـلف يا غـ.ـبـ.ـي يا يا.
توقف هادي لا يجد وصف لما يحدث ليبعده رشـ.ـدي عن زكريا الذي تحدث بحنق:
وايه يعني ما انا ياما خرجت بيها
وانا يعني ينفع أخرج بيها؟
التفت زكريا لجمال الذي كان يظهر على ملامحه عدm تصديق لما يحدث حوله لا يعلم كيف طاوعهم من البداية وارتدى هذا الشيء.
فكر زكريا قليلا قبل أن يبتسم فجأة وهو يقول لهم: لقيتها،.
تحرك الأربعة بخفة خلف بعضهم البعض وهم يغطون الجزء الأسفل منهم بالجرائد متحركين صوب منزل رشـ.ـدي وكلا منهم يغطي على الذي خلفه حسب الطول فكان جمال يتقدmهم وخلفه هادي ثم رشـ.ـدي واخيرا زكريا الذي كان أقلهم طولا بفارق القليل فقط من السنتيمترات عنهم...
كان جمال يتحرك وهو لا يستوعب ما يفعله الان بحق الله هو في أكثر خيالاته جموحا لم يتوقع أن يمر بشيء كهذا كان فقط يراه في الأفلام الكوميدية وكان وقته يراه سخيفا...
كان الأربعة ينظرون حولهم جيدا حتى لا يجذبون الأنظار، لكن في منتصف الطريق وصل لهم صوت عالي ينادي على جمال ويبدو أنه أحد الرجـ.ـال الذين جاءوا ضمن دورية الشرطة التي طلبها هو:
جمال باشا، يا جمال باشا.
فتح جمال عينه بصدmة ليرفع الجريدة ودون وعي يغطي بها وجهه ناسيا أن جزءه السفلي من قبل الركبة بقليل عاري تماما الا من شراب اسود قصير وحذائه.
رأى هادي ما حدث لتصدح ضحكاته في المكان وهو يرى تخبط جمال بين أن يغطي قدmه ويغطي وجهه، ليفاجئه جمال وهو يجذب الجريدة التي يحملها ثم بعدها ترك الصف الذي صنعوه وركض بسرعة لمنزل رشـ.ـدي والذي كانوا على قرب منه تاركا النصف الاسفل لهادي عاري لكنه لم يهتم بل كان مستمر في الضحك، ركض الجميع تتبعهم ضحكات هادي العالية التي كادت تزهق أنفاسه تحت أنظار العسكري المتعجب والذي كان يتساءل إن كان هذا جمال أم أنه أخطأ؟
صعد الاربع على الدرج بسرعة وهم يتنفسون بعنف حتى وصلوا الطابق الخاص بمنزل رشـ.ـدي وبعدها سقطوا جميعا ارضا وهو يتنفسون بعنف بينما هادي كان يمسك معدته وهو يضحك بصخب من بين أنفاسه اللاهثة ليضـ.ـر.به جمال بحنق شـ.ـديد مغتاظا من ضحكاته...
بالنظر لمظهر هادي وضحكاته ومظهرهم انفجر كلا من رشـ.ـدي وزكريا في الضحك ليصـ.ـر.خ رشـ.ـدي من بين ضحكاته:
الحمدلله يارب مطلبتش القسم بتاعي الحمدلله.
نظر لهم جمال بحنق شـ.ـديد يراقب ضحكاتهم تلك حتى ضحك دون وعي يشاركهم ذلك لا يصدق ما مر به منذ ثوانٍ لينفجر في الضحك أكثر وهو يتذكر مظهرهم...
عاد للمنزل وفتح الباب يتنحي جانبا ليسمح لها بالمرور، دخلت بثينة للمنزل وهي لا تزال لا تستوعب الأمر لتهتف سريعا:
يعني احنا هنقضي شهر هنا؟
هز فرانسو رأسه وهو يلقي المفاتيح على الطاولة ثم ألقى جسده بعدها على الأريكة:.
ايوة ده شرطي عشان اتأكد أنها بتعامل ابنها كويس وأنها بدأت ترجع عن طريقها وكمان عشان اطمن على المشروع اللي هعمله ليها
تنفست بثنية لحظة وهي لا تتخيل استمرار الأمر أكثر فهي كانت تظن أن الأمر سيستغرق ايام ثم تعود بابنه الذي اتضح أنه ابن رفيقه السوري والذي مـ.ـا.ت قبل أن ينعم باحضانه ليصمم هو على أخذه من والدته الفاسدة ويربيه بنفسه واستعمل تلك الحجة الغـ.ـبـ.ـية ليقنعها بسرعة الزواج.
تحركت صوب الغرفة دون كلمة إضافية تاركة إياه ينظر في اعقـ.ـا.بها يفكر كيف يبدأ معها العلاج ليوقفها فجأة وهو ينهض:
بثينة،
توقفت فجأة وهي تنظر له بترقب ليبتسم لها بسمة جميلة حنونة لا تشبه ابدا تلك التي كان يمطرها بها قبل الزواج:
ايه رأيك نعمل سوا باستا أو بيتزا؟ انا جعان اوي.
مظهره وهو يطلب منها أن تصنع معه بعض الطعام جعلها تتخيله كما لو أنه طفل بملامحه الجميلة تلك وما كادت تفتح فمها للحديث حتى وجدته يجذبها بسرعة المطبخ وهو يصـ.ـر.خ بسعادة كبيرة:
تعالي هعلمك سر الباستا بتاعتي،
كان الأربعة يجلسون واخيرا على فراش رشـ.ـدي بعد أن بدلوا ثيابهم بثياب أخرى من عند رشـ.ـدي وجلسوا وهم يتحدثون عن سبب مجئ جمال والذي بادر بالحديث:
جمال هيوصل مصر بكرة.
نظر له الجميع بلهفة فخطته نجحت وبشكل أسرع فهو حرص على أخذ هاتف أخيه واغلقه وهذا ليس من عادته ابدا ليقلق جمال( رفيق مصطفى ) وبشـ.ـدة على مصطفى، ثم اتصل عليه هو يسأله عن مصطفى ليخبره جمال كذبا ان مصطفى تعرض لحادثة خطيرة ليسارع جمال ( رفيق مصطفى ) باخبـ.ـاره أنه سيأتي على اول طائرة لمصر...
ابتسم زكريا براحة شـ.ـديدة وهو يرى تلك اللحظة قد اقتربت واخيرا اللحظة التي سيأثر فيها لزوجته وحبيبته...
وعلى ذكر حبيبته خرج زكريا والجميع من شرودهم على صوت رنين هاتف زكريا وهو يصدح في المكان...
رفع زكريا هاتفه لترتسم ابتسامة كبيرة وهو يرى اسمها ينير شاشته لذا تحرك بعيدا عنهم قليلا وهو يستأذن للإجابة على زوجته...
السلام عليكم
ابتلعت فاطمة ريقها وهي تنظر حولها لماسة وشيماء حيث كانت تفتح المكبر ليصل صوته للجميع:
عليكم السلام، زكريا معلش ممكن تبعد لو فيه حد جنبك عشان عايزاك في حاجة ضروري.
ارتاب زكريا من الأمر ومن صوتها والذي ظهره له قلق: انا بعيد اساسا، فيه ايه يا فاطمة قلقتيني؟ صوتك ماله
نظرت فاطمة لماسة لا ترغب في تنفيذ هذه اللعبة الغـ.ـبـ.ـية، لكن ماسة زجرتها بغـــضــــب فهي وقع عليها الاختيار لتكون اول واحدة، لتتحدث فاطمة بسرعة وقبل أن تخونها شجاعتها:
زكريا احنا لازم ننفصل،.
↚
صمت هو كل ما قابلها من الجهة الأخرى حتى كادت تظن أنه اغلق المكالمة، لكن اسمه الذي ينير الشاشة أمام أعينهم هو ما أكد لها أنه مازال موجودا، فتحت فمها لتتحدث، لكن أي حديث هذا يمكن أن تقوله بعد كلمتها الغـ.ـبـ.ـية تلك لذا أغلقت فمها مجددا وكأنها سمكة تحاول التنفس خارج الماء...
وبعد صمت طويل بعض الشيء وصلها صوته الذي كان ابعد ما يكون عن المزاح:
بتتكلمي جد؟ فاطمة حد عملك حاجة أو فيه حاجة حصلت؟
وكم آلمها خــــوفه عليها في حين أنها الان تمزح معه في أمر كهذا والذي كان من الممكن أن يكون مجرد مزاح عادي بين أي زوجين، لكن ليس هما فهما في حالة مختلفة عن الباقيين، أخرجها همسه الحنون من شرودها:
فاطمة حبيبتي أنتِ كويسة صح؟ يعني مفيش حاجة حصلت ليكِ.
وكان هذا أكثر ما يقلقه أن تكون تعرضت لشيء في غيابه مما دفع تفكيرها لهذه النقطة كما حدث منذ قليل. يالله ماذا يفعل؟ هل يحضرها ويحبسها في منزله ولا يسمح لأى انسان برؤيتها حتى لا تتأذى؟ كلما تركها، تعرضت لشيء محـ.ـز.ن وهذا ما يـ.ـؤ.لمه بشـ.ـدة وهذا الصوت الغـ.ـبـ.ـي في رأسه يدفعه للالتصاق بها، تنهد زكريا بو.جـ.ـع وهو يستمع للصمت على الجهة الأخرى قائلا لينهي هذا الأمر:
فاطمة حبيبتي هقول كلمتين ومش هكررهم تاني ماشي؟
انتظر اجابتها والتي كانت عبـ.ـارة عن همسة صغيرة
ماشي
كلمة انفصال أو طـ.ـلا.ق أو أننا نسيب بعض دي تمحيها من حياتك لأن ده هيحصل في حالة واحدة بس وهي إني أمـ.ـو.ت تمام؟
بعد الشر عليك يا زكريا اوعى تقول كده بالله عليك والله انا اللي همـ.ـو.ت لو حصلك حاجة
كانت تتحدث وهي تبكي تتخيل تلك الفكرة المرعـ.ـبة وبشـ.ـدة. حياتها بدون زكريا، يالله حتى مجرد التخيل مفزع.
كانت شيماء تبكي بتأثر مما تراه وتسمعه أمامها حتى وجدت منديلا ورقيا يظهر أمام عينها لتأخذه من يد ماسة وهي تمسح به عينها وتسمع همس ماسة:
اسمعي يا ختي اسمعي. ده احنا متجوزين عربجية
تحدثت بخفوت شـ.ـديد وهمس: لا محصلش حاجة يا زكريا هو بس كنت مخـ.ـنـ.ـوقة و،
صمتت لا تعلم ماذا تقول لذا تحدثت سريعا وهي تنهي المكالمة قبل أن يفلت الحديث منها وتخبره عن تلك اللعبة الغـ.ـبـ.ـية:.
بص خلاص انسى كل اللي قولته ماشي؟ هكلمك بعدين سلام يا زكريا
أنهت كلمتها وهي تغلق المكالمة بسرعة تتنفس الصعداء محاولة ابعاد تفكيرها عما حدث، رفعت بعدها نظرها للفتاتين ثم انقضت عليهما بغل كبير وهي تصرخ بهما:
كنت هطلق بسببكم يا شوية بقر
عاد زكريا وجلس جوارهم ليسمع جمال وهو يتحدث...
لا بإذن الله بكرة هيوصلكم اتصال مني اول ما الزفت جيمي ده يوصل.
صمت قليلا ليستمع لسؤال زكريا الذي كان استقر جوار هادي: طب بعد ما نجيبه الشقة عندك هنعمل ايه؟ انت عارف إن إحنا مش معانا أي دليل يثبت اللي حصل وممكن ن،
قاطعه جمال وهو يشير بيده مطمئنًا إياهم: بس انا زي ما قولت لمصطفى انا عندي دليل يثبت اللي عملوه ومش بس كده دليل على كل البلاوي اللي عملوها.
انتبه له الجميع جيدا ليكمل هو حديثه بتركيز: الكومبيوتر بتاع مصطفى فتحته ولقيت فيه فولدر باسم جمال بس للاسف مقفول بكلمة سر ولسه بحاول افتحه وانا متأكد أن ممكن يكون عليه دليل
أنهى حديثه وهو ينظر لزكريا الذي انسحبت الدmاء من وجهه تاركة إياه شاحبا وهو يفكر أن هذا الحقير ربما سجل ما فعل؟ يالله ليس هذا هو تحمل كل شيء إلا أن يرى هذا بعينيه...
افاق من شروده على صوت رشـ.ـدي: وايه اللي خلاك متأكد اوي كده ما يمكن حاجة عادية بس خاصة بيهم بعيدا عن القرف اللي هو بيعمله
هز جمال رأسه بعدm معرفة وهو يجيبه: انا مش عارف بس شبه متأكد من الحوار ده واتمنى يكون صح ولو مش صح هقدر اجيب اعتراف منهم لأن الغرفة اللي هما فيها مليانة كاميرات ومسجلات صوت وهقدر تخليهم يعت،.
قاطع حديثهم صوت رنين هاتف يصدح في الغرفة كلها لينظر رشـ.ـدي بتعجب له ثم نهض وهو يستأذنهم للرد على الهاتف سريعا ثم يعود لهم...
توقف رشـ.ـدي خارج الغرفة وهو يفتح المكالمة متحدثا بنزق شـ.ـديد وهو لم ينسى بعد ما قامت به:
افنـ.ـد.م؟
تحدث رشـ.ـدي وهو يراقب بعينه والده الذي كان يتراقص في الصالون ك راقصين الباليه، لكنه لم يهتم كثيرا وهو يستمع لصوت ماسة الذي أتاه عبر الأسلاك:
فيه ايه يا رشـ.ـدي ايه الأسلوب ده؟
ابعد رشـ.ـدي عينه من على والده بملل وهو يجيبها: والله ده اقل واجب مع حضرتك
على الجهة الأخرى
انتفضت ماسة بعدmا كانت تتسطح على الفراش بكسل وهي تتخصر كأنه يراها:
نعم نعم يا استاذ أباظة؟ وضح كلامك كده وبلاش لف ودوران
اطلق رشـ.ـدي ضحكة ساخرة وهو يشير بعينه لوالده أن ينتبه للطاولة حتى لا يكـ.ـسرها في غمرته أثناء الرقص ثم اجاب:
عايزة ايه يا ماسة عشان حاليا مش فايق الصراحة
عايزاك تطلقني يا أباظة.
وفجأة صدح صوت زغرودة من الهاتف جعلت الفتيات ينظرن لبعضهن البعض بتعجب شـ.ـديد لتتحدث ماسة بعدm فهم:
ايه صوت الزغاريد دي يا أباظة هو فيه حد بيتجوز عندك ولا ايه؟
تحدث رشـ.ـدي ببسمة واسعة ونبرة يعلم جيدا أنها ستستفزها ولكن هي من استحقت ذلك بعد كل ما فعلته به وبمن معه:
لا يا ختي عقبال عندك اخدت إعفاء
إعفاء؟ هو مش إنت خلصت جيش من زمان؟
ضحك رشـ.ـدي بشـ.ـدة عليها ثم قال بعدmا هدأ من ضحكاته: لا وأنتِ الصادقة خدت اعفاء من بلاء انا اللي جبته لنفسي
ابتلعت ماسة ريقها بخــــوف من نبرته تلك: قصدك ايه يا أباظة؟
ابتسم رشـ.ـدي ثم ردد بنبرة خبيثة: قصدي هقولهولك بنفسي لما تيجي يا ماستي وجها لوجه يا روحي لان مينفعش يتقال ابدا على التليفون
قلة أدب صح؟
ضحك رشـ.ـدي بعنف على حديثها وهو يهز رأسه بيأس منها ومن تفكيرها: امممم حاجة شبه كدة و دلوقتي سلام عشان مشغول.
أنهى حديثه وهو يغلق الهاتف مبتسما كالغـ.ـبـ.ـي ينعي نفسه على هذا الزواج الذي لن يسبب له سوا المرض حقا...
دخل رشـ.ـدي للغرفة ليجد الجميع ينظر له بعدm فهم...
الزغرودة اللي،
صمت جمال عن إكمال كلمـ.ـا.ته بسبب ضحكات رشـ.ـدي وهو يتحدث بلا اهتمام: لا ده انا كنت بزغرد لابويا برة أصله أبدع النهاردة المهم كنا فين؟
لم يكد أحد يفتح فمه حتى ارتفع رنين هاتف هادي لينظر له بابتسامة واسعة ولم يكد يتحدث وهو ينهض حتى امسك رشـ.ـدي يده يجذبه ليجلس مجددا مرددا له وهو يشير برأسه للهاتف:
رد عليها وافتح الاسبيكر
رفع هادي حاجبه بتعجب: نعم؟
رد بس عليها عشان فيه حاجة كده في دmاغي.
فتح هادي المكالمة بحنق شـ.ـديد وهو يرمي رشـ.ـدي بنظرات سامة ثم فتح بعدها المكبر ليصدح صوت شيماء وهي تلقي على مسامعه نفس الجملة التي سبق وسمعها كلا من زكريا ورشـ.ـدي:
هادي طلقني،
وبس يا ستي هي دي حكايتي كلها بس بيني وبينك انا اساسا من صغري كنت طفل اهبل شوية عشان كده ب،.
توقف فرانسو عن الحديث وهو يرى بثينة جانبه قد غطت في نوم عميق أو هذا ما تدعيه هي بمهارة، لكن ليست عليه فحركة اجفانها انبئته جيدا بكذبتها لذا ابتسم بخبث وهو يقترب منها أكثر هامسا بنبرة هزت كيانها كله:
اه لو تعلمين مقدار الخراب الذي تحدثيه بقلبي يا مليحة.
ورغم عدm فهمها لما قال منذ قليل، فهو تحدث بالفرنسية إلا أنها انقلبت للجانب الآخر مدعية انها مازالت نائمة حتى لا يشعر بما فعله بها، وهي لأول مرة في حياتها تتعرض لمثل تلك المواقف منه ومثل تلك الأحاديث التي تخوضها معه، اشياء جديدة كليا على حياتها تخشى أن تنهزم أمامها بسهولة وتسلم له رايتها...
ابتسم فرانسو على كل تلك الصراعات التي تطغى على ملامحها ليبتعد عنها قليلا بعدmا طبع قبلة خفيفة على خدها مربتا على رأسها بحنان شـ.ـديد ثم سحب الغطاء عليهم جيدا ونام جوارها لتمر دقائق من الصمت وانتظمت انفاسهما دلالة على سقوط الاثنين في النوم، لكن قاطع كل هذا صوتها الذي صدح في الغرفة بسؤال لطالما أرق مضجعها:
فرانسو
اممممممم.
اعتدلت بثينة في نومتها لتقابل وجهه بعدmا فتح عينه ينتظر ذلك الشيء الذي جعلها تتخلى فجأة عن ادعائها...
مش انت دكتور نفسي؟
هز فرانسو رأسه ببطء ينظر لها جيدا يحاول أن يستشف منها ما تريده لتكمل هي بنبرة إصابته في مقــ,تــل:
طب هو انا مريـ.ـضة نفسية؟ يعني انت عارف كل حاجة عني تقريبا فهل كده انا مريـ.ـضة؟
نظر لها فرانسو بتفاجئ من سؤالها لا يدري بما يجيبها حقا، لكن هذا لا يمنع سعادته الشـ.ـديدة بها فهي بإدراكها لوضعها قد خطت اول خطوات علاجها...
اه يا بثينة
يعني انا مـ.ـجـ.ـنو.نة؟
وهو الشخص اللي محتاج علاج نفسي يبقى مـ.ـجـ.ـنو.ن
سقطت دmـ.ـو.ع بثينة بعنف وهي تخبره: انا مش عايزة ابقى مـ.ـجـ.ـنو.نة يا فرانسو ومش عايزة ابقى كده.
تحدثت بتشتت وهي تشير لنفسها: مش عايزة ابقى كده، كده انا. انا مش عارفة انا فيا ايه بس. بس انا مش مستريحة مش عارفة اعيش طبيعي وابقى،
صمتت قليلا وهي تذرف المزيد من الدmـ.ـو.ع ثم تساءلت بنبرة مقهورة: انت فاهمني صح؟
هز فرانسو رأسه وهو يراقب صراعها ذلك يدرك جيدا أن هذا بداية انهيار كبير. انهيار سيكـ.ـسر قشرتها التي جاهدت دائما لبناءها:.
فاهمك يا بثينة فاهمك يا قلبي، تحبي تتكلمي معايا ندردش سوا بعيدا عن جو الدكتور والمريـ.ـض؟
كان رجاء أكثر منه سؤال لتسارع هي بهز رأسها وهي تنهض وتجلس على الفراش مشيرة له بيدها:
انا، انا مش عارفة فيه ايه بس انا. انا بضايق لما اشوف حد سعيد وانا لا و. وكمان مش بحب حد ياخد حاجة انا اتحرمت منها انا، انا وحشة اوي وانا عارفة كده كويس بس مش بقدر اسيطر على تفكيري مش بقدر ااااا.
توقفت عن الحديث وهي تدفن وجهها في يدها منفجرة في البكاء: انا. انا الشريرة في كل القصص يا فرانسو، عمري ما كنت في مرة البطلة، طول عمري ببقى الشريرة و، انا مش سعيدة لمدة ومش عايزة ابقى كده انا بس، تعرف اني طول عمري كنت بتعاطف مع الأشرار في الأفلام بحس انهم كانوا يستحقوا فرصة البطل. يعني ليه ميبقوش هما ابطال، اصل لو هما اخدوا نفس الفرص اللي أخدها الابطال مش كان ممكن يكونوا ابطال؟
كانت تتحدث عدة أحاديث غير مرتبة ولا مرتبطة ببعضها فقط تخرج كل ما بداخلها تحاول إفراغ كل ما بعقلها دفعة واحدة دون أن تصيغ حديثها بشكل منظم...
ابتسم فرانسو وهو يتحدث بهدوء شـ.ـديد لها: ت عـ.ـر.في اني انا كمان بفكر كده؟
نظرت له بتعجب من بين دmـ.ـو.عها ليكمل هو ببسمة: دايما بفكر يا ترى لو الشرير ده كان في ظروف تانية مع ناس تانية كان هيبقى برضو شرير؟ ولا هيكون كويس ويصنع قصته الخاصة ويكون هو بطلها؟
نظرت له قليلا لا تفهم مقصده ليتحدث هو بعملية شـ.ـديد حاول صبغها بالحنان:
لو أنتِ كنتِ في ظروف تانية ومع ناس تانية هل كان ممكن تعملي كل اللي عملتيه ده؟ أو لو مثلا كان والدك عايش أو ليكِ اخ يعرف يوجهك كويس كان ممكن تعملي كل اللي عمليته ده؟
انا، ممكن يعني، مش عارفة، مش عارفة.
ابتسم فرانسو وقد أدرك جيدا ما تعاني منه زوجته وعلم كيف يعالجها من ذلك الذي تعاني منه فهو في حياته قابل العديد من المجرمين الذين عانوا من نفس ما تعاني منه، لكن في حالتهم هم تطور الأمر أكثر وأكثر حتى وصل لارتكابهم جرائم بشعة وهذا ما كانت بثينة بصدد فعله إن لم تعالج وفي اسرع وقت:
تحبي اساعدك؟ نساعد بعض ونكتب قصتك وتكوني أنتِ البطلة اللي فيها؟
رفعت بثينة نظرها بعدm فهم له وهي تتساءل: هو ينفع؟
ابتسم لها فرانسو بسمة واسعة أكثر وهو يسحبها مقربا إياها منه ثم تسطح وهو ما زال يضمها أكثر يجيبها بحنان:
اممم ينفع اوي ومن بكرة هنبدأ الفصل الاول في حكاية من بطولة بثينة وفرانسو،
نعم؟
كانت كلمة واحدة أجاب بها هادي على طلب شيماء الغـ.ـبـ.ـي لترتعد شيماء من الجانب الآخر...
بقولك عايزة أطلق
تمام يا فنـ.ـد.م اي حاجة تانية؟ يعني طحينة زيادة أو كاتشب؟
نظرت ماسة للهاتف بحنق شـ.ـديد وهي تعلم أنه يسخر هامسة: مش قولتلك متجوزين عربجية؟ اهو قلب ابو عمار السوري اهو
نظرت شيماء للهاتف بحنق تكره سخرية هادي منها: هادي إنت بتتريق؟
وصلتها ضحكته عبر الأسلاك لتبتسم بغباء شـ.ـديد جعل ماسة تضـ.ـر.ب كف بكف
متـ.ـخـ.ـلفة والله العظيم متـ.ـخـ.ـلفة وهتبوظ اللعبة
صدح صوت هادي مجددا وهو يتحدث بنبرة عادية: شيماء يا حبيبتي،
نعم؟
نعم الله عليكِ يا قلبي. روحي نامي وانا الصبح هجبلك شكولاتة ماشي؟
سارعت شيماء بالإجابة بلهفة كبيرة: وجيلي كولا؟
أنهت حديثها لتتلقى ضـ.ـر.بة عنيفة على رقبتها من الخلف من يد ماسة التي عنفتها بغـ.ـيظ شـ.ـديد:
بقرة حلوب اقول ايه يعني وأنتِ فيكِ كل العبر؟
نظرت لها شيماء بعدm فهم وهي تقول بألــم من الضـ.ـر.بة: ايه فيه ايه. ايه؟
لم تجب ماسة عليها ليصدح صوت رشـ.ـدي من الهاتف: ماشي يا ماسة بقيتي شغالة مأذون وماشية تطلقي في خلق الله؟ بس لما اشوفك عشان حسابك تقل اوي. وقولي للهبلة اللي جنبك دي هي كمان حسابها معايا عشان تبقى تسمع العـ.ـبـ.ـط ده تاني.
أنهى حديثه وهو يغلق الهاتف بغـ.ـيظ وأعطاه مجددا لهادي لتصدح ضحكات جمال في المكان عليهم جميعا بينما رشـ.ـدي يتمتم بغـ.ـيظ وزكريا يبتسم براحة أن ما حدث مجرد مزاح سخيف من ماسة وليس أن فاطمة قد تعرضت لما احـ.ـز.نها...
في صباح يوم جديد وبعدmا انتهى الشباب من الاتفاق على كل شيء يخص أمر مصطفى وصديقه عاد كل واحد منهما لمنزله...
كان يسير في ممرات المدرسة وهو يحمل حقيبته ينظر كل ثانية لساعة يده حامدا ربه أنه الآن لا يملك أي فصول ليدرسها حتى ينتهى مما أجله كثيرا...
توقف أمام أحد الفصول يعدل من هيئته ثم طرق الباب ليسمع صوت زميل له يأذن له بالدخول، أطل زكريا برأسه وهو يبتسم بسمته المعروفة:
معذرة لو عطلت الحصة بس ممكن استأذن حضرتك في اميمة.
نظر له المعلم الواقف وهو يشير له بمعنى لا بأس ليبتسم له زكريا ثم أدار رأسه يبحث عنها بعينه حتى رآها تكاد تسقط ارضا بملامح باهتة مشيرا لها برأسه أن تلحق به:
اميمة، ورايا على غرفة المعلمين اذا سمحتي.
أنهى حديثه وهو يستدير شاكرا المعلم زميله ثم بعدها رحل بخطوات هادئة صوب غرفة المعلمين والتي لم يكن بها سوى معلمة كبيرة في السن قليلا وايضا معلم اخر وكلا منهما يجلس على مكتبه ينكب على الكتب أسفل يده غير منتبهين له وهو كان شاكرا لهذا في الحقيقة، ثوانٍ و رأى اميمة تتحرك بخطوات بطيئة صوب مقعده وهي ترتعش بشكل جعله يشفق عليها، أشار بيده صوب مقعد خشبي يقبع جوار النافذة:.
هاتيه يا اميمة وتعالي اقعد قدامي هنا
ابتلعت اميمة ريقها برعـ.ـب شـ.ـديد ثم تحركت بخطى شعرت أنها تخطوها للجحيم حملت المقعد بأيدي مرتعشة وبعدها وضعته حيث أشار ثم جلست عليه ولم تكد تلتقط انفاسها حتى عاجلها زكريا بحديثه:
أنتِ اللي حطيتي الظرف في قميصي اليوم إياه صح؟
خرجت من غرفتها وهي تتثائب بنعاس شـ.ـديد لتتفاجئ به يقف جوار باب غرفتها وهو يربع ذراعيه لصدره مبتسما بسخرية كبيرة:
صباح الخير يا قمر.
فزعت ماسة من وقوفه بهذا الشكل أمام غرفتها لتبتعد للخلف قليلا وهي تلمح تلك النظرة في عينيه ويده التي تحركت ببطء صوب حزامه:
صباح النور يا رشـ.ـدي يا حبيبي، خير يعني مروحتش الشغل ليه؟
ابتسم رشـ.ـدي وقد انتهى من فك حزامه وهو ينزعه مرددا على مسامعها: لا ما هو انا بدلت مع زميلي ومسكت شيفت مسائي عشان اقدر اخلص شوية حاجات كدة متأجلة...
ابتلعت ماسة ريقها وهي تنظر حولها تحاول البحث عن أحد تستنجد به، لكن قبل أن تعثر على أحد كان رشـ.ـدي يدفعها للغرفة التي خرجت منها للتو مجددا ثم اغلق الباب خلفه ناظرا إليها بغـــضــــب جحيمي وهو يلف الحزام على يده بشكل آثار فزعها:
ايه؟ بتعمل ايه؟ والله اصوت والم الناس واقولهم عايز يمارس عنف أسري عليا
ابتسم رشـ.ـدي بسخرية ثم اقترب اكثر وهو يهتف
وماله صرخي يا ماسة تحبي اصرخ معاكِ؟
ارتعبت ماسة أكثر وقد شعرت بجدية الأمر وهي من ظنته يمزح معها فقط:
انت هتضـ.ـر.بني بجد يارشـ.ـدي؟
ابتسم رشـ.ـدي وهو يهز رأسه لها بحركة عادية لا مبالية وكأنه لا يهتم لها أو لاي شيء...
على فكرة أنا كنت بهزر بس والله كل ده عشان اتبليت ده انا بس كنت بنعشك أثناء الحرب عشان لقيتك كده بتنام وانت بتضـ.ـر.بهم فقولت يابت يا ماسة اديله دوش كده يفوقه و،.
توقفت عن الحديث بسبب اصطدامها بالفراش خلفها لتبكي برعـ.ـب شـ.ـديد وهي تراه يرمقها بنظرة مخيفة:
خلاص يا رشـ.ـدي انا اسفة مش هعمل كده تاني، خلاص
و رغم كل الغـــضــــب الذي يعتريه إلا أنه وللمرة التي لا يعلم عددها يضعف أمام رجائها ودmـ.ـو.عها بالإضافة أنه لم يكن ينوي ضـ.ـر.بها ابدا ولن يفعلها ابدا فليس هو من يرفع يده على نساء بيته أو اي نساء عامة هو فقط أراد اخافتها.
ورغم لينه إلا أنه تحدث بنبرة حادة بعض الشيء حتى يعلمها ألا تتجاوز حدودها مجددا:
اللي حصل يا ماسة لو اتكرر هيكون فيه رد فعل وحش مني وأنتِ عارفة قلبتي، أنتِ مش صغيرة عشان تصرفاتك دي سامعة؟
هزت رأسها بسرعة وهي تمسح دmـ.ـو.عها التي تتجدد باستمرار: سامعة والله سامعة، انا اسفة يارشـ.ـدي اوعدك والله ما هعمل اي تصرف غـ.ـبـ.ـي زي ده تاني و،.
قاطع حديثها صوت رنين هاتف رشـ.ـدي لينتزعه من ثيابه وينظر به، ثوانٍ وانقلبت ملامحه للسواد ثم أشار لها متحدثا بعجلة:
تمام يا ماسة كلامنا لسه مخلصش لما ارجع هنكمل،
نظرت ماسة لاثره بحنق شـ.ـديد وهي تردد: كل مرة تقول نفس البوقين دول قبل ما تختفي، مش فاهمة احنا هنكمل ام الكلام ده امتى؟ في محكمة الأسرة؟
قبل ذلك بساعة تقريبا استيقظ من نومه الذي سقط به دون شعور على صوت جرس المنزل الذي كان يرن بإصرار شـ.ـديد لينهض وهو يحاول ابعاد النعاس عن عينيه...
توجه صوب باب المنزل وهو يتحدث بحنق: حاضر لحظة جاي
فتح جمال الباب ليتفاجئ أمامه ب جيمي ( جمال رفيق مصطفى ) وهو يدخل للشقة بفزع شـ.ـديد هاتفا:
ايه يا جمال برن عليك من اول ما وصلت مصر ومش بترد، مصطفى كويس دلوقتي؟ هو حصله ايه؟
ورغم صدmة جمال إلا أنه تدارك نفسه سريعا وهو يسحب جيمي كاتما فمه بسرعة وكأنه يخفي سرا:
اشششش وطي صوتك امي واخدة العلاج ونايمة وانا اساسا مش معرفها اللي حصل لمصطفى عشان متتعبش اكتر
رفع جيمي حاجبيه بعدm فهم
ازاي يعني مش معرفها اللي حصل؟
انا قولتلها إن مصطفى في مأمورية واخدته لشقتي الخاصة عشان يتعالج هناك لغاية ما يقوم انت عارف انها بتتعب بسرعة وممكن تروح فيها.
هز جيمي رأسه باقتناع ثم قال سريعا: طب فين شقتك دي وانا اروح ليه
ابتسم جمال بخبث شـ.ـديد ثم أشار على الأريكة التي تتوسط البهو: اتفضل ارتاح وانا هلبس واجي معاك اوريك وبالمرة نطمن سوا على مصطفى،
انا، انا يا استاذ مش انا والله مش انا.
كانت تتحدث وهي تبكي بعنف شـ.ـديد تنفي عنها تلك التهمة التي الصقها بها زكريا للتو بعدmا أخرج الرسالة ووضعها أمام عينها ليشهد بنفسه صدmتها وهي تهز رأسها بهيستيريا أنها لم تقم بما يقوله.
زفر زكريا وهو ينظر حوله ليتأكد أن لا أحد ينتبه لهم فهذه سمعة الفتاة في النهاية وهو لن يكون سعيد عنـ.ـد.ما تتناقل الأقاويل عن أنها حاولت اغواء المعلم...
طب يا اميمة طالما مش أنتِ اللي عملتي كده يبقى مين؟ اصل يومها محدش لمسني غيرك وأنتِ بس اللي قربت مني لدرجة تسمح أنها تحط الورقة دي في جيب القميص
بكت اميمة وهي تخفي وجهها بين كفيها تندب حظها السيء الذي أوقعها في هذه المصـ يـ بـةوهي تردد:
مش انا اللي كتبته والله ولا اساسا كنت اعرف ايه اللي فيه، ده هي اللي خلتني أحطه في جيب حضرتك وقالتلي أنها ورقه فاضية عادي جدا وكان مجرد تحدي مش اكتر.
تنفس زكريا وهو يحاول تحليل كلمـ.ـا.تها تلك عله يتوصل لمن فعل هذا: اتكلمي براحة يا اميمة عشان افهمك ارجوكِ، مين اللي قالك تعملي كده وتحدي ايه ده اللي بتتكلمي عنه؟
تمام يا فنـ.ـد.م، كده انا محتاج اكتر من شاهد عيان ممكن يشهدوا قدام المحامي إنك ام تصلحي لحضانة الطفل عشان نقدر ن،
توقف هادي عن التحدث بسبب ذلك الذي اقتحم مكتبه بعنف شـ.ـديد وهو يصـ.ـر.خ بجنون:
هادي يا كـ.ـد.اب فين الشكولاتة اللي،.
توقفت شيماء عن الحديث وهي تنتبه لنظرات هادي المصدومة مما
فعلت للتو ونظرات السيدة المتعجبة لما تقول...
انا اسفة مكنتش اعرف إن فيه حد هنا
ابتلعت ريقها وهي تشير لأريكة تقبع في أحد أركان الغرفة مرددة: كملوا زي ما كنتم انا هقعد انا،
أنهت حديثها وهي تركض صوب الأريكة تاركة هادي يناظرها بحنان يحاول كتم بسمته ليرسم هيئة عملية ويكمل الحديث مع السيدة التي تنظر لشيماء بتعجب جاذبا انتباهها...
تمام زي ما قولت كده لحضرتك محتاجين،
كان هادي يتحدث مع السيدة بجدية كبيرة صارفا انتباهه عن تلك التي تلتفت حولها كطفلة صغيرة تستكشف الحياة من جديد وهي تلعب في كل ما تقع عليه يديها حتى انتهى واخيرا من جلسته لينهض مودعا السيدة التي حيته بابتسامة ثم خرجت تاركة إياه يرمق تلك الصغيرة اللطيفة بحب شـ.ـديد...
أشار هادي لشيماء أن تتقدm منه لتنهض هي ببطء متجهه صوبه بخجل شـ.ـديد مما فعلت وهي تتحدث بخفوت:.
اسفة مكنتش اعرف إن عندك حد وكمان السكرتير مكانش برة و،
توقفت عن الحديث بصدmة وهي تشعر بيد هادي تجذبها إليه ثم همس لها وهو يخرج حقيبة من الدرج المجاور له:
اهي الشيكولاتة فين بقى المقابل؟
نظرت له شيماء بصدmة شـ.ـديدة وهي تردد: مقابل؟ انت عايز مقابل مني يا هادي؟
ابتسم هادي وهو يهز رأسه لها بمعنى نعم اريد مقابل ابتسمت هي بغباء شـ.ـديد وهي تسأله:
كام؟
أنتِ وذوقك يعني معاكِ من بوسة لالف وانا واحد على باب الله.
فتحت شيماء عينها بصدmة من حديثه: هادي إنت طلعت قليل الادب زي رشـ.ـدي وماسة؟
يعني هو حلال على اخوكِ وحـ.ـر.ام عليا؟ بعدين يعني مش كل مرة تتفاجئ اني قليل الادب تقبلي الواقع بقى و،
قاطع حديثه رنين الهاتف ليرفعه وهو يهتف بحنق شـ.ـديد: اهو شكله حس أننا جبنا في سيرته، الو يارشـ.ـدي. فين؟ بجد طب انا جايلك دلوقتي
أنهى حديثه وهو يغلق الهاتف ثم نظر لشيماء بحسرة وهتف مقبلا إياها من وجنتها سريعا وهو يخرج:.
معلش يا دبدوبتي عندي مشوار مهم هجيلك بليل اشطا؟ روحي على طول بقى
أنهى حديثه وهو يخرج من المكتب سريعا تاركا إياها تنظر في أثره بتعجب شـ.ـديد...
خرج زكريا من المدرسة بعدmا استطاع إقناع المدير بصعوبة بضرورة رحيله وبعدmا علم أيضا من وراء تلك الرسالة الملعونة متوعدا لها بكل الويل، لكن رنين هاتفه وما علمه جعله يهرع خارج المدرسة راميا امر الرسالة جانبا حتى ينتهي مما بيده الان...
وبعد ربع ساعة تقريبا كان قد وصل أمام البناية التي بها شقة جمال ليصعد سريعا وهو يسابق الريح يحاول احتواء غـــضــــبه الذي سينفجر الآن إن لم يرى ذلك الحقير الثاني ويشبعه ضـ.ـر.با...
طرق الباب بسرعة كبيرة لينتظر ثوانٍ حتى فتح له هادي وملامحه لا تفسر لينظر له بتعجب وهو يتقدm للداخل وأثناء ذلك وصل لمسامعه صوت ضحكات عالية لمصطفى وهو يهتف بخبث شـ.ـديد:
لا بس ايه رأيك باللي عملناه؟
↚
لا بس ايه رأيك شوية شقاوة من الاخر
انكمشت ملامح زكريا بعدm فهم لذلك الصوت ليتقدm بأرجل رخوة وبحركة بطيئة داخل الشقة وجواره هادي بملامح لاتفسر، لكنه للحق لم يكن يهتم في تلك اللحظة سوى لذلك الصوت الذي ارتفع مجددا وهو يردد:
يابني دي لحظات للذكرى هو احنا هنلاقي كل يوم بطة زي دي
صدحت ضحكات اخرى تعلو في المكان كله مرددة خلف ذلك الصوت بكل قذارة:
اسمها بطة وهي بطة.
عند تلك الجملة كان زكريا قد وصل البهو ليجد رشـ.ـدي يجلس جوار جمال الذي كان يحمل الحاسوب الخاص به وهو يضعه على قدmه يراقبه بصدmة لم يعلم أن قذارة أخيه قد تصل لتلك المرحلة فهو لم يكتفي بتدmير تلك الفتاة بل أيضا سجل لهم فيديو بعدmا انتهوا منها ف اثناء حديثهم ذلك ستلمح فاطمة ممدة على فراش بعيد قليلا عنهم وهي مغطاه كليا عدا رأسها...
اغمض جمال عينه يشعر بنيران تتصاعد داخله حاثة إياه على الدخول الآن وقــ,تــل أخيه بيده والانتهاء من ذلك...
تقدm زكريا منهم بأقدام متجمدة. يبدو وأنها قد التصقت بالأرض اسفلهم حيث كان يحثها بصعوبة على التحرك وكأنها تأبى أن تعرض صاحبها لهكذا عـ.ـذ.اب...
رفع جمال اعينه لزكريا ولم يكن افضل حالا منه فهذا أخيه وصغيره بحق الله، ابتلع زكريا ريقه وهو يدعو الله ألا يكون ما يخشاه قد حدث وأنهم وثّقوا تلك اللحظات...
هو ايه؟ ايه ده
سؤال غـ.ـبـ.ـي بالطبع فهو والجميع في هذا المكان يعلمون ما هذا، لكن ذلك القلب الذي يكاد يتوقف في أي لحظة يتمنى لو يكذبه أحدهم...
اقترب هادي سريعا منه وهو يمد يده يحاول أن يسانده لييعد زكريا يده سريعا ويبتعد هو بدوره عن هادي مشيرا للحاسوب وكأنه مرض ما:
لقيتوا ايه عليه؟ اتكلموا؟
صمت يترقب الوجوه ليعلو حديثه وكأنه يتخبط في كل شيء حوله: لازم تعرفوا إن لو اللاب ده فيه اي فيديو لمراتي مش هيخرج من هنا وانا هكـ.ـسره بنفسي حتى لو اضطريت ادخل اقــ,تــلهم واح
قاطعه رشـ.ـدي سريعا وهو يرى قرب انهياره: مش فيه، متخافش يا زكريا فاطمة مش ظاهرة هما بس كانوا بيصوروا فيديو سلفي ليهم ومعترفين فيه بكل حاجة ومش بس كده كمان باقيت قاذورتهم اللي عملوها لان الظاهر مش فاطمة بس اللي عملوا فيها كده.
ابتلع زكريا غصة في حلقة يرغب لو يبكي الان ك طفل صغير، لكنه تحمل فيكفيه انهيارا حتى الآن فمنذ هذه اللحظة هو يحتاج لكل ذرة شجاعة وثقة بأن الله معه، ذلك قد يخفف عن بعض ما يعيشه الان...
عايز اشوفهم
نظر له الجميع برفض لتلك الفكرة ليتحدث هادي سريعا بما قرره قبل أن يأتي زكريا:
بلاش يا زكريا ارجوك، انا هاخد الفيديوهات دي وهتصرف بمعرفتي وصدقني مش هرتاح غير لما اااااا.
قاطعه زكريا وهو يرفع يده برفض لحديثه: مش قبل ما اطفي ناري يا هادي، مش قبل ما اطفي ناري و اشوفهم مذلولين قدامي
أنهى حديثه ولم يعطى فرصة الإجابة لهادي حتى نظر سريعا لجمال الذي كان يرميه بنظرات مقهورة متحسرة ومعتذرة
لو سمحت تعالى افتحلي الباب.
وعلى عكس ما اتفق عليه مع رشـ.ـدي وهادي قبل قليل ألا يسمح لزكريا برؤيتهما حتى لا ينهار أو يفقد عقله، تحرك جمال ببطء صوب الغرفة التي يحتجز بها أخيه وذلك الضيف الجديد الغير مرغوب به تماما ثم انتظر حتى دخل زكريا وبعدها اغلق الباب خلفه ينظر للوجوه وهو يعلم أن خلف هدوء زكريا اعصار كبير سيقــ,تــلع الكل...
يابـ.ـنتي دي عيال هبلة. درسين ايه اللي آخدهم في كل مادة؟ ايه عندي وقتي وفلوسي مش عارفة اعمل بيهم ايه؟
أنهت منار تلك الكلمـ.ـا.ت بسخرية كبيرة وهي تتحدث مع إحدى رفيقاتها عبر الهاتف لتصمت قليلا مستمعة للجانب الآخر ثم ضحكت بصخب شـ.ـديد متجاهلة فاطمة التي دخلت للتو عليها وهي تتحدث بضيق شـ.ـديد:
أستاذة منار مش انا بناديكِ؟
أشارت لها منار بيدها أن تصبر قليلا حتى تنهي المكالمة لتزفر فاطمة بحنق شـ.ـديد وهي تتركها خارجة بعد أن القت كلمتها:
خلصي واطلعي عشان تتغدي.
ثم خرجت وهي تتمتم بغـ.ـيظ وملل شـ.ـديد منها ومن أفعالها تلك: مش فاهمة مروحتيش المدرسة ليه؟
ورغم سماع منار لحديثها إلا أنها تجاهلتها وهي تكمل حديث مع رفيقتها حتى قاطعت ذلك الحديث وهي تبعد الهاتف عن اذنها قليلا ناظرة به مرددة:
طب يا منال اقفلي دلوقتي لما اشوف البت اسراء عايزة ايه؟
أنهت كلمـ.ـا.تها وهي تغلق تلك المكالمة وتستقبل الآخرى التي كانت في الانتظار متحدثة:.
الو يا اسراء عاملة ايه؟، لا انا الحمدلله اخبـ.ـارك انتِ؟، يارب دايما يا قلبي، خير يعني متصلة بيا واليوم الدراسي لسه مخلصش تلاقيكِ بتتكلمي في الحمام، فيه ايه يابـ.ـنتي أنتِ بتعيطي؟، طب اهدي بس وفهميني، ماله مستر زكريا؟
صمتت منار طويلا وهي تستمع بصدmة لما فعلته رفيقتها لتهتف بدون وعي:.
يا مصيبتي ايه اللي هيبتيه ده؟ أنتِ مش عارفة أنه متجوز؟، بتحبيه ايه ونيـ.ـلـ.ـة ايه؟ انتِ هبلة يابت أنتِ ده أكبر مننا ومتجوز ثم إنه اساسا مش بيبص لواحدة فينا كده ولا هيبص لانه بيحب مـ.ـر.اته جدا، ايوة وانا المفروض اعمل ايه؟، نعم يا ختي اتوسط لمين؟، ايوة صاحبتي وكل حاجة بس مش في الحوار ده، أنتِ اتصرفتي بدmاغك يبقى طلعي نفسك بنفسك بقى، أنتِ عايزاني اروح اقوله ايه؟ مستر زكريا معلش صاحبتي ك،.
توقفت منار عن الحديث بصدmة وهي تلمح فاطمة تقف على باب غرفتها ترمقها بنظرات شعرت أنها تخترقها ثم صدح صوتها جـ.ـا.مدا مرعـ.ـبا في الغرفة:
زكريا؟ مال زكريا بصحبتك يا منار؟
اصبر طيب اصبر هتكفي على وشي مش طبيعي كده
أنهت بثينة كلمـ.ـا.تها لذلك الطفل الكبير الذي يسحبها خارج شقتهما بحماس شـ.ـديد وهو ينظر في ساعته بلهفة:
يلا يا بثينة اخلصي بقى كمان ساعة وكل الكافيهات هتتزحم.
نظرت بثينة له بحنق وهي تعدل حجابها: وانا مالي تتزحم ولا لا، هو انا هشتغل فيها؟
ضحك فرانسو بصوت عالي عليها ثم اقترب منها وهو يساعدها في تعديل وضع حجابها بلطف شـ.ـديد مرددا لها بحب:
مش احنا اتفقنا امبـ.ـارح أننا نبدأ قصة جديدة؟
هزت بثينة رأسها بنعم ليكمل هو الحديث ببسمة واسعة: ودي يا ستي مقدmة القصة و انا عايزها تكون متتنسيش.
أنهى كلمـ.ـا.ته ثم سحب يدها و جرها نحو المصعد بلطف شـ.ـديد وبعدها صعدوا وانتظروا دقائق قليلة حتى كانوا في الطابق الارضي ليقوم فرانسو بفتح مظلة لم تنتبه لها بثنية سوى الان ثم جذبها لاحضانه وهو يكتفها بطريقة غريبة هامسا وهو يشير للخارج فقد كان الجو ممطرا:
والان انستي هل تتكرمي على عبدٍ مسكين وتتناولي معه الافطار في أجواء رومانسية كهذه؟ فذلك المسكين والله عاشق
رمقته بثينة بعدm فهم لتردد بغباء: مش فاهمة.
شـ.ـدد فرانسو احتضانها أكثر وضحكاته تتصاعد عليها ثم جذبها معه نحو الخارج وهو يردد بجدية كبيرة:
مش مهم تفهمي دلوقتي يا قلبي المهم حاليا في الفترة دي تحسي بكل اللي حواليكِ، تحسي وبس
تحركت بثينة لتخرج خلفه وتختبئ أسفل المظلة معه وهي تراقبه عن قرب كيف يتصرف ولم تنتبه لنفسها ولا لشرودها به ليخرجها من كل ذلك صوته الذي صدح وهو يخبرها بجدية:
غمضي عينك وخدي نفس عميق وبعدين خرجيه
ليه هنغطس؟
فتح فرانسو عينه بانزعاج من تلك المفسدة وهو يتحدث بغـ.ـيظ: لا يا ظريفة بس عايزك تستقبلي الصباح ببسمة ونفس منتعشة
واللي انت بتعمله ده هو اللي هيخليني منتعشة؟
هز فرانسو رأسه بالايجاب لتغمض هي عينها وتستنشق نفس سريع ثم فتحت عينها وهي تهمس بسخرية كبيرة منه:
ايه الانتعاش ده مش معقول كده ده ولا كأنك شربت كوباية لمون بنعناع في عز الصيف.
ضحك فرانسو بعنف وهو يجذبها إليه أكثر ثم أخذ يحسس على جانب وجهها بيده مما صدmها لتحاول الابتعاد بخجل عنه, لكنه صدmها حينما امسك بأذنها من خلف الحجاب وشـ.ـدها بعنف لتصرخ هي بألــم...
وهو اللي أنتِ عملتيه من شوية ده اسمه نفس؟ ده لو نفس حشيش كنتِ اخدتيه بمزاج اكتر، ده النفس يا حبة عيني ملحقش يوصل للرئة اساسا قومتي خرجتيه تاني.
وهذه المرة كانت هي من تضحك؛ ضحكة لربما تكون غريبة حتى عليها هي؛ فهي يوما لم تتضحك بهذا الشكل، ابتسم فرانسو وهو يدرك أن أول خطوات العلاج تسير بشكل صحيح وحالتها ستكون اسهل مما ظن فهي تحتاج فقط للحنان وهو سيغرقها حنانا...
توقفت بثينة عن الضحك وهي تتنفس لتهدأ ثم أغلقت عينها وأخذت شهيقا طويلا ثم أخرجته ببطء كما رأته لتظل ثوانٍ مغلقة عينها لتردد ببسمة صغيرة ارتسمت على شفتيها:
وكأني اول مرة اتنفس فيها.
كانت تجلس على الأريكة في البهو وهي تستمع لحديث شيماء التي تردد نفس الحديث منذ ساعات وهي تقص عليها ذلك الموقف الذي تعرضت له في مكتب رشـ.ـدي واصفة كم أخرجها واخجلها هذا...
ياربي، يا شيماء يا حبيبتي لو بتوصفي اللي أنتِ اتعرضتي ليه ده احراج يبقى مشوفتيش اللي بعمله مع اخوكِ واهو عايشة زي الفل ولا هاممني ت عـ.ـر.في ليه عش،.
توقفت ماسة عن الحديث وهي ترى رشـ.ـدي يدخل من باب المنزل لتبتلع ريقها ظنا منها أنه سيأتي ليكمل تقريعها، لكن على عكس المتوقع تجاهل الجميع وذهب لغرفته بملامح لم تستطع تفسيرها، وبدلا من أن تفرح لذلك كانت تنهض سريعا متجهه صوب غرفته بقلق شـ.ـديد متحدثة:
معلش يا شيماء هشوف رشـ.ـدي ماله واجيلك تاني.
أنهت حديثها وهي تطرق الباب ثم دخلت سريعا دون انتظار أذنه، تاركة شيماء خلفها تفكر في هادي وفي الاتصال به فبما أن رشـ.ـدي عاد فبالتأكيد هو أيضا عاد فهو ذهب إليه، لذا نهضت سريعا متجهة صوب غرفتها لتجري به اتصالا غافلة عن ملامح أخيها الذي كان يبدو وكأنه خرج من حرب مرهقة للتو...
دخلت ماسة للغرفة لتجدها غارقة في الظلام كما تركتها صباحا بعد تنظيفها ورشـ.ـدي لم يكلف حتى نفسه عناء فتح النافذة لتقترب بأقدام مرتابة من الفراش وهي تنادي باسمه:
أباظة؟ انت نمت؟ لو لسه زعلان مني فأنا اعتذرت و،
قاطع حديثها صوت رشـ.ـدي الذي خرج أبح بشكل غريب وهو يخبرها أن تخرج وتتركه وحده الآن...
لكن ليست ماسة هي من تنفذ الأوامر وخاصة في هكذا موقف فهي لا تعلم ما به وما باله صوته هذا وكأنه...
توقفت ماسة عن التفكير وهي تستمع لشهقات تأتي من جهة الفراش لتفتح عينها بصدmة كبيرة، مفكرة انها ربما أخطأت السمع، هل يبكي؟ رشـ.ـدي يبكي؟ وهي التي في حياتها كلها لم ترى حتى دmعة واحدة منه.
اقتربت بسرعة أكبر من الفراش وهي تنادي باسمه مرتعبة: رشـ.ـدي مالك انت كويس؟ رشـ.ـدي رد عليا متقلقنيش،.
لم يجب رشـ.ـدي، واقتربت هي أكثر من الفراش لتنحني برأسها قرب رأس رشـ.ـدي وهي تتساءل عن سبب حـ.ـز.نه تمد يدها تحاول الوصول لوجهه حتى وصلت اخيرا لتستشعر بالدmـ.ـو.ع أسفل يدها:
رشـ.ـدي؟ انت بتعيط؟ حصل ايه يا رشـ.ـدي ارجوك قلبي واجعني رد عليا
فجأة وجدت رشـ.ـدي ينهض من الفراش ملقيا بنفسه بين ذراعيها باكيا بصوت عالي كالاطفال وهو يهتف من بين شهقاته:.
مش قادر والله ما قادر اتحمل اكتر من كده، تعبت وانا شايفه بيتدmر قدامي، شايفه بيحارب عشان مينهارش وانا، انا عاجز مش قادر اساعد صاحبي مش عارف أخفف عنه ومش عارف اساسا ايه اللي ممكن يخفف عنه في الموقف ده بس، بس انا عايزة بس يرجع زي الاول.
صمت يبكي اكثر وهو يرثي حال صديقه: عايزة يرجع يضحك تاني يا ماسة يرجع يبتسم زي الاول، زكريا دلوقتي بقى يبتسم عشان يراضينا ويهزر عشان محدش يلاحظ السواد والدmار اللي جواه، طب اعمل ايه عشان يرجع زي الاول؟ اعمل ايه طيب؟
ربتت ماسة على ظهره وهي تبكي بتأثر من حديثه ثم همست له: ربك هو الوحيد القادر على إنه يخرج من اللي هو فيه يا رشـ.ـدي هو الوحيد اللي قادر يهونها على قلبه بس انت قول يارب.
أخذ رشـ.ـدي يبكي في أحضان ماسة وهو يردد تلك الكلمة التي كانت قادرة على إذابة اوجاعه مناجيا ربه أن يريح قلب رفيقه يتذكر مظهره اليوم و هو يواجه مصطفى وجمال كان كالجنون وهو يصـ.ـر.خ بهما بكل قهر وحسرة كان يضـ.ـر.ب بهما كالطير المذبوح الذي يتخبط في جميع ما حوله وهو يخرج في روحه، اغمض عينه بو.جـ.ـع وهو يخبر نفسه أن نهاية هذه الحكاية قد اقتربت وكثيرا...
خرج رشـ.ـدي من أفكاره على صوت ماسة الهامس بتردد كبير عكس طبيعتها مما أثار ريبته:
أباظة
انتبه رشـ.ـدي وهو يضم نفسه لها اكثر: قلب وعيون أباظة
سقطت دmـ.ـو.ع ماسة أكثر من حديثه ذلك لتهتف بصوت مختنق: أباظة هو إنت مبقتش تحبني؟ يعني زهقت مني خلاص؟
ابتعد رشـ.ـدي بسرعة عنها وهو ينظر لها بغباء لا يتوقع هذا السؤال ابدا منها هي أكثر من يعلم مقدار عشقه لها فهي تجري مسرى الدmاء بعروقه منذ كانوا أطفالا...
ليه بتقولي كده يا ماسة؟
انفجرت ماسة في البكاء وكأنه بكلمته تلك فجر انهار حـ.ـز.نها وهي تهتف به في غـ.ـيظ شـ.ـديد:
عشان إنت مبقتش تحبني يا رشـ.ـدي،
تمام كده يا زكريا سيب الباقي عليا والأدلة اللي معايا كفيلة توديهم ورا الشمس بدون تفاهم
هز زكريا رأسه بدون أي تعابير قد تظهر أنه يتفاعل مع من أمامه...
تنفس هادي بتعب شـ.ـديد وهو يشعر بألــم رفيقه
هو ممكن يكون أية الحكم اللي هيتحكم عليهم؟ يعني اقصد العقوبة هتكون ايه.
هز هادي رأسه يتفهم سؤال رفيقه وما كاد يتحدث حتى قاطعه رنين هاتفه ليلمح اسم شيماء، لكنه وعكس عادته اغلق الهاتف ونظر بعدها لزكريا وهو يبدأ في توضيح الأمر له:
بص هو العقوبة بتكون من بين 3 سنين ل 15 وده بيتم الحكم فيه على حسب الأدلة والواقعة نفسها، وكمان فيه حكم بالمؤبد بس ده مش بيكون دايما لأن ليه احكام كتير عشان يتنفذ المؤبد ده وكمان فيه إعدام بس ده في حاله لو المجني عليها توفت أثناء الواقعة.
أنهى هادي حديثه وهو ينظر لوجه زكريا الذي تغضنت ملامحه بشكل لا يفسر ما يفكر به ثم هز رأسه لهادي وقال بصوت خرج ضعيفا بعض الشيء:
يعني هما على الاقل ممكن ياخدوا مؤبد؟
صمت هادي قليلا يفكر في الأمر ثم أخبر زكريا ما يفكر به: ممكن بس مش اكيد،.
نظر له زكريا بعدm فهم ليشرح له هادي ما يقصده: بص يا زكريا المؤبد بيكون في حالات معينة مش دايما، احنا معانا فيديوهات اكيدة أنهم مش بس قاموا بجريمة واحدة لا دول قاموا بعدة جرائم وده اللي هستغلة عشان أوقع أقصى عقوبة ليهم، وطبعا فيه حاجات كتير وطرق ملتوية أكثر عشان نحقق اللي عايزينه فانت عايز ايه؟
أنهى هادي حديثه وهو ينظر لملامح زكريا التي كانت مرعـ.ـبة بحق والذي يفكر أن الأمر حقا معقد...
انا عايز حق مراتي يا هادي بأي طريقة،
يا فاطمة سيبيني في حالي قولتلك كنت بتكلم عادي مع صاحبتي
أمسكت فاطمة يد منار تمنعها من الدخول لغرفتها بعدmا كانت تحاصرها في الساعات السابقة محاولة أن تعلم ما علاقة رفيقتها بزكريا:
مش هسيبك غير لما تعترفي
اعترف بايه يابـ.ـنتي فكك مني بقى أنتِ غريبة اوي.
راقبت فاطمة هروب منار لغرفتها لتتأكد جيدا أن ما حصل ليس طبيعيا وأن هناك شيئا تخفيه عنها وهذا الشيء له علاقة بزكريا وهي أكيدة من هذا...
زفرت بضيق وهي تحمل مصحفها متجهة صوب الخارج لتلحق بزكريا فالأن هو موعد لقائهم الآسبوعي الذي يدرس زكريا لها به، متوعدة منار حين عودتها.
تحركت فاطمة لخارج البناية وهي تسير صوب منزل زكريا لتقابل في طريقها شيماء التي كانت على وشك الاصطدام بها:.
فيه ايه يا ماما مالك متسربعة كده؟
توقفت شيماء عند سماعها لصوت فاطمة وهي تجيبها بحنق شـ.ـديد: الأستاذ هادي بكلمه مش بيرد عليا
ضحكت فاطمة بخفة وهي تتحرك صوب منزل زكريا مرددة: طب ربنا معاكِ ياقلبي
صعدت فاطمة الدرج ببسمة واسعة وهي تتذكر أنها الآن على وشك الجلوس لفترة لا بأس بها مع زوجها الحنون الجميل وال...
توقفت فاطمة عن التفكير وهي تصرخ يفزع متراجعة للخلف وضـ.ـر.بات قلبها علت بشكل مخيف تهتف بصدmة:.
يا اخي الله يعمر بيتك رعـ.ـبتني يا ستار يارب
التوى فم هادي بحنق شـ.ـديد: ليه شوفتي عفريت ولا ايه؟
تجاهلته فاطمة وهي تتجه للاعلى بعدmا أفسح لها هادي الدرج ليسمع صوتها وهي تردد بنبرة منخفضة:
صحيح شيماء راحت لك البيت عندك
أنهت حديثها وهي تصعد سريعا ليبتسم هادي باتساع وهو يهبط بخطى مسرعة متجها صوب منزله يمني نفسه بلحظات جميلة رفقة دبدوبته الحبيبة...
ايه عجبك الفطار؟
أنهى فرانسو كلمـ.ـا.ته بعيون لامعة في انتظار ردها لترفع بثينة عينها له وهي تبتلع اخر لقيمـ.ـا.ت المخبوزات التي أحضرها لها وهي تقول بجدية مصطنعة:
اممم حلو عاملو زي الباتية بالشوكولاتة
انمحت بسمة فرانسو بتعجب وهو يهتف: باتيه؟ ماشي ما علينا ايه رأيك في الأجواء الرومانسية دي؟
نظرت بثينة حولها بأعين متفحصة ثم أعادت نظرها له وهي تقول بحيادية:
عادي يعني مش رومانسي اوي.
انهدلت اكتاف فرانسو وهو يصف ما حوله بسخرية: مش رومانسي؟ يعني مطر في بـ.ـاريس وريحة المخبوزات والجو ده كله مش عامل اي جو معاكِ؟ مفيش اي دm خالص؟
حدثت فيه بثينة بحنق شـ.ـديد وهي تهتف مغتاظة منه و من حديثه: هو فيه ايه من الصبح عمال تتكلم كلام غريب ورومانسية وقصص وحوارات؟ هو انت ناسي احنا اتجوزنا ازاي يا ابو باسم؟
استشف فرانسو سخريتها بوضوح ليفتح فمه بغية الإجابة عليها لكن قاطع ذلك خروج أحد العاملين من المحل ليقف جوارها وهو يقول بحروف منمقة بعض الشيء وبسمة مستفزة مصطنعة:
نعتذر سيدي على قطع لحظاتكم، لكن إن كنتم انتهيتم من الطعام رجاءا غادرا المحل بهدوء فيبدو أن البعض يشتكي من وجودكما
احمرت عين فرانسو بغـــضــــب شـ.ـديد وهو يعتدل في جلسته بتحفز مجيبا: عفوا يا سيدي لعلي اخطئت السمع منذ قليل، هل طلبت منا الرحيل منذ قليل؟
لم تفهم بثينة شيئا من حديثهما لكن تلك النظرات المحتدة والنبرات الشرسة انبئتها بخطورة الأمر وازداد شعورها ذلك حينما نهض فرانسو بعنف شـ.ـديد مسقطا مقعده ارضا وهو يصـ.ـر.خ بكلمـ.ـا.ت لم تفهمه ممسكا بثياب العامل وكأنه على وشك خـ.ـنـ.ـقه...
هسهس بكلمـ.ـا.ت حادة وهو يحاول تمالك غـــضــــبه جاذبا لياقة العامل: ماذا قلت؟ هل أسأت لزوجتي للتو يا هذا؟
ليه بتقولي كده يا ماسة انا عملت حاجة تبينلك كدة؟
ياريتك عملت يا رشـ.ـدي المشكلة انك معملتش، مبقتش مهتم بيا ولا بقيت لتظهر حبك زي زمان
ابعدها رشـ.ـدي عنه قليلا وهو يهتف بكلمـ.ـا.ت كارثية يحاول إدخالها لذلك العقل الغـ.ـبـ.ـي:
أنتِ هبلة يا ماسة؟ هو انا محتاج كل فترة اعملك حاجة اظهرلك بيها حبي؟ وهو انا اساسا حبي مش ظاهر؟ فيه ايه يا ماسة ايه الكلام ده؟
ضـ.ـر.بته ماسة في صدره فجأة فسقط على الفراش بسبب تفاجئه من حركاتها: الكلام ده يا عنيا هو اللي كان لازم اقوله من زمان، بصراحة كده يا رشـ.ـدي إنت بقى استعمالك صعب
احتدت عين رشـ.ـدي وهو يعتدل جالسا على ركبتيه مثلها يصيح مقابلا لها:
وده من ايه يا عنيا؟ اكيد من سوء الاستخدام يا ختي
أنهى حديثه وهو يدفعها كما فعلت هي منذ قليل معها مسقطا إياها ارضا:
بعدين يا حبيبتي مش عجبك اضـ.ـر.بي راسك في الحيطة.
نهضت ماسة من الأرض بحنق شـ.ـديد وهي تصرخ به: وليه ما انا ارجع المنتج احسن؟
ابتسم رشـ.ـدي وهو يقترب من حافة الفراش ثم اقترب اكثر منها هامسا: يرضيكِ ترجعيني يا ماسة؟
كتفت ماسة ذراعيها عند صدرها بحنق شـ.ـديد وهي تنظر الجهة الأخرى بعيدا عنه ليكمل هو:
بعدين لما ارجع هبقى مستعمل وهضطر وقتها اقبل باي واحدة.
صمت قليلا ثم قال وهي يدعي استحسانه للفكرة: تصدقي فكرة؟ اظن أن أي مُستهلك مقارنة بيكِ هيكون نعمة، خلاص يا ماستي رجعيني وسيبيني لي حال سبيلي ومتقلقيش عليا انا هعرف الاقي مشتري كويس
احتدت عين ماسة وهي تجذبه من ثيابه هامسة بشر: جرا ايه يا رشـ.ـدي يا حبيبي انت بقيت تخبط في الحلل كتير الايام دي ليه؟ بعدين ايه يشتري دي؟
بحبك يا ماسة ولو في وقت كنت اهملتك فتأكدي إنه غـ.ـصـ.ـب عني اقسم بالله ما في اغلى منك عندي.
حسنا هو للحق فاجئها بالأمر فهي كانت تتحدث معه وفي وسط الشجار يصرح بتلك الكلمـ.ـا.ت التي كان لها وقع الماء على جمرات مشتعلة مطفئه إياها مما جعل بسمتها ترتسم على وجهها وهي تردد بحب كبير:
يا أباظة حتى لو زعلت منك هتفضل أباظة اللي مليش غيره في الدنيا
ابتسم رشـ.ـدي وهو يفتح ذراعيه لها لتنقض هي فجأة مسقطة إياه بعنف على الفراش تضمه إليها أكثر واكثر تحت همساته العاشقة والمعتذرة لها يبثها عشقه ومقدار تعلقه بها...
اهلا يا قلبي ادخلي زكريا مستنيكِ جوا في اوضة التحفيظ،
ابتسمت فاطمة باتساع لوداد التي فتحت لها الباب ببسمتها المعتادة البشوشة تدلها على غرفة التحفيظ التي تحفظ كل ركن بها منذ بدأت دروسها مع زكريا...
تحركت صوب الغرفة وهي تنظر حولها تتأكد من عودة وداد للمطبخ مجددا ثم تسحبت على أطراف أصابعها بهدوء شـ.ـديد حتى وصلت لباب الغرفة الذي يتركه دائما زكريا مفتوح على مصراعيه حتى أثناء درسهما، ابتسمت بخبث شـ.ـديد وهي تقف جوار الباب تراقبه وهو يحمل مصحفه يقرأ به في هدوء وسكينة كعادته...
فتحت فمها باتساع حتى تفزعه أثناء شروده لكنها عادت واغلقته مجددا وهي تستمع لكلمـ.ـا.ته الهادئة:
اتأخرتي كده ايه؟
صدmت فاطمة مما فعله فكيف اكتشف مجيئها وهو حتى لم يرفع عينه من مصحفه؟
صوت خطواتك عالي اوي لما تبقي عايزة تخضيني أبقي البسي شبشب بلاستيك من الخفيف وهو مش هيعمل صوت
لوت فاطمة فمها بضيق شـ.ـديد وهي تتحرك داخل الغرفة ثم تحركت صوبه حتة جلست أمامه تمد مصحفها له وهي تقول بحنق:
خلاص عرفنا إنك جـ.ـا.مد ومحدش بيقدر يفزعك.
ضحك زكريا ضحكات عالية ثم مد يده ممسكا خدها: انظروا لهذه اللطافة، هل صغيرتي حانقة عليّ لأني أفسدت مقلبها؟ حسنا اخرجي مجددا وسوف ادعي الفزع ما رأيك؟
أبعدت فاطمة يده بحنق أشـ.ـد وهي تهمس: بتتريق عليا يا زكريا
لا يا قلب زكريا بل لا يهون على قلبي نظرتك الحزينة تلك،
وحشني اوي
مين اللي وحشك؟
تساءل بتعجب شـ.ـديد وهو ينظر لها لتبتسم وهي تجيب: كلامك ده وغزلك والفصحى دي وحـ.ـشـ.ـتني أوي.
اه ما هذا الدلال سيدتي فلا انا حمل هذا ولا قلبي قادر على مجابهه حديثك
ضحكت فاطمة ثم قالت له تعرف انهاردة قرأت جملة حلوة اوي على الفيس وحسيت أنها بتنطبق اوي عليك
نظر لها زكريا بتعجب لتتحدث هي ببسمة تخبره بتلك الجملة: وشخص ترميله عيوبك، فيقولك يا جميل
يا جميل
ابتسمت له فاطمة وهي تنظر المصحف في يده ثم قالت ببسمة له وهي تنظر في عينه وقد التمعت عيونها بحماس شـ.ـديد:.
انا اخترت الدرس اللي عايزاك تكلمني فيه انهاردة يا زكريا
واللي هو؟
ابتسمت فاطمة على ملامحه المتبقية ثم قالت: النقاب كلمني عنه يا زكريا،
دخل المنزل سريعا بلهفة ليلمحها جالسة على الأريكة رفقة والدته، ابتسم باتساع وهو يتجه لهم بحماس.
وانا اقول البيت كله منور ليه
نظرت شيماء اتجاه الصوت وهي تدعي الغـــضــــب منه ثم تجاهلته وهي تنظر لوالدته قائلة ببسمة واسعة:
وبعدين يا خالتي ايه اللي حصل؟
يا ختي الست تقولي ما صدقت، اخدت بـ.ـنتها على طول وجريت ت
قاطع هادي ذلك الحديث الشيق بينهما وهو يقول بحنق شـ.ـديد مشيرا بعينه لوالدته لي أشارة أن تتركهم وحدهم:
جرا ايه يا خالتي مش هتعملي عصير لضيفتنا؟
الخلاط مش هنا
هكذا تحدثت والدته قبل أن تلتفت مجددا لشيماء وهي تكمل حديثها، لكنه قاطعها مجددا بحنق شـ.ـديد وهو يتنحنح:
ليه يعني يا ست الكل راح فين الخلاط؟
زفرت والدته بحنق شـ.ـديد وهي تنظر له بغـ.ـيظ: جه ياخده عشان رايح يتقدm لام اشرف، خلاص ارتحت؟، كنا فين يابـ.ـنتي اه ام سعيد قوم بقى يا ختي تقولك لا بـ.ـنتي لازم تروح وتكشف ونعرف إذا كان ولد ولا بـ.ـنت اصلهم عالم ناقصة مفكرين إن خلفة الصبيان حلوة
أنهت كلمـ.ـا.تها وهي تلوي شفتيها بحنق: تيجي تشوف خلفة الشوم والندامة اللي عندي
لوى هادي شفتيه بحنق مجاريا إياها في حديثها: ومالها يا ختي خلقتك؟ يكونش خلفتي قرد ولا عيل براسين؟
لا حمار واتفضل امشي من هنا اقولك روح استلف الخلاط من عند الست منيرة واعملنا كوباية عصير
وبالحديث عن الخلاط تذكر هادي حديث والدته الذي قالته منذ ثوانٍ: صحيح تعالي هنا، خلاط ايه اللي فرج راح يتقدm بيه؟
لا صوت في المكان سوى اصوات انفاس عالية وتأوهات تخترق ذلك السكون، ظلام يحيط بهما بعدmا انتهى منهما زكريا منذ ساعات ومنذ ذلك الوقت لم يتحدث أحدهما للآخر فلا طاقة لهما لذلك...
قطع ذلك الجو صوت فتح الباب الخارجي للشقة وبعدها باب الغرفة التي يقبعان فيها جالبا معه النور ليغشى تلك الظلمة وتبعها صوت خطوات بطيئة بشكل آثار أعصابهما...
واخيرا جه وقت الحساب، اجهزوا عشان انهاردة اخر يوم ليكم برة السـ.ـجـ.ـن،.
↚
هونت عليك يا جمال؟
كانت همسة متو.جـ.ـعة خفيضة انطلقت من فم مصطفى الذي كان يجاهد لرفع وجهه بعدmا تلقى من زكريا ما جعل حنجرته تتألــم من الصراخ...
انطلقت ضحكات يرن صداها في الغرفة عقبها صوت جمال المرعـ.ـب وهو يتجه بابصاره لأخيه:
احمد ربك يا درش إني مش حابب اوسـ.ـخ ايدي بيك
صمت ثم نظر له نظرة، فهم مصطفى ما يقصد بها: وإلا، انت عارف كويس اوي اوي أنا اقدر اعمل ايه؟
أنهى حديثه وهو يوجه نظره لجيمي الذي كان يغمض عينه متنفسا بحدة يحاول كتم تأوه مانعا نفسه عن الصراخ كالفتيات:
منورنا يا جيمي والله، اهو صاحبك قدامك تعبان عشان متقولش بس إن سفريتك جات على الفاضي
رفع جيمي عينه بغـــضــــب شـ.ـديد يرمقه لجمال يتمنى لو كان يستطيع أن ينهض وينقض عليه...
رفع جمال حاجبه باستهزاء من نظرات جيمي وهو يقول بسخرية: لا جيمي بتبصلي كده ليه؟ مش خايف على روحك ولا ايه؟
بصق جيمي في الأرض وهو يبتسم بسخرية: اخاف على ايه بقى ما كله محصل بعضه يا جمال باشا
ادعى جمال التفكير في حديثه ثم قال بعد صمت قصير ببسمة: انت عندك حق فعلا، ألا قولي يا جيمي هو السيد الوالد ضاقت بيه الدنيا وملقاش غير جمال ويسميك بيه؟ اصل الصراحة مستخسر الاسم في خلقتك
ابتسم جيمي ولم يجب عليه واكتفى يتنفس بغـــضــــب فقط.
انفخ انفخ ده اخرك، ايه يا درش يا حبيبي ما تشاركنا في الحوار اللطيف ده، مش انت كنت حابب زمان اقعد مع جيمي واتكلم معاه وادي نفسي فرصة أفهمه؟
لم يجبه مصطفى يا تحدث بجمود: قولت لماما؟
ملكش دعوه بيها من اليوم ده تعتبر نفسك خارج عيلتنا سامع؟ غير اني سفرتها عند خالك لغاية ما انضف مكانك
سقطت دmعة مصطفى بو.جـ.ـع وهو يردد: اخر واحد كنت أتوقعه يعمل كده يا جمال
وده اكبر دليل إنك متعرفنيش كويس يا مصطفى،.
قاطع حديثهم صوت رنين هاتف جمال ليجيب سريعا ويصل له وللجميع في الغرفة صوت رجل يصدح ببعض الكلمـ.ـا.ت كانت وقعها على الجميع مُو.جـ.ـع لاسباب مختلفة...
جمال باشا تم تحرير محضر بالواقعة وكمان تم ايقاف مصطفى باشا عن العمل لحين انتهاء التحقيق وبكرة هيتم إحضاره هو والمتهم التاني،
نقاب؟
هزت رأسها ببسمة واسعة وهي تردد على مسامعة نفس الكلمة مجددا: ايوة عايزة البس نقاب بس الاول عايزة اعرف كل حاجة عنه لاني مش حابة اكون صورة تسئ ليه
ابتسم زكريا بسمة واسعة وهو ينظر لها بفرحة عارفة يردد بهمس وصل إليها واضحا:
ت عـ.ـر.في اني حاليا بتخيل اقوم وامسكك وأدور بيكِ من كتر الفرحة؟
ضحكت فاطمة بشـ.ـدة وهي تقترب منه قليلا ثم قالت بخفوت: نأجلها بعدين لأن حاليا ممكن ماما وداد تدخل في أي وقت المهم نبدأ؟
ابتسم لها زكريا وبدأ يشرح لها كل ما قد تحتاجه للنقاب وهي تستمع له باهتمام شـ.ـديد تحاول فهم كل كلمة ينطقها حتى تطبقها فيما بعد تقنع نفسها أنه حان الوقت لذلك...
كان زكريا يتحدث بلا توقف وبحماس شـ.ـديد وهو يتحرك في الغرفة محضرا العديد من الكتب التي قد تنفعها في بعض الأحكام يشير لها على الصفح التي قد تفيدها وهو يشعر أنه يدرس لابـ.ـنته الصغيرة في المدرسة.
زفر بضيق وهو ينظر له يضم يديه بين ركبتيه مبتسما بخجل شـ.ـديد يحاول افتتاح الحديث بأي كلمة، لكن كل مرة تخونه شجاعته...
يا عم فرج اتكلم ابوس ايدك عايز افتح الورشة
ابتسم فرج وهو يرفع عينه ثم اعتدل في جلسته وهو يخبره مباشرة ودون مقدmـ.ـا.ت:
بصراحة يا عمي انا جاي طالب القرب منك
عمي؟ عمي مين يا عم فرج ده ابنك الصغير كان زميلي في المدرسة انت بتقول ايه بس؟ ثم انك طالب القرب في مين معلش؟
كان يتساءل بعيون تقدح شرارا عالما إجابة سؤاله لكنه يود فقط أن يسمعها منه هو حتى لا يكون هناك حجة عند قــ,تــله...
يعني هيكون في مين يابني كلك نظر؟
لا ما هو انا اساسا نظري ضعيف مش شايف النضارة اللي لابسها ولا ايه؟ فلو سمحت وضح كده جاي طالب ايد مين؟
امك
احمرت عين اشرف بغـــضــــب شـ.ـديد وهو ينهض صارخا به: نعم؟
نهض فرج وهو يصعد بكله على المقعد يهتف برعـ.ـب من ملامح اشرف: في ايه؟ انا والله جاي اتجوز امك بجد مش شتيمة.
حلو غلط وانا كنت مستنيه يغلط
اجابه فرج بعدm فهم: هو مين ده اللي غلط؟ بعدين مالك كده اقعد واستهدى بالله
ابتسم اشرف وهو يشمر كم قميصه يعدد أخطاء فرج عليه: يعني يا راجـ.ـل يا عجوز إنت جاي تطلب ايد امي بكل بجاحة وقاعد كده عادي؟ بعدين خلاط ايه اللي جايبه معاك ده؟
نظر له فرج بشر كبير وهو يعتدل في وقفته أمامه ليصل حتى بداية صدره هادرا فيه بغـــضــــب:.
اولا ايه عجوز وجاي أطلب ايد امك دي؟ هي والدتك قاصر وانا معرفش؟ ما هي نفس سني تقريبا، ثانيا فيها ايه لما اطلب ايد امك؟ ثالثا انت متعرفش الخلاط ده بيعمل ايه ولا ايه؟ ده بركة
أشار اشرف للخلاط الذي يتوسط الطاولة وهو يقول: الخلاط ده؟
هز فرج رأسه بنعم ليجد اشرف يتجه صوب الخلاط وهو يحمله ملقيا إياه ارضا بعنف كاسرا إياه...
تجمد فرج في محله بصدmة كبيرة لا يصدق ما فعله اشرف للتو صارخا: الخلاط كـ.ـسرته ليه؟ ده هادي هيكـ.ـسر دmاغي انا وانت منك لله
امتدت يدها المرتجفة تحاول الامساك بثيابه عله يهدأ قليلا، لكنه على العكس ازداد اشتعالا وهو يبعد يدها بغـــضــــب جحيمي صارخا بها دون أن ينتبه أنه يحدثها بالفرنسية:
أبقي خارج الموضوع فهمتي!؟
استدار بعدها فرانسو للنادل وهو يشرف عليه بطوله قائلا بشر ينطق من جميع خلجاته:.
هيا أعد ما قلته منذ قليل، أعد ما قــ,تــله.
عاد النادل للخلف بقلق من نبرة فرانسو: عفوا يا سيدي انا لم اخطئ ولكن وجود زوجتك هنا بهذا الشيء على رأسها يثير فزع رواد المكان
لما؟ هل ترتدي حزاما ناسفا على رأسها؟ أو تحمل في حقيبتها قنبلة؟ اسمع يا هذا انا لا اسمح لك او لأي حقير في هذا المكان بالتقليل من شأن زوجتي فهمت؟
أنهى حديثه وهو يستدير في المكان صارخا بغـــضــــب: من لديه اعتراض على حجاب زوجتي فلينهض ويحدثني الان ويقنعني بمدى خطورته
عم صمت طويل ولم يجب أحد عليه ليبتسم بسمة ساخرة ثم حمل اشياءه من الطاولة وهو يقول بشر:
فلتخبر رئيسك أن يستعد للمقضاة فلن اصمت عن إهانة زوجتي فأنا أيضا مواطن في تلك الدولة مثلك،
امسك بعدها يد بثينة بحدة شـ.ـديد جعلتها تخشاه حقا في تلك الدقيقة ليقول هو قبل خروجه:
سؤال واحد للجميع اذا سمحتم لي.
انتبه له الجميع ليهتف هو بنظرات جـ.ـا.مدة: اذا زار أحدكم بلدا عربية مسلمة فهل سبق واجبركم أحد على ارتداء الحجاب أو عاملكم أحد باستصغار؟ لا صحيح؟ وهذا تحديدا هو الفرق بيننا
امسك يد بثينة واتجه صوب باب المحل وهو يقول بنبرة تهديد: اذهب للبحث عن عمل آخر يا فتى فهذا المطعم سيُغلق
انتظر يا سيدي لحظة من فضلك لقد اسئت فهم العامل هنا، هو لا يهينك زوجت بل،.
توقف مدير المطعم عن الحديث والذي خرج منذ قليل من مكتبه بسبب الضوضاء وسمع اخر كلمـ.ـا.ت فرانسو ليرتعب من تنفيذه للتهديد فهم سابقا حينما كانوا يبعدون اي شخص من المطعم كان يرحل دون قول كلمة أما هذا فقد وقف وتحداهم بكل جرأة اخافت المدير من حديثه...
اسمع يا سيد انا لست ابلها لكي لا أفهم حديث الفتى ولست غـ.ـبـ.ـيا حتى لا اعلم الدولة التي عشت بها عمري والعنصـ.ـر.ية التي تمارسوها ضد المسلمين هنا.
أنهى حديثه وهو يرحل قبل أن يتحدث المدير بكلمة إضافية وهو يشتعل داخليا فهو يعلم جيدا أن تلك البلد هي أكثر البلاد التي قد يلاقي فيها أي مسلم ما يكفيه من العنصـ.ـر.ية، وقد شهد سابقا على العديد من الحوادث كتلك بل و ابشع، لكن ما لم يتخيله أن تتعرض يوما زوجته لذلك الأمر وأمام اعينه لذا في داخله توعد لهم بالويل حتى وإن اضطره الأمر للقول إنه تمت إهانته هو شخصيا حتى ينال منهم...
انتهى زكريا من درس اليوم مع فاطمة ثم راقبها وهي تنظر في أحد الكتب التي أعطاها لها تحاول فهم شيئا ما ليقاطع كل ذلك وهو يقول لها فجأة...
فاطمة،
رفعت فاطمة نظرها له وهي ترمقه بترقب: نعم؟
ممكن نتكلم شوية؟
تركت فاطمة الكتاب جانبا ثم اعتدلت في جلستها وهي تنظر له بانتباه شـ.ـديد منتظرة أن يبدأ الحديث:
اتفضل يا زكريا انا سمعاك.
ابتسم لها زكريا ثم صمت قليلا قبل أن يبدأ في قول ما يحاول استدعاء شجاعته منذ قليل للبوح به:
فاكرة انا وعدتك بايه قبل كده؟
لم تفهم فاطمة حديثه تحاول تذكر أي وعد هذا الذي وعدها إياه فهو وعدها بكثير من الوعود:
اي واحد قصدك؟
ابتلع زكريا ريقه يحاول التفكير في طريقة هينة للبوح بالأمر: قصدي الموضوع اللي، هو يعني، اللي هو
مالك يا زكريا انا مش فاهمة منك اي حاجة، موضوع ايه ده اللي بتتكلم عنه؟
حاول الابتسام ليطمئنها بعدmا ازداد قلقها:
موضوع مصطفى وجمال يا فاطمة
وسريعا انسحبت الدmاء من وجهها لتشحب شحوب الأموات تتنفس بعنف وهي تنظر له بعدm فهم:
مالهم؟ حصل حاجة؟ هما عرفوا اني مراتك و،
توقفت فاطمة عن الحديث وهي تجد زكريا ينهض سريعا ليجلس ارضا جوارها ممسكا بيدها وهو ينظر في عينها بقوة هامسا باسمها وكأنه يخبرها الا اتخشى وهو جانبها:.
فاكرة وعدي اللي قولتلك عليه؟ اني هاخدلك حقك؟ فاكرة يا فاطمة؟ جه أوان اني أنفذه
ارتعشت شفاة فاطمة بعظم تصديق وهي تردد بتيه: تنفذه!؟ يعني ايه؟
اتقبض على مصطفى وجمال
فزعت فاطمة وهي تحاول نزع يدها من يده ليتمسك هو بها أكثر وكأنه يخبرها أنه ابدا لن يترك يدها طالما كان يتنفس لذا أكمل حديثه وهو يضم كفيها بين كفيه:
مسكناهم وجبنا دليل عليهم وبكرة هيتم حبسهم بأمر رسمي وبعدها هياخدوا جزاءهم.
كان يتحدث وهو ينظر لعيونها التي اتسعت بعدm تصديق وهناك دmـ.ـو.ع تهبط بعنف شـ.ـديد وشهقاتها قد بدأت تعلو في المكان كله تهز رأسها بالنفي وهي تردد بدون وعي:
مستحيل، لا لا
رأى زكريا حالتها تلك ليجلس سريعا جوارها وهو يجذب رأسها لصدره بحنان هاتفا بتأكيد مواسيا إياها:
لا يا فاطمة مش مستحيل، خلاص الكابوس ده خلص وحقك هيرجع وتقدري وقتها تعيشي وأنتِ مطمنة
بكت فاطمة أكثر وهي تهتف من بين صرخات قلبها العالية: بابا، بابا،.
لم تتمكن من اكمال كلمتها وهي تزداد بكاءا على نفسها وحياتها التي ضاعت بسبب اب ضعيف جبان حتى عن استراد حق ابـ.ـنته، عن الوقوف في وجه من دmروها وكـ.ـسروا برائتها...
ضمها زكريا اكثر وهو يحاول تهدئتها يعلم جيدا بما تفكر وبماذا تشعر، يشعر بو.جـ.ـعها وخذلانها ليهتف لها بحنان:
تحبي نروح ليه؟
لم تفهم فاطمة مقصد زكريا لترفع رأسها ببطء من على صدره وهي تهمس بعدm فهم:
نروح ليه؟
اممم قصدي والدك، تحبي نروح نزوره؟ نتكلم معاه؟ تقعدي معاه؟ لو ده هيخفف عنك نروح ليه ايه رأيك؟
وكانت اجابتها هزة صغيرة رافضة من رأسها تنفي حديثه وترفض اقتراحه خــــوفا في الذهاب ورؤية تلك النظرة في عينيّ والدها التي كان يمطرها بها حارما إياها من نظرة حنان واحدة، نظرة كانت ترتجيها منه، نظرة لم تجدها سوى في عين ذلك الذي يربت على ظهرها بحنان شـ.ـديد وكأنه يخشى أن تُكـ.ـسر في ده...
صمتت وصمت ليطول صمتهما الذي لم يقطعه سوى همسة زكريا وهو يناديها بحنان شـ.ـديد:
فاطمة؟
لم يصله ردها على كلمته ليبعدها قليلا عن صدره يحاول تبين إن كانت غفت ام لا؟ لكنها ابت أن تتحرك ولو انش واحد بعيد عن صدره وهي تهمس بصوت ابح من كثرة البكاء:
زكريا،
ربت زكريا على رأسها وقد علم أنها في هذه اللحظة تحتاج فقط للشعور بالأمان لذا توقف عن محاولة رؤية وجهها عن طريق أبعادها عنه:
عيونه؟
انا بحبك اوي.
ابتسم زكريا بسمة واسعة وهو ينحني مقبلا رأسها بحب شـ.ـديد لا ينضب ولا يجف بل يزداد في الفيضان داخل قلبه كبحرٍ هائجٍ:
وانا مـ.ـا.تت كلمـ.ـا.تي أمام تلك الكلمة صغيرتي
تغضنت ملامح فاطمة بضيق وهي تهمس له: يعني ايه؟ يعني انت مش بتحبني؟
ضحك زكريا بعنف على حديثها وهو يخبرها من بين ضحكاته: هذا ما وصل لكِ من حديثي؟
ابتعدت فاطمة عنه بغـ.ـيظ شـ.ـديد وهي تهمس: زكريا إنت بتحبني ولا لا؟
تشنج زكريا بغـ.ـيظ وهو يرمقها لا يصدق ذلك السؤال الغـ.ـبـ.ـي الذي خرج للتو من فهما لينهض مبتعدا عنها بنزق وهو ينهض هاتفا:
من بين كل نساء الارض رزقت بكِ أنتِ
وانت مالك بنساء الأرض يا زكريا يا شيخ يا محترم ياللي مش بترفع عينك في واحدة يا اللي كنت كل ما تشوفني تدفن وشك في الأرض وتبعد عني كأني جربانة
نظر لها زكريا لثوانٍ قبل أن ينفجر في الضحك متذكرا تلك الأيام وهو يهتف بحنين:.
اه فكرتيني، مكنتش المحك غير لما يحصلي مصيبة
صمت قليلا ثم قال بتعجب شـ.ـديد: صحيح هو ازاي بقيت اقابلك عادي من غير ما تحصل مشكلة؟ ولا المشاكل دي كانت قبل الجواز بس ولا ايه؟
لم تفهم فاطمة ما يقول لتتحدث بحنق: انت بتقول ايه؟ شكلك بتوه الكلام عشان متقولش بحبك
رفع زكريا حاجبه بسخرية شـ.ـديدة وهو يتجه لها ببسمة هاتفا حينما أصبح قربها:
جميلتي الصغيرة اه فقط لو كنتِ تملكين عقلا لكنتِ اصبحتي افضل نساء الارض.
أنهى حديثه وهو يبتعد عنها تاركا إياها تفتح فمها ببلاهة مرددة: ايوة يعني بتحبني ولا لا برضو؟
أنتِ شايفة ايه يا فاطمة؟
زكريا تتجوزني؟
ابتسم زكريا بعدm تصديق لكلمتها يفتح فمه ببلاهة وهو يهمس وقلبه يقرع بشـ.ـدة:
أنتِ اللي تتجوزيني يا فاطمة؟ انا اللي المفروض اقولك كده بل واترجاكِ كمان
نظرت له فاطمة ببسمة وهي تقول محاولة ابعاد تلك الغصة عن حلقها وهي تقترب منها تدفن نفسها في صدره:.
مش مهم مين يقولها المهم انك تتجوزني يا زكريا وتبقي جنبي دايما لغاية اخر نفس فيا
اغمض زكريا عينه ببسمة وكأنه يستعشر همساتها ثم قال ببسمة: فاطمة،
اممممم،
ابعد زكريا وجهها قليلا عن صدره ثم اقترب من وجهها بشـ.ـدة وهو يهمس بحنان وحب:.
لا اعلم إن أخبرتك سابقا بكلمة احبك، لكن إن لم افعل فتأكدي أنه ماكان ذلك سوى خجلا من أن أقول كلمة لا تصف مقدار مشاعري تجاهك، ف والله ما في قلبك تجاهك قد تخطى درجات الحب الاثنا عشر والتي عرفتها اللغة العربية للدرجة الثالثة عشر والتي وجدت فقط لاجلك وها هي على أعتاب الدرجة الرابعة عشر بل وربما الخامسة عشر فحبي لكِ يتزايد بدرجة مخيفة لذا فقط ارفقي بي،.
كانت تسير جواره صوب المصعد بعدmا عادا الاثنان للمنزل وفي قلبها تحمل شيئا من الخــــوف لما رأته منه منذ قليل، وها هم منذ خرجوا من المطعم وهو يجري اتصالات عديدة يتحدث فيها بغـــضــــب عارم جعلها تتقي شره ولا تتحدث بكلمة واحدة حتى.
فتح فرانسو باب شقته ثم تقدm للداخل دون كلمة واحدة ملقيا مفاتيح شقته على اول طاولة قابلته، لكن ما كاد يخطو بقدmه داخل الغرفة حتى وصل لمسامعه صوتها الهامس وبشـ.ـدة وكأنها كانت تخشى أن تزعجه فينقض عليها...
هو، هو اللي حصل هناك ده بسببي؟ انا عملت حاجة غلط؟
توقف فرانسو وهو يعطيها ظهر ثم مسح وجهه بضيق شـ.ـديد يحاول الهدوء فليس لها أي ذنب بما حدث ابدا. ها قد أصبحت تخشاه أكثر بعدmا نجح صباحا في أخذ اول خطوة صوبها، احسنت فرانسو.
استدار لها ببطء وهو يجاهد لرسم بسمة على فمه يخبرها بها أنه ابدا ليس غاضبا منها بل هو فقط غاضبا لأجلها...
لا يا قلبي مش بسببك و،.
توقف فجأة وهو يستوعب ما قال منذ ثواني وتلك الصدmة التي ارتسمت على وجهها على إثر كلمته التي خرجت عفوية منه. اه حسنا ها هو يفسد الأمور أكثر...
تمام شكلي بوظت الدنيا صح؟
لم تفهم بثينة ما يقصده بحديثه ذلك ومازالت الصدmة جراء كلمته تحتل ملامحها ليهز هو كتفيه بعدm اهتمام لما حصل وهو يضيف على حديثه السابق متجها لها بخطى سريعة:
وبما أنها كده كده بايظة فنبوظها أكثر.
أنهى حديثه وهو يجتذبها لاحضانه بعنف شـ.ـديد يهمس لها بدون مقدmـ.ـا.ت
بحبك يا بثينة
كان قلبها يضـ.ـر.ب جنبات صدرها بعنف شـ.ـديد لدرجة الألــم تشعر باطرافها وكأنها تجمدت وهو يضمها بهذه القوة إليه بينما هي كانت ترخي ذراعيها جوارها لا تعلم ماذا تفعل سوى أنها أخرجت همسة بلهاء من فمها:
ها؟
من سنين طويلة بحبك اوي يا بثينة
فتحت بثينة عينها بصدmة، اي سنين تلك؟ هي تعرفه منذ أسابيع فقط...
هتحبيني زي ما بحبك ولا نكتفي بحبي؟ متخافيش هو كببر وهيكفينا
شعرت بثينة بدmائها تغلي في عروقها وهي تفكر أن الذي ظنت أنها تعشقه طوال سنين حياتها لم يبادلها يوما بنظرة حب واحدة، وها هو ذلك الذي نبذته يعشقها ويهيم بها عشقا كما ترى...
بتحبني؟
ابتعد فرانسو عنها وهو يرجع شعر رأسه للخلف هامسا ببسمة وجنون: مش اوي يعني هو ممكن تقولي هوس جنون يعني حاجة في الرنج ده، تقريبا من كتر قعدتي معاهم بقيت زيهم.
ضحك دون أن ينظر لها ثم أضاف مبتلعا ريقه وهو يتساءل بعيون وشفاه ممدودة كطفل صغير:
تفتكري اني محتاج اتعالج؟
نظرت له ببلاهة وهي تهز رأسها بعدm معرفة ليبتسم هو فورا مضيفا وهو يسحب يدها ثم اتجه بها لخارج الشقة كلها وهو يقول بحماس شـ.ـديد:
انا لقيتها احنا نخرج دلوقتي نروح ناكل ايس كريم وبعدين ارجع اتعالج.
تحركت بثينة خلفه وهي تنظر له بذهول شـ.ـديد ومازالت كلمـ.ـا.ته تتردد في اذنها تبتسم ببلاهة تشعر بشعور غريب يغمرها لذا سحبت يدها منه ليتوقف فجأة وقبل أن يتحدث بكلمة كانت هي تلقي بنفسها بين أحضانه وهي تهمس بأمل في حياة جديدة بأمل في حب يغمرها بأمل في عائلة تحبها:
سوا، نتعالج سوا يا فرانسو،
ما خلاص بقى يا هادي مكانش خلاط ده اللي متنكد عليك بسببه بقالك يوم.
زمّ هادي شفتيه وهو يتحدث بحنق شـ.ـديد لرشـ.ـدي الذي يستهين باحزانه غير عالما بمكانة ذلك الخلاط لديه:
طبعا ما انت مش حاسس بناري، الخلاط ده يا استاذ ياللي بالنسبة ليك عادي، كان شاهد كبير على قصة حبي انا واختك وفجأة كده اختفي من حياتي. منك لله يا فرج بس المحك والله ل،.
توقف هادي عن الحديث وهو يرى فرج يتهادى أمام عينيه بخفة وكأنه البـ.ـارحة لم يكـ.ـسر قلبه مع خلاطه الثمين، كانت اعين هادي تتحرك بالتزامن مع حركة فرج وهو يسير أمامها ببسمة واسعة دون أي شعور بالذنب قد يشفع له عند هادي بل وأن القاحة وصلت به بأن يلوح بيده لهما يلقي عليهما تحية الصباح ثم ابتعد صوب مقعده على القهوة تاركا بركان هادي على وشك الفوران...
أشار هادي صوب فرج وهو يحدث رشـ.ـدي بشر: اهو جه لغاية عندي برجليه.
ربنا بعدها على ذراع رشـ.ـدي وهو يقول بينما يرفع أكمام قميصه: خد زكريا ومـ.ـر.اته وعلى القسم وانا هحصلكم بعد ما اخلص
أنهى حديثه ثم ركض صوب القهوة قبل أن يتمكن رشـ.ـدي حتى من منعه أو الإمساك به...
كان يجلس بملل شـ.ـديد على مقعده ينعي فشله ال. حسنا هو لا يتذكر رقم هذه المرة من كثرة محاولاته الفاشلة في الزواج بأم اشرف وكل هذا بسبب ذلك البغيض اشرف
تذرب حاجة يا عم فرج؟
استفاق فرج من أفكاره على صوت فتى صغير لينظر له بحسرة وهو يردد: كوباية لمون يابني خلينا اروق بدل حرقة الدm
لا خليها كوباية قهوة على روح المغفور إليه
رفع فرج رأسه مذعورا من ذلك الصوت وهو يردد بخــــوف محاولا رسم بسمة مرتجفة:
هادي؟ اهلا يا حبيبي اخبـ.ـارك واخبـ.ـار الست الوالدة؟
ابتسم له هادي بسمة مخيفة ليقول فرج وهو يراقب رحيل الفتى: خير يعني طلبت قهوة على روح المغفور إليه؟ مين ده اللي مـ.ـا.ت؟
جلس هادي جواره وهو يراقب حديثه مبتسما
الحاج فرج
صدm فرج من حديثه وهو يتراجع للخلف: الحاج فرج؟ لا متقولش الحاج فرج الحلاق؟ لا حول ولا قوة الا بالله ده كان من اسبوع بيلعب معايا طاولة، تعرف الحاج فرج ده كان زميلي في اعدادي كنا بنقعد ورا بعض في اللجنة ويغش من، فيه ايه يا هادي يا حبيبي بتبصلي كده ليه؟
ابتسم هادي وهو ينهض مشرفا على فرج: لا متخافش الحاج فرج ربنا يديله الصحة بخير بس فرج تاني هو اللي هيمـ.ـو.ت،.
فرج تاني؟ يكونش فرج بتاع الروبابيكيا؟ بس ده لسه عيل يا عيني حسرة قلب أهله عليه و،
توقف وهو يرى هادي ينقض عليه قائلا من بين أسنانه: يعني جبت كل اللي اسمهم فرج في الحتة ونسيت نفسك يا فرج؟
تراجع فرج للخلف برعـ.ـب وهو يبحث عن مفر له: انا؟ ما انا زي الف اهو يابني
كنت، زي الفل.
صرخ فرج وهو ينهض من مقعده بسرعة يحاول الفكاك من يد هادي الذي لحق به بغـ.ـيظ شـ.ـديد يهتف به أن يتوقف لولا أن سيارة توقفت أمامه واطل منها رأس رشـ.ـدي الذي صاح به في نزق وضيق:
انت يا زفت يلا اطلع
قولتلك روح وانا هاجي وراك
انت اهبل ياض؟ انت المحامي يا متـ.ـخـ.ـلف اركب.
نظر هادي بشر لفرج وهو يشير على رقبته بعلامة الذبح متوعدا له ثم تحرك صوب السيارة ثم صعد جوار الجميع متجهين للنيابة العامة بعدmا حدثهم جمال مخبرا اياهم باخر المستجدات كلها...
كان زكريا يراقب فاطمة يحاول سبر اغوارها يعلم جيدا ما تمر به لذا مد يده يمسك يدها ضاغطا عليها بقوة يحاول مؤازرتها ودعمها...
نظرت فاطمة صوب زكريا تستجدي حنانه ودعمه ليبتسم لها تلك البسمة التي لم تفشل يوما في اسعادها، بادلته فاطمة الابتسامة بأخرى متـ.ـو.ترة لتسمع همسة لها:
فاطمة
انتبهت له بكل حواسها تنتظر كلمته ليقول لها وهو يدعي الخجل محاولا إخراجها من حالتها السيئة تلك:
انا بلغت أهلي امبـ.ـارح بطلبك وهما وافقوا
لم تفهم فاطمة عما يتحدث واي طلب هذا الذي يتح، يا الله ليس هذا هل أخبرهم فعلا عن طلبها الغـ.ـبـ.ـي له بالأمس؟
قولتلهم ايه؟
ابتسم زكريا لإخراجها من حـ.ـز.نها ذلك ثم قال وهو يدعي الخجل: قولتلهم إن فيه عروسة بـ.ـنت حلال عايزة تتجوزني والصراحة انا حسيت بقبول ليها فوافقت وهي مستنية موافقة منكم ولو كده هتيجي تتقدm
فتحت فاطمة عينها بصدmة كبيرة ثم صرخت بعدmا كانوا يتهامسون تلفت انتباه كلا من رشـ.ـدي وهادي اللذان يجلسان في الامام بصرخاتها:
لا يا زكريا متهزرش اوعى تكون قولت كده.
ضحك زكريا بعنف من ملامحها وذلك الرعـ.ـب الذي سكن ملامحها وكأنه ألقى لها باتهام أو ما شابه لتضـ.ـر.به هي بغـ.ـيظ شـ.ـديد هاتفه:
اوعى تكون قولتلهم يا زكريا والله العظيم ازعل منك و،
جذب زكريا رأسها إليه ثم كتم فمها بصعوبة وهو ينظر باعتذار لرفيقيه وبعدها همس لها من بين ضحكاته:
اششش بهزر معاكِ
صمتت هي قليلا ثم أبعدت يده عنها بضيق ليقول هو بجدية كبيرة احتلت ملامحه:
بس ده ميمنعش اني اخدت العرض بجدية وهنفذه
قصدك ايه؟
انتبه زكريا لتوقف السيارة ليقول قبل أن يهبط منها: يعني استعدي يا فاطمة فرحنا اخر الاسبوع وانا بلغت الكل بكده
هبطت فاطمة خلفه بصدmة كبيرة وهي تراه يمسك بيدها جاذبا إياها إليه وهو يتقدm لهادي يتحدث معه بجدية كبيرة فيما هم مقبلين عليه اليوم...
لتشعر فجأة بشعور راحة وأمان بين احضان ذلك الرجل الذي لو جمعت كل الصفات الجيدة في القاموس لن تـ.ـو.فيه حقه، دmعت عينها وهي تتخيل ما كانت ستئول إليه حياتها لولا تدخله به، ماذا كانت لتفعل دون أحضانه؟ كيف كانت ستعيش بعيدا عن بسمته؟
فاطمة، فاطمة
أفاقت من شرودها لتجد نفسها تقف في ممر لا تذكر متى جاءت إليه أو كيف وزكريا ينظر لها بقلق شـ.ـديد وهو يضم وجهها بين يديه:
ما بكِ اميرتي؟ أخائفة أنتِ؟
هزت فاطمة رأسها بنفي وهي تدmع من التأثر هامسة له بحب: خليك معايا يا زكريا
ابتسم لها زكريا وهو يمسح دmعتها بحنان شـ.ـديد هامسا لها وهو يشير صوب جمال الذي يتحدث مع أحد الأشخاص والذي يبدو وكيل نيابة:
متقلقيش جمال هيتصرف ويدخلني معاكِ
ابتسمت له بحب ثم لمحت اقتراب جمال منه وهو يتحدث بجدية رغم ملامح الإرهاق التي تظهر عليه:.
انا بلغت وكيل النيابة وهو هيخليك تدخل بشرط متتحركش ولا تعمل اي شيء ابدا ممكن يعطل سير التحقيق
هو زكريا رأسه موافقا يكفيه أنه سيكون جوارها...
تحدث هادي وهو يبتعد عن أحدهم مقتربا منهم: جاهزة يا مدام فاطمة؟
تحدث زكريا ممسكا بيد فاطمة: يلا يا فاطمة
انت هتدخل؟
هز زكريا رأسه لهادي ليتحرك الثلاثة لداخل الغرفة تاركين رشـ.ـدي وجمال في الخارج...
استند جمال برأسه على الجدار وهو ينظر لأعلى بشرود كبير يتذكر اخر كلمـ.ـا.ت اخيه أثناء اعتقاله من منزله...
مش هسامحك ابدا يا جمال، عمري ما هنسى ولا هسامحك يا جمال، مش هسامحك ابدا
سقطت دmعة من عيون جمال يحاول تمالك نفسه لذا سريعا دفن وجهه بين كفية يكتم دmـ.ـو.عه بصعوبة شـ.ـديدة ليشعر فجأة بتربيته على ظهره...
رفع عينه التي كانت حمراء بشـ.ـدة من كتمه لدmـ.ـو.عه.
عارف إن الموضوع صعب اوي، وإن ده اخوك يا جمال باشا فلو حابب تمشي و،
قاطعه جمال بإصرار شـ.ـديد: هو اخويا فعلا بس هو غلط يا رشـ.ـدي ولازم ياخد جزاته
صمت قليلا ثم تحدث بحسرة شـ.ـديدة: انا بس مش، مش عارف اقول ايه لامي؟ اقولها ابنك اللي تعبتي فيه كان بيجور على بنات ويدmرهم هو وصاحبه؟
ربنا رشـ.ـدي على كتفه وهو يتحدث بحنان اخوي له: احنا معاك ولو حابب نيجي معاك وقتها نيجي، انت باللي عملته ده خدmتنا يا جمال وعمرنا ما هننسى وقفتك جنبنا لأن لولا اللي عملته عمرنا ما كنا هنوصل للحظة دي بسهولة ومن دلوقتي انت بقى عندك تلات اخوات
ابتسم له جمال بامتنان شـ.ـديد وهو يشكره بعينه على كلمـ.ـا.ته تلك...
دلوقتي يا مدام فاطمة هندخل المتهمين وعايزك تت عـ.ـر.في عليهم.
اعتدل زكريا في جلسته بتحفز شـ.ـديد ينظر لفاطمة يمنحها دعم مخبرا إياها أنه هنا لأجلها بينما هادي كان يراقب الجميع بهدوء شـ.ـديد منتظرا الانتهاء منذ ذلك الإجراء الروتيني...
في الخارج كان مصطفى وجيمي كلا منهم يتحركا صوب المكتب منقادين خلف بعض العساكر ليبصر مصطفى أخيه ويرميه بنظرة غاضبة قابلها جمال بلا مبالاه أجاد اصطناعها...
تقدm الجميع لداخل المكتب بهدوء شـ.ـديد ليبصر كلا من جمال ومصطفى فاطمة تجلس أمامها وهي تخفض رأسها لاسفل...
ثوانٍ ورفعت فاطمة رأسها ببطء وهي توجه نظرها لهم لتسمع صوت وكيل النيابة وهو يتحدث:
هما دول يا مدام فاطمة اللي اعتدوا عليكِ؟
لم تجيب فاطمة ولم تنزع نظرها من عليهما وهي تتذكر كل ما حدث لتسقط دmـ.ـو.عها دون شعور حينما صدح صوت جمال ( جيمي) الساخر في المكان متهكما مما سمع للتو:.
مدام؟ فاطمة الصغننة بقت مدام؟ وياترى اللي اتجوزك عارف انك مستعملة؟
↚
مدام؟ فاطمة الصغننة بقت مدام؟ وياترى اللي اتجوزك عارف انك مستعملة؟
كانت مجرد جملة صغير تتكون من بضع كلمـ.ـا.ت، لكنها ابدا لم تكن كذلك على وقع من بالغرفة، استشاط هادي غـــضــــبا وهو يفتح عينه بصدmة من تلك الجملة الوقحة التي وصلت لمسامعه ولم يكد يستدير لمواجهة صاحب الجملة الا و وجد قذيفة تنطلق جهة جمال بغـــضــــب كبير...
لم يشعر زكريا بنفسه سوى وهو ينهض منطلقا له بشكل مرعـ.ـب ينقض عليه بغـــضــــب جحيمي وجملته مازالت تتردد على مسامعه، أمسك زكريا رأس جمال ليضـ.ـر.بها في الحائط خلفه بكل جنون وغـــضــــب وهو يصـ.ـر.خ بكل ما يعرف من سباب والغـــضــــب قد عماه حتى عن فاطمة التي كانت تفتح عينها بصدmة لما يحدث وقد بهتت ملامحها وشعرت أنها على وشك الدخول لتلك الحالة مجددا وهي نفسها الحالة التي كانت عليها أثناء الاعتداء مـ.ـخـ.ـد.رة لا تستطيع الحديث أو الحركة لذا كلما خافت أو حـ.ـز.نت تدخل في نفس الحالة...
كان زكريا يصـ.ـر.خ ك المـ.ـجـ.ـنو.ن وهو يضـ.ـر.ب بعنف شـ.ـديد يبعد العساكر عنه وقد تحول لزكريا الذي جاهد على أخفاءه بعيدا عن زوجته، جاهد ألا تراه ابدا بتلك الهيئة وها هو في ثواني فقط يتحول إليه ضاربا بكل شيء عرض الحائط...
كاد العساكر يتدخلون لمنع ما يحدث وسحب زكريا للخارج، لكن توقفوا بإشارة من وكيل النيابة الذي شعر وكأن نيران تحترق داخله من حديث جمال لذا رأى أن افضل شيء هو أن يدع زوج المعنية هو من يتصرف، وهو بالنهاية رجل شرقي يعلم جيدا حساسية تلك الامور لذا هو ابدا لن يمنعه...
كان هادي يحاول جذب زكريا بصعوبة من فوق جمال الذي لم يعد بقادر على فتح عينه حتى، ولم يبتعد زكريا عنه سوى عنـ.ـد.ما تدخل جمال الاباصيري ورشـ.ـدي اللذان دخلا سريعا بسبب الصراخ...
جذب كلا من جمال ورشـ.ـدي زكريا للخارج بينما زكريا ما زال يصـ.ـر.خ بجنون في جيمي ومصطفى يسبهم بكل ما يعرف من سباب لم يتخيل يوما أن ينطق بها فمه وقد اعماه غـــضــــبه و نسى مبادئه في لحظة جنون...
واخيرا أُغلق الباب بعدmا خرج زكريا ومن معه، لكن صرخاته ما زالت تصل واضحة وبشـ.ـدة للجميع بالداخل...
كان جسد فاطمة ينتفض بعنف شـ.ـديد وهي تتنفس بصعوبة تحاول اجبـ.ـار عقلها على عدm الدخول في تلك الحالة اللعينة ليس الان، وليس بعيدا عن زكريا فهي بدونه لن تجد من يطمئنها لتعود كما كانت...
في الخارج كان زكريا يصـ.ـر.خ كالمـ.ـجـ.ـنو.ن ودmـ.ـو.ع تهبط من عيونه دون وعي ولا أحد يستطيع إيقافه عن ذلك وكأن غـــضــــبه قد أعطاه قوة جيش بأكمله...
بك هادي لما يحدث مع رفيقه وهو يضمه بخــــوف هامسا له: خلاص يا زكريا اخر الحكاية قربت بس ابوس ايدك بلاش تعمل في نفسك كده
توقف زكريا عن الصارخ وهو يشعر بهادي يكبله في أحضانه ليبكي أكثر وهو يقول:
د.بـ.ـحوها يا هادي ولسه بيد.بـ.ـحوها.
ضمه هادي أكثر وهو يحاول أن يقويه ثم ابتعد عنه وهو يشير للمكتب قائلا:
انا هدخل عشان التحقيق وعشان لازم حد يكون مع فاطمة تمام بس انت اهدا ارجوك
جلس زكريا بتعب على أحد المقاعد وهو يشعر أن غـــضــــبه قد استهلك كل قوته ليهز رأسه بتعب وهو يقول:
ادخل ليها يا هادي وقولها اني مستنيها برة.
هز هادي رأسه ليدخل سريعا وهو ينظر لزكريا بحـ.ـز.ن وخــــوف من سقوطه لكن اطمأن حينما رأى رشـ.ـدي وهو يجلس جواره جاذبا رأسه لتستقر على كتفه ثم أخذ يربت عليها بحنان كأم تهدأ طفلها وهو يهمس له ببعض الكلمـ.ـا.ت...
ابتسم هادي بسمة صغيرة وهو يدخل للمكتب تاركا زكريا رفقة رشـ.ـدي الحـ.ـضـ.ـن الدافئ للمجموعة
تقدm هادي ليجلس على المقعد المقابل لفاطمة وهو يميل قليلا هامسا لها يتساءل:
فاطمة أنتِ كويسة!؟
نظرت إليه فاطمة برعـ.ـب وهي تهمس: زكريا؟
هو بخير ومستنيكِ برة هنخلص ونطلع ماشي؟
هزت رأسها تحاول بث الدفء والقوة اللتان فقدتهما بمجرد خروج زكريا لنفسها، لتسمع صوت وكيل النيابة يعلو مجددا في المكان:
ها يا مدام فاطمة هما دول؟
رفعت فاطمة رأسها بخــــوف قليلا لهم لتجد أن جمال كان شبه مستند على أحد العساكر بينما جواره مصطفى الذي كان يرمقها بخبث وبسمة ذكرتها جيدا ببسمته ذلك اليوم بعدmا انتهوا من قــ,تــلها لتحتد نظراتها فجأة وهي تهمس بنبرة مخيفة أودعت بها كل ما تحمل من غـــضــــب واشمئزاز وكره:
اه هما،
حسنا ضع الصناديق في هذا الجزء، نعم نعم هنا شكرا لك.
أنهى فرانسو كلمـ.ـا.ته وهو يدون شيء في دفتر ثم رفع نظره لتلك السيدتان اللتان تنظران له بشغف وترقب ليبتسم وهو يقول فاردا ذراعيه بفرحة:
الطلبية وصلت يا سيدات وبكده نقدر نقول إن المحل بقى شبه جاهز
وفي لحظة كان فرانسو يتراجع للخلف بفزع يخفي وجهه خلف الدفتر الذي كان يحمله بخــــوف من القردتان اللتان كانتا تقفزان بشكل مخيف أمامه...
كانت بثينة تضم ماريانا وهي تقفز معها بفرحة كبيرة جدا فها هي أول خطوة في بناء مستقبل للصغير قد تمت، فعنـ.ـد.ما وافق فرانسو أن يترك الصغير لماريانا كان بشرط أن يظل في فرنسا شهرا ليرتب له مستقبله والذي كان بدايته هو محل الهدايا الذي سيفتتحه لأجل ماريانا...
ابتسم فرانسو يراقبهما ببسمة واسعة حتى شعر بشيء يتمسك بقدmه بعنف شـ.ـديد ليخفض نظره ويرى الصغير الجميل صغير صديقه الذي رحل وهو مازال ابن بضع شهور فقط لا يعي على شيء...
شكرا الك بابا فرانسو، امي كتير سعيدة بهالمحل
ابتسم فرانسو وهو يحاول منع دmعة من الهبوط لينحني وهو يحمل الصغير باسم يقول ببسمة واسعة مقبلا خده:
اه انظروا لذلك الرجل الصغير الذي يساعد والدته.
ابتسم باسم بشـ.ـدة وهو يضم فرانسو أكثر سعيدا بذلك الحب الذي بدأ يستشعره مؤخرا من والدته بعد قطيعة طويلة بـ.ـاردة، يشعر واخيرا أنه طفل طبيعي كأصدقاءه بعدmا كان يرى نفسه منبوذا من الجميع حتى والدته، واخيرا توقفت والدته عن إحضار أصدقائها المقرفين للمنزل وأضحت تهتم به كثيرا...
بكى فرانسو بحنين شـ.ـديد يتذكر رفيقه الحبيب الذي رحل في حادث سير تاركا خلفه ابنه و زوجته، تنفس براحة أكبر وهو يضم الطفل بعد أن نفذ وصية رفيقة الأخيرة وهو يهمس بشوق:
وصيتك اتنفذت يا حبيبي وصيتك اتنفذت ربنا يرحمك يارب
بالضبط وهنا هنحط الورود عشان الشمس وبكده يكون المحل بقى فلة اوي
ضحكت ماريانا وهي تنظر حولها لذلك المحل الكبير الذي اشتراه لها فرانسو ذو الجدران الزجاجية وهي تقول ببسمة:.
ايه والله ما في احلى من هيك
ابتسمت لها بثينة وهي تنظر خلفها لترى زوجها وهو يلاعب الصغير أمام المحل لتبتلع ريقها وهي تقول:
شكلهم حلو اوي سوا
لم تفقه ماريانا ما تقصده بثينة إلا عنـ.ـد.ما استدارت لترى ما تراه، ارتسمت بسمة واسعة على شفتيها وهي تهمس بدmـ.ـو.ع حـ.ـز.ن:
الله يرحمك محمد، كنت بتمنى يكون معي لهلا.
ابتسمت لها بثينة وهي تتجه لها وتضمها بحنان هامسة: هو معاكم، وشايفكم، هو فوق جنب بابا وهما الاتنين شايفينا واكيد هما فرحانين لاننا فرحانين
مسحت ماريانا الدmعة التي سقطت منها وهي تبتسم لبثينة بامتنان شـ.ـديد فهي أضحت أقرب رفيقة لها في الآونة الأخيرة...
يلا يا جماعة عشان باسم جعان وانا كمان جعان اوي
ابتسمت ماريانا وهي تنظر لفرانسو الذي قال وهو يغمز لبثينة: يلا بوسي عزماكم على أكل مصري.
صرخت ماريانا بفرحة كبيرة وهي تضم بثينة قائلة: اوووه بوسي حبيبتي اشكرك، لكم تمنيت أن اتذوق الطعام المصري يوما.
ابتعدت وهي تتجه لطفلها تحمله بفرحة ثم قالت بسعادة وهي تسبقهما بعدmا رأت النظرات بينهما:
سأنتظركما مع باسم في السيارة لا تتأخرا
استدار فرانسو لبثينة وهو يبتسم لها ثم فتح ذراعيه وهو يدعوها له لتركض إليه وهي تهتف بسعادة كبيرة:
انا فرحانة اوي اوي يا فرانسو حاسة كأني، كأني واخيرا حرة
يسلملي البطل.
كانت نظرات فاطمة تخترقهما بقوة واحتقار واشمئزاز وهي تتذكر معاناتها وتعبها وكل ما حدث لها بسببهما، مكوثها في مصحة نفسية ثلاث سنوات وتلك الأيام التي كانت تخشى النوم فيظهروا لها بكوابيسها، ثلاث سنوات جحيم عاشتهم في تلك المصحة بعدmا تدهورت حالتها وأضحت تخشى الاقتراب من أحد أو النوم، كانت تشعر وهي نائمة بأيادي عديدة تمتد لجسدها بطريقة قذرة، كان عقلها لا يشفق عليها وهو يرسم لها أنها ما زالت في تلك الغرفة الصغيرة، كان يجعلها تشعر بأنفساسهم مازالت تتلمس بشرتها لتحرقها، ثلاث سنوات قضتهم في عـ.ـذ.اب حتى تمكنت من العيش شبه طبيعية كالجميع هذا إن تغاضينا عن الحالة التي تأتيها كل فترة أو عن الرعـ.ـب وهي نائمة أو عن خــــوفها من النظر لاي رجل حتى لا ترى نظرة شهوة بعينه لها تعيد إليها ذكرى تلك الليلة...
واخيرا انتهى التحقيق مع الجميع ليصدح صوت وكيل النيابة وهو يملي الشخص جواره بعض الكلمـ.ـا.ت ثم ارفق بهم شهادة فاطمة والأدلة التي تم العثور عليها في حاسوب مصطفى...
نهض هادي وهو يصافح وكيل النيابة شاكرا إياه على تعاونه ثم نظر لفاطمة يدعوها لتتقدmه، نهضت فاطمة من مقعدها بتردد وهي تتجه للخارج في نفس الوقت الذي بدأ بعض العساكر في جذب كلا من مصطفى وجمال للخارج ليتوقفوا بمحازاة فاطمة التي نظرت لهما قليلا بشر ثم وفي ثانية كانت يدها ترتطم بوجه مصطفى في عنف شـ.ـديد لم تعرفه يوما اتبعته بعدها بصفعة أشـ.ـد على وجه جمال وهي تردد بتشفي وانتصار ونبرة حاقدة:.
هكتفي بقلم بس وهسيب الباقي لجوزي واظن إنه مش هيقصر معاكم، أصله كريم جدا
أنهت حديثها وهي تتحرك للخارج تحت بسمـ.ـا.ت هادي الشامتة بنظرات الفزع على وجوه الاثنين وقد كان يقف خلفها تحسبا لأي شيء يستدعي تدخله...
بمجرد فتح الباب كان زكريا ينتفض من أحضان رشـ.ـدي وهو يركض مستقبلا فاطمة بين أحضانه وكأنها عادت بعد سنين بعد وشوق...
ضمها بشـ.ـدة وهو يتأكد أنها بخير هامسا: أنتِ كويسة؟ صح؟
ابتسمت فاطمة تنظر له بدmـ.ـو.ع تتخللها تنهيدات راحة: لأول مرة احس اني كويسة كده يا زكريا شكرا ليك
ضمها زكريا إليه بحب وهو يحمد ربه على انتهاء تلك المحنة واخيرا بعدmا نفذ لها وعده وانتقم لأجلها، رفع نظر لهادي الذي أشار له بعينه أن كل شيء تم كما خُطط له والان هم فقط في انتظار المحاكمة...
كانت تتحرك صوب الباب بسرعة ولهفة شـ.ـديد تمسح كفها في إحدى المناشف بعدmا خرجت من المطبخ صوب الباب ظننا منها أن ابـ.ـنتها قد عادت، لكنها توقفت فجأة وهي تلمح وجه زوجها يقف أمام الباب بنظرات مرهقة وتعب قد أخذ كفايته منه...
ايه يا منيرة مش هتدخليني؟
نظرت له منيرة بتحفز شـ.ـديد وهي تبتعد عن الباب تفسح له مجال المرور ليدخل مرسي بخطوات متراخية يجلس على اول مقعد قابله، تبعته منيرة وهي تفكر في سبب مجيئه بعد كل ذلك الوقت...
خير يا مرسي؟ فيه حاجة حصلت ولا ايه؟
وهو لازم يكون في حاجة حصلت عشان اجي اشوف عيلتي يا منيرة؟
رفعت منيرة حاجبها بتعجب شـ.ـديد من نبرته تلك وهي تردد: لا ابدا يا خويا براحتك ده بيتك طبعا بس اصلا مش من عادتك يعني.
انتبهت منيرة لملامح الو.جـ.ـع التي ارتسمت على وجهه وهو يبتلع ريقه مرددا:
انا طلقتها،
فتحت منيرة عينها بصدmة كبيرة وهي تنظر له لا تفهم حديثه أو أنها تدعي عدm الفهم ليوضح هو الأمر:
طلقتها يا منيرة ورجعت ليكم تاني.
كانت حقا ترغب في أن تنفجر ضحكا الان وهو يخبرها أنه طلق زوجة أخيه المرحوم التي تزوجها بعد وفاة أخيه بفترة بدعوة أنه أحق من الغريب ليهتم بأبناء أخيه وزوجته و دون حتى أن يأخذ شورتها ذهب وأحضر زوجة ارتها الويل والذل بالاعيبها حتى ملّ هو الشجار اليومي ليقرر أن يحضر لها منزلا رفقة ابـ.ـنتها حتى يريح رأسه من المشاكل وايضا ليبعد ابـ.ـنته عن أي أحد يعرفهم...
والله مش عارفة اقولكم مبـ.ـارك ولا ربنا يجعلها اخر الاحزان؟ بس معلش هو ايه اللي رجعك تاني لينا؟
صمتت تراقب ملامح الخزي التي اتخذت طريقها على وجهه وهو يقول: رجعت عشانك وعشان بـ.ـنت،
لا، لا يا مرسي اوعى تقول الكلمة دي، لان من وقت ما عملت اللي عملته في بـ.ـنتك و انت خلاص فقدت حقك في إنك تكون كده
فيه ايه؟ ايه الصوت والزعيق ده؟
كان هذا صوت نحمده التي كانت في الفترة الأخيرة تحاول قدر الإمكان الابتعاد عن فاطمة ومشاكلها لتجد الان صوت أخيها وزوجته يعلو لذا اعتزلت غرفتها واخيرا وهي تذهب لترى ماذا حدث...
متدخليش أنتِ يا نحمده عشان ده حساب بيني وبين اخوكِ وبنصفيه
صمتت نحمده بصدmة من حديث منيرة ذاك وهي تبتلع اعتراض كاد ينفلت منها تتابع بصمت ما يحدث وتخاذل أخيها وهو يطأطأ رأسه بشكل غريب...
استدارت منيرة تواجه مرسي مجددا وهي تهتف بو.جـ.ـع: كنت فين انت وبـ.ـنتك محجوزة في مصحة نفسية عشان مش قادرة تعيش طبيعي زي اي بـ.ـنت في سنها؟ ها قولي كنت فين؟
صمت مرسي ينظر للاسفل يحاول منع دmـ.ـو.ع النظم من غزو عينيه لتكمل منيرة بصراخ حرق قلبها قبله:.
اقولك انا؟ كنت وقتها بتدور على اي واحد كبير في السن يتجوزها عشان يغطي على العار اللي انت بتقول عليه، طب. طب كنت فين وهي كل يوم بتدبل وبتصرخ إن حد يسمعها، كنت فين وغيرك بيقوم بدور انت اتكسفت تقوم بيه عشان كلام الناس؟ كنت فين؟ قولي كنت فين وانا وبـ.ـنتي الكل بينهش فينا؟
صمتت منيرة وهي تتنفس بعنف تراقب مرسي الذي تصدعت قشرته الواهنة...
بابا؟
صمت الجميع فجأة وسكتت الاصوات بسماع تلك الهمسة التي خرجت وكأنها خرجت من بئر سحيق...
تقدmت فاطمة للداخل يتبعها زكريا الذي كان متحفزا لأي شيء...
ايوة يعني هفضل طول حياتي بوزي في بوزك كده؟
انتبهت شيماء لحديث ماسة لتنظر لها بتعجب لا تفهم حديثها، لتوضح ماسة ما تقصده من وراء حديثها:
يعني اخوكِ مش عايز يتحرك؟ انا زهقت وعايزة اتجوز بقى.
ابتسمت شيماء عليها ثم قالت بعد صمت ثوانٍ: ت عـ.ـر.في اني احيانا بشفق على اخويا؟ اه والله ساعات بقعد مع نفسي افكر يا ترى هيفضل مستحملك لامتى؟
زفرت ماسة باستخفاف ثم قالت وكأنها لم تسمع ما قالته شيماء: البيت بتاعنا توضيبه خلص من اسبوع وماما عايزة تمشي بس انا مش راضية، بقنعها نفضل قاعدين على قلبكم كده يمكن اخوكِ يتكسف على دmه ويتجوزني ونخلص، بس نقول ايه اخوكِ عديم احساس ما شاء الله.
من بعض ما عندكم يا استاذة ماسة
انتفضت كلا من ماسة على صوت رشـ.ـدي الذي دخل المنزل للتو يتبعه هادي...
أباظة؟ انت سمعت انا قولت ايه؟
كانت تتحدث بفزع شـ.ـديد أن يكون سمع ما قالته للتو عنه، ليجيب رشـ.ـدي عليها ببسمة مع هزة رأس صغيرة منه. لتبتسم هي له وهي تنهض قائلة:
حلو اوي، ومتكسفتش على دmك؟
انا برضو اللي اتكسف؟ اقولك يا ماسة انا جبت اخري منك وخلاص تعبت هادي اتصل بالمأذون.
نظرت له ماسة ببسمة غـ.ـبـ.ـية وهي تقول بتفاجئ: مأذون ايه بس يا حبيبي ركز احنا كاتبين الكتاب، بس فاضل نعمل فرح
ابتسم رشـ.ـدي لها قبل أن يتجه لغرفته قائلا بخبث: وده ملفتش نظرك لحاجة؟
لحق هادي برشـ.ـدي وهو مازال يرسل قبلات وغمزات لشيماء التي كانت تحمر خجلا من أفعاله...
نظرت ماسة للباب الذي اغلقه هادي للتو خلفهم تفكر في مقصد رشـ.ـدي من حديثه هي حقا لم تفهم مقصده، لما سيحضر مأذونا وهما متزوجان بالفعل منذ زمن؟
هو اخوكِ قصده ايه بكلامه؟
نظرت لها شيماء بسخرية كبيرة وهي تردد: يعني مش بتاعة مشاكل وبس لا وكمان غـ.ـبـ.ـية؟ أعانك الله يا رشـ.ـدي يا اخويا
أنهت حديثه وهي تتجه صوب الغرفة الخاصة بها تفكر في ذلك الذي سرق قلبها ويجلس الان مع أخيها تاركة خلفها ماسة وهي تفكر في مقصد رشـ.ـدي والذي يبدو أنه سيأخذ سنين حتى يصل إليها...
واخيرا.
كانت تلك كلمة هادي وهو يرتمي على الفراش بتعب شـ.ـديد بعدmا انتهوا من تلك القصة التي نغصت حياة الجميع في الآونة الأخيرة...
ابتسم رشـ.ـدي وهو ينزع ثيابه ملقيا إياها ارضا: مش مصدق إن أخيرا خلصنا من الحوار ده، ناقص بس يوم المحكمة ويبقى اتعشت.
لم يلقى رشـ.ـدي ردا من هادي ليستدير بتعجب كبير وهو يناديه، لكنه وجده يتسطح على بطنه مبتسما بغباء للهاتف لذا تحرك رشـ.ـدي ببطء ليتسطح على معدته جواره وهو ينظر لهاتف هادي ويجد أنه يتحدث مع أخته...
ضحك هادي بخفوت وهو في عالم بعيد كل البعد عما يحيط به وهو يكتب بمهارة عالية وأصابع سريعة:
طب ايه نخلي الفرح اخر الاسبوع مع زكريا ولا نخليه لوحدنا احسن؟
ثوانٍ ووصل الرد له والذي كان عبـ.ـارة عن كلمـ.ـا.ت وجوارهما وجه خجول: لا خليها لوحدنا احسن
ابتسم هادي أكثر وهو يكتب لها: طب تحبي نقضي شهر العسل فين يا عسل إنت يا عسل؟
ابتسم رشـ.ـدي وهو يستدير برأسه للهاتف يتابع ذلك الحوار الشيق الذي يثير اشمئزازه:
اي حتة فيها تلج عشان نفسي العب بالتلج اوي
مصمص رشـ.ـدي شفتيه بشفقة مصطنعة وهو يهمس: يا مسكينة محرومة يا عيني من التلج.
لم يهتم له هادي أو ينتبه له بالأحرى بل أخذ يكمل حديثه بها: اي رأيك نخرج انهاردة سوا؟
ابتسمت شيماء من الجانب الآخر بخجل وهي تكتب له: ايوة يا ريت عشان بجد زهقانة اوي وماسة قرفتني في عيشتي، بس قول لرشـ.ـدي الأول
تحدث رشـ.ـدي بسخرية: عندك حقك والله ماسة مقرفة فعلا، بعدين يقولي ايه يا ستي توكلوا على الله
ابتسم هادي وهو يبتعد قليلا عن رشـ.ـدي متجاهلا إياه وهو يكتب: لا فكك من رشـ.ـدي أنتِ مراتي يعني ميقدرش يفتح بقه.
أنهى كلمـ.ـا.ته وهو يستدير لرشـ.ـدي الذي يلتصق به قائلا: لا مؤاخذة يا رشـ.ـدي
ولا يهمك يا حبيبي خد راحتك
ابتسمت شيماء بشـ.ـدة من الجانب الآخر وهي تنهض بسرعة تقول بلهفة: طب هقوم اجهز لبسي بسرعة
ماشي يا حبيبتي لا اله الا الله
محمد رسول الله
تشنج رشـ.ـدي وهو ينظر له هامسا: ايه الاستاذ استدعوه يقف على الحدود ولا ايه؟
ألقى هادي الهاتف جواره وهو يتسطح بحالمية مغمضا عينه يمني نفسه بساعات مع حبيبة القلب وجواره رشـ.ـدي ينظر له ببسمة غـ.ـبـ.ـية وهو يهمس له:
حلو الحب يا هادي صح؟
اوي اوي يا حبيبي
ابتسم رشـ.ـدي وهو ينهض ينظر له بشر ثم قال قبل ان يهجم عليه بغـــضــــب شـ.ـديد:
لا والأحلى بقى مرارة الحب، دوق معايا مرارة الحب يا هادي.
استدار الجميع لصوت فاطمة الذي اخترق الأجواء المشتعلة منذ قليل ليجدوها تقف على باب المنزل ترمقهم بتعجب، لكن لم تتمكن من فتح فمها لتكرير سؤالها لتجد فجأة والدها يركض صوبها جاذبا إياها لاحضانه بشكل افزعها وهي تعود للخلف كرد فعل غير إرادي منها...
ضمها مرسي بشـ.ـدة وهو يبكي طالبا منها بدmـ.ـو.ع صامتة أن تسامحه على تقصيره في حقها كأب، لكن فاطمة شعرت بالغرابة وهو يضمها شعور عجيب اكتنفها في تلك اللحظات وهي تستشعر ضمته هل هذا عناق الاب؟ هل هو باهت هكذا؟ بلا مشاعر وبلا اي دفء؟ ام أن هذا الأمر معها هي فقط؟
ابتعد مرسي عن ابـ.ـنته وهو يستشعر برودتها لينظر في وجهها يجدها تناظرة بتعجب شـ.ـديد وكأنه للتو قام بعمل خارق، لكنه لم يأبه بل مد يده وأمسك وجهها بحنان:.
حبيبتي أنتِ بخير؟ حد منهم كلمك؟ انا عارف انك كنتِ انهاردة في النيابة
استدارت فاطمة ببطء وهي تنظر لزكريا متأكدة أنه هو من اخبرها ليخفض زكريا نظهر يتلاشى نظراتها تلك...
نظرت فاطمة بعدها لوالدها وهي تهز رأسها بنعم: اه صحيح فعلا انا كنت انهاردة في النيابة بجيب حقي يا بابا
قالت اخر كلمـ.ـا.تها وهي تضغط عليها بقصد ليبهت وجه مرسي وهو يبتعد عنها قائلا بخذلان كبير وخجل:
فاطمة يابـ.ـنتي انا ب،
ولا يهمك.
نظر لها مرسي بتعجب لا يفهم ما تقصد لتقول فاطمة ببسمة تحاول بها منع تساقط دmـ.ـو.عها:
مش انت برضو كنت هتبرر تصرفك وتعتذر وانا بختصر كل ده وبقولك ولا يهمك انا مش زعلانة
فاطمة
استدارت فاطمة تنظر لزكريا الذي كان يحدجها بنظرات معاتبة لحديثها ذاك مع والدها وبهذا الشكل لكنها تحدثت وهي تنظر له وقد بدأت دmـ.ـو.عها تتساقط:
ايه يا زكريا؟ انا قولت حاجة غلط ولا ايه؟ انا بس بوفر عليه الكلام يمكن يكون مستعجل ولا حاجة.
نظرت فاطمة في أعين والدها الذي ولأول مرة ترى دmـ.ـو.عه تهبط: ولا يهمك يا بابا محصلش حاجة دول هما يا دوبك كام سنة عشتهم بعيدة عن حـ.ـضـ.ـنك وكله بيتهمني ويشاور عليا كأني مجرمة وانت كنت واقف تتفرج، ولا يهمك محصلش حاجة دي حياتي بس اللي اتدmرت وانت معملتش حاجة عشان تصلحها يا بابا.
بكت وهي تتحدث لا تتذكر شيء واحد قد يشفع له عندها حتى قبل الحادثة كان دائما بـ.ـاردا معها هي و والدتها يعاملهم وكأنهم شيء ثانوي في حياته لا أهمية لهم ابدا...
أنا اسف يابـ.ـنتي حقك عليا انا اسف
سقطت دmـ.ـو.عها وهي تهز رأسها تهمس بو.جـ.ـع: متعتذرش يابابا متعتذرش، انا مش زعلانة منك والله لاني لما قعدت وفكرت لقيت إن كان عندك حق. اصل مين اللي هيتحمل إن بـ.ـنته تكون من غير شر،
فاطمة.
تعبت، فاطمة تعبت يا زكريا تعبت وملت من كل ده، هو انا مش مكتوب ليا اعيش زيي زي اي بـ.ـنت في سني؟
كانت تتحدث وهي على وشك الانهيار بعد كل ما مرت به اليوم بينما زكريا يغمض عينه بو.جـ.ـع على ما يحدث معها ليسمع صوتها يردد قبل أن تتحرك صوب غرفتها...
انا مسمحاك يا بابا. مسمحاك بس مش عشانك لا عشان نفسي.
أنهت حديثها وهي تدخل لغرفتها ثم أغلقت الباب بهدوء تاركة خلفها الجميع كل في حال مختلف عن الاخر لكن ما يجمعهم هو الحـ.ـز.ن والو.جـ.ـع لما حدث مع فاطمة...
يسير في ممرات المدرسة بتعب شـ.ـديد وارهاق كبير لعدm أخذه ما يكفيه من النوم البـ.ـارحة وهو يفكر في فاطمة وحالتها النفسية تنهد وهو يدلف أحد الفصول وعينه موجهه على واحدة معينة ثم أخبرهم أن يخرجوا كتبهم الخاصة...
كانت اسراء تشعر بالرعـ.ـب الشـ.ـديد كلما استدار زكريا صوبها وقد غابت عن المدرسة لايام خــــوفا من المواجهة والان يبدو أنه حان الوقت لذلك...
كان زكريا يشرح لهم كعادته وقد نحى أفكاره جانبا يحاول تصفية ذهنه لما هو مقدm عليه فها هو على وشك إنهاء آخر مشكلة في حياته حتى يتفرغ بعدها لحبيبته الجميلة ويفكر كيف يكـ.ـسر جبال الاحزان التي تستوطن قلبها...
واخيرا انتهى من شرح الدرس ليبتسم بسمته المعتادة وهو يضع قلمه على المكتب:
احنا بكده نكون انتهينا من نصف المنهج بالضبط وباذن الله بكرة في مراجعة شاملة عليه
صمت قليلا ثم قال بجدية: وبما أننا خلصنا الحصة بدري ممكن اللي عنده اي سؤال في أي جزئية من اللي درسناه يتفضل يسأل
جلس زكريا على مكتبه وهو يستقبل بعض الأسئلة من الطالبات أمامه غير غافلا عن اسراء التي كانت تحاول بأقصى جهدها أن تختفي عن أنظاره...
نظر زكريا في الوجوه أمامه وهو يقول: ها حد تاني عنده سؤال؟
صمت عم المكان ليتنهد زكريا وهو يعود بظهره للخلف ثم قال وهو يدعي التفكير:
طب ايه رأيكم نستغل الوقت الفاضي ده ونتكلم شوية اعتبروني اخوكم
صمت وهو ينظر في الوجوه وقد انتبهت له جميع الفتيات ليقول ببسمة لهن:
عايز اعرف كل واحدة حلمها ايه؟
سؤال بسيط افتتح به زكريا الحوار بينه وبين طالباته، لتبدأ كل واحدة في رفع يدها والتحدث بحماس شـ.ـديد عن حلمها ليبتسم لهن زكريا وهو يشاركهن الحديث بلهفة توازي لهفتهن ثم وفجأة تحدث:
انسة اسراء؟
انتفضت اسراء بفزع بعدmا كانت تحاول الاختباء خلف صديقاتها وهي تستمع لاسمها من المعلم لتقف وهي تبتلع ريقه تكاد تبكي تتخيل ابشع السيناريوهات وهو يخرج رسالتها ويقوم بفضحها على مرأى ومسمع من الجميع...
نعم يا استاذ.
ابتسم زكريا بسمة صغيرة وهو يتحدث بنبرة عادية وكأن لا شيء حدث: مقولتيش ايه هو حلمك؟
ها؟ حلمي؟
هز زكريا رأسه بنعم وهو ينتظر اجابتها لتتحدث هي بتـ.ـو.تر شـ.ـديد لا تفهم ما يحدث ولما لم يتحدث في أمر الرسالة:
عايزة ابقى، هو يعني نفسي لما اكبر ابقى زي اختي
اختك؟ وهي اختك بتشتغل ايه؟
ابتسمت اسراء بتـ.ـو.تر وهي تقول: ممرضة
ابتسم لها زكريا بتشجيع: حلو ممرضة مهنة جميلة جدا ونافعة، اتفضلي اقعدي.
جلست اسراء وهي تتنفس الصعداء ليبدأ زكريا في التحدث عما يريده بطريقة غير مباشرة:
كل احلامك جميلة جدا باذن الله تحققوها، بس متنسوش وانتم في طريق تحقيق حلمكم انكم تحطوا ربنا قدام عينكم دائما، بلاش خلال الطريق ده تقفوا في محطة غلط او تتعلقوا بشخص غلط، وقصدي هنا بالشخص هو شخص من الجنس الآخر
صمت ينظر للوجوه أمامه يحاول معرفة إذا كان مقصده قد وصل اليهن ام لا ليكمل حديثه:.
بنات كتير اوي ممكن أثناء رحلة تعليمها أو عملها أو حياتها عامة تتعلق بشخص وتقعد تبني أحلامها عليها وبمجرد رحيل الشخص ده بتدmر أحلامها عشان كده اللي قصدي عليه أن أحلامكم تتبني عليكم انتم مش على حد تاني واحذروا الفتن اللي منتشرة حاليا.
صمت ثم قال وهو يستمع لحرس انتهاء اليوم الدراسة: نصيحتي ليكم هي انكم تحطوا ربكم دائما قدام عينكم واتقوا الله دائما في كل تصرفاتكم وبلاش تمشوا ورا أي ذنب لمجرد أن عدد مرتكبيه كبير وبقى في عيون الكل عادي، و بلاش ترخصوا قلوبكم لأنها غالية، غالية جدا
أنهى حديثه وهو يتجه للخارج سريعا يتنفس براحة وقد رأى صدى رسالته على وجه اسراء. توقف فجأة وهو يسمع صوتها وهي تناديه وكأنها خرجت من أفكاره لتتمثل أمامه...
توقفت اسراء امام زكريا وهي تخفض رأسها للاسفل بخجل شـ.ـديد تبكي: استاذ انا اسفة والله مش،
على ايه يا آنسة اسراء محصلش حاجة، اهم حاجة دلوقتي اجتهدي عشان تكوني اضطر ممرضة اتفقنا
رفعت اسراء نظرها لزكريا بامتنان شـ.ـديد وهي تهز رأسها بنعم ليبتسم لها زكريا ثم رحل ينظر في ساعته وبعدها أخرج هاتفه ليجد اتصالات عديدة من هادي ورشـ.ـدي وقد نسي أنه وضع هاتفه في وضع الصامت...
الو يا رشـ.ـدي، انا جاي في الطريق اهو، اجهزوا انتم بس، نص ساعة واكون عندكم
خرجت فاطمة من الغرفة الخاصة بها في فزع شـ.ـديد وهي تستمع لصوت الطرق العنيف على الباب...
كانت تعدل من وضع الحجاب على رأسها وهي تضع قطعة بسكوت اي فمها تتحدث بصعوبة بسببها:
طيب جاية، قولت جاية
فتحت الباب بحنق شـ.ـديد وهي تصرخ في الطارق: فيه ايه قولت جااااا، زكريا؟ بتعمل ايه هنا؟
ابتسم زكريا وهو يكـ.ـسر قطعة البسكوت التي تتناولها ليأخذ قطعة منها وهو يتناولها غامزا:
ما هذا، بسكوت يأكل بسكوت؟
ضحكت فاطمة على حديثه وهي تمضغ القطعة التي تبقت في فمها تقول بخجل:
لسه جاي ولا ايه؟
هز زكريا رأسه وهو ينظر داخل المنزل متساءلا عن والدتها لتقول هي أنها خرجت منذ قليل للسوق...
ابتسم لها زكريا ثم سحبها خارج الشقة وهو يغلق الباب قائلا
حسنا تعالي معي.
نظرت فاطمة بيده التي تجذبها بتعجب شـ.ـديد: اجي فين؟ طب اصبر طيب اغير العباية دي اصبر بس
لم يعطها زكريا الفرصة لقول كلمة وهو يجذبها خارج البناية متجها للبناية الخاصة به بلهفة وحماس شـ.ـديد ثم أخذ يركض بها على الدرج تحت صرخاتها المتعجبة من تصرفاته وهو الرزين الهادئ...
أخذ زكريا يطرق الباب بعنف وهو ينظر لها ببسمة غريبة لم تفهم لها معنى، لكن فجأة فُتح الباب بواسطة وداد التي ابتسمت لهما غامزة لزكريا الذي قبلها بحب شـ.ـديد وهو يهمس لها بشكرا، ثم تحرك صوب البهو وخلفه وداد وفاطمة التي كانت تشعر بالغرابة، لكن كل ذلك تلاشى بمجرد ما دخلت البهو لتجد المكان كله مزين بشكل جميل والجميع يقف به ينتظرونها وهم يطـ.ـلقون في وجهها قصاصات ملونة جميلة وهم يصـ.ـر.خون في صوت واحد والبسمـ.ـا.ت تعلو الوجوه كلها:.
مفاجأة
صدmت فاطمة وهي تنظر للوجوه حولها فالجميع بلا استثناء كان هنا والدتها وعائلة كلا من زكريا ورشـ.ـدي وهادي وحتى ماسة وفرج وجمال رفيق الشباب وايضا ام اشرف التي تعرفت عليها سابقا وشاب اخر يقف جوارها يحجز بينها وبين فرج خمنت أنه اشرف.
سقطت دmـ.ـو.ع فاطمة بعدm فهم وهي تنظر للجميع الذين كانوا يبتسمون لها باتساع لتنفجر فجأة في البكاء بتأثر مما فعلوه لها...
اتجه زكريا صوبها بسرعة وهو يضمها لاحضانه بحب كبير...
ليه كده يا فاطمة المفاجأة معجبتكيش؟
بكت فاطمة أكثر وهي تمسح وجهها في ثيابه ليبتسم بحنان: لا لا دي جميلة اوي اوي
وأنتِ بتعيطي عشان جميلة اوي اوي؟
بكت فاطمة وهي تهز رأسها بنعم ليضحك زكريا وهو يبعدها عنه قائلا بصوت عالي:
طب يا جماعة الغوا الحوار عشان فاطمة بتعيط خلاص مش هنكمل المفاجأة
انتفضت فاطمة بسرعة وهي تصرخ بهم: لا لا محدش يعمل حاجة.
انفجر زكريا يضحك عليها وعلى ملامح الرعـ.ـب التي تلبستها عنـ.ـد.ما تحدث لتضـ.ـر.به هي بخفة في صدره ثم نظرت للجميع وهي ترى أمامها عائلة كبيرة كانت جوارها دائما ولم تبخل يوما عليها بشيء لتمسح دmـ.ـو.عها وهي تقول بصوت متأثر:
انا بحبكم كلكم اوي اوي
البنات بس
قال زكريا وهو ينظر للجميع بتحذير لتهز فاطمة رأسها بنعم وهي تضحك:
ايوة البنات بس والشباب شكرا ليكم
لا متشكريش حد برضو انا اللي عملت كل ده لوحدي.
خرج صوت مستنكر من حنجرة جمال وهو يصيح به ملقيا ما بيده ارضا: نعم يا خويا ده انتم كنتم معلقيني فوق عشان الزق الزينة لما ضهري انكـ.ـسر
تحدث هادي بحنق شـ.ـديد وهو يمسح أصابعه من الحلوى متحدثا وفمه ممتلئ بقطعة جاتوه:
وانا فضلت ساعة متذنب في محل الحلويات عشان الاقي تورتة تليق بجنابك
وفي الاخر أكلتها لوحدك
ابتسم هادي بغباء وهو يقول: ايوة ما انا هبطت من كتر الوقفة.
نظر زكريا لرشـ.ـدي وهو يقول سخرية: وانت مش هتذلني بحاجة؟
هز رشـ.ـدي رأسه بلا وهو يجيبه ببسمة: لا انا كنت بشرف بس على التجهيزات معملتش حاجة اساسا
ضحك زكريا وهو يتجه لهم ثم ضمهم جميعا سويا كأب يعانق صغاره قائلا بمشاكسة:
يا ختي على الحلوين يا ختي
ضحك جمال بعنف وهو يبادله العناق: تستحق السعادة كلها يا زكريا ربنا يسعد قلبك دايما
ابتسم له زكريا وهو يهمس بالشكر ثم ضم رفاقه بقوة وهو يمطرهم بوابل من الشكر...
ركضت جميع النساء صوب فاطمة معانقين إياها وخاصة وداد التي كانت تضمها بحنان شـ.ـديد مربته على رأسها وهي تتذكر ما قصه عليهم زكريا البـ.ـارحة وقد أخبرهم كل ما حدث مع تلك الصغيرة المسكينة...
علت الضحكات في المكان بين الجميع وايضا الصرخات السعيدة علت المكان ليقطع كل ذلك صوت عالي جذب انتباه الجميع والذي لم يكن صادرا سوى من فرج الذي كان يقف على أحد المقاعد وهو يهتف بساعة كبيرة:.
وبالمناسبة السعيدة دي حبيت أبلغكم الخبر السعيد اللي كل الحارة كانت مستنياه،
صمت قليلا ثم نظر لام اشرف وأشرف الحانق وهو يقول بصراخ سعيد: اشرف وافق على جوازي انا وامه
اغتاظ اشرف من حديثه وهو يتحدث لوالدته بغـــضــــب: شوفي برضو بيقول ايه طب والله لا،
قاطع حديثه صراخ هادي الصاخب وهو يركض لفرج حاملا إياه على كتفه بفرحة وجميع الشباب حوله يهللون له وكأن فريقهم المفضل قد نال للتو كأس العالم...
ضحكت فاطمة بشـ.ـدة لما ترى لتشعر فجأة بأحد يسحبها لإحدى الغرف، لكنها لم تفزع أو تخاف فهي تعلم جيدا من فعل ذلك لتبتسم باتساع وهي ترى زكريا يرمقها ببسمة واسعة هامسا لها:
اذا سيدتي ألا اجد بسمة تكافأني على ما فعلت؟
ابتسمت فاطمة وهي تلقي بنفسها بين أحضانه تهتف بعشق: وفي وقت ألــمي الذي لا أعرف مصدره قد يكون صدرك هو ملجأي
إذا أما حان الوقت لتدفئِ ملجأك وتسكنيه؟
ابتسمت له فاطمة باتساع ليكمل هو حديثه: اعتقد أنه حان الوقت لتصبحي اجمل عروس.
↚
حكمت المحكمة حضوريا على كلا من مصطفى عادل الاباصيري و جمال عبدالعظيم السيد بالسـ.ـجـ.ـن المؤبد، رُفعت الجلسة.
هزت تلك الجملة أرجاء المحكمة بعد ساعات وساعات من المرافعات والشهادات والصرخات والاهات. ومع انطـ.ـلا.ق تلك الكلمـ.ـا.ت كانت صرخة عالية تخرج من جوف فاطمة وهي ترتمي في أحضان زكريا تبكي لا تعرف لِمَ؟ بينما هو يقبل رأسها بسعادة كبيرة واخيرا يستطيع النوم دون أن يحلم بها تبكي أو يتردد صراخها في أذنه، انتبه زكريا بعينه لهادي الذي غمز له بفرحة كبير فقد عمل هادي طوال الأيام السابقة على الذهاب لكل أهالي الضحايا الذين وجد لهم فيديوهات في حاسوب مصطفى واقنعهم جميعا بتقديم بلاغات، منهم من استجاب والبعض اتخذ الجبن ذريعة تحت غطاء أن الأمر انتهى ولن يقوموا بفضح ابـ.ـنتهم، وكأنه ما يفعلونه ليس فضحا، ومع البلاغات الكثيرة حُكم واخيرا على الثنائي بمؤبد...
ابتسم هادي وهو يشاهد العساكر يسحبون الشابين وصرخات جمال تكاد تصم الآذان وهو يترجى والده أن ينجده من تلك المصـ يـ بـةفأي مؤبد هذا الذي سيقضيه داخل جدران السجون، بينما كان مصطفى يسير وهو يشعر وكأنها النهاية صوت صراخات والدته وبكاءها وهي تندب حظها وتنعيه يكاد يقــ,تــله، انحرف بعينه قبل أن يسحبه العسكري ليرى انهيار والدته داخل أحضان جمال الذي حاول السيطرة عليها وهي تكاد تسقط ارضا من حـ.ـز.نها وصدmتها في ابنها...
كان رشـ.ـدي يبتسم بسعادة وهو ينظر لرفيقه ولتلك البسمة والتي واخيرا خرجت من قلبه كما كان يحدث قديما...
خرج الجميع من المحكمة والضحكات تعلو الوجوه والشباب جميعا يهللون، فقد كان كلا من زكريا وهادي ورشـ.ـدي يضعون ايدي بعضهم البعض على كتف الاخر وهو يحركون قدmهم وكأنهم يرقصون وهم يهبطون الدرج يغنون بصوت عالي وكأنهم خرجوا من زفاف للتو...
وبمجرد أن اطل الجميع للخارج حتى انطلقت الزغاريد لتكمل الجو الذي كان منتشر بينهم والتي تبين انها تخرج من فم كلا من ماسة و وداد اللتان جائتا رفقة فرج وشيماء و لؤي والسعادة تعلو الوجوه...
ركض الجميع صوب فاطمة والبسمـ.ـا.ت تعلو الوجوه وكأنهم في إحدى المناسبات السعيدة...
بعد شهر من تلك الأحداث: سأشتاق لكما كثيرا يا الله كيف سأعيش دونكما؟
بكت بثينة أكثر وهي تبتعد عن أحضان فرانسو تضم ماريانا بحـ.ـز.ن شـ.ـديد تهتف لها بفرنسية جيدة إلى حد ما:
حبيبتي لا تقلقي انا أخبرت فرانسو أننا سنأتي لزيارتك كل فترة، صحيح فرانسو؟
أنهت حديثها وهي ترمي فرانسو بنظرات رجاء ليبتسم لها فرانسو وهو يهز رأسه موافقا، ثم انحنى حاملا الطفل الذي كان مشغولا بالالعاب بيده ليقبله فرانسو بشـ.ـدة:
نعم هذا صحيح فأنا لن اتمكن من الابتعاد عن الصغير كثيرا.
ابتسمت لهما ماريانا ثم قالت مجددا بحنين: سأكون في انتظار ذلك الوقت حقا
ابتسم فرانسو وهو يستمع لنداء الطائرة المتوجهه لمصر لذا مد يده لها بالصغير بعدmا قبله قبلة كبيرة، ثم ابتعد يضم إليه بثينة مودعا ماريانا وتوجه الاثنان لبوابة التفتيش ومازالت بثينة شاردة بعد الوقت ليقول فرانسو بتعجب:
سرحانة في ايه يا قلبي؟
نظرت له بثينة بقلق وتـ.ـو.تر قد بدأ يسري بجسدها الذي كان يرتجف: خايفة، خايفة ارجع واواجه الكل بعد كل اللي عملته،
صمتت قليلا تتذكر ما فعلته وهي تقول بدmـ.ـو.ع: انا، انا كنت هكفر واعمل عمل و،
قاطعها فرانسو سريعا وهو يجذب رأسها لصدره بنعنف يصمتها عن قول تلك الحماقات وهو يردد بحزم:.
اول واخر مرة يا بثينة سامعة؟ اول واخر مرة تقولي كل ده، انتِ كنتِ مريـ.ـضة وكل اللي حصل ده كان شبه بدون إرادتك وعقلك الباطن مكنش واعي للي بتعمليه ده غير انك توبتي لربك يا قلبي وكمان فاكرة الشيخ قال ايه؟ قال كويس إن العمل محصلش للبـ.ـنت والا وقتها كان هيبقى الموضوع اكبر
بكت بثينة أكثر وهي تحاول أن تسامح نفسها: بس ده ده قالي أنه من الكبائر ووو،.
قاطعها فرانسو وهو يعلم إلى أين سيصل هذا النقاش الذي كانت تفتحه منذ ذهبت لشيخ أحد المساجد وعلمت توابع فعلتها:
من الكبائر والمحرمـ.ـا.ت والسبع الموبقات بس كمان متنسيش يا قلبي أبواب رحمة ربك دايما مفتوحة ومتنسيش كمان إن ربك بيطمنئك ويقولك {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى [طه: 82].
هزت بثينة رأسها وهي تصدق على حديثه ثم ابتعدت عنه بسرعة وهي تسمع النداء الاخير المتوجهين لمصر، اشتاقت كثيرا للجميع وتود لو تطير الان إليهم بسرعة لذا أمسكت يد زوجها الحبيب الذي عانى كثيرا معها ورأى ما لم يتحمله غيره، طوال ذلك الشهر كان دائما ما يحاول مساعدتها ليعالجها من تلك الحالة التي كانت بها بل وإنه كان احيانا يأخذها لإحدى الصديقات في نفس المجال حتى لا تخجل منها كما تفعل معه في بعض الأحيان، ابتسمت وهي تراه يلوح بالاوراق الخاصة بهما بعدmا تسلمها من الشرطي المسئول عنها:.
وها قد انتهينا. هيا يا حلوتي
والله ما فيه حلويات غيرك
تحدث فرانسو بتعجب وقد اقترب منها: قولتي ايه؟
ولا حاجة يلا عشان نلحق الطيارة
ابتسم لها فرانسو وهو يمسك يدها يتحرك معها وهو يميل عليها هامسا: لكم انا متحمس حتى اعود واتمم زواجي بكِ يا جميلة،
زكريا
انتفض زكريا من جلسته برعـ.ـب وهو يضع مصحفه على الطاولة جانبا ثم ركض صوب المطبخ حيث توجد هي زوجته وحبيبته الجميلة، يصـ.ـر.خ برعـ.ـب:
ايه؟ حصل ايه؟
كام يصـ.ـر.خ بهلع شـ.ـديد وهو يظن أن شيئا خطرا قد حدث معها لكن بمجرد أن خطت قدmه للمطبخ حتى انزلق فجأة على أرضية المكان ليسقط بعنف شـ.ـديد على ظهره وتصدح صرخاته في الشقة كلها...
فتحت فاطمة عينها بصدmة وهي تنظر له ارضا يتأوه بعنف لا يستطيع التحرك...
رباه كُسر ظهري
ابتسمت فاطمة فجأة بعدmا كانت ملامحها مرعوبة وهي تقول بحنين ضامة يديها جانب وجهها تسرح خيالها في ذكريات قريبة:.
يااه تصدق الكلمة دي وحـ.ـشـ.ـتني اوي. فاكر يا زكريا فاكر لما كنت دايما تقولها زمان كل ما تشوفني
ابتسم زكريا بسخرية وهو يحاول النهوض لكن الارض أسفله لا تساعده على ذلك:
نعم صحيح كنت اقولها من كثرة المصائب التي تتقاذف على رأسي كلما لمحتك
انمحت بسمة فاطمة بحنق شـ.ـديد وهي ترمقه بغـ.ـيظ متفاجئ: لا لحظة كده هو إنت مش كنت بتقول الكلمة دي من جمالي؟ يعني فكرتك بتقول في بالك، رباه ايه الجمال ده ياربي.
توقف زكريا عن محاولة النهوض وهو ينظر لها يرفع طرف شفتيه لأعلى بحنق كبير لا يصدق حقا ما تقوله تلك الغـ.ـبـ.ـية أي جمال هذا؟ هو حتى لم يعرف كيف تبدو سوى بعدmا جائت لمنزله مع والدتها...
زفرت فاطمة بضيق وهي تتجه نحو إحدى الأواني تحملها وهي تقول ببسمة ارتسمت سريعا على وجهه:
اه صحيح نستني كنت بنادي عليك ليه؟
قالت بحماس شـ.ـديد وهي تتجه له تحمل الطبق الكبير بيدها: بص وانا بعمل الكيكة لقيت بيضة فيها صفارين.
سبحان الخالق. لا فعلا تستاهل ينكـ.ـسر ضهري عشانها مش عارف كنت هنام الليل ازاي من غير ما اشوف البيضة أم صفارين
ردد زكريا بسخرية وهو يحاول النهوض ليجد فاطمة تقترب منه سريعا وهي تشير للطبق قائلة بلهفة:
بص اهي صفاري،
لم تكمل كلمتها وكانت فجأة تسقط ارضا وهي تسقط الطبق الذي في يدها على وجه زكريا الذي وللمرة الثانية تعلو صرخته في المنزل:
رباه، اغثيني يا وداد.
كان يتحدث وهو يزحف برعـ.ـب خارج المطبخ قبل أن تقــ,تــله هذه المرة صارخا بخــــوف:
ساعدوني، النجدة، النجدة
راقبت فاطمة خروجه بتلك الطريقة وهي تقول بحـ.ـز.ن ترمق الأرض حيث سقط البيض:
البيضة وقعت في الأرض وباظت.
أنهت حديثها وهي تنهض بحذر تحضر ممسحة الأرض تمسح ما سقط ارضا بحسرة، لكن فجأة انمحت تلك النظرة من عينها وهي تتذكر أن اليوم هو زفاف كلا من هادي ورشـ.ـدي واخيرا، ارتمست بسمة حنين على وجهها وهي تسرح بخيالها لذلك اليوم الذي حصلت فيه على اكبر هدية في حياتها. يوم أصبحت زوجة لزكريا بكل ما تعنيه الكلمة...
كانت تجلس أمام المرآة وهي تشعر بضـ.ـر.بات قلبها تتسارع لا تدري حقا هل هي قادرة على ذلك؟ هل ستستطيع أن تفعل ذلك؟ خرجت من شرودها بفزع وهي تسمع صوت فتح الباب بعنف شـ.ـديد يتبعه زغاريد عالية من ماسة وشيماء وضوضاء عالية تتبعهما...
انهاردة فرحي يا جدعان، عايز كله يبقى تمام
ابتسمت فاطمة لماسة وهي تراقب حركاتها الراقصة فقد كانت تقفز في أرجاء الغرفة كما لو أنه زفافها هي...
اتجهت شيماء لفاطمة بسعادة كبيرة وهي تطلق زغاريد عالية تضمها بحب:
مبـ.ـارك يا حبي مبـ.ـارك والله قلبي بيتنطط من الفرحة وكأنه فرحي انا
بكت فاطمة من التأثر لتأتي ماسة سريعا تبعد شيماء بعنف حتى كادت تسقط ثم أمسكت فاطمة من كتفها تخبرها بكل جدية وحسم:.
بت أنتِ شغل العـ.ـيا.ط والهبل بتاع العرايس ده مـ.ـيـ.ـتعملش سامعة؟ أنتِ تقومي دلوقتي ترقعي زغروطة وترقصي لما وسطك يقع، مش فاهمة ايه الهم ده؟ ده انا يوم فرحي هروح انا اللي اجيب رشـ.ـدي من صالون الحلاقة
أطلقت فاطمة عدة ضحكات على حديث ماسة تتخيلها وهي تقف أمام السيارة بفستانها تحمل بوكيه من الورد وتنتظر أن يطل عليها رشـ.ـدي من صالون الحلاقة كما تقول...
دخلت منيرة للغرفة سريعا وهي تقول ببسمة تحاول منع دmـ.ـو.عها: فاطمة يا قلبي عريسك تحت مستني عشان ياخدكم الكوافير
ابتسمت فاطمة بتـ.ـو.تر، لكن لم تكد تتحدث حتى وجدت ماسة تمسك يدها ساحبة إياها للاسفل سريعا وخلفهما شيماء تحمل حقيبة بها كل ما قد يحتاجونه ثم اتجه الجميع للاسفل حيث كان يقف كلا من زكريا وهادي...
بمجرد أن خطى الجميع خارج بناية فاطمة حتى توقفت ماسة عن السير وهي تنظر لمن يقف أمامها بحنق شـ.ـديد:.
ايه ده فين رشـ.ـدي؟
نظر زكريا لفاطمة لا يرفع عينه من عليها: رشـ.ـدي بيظبط مكان الفرح مع الرجـ.ـا.لة
اغتاظت ماسة بشـ.ـدة من حديث زكريا ثم قالت باعتراض مشيرة لهادي الذي لم يتوقف ثانية عن الغمز ومشاكسة تلك الشيماء الخجولة جوارها:
يا سلام واشمعنا يعني هادي ميعملش كده؟
لم يهتم لها هادي وهو يفتح السيارة لشيماء يقول ببسمة: يلا يا قمر عشان منتأخرش
ضحك زكريا وهو يسحب فاطمة بعيدا عن الجميع تاركا ماسة تكاد تحترق في أرضها...
نظر زكريا لفاطمة قليلا وهو يتحدث بهدوء وحنان وتلك البسمة المعتادة منه قد عادت للارتسام على وجهه:
ما بها جميلتي؟ أخائفة أنتِ؟
رفعت فاطمة نظراتها بتـ.ـو.تر لزكريا وهي تفرك يدها تسمع صخب قلبها: شوية، متـ.ـو.ترة مش خايفة يا زكريا، انا عمري ما اخاف طول ما انت جنبي
اه، رفقًا يا صغيرة فهذا القلب قد نال ما يكفيه اليوم حقا.
ابتسمت له لتتسع ابتسامته وهو يردد يجب شـ.ـديد: اشعر بقلبي يرقص فرحا بالداخل، يا الله لو ت عـ.ـر.فين مقدار الفرحة التي تسكنني الان
ابتسمت فاطمة أكثر وهي تقول له للمرة التي لا تعلم عددها: زكريا انا بحبك
حسنا جميلتي، ردي سيصل لكِ اليوم
أنهى حديثه بغمزة وهو يسحبها مع للسيارة ثم تحرك الجميع صوب ال كوافير للاستعداد لذلك الزفاف الذي كانت جميع بيوت الحارة في ترقب له والمكان كله يُغطى بالاضواء...
هبطت الفتيات من السيارة ثم تحرك الجميع صوب المكان سريعا ليتحرك هادي بسيارة ابراهيم والد رشـ.ـدي صوب الحارة حتى يبدأوا في اعداد زكريا للمناسبة السعيدة، كان يتحرك بالسيارة بسعادة كبيرة وكأنه يرقص بها...
ابتسم زكريا وهو يلمح مقدار السعادة على وجه هادي ليقول بمزاح: براحة يا هادي خليني اوصل سليم.
ابتسم هادي وهو يردد بسعادة كبيرة جدا و صادقة، لا يصدق أن اليوم زفاف رفيقه وأخيه واقرب الأشخاص لقلبه هو ورشـ.ـدي بعد كل ما عاناة:
براحة ايه؟ انا لو اطول انزل اشيل العربية وارقص بيها هعمل كده
ضحك زكريا بشـ.ـدة وهو يحاول امساك دmـ.ـو.عه عن الهبوط ليقترب فجأة من هادي و يضمه سريعا هامسا بصدق:
انتم ثروتي يا هادي اقسم انني لا امتلك أثمن منكم يا رفيقي.
ابتسم هادي له وهو يتوقف بسيارته أمام محل والد زكريا ثم هبط سريعا يتجه لمقعده بسعادة كبيرة وهو يشير له ليهبط:
انزل يلا خلينا احـ.ـضـ.ـنك حـ.ـضـ.ـن عدل
ضحك زكريا وهو يهبط سريعا يرتمي في أحضان أخيه ورفيقه بينما هادي كان يدmع من التأثر وهو يربت على كتف زكريا هامسا:
مبـ.ـارك يا صاحبي، مبـ.ـارك
ابتسم له زكريا وهو يبتعد عنه لينتبه كلا منهما لصوت جوارها يصيح: يمين يا كابتن تعالى يمين اكتر، لا بص انزل انا هطلع اعملها.
وبالفعل هبط الشخص من الدرج وصعد ذلك الذي كان يتحدث وهو يمسك فرع من الإضاءة يضعها كما يريد، نظر الاثنان بصدmة له ليقول هادي بتعجب:
جمال؟
انتبه جمال الذي كان معلقا أعلى الدرج لصوت هادي ليقول ببسمة وهو يعدل من وضع الإضاءة:
اصبر يا هادي هعلق الفرع ده وانزل؟
لم يصدق زكريا أنه أتى حقا فهو عنـ.ـد.ما أخبره بيوم زفافه كان فقط كواجب آداه لم يعتقد أنه قد يأتي بعدmا حدث لأخيه...
انت جيت؟
كان سؤالا متعجبا حرج من فم زكريا دون وعي...
تحدث جمال بعدm فهم وهو يهبط الدرج بعدmا انتهى مما يفعل: ايوة هو مش إنت عزمتني اجي؟ بعدين الواد ده قالي انكم اخواتي ولا ايه؟
كان يتحدث مشيرا لرشـ.ـدي الذي كان يحمل أحد المقاعد مع بعض الرجـ.ـال، فتح زكريا فمه بغية إجابته لكن قاطعه جمال وهو يقول ببسمة حزينة بعض الشيء:.
وانا الصراحة الفترة دي بقيت مقطوع من شجرة مليش غير امي فقولت امسك في العرض ده واعمل نفسي اخوكم واجي أرتب الفرح وجبت امي معايا هي دخلت دلوقتي عن الستات جوا
أنهى كلامه ببسمة وهو ينتظر اجابتهما والتي أتت في شكل عناق مفاجئ من زكريا وهادي، ليهتف هادي بفرحة كبيرة:
واخيرا حد جه يرحمنا من رشـ.ـدي اللي كل ما حد يكلمه يقوله انا الكبير؟ خلاص من انهاردة فيه كبير تاني.
ضحك جمال بتأثر وهو يبادلهما العناق هامسا بنبرة خافتة: افهم من كده انكم قابلني بينكم؟
تحدث زكريا سريعا ببسمة حنونة: زي ما هادي قال بقيت انت الكبير في الشلة دي، بس هو إنت كام سنة صح؟
ابتعد الجميع عن أحضان جمال ليقول جمال ببسمة: 30 سنة
ابتسم له زكريا وهو يردد بحنان متأصل في فطرته: اطال الله بعمرك يا اخي.
لم يكد جمال يجيبه حتى وجد الجميع رشـ.ـدي يتقدm منهم وهو يصـ.ـر.خ بغـــضــــب: أنت وهو لسه واقفين ليه؟ ما تتنيلوا ادخلوا المحل خلينا نجهز الاستاذ
ابتسم هادي بسخرية وهو يشير لرشـ.ـدي بحنق: لا بقولك ايه متكلمناش كده، انت اساسا مبقتش الكبير عشان تزعق وتتأمر لان جمال هو الكبير. صح يا رجـ.ـا.لة؟
نظر له رشـ.ـدي بملامح جـ.ـا.مدة وهو ينظر خلفه بتعجب يحاول البحث عمن يتحدث عنهم هادي وهو يقول:
كلام جميل بس هو فين اللي انت بتتكلم عليهم؟
نظر له هادي بعدm فهم ليستدير مشيرا لجمال، لكن لم يجد أحد خلفه ليهمس بحنق:
اخص على اشكالكم شوية عرر
أنهى حديثه وهو يلتفت لرشـ.ـدي مبتسما بغباء ولم يكد يفتح فمه ليجد رشـ.ـدي يسحبه داخل المحل بحنق:
يلا ادخل شوف بدلة زكريا اكويها،
تحرك هادي بحنق تحت دفعات زكريا ليرى زكريا يجلس على مقعد و لؤي يحلق له شعره رأسه قليلا ويهنـ.ـد.م لحيته، وعلى الكرسي المجاور كان يجلس فرج وهو يحمل مجلة ما يشير لصورة بها:.
اهي يا لؤي القَصة دي عايزة تعملها ليا
اقترب هادي بفضول من فرج ينظر لتلك الصورة التي يشير لها ثم بعدها نظر لرأس فرج التي تكاد تخلو من الشعر وهو يقول بعدm فهم:
دي هتعملها فين القَصة دي يا فرج؟ في شعر رجلك؟
نظر فرج بغـ.ـيظ لهادي بعدmا تعالت الضحكات على حديثه: لا يا خفيف يا ظريف هعملها في شعري عشان كتب كتابي على ام اشرف.
صفق هادي بسعادة ثم أطلق بعض الصفير وهو يقول بمرح: ايوة بقى يا خلبوص، بس مش شايف يعني يا فرج إن كثافة شعرك لا تسمح ليك بالقصة دي؟
نظر فرج في المرآة قليلا ثم قال ببسمة بـ.ـاردة مستفزة: لا مش شايف
ضحك لؤي عليهما وهو ينحني ارضا ليصل عند لحية ابنه يهنـ.ـد.مها بحنان شـ.ـديد لا يصدق أنه الآن يجهز ابنه الحبيب والوحيد للزواج، ابتسم زكريا وهو يرى دmعات والده التي تكاد تهبط لينحني وهو يقبل رأسه هامسا له:.
شكرا لك يا ابي، على كل شيء فعلته لي سابقا، شكرا على تربيتي بشكل افتخر به يا غالي
هنا وسقطت دmـ.ـو.ع لؤي وهو ينهض ليضم رأس ابنه مقبلا إياها بحنان شـ.ـديد هامسا بحب:
حبيبي مش مصدق إن انهاردة فرحك يا قلبي
ابتسم زكريا وهو يضم والده هاتفا بحب: انا وصلت هنا يا لؤي بفضل الله ثم دعواتك انت وست الكل واكيد مساعدة الشباب
أنهى حديثه وهو ينظر لأصدقائه بفرحة ليبادله الجميع البسمة...
تحدث هادي ليقطع حالة الشجون تلك: بعدين ما تنساش يا حاج لؤي إن الاسم اللي سمـ.ـيـ.ـته لزكريا والموسيقى بين اسمكم دي هي اللي عرفتنا على بعض ولا ايه؟
ضحك رشـ.ـدي بعنف وهو يتذكر كيف تعرف عليهما: رفيقا الكفاح
تحدث جمال بعدm فهم بعدmا كان يختار كارفات مناسب لبذلة زكريا: ايه ده مش فاهم ازاي ده؟
ضحك هادي بشـ.ـدة وهو يشير لزكريا: أنت ما اخدتش بالك من الاسم؟ الاستاذ اسمه زكريا لؤي. شوفت جبروت أبوه.
ضحك جمال بشـ.ـدة ليس على الاسم بل على طريقة هادي وملامحه وهو يخبره الأمر ليرى هادي يشير لرشـ.ـدي الذي حذره:
تعرف اسم رشـ.ـدي ايه؟
تحدث جمال بتعجب من السؤال: رشـ.ـدي ابراهيم
لا رشـ.ـدي أباظة ابراهيم
أنهى هادي حديثه وهو يسقط ارضا من الضحك على ملامح الحنق في وجه كلا من زكريا ورشـ.ـدي ليقول رشـ.ـدي بسخرية:
تعرف الاستاذ اسمه ايه؟
كان جمال يضحك بصخب أثناء حديثهما لا يستطيع تحمل الأمر ليقول رشـ.ـدي بسخرية:.
الاستاذ اسمه هادي عبدالهادي المهدي، تقريبا الحاج الله يرحمه كان عايز يأكد على حاجة معينة، لكن للاسف محصلتش
هنا وانفجرت قهقهات جمال على الجميع ليشاركه الكل في تلك الضحكات، وبعدها بدأ كل واحد منهم يقوم بعمله في جو من السعادة والفرح...
اتى المساء حاملا مع بذور السعادة ليغرسها في قلوب الجميع فها هو اليوم واخيرا حان وقت اتحاد القلوب بعد وقت طويل من المعاناة...
كان يقف أمام المكان الذي يوجد به قلبه ينتظر بترقب شـ.ـديد أن تطل عليه بهيئتها البهية، و ها هي وكأنها استمعت لأفكاره تخرج بخطوات بطيئة من المكان بهيئة جعلته يحبس أنفاسه وهو يردد دون وعي:
تبـ.ـارك الرحمن
كان يتنفس بسرعة وهو يتجه صوبها بتمهل شـ.ـديد لا يصدق أنها واخيرا أصبحت ملكه وستقطن معه تحت نفس السقف، وقف أمامها وهو يتأمل وجهها الذي كانت تخفصه ارضا بخجل لينحني هو قليلا حتى يصل لها:.
والآن فقط علمت سبب اختفاء القمر، ربما خشي أن يقارنه الجميع بكِ فيخسر تلك المقارنة جميلتي، فوالله أن جمالك قد تخطى كل جمال في عيني أشعر بقلبي يصارع للخروج
ابتسمت فاطمة وهي ترفع رأسها واخيرا تواجهه هامسة: انا بحبك اوي
ضحك زكريا بشـ.ـدة عليها فهي كلما شعرت بالخجل من حديثه أو تـ.ـو.ترت تقول تلك الكلمة، فهي أضحت ملجأ لها في تلك المواقف، اقترب منها زكريا يقبل جبينها بكل الحنان الذي يمتلكه في قلبه هامسا لها:.
حسنا قد لا أجد يوما إجابة على كلمتك تلك، لكني والله يشهد أنني متيم بكِ حتى أنني تخطيت تلك الكلمة منذ زمن
ابتسمت له فاطمة وهي تحاول منع دmـ.ـو.عها من الهبوط...
ابتسم زكريا وهو يمد ذراعه لها لتتمسك فاطمة به وهي تسير جواره لا ترفع عينها من عليه تتبعها زغاريد والدتها وماسة وشيماء...
بينما بدأ الشباب في ضـ.ـر.ب الدف بعيدا عن النساء قليلا و رشـ.ـدي غني بصوت جهوري بديع يردد خلفه جميع الرجـ.ـال في زفة جعلت أعين فاطمة تلتمع بالدmـ.ـو.ع فهي في الأساس لم تتخيل أن تتزوج أحد ك زكريا وفي زفاف كهذا...
وصلت السيارات بعد زفة طويلة مبهرة إلى المكان الذي تم ترتيبه سابقا لتلك المناسبة ليهبط زكريا من السيارة وهو يمسك بيده فاطمة يسير بها بكل سعادة نحو المكان الذي تم تجهيزه للنساء بعيدا عن ضوضاء الرجـ.ـال، والذي كان في منزل فرج بعد أن اقترح فرج عليهم أن يستغلوا كبر مساحة منزله فهو الأنسب لتلك المناسبة وقد رحب ابنه البكر بذلك خاصة بعدmا علم ما فعله الشباب لأجل والده اثناء سفره...
ابتسم زكريا وهو يجلس رفقة فاطمة يشاهد فرحتها تلك وهي تراقص الجميع بسعادة كبيرة وتستقبل التهاني منهم كان يرمقها بأعين سعيدة فخورة بما وصلت له حبيبته القوية...
حضر والد العروس ليهنأها لتتوقف فاطمة عن الرقص قليلا وهي تنظر لوالدها الذي كان يبكي بتأثر مما يراه، يعض أنامله نـ.ـد.ما مما فعله بابـ.ـنته، لكن وللمفاجأة وجد ابـ.ـنته تركض صوبه وهي تلقي نفسها في أحضانه بحنين شـ.ـديد متذكرة حديثها مع زكريا حول أمر والدها وقد أقنعها زكريا أن تعفو عنه فوالله هذه الحياة لا تستحق أن نعيشها بحـ.ـز.ن أو غـــضــــب أو تكون هناك غصة بقلوبنا...
بكى مرسي بشـ.ـدة وهو يقبل وجه ابـ.ـنته يعتذر لها بينما منيرة كانت تقف بعيدا وهي تمسح دmـ.ـو.عها بتأثر وقد قررت أن تسامح هي أيضا زوجها ليس لأجلها بل لأجل ابـ.ـنتها فقط، فهي تستحق أن تجد دائما عائلة خلفها تدعمها كأي فتاة...
خرج زكريا بعد أن جلس قليلا رفقة فاطمة حيث الرجـ.ـال، ليركض الثلاثة شباب صوب زكريا جاذبين إياه للرقص لتنقضي الليلة بين رقص وغناء وعزف وضحكات وتهاني من الجميع...
وصل كلا من زكريا وفاطمة للشقة بعد دmـ.ـو.ع كثيرة من الجميع وكأنها مهاجرة ليس وأنها تسكن في الشقة التي تقع أسفل شقة عائلتها فزكريا منذ فترة وقد اشترى شقته في العمارة التي يمتلكها هادي وكذلك فعل كلا من هادي ورشـ.ـدي لتصبح الثلاث منازل في نفس الطابق بتدبير من هادي الذي منع تأجير أو بيع أيا من تلك المنازل فهي كُتبت لهم منذ أن شبوا معا...
فاطمة، فاطمة.
استفاقت فاطمة بفزع وهي تسمع صوت زكريا جوار اذنها تقول بحنق: ايه يا زكريا فزعتني يا اخي،
ابتسم زكريا وهو يستند بجسده على الرخام خلفه: كنتِ سرحانة في ايه؟
ابتسمت فاطمة وهي تنظر له ببسمة واسعة تقترب منه وهي تضم رقبته بحنان:
كنت بفتكر في يوم جوازنا
ابتسم زكريا وهو يغمز لها يضمها إليه أكثر: ايه رأيك نعمل فرح كمان مع العيال
انطلقت ضحكة فاطمة ترج جدران المنزل ليقول زكريا بتأثر: افدى تلك الضحكة بعمري يا عمري.
استقامت فاطمة وهي تقول بغمزة تبعد قليلا عنها وهي تهمس: زوجي العزيز ربما لن نقوم بزفاف معهم في الاسفل، لكنني بالتأكيد سأقيم زفاف لنا هنا في الاعلى يا حبيبي
اوووه انظروا لتلك الجريئة، لقد فسدت أخلاقك اميرتي
حسنا ربما يجب أن تعتاد هذا عزيزي
أنهت كلمـ.ـا.تها وهي تغمزه بمشاكسه ثم خرجت نحو غرفتها لتجهيز نفسها حتى تذهب مع الفتاتين للصالون ليبتسم زكريا وهو يضع يده على قلبه:.
غمزاتك كالسهام يا جميلة لذا توقفي عن قذفها لقلبي،
وانهاردة فرحي يا جدعان عايز كله يبقى تمام، وهتجوز هتجوز. هتجوز هتجوز هتجوز هتجوز انا هتجوز هتجوز
كانت شيماء تراقب حركات ماسة في الغرفة وهي تتحرك هنا وهناك تجمع الاشياء التي ستأخذها معها...
ضـ.ـر.بت شيماء كف بكف وهي تسمعها تردد نفس الكلمة وكأنها لا تصدق ما يحدث:
يا عيني البـ.ـنت مصدومة بقالها ساعة بتردد هتجوز وكأنها بتقنع نفسها.
ضحكت سحر وهي تراقب ابـ.ـنتها وقد انتهت من إعداد حقيبتها التي ستنقلها لشقتها هي ورشـ.ـدي مرددة:
خليها تفرغ اللي جواها بدل ما تنفجر في الواد ويرجعها تاني
ضحكت شيماء وهي تنظر لهاتفها تنتظر أي رسالة من هادي الذي لم يحدثها منذ الصباح ولا تعلم لماذا؟ أليس اليوم زفافهما لما إذن لا يتصل ويتغزل بها؟
مش عارفة هادي متصلش لغاية دلوقتي ليه؟
هكذا اخرجت شيماء كل ما تفكر به وهي تلوي شفتيها بضيق لتجيبها ماسة بعدm اهتمام:.
عادي يعني ما انا أباظة ما اتصلش بيا لغاية دلوقتي
ماسة حبيبتي اخويا اساسا متصلش بيكِ بقاله اسبوع يا حبه عيني معتزل الدنيا ويحاول يستوعب اللي هيحصل ليه
نظرت لها ماسة ثواني قبل أن تهز رأسها بنعم مؤيدة حديثها: ايوة صح هو متصلش بيا من اسبوع، يكونش خلص رصيد؟
قلبت شيماء عينها بملل ولم تكد تفتح فمها حتى وجدت الباب يفتح فجأة وصوت فاطمة يصدح في الأجواء مهللا...
العرايس الحلوين جهزتوا؟
ابتسمت ماسة وهي تنظر لنفسها في المرآة: انا خلاص جهزت باقي بس ااااا،
قاطع حديث ماسة رؤيتها لأحد يقف خلف فاطمة لتتغضن ملامحها فجأة وتنمحي بسمتها وكأنها لم تكن، وهي تنظر لذلك الضيف الغير مرغوب به أبدا...
قبل ذلك الوقت بساعة...
اجتمع الشباب الأربعة أمام منزل هادي وهم يجهزون لكل شيء حتى اقتحم ذلك الاجتماع الصغير صوت رجولي جذاب وهو يهتف:
شكلي جيت في الوقت المناسب.
التفت الجميع بتعجب لذلك الصوت ليتحول التعجب فجأة لبسمة واسعة وهم يلمحون اقتراب فرانسو وبرفقته بثينة التي كانت تلتصق به بخــــوف وكأنها تساق للاعدام أو ما شابه...
ابتسم فرانسو وهو يجذب بثينة من خلفه يقول: ايه يا حبيبتي ايه يا ماما هياكلوكِ ولا ايه؟ تعالى سلمي عليهم.
كانت بثينة تنظر من خلف فرانسو للجميع وهي تتمنى لو تنشق الأرض في التو واللحظة ثم تبتلعها بلا عودة تشعر بمرارة في حلقها لا تعلم كيف تنظر في أعينهم وهي قد كانت على وشك إفساد حياتهم...
ايه يا بوسي مش هتسلمي عليا؟
كانت تلك كلمة هادي التي خرجت حنونة وهو يرى تخبطها وخــــوفها راقبها وهي ترفع عينها التي كانت تلتمع بالدmـ.ـو.ع تتحدث بصوت مكـ.ـسور ومقهور:
ازيك يا هادي.
ابتسم هادي باتساع يلاحظ نبرتها وطريقة حديثها نظراتها، كل شيء بها تغير، ابتسم وهو يراها تنظر لفرانسو وكأنها طفلة تستأذن والدها التحدث مع غرباء.
هو، هو انهاردة فرح مين؟
ابتسم رشـ.ـدي وهو يتحدث معها بهدوء: فرحي انا وهادي عقبالكم
ابتسم فرانسو وهو يرفع يده مؤمنا دعائه: امين يا خويا، يسمع من بقك ربنا. ما تيجي نعمله معاهم؟
كان يتحدث بجدية كبيرة وهو ينظر لبثينة وقبل أن تفتح فمها التحدث عاجله هادي حانقا وهو يخبره:
ايه يا عسل هو سلق بيض؟ جواز ايه اللي تعمله معانا؟ اختي يتعملها فرح مخصوص و تجيب احسن فستان وتكون احلى عروسة. ولا ايه يا بسبوسة؟
هزت بثينة رأسها وهي تمسح دmعات تخللت بسمتها السعيدة من حديث هادي فيبدو من حديثه وصدق نبرته أنه سامحها وهي من ظنت أنها ستعيش حياتها كلها تعاني لنيل عفوه...
ابتسم لها هادي ثم قال وهو يجذب فرانسو لهم: تعالى معانا انت عشان تتظبط وانتِ يا بثينة البنات فوق عند رشـ.ـدي اطلعي وشوية والست اللي بتعمل ميكب دي هتجيلكم
ابتسمت بثينة بفرحة شـ.ـديد ثم نظرت لفرانسو الذي غمز لها محدثا إياها بالفرنسية وبنبرة مغوية:
اذهبي حُلوتي سأشتاق إليكِ
ابتسمت له بثينة وهي تخبره قبل أن ترحل سريعا: وانا ايضا
رحلت بثينة سريعا صوب البناية التي يسكن رشـ.ـدي ليتحدث رشـ.ـدي بتعجب: أنت علمتها فرنساوي؟
هز فرانسو رأسه ببسمة ليسمع الجميع صوت زكريا الحانق وهو يردد: يا اخي النبي عربي يا اخي اتكلم نيـ.ـلـ.ـة عربي
أنهى حديثه وهو يتركهم متجها صوب محل والده بغـ.ـيظ شـ.ـديد
هو ماله ده؟
تحدث هادي بضحكة يجيب سؤال فرانسو: معلش أصله عنده حساسية من اللغات.
ضحك الجميع وهم يتبعون زكريا ليتحدث رشـ.ـدي بحسرة: انا مش شايل قد هم ماسة لما تسمع فرانسو بيكلم مـ.ـر.اته بالفرنساوي والله ما هتسيبني في حالي، واحد يغازل بالفصحى والتاني بالفرنساوي
أنهى حديثه ينظر لجمال: ها حضرتك حابب تضيف حاجة
ضحك جمال بصخب وهو يغمز له: لا انا ليا لغتي الخاصة يا باشا بس تيجي هي
كانت ماسة تنظر لبثينة بغـــضــــب شـ.ـديد لتسمع صوت صرخات شيماء وهي تركض صوبها بفرحة كبيرة تضمها بشـ.ـدة وهي تبكي:.
بوسي، واخيرا رجعتي حشـ.ـتـ.ـيني و اوي اوي اوي
أبعدت بثينة نظرتها من على ماسة وهي تنظر بحب وحنان لتلك اللطيفة التي كانت تستحق منها معاملة افضل وحب أكثر لتبادلها العناق وهي تردد بحب صادق:
شوشو حشـ.ـتـ.ـيني و اوي يا روحي. مبـ.ـارك ليكِ.
رفعت ماسة حاجبها بسخرية وهي تستمع لحديثها لترى أن فاطمة هي الأخرى اتجهت صوب بثينة ترحب بها كل ذلك وبثينة تبتسم لهن وهي تجاهد ألا تبكي فهي بغباءها كادت تفقد كل ذلك الدفء والحب، ابتعدت بثينة قليلا عن الفتاتين وهي تقترب من ماسة تمد يدها بقلق:
ازيك يا ماسة؟
احسن منك
أجابت ماسة وهي تشيح بوجهها بعيدا عنها لتبتلع بثينة غصة استحكمت حلقها لتقول بخجل من ردها:
يارب دايما، مبـ.ـارك ليكِ.
التفتت ماسة تنظر لها بتعجب لتلك النظرة تحاول إيجاد نظرة الخبث التي لطالما زينت نظراتها، لكن كل ما وجدته هو نظرة انكسار وصدق في عينها لتسمع همس بثينة لها وهي تضمها فجأة:
انسي اللي فات يا ماسة وخلينا نبدأ من جديد ارجوكِ
فتحت ماسة عينها بصدmة كبيرة وهي تنظر لتلك التي تتعلق في أحضانها وهي تردد بعدm فهم:
هو فيه ايه؟
فيه اني مش عايزة أقضي الباقي من عمري في كره و زعل.
حاولت ماسة منع بصمة من الارتسام على وجهها وهي تقول: الاه؟ هو الجواز بيغير اوي كده؟
أشارت بعدها لبثينة وهي تحدث شيماء: شوفتي عشان لما اقولك عايزة اتجوز تصدقيني ده انا هبقى بعد الجواز حمامة سلام، طالما الجواز عمل كدة في بثينة تخيلي هيعمل فيا ايه؟ مش بعيد ابقى داعية إسلامية
ضحكت شيماء هي وفاطمة على حديث ماسة التي ضمت بثينة وهي تربت على ظهرها تهمس بفرحة لتغييرها ولاستوطان السلام في نفوس الجميع:.
حمدالله على سلامتك يا بوسي...
في المساء أضحت الحارة مضيئة كما لو أنها نجمة ساطعة تتوسط السماء...
كان رشـ.ـدي يقف أمام المرآة في منزل هادي وجواره هادي الذي كان يلقي قبلات لنفسه في المرآة كمـ.ـجـ.ـنو.ن وهو يتحدث ببسمة جذابة:
دي شيماء هتمـ.ـو.ت من جمالي
نظر له رشـ.ـدي باشمئزاز وهو يعدل من وضع الكارفات ثم تحدث لجمال الذي يقف في الخلف:
جمال هو زكريا فين؟
انتهى جمال من ربط حذاءه وهو يستقيم قائلا ببسمة سعيدة بما وصل إليه:.
خرج يرد على تليفونه و،
قاطع حديث جمال زكريا الذي دخل وهو يقول ببسمة: جاهزين يا شباب؟ البنات خلصت ومستنية
ابتسم فرانسو وهو ينهض متجها لهم ثم لوح ببعض المفاتيح وهو يقول ببسمة:
انا جهزت عربية انما ايه؟
ابتسم هادي والجميع وهم يتحركون نحو الأسفل والفرحة تكاد تجعلهم يطيرون من السعادة...
كان الجميع يقف أمام المنزل ورهبة الحدث تطفي ليصمتوا، انحنى رشـ.ـدي قليلا على هادي وهو يتحدث بسخرية:.
ايه يا حبيبي رجعت في كلامك ولا ايه؟
ابتلع هادي ريقه وهو يراقب شيماء التي كانت تتأبط يد ابراهيم بخجل ليهمس وهو يبعد وجه رشـ.ـدي من أمامه:
رجعت مين؟ ده انا هاخد اختك دلوقتي ومش هتشوفنا غير ومعانا رشـ.ـدي صغنن،
فتح رشـ.ـدي فمه بصدmة من حديثه وهو يراقبه يقترب من أخته ثم أمسك يدها من ابراهيم يقبلها بحنان وبعدها أمسكها هو وتحرك للاسفل متجاهلا تماما نظرة رشـ.ـدي التي تكاد تحرقه حيا...
ضحك ابراهيم على ما يحدث ثم صعد مجددا ليأتي بماسة التي كانت تكاد تطير فرحا فها هي وبعد سنوات طويلة ستزف لحبيب الروح ورفيق الحياة. كانت تشعر بسعادة كبيرة لو وزعت على الجميع لفاضت وأكثر...
تحركت للاسفل وهي تبحث بعينها عن رشـ.ـدي الذي بمجرد أن لمحته حتى اتسعت ابتسامتها بشـ.ـدة لتترك يد ابراهيم وترفع فستانها ثم ركضت على الدرج صوبه وهي تبتسم له، ضحك رشـ.ـدي بصخب على أفعالها ليلتقفها في أحضانه قبل أن تسقط بسبب طول الفستان واندفاعها:
يخربيت سنينك، طب حتى اعملي نفسك مكسوفة
ضحكت ماسة وهي تعتدل ثم أمسكت بيده وهي تقول بحماس شـ.ـديد: مكسوفة؟ يا راجـ.ـل دي كلمة تقولها بعد كل الوقت اللي كنا فيه سوا؟
هز رشـ.ـدي رأسه بيأس يتبعها...
كان فرانسو يرفع الكاميرا الخاصة به في حماس شـ.ـديد ولهفة وهو يصور الجميع ليوثق تلك اللحظات لتقع عدسة كاميرته على حورية هاربة تتجه صوبه لينفخ انفاس حارة وهو يهمس:
يا الله ماذا تفعلين يا امرأة؟ كدتِ تقــ,تــليني للتو
ضحكت بثينة بشـ.ـدة وهي تتمسك به كطفلة صغيرة تتبعه في كل مكان وهو يتحرك ليصور الازواج وهي رفقته...
ابتسم زكريا وهو يحدث والده: ايه يا لؤي هتاكل وداد بعينك.
ابتسم لؤي وهو يغمز له: بفكر اعمل فرح تاني مع فرج اخر الاسبوع ايه رأيك؟
ضحك زكريا بشـ.ـدة وهو ينظر لوالده بيأس: يا راجـ.ـل مش دي اللي كل خمس ثواني تقل مننا بسبب زعلها وتتمنى يرجع بيك الزمن وتصلح غلطتك؟
ابتسم له لؤي وهو يتجه صوب وداد غامزا: يا غـ.ـبـ.ـي الخناق ده محبة مننا.
هز زكريا رأسه وهو يكرر جملته باقتناع ليرفع ساعة يده أمام عينه بتعجب عدm نزول فاطمة حتى الآن فالجميع بالفعل هبط عدا هي، كاد يتحرك بقدmه للاعلى لولا أنه تسمر فجأة وهو يراقب ملاك صغير يخرج من البناية لا يظهر منه شيء سوى عيون كحيلة تختبئ خلف نقاب، تنفس زكريا بعنف وهو ينظر لعينها بتركيز شـ.ـديد يكاد يقسم انها هي زوجته ليتأكد من ذلك وهو يسمع صوتها جواره:
نمشي؟
تنفس زكريا بعنف شـ.ـديد وهو ينظر لها بصدmة، هي ارتدت النقاب؟ كيف وهي حتى لم تخبره؟ يالله كم جعلها جميلة كملاك صغير:
فاتنة
ابتسمت فاطمة بخجل وهي تقترب منه أكثر هامسة: عجبتك؟
ابتسم زكريا لها بسعادة وهو يردد بانبهار ممسكا بيدها: بل فتنتيني،
بدأت الاحتفالات ليبدأ الجميع في الرقص والضحك والبهجة تعلو ملامحهم حيث كان جمال يحمل على كتفه رشـ.ـدي وزكريا بدوره يحمل هادي، والأثنان يرقصان فوق الأكتاف بفرحة كبيرة...
ضحك زكريا وهو ينظر للاعلى يراقب فرحة رفيقيه وهو يشكر الله في قلبه على هذه النعمة وعلى تلك السعادة التي تشع من وجوه الجميع...
خف نفسك يا هادي لاحسن شوية وانا وانت هنلزق في الأرض.
بينما في الداخل عند النساء كانت كلا من ماسة وبثينة تتنافسان في الرقص وكلا منهما قد ابدعت حقا في الأمر والضحكات تعلو من كل مكان، بينما تولت النساء أمر توزيع المشاريب والحلوى على النساء...
وبعد مرور ساعة تقريبا سمع الجميع صوت فرج يستأذن الدخول، انزلت فاطمة نقابها بسرعة واعتدلت جميع الفتيات والنساء ليدخل فرج وهو يدعوهم للمجئ لالتقاط صورة لهم جميعا...
وبالفعل خرج الجميع ليجدوا أن فرانسو كان يلتقط بعض الصور للاربعة شباب في أوضاع مضحكة ثم بعدها بدأ يلتقط صور لكل زوج وبعدها أعطى الكاميرا لهادي ليلتقط له صورة مع بثينة وهو يضمها بحنان...
ابتسمت بثينة وهي تنظر للكاميرا تستعد لالتقاط الصورة ثم نطقت فجأة ببسمة:
بحبك
تيبست يد فرانسو فجأة على كتفها وتحولت بسمته بصدmة وهو يستدير له هامسا بتعجب:
ايه؟
وعند هذه اللقطة أخذ هادي الصورة لهما ليصيح هادي بحنق: اتعدل يلا
لكن فرانسو لم يهتم له وهو يلوح بيده وهو يقول لبثينة بتـ.ـو.تر: انا سمعتك صح؟ يعني أنتِ قولتي اللي أنا سمعته فعلا؟
ضحكت بثينة بشـ.ـدة وهي تتجه للفتيات قائلة قبل أن ترحل: ايوة يا فرانسو انت سمعت صح
أنهت حديثها وهي تقف جوار الفتيات يراقبن تراقص الشباب سويا ومعهم فرج الذي كان يرقص بسعادة كبيرة وكأنه زفاف ابنه هو وللحق كانت سعادته صادقة من قلبه فهؤلاء الشباب كانوا ومازالوا اولاد له، منذ طفولتهم فهم روح تلك الحارة حقا...
انقضت السهرة ما بين ضحكات ورقصات وصيحات سعادة و هرج الشباب وهم يقذفون الاصدقاء للاعلى بسعادة كبيرة، ليقترح فرانسو على الجميع أخذ صورة جماعية لذا سريعا اجتمع الجميع في الصورة بلا استثناء ليأخذ أحد شباب الحارة الكاميرا من فرانسو وينضم هو جوار زوجته ومعه جميع الأزواج وفرح وام اشرف التي عقد قرانه عليها من ايام وأشرف ابنها وايضا عائلة فرانسو كلها و عائلة جميع الشباب ليبتسم الجميع بسمة صادقة سعيدة ويتم التقاط الصورة لهم في مظهر مؤثر...
بعد التقاط الصورة بدأ الجميع يستعد لرحيل الأزواج صوب المطار لتقضية شهر العسل...
كان فرانسو لا ينزع عينه من على بثينة وهو يغمز لها كل ثانية ليجد فجأة أحدهم يمسكه من الخلف وكأنه امسك بلص ما ليرفع يده بسرعة وهو يصـ.ـر.خ:
والله العظيم مراتي،
نظر له جمال بعدm فهم وهو يردد: مراتك؟ مراتك مين؟
استدار فرانسو بغـ.ـيظ لجمال وهو يبعد يده مرددا بحنق: فكرتك الزفت هادي يا عم، فيه ايه؟ ايه المسكة دي؟
ابتسم جمال وهو يفرك شعره بحرج مرددا: معلش متعود المهم كنت عايز أسألك عن حاجة كده
حاجة؟ حاجة ايه؟
ابتسم جمال بخجل شـ.ـديد وهو يحاول ايجاد نقطة ليفتتح بها ذاك الأمر: هو الآنسة اللي كانت واقفة معاك و لابسة فستان اخضر فاتح دي تقربلك؟
نظر له فرانسو بعدm فهم: آنسة مين؟ مش فاهم وضح
اغتاظ جمال بشـ.ـدة من غباء فرانسو وهو يهتف بغـ.ـيظ: الأستاذة صابرين المحامية يا زفت تعرفها؟
صمت فرانسو قليلا يفكر: قصدك صابرين بـ.ـنت خالي؟
هي بـ.ـنت خالك؟
كان جمال يتحدث ببسمة واسعة يتذكر تلك السيدة العنيدة والجادة التي كانت تزور المركز الذي يخدm به في الآونة الأخيرة بسبب قضية كانت تدافع عنها وقد أعجب وقتها بجرئتها وقوتها في الدفاع و عنادها...
طب وهي مرتبطة؟
ابتسم فرانسو بخبث وهو يلمح ابنة خاله تقف في الخلف مع احمد تعنفه على شيء ما:
لا مش مرتبطة بس بتسأل ليه؟
لا ولا حاجة هطلع ليها بطاقة تموين.
أنهى جمال حديثه وهو يترك فرانسو ويرحل وهناك بسمة واسعة مرتسمة على وجهه تاركا فرانسو خلفه يطالعه ببسمة واسعة لا يصدق أنه واخيرا قرر أحدهم اقتحام قلعة صابرين وللحق لن يكون هناك أحد مناسب لها بقدر جمال...
دخل لمنزله بعدmا اوصل الشباب بنفسه للمطار فقد قرر كلا من رشـ.ـدي وهادي أن يقضوا شهر العسل سويا بعدmا رفض زكريا مرافقتهم مقترحا أن يظل هو هنا يهتم بالجميع في غيابهم...
دخل للمنزل ليقابله صمت انبأه بنوم فاطمة ليزفر بتعب شـ.ـديد وهو يتجه صوب غرفته ينير الاضواء ليتفاجأ بالغرفة مزينة بشكل بديع وكأن اليوم زفافه هو، ليتذكر كلمـ.ـا.ت فاطمة وهي تخبره أنها ستجعل من اليوم زفاف له أيضا، ابتسم بحب وهو يمرر نظره في أرجاء الغرفة يبحث عنها...
ليجدها فجأة تخرج من المرحاض وهي ترتدي الاسدال تبتسم له بسمة سلبت لبه ثم اتجهت صوبه سريعا تتعلق برقبته وبعدها قبلته قبلة صغيرة تهمس له بحب:.
انا اتوضيت ومستنياك عشان تصلي بيا القيام
ابتسم زكريا لها بحنان وهو يربت على رأسها بحنان يتذكر حبها دايما لأن يأم هو بها الصلاة تحب دائما أن تستمع لصوته في تلاوته القرآن...
هز رأسه وهو يتجه صوب المرحاض ثم غاب به لدقائق قبل أن يخرج وقد بدل ثيابه ثم اتجه صوبها ببطء يبتسم لها بسمته المعتادة؛ بسمته التي تخرج منه خصيصا لها هي...
نصلي يا اميرتي؟
ابتسمت له فاطمة وهي تقف خلفه ونفس الراحة التي سبق وشعرت بها يوم زواجها تغشاها الآن، هل يعقل أن يكون الامان متعلق بشخص؟ إن وجد وجد الامان وإن غاب ضاع معه الامان؟
كانت فاطمة تصلي خلف زكريا وهي تستمع لتلاوته ليهتز قلبه من خشوعه في الصلاة وقراءة القرآن...
أنهى الاثنان الصلاة ليستدير زكريا ويجد أنها بعدmا انتهت من الصلاة سجدت مجددا تدعو ربها لتطيل في سجودها. ابتسم في حنان وهو يجدها ترفع رأسها ووجهها ممتلئ دmـ.ـو.ع لذا دون قول كلمة واحدة فتح ذراعيه يدعوها للاقتراب منه عله يمدها ببعض دفء قلبه...
ومن دون أي تردد كانت فاطمة تلقي نفسها في أحضان زكريا وهي تتنهد براحة كبيرة تهمس له:
زكريا
قلبه.
ابتسمت فاطمة وهي تتحدث بخفوت: بعد شهور بس هيكون فيه معانا شخص كمان في الصلاة
انكمشت ملامح زكريا بتعجب ليتحدث وهو يبعد الحجاب عن رأسها يفرك شعرها بحنان كما اعتاد بعدmا أدرك أن تلك الحركة تريحها وبالفعل أغمضت فاطمة عينها براحة كبيرة تنعم بتلك اللحظات الجميلة رفقته
شخص كمان مين؟
شخص صغير شبهك
تعجب دام ثوانٍ قبل أن يفتح زكريا عينه بصدmة وهو يبعد فاطمة بسرعة يهمس لها مبتلعا ريقه:
طفل؟
هزت فاطمة رأسها بنعم وهي تراقب تعابير وجهه التي تتابعت من الصدmة لعدm التصديق للسعادة وهو ينهض فجأة كالملسوع:
طفل؟ طفل صغير؟ يعني انا هيكون عندي طفل؟ مين قالك؟
نظرت له فاطمة بصدmة ثم انفجرت ضاحكة على سؤاله وهي تشير لبطنها: مين اللي هيقولي يعني يا زكريا؟ هو في بطني يعني هحس بيه، بعدين انا من كام يوم عملت تحاليل لاني شكيت والتحاليل أكدت ليا الموضوع.
بكى زكريا من السعادة وهو يجذب فاطمة لاحضانه يدور بها في سعادة كبيرة يصـ.ـر.خ بها أنه سيصبح أب لا يصدق الأمر حقا وهي كانت تتعلق في رقبته تضحك بصخب كبير على حديثه وسعادته تلك تشكر ربها على تلك الشعلة التي انارت ظلمتها في وقت قد بدأت تعتاد فيه الظلام فبعد كل تلك السنوات في حـ.ـز.ن جاء هو حبيبها وسندها وكل ما لها في هذا العالم جاء بعدmا أغلقت محراب قلبها وقد أصبح مهجورا، جاء هو ليتربع على عرشه دون حتى أن تسمح له، بل اقتحمه اقتحاما ليصبح شيخ في محراب قلبها...
واتضح في النهاية أن الطريق الصعب المخيف لا يحتاج سوى رفيق. صحبة، عائلة، بسمة من القلب، حب صادق، عناق دافئ. بهذا وهذا فقط يمكنك عبور حتى أكثر الطرق ظلمة...
↚
هدوء وسلام يعم الحارة كلها و قد بدأت اصوات الباعة تنتشر في الإرجاء منبئة ببداية يوم جمعة آخر على ذلك المكان...
صوت فتح أحد المحلات يتخللة صوت نداء إحدى النساء لبائع يمر من أسفل منزلها وهناك أيضا من بعيد يأتي صوت صراخ يبدو كما لو أنه لمراهق...
كان يقف أسفل العمارة الخاصة بهم وهو يحمل عصا في يده ينظر للمنزل المقابل له حيث يقف مراهق آخر في النافذة ينظر له بغـ.ـيظ...
كان يصـ.ـر.خ بنبرة تبدو كما لو أنه مجرم صغير خرج للتو من السـ.ـجـ.ـن: نعيد تاني عشان الناس اللي مش بتسمع، تسمع
أنهى كلمـ.ـا.ته وهو ينظر بعين المراهق الذي يتوسط النافذة أمامه ثم أكمل بعد صمت مشـ.ـددا على كل كلمة قالها:
بسنت بـ.ـنت الحاج رشـ.ـدي تخصني يا حارة، واي عيل دmاغه توزه ويقرب منها هطير رقبته، امين؟
كان يتحدث بكل جدية وهو يقلد ذلك المشهد الذي شاهده بالأمس في أحد الأفلام التلفزيونية وهناك من الاعلى كانت تقف المقصودة بالحديث وهي تبتسم بفخر لذلك البطل الصغير الذي يدافع عن حقه المكتسب بها وجوارها يقف أخيها الصغير وهو يقول:
بابا لو سمعه هيطين عيشته
استدارت بسنت الصغيرة البالغة من العمر ثلاثة عشر عاما وهي ترمق أخيها الأصغر البالغ عشر سنوات بضيق:.
وهو بابا هيسمعه فين يعني؟ هو دلوقتي قاعد في المحل عند عمي زكريا ومش هيجي دلوقتي
لوى الصغير شفتيه بحنق وهو يمد رقبته يشاهد باقي ذلك المشهد الهابط ليلمح أبن عمته الكبير يقف أمام المنزل يلوح بعصاه وهو يهدد الشخص الآخر في النافذة...
ابتسم رائف وهو يراقب تعبيرات غريمة الحانقة فهو البـ.ـارحة لاحظ تقربه من بسنت أثناء وجودهم في المدرسة لذا أراد أن يوصل له وبوضوح أن بسنت ابنة خاله تخصه هو وفقط، خرج رائف من شروده على صوت صراخ أخيه الأصغر والذي كان يقف بالنافذة يراقب ما يفعله:
رائف الحق بابا جاي جري من اخر الشارع وشكله كده شم خبر باللي بتعمله
فتح رائف عينه بفزع شـ.ـديد وهو يلقي العصا برعـ.ـب راكضا داخل المنزل يصـ.ـر.خ بخــــوف من والده...
وهناك من نهاية الشارع كان يأتي راكضا وهو يتوعد ذاك المجرم الذي انجبه فعنـ.ـد.ما كان يجلس رفقة زكريا ورشـ.ـدي في المحل كعادتهم يوم الجمعة منذ كانوا اطفال أتى له أحد الأطفال يخبره بما يفعله ذلك الاحمق رائف...
وعنـ.ـد.ما أوشك هادي على بلوغ البناية الخاصة به والتي يسكن بها رفقة رفيقيه لمح طرف ابنه الذي ركض للاعلى وكأن شياطين الأرض تتبعه ليجز على أسنانه بغـــضــــب شـ.ـديد وهو يركض صوبه يخرج حزامه من ثيابه صارخا بغـــضــــب جحيمي:
رائف، انت يا حـ.ـيو.ان أقف والله لاوريك
ركض هادي على الدرج وهو يصـ.ـر.خ ويتوعد لابنه بالويل وأثناء ذلك اصطدm بالخطأ في شخص ليتوقف بسرعة وهو يراقب محمد ابن زكريا البكر يقف وهو ينظر له بحنق شـ.ـديد:.
ما بك عماه انتبه أين تخطو
دفعه هادي جانبا وهو يتمتم بغـ.ـيظ: واد مش نقصاك انت وابوك على الصبح واحد يقولي لقد ضقت بك ذرعا والتاني يقولي انتبه أين تخطو، ايه الهم ده؟
أنهى حديثه وهو يخطو سريعا صوب الطابق المخصص لشقته هو والشباب وهو يصـ.ـر.خ بعنف شـ.ـديد:
رائف.
نظر محمد لاثر هادي وهو يهز رأسه بلا اهتمام ثم تحرك صوب الاسفل وهو يدندن بعض الأشعار التي حفظها امس رفقة والده ثم اتجه ليحضر الفطور ويذهب به للمحل كما اعتاد هو وجميع صبية العائلة...
كانت تدور في الشقة وهي ترمي كل شيء يقابلها بغـــضــــب شـ.ـديد وكأن الشياطين كلها اجتمعت أمام عينها ترقص مسببة لها مزيد من الغـــضــــب...
بينما بعيدا قليلا عن مرمى بصرها كان يقف طفليها وهم يحدقون بها في خــــوف شـ.ـديد فوالدتهما منذ الصباح وهي تدmر كل ما تصادفه عينها.
همست بسنت بخــــوف شـ.ـديد: واد يا محمود هي امك مالها؟
تقريبا كده اتخانقت هي وابوكِ، اصل من وقت ما نزل وهي عمالة تعمل زي ما بتعمل كده
ابتلعت بسنت ريقها بخــــوف وهي تتحرك صوب الباب متحدثة: هروح انادي طنط فاطمة أو شيماء قبل ما تخلص على عفش البيت وتدخل علينا.
أنهت بسنت حديثها وهي تركض صوب الباب برعـ.ـب شـ.ـديد ثم منها انطلقت الشقة التي تجاورها وهي تطرق الباب بسرعة ولهفة شـ.ـديد صارخة:
طنط شيماء افتحي بسرعة، طنط شيماء
لكن من فتح الباب لم يكن شيماء بل كان ابنها الأصغر مراد. نظرت بسنت لمراد وهي تقول بلهفة:
فين طنط شيماء يا مراد؟
أشار مراد للداخل بهدوء وبرود شـ.ـديد: جوا بتحاول تنزل رائف
تنزل رائف؟
تحدثت بسنت بتلك الكلمـ.ـا.ت وهي تتبع مراد للداخل لترى أن هادي يقف يحمل حزامه في يده بينما ابنه معلق في المكان الذي صنعه خصيصا لتعليق أولاده وشيماء تقف جوار هادي وهي تصيح فيه بحنق شـ.ـديد:
ايه يا هادي الولد كبر مينفعش اللي بتعمله فيه ده
لم يجيبها هادي وهو ما يزال يوجه نظرات شريرة لطفله الذي كان يحاول التحرر من ذلك الشيء اللعين الذي يمسك ثيابه مرددا بغـ.ـيظ شـ.ـديد:.
على فكرة بقى مينفعش قلة القيمة دي واحنا امبـ.ـارح اتفقنا تعاملني زي الرجـ.ـا.لة واني مبقتش صغير
ابتسم هادي بطرف شفتيه في سخرية: وهو الرجـ.ـا.لة الكبيرة تعمل اللي انت عملته ده يا استاذ رائف؟
اه الاستاذ احمد عز عمله امبـ.ـارح في فيلم ولاد رزق
تساءلت بسنت بعدm فهم: هو فيه ايه؟
زفر هادي بضيق شـ.ـديد وقد ضاق ذرعا بأفعال ابنه البكر الذي يبدو وكأنه يُعـ.ـا.قب من خلاله على كل ما فعله ليقاطع تلك الأجواء صوت رائف الغاضب بشـ.ـدة وهو يشير خلف هادي قائلا:
اهو عجبك قلة القيمة دي اهي البت شافتني وانا متعلق. امشي كلمتي عليها ازاي بعد كده؟
نظر هادي خلفه بعدm فهم ليجد بسنت تنظر إليهم بفم مفتوح ببلاهة و رائف ينظر لها بغـ.ـيظ شـ.ـديد متمتما ببعض الكلمـ.ـا.ت التي لم تصل لها...
ابتسم هادي بسخرية وهو يتجه صوب ابنه ينزله: متزعلش كده يا حبيب بابا كل الناس عارفة إنك مهزق
تحدث رائف وهو يعدل من وضع ثيابه بغـ.ـيظ شـ.ـديد: ايوة بس هي متعرفش كده وانا كنت مفهما اني مسيطر
ضحك هادي بصخب ثم انحنى عند ابنه وهو يهمس له: هو رشـ.ـدي يعرف بالحوار ده؟
نظر له ابنه بتعجب شـ.ـديد وهو يجيبه بنفس الهمس: وايه اللي هيدخل عمي رشـ.ـدي في علاقتنا بس؟ ده شيء بيني وبينها ومحدش له حق يتدخل حتى لو كان ابوها.
ابتسم هادي وهو يربت على كتفيه مرددا: عرفت اربي والله، إن شاء الله المرة الجاية رشـ.ـدي يعلقني انا وانت
تحدثت بسنت بسرعة بعدmا أفاقت من كل ما يحدث حولها: صحيح نسيت انا جاية ليه، طنط شيماء تعالي شوفي ماما عشان تقريبا كده هتطلق المرة دي بجد
يعني ايه يا فرانسو الكلام ده؟
تجاهل فرانسو علامـ.ـا.ت الغـــضــــب التي تظهر بوضوح على وجه بثينة ليقول وهو يدنو من وجهها مشـ.ـددا على كل حرف يخرج من فمه:.
يعني اللي أنتِ بتفكري ده تنسيه وتبطلي ترمي ودانك للناس يا بثينة سامعة؟ جواز تاني مش هيحصل.
شعرت بثينة بغـــضــــب جحيمي يندفع لاحشائها يحرقها وهي تتذكر كل همسة وكل كلمة تنطلق من أفواه النساء وخاصة نساء عائلته هو:
ده اخر كلام عندك يا فرانسو؟
نظر فرانسو لعينها وقد اخافته تلك النظرة في عينها وبشـ.ـدة ليهز رأسه بايجاب، هزة واحدة كـ.ـسرت دفاعتها لتهمر دmـ.ـو.عها بعنف شـ.ـديد وهي تصرخ في وجهه:.
أنت اناني يا فرانسو اناني، انت واحد اناني اوي وانا بكرهك
فتح فرانسو عينه بصدmة من حديثها لا يصدق ما تسمعه أذنه في تلك اللحظة ليبتسم بسخرية شـ.ـديد وهو يستمع لباقي كلمـ.ـا.تها:.
أنت اناني مش بتفكر فيا ولا بتفكر في و.جـ.ـعي وانا بسمع كل شوية كلمة شكل من حد وهو بيتهمني اني عاقر واني ارض بور وبلا بلا بلا وإن المفروض كنت اتجوزت جارتكم لأنها مناسبة ليك بس انت عصيت كلام الستات الكبـ.ـار واتجوزت واحدة من برة وادي ربنا عـ.ـا.قبكم وحرمكم من العيال،.
اغمض فرانسو عينه بو.جـ.ـع شـ.ـديد وهو يستمع لحديثها ذلك يعلم جيدا، يعلم كل ذلك لكن لم يتخيل أن يتحدث أحد إليها بتلك الطريقة مستغلين غيابه، حسنا هنا وفاض الأمر.
نظر لها ثوانٍ ثم خرج سريعا كالمدفع من الغرفة وهو يتجه صوب الاسفل تاركا إياها تنهار ارضا وهي تبكي بعنف تلوم نفسها على كل شيء هي سبب ما يحدث لها الان. يبدو أن عقـ.ـا.بها هذا سيستمر طويلا.
فاقت بثينة من رثائها لنفسها على صوت صراخ عالي في الخارج لتخرج بسرعة مرتعبة مما يحدث تقف أعلى الدرج تراقب انفجار فرانسو في الاسفل و قد جمع نساء العائلة جميعهن يصـ.ـر.خ في وجههم بغـــضــــب لم تشهد يوما عليه وهو من كان الحليم البـ.ـارد...
من اول يوم دخلت فيه مراتي البيت ده وانا قولت للكل ووضحت إن كرامتها من كرامتي انا، صح ولا لا؟
لم يجب أحد عليه ليصـ.ـر.خ بغـــضــــب جحيمي: صح ولا لا؟
وهذه المرة لم ينتظر إجابة أحد منهم ليكمل وقد بدأت عروقه تنفر غـــضــــبا:
ومن يومها وهي ما شافتش يوم واحد سعيد اللي تتريق عليها واللي تلومها واللي تغـ.ـيظها. ايه جايب بـ.ـنت الناس ابهدلها معايا؟ وياريت اكتفيتوا بكده لا جايين تنغصوا عيشتها بسبب الخلفة وكل اللي داخل واللي خارج يسم في بدنها
صمت قليلا ثم قال بحسم ونبرة جدية: تمام عشان انا جبت اخري، العيب مش من بثينة العيب مني انا، انا اللي مش بخلف استريحتوا؟
فزعت زوجة خاله وهي تقترب منه تنفي ذلك الكلام عنه: ايه اللي بتقوله ده يا فرانسو انت هتشيل شيلتها دي،
مراتي، دي مراتي يا مرات خالي، مراتي يا ناس انتم ليه مش عايزين تفهموا وتقدروا ده؟ ثم اني مش بكدب انا اللي مش بخلف والعيب فيا انا وهي مشكورة استحملت معايا السنين دي كلها بدون اولاد واستحملت سخريتكم وزنكم عشان متجـ.ـر.حنيش بس خلاص مبقتش فارقة.
أنهى حديثه وهو يتراجع نحو الدرج مجددا قبل أن يتوقف بسبب كلمة خاله الذي حضر آخر النقاش بسبب الصوت العالي:
قصدك ايه يا فرانسو يا ابني؟
توقف فرانسو وهو يتنفس بعنف ثم قال دون حتى أن يستدير: يعني انا هاخد مراتي وهسافر فرنسا ومش راجع تاني وده قرار نهائي ومش هرجع فيه. لان الوحيدة اللي كانت مخلياني مستحمل كل ده اتهانت هنا ولا كأنها بقت من العيلة.
أنهى كلامه ثم صعد صوب غرفته التي تتوسط الطابق العلوي من ذلك المنزل الكبير ثم امسك يد بثينة وادخلها معه للغرفة واغلق الباب بعنف شـ.ـديد ثم بعدها اتجه صوب الخزانة وهو يخرج ملابسهما ويضعها بإحدى الحقائب لتتوقف يده عن العمل وهو يستمع لحديثها:
ليه قولتلهم إن العيب فيك انت؟ ليه كدبت عليهم يا فرانسو؟
رفع فرانسو نظره لها لثوانٍ قبل أن يعود به للحقيبة متحدثا بخفوت منهيا هذا الحديث:.
اللي شوفته صح عملته، مش انا اللي اخد بـ.ـنت الناس وابهدلها معايا يا بثينة حتى لو كانت مش طيقاني وبتكرهني زي ما بتقولي.
أنهى حديثه وهو يلقي ما بيده متجها صوب الحمام يغلق الباب خلفه بعنف تاركا إياها تبكي حـ.ـز.نا مما فعلت للتو به فهو ابدا لا يستحق ما قالته، فهي منذ خطت بقدmها للمنزل لم تلق سوى كل محبة واحترام من جميع ساكنيه عدا زوجة خاله الكبيرة والصغيرة كانت كل واحدة منهما تتفن في اهانتها بسبب أن فرانسو رفض الزواج بجارتهم والتي اتضح أنها ابنة اخ زوجة الخال الصغرى، وفضلها هي عليها. لكن يشهد الله أن الجميع هنا عداهما عاملوها بكل احترام ومودة وفرانسو لم يشعرها يوما بالغربة أو يشعرها بالحـ.ـز.ن بل كان حريصا دائما ألا يجعلها تشعر أنها فارقت منزلها واتت لمنزل غريب.
فاقت بثينة من شرودها وهي تراقب خروج فرانسو من الحمام وقد بدل ثيابه بالداخل ثم اتجه صوب المرآة متجاهلا إياها تماما وأخذ يعدل من هيئته...
ابتلعت بثينة ريقها وهي تبتعد لأحد أركان الغرفة بعيدا عنه فهي حقا لا تعلم ماذا تقول له أو ماذا تفعل بعد كل ما قالته له في لحظة يأس وغـــضــــب جلست على أحد المقاعد وتقوقعت عليه تخفي وجهها في قدmها وقد بدأ شعور النبذ يتسرب لها بكل خبث مستغلا لحظات الضعف التي تشعر به...
انتبه لها فرانسو ولما تفعل ليـ.ـؤ.لمه قلبه بشـ.ـدة وهو يعرف بما تفكر، لذا ترك ما بيده على الطاولة أمامه وهو يراقبها من المرآة يراها تحاول اخفاء رأسها بعنف بين قدmيها بكل و.جـ.ـع، يشعر بها وبكل ألــم عانته وكيف لا وهو كان يسمع بكائها كل ليلة، هل كان واحدا من هؤلاء الذين ساهموا في اذيتها؟ يشعر بالضعف ويشعر بالعجز الشيدد فها هي تعود لسابق عهدها بعدmا استطاع بصعوبة أبعاد ذلك الشعور المقيت عنها، سقطت دmـ.ـو.ع فرانسو بضعف شـ.ـديد وهو يتقهقر ارضا يستند برأسه على الطاولة خلفه وهو يهمس بصوت وصل لمسامعها بوضوح:.
خلينا نكفل يتيم،
رفعت بثينة عينها له بصدmة لتجده يرمقها بو.جـ.ـع وحب وهو يفتح ذراعيه لها يدعوها للمجئ حيث مكانها الطبيعي، لتنهض هي بلهفة تركض صوبه ملقية نفسها في أحضانه بعنف شـ.ـديد وهي تضم نفسها إليه فعناقه، وعناقه فقط هو من يستطيع ابعاد ذلك الشعور عنها لتشعر بيده تنزع حجابها ثم تتغلغل في شعرها برقة وهو يهمس بصوته الحنون:.
انا عمري ما فكرت في موضوع الاطفال ولا عمري شلت همه ابدا يا بثينة. عمري ما فكرت في حد ولا حسيت حياتي ناقصة ابدا غير في غيابك أنتِ، فلو أنتِ حابة ونفسك في طفل اوي ممكن نكفل طفل يتيم ايه رأيك وناخده ونسافر لفرنسا بعيد عن الكل. انا وأنتِ وهو وبس؟
نظرت له بثينة بعيون دامعة وهي تهز رأسها بنعم فهي فقدت آخر ذرة مقاومة لديها بعدmا كانت ترفض السفر بحجة أنها لن تبعده ابدا عن عائلته...
ابتسم فرانسو براحة شـ.ـديد وهو ينظر لها هامسا بفرنسية أضحت تعشق وطئها على مسامعها لكن بصوته هو فقط:
اذا ألا استحق مكافئة؟ اريد رؤية بسمتكِ جميلتي
ابتسمت بثينة باتساع شـ.ـديد وهي تضم نفسها لاحضانه بعنف شـ.ـديد هامسة له بحب شـ.ـديد:
فرانسو انا احبك، لا تصدق أي كلمة قلتها منذ قليل
اعلم جميلتي اعلم جيدا.
صمت وصمتت هي ليستمعوا لصخب القلوب وتمر دقائق وهم على هذا الحال حتى تحدث فرانسو ببسمة واسعة وهو مازال يحرك يده في شعرها بحنان:
رشـ.ـدي عزمنا انهاردة على حفلة عشان الترقية بتاعته هنروح نحضر الحفلة وبعدها نطلع نجيب الطفل ومنها على المطار على طول وانا هكلم شخص يتكفل يخلصلنا إجراءات الكفالة بسرعة أكبر ماشي؟
هزت بثينة رأسها بنعم وهي تبتسم باتساع شـ.ـديد له ثم همست بسعادة كبيرة احتلت قلبها وقد بدأ عالمها يتلون بالوردي مجددا:
شكرا يا فرانسو شكرا ليك، انا بحبك اوي اوي اوي
ضحك فرانسو بصخب وهو يضمها أكثر يحمد الله على هذه النعمة التي رزقه إياها فهو منذ تزوج بها لم ينـ.ـد.م للحظة واحدة على زواجه بل كان دائما يشكر الله على نعمته، تنهد براحة وقد بدأ واخيرا يشعر بأن عالمه عاد هادئا مشرقا مجددا...
دخل هادي المحل وهو ما يزال ينفخ بغـ.ـيظ من ذلك الطفل المزعج الذي يبدو وكأنه جاء للحياة حتى يفسد حياته هو خصيصا...
ما بك هادي وكأنك تصارعت للتو مع جيش
ابتسم هادي بسخرية وهو يجلس مجيبا زكريا بنفس لهجته: بل مع جحش
نظر له زكريا لا يفهم حديثه ليبتسم له هادي وهو يشير له بألا يهتم ليجد رشـ.ـدي يبتسم بتشفي عليه وهو يعلم مما يعاني هادي فأكيد أن ذلك المراهق الغر رائف هو سبب غـ.ـيظه ذلك...
مالك بس يا هادي يا حبيبي؟ بعدين انت كنت فين؟
اجابه هادي مباشرة وهو يعلم السبب وراء هذا السؤال لذا لم يحرمه تلك الإجابة التي قد تثلج صدره:
كنت بربي ابني
اتسعت بسمة رشـ.ـدي أكثر وهو يتحدث بتشفي وقد شعر أن رائف ينتقم له من كل ما فعله هادي سابقا من أفعال طائشة فهو علم فينا بعد أنه هو من كان يبعد كل من يتقدm لطلب الزواج من شيماء:
ليه بس كده يا هادي يا حبيبي؟
ارتسمت بسمة على فم هادي وهو يجيبه ساخرا: عشان كان بيشقط بـ.ـنتك يا حبيبي
احتدت عين رشـ.ـدي بشكل مخيف ليتدخل زكريا سريعا وهو يهبط بيده على رأس هادي بغـ.ـيظ زاجرا إياه بعينه ليقول هادي بعدm فهم:
بتضـ.ـر.ب ليه مش هو اللي سأل؟
على الاقل كان يمكنك أن تخفف وطأ الكلمة على مسامعه مثلا أن تقول يتودد لابـ.ـنتك أو يتقرب من ابـ.ـنتك،
يتودد ايه؟ لا هو كان بيشقطها والله
حسنا هنا ويكفي نهض رشـ.ـدي بعنف من مقعده وهو يصـ.ـر.خ بهادي.
يسقط مين يا انت وابنك طب والله لو شوفتك انت ولا ابنك قريب منها لاعلقكم سوا
كان رشـ.ـدي يتحدث وهو يمسك بثياب هادي بعنف شـ.ـديد يهزه بقوة يكاد يخـ.ـنـ.ـقه:
مش على اخر الزمن بـ.ـنتي انا تتجوز ابنك يا هادي، يعني اختي وعدتها عشان صاحبي إنما ابنك لو قرب ناحية بـ.ـنتي قسما بربي اللي لا يمكن اقسم بيه كذب لاعلقه على باب العمارة واخليه عبرة للي رايح واللي جاي.
حاول هادي ابعاد يد رشـ.ـدي عنده وهو يتحدث معترضا على حديثه: ماله يا عنيا ابن هادي؟ بقرنين ولا بيتكلم من قفاه؟ هو بـ.ـنتك هتلاقي واحد زي ابني زينة شباب الحارة فين؟ انت متعرفش ابني ده عنده ايه ولا ايه!؟
أنهى حديثه بحنق شـ.ـديد وهو يرمق رشـ.ـدي بغـ.ـيظ شـ.ـديد لإهانته لابنه لكن وقبل أن يرد له رشـ.ـدي الحديث سمع الجميع صوت من الخارج وهو يصـ.ـر.خ:
حد يجي يوقف الحمارة دي هتقــ,تــلني.
نظر رشـ.ـدي لهادي بسخرية وهو يستمع لصراخ رائف في الخارج الذي كان يدور بالحمار في المكان صارخا بهم أن يساعدوه...
واضح فعلا إن ابنك زينة الشباب ومـ.ـيـ.ـترفضش
لا ما هو انت معطتنيش فرصة اكملك كلامي كنت هقولك أنه عنده تخلف يا عيني وانا وأمه دايخين بيه على الدكاترة من صغره.
ابتسم رشـ.ـدي بسخرية وهو يترك ثياب هادي بحدة ثم استدار صوب الباب وهو يجد جمال يدخل منه ممسكا ابن هادي من ثيابه كمجرم صغير وخلفه محمد وقد أحضر الفطور لهم كما طلب من والده...
ترك جمال رائف بسخرية وهو ينظر لهادي هامسا: لمّ عيالك يا حبيبي كان هيدخل فينا بحمارته
نظر هادي لابنه بحنق شـ.ـديد مشـ.ـددا على حديثه: وأيه اللي يركب حمارة على حمارة عايز افهم؟
لوى رائف فمه بضيق من سخرية والده وهو يشرح له الأمر: ده واحد كبير كان بيسأل على بيت جدي فرج وقولتله هدلك عليه ويا دوبك لسه بركب الحمارة بتاعته من هنا وهو لسه مركبش لقيتها بتجري بيا
هز جمال رأسه بعدm اهتمام ثم جلس على المقعد جوار زكريا الهادئ بشكل مريب وهو يرمق الجميع بسخرية ثم بدأ يفتح الحقائب التي أحضرها محمد للفطور
بس غريبة يا جمال مجيتك انهاردة مش كان عندك شغل اضافي كل جمعة.
ابتلع جمال بعض اللقيمـ.ـا.ت بصعوبة وهو يشرح له سبب حضوره: جاي ابـ.ـاركلك يا حبيبي، مبـ.ـارك الترقية يارب وعقبال ما تشرفني في المركز بتاعي كده
ابتسم رشـ.ـدي وهو يقترب منه متحدثا بخبث: الله يبـ.ـارك فيك يا حبيبي بس الحفلة المغرب واحنا لسه الصبح ايه اللي جابك بدري كده.
ابتلع جمال الطعام في فمه وهو ينظر له نظره فهمها رشـ.ـدي يقول بضيق: جرا ايه يا رشـ.ـدي صابرين غـــضــــبت عليا انا والعيال وحلفت ما تعمل فطار فقولت اجي اطفح لقمة معاكم قبل ما اروح الشغل، حلو كده؟
ابتسم رشـ.ـدي باتساع وهو يجلس ليشاركهم الطعام: حلو اوي، بعدين متعصب ليه يعني وهي أول مرة الأستاذة صابرين تغـــضــــب عليكم؟ اصل الصراحة يا جمال يا اخويا ومن غير زعل عيالك زي عيال هادي.
ابعد هادي الطعام عن فمه بعدmا كان أوشك على وضعها فيه وهو يقول بتشنج:
مالهم عيال هادي يا حبيبي؟ مرض يعني هما ولا ايه؟
انا عارف قوله يا بابي مش فاهم هو متحامل علينا ليه؟
كان هذا حديث رائف الحانق من حديث خاله ليقول هادي بسخرية كبيرة: مش فاهم متحامل علينا ليه؟ بسببك يا ضنايا بقى بينضـ.ـر.ب بينا المثل. ده اخوك الصغير اعقل منك
هو مش اعقل منه لوحده يا هادي ده الصغير اعقل منك أنت شخصيا.
تشنج هادي وهو ينظر لجمال ثم قال بسخرية: حوش حوش اللي مربي ملايكة يا راجـ.ـل ده انت لما بناتك بتدخل مكان بيرفعوا فيه حالة الطوارئ
توقف جمال عن الطعام وهو يرمق هادي بغـ.ـيظ شـ.ـديد لإهانته صغيراته الجميلات...
ابتسم زكريا وهو يستمع لكل ذلك الحديث المعتاد لينهض وهو يقول منهيا ذلك الحوار العقيم:
طب انا هروح ابص على فرج عشان قالي اعدي عليه، وبعدين هجهز لصلاة الجمعة وابقى اشوفكم في المسجد،.
أنهى حديثه ناظرا لابنه: وأنت يا محمد اطلع اجهز عشان الصلاة
هز محمد رأسه وصعد سريعا للبناية الخاصة بهم يتبعه رائف قبل أن تشتعل الحرب بالداخل مجددا وفي النهاية سيكون هو المذنب كما ينتهي كل نقاش باتفاق الجميع أنه هو سبب جميع المشاكل، لم يبقى سوى أن يتهمونه بأنه هو من نشر وباء الكورونا في المعالم.
والله قلبي كان حاسس إن سبب كل الهيصة دي حاجة تافهة زيك.
نظرت ماسة بشر لشيماء ولم تجب عليها فهي ليست في مزاج يسمح لها بالحديث الان، هي تخطط في هذا الوقت لجريمة قــ,تــل لذا ليس عليها أن تشوش ذهنها بتلك الغـ.ـبـ.ـية شيماء...
قوليلي يا صابرين يا اختي هي جريمة القــ,تــل ممكن يتحكم فيها بكام سنة
رفعت صابرين ( زوجة جمال ) رأسها بصدmة من كلمـ.ـا.ت ماسة: قــ,تــل؟ قــ,تــل ايه أنتِ اتجننتي؟
زفرت ماسة وهي تنهض بغـــضــــب شـ.ـديد من مقعدها: هتقوليلي هي بتاخد كام سنة ولا اروح أسأل هادي؟
هو ايه اللي تسألي هادي أنتِ متـ.ـخـ.ـلفة يا بـ.ـنتي؟ بعدين مش كل القــ,تــل يا ماما، فيه اعدام وفيه مؤبد و فيه مخفف وفيه براءة لو كان دفاع عن النفس أو الشرف
حلو انا بقى هقــ,تــل دفاع عن الشرف
فزعت شيماء من مجرى الحديث الذي يدور هذا: هتقــ,تــلي اخويا ولا ايه؟
هزت ماسة رأسها برفض وهي تقول بكل جدية: لا عشيقته.
فغر الجميع فاهه من حديث ماسة لتقول شيماء بصدmة كبيرة لا تصدق أن أخيها قد وصل به الأمر للخيانة، حسنا الحياة رفقة ماسة لا تطاق لكن ليس لدرجة الخيانة...
اخويا خـ.ـا.ين؟ وعنده عشيقه؟ يعني انت يا رشـ.ـدي استحملتها كل السنين دي وجاي تخونها بعد ما بقى عندكم عيال؟ لله الأمر من قبل ومن بعد
كانت شيماء تتحدث وهي تضـ.ـر.ب فخذيها بصدmة مما فعل اخيها بينما ماسة ترمقها بنظرة قـ.ـا.تلة هامسة:.
هو ايه اللي مستحملها دي؟ هو انا بعـ.ـذ.به ولا ايه؟
صمتت ماسة تتنفس بضيق ثم قالت بعدها: حد يتصل بالبت بثينة هي اللي هتنفعني في الحوار ده بدل ما انا قاعدة مع جوز هبل كده، اصل الأستاذة عشيقة اخوكِ هتشرفنا الليلة في الحفلة ولازم نعملها حفلة ضيافة
دخل زكريا للمنزل وما كاد يخطو خطوة إضافية حتى كان صوت فاطمة يهز أرجاء المنزل كله من قوته وهي تصرخ بابنه البكر...
محمد.
اغمض زكريا عينه يستعد نفسيا للمناقشة الطويلة التي ستحدث خلال ثواني ثم أخذ نفسًا عميق وكأنه على وشك الغوص في محيطٍ ما. ثم ردد بخفوت:
استغفرك ربي و اتوب اليك
تحرك بعدها صوب البهو الذي تقبع به زوجته رفقة ابنه البكر والذي يبلغ من العمر أربعة عشر عام ورفقتها اميرته والتي تبلغ نفس عمر بكره فهما توأمان إلا أن محمد قد سبقها بدقيقة كاملة لذا هو في حكم الابن الأكبر لديه...
حصل ايه يا فاطمة؟ صوت زعيقك جاب اخر الدنيا
استدارت فاطمة سريعا وهي تمسك في يدها منفضة السجاد تلوح بها في غـــضــــب شـ.ـديد:
استنى انت يا زكريا لما اربي ابنك اللي معرفتش تربيه ده
أنهت كلمـ.ـا.تها ثم استدارت لمحمد الذي كان يجلس بكل هدوء يستمع لصراخ والدته الذي اعتاده حتى أصبح جزء لا يتجزأ من يومه...
قولتلي بقى الحلو عايز يعمل ايه؟
نظر زكريا لابنه ينتظر اجابته ليعلم سبب غـــضــــب فاطمة هذا ليصدر حينها صوت صغيره الحبيب وهو يتحدث بكل جدية:
لا اعلم يا امي ما العيب في أن أصبح لاعب كرة قدm؟ وايضا انا لا اريد اكمال دراستي لما لا تتركيني احقق حلمي؟ فأنا بـ.ـارعًا في كرة القدm كما ترين و،
اخرس،
كانت تلك كلمة زكريا الزاجرة لابنه لتبتسم فاطمة وهي تتراجع مفسحة الطريق لزكريا ليتولى هو زمام الأمور:.
اديك سمعت ابنك عايز ايه؟ اتفضل بقى اتصرف معاه لاني مش هتكلم تاني انا هسيبك انت تتصرف
نظر زكريا لابنه بتحذير شـ.ـديد وهو يرفع إصبعه بصرامة هاتفا: ماذا قلت للتو؟ هيا أعد حديثك على مسامعي علّي أخطأت السمع أو ما شابه
نظر له الصبي وهو يبتلع ريقه بخــــوف من نظرات والده: اريد ترك الدراسة ولعب كرة القدm.
ابتسم زكريا بشر وهو يقترب من ابنه يجذبه من ثيابه: لا يا فهيم مش ده اللي قولته، إنت قولت ( أنا بـ.ـارعًا في كرة القدm ) ده في حكم مين ياعنيا إن خبر المبدأ
منصوب؟
كانت فاطمة تستمع لحديثه في البداية وهي تبتسم بتشفي لملامح الرعـ.ـب على وجه ابنها لكن فجأة اختفت بسمتها وهي تستمع لحديث زكريا ثم استدارت له بصدmة وكأنها تخبره حقا؟ أهذا ما أثار حنقك؟
ابتلع محمد ريقه وهو يحاول ايجاد تبرير لتلك الجريمة التي قام بها للتو في حق اللغة والتي تعد في عين والده جريمة تستحق القت. ل:
أنا أنا فقط وجدتها مناسبة هكذا
حلو نركن بقى النحو على جنب ونضيع تعب ابو الاسود وسنين عمره اللي قضاها في وضع علم النحو، ونقعد نفصّل نحو على مزاجنا طالما مش عاجب سيادتك إن خبر المبتدأ يكون مرفوع وشايف إنه لو منصوب هيكون اشيك
صاحت فاطمة بنفاذ صبر: زكريا،.
قاطعها زكريا بيده: اصبري أنتِ يا فاطمة نشوف الاستاذ اللي واقف يطقم الاعراب على الكلام ويشوف اللي لايق واللي مش لائق وماشي يخبط في الثوابت الأعرابية ولا همه حد.
هو ده اللي شاغلك؟ بجد؟ يعني علمت عيالك مـ.ـيـ.ـتكلموش غير فصحى زيك وسكت، دلع وبوظتهم وسكت لكن توصل إن تسيب المصـ يـ بـةاللي احنا فيها دي وتقعد تصحح اخطاء ابنك وهو بيسرد عليك بلوته لا بقى كده كتير اوي أنا زهقت من ام البيت ده، اقولك انا هروح عند امي لا تقولي نحو ولا صرف ولا بلاغة وهسيبك إنت وعيالك ترفعوا وتنصبوا وتجروا براحتكم اياكش تتجروا في ميدان عام واحد واحد يا بعده.
أنهت فاطمة حديثها ثم اندفعت صوب الباب ومنه صعدت للاعلى حيث تقبع شقة والدتها وهي ترغي وتزبد بغـــضــــب شـ.ـديد...
نظر الجميع للباب الذي أغلق بعنف شـ.ـديد بعدm فهم ليصدح صوت عائشة (ابنة زكريا ) وهي تقول بلوم:
ارأيت ما فعلت يا محمد ماذا كان سيحدث لو أنك رفعت الخبر؟
كادت فاطمة تصعد الدرج صوب شقة والدتها لولا أنها اصطدmت في طريقها ببثينة التي تحدثت بسرعة وهي تجذبها معها صوب شقة رشـ.ـدي دون حتى كلمة واحدة من التفاهم:.
فاطمة كويس اني لقيتك، يلا بسرعة ماسة مستنيانا عشان نخطط معاها؟
نظرت فاطمة لبثينة التي تسحبها خلفها بصدmة كبيرة تردد بعدm فهم: نخطط معاها؟ هي ماسة هتحتل العالم ولا ايه؟
بعد رحيل جمال لعمله مع وعد بالمجئ قبل معاد الحفلة، ووصول فرانسو وأخبـ.ـارهم بقراره كان كلا من هادي ورشـ.ـدي يستمعان بانصات شـ.ـديد لكل كلمة نطق بها فرانسو...
بص يا فرانسو انا كنت شايف كل اللي بيحصل وشايف الحـ.ـز.ن في عيون اختي وسكت لأن مينفعش أتدخل بينكم بس انا سبق وسألتك كل حاجة كويسة وقولتلي اه مفيش مشاكل عشان كده سكت بس بما إنك جيت وحكيت كل حاجة حصلت فأنا هقولك رأيي
صمت هادي قليلا وهو يراقب تعابير فرانسو البـ.ـاردة قليلا والذي كان يراقبه باهتمام شـ.ـديد:.
القرار اللي أنت قررته هو الصح لان أنا لو منك هاخد مراتي وابعد بيها عن أي حد ممكن يتسبب في حـ.ـز.نها ولو بمقدار ذرة، بس يا فرانسو إنت متأكد من خطوة كفل طفل دي؟
نظر رشـ.ـدي باهتمام لفرانسو ينتظر اجابته، لكن طال صمته مما دفع برشـ.ـدي أن يتحدث:.
اللي يقصده هادي هو إن قبل ما تكفلوا يتيم لازم تكونوا متأكدين من الخطوة دي كويس اوي لان الموضوع مش هزار ومفيش رجعة فيه ولاني شوفت بعيني حالات كتير اوي إن أهالي بيكفلوا يتيم ولما ربنا يرزقهم بطفل أو يزهقوا بيرموه في الشارع والطفل ده بيجي عندنا ومش عايز اقولك مقدار البهدلة ولا الأذى النفسي اللي بيتعرض ليه.
هز فرانسو رأسه بتفهم للأمر هو يعلم كل ذلك وفكر في كل ما قالوه جيدا حتى أنه لم يأخذ القرار هكذا دون تخطيط بل إنه كان يخطط للامر طوال شهور مضت ولم تتسنى له الفرصة بمشاركة افكاره مع أحد:
انا عارف وفاهم كل اللي قولتوه بس انا عمري ما هوصل بالقسوة لدرجة اني ارمي طفل في الشارع بعد ما اعتبرني أبوه حتى لو ربنا رزقني بطفل عمري ما اعمل كده.
لم تخفى الغصة التي احتكمت حلق فرانسو عن رشـ.ـدي أو هادي ليقترب منه هادي ضامما إياه هامسة بمحبة:
إن شاء الله بكرة ربنا يرزقكم بالطفل اللي يقر عينكم يا حبيبي ولو عايز يعني ممكن تاخد رائف ابني والله ما هعترض
ضحك فرانسو بشـ.ـدة بعدmا كاد يبكي تأثرا بحالته ليهز رأسه برفض وهو يقول بضحكة:
يا اخي ابنك ده اللي مهون عليا حياتي، كل ما احس لحظة بالحـ.ـز.ن ان معنديش طفل واشوف ابنك اروح على طول أسجد لله سجدة شكر.
انفجر رشـ.ـدي في الضحك على ملامح هادي الذي احمر وجهه غـ.ـيظا وهو ينهض تاركا اياهم متجها صوب المسجد وهو يتمتم بضيق:
دائما جايبلي الكلام الكـ.ـلـ.ـب ده،
واخيرا جاء وقت الحفل و وقت القصاص كما تظن ماسة واجتمع الجميع في منزل رشـ.ـدي ما بين ضحكات وضوضاء وصرخات الاطفال و الذي يبدو أن هناك جداا حاد بينهم وخاصة بين محمد ورائف...
ليتجه جميع الصبية صوب الرجـ.ـال الذين كانوا يتوسطون الارائك في البهو وتحديدا هادي الذي كان مشغولا في الحديث مع فرح في أمر ما ليقاطع حديثه صراخ رائف الغاضب:
بابا تعالى اشهد عشان انا جبت اخري من غباء محمد
انتبه زكريا والجميع لحديث رائف ليقول زكريا بصدmة: ابني انا غـ.ـبـ.ـي؟
نظر هادي لابنه بضيق: فيه ايه؟ واشهد على ايه مش فاهم؟
ابتسم محمد وهو يقترب من هادي قائلا ببسمة واثقة مما سيتحدث به: حسنا عم هادي باعتبـ.ـارك أكثر الجالسين عشوائية واكثرهم قربا للشاب المصري الاصيل، فقد جئنا إليك في استشارة ما
نظر له هادي وهو يضيق عينه بريبة ثم انحنى على زكريا هامسا بشك: ايه عشوائية دي؟ هو ابنك بيهزقني ولا ده مدح ولا ايه؟
كتم زكريا ضحكته وهو يربت على كتف هادي: لا يا حبيب قلبي ده بيشكر فيك.
نظر له هادي ومازالت نظرة الشك لم تغادر عينه ثم اولى انتباهه للاطفال وهو يقول بجدية وثقة:
طبعا طبعا اكيد لما تحب تستشير حد في حاجة مهمة مش هتلاقي غيري يفيدك، قول يا ابني فيه ايه؟
قال محمد وهو ينظر لوالده بخــــوف من أن ينقض عليه: اتذكر تلك الأغنية التي اسمعتنا إياها أثناء الرحلة عنـ.ـد.ما صعدت لسيارتك؟ تلك الأغنية القديمة التي صدرت منذ سنوات؟
ضيق زكريا عينه وهو ينظر لهادي الذي اعتدل في جلسته مبتسما بغباء شـ.ـديد:
أي أغنية معلش عشان مش فاكر
تحدث محمد بعدmا نظر لرائف بتحدي: تلك الأغنية عماه الذي كان المطرب يقول فيها، حبيبتي افتحي نافذتك لقد اتيت وها أنا اقبع أسفل منزلك
فتح هادي فمه ببلاهة مما يقول الصغير ليتحدث زكريا بعدm فهم: وهو هادي من امتى بيسمع اغاني فصحى؟
نفى هادي حديث زكريا سريعا: والله ما اعرف ده انا اخر حاجة سمعتها فصحى كان ابتهال للنقشبندي اللي هو بتاع مولاي اني ببابك قد بسطت يدي
ابتسم رائف بتشفي وهو ينظر لمحمد وكأنه انتصر للتو في معركة: شوفت قولتلك، اساسا مش بتتقال كده
لوى محمد شفتيه بغـ.ـيظ رافضا الخسارة وهو يصر على هادي: بلى لقد اسمعتني إياها اقسم حتى أنني اتذكر اسم الشخص الذي غناها، واسمه مطرقة هذه إمارة.
مطرقة؟ ايه مطرقة دي؟ هو انا واقف في محل حدادة
نظر زكريا ببلاهة لابنه والجميع لا يفهم شيء من حديثه حتى تدخل مراد وهو يشرح الأمر للجميع:
قصده شاكوش يا بابا وهو بيغني اغنيه حبيبتي افتحي شباكك انا جيت انا واقف تحت البيت
نظر هادي لزكريا وهو يهمس له: ابنك بيترجم الأغاني الشعبية والمهرجانات فصحى، ده لو شاكوش سمع هو عمل ايه في الأغنية ممكن يمـ.ـو.ت فيها ده بيقولك انا اقبع أسفل منزلك، بعدين ايه مطرقة دي،؟
ضحك زكريا بعنف مما فعل ابنه للتو ليسمع صوت رشـ.ـدي وهو يقول من بين ضحكاته:
ابشر يا زكريا ابنك اول طفل يغني مهرجانات بالفصحى بيعمل من التلوث ثقافة، انا بس كل ما اتخيل شاكوش وهو واقف يقول حبيبتي افتحي نافذتك لقد اتيت ها أنا اقبع أسفل منزلك مش بقدر امسك نفسي، ده انا نفسي لسه سامع كلمة اقبع دي
أنهى حديثه وهو ينفجر ضاحكا لا يصدق ما وصل إليه الاطفال ثم أضاف من بين ضحكاته:.
بالله عليك يا اخي لتخلي ابنك يدبلج باقي الاغاني والله هيكون مستقبل جميل اوي بالاخص اغاني ويحز تخيل مثلا يقول (اتيت ومعي الرضعة من أجل أن اغذي النونة )
ضحك الجميع على حديث رشـ.ـدي ليلوي محمد شفتيه بضيق شـ.ـديد من حديثهم ثم أضاف:
ما بكم يا قوم استخرون مني ام ماذا؟ ثم إن حديثك عم رشـ.ـدي غير متناسق بالمرة.
كاد زكريا يجيب ابنه لولا ذلك الشخص الذي اقتحم تلك الجلسة العائلية مسببا التفاف جميع الرؤوس صوبه، وصمت طويل ساد المكان لم يقطعه سوى صوت ماسة...
↚
يلا يا ماسة جهزي الأكل عشان الكل وصل برة
كانت فاطمة تتحدث وهي تدور في المطبخ الذي يحوي النساء غير واعية لماسة التي كانت تقف على باب المطبخ تتجاهل الجميع حولها موجهه عينها على باب المنزل وهي تنتظر على احر من الجمر تلك التي تراسل زوجها من فترة على هاتفه...
انتبهت فاطمة أن لا رد وصل لها من قِبل ماسة لترفع عينها بتعجب تبحث عنها، حتى وجدتها مازالت على نفس وضعها منذ بدأت تلك الحفلة وكأنها تخشى أن تتسلل تلك الفتاة من أمام عينها...
ماسة، ماسة، أنتِ يابـ.ـنتي ما تردي
استدارت ماسة ترمقها بنظرة خاطفة قبل أن تعود بعينها للباب مجددا بسرعة كبيرة وهي تجيب بلا اهتمام:
فاطمة اعملي اللي أنتِ عايزاه وسيبيني في حالي. وبعدين فين الزفتة بثينة.
الزفتة بثينة وراكِ يا حبيبتي نعم اؤمريني؟
استدارت لها ماسة سريعا وهي تشير بعينها للباب قائلة: مش هوصيكِ يا بوسي مش عايزة البـ.ـنت تطلع سليمة من هنا
ابتسمت بثينة وهي تشير لعينها بمعنى ( من عينيّ الاثنتين )
ضـ.ـر.بت صابرين كف بكف وهي تستغفر ربها: ريا وسكينة ياربي؟ يابـ.ـنتي أنتِ وهي ارحموا نفسكم شوية، ربنا ما يوقعني معاكم يارب.
تجاهلت بثينة حديث صابرين وهي تنظر مع ماسة للباب متحدثة بهمس بينما بدأت جميع النساء خلفها في تجهيز الطعام:
بقولك يا ماسة راقبي شوية لغاية ما اروح الحمام وارجع على السريع
ابعدت ماسة عينها بصعوبة عن الباب وهي تنظر لبثينة بشك: بت أنتِ مالك؟
تعجبت بثينة من سؤال ماسة لتقول بعدm فهم: مالي يعني؟
من وقت ما جيتي وأنتِ كل خمس ثواني تدخلي الحمام
ابتسمت بثينة بعدm تصديق لذلك السؤال وهي تجيب عليها قبل أن تتركها:.
ياربي أنتِ بقيتي مش طبيعية بجد حتى الحمام مفلتش منك
ضحكت فاطمة بشـ.ـدة عليهما وما كادت تفتح فمها بكلمة حتى وجدت بثينة تستند على الجدار وهي تمسك معدتها بو.جـ.ـع شـ.ـديد تحاول كتم تأوهها:
بثينة مالك؟
هكذا صرخت شيماء والتي كانت الأقرب لها لتنتبه لها ماسة وهي تفتح فمها بصدmة متحدثة بغباء:
خلاص يا بوسي ادخلي الحمام براحتك يا قلبي والله مش همنعك.
رفعت بثينة عينها لماسة وهي تتألــم بشـ.ـدة ثم قالت من بين أسنانها: مش عارفة اتف عليها، حد يقلعني الجذمة ويرميها في وشها الحـ.ـيو.انة دي
تحدثت فاطمة بخــــوف شـ.ـديد وهي ترى تو.جـ.ـع بثينة ذلك: جماعة حد يتصل بالدكتور بسرعة البت بتفيص
تحدثت صابرين بسرعة وهي تدور حول نفسها لا تعرف ماذا تفعل: طب حد يناولني كوباية ماية بسكر الاول
رفعت بثينة عينها وهي تتنفس بصعوبة بسبب الو.جـ.ـع وتضغط على معدتها أكثر:.
هو انا ضغطي عالي يا متـ.ـخـ.ـلفة، الله يحرقكم همـ.ـو.ت منكم يا عـ.ـبـ.ـط، نادوا حد بيفهم يا متـ.ـخـ.ـلفين همـ.ـو.ت منكم
ركضت ماسة سريعا صوب الجميع وهي تبعدهم بنزق هاتفة بهم: ابعدوا يا همج البت هتمـ.ـو.ت منكم ابعدوا،
انحنت ماسة وجلست ارضا حوار بثينة وهي تنظر لها محاولة معرفة اين الألــم ولم تنتبه ليد بثينة التي تتوسط معدتها بو.جـ.ـع...
الو.جـ.ـع فين بالضبط يا بثينة، حاسة بو.جـ.ـع فين قوليلي؟
رفعت بثينة عينها لماسة وهي تحاول أن تصفعها قائلة بسخرية: في صباع رجلي الصغير
وسريعا توجهت أنظار الجميع لقدm بثينة بغباء منقطع النظير لتصرخ بثينة برعـ.ـب من كم الغباء الذي يحيط بها:
حد يلحقني يا ناس همـ.ـو.ت من غبائهم حد يلحقني
كان الجميع في الخارج منـ.ـد.مج مع زكريا وابنه وما يحدث لولا ذلك الصوت الذي قاطع جلستهم تبعه صوت صراخ ماسة بغـــضــــب شـ.ـديد...
انتفض فرانسو وكأن حية لدغته وهو يصـ.ـر.خ بفزع: دي بثينة اللي بتصرخ؟
عاد صوت صراخ بثينة يصدح مجددا في المكان تبعه صوت صياح ماسة فيها:
بقولك اهدي يا متـ.ـخـ.ـلفة وانا هعالجك
صاحت بثينة وهي تبعد ماسة عنها التي تحاول رفع ثيابها لمعرفة ما حدث معها:
حد يبعد الست دي عني هتقــ,تــلني
زفرت ماسة بغـ.ـيظ شـ.ـديد وهي تهتف: بقى ده جزاتي عشان بحاول انقذك؟ هو أنتِ نسيتي اني دكتورة ولا ايه؟
كانت ماسة تتحدث بحنق شـ.ـديد مستنكرة حديث بثينة التي تنكر للتو مهاراتها في العلاج...
دكتورة حـ.ـيو.انات يا حـ.ـيو.انة.
هكذا صرخت بثنية في وجه ماسة التي تحدثت بهدوء مريب في مثل هكذا موقف:
طب والانسان ايه؟ ما هو حـ.ـيو.ان ناطق، بعدين اسمعي كلامي كان فيه بقرة جاتلي من اسبوع نفس حالتك كده
نظرت بثينة لماسة وما كادت تجيبها حتى عاد الالم اقوى لتصدح صرختها في المكان جاعلة قلوب الجميع تسقط ارضا...
تحرك فرانسو من محلة بفزع شـ.ـديد وهو يركض صوب المطبخ صارخا في رشـ.ـدي:
مراتك بتقــ,تــل مراتي يا رشـ.ـدي.
نظر رشـ.ـدي لأثر فرانسو وهو يضـ.ـر.ب كف بكف يزفر بقوة حقا هو تحمل كثيرا، يقسم أنه سيسـ.ـجـ.ـن تلك المجرمة التي يعيش معها هذه المرة...
دخل فرانسو للمطبخ بسرعة كبيرة دون حتى أن يستأذن ولا يعي ما يحيط به لتنتفض فاطمة بعيدا عن بثينة وهي تعيد نقابها سريعا على وجهها تبتلع ريقها حامدة ربها أن لم ينتبه لشيء هنا...
انحنى فرانسو جوار بثينة وهو يقول بخــــوف شـ.ـديد لو.جـ.ـعها ذلك: بثينة حبيبتي حصل ايه؟ مالك؟
تشبثت بثنية سريعا بيده وهي تقول بتو.جـ.ـع: مش قادرة يا فرانسو حاسة اني همـ.ـو.ت، فيه و.جـ.ـع في بطني مش طبيعي همـ.ـو.ت
أنهت حديثها بصرخة عالية متألــمة ليفزع على أثرها فرانسو وهو ينحني حاملا إياها ثم خرج بها سريعا من المطبخ ومنه لباب الشقة وخلفه ماسة التي كانت تصرخ به أن يتركها وهي ستعالجها بينما بثينة تصرخ بزوجها أن يركض بها بعيدا عن أيدي ماسة...
تابع الجميع خروج فرانسو من المكان برعـ.ـب ليلحق بهم هادي وهو يقول: هروح معاه عشان مش هيعرف يسوق بحالته دي وكمان عشان اطمن على بثينة،
أنهى حديثه وهو يخرج سريعا، لكن أثناء ذلك اصطدm في سيدة كانت على وشك دخول الشقة ليعتذر منها ويرحل سريعا دون حتى أن يلقي نظرة عليها...
تحركت السيدة لداخل الشقة وهي تنظر في جميع الوجوه بتعجب شـ.ـديد فكانت ملامح الرعـ.ـب والخــــوف تحتل جميع الأوجه لتقول بعدm فهم:
سلام عليكم،.
استدارت إليها جميع الرؤوس بسرعة لتشعر بتـ.ـو.تر شـ.ـديد وهي تدرك أنها بالفعل أتت في وقت غير مناسب، ابتلعت ريقها وهي تحاول الابتسام:
هو انا جيت في وقت مش مناسب ولا ايه؟
كانت أعين ماسة تمر على تلك السيدة من أعلى لاسفل وهي تكتظ تحرقها بنظراتها:
أيوة فعلا وقت غير مناسب إطـ.ـلا.قا يعني بثينة دلوقتي ربنا يتولاها برحمته مين اللي هيحلق عليكِ معايا؟
نظر رشـ.ـدي بصدmة لماسة وما تقوله ليجدها تنظر للسيدة بنظرة مرعـ.ـبة تحمل نهايتها...
عفوا؟ مش فاهمة
هكذا تحدثت السيدة لا تفهم شيء من حديث ماسة السابق لتقول ماسة ببسمة:
لا ابدا اتفضلي ادخلي، ده احنا هنريحوكِ يا شابة
انحنى جمال على رشـ.ـدي وهو يهمس له: الدور الدور هتمـ.ـو.تي ياللي عليكِ الدور
نظر رشـ.ـدي لجمال بغـ.ـيظ شـ.ـديد وهو يبعده عنه ثم اتجه صوب باب الشقة يجذب ماسة بعيدا عن السيدة قائلا ببسمة جـ.ـا.مدة:.
مدام اروى اهلا بحضرتك اتفضلي بعتذر بس حصل قبل ما تيجي ظروف كده فاعصاب الكل مشـ.ـدودة
ابتسمت اروى بتـ.ـو.تر من حديث رشـ.ـدي ونظرات زوجته ثم اتجهت الداخل وهي تحاول الابتعاد قدر الإمكان عن ماسة قائلة:
هي دي مرات حضرتك؟
أيوة يا قلبي هي دي مرات حضرته
أجابت ماسة وهي ترميها بنظرات مخيفة لتشعر بيد رشـ.ـدي تضغط بقوة على ذراعها وهو يشير للسيدة قائلا بتحذير:.
مدام اروى تبقى مصممة ديكور وجاية عشان تشوفك عايزة تعملي عيادتك ازاي؟ وللاسف معندهاش مواعيد فاضية غير النهاردة فعزمتها تحضر الحفلة معانا ومنها تبلغيها كل اللي عايزة تعمليه في العيادة يا دكتورة
فتحت ماسة عينها بصدmة من حديث رشـ.ـدي لتنظر له وهي تسأله بعينها إن كان ما قاله للتو صحيح ليبتسم هو لها بسمة جليدية يهز رأسه، ابتلعت ماسة ريقها وهي تنظر ارضا بخجل قائلة بصوت خفيض تشير للسيدة للداخل:.
اتفضلي معايا ندخل جوا
أنهت حديثها وهي تنظر لرشـ.ـدي باعتذار ليتجاهل هو نظرتها يعود للرجـ.ـال ليقول لهم ببسمة واسعة مشيرا لغرفة الطعام:
اتفضلوا يلا يا جماعة عشان نتغدى سوا،
نظرت ماسة له لكنه أبدا لم يلتفت إليها لذا لحقت بالسيدة للداخل حيث تحركت جميع النساء عدا فاطمة التي كانت تبحث عن زكريا بعينها لكنها لم تجده لذا تبعت الجميع...
بسرعة يا هادي الله يكرمك.
كان فرانسو يحدث هادي ويده تضم بثينة إليه أكثر دون وعي منه يربت على ظهرها ليطمئن نفسه قبلها بينما هي كانت تصمت دقائق قبل أن يعود الألــم مجددا لها...
نظر هادي للخلف بتـ.ـو.تر شـ.ـديد وهو يرى حالة بثينة يشعر بالرعـ.ـب يتلبسه كلما ارتفع انينها ليزيد من سرعته أكثر واكثر خاصة عنـ.ـد.ما سمع صوت شهقتها وهي تقول:
فرانسو فيه، فيه دm، دm ووو،.
توقفت عن الحديث وهي تنظر بأعين غائرة صوب بقة الدm التي أخذت في الاتساع لتصيب ذلك الذي يحملها بهلع كاد يوقف قلبه وهو يصـ.ـر.خ في هادي:
سوق بسرعة يا هادي بسرعة
كان يصـ.ـر.خ ويده ترتجف وهو يضمها لا يدري ماذا يفعل أو كيف يتصرف، كاد يبكي كطفل صغير خائف لولا توقف السيارة ونزول هادي بسرعة مخيفة وهو يفتح له الباب...
حمل فرانسو بثينة بين ذراعيه يحاول الثبات واخفاء ذلك الارتجاف الذي تمكن من جسده كله وهو يصـ.ـر.خ بهلع بمجرد دخوله:
دكتور، دكتور بسرعة ارجوكم مراتي بتنزف،
كان يتحدث وهو يلتفت حوله كطفل صغير لا يعلم أين يذهب لولا صوت هادي الذي أشار له على إحدى الغرف التي كُتب أعلاها (الطوارئ )، ركض فرانسو بزوجته صوب الغرفة وهو يشعر بالدmاء تتسرب من أوردته وضـ.ـر.بات قلبه تكاد تصم آذانه...
دخل الغرفة سريعا وهو يصـ.ـر.خ بالطبيبة التي تجلس على أحد المكاتب أن يساعده:
ارجوكِ ساعديني مراتي بتنزف مش عارف هي مالها
انتفضت الطبيبة من محلها وهي تتجه صوبه مشيرة له على أن يضعها على الفراش ثم سريعا قامت بالضغط على أحد الازرار لتدخل ممرضة سريعا للمكان وتجد الطبيبة تعدل من وضع بثينة التي كانت تغلق عينها تدريجيا...
معلش اتفضل برة لغاية ما اخلص فحص المريـ.ـضة.
كاد فرانسو يفتح فمه معترضا لولا الممرضة التي أشارت له بهدوء أن يخرج:
لو سمحت وجودك هنا مش هيفيد فممكن تنتظر برة لغاية ما نعرف مالها؟
نظر فرانسو لبثينة وهو يشعر بالخــــوف وبالرغم من ذلك هز رأسه يخرج ليقف جوار هادي الذي ربت على كتفه مؤازرا...
متقلقش هتكون بخير
دي، دي، دي كانت بتنزف يا هادي. كانت
صمت لا يستوعب ما حدث وهي من كانت منذ ساعات قليلة فقط طبيعية لا شيء بها والان...
مسح وجهه بتعب شـ.ـديد وهو يدعو ربه أن تصبح بخير لأجله هو فهو لم يعد يملك غيرها في هذه الحياة، هي من يعيش لأجلها، لقد كان منذ ساعات فقط يخطط بداية جديدة معها يخطط ويرتب كيف سيسعدها والان دmائها تغرق ثيابه...
مرت ساعتان و فرانسو يكاد يفقد أعصابه من التـ.ـو.تر والخــــوف خاصة بعدmا تم نقلها منذ ساعة تقريبا لغرفة العمليات، بينما جواره هادي يحاول أن يهدأ نفسه قبل فرانسو فتلك التي ترقد بالداخل أخته التي لم تلدها والدته، ابنة عمه التي اعتنى بها طوال عمرها وكأنت له كأخت وابنة...
سقطت دmعة منه لكنه مسحها سريعا وهو يراقب خروج الطبيبة التي كانت تتنفس بتعب شـ.ـديد ثم رفعت عينها لتجد الرجلين يقتربان منها بسرعة واحدهما يهتف برعـ.ـب:
مراتي. مراتي مالها يا دكتورة؟ هي كويسة؟
هزت الطبيبة رأسها تطمئنه: متقلقش هي بخير بس للاسف الجنين نزل،
عاد فرانسو للخلف بفزع وهو يستمع لكلمـ.ـا.ت الطبيبة التي نزلت عليه منذ قليل كالصاعقة يبتلع ريقه مرددا وكأنه يهزي:
جنين؟ هي كانت حامل؟
كان يتحدث وهو لا يستوعب الأمر فالطفل الذي كانت تنتظره منذ سنين، منذ تزوجها من أربعة عشر عامًا جاء ورحل دون حتى أن يشعروا به، شعر بالهواء يُسحب من حوله وهو يتخيل ردة فعلها إن علمت، يا الله ستمـ.ـو.ت كمدا على ما حدث، لا يهتم حقا هو لا يهتم إن فقد طفله فهو يثق أن لله في ذلك حكمة، لكن هي، يا الله كيف سيخبرها، أخرجه من تلك الهوة التي أُلقيّ بها صوت الطبيبة وهي تجيبه على سؤاله المعلق:.
أيوة كانت حامل في الأسابيع الأولى وبسبب تعرضها لضغط كبير ومع السن للاسف اجهضت واحد من الطفلين
فتح هادي عينه بصدmة وهو يستمع لحديث الطبيبة ليقول سريعا: طفلين؟ يعني هي دلوقتي،
ابتسمت الطبيبة وهي تجيبه: أيوة لسه فيه طفل كمان. بس المدام لما تفوق هنحتاج نعمل فحوصات واحتياطات كتير عشان نتفادى تكرار اللي حصل مع الطفل الاول. مبـ.ـارك ليكم.
أنهت حديثها وهي تتحرك مبتعدة عن الغرفة وتبعها بعض الممرضين الذين يسحبون سرير ذو عجلات تتمدد عليه بثينة بملامح باهتة بعض الشيء ركض فرانسو وامسك بيها وهو يتحدث إليها وكأنها تسمعه، يتحدث ودmـ.ـو.عه تهبط بشـ.ـدة لكن الفرق أن تلك الدmـ.ـو.ع تتخللها بسمة واسعة وهو يقبل يدها:
حلمنا اتحقق يا بثينة هتكوني ام يا قلبي، ربنا استجاب لدعواتك يا حبيبتي.
ابتعد فرانسو قليلا عن الفراش ليجد أن الممرضين على وشك رفعها ليضعونها على فراش مستقر في إحدى غرف المشفى لذا تقدm منهم سريعا وهو يخبرهم أنه هو من سيحملها...
وبكل حنان قد يمتلكه إنسان رفعها وهو يضعها على الفراش بحب شـ.ـديد ثم انحنى ليقبل جبهتها بحنان شـ.ـديد وبعدها امسك يدها وهو يراقب خروج الممرضين ليجلس جوارها.
ابتسم هادي بسعادة وهو يراقب تصرفات فرانسو هامسا بدmـ.ـو.ع سعيدة: سلمت امانتك لايد أمينة يا عمي.
سعيد بل أكثر من سعيد أن فرانسو لم يخيب أمله يوما أو يشعره أنه أضاع أمانة عمه و والده...
كان المكان يعمه صخب عالي والتهاني تتقاذف في كل مكان والجميع سعيد لاجل رشـ.ـدي وترقيته التي حصل عليها، بينما رشـ.ـدي نفسه كان القلق يتآكله منذ حادث هادي من ساعة تقريبا وأخبره أن بثينة قد دخلت غرفة العمليات وأن حالتها مقلقة...
كان يقابل الجميع ببسمة وهو يرى التـ.ـو.تر قد احتل وجه جميع أفراد العائلة يحاولون إنهاء هذا الحفل باسرع وقت للذهاب إلى المشفى سريعا...
واخيرا وبعد ساعات انتهى الحفل ليزفر زكريا بتعب وهو ينادي زوجته لتخرج له فاطمة سريعا وهي تعدل من وضع نقابها:
نعم يا زكريا؟
ابتسم لها زكريا وهو يشير لها بعينه أن تتبعه: يلا عشان هنروح المستشفى نشوف فرانسو ونشوف الدنيا عندهم حصل فيها ايه؟
ابتسمت له فاطمة وهي تهز رأسها ثم نظرت حولها تبحث عن اطفالها لتجد محمد يحتضن عائشة التي سقطت في النوم وهو يقول:
بابا انا هاجي معاكم المستشفى،
حبيبي مش هينفع عشان تفضل مع اختك
يا بابا انا عايز اروح معاكم
كاد زكريا يفتح فمه رافضا للأمر لولا حديث ماسة التي خرجت من غرفتها وهي تعدل من وضع حجابها قائلة بلهفة:.
ماشي يا محمد ادخل نيم عائشة جنب بسنت وتعالى بسرعة. متقلقش يا زكريا ام اشرف وفرج هيقعدوا هنا مع الاولاد
هز فرج رأسه والذي كان العمر والسن قد ظهر على وجهه وجسده وحركته التي أصبحت أبطأ فهو أصبح على مشارف السبعين من عمره:
متقلقش يابني هما كده كده نايمين يعني مش هيعملوا حاجة، روحوا انتم وطمنونا على بثينة.
هز زكريا رأسه لفرج ثم انحنى وحمل ابـ.ـنته لغرفة بسنت واضعا إياها على الفراش جوارها مقبلا جبهتها بحنان ثم وضع الغطاء على الاثنتين وخرج ليجد الجميع يقف في انتظاره عدا الفتاتين لينطلق الجميع للخارج سريعا.
كانت ماسة تسير جوار رشـ.ـدي وهي تحاول أن تجبره على النظر إليها والتحدث معها، لكن لن يكون رشـ.ـدي إن لم يجعلها تعض أناملها نـ.ـد.ما لما فعلت...
توقف جمال بالسيارة الخاصة به أمام المشفى بعدmا اوصل صابرين وفتاتيه لمنزله بسبب نوم الفتاتين ثم هبط متجها للداخل وخلفه الباقون...
تحدث رشـ.ـدي في الهاتف وهو يبحث بعينه عن رقم الغرفة التي قال عليها هادي:
أيوة يا زفت انا في الدور الثاني ومفيش اي اوضة بالرقم اللي إنت قولت عليه ده
تحدث هادي من نهاية الممر وهو يرفع يده مشيرا للجميع: انا هنا يا زفت اتعمـ.ـيـ.ـت ولا ايه؟
رفع رشـ.ـدي عينه وهو يرى هادي ليشير للجميع حيث هو...
وصل الجميع أمام الغرفة لتتحدث ماسة بلهفة وخــــوف: مالها ماسة يا هادي؟ الدكتور قالكم ايه؟
كانت ماسة تتحدث بخــــوف شـ.ـديد حقا على بثينة وهي تنتظر إجابة هادي بفارغ الصبر، لكن يبدو أن هادي لم يكن ينتبه لها في الأساس بل كان يبتسم لشيماء وهو ينحني عليها هامسا ببعض الكلمـ.ـا.ت لها...
زفر رشـ.ـدي بحنق وهو يهبط بصفعة على رقبة هادي من الخلف: انت يا حـ.ـيو.ان هو ده وقته؟ ما تتنيل تقول البـ.ـنت فيها ايه؟
رفع هادي عينه بغـــضــــب شـ.ـديد لرشـ.ـدي وهو يرد له الضـ.ـر.بة لكن على كتفه متحدثا بضيق:
ما تتكلم بلسانك يا عم ايه الغباء ده؟
تحدث جمال بنفاذ صبر وهو يبعد هادي عن الباب بضيق: ابعد ياض من وشي عشان مقــ,تــلكش
ابعد جمال هادي وهو يطرق الباب طرقات خفيفة...
في الداخل وقبل ما حدث بدقائق كانت بثينة تستفيق من اغمائها وهي تنظر حولها بتعجب شـ.ـديد...
هو فيه ايه؟
انتبه فرانسو لها وهو يقف جوارها ممسكا بيدها في حنان شـ.ـديد: حياتي أنتِ بخير؟
نظرت بثينة لفرانسو وهي تبتسم له بحنان تتذكر لحظات الرعـ.ـب التي عاشها من ساعات بسببها:
انا بخير يافرانسو هو بس كان مجرد مغص معايا من الصبح وبعدين زاد عليا و،
صمتت قليلا وهي تفتح عينها بصدmة: دm، انا نزفت يا فرانسو صح؟
ربت فرانسو على يدها بحنان ليجعلها تهدأ هامسا بحب: اششش خلاص يا قلبي كله عدى الحمدلله وربنا رزقنا على التعب ده كله
نظرت له بثينة بعدm فهم وهي تسأله بعينه ما لم تتمكن من نطقه ليبتسم هو منحنيا يقبل جبهتها يهمس جوار أذنها:
مبـ.ـارك يا قلبي ربنا عوض صبرنا خير يا بسبوسة
حسنا إن كانت منذ ثوانٍ لا تفهم شيء فهي الان تشعر بغباء شـ.ـديد يتلبسها وهي تسأله:.
مش فاهمة هو انا حصلي ايه؟ شيلت المرارة؟ والله قلبي كان حاسس انها فرقت من شلة المعاتيه اللي بقعد معاهم دول
ضحك فرانسو بصخب عليها وهو يقترب منها هامسا بعدmا هدأ: لا يا قلبي ربنا رزقنا ببسبوسة صغيرة هتشرفنا كمان 8 شهور
صمتت بثنية قليلا ولم تبدي أي ردة فعل فهي لم تستوعب بعد الأمر ليطول صمتها دقائق وهي تهمس بخــــوف أن يتبدد ذلك الامل الصغير الذي أشرق في قلبها:.
صغيرة؟ يعني، يعني بيبي؟ يعني قصدك على البيبي اللي هنجيبه من الملجأ؟
لا قصدي على البيبي اللي هنجيبه من بطنك
كان يتحدث وهو يضحك بخفوت عليها فيبدو أنها لم تفق كليا من المـ.ـخـ.ـد.ر الذي حُقنت به...
فتح بثينة عينه بفزع شـ.ـديد وهي تتحسس معدتها: انا، بطني انا؟
لا بطني انا
انت حامل؟
فتح فرانسو عينه بصدmة كبيرة من حديثها وهو يرى تخبطها ليقول بحنق شـ.ـديد:
حامل ايه يا هبلة أنتِ؟ أنتِ هتوديني في داهية ولا ايه؟ أنتِ اللي حامل.
سقطت دmـ.ـو.ع بثينة بعنف وهي تهمس بعدm فهم: انا حامل؟ ازاي ده الدكتور قال اني مش،
قاطعها فرانسو وهو ينظر لها بجدية: الدكتور قال إن الاحتمال ضعيف اوي لكن مقالش مستحيل، وحتى لو مستحيل اكيد مش مستحيل على ربنا يا بثينة، مبـ.ـارك يا قلبي
انفجرت بثينة فجأة وهي تشهق بعنف تردد بعدm تصديق: انا؟ حامل؟ انا حامل يا فرانسو؟ فيه طفل صغير في بطني؟
تحسست بطنها بعدm تصديق وهي تهتف من بين شهقاتها: انا عندي طفل في بطني يا فرانسو، انا هبقى ام
بكت أكثر وهي تكاد تنهار من الصدmة تنظر لفرانسو باستجداء أن يتأكد الخبر الذي سمعته للتو ليهز فرانسو رأسه بنعم وهو يضمها لاحضانه يحتوي انهيارها...
كانت تبكي وهي تردد أنها ستصبح أم وكأنها تحاول إقناع نفسها بالأمر الصمت فجأة وهي تقول مبتعدة عن احضان فرانسو:.
بس بس البيبي يا فرانسو البيبي اللي هنجيبه من الملجأ كده مش هن،
قاطعها فرانسو وهو يمسح دmـ.ـو.عها بجدية: هنجيبه يا بثنية، انا نويت ومش هرجع ابدا في القرار ده غير اني حاسس إن ربنا رزقنا بسبب نيتنا دي وكمان انا عايز اخ او اخت لابننا عشان ميكونش وحيد
ابتسمت بثنية باتساع وهي تهز رأسها بنعم ولهفة فهي خشيت للحظة أن يتراجع فيما قرر...
فاق الاثنان على صوت طرق على الباب ليدخل بعدها الجميع للغرفة بعدmا أذن لهم فرانسو. اندفعت ماسة سريعا للفراش وهي تصرخ بفزع:
حصل ايه يا حزينة ما أنتِ كنتِ زي القرد الصبح
نظرت لها بثينة باستنكار وهي تقول ساخرة: ما هو من نقك يا ختي
مش كنتِ سمعتي كلامي وخلتيني اكشف عليكِ بدل بهدلتك دي؟ ألا صحيح أنتِ طلع عندك ايه؟
تحدثت شيماء وهي تنظر لماسة بسخرية: ما هو حضرتك اديها فرصة تفتح بقها عشان نعرف.
تحدث فرانسو وهو يضحك بخفوت: الحمدلله هي بخير وكمان كام شهر وهيشرف كمان عضو العيلة
فتح الجميع أفواههم بصدmة مما قالوا ليقطع ذلك صوت فاطمة الذي كان مختنقا بالدmـ.ـو.ع لا تصدق أن الله استجاب لدعوات الجميع، فلطالما كانت تبكي وهي تدعي الله أن يقر عين رفيقتها كلما رأت نظرة و.جـ.ـع في عينها:
بجد يا بثينة؟ مبـ.ـارك يا روحي مليون مبـ.ـارك. ربنا يجعله ذرية صالحة ويقر عينك بيه يا قلبي.
بكت بثينة بتأثر وهي تفتح ذراعيها لفاطمة لتذهب لها فاطمة تضمها بحب تشاركها البكاء بينما شيماء تبكي بعيدا لا تصدق أنه واخيرا تحقق امل الجميع...
قاطع جمال هذا الجو الكئيب بسبب بكاء النسوة: مبـ.ـارك يا فرانسو يا حبيبي يتربى في عزك يا رب
ابتسم فرانسو بسعادة وهو يستقبل التهاني من الجميع ليقاطع حديث الجميع اقتراب رائف وهو ينظر لبثينة بدقة:
وياترى بقى الطفل ده ولد ولا بـ.ـنت؟
نظرت بثينة للاسفل وهي تهز رأسها بعدm معرفة: معرفش والله يا رائف بس كل اللي يجيبه ربنا كويس يا قلبي
هز رائف رأسه وهو يبتسم ابتسامة جانبية يدور حول الفراش وكأنه شرطي يستجوب متهم لديه:
معلوم معلوم، يعني مش هتعترفي، شكلك خايفة خالتي ماسة تنقحك عين تجيبك الأرض ولا خايفة ماما تبهدلك ابنك ولا خايفة خالتي فا،
توقف عن حديثه بسبب قبضة زكريا الذي رفعه من على الارض متحدثا بشر من بين أسنانه:.
لا يا حيلتها كله إلا فاطمة سامع؟
نظر رائف لزكريا بحنق شـ.ـديد وهو يحاول أبعاد يده عنه متذمرا لإفساد زكريا الدور الذي كان يلعبه بعدmا شاهده البـ.ـارحة في إحدى الافلام:
لو سمحت إنت كده بتعطل سير التحقيق خلينا اشوف شغلي والا هطلعكم كلكم برة
هادي، شيل ابنك ده من وشي لاحسن اقــ,تــله واخلصك من بلاويه
ارجوك اعملها يا اخي اعملها وانا هبقى محامي الدفاع لو عايز.
هكذا تحدث هادي وهو ينظر لزكريا برجاء بينما كانت ماسة تكاد تحرق رائف ليشير لها:
اهو شوفوا بتبصلي ازاي؟ ت عـ.ـر.في لولا إنك هتبقي حمـ.ـا.تي انا كنت،
لم يكمل حديثه بسبب شيماء التي كتمت فمه بخجل شـ.ـديد من الجميع وهي تقول:
انا آسفة يا جماعة بس للاسف ابني مترباش والله معلش انتم مش غرب واكيد عارفين المعلومة دي.
زم هادي شفتيه بضيق من ابنه وتصرفاته يتوعده بعينه ليختبأ رائف خلف والدته برعـ.ـب من نظرات والده وهو يلعن ذلك الفيلم الذي شاهده، فهو من صغره كان يحب مشاهدة الأفلام وتقليدها...
كانت بثينة تضحك بعنف على حديث ذلك الرائف اللطيف: طب والله عسل يا رائف
فزع فرانسو من حديثها وهو يشير لها بتحذير: اسمعي أما اقولك انا هاخدك واهج بيكِ من القارة كلها لغاية ما تولدي، مش ناقص ابني يطلع زيه.
تشنج هادي بضيق شـ.ـديد وهو يستمع له: ليه يا خويا ماله ابني؟
رفع فرانسو حاجبه بسخرية وكأنه يخبر هادي ( حقا وتسأل مابه ابنك؟ )
تنحنح هادي وهو يقول بحرج قليلا: اياكش بس هو اهبل شوية وبتاع مشاكل بس والله طيب
ابتعد رائف عن شيماء وهو يقترب من هادي يضمه بحب من قدmه هامسا له:
والله ماليا غيرك يا بابي
ضحك هادي بخفوت وهو يلاعب شعر ابنه بحنان رغم كل ما يفعله إلا أنه يوما لم يغـــضــــب منه حتى لو ادعى عكس ذلك...
ابتسم محمد وهو ينظر للمشهد أمامه قائلا: لم اتخيل يوما أن أشاهد رائف يتصرف كطفل طبيعي لديه مشاعر
ضحك زكريا وهو يضم ابنه جواره بحنان ليستوعب فجأة الطول بينهما: انظروا للصغير الذي أضحى يماثلني طولا
حتى وإن تخطيتك يا ابي ستظل تاجا فوق رأسي وستظل مكانتك محفوظة دائما في قلبي.
ابتسم فرانسو وهو يشير على زكريا وابنه هامسا لبثينة: بصي ركزي مع محمد أنا عايز عيل يتكلم زيه كده، أنتِ مشوفتيش الولد ده بيعمل ايه؟ ده بيغني لشاكوش بالفصحى
صدحت ضحكة بثينة في المكان ليعم الغرفة جو جميل من البهجة والحب بين الجميع حتى ماسة ورشـ.ـدي الذي ضم ماسة إليه بحب رغم كل ما فعلته. مقبلا رأسها بحب...
اخر مرة يا ماسة؟
موعدكش الصراحة أصل ده داء فيا.
هز رشـ.ـدي رأسه بيأس منها لتسارع هي بالقول: هحاول والله هحاول عشان خاطرك هبطل
ابتسم رشـ.ـدي وهو يهز رأسه لها هامسا: حتى لو مقدرتيش هتقبلك زي ما أنتِ اعمل ايه بقى قدري
اقترب هادي من شيماء وهو يهمس لها: هو فين مراد؟
نظرت له شيماء ببسمة وهي تقول: رجع مع ماما البيت وقال هيبات هناك
حلو اوي احنا نفوت عليهم نرمي ليهم رائف وبعدين نرجع سوا للبيت ايه رأيك؟
خجلت شيماء بشـ.ـدة من حديث هادي لتقول بخفوت: بطل عمايلك دي يا هادي مش،
هشششش خلاص خلصت انا هتصل بعم ابراهيم واقوله
ضحكت شيماء بيأس منه وهي تهمس له: ومستغرب ابنك طلع كده ليه؟
ضحك هادي بعنف وهو يجيبها: لا ما انا عارف إنه طالع ليا مع اني كنت أتمنى أنه ميكونش فيه نسخة مني بس قدرنا وقدر البشرية.
ضحكت شيماء عليه وهي تحمد الله في قلبها على ما رزقها فهي رغم كل ما عانته في حياتها إلا أنها واخيرا تستطيع القول أن عوض الله يستحق الانتظار حتى وإن انتظرته طوال العمر...
أشار زكريا لفاطمة بعينها أن تأتي خلفه تاركا الجميع في الداخل يمزحون ويضحكون على أحاديث ابنه ورائف...
خرجت فاطمة خلف زكريا وهي تنظر له بتعجب لتجده يمسك يدها ساحبا إياها لممر جانبي وهو يبتسم لها قائلا بحنان:.
ماليّ أرى دmـ.ـو.عٍا تحتل جفونك اميرتي؟
ابتسمت فاطمة وهي تمد يدها من أسفل النقاب تمسح دmـ.ـو.عها مرددة بحب وفرحة:
فرحانة اوي يا زكريا فرحانة اوي عشان بثينة
انظروا لكتلة اللطافة تلك
ابتسمت له فاطمة وهي تنظر حولها قائلة بخفوت: طب يلا نرجع قبل ما حد ياخد باله
كادت تتحرك لولا يد زكريا التي منعتها وهو يقول: لا انتظري قليلا فأنا لم اخبرك بسبب خروجنا من الغرفة بعد،.
نظرت له فاطمة بترقب لتجده يخرج ظرف من جيبه وهو يلوح به أمام عينها هاتفا بفرحة شـ.ـديد:
لقد كتب الله لنا زيارة بيته يا فاطمة
نظرت فاطمة ليده ثوانٍ قبل أن تشهق بادراك لا تنتبه أنها تقف في ممر مشفى عام:
احنا؟ انا وانت؟
هز زكريا رأسه وهو يبتسم باتساع مضيفا: ومحمد وعائشة كلنا هنروح سوا
بكت فاطمة وهي تهتف بدون تصديق: زكريا ده بجد؟ انت، انت مش بتهزر صح؟ انا مش مصدقة، انا عايزة احـ.ـضـ.ـنك دلوقتي حـ.ـضـ.ـن كبير اوي اوي.
نظر زكريا حوله نظرة سريعة ثم ابتسم وهو يفتح ذراعيه لها قائلا: حسنا وأنا اطالب بمكافئتي الآن،
وقبل أن ينهي حديثه كانت فاطمة ترتمي في أحضانه وهي تضم نفسها أكثر هاتفة بحب:
زكريا انا بحبك اوي يا زكريا.
ضحك زكريا بخفوت وهو يضمها إليه هامسا ببسمة حنونة: حسنا اعتقد أننا تناقشنا في اجابتي سابقا يا جميلة،.
الكثير من الحب وبعض البسمـ.ـا.ت، وايضا بضع قطرات من الصداقة مع رشة أمان ولا ننسى مقدار من الصدق؛ تلك هي الوصفة السرية للسعادة في الحياة...
لو خلصتي الرواية دي وعايزة تقرأيي رواية تانية بنرشحلك الرواية دي جدا ومتأكدين انها هتعجبك 👇