رواية حورية بين يدي شيطان هي رواية رومانسية تقع احداثها بين عاصي وحور والرواية من تأليف رحمه سيد في عالم مليء بالتناقضات والأسرار تتشابك مصائر شخصيات رواية حورية بين يدي شيطان لتجد نفسها في مواجهة قرارات صعبة تُغير مجرى حياتهم إلى الأبد ان رواية حورية بين يدي شيطان هي قصة عن الحب الذي يتحدى الزمن والمصير الذي يفرض نفسه والأرواح التي تسعى خلف الحرية والسعادة بين الأمل واليأس وبين القوة والضعف ينسج رواية حورية بين يدي شيطان تفاصيل حياتهم في معركة غير متكافئة مع القدر لتكشف كل صفحة عن لغز جديد يقود القارئ نحو نهاية غير متوقعة
رواية حورية بين يدي شيطان من الفصل الاول للاخير بقلم رحمه سيد
في سكون الليل الحالك، كانت تركض ممسكة بيد شقيقها، تركض وتركض وكأنها في سباق، سباق النجاح فيه سيكون نصر العمر، والهزيمة مرارة لاذعة سترافق ذلك العمر!
كادت تسقط اكثر من مرة متعثرة ولكن شقيقها علي شـ.ـد على يداها بقوة محذرًا بحدة:
-ارجوكِ اسرعي يا حور، كل دقيقة تمر ستؤثر في حياتك، وإن امسكوا بنا سنصبح حديث الصحف في الصباح!
-لا استطيع، قلبي سيتوقف.
كانت تلهث بصوت مسموع وهي تتحدث بسرعة، هي تعرف، لا بل متيقنة أنهم يبحثون عنهم الان في كل مكان!
وفجأة سمعوا صوت الطلق الناري قريب منهم جدًا، لدرجة أن جسد حور بدأ يرتعش بعنف مُثير للشفقة وهي تتمسك بيد شقيقها جيدًا...
وصدح صوت احدهم كالرعد وسط سكون الليل:
-توقفوا، إن لم تتوقفوا سأطلق النار
رغمًا عنها سقطت ارضًا، كل شيء يُعاكسها حتى اقدامها، لم تعد قادرة على الركض اكثر؟!
توقف علي هو الاخر يحاول جعلها تنهض ولكنها كانت كالطفلة تبكي وهي تمسك بقدmها التي استوطنتها العجز كما حياتها كلها...
ليُخرج علي سلاحه بتلقائية وهو ينظر للآخر الذي أصبح امامهم..
فزمجر فيه مسرعًا وكأنه يحذره من مصير أسود:
-لا تتدخل يا حسين واتركنا نذهب، أنت تعلم جيدًا أنني لن اترك شقيقتي تدفع اخطاء اخيها وادعك تأخذها فصلية ذليلة!
ابتسم المدعو حسين بسماجة وهو يهز رأسه نافيًا:.
-وانت تعلم جيدًا أنه أمر العشيرتان بعد الاجتماع، وتعلم جيدًا جدًا ماذا يحدث لمَن يخالف امر عشيرته!
وفجأة رفع الاثنان سلاحهما بوجه الاخر، وحور، حور سقطت في حفرة عميقة، قاسية ومو.جـ.ـعة لتلك الروح التي تناجي الرحمة في قلوب مغشية!
رفعت رأسها فجأة تصرخ من وسط بكاءها:
-يكفي، اتوسل اليكم يكفي!
أشار لها حسين برأسه بحدة آمرًا:
-انهضي اذًا وتعالي معي بكل هدوء.
نظرت لشقيقها الذي احتدت عيناه السوداء لترمي شرارات من الغضب كالفتيل الذي على وشك التهام المحصول كله...
اقترب منهم حسين فجأة وتحرك علي في نفس اللحظات يسحب حور، فأطلق حسين الرصاص بعشوائية ومع حركة علي وتفاديه لها لم يصبه شيء، ولكن ازدادت صرخات حور التي شعرت وكأنها اصحبت في معركة دامية، معركة لن تنتهي الا بانتهاء احد الطرفين!
صرخ حسين وهو يحاول سحب حور:
-هيا تعالي ودعكِ من ذلك المتهور الأبله.
ولكن ذلك المتهور فعليًا، دفعه بعنف بعيدًا عن حور لدرجة أن حسين فقد توازنه ليسقط على الارض خلفه ولكن لسوء حظه كانت توجد حديدة قاسية بـ.ـارزة غُرزت بمنتصف قلبه!
ليهرب علي بعد إلحاح حور الطويل...!
أفاقت حور من شرودها على صوت رفيقة دربها ريم وهي تهزها برفق متمتمة:
-حور، يا حوووور ما بك؟!
هزت رأسها ببطء ليخرج صوتها مبحوحًا لينًا كخشبة رقيقة لا تستطع أن تغرق وسط المياه ولا حتى أن تنفذ من موجاتها!..
شردت قليلاً في تلك الليلة المأساوية التي حولت حياتي للعبة طاولة يتحكمون بها الكبـ.ـار !
عضت ريم على شفتاها بأس، لو سألوها ماذا يفعل الظلم في ذلك العالم لردت صراحة، انه تجمع كله ليصبح سوطا يجلد تلك الفتاة بلا رحمة!
ثم سرعان ما إنتبهت لحور وهي تستكمل ضاحكة بسخرية:
-ستقولين عني مـ.ـجـ.ـنو.نة إن اخبرتك أن جزء داخلي صغير جدًا سعيد بزواجي من عاصي..!
هزت رأسها نافية بابتسامة خالية من المرح:
-لا لن اقول يا عزيزتي لانني عاصرت ذلك الحب المخفي طوال سنوات.
نظرت حور للنافذة مرة اخرى وهي تهمس متابعة ببلاهه طفلة لا تدري ماذا تُحيك الحروف بفاهها:
-أ تعلمين يا ريم؟ آآ...
وكادت تكمل ولكن قاطعتها ريم بمرح المعتاد لتضيف مرحًا خاصًا على الاجواء المعكرة:
-وكيف سأعلم إن لم تخبريني يا حبيبة ريم!
ابتسمت حور ابتسامة صغيرة ثم استطردت بنبرة ليست هنا بل شاردة تصف تلك الضجة التي تسيطر على داخلها:.
-أشعر بقلبي يهتز بعنف، يهتز رعـ.ـبًا من القادm، وكأنه يتمنى لو تزوجت شقيقه حسين رحمه الله، فيكون اكثر رحمةً بي، ولكنه ينهار، يرتجف كلما تذكر أن غضب ونار انتقام عاصي كالشياطين يمكن ان تحرق حتى روحه من كثرة غليانها!
ثم تهدج صوتها اكثر قائلة:
-وكلما نظرت في المرآة لأرى وجنتاي التي كانت تتوق للمسة منه، أرتجف عنـ.ـد.ما اتذكر أنها ستحمل علامـ.ـا.ت صفعاته بالتأكيد!
ثم مدت يدها تتحسس شفتاها الوردية الصغيرة:.
-وشفتاي، لن يُفتتن بها ولن تهمس بحبه كما توقعت، بل ستهمس بالتوسل والرجاء له فقط!
ثم اصبحت تضحك بهيسترية فجأة وهي تنظر لريم التي كادت تبكي تأثرًا بحال صديقتها الميؤس منه:
-بل احيانًا اُحدث نفسي انه صار وقــ,تــل اخي علي اخوه الثاني حسين لأتزوجه هو فيُستجاب دعائي الدائم بأن يصبح زوجي!
ثم اردفت باستنكار بعد ان تركت الضحك:
-ولكن إن كنت مبروكة لهذه الدرجة لمَ لم يُستجاب الجزء الثاني من دعائي يا ريم؟!
عقدت ريم ما بين حاجباها هامسة ببحة متأثرة:
-أي جزء؟!
لتجيب بقلب متمني متو.جـ.ـع بقدر تمنيه:
-أن يُصبح أب لأولادي يا ريم، أن يناديه اطفالي ب أبي!
رفعت ريم كتفاها بسرعة تحاول التخفيف عنها:
-وما ادراكِ بالغد يا عزيزتي؟! سيصبح أب لأولادك إن شاء الله
ابتسمت حور متهكمة بقوة:.
-على مَن تضحكين يا ريم؟ هل تتخيلين أن عاصي سيُنجب من أخت قـ.ـا.تل أخيه، ألا يكفي انه سيتزوجها فقط لينتقم منهم فيّ وليس خضوعًا لحكم العشيرة، خاصةً بعد قــ,تــل اخيه الثاني على يد نفس العائلة!
ثم ارتمت بأحضانها فجأة تشهق ببكاء عنيف، بكاء كانت تسده بصعوبة، بجدار واهي من التماسك، ولكن ذاك الجدار لم يعدر قادر على استيعاب قدرًا اكثر من البكاء الحاد...!
لتربت ريم على خصلاتها البنية برقة مغمغمة:.
-ابكي يا عزيزتي، ابكي يا رفيقة عمري ف غدًا ينتظر منكِ الصمود لأستيعاب ما سيحدث به!
اليوم التالي...
كانت ترتعش وهي جالسة بين النسوة، ترتدي فستان زفاف، لا لا هو لا يمت لفستان الزفاف بأي صلة!
هو كفن...
كفن من اللون الأسود يلف جسدها لتُزج به وسط ظلمـ.ـا.ت حياتها الجديدة التي ستصبح قبرًا يضم جسدها كاتمًا عنه ملذات الحياة..!
نظرت بعيناها البنية اللامعة بدmـ.ـو.ع متصلبة، للاسود الذي ترتديه بناءًا على اوامر زوجها المصون..
واضح كعين الشمس أن حياتها ستصبح مثل لونه تمامًا، ولمَ لا، فهي مجرد فصلية !
اداة للصلح بين عائلتان تسرب التار بينهما فكانت هي الحل الأمثل لوقف سيل الدmاء...
ولكن لم تنتهي المشكلة على هذا بل ازدات تعقيدًا وكأن القدر يُقسم لها ان حياتها للاسف، حالكة!
نظرت للنسوة من حولها، الجميع هادئ يجلس ببرود..
فهذه العادة مُرسخة منذ القدm في العراق...
ويبدو انها لن تزول في بلدتهم الريفية الصغيرة..
وفجأة صمت الجميع عنـ.ـد.ما ظهر زوجها المصون، عاصيها وعاصي قلبها...
عاصي الشهاوي ...
وقد كان اسمًا على مُسمى...
سحبها من ذراعها دون أي كلمة وهو يحيي الجميع ببرود، اتجه بها نحو غرفتهم..
بدأ قلبها يرتعد بين ضلوعها، هي تعشقه حتى اُدmي قلبها بعشقه، وهو يكرهها!
معادلة غير متوازنة اطـ.ـلا.قًا...
لهذا فهي ترفض هذه الزيجة تمامًا، ولكن ما باليد حيلة!
ظلت تتراجع بالخلف بذعر ونبضاتها تكاد تتوقق عنـ.ـد.ما رمقها بنظرة مستذئبة وهو يردد بخشونة تليق بعيناه الزيتونية الحادة:
-مبـ.ـارك يا...
ثم ضحك بسخرية وهو يُملي عيناه من فستانها الأسود شامتًا:
-يا عروس!
وقد أحمرت عيناه بغضب أسود كالمرجل أرعـ.ـبها وهو يكمل:
-مبـ.ـارك جحيمك، مبـ.ـارك بداية عـ.ـذ.ابك يا حور
كان تنفسها مسموع، يثقل شيءً فشيء وهي تراه يخلع بدلته ببطء مُدmر لأعصاب تالفة من الاساس...!
بدأ يفتح ازرار قميصه وهو يحدق عيناها التي احتضنها فتيل من الذعر، خاصةً وهي تسأله بحروف متقطعة:
-م، ماذا تفعل؟
ظل يقترب منها ببطء، حتى اصبح امامها مباشرةً عيناه تشع كرهًا أصاب أعماق روحها المخبئة..
ثم رفع يده يسير بإصبعه على طول ذراعها وهو يُزيل فستانها رويدًا رويدًا ولم تخفى عنه تلك الرجفة العنيفة التي هزتها بعمق، ليكمل هامسًا بنبرة أجشة:.
-اليوم، دخلتنا إن لم تتذكري، وتعلمين جيدًا ان اهلي ينتظرون دليل طهارتك، وبالطبع إنتِ لا يرضيكِ أن يُقال عن عاصي الشهاوي أنه ليس برجل!
حاولت التمسك بفستانها كالطفلة، مهلاً ولمَ كما؟!
فهي بالفعل تُعد طفلة في بداية عامها العشرين..
وخرج صوتها مبحوحًا وهي ترجوه:
-ارجوك اتركني
ثم نظرت لعيناه متوسلة:
-لا تفعل هذا بي يا عاصي
تلوى ثغره بابتسامة ساخرة ثم سرعان ما اختفت ليعود لقسوته المقيتة وهو يخبرها:.
-ولمَ لم يرحموا اخواني هم يا حور؟ الاول قــ,تــله اخاكِ الاكبر بغير عمد كما يدعون والثاني قــ,تــله اخاكِ الاوسط عنـ.ـد.ما كاد أخي أن يأخذك فصيلة ظنًا منه انه يخلصك من العـ.ـذ.اب ولكنه لم يعلم انه يرميكِ في العـ.ـذ.اب بجهل!
عضت شفتاها بخـ.ـو.ف ولم تنطق، لتشهق والخـ.ـو.ف يكبر داخلها منتشرًا بكل خلية حية بجسدها عنـ.ـد.ما مزق فستانها بحركة مباغتة!
هي تعلم انه لن يكن متهاون حتى وهو يأخذ منها اعز ما تملك...
يأخذ الشيء الذي لو تغير الوقت والظروف لقدmته له وهي اسعد مخلوقة على وجه الارض...!
ثم بدأ يُقبل رقبتها بعنف متعمد، وهو يكبل خصرها بينما هي تتلوى بين ذراعاه بقوة...
لتصرخ فيه مستنجدة قلبه الحنون الذي تعلم انه يكمن داخله في احد الاركان التي اُظلمت بالكره:
-ارجووووك يا عاصي، ارجوك اتركني! ماذا تريد لتتركني وشأني!
لم يتردد وهو يجيب بجمود مُخيف:.
-اريد كل شيء، كل شيء حلو في حياتك، قلبك لأدmيه وروحك لأقــ,تــلها بالحياة، وجسدك ليذكرك بعار ونجاسة عائلتك!
ولم يعطها الفرصة لنطق المزيد بل كان يكتم اعتراضها بشفتاه القاسية..
رفع لاعلى يداها التي تحاول دفعه ليمسكها بيد، ثم تقابلت شفتاه بشفتاها التي كانت ترتعش، والنار تشتعل بداخله اكثر، نار الانتقام الضارية، ونار اخرى تحرقه بقسوة لانه رغب في امتلاكها...
بينما يداه الاخرى تستبيح جسدها، و هي تتلوى بين يداه محاولة الفرار من بين مخالب معشوقها الوحيد...!
لتدفعه بعنف وهي تبكي بصوت عالي والفزع يفرض زمامه على روحها، ولكنه ظل يقترب منها...
كانت أسيل الشهاوي شقيقة عاصي الوحيدة تجلس على الفراش في احدى الغرف في فندق صغير نوعًا ما، تضم قدmاها لصدرها وهي تحدق بالأرضية بشرود!
عيناها تحوي فراغ صادm للضجة التي تستوحش صدرها...!
رفعت عيناها بسرعة عنـ.ـد.ما سمعت صوت باب المرحاض لتجد علي الجبوري شقيق حور يطل ببروده المعتاد الذي استوطن روحه منذ أن التقى بها!..
عاري الصدر يسير ببرود حتى وصل أمامها فبدأ يتحدث بصوت ساخر:.
-ما بكِ يا امرأة، مَن يراكِ لا يظن أننا تزوجنا منذ ايام معدودة لا تكاد تتخطى العشر حتى!
ثم صدرت عنه ضحكة خشنة مغموسة بالحقد وهو يُذكرها بما تود نسيانه وبقوة:
-اووه، حقًا اعتذر نسيت أني لم اكن سوى مُحلل حتى تستطيعين العودة لزوجك الذي طلقك ثلاث مرات! وأن ذلك تم بدون علم اهلك الذين يعتقدون انكِ تعيشين هانئة مع زوجك في بغداد!
حينها فقط رفعت عيناها التي كانت بحر، بحر أزرق هائج وبجنون يرمي حروفها على هيئة شرارات:
-لا اكره في حياتي سواك وعائلتك يا قــ,تــلة! وخاصةً أنت، القـ.ـا.تل الذي لا يشعر بذرة نـ.ـد.م حتى على قــ,تــله! لذا قدm لي معروف واحرمني من سماع صوتك الرائع...
وبالرغم من ان داخله كان يتلوى وكأنه يود الانقضاض عليها، الا انه قال بنبرة قاسية تحمل نمطًا واضحًا من الشمـ.ـا.تة:.
-لا ألومك على كرهك لي ولعائلتي، ولكن ما اتعجب منه وبشـ.ـدة هو حبك المرضي لذلك الرجل الذي لا يكف عن ضـ.ـر.بك وسبك كاليتيمة!
جزت على أسنانها الصغيرة بصمت ولم تُعلق، هي لا تجرؤ أن تنطق بشيء من الاساس...!
ألم يكن هو مَن خلصها من يد زوجها عنـ.ـد.ما كان يضـ.ـر.بها وهو يسحبها قصرًا معه يريدها ان تترك ذلك الفندق الذي جاءت اليه مع اخر يوم في عدتها لانها تعلم انه سيبحث عنها في منزلهم الذي تركه اثناء فترة العدة ليبحث عن مُحلل...!
هو هكذا وسيظل هكذا، قاسي، متسرع وغيور بدرجة لا تُطاق، بمجرد ان يفقد اعصابه يُطلقها لدرجة انه هشم روحها بكلمـ.ـا.ته، ولكنها تعشقه؟!
قد يكون عشق مرضي كما قال علي ولكنه تسرب لأوردتها وانتهى الامر...!
انتبهت ل علي الذي كاد يتجه للدولاب وهو يتذكر ذلك الوقت، يتذكر عنـ.ـد.ما علم وسط الكلام من زوجها انه يبحث عن محلل سيعطيه المال مقابل ذلك، وبمحض الصدفة علم انها تكون شقيقة عاصي الشهاوي ليس سواها، فلم يتردد وهو يعرض نفسه ك مُحلل على زوجها الأبله!
وعنـ.ـد.ما وجد منه التردد الكبير خاصةً عنـ.ـد.ما علم ان علي هو قـ.ـا.تل شقيق زوجته، هدده انه سيخبر اهل اسيل عما تتلقاه ابـ.ـنتهم من زوجها المصون وسيخبر على وجه الخصوص عاصي الشهاوي الذي ربما يقــ,تــل زوجها في التو!..
ولكن بالطبع أوضح له بل وأقنعه انه يفعل ذلك لحاجته للأموال بسبب هروبه دون اخذ الاموال الكافية بالرغم من ان علي اخذ كل رصيده في البنك!..
ولكنه كان يتصرف بدافع واحد فقط، بدافع الأنتقام!
الأنتقام من عاصي الذي هو متيقن انه يُذيق شقيقته المسكينة حور اسوء انواع العـ.ـذ.اب النفسي والجسدي...!
استفاق من شروده على نظرات أسيل الشاردة، فلم يترك الفرصة لأهانتها وهو يستطرد:
-اعتذر عن خروجي عاري الصدر فأنا لم اعتاد على كوني متزوج، اعتدت ان دائمًا لا يكون مكانك سوى احدى العاهرات فقط!
وايضًا ابتلعت غصة مؤلم كانت كالأشواك تمزق حلقها وهي تبتلعها بصمت...
لتشهق فجأة بعنف وهي تراه يميل عليها فجأة لتعود للخلف بحركة تلقائية حتى اصبحت متمددة على الفراش وهو فوقها ولكن دون ان يلمسها، انفاسه الساخنة تلفح وجهها الذي اصبح شاحب والتـ.ـو.تر يستولي على قسمـ.ـا.ته...
فهمست بصوت مبحوح ظهر التـ.ـو.تر به جليًا:
-ماذا ت، ماذا تريد يا علي، ابتعد!
رفع حاجبه الأيسر يتهكم بقوة:
-أليس من المفترض أن يكون زواجنا مكتمل حتى تصبح عودتك لزوجك صحيحة وحلال شرعًا!؟
هزت رأسها نافية بسرعة:.
-لا، أنت لن تمس شعرة مني الا على جثتي!
مد يده يتحسس جانب وجهها، ثم وببطء شـ.ـديد ثغرها الوردي رغم شحوبه، ثم رفع حاجباه بتعجب مصطنع:
-على حد علمي ديننا يقول هذا، ام انكم تدعون لدينًا جديدًا؟!
-ليس لك دخل، يكفي ان تبتعد عني
صرخت بها وهي تمسك ملابسها وكأنها تحتمي بها من ذلك ال علي !..
ولكن مع لمعة عيناه الشرسة، وعقله الذي يضاهيها لمعة الخبث التي زجها الشيطان بين ثناياه، كان وبحركة مباغتة يمزق فستانها الرقيق لتشهق هي بعنف مزمجرة فيه بهيسترية:
-ابتعد عني، اتركني ماذا تفعل
ولكنه لم يأبه بها، ظل يمزقه بغل واضح عنـ.ـد.ما مزق الفستان تمامًا، كان ينظر لجسدها المُعرى لاويًا شفتاه بسخرية لاذعة وهو يقول:
-لا تقلقي، لن أقترب منكِ لان ليس أنا من يأخذ بقايا غيره!
وألقى نظره اخيرة عليها بازدراد واضح قبل ان يخبرها:
-ثم انك لا تثيرين فيّ ما تثيره طفلة حتى! سأذهب لأبدل ثيابي و يُستحسن أن تبدلي تلك الثياب ايضًا، لربما يشك طليقك بكِ فتتلقين ضـ.ـر.بًا مبرحًا كالعادة!
شـ.ـدد على كلمة طليقك وكأنه يدفنها بعقلها لانه وببساطة القلب خارج حساباته...!
وبالرغم من طبيعة علي وشراسته الحالية لينتقم، الا انه متملك وغيور على اي شيء يمتلكه حتى لو كان يمقته!..
وبمجرد ان دلف للمرحاض مرة اخرى بدأت هي تبكي بصوت مكتوم وهي تدفن وجهها بين قدmاها، لا تدري ما القادm ولكنها تشعر انه سيء، سيء جدًا!..
↚
في ظلمة الليل...
كانت أسيل متسطحة على الفراش كالجنين، نامت من كثرة الأرهاق والبكاء رغمًا عنها، خصلاتها البنية ترتمي على الوسادة جوراها ويداها تشتد على الغطاء الذي يُغطيها بأهمال...!
دلف علي إلى الغرفة بهدوء تام دون ان يُصدر اي صوت، وقف على عتبة الفراش يحدق بظهرها الملتوي وخصلاتها الشاردة، ليمد يده ببطء متردد يتحسس خصلاتها برقة، ولكن فجأة وجدها تستيقظ لتنتصب جالسة تصرخ فيه بقلق:.
-ألم اخبرك ان تبتعد عني؟! اتركني وشأني..
عادت ملامحه من سفرة واجمة شاردة لملامح خشنة وحادة وهو يُلقي بكلمـ.ـا.ت كالسوط على مسامعها:
-سأتركك لا تقلقي، ولكن بعد ان يتم ما اتيت لاجله...
سألته بخـ.ـو.ف:
-وماهو؟
بدأ يفتح ازرار قميصه ببرود قاصدًا إرعابها، ببطء مُقلق وهو يهمس لها ؛
-أتيت لأتمم زواجنا، لان طليقك المصون طلب مني ان ينتهي ذلك الزواج بأسرع وقت، فهل انتِ مستعدة يا عروس؟!..
وبعد أيام معدودة...
ليلة خطبة ريم صديقة حور وعقد قرانها...
كانت تجلس شاردة، شاردة في صديقتها التي لم تستطع التواصل معها منذ ان تزوجت!..
اصبح تشعر بالوحدة تقــ,تــلها ببطء، والفراغ يستوحش حياتها شيءً فشيء...!
نظرت حولها لتنتبه للشيخ الذي قال بهدوء:
-بـ.ـارك الله لكما وبـ.ـارك عليكما وجمع بينكما في الخير.
لتصدح الزغاريد لتعبأ المكان، بينما هي تتنهد بصوت مكتوم وهي تحدق ب ظافر ابن خالها الذي وافقته على اقتراحه المتهور من اجل ان يحصل على حضانة طفله عمار من طليقته...
لا تدري ما الذي جعلها توافق على الزواج الصوري المؤقت ذاك، ولكن لربما لانها لا تريد لعمار ان يحيا بلا أب كما عاشت هي خاصةً مع ام مثل زوجة ظافر السابقة!..
بدأ الجميع يتحدث في شتى الامور، حينها بدأ ظافر يقترب منها ببطء، لا يصدق أن طفلته الحبيبة اصبحت زوجته، ملك له، تحمل اسمه ولا غيرها!
نعم طفلته، طفلته التي تربت على يداه منذ كانت عشر سنوات حينما توفى والدها، ولم تنفصل عنه حتى بعد زواج والدتها من والد حور الا حينما اصبح عمرها عشرون عامًا فأصرّت والدتها على أخذها لتعيش معها في بيت زوجها الجديد والد حور ...
اصبح جوارها تمامًا، فهمس عند اذنها متعمد لمسها بشفتاه:
-مبـ.ـارك يا زوجتي، مبـ.ـارك أنتِ لي!
حاولت رسم ابتسامة سمجة حتى لا تلفت انظار الجميع لها، ثم همست بحدة:
-ابتعد عني يا ظافر، أنا لستُ امك او ابيك او امي او زوج امي حتى تقنعني انك رأيتني زوجة مناسبة هكذا فجأة فأتيت لخطبتي! كلانا يعرف انه زواج مؤقت حتى يعود عمار لك فقط...!
اومأ ظافر برأسه دون ان يجد ما يستطع قوله، بينما داخله يحترق، يحترق بقسوة عنـ.ـد.ما يتذكر انه مجرد زواج صوري مؤقت!
بعد فترة بدأ الجميع يغادر، ليقترب زوج والدتها والد حور منهم مغمغمًا بجدية:
-نحن سنصعد لأعلى، ونتركك تجلس مع زوجتك قليلاً بمفردكما يا ظافر، بالمناسبة والدتك ووالدك ايضًا سيبيتون هنا الليلة بعد اصرار زوجتي، وبالطبع انت ستغادر!
هكذا كان ابراهيم الجبوري، فظ خشن، يلقي ما بصدره في وجه مَن امامه دون تردد!
اومأ ظافر موافقًا بهدوء:
-بالتأكيد يا عمي، لا تقلق انا اعرف الأصول جيدًا
اقتربت منه والدته لتهمس لهما بابتسامة صادقة:
-اسعدكما الله يا اولادي..
ثم غادرت مع البقية لتصبح القطة في عرين الاسد رسميًا...!
حينها إلتفت ل ريم التي تنفست بصوت مسموع وهي تردد بحنق:
-واخيرًا انتهت تلك المسرحية!
ثم التوت شفتاها بابتسامة صغيرة متهكمة وهي تردد:.
-كدت اصدق اننا متزوجان فعلاً، تمثيلك رائع يا ظافر! احسنت
ثم نظرت له مكملة بلا توقف:
-ولكن أ تعلم، اشعر ان والدتي لم تقتنع بفكرة زواجنا ولكنها خضعت لرأي عمي ابراهيم كالعادة، أيًا يكن، ما حدث حدث وانتهى
تثرثر وتثرثر بلا توقف، بينما هو شارد بدنيا اخرى غير التي تحوينا، عيناه تراقب حركة شفتاها التي تستفزه ليُقبلها...!
وبالفعل لم يُحرك عيناه عن شفتاها وهو يهمس:
-ريم، هل يمكنني فعل شيء؟!
لا تعرف ان كان سؤال او مجرد اخبـ.ـار ولكنها اومأت ببلاهه:
-نعم ولكن...
ولا يوجد لكن في قاموس ظافر المتلهف الذي بلحظة كان يُثبت وجهها بيداه ليلتقط شفتاها في قبلة شغوفة ليُحقق اول حلم تمنى تحقيقه عنـ.ـد.ما تصبح ملكه...!
وهي كالصنم بين يداه تحاول استيعاب ما يحدث واسكات تلك الفراشات التي تطير بمعدتها...
قطع قبلتهم اللاهبة صوت هاتفه وهو يرن، ليلعن ظافر بصوت مسموع وهو يترك شفتاها قصرًا، ثم همس قبل ان يبتعد تمامًا بأنفاس متقطعة:
-اعتذر يا طفلتي لم استطع الصمود
اخرج هاتفه لينهض وهو يجيب ببضع كلمـ.ـا.ت مختصرة اخرها رده السريع قبل ان يُغلق:
-حسنًا حسنًا انا قادm الان يا لينا...
ثم نظر لريم التي كانت مبهوتة مكانها تحدق باللاشيء، ليهمس ببضع كلمـ.ـا.ت هي حتى لم تنتبه لمحتواهم جيدًا ولكن يبدو انه كان يخبرها بمغادرته وبالفعل غادر هكذا!
تركها كالمنبوذة ليلة كتب كتابهم ليرى احدى عشيقاته!..
بعد فترة كبيرة تحديدًا في منتصف الليل...
سمعت ريم طرقات بطيئة على الباب فنهضت بهدوء لتترك الرواية التي كانت تقرأها ثم ارتدت اسدال بعشوائية و اتجهت للباب لتفتحه...
وما إن فتحته حتى شهقت بعنف وهي ترى ظافر امامها، تراجعت على الفور عنـ.ـد.ما رأت مظهره الذي تعلمه جيدًا وتعلم انه ثمل حينها...!
فهمست بتـ.ـو.تر خشية ان يستيقظ اي شخص:.
-ماذا تفعل هنا الان يا ظافر؟! ألم يخبرك عمي ابراهيم انك لن تبيت هنا! هيا عود لمنزلك
لم يرد عليها ظافر بكلمة واحدة وإنما سحبها من يداها الصغيرة للداخل وهو يغلق الباب بصمت...
صعد بها حتى غرفتها فأدخلها اولاً ثم دخل خلفها ليُغلق الباب ببطء بينما هي تبتلع ريقها بتـ.ـو.تر..!
بدأ يقترب منها فتذكرت على الفور ما حدث في الصباح ليتلعثم لسانها اكثر وهي تقول:
-لماذا آآ، تقترب هكذا؟! وما الذي ف، فعلته في الصباح!
اخذت نفسًا عميقًا عنـ.ـد.ما وجدت نفسه ملتصقة بالحائط ولا يوجد مفر من يداه التي احاطتها، ليرفع عيناه ببطء ثقيل يهمس لها:
-ماذا فعلت؟! أ تقصدين أني قبلتك؟ نعم..
ثم رفع حاجباه بسخرية يتابع:
-كنت ثمل لم اكن واعي لمَ فعلته...
ثم اقترب مرة اخرى جدًا حتى بدأت انفاسه الساخنة تضـ.ـر.ب وجهها الشاحب بقوة، ليردف:
-والان ايضًا انا ثمل، لذا توقعي مني اي شيء! مثلاً أن اقبلك مرة اخرى.
ومن دون مقدmـ.ـا.ت وجدها تدفعه بعنف بعيدًا عنها وهي تزمجر فيه بعصبية واضحة:
-ابتعد عني، لا أطيق رائحة الخمر والنساء التي تفوح منك!
ثم تقوس فاهها بتهكم قوي:
-يبدو ان احدى عشيقاتك لم تتحمل فكرة أنك ستتزوج فدعتك على الفور لتُعيد امجاد الماضي معها ربما تعود لعقلك...!
بدأت تفرك جبينها بتـ.ـو.تر عنـ.ـد.ما لاحظت نظراته المشتعلة التي استوطنها الغضب محاطًا بالجنون خاصةً عنـ.ـد.ما استطردت:.
-لا ادري ما الذي اصابني لأتزوج من زير نساء، بل وكان متزوج سابقًا وانجب ايضًا! وفارق السن بيننا ماشاء الله عشر سنوات..! أي جنون ذاك الذي اوقعت نفسي به، اتمنى ان اغمض عيني وافتحها لأجد ان ذلك الكابوس انتهى!
ثم تركته لتركض خارجة من الغرفة قبل ان يفتك بها كما تخبرها ملامحه..
وبمجرد ان خرجت ضـ.ـر.ب هو المزهرية الصغيرة الموضوعة لتسقط متهشمة ارضًا يليها همسه الحاد كالذبيح:.
-بسببك، بسببك فقط تزوجت لأبتعد عنكِ وبسبك ايضًا اصبحت زير نساء، فقط لأنساكِ وابتعد عنكِ كما امرت والدتك، ويا ليتني استطيع، ليتني استطيع ان ابيت بأحضان النساء مرتاح البال لا احترق شوقًا لكِ!
بدأت حور تتململ في الفراش بكسل، فتحت عيناها السوداء الكحيلة ببطء ليهاجمها ضوء الشمس الذي اخترق غرفتها...!
نهضت تجلس وهي تضم ركبتاها لصدرها، عيناها مسلطة على اللاشيء!
لا تدري كم يوم مر على زواجها اللعين ذاك، ولكنها باتت تشعر أن الايام لا تسير، القافلة لا تسير ومَن بالقافلة متحطم تمامًا...!
بالرغم من استسلامها له في تلك الليلة، إلا انها كانت كفاجعة احتلت منتصف حياتها..
نظرت للباب المُغلق عليها، فهو هكذا في كل مرة يخرج ثم يُغلق الباب عليها!..
وفجأة وجدته يفتح الباب ويدلف دون ان ينظر لها، كادت تنهض وهي تنطق بصوت مبحوح:
-هل يمكنني الخروج للحديقة قليلاً، اصبحت اشعر بالاختناق من تلك الغرفة
قالت اخر حروفها وهي تسرع في خطواتها لتصل للباب، ولكنه بات حلم مقـ.ـتـ.ـو.ل في مهده عنـ.ـد.ما قبض على يداها بقوة وهو يقول:
-لا، ليس اليوم!
سألته بحروف مرتجفة نوعًا ما:
-لماذا؟!
حينها جذبها ببطء يُقربها منه، حتى تقابلت عيناه مع حلكة عيناها وهو يخبرها:
-صراحةً استسلامك تلك الليلة جعل من الامر شيء عادي بين اي زوجين، وهذا لم يعجبني اطـ.ـلا.قًا!
اهتز فكها بعنف وهي تحدق بالحقد الذي يُغلغل الشفقة بقلبه، ثم همست بصوت شارد وكأنها تحدث نفسها:
-أ تعلم لمَ استسلمت لك يا عاصي؟!
رماها بنظرة مستفهمة، لتكمل هي:
-لاني لا اكرهك، لا اكره لمستك، لا اشمئز منك كما يجب!
تجاهل كلامها الذي يُزيد من طرب الشياطين داخله بغباء منها ودون ان تشعر لتشعره انه لم يـ.ـؤ.لمها كما اراد...!
ليتابع وهو يقترب منها جدًا مغمغمًا بنبرة فاح منها الحقد:
-لذلك افكر في اعادة تلك الليلة ولكن بالطريقة الصحيحة التي تُشعرك انكِ تكرهيني فعليًا...!
لحظات مرت كانت بعثة من الزمن تُسرق فيها العقول والشعور، لتظل القلوب صريعة النسور!..
طرقات عالية على الباب كانت مُنقذة لها، جعلت عاصي يبتعد قليلاً ليجيب بصوت اجش:
-مَن؟!
ردت الخادmة باحترام:
-انا فاطمة يا باشا، الهانم أمرتني ان اخبرك ان الغداء صار جاهزًا!
اومأ عاصي ببرود وكأنه يراها:
-حسنًا قادm...
عاد ببصره ل حور، حور التي كانت بـ.ـاردة، شاحبة وكأنه سلب منها روحها بكلمـ.ـا.ته السابقة، كلمـ.ـا.ته أمـ.ـا.تت شيء داخلها، شيء كان يختبئ ولكنه غرز له سكين قاسي بروده سَن قسوته اكثر...!
ليفك يداها ببرود هامسًا:
-هذه المرة أنقذك الحظ من بين يداي، ولكن في المرة القادmة لا أعدك بذلك..
وعنـ.ـد.ما كان يفك قيدها كانت أنفاسه تصفع صفحة وجهها الشاحب، وكأنها تُحيه بلهبها، وبمجرد أن فك قيدها وجدها تدفعه بسرعة لتنسحب من اسفله وهي تنهض متمتمة بصوت يكاد يسمع:
-شكرًا يا عاصي، اعدك ان ابدأ في كرهك، ومن التو واللحظة!
ثم استدارت لتركض للمرحاض، تحبس نفسها داخله، لا تتخيل ما كان سيحدث...!
يا الله، لو تبدل المستقبل بالحاضر، لتبدل قلبها ب قطعة بالية فقدت اتصالها بالعالم الطبيعي...!
بعد دقائق معدودة سمعت طرقات على الباب وصوته الخشن يردد:
-لن انتظر سموك اليوم بأكمله!
فتحت الباب ببطء لتجده يحدق فيها بترقب، يراقب حركات وجهها الصغير الذي شحب وبقوة، حتى عيناها الحمراء بلون الدmاء...!
فخرج السؤال تلقائي منه:
-هل انتِ بخير؟
ابتسمت بسخرية واضحة وهي تخبره:
-يبدو أنني لن اكون بخير الا اذا ابتعدت عنك
لا يدري ما الذي جعله ينطق دون ان يفكر بتلاعب تلك الحروف بفاهه:
-كاذبة!
كادت تتـ.ـو.تر، تتراجع عن خطوة دفاعها لاول مره، ولكنها استعادت ثباتها بسرعة وهي تتهكم:
-ومَن ادراك انني كاذبة؟! اصبحت لا اطيق المكان الذي تتواجد به أنت..
وبلحظة حدث كل شيء، كان يجذبها من يدها دون مقدmـ.ـا.ت حتى اصطدmت بصدره، وافكاره في تلك اللحظات ترميه من بئر لآخر اشـ.ـد انحطاطًا منه...!
وهي حاولت إبعاده في البداية، ولكن كالعادة بدأت ترتجف بخفة بين ذراعيه، وكأنها تثبت له انها بالفعل كاذبة!..
بعد لحظات من الصمت المشحون ابتعد ليتركها تلتقط انفاسها المتبعثرة بينما يقول هو بمكر قاسي على كرامتها التي كانت تحاول احياءها:
-هذا ما ادراني، يا مدام، ارتجافتك وكأنك ترتمين بأحضان حبيبك، او كأنني امـ.ـو.ت شوقًا لكِ فترتجفين تأثرًا بهجومي!
لم تجد ما تقوله، وايضًا تلك المرة انقذتها الطرقات الهادئة على الباب، ليفتح عاصي الباب وهو يزمجر بحدة:
-ألم أقل أنني قادm؟
أحنت الخادmة وجهها بحرج وهي تهمس:.
-اعتذر سيد عاصي، الهانم هي من أمرتني
تخطاها عاصي وهو يتجه للأسفل بخطى سريعة لتتبعه حور وهي تتأكد من حجابها الصغير، وصلا الى طاولة الطعام لتتحدث والدة عاصي بهدوء:
-كل هذا الوقت لتأتي يا عاصي؟!
حاول رسم ابتسامة هادئة وهو يقول:
-اعتذر يا امي..
ثم اشار لحور ان تقترب، اقتربت بسرعة تنوي تقبيل يدها ولكنها ابعدت يدها بعنف وهي تصرخ:
-ابتعدي لا تحاولي لمسي حتى! وتأتين لتقبلي يدي بكل وقاحة...
تراجعت دون ان تنطق بحرف، عيناها ثابتة على الارض وكأنها هي فقط مَن لا تهدر كرامتها وكيانها بعنف...
لتسمعها تكمل بحدة عالية:
-من أتى بتلك الفتاة الى هنا يا عاصي؟
رد بهدوء تام يليق به كالفهد:
-أنا مَن أتيت بها
حينها أنفجرت وهي تسأله بانفعال لم يجعل لمحة من ملامحه الجـ.ـا.مدة تهتز ولو للحظة:
-لماذا؟! لماذا يا عاصي وأنت تعلم أنني لن اجلس معها على طاولة واحدة ابدًا
اومأ مؤكدًا ثم اردف بجدية:.
-اعلم يا أمي، وانا لم اجلبها لتشاركنا الطعام بل...
حينها إلتقت عيناه العاصفة بعينا حور التي بدأت تهتز بعنف في مدارها وكأنه يُسقط حمم بركانية عليها...!
ثم تابع ببرود قاسي:
-بل احضرتها لخدmتك، لأنني اعطيت جميع الخدm اجازة، وحان دور فاطمة فقط، ستخبر حور كل شيء عن المطبخ والخدmة وستغادر هي ايضًا!
حينها بدأت نشوة الانتصار تغزو كافة ثنايا والدته وهي تهمس:
-يعني احضرتها هنا حتى تصبح خادmة لدينا؟!
اومأ عاصي مؤكدًا دون ان يحيد ببصره عن تلك التي إلتمتها الصدmة بين بقاعها فلم تعد قادرة على تحرير الحروف من بين شفتاها حتى...
جلس عاصي بكل هدوء على طاولة الطعام ثم بدأ يتناوله وهو يشير لوالدته:
-هيا تفضلي بالجلوس يا امي..
ودون ان ينظر لحور مرة اخرى كان يردد لها بجمود:
-وأنتِ انصرفي الى المطبخ حتى ننهي طعامنا ثم تعالي لنرى ما نريد وما سنأمركِ به!
لم تملك سوى أن تومئ دون ان تنطق بحرف ثم استدارت تتجه للمطبخ...
لاول مرة تشعر بهذا الشعور، تشعر بالذل، بالمهانة والحقارة، مرارتهم لاذعة وبشـ.ـدة لدرجة انها لا تستطيع ابتلاعها وكتمانها!..
مرت دقائق لتسمعهم ينادونها كالخادmة تمامًا، وما إن اقتربت منهم حتى وجدت والدته تأمرها بترفع:
-احملي تلك الاطباق وحضري لنا القهوة، يا ويلك إن كانت بـ.ـاردة او ليست مضبوطة حينها سأسكبها بوجهك المقزز هذا!
لم تفعل سوى ان حملت الاطباق، ولكن يداها كانت ترتعش، ترتعش بألم مُخزي وهي تمتثل لاوامرها التي لا تسحبها سوى لوادي واحد الذل ...
سقط الطبق من يدها دون ان تشعر ليتهشم ارضًا، حينها تعالى صراخهم القاسي خاصةً عاصي الذي دفعها بعنف من امامه وهو يزمجر فيها بعصبية:
-حتى حمل الاطباق لا تفلحين فيه! اتمنى ان اجد لكِ شيء جيد تفلحين به، لم تستطيعي الوصول لمستوى الخدm حتى!
سقطت ارضًا تتأوه بألم واضح عنـ.ـد.ما انغرزت زجاجة صغيرة من الطبق بيدها، كانت تحاول كتمان دmـ.ـو.عها قدر الإمكان، لن تسمح لهم أن يروا دmـ.ـو.عها مهما كان الثمن!..
ولكن الامر فاق احتمالها عنـ.ـد.ما نهض عاصي ليسير مغادرًا وفي طريقه كان يدفعها بقدmاه، حتى كادت تسقط ممسكة بقدmه، كالعبدة تمامًا عند اقدام سيدها...!
↚
كان علي في الخارج في عمله ك حداد، غادر بهدوء يتوجه للفندق والذكريات تتماوج بين ثنايا عقله الصلب...
فلاش باك###
اتسعت ابتسامته بسخرية لأسيل التي اعتقدته سيتمم زواجهم الان، ليقول بجمود:
-أنا اخلع ثيابي لأنام يا أسيل، ليس لي رغبةً بكِ اطـ.ـلا.قًا، على الاقل الان!
ثم تركها ببرود ليتمدد على الفراش جوارها دون ان يعير صدmتها اي اهتمام...!
باك###.
وعنـ.ـد.ما وصل غرفة أسيل في الفندق، وجد باب الغرفة مفتوح فأسرع في خطواته ليدلف دون سابق انذار...
ولكن المشهد الذي رآه جمد الدm بعروقه، لحظات فقط قبل ان يركض بأتجاه أسيل التي كانت تستقر بأحضان طليقها بضعف، ليصـ.ـر.خ بصوت هز كيان تامر طليقها:
-ابتعد عنها حالاً...
وبالفعل تركها ثامر ولكنه قال بغضب واضح وكأن علي ينتشل منه حقه في قربها:
-وما دخلك أنت؟ هل نسيت اتفاقنا يا علي؟
هز رأسه نافيًا ببساطة:.
-لا لم انسى، ولكن يبدو انك الذي نسيت انني رجل شرقي ولستُ حتى اتركك تحتضن مَن تحمل أسمي، حاليًا!
ومع اخر كلمـ.ـا.ته كان يسحب أسيل من ذراعها بعنف لتصبح خلفه، فيما نظر لها ثامر وهو يهمس بتردد:
-سأذهب الان، ايام قليلة ولن يُفرقنا أي شخص يا عزيزتي!
ولم يلحظ كلاهما ابتسامة علي الملتوية بشراسة ساخرة، ابتسامة كانت بمثابة وعد لنفس ذاقت مرارة الفراق منذ سنوات، فأقسمت أن تذيقه إياها...
خرج ثامر بالفعل حينها اقترب علي من الباب بهدوء يُغلقه قبل ان يعود ل أسيل التي كانت صامتة تمامًا بخـ.ـو.ف تحاول فهم ما يدور برأسه، ليُفاجئها عنـ.ـد.ما جذبها بعنف من ذراعها وهو يصـ.ـر.خ فيها بجنون:
-كيف تسمحين لنفسك؟ كيف تلقين بنفسك بين ذراعي رجل غير زوجك! ولكن الحق عليّ أنا، لم يكن عليّ أن اترك الباب دون اغلاقه بالمفتاح
هزت رأسها نافية وهي تعض على شفتاها، ولكنه اكمل صراخه الذي أرعـ.ـبها فعليًا:.
-ام انكِ اشتقتي لوجود رجل في حياتك! رجل يأخذ منكِ حقوقه كالحـ.ـيو.ان ويرميكِ، يبدو أنكِ تعاني من حرمان عاطفي وجسدي!
إتسعت عيناها بذهول وهي تحدق بعيناه التي تفيض غلاً وشراسة، وغيرة!
تحاول نفض غبـ.ـار العجز عن روحها وهي ترفع رأسها بشموخ:
-لستُ أنا مَن تركض وراء رغباتها يا علي
ولكنه بدا وكأنه لم يستمع لها وهو يدفعها بجسده نحو الحائط يحشرها بينه وبين جسده، ليقترب بوجهه منها جدًا حتى انها توقعت أن يُقبلها!
ولكنه لم يفعل بل بدأ يقترب اكثر وهو يردد بصوت كان كالسياط تجلدها:
-إن كنتي لا تستطيعين التحكم برغبة جسدك، يمكنني اشباع تلك الرغبات!
ظلت تهز رأسها نافية تحاول إبعاده عنها بشتى الطرق، حتى اختنق صوتها بالبكاء وهي تهمس:
-لا، اتركني
ولكن علي كان بوادي اخر، وادي لا يشعر فيه سوى بالغيرة تنهش به كوحش مؤلمة وقاسية مخالبه حد الجنون...
وفجأة وجدها تدفعه بقوة لم تدري من أين اتت ثم ركضت نحو المرحاض تفرغ ما بمعدتها، كان صوت تأوهاتها عالي وهي تمسك ببطنها، ظل مشـ.ـدوهًا هو للحظات قبل ان يركض نحو المرحاض خلفها، فكادت هي تغلق الباب ولكنه دفعه ببطء وهو يدلف ليجدها تجثو ارضًا، شعرها الذهبي يغطي وجهها وهي تتقيء بألم، لم يشعر بالاشمئزاز منها ولم ينفر من مظهرها بل جلس في مستواها يرفع خصلاتها برفق عن وجهها وهو يهمس لها بهدوء ظهر به بعض الحنو رغمًا عنه:.
-هششش، اهدئي، اهدئي يا أسيل وخذي نفسًا عميقًا، انا جوارك!
استندت على ذراعه رغمًا عنها، لتخونه يداه وهي تحيط بها ليحتضنها ببطء، يضمها بذراعاه بينما بينما يد اخرى تربت على شعرها بخفة، وهي كانت مستسلمة تشعر بتخدر في كامل حواسها..
وفجأة كان يمسك وجهها يرفعه له وهو يسألها دون تعبير واضح:
-هل أنتِ، حامل؟
صمتت لبرهه، وكأنها تحاول استيعاب ذلك السؤال ثم همست ببلاهه:
-ربما...
وفجأة صرخت بعنف عنـ.ـد.ما قبض على خصلاتها يجذبها لأسفل صارخًا:
-ستجهضين ذلك الطفل إن كنتي حامل، لن ادعه دقيقة واحدة!
صرخت به هي بالمقابل:
-وما دخلك انت! اتركني، لماذا تفعل هذا؟
حينها زمجر بخشونة دون وعي بما يتلون خلف كلمـ.ـا.ته المفاجئة:
-لانني لن اتركك تحملين بطفل من صلب رجل آخر...!
كانت فارغةً فاهها ببلاهه تحاول إستيعاب ما يلقيه على مسامعها كالتعويذة...
عيناها الدامعة تحوي خلفها فراغ قـ.ـا.تل خلقه كلامه الذي صدmها وبقوة...!
ثم أعقبها بصدmة اخرى عنـ.ـد.ما اكمل بقسوة مُخيفة وهو ينظر لمئزرها المفتوح الذي يظهر اجزاء من صدرها:
-وإن كنتي لا تريدين اجهاضه تحت اشراف الطبيب، سأحرص أنا بنفسي أن يمـ.ـو.ت ذلك الجنين في بطنك في الوقت الذي سألبي به رغباتك...!
اتسعت عيناها بذهول يأبى سحب اشباحه عنها وقد وجدته يحملها فجأة بين ذراعيه ويتوجه بها نحو الفراش الذي كان بمثابة اسوء كوابيسها الان...!
كان ظافر متمدد على فراشه، ينظر للاشيء ويُدخن بشراهة بينما جواره تكمن فتاة شقراء ترتدي قميص نوم يظهر اكثر مما يخفي...
تحدق بتقاسيمه التي استوطنها الغضب وهي تقول:
-هل سنظل هكذا يا ظافر؟ بدأت اشعر بالملل.
قالت اخر حروفها وهي تتحسس صدره العاري، والإغواء ينضح من عيناها، حركاتها الانثوية مُغرية، ولكن بالنسبة لعاشق لم يتمنى سوى صغيرته كانت مجرد تعاويذ لأشعال جنونه وغضبه الذي جعله ينفض يدها عنه وهو يزمجر فيها:
-هيا كما اتيتي غادري...
شعرت بالنيران تلتهم ما تبقى من ثباتها وصبرها، لتسأله بحدة:
-ماذا بك؟ ألم اعد اكفيك واشبع احتياجاتك يا ظافر؟!
كادت الاجابة تنفلت من بين لسانه، لا، لن يكفيه سوى طفلته التي تجعله يجن بمجرد تخيل انه سيُجبر على تركها وحينها مؤكد ستصبح ملك لآخر...!
في ذلك الحين، توجهت ريم نحو منزل ظافر الذي يقطن به بمفرده حاليًا ووالده بالخارج...!
نظرت للكيس الكبير الذي تحمله وبه طعام لظافر كما اوصتها زوجة خالها لانها ستتأخر، ومنه ايضًا لترى ظافر الذي لم تراه منذ عقد قرأنهم سوى مرة او مرتان من بعيد...
لا تدري لمَ ذلك الجفاء الذي اصبح يحول بينهما، وكأن ظافر يبعدها عنه بقدر كافي...!
كادت تطرق الباب ولكن وجدت جارها الشاب والذي كان بمثابة صديق الطفولة له، يقترب منها وهو يردد بصوت اجش:
-كيف حالك يا ريم؟!
اومأت بابتسامة ناعمة وهي تهمس:
-بخير، وأنت؟
اومأ هو الاخر بخفة مبتسمًا، كاد يستأذن منها ليغادر ولكن فجأة وجدوا باب منزل ظافر يُفتح ببطء، لم ينتظر هو بل هبط بهدوء...
في حين تصنمت ريم مكانها تحاول استيعاب مظهر تلك الفتاة التي تخرج من عند ظافر !..
لم تتردد ريم وهي تدلف لتُصعق من مظهر ظافر العاري الصدر، حينها همست بأسمه بوهن:
-ظافر!
حينها رفعت الاخرى حاجباها وهي تهمس لظافر بدلال متعمد:
-اراك لاحقًا حبيبي...
بينما ظافر متصنم مكانه، لم يتخيل ان يراها الان!
وفي ذلك الوقت والوضع!؟..
بدأ يشعر ان القدر يُعجل الخطى النارية في مسألة انفصالهما...
اقتربت منه ببطء، لم تشعر بالغيرة او ما شابه ذلك، ولكنها شعرت بكرامتها كأنثى تُسحق اسفل اقدام تلك الشمطاء...
فلم يكن منها الا ان صرخت فيه بكل ذرة تهدر بالانتقام لكرامتها داخلها:.
-صدق مَن قال، ذيل الكـ.ـلـ.ـب لن يعتدل ابدًا، ستظل انت كما انت، ظافر زير النساء الحقير الذي لا يحسب حساب تلك التي ورطها معه دون ان يخجل ويحافظ على كرامتها قليلاً، يبدو ان رغباتك هي التي تسيطر على عقلك! انت مجرد حـ.ـيو.ان شهواني يا ظافر أتعلم ذلك؟ ولكن اتساءل قليلاً لمَ لا افعل مثلك واسير في حياتي العاطفية مع رجل يقدرني حقًا...
وهو، لم يكن لديه رد خاصةً بعد جملتها الاخيرة سوى صرخة عنيفة وهو يقترب منها ليهدر بانفعال قاسي:
-لم يتبقى سوى طفلة تأتي لتصرخ عليّ وتعطيني تعاليم للادب!..
كانت حور كالعادة في المطبخ تعد الطعام، فأصبح هو شغلها الشاغل، لمَ لا فهي اصبحت خادmة ذلك القصر الوحيدة...!
لم يقربها عاصي ابدًا تلك الفترة القصيرة، فحمدت الله أنه لم يفعل والا لكانت انهارت تمامًا...!
كانت عيناها ذابلة، تُهيمن عليها سيطرة خاصة من شياطين ذلك المنزل الذي بدا وكأنه امتص نعومتها وانوثتها...!
سمعت خطى تقترب منها فلم تتعب نفسها حتى بأن تغطي شعرها الطويل بل تركته منسدل خلفها، ابتلعت ريقها بتـ.ـو.تر وشيء ما داخلها يُنذرها بسواد ما هو قادm على حياتها البائسة...
وبالفعل صدق حدسها عنـ.ـد.ما وجدت حمـ.ـا.تها امامها تهتف بنزق:
-لم تنهي الطعام بعد؟ الى متى ستظلين فاشلة!
حاولت عقد لسانها الذي كان يتصارع داخل جوفها ليصدر سبابًا لاذعًا لتلك السيدة التي لم تكف عن اهانتها دائمًا، ولكنها لم تستطع فقالت بحدة خفيفة:.
-الى أن يشاء الله غير ذلك!
جذبتها فجأة من ذراعها وهي تردف بخشونة:
-لم أتي هنا بنفسي لاتحدث معك، أتيت لاجعلك تشربين هذا
قالت اخر حروفها وهي تمد لها يدها بكوب ماء وشريط دواء صغير، في البداية لم تنجح حور في استبطان ما هو لذلك قالت ببلاهة:
-ولكن ما هذا؟!
اجابتها الاخرى ببرود قـ.ـا.تل:
-هذا منع للحمل، بالطبع لا تتوقعين مني أن اتمنى ان يأتي حفيدي منكِ أنتِ!
كانت حور صامتة، صارخة بداخلها بكتمان، عازفة عن كونها انسانة بروح تنوح داخلها...
لترد بهدوء مماثل:
-ولكني لن آخذه!
حينها ومن دون تردد كانت حمـ.ـا.تها تمسكها من خصلاتها بعنف وهي تهزها مرددة بجبروت مُخيف:
-ماذا! وتجرؤين على الرد عليّ والرفض ايضًا؟!
صرخت حور وهي تمسك بألم، تحاول فك قبضتها عن خصلاتها وهي تصرخ:
-اتركيني، اتركي شعري آآه...
ولكن تلك السيدة لم تكن تمتلك القدر الكافي من الرحمة في قلبها وهي تستكمل:.
-لن ادع ابني ينجب من عاهرة مثلك أ تسمعين، وقريبًا جدًا سأزوجه بأمرآة تكون سيدة لكِ يا قذرة يا
بدأت حور تذرف دmـ.ـو.عها بكثرة، لم تعد تحتمل التماسك يا الله ستنهار حتمًا!..
وبحركة مباغتة كانت تدفعها بعيدًا عنها وهي تزمجر بها بهيسترية:
-ابتعدي عني ايتها العجوز
وفي تلك اللحظة تحديدًا التي اندفعت بها حمـ.ـا.تها للخلف متأوهة، دلف عاصي وانظاره تنتقل بينهما بجنون، خاصةً عنـ.ـد.ما بدأت والدته تبكي وهي تسرع له:.
-أ رأيت يا عاصي؟ رأيت العاهرة ابنة قــ,تــلة شقيقاك وهي تضـ.ـر.ب امك ايضًا، تضـ.ـر.ب امك بهذا العمر!
وكلمـ.ـا.ت والدته كانت كفيلة لان تجعل عينا عاصي بركتا من حمم شيطانية مستعدة لاحراق كل مَن امامه...
ودون ان ينطق بحرف كان يجذب حور بعنف يتجه بها نحو غرفتهما، يجرها خلفه كالبهيمة حتى كادت تسقط اكثر من مره، وما إن دلف بها الغرفة اغلق الباب وهو يشمر عن ساعداه السمراوان ويقول بنبرة جعلت الرجفة تسري بأعماق تلك المسكينة:.
-انا سأريكِ كيف تضـ.ـر.بين امي يا...
ثم بدأ يقترب منها ببطء مـ.ـجـ.ـنو.ن وهي كالقطة المذعورة تتراجع للخلف و...
دقات قلبها في تلك اللحظات خرجت عن طور الثبات، فكانت في حالة هرج ومرج تحاول الخفقان...!
كانت عيناها تهتز بسرعة رهيبة وهي تحدق به وكأنها تتوسله روحانيًا، ولكنه بدا ك شيطان يلقي بتوسلاتها في منتصف بئر عقله الذي يكرهها بجنون!..
حُشرت بينه وبين الحائط من خلفها، برودة الحائط لم تؤثر بجسدها الذي كان بـ.ـاردًا، شاحبًا، فرت الدmاء هاربة منه ليتبقى الجسد بلا روح!
إنكمشت ملامحه والغضب يرسمها كأحدى طرق الجحيم وهو يسألها مستنكرًا:
-كيف تجرؤين؟! كيف تجرؤين؟
ولسانها الذي رماها بين احضان نيران غضبه، اختفى بلحظة فر ادراج الرياح لتتبقى هي كاليتيمة في حرب بلا درع حماية...
ليضـ.ـر.ب الحائط من خلفها صارخًا بصوت زاد من رعـ.ـبها:
-اجيبي، اين لسانك الذي كان يسب امي؟
لم تستطع سوى ان تهمس بصوت ظهرت بحته بصعوبة شـ.ـديدة:.
-ارجوك اسمعني يا عاصي، هي التي أتت لي تريد إجبـ.ـاري على شيء لا أريده، وهي التي جذبتني بعنف من خصلات شعري، هل تتوقع من أي بشرية بغض البصر عن كون مَن هي، أن تصمت وتترك لها شعرها؟! رد فعلي فطري يا عاصي وليس من سوء شخصيتي...
بالرغم من أن كلامها استولى على حيز من الاقناع في عقله، إلا انه ردد مستنكرًا:
-وهل يعني ذلك أن تضـ.ـر.بيها كما فعلتي؟! ألا يمكنك انتظار مجيئي؟
حينها لم تتردد وهي تنظر لشراسة نظرته الرمادية، متابعة بصوت متبلد:
-وهل كنت ستحاسبها عما فعلت؟ ستأخذ لي حقي وترد لي كرامتي!
أغمض عاصي عيناه بعنف، لا يجب أن تؤثر على عقله بأي طريقة، لا يجب أن يُفسح لها طريق اقناعه ومنه السبيل لعقله الحجري؟!..
فتح عيناه مرة اخرى لتعاودها نظرة الصلابة بعد اللين، ليقبض على ذراعها بعنف آلمها ثم بدأ يهزها بقوة مزمجرًا كالليث:.
-مهما فعلت أمي لا تجرؤي حتى على رفع عيناكِ فيها، ألا يكفي ان تسببتم انتم في اعمق جـ.ـر.حان في حياتها؟! انتِ مجرد فصلية ذليلة في هذا البيت فلا تنسي هذا
حاولت السيطرة على رعشة غصة قلبها الذي بدا وكأنه عاد ينزف من اسواط كلمـ.ـا.تهم مرة اخرى، لتهز رأسها نافية بسخرية:
-لم انسى، وهل اعطيتوني انتم فرصة للنسيان اساسًا؟!
جذبها من يدها بعنف نحو الفراش وهو يردف بقسوة مُخيفة:
-سأعـ.ـا.قبك بطريقتي...
انتشرت حالة من الدوران المُهلك بين ثنايا عقلها وهي تفكر، كيف ستنفذ من ذلك العقـ.ـا.ب؟!
فلم تجد سوى تمثيلها الطفولي الذي تستخدmه في الازمـ.ـا.ت كالأطفال، لتتجمد مكانها لحظة قبل ان تدعي الاغماء...!
ألقت بنفسها ارضًا دون مقدmـ.ـا.ت ليهبط هو لمستواها يسألها بهلع:
-حور، حور ما الذي حدث؟!
ولكن دقيقة كانت المهلة لانتهاء تلك المسرحية التي احاكها عقلها الطفولي، لمح اهدابها رموشها وهي تهتز بسرعة وجفناها متـ.ـو.تران تحاول إغلاقهما وكأنها فقدت الوعي...
ليبتسم رغمًا عنه لاول مرة في وجودها على فعلها الطفولي الذي يدل على خـ.ـو.فها من عقـ.ـا.به...
أطالت عيناه النظر لتقاسيم وجهها الطفولية، بدايةً من بشرتها البيضاء، ورموشها السوداء الكثيفة التي تغطي عيناها الحالكة الكحيلة دومًا، حتى شفتاها المكتنزة الوردية ليقترب منها ببطء شـ.ـديد مسلطًا انظاره على شفتاها، وقد وجد الطريقة التي سيجعلها تهب منتصبة من خلالها..!
بينما هي قلبها يدق كأقوى مضخة وهي تنتظر رد الفعل، وعنـ.ـد.ما شعرت بشفتاه تلمس شفتاها برقة شـ.ـديدة كادت تُذيبها، لم تستطع السيطرة على تلك الشهقة التي ابتلعها هو في جوفه...!
بدأت تحرك جسدها كمحاولة منها ليتركها ولكنه لف يداه حول خصرها يضمها لها حتى ألصقها به، لا يدري لم هي خصيصا يشعر بذلك الشعور الغريب تجاهها، يشعر انه يريد امتلاكها، هو عاصي ، عاصي الذي كان اسمًا على مُسمى، فكانت لا توجد مَن تثير عواطفه بتلك السهولة، بل لا توجد اساساً...!
واخيرًا ابتعد على مضض عنـ.ـد.ما شعرت بأنفاسها بدأت تقل، بدأ يشعر انها تؤثر به بطريقة ما، وهذا ما لا يريده اطـ.ـلا.قًا، يجب ان يعود لخشونته وحدته!
وبالفعل نفذ ما امره به عقله لينهض فجأة ينفضها عنه وكأن وباءها اصابه للحظات...
حاولت هي الاخرى استعادت انفاسها اللاهثة من هجومه المفاجئ، المُحبب لقلبها!
وعنـ.ـد.ما نهضت وجدته يصيح فيها بحدة:
-غادري.
كانت تود الاعتراض، تود قول انها تريد استخدام المرحاض وستغادر على الفور، ولكن لم تستطع اذ صرخ فيها مره اخرى بانفعال واضح لا تعرف سببه:
-هياااا الى الخارج
بدأت شفتاها ترتعش بخـ.ـو.ف وهي تشعر بقدmاها تشبثت في الارض، وعند تلك الحركة تحديدًا خانته انظاره لتحدق بشفتاها مرة اخرى، وكأنها تطالبه بأعادة التهام شفتاها، وجوعه يزداد مطالبًا بها، كادت تغادر ولكنه اوقفها عنـ.ـد.ما جذبها من ذراعها هامسًا:
-انتظري..
نظرت لأنفاسه التي بدأت تعلو بسرعة وبخشونة، وفجأة انفجرت في بكاء حاد طفولي، لتتسع عيناه دهشةً وهو يسألها مستنكرًا:
-لماذا تبكي؟
أشارت بيدها كالأطفال تمامًا وهي تخبره:
-لانك لا تريد أن تستقر على رأي، مرة غادري ومرة اخرى انتظري، هل اغادر ام انتظر؟!
عندها لم يستطع تمالك نفسه، بل وفي لحظة شـ.ـدها له وشفتاه تقابل شفتاها بشراسة مغموسة باللهفة!..
يريد الابتعاد ولكنه لا يستطع، بدأ يشعر أن شوقه لها لم ولن ينتهي كما لم يفعل مع اي امرأة سابقًا ابدًا...!
رفعها عن الارض بخفة حتى لم تعد قدmاها تلامس الارض فتعلقت برقبته بتلقائية، انفاسها مسلوبة وهي تستسلم لمشاعرها الجارفة، هي لا تشعر سوى انها بين يداه الان...!
بينما هو داخله شيء يخبره انه عنـ.ـد.ما يعود لرشـ.ـده سينـ.ـد.م اشـ.ـد النـ.ـد.م على استسلامه لشوقه لقربها...
لم يكن عنيفًا معها بالطبع، كان رقيقًا، هادئًا، ولكنه ايضًا لم يكن عاشق يهمس لها بكلمـ.ـا.ت عشقه وشوقه الدفين...!
بعد مرور وقت...
صدرت طرقات هادئة على الباب، ليبتعد عاصي منتفضًا عن حور التي انكمشت بقلق، مرت دقيقتان والطرق مستمر، بينما هو يحاول تنظيم انفاسه وصوته الاجش، ليرد بصوت رجولي ولكنه مبحوح:
-نعم؟!
سمعها تقول بجدية من خلف الباب:
-خذ هذه الاقراص المانعة للحمل يا عاصي واعطيها لتلك الفصلية!
حينها حرك عيناه ببطء يحدق في حور التي كانت ساكنة بقلق اسفله ووجهها استوطنه الاحمرار الخجول، ثم اردف بهدوء تام:.
-لن تأخذ تلك الاقراص يا امي، يمكنك المغادرة وسألحق بكِ
وبالفعل سمع اثر خطواتها التي توضح انها غاضبة، بينما حور متسعة العينين تحاول استيعاب ما سمعته، معقول، هل يريد عاصي طفل منها هي؟!
وكأنه ادرك بما تفكر فنهض بسرعة وكأنه يحاول استعادة نفسه...
ولكن قبل ان يغادر نظر لها من طرف عيناه فتشـ.ـدق ب:.
-اياكِ ان تعتقدي انني منعتها لحبي في الانجاب منكِ، ولكني فعلت ذلك حتى يصبح الالم اقوى عنـ.ـد.ما احرمك منه يا حور، مهما اذيتك الان لن تشعري بالألم بقدر ما ستشعرين به عنـ.ـد.ما تُحرمين من طفلك وتجدينه يكرهك!
ثم توجه للمرحاض تاركًا اياها تعاني صدmة قساوة كلمـ.ـا.ته...!
بعد أيام...
لم تتواصل ريم مع ظافر اطـ.ـلا.قًا منذ اخر مرة تركته فيها وركضت باكية قبل ان يلحق بها...
تشعر بالنيران تلتهم كبرياءها وانوثتها بقسوة تكاد تمزقها، حتى الان لا تتخيل ان ظافر فعلها وصفعها!
بل وكان في احضان اخرى...؟!
تأففت وهي تنهض بهدوء متوجهة للمرحاض علها تستطع اطفاء ذلك اللهب الذي يكمن في احشاءها يحثها على الانتقام منه...
خلعت -الروب- الخفيف الذي ترتديه ودلفت للمرحاض، في ذلك الوقت كان ظافر اسفل منزلها، ينظر يمينًا ويسارًا حتى لا يراه اي شخص وهو يتسلل لبلكون غرفتها بالطريقة التي لا يعرفها سواه...
دفع باب البلكون بقوة ليدلف للغرفة بالفعل ثم اغلقه مرة اخرى، وزع انظاره في انحاء الغرفة ليسمع صوت المياه من المرحاض..
فجلس على الفراش ينظر للورد الذي يحمله وبمنتصفه الشيكولاه التي تهواها ريم..
مرت دقائق حتى وجد ريم تخرج بهدوء تلف المنشفة على جسدها وتجفف خصلات شعرها برقة، وفجأة انتفضت صارخة بصوت مكتوم وهي تهمس بفزع:
-ظافر! ماذا تفعل في غرفتي؟!
ولكن ظافر كان في عالم اخر، عالم سلبت صورتها وهي هكذا عقله، بدت له ك قطعة السكر الذائبة التي تدعوه لتذوقها...
نهض ببطء وعيناه عصفت بها عاطفة لم يستطع اخفاؤها، بينما هي ابتلعت ريقها بتـ.ـو.تر وقلبها يكاد يخرج من مكانه، اغمضت عيناها تُذكر نفسها بما فعله، لتفتحها مرة اخرى بنظرة امطرها عقلها بالصلابة والحدة وهي تدفعه بعيدًا عنها مرددة:
-ابتعد عني، انا لستُ احدى عاهراتك او تلك العاهرة التي كانت بمنزلك
عندها هز رأسه نافيًا ببساطة:
-لم ألمسها اقسم لك، لم أقرب اي امرأة منذ اكثر من شهران! لم استطع.
بدت كلمـ.ـا.ته كاللغز، وهي فاشلة كل الفشل في حل الالغاز!..
كانت شاردة تحاول الوصول لمغزى كلمـ.ـا.ته، في اللحظات الذي اقترب هو اكثر منها وقد وصلها صوت انفاسه العالية التي تنم عن اقترابه لفقدان سيطرته، خاصةً وهو يتحسس بأبهامه النبض السريع عند رقبتها ولكن يداها اسرعت تمسك يداه وهي تحذره بصوت مرتعش:
-ظافر! نحن لسنا متزوجان..
حينها اغمض عيناه وهو يسيطر على جنونه بها، فاقترب منها يحتضنها بحنان، يشم رائحة شعرها التي يعشقها وهي يتأوه هامسًا:
-ااااه يا طفلتي، لو تعلمين بالشوق الذي يحرق ظافر...
ثانية واحدة مرت قبل ان تدفعه وهي تجز على أسنانها بعنف مستطردة:
-ما الذي كانت تفعله في منزلك وانت عاري الصدر؟! على الاقل اهتم بمظهري كأنثى
امسك وجهها بين يداه، يركز بعيناه على عيناها التي يتوه بينها، ليقول بهدوء:.
-انا كنت بمفردي اجلس عاري الصدر، واذ فجأةً اجدها عندي، فلم اركض لأغطي نفسي بالطبع يا ريم!
صمتت برهه قبل ان تحك جبينها بأرهاق متمتمة:
-حسنا، هذا ليس من شأني اساسًا، أنت مجرد اخ كبير لي ليس اكثر
حينها كاد يفقد اعصابه التالفة من قربها، ليهزها بعنف صارخًا بصوت شبه عالي:
-كم مرة اخبرتكِ انني لستُ اخاكِ، انتِ زوجتي، زوجتي يا ريم!
شهقت بخـ.ـو.ف وهي تضع يدها على شفتاه مردفة:
-ستفضحنا ارجوك، غادر بسرعة.
وفجأة سمعت طرقات هادئة على الباب فاتسعت عيناها وهي تهمس له بلهفة:
-ارجووووك يا ظافر ارجوك!
زفر بعمق وهو يومئ موافقًا لها ثم استدار بالفعل يدلف للبلكون، ثم ارتدت ريم الروب بسرعة وهي تفتح الباب متنهدة تحاول تنظيم شتات انفاسها، لتتسع عيناها بصدmة حقيقية وهي ترى اخر واحدة توقعت رؤيتها الان...
ولم تلاحظ ظافر الذي تخفى في البلكون يود رؤية القادm ولم يغادر كما اخبرته ريم، لتتحدث هي موجهة حديثها لريم بخبث:.
-جئت لأهنئك يا صديقتي العزيزة ريم، لم اتوقع انكِ ستنجحين بتلك السرعة والسهولة في الايقاع ب ظافر! حقًا يجب ان ارفع لكِ القبعة انتِ تفوقتي عليّ ونفذتي في اسرع وقت!
وكانت الصدmة الاخرى لظافر الذي تجمد مكانه وكأن الوقت توقف عند تلك النقطة السوداء، فهو يرى طليقته وام طفله، بل ويعلم ولاول مره انها صديقة ريم!
حينها لم يتردد وهو يخرج من الغرفة بانفعال كالثور الهائج لتشهق ريم بخـ.ـو.ف حقيقي وهي تراه يتوجه نحوها، و...
كانت أسيل ممسكة بذلك الهاتف الصغير بيدها تحدق بتلك الرسالة التي اُرسلت لها بذهول، فقد كان مكتوب بها
الرجل الذي تعشقينه يقضي وقت ممتع مع احدى عاهراته، وفي نفس الفندق الذي تُقيمين به في الغرفة رقم 102 الطابق الثاني، فاعل خير
هي كانت تعلم، تعلم انه منذ بداية زواجهم يخـ.ـو.نها، يسهر مع العاهرات، ولكن شعور اللطمة ونيرانها في الواقع، يختلف جدًا عن مجرد العلم بها!
ركضت من دون تردد نحو تلك الغرفة، طرقت الباب عدة مرات بعنف، وبالفعل فتح لها طليقها ثامر وهو عاري الصدر فرمت نظرها خلفه لترى فتاة شقراء عارية في فراشه...!
بُهت هو الاخر من الذهول وهو يهمس:
-أسيل!
وهي لاول مره في حياتها ترفع يدها لتصفعه بكل الغل الذي يقلب حياتها رأسًا على عقب...
هي تعاني، تتألم، ينقبض صدرها عنـ.ـد.ما تتذكر انها تزوجت آخر بسبب تسرعه وانانيته، بينما هو يقضي اوقات ممتعة حتى بعد كل الذي صار!
ركضت عائدة نحو غرفتها وهي تبكي بصوت عالي، تشعر بقلبها يئن و.جـ.ـعًا، و.جـ.ـعًا من كثرته سيطر على فة حواسها فلم تعد تشعر سوى به، ولا يقودها سواه!
بمجرد ان دلفت للغرفة ورأت علي الذي كان يبدو انه يبحث عنها...
حتى اقتربت منه ببطء، وبملامح جـ.ـا.مدة وقلب أثلجه الالم قالت:
-انا مستعدة لأتمام زواجي بك يا علي، انا اريد ان اصبح زوجتك قولاً وفعلاً...!
وبالنسبة لعاشق متيم دفن عشقه عنـ.ـد.ما رفضته معشوقته في الماضي لتتزوج بأخر، كان جزء داخله يرقص شوقًا وفرحًا، لهفةً في صكها بعلامـ.ـا.ته التملكية...!
ولكن شخصية علي الجديدة التي تود الانتقام، خاصةً وهو يلاحظ الحالة التي يراها عليها لاول مره، جعلته يدفعها بعنف وهي تبدأ بخلع ثيابها بجمود، حتى سقطت على الفراش متأوهة ليزمجر هو فيها بجنون:.
-مَن الذي اخبركِ انني شهواني يا أسيل، انا اساسًا اشعر بالاشمئزاز منكِ، واخبرتكِ مرارًا وتكرارًا انكِ لا تثيريني ولو بشعرة!
ثم استدار ليغادر ولكن قبل ان يغادر لوى شفتاه متهكمًا بقسوة او.جـ.ـعتها لاول مره:.
-وبالمناسبة، انا ذاهب لأحدى الفتيات في الغرفة المجاورة، احدى الفتيات التي تمتلك انوثة حقيقية فتجعلني انسى الهم هذا، وعذرا إن وصلتك اصواتنا ولكن اعتقد انكِ اعتدتي عليها اثناء فترة زواجك من ذلك الحقير...!
ثم استدار ليغادر صافعًا الباب خلفه دون كلمة اخرى، بل واخذ هاتفها واغلق الباب بالمفتاح دون ان يهتم بتلك المسكينة التي تتمزق من كل جانب...!
بينما عاصي يتجاهل حور تمامًا منذ ما حدث بينهما، وهي لم تكن تحتاج لمفسر يخبرها انه تغير بسبب ضعفه امامها، ضعفه وهو الذي لم يضعف ويخضع لرغبته امام اي امرأة حتى لو كانت فاتنة!..
عادت لعملها كخادmة وكانت تعد المشروبات لضيوفهم المهمين جدًا بالرغم من انها لا تعرف مَن هم، ولكن حمـ.ـا.تها كانت مهتمة جدًا بما يخص عزيمتهم الليلة...
حركت رقبتها بألم وهي تحمل الصينية لتتوجه بها لهم، تنفست بعمق اكثر من مره، تحاول كتمان صوت صراخ كرامتها التي يزداد شرخها اكثر فأكثر كلما تلقت إهانات من والدة عاصي، كلما امرتها بالتنظيف او تحضير الطعام او او او...
تقدmت من الضيوف دون ان ترفع عيناها عن الصينية، ليتناول كل شخص المشروب منها وكلاً منهم يعتقد انها مجرد خادmة...!
حتى وصلت لعاصي، بالرغم من عدm رؤيتها له، ولكن رائحته الرجولية المميزة اخترقت انفها، فكادت تصدر آآه متو.جـ.ـعة رغمًا عنها منها، كم تخيلت لو انها تجلس جوار عاصي والجميع يعلم انها زوجته، يداها بيداه تحاور ضيوفه كسيدة منزل راقية...!
ولكنها اصبحت مجرد صفر على اليسار، مجرد خادmة!
انتهت ثم عادت للمطبخ تسير ببطء علها تسمعهم فتعلم مَن هم ولمَ تلك الزيارة، ولكن سمعت ما لا يرضيها عنـ.ـد.ما بدأت والدة عاصي تتحدث موجهة حديثها لاكبرهم:
-يا سيد هاشم، انا وبصراحة يُشرفني ان اطلب يد ابـ.ـنتك الانسه ريهام لابني عاصي...
ثم نظرت لظافر بسرعة وهي تبتسم متساءلة:
-أليس كذلك يا عاصي؟ لن نجد لك زوجة افضل منها.....
حينها كانت الطلقة المُمـ.ـيـ.ـتة بالنسبة لحور عنـ.ـد.ما اومأ عاصي مؤكدًا بهدوء تام:.
-نعم، انا اتمنى ريهام زوجة لي وام لاولادي!
فلم تستطع الصمود اذ ترنحت ببطء لتسقط مغشية عليها اسيرة تلك الصدmة...
↚وفي قانون الحياه، قد تتمنى مائة شيء، ولكن تنال الشيء الذي لا تتمناه...!
ركضوا جميعهم نحو حور التي كانت وكأنهم سلبوها السبب الذي يُبقيها على بقاع تلك الحياه...!
عدا عاصي الذي كان جـ.ـا.مدًا مكانه، ملامحه متصلبة بقسوة حُفرت بين ثناياه...! وداخله يخبره أنها مجرد خدعة سخيفة منها مرة اخرى...
بدأوا يحاولون استعادتها لوعيها، وعنـ.ـد.ما بدأت تستعيد وعيها نطقت هامسة بما يُمليه عليها قلبها:
-ع، عاصي!
والذهول كان التعبير الاول والاخير الذي ارتسم على وجوههم جميعًا، إلا حمـ.ـا.تها التي انكمشت قسمـ.ـا.ت وجهها بغضب متأجج كالنيران...!
بينما عاصي، شيء لا يعلم مصدره اهتز داخله بعنف عنـ.ـد.ما همست بأسمه بتلك الطريقة وكأنها تتوسل قربه، ولكن سرعان ما استعاد قناعه البـ.ـارد الذي يكمم مشاعره خاصةً عنـ.ـد.ما حدجته ريهام بنظرة ذات مغزى وهي تردف بهدوء يخفي خلفه الكثير:
-تعال يا عاصي لترى ما بها خادmتك..!
وضغطت على حروف خادmتك وكأنها تُذكره بها، ليقترب هو ببطء حتى اصبح امامهم، حينها خرج صوته اجش وهو يخبرهم:
-تفضلوا لجلستكم وأنا سأساعدها لتصل لغرفتها وأعود
عندها تدخلت والدة ريهام قائلة:
-لمَ أنت؟ ألا يوجد خدm في هذا البيت الكبير يا عاصي؟!
كز على أسنانه بغـ.ـيظ لا يدري ما الذي دفنه بين جوارحه، ثم قال دون تفكير:
-لانها زوجتي، زوجتي يا سيدة زهراء.
لم يهتم بصدmتهم، ولا الشهقات التي صدرت عن ريهام ووالدته التي لم تتوقع أن يخبرهم بتلك السهولة...
فتابعت بسرعة تحاول تصحيح ذاك الاضطراب الذي قام به عاصي:
-يقصد الفصلية التي اخذها من بيت الجبوري، حور!
حينها همس والد ريهام مستنكرًا:
-هذه هي ابنة ابراهيم الجبوري؟
اومأت والدته مؤكدة دون رد، بينما عاصي حمل حور برفق بين ذراعيه، فلم تكن استعادت وعيها كاملاً، ف بدت وكأنها مُخدرة...!
اقترابها منه بتلك الطريقة رمَى سلامًا على قلبه الساكن فجعله ينتفض متأثرًا بذلك القرب...
ليتنهد بصوت عالي، ثم ضغط على خصرها بيداه وكأنه يود ان يُرسل لها اضطرابه، فلم تفعل هي سوى ان تأوهت بصوت منخفض وهي تضم نفسها بأحضانه اكثر متشبثة بياقة قميصه...
واخيرًا وصل بها لغرفتها فوضعها برفق على الفراش وكاد يبتعد ولكنها لم تبعد يداها عن عنقه، أغمض عيناه ورائحتها تغمر روحه بعمق، عمق جعله يخشى ما بعده...!
ليهمس بصوت رجولي خشن:
-حور، هل أنتِ بخير؟!
هزت رأسها نافية كطفلة بريئة متألمة بقدر براءتها:
-لا، لستُ بخير يا عاصي، احتاجك، احتاجك اكثر من اي شيء!
لا تعلم اين سلطة العقل على لسانها، ولكن عنـ.ـد.ما يزيد الو.جـ.ـع عن حده مستوطنًا روحك، يصبح العقل مجرد رماد يُعيق الطريق قليلاً فقط...!
وهو الاخر كان مأخوذًا بسحر تلك اللحظات، ليقترب منها اكثر ثم رفع إصبعه يتحسس وجنتها بنعومة هامسًا:
-انا هنا، جوارك.
خففت قبضتها عن عنقه ليتمدد جوارها بتلقائية، ودون تفكير كانت تضع رأسها عند صدره، أنفاسها الساخنة تصفع صدره الاسمر الذي ظهر من الازرار الاولية التي يتركها مفتوحة دائمًا، ثم استطردت بصوت مبحوح:.
-انا اتألم، اتألم يا عاصي بمفردي، بدأت اشعر انني في عالم آخر، عالم لا استطيع حتى أن اصدر فيه آآه متو.جـ.ـعة، ان اصرخ حتى يخف ذلك الألم قليلاً، لم اعد احتمل، اقسم بالله لم اعد احتمل يا عاصي سينفجر قلبي من ثقل الألم عليه!
قالت اخر حروفها بشهقات متقطعة وهي تدفن وجهها في صدره، بينما هو كالجماد ظاهريًا، بينما داخله وغزات مختلفة قاسية تؤلمه وتؤلم قلبه الذي اعتقده الصلب الذي لا يلين...!
لاول مره هي بين احضانه، ولكنها رمت على كاهله حملاً ثقيلاً، حِمل التخفيف عنها وهو يريد مَن يخفف عنه..!
كان يعتقد انه اذا سبب لها ألمًا عميقًا، كاسرًا، سينزاح ذلك الجبل من الألم والهم عن صدره، ولكن بدا العكس تمامًا..
رفع وجهها الاحمر له، لتقول هي بحروف متقطعة:.
-لا تتزوجها، لا تتزوجها ارجوك يا عاصي، والله إن رأيت ما بقلبي لك لأدركت أنك تزوجت واحدة بجميع نساء الارض، ليست متميزة بحسبها او نسبها، وانما بعشقها لك...
كان مصدوم، شريد بين بحور اعترافاتها العديدة التي تسقط على اذناه كرعد الشتاء الذي لا ينتهي!..
تعشقه...؟!
تعشق مَن يكرهها من دون رجـ.ـال الارض!، تعشق مَن يود تخليص حق شقيقاه بعـ.ـذ.ابها وذُلها...!
وعنـ.ـد.ما تذكر شقيقاه عادت عيناه الرمادية لقسوتها الدفينة ليبعدها عن احضانه بعنف، مرددًا بصوت لا يُظهر تعبيره:
-لا، اخطأتي، هي متميزة بكرهي لها يا حور، كرهي الذي لم أكنه لشخص في حياتي الا هي وعائلتها القذرة!
صفعها رده بقسوة، رده أسقطها لسابع ارض بعدmا بدأت تحلق في سابع سماء بين احضانه...!
لتبتعد عنه ببطء لتعود وتتكور على نفسها كالجنين، بينما هو يؤنب نفسه وبشـ.ـدة على تساهله معها، فأكمل بحدة علها تخف من شعوره بالخذلان من نفسه التي ضعفت لوهلة:
-لا استطيع ان اظل هكذا في تعداد المـ.ـو.تى وانا متزوج من اكثر واحدة اكرهها في هذه الحياه، لا استطيع ان اتذكر مقــ,تــل شقيقاي كلما نظرت لوجهها، لا استطيع ان انجب منها وأزرع الكره في قلوب اطفالي تجاه جدهم وخالهم وجدتهم!
ثم استدار يأخذ نفسًا عميقًا وهو يتابع بجمود:
-سنُقيم حفل الخطبة قريبًا ومن بعده الزواج، ارجو الا تُثيرين المشاكل والا ت عـ.ـر.فين جيدًا ما هو رد فعلي!
ثم سار ليغادر الغرفة، تاركًا اياها دmـ.ـو.عها تهبط ببطء صامت دون ان تصدر صوت منخفض تعبر به عن ألمها العميق حتى...!
بلحظة كان ظافر يقبض على ذراع ريم التي انتفضت بقلق تزامنًا مع شهقة أطياف طليقته التي لم تصدق عيناها عنـ.ـد.ما رأته...!
وهو الاخر لم يقل صدmة عنهم، بل كانت صدmته عميقة الاثر، فظل يسألها مستنكرًا بسرعة:
-ما الذي تهذي به هذه؟! وماذا تفعل في منزلكم؟!
حاولت ريم اخراج الحروف من فاهها عنوة، ولكنها فشلت وبجدارة عنـ.ـد.ما رأت ذلك الغضب الذي يستوطن جذور نظراته، غضب مـ.ـجـ.ـنو.ن شيطاني احتل عيناه البنية حتى لم تعد ترى سواه الان...
ليهزها بعنف صارخًا بجنون لا يبالي بأي شيء:
-اجيبيني؟! هل هي صديقتك يا ريم؟ اجيبي هل كلامها صحيح، هل كانت على اتفاق معكِ؟
عضت ريم على شفتاها بخـ.ـو.ف هامسة:
-نعم ولكن...
حينها إنفجر كل ما كان يحاول التحكم به، ليجذبها من شعرها بعنف صارخًا وهو يدفعها نحو الحائط حتى اصطدmت به بعنف متألمة:
-نعم! اتفقتما على ماذا يا حقيره..! هل هذا جزائي؟ مجرد طفلة قذرة تضحك على ظافر الزبيدي؟!
حاولت أطياف التدخل عنـ.ـد.ما وجدت ظافر تحكمت به شياطينه تحكمًا كاملاً:
-ظافر انتظر...
لم يتردد وهو يقترب مزمجرًا كأسد يود تعذيب فريسته قبل الانقضاض عليها:
-اخرسي، لا اود سماع صوتك، هيا الى الخارج!
شهقت أطياف بخـ.ـو.ف متراجعة...
وعنـ.ـد.ما كاد يترك ريم ليتجه لها، ركضت بسرعة الى الخارج، حينها أغلق ظافر الباب بإحكام وهو يعود لريم مره اخرى...
ظلت تتراجع ريم ببطء وهي تهز رأسها نافية:
-ظافر اسمعني، انت اخطأت الفهم
ضـ.ـر.بها بيداه السمراء العريضة عند كتفاها بعنف وهو يتابع صراخه الهيستيري:.
-اسمع ماذا؟! تتفقين عليّ مع هذه العاهرة؟ كيف لم استطع معرفة معدنك الحقيقي؟ كيف اعتقدتك مجرد طفلة بريئة طيلة هذه السنوات بينما أنتِ مثلها تمامًا بل وأكثر عهرًا وقذارة، على الاقل هي لم تنل ولو واحد بالمائة مما نلتيه أنتِ!
بدأت دmـ.ـو.عها تهبط لا اراديًا، بحياتها لم ترى ظافر بهذه الحالة ابدًا، بدا وكأنه شخص آخر، شخص آخر غير الذي كان يتأوه هامسًا بأسمها، شوقًا لها منذ قليل!..
انتبهت له عنـ.ـد.ما عقد حاجباه بسخرية وهو يسألها:
-ولكن ما لم افهمه حتى الان، ما هو المقابل لخدmـ.ـا.تك لهذه الحقيره؟! لا يُعقل ان يكون المال وأنتِ تعيشين بمنزل ابراهيم الجبوري...
لم تستطع ريم الاجابة من وسط شهقاتها التي ملأت المكان، لتظر نظرة ماكرة شيطانية حلقت من خلف الألغام التي تشتعل داخله وهو يهتف مقتربًا منها:.
-أنتِ نفذتي ما اردتيه واصبحتي زوجتي ومقربة مني جدًا، نجحتي بما اردتيه واستفدتي رغم انني لا ادري ما هي الفائدة، حان دوري الان لأستفيد من تلك الزيجة الفاشلة!
اتسعت عيناها برعـ.ـب وهي تهمس تلقائيًا:
-ماذا تقصد؟!
بدأ يقترب منها اكثر ثم خلع التيشرت الخاص به بحركة سريعة اجفلت منها ريم التي انكمشت على نفسها بقلق فاق الطبيعي بمراحل، ليرد بنبرة كفحيح الافعى:.
-اقصد انني يجب ان استفاد من هذا الزواج قليلاً، اجعلك زوجتي مثلاً؟!
انتفض قلبها بذعر واضح وهو يكشف لها نيته الشيطانية الجنونية، خاصةً عنـ.ـد.ما جذبها له بحركة مباغتة ليُقبلها بعنف بينما هي تصرخ محاولة الفرار من بين قبضتاه، و...
دلف علي الى الغرفة بهدوء، يتنهد بصوت مسموع وهو يبحث بناظريه عن أسيل التي لم تكن متواجدة في الغرفة...
إنتفض قلبه هلعًا وهو يتفحص الغرفة بسرعة، فعم الهدوء جوانب قلبه الملتاع عنـ.ـد.ما سمع صوت المياه من المرحاض، كاد يستدير ليخلع ملابسه ولكن وجدها تخرج ببطء وهي ترتدي قميص للنوم يكشف اكثر مما يخفي...!
سقط لبه صريع ذلك المظهر، مظهرها الذي يُذيب الحجر، ما بالك بقلب عاشق متلهف لقطرة عشق من معشوقته!..
اقترب منها ببطء لا ارادي، لم يعد للعقل مكان في تلك اللحظات التي رفعت راية الاستسلام للهب شوقها...
اصبح على بُعد خطوة منها يتفحصها بنظراته من اعلاها الى اسفلها، يلتهمها بعيناه بشوق جائع، رفع عيناه لوجهها، يُدقق في تفاصيله التي يعشقها، لم يتحمل اكثر ومشاعره تتكاتف عليه، وبلحظة كانت شفتاه تمتزج بشفتاها...
ولذهوله، بادلته هي القبلة ببطء، فعاد له جزء من عقله الذي كاد يفقده بعد رؤيتها بهذا المظهر، ليبتعد على الفور متمتمًا بصوت أجش:
-اعتذر، لا يمكن ان يحدث
وكاد يبتعد تمامًا ولكن همستها الضعيفة بأسمه كانت القشة التي قسمت ظهر البعير:
-علي...
ثم تابعت بصوت مبحوح ترجوه فعليًا!، :
-ارجوك لا تبتعد، انا اريدك يا علي..
بدت له ليست طبيعية بالمرة وهي تتلمس ذقنه الطويل نوعًا ما وتتابع بنفس الهمس الذي يلاعب اوتاره الحساسة:
-اريد ان اصبح زوجتك قولاً وفعلاً، اريد أن اشعر انني انثى مرغوبة فعليًا، هل هذا كثير عليّ يا علي؟
سب علي بصوت مكتوم، الغـ.ـبـ.ـية لا تعلم ما يشتعل بصدره...!
لتقترب اكثر حتى اصبحت ملتصقة به وهمست:.
-اريد ان اتمتع بشعور انني انثى كاملة، انثى يكتفي زوجها بها، انثى تستطيع التأثير بشخص، اريد ان انسى مَن انت ومَن انا...
ثم احتضنته ببطء تلف ذراعاها على ظهره متابعة وانفاسها تداعب اذنه:
-اريد ان اكون معك فقط...
بالرغم من يقينه أنها عنـ.ـد.ما تستعيد رشـ.ـدها وتعود اسيل تلك، ستلومه وتلوم نفسها على ما حدث، الا انه لم يستطع سوى الخضوع لرغبتها في النشوى كأنثى، في تغذية شعور الانثى داخلها...
رفعها من خصرها بخفة بين ذراعيه، وهو يردف بصوت خشن مثخن بالعاطفة:
-وانا اريدك بكافة جوارحي يا ابنة الشهاوي!..
ولم يُسمع اي حديث بعدها، كانت نظرات، همسات عاشقة تطرب اذن اسيل ظنًا منها انها مدحًا لانوثتها، ولكنها لم تكن مدحًا لها ولانوثتها بقدر ما هي همسات عاشقة، همسات كانت اسيل فاقدة البصر والبصيرة تجاهها...!
بعد أيام قليلة...
خرج عاصي من مكتبه بعدmا أنهى بعض اعماله، وكاد يتجه لشركته الخاصة ولكنه توقف للحظة ينظر لغرفة حور المغلقة، حور التي لا يراها سوى صدف، يتجاهلها وهي اخيرًا قررت تجاهله، او قررت مداوة جراحها بمعنى اصح!
سار بهدوء حتى قابل والدته، فقاطعها قبل ان تتحدث:
-هل رأيتي حور يا أمي؟
أشاحت به بيداها قائلة بحنق واضح:
-ومَن حور تلك حتى تسألني انا عنها؟!
اغمض عيناه مستغفرًا وهو يبرر لها بهدوء:.
-اسألك إن كنتي رأيتيها فقط يا امي، فهل رأيتيها ام لا؟!
هزت رأسها نافية وهي تتخطاه:
-لا، الحمدلله لم ارها حتى لا تعكر مزاجي ولكني اظن انني لمحتها تسير باتجاه الحديقة
اومأ عاصي موافقًا وهو يتجه للحديقة بهدوء، ويبرر لعقله الذي يُعنفه انه يبحث عنها حتى لا تغيب عن عيناه فقط..
وبالفعل اصبح في الحديقة ولكنه لم يرى حور وحدها، بل رأى شخص اخر وحور تحتضنه بلهفة جعلت الدmاء تغلي بعروقه...
ورغبة اجرامية تنتشر بين دmاءه تحثه على قــ,تــلهما، اصبحت خطواته سريعة وهو يتجه لهم مناديًا بصوت رجولي اجش أرعـ.ـب حور التي ارتعشت بعنف وهي تدرك ان الدmار قادm لا محالة:
-حور...!
↚وعنـ.ـد.ما تظن أن الطلاء الوردي سيطغو على حياتك، تُفاجئ بأنه ليس سوى مجرد بداية لبهوت السواد الحالك !
دقيقة واحدة كانت المدة التي استغرقتها حور في رعـ.ـبها، لتحدق ب شقيقها علي صارخة:
-اركض، اركض يا علي، اركض ارجوووك هيا
وبالفعل قفز علي بسرعة من السور كما أتى ليركب المـ.ـو.توسيكل ويفر هاربًا، في الوقت الذي ركضت فيه حور تجاه عاصي، وقفت امامه بسرعة تحاول إيقافه وهي تردد بلهفة:
-ارجوك اهدأ، ع...
ولكنه لم يستمع لها بل دفعها بعنف مزمجرًا كالليث الجريح:
-ابتعدي، لن اتركه حي!
ركضت بسرعة تلحق به، فأمسكت به من ذراعاه وعيناه تقدح شرارة وهي تردف صارخة بالمثل:
-وانا لن اتركك تقــ,تــله، هذا شقيقي، شقيقي الذي قبلت أن اضحي بنفسي واتزوجك من اجله، شقيقي الذي تحملت كل شيء لأجله وسأتحمل مادام هو بخير!
كلمـ.ـا.تها أشعلت فتيل الشياطين بعقله، وهروب علي كان كالبنزين الذي يزيد الاشتعال...!
لقد كان في عقر داره، قـ.ـا.تل شقيقه كان في عقر داره ولم يستطع الامساك به...!
هذه الكلمـ.ـا.ت كانت كافية لخلق روحًا اخرى، شرسة ذات مخالب لا تعي ولا تعلم سوى الانتقام داخل عاصي...!
ابيضت مفاصله وهو يحدق بحور بنظرة جعلت كيانها يرتجف طالبًا الرحمة ممن لا يضع الرحمة ضمن خططه...
ليجذبها من خصلاتها بقوة وهو يهدر فيها بعنف:.
-هرب بسببكِ، بسببكِ أنتِ لم استطع الامساك به، ربما كنت احاول التبرير لكِ بأنكِ ليس لكِ دخل بما حدث، احاول ان اكون رحيمًا بكِ، ولكن الان لن يجعلني اتركك سوى مـ.ـو.تكِ يا حور!
بدت لها كلمـ.ـا.ته كالعهد الذي صكه بدmاءه مختلطة بدmاء شقيقاه التي لم تجف بعد...!
فحاولت النطق بصعوبة وكأنها لازالت تتعلم الابجدية:
-ارجوك افهمني يا عاصي، هذا شقيقي، لا استطع تركه يُقــ,تــل.
لم يكن منه سوى أن صفعها ولأول مرة، صفعها بكل الحقد والغـ.ـيظ الذي يغلي كالمراجـ.ـل داخله، ليتابع بصوت مُخيف:
-واللذان قُتلا شقيقاي ايضًا، ولا استطع ترك انتقامهم دون ان اخذه!
سقطت ارضًا وقد بدأت بالبكاء، ليجذبها هو من خصلاتها يجرها خلفه متجهًا نحو الداخل مرة اخرى لتتعالى صرخات حور المتألمة، دلف بها فركضت والدته تجاهه تسأله بفزع:
-ماذا حدث يا عاصي؟
أجاب صارخًا وكأنه لا يستوعب ما حدث للتو:.
-علي، علي الجبوري كان هنا يا أمي، كان هنا وهرب بسبب تلك العاهرة!
شهقت والدته بعنف وهي تضع يدها على فاهها، تعلم أن الليلة ستكون اول ليلة للحورية بين يدي الشيطان فعليًا...!
ولكن في نفس اللحظة حمدت الله أن ابنها لن يصبح قـ.ـا.تل...!
سحب عاصي حور من شعرها وهو يتجه لأعلى ببطء متجبر، عقله لم يعد يدرك سوى بضع حروف، حروف متمثلة وكأنها كل الدنيا في الوقت الحالي الانتقام...
لتسأله والدته بقلق وهي ترى مظهر حور:.
-ما الذي ستفعله بها يا عاصي؟
اجاب دون ان ينظر لها وهو يكمل صعوده:
-ستُحبس ذليلة في غرفة مغلقة مظلمة دون طعام او شراب حتى تخبرني أين يختبئ علي الجبوري!
وبالفعل توجه بها نحو احدى الغرف الفارغة، وهي دmـ.ـو.عها تهبط بصمت متلوية تحاول فك خصلاتها من بين قبضته وهي تردد بصوت يكاد يسمع:
-عاصي، ارجوك ارحمني، ارجوك
ظل يهزها بعنف وهو يستكمل صراخه الهيستيري:.
-بقدر و.جـ.ـعي، بقدر شعوري بالعجز الذي جعلتيني اعايشه، بقدر ألمي كلما تذكرت اشقائي، سأنتقم منكِ ومنهم فيكِ يا حور!؟
زجها بعنف في الغرفة المُظلمة، لتتأوه هي بصوت عالي، وقبل ان يغادر كانت تمسكه من قدmه وهي تهمس بحروف متقطعة تخللها البكاء:
-لا تتركني في هذه الغرفة ارجوك، انا اكره الظلام
امسك شعرها بقبضته بعنف وهو يضغط على رأسها، ثم قال بقسوة:
- لا يجب ان تكرهيه لانه سيصبح مأواكِ من الان وصاعدًا...
ثم دفعها بقدmه بقوة لترتج للخلف صارخة بألم، ثم أغلق باب الغرفة بمفتاح وهو يتنفس بصوت مسموع بينما هي انخرطت في بكاء عنيف...!
بينما ريم تحاول دفع ظافر عنها بعنف صارخة ببكاء هيستيري، وظافر كان كمن تلبسه شيطان يصعب الفكاك منه!
في نفس اللحظات بدأت والدة ريم تفتح الباب بالمفتاح الاخر لكل الغرف، وبمجرد ان دلفت ركضت نحو ظافر تبعده عن ريم صارخة بجنون:
-ابتعد عنها، هل فقدت عقلك؟ اتركها.
وبالفعل ابتعد عنها يلهث بعنف بينما هي تحاول ستر الظاهر من جسدها، ودقات قلبها كالطبول في الحرب في تلك اللحظات، احتضنتها والدتها بسرعة وهي تهمس بصوت حاني:
-هششش اهدئي يا ريم، اهدئي حبيبتي
عندها تدخل ظافر صارخًا فيها وهو يسألها:
-هل تعلمين بما تُحيكه ابـ.ـنتك مع تلك ال
رمقته والدتها بنظرة نارية تقطر غلاً دفينًا، ثم قالت:
-يستحسن أن تصمت الان يا ظافر، لانني ان تحدثت سأنطق بما لا يعجبك اطـ.ـلا.قًا.
أطلق ظافر ضحكة خشنة ساخرة، وكأنه يهتم؟!
نار، نار سوداء تلك التي داخله تحرق الاخضر واليابس من جوارحه المشحونة تجاه ريم...!
نظر ثم نطق بحدة:
-لا اهتم! اللعنة عليها وعلى مَن يُحبها
تقوس وجه والدتها بابتسامة متهكمة وهي تستطرد:
-ثورت وغضبت وكدت ان تعتدي عليها لانها على علاقة ب أطياف؟! اذًا ماذا يجب أن تفعل هي عنـ.ـد.ما تعلم ما فعلته أنت؟!
حينها خرج صوت ريم مبحوحًا وهي تسألها:
-ماذا فعل؟
كان ظافر جـ.ـا.مدًا، صلبًا لا يسبح في بركة مشاعره سوى الجنون والغضب، حتى انه فقد كل شعوره بالتـ.ـو.تر والقلق عند ذلك الموضوع، وكأنه ادرك ان الخيط الخفيف الذي يصل بينه وبين ريم قُطع وانتهى الامر...!
استفاق على شهقة ريم العنيفة التي كانت مجرد توثيق لانتهاء ذلك الرابط، عنـ.ـد.ما قالت والدتها بصوت جـ.ـا.مد:
-كان سبب رئيسي في مـ.ـو.ت والدك يا ريم!
بدأت ريم تشعر بدوار حاد يداهمها، كانت تشعر أن والدتها لا تحب ظافر ولا تثق به بأي شكل من الاشكال، ولكن حتى في اسوء كوابيسها لم تكن تتخيل أن له علاقة بمـ.ـو.ت والدها الحبيب...!
رفعت عيناها الجريحتان له عنـ.ـد.ما أكد ببرود:
-سأوفر عليكِ السؤال، نعم لي علاقة، ولن أبرر حتى ما حدث!
خرج صوتها كالخطوط المتعرجة نحو الانتقام وهي تردد بصوت لا حياة فيه:.
-اذن نحن متساويان، أنت كنت احد الاسباب ل مـ.ـو.ت والدي، وأنا تعاونت مع أطياف ضدك
ثم عقدت ذراعاها مستطردة بنبرة حادة منتشية في صدmته:
-هل تعلم لمَ؟ لانني وبمجرد ان علمت انك ستتزوج حتى لا تصدر المحكمة حكمها ضدك بشأن وصية عمار، اخبرت أطياف واتفقت معي ان اظهر نفسي امامك بشكل غير مباشر وبالتالي عنـ.ـد.ما تتزوجني وتقف امام المحكمة اخبرهم انك كاذب ولست متزوج وأنك تزوجتني لهذا السبب وانني انوي تركك بعد فترة.
كان فك ظافر يهتز بعنف وكلامها يخترق حدود الصبر داخله، انتفض يود الانقضاض عليها وهو يصـ.ـر.خ بهيسترية:
-يا يا أنا سأريكِ مَن هو ظافر الزبيدي!
رفعت رأسها بتحدي قائلة:
-أعلى ما في خيلك، أركبه يا ابن الزبيدي!
وفجأة كان يدفع والدتها بعنف نحو الخارج هي وا.طـ.ـياف التي كانت مجرد مشاهدة، لينتشل المفتاح من يد والدتها ثم اغلق الباب مرة اخرى، استدار ينظر لريم التي كانت قطة تظهر مخالبها ولكن تلك المخالب ترتعش من الخـ.ـو.ف...
بينما في الخارج والدتها تصرخ مهددة، عادت ريم للخلف بخـ.ـو.ف هامسة:
-لا تفعل شيء تنـ.ـد.م عليه يا ظافر
هز رأسه نافيًا ببرود:
-لن أنـ.ـد.م، ابدًا!
ثم بحركة مباغتة كان يجذبها بعنف حتى أسقطها ارضًا وهو فوقها، بدأت تدفعه بكل قوتها صارخة بينما هو يردد من بين اسنانه:
-سأخذ منكِ اعز شيء، وسأطلقك بعدها، حينها لن تجرؤين على خيانة اي شخص مرة اخرى..!
ازدادت مقاومة ريم، وهو كالجماد، لا يدرك ولا يستوعب سوى أنها تعاونت ضده، خانته وهو الذي كان يعشق التراب الذي تسير عليه...!
وحينما تأتيك الضـ.ـر.بة ممن لا تتوقعه، يصبح عقلك في حالة وقف التنفيذ...
وفجأة كان يضـ.ـر.ب رأسها بالأرضية بقوة فبدأت تفقد وعيها...!
بعد يومان...
كانت حور تجلس على الأرضية البـ.ـاردة، ترتعش من الخـ.ـو.ف، يومان كانوا وكأنهم عامان، تعيش وسط وحوش الظلمة المختلطة بذبات افكارها المرتعدة..!
لم تتناول سوى بعض المياه من الخادmة التي أشفقت عليها، وتنتظر مصير مجهول كان هو أسوء عقـ.ـا.ب يمكن ان يحط عليها...!
وفجأة فُتح الباب ليدلف عاصي، لم ترفع رأسها له حتى، ظلت كما هي، فاقترب هو منها ليركلها في بطنها بقدmه مزمجرًا:.
-انهضي، يبدو أنكِ لن تخبريني بدون عنف وبهدوء!
لم ترد سوى بصوت هادئ رغم رعشة الخـ.ـو.ف التي لفحت به:
-لا اعلم مكانه
ضـ.ـر.بها مرة اخرى صارخًا بصوت زلزل اركان المنزل:
-كاذبة أنتِ مجرد كاذبة...
رفعها من خصلاتها بعنف وهي تصرخ من الالم، ليهزها وهو يكمل:
-ستخبريني، لن اتركك الا بعد ان تخبريني.
ثم رماها على الارض بعنف لتسقط على ظهرها، حينها أطلقت صرخة مدوية وهي ترى الدmاء تهبط بغزارة حتى وصلت لقدmاها، فصرخت في عاصي الذي تجمد مكانه:
-انا انزف، آآه انا انزف يا عاصي، انا حاااامل!
تلعثم وهو يحاول ترتيب حروفه، ولكن بمجرد ان تذكر زمجر فيها بقسوة:
-وهل تتوقعين مني ان اسارع بنجدته! الافضل له ان يمـ.ـو.ت حتى لا يأتي ليجد ام مثلك واب يكرهه لانه منكِ أنتِ...!
لا يدري لمَ بدأ شعور من نوع آخر بالذنب يحتل عقله، منذ متى كان عنيف لهذه الدرجة؟!، بدأ يشعر أن اقتراب تلك الفتاة منه يسطو على شخصيته بهجوم التغيير فيجعلها اشـ.ـد حقدًا وعنفًا وبغضًا...!
بلحظة كان يقترب منها ليحملها بين ذراعيه كريشة خفيفة بينما هي بدأت تفقد الوعي وهي لا تهمس سوى بكلمـ.ـا.ت لم تتغير:
-طفلي، انقذ طفلي ارجوك!
ثم غابت تمامًا عن الوعي، ليركض عاصي بسرعة نحو الاسفل وهو ينادي على الخادmة:.
-فااااطمة بسرعة نادي لي الحارس ليجلب سيارتي، بسرعة!
وبالفعل امتثلت فاطمة راكضة لأوامره، في تلك اللحظة أتت والدته شاهقة بصوت مسموع:
-عاصي! ماذا فعلت في الفتاة؟
خرج صوته شاحبًا، يحمل لمعة إنكسار لم تستطع تفسيرها وهو يرد:
-تنزف، كانت حامل ويبدو اننا سنخسره!
ثم اكمل ركضه دون ان ينتظر ردها، لترتدي هي اول شيء تقابله وهي تركض خلفه وقد اثار مظهر حور في نفسها نوع من الحنان الأمومي الفطري داخلها...
وبالفعل بعد نصف ساعة وصلوا الى المستشفى فحمل عاصي حور وهو يركض بها نحو الداخل مناديًا على أي طبيب، الى ان اتاه الطبيب فأخبره بسرعة:
-هي حامل، وسقطت بعنف وتنزف بغزارة
اومأ الطبيب برأسه بسرعة وهو يشير له ان ينتظر، وبالفعل غادر الطبيب مع حور لغرفة الطوارئ...!
كان عاصي يدور حول نفسه يمينًا ويسارًا، بدأ يشعر أن قبصة ممـ.ـيـ.ـتة تُقيد سير دقاته حتى كادت تتوقف؟!
لم يكن يتخيل حتى في أسوء كوابيسه أنه يصل لدرجة أن يقــ,تــل طفله بنفسه...!
يا الهي، عاصي الذي كان لا يستطع أذية مجرد حـ.ـيو.ان حتى كاد ان يقــ,تــل طفله، طفله هو!
ضـ.ـر.ب الحائط بقبضتاه بعنف وهو يصـ.ـر.خ بصوت مكتوم، لتقترب والدته منه بسرعة وهي تربت على كتفه بحنان مغمغمة:
-لا تقلق، ستكون بخير هي والطفل بأذن الله
اومأ عاصي ولم يرد، مرت حوالي ساعة ليخرج الطبيب اخيرًا يزفر أنفاسه بأرهاق، فركض عاصي نحوه يسأله بلهفة:.
-ما الأخبـ.ـار ايها الطبيب؟
بدا وكأن صيغة السؤال الطبيعية الاخرى (ما أخبـ.ـار زوجتي يا طبيب) تُخجله!، لم يستطع كبح هياج مشاعره في تلك اللحظة، خـ.ـو.ف، قلق، تـ.ـو.تر، ولكن كالعادة يسدل ستار الجمود على ملامح وجهه...
خاصة عنـ.ـد.ما بدأ الطبيب يتحدث بجدية:
-الحمد لله، السيدة بخير والجنين ايضًا بخير، ولكننا استطعنا تثبيته بصعوبة شـ.ـديدة لذلك أي مجهود ولو بسيط سيُعرضها للاجهاض.
اومأت والدته مؤكدة ثم انشغلت بالاسئلة التي بدأت تطرحها على الطبيب، متناسية تمامًا ان والدته لم تكن سوى حور...!
دلف عاصي بخطى مرتعشة نحو الغرفة، ليقع نظره على حور التي كانت تنظر للشرفة بشرود عميق، بملامح شاحبة، وروح تبدو وكأنها مقـ.ـتـ.ـو.لة!
لم يجرؤ أن يناديها وهي لم تجرؤ أن تنظر له، تشعر أنها ستكرهه إن رأته الان، إن تخلل عنفه معها مسام ذاكرتها!، وهي لا تريد أن تكرهه...
ولكن للأسف اصبح يجلس على طرف الفراش وهو يهمش بصوت مبحوح:
-حور...
لم تجيب، ولم تحرك رأسها لتنظر له حتى، بقيت تحدق بالشرفة، وكأن كل حديثه فقد خاصية الجذب في تلك اللحظات المشحونة بشتى المشاعر...!
فتابع هو بصوت أجش:
-أعلم أنكِ تكرهيني الان اكثر من اي شيء...
وللحظة عاد له غروره القاسي الذي تلبسه منذ مقــ,تــل اشقاءه فأكمل:
-ولا يهمني، انا انقذتك لأجل طفلي فقط!
ثم عاد الخفوت النادm لصوته وهو يستطرد لها بنبرة عـ.ـذ.بة:.
-ولكن واجب عليّ أن اعتذر يا حور، وإن كان يجب ان اعتذر لنفسي قبلاً، اعتذر لنفسي على ضعفها امام شيطان الغضب والجنون، لانني لم اكن يوما هكذا، لم اكن قاسي، لم اكن عنيف، لم اكن حتى خاضع لتلك العشيرة والهذيان ذاك، ولكن، انا واثق أنكِ إن وضعتي نفسك بمكاني للحظات ستفعلي اكثر مني، تخيلي للحظة أن اشقائك الاثنان قد قــ,تــلوا، وأنكِ عاجزة، مع ان الشعور بالعجز قـ.ـا.تل بالنسبة لي اكثر لاني رجل، وتخيلي أنه لا يوجد بيدك طريقة للانتقام سوى تخليص حقك ممن لا دخل له، ماذا ستفعلي؟ انا روحي تحترق يا حور، اشعر أنني ابتلع الجمر كلما تحدثت معكِ او تذكرت أن مَن قــ,تــلوا اشقائي هم اشقائك اللذان تدافعين عنهم حتى تلك اللحظة!
كان أنفاس حور عالية، كلمـ.ـا.ته وكأنها تجبرها على الخضوع امام سحر إقناعها، ولكن ألم بطنها الذي لم يخف حتى تلك اللحظات كان كالظل الذي يُذكرها بأجرامه وعنفه...
فأشاحت بوجهها بعيدًا عنه وهي تهمس بصوت مختنق:
-هل أنهيت كلامك؟ يمكنك المغادرة، اريد ان ارتاح الان
وتابعت بسخرية:
-إن كان لا يضايق حضرة الباشا عاصي الشهاوي
تأفف عاصي بضيق حقيقي، لمَ يتنازل هو من الاساس ليشرح لها ما يدور في خلده؟!..
ألم تكن هي واهلها المخطئين وهم الضحية؟! كيف اصبح هو بليلة وضحاها المخطئ واصبحت هي الضحية...!
ولكنه رغم ذلك مد يده يمسك وجهها برفق حتى نظرت له، وما إن قابلته عيناها المتحجرة بالدmـ.ـو.ع همس:
-أسف، سامحيني!
تـ.ـو.ترت نظراتها التي كانت جـ.ـا.مدة منذ لحظات فقط، خاصةً وهي تجده يميل ببطء نحوها، لوهلة ظنت انه سيُقبلها ولكنه عاكس ظنونها حينما طبع قبلة أبوية حانية على وجنتها ليبتعد بعدها...
تنهدت اكثر من مرة بعد خروجه، وفكرة واحدة تدور بعقلها، عاصي متأسف وحزين ويرجو السماح ليس من اجل شخص حور، بل لانه تخلى عن اهم مبادئ شخصيته واصبح عنيف وهو يكره العنف حد الجنون!..
↚وصل علي الفندق، فتوجه نحو الغرفة على الفور، ولكنه تصنم مكانه عنـ.ـد.ما وجد ثامر طليق أسيل يطرق على الباب اكثر من مرة وصوت رجاؤه مسموع بوضوح:
-أسيل، أسيل افتحي لي ارجوكِ، سنتحدث قليلاً وبعدها قرري ما تشائين، أسيل انا لم استطع ان اقابلك لاشرح لكِ بسبب هذا اللعين علي..!
حينها اقترب منه علي وجنون اصبح يتلاعب بأعصابه، ليمسكه من ياقة قميصه وهو يهدر فيه بعنف:.
-وهذا اللعين إن لم تبتعد الان سيهشم وجهك القذر هذا ويخرج كل الغل الذي بداخله فيك!
نفض ثامر ذراعاه عنه وهو يصيح فيه بتوعد شرس:
-سأبتعد، ولكن اقسم أنني سأجعلك تنـ.ـد.م على خداعك لي يا علي! وستطلق أسيل شئت ام أبيت...
وقبل ان يغادر نال لكمة حادة من علي الذي كان يتنفس بصوت مسموع وهو يحاول تمالك نفسه حتى لا يقــ,تــله في التو واللحظة...
نهض ثامر يمسح فمه بكم قميصه ثم غادر وهو يرمي علي بنظرات قـ.ـا.تلة، اخرج علي المفتاح من جيب سرواله وفتح الباب ليقع نظره على أسيل التي كانت تجلس على الفراش تضم ركبتاها لصدرها بصمت يحوي بين جفونه الكثير والكثير من الكلام الذي فقد أحقيته في الصدوح...
اقترب منها وما إن رفعت رأسها له حتى سألها بعمق:
-لو كان الباب ليس مغلق بالمفتاح، هل كنتي ستفتحين له يا أسيل؟
الدهشة التي إرتسمت على ملامحها الناعمة أرسلت له جوابه بأقل من لحظة، ثم لوت شفتاها وهي تقول ساخرة:
-وهل أغلقت الباب عليّ بالمفتاح يا علي؟ هل كنت تخشى هروبي؟! لا استطع أن اهرب يا علي، او بمعنى أصح لا اريد...
في لحظة كان يجذبها من ذراعها بعنف وهو يضغط عليه، ثم سألها مستنكرًا:
-هل تخشين أن افضح ذلك الحقير يا أسيل؟ هل مازلتي تعشقينه بعد كل ما حدث؟
أنزلت عيناها ارضًا، هي لا تعشقه كما كانت ولكنها ايضًا لم تستطع كرهه...!
خاصةً أنها تشعر أنها ردت له صفعته عنـ.ـد.ما أتمت زواجها بعلي رغم ان ثامر لا يعلم، ولكن رغم عن كل شيء يتآكلها النـ.ـد.م كالصدئ في الحديد!..
حينها رفع علي رأسها له ببطء، ليهتف بعاطفة متوهجة:
-أسيل، أنا لن أفضحه الا اذا اضطررت، رغم انني كلما تذكرت أنني اول رجل يلمسك اريد أن اصرخ سعادةً
ثم نكس رأسه ارضًا وهو يزفر بعمق:.
-ولكن لا ادري لمَ تنتهي سعادتي سريعًا...
وقبل ان تسأله عن أي شيء كان يفرد جسده على الفراش ويضع رأسه على حجرها يغمض عيناه وهو يردد لها بخفوت:
-هل يمكنك أن تداعبي شعري حتى أنام؟!
كانت متجمدة، تحاول التحرك، تحاول نفض حالة التـ.ـو.تر تلك عن ثوب مشاعرها، ليمسك علي يدها وكأنه شعر بترددها فوضعها على شعره الناعم وهو يهمس لها:
-أنسي كل شيء، وأي شيء، تذكري فقط أنني احتاجك الان!
وعند ذكر الاحتياج، وعنـ.ـد.ما تذكرت أنه الوحيد الذي أغدقها بالشعور الذي كانت تحتاجه لأكمال حياتها كأنثى، بدأت تحرك يدها على شعره بلطف دون ان تجرؤ على سؤاله عما به...!
بينما في الغرفة المجاورة كان ثامر يدور في الغرفة كذئب حبيس، يشعر انه مكبل من كل الاطراف!
ولكن لا يدري أي لحظة جنون تلك التي دفعته ليمسك هاتف الفندق ويطلب رقم منزل عاصي الذي نقله من هاتفه وهو ينوي إخبـ.ـاره بكل شيء...
وليحدث ما يحدث، اهم شيء الان ألا تصبح أسيل لرجل اخر مهما طال الزمن وصار!
وبالفعل اتاه الرد فقال بصوت اجش هادئ يحمل خبث دفين:.
-اعطي الهاتف للسيد عاصي، اريد ان اخبره بأمر مهم جدًا يتعلق بشقيقته أسيل!
بعد أيام...
منذ خروج حور من المستشفى كانت شبه حبيسة بغرفتها، ولكن هذه المرة بأرادتها، هي مَن فرضت هذا الحصار على نفسها هذه المرة...!
لا تريد الاختلاط بعاصي او امه بأي شكل من الاشكال، ولولا أنها تعلم انها ربما تعرض شقيقها للخطر لكانت تركت هذا المنزل على الفور...
ورغم فتور معاملة حمـ.ـا.تها لها نوعًا ما، تخليها عن الاهانة والقسوة مع حور، الا انها لا تستطع محو وصمة الخذيان التي تشعر بها كلما تعاملت معها او مع ولدها عاصي...
وفجأة سمعت صوتها وهي تتأوه صارخة وكأنها تحاول مناداة أي شخص، ورغم تحذيرات الطبيب لحور الا انها نهضت ببطء تسير نحو الصوت حتى خرجت لتجد والدة عاصي ساقطة ارضًا...
ركضت نحوها بسرعة تسألها بقلق:
-ما بكِ خالتي؟
حاولت الاخرى التقاط انفاسها بصعوبة:.
-لا آآ، اس، استطع اخذ نفسي
ثم اشارت بيدها نحو الكومدين هامسة:
-الد، آآ الدواء
ركضت حور متناسية ألمها لتجلب الدواء بسرعة وتعطيه لها، وبسبب خبرتها التي اكتسبتها في دورة التمريـ.ـض التدريبية بدأت تدلك لها رقبتها وصدرها لتساعدها على التقاط أنفاسها...
في تلك اللحظة تحديدًا دلف عاصي الذي إتسعت عيناه بذهول وقد بدت له الصورة وكأن حور تحاول خـ.ـنـ.ـق والدته وهي تحاول تخليض نفسها!
ثم سارع يقترب منها وعيناه ترسل شرارة مُخيفة و...
خيرًا تفعل، خيرًا تجد...! فلو كان خيرًا تفعل شرًا تجد لأصبحت الدنيا مجرد غابة تركض فيها الذئاب لفعل الشر كأحدى الوسائل للهجوم والدفاع ...
حدث كل شيء بسرعة، عاصي أنتشل حور من أعلى والدته وصوت زمجرته الخشنة كزئير أسد يهاجم فريسته...!
لتصيح فيه حينها حور بسرعة:
-اتركني والدتك لا تستطع التنفس.
نظر لوالدته بلهفة ليتحقق من صحة كلام حور، فوجد وجهها أحمر يختنق وتصدر حشرجة خفيقة وهي تحاول التنفس والحديث...
ساعدها لتنهض وهو يسألها بلهفة:
-هل أخذتي دوائك يا أمي؟
اومأت برأسها مؤكدة في نفس اللحظة التي نطقت بها حور بجدية:
-أنا اعطيتها إياه...
حمل عاصي والدته بهدوء ليضعها على الاريكة فبدأت تلتقط أنفاسها رويدًا رويدًا، حينها عاد الشعور بالألم لحور التي إنكمشت ملامحها وهي تمسك بطنها لتغادر متجهة لغرفتها مرة اخرى...!
دلفت الغرفة لتغلق الباب بهدوء ثم امسكت بدوائها لتأخذ مسكن قوي، زفرت بصوت مسموع ولا تدري لمَ شعرت أنها سارت خطوة أمامية في الطريق المظلم بينها وبين والدة عاصي..!
تناولت ملابسها واتجهت للمرحاض لتأخذ حمامًا ينعش خلاياها المشـ.ـدودة بتـ.ـو.تر واضح..
مر بعض الوقت وخرجت هي من المرحاض ترتدي الروب لتتوجه نحو مرآتها تجلس امامها وتبدأ بتمشيط خصلاتها المبللة...
نظرت للمرآة التي تعكس صورتها المغموسة بكآبة واضحة، ومن وسط مشاحناتها النفسية الداخلية صدر سؤالاً أنار الكثير داخلها ولكنها لم تجد له ردًا حازمًا يطفئ ما اُنير...
لمَ هي ضعيفة هكذا امامهم؟! ...
اغمضت عيناها تتذكر ما حدث بدءًا من زواجها، كان تحملها لكل تلك القسوة عهدًا وفرمانًا قطعته بلا تردد، ولكن عنـ.ـد.ما يصل الامر لقــ,تــله جنينه، فليحترق ذلك الفرمان في الجحيم!
زحف التـ.ـو.تر لثناياها تلقائيًا عنـ.ـد.ما فتح عاصي الباب بهدوء وهو يدلف، ولكنها أسقطت قناعًا من التصلب ليغطي ملامحها التي استوطنتها القلق...
اكملت تمشيط شعرها دون ان تعيره انتباه، ليجلس هو امامها مزدردًا ريقه بتـ.ـو.تر وهو يقول:.
-شكرًا لانكِ انقذتي والدتي
مطت شفتاها ببرود دون ان تنظر له:
-لا داعي للشكر، لم افعل سوى ما هو واجب عليّ لان اهلي ربوني على هذا
رغمًا عنه غمغم بسخرية:
-اووه واضح أن اهلك مصدر كل المبادئ!
تجاهلت جملته و إلتفتت له تحدق بعيناه الهادئة لتقابل عيناها البنية الممتلأة بالغضب الناري وهي تهمس من بين اسنانها:
-ولكن ما لا افهمه لمَ أنت سيء الظن دائمًا بي هكذا؟!
عادت تمشط شعرها وتابعت بحنق طفولي واضح:.
-وانا التي كانت تعتقد أنك ستشكرني بحرارة على معروفي، واحدة غيري لكانت تركت والدتك كأنتقام لكرامتها المهدورة وانت لن تدري أنها تجاهلتها بعمد اساسًا...
اغمض عيناه يتنهد تنهيدة عميقة تحمل الكثير والكثير، وكيف يثق بها من الاساس وهي شقيقة القــ,تــلة؟!
الثقة تتبخر عندها لتصبح مجرد هواء لا قيمة له..!
فجأة فتح عيناه على تأوهها المكتوم وهي تمسك بطنها ليسألها بتـ.ـو.تر:
-هل انتِ بخير؟
اومأت دون رد ولكن ملامحها كانت رسمة بريشة عميقة للألم فنهض هو على الفور يساعدها لتسير نحو الفراش، بدأ الدوار يهاجمها وأنفاسها تثقل شيء فشيء، وفجأة سقطت على عاصي الذي تفاجئ بسقوطها ليسقط على الفراش وهي فوقه، تسلطت عيناها تلقائيًا على عيناه الرمادية التي احتلتها غيوم داكنة لم تستطع تحليلها، يداه أشتدت تلقائيًا على خصرها النحيل الذي يتراقص بمخيلته دومًا فيعـ.ـذ.ب ارادته التي تكاد تكون معدومة للابتعاد عنها...!
بدأت تتنفس بصعوبة وصدرها يعلو ويهبط، تحاول استجماع شتات نفسها، ولكن قبل ان تصل لمبتغاها كان هو يقترب منها والهدف شفتاها
ولكن هي بدأ عقلها يستعيد رشـ.ـده فهبت بسرعة تبعده وهي تهمس بحروف مشتتة كحالها تمامًا:
-لا، لن يحدث، اتركني يا عاصي!
كلمـ.ـا.تها اللاسعة كانت كصفعة تعيده لوعيه، فأنتشل نفسه بصعوبة من فوقها يجبر نفسه الأبية على تركها وعدm اكمال ما بدأه...
وبمجرد أن ابتعد استعاد لهجته القاسية وهو يخبرها:.
-اساسًا انا لم أكن لأفعلها، لا تنسين مَن أنتِ وما هو وضعنا، انا لا أتلهف للأقتراب من شقيقة القــ,تــلة!
جزت على أسنانها بعنف وهي تهمس بنفس النبرة القاسية:
-وشقيقة القــ,تــلة تشمئز من لمساتك يا سيد عاصي
وفجأة تأوهت متألمة عنـ.ـد.ما جذبها له يلوي ذراعها خلف ظهرها، وانفاسه الهادرة تلفح أذنها ورقبتها وهو يتشـ.ـدق بغضب:
-ظهرت مخالب القطة اذًا، ولكن حذاري يا قطة أن تفقديني أعصابي حينها لا ادري ما هو رد فعلي.
ثم رماها على الفراش بعنف وهو ينهض مغادرًا تلك الغرفة التي أظهرت ضعفه امامها مرة اخرى...!
كانت أسيل في الفندق تعد اشياءها لتغادر كما أتفقت هي و علي بعد ما حدث، زفرت بعمق وهي تعود بذاكرتها ليوم اتصال عاصي بها...
فلاش باك##
أجابت على اتصاله على الفور بملامح مشرقة تنضح فرحًا وهي تردد:
-عاصي، اشتقت لك يا أخي
سمعت صوته الغاضب وهو يقول:
-لذلك لا تريدين المجيء لهنا مع زوجك يا أسيل؟!
بدأ التـ.ـو.تر يزحف شيءً فشيء لساحة ملامحه، فسألته بصوت بدا متـ.ـو.ترًا:
-زوجي! هل هو مَن أخبرك؟
رد على الفور:.
-نعم هو، وفعليًا انا غاضب منكِ
سألته بسرعة:
-ماذا اخبرك يا عاصي؟
سمعت تنفسه الهادئ وهو يخبرها بهدوء:
-أخبرني أنكم تشاجرتم وهو يود المجيء لهنا معكِ حتى تحل تلك المشاكل ولكنك ترفضين مرددة أنكِ لا تريدين ادخال أي شخص في مشاكلكم بل وتركتي منزله لتقيمي في فندق بمفردك! أي هراءات تلك يا أسيل؟ منذ متى وأنتِ متسرعة ومتهورة لهذه الدرجة؟!
حاولت إيجاد حجة مناسبة فلم تجد سوى ان تقول بصدق:.
-حدثت اشياء كثيرة، كثيرة جدًا يا عاصي أنت لا تعلمها، وليست مجرد شجار كما اخبرك، ما حدث اكبر من ذلك، لذلك أنا اود ان اظل بمفردي فترة قليلة وحينها سأتي إليكم ولكن بمفردي ايضًا يا عاصي
بدا صوته حادًا وهو يأمرها بحزم:
-اخبريني اذن يا أسيل
هزت رأسها نافية وكأنه يراها:
-لا استطيع على الهاتف، اعدك سأحكي كل شيء ما إن أتي إليكم
-سأتي أنا اذن، اخبريني اسم الفندق
هتفت هي بلهفة مرتعدة:.
-لا لا، ارجوك يا عاصي لا تضغط عليّ، أنا سأتي بأرادتي ولكني اود الاختلاء بنفسي قليلاً، ارجوك
جاءها صوته الاجش مترددًا:
-حسنًا سأتركك لانك لستي طفلة، ولكن ما اسم الفندق حتى اكون مطمئن عليكِ...
ترددت كثيرًا وهي تفكر، ستخبره بأسم الفندق وتقنع علي بالمغادرة! حتى تستطع اقناع علي بعدm فضح سر ثامر وحينها ستعود لأهلها على الفور...
نطقت اخيرًا بهدوء ؛.
-فندق ، وانا اعدك خلال اسبوع ستجدني امامك ولكن لا اريد ان يقترب مني ثامر مرة اخرى ولا تقلق انا لن اغادر بغداد الا عنـ.ـد.ما أتي إليكم
تنهد موافقًا على مضض:
-حسنًا، انتبهي على نفسك واجيبي على هاتفك عنـ.ـد.ما اتصل بكِ
-حاضر يا اخي، مع السلامة
-الى اللقاء
أغلقت الهاتف وهي تتنهد بصوت عالي لا تصدق انها بدأت تكذب على شقيقها هكذا!..
دلف علي في تلك اللحظة لتنهض هي مرددة على الفور:.
-ثامر اخبر عاصي أنني تركت المنزل واقيم في فندق بمفردي وعاصي اتصل بي فأخبرته باسم الفندق حتى يكون مطمئن
حينها صرخ فيها عاصي بانفعال واضح:
-هل أنتِ غـ.ـبـ.ـية!؟ عاصي اذا اتصل به هذا الحقير مرة اخرى لن يتردد في المجيء هنا بنفسه ليحل المشكلة
لم تستطع منع نفسها من الضحك ساخرة:
-هل تخشى أخي لهذه الدرجة؟!
حينها وبحركة مباغتة جذبها من ذراعها يضغط عليه بعنف وهو يهدر فيها بغل مكبوت:.
-انا لا اخشى سوى مَن خلقني يا أسيل، ومسألة مواجهتى لأخيكِ مسألة وقت لا اكثر، انا انتظر الوقت المناسب وحينها سترين مَن يخشى مَن!
ولا تدري لمَ شعرت بالرعـ.ـب يغدق مشاعرها بلا توقف كأمطار بـ.ـاردة تكاد تفقدها احساسها، فهمست تلقائيًا بسؤال مستنكر:
-هل ستفضح سر ثامر يا علي؟ هل ستخبرهم أنه عاجز جنسيًا وأنني ظللت عذراء طيلة السنتان!؟
اغمض عيناه يحاول السيطرة على الوحوش التي تنهش سيطرته على ذاته، ليردف بعدها غير مصدقًا:
-لا اصدق كيف تحملتيه حتى تلك اللحظة بل ومازلتي تخشين فضيحته! أي عشق أبله ذاك الذي تكنيه له؟!
رفعت رأسها وهي تجيب بشموخ يليق بها:.
-عنـ.ـد.ما صبرت اثناء زواجي كان بسبب عشقي له وبسبب قناعتي انه شيء خارج عن ارادته، ولانني تربيت على الاصول لا استطع فضح زوجي على امل انه سيُشفي في يوم، ولكن مر الوقت وبدأ ينفعل ويضـ.ـر.بني عنـ.ـد.ما يفشل في الاقتراب مني حينها رفضت أن يقترب مني مرة اخرى، فأنتهى الامر ب أنه يحاول النجاح مع عاهرة ربما يستطع وينتهي عجزه، فمن رأيه أن الخطأ بي أنا، أن أنا مَن لا استطع اغراؤه أنني لستُ انثى كاملة!
ولم تلاحظ الدmـ.ـو.ع التي تكونت كالسحب بعيناها الزرقاء وهي تتذكر ما عانته تحت مسمى انها أصيلة!..
كتمت شهقاتها التي تود الانفجار وهي تتابع:
-ولكن الان انا لا اود فضحه ليس بسبب عشقي له بل لان مَن ستره الله لا استطع انا فضحه
امسك وجهها بين يداه برفق يقترب منها وعيناه تنبض بعشقًا لم يستطع دفنه بين أطياف الماضي، ليهمس بصوت أجش ثقيل بعاطفته:.
-ولكن أنا، أنا يا أسيل لا استطيع الصبر ولا استطيع الصمت، أنتِ الان ملكًا لي، وما هو ملكًا لي لا اتنازل عنه، بل يصبح قلبًا وقالبًا لي!
أغمضت عيناها وهي تتنفس ببطء فلفحت انفاسها وجهه فكانت تلك القشة التي قسمت ظهر البعير، ليقترب منها ببطء مسلطًا انظاره على شفتاها المكتنزة التي ترتعش بعض الشيء، لتبتعد هي على الفور مغمغمة بجدية:.
-انا لم أنس أنك علي الذي قــ,تــل شقيقي، لذلك لا تتعامل معي وكأننا دفننا ذلك الماضي!
كز على أسنانه بغـ.ـيظ واضح ثم استدار وهو يخبرها بجمود:
-حضري ملابسك وحقيبتك وانا سأذهب لأخبر صاحب العمل بمغادرتي ثم أتي لنغادر ذلك الفندق، لا تعتقدي لوهلة أنني سأتركك تذهبين لأهلك بكل بساطة يا أسيل
وبالفعل غادر لتجلس على الفراش متنهدة بتصميم:.
-وانا لن اغادر قبل ان اتأكد أنك لن تفضح ثامر يا علي، لأنني انا مَن تسببت بفضحه امامك
باك###.
ظلت أسيل تزفر بضيق وهي تفكر، هي لا تكره علي ولكنها ايضًا لا تستطع تقبله، لا تستطع بلع تلك الغصة المريرة التي تستقر بحلقها كلما تذكرت انه قـ.ـا.تل شقيقها...!
↚بعد فترة وعنـ.ـد.ما كان علي عائد من عمله تجاه الفندق، وصل في الطابق الذي به الغرفة وكان هائدًا حتى رأى باب الغرفة مفتوح قليلاً...
بدأت نبضات هادرة عنيفة تضـ.ـر.ب بصدره وهو يتساءل كيف فتحت أسيل الباب؟!
تقدm بسرعة وكاد يدلف ولكنه توقف متجمدًا مكانه وهو يرى أسيل تقف مع ثامر وهو يمسك وجهها بين يداه ويهمس بشيء لم يسمعه وأسيل كقطة وديعة تستجيب لمَ يقول...!
وانتهى أي ذرة لصبره وهو يرى ذلك الحقير يحتضنها، ليندفع تجاههم بغضب ناري مـ.ـجـ.ـنو.ن بينما أسيل تشهق برعـ.ـب وهي تحدق بهيئته التي كانت لا تنذر بالخير ابدًا...
وإن كان داخله شيء يمنعه أن ينتقم من أسيل ليـ.ـؤ.لم شقيقها كما كان يخطط، فهذا الشيء قُتل في تلك اللحظة امام ذلك المشهد...!
رمت ريم الهاتف من يدها بنفاذ صبر، كالعادة عنـ.ـد.ما تتصل بصديقتها الوحيدة حور تجيبها تلك السيدة اللعينة
الهاتف المطلوب مغلق او غير متاح !
لا تدري كيف يتعامل والد حور بشكل طبيعي وكأن ابـ.ـنته لم تتزوج من أكثر واحد يكرهها في هذا الكون...!
ابتسمت سخرية وهي تحدث نفسها، وهل هذا بشيء جديد في حياة ابراهيم الجبوري المشحونة بالجمود والقسوة كالهواء الذي يتنفسه...!
كذلك والدتها التي لا تهتم بها كثيرًا، هم فعليًا وعاء ووجد غطاءه!
ضمت جسدها لها وهي تتذكر ما فعله بها ظافر، ورغمًا عنها إرتعشت بعنف، لقد سلبها اعز ما تملك ليتركها في فراشها ويغادر وكأنه لم يفعل شيء، فتستفيق هي على صدmة أو.جـ.ـعتها حد الجنون وأصابتها في صميم كيانها...!
ألف آآه اختنقت داخلها لا تستطع الخروج او الاستقرار في اعماقها، يا الهي الالم لا يحتمل، حقًا يفوق قدراتها على التحمل فتكاد تسقط هزيلة من نـ.ـز.يف روحها الذي لا يحاول أي شخص مداواته...!
دلفت والدتها للغرفة بهدوء حاملة لها صينية الطعام كالعادة...
لتقول بعدm رضا لحالة ابـ.ـنتها تلك:
-إلى متى ستظلين هكذا يا ابـ.ـنتي؟ ألم أخبرك أن عمك إبراهيم تحدث مع ظافر و.جـ.ـعله يقتنع بعدm حدوث الطـ.ـلا.ق الان منعًا للفضائح!
حينها لم تتحمل فكان كلام والدتها كالشوكة التي فجرت كرة صبرها، لتزمجر بانفعال محترق:
-لمَ تُشعريني أنه يتكرم عليّ ليسترني؟! أليس هو مَن فعلها دون ارادتي عنـ.ـد.ما فقدت الوعي، ولكني اتساءل بحسرة هل اخبرتي ابراهيم الجبوري بما فعله اللعين ظافر بي؟!
أطرقت والدتها رأسها ارضًا بخزي، هي لا تضمن عواقب إخبـ.ـارها لأبراهيم فربما يقــ,تــله وتحدث الفـ.ـضـ.ـيحة بحق...! فأكتفت بأخبـ.ـاره انهم تشاجرا وظافر يود تطليقها...
بدأت ريم تدعك رأسها بصمت وهي تهمس مستنكرة دون ان تنظر لها:
-ولمَ لم تنكري علاقتي ب أطياف امام ظافر! لمَ لم تخبريه أنني قطعت علاقتي بها منذ زمن وأنني لا اعلم ما الذي كانت تفعله بمنزلنا ذلك اليوم؟!
حينها رفعت والدتها رأسها وهي تسألها بصلابة:
-انا التي يجب أن تسألك لمَ اخبرتيه انكِ اتفقتي مع اطياف عليه؟!
ارتعشت شفتا ريم بضعف غريب عليها ثم ردت هامسة:.
-عنـ.ـد.ما اخبرتيني انه كان سبب رئيسي في مـ.ـو.ت والدي، اعتقدت انني اثأر منه بما فعلته، ولكنني لم اكن ادري انني سأدفع ثمن كذبي غاليا جدا
ربتت على كتفها برقة وهي تقول بحزم امومي:
-وثأرتي بالفعل يا ابـ.ـنتي، والان يجب أن تعودي ريم القوية التي أعرفها، يجب أن تنسي ما فعله ذلك الحقير، حتى أنكِ يجب ان تعتبري ان ما حدث حدث ليلة الزفاف، على أي حال لن يعلم اي شخص بما حدث!
ابتسمت ريم بسخرية مريرة، لتستطرد والدتها بتردد:.
-والان عمك ابراهيم يريد، آآ يريدك أن تذهبين لظافر وتدعيه بنفسك للعشاء غدًا عندنا
اتسعت حدقتاها برفض واضح وهي تردف:
-انا! انا اذهب له؟ هل فقدتي عقلك يا امي لتطلبي مني هذا الطلب!؟
امسكت كفها الصغير بين يداها وخرج صوتها مبحوحًا وهي ترجوها:
-ارجوكِ يا ريم، هل تريدين الفـ.ـضـ.ـيحة لي في هذا العمر ولكِ؟! اتوسل اليكِ يا ابـ.ـنتي ضحي لاخر مرة من اجلي!
حينها تنهدت ريم وهي تومئ موافقة على مضض...!
وصلت امام منزل ظافر وهي ترفع رأسها، تنهدت بعمق، تحاول تثبيت بوصلة مشاعرها على الجمود فلا تُظهر انهيارها الداخلي له...!
طرقت الباب عدة مرات منتظرة أن يفتح، وبالفعل فُتح الباب ولكن وجدت أطياف مَن تفتحه، وتلقائيًا همست مستنكرة:
-أنتِ!
حينها ظهر ظافر من خلفها بهدوءه المعتاد، ولكن هذه المرة نظراته تحمل بغضًا واضحًا، صلابة ثقيلة على روحها المُرهقة!
وهي الاخرى لم تكن نظراتها هادئة بريئة بل كانت كالأمواج التي تتعارك في عرض البحر معلنة هجومًا كاسحًا في أي لحظة...!
قطع ذلك الصمت صوته الساخر وهو يؤكد ببرود:
-نعم هي، ويجب أن تعتادي على تواجدها هنا بعد ذلك لأنه سيصبح منزلها..!
بدأت انفاسها تثقل وهي تسأله بصوت يكاد يسمع:
-ماذا تقصد؟
اقترب من أطياف التي لم تخفي ابتسامتها لتنساب يداه حول خصرها ببطء وهو يتمتم بخشونة لريم:.
-اقصد أن اطياف ستذهب الان لتجلب عمار وسأذهب لأجلب انا المأذون لأرد أطياف لعصمتي
ثم إلتوت شفتاه بابتسامة قاسية وهو يردف:
-وطبعًا الفضل لكِ، اشكرك جدًا!
ظلت تعود للخلف ببطء، دmرها، سلبها أعز شيء، لوث احلامها الوردية البريئة بالطمس الاسود والان يتزوج حتى قبل ان يُقيما زفافهما!..
سارت بسرعة تهبط السلالم دون أن تنطق بحرف، فلم يستطع هو ألا يلحق بها...
كانت خطواتها سريعة وهي تسير في الشارع شاردة دون ان تنظر للسيارات، وفجأة كانت تقترب منها سيارة ما بسرعة وتطلق ابواقها ولكن ريم كانت في عالم آخر لا تسمع فيه أي شيء...
فصرخ ظافر وهو يركض تجاهها بجنون:
-ريييييييييييم!
بعد أيام اخرى...
كانت حور بغرفتها ترتدي فستانها الذهبي الذي أختارته بعناية لترتديه في خطبة زوجها...!
خطبة زوجها الذي تعشقه..!
خطبة كانت بمثابة قربان عشق، وكم هي ممنونة لأن تلك الخطبة عائلية لا يحضرها سوى بعض الاصدقاء والاقرباء...!
نظرت للمرآة تلقي نظرة أخيرة على فستانها الذي يصل للكعبين، ضيق عند الخصر ولكنه واسع فيما بعد، لفت حجابها الصغير برقة أبرزت ملامحها الطفولية الرقيقة ووضعت بعض مساحيق التجميل الخفيقة...
بما أن الخدm سيرتدون ملابس جيدة وجديدة فلترتدي هي ايضًا، ولكن بطريقة افضل واحلى!
ستحضر تلك الخطبة بالرغم من أنها متيقنة أنها ستذبح روحها كل دقيقة تمر، ولكن لا مانع من بعض الالم كعلاج لوباء عشقه في دmاءها...!
حاولت إغلاق فستانها اكثر من مرة ولكن في كل مرة تفشل، تأففت وهي تسير نحو الباب لمناداة فاطمة ولكن تفاجأت بعاصي الذي دلف بحلته الرسمية التي اعطته مظهرًا رجوليًا جذابًا، فسألها هو على الفور مذهولاً:
-هل ستحضرين الخطبة؟!
اومأت بثقة جادة هادئة:
-نعم ولمَ لا؟
لم يجد ما يقوله فصمت، ودلف ليجلب ما اراده من الغرفة، حينها سمع حشرجة حور الخشنة وهي تهمس بتردد:
-هل يمكنك أن، آآ أن تغلق لي الفستان؟
لم يحارب تلك الابتسامة الناعمة التي ظهرت على ثغره ليومئ لها مؤكدًا فاستدارت هي ببطء ليمد هو يده يغلق تلك الازرار ببطء، كانت مقتربة منه جدًا، يكاد يكون ملتصق بها من الخلف، يصله عطرها بوضوح فيكاد يُخضع خلاياه لتأثيره، كانت يداه تلقائيًا تُبطئ وكأنه لا يريدها أن تبتعد، بينما هي تغلق عيناها ممسكة بيداها معًا وكأنها تمد نفسها بالقوة حتى لا تنهار بين يداه، وعنـ.ـد.ما شعرت به توقف كادت تبتعد ولكنه امسكها من خصرها فارتعشت بعنف وكأن كهرباء مستها خاصةً في ذلك الوضع، لتسمع همهمته الخشنة عند اذنها:.
-ماشاء الله تبدين كالبدر جمالك ساحر!..
هل يتهيأ لها أن عاصي يغازلها ام هذه حقيقة؟!، لا تعلم ولكن على أي يجب ان تبدو واثقة مغرورة وهي تخبره:
-شكرا لأطرائك اللطيف سيد عاصي ولكني أعلم ذلك جيدًا
هز رأسه نافيًا بغـ.ـيظ ليغادر بهدوء، يشعر أنه بدأ يفتقد حور الاخرى التي كانت هشة لينة بين يداه...!
واخيرًا بدأ الحفل الصغير وكانت حور تقف في احد الاركان تشاهد بصمت، شاردة واجمة رغمًا عنها، كانت تقف قرب المطبخ فوجدت من يسحبها بسرعة نحو ركن فارغ، وقبل أن تصرخ كان يضع يداه الرجولية على فاهها هامسًا بابتسامة سمجة:
-اهدئي ارجوكِ انا لا اريد أذيتك!
سألته بأنفاس لاهثة وهي تعود للخلف:
-مَن أنت وماذا تريد؟
رد بكل هدوء وبساطة:.
-أنا صديق ريهام وادعى عادل، اردت التعرف عليكِ ولكن لم أفلح وسط ذلك الحشـ.ـد، من تكونين؟
تلعثمت وهي تحاول الرد:
-انا، آآ انا، حور!
جذبها من خصرها بحركة مفاجأة ادهشتها ليهمس ملامسًا اذنها بطريقة جعلت بدنها يقشعر:
-هل تعلمين أنكِ أجمل نساء هذا الحفل يا حور؟!
حاولت التملص من بين ذراعاه ولكن للمرة التي لا تذكر عددها كان القدر يعاندها فجاء عاصي في تلك اللحظات لينادي بصوت هادر باسمها حينما رآهم بهذا الوضع:
-حور!
وحور كادت أن تفقد وعيها فعليًا في تلك اللحظات متمنية أن تنشق الارض وتبتلعها الان حتى تتفادى جنونه وعدm ثقته بها...!
دقيقة واحدة كانت الفاصلة بين هجوم عاصي العنيف على عادل الذي ارتج للخلف بقلق وهو يرى هيئة عاصي التي كانت اشبه لحالة الثور الهائج، أنتشل حور من بين ذراعاه وبدأ يضـ.ـر.به بغل واضح وهو يصـ.ـر.خ فيه بعصبية مفرطة:
-كيف تجرؤ؟! كيف! من أين أتتك الجرأة يا حقير؟
بينما الاخر يحاول استعادة شتات نفسه امام هجوم عاصي الحاد وكأن خلايا الجنون داخله لن تتوقف عن إفراز المزيد من الهيسترية في وجه ذلك المسكين...!
وحور كانت مدهوشة تحاول تفرقة عاصي عن عادل الذي كاد أن يفقد الوعي من كثرة ضـ.ـر.باته:
-كفى، اتركه يا عاصي سنصبح محل مشاهدة الجميع اتركه ارجووك!
واخيرًا تركه لتتنفس حور بـ.ـارتياح، وشيء من الفرح الدفين بدأ يدغدغ جوارحها الساكنة وسط الظلمة...!
هل يغار عليها ام هُيء له ذلك؟!..
وقبل ان تستفيق من شرودها كان عاصي يقبض على ذراعها بعنف وهو يزمجر فيها بغـ.ـيظ جلي:.
-وأنتِ كيف تقفين معه هكذا دون خجل؟! هل فقدتي حيائك تمامًا؟
حاولت إفلات ذراعها من بين قبضته وهي ترد بنبرة حادة:
-هو من جذبني بعنف فجأة لهنا وحدث كل شيء بسرعة وأنت أتيت...
كان يشعر بالجنون، الغضب، يشعر أن نار تلتهم روحه الذي لا يدري لمَ تستجيب لهذا البركان...!
والعقل، عقله كانت خارج تلك المعادلة تمامًا..!
جذب حور من يدها بسرعة متجهًا بها للخارج فبدأت تسأله بتـ.ـو.تر:
-عاصي، إلى أين تأخذني يا عاصي أنتظر.
ولكنه لم يكن ينتبه لها، وقبل ان يصل امام الجميع كان عادل يقطع طريقه وهو يهدر فيه بغضب صبياني:
-ما شأنك أنت ومَن تكون بالنسبة لها حتى تفعل ذلك؟ اذهب لعروسك افضل، انا اود التعرف عليها وسأتعرف على تلك الحورية!
أغمضت حور عيناها بخـ.ـو.ف حقيقي، سينفجر حتمًا المتبقي من ثباته، نظرت لعاصي بسرعة الذي برزت عروقه من رقبته ويداه، والغيرة تنهش فيه وتفعل به الأفاعيل...!
كاد ينقض عليه مرة اخرى ولكن حور امسكت ذراعه بسرعة وهي تهمس له:
-ارجوك يكفي عاصي ارجوك، هيا دعه وشأنه
وبالفعل سحبها عاصي معه للخارج وما إن خرجوا وجدوا الأغنية الرومانسية تصدح وكل ثنائي يرقص عليها، ومن دون تفكير سحب عاصي حور من خصرها ليقفوا في ساحة الرقص، احاط خصرها ببطء ووضع يداها على كتفه مقربًا اياها منه، فبدأت هي تهمس بتـ.ـو.تر:
-ماذا تفعل يا عاصي؟ ماذا سيقولون الضيوف عنا الان؟!
لم يهتم لما تقول بل اقترب منها اكثر حتى اصبحت ملتصقة به تمامًا، تحركت اصابعه ببطء عند خصرها وظهرها بطريقة جعلت اعصابها ترتخي تلقائيًا، دفن وجهه عند رقبتها يستنشق رائحتها التي تداعب خياله وعاطفته التي تتوهج بانفعال من قربها منه، فهمس عند أذنها وشفتاه تلامس اذنها عن عمد:
-ليعلم الجميع أنكِ ملكي، لي أنا وحدي ولا يحق لأي رجل الاقتراب منكِ حتى لو كان ذو نية بريئة! أنتِ ملكية خاصة لي...
أغمضت عيناها رغمًا عنها مستسلمة لسحر أنفاسه التي كانت وكأنها تعزف سحرها على ترانيم مشاعرها المرهقة، اسندت رأسها على كتفه تلقائيًا وهو يداه تشتد حول خصرها، حتى تألمت فتأوهت بصوت منخفض وهي تردد:
-توقف أنت تؤلمني!
كان صوته أجش خشن ورجولي وهو يجيبها جازًا على أسنانه:
-وأنا كنت أتألم عنـ.ـد.ما رأيتك بين أحضانه، ولكن بطريقة اسوء من ذلك الالم الخفيف.
كانت مسحورة فعليًا بسحر كلمـ.ـا.ته، كلمـ.ـا.ته التي كانت غذاء لعشق كاد ان يمـ.ـو.ت تمامًا مصدرًا حشرجة الاستسلام للقدر...!
فتنهدت بقوة وهي تتشـ.ـدق ب:
-يُستحسن أن تذهب لخطيبتك لأنها هي الملكية الرسمية لك، اما انا ملكية لا يعلم الا البعض لمَن تنتمي!
حاولت ابعاده ولكنه كان صلبًا بقدر كافي ليجذبها له كما كانت، هو يشعر بالارتياح العميق بهذا القرب، بل ويشعر أن ذلك القرب يُمتع روحه ويثير فيه عبث رجولي لا تتعمد هي اثارته...!
انتهت الاغنية فانتهى الجميع مبتعدين إلا عاصي لم يبتعد، فاقتربت منهم والدته تضحك بسماجة وهي تهتف بمرح مصطنع امام المشاهدين:
-عاصي ألن تكتفي بتلك المجاملات وتنتبه لعروسك قليلاً وبالتأكيد لن يُضايق هذا اي شخص.
تدخل شخص ما يسأل بابتسامة هادئة:
-هل هي تقربك يا سيد عاصي؟
اومأت والدته وكادت أن ترد ولكن عاصي قاطعها عنـ.ـد.ما ابتعد حور وهو يجيب بخشونة:
-حور تكون زوجتي...! مؤكد بعضكم يعلم ذلك، لذلك حديثي للبعض الاخر الذي لا يعلم انها زوجتي..
ثم امسك يدها وكأنه يعلن ملكيته الرجولية لهذه الحورية وقال:
-هذه تكون حور عاصي الشهاوي! ارجو ان يحفظ الجميع ذلك، بغض النظر عن ظروف زواجنا.
حينها تدخلت والدته بسرعة تردف بابتسامة رسمية:
-حسنًا حان موعد الطعام، فاليتفضل الجميع
وبالفعل انفض التجمع وتوجه الجميع للأكل، حينها اقتربت منه والدته لتظهر ملامحها المفعمة بالغـ.ـيظ والحدة وهي تسأله مستنكرة:
-ما الذي فعلته، هل جُننت يا عاصي؟
هز رأسه نافيًا ببساطة:
-لا، ولكنني لن اقبل ان يحاول أي حقير هتك عرضي لمجرد أنهم لا يعلمون انها زوجتي، حتى انني لا يهمني إن انتهت هذه الخطبة!
حاولت حور محو ابتسامتها بصعوبة، فسحبها عاصي بهدوء متجهًا نحو غرفتهم، تاركًا والدته تشتعل من الغضب والغل والغـ.ـيظ...!
↚لو كان السائق تقدm خطوة اخرى لكان اصطدm ب ريم ولكن لحسن الحظ أنه استطاع التوقف في الوقت المناسب، شهقت ريم برعـ.ـب وسقطت ارضًا تحاول التقاط انفاسها الهادرة، لا تصدق أنها كانت على عتبة المـ.ـو.ت هكذا ببساطة!
وفي اللحظة التالية كان ظافر يحتضنها بلهفة مغمغًا من وسط انفاسه اللاهثة رعـ.ـبًا:
-الحمدلله، الحمدلله! كدتُ أخسرك يا طفلتي.
للحظة شعرت بالأمان بين أحضانه، شعرت أنها تنتمي لتلك الضلوع التي تضخ عشقًا وحنانًا، ولكنها استعادت نفسها سريعًا وهي تدفعه عنها بحدة:
-ابتعد عني اتركني
حينها تدخل السائق مقتربًا منهم يتفحصها بعيناه قائلاً:
-هل أنتِ...
ثم سرعان ما قال بصدmة فرحة:
-ريم؟! ما هذه الصدفة يا فتاة
نهضت ريم هي الاخرى وهي تبتسم ابتسامة صافية أحرقت ظافر الذي كان يتابعهم بصمت شيطاني:.
-اسامة، لا اصدق عيناي فعلاً ما هذه الصدفة ال، الرائعة!
مد يده لها ليصافحها وهو يتابع بانشراح أبله:
-انا سعيد حقًا بمقابلتك يا ريموو، هل أنتِ بخير؟
اومأت مؤكدة وكادت ان تمد يدها ولكن ظافر سبقها وهو يمد يده يصافح ذلك المعتوه ولكن بعنف ظل يضغط على يداه التي كانت تلفظ انفاسها الاخيرة بين قبضته الخشنة الحادة وهو يستطرد بابتسامة مصطنعة:
-وأنا ظافر، زوج ريموو!
على الفور تبدلت ملامح أسامة للأنقباض المتـ.ـو.تر وهو يحاول إفلات قبضته، ليهمس بقلق مبتلعًا ريقه:
-ح، حسنًا تشرفت بمعرفتك يا سيد ظافر، هل يمكنك أن تترك يدي؟
تركها ظافر على مضض، بدا الجو مشحونًا بالتـ.ـو.تر، منهم من يتنفس قلقًا، ومنهم مَن تدق الغيرة عصبيته الرجولية الفطرية فأصبحت كمرجل مستعد لاحراق مَن امامه، ومنهم مَن كانت سعيدة نوعًا ما بذلك الاحتراق الذي كادت ان تظهر رائحته من ظافر...!
تنحنح أسامة بحرج وهو يتوجه لسيارته:
-انا اقطن في ذلك البناء المجاور، مؤكد سأراكِ مرة اخرى، والان وداعًا
ابتسمت ريم باصفرار مؤكدة:
-بالتأكيد، مع السلامة
وبالفعل غادر اسامة لتسير ريم عائدة للبناية دون أن تعير ظافر اهتمام، فركض هو ليمسك بها قبل ان تصعد السلم، ابعدته عنها وظلت تعود للخلف بقلق، حتى اصبحت ملتصقة بالحائط وهو يقترب منها فمد يداه يحيطها من كل جانب، لتهمس هي بسرعة:.
-من الممكن أن يهبط أي شخص ويرانا هكذا، اتركني اصعد لأجلب سلسالي الذي سقط أمام منزلك وأغادر!
دنا بوجهه منها حتى لامس ذقنه الخشن وجنتها الناعمة وصوته الحاد يردد بهمس:
-تهربين من أحضاني لتتبسمين وتفرحين بمقابلة ذلك الأحمق!
حاولت دفعه بعيدًا عنها وهي تقول بحنق:
-وما دخلك أنت؟ اذهب لطليقتك وطفلك واتركني
مد يده ببطء يحيط خصرها، ثم ضغط عليه وهو يتابع وكأنه يُذكرها بما تريد نسيانه:.
-أنتِ زوجتي، زوجتي ريم شئتي ام أبيتي!
وفجأة ضـ.ـر.بته انفاسها الساخنة عنـ.ـد.ما زفرت بوجهه مغمضة العينين، ليقترب اكثر منها حتى شعرت بثقل أنفاسه، ففتحت عيناها بسرعة تهمس له:
-ظافر ابتعد عني نحن لسنا بالمنزل، ثم أنك قلت أنك ستطلقني لماذا لم تنفذ ما قلته؟!
كادت تشعر بكهرباء عنيفة بـ.ـاردة مست جسدها عنـ.ـد.ما شعرت بأنفاسه الهادرة تصطدm بشرتها وهو يهمس:
-هكذا، قررت ألا أطلقك واستمتع بتلك اللعبة قليلاً..
وفجأة ظهر من العدm رجل عجوز يردد بحنق مضحك:
-هذا عيب، والله عيب، أليس لكم منزل لتفعلون تلك ال، مهذلة به!
تمنت ريم في تلك اللحظة ان تنشق الارض وتبتلعها من الحرج، ولكن ظافر ابتسم متمتمًا ببرود:
-نعم ليس لنا! ثم هذه خصوصية الازواج يا جدي!
صاح بوجهه نافيًا:
-خصوصية الازواج في غرفة نومهم يا ولد وليس في مدخل البناية!
ثم غادر وهو يردد بذهول:
-لم يعد يوجد حياء ولا خجل، استغفر الله العظيم استغفر الله العظيم.
استغلت ريم شروده ودفعته بسرعة بعيدًا عنها لتركض خارج البناية وتوقف أقرب سيارة اجرة وتغادر، فزفر ظافر بصوت مسموع وهو يصعد لاعلى مرة اخرى مقررًا انهاء تلك المسرحية قبل عودة والداه للمنزل...
بمجرد ان صعد ارتمت أطياف بأحضانه مهللة بسعادة:
-حقًا ظافر هل قررت أن تردني لعصمتك؟
ابعدها عنه بحركة واحدة وهو يخبرها بجمود:.
-بالطبع لا، أنتِ مَن قررتي أن تسافري رغم رفضي واعتراضي وفضلتي مستقبلك العلمي على حياتك الزوجية، ولكِ ما اردتي سافرتي واخذتي ابني، ولكني سأستعيده منكِ في المحكمة يا اطياف
كانت تحدق به بشراسة وهي تقول:
-هذا يعني أنك كنت تقول هكذا امامها حتى تثير غيرتها فقط؟!
اومأ مؤكدًا ببرود، ثم أردف بحدة:
-والان هيا، والداي على وشك الوصول ويُستحسن ألا تريني وجههك مرة اخرى
امسكت بحقيبتها بغل وهي تهدر:.
-ولكني لن أترك ابني لك يا ظافر، هذه كانت اخر فرصة مني لكي نعود اسرة سعيدة ولكن يبدو ان تلك الريم تمارس تعويذتها عليك
لم يعيرها اهتمام وهو يغلق الباب خلفها متنهدًا وهو يضع يده على صدره يتنفس بعنف:
-تمارس تعويذة عشقها عليّ بكل عنفوان!
وصلت أسيل مع علي الى الفندق الجديد الذي سيُقيمون به، الصمت يعم المكان، تشعر أن الدخان يخرج من بين انفاس علي ولكنها لا تجرؤ على الحديث ولو بحرف واحد...
منذ أخذها بعنف من بين ذراعي ذلك الحقير وضـ.ـر.به ضـ.ـر.بًا مبرحًا حتى فقد وعيه ثم سحب أسيل دون كلمة ليركبا السيارة التي ستنقلهم للفندق الاخر...
دلفا الى الغرفة بهدوء ولكن بمجرد ان اُغلق الباب عليهم انفجر اعصار علي الثائر الذي كان يحاول كتمانه حتى يصلوا...
فجذبها من شعرها بعنف وهو يهزها صارخًا:
-ماذا كنتي تفعلين باحضانه يا أسيل؟ للمرة الثانية اراكِ بين احضانه يا ؟!
حاولت أسيل افلات خصلاتها من بين قبضته وهي تمنع دmـ.ـو.عها المتحجرة بصعوبة من الهطول، فبدأت تهمس بحروف مشتتة:
-اتركني يا علي لن اتحدث بهذه الطريقة!
تركها بالفعل وهو يصـ.ـر.خ كالمـ.ـجـ.ـنو.ن الذي افقدته الغيرة عقله تمامًا:
-تتحدثين عن ماذا، عن أنك عاهرة رغم كل شيء تقطنين بأحضانه بكل بساطة؟ دعكِ مني ومن رجولتي التي تدعسيها باقدامك، هل فكرتي يومًا انه مُحرم عليكِ يا أسيل؟!؟!
هزت رأسها نافية بسرعة وهي تخبره:
-أنت تُسيء الفهم، ثامر كان...
قطع الخطوة الفاصلة بينهم وهو يزمجر فيها بخشونة:
-لا تنطقين اسمه حتى!
ابتلعت ريقها بتـ.ـو.تر، تشعر أن نظراته تحرقها بغضبها الأهوج الذي اصبح يتراقص بحدقتاه مهددًا، فحاولت استجماع ثباتها وهي تستكمل:
-أتى فجأة ولا ادري كيف فتح الغرفة، كان معه سكين واصبح يبحث عنك وهو يهدد بقــ,تــلك، كان شبه مـ.ـجـ.ـنو.ن لا ادري ما به ولكنه لم يكن طبيعيًا ابدًا، فلم يكن امامي سوى أن اسايره في جنونه واخبره انني لا احب سواه ليهدأ، كنت اخشى الفـ.ـضـ.ـيحة يا علي! وربما كان يقــ,تــلك أنت ايضًا!
سقطت على الفراش تتنفس بألم وهي تهمس:
-انا لستُ عاهرة يا علي، انا لا اعود لشخص حاول خيانتي وهو في كامل قواه العقلية!
بدأ يمسح على شعره بعصبية، في كل مرة يحاول تلطيف الاجواء يعكرها اكثر، حتى بدأ يشعر أن ذلك الحقير يعبث بعقله الرزين الذي كان يُحسد عليه...
ولكن مهلاً، في قوانين العشق لا يوجد للعقل حسبان ولا للعقل عليه سلطان!..
جلس جوارها ليجذبها لأحضانه ببطء مغمغمًا:
-أنا اسف يا أسيل، أنا آآ...
ابتعدت عنه بسرعة وهي تستطرد بعصبية جعلته يفرغ ما ينبض به كيانه في تلك اللحظات:
-أنت ماذا؟ أنت شخص غير متوازن لا تثق بأي شخص!
-أنا أغااااار يا أسيل أغاااار وبجنون!
قالها وهو يجذبها رغمًا عنها لاحضانه، يود التأكيد لنفسه أنها لن تترك مأواها وملاذها يومًا، وإن كان رغمًا عنها!..
ثم ربت على خصلاتها برقة وهو يهمس:
-أغار من أن يرى خصلاتك تلك رجل غيري.
ثم أبعدها قليلاً ليرفع إصبعه ببطء يتحسس عيناها الواسعة متابعًا بصوت اجش عصفت به عاطفة خاصة وقوية تشتعل بقربها منه:
-اغار على عيناكِ عنـ.ـد.ما ترى رجل اخر
ثم هبط بإصبعه لوجنتها:
-اغار على وجنتاكِ عنـ.ـد.ما يلفحها الهواء فيمس نعومتها
ثم ارتجف تلقائيًا عنـ.ـد.ما مس شفتاها الرقيقة بإصبعه، وداخله وحوش مستعرة تطلب التبديل بشفتاه عله يشبع ذلك الجوع ويروي ظمأه لها...
لاحظت هي رعشته الخفيفة وهو يهمس متحسسًا شفتاها:.
-اغار عنـ.ـد.ما تنطق شفتاكِ اسم رجل اخر...
وفي اللحظة التالية وقبل ان تمنع حدوث ذلك كان يبعد إصبعه لتحل شفتاه محله، ولكن بطريقة أكثر شغفًا وتلهفًا...!
وهي مشتتة، رافضة ولكنها مذهولة من حرارة قبلته التي تكاد تفقدها رشـ.ـدها..
مدت يدها تحاول دفعه بعيدًا عنها ولكنه كان اقوى منها فأمسك يداها بيد واحدة بينما يده الاخرى تجذب رأسها له...
واخيرًا تركها وهو يلهث مسندًا جبينه على جبينها، لتهمس هي بصوت مبحوح:.
-ابتعد ارجوك يا علي، لا اريد أن اكره نفسي اكثر إن استسلمت لك!
وبالفعل احترم رغبتها وبدأ يبتعد ببطء، ولكن قبل ان يبتعد لثم رقبتها بعمق بطيء جدًا وخرج صوته خشن رجولي وهو يخبرها:
-لو تعلمين كم أمارس الضغط على نفسي حتى ابتعد عنكِ الان...
ابتلعت ريقها بتـ.ـو.تر مغمضة العينين تهمس باسمه:
-علي...
انتشل نفسه بصعوبة من جوارها وهو يسب بصعوبة مسموع:.
-اللعنة على علي واليوم الذي ولد به علي، اصمتي ارجوكِ لاني إن اقتربت مرة اخرى لن ابتعد الا بعدmا اتأكد أنكِ تحملين طفلاً مني في احشاءك!..
وعلى الفور صمتت وهي تضع يدها على فاهها بخجل طفولي بينما سار هو للمرحاض ليأخذ حمامًا بـ.ـاردًا عله يهدئ تلك النيران التي اشتعلت به...
كانت ريم تسير بسرعة وهي تسحب والدتها معها، فبدأت والدتها تقول بتـ.ـو.تر وهي ترى اسم الطبيبة المُعلق على البناية التي يدلفون لها:
-لمَ أتينا لهنا يا ريم؟ ما بكِ منذ أتيتي من عند ظافر وأنتِ هكذا!
زفرت ريم بضيق وهي تخبرها:
-سأقوم بكشف عذرية يا أمي، يجب أن اتأكد إن كان ظافر فعل بي شيء ام لا
وقفت والدتها فجأة تشهق بعدm تصديق:
-ماذا! هل جُننتي يا ريم؟
هزت رأسها نافية ببساطة:.
-لا ولكني بعد الذي حدث اليوم بدأت اشك ان يفعل بي شيء هكذا، ارجوكِ اتبعيني فقط
وبالفعل تبعتها والدتها بصمت موافقة على مضض، لا تعلم ما الذي يدور بعقلها ولكن ستدعمها قليلاً...
وبالفعل دلفت للطبيبة بتـ.ـو.تر، رغم ضيقها الشـ.ـديد لتعرضها لذلك الموقف الا أن امل خفي كان ينبض داخلها...
بدأت الطبيبة تفحصها بهدوء وما إن انتهت وابتعدت سألتها ريم بلهفة:
-ماذا ايتها الطبيبة؟
ابتسمت الطبيبة وهي تجيبها بجدية:.
-أنتِ مازلتي عذراء عزيزتي لم يقربك أي شخص...!
وبقدر ما كانت الصدmة مفرحة بقدر ما فجرت داخلها الكثير من الاشياء...!
بعد إنتهاء الخطبة...
كانت عائلة ريهام وريهام ووالدة عاصي وهو، جميعهم يجلسون بهدوء، رآن الصمت بينهم يختزن بين نسمـ.ـا.ت الهواء...
قطع ذلك الصمت صوت والد ريهام وهو يقول بصوت اجش يعبر عن سخطه وغضبه:
-انا احاول ان اتغاضى عما حدث اليوم فقط من اجل ابـ.ـنتي، لانها ارادت ذلك ولكن إن تكرر شيء هكذا مرة اخرى يا سيد عاصي لن اتردد في انهاء تلك الخطبة ابدا...
كاد عاصي يرد ولكن والدته التي كانت متيقنة انه سيرد رد يوثق ذلك الانهاء قالت:
-وانا اعتذر لك عني وعن ابني يا سيد زاهر، ما حدث كان تلقائي من رجل شرقي رأى البعض يشاكس زوجته، ارجو ان تتفهمه
اومأ زاهر دون رد، لتسارع والدة عاصي متابعة بتفكير:
-ولكني فكرت في شيء جيد جدًا
سألها بجدية:
-وما هو؟
حينها تشجعت وهي تخبرهم:
-أن نعقد القران غدًا...!
وبمحض الصدفة او لنقل أنها ارادة قدر كانت حور تهبط فسمعت كلمـ.ـا.تها التي كانت كسكين ينغرز بقلبها بقسوة، خاصةً عنـ.ـد.ما نظرت حمـ.ـا.تها لعاصي تسألها برجاء خفي:
-أليس كذلك يا عاصي؟
صمت عاصي قليلاً ولكنه رد بصوت اجش وكأنه يفكر:
-بالطبع...
حينها شعرت حور ان دلو من الماء البـ.ـارد سُكب عليها وكأنه ليس عاصي الذي كان يعلنها ملكية خاصة منذ فترة ليست ببعيدة...!
↚بدا الزمن كأحدى الأطلية الصلبة التي غطت على حياتها، ظلت متصنمة مكانها تحاول إستيعاب ما اخترق اذنيها كالرعد، أيُعقل عاصي سيتزوج؟!..
ستشاركها أخرى به...؟
ولكن شيء داخلها سخر منها وبقوة، ومنذ متى وعدك هو بغير ذلك!؟، هل معاملته اللينة التي يغدقها بها فطريًا تعني حبًا، ام غيرته الرجولية الشرقية على من يخصونه تعني حبًا..!
ربما معانيهم الحب فعليًا، ولكن أماكنهم خطأ، ووقتهم اكثر فداحة وخطأ!..
قطع ذلك الصمت الذي خيم على عقول الجميع كاتمًا رنين افكارهم صوت والد ريهام الذي قال بصوت رخيم:
-ولكنهم لم يتعارفوا بشكل جيد يا سيدتي، لذلك لا أحبذ فكرة عقد القران الان ابدًا
حينها تدخل عاصي ساخرًا:
-وأنت لم تعطني الفرصة يا سيد زاهر، أنا كدتُ أكمل كلامي أنني أريد ذلك ولكن أفضل الانتظار قليلاً...
اومأ زاهر موافقًا، وريهام كانت تنظر بصمت، وكأنها تود سبر أغوار عاصي الذي كان كاللغز الصعب لها...!
غادرت حور سريعا بمجرد ان سمعت موافقته المبدئية على عقد القران ولم تستمع لباقي حديثه الذي ربما كان يرطب جروح روحها الغائرة ولو قليلا...!
انتهت تلك الجلسة اخيرًا وغادر الجميع ليبقى عاصي مع والدته، فظهرت مشاعره الحقيقة التي كانت مغطاه بقناع الجمود، ليغوص الغضب بين حروفه وهو يزمجر فيها بانفعال:
-ألن تكفي عن أخذ قرارات تتعلق بحياتي يا أمي؟ إلى متى ستتحدثين على لساني وانا اجلس امامك!؟
هزت والدته رأسها بتـ.ـو.تر مستنكرة:
-ولكنك كنت مؤيدًا لي عنـ.ـد.ما سألتك عاصي
تأفف وهو يسير مبتعدًا ثم تابع بنفس العصبية:
- لن اتمالك اعصابي في كل مرة يا والدتي العزيزة، أنا احبك نعم احترمك نعم لذلك لم ابدي رفض حتى لا اعرضك للاحراج وحتى لا يعتقدوا أنني مجبر على تلك الزيجة ولكن في المرة القادmة التي تكررين بها نفس الشيء أقسم أنني لن أصمت...
هزت كتفاها بيأس أسف:
-حسنًا يا بُني لم اكن اقصد ان ألغي وجودك ابدًا...
هز عاصي رأسه ثم غادر دون كلمة اخرى، لتجلس هي على الأريكة تتنهد بصوت مسموع وسؤال يطير بين ثنايا عقلها المـ.ـخـ.ـد.رة فنطق به لسانها
لمَ أشعر أنكِ بدأتي تؤثرين في أبني يا ابنة ابراهيم ؟!
بينما في الأعلى دلف عاصي الى الغرفة ليجد حور تتسطح بسرعة حتى دون ان تخلع فستانها أكتفت فقط أن رمت حجابها وتمددت على الفراش...
فك ربطة عنقه وألقى بها يليها الچاكيت ليقترب من الفراش هامسًا بأسمها:
-حور!؟
لم ترد بل أغمضت عيناها بقوة، وكأنها في بقعة سوداء، بقعة ازداد سوادها من كثرة الغل الذي يتغلغل داخلها فجعلها كالمعزولة لا تتفاعل معه بأي شكل من الاشكال...!
رأى بوضوح رعشة جفناها التي تفضحها مهددة بهطول امطار من الدmـ.ـو.ع في أي لحظة، فتمدد خلفها ببطء، مرت لحظة واثنان بصمت قبل ان يقترب بجسده منها ثم جذبها له برفق حتى اصبحت ملتصقة به، حينها شعرت بالنفور حرفيًا وقد كان خلفية واضحة لمشاعرها الحالية، فهدرت فيه بعنف:
-اتركني لا تلمسني ابدًا يا عاصي.
تجاهلها تمامًا وهو يشـ.ـدد من يداه التي أحاطت خصرها في محاولة منه لجعل اعصابها ترتخي عنـ.ـد.ما بدأ يتحسس خصرها ببطء، ولكنها نفضت يداه بعيدًا عنها دون تردد ليخرج صوته الاجش حاد وهو يجذبها مرة اخرى له ولكن بطريقة اشـ.ـد نوعًا ما:
-اصمتي ودعينا ننام انا مرهق جدًا، ثم لا يجب أن اذكرك في كل مرة انني انا الذي احدد كل شيء وأي شيء حتى أنني احدد أين ستنامي وكيف وأنكِ مجرد فصلية لا قيمة لها في هذا المنزل!
سمع صوت أنفاسها الحادة بوضوح فأدرك أن لكلمـ.ـا.ته اثر واضح في ملامحها التي بدت وكأنها تنزف...
ثم قولها الخشن وهي تخبره:
-ربما تتحكم الان وتحدد ولكن اعدك سيأتي يوم يا عاصي انا التي ستحدد وتتحكم، انا التي ستُدmي قلبك وكيانك ورجولتك.
تجاهل كلاهما ليدفن وجهه عند رقبتها وانفاسه تلفح رقبتها البيضاء الناعمة، ويداه تحيط بها وكأنها ستمنعها من الهرب، ومن دون مقدmـ.ـا.ت كان يغرق في النوم كنوع من الهرب الذي يريحه نوعًا ما!..
كان علي في ورشة الحدادة التي يعمل بها كالعادة يوميًا، كان غارق بعمله تمامًا عنـ.ـد.ما اقتربت منه شابة ما، لم يعيرها اهتمام ظنًا منه انها لم تأتي له ولكنها خيبت ظنونه عنـ.ـد.ما وقفت جواره تمامًا وهي تردد بابتسامة هادئة:
-السلام عليكم
رد دون ان ينظر لها:
-وعليكم السلام، صاحب الورشة ليس موجود الان يمكنكِ المجيء في وقت اخر
إتسعت ابتسامتها التي تخفي خلفها الكثير والكثير وهي تخبره:.
-ولكني لم آتي له، أتيت لك أنت يا وسيم
حينها نالت كافة انتباهه، ثم بنظرة حادة ثاقبة كادت تهز كيانها الذي هدأته بمهارة سألها:
-وبمَ تريديني يا سيدة؟
عنـ.ـد.ما رأت نظرته الحادة ولهجته الخشنة التي تخوي بين جفونها رفضًا مبطنًا، قالت مباشرةً متساءلة:
-أنا رأيتك أنت وأسيل صديقتي القديمة، هل تعرفها؟!
للحظة كاد يتـ.ـو.تر وتتخبط أفكاره ولكنه حزم لجام افكاره وهو يومئ مؤكدًا ببرود:
-نعم ولكن لمَ السؤال؟! ثم...
صمت، لتجيب هي بمكر هادئ حينها:
-أنا صديقة قديمة لأسيل وثامر وعلى حد علمي أنها كانت لا تخطي خطوة خارج البصرة الا مع ثامر وعنـ.ـد.ما رأيتكم تفاجأت ولكن وسط الزحام لم استطع اللحاق بكم لأحدثها وها أنا رأيتك صدفة فجئت لأسألك عنها
كان علي مدقق النظر لعيناها التي كانت تخفي شيئًا ولكنه لا يدري ما هو تحديدًا...!
ولكنه لا يستطع الوثوق في أي شخص، اطـ.ـلا.قًا!
في اللحظة التالية كانت تقترب منه جدًا حتى أنها كادت أن تلتصق به، حينها فقط أنتبه لملابسها الفاضحة التي تكشف ملامح جسدها المُغري، لترفع إصبعها تتلمس صدره الذي ظهر أوله من القميص المفتوح اولى ازراره وهي تهمس مقتربة من وجهه الرجولي الخشن:
-هل تعلم أنك وسيم، جدًا!
في نفس الوقت كانت أسيل في الفندق كالعادة تجلس بملل، تلقت اتصالاً هاتفيًا من شقيقها فأجابت بسرعة بابتسامة ناعمة:
-عاصي، اشتقت لك كثيرا
شعرت من نبرته انه يبتسم وهو يبادلها المودة مرددًا:
-وانا ايضًا اشتقت لكِ يا ماكرة كيف حالك
ردت اسيل برقة:
-بخير أخي، انت كيف حالك؟ وأمي؟ لم تكن بالمنزل عنـ.ـد.ما اتصلت وردت عليّ فاطمة
-بخير جميعنا بخير
سألته مرة اخرى:
-هل أتممت خطبتك ب ريهام كما اخبرتني؟
سمعت زفرته الحادة وهو يقول:
-نعم، والان يكفي ثرثرة أنا اتصلت لأخبركِ أنني قادm لكِ على الفندق الذي تقيمين به
صرخت فيه بفزع دون وعي:
-ماذا؟! ولمَ تأتي؟
سمعت حشرجته الخشنة بوضوح مستنكرًا:
-كيف يعني لمَ، هل اصبح حـ.ـر.ام او عيب أن أتي لأطمئن على احوال شقيقتي
هزت رأسها نافية بسرعة:
-لا لا لم اقصد ذلك ولكن، يعني، عاصي أنا اخبرتك أنني اود الاختلاء بنفسي قليلاً
ولكن قال بحزم:.
-يكفي، تركتك لأيام كما اردتي ولكن كفى، انا حجزت وانتهى الامر سأغادر مساءًا واصبح عندك قريبًا
استسلمت بيأس:
-حسنًا يا اخي في انتظارك
-الى اللقاء
-مع السلامة
وبمجرد ان اغلقت الهاتف ركضت ترتدي ملابسها بأسرع ما يمكن وهي تحاول الاتصال ب علي ولكن هاتفه كان مغلق، فأغلقت الباب وهي تسبه بغضب جلي:
-لعنك الله يا علي..
ركضت تستقل أول سيارة اجرة قابلتها وهي تخبره بعنوان مقر عمل علي الذي اخبرها به...
وبالفعل بعد قليل وصلت وهي تترجل بسرعة بعدmا اعطت السائق اجرته، دلفت باندفاع نحو الورشة ولكنها توقفت مصدومة، ساكنة، اُثلجت مشاعرها والمشهد يُكرر للمرة الثانية، يُكرر ولكن مع التكرار يزداد حصار القلب حتى يفقد رونقه تمامًا..!
صدرت شهقة لم تستطع منعها من الصدور عنـ.ـد.ما رأت علي يحيط خصر تلك الفتاة وهي تقبله بلهفة وهو لم يبدي اعتراض...!
في نفس النهار...
كان ظافر في مكتبه يُنهي بعض أعماله عنـ.ـد.ما صدح هاتفه يعلن عن وصول اتصال من والدة ريم، رد ظافر بهدوء قائلاً:
-السلام عليكم عمتي..
ولكنه لم يتلقى الرد الذي توقعه بل صوت عمته تجيب بحروف شبه منهارة:
-ظافر، أغثنا يا ظافر نحن في مستشفى ، لان ريم...
ثم صمتت ليصـ.ـر.خ بها ظافر بقلق كاد يذيب اعصابه:
-ما بها ريم ماذا حدث؟!
-ريم حاولت الانتحار دلفت لغرفتها لاجدها غارقة وسط دmاءها.
لم يعد يعي ما حوله، صغيرته حاولت الانتحار!
حاولت المـ.ـو.ت وبسببه؟!، شعرت بوغزات حادة مؤلمة تخترق صدره المحفور بحروف ذهبية من عشق متيم...
لم يتخيل يومًا أن تصل الامور لذلك الحد، لم يكن يتخيل ان يصبح يد تدفع صغيرته لحافة الانهيار!
ألف آآهٍ وآآه تحشجرت داخله تود الانفجار في العلن، اغلق هاتفه وهو يسمع اخر جملة من عمته:
-ولكن لا تخبر عمك ابراهيم لانه مشغول جدًا وقد يكون مشغول ونقلقه دون جدوى.
اغلق الهاتف راكضًا من الشركة دون ان يهتم بأي شخص، ركب سيارته وهو يقود بسرعة البرق متجهًا للمستشفى التي اخبرته باسمها عمته...
وما إن دلف حتى ركض لموظفة الاستقبال يسألها:
-غرفة ريم الزبيدي اين هي؟
نظرت الموظفة للجهاز ثم سألته:
-هل جاءت لقسم الطوارئ ام كشف عادي؟
حك رأسه بأرهاق وهو يتمتم:
-اعتقد قسم الطوارئ
هزت رأسها نافية وهي تخبره:
-لا يوجد.
لم ينتظر اكثر بل ركض وهو يتصل بعمته التي اخبرته اين هم بالتحديد، دلف للغرفة التي يقطنون بها ليجد ريم ممدة على فراش صغير ومُركب لها محاليل ملامحها الصغيرة مسترخية وهي تغط في نوم عميق...
نظر لعمته التي أسرعت تغادر من امامه وهي تهمس ببعض التـ.ـو.تر:
-سأذهب للطبيب كان يريد محادثتي بشيء مهم.
ثم غادرت ليقترب هو من ريم حتى جلس على الفراش، كانت انظاره مُعلقة بملامحها التي يحفظها عن ظهر قلب، مجرد التخيل أنه ربما كان يخسرها اصابته بحالة من الجنون الهيستيري...!
رفع يدها الصغيرة يلثمها بعمق هُيء له انها ارتعشت استجابة له ثم همس:
-آآه يا صغيرتي كدتُ امـ.ـو.ت شوقًا لأراكِ واضمكِ لأحضاني، لا اتخيل أن تفارقيني يومًا، لا بل هو غير مسموح لكِ من الاساس.
ثم احتضنها بقوة يضم رأسها الصغيرة لصدره الذي كان يهدر بعنف لقربها، ثم اعادها لمكانها وهو يتابع بصوت أجش:
-اقسم انني لم اؤذيكِ ابدًا، لم أقربك، لم استطع، لم يكن الامر متعلق بشوقي لكِ لأنني سأجن لأجعلك امرأتي، لأروي ظمأي لكِ، ولكنني لم استطع أن اكـ.ـسر كبرياءك وعنفوانك الذي اعرفه، لم استطع ان ادmر طفلتي وإن دmرتني هي مُسبقًا...!
هبط ببطء يدفن وجهه عند خصلاتها يسحب رائحتها داخله بعمق، ثم اتبعها بقبلة عميقة طويلة لرقبتها وهو يهمس بصوت خشن مثخن بالعاطفة القوية:
-اعشقك، أنا اعشقك حد الهوس يا صغيرتي
ثم رفع رأسه ينظر لوجهها متوسلاً:
-انهضي ارجوكِ يكفي
وفجأة وجدها تتحدث بعفوية مؤكدة:
-حسنًا معك حق يكفي هذا...
ثم تنهدت اكثر من مرة بـ.ـارتياح غائر وهي تخبره بخبث:.
-لم احقق انتقامي كاملاً نعم ولكن شفيتُ غليلي مؤقتًا يا سيد ظافر لأثبت لك أنك لا تستطيع أذيتي ابدًا...!
وبلحظة شهقت بعنف عنـ.ـد.ما وجدته يطل ليصبح فوقها بجسده العريض، يقرب وجهه الذي نبض بشتى المشاعر واولهم الغضب المُخيف منها وهو يستطرد بنبرة مُقلقة:
-هكذا اذن...
ارتجفت بعنف وهي تسأله بنبرة متـ.ـو.ترة بينما هو يقترب اكثر:
-ماذا ستفعل، ابتعد ظافر!
ولكن هيهات...
تأفف عاصي اكثر من مرة وهو ينهي اعداد حقيبته التي سيسافر بها، ورغمًا عنه بدأ يفكر بحنق كاد يستوطن ملامحه، إن كان يظن أن حور في السابق كانت تتجاهله فهو احمق، لأنها منذ تلك الليلة التي اصبحت فيها ريهام خطيبته رسميًا وقد اصبحت تتجاهله تمامًا...!
حتى انه لا يراها سوى مرة يتيمة باليوم وعنـ.ـد.ما تجبرها والدته على النزول لتناول الغداء معهم..
هبط بهدوء متجهًا لوالدته، اليوم لم يراها ابدًا لذلك فقط سيسأل عنها ويتخلى عن كبرياؤه قليلا...
اقترب من والدته وهو يسألها بصوت هادئ ولكنه جاد:
-امي، هل رأيتي حور؟
اومأت والدته مؤكدة ثم سرعان ما رفعت حاجباها وهي تسأله مستنكرة:
-ألم تخبرك أنها ذهبت للطبيبة؟
بدأ القلق يتسرب لملامحه وهو يسألها:
-أي طبيبة ولمَ تذهب؟
مطت شفتاها بلامبالاة وقالت:.
-وما ادراني أي طبيبة، هي اخبرتني أنها ستذهب لطبيبة النساء التي اخبرتها عنها فاطمة لانها تشعر بألم في بطنها
عقد ما بين حاجباه بحدة:
-هل ذهبت بمفردها؟
-لا، السائق معها وقد اخبرته الا يتركها بمفردها ابدا
ردت بنبرة مختصرة بـ.ـاردة وهي تعود لتتابع التلفاز باهتمام، كاد عاصي يندفع نحو فاطمة ولكن اوقفه رنين هاتف المنزل ليجيب بجدية:
- نعم مَن؟..
أتاه الصوت هادئًا من الجهة الاخرى:
-اريد السيدة حور الشهاوي.
-انا زوجها، هل يمكنني معرفة السبب؟
رد الاخر بما جعل عاصي كأحدى اصنام الزمن القديم المنحوتة باحترافية:
-انا سكرتير الطبيبة وكنت اتصل لأن السيدة حور تأخرت عن موعدها فأردت سؤالها هل تخلت عن فكرة الاجهاض ام ماذا؟!
وقد نفذت حور كلامها بالحرف الواحد، أدmت قلبه، ورجولته، وكيانه!
↚ارادت صنع قناع للقوة، فأدmت ملامح الروح والقلب بنفسها، !
واثناء الطريق فجأة توقف السائق بالسيارة فحدقت به حور تسأله بقلق واضح:
-ما الذي حدث؟
كان يفحص السيارة وهو يجيبها بصوت هادئ:
-لا ادري ولكن يبدو أن السيارة تعطلت سيدتي
حينها صرخت بجزع:
-ماذا تعني ب تعطلت!
-لا ادري ما الذي حدث لها لم تتعطل مسبقًا..!
أجابها بصوت متـ.ـو.تر وكأنه ينفي عنه التهمة التي ستُلصق به حتمًا...
بدأت حور تنظر حولها لتجد أنهم بمكان مظلم، شبه خالي من السكان، مُوحش ومُخيف لقلب صريع للظلمة في كافة تواريخه..!
فعادت تنظر للسائق وهي تسأله بصوت مبحوح:
-وأين نحن من الأساس؟ لا اعتقد أن هذا طريق العودة للمنزل!
هز السائق رأسه بيأس مغمغمًا:
-ومن الواضح أيضًا أننا فقدنا الطريق الصحيح سيدتي!
كادت تبكي وهي تزمجر فيه بانفعال:
-لعنك الله أنت وسيدتك في يوم واحد.
وبدأ شيء يُردد داخلها، هذا غضب الله عليكِ لأنكِ اردتي قــ,تــل روح بريئة...!
ولكن ماذا عساها تفعل؟! تنجب لتدmر كيانها هي وطفلها ايضًا؟!، المعادلة خاسرة من البداية ولكن ربما خسارة واحدة اهون من اثنان يُنهيا أي محاولة لنقطة جديدة...!
ولكنها ايضًا تراجعت عن امر الاجهاض قبل ان تصل للطبيبة وأمرت السائق بالعودة للمنزل..!
وعنـ.ـد.ما مر الوقت ولم يستطع السائق إصلاح السيارة، هبطت حور بتردد علها تجد أي شيء يساعدهم او شخص...!
سارت بشرود وهي تبحث بعيناها عن أي شيء يدل على وجود الحياه في تلك المنطقة، ولكن خاب أملها وبشـ.ـدة عنـ.ـد.ما وجدت نفسها سارت مسافة ملحوظة عن المكان الذي كانت فيه، حتى أنها لا تدري كيف العودة!
بدأت تنظر يمينًا ويسارًا بقلق وهي تنادي على السائق، ولكن لم تجد أي شخص...
وفجأة وجدت شخص ما يقترب منها، لوهله ظنته نجدة إلهية اُرسلت لها، ولكنها على العكس صفعة قاسية من القدر، حيث كان الشخص يبدو أنه ثمل!
ما إن اقترب منها حتى قالت بلهفة:
-هل يمكنك مساعدتي يا سيد أنا أريد أي طريقة للعودة لأنني ضللت طريقي
ظل يقترب منها ببطء وهي تعود للخلف، حتى قال بنبرة واهنة:
-أجل ولكن فلتساعديني أنتِ اولاً، أنا اريدكِ، اريدكِ وبشـ.ـدة.
إتسعت حدقتاها بفزع حقيقي وهي ترتد للخلف بعنف ولكن قبل ان تستطع الهرب كان هو يقبض على ذراعها بقوة ليجذبها له، بدأت هي تدفعه وهي تصرخ ولكنه احكم قبصته حولها ليطرحها ارضًا وهو فوقها يحاول خلع حجابها، ثم بدأ يمزق باقي ثيابها، تعالت صرخاتها المستنجدة ولكن لم تسمع سوى صداها المتحشرج، السكون يعم المكان لا يقطعه سوى لهاث ذلك الحقير وصراخها المتناغم مع أنين الروح، تشعر أنها ستختنق فعليًا، بدأت دmـ.ـو.عها تهبط دون توقف وهي ترجوه بضعف:.
-ارجوك أنا حامل لا أريد خسارة طفلي ارجووووك
ولكن الشهوة عمت عيناه فلم يكن يعير اهتمام لما تقوله بل ظل يردد بصوت أجش لاهث وقذر:
-لم اعد استطيع الاحتمال...
ظلت تحاول وتحاول دفعه عنها، تبكي وتنوح وتستنجد وتتوسل ايضًا، ولكن المقابل كان الصمت وإكمال عملية قــ,تــل روحها تلك!
في تلك اللحظات لم يأتي بعقلها سوى عاصي، آآهٍ من عاصي وعشقه، لو لم تتمرد عليه لما كان حدث هذا، لو لم تحاول أن تقــ,تــل طفلها لما حدث هذا، ألف لو و لو خلقها الشيطان بعقلها...
ولكن النتيجة واحدة!
قبل ذلك بفترة، بمجرد ان ابتعدت حور عن مرمى عينا السائق الذي لم ينتبه لمغادرتها، اخرج هاتفه وهو يتمتم بصوت يكاد يسمع:
-اقسم سيقــ,تــلني سيدي عنـ.ـد.ما اعود سيقــ,تــلني حتمًا
اتصل بعاصي وداخله يرتجف بخـ.ـو.ف من القادm، خاصةً عنـ.ـد.ما اتاه صوته الهادر بعنف:
-أين أنتم يا
اجابه السائق بتـ.ـو.تر مسرع:
-لا أعلم أين نحن سيدي، ضللت الطريق عنـ.ـد.ما كنا نعود والسيدة حور آآ...
سأله عاصي بلهفة لم يخفيها:.
-أين حور؟! ما بها أنطق ايها اللعين
رد حينها دفعة واحدة:
-السيدة حور كانت تتفحص المكان وسارت دون ان اشعر وابتعدت عني حتى انني لا اعلم اين ذهبت في ذلك المكان المظلم وحاولت البحث عنها ولكني لم اجدها ولا ادري ماذا افعل
سمع صراخ عاصي الهيستيري وهو يأمره:
-سأقــ,تــلك، اقسم بالله سأقــ,تــلك أيها ال، أفتح هاتفك اللعين هذا وارسل لي موقعك حالاً، إن تأخرت ثانية واحدة ستكون حياتك الثمن.
اومأ بسرعة وكأنه يراه وبالفعل بدأ يعبث بهاتفه إلى أن ارسل لعاصي موقعه بالفعل وحينها أغلق عاصي الخط بسرعة وهو يركض ليركب سيارته...
أدار السيارة بانفعال وهو يردد بصوت ثقيل مُتعب:
-لن اسامحكِ يا حور إن حدث لكِ او لطفلي شيء، لن اسامحكِ...
الصدmة جعلت أسيل جـ.ـا.مدة، شاحبة، صامتة تستجدي الصراخ ان يخترق مسام صمتها المؤلم للروح والقلب...!
انتفض علي مُبتعدًا عن تلك الفتاة ليتجه نحو أسيل وما إن هم بالنطق مدافعًا عن نفسه بالطبع، إنتفضت أسيل تبعده عنها قبل ان يلمسها وكأنه وباء لتزمجر فيه بعصبية مفرطة:
-ابتعد لا تحاول لمسي حتى، أيها ال، قذر! هل هذا عملك الذي تأتي له يوميًا؟!
هز رأسه نافيًا بسرعة وهو يخبرها باختصار:.
-أسيل أنتِ اسأتي الفهم اهدئي قليلاً لنتحدث
حينها تدخلت تلك الفتاة بابتسامة بـ.ـاردة تتمتم:
-اعتذر حقًا يبدو أنني سببت مشكلة..
تعالت ضحكات أسيل الساخرة يتبعها قولها الحاد كعيناها التي تنذر بحالة الحرب:
-أنتِ منذ دخلتي لحياتي وأنتِ تسببين بها المشاكل يا سارة هانم!
ازداد الوضع تـ.ـو.تر خاصةً عنـ.ـد.ما استدارت أسيل بكل كبرياء تتشـ.ـدق ب:
-اكملا القذارة التي كنتما غارقان بها، أنا سأرحل.
وكادت تغادر بالفعل ولكن يد علي التي قبضت على يدها منعتها، لينظر ل سارة متمتمًا بنبرة جادة:
-غادري الان يا سارة رجاءًا
اومأت سارة بسرعة لتغادر بالفعل، حينها سار علي نحوها ليُغلق الورشة ويعود لأسيل مرة اخرى، اسيل التي كانت وكأن احدهم وضعها على جمر ملتهب..!
لم يكن ذاك الجمر مكنونه الغيرة، ولكنه كان الشعور بالغدر للمرة الثانية، ذلك الشعور الذي يُولد داخلها ذبذبات من نوع اخر تؤكد لها أن المشكلة فيها هي، أنها ليست أنثى كاملة كما اخبرها ثامر...!
انتبهت لعلي الذي اقترب منها لتعقد ذراعاها وهي تردد بجمود مشمئز:
-هل يمكنك الاسراع في الحديث لاني فعليًا لا أطيق ذلك المكان
امسك علي وجهها بين يداه رغم اعتراضها الحاد، ليقترب منها ببطء وهو يهمس بصوت أجش:.
-اقسم انني لم اخونك أسيل، لقد، آآ لقد كانت...
ولكن أسيل قاطعته عنـ.ـد.ما دفعت يداه عنها بعنف وهي تصيح فيه بهيسترية:
-كانت ماذا؟! كانت مُغرية أكثر مني أليس كذلك؟
جذبها له مرة اخرى حتى اصبحت ملتصقة به، تستشعر نبضاته الهادرة التي كانت دليلا واضحا على همسه الرجولي الخشن وهو يتحسس جانب وجهها بطريقة مُذيبة للجليد:
-لا توجد امرأة على وجه الارض مغرية في نظري اكثر منكِ.
حاولت التملص من بين ذراعاه بضعف متابعة بصوت قارب على البكاء:
-اتركني علي، انا لا اريد غزلاً كما فعلت تلك الليلة، انا اريد حقيقة واضحة!
وبالفعل تركها ليمسح على شعره ببطء وهو يزفر بصوت حاد، إلى أن خرج صوته جادًا مغموسًا بشراسة فطرية:.
-لقد جاءت لتخبرني أنها صديقتك أنتِ وذلك اللعين، ثم بدأت تتحدث بتهديد مُبطن، أن ثامر كان يغار بجنون ولا يتركك تذهبين لمكان بمفردك وعن رد فعله إن علم وعن معرفتها الاصيلة بكِ وبه وبأهلك، لا ادري ولكنها كانت مريبة لذلك فكرت أن اطاوعها قليلاً لأرى نهاية ما تريده ولكني تفاجأت بتلك القبلة.
ثم بدأ يقترب منها ببطء لتعود هي للخلف تلقائيًا، اقترب اكثر حتى حاصرها عند الحائط، وضع يداه حولها حتى لا تستطع الفرار، ثم اقترب اكثر، نظراته تلاقي نظراتها المتـ.ـو.ترة، وأنفاسه تضـ.ـر.ب وجهها الشاحب فتُعيد له رونقه...!
اصبح على بُعد سنتيمتر واحد منها، يكاد يلامس وجهها وهو يسألها بهدوء:
-هل تصدقينني أسيل؟
ثم اقترب اكثر وهو يحيط خصرها ببطء، ذقنه النامي يحتك بنعومة وجنتها وهمسه المثخن بعاطفته اللاهبة كالنغمان تلحن تلك الأجواء:
-لا توجد سوى حقيقة واحدة، أنني أعشقك، ولستُ كأي رجل في عشقك يا معشوقتي
لأول مرة يعترف علي صراحةً بعشقه امامها، لطالما كان عشقه متواريًا خلف أفعاله التي تنم عن عشقًا نهم يتراقص خلف حدقتاه، ولكن تلك المرة كان صريح، صريح جدًا، نابع من أعماق ذلك القلب الذي لم ينبض سوى لها...
تنفسه السريع أصبح واضحًا لها جدًا واقترابه المُهلك الذي تتلاشاه زاد من تـ.ـو.ترها
ولكنها دفعته فجأة وهي تهز رأسها نافية وتردد بصلابة:
-لم اصدقكك، وبالمناسبة عاصي قادm في الغد وسأغادر معه، الافضل لك أن لا تأتي خلفي
ثم ركضت دون أن تنتظر اكثر، ليضـ.ـر.ب علي الحائط جواره اكثر من مرة بعنف مزمجرًا بجنون:
-لن اترككِ يا أسيل الا عنـ.ـد.ما اكون في قبري، أنتِ لي وستظلي لي...!
كانت محاولات حور مستمرة في الدفاع المُستمـ.ـيـ.ـت عن نفسها، بالرغم من الضعف البدني الذي بدأ يغزو كيانها المرتجف من الخـ.ـو.ف...!
وانتهت اخر محاولة بإمساكها لحجر كان جوارها وبصعوبة لتضـ.ـر.ب رأس ذلك اللعين الذي كان يهجم عليها، فابتعد هو منتفضًا يمسك برأسه صارخًا من الألم وهو يسبها...
حينها ركضت هي بسرعة وهي تبكي كالطفلة الشريدة، لم تعد تدري أين تركض ولا كيف، كل الذي كانت تدركه أنها كانت تهرب من ذلك الذئب...
وفجأة وجدت نفسها تصطدm بصدر عريض فصرخت تلقائيًا:
-لا اتركني...
ولكن يده الحانية التي أسرعت تضمها له بقوة وهو يهمس بأسمها متأوهًا:
-حور...
وما إن اخترقت نبرته الحانية أذنها حتى إنفجرت في بكاء عنيف اشتد وهي تحتضنه بلهفة هيسترية وتردد من وسط شهقاتها:
-تأخرت، تأخرت كثيرًا يا عاصي كدتُ أمـ.ـو.ت، اقسم انني كنت أمـ.ـو.ت لو نجح ذلك اللعين، كنت اعلم انك ستأتي، ستأتي وتنتشلني من الظلمة لن تتركني اغرق بغبائي!
رفعها له بحنية تناقض الوحوش التي هاجت بداخله متناغمة مع النيران التي كانت تحرق أوردته ليقــ,تــل ذلك الحقير وقد وصله بطريقة ما مقصدها، دفن وجهه عند رقبتها يستنشق عطرها الانثوي عله يهدئ من لوع روحه قليلاً، ثم استطرد برقة:
-هششش اهدئي، انا هنا، معك، لن يجرؤ احد على اذيتك!
ابتعدت عنه ببطء وهي تنظر له، حينها فقط أنتبه لملابسها الممزقة والتي تظهر بعض الاجزاء من جسدها، جن جنونه وهو يفكر، ماذا فعل بها؟! هل اقترب منها، رأى جسدها الذي حُرم على غيره..؟!
أظلمت عيناه بقسوة مخيفة وهو يضم قبضتاه معًا ويسألها بصوت هادر عنيف:
-هل لمسك؟
هزت رأسها بلهفة تخبره:
-لا لا اقسم لك لم اتركه يفعلها، ضـ.ـر.بته على رأسه بحجر وركضت.
أبعدها عاصي فجأة عنـ.ـد.ما سمع صوت ذلك الحقير يقترب منهم، لتصبح خلف ظهره فشعرت هي بالأمان فعليًا، ولكن وسط تلك الضوضاء كانت حيرة فطرية تؤرق روحها، لمَ لم يسأل عن طفله الذي يقطن في احشائها؟! اكتفى بالسؤال عنها فقط...!
اشتبك عاصي مع ذلك اللعين ما إن رآه لينقض عليه كالوحش الهائج يضـ.ـر.به بكل قوته كلما تذكر أنه لامسها، رأى جسدها وحاول الاقتراب منها...!
ظل يضـ.ـر.به ويضـ.ـر.به بعنف وهو يسبه إلى أن فقد الرجل وعيه تمامًا، حينها تركه عاصي وهو يلهث ليسحب حور من ذراعها دون كلمة اخرى متوجهًا بها نحو سيارته والسائق يسير خلفهم ببطء ينظر يمينًا ويسارًا...
كان ثامر في منزله عنـ.ـد.ما اتاه اتصالاً هاتفيًا من سارة ليجيب بسرعة متمتمًا بصوت لم تخلو اللهفة منه:
-ماذا حدث سارة؟!
شعر بابتسامتها وهي تجيبه:
-حدث كما طلبت تمامًا، اقتربت منه والرجل إلتقط الفيديو بنجاح، بل وحدث شيء اخر سيُسعدك كثيرا
سألها بسرعة:
-ما هو؟ احكي لي كل شيء وبسرعة سارة
ردت بهدوء:
-أتت أسيل فجأة لتراني وأنا أقبله فصٌدmت وجن جنونها بعد ذلك.
إتسعت ابتسامة ثامر الشيطانية وقد شعر أن الحظ يحالفه وبشـ.ـدة...!
عاد لسارة يردد مرة اخرى:
-ارسلي لي الفيديو الان يا سارة وسأتصل بكِ لاحقًا
-حسنًا...
اغلق الخط وبالفعل خلال دقائق معدودة كان الفيديو يصله، فتحه وهو يشاهده بانتشاء متخيلاً رد فعل عاصي عنـ.ـد.ما يراه، فهمس بصوت اشبه لفحيح الافعى:
-لنرى رد فعلك سيد عاصي عنـ.ـد.ما ترى وتعلم أن شقيقتك متزوجة من ذلك الرجل الذي يخـ.ـو.نها!
ظلت تتراجع للخلف بقلق من مظهره الذي دب الخـ.ـو.ف في باطن روحها، تناست القوة التي كانت تدعيها، تناست الانثى الشامخة التي كانت تحاول رسمها بريشة ضعفها الدmوي...!
وعادت لفطرتها الضعيفة وهي تسأله بقلق:
-اهدأ وسأشرح لك كل شيء
إنفجر البركان الثائر داخله وهو يصـ.ـر.خ فيها بجنون:
-تشرحين لي ماذا! أنكِ اوشكتي على قــ,تــل أبني مرتان؟ مرة بكامل ارادتك ومرة اخرى بتهورك وغبائك؟
وفجأة جذبها من خصلاتها بعنف يقرب وجهها منه حتى استطاع سماع أنفاسها اللاهثة، ليقول بصوت مبحوح مجروح رغمًا عنه:
-تخبريني أنكِ تعشقيني وتذهبين لتقــ,تــلي طفلي بكل دm بـ.ـارد!
لم تستطع النطق، فقدت معالمها الشراسة التي كانت محفورة بها مؤخرًا...!
خاصةً عنـ.ـد.ما نهض وبدأ يخلع حزام بنطاله وهو يهمس بصوت ناعم كجلد الثعبان:
-ولكن لمَ تبذرين الاموال عند الاطباء، هناك طرق اخرى يمكنها أن تُخلصك من ذلك الطفل الذي تكرهيه!
اتسعت حدقتاها بجزع عنـ.ـد.ما بدأ يقترب منها فخرجت حروفها مرتجفة مرتعبة وهي تسأله:
-ماذا ستفعل!
لم يتحدث واخذ يقترب منها و...
↚أصبحت تشعر أن الهواء إنسحب من حولها حتى بات الاختناق رفيقها، كادت تصرخ وهي في انتظار الجلدة الحتمية ولكن على العكس سقطت الضـ.ـر.بة على الأريكة جوارها فصرخت حور بفزع...
فتحت عيناها ببطء لتجد عاصي كما هو، عيناه حمراء حادة وعروقه بـ.ـارزة بجنون وكأنه سيقــ,تــلها، ولكنه ألقى الحزام من يده ارضًا ليقترب منها فتراجعت هي تلقائيًا ليمسكها هو من ذراعها يهزها بعنف صارخًا بصوت قوي مُخيف:.
-أنا لستُ سادي لأضـ.ـر.ب امرأة كالبهيمة بالحزام وأتلذذ بعقـ.ـا.بها...
اومأت حور موافقة بسرعة ثم همست بنبرة طفولية مرتعدة:
-أعلم، اقسم بالله أعلم ذلك
كادت تظهر ابتسامة خبيثة مترافقة بشظايا عبث وهو يهمس لها بصوت خشن أثار شيء داخلها رغمًا عنها:
-ولكني بالتأكيد سأعـ.ـا.قبك حور..
ثم سحبها معه بقوة ليجلس على الأريكة الصغيرة ثم مددها على بطنها على قدmه، فتخبطت هي بقلق وهي تسأله مستنكرة:
-ماذا تفعل! أي عقـ.ـا.ب هذا؟
أمسك بالحزام يلفه على يداه ببطء، وبحركة مباغتة أصبح يضـ.ـر.بها به على أردافها ولكن برفق نوعًا ما، بدأت حور تتلوى على قدmاه بألم وهي تهمس بأسمه ولكنه لم يُعيرها اهتمام وبدأ يعد الضـ.ـر.بات من الواحد حتى العشرون...
وما إن لفظ بالعشرون وتوقف، رفع جسدها له لتصبح جالسة على قدmاه ليجد عيناها ممتلئة بالدmـ.ـو.ع اللؤلؤية، وشفتاها الصغيرة ترتعش بضعف كالأطفال بينما هي تهمس بصوت مبحوح:
-أتركني، ابتعد أريد ان أنهض
-اصمتي.
قالها وزفر بصوت مسموع، وداخله شيء لا يستوعب حتى الان ما كاد يحدث!
قلقه وخـ.ـو.فه أصبحا كالأشواك ينغزان صلابته وقسوته التي أحكم لجامها حول ترانيم مشاعره كافة...!
رفع أنظاره لحور لتتعلق عيناه بحركتها التي تثير جنونه وهي تعض على شفتاها الصغيرة لتمنع بكاءها بصعوبة، ومن دون تردد كان يمسك رأسها بيداه واليد الاخرى تجذبها له ليلتقط شفتاها دون أن يعطيها فرصة الاعتراض، يشعر بعاطفة عنيفة تتفجر داخله بأبسط حركة منها، وتنفجر براكين صبره لينقض عليها واخيرًا ابتعد يلتقط أنفاسه اللاهثة فنطقت هي ومازالت مقتربة منه تشاركه لهاث أنفاسه:
-ماذا فعلت!
رد بصوت خشن مثخن بالرغبة والشوق الحارقان:
-أعـ.ـا.قبك، ولكن هذه المرة لأتلذذ بذاك العقـ.ـا.ب
أحمرت حور على الفور من غزله الخفي بين ظلمة كلمـ.ـا.ته، فغطت شفتاها تلقائيًا بيدها وهي تهمس:
-أريد النهوض أرجوك
ثم حاولت أن تنهض بالفعل ولكنه أحكم قبضته حول خصرها ليجذبها له فتجلس على قدmاه مرة اخرى، كان تنفسه سريع وعالي وهو يردد بصوت آمر:
-قبليني
حدقت به بذهول مُحرج:
-بالطبع لا، ماذا تقول.
ضغط على خصرها بيداه بقوة وهو يعيد بصلابة تخفي خلفها ثوران مشاعره:
-قبليني، الان!
ابتلعت ريقها بتـ.ـو.تر ثم همست بصوت مبحوح:
-لن افعل
لن يفرض نفسه على امرأة مهما حدث، فاتنهد هو يحاول تنظيم أنفاسه ثم جذبها له بقوة يزرعها بأحضانه.
كان يداعب خصلاتها الناعمة وهو يقول دون مقدmـ.ـا.ت بنبرة حادة غيورة:
-لو كان لمسك أقسم انني كنتُ قــ,تــلته وقــ,تــلتك بعده لأنكِ مَن أتاحت له الفرصة.
رفعت رأسها له تستند على صدره وهي تهمس بينما تنظر لعيناه بعاطفة خاصة له وحده:
-لو لمسني رجل غيرك لكنت قــ,تــلت نفسي بنفسي سيد عاصي!
تأوه بعنف وهو يجذبها له يحيطها بعاطفته القوية اللاهبة مرة اخرى و يُقبلها بشوق لا يقل بينما يهمس بأرهاق زاد على مشاعره وروحه فعليًا:
-آآه يا حورية تصر على جنون السيد عاصي!..
فسحبها معه لدوامة مـ.ـجـ.ـنو.نة عاطفية لا يعرف كلاهما اولها او آخرتها الحتمية...!
كان ظافر في مكتبه كالعادة صباحًا، يمسك القلم بين اصابعه الخشنة يتلاعب به وهو يتذكر ذلك اليوم الذي كاد أن يفقد به عقله فعليًا...
تذكر قبلته اللاهبة لها في المستشفى وهو يعـ.ـا.قبها بطريقته على خداعها، تلك الماكرة الصغيرة لا تعلم أنه يتهافت لأي فرصة لينقض على شفتاها المكتنزة التي تؤرق ليله...!
لا ينكر أنها عادت لخصامها الصامت بمجرد ان خرجوا من المستشفى فأصبحت لا تتحدث معه وتتجاهله تماما، ولكن يكفيه أنها بخير فقط وهو سيتكفل بالباقي...!
استفاق من شروده على رنين هاتفه العالي فأمسكه بملل لتتجمد عيناه المُهيمة بعشق صغيرته لقسوة جادة وهو يرى رقم اطياف على شاشة هاتفه...
رد ببرود كعادته عنـ.ـد.ما يتحدث معها:
-نعم؟
وبصوت متـ.ـو.تر قالت:
-ظافر ارجوك هل يمكنك المجيء لشقتي؟
صرخ مستنكرًا:
-ماذا؟!
تلعثمت وهي تكمل بتـ.ـو.تر:
-لا تُسيء فهمي، اقسم ان عمار مُتعب جدًا لا ادري ما أصابه يكاد ينفجر جسده من السخونية وانا بمفردي ارجوك تعالى بسرعة
اتسعت حدقتاه بخـ.ـو.ف وهو يهمس:
-عمار! ومنذ متى وعمار يعيش معك بمنزلك؟
-انا جلبته امس من عند والدتي، ارجوك انا خائفة وبشـ.ـدة
نهض بسرعة وهو يلتقط سترته مرددًا:
-حسنًا انا قادm انتظريني
ثم ركض بخطوات ملتهفة نحو منزل أطياف جاهلاً يُحاك له دون درايته!..
وصل بالفعل امام منزلها فترجل من سيارته بسرعة يصعد السلم بخطى واسعة، حتى وصل فبدأ يطرق الباب بسرعة، فتحت له أطياف ليتصنم محدقًا بملابسها...!
عفوًا هذه لا تعد ملابس اصلاً، تقريبًا تغطي اجزاء بسيطة جدًا من جسدها فقط، تنحنح بحرج وهو يعود لخشونته قائلاً بتساؤل:
-أين عمار؟
أجابت بهدوء وهي تشير له نحو الداخل:
-في غرفته، تفضل يا ظافر
وبالفعل دلف بتردد فأشارت له على الأريكة وهي تهمس مبتسمة برقة غير معهودة:.
-أجلس سأجلب لك شيء لتشربه واذهب لأجعل عمار يرتدي ملابسه، لا تقلق والدتي اخبرتني أن اعطيه دواء ما وذهب في نوم عميق...
كاد يعترض ولكنها ذهبت للمطبخ بالفعل، امسكت بالكوب وسكبت به بعض العصير ثم اخرجت من جيبها حبوب صغيرة لتضع بعضها في الكوب ثم بدأت تحركه ببطء...
وما إن انتهت اتسعت ابتسامتها الخبيثة وهي تهمس لنفسها بمكر:
-لنرى ماذا ستفعل يا سيد ظافر، فلينقذك عشقك لتلك الصغيرة الان...
خرجت بالكوب له وهي ترسم التـ.ـو.تر على ملامحها ثم قدmته له هامسة:
-تفضل
اخذه منها وهو يومئ برأسه على مضض:
-اسرعي احضري عمار وهيا الان
سارت بالفعل نحو غرفة عمار فبدأ ظافر يشرب العصير بهدوء عله يهدئ تـ.ـو.تره وقلقه...
مر وقت قصير وبدأ ظافر يشعر بدوار حاد يداهمه، خرجت أطياف في تلك اللحظات ولم تبدل ملابسها، فسألها بصوت واهن وهو يمسك برأسه:
-ماذا يحدث؟
إتسعت ابتسامتها الشيطانية وهي تقترب منه مستطردة:.
-كل خير، يحدث كل خير يا طليقي العزيز!
قبل ذلك بفترة...
كان علي يركض خلف أسيل وكأنهم في دائرة لا تنهي من الدوران المُهلك، وصل الفندق خلف أسيل يركض وهو يناديها بحدة:
-أسيل انتظري
ولكنها لم تنتظر اطـ.ـلا.قًا، كانت شبه تركض وهي تدلف للغرفة فدلف هو الاخر واغلق الباب خلفه وهو يزفر بعمق وحدة مسموعة...
فأشارت له أسيل محذرة بصلابة:
-اخرج يا علي والان، لا أطيق رؤيتك حتى!
هز رأسه نافيًا وهو يقترب منها مرددًا بأصرار:
-لا، لن ابتعد ماذا ستفعلي؟
ظلت تتراجع للخلف بتـ.ـو.تر ثم نطقت بحدة عدائية تنبع من جوفي عينيها الزرقاء:
-سأصرخ وسأخبر عاصي بكل شيء، كل شيء حتى اضمن انه سيقــ,تــلك كما قــ,تــلت شقيقي!
وفي اللحظة التالية كان يحيط بخصرها بيداه بينما هي تحاول التملص من بين قبضته بعنف، ولكنه وبحركة مباغتة كان يضـ.ـر.ب رأسها بعنف برأسه فتأوهت بألم لتفقد وعيها ببطء بين ذراعيه...
تحسس وجنتها بشرود وهو يهمس بصوت غريب:.
-اعتذر يا زرقاء ولكنني لن اتركك لتهدmي كل ما فعلته ببساطة...!
ثم حملها بين ذراعيه بليونة ورشاقة...
كان عاصي في مكتبه الصغير بمنزله ينهي بعض الاعمال الخاصة بعمله، عنـ.ـد.ما سمع صوت هاتفه يعلن عن وصول رسالة على الواتساب فتأفف بضيق وهو يمسك هاتفه ليجد فيديو مُرسل له...!
فتحه بهدوء ليُصدm من رؤية علي الجبوري وهو يُقبل فتاة ما في ورشة للحدادة...!
ثم وفي اللحظة التالية وصلته رسالة مكتوبة.
شقيقتك أسيل تطلقت من زوجها وتزوجت من علي الجبوري وهي تعيش معه بفندق وليس بمفردها، وليس هذا فقط بل انه يخـ.ـو.نها مرارًا وتكرارًا لينتقم منك لأجل شقيقته !
بدأ عاصي يشعر بغليان في اوردته، جنون، وقسوة كادت أن تُذاب تجاه حور عادت تُبنى من جديد وشيطانه يهمس له
بالتأكيد هي مَن شجعت شقيقها على ذلك !
نهض بسرعة يركض نحو غرفتهم ليفتح الباب دون مقدmـ.ـا.ت وهو يصـ.ـر.خ باسمها:
-حووور، أين أنتِ.
خرجت من المرحاض تحدق بهيئته المشعثة بقلق وهي تسأله:
-ما بك عاصي! ماذا حدث
جذبها من رأسها بعنف يقربها من هاتفه وهو يزمجر بجنون أفقده ثباته تمامًا:
-أنتِ على علم بكل ما يُحيكه شقيقك اللعين أليس كذلك؟ بالتأكيد اخبرك عنـ.ـد.ما جاء لرؤيتك يا !
حاولت حور التملص من قبضته التي تؤلمها وبدأت الدmـ.ـو.ع تتجمع بعيناها، وشيء داخلها يُنذرها بعودة الشيطان...
ولكن هيهات...!
↚سُرقت الحروف من بين شفتاها ولم تعد تدري بأيًا منها تبدأ وصلة الدفاع عن نفسها...!
كادت تصرخ والفزع يجعل قلبها متحجرًا بأنين مكتوم، ثم همست بحروف متقطعة:
-لا، لم آآ...
ولكنه بدا كالذي تحركه الشياطين متخليًا عن كل ما يملك من ثبات او تعقل لتشتعل بوصلة الجنون بعقله فتقوده لحاقة مجهولة...!
قبض على ذراعاها بعنف وهو يسألها مستنكرًا:.
-لا؟! أوتكذبين؟ انا متأكد انه اخبرك، بالتأكيد هو جاء ليراكِ خصيصًا لذلك السبب
بدأت تهز رأسها نافية بهيستريا وهي تخبره:
-لا لم اكن اعلم اقسم بالله، صحيح انه كان يود اخبـ.ـاري بشيء ولكنه لم يفعل
ترك ذراعها بتلقائية مباغتة وهو يمسح على خصلاتها مخللاً فيها اصابعه بانفعال واضح، لتدور هي للحظة تكاد تسقط ارضًا من قوة اعصار الدوار الذي لفح بكيانها الركيك...!
ليركض هو لها يحيط خصرها تلقائيا قبل ان تسقط، فاستندت هي على صدره تتنفس بشكل ملحوظ وكأنها تحاول تنظيم ما بعثره التـ.ـو.تر..!
فسألها هو دون تفكير:
-هل أنتِ بخير؟
كان يسألها وهو يتجه بها نحو الفراش لتجلس جواره، بينما هي تشعر بالخدر في كل اطرافها، تشعر به وبعجزه وبالنيران التي تهز كيانه ولكنها لا تملك ما يرمم ذلك الاقتناص في كيانه وروحه...
كان رأسها ارضًا وخصلاتها حول وجهها بضعف، ليبعد هو خصلاتها برقة وهو يلامس وجنتها بحنان فطري وصوته يخرج هادئًا متغللًا اياه نغمـ.ـا.ت مضطربة وهو يهمس:
-حور، هل أنتِ بخير؟
هزت رأسها بضعف ثم بدأت ترفعها ببطء لترفع إصبعها بتلقائية تتحسس ذقنه النامية وهي تردد بصوت مبحوح:
-اقسمتُ لك أنني لم اكن اعلم ولو علمت لكنت منعته بالتأكيد، هل تصدقني عاصي؟
كاد يرتعش من تأثيرها المُهلك عليه، تأثيرها الذي يجعله في اشـ.ـد حالات ضعفه، وشوقه امامها!
أبعد يداها عنه بقليل من الحدة وهو ينهض زافرًا انفاسه بعمق، لا يدري فعليًا هل يصدقها ام لا؟!
ولكنه يدري أن جزء كبير داخله يخضع لسيطرتها الساحرة في سحب شظايا الشك داخله...!
كانت تقف خلفه في اللحظة التالية، تتنفس ببطء وكأن روحها ستُزهق، وتسأل السؤال الذي تعلم أن اجابته لن تُرضيها بل ستهدm شيءً وتزرع شوكًا قاسيًا داخلها:
-لو أراد علي أن تطلقني ليترك شقيقتك أسيل، هل ستطلقني عاصي؟
اهتز فكه بعنف عنـ.ـد.ما صفعه سؤالها بقسوة، الاجابة يحفظها عقله ولكن داخله شيء يرفض صكها ونطقها بصوت عالي وكأنه حينها سيقــ,تــل شيء كاد ينمو!..
داخله نيران ملتهبة تحرقه بقسوة ولا يدري لها علاج، نار تحرق كرامته لأنه نقض وعده بالقسوة الدائمة معها ونار اخرى يجهل مصدرها ولكنها اشتعلت حول قلبه الذي بدأ ينبض بخـ.ـو.ف من ذلك اليوم...!
استدار لها اخيرًا بعد صراع تغلب فيه العقل كالعادة ليرد بصوت قاسي قاطع:
-هذا شيء مؤكد، أنتِ لا تعني لي شيء أمام حبي لشقيقتي يا حور، لا اود تذكيرك أنني تنازلت وتزوجتك من اجل اشقائي من الاساس!
ثم استدار مرة اخرى يكمل مزمجرًا بعنف:
-ولكني لن استسلم لذلك اللعين بتلك السهولة
حينها كانت حور تبتسم بسخرية، يا الهي، تشعر بنـ.ـز.يف روحها وكرامتها، كرامتها التي رممتها نوعًا ما قبل فترة ولكنها عادت تُدmيها بطريقة أسوء واقسى!
إلى متى ستضعف امامه؟!، إلى متى ستبرر له وتتحجج فقط لكي لا تقسو كما يفعل هو...!
وفجأة انفجرت تلطم نفسها بعنف وهي تصرخ بصوت شبه هيستيري:.
-اللعنة عليّ وعلى ذلك العشق، إلى متى سأظل هكذا إلى متى، في كل مرة اعتقد انني اكتفيت وأقسو، اعود لألين كالبلهاء وانا ابرر لك فتعود الصفعة لي بطريقة اقسى واعنف...!
ثم بدت كمن أدركت شيء مهم كان مغلف بالظلام وفجأة اُنير بفجاجة، فعادت تزمجر كالمـ.ـجـ.ـنو.نة وهي تمزق اطراف ملابسها وتضـ.ـر.ب جسدها بقوة وكأنها مشمئزة منه:.
-أتعني أن كل ما حدث كان مجرد رغبة صحيح؟ رجل امامه زوجته فلم يستطع تمالك نفسه! هل اصبحت حالتي ميؤس منها لتلك الدرجة حتى بدأت اتهيئ أنه كان شيء أكثر من الرغبة بكثير...!؟
كان يضم قبضتاه معًا يضغط عليها بعنف، يشعر بالعجز يتملكه فلا يستطع الانسجام مع انجراف مشاعره او حتى التمسك بقناع القسوة والصلابة...
اقترب منها واخيرًا ليرفعها عن الارض ثم امسك يداها بيد بقوة محاولاً السيطرة على انفعالها وباليد الاخرى كان يغطي ما تبقى من جسدها وهو يقول بنبرة تصارع الحنان حتى لا يسيطر عليه فيغير مجرى حواره:
-اهدئي، لم يكن بيننا سوى الانجذاب الجسدي حور! ولن يكن، لن تجدي مقابل لذلك العشق الذي يضخ داخلك فيُستحسن أن تقنعي نفسك بذلك
ثم تركها ببساطة ليغادر الغرفة وكأنه يهرب من تواجده امامها اكثر من ذلك...
بينما هي كالعادة أنهارت في وصلة بكاء عنيفة تعبر عن الألم الذي تشعر به...!
بدأ ظافر يفتح عيناه رويدًا رويدًا، ضـ.ـر.به ضوء قوي جعله يغلق عيناه مرة اخرى بانزعاج واضح...!
عاد ليفتحها مرة اخرى ببطء لتقع عيناه على آخر شخص كان يتوقع رؤيته في تلك الدنيا...
بينما الاخر وضع قدm فوق الاخرى وهو يبتسم ابتسامة بادرة قائلاً:
-اهلاً بك سيد ظافر، اشتقنا لك يا رجل!
كز ظافر على أسنانه بعنف، بدأت الرؤية المشوشة تتضح امامه شيءً فشيء ولكن حتى الان هناك نقطة مفقودة...!
حاول تهدأة نفسه وهو يرد مستنكرًا:
-اشتقت لي؟! اعتذر ولكني لم اشتاق اطـ.ـلا.قًا بل لم اكن اتمنى رؤيتك لباقي حياتي سيد عزيز
حينها نهض المدعو ب عزيز ليقترب منه بخطى بطيئة اشبه بخطى الذئب ثم تشـ.ـدق بخبث دفين:
-وانا لم اكن اتمنى ذلك ولكن للضرورة احكام سيد ظافر، بالتأكيد لم اكن اتمنى رؤية قـ.ـا.تل والدي!
قال اخر كلمـ.ـا.ته بسخرية ولكنها محترقة، ليرد ظافر نافيًا دون تردد:.
-لقد اخبرتك أني ليس لي علاقة بمـ.ـو.ت والدك، هذه اقدار!
انفجر الاخر صارخًا فيه بجنون:
-ولكنك مَن تسببت في خسارته كل ما يملك! وإلا لما كانت أتته الازمة القلبية وتـ.ـو.في!
لم يهتز لظافر جفن وهو يخبره:
-كان مجرد رد فعل على قــ,تــله لزوج عمتي وإلصاق التهمة فيّ بكل بساطة وتفجج!
أنقض عليه عزيز يمسكه من ياقة قميصه وهو يصـ.ـر.خ فيه بعصبية مفرطة:.
-سأقــ,تــلك، سأريك الجحيم في الدنيا يا ظافر، ولكني لن اقــ,تــلك بتلك السهولة، سأعـ.ـذ.بك واجعل روحك تتلوى من الالم قبل ان اقــ,تــلك! سأُصيبك في مَن تُحب حتى تزهق روحك من الالم...
ولم يأتي في عقل وقلب ظافر في تلك اللحظات سوى صغيرته التي يرتجف قلبه متخيلاً أي مكروه قد يحدث لها فيقــ,تــله وهو على قيد الحياه فعليًا...!
حينها اتسعت ابتسامة ذلك الشيطان وهو يومئ مؤكدًا:.
-نعم نعم، هي مَن تُفكر بها الان، تلك الصغيرة التي تزوجتها، وفي المقام الثاني طفلك الحبيب عمار!
كاد ظافر أن يظهر القلق الذي استوطن ملامحه بتجبر ولكنه حافظ على ثباته وحروفه البـ.ـاردة وهو ينطق بهدوء تام:
-الاثنان لن تستطع الاقتراب منهم، لأنني لن اقف مُكتف الأيدي يا سيد!
كاد عزيز ينفجر في الضحك وهو يقول:.
-ولكن يجب أن تعلم أين هو طفلك في البداية يا ظافر، اما بالنسبة لزوجتك، ريم! أعتقد أن علاقتك بها متـ.ـو.ترة بقدر كافي فلا تكن واثقًا أنك تستطع السيطرة عليها...
ثم ابتعد وهو يحك ذقنه مفكرًا ببرود مُهلك:
-أتخيل مظهرك عنـ.ـد.ما تراها ذات يوم هنا، بين أحضاني وفي فراشي، مؤكد ستُصاب بأزمة قلبية كوالدي تمامًا أليس كذلك؟!
حينها نطق ظافر هادرًا بعنف وقد برزت عروقه بانفعال مُخيف:.
-ريم ليست تلك العاهرة أطياف يا عزيز، ريم ماسة لن اسمح بأي قذر مثلك ان يُدنسها!
اقترب بوجهه من ظافر حتى تقابلت الأعين في طريق طويل ملغم بالحقد والبغض، ليهمس بنبرة ناعمة كجلد الافعى:
-لا يهمني إن كان بأرادتها او لا، المهم أن ذلك اليوم سيأتي أعدك!
ثم ابتعد وهو يشير لرجـ.ـاله بجدية:.
-فكوه واتركوه، انا لم أتي بك لهنا لأي سبب اخر سوى أنني أردت اخبـ.ـارك انني قادر على كل شيء، قادر على جلبك هنا دون ارادتك و.جـ.ـعلك تحت سطوتي، لأثبت لك أنك الاضعف في تلك الحرب يا ظافر!
بينما ظافر كانت اعصابه مشـ.ـدودة بقسوة، وقلبه مُحترق بفتيل كلمـ.ـا.ته الملعونة، وغيرته الحمقاء الدmوية سيطرت عليه تمامًا حتى كاد أن يقــ,تــله بمجرد ان تحرر...!
ولكنه غادر بالفعل وهو يحاول إقناع نفسه بالانتظار، واول ما فعله هو التوجه لريم...!
طرق الباب عدة مرات بسرعة ولهفة لم يستطع اخفاءها، ففُتح له الباب بالفعل بعد دقيقتان، وجد الخادmة امامه وصوت ضجة يأتي من الداخل فنظر للخادmة متساءلاً بهدوء ؛
-هل يوجد ضيوف؟
اومأت مؤكدة بهدوء:
-نعم، ضيوف لريم هانم!
عقد ما بين حاجباه وهو يفكر بعدm فهم، أي ضيوف هؤلاء؟!..
دلف بهدوء للداخل ليقف متجمدًا مكانه يحاولوالاستيعاب عنـ.ـد.ما سمع صوت سيدة ما تقول:
-أتينا اليوم لنطلب الانسة ريم للزواج من ابني حسن.
حينها أدرك ظافر أن تلك الليلة لن تنتهي إلا بجريمة فعلية...!
بعد يومان...
طيلة اليومان وعاصي لم يغمض له جفن، يبحث عن علي وأسيل في كل مكان في البصرة ثم عاد ليبحث في بغداد ايضًا، بدأ يفقد اعصابه تمامًا وهو يتخيل ما قد يفعله علي ب شقيقته الوحيدة!..
وصل منزله اخيرًا فركضت والدته نحوه بلهفة تسأله بقلق واضح:
-هل وجدتهم يا بني؟
هز رأسه نافيًا وهو يتخطاها مغمغمًا بجمود:
-لا لم اجدهم، ولكنني سأجدهم أعدك.
ثم وبخطى سريعة كان يتجه لغرفة حور، فتح الباب دون مقدmـ.ـا.ت بعنف لتشهق حور بفزع متمتمة:
-عاصي! أفزعتني..!
جذبها من ذراعها بعنف له وهو يُخرج هاتفه مرددًا بصوت أجش:
-سأفزعك فعليًا إن لم تفعلي ما أقوله لكِ
سألته بقلق:
-ماذا تريد؟!
أعطاها هاتفه ثم قال بحدة جـ.ـا.مدة:.
-مؤكد علي أعطاكِ رقمًا له لتتصلين به إن اضطررتي له، أتصلي به الان واخبريه أنكِ يجب أن ترينه وبأسرع وقت، وحينها سأتصرف انا معه رجل امام رجل دون ان يتخفى مني كالفئران!
ومن دون تردد كانت حور تدفع يده بعيدًا عنها وهي تستطرد بإباء:
-لا، لن افعل، لن اسلمك شقيقي على طبق من ذهب!
وبكل الانفعال، بكل ذرة شعور بالعجز، بكل الشعور بالقهر الذين تملكوه تلك الفترة كان يقبض على خصلاتها بيداه بعنف وهو يصيح فيها بصوت مُقلق:
-ستفعلي، اقسم بالله الذي لا اقسم به كذب، إن لم تفعلي يا حور اؤكد لكِ أنني سأفعل بكِ ما يجعلك تتوسلينه المجيء لينقذك من بين يداي فعليًا!
هزت رأسها نافية رغم القلق المتدافع داخلها:
-لن افعل مهما فعلت بي، لن اعطيك رقبة اخي!
ودون أن يشعر بنفسه كان يصعفها بعنف وهو يصيح بجنون:
-ستفعلين، لن أترك شقيقتي لتصبح ضحية جديدة لجرم علي الجبوري!
ثم دفعها على الفراش بعنف حتى تأوهت بألم تحتجز تلك الدmـ.ـو.ع داخلها، بينما هو لا يرى امامه سوى صورة شقيقاه وهما غارقان بدmاؤهم، والشيطان لا يرسم له سوى صورة اسيل وقد بدأت تغرق بدmاءها مثلهم تمامًا وعلى يد نفس القـ.ـا.تل...!
↚كانت دmـ.ـو.عها كجريان الأمطار على نهر من الكبت والألام، كان ساكنًا فحركها هجوم الامطار...!
ظلت دmـ.ـو.عها تهبط بصمت بينما هو يحدق بها بشراسة ولكنه لم يتحرك إنشًا واحدًا، بدا وكأنه يقنع نفسه ويحاول عكس تيار فطرته ليأذيها!..
اقترب منها حتى اصبح قريبًا جدًا فظنت أنه سيضـ.ـر.بها حتمًا، فأغمض هو عيناه والغل يتوحش داخله شيءً فشيء ليخرج صوته أجش جـ.ـا.مدًا وهو يخبرها:.
-للمرة الاخيرة أقول لكِ أخبريني حور، أنا لا أريد اذيتك لا تجبرينني على ذلك!
ظلت تهز رأسها نافية بهيسترية، يضعها بين فكي كالمخالب القاسية من تخطيط القدر المُهلك!
رفعت عيناها له بنظرة راجية وهي تهمس:
-عاصي ارجوك أفهمني، أنت تحاول حماية شقيقتك، هل تريد مني أن أرمي شقيقي في النيران؟
كلمـ.ـا.تها كانت كلكمة لذلك الثبات الذي يحاول بثه داخله، ليمسكها من ذراعاها يضغط عليهما وهو يهزها بعنف:.
-وهنا تكمن المصـ يـ بـةيا حور، أنكِ لا تستعبين حتى الان أنني أنا وعائلتي في وضع المجني عليه وليس الجاني، إن شقيقاكِ قــ,تــلا شقيقاي ورغم ذلك أنا لم أمس أي شخص من عائلتك بسوء، بغض البصر عن معاملتي السيئة الجارحة معك والتي تعد شيء هين جدًا امام قــ,تــل الارواح المتعمد، القــ,تــل الذي لا يغفره الله والقانون فيه فمن أكون انا لأسامح بتلك السهولة؟!
والكارثة كانت بالنسبة لحور أنها تدرك كل ذلك، تدرك الألم الذي ينبض داخله مستوطنًا ما تبقى من إنسانيته لتصبح شظايا فتتها الألم...
ولكن فطرتها الانثوية تغلب عقلها فتجعلها تندب حظها وضعفها وتضحيتها تلك...!
فتحت عيناها مرة اخرى لتجده ينهض مبتعدًا عنها وهو يهز رأسه وكأنه على وشك الجنون..!
نهضت ببطء تنظر له لتجده فجأة يمسك برأسه ويهتز نوعًا ما وكأنه على وشك أن يفقد وعيه!..
ركضت حور بفزع نحوه تسأله:.
-عاصي ما بك؟
ولكنه نفض يداها عنه باشمئزاز صارخًا:
-ابتعدي لا تحاولين حتى لمسي!
حينها بدات تشير له بيداها متمتمة:
-ارجوك اهدأ، سأفعل ما تريد ولكن اهدأ لا تنفعل أكثر عاصي
-اتصلي به الان
قالها وهو يمد يده لها بهاتفه لتأخذه هي بيد تحمل رعشة واضحة لتطلب رقم علي الذي أملاه عليها ولكن وجدته مغلق، فحدقت بعاصي بسرعة وهي تتشـ.ـدق ب:
-هاتفه مغلق الان..
اقترب من الفراش ببطء مغمضًا عيناه لأول مرة يهاجمه ذلك الدوار، وتلقائيًا ركضت هي تجاهه تحتضنه بفزع وكأنها تخشى شبح فقدانه الذي يلوح لها:
-ارجوك لا تفعل هذا، لا تُخيفيني عاصي، انا لا استطع تخيل تلك الدنيا بدونك!
نطق بصوت واهن بعض الشيء ولكنه مازال محتفظ بخشونته:.
-ابتعدي حور، لا تدعين العشق رجاءًا، مَن يعشق يشعر بمعشوقه يا زوجتي العزيزة، اما أنتِ تُشعريني أحيانًا انني ظالم متجبر سادي اعشق العنف والمعاملة الجارحة اعشق الاهانة واعشق انقلاب حياتي هكذا! أ آآ
ولكن في اللحظة التالية وجدت نفسها تكتم باقي حروفه بشفتاها، لا تدري من أين اقتحمتها الجرأة فأقحمتها في دائرة اخرى دون نهاية!..
شعرت برجفته الخفيفة ورفضه الواضح عنـ.ـد.ما قطعت القبلة وابتعدت عنه، ظلت مقتربة منه تسمع أنفاسه السريعة الخشنة، لتهمس بصوت مبحوح امام وجهه:
-أنت روحي عاصي، هل يوجد مَن لا يشعر بروحه؟! لو لم اكن اشعر بك لما تحملت تلك الحياة ولو ساعة واحدة، اقسم انني لم اكن لأهتم بعشيرة او غيرها! ولكنني ابرر لك دائمًا بجراحك الغائرة
وبحركة مباغتة كان يجذبها من خصرها ليلصقها به..
ليطبع قبلة عميقة على جانب ثغرها الذي يطيح بعقله، ثم زفر بعمق مجبرًا نفسه على الابتعاد.
إنتبهت ريم على الفور لظافر الذي كان كمن تلبسه شيطان يرفض الخروج منه الا بعد ارتكاب ابشع الجرائم...!
فنهضت على الفور وهي تنطق بحروف متفرقة كالشرق والغرب:
-انتهى حديثنا يمكنكم المغادرة حتى لا نعطلكم اكثر!
سار عاصي يلتهم خطوات سريعة متهورة نحو ريم ليقبض على ذراعها بعنف وهو يصيح في الجميع:
-ليس لدينا بنات للزواج يا سيدة.
ثم سحب ريم خلفه ليصعد بها نحو الأعلى بخطى مـ.ـجـ.ـنو.نة أشعرت ريم بفاجعة ما حدث فبدأت تتحدث بصوت خافت:
-ظافر رجاءًا انتظر لأشرح لك
ولكنه لم ينطق بحرف واحد، الغضب الذي بداخله مَحى الأبجدية داخله فبدا كرجل محترق بدائي في عالم العشق والغيرة...!
وصل بها للغرفة وأغلق الباب خلفهم بالمفتاح ليضعه في جيب سرواله، عادت ريم للخلف بسرعة حتى اصبحت ملتصقة بالحائط وكأنها تحتمي به، بدأ ظافر هو الاخر يقترب منها حتى اصبح على بُعد خطوة واحدة واخيرًا انفجر طوفان جنونه الهيسيتري وهو يصـ.ـر.خ مزمجرًا فيها:
-كيف تجلسين مع رجل يطلبك للزواج وأنتِ متزوجة؟ كيف؟ اجيبي؟!
ظلت تهز رأسها نافية بلهفة:
-ولكني لم أقابله لأنني موافقة بل، آآ...
قاطعها وهو يقترب منها فهزت رأسها نافية وهي تشير له بيدها كالأطفال تمامًا:
-ابتعد، لا تقترب ابتعد وإلا...
رفع حاجبه الأيسر ساخرًا:
-وإلا ماذا؟
كادت تبكي فعليًا وهي تهمس بنبرة بريئة كطفلة مرتعدة:
-سأبكي...
رغمًا عنه ابتسم وكاد ينفجر ضاحكًا ولكنه تماسك بصعوبة على براءتها التي تطلق افواجًا من العشق الدفين داخله متناغمًا مع لحن براءتها فيشكلا أعزوفة رائعة من العشق المتكامل...!
اقترب منها اكثر فاكثر حتى اصبح شبه ملتصقًا بها يبعد خصلاتها بطرف إصبعه عن وجهها الناعم وهو يهمس:
-لمَ لا تقدرين تلك الغيرة التي تحرق احشائي ريم؟ أنا اغااااار وبجنون
ثم رفع وجهها فجأة بقوة وهو يهدر فيها بعنف فاحت منه الغيرة:
-أنتِ لي ولن تكوني لسواي، أنتِ ملكِ ريم ولا يحل لكِ الجلوس حتى مع رجل غريب!
كانت ريم تومئ موافقة عدة مرات بسرعة، ليرفع حاجباه بمكر وهو يغمغم:
-ولكنني سأعـ.ـا.قبك بالتأكيد.
ثم رسم الخشونة مغموسة بالشراسة على خلفية ملامحه الخشنة، لتتابع ريم بلهفة:
-سأخبرك بشيء مهم تذكرته يجب أن اخبرك به ولا تعـ.ـا.قبني
وبالرغم من أنه متيقن أنها تحاول إلهاءه عن عقـ.ـا.به الذي سيتلذذ به حتمًا، إلا انه ابتسم وكأنه يجاري ابـ.ـنته البلهاء وقال:
-أخبريني صغيرتي
ابتلعت ريقها وهي تستطرد بوهن:.
-أنا لم أتفق ابدًا مع أطياف، حتى أنني لا ادري ما الذي كانت تفعله عندنا ذاك اليوم! ولكن عنـ.ـد.ما قلت ما قلته حينها ظننت أنني أرد لك الصفعة
زفر ظافر بعمق أكثر من مرة، ليقترب اكثر حتى بدأت انفاسها تضطرب وهي تحدق به بتـ.ـو.تر لتشعر بكهرباء تضـ.ـر.ب جسدها عنـ.ـد.ما لثم رقبتها البيضاء بعمق وهو يردد دافنًا وجهه عند رقبتها:
-أعلم، ولكنني ادركتٌ ذلك متأخرًا...
ولم يقوى على الابتعاد، يشعر بوحوش داخله تطالبه بها، تطالب امتلاكها تتهافت شوقًا لصك ملكيته على كل إنش بها...!
كان يود التوقف، يود الابتعاد ولكنه كان طلب صعب المنال خاصةً عنـ.ـد.ما لامست شفتاه شفتاها المكتنزة فنفذت كل ذرة كانت تحثه على التوقف...
سحبها له اكثر يلصقها به وهي كانت منصهرة بين يداه لا تستطع سوى الاستجابة...
إلى أن لاح سؤال بعقلها فجأة فحاولت الابتعاد وهي تردد لاهثة:.
-ظافر، هل لك علاقة بمـ.ـو.ت والدي فعلاً؟
استطاعت انتشاله من حالة الشجن والتعمق التي كان يغرق بها ببساطة بسؤالها الجـ.ـا.مد، فكان رده هو الاخر لا يقل تأثيرًا عليها:
-نعم، كان لي علاقة يا ريم!
بعد يومان...
دلفت حور إلى الغرفة بهدوء قـ.ـا.تل، منذ اخر مرة كل الذي تعلمه أن علي هاتفه مغلق حتى تلك اللحظة، فشعرت أنها فرصة اخرى من القدر لفض ذلك الاشتباك الدmوي الذي كان على وشك الحدوث...
جالت بنظرها في إنحاء الغرفة لتجد عاصي مازال نائمًا، عقدت حاجباها بقلق وهي تقترب منه هامسة بصوت متوجس:
-عاصي...
ولكن لم تجد رد، جلست على طرف الفراش جواره لتشهق بخـ.ـو.ف حقيقي عنـ.ـد.ما وجدت جسده ينتفض بشكل ملحوظ، فمدت يدها تلقائيًا ترفع عنه الغطاء لتجد وجهه متعرق بكثرة وهو ينتفض ويردد عدة كلمـ.ـا.ت بهيستيرية جعلت تيقن أنه مُصاب ب حمى!
مدت يدها تتحس وجهه بفزع وهي تهمس:
-عاصي، عاصي هل تسمعني؟!
ولكنه بدا وكأنه في عالم آخر، يغمغم ببضع كلمـ.ـا.ت ويزداد تعرقه، اقتربت بلهفة حانية تطبع قبلة امومية رقيقة على جبينه لو كان متيقظًا لكان ردها لها عدة قبلات متلهفة يلتهم فيها ثغرها...!
كادت تنهض بسرعة لتجلب له طبيب او ما شابه ذلك ولكنه امسك يداها بضعف وهو يغمغم بشيء غير مفهوم تمامًا...
فاقتربت حور من فمه لتسمع واردفت:
-ماذا تقول اخبرني حبيبي؟
سمعت صوته الواهن الذي جمدها مكانها وهي تحاول استيعاب تلك التعويذة التي اُلقيت على مسامعها:
-أنا أعشقك، أنتِ، أنا، حور، أنا أمـ.ـو.ت عليكِ حد الهوس حبيبتي!
وفي الخارج عنـ.ـد.ما كان هاتف عاصي يرن باسم علي ظنًا منه أنها حور لان عاصي ارسل له رسالة بأسم حور...
امسكت والدة عاصي الهاتف لتغلق الاتصال ثم بدأت تكتب له رسالة مختصرة ولكن نتائجها تعلن بداية حرب لم تنتهي بعد
لا يمكنني الحديث، ولكن مهما حدث لا تأتي ولا تجيب على اتصالاتي الفترة القادmة يا علي، حور !
تنهدت وهي تحدق بالرسالة قبل ان تضغط ارسال ثم رمت نظرة مترددة نحو الغرفة وهي تهمس بصوت متـ.ـو.تر بعض الشيء:.
-اعتذر حور ولكن لا يمكنني ان اسمح لأبني أن يقابل ذلك القـ.ـا.تل علي ليصبح قـ.ـا.تل مثله!
↚ظلت حور طوال الليل تفعل له كمادات لتنخفض حرارته، ترعاه بقلبها الملهوف قبل يداها، تقبل جبينه كل لحظة وكأنها تتأكد أنه جوارها، وأن هاجس الخـ.ـو.ف مجرد ذبذبات لا يمدها الواقع بدعمه..!
بدأ عاصي يفتح عيناه رويدًا رويدًا وهو يحرك يداه بتلقائية لتصطدm يده بخصلات ناعمة، فتح عيناه بسرعة ليجد حور تنام على جانب الفراش وتضع يداها اسفل وجهها وكأنها كانت تراقبه ولكنها غفت ولم تشعر...!
للحظة ماجت عيناه بالشفقة منصهرة وسط لفائف عشق متناثرة، ليمد إصبعه برقة يبعد خصلاتها عن عيناها، يبدو أنها ظلت طوال الليل جواره!
قالها لنفسه وهو يقترب بعقل مُغيب ليرفع رأسها ببطء ويضعها على صدره فتصبح نائمة على صدره...
أنفاسها كانت تداعب رقبته فتجعله يود احتضانها، يود زرعها بين احضانه ولا يُخرجها ابدًا...
وبالفعل لف يداه حول خصرها برقة حتى لا يوقظها ثم ضمها له بحنان ينعم بذلك الاحساس الذي يُنعش خلاياه...
ظل يتحسس رأسها بحنان كطفلة صغيرة وهو يهمس بصوت حمل شجن واضح:
-آآه من قرب أهلكني، ومن بُعد أحرقني!
بدأت حور تفتح عيناها رويدًا رويدًا وما إن شعر بها هو حتى دفعها ولكن برفق نوعًا ما ليردف وكأنه غاضب:
-ماذا تفعلين هنا؟
للحظات امتلكها التـ.ـو.تر فبدأت ترد بتلعثم:
-ك آآ، أنت كنت مريـ.ـض!
كان ينظر لها بصمت، وكأنه يستجدي ملامحها الطفولية لتسحب حروف الشكر من بين شفتاه، ثم همس بالفعل:
-شكرًا، وقريبًا سأرد لكِ معروفك هذا
رفعت حاجبها مستنكرة بشـ.ـدة:
-ولكنه لم يكن معروفًا يا عاصي، لقد كان واجب عليّ لانك زوجي ورفيق دربي!
منحنى الحديث بدأ يأخذ مجرى اخر لا يريده، لذلك نهض ببطء وهو يزفر متمتمًا بملل:
-لا تبدأين تلك الاسطوانة رجاءًا...
لملمت خصلاتها المبعثرة وهي تخبره بتردد:.
-والدتك أتت اطمئنت عليك واخبرتني أن أسيل اتصلت وطمأنتها انها بخير، ومعنى أنها استطاعت الاتصال انها بخير بالفعل، ولكنها لم تستطع انتظارك حتى تخبرك بنفسها لانها غادرت صباح باكر
ثم نهضت هي الاخرى عنـ.ـد.ما وجدته يقابل كلامها بالصمت البـ.ـارد، تنهدت بصمت، بدأت تعتاد على قانون الشـ.ـد والجذب ذاك، مرة يلين ومرة يعود أقسى من الاول...!
وفجأة وجدته يسحبها من يداها له لتصبح بين احضانه، وقبل ان تنطق كان يستند عليها بيداه وكأنه مُتعب ويستطرد بصوت أجش:
-ستعاونيني لأخذ حمامًا بـ.ـاردًا، الدوار مازال يداهمني!
لمجرد الفكرة استوطن الاحمرار وجهها الصغير لتهز رأسها نافية بصوت مبحوح:
-لا، ماذا تقول! بالطبع لا
جذبها من خصرها ببطء وهو يسير، يحدق بعيناها التي تهتز بعنف لامعة ببريق يعلمه جيدًا، ليهمس بصوت كسحر يخضعها له:
-نعم...
رمشت ببلاهة هامسة:.
-ماذا؟!
عاد يكرر بنفس النبرة:
-نعم، قوليها
همست كالبلهاء:
-نعم
اصبحوا امام المرحاض فخلع التيشرت برشاقة وبحركة سريعة لتبتلع ريقها بتـ.ـو.تر وهي تشيح بنظرها عنه، فوجدته يقترب اكثر لاثمًا وجنتها بعمق وهو يردد بعبث:
-لا تقلقي سأستحم بأدبي!
حينها لم تستطع سوى ان تطلق ضحكة صغيرة خافتة على ذكر سيرة الأدب ثم تبعته بخجل كاد يحرقها بينما هو يستمع لنداء قلبه قليلاً ثم سيعاود الخضوع لعقله ايضًا بعد قليل بالتأكيد...!
كانت أسيل تقف خلف باب الغرفة التي يحبسها بها علي منذ أن اختطفها ذاك اليوم، نعم اختطفها وماذا يُسمى ما فعل غير ذلك!..
سمعت صوت خطواته القريبة فعلمت أنه وصل، امسكت المزهرية التي كانت موضوعة ووقفت خلف الباب استعدادًا لما ستفعله الان...
لازالت تتذكر عنـ.ـد.ما اعطاها هاتفها لدقائق تتصل بهم بشقيقها فقط ثم عاد يأخذه منها...!
وربما هذا ما زادها اصرار على الهروب، على الفكاك من بين قبضتا ذلك القـ.ـا.تل بأي طريقة كانت...
وبالفعل فُتح الباب وعلي ينادي باسمها بقلق:
-اسيل
وفي اللحظة التالية كانت تضـ.ـر.به على رأسه بالمزهرية بقوة جعلته يسقط ارضًا وهو ممسك برأسه يتأوه بألم واضح وسرعان ما كان ينزف...
لوهله ألمها قلبه غارزًا ذلك المشهد بمخيلتها الحمقاء التي أمرتها أن تفعل تلك الفعلة الشنيعة، ولكنها نفضت اللوم عن قلبها بأصرار على الهرب وبالفعل سحبت حقيبتها التي حضرتها واخذت المفتاح ولم يكن هناك وقت للبحث عن هاتفها فخرجت مسرعة متجاهلة أنين علي الذي يهمس بأسمها قبل ان يغيب عن الوعي...
خرجت من ذلك الفندق الصغير وهي لا تعلم حتى أين هي، ظلت تركض وتركض مبتعدة عن الفندق، تركض ولا تفكر سوى بالهرب فقط...
لا تعلم ما ينتظرها بعد الهرب ذلك وماهو اسوء منه...!
ظلت تركض إلى ان وجدت من يسحبها له بعنف ويكتم شهقتها قبل ان تصرخ و...
دلفت والدة ريهام إلى الغرفة بهدوء لتجد ابـ.ـنتها تلقي الهاتف بغضب على الفراش، فجلست على طرف الفراش وهي تردد بحنق:
-مازال لا يجيب على هاتفه ايضًا؟!
اومأت مؤكدة ثم انفجرت تصرخ مزمجرة بعصبية مفرطة:
-منذ خطبتنا وهو يتجاهلني من الاساس، يجيب على اتصالي مرة ويتجاهله ألف مرة، لا يتصل بي ولو مرة واحدة، لا يعزمني على عشاء في الخارج كأي اثنان تمت خطبتهم
مطت والدتها شفتاها بأسف وهي تردف:.
-والدك يعتقد أن علاقتكما جيدة، لذلك لم ينهيها!
إحتدت نظرات ريهام وهي تحذر والدتها بجدية تامة:
-ولن يعلم، لن تنتهي خطبتي ب عاصي يا أمي، عاصي دخل عقلي ولن يخرج منه!
ضيقت الاخرى عيناها وهي تسألها متوجسة:
-يعني؟ ماذا ستفعلين الان!؟
رفعت ريهام رأسها وهي تنظر للاشيء، وداخلها شيء يردد بصوت جمهوري سيطر على زمام العقل والروح
عاصي لها، اصبح لها وانتهى الامر !
لم تنظر لوالدتها وهي تتابع بشرود:.
-بالتأكيد زوجته هي سبب ذلك الجفاء
ثم نظرت لها بهدوء متشـ.ـدقة ب:
-انا سأتصرف، اتركيني الان يا امي رجاءًا
هزت والدتها رأسها بقلة حيلة ثم نهضت بالفعل لتغادر فأمسكت ريهام بهاتفها تتصل برقم ما ثم وضعت الهاتف على اذنها منتظرة الرد، دقيقة وجاءها الرد بصوت رجولي اجش:
-مرحبًا
ردت بابتسامة غريبة:
-مرحبًا حسين، احتاجك بشيء مهم
سألها الطرف الاخر:
-بالتأكيد ريهام، انا بالخدmة دائمًا.
-سأخبرك ولكنه شيء في غاية السرية وايضًا لا يحتاج تردد، هل ستستطع ام أرى شخصًا اخر؟!
-لا تقلقي، اخبريني
اخفضت صوتها ثم بدأت تسرد له ما تفكر به رويدًا رويدًا وبحروف متقنة وعقل ماكر متيقظ مدبر...
صباح يوم...
كانت حور تقف في الحديقة امام بعض الزهور والأشجار لترويها بابتسامة ناعمة ووجه ابيض متورد مبتسم للحياة التي أظهرت له جانبًا من التقبل!..
وفجأة وجدت من يحيطها من الخلف ليمسك ب رشاش المياه وهو شبه محتضنها من الخلف، ثم ردد بصوت هادئ ولكن لاح به بعض المرح:
-لا تُمسك هكذا، بل هكذا!
عضت حور على شفتها السفلية بحرج، قُربه منها بهذه الطريقة يُسبب حالة من الهذيان لثنايا العقل التي تحاول التدرج تحت حالة التصنم الاجبـ.ـاري...
فحاولت اخراج صوتها الذي خرج متـ.ـو.ترًا مبحوحًا:
-ح، حسنًا أنا سأفعلها اتركها عاصي
هز رأسه نافيًا وهو مازال يحيطها من الخلف، فتابع بعبث دغدغ حواسها:
-لا، الوضع جيد جدًا هنا
همست بحروف مشتتة كحالتها المثيرة للشفقة:
-عاصي!
تأوه عاصي بصوت مكتوم، يا الهي، مجرد همسة منها تفعل به الافاعيل، تجعله يود دفنها بين احضانه فلا يسمع صوتها الناعم هذا ولا يراها سواه...!
عاد لرشـ.ـده وهو يحاول سحبها منه:
-اعطيني اياها انا سأسقيهم
هزت رأسها هي الاخرى بعناد:
-لا لا، أنا مَن بدأت بها وانا مَن ستُنهيها اتركها
-قلتُ لكِ اتركيها وتخلي عن هذا العِند قليلاً...
ظل يحاول جذبها من بين يداها وهي تحاول الحفاظ عليها، والمياه تتناثر عليهم نوعًا ما، ولكن عنـ.ـد.ما ازداد الشـ.ـد والجذب بينهم ارتمى رشاش المياه لأعلى فغرقهم تمامًا بالمياه مما جعل حور تشهق من المفاجأة وملمس المياه على جسدها...
وعاصي تجمد مكانه للحظة مبهوتًا يحدق بها وبه بأعين متسعة ثم وفي اللحظة التالية التي كانت خيط رفيع ينساب من بين جوانح عشقه المتخفي كان ينفجر ضاحكًا على مظهرهما لتشاركه حور الضحك بأريحية، كلاً منهما يتعامل بتلقائية في تلك اللحظات، دون ان يفكر هو انها شقيقة القــ,تــلة، ودون ان تفكر هي انه مَن أهانها بكثرة في الفترة الماضية!
بدأا يتوقفا عن الضحك تدريجيًا، فكادت حور أن تسير بهدوء ولكن قدmاها اهتزت وسط الارض المبللة لتترنح في وقفتها ثم كادت تسقط صارخة بألم:
-ااااه، عاصي!
نطقها لأسمه كان بمنتهى التلقائية ورد فعله المتهافت للحاق بها كان تلقائي ايضًا...
امسك بها ليحيط خصرها بحركة عفوية قبل أن تسقط، ليظل الاثنان على حالتهم الساكنة، والأعين تتلاقى في طريق مظلم أضاءه وميض العشق!..
تحركت إصابع عاصي دون ارادة منه لتتحسس وجنة حور التي اغمضت عيناها بتلقائية تستمتع بملمس يداه على وجنتها، لتسمع همسه الذي أطرب اذنها بعدها:
-أنتِ جميلة، جميلة جدًا حور!
حينها بدأت تفتح عيناها ببطء، لتطل عيناها البندقية الطفولية، فأعادته رشـ.ـده وهي تذكره لمَن تنتمي، هب منتصبًا في وقفته ليبعدها عنه فتنحنحت هي الاخرى بحرج ثم هتفت:
-شكرًا لك.
اومأ برأسه دون رد فكادت حور أن تسير ولكنه قاطعًا صارخًا بصوت مستنكر:
-انتظري، هل ستدخلين هكذا؟
قالها وهو يشير لملابسها التي اصبحت ملتصقة بها بسبب المياه، فعقدت هي حاجباها بعدm فهم يليه همسها ببلاهه:
-نعم، لماذا؟!
كز على أسنانه بغـ.ـيظ واضح تفجر في اورته لمجرد تخيله ان رجل اخر يمكن ان يراها بهذا المنظر الذي جعله يكاد يحترق شوقًا لها...!
فاقترب منها بخطوة سريعة مما جعلها ترتد للخلف بقلق، ودون تردد كان يحملها بين ذراعاه كريشة خفيفة فشهقت هي معترضة برقة:
-ماذا تفعل عاصي اتركني!
نفى بصوت حازم خشن:
-ليست زوجتي مَن تسير بملابس ملتصقة هكذا ويراها مَن يراها من الخدm
ورغمًا عنها ارتسمت ابتسامة تلقائية على ثغرها، ودقات قلبها تهتز بعنف مـ.ـجـ.ـنو.ن، يغار، عاصي يغار...!
امنية ثانية من امنياتها تحققت، وكم أنت كريم يا الله!
همستها لنفسها وهي تلف يداها حول رقبته، وبصوت عـ.ـذ.ب رقيق تهمس دون ان تعير صدmته المرتعشة وتصلبه اهتمام:
-انا اعشقك عاصي...
↚حاولت أسيل أن تفتح عيناها ولكن شيء صلب كان يربط عيناها فيجعلها عير قادرة على تحريك جفناها حتى، منذ شعرت بمن يكبلها حينها ولم تشعر بأي شيء بعدها وفقدت الوعي!..
كادت تبكي وهي تهمس بصوت مبحوح:
-مَن أنت وأين انا؟!
سمعت صوت رجولي خشن وأجش يأمرها:
-اصمتي، سيأتي الان
وبالفعل صمتت، تشعر بالرعـ.ـب يتسلل لجميع خلاياهت مسببًا لها حالة من الاضطراب والهرج والمرح الاجبـ.ـاري...!
وبعد دقيقتان تقريبًا سمعت صوت باب يُفتح ثم يُغلق، ابتلعت ريقها بتـ.ـو.تر وداخلها تدعو الله أن لا يكون ما جال بخاطرها صحيحًا...
وفجأة شعرت بملمس اصابع خشنة باتت تكره لمستها وهي تتحسس وجهها ثم صوته القذر يهتف بسماجة:
-نعم، انه انا، زوجك العزيز يا أسولتي!
حينها زمجرت فيه بحدة كقطة شرسة:
-أنا لستُ زوجتك أيها اللعين أنا طليقتك!
تأوهت بألم عنـ.ـد.ما جذبها من شعرها يضغط عليه بعنف وهو يصـ.ـر.خ بها في المقابل:.
-بلا، أنتِ ستظلين زوجتي شأتي ام أبيتي
كادت دmـ.ـو.عها تخونها لتهبط على وجنتها ولكنها تماسكت بصعوبة ورغم ذلك خرج صوتها صلبًا جـ.ـا.مدًا وهي تسأله:
-ماذا تريد ثامر ولماذا اختطفتني؟!
رد عليها بكل جرأة وفجاجة:
-أريدكِ أنتِ أسيل، اما لماذا اختطفتك فلا يجب أن تسألين هذا السؤال لانه يُثير جنوني زوجتي العزيزة، اختطفتك لانكِ ترفضين الحديث معي او حتى رؤيتي وذلك المعتوه يظن انه له كامل الحق فيكِ ليمنعني رؤيتك تمامًا.
تلوت شفتاها بألم وهي تخبره:
-لمَ لا تريد أن تفهم يا ثامر؟! أنا تحملتك اكثر ما يمكن ان يتحمل بشر، وانتهت تلك القدرة على التحمل، نحن انتهينا ثامر ارجوك افهم ذلك
زمجر فيها بجنون شياطين مُخيف تلبسه بلحظة:
-لا لم ننتهي، لم ولن ننتهي أسيل، أنتِ لي ولن اسمح لكِ أن تكوني غير ذلك
لم تترد وهي تصرخ به هي الاخرى:
-ستتركني وشأني شأت ام ابيت...!
وجدته يحيط وجهها بين يداه برفق، ثم تابع بمكر رن بوضوح مصطدmًا بطبلة اذنها:
-ما رأيك أن نُعيد المحاولة ربما أنجح وتُغيرين رأيك..؟!
إتسعت حدقتاها ورددت مستنكرة، مصدومة:
-نُعيد ماذا؟
كانت شفتاه تنتقل على وجهها ببطء بدا لها مثير للاشمئزاز واستطرد بخبث:
-محاولة لمسك حبيبتي، المحاولة التي فشلت مسبقًا ربما استطع الان واكون شُفيت؟!
هزت رأسها نافية بسرعة هيستيرية:
-بالطبع لا هل جُننت يا ثامر انا متزوجة الان؟!
بدا لها مـ.ـجـ.ـنو.ن فعليًا وهو يردف بصوت غريب ولكنه شيطاني كفحيح افعى:
-لا يهمني، سأنفذ ما اردته ربما انجح وتكونين الاولى أسيل...!
كانت ريم بغرفتها تضم ركبتاها لصدرها وتحدق بالأرضية بشرود تام، لازالت تتذكر ما حدث بوضوح، حديث ظافر الذي كان واهي بالنسبة للاتهامـ.ـا.ت التي وُجهت إليه بعدها...
كلامه مازال يتردد بأذنيها للتو
كان لي علاقة ولكن بغير عمد يا ريم، أنا من تسببت أن يصعد والدك في السيارة التي مـ.ـا.ت بها لانها كانت سيارتي انا، وأنا من خلقت العداوة بيني وبين الرجل الذي قــ,تــله !
ولكن كلما حاولت تصدقيه يعود كلام والدتها التي انفجرت فيها تصرخ
لا تصدقيه انه كاذب يحاول التبرير امامك، ولكنه لم يخبرني بذلك ابدًا قبل ان تعلمي أنتِ، انا اخاف عليكِ حبيبتي هو سيدmرك كما دmر والدك انا متأكده !
ولكن ريم ليست متأكده من أي شيء، تصدق والدتها التي يجب ان يكون كلامها شيء مُسلم به، ام تصدق التصرفات المغموسة بالحنان والحب التي اغدقها ظافر بها منذ أن وعت لتلك الدنيا...؟!
تحتاج حور تحتاجها وبشـ.ـدة في تلك المواقف، ولكن تحذير زوج والدتها وهو يأمرهم بعدm الذهاب لها حتى لا يثيرون المشاكل بين العائلتان منعها...!
مسحت على رأسها اكثر من مرة وهي تتنهد بصوت مسموع، ثم نظرت لهاتفها وهو يرن للمرة التي لا تذكر عددها، تأففت وهي تمسك به مرددة:
-ماذا يوجد يا ظافر حتى تتصل بي اكثر من 15 مرة؟!
سمعت صوته الهادئ وهو يخبرها:.
-انتظرك اسفل البناية معك عشر دقائق لتصبحي امامي والا سأصعد انا وأحضرك رغمًا عنكِ
قال كلمـ.ـا.ته ثم اغلق الخط بكل بساطة وسلامة نفس، كزت ريم على أسنانها بحدة ثم نهضت لترتدي ملابسها وداخلها يتوعد له...
وبالفعل انتهت وهبطت له بسرعة لتجده ينتظرها في سيارته، صعدت السيارة وهي تزمجر فيه بعصبية:
-ماذا يوجد هل قامت القيامة يا سيد ظافر؟!
هز رأسه نافيًا ببرود:
-لا ولكنني أعددتُ لكِ شيء اردت أن ترينه الان.
كادت تنطق بشيء اخر ولكنه اشار لها بيداه محذرًا وعيناه تقدح شرارة:
-يكفي الان ستعلمين ما إن نصل...
وبالفعل تذمرت بصمت وهي تمط شفتاها لتبتلع باقي حروفها وتصمت...
وصلا المكان المجهول ليترجل ظافر اولاً ثم توجه ليجلب ريم بهدوء ويسيرا معًا للداخل، كان المكان واسع جدًا وخالي لا يوجد به سواهم!
وفجأة وجدت ريم نفسها تقف امام مساحة واسعة جدًا من الخضار، زهور واشجار تحيطها من كل جانب، وفي الارض بالونات بعدد كبير جدًا يملأ الارض، كانت لوحة مرسومة بتخطيط فنان اودع فنه كله للعشق، لعشق تلك الصغيرة خصيصًا...!
تلقائيًا امتلأت عينا ريم بالدmـ.ـو.ع وهي تسير وسط البالونات، يحدث ما تمنت يومًا، أن يعد لها حبيبها مفاجأة ويحضر لها البالونات، ولكنها لم تتوقع ان يتحقق الحلم ليجعل قلبها يخفق بتلك الطريقة!..
انخفضت ببطء تمسك ب احدى البالونات لتجد مكتوب عليها
أنا،
تركتها وهي تسير قليلاً لتمسك بالونة اخرى وجدت مكتوب عليها
أسف،
تركتها ثم امسكت اخرى لتجد
يا ريم
اتسعت ابتسامتها وهي تتحرك لتمسك اخرى فوجدت
أنا...
فركضت تمسك الاخيرة بلهفة ووجدت
أعشقك صغيرتي !
استدارت لتحدق بظافر الذي كان يراقبها واضعًا يداه في جيب بنطاله، ودون تردد كانت تركض تجاهه وبكل الجرأة التي خُلقت داخلها من قلب ينبض بعنف ولاول مره، وعينان تضخ سعادة ووميض اُنير لاول مره كانت تقبله بشغف برئ طفولي...!
في البداية تصنم هو بصدmة ولكن سرعان ما كان يضم شفتاها بلهفة وشغف وجنون اكبر، وكأن عاصفة ضـ.ـر.بت بكلاهما...
وما إن ابتعد يلتقط انفاسه حتى همست هي:
-وانا اعشقك ظافر، اعشقك بجنوووون!
وفي الطرف الاخر كانت عينان تراقبهم بغل واضح وترقب أسد يود الانقضاض على فريسته ليقضي عليها تمامًا...
رمى سيجاره ارضًا وهو يردد بصوت اجش يحمل حقدًا دفينًا:
-عش سعيد قليلاً يا ظافر، فالجحيم ينتظرك بعد قليل ...
في يوم اخر...
الأيام تمر وعاصي لا يستطع الوصول لأسيل او علي اطـ.ـلا.قًا، واكتملت الكارثة عنـ.ـد.ما لم يستطع الوصول لثامر ايضًا...!
بدأ يشعر أن تيارت القدر تعارضه وبعنف، تعارضه بقوة بدأت تُشعره بالاختناق الحقيقي يقبض على صدره فتجعله يتلوى من مرارة العجز والألم...!
كان جالسًا على الاريكة في المنزل يقلب في هاتفه بجنون عشوائي، ولسوء الحظ وجد تلك الرسالة فبدأ يقرأها مرة واثنان وثلاثة وكأنه غير مصدق.
لا استطيع الحديث ولكن لا تجيب على مكالمـ.ـا.تي ولا تأتي ابدًا يا علي، حور !
احمرت عيناه بطريقة مُخيفة وهو يضغط على الهاتف بين يداه بعنف حتى برزت عروقه بشـ.ـدة، في نفس اللحظات التي كانت حور تسير فيها باتجاهه بحسن نية وبابتسامة هادئة ارتسمت على ثغرها بمجرد ان رأته و...
بمجرد أن اصبحت حور امامه نهض ليسحبها من يدها بحزم متجهًا بها نحو غرفتهم وحور تتبعه بصمت يحوي بين ثناياه قلق واضح...
دلف الى الغرفة ثم اغلق الباب فسألته حور حينها بتوجس:
-ماذا حدث عاصي؟
رفع الهاتف امام عيناها بهدوء تام يسألها بصوت لا ينتمي للأتهام بأي صلة:
-هل أنتِ مَن أرسلتي تلك الرسالة يا حور؟
اتسعت حدقتاها بفزع حقيقي، بدت لها وكأنها صفعة اخرى قاسية ستسقط عليها من حظها الحالك فنطقت بلهفة دفينة:.
-لا، ابدًا اقسم لك لم آآ...
ولكنه قاطعها عنـ.ـد.ما وضع إصبعه على شفتاها لتصمت، كانت عيناه مستكينة، هادئة تنبض بحنان يملك زمامها، ولكن يكمن خلفها شيء من القسوة، شيء كالنيران التي تختبيء خلف مقلبات الثلج!
ثم نطق بصوت خشن هادئ:
-أنا اصدقك حور، ثم أنني سألتك سؤال وحيد وواضح
دق قلبها بعنف مائة دقة بالثانية، وعقلها لا يستوعب تلك الثقة التي أعادتها لطفولتها عنـ.ـد.ما كان يفاجئها والدها بشيء ما...!
ابتسمت تلقائيًا وهي تقول مستنكرة:
-ولكن هل وثقت بي فجأة هكذا؟
هز رأسه نافيًا وراح يخبرها بصدق:
-لا، ولكن أي ابله يصدق أنكِ ترسلين رسالة كهذه ومن هاتفي وتتركينها دون ان تمسحيها واسمك مكتوب بها؟! حركة غـ.ـبـ.ـية مثل الذي فعلها
شهقت حور بعنف وهي تضع يدها على فاهها:
-هل تقصد أن احدهم حاول توريطي؟! ولكن لمَ؟
جذبها له برفق حتى جلسا على الفراش معًا، ثم بدأ يربت على يدها وهو يردد بنبرة واثقة صلبة:.
-أنا لم اتأكد بعد، ولكن أعدك ستأكد قريبًا جدًا...
وبشكل صادm مفاجئ سألها وهو ينظر لعيناها التي ترجعه لقرون لم يعهدها من العشق مغموسًا بالحنان الفطري:
-هل تثقين بي حور؟
اومأت دون تردد بابتسامة طفولية:
-اكثر من اي شخص..
ابتسم تلقائيًا على ابتسامتها التي جعلت ضخات قلبه تزداد سرعة وجنونًا لتثبت له أنه خاسر في مارثون العشق بلا منازع حتى!..
مد يده يتحسس جانب وجهها برقة ثم همس برقة:.
-استمري في تلك الثقة ولا تفعلين أي شيء دون علمي، اي شيء حتى لو كان صغير يا حور، ارجوكِ
كلمته الاخيرة جعلتها تومئ دون ان تفكر حتى، لانه وببساطة مس جوهر قلبها الخاضع لجبروت حبه فلا تملك سوى الايماء والموافقة...
وهو الاخر كان مأخوذ بسحر تلك اللحظة، فاقترب منها ببطء، يود تذوق شفتاها مرة اخرى واخرى واخرى، يود استكشاف طعم شفتاها في كل وقت فيشعر بمذاق كالعسل بين شفتاه...
ولكن بمجرد ان لمس شفتاها وجدها تدفعه بعنف لتركض نحو المرحاض وتفرغ ما في جوفها، عقد ما بين حاجباه بقوة ونفورها الواضح يطعنه في رجولته بعنف...!
ولكن على الرغم من ذلك نهض بسرعة يلحق بها، خرجت هي الاخرى في نفس اللحظة بوجه شاحب، مذعور كقط صغير وما إن رأته سارعت تهمس بتـ.ـو.تر رهيب:
-انا آآ، اعتذر، حقًا لم يكن بأرادتي أنا آآ...
ولكن قاطعها عنـ.ـد.ما زفر بقوة مغمغمًا:.
-ليس هناك داعي للتبرير حور، اقدر أنكِ شعرتي بالاشمئزاز مني!
هزت رأسها نافية بسرعة وهي تخبره:
-لا لا اقسم بالله انني لم اشعر بالاشمئزاز منك ولكني لم اشعر بنفسي سوى وانا اتقيء اعتذر ارجوك لا تسيء فهمي عاصي
اقترب منها خطوة ليعيد تصفيف خصلاتها بيداه وهو يردف بحنان احتضن كافة حروفه:
-عنـ.ـد.ما اعود سأذهب معك للطبيبة التي تتابعين معها لنعلم سبب ذلك، والان...
ابتسم ثم جذبها ببطء يكبلها بين أحضانه وهو يتمدد على الفراش مغمغمًا بصوت مرهق:
-سأذهب للبحث عن أسيل و الان احتاج لتلك الراحة وانتي في حـ.ـضـ.ـني!
↚دلفت حور من الحديقة للمنزل لتجد المنزل هادئ تمامًا بلا صوت، فنظرت للخادmة التي فتحت لها الباب لتسألها بنعومة:
-هل لا يوجد سواي في المنزل؟
فأجابتها الاخرى بجدية عملية:
-لا سيدتي، السيد عاصي مع الأنسة ريهام بغرفة مكتبه في الاعلى
كزت حور على أسنانها تلقائيًا، وبدأت مخالب الغيرة تنهش ثباتها المزيف الذي تجتهد في رسمه، لتصعد بخطى شبه راكضة نحو مكتب عاصي...
ومن دون ان تطرق الباب حتى كانت تفتحه لتدخل وهي توزع انظارها بحثًا عنهم، فصُدmت عنـ.ـد.ما وجدت ريهام تحتضن عاصي وابتعدت عنه ما إن دخلت حور، اقتربت ريهام من حور تصيح فيها بعصبية مفرطة وكأنها وجدت الحُجة لتخرج الغل الدفين داخلها:
-كيف تدخلين هكذا فجأة دون ان تطرقين الباب حتى؟ هل اعتقدتي أنكِ اصبحتي سيدة هذا المنزل فعليًا؟! ولكنني أعتذر يجب ان اذكرك انكِ مجرد فصلية ذليلة في هذا المنزل...!
ومع اخر حرف لها كانت حور تصفعها بعنف صفعة دوى صوتها في الارجاء الساكنة، بجرأة لم تدري هي نفسها من أين أتتها ولكن ربما الغيرة الحارقة تفعل اكثر من هذا بكثير...!
وقبل ان تتحرك ريهام بأي رد فعل كان عاصي يقترب باتجاه حور، اغمضت حور عيناها بقهر تحاول الثبات وداخلها يخبرها أنه سيرد لها الصفعة بالتأكيد ولكن خاب ظنها عنـ.ـد.ما وجدته يضع يداه حول كتفاها يضمها له ويلومها برقة شـ.ـديدة:.
-لمَ فعلتي هذا حبيبتي؟ رد فعلك كان قاسي قليلاً...!
ذٌهلت ريهام حرفيًا، لم تتوقع رد فعله البـ.ـارد الذي كان خلفية واضحة وقاسية لرفضه لها!
بينما كانت حور في عالم آخر وكلمة حبيبتي تتردد بأذنها بلا توقف...
انتبهت لصراخ ريهام المـ.ـجـ.ـنو.ن وهي تردف متسعة الحدقتان:
-هل هذا ما ستفعله فقط يا عاصي؟ ألن تأخذ لي حقي؟!
رفع عاصي كتفاه بقلة حيلة مصطنعة:
-ماذا افعل ريهام؟ أنتِ التي أهانتها في منتصف منزلها بكل بساطة.
ظلت ريهام تهز رأسها نافية بعدm تصديق ثم حملت حقيبتها وهي تغادر مرددة بنبرة عاصفة:
-ولكني لن اصمت على تلك الاهانة يا عاصي فلتعلم ذلك لن اصمت...
حينها شـ.ـددت حور من احتضانها لعاصي بقوة شـ.ـديدة وهي تشعر بكيانها كله يرقص من الفرحة...!
ترك ثامر أسيل كما هي لفترة كبيرة بحجة أنه سيتركها تتهيء نفسيًا وجسديًا لما سيحدث، ولكن على العكس كل دقيقة تمر تشعر أسيل أنها تسحب روحها المتأججة نارًا بجسدها...!
تبكي بانهيار وتلعن نفسها ألف مرة لأنها هـ.ـر.بت من علي، فالان تأكدت أن نار علي أهون من جنة ثامر الف مرة !..
دلف ثامر بخطى بطيئة بـ.ـاردة وهو يقول بهدوء تام:
-كيف حالك أسولتي؟
لم ترد عليه بل انزلت رأسها ارضا وهي تتمنى أن تنشق الارض وتبتلعها افضل من الحديث معه، لتجده فجأة اقترب منها ليرفع رأسها بحركة مباغتة وهو يستطرد بتنمر:
-أنا اعد لكِ مفاجأة يجب أن تنتبهي لي جيدًا الان!
توقفت عن البكاء وهي تسأله بخـ.ـو.ف:
-ماذا ستفعل اكثر؟
تلاعب بحاجباه بسماجة وهو يخبرها بنبرة بطيئة متمهلة:
-سأتصل بزوجك الحبيب وأخبره مكاننا ليشهد على الحدث العظيم الذي سيحدث.
إتسعت حدقتاها بفزع حقيقي ولكن رغم ذلك شيء من الاطمئنان انتشر مسيطرًا على كل خلية بها، لتهمس تلقائيًا:
-علي...
جذبها من خصلاتها بعنف يصـ.ـر.خ بها بانفعال:
-لا تتجرأين وتذكري أسمه امامي، سأدmره كليًا اعدك
ثم نهض بالفعل يمسك بهاتفه ليتصل على الفندق الذي كان يقيم به علي وأسيل ثم طلب منها أن يتحدث مع علي وبالفعل اجابه علي بصوت حاد:
-خيرًا؟
رد ثامر ببرود قـ.ـا.تل:.
-هو خيرًا بالفعل يا علي، أسيل معي، في مكانها الطبيعي وبين احضاني، ولكني أنتظرك هناك ما يجب أن تراه بعيناك
حينها سمع زمجرة علي التي كانت كزمجرة ليث حبيس:
-أين أنت أيها ال أخبرني بمكانك إن كنت تملك ولو قدر طفيف من الرجولة
-نحن ننتظرك ب ، لا تتأخر لانني لن انتظرك كثيرًا...
ثم اغلق الخط وهو ينظر لأسيل التي عادت تبكي مرة اخرى بابتسامة مستفزة...
مر بعض الوقت ولكنه قصير وبالفعل كان علي قد وصل وهو ينادي باسم أسيل، لترد أسيل بلهفة صارخة من وسط شهقاتها:
-انا هنا علي، تعالى ارجووووك
وخلال لحظات معدودة كان علي امامهم ولكن بمجرد ان دلف كان رجلان يمسكان به بإحكام بينما هو يحاول التملص من بين يداهم وهو يهدر بصراخ عالي يصم الاذن:
-أمرهم يتركوني إن كنت رجل وواجهني رجل لرجل ولكنك لا تعرف معنى الرجولة من الاساس.
بالرغم من الاحتراق الذي نشب داخل ثامر ولكنه قال بصوت اشبه لفحيح الافعى:
-اعتذر سيد علي ولكني سأكون مشغول بشيء اخر، وهذا الشيء تحديدًا سيُثبت لك أنني رجل فعليًا!
ثم اقترب من أسيل التي كانت تهز رأسها نافية بسرعة مذعورة تردد بهيسترية:
-لا لا اياك أن تقترب، لا تلمسني ابتعد اتركني.
ولكن لا حياة لمن تنادي، ثبتها على الارض جيدًا ثم بدأ يمزق ملابسها بعنف بينما هي تصرخ بأسم علي الذي كادت أن تنفجر اوردته العصبية وهو يحاول تحرير نفسه من بين يداهم و...
بعد فترة...
أرسل ظافر أحد الموظفين لمنزل ريم ليجلب ملف هام خاص بعمله قد نساه مع ريم عنـ.ـد.ما أوصلها لمنزلها، كان ذلك الرجل يكاد يصعد ولكن فجأة وجد من يكتم فاهه ويخدره فسقط ارضًا بعد أن فقد وعيه تمامًا، ليقترب رجل اخر ويحمله بكل سلاسة بينما الثاني يصعد لمنزل ريم بدلاً من الموظف الاساسي...!
بدأ يطرق باب منزل ريم بهدوء تام لتفتح له بابتسامة هادئة وهي تقول:
-أنت الموظف الذي ارسله ظافر بالتأكيد كذلك؟
اومأ الرجل مؤكدًا بخبث:
-نعم أنا هو...
-انتظر هنا دقيقة سأذهب لأجلب ذلك الملف
قالتها ريم وهي تستدير لتجلب الملف بالفعل وهي تتذكر توصيات ظافر العشر عن المحافظة على ذلك الملف وعن اهمـ.ـيـ.ـته الكبيرة له ولشركته...
عادت ثم مدت يدها له بالملف وهي تحذره بجدية يشوبها مرح:
-تفضل ولكن كن حذر لأن ذلك الملف مهم جدًا
اومأ الرجل مؤكدًا ولمعت عيناه بنصر لم تلحظه ريم البريئة وهو يهتف:
-لا تقلقي يا سيدتي في عيناي!..
وبالفعل اخذ ذلك الملف وغادر فتنهدت ريم بـ.ـارتياح ظنًا منها أنها سلمت الملف بنجاح ولكنها لم تعلم أنها تودي بمستقبل للتهلكة!..
وبعد رحيل عاصي كانت حور تجلس في المنزل بملل امام التلفاز، عيناها على التلفاز بالفعل ولكن عقلها وقلبها مشغولان ب شقيقها علي الذي على حسب ظنها لا يجيب على اتصالاتها المتكررة بالرغم من انه اخبرها بوضوح ان تتصل به إن واجهت أي مشكلة!..
استفاقت من شرودها على صوت الخادmة وهي تخبرها بنبرة هادئة:
-سيدتي هناك مَن يريدك؟
عقدت حور ما بين حاجباها وهي تسألها:
-مَن؟
رفعت الخادmة كتفاها بجهل فأومأت حور موافقة وبالفعل نهضت تسير نحو الباب فوجدت حسين الذي تراه لأول مرة...
حدقت به بتركيز وهي تسأله بتهذيب:
-تفضل يا سيد، انا هي حور ماذا تريد؟
اقترب قليلاً واخفض صوته وكأنه يخبرها بسر خطير وهو يتابع:
-أرسلني شقيقك علي يا سيدة حور ويخبرك أن تأتي معي لترينه!
للحظة داهمها الشك بعنف وهي تستطرد مستنكرة:
-ولكن لمَ لم يحدثني على الهاتف اولاً؟!
بدا وكأنه متلهف وهو يتشـ.ـدق بسرعة:.
-انا لا اعلم شيء ولكن ارجوكِ سيدتي اسرعي ليس لدينا وقت
وبالفعل بكل سلامة نية خرجت مع حور بعد أن اخبرت الخادmة أنها ستعود سريعًا ولن تبتعد، ولكن يبدو أنها ستبتعد، ستبتعد كثيرًا...!
وقبل أن تخطو معه خطوة واحدة خارج بوابة المنزل كانت تقف متجمدة مكانها، والعهد الذي قطعته لعاصي يمر على عقلها كشريط للذكريات التي تُحيي او تُمـ.ـيـ.ـت نبتة الحياه...!
بدأت تهز رأسها نافية وهي تنظر لذلك الرجل:
-لا، لا لن افعل، انتظرني هنا
ثم استدارت وكادت تذهب ولكنه اوقفها متساءلاً بحروف قلقة متوجسة من تلك الاجابة التي تنتظرها:
-إلى أين تذهبين سيدتي؟
تنهدت وهي تخبره ببراءة:.
-سأذهب لأخبر زوجي ثم اعود لك سريعًا...
لم تلحظ نظرة عيناه التي خلعت عنها ستار البراءة لتتمركز الشياطين في محوريه...!
وقبل ان تتركه حور كان يُخرج من جيب سرواله مُخدر وقطعة قماش صغيرة ثم كمم فاهها قبل ان تستطع الصراخ لتسقط حور بعد دقيقة فاقدة الوعي بين ذراعاه...
لتتسع ابتسامته الساخرة وهو يهمس جوار اذنها:
-هل تعتقدين أن دخول المرحاض كخروجه يا سيدتي!؟
ثم حملها بين ذراعيه برشاقة ليغادر حاملاً اياها وهو ينظر حوله يمينًا ويسارًا خـ.ـو.فًا من عودة حارس المنزل وبدقائق معدودة كان يضعها في احدى السيارات لينطلق السائق بهما الى مكان مجهول...
بعد فترة عادت والدة عاصي إلى المنزل تنظر هنا وهناك بحثًا عن حور ولكن لم تجدها فنادت الخادmة التي أتت بسرعة لتسألها مستفسرة:
-أين السيدة حور؟
عقدت فاطمة ما بين حاجبيها ثم رددت مستنكرة:.
-كيف!؟ أنا رأيتها عنـ.ـد.ما خرجت مع احدهم واخبرتني أنها لن تتأخر، وذهبت أنا للمطبخ واعتقدت انها عادت لا ادري اين هي تحديدًا!؟
إتسعت حدقتاها بقلق وهي تحدق بها، فر السكون هاربًا، وبقي الثبات خاضعًا لسطوة التـ.ـو.تر رغمًا عنها، لتقول بسرعة وهي تسير باحثة عنها:
-ابحثي عنها معي بسرعة، واسألي الحارس إن كان رآها، هيا بسرعة يا فاطمة.
وبالفعل ركضت فاطمة تفعل كما امرتها، لم تستطع سوى أن تظهر قلقها وذعرها الذي سيطر على خلفية روحها المعهودة بالصلابة، بالرغم من عدm حبها لحور ولكن تبقى الفطرة هي مكنون الفعل ورد الفعل...
إلى أن ذهبت للحارس الذي اجابها بجدية:
-لم ارها سيدتي اطـ.ـلا.قًا...
زمجرت فيه بانفعال:
-بالتأكيد لم تخرج بطائرة، مؤكد خرجت من تلك البوابة اللعينة وأين كنت أنت؟
ابتلع ريقه وهو يجيب بتلعثم:.
-لقد آآ كنت أشتري بعض احتياجات فاطمة للمطبخ كما طلبت مني، وعنـ.ـد.ما عدت لم يكن هناك شيء مُريب..!
سارت بسرعة وهي تضـ.ـر.ب الحائط بانفعال صارخة:
-اللعنة عليك وعلى ارتيابك، ماذا افعل الان اين ذهبتي يا حور، كيف سأخبر عاصي كيف؟!
↚وعلى الطرف الآخر...
إنفعال علي الذي أحرق اوردته وقوته الجـ.ـسمانية تفاعلا بشكل قاسي ليصبح كالأعصار الذي انفجر بوجه هذان الرجلان ليدفعهما علي بعنف وهو يركض تجاه ثامر الذي انتبه له للتو ثم دفعه عن أسيل وهو يضـ.ـر.به بكل الغل الذي اشتعل داخله، بكل الحُرقة الذي أهدرت شظايا من روحه العاشقة، بكل الغيرة التي زادت من نسبة الادرينالين بعقله فجعلته كالفتيل...!
وقبل ان يصل ان يستطيعا الرجلان التحكم به مرة اخرى كان عاصي يقتحم المكان هو ورجـ.ـال الشرطة التي دوى صوتها في ارجاء المكان مما جعل الجميع يقف متصنم بقلق عدا علي الذي كان كالثور الهائج وأسيل التي لم تكن تدري في تلك اللحظات المُعتمة الا البكاء كمعنى...
ركض عاصي يضـ.ـر.ب ثامر وهو يسبه بأبشع الألفاظ مزمجرًا فيه بجنون:.
-أنا تفعل بشقيقتي كل هذا يا حقير؟ تفعل ب أسيل؟ أسيل التي قبلتك رغم عيوبك ووقفت ضدنا جميعًا لأجلك، يا يا اقسم انني سأقــ,تــلك، سأقــ,تــلك أيها اللعين...
بينما علي ركض نحو أسيل ودون ان يفكر مرتان كان يخلع سترته ليغطيها بها بسرعة وهو يدفنها بين احضانه، يا الله، كلما تخيل أن ذلك اللعين رأى جسدها وتقرب منها ولمسها وامام عيناه ود لو يقــ,تــله في التو واللحظة لتلتقط روحه انفاسها بـ.ـارتياح...!
بينما ازدادت شهقات أسيل المتقطعة التي تقطر ألمًا وهي تلف يداها حول ظهره وتردد بهيسترية:
-علي، اعتذر علي، اعتذر ارجوووك خذني من هنا اتوسل اليك اعتذر لن افعلها لن اهرب منك مرة اخرى ولكن لا تتركني هنا ارجوووووك..
كان قلبه يتلوى بقسوة مع كل حرف يخرج منها، ولكن رغم ذلك رد بصوت مبحوح حنون:.
-لن اتركك لن اتركك يا روح علي، أقسم بالله أنني سأجعله يدفع الثمن غاليًا، بحق تلك الرعشة المرتعدة التي تصدر عنكِ بين احضاني وشهقاتك التي تصم اذني!
وفي اللحظة التالية كان عاصي يقترب منهما مناديًا بأسم أسيل بلوع متألم:
-أسييييل...
انتفضت أسيل ترتمي بين احضانه وهي تنجرف في بكاء عنيف متشبثة بملابسه وتستطرد بنبرة متحشرجة:
-آآهٍ يا عاصي...
ظل عاصي يهز رأسه نافيًا بأسف وهو يهمس:.
-يا و.جـ.ـعي منكِ يا حبيبة قلب عاصي...!
استمر الوضع كما هو لدقائق حتى بدأت أسيل تهدأ نوعًا ما وهي تدرك أنها بين راحتي مَن تحب...!
رفعت عيناها الحمراء من كثرة البكاء لتسأل عاصي:
-من أين علمت مكاننا عاصي؟
حينها تنحنح بحرج متذكرًا لينظر ل علي الذي كان يراقب حديثهم بصمت:
-أنا لن اشكرك لأنك السبب وأنت الذي وضعها في ذلك الوضع
حينها إنفجرت كل خلية مشحونة مضغوطة داخله كان يحاول كتمانها ليصـ.ـر.خ مزمجرًا بعصبية:.
-لستُ أنا مَن جعلتها تضـ.ـر.بني على رأسي بالمزهرية لتهرب فتقع بين مخالب ذلك الذئب، لستُ أنا مَن جعلت ذلك الندل يتجرأ عليها!
اشتدت يدا أسيل على سترة عاصي وهي تؤيد علي بصوت واهن:
-نعم، هو معه حق فيما يقوله عاصي، يكفي أنه أخبرك بمكاننا ولم يخاطر ويأتي وحده!
عقد عاصي ما بين حاجبيه وكان الشك متغلغلاً حروفه وهو يتابع متساءلاً:.
-ولكن حتى تلك اللحظة لا اعلم اي شيء، كيف تزوجتي علي الجبوري وما الذي دفع ثامر ليفعل ما فعل!؟
كانت تسبل اهدابها الكثيفة وهي ترد بأرهاق:
-سأخبرك بكل شيء عاصي ولكن ارجوك خذني من هنا
بدأ يربت على خصلاتها بحنانه المعتاد وهو يخبرها:
-اهدأي اسيل، اصبح بين قبضتا الشرطة ولن اسمح بالأفراج عنه ابدًا...
وقفت أسيل مع عاصي بالفعل ولكن حينها تدخل علي متمتمًا بصوت أجش وهو يمد يداه لأسيل:.
-زوجتي لن تبتعد عني يا سيد عاصي
كز عاصي على أسنانه بغـ.ـيظ حقيقي حتى اصدرت صوت صكيك عاليًا ولكن أسيل تدخلت بسرعة وهي تردف كقطة وديعة:
-اهدأ ارجوك يا عاصي، قسمًا بالله أن علي لم يمسني بسوء منذ ان تزوجته بل على العكس تمامًا اعطاني كل النقوص التي كانت تملأ حياتي وعاملني وكأني ملكة متوجة على عرش!
هدر بعنف بينما عيناه تقدح شرارة تود إحراق علي حيًا:
-تزوجك لأجل انتقامه الحقير مني فقط يا أسيل!
هزت رأسها نافية بسرعة:
-ربما ذلك، ولكنه لم يستطع اذيتي، لم يتغلب شيطانه عليه اقسم لك!
للحظة إنتفض قلب عاصي متأوها بألم حقيقي، لحظة انتفاضة أسيل وهي تلقي بنفسها بين احضان علي رغم انها ترى شقيقها لا تذهب من باله ابدا، تنغر وتؤرق جذور ممتدة رسمها منذ دخول حور لحياته!
تُرى إن كانت حور مكانها لكانت ارتمت بأحضانه كما حدث الان ام فرت نفورًا منه من معاملته التي أرهقت روحها بكل الطرق والعصور...!
انتبه لتوسل أسيل الخافت:
-ارجوك اخي، لا تجعله يدخل المنزل ولكنه سيأتي معنا لحين تقرير ما سيحدث ارجوك أنا اقف على قدmاي بصعوبة
ضغط على كرامته المتلوية ارضًا وغضبه الدفين الذي يغلفه من كل جانب ليومئ موافقًا على مضض...
توجهت ريم للباب الذي كان يُطرق عدة مرات بسرعة فبدأت تزفر انفاسها بملل وهي تصيح بحنق:
-يكفي أتيت ها أنا اتيت انتظر...
وبمجرد أن فتحت الباب وجدت إعصار أمامه تشكل على هيئة ظافر المنفعل الذي كان صوته كتراتيل ترسم غضبه وهو يهتف:
-ريم، أين الموظف والملف؟ هل أتى لكِ؟!
رفعت كتفاها وهي تخبره بتـ.ـو.تر بدأ يزحف لأعماقها رويدًا رويدًا:
-وما ادراني يا ظافر، نعم لقد أتى ولكن لا اعلم اين ذهب وماذا فعل!
بدأ ظافر يمسح على خصلات شعره والتـ.ـو.تر يحتل خلية بعد خلية داخله، ليسأله بعدها:
-متى جاء وماذا حدث؟ اخبريني بكل شيء ريم، اخبريني حتى ماذا كان يرتدي
وبالفعل بدأت ريم تسرد له ما تتذكره وكل ما يحدث ضمن خانة المجهول بالنسبة لها:
-جاء الساعة الثانية ظهرًا تقريبًا، ولم يحدث شيء فقط احضرت الملف واعطيته اياه واوصيته ان يهتم به لحين وصوله لك لأنه مهم، و آآ...
عند تلك النقطة صمتت، وهنا تقريبًا كانت فجوة المشكلة التي يتهافت ظافر للأمساك بطرف خيطها فحثها بلهفة على الاكمال:
-اكملي ريم ماذا حدث؟
ابتلعت ريقها بتـ.ـو.تر ثم همست:
-كان يرتدي ملابس عادية
قالتها ولم تتوقع أن تنفجر قوقعة غضب ظافر بهذا الشكل، خرج صوته كالرعد على اذنيها وهو يصـ.ـر.خ فيها:
-ماذاااااا؟! ملابس عادية؟! ألم اخبرك أنه سيأتي لكِ من الشركة يا ريم وبملابس الشركة؟ كيف تنسين ذلك كيف...!
عضت على شفتاها بأسف ونظراتها تنحسر ارضًا دون رد، بينما ظافر كان كمن تسقط صفعات القدر على وجهه وروحه فتدmيهم بقسوة وعنف...!
ظل يدور حول نفسه وهو يردد محدثًا نفسه:
-لمَ لم أتي بنفسي لمَ؟! كيف أنساه من الاساس عندها، يا الله!
همست ريم مستطردة بتردد:
-ظافر...
فحدق بها ظافر بنظرة مُخيفة جعلت أطرافها ترتعش قلقًا ثم هدر فيها بعنف كذئب يعلن مخالبه:.
-اصمتي اللعنة على ظافر واليوم الذي عرفك به ظافر، بدأ العد التنازلي للنهاية يا ريم...!
ثم استدار ليغادر وهو يصفع الباب خلفه بعنفًا مصدرًا صوت قاسي وقوي جعلها تنتفض وهي تحدق بأثره بذهول...
وقد بدت لها اهمية ذلك الملف واسعة، كبيرة حتى تمحورت كحفرة تود ابتلاعهم في جوف سوادها...!
مرت دقائق معدودة ووجدت الباب يُطرق، نهضت ولكن ببطء صامت لتفتح الباب فوجدت ورقة مطوية ارضًا، هبطت عاقدة حاجبيها لتفتحها فوجدت في حروف قليلة شخصًا ما يخبرها
أظن أنكِ علمتي اهمية ذلك الملف بالنسبة لزوجك، إن كنتي تريدينه يمكنكِ المجيء على ذلك العنوان،.
وشيء واحد كان يتردد بعقلها في تلك اللحظات، هي من كانت سببًا في ضياع ذلك الملف، وهي التي ستكون سببًا في عودته، لذلك ومن دون تردد كانت تفتح الباب وهي تنطلق بسرعة لمصير مجهول...!
بعد فترة وصلوا جميعهم لمن لمنزل عاصي، بما فيهم علي الذي كان متذمرًا ضاجرًا ولكن ثباته يحتضن ثورة غـ.ـصـ.ـبه الجنونية بإحكام...
وقبل ان يدلفا وقف عاصي امام علي يسأله مباشرةً:
-ماذا تريد لتترك أسيل؟
وعلي هو الآخر بالرغم من اعتراض وارتجاج قلبه العاشق المهووس داخله الا انه قال بوضوح:
-شقيقتي حور!
صمت عاصي كان يحمل رفضًا واضحًا لكلام علي الذي كان سهام مُصوبة لنقطة كان يظنها عاصي مخفية، ليخرج من شروده على صوت علي الساخر:
-اترك ابنة القــ,تــلة يا عاصي انها لا تهمك بشيء
حينها أتاه رد عاصي الذي كان دون تفكير كافي:
-ابنة القــ,تــلة لن تخرج من منزلي الا على قبرها يا ابن الجبوري!؟
وقبل ان يرد علي كانت والدة عاصي تخترق المكان وهي تصيح بشوق باسم أسيل التي سارعت ترتمي بأحضانها باكية هي الاخرى...
دقائق معدودة وكانت والدته تعود لرشـ.ـدها وهي تنظر له، ومن ثقل التـ.ـو.تر على كاحلها لم تعير تواجد علي اهتمام فتابعت تخبر عاصي:
-يجب ان آآ، تعلم شيء مهم يا عاصي؟
عقد عاصي ما بين حاجبيه وهو يسألها:
-وما هو يا امي؟
-حور لا نعلم مكانها، اختفت تمامًا ولا نستطع الوصول لها!
قالتها بسرعة وهي تغمض عيناها بتـ.ـو.تر متوقعة جنون عاصي الذي سيهدد كل شيء بثورته التي تنجم عن صمت وصمت وصمت مُرهق لروحه...!
وبالفعل قد كان ما توقعت ولكن لم يكن عاصي وحده الذي جن جنونه بل كان علي هو الاخر يردد بعدm تصديق وهو يسير يمينًا ويسارًا:
-ماذا تعني؟ هل كانت تعيش بغابة؟! كيف يحدث ذلك كيف...
ووسط تلك الضوضاء اصدر هاتف عاصي صوت يعلن وصول مكالمة فأجاب بلهفة لم يستطع اخفاءها:
-نعم مَن؟!
لم ينطق المتصل سوى بسؤال واحد جـ.ـا.مد ومُخيف:
-امرأتك ام طفلك يا سيد عاصي؟!
ورد عاصي كان صادm للجميع، ذاهل ويحوي داخله الكثير والكثير من علامـ.ـا.ت الاستفهام...!
↚كان علي متصنمًا مكانه وجملة عاصي تتردد على اذنيه كالرعد الذي يدوي مفجرًا شظاياه
طفلي، هي لا تعني لي شيءً!
حقيقة كان يعلمها الجميع، ولكن عنـ.ـد.ما سقطت مصطدmة بصخرة الواقع اصدرت ضيجًا عاليًا قاسيًا...!
ثم صرخ فيه بانفعال:
-ماذا تريدون ومن انتم من الاساس؟!
جاءه الرد بـ.ـاردًا هادئًا:
-لا يهم مَن نحن، اما ماذا نريد ف لا شيء!
كز عاصي على اسنانه بعنف يحاول تمالك اعصابه التي كادت ان تنفجر من كثرة الانفعال:.
-ماذا تريدون لتتركوها؟!
-لا شيء، السيدة ستعود قريبًا جدًا لكم
وببساطة أغلق الخط، لنقض علي على عاصي يمسكه من تلابيبه وهو يصـ.ـر.خ فيه مزمجرًا بجنون:
-طفلك؟! أوتختار طفلك ببساطة ايها اللعين؟
زفر عاصي ببرود وهو يرد مجادلاً:
-هو سألني أنا سيد علي وانا أجبت بكل سهولة وبساطة!
الغضب يتزايد ويتزايد مسببًا ضجيجًا واضحًا بين جوارح علي الذي احتدت نظراته وازدادت شراسة ذئبًا يشهر عن انيابه!..
فلم يستطع سوى ان يقسم:.
-قسمًا بربي ما إن استعيد شقيقتي لن اجعلك تراها مرة اخرى هي او ذلك الجنين
ابتسم عاصي بسماجة محاولاً اسكات ما يرتجف داخله:
-يبدو أنك لم تسمعني، شقيقتك لا تعني لي شيء اما طفلي سآخذه رغمًا عنكم جميعًا!
ظل علي يومئ عدة مرات وهو يتوعده داخله، ليستدير عاصي ليدلف ساحبًا والدته، فكانت أسيل نظراتها معلقة ب علي الذي كان يتنفس غـ.ـيظًا، ليزجرها عاصي بعصبية:
-اسيل هيا الى الداخل
حملت نظراتها رجاءًا حارًا وهي تهمس له:.
-ارجوك اخي، سأفتح له مع فاطمة الغرفة التي تكمن بالحديقة تلك وسآتي خلفك على الفور
قالت اخر حروفها وهي تشير نحو غرفة صغيرة منزوية في اخر الحديقة، ليهدر علي بعنف وهو يخرج من المنزل بأكمله:
-شكرًا جزيلاً لكرمكِ انا سأذهب لابحث عن شقيقتي لن انتظر ذلك الجلف حتى يتحرك مع الشرطة
وبالفعل غادر ليتنهد عاصي وهو ينظر لوالدته بهدوء مغمغمًا:
-يجب انا اذهب انا يا امي، اهتمي بنفسك واسيل لحين عودتي ربما اتأخر!
اما عند حور كانت في غرفة صغيرة مغلقة من كل جانب، مُعتمة قاسية على قلب نقي برئ يعكس عتمتها المُخيفة!..
كانت دmـ.ـو.عها تهبط بصمت وهي تهمس بسرها بقلب يرتجف حرفيًا
اللهم اني لا اسألك رد القضاء ولكني اسألك اللطف فيه !..
وجدت الباب يُفتح رويدًا رويدًا فبدأت دقات قلبها تتسابق مع عقارب الساعة، إلى ان وجدت شخص غريب يدلف فسألته بتلقائية:
-من انت وماذا تريد مني؟
هز رأسه نافيًا ببساطة:
-لا اريد منكِ شيء ابدًا.
عقدت ما بين حاجبيها وهي تسأله مرة اخرى بتـ.ـو.تر:
-لماذا اختطفتني اذن؟
تجهمت ملامحه المخيفة وهو يخبرها:
-لا يهم، ستعودين لمنزلك قريبًا ولكن يجب ان اتأكد انكِ ستفعلين ما سأقوله لكِ
هزت رأسها بسرعة بلهفة لم تستطع محو سيطرتها:
-سأفعل بالتأكيد إن تركتني!
لم تهتز ملامحه ولو بشعرة وهو يأمرها بصوت جـ.ـا.مد حاد:
-ستبتعدين عن زوجكِ نهائيًا وإن لم تفعلي سأحضرك لهنا مرة اخرى ولكن...
مد يده يتحسس بطنها بطريقة مقززة وهو يهمس بنبرة ضمن أنها تتلاعب بتور حساس داخلها جعل كيانها يرتجف استجابة:
-لن نتجاهل وجود ذلك الصغير مرة اخرى! أسمعتيني جيدًا؟
اومأت مؤكدة بسرعة وهي تستطرد بصوت مختنق:
-نعم سمعت، سأبتعد
ابتسم ساخرًا ثم تشـ.ـدق بانتصار:
-جيد
ثم استدار ليغادر تاركًا اياها تبكي بدلاً من الدmـ.ـو.ع المقهورة دm ملتهب بحرارة وقسوة المشاعر التي تصفعها...
وصلت ريم امام منزل ظافر الذي يأتي له احيانًا ليجلس بمفرده دون تدخل والداه...
كانت تلهث وهي تحدق بالباب المغلق، لم تكن ريم يومًا متهورة او بلهاء بدرجة تجعلها تذهب لمصير ذو طابع جهنمي بقدmاها!..
تنهدت ثم بدأت تطرق الباب اكثر من مرة...
دقيقة ووجدت الباب يُفتح وظافر يطل بملامحه الجـ.ـا.مدة فكادت تنطلق ريم في الحديث:
-ظافر لقد آآ...
ولكن الحروف سقطت عن وضع الاستعداد بمجرد أن رأت كابوسها الدنيوي أطياف امامها...
فلم تستطع سوى ان تنطق مستنكرة:
-ماذا تفعل هذه هنا يا ظافر؟!
كان ظافر صامت، كان كالذي تدور حرب عنيفة فكرية داخله فأصبحت النهاية والحكم هدف صعب المنال...!
ولكنه قال واخيرًا بهدوء به لفحة بـ.ـاردة:
-المحكمة حددت الجلسة بعد غد يا ريم وا.طـ.ـياف اتت بنفسها لتخبرني ذلك!
هزت ريم رأسها ببلاهه تردد:
-يعني؟
استقام في وقفته وهو يخبرها بوضوح قاسي:
-قررت أن ارد اطياف لعصمتي، ولكن هذه المرة قرار لا رجعة فيه، يمكنكِ ان تقرري ايضًا ماذا تريدين الاكمال هكذا ام الانفصال!
وعنـ.ـد.ما وجد ريم متصنمة مكانها اكمل بنفس النبرة:
-لا يمكنني خسارة طفلي وعملي وكل شيء فقط لأجلك ريم!
ظلت ريم تهز رأسها نافية وهي تعود للخلف ببطء فبدأت تصرخ فيه بهيسترية:
-اللعنة عليك وعلى عملك وعلى تلك الحقيرة!
ثم استدارت لتغادر راكضة وهي تحبس تلك الدmـ.ـو.ع بصعوبة، ايًا كانت اسبابه، طرق تفكيره، او حتى مسالكه واهدافه لا يحق له وضعها في ذلك الموقف ابدًا...
وعنـ.ـد.ما كانت تركض اصطدmت بصديقها القديم اسامة الذي صُدm وهو يسألها:
-ريم ما بكِ؟!
وريم زادت الطين بلاً كما يقولون وزادت صدmته رنينًا وهي تخبره:
-هل تتزوجني اسامة؟!..
بعد ساعات عديدة...
وصل علي لمنزل عاصي بعد ان هاتفته أسيل تلح عليه أن يأتي لتخبره بشيء ثم يغادر لأينما يريد...!
ولم يستطع سوى الخضوع لألحاحها المُحبب لقلبه الملتاع بعشق كاد ان يٌذاب...!
دلف الى الغرفة معها فأغلقت هي الباب بسرعة ليسألها هو:
-خيرًا اسيل ماذا حدث؟
بللت شفتاها المكتنزة بتـ.ـو.تر، جالت عيناها تتفحص ملامحه الجـ.ـا.مدة بصلابة رجولية اسقطت قلبها في رعشة سببها مجهول، ثم هتفت اخيرًا بتوجس تسأله هي:.
-لو آآ، اقصد عنـ.ـد.ما تعود حور، وتتحدث انت واخي عن وضعنا، ستطلقني كما قلت له؟!
في البداية كاد علي ان يتـ.ـو.تر، أن يسارع لينفي تلك التهمة عنه صارخًا بعشقها الأزلي، ولكن بمجرد ان يتذكر شقيقته، أن يتذكر الكره الذي كان يضخ من عينا عاصي له، أن يتذكر عدm ثقة اسيل به وتفضيلها الهرب على الاقامة معه يعود لخشونته ويجيب:
-نعم اسيل سأفعل
لم يتوقع اهتياجها وصراخها المـ.ـجـ.ـنو.ن وهي تضـ.ـر.ب صدره بيداها:.
-ماذا تعني ستفعل؟! ماذا عن ذلك العشق والغرام الذي كنت تتغنى به؟! ذهب في مهب الريح؟
امسك يداها بقبضتاه معًا وهو يصـ.ـر.خ مقابلاً لها:
-لا لم يذهب ولكنه يجب ان يختفي قليلاً حتى يجد له مقابل، انا تعبت من المجازفة وحدي يا اسيل، تعبت من عدm ثقتك بي وكرهك لقربي!
فلتت منها التواءة ثغر ساخرة وهي تهمس بصوت يحمل بحة ضعف اتضحت كعين الشمس:.
-وانا ألا اتعب يا علي؟! ألا أستحق أنا يجازف شخصًا ما لأجلي وعنـ.ـد.ما اخطئ التصرف يجبرني على العودة تحت ضلوعه؟! يخبرني انه لن يتركني مهما حدث ومهما حاولت الهرب؟
كانت تتحدث عن امنياتها التي بدت له بدأت تتصدع بقبضة اليأس...!
وخاصةً عنـ.ـد.ما بدأت تكمل:
-استحق فقط الذي يهتم لنفسه؟ يهتم بذاته وكيانه..!؟
ثم عادت لتضـ.ـر.به على صدره باهتياج مزمجرة:
-لمَ خُلقت اذن يا علي؟!
وبلحظة واحدة حدث كل شيء، جذبها من ذراعاها له ليبتلع باقي حروفه بين شفتاه التي مـ.ـا.تت شوقا لتقابل شفاه جعلت الشوق يذيبها لوعا وعشقا...
كان يقبلها بجنون وكأنه يُثبت لها أنها خُلقت لتكون له، جواره، بين ذراعاه شاءت ام ابت كما كانت تقول؟!..
النار تلتهم المتبقي من ثباته واستجابتها الطفولية لا تعاونه على الاستكانة ابدًا بل تشعل داخله مشاعر كالأعصار...
واخيرًا استطاع الابتعاد ليسند جبينه على جبينها ويردد بصوت لاهث:
-خُلقتي لأسحق شفتاكِ بين شفتاي عشقًا ثم اخبركِ أنكِ لن تبتعدي عني مهما فعلتي اسيل...!
بعد ساعات اخرى...
عاد عاصي واخيرًا بعد يأس تملك منه وبعد اصرار الجميع ليرتاح قليلاً ثم يعاود البحث مرة اخرى...
ولكن فجأة وجدوا حارس المنزل يصيح بصوت عالي مهللاً:
-سيد عاصي، لقد أتت السيدة يا سيد عاصي!
شعر عاصي في تلك اللحظات أن عقله الباطن يحقق له احدى امنياته ليس إلا، ولكن عنـ.ـد.ما دلفت حور بالفعل لتخترق الساحة بهيئتيها المزدردة هب متتصبًا يركض نحوها بلهفة اثبتت للجميع انه مجرد كاذب بشأن ما قاله للمتصل ول علي!..
وهي الاخرى بمجرد ان لامست يداها يده الممدودة له وارتمت بين احضانه اخذت تشهق ببكاء عنيف تُخرج به كل كتمان الساعات الماضية...
احضتنها بعنف، يود لو يخبئها بين ضلوعه، يشم رائحتها التي غابت عنه لساعات مرت عليه كالدهر الطويل، يشبع الشوق الذي اضناه في بعدها القصير...
بينما هي تبكي وتبكي وهي تردد بلا توقف:
-عاصي، عاصي...
ليتابع هو بتلقائية متأوهًا:
-يا قلب عاصي وروحه التي غابت عنه...
في خضم المشاعر والاشتياق والجنون لم تنتبه لمَ قاله، ولكن علي واسيل ووالدته الذين كانوا يراقبون ذلك المشهد اخترقت تلك الجملة اذنيهم...!
دفن عاصي وجهه عند رقبتها ينعم بدفئها وهو يهمس لها بصوت اجش:
-هل انتِ بخير؟ هل لمسك احدهم؟ طفلنا بخير؟!
اومأت مؤكدة بسرعة وهي تعود لتدفن نفسها بأحضانه، حينها استطاع علي استعادة نفسه والتدخل ساحبًا حور نحوه بلهفة:
-ماذا حدث حبيبتي؟ هل اذاكِ احدهم ولو بالحديث؟
بدت وكأنها ادركت وجوده للتو فهمست مذهولة:
-علي...
ثم رمت نفسها بأحضانه وهي تكمل بكاءها...
استمر المشهد هكذا ما بين صامت شارد كعاصي مذهول مما نطقه قلبه دون ارادة عقله فبدا وكأنه يعيد حساباته، وما بين صامت ساكن كأسيل ووالدتها يراقبان فقط...
واخيرا انتهى ليتنهد علي وهو يمسك يد حور قائلا بجدية:
-ستأتين معي لنعود لن تظلي هنا دقيقة اخرى واريد ان ارى من سيجرؤ على المعارضة
حينها نطق عاصي ببرود ينافي فورة مشاعره منذ قليل:
-لو على الجرأة لدينا ولكني لم اعد اريدها!
فأردف علي بتحدٍ:.
-ارمي يمين الطـ.ـلا.ق اذن؟!
ابتسم عاصي بسماجة خبيثة ثم قال ببساطة:
-شقيقتك طالق يا علي...
↚الدقائق التالية كانت مجرد هامش لتلك الحياه التي ضيقت جدرانها على روح تلك المسكينة...!
كانت تحدق به مذهولة مصدومة، تتمنى لو يخبرها احدهم انه مجرد كابوس...
ولكن بدا واقع مرير قاسي على القلب عنـ.ـد.ما هزها علي وهو يسحبها متمتمًا بصوت جاد:
-هيا حور
ولكن حور نفضت يداه عنها وهي تصرخ فيه بجنون:
-اتركني علي، لم أخبره ما اريد قبل ان ارحل.
تنهد علي وهو يتركها مضطرا، لتتقدm هي ببطء تجاه عاصي الذي كان يجاهد للحفاظ على ثباته، هو ادرك تمام الادراك أن حور اصبحت نقطة ضعفه، واصبح هو ضعيف امامها وهذا اخر ما يتمناه...
اصبحت امامه تمامًا، كانت عيناها تنطق بالكثير ولكن فاهها لا ينطق بشيء، يلتزم الصمت الذي يقــ,تــل كل خلية به...
ودون مقدmـ.ـا.ت كانت تصفعه بعنف صفعة دوت في الارجاء، صفعة لم تكن مجرد ألم جسدي بل كانت اكبر من ذلك بكثير، كانت نقطة تحول، نقطة انهيار شيء وتصلب شيء اخر...
شهقات مختلفة صدرت عن الجميع، لتهدر حور بحرقة دون ان تبالي بأي شخص:
-لم انـ.ـد.م على شيء بحياتي بقدر ما شعرت بالنـ.ـد.م على موافقتي على الزواج منك عاصي!
اغمض عاصي عيناه يحاول اسكات ذلك الجنون الذي تخلقه الشياطين داخله، ليزمجر فجأة بصوت عالي في حور:.
-خذ شقيقتك يا علي قبل ان ارتكب جريمة ينـ.ـد.م جميعنا عليها
وبالفعل تقدm علي بسرعة يسحب حور، صحيح انه لا يحب عاصي ولكنه يعلم جيدًا أن حور تجاوزت كل الحدود عنـ.ـد.ما ضـ.ـر.بته وفي منتصف منزله!
فقال عاصي بجدية آمرة:
-ارمي يمين الطـ.ـلا.ق يا علي
حينها رد علي بكل برود يعرف له معنى:
-لن افعل، أسيل ستظل زوجتي مادmت حيًا، وسيأتي يوم وأخذها
-اذن المحاكم بيننا وسأطلقها منك رغم ارادتك.
صرخ بها عاصي بحدة وحنق واضحان ولكن قابلهما علي ببرود ف كور عاصي قبضتاه معًا وهو يستطرد بغل تراقص في حدقتاه:
-لو تعلم الرغبة العمياء داخلي لقــ,تــلك لما قلت ذلك، الشيء الوحيد الذي يمنعني عن قــ,تــلك هو طبيعتي الغير سادية بالاضافة إلى أن شقيقتك تحملت عقـ.ـا.بك بقدر كافي
بينما حور اكملت صراخها المنفعل ب عاصي:
-سأخرج وبأرادتي كما جئت لذلك المنزل بأرادتي، ولكن إن دخلته مرة اخرى لن ادخله كأول مرة ابدا!
وفي اللحظة التالية كانت تستدير وهي تخبر أسيل برأس مرفوعة وكبرياء جعل قناع الكـ.ـسرة يتصدع ببطء:
-اخبري الخادmة أن تأتي لي بكل ما يخصني من فضلك أسيل، لأنني لن اخطو للداخل بنفسي
زفرت أسيل عدة مرات بضيق ثم اومأت موافقة بهدوء:
-حسنا انتظري دقائق
ثم توجهت للداخل بالفعل، لتشير حور نحو علي مرددة ببرود:
-اجلس يا علي، اجلس حتى تنتهي طمطم (فاطمة) من اعداد حقائبي.
وعلي كان يثق تمام الثقة أن كل ثبات حور وصلابتها تل تخفي في بواطنها انهيار مُعلن في عيناها اللامعة بدmـ.ـو.ع القهرة...!
وبالفعل بعد فترة انتهت وغادرت مع علي، لم تنطق بحرف واحد بل كانت ملتزمة الصمت وما اصعب الصمت عنـ.ـد.ما يكتم فوران ربما ينهي ذلك الانفجار الكامل إن تصدع...!
وصلا اخيرا لمنزلهم بعد فترة، وبمجرد أن طرقا الباب فتحت ريم التي تصنمت مكانها ما إن رأتهم امامها ثم سرعان ما صرخت وهي ترتمي بأحضان حور:
-حور، يا الله كم كنت احتاجك انتِ دائمًا تأتي بالوقت المناسب يا صديقتي الصدوقة.
بينما حور برغم مخالب الألم التي لاتزال تجعل جراحها تنزف الا انها ابتسمت وهي تحتضن ريم باشتياق حقيقي متابعة:
-اشتقتُ لكِ كثيرا يا مشاغبة!
رددت ريم بتوق حقيقي:
-اشتقت لكِ اكثر ياروح المشاغبة
حينها تدخل علي متنحنحًا بمرح خفيف يحاول تلطيف الجو به:
-يبدو أنني غير مرغوب هنا
فضحكت ريم وهي تحتضنه بمودة تلقائية اعتادتها في تعاملها مع علي وشقيقه الاخر المختفي حتى الان...
ولكن لم يستمر الجو المشحون بالحب حين أتى ابراهيم والد حور وهو يغمغم بصوت مصدوم:
-حور! وعلي؟!
ثم تقرب منهم بسرعة وهو يتشـ.ـدق مستنكرًا:
-من أين لك الجرأة لتعود يا ابن الجبوري؟
رد علي بصوت أجش:
-من والدي، انا لم افعل شيءً خاطئًا لقد كان دفاع عن النفس
صاح فيه ابراهيم بحدة:
-لم هـ.ـر.بت اذن ولم تقف كالرجـ.ـال وتقول هذا؟!
اجاب علي بهدوء بـ.ـارد:
-لانني اعلم انني لو قلت الف مرة لن يستمع لي شخصا!
نظر ابراهيم تجاه حور نظرة متفحصة تحمل سؤال واضح يتلهف للحصول على اجابة
ما الذي اتى بكِ ؟!
فقالت حور مستأنفة بسخرية دفينة:
-سأجيب قبل ان تسأل، عاصي طلقني يا ابي ولن اعود له مرة اخرى
لم تتوقع ابدا رد فعله الذي زاد من رنين روحها وآلام جراحها التي تنزف، لم تتوقع أن يسحبها من يدها كالطفل الصغير وهو يخبرها بحدة مفرطة:
-ستعودين يا حور، كيف لكِ أن تقولي هذا؟
ثم نظر ل علي صارخًا:.
-وانت كيف تفعل ذلك وهي لم تكمل الثلاث اشهر حتى متزوجة؟ تود تطليقها بعد شهران زواج يا علي
سحب حور معه للخارج يدفعها نحو السيارة وهي لا تردد سوى كلمة واحدة:
-لا تفعل يا ابي، ارجوك اتركني.
بينما علي يود تفليتها من بين يداه ولكنه كان كالذي تناسى كل شيء، تناسى انها ابـ.ـنته، تناسى أن كرامتها المهدورة من كرامته، تناسى كل شيء لم يتذكر سوى وصمة العار التي ستُلصق به حتمًا ما إن يعلم الجميع أن ابـ.ـنته لم تكمل الثلاث اشهر متزوجة وأتت له مُطلقة!..
بعد فترة...
كان عاصي يجلس امام الشرفة بشرود تام، عيناه تموج بشتى المشاعر، الألم، الهدوء، والاضطراب النفسي الذي يعتمل داخله...!
لا يدري ما فعله صحيح ام لا ولكن ما يعرفه حاليًا أنه لا يمكنه الاستسلام لتلك العائلة بتلك السهولة...!
دقيقة ووجد أسيل تقترب منه هامسة برقة:
-اشتقت للجلوس معك عاصي
ارتسمت ابتسامة حانية على ثغره وهو يجيب:
-وانا اكثر
جذبها من يدها لتجلس امامه وهو يسأله بصوت بدأ يلونه الخبث:.
-والان ستخبريني لماذا لم تؤيدي طـ.ـلا.قك من ذلك الرجل
عضت أسيل على شفتاها بحرج وأخفضت رأسها تفرك أصابعها بتـ.ـو.تر، بدأت الحمرة تزحف لوجنتاها ببطء فكانت تلك خير علامـ.ـا.ت لأجابة رفضت السطوع، فهمس عاصي بابتسامة حانية:
-وقعتي في عشق ذلك الثور يا أسيل
استغرقت أسيل دقيقة واحدة وكأنها تقنع نفسها المتقلبة بتلك الحقيقة المرفوضة داخلها، لتومئ مؤكدة بصوت مبحوح:
-نعم، لقد فعلت وعشقت ذلك الثور يا اخي ماذا عساي افعل!
ثم رفعت رأسها ببطء لتتابع بمكر انثوي توزع حروفها بمهارة لانتشال الاجابة:
-كما وقع اخي في عشق روحه التي غابت عنه مع غياب احدهم
صمت عاصي ينظر للجهة المقابلة، يا الهي، عنـ.ـد.ما يقع احدهم بعشق شخص، يصبح القلب رهن اشارة ذلك العشق، يتحكم به، يفرض سيطرته على منقطة القلب الضعيفة فيصبح الانسان على مهب ذلك العشق...!
واخيرا خرج صوته اجش وهو يخبرها:
-ربما، ولكني لا يجب ان افعل، لا يجب أن اسقط يا اسيل!
صمتت أسيل تعلم صراعه النفسي فصمت هو الآخر، ثم انتبه عنـ.ـد.ما سألته أسيل بهدوء تام:
-عاصي، ماذا كان سيحدث إن كان علي لم يقــ,تــل شقيقنا حسين؟!
رفع كتفاه وهو يرد بتلقائية:
-لا اعلم، ولكن بالتأكيد لكانت تغيرت اشياء كثيرة
امسكت اسيل بيداه وهي تربت عليها بحنان مرددة بحكمة تفوق عمرها عمرًا:
-تمسك بحبك ياعاصي، حور تعشقك ولا يعشق كلا منا احدهم كل يوم ولا يجده بسهولة.
حينها زفر عاصي بصوت مسموع ثم نظر لها وشعر في تلك اللحظات انه لا يحدثها بل يبرر لحور التي لا تغيب صورتها المنهارة من امام عيناه حتى تلك اللحظة:
-انا لم اتخل عنها، لا تنسي أن العدة تسعة اشهر، انا احتاج أن افكر جيدا في تلك الفترة هل سأستطيع نسيان الشرخ الذي بيننا ام لا، لانني لو قررت الان لن يكون قراري في صالحها وصالحي ابدا وسأستجب لعقلي!
اغمض عيناه بأرهاق نفسي يفوق كل القدرات وهو يستطرد:.
-ولا اعلم ايضا ماذا سأفعل حيال امر طـ.ـلا.قك او زواجك من ذلك ال علي ولكن ما اعلمه اننا نحتاج لمعجزة تغير كل شيء...!
↚بعد فترة اخرى...
كان ظافر مع اطياف امام المأذون، يقف جـ.ـا.مد صامت، لا يعلم هل يسير خطوة صحيحة ام يتم خطوة مدmرة ستقضي على المتبقي من ربيع حياته...!
ولكن على اي حال الكارثة اصبحت قيد التنفيذ!..
دلفا معا نحو المأذون وبدأت بالفعل اجراءات الزواج، كان ظافر شارد بتلك الصغيرة التي تثبت له في كل مرة انها صغيرة بالفعل ولن تنظر للامور من زاوية اخرى ابدا...
انتبه من شروده على صوت أطياف وهي تصيح بفرح فيه:.
-لقد عدت زوجتك ظافر
تلقائيا اشمئز من تلك الحقيقة التي تثير غريزته العنيفة ولكنه تماسك عنـ.ـد.ما قال بابتسامة بـ.ـاردة:
-نعم لقد كنت حاضر، مبـ.ـارك لكِ
تجاهلت بروده الواضح وهي تقنع نفسها أنه طبعه المعتاد، دقائق معدودة وبمجرد ان انتهوا تماما وجدته ينهض وهو يخبرها بخشونة:
-هيا لنحضر عمار
ولم تستطع سوى ان تومئ مؤكدة بهدوء وتسير معه ليغادرا سويا...
وعنـ.ـد.ما احضروا عمار من المكان الذي كان يقطن به، توجها نحو منزل ظافر وكان ظافر سعادته لا توصف بقربه من طفله الوحيد عمار مرة اخرى، بالرغم من ان سعادته تلك ينقصها صغيرته الغاضبة عليه...!
ظل عمار يلعب حولهم بسعادة لتستغل اطياف ذلك وهي تقترب من ظافر ببطء حتى اصبحت ملتصقة به فمدت يداها تتحسس صدره الصلب هامسة:
-اشتقت لك كثيرا يا ظافر
رسم ابتسامة غريبة على شفتاه وهو يهمس لها بعبث:
-وانا ايضا.
نهضت بلهفة تمسك يداه لتسحبه معها وهي تقول بخبث انثوي لا يعرف للحياء معنى:
-هيا عمار منشغل بالألعاب والتلفاز
-هيا، ولكن لا تتعجلي كثيرا افضل.
قالها ظافر وقد ألقى ظافر نظرة اخيرة على عمار ثم تنهد اكثر من مرة ليومئ موافقا لها، دلفا للغرفة معا فبدأ ظافر يقترب منها ببطء، مد يداه يحيط خصرها وهو ينساب تحت ظل صوت اخر داخله، ليطبع قبلة بطيئة على شفتاها سرعان ما كانت هي تبادله لتصبح قبلة مـ.ـجـ.ـنو.نة مغموسة برغبة قطعت كل حبالها بالعشق...!
تجرأت يداه اكثر واكثر وبدأ يجردها من ملابسها وهو يميل بها نحو الفراش...
وصل ابراهيم الجبوري مع حور وعلي الى منزل عاصي، كانت حور في قمة انهيارها، لا تستطع التصديق انها ستسير على ذلك العهد الذي قطعته في نفس المكان، ستفعل ولكن تلك المرة ستدون دmاء روحها خطاها لداخل المنزل...!
خرج عاصي على صوت الحارس وهو يناديه:
-سيد عاصي، يا سيدي
ولكنه توقف متجمدا مكانه وهو يرى حور امامه، ووالدها يلقي بها كقطعة رخيصة نحو عاصي مرددًا بصوت أجش قاسي:.
-تفضل زوجتك يا سيد عاصي، ردها الان وامامنا، انا اعلم ان علي هو مَن اجبرك ولكن انت تعلم انه ليس لدينا بنات تعود مطلقة لبيت والدها بهذه السرعة.!
كان الصمت هو الطريق الوحيد الذي اتخذه عاصي، ولكنه كان طريق ملغم بأشواك الحيرة وضـ.ـر.بات الجنون داخله، يود لو يخـ.ـنـ.ـق والدها الحقير ذاك ويخـ.ـنـ.ـق نفسه بعدها لانه تسبب في تلك الكـ.ـسرة التي تلفح بكيانها كله...
تردد كثيرا ولكنه لم يستطع النطق سوى ب:.
-ولكني طلقتها، لو لم اكن اريد لما طلقتها من الاساس ولا يستطع اي شخص اجبـ.ـاري
للمرة الثانية يقــ,تــل كبرياء الانثى داخلها بخنجر جملته البـ.ـاردة
لا يريدها، !
ولكن كفى للصبر حدود، نظرت له بعيناها الحمراء تزمجر بهيسترية:
-ومن قال لك أنني اريدك من الاساس! هو اجبرني على العودة الى ذلك المنزل
صفعها حينها والدها بكل القسوة والجبروت الذين تربوا داخله مع مرور الزمن ليصـ.ـر.خ فيها:.
-اخرسي ايتها اللعينة، عنـ.ـد.ما يتحدث الرجـ.ـال لا تتحدثين ابدا
حينها تدخل عاصي وهو يهدر فيه بعنف وقد برزت عروقه منتفضة لقلب تلوى ألمًا:
-ابراااااهيم، اياك ان تفعلها مرة اخرى، هي لا تزال زوجتي وانا لا اسمح لاي شخص بأهانة زوجتي حتى والدها.
وما بين الشـ.ـد والجذب ذاك انتبهوا لحور التي كانت تنظر له بتشوش ثم في اللحظة التالية كانت تسقط على الارض فاقدة وعيها، فانتفض عاصي يصـ.ـر.خ بأسمها بهلع وهو يهبط نحوها ولكن ازدادت صفعة الصدmة قسوة عنـ.ـد.ما انتبه للدmاء التي بدأت تتدفق من بين قدmاها فشعر وكأن نفس المشهد يتكرر ولكن باختلاف الزمن، وربما النتيجة!
شخصا ما يجلس في غرفة صغيرة يضم جسده له بيداه وعيناه مسلطة على اللاشيء، يهتز بعنف صامت غريب!
دلف شخصا اخر له وهو يحمل صينية طعام مرددا بصوت يائس حانق:
-الى متى ستظل هكذا؟!
خرج صوته شارد، هائم وكأنه من عالم آخر:
-الى أن يصحو المـ.ـيـ.ـت ليخبرني انه قد عفا عني او...
هز الاخر رأسه نافيا بسرعة وهو يخبره بحدة وكأنه ينتشل فكرة المـ.ـو.ت النفسي وليس الجسدي من رأسه:
-لا لا، لن يحدث ما تفكر به ابدا.
رفع له نظره ليجد نظرة قُتل انسان داخلها الف مرة وهو في ذلك السـ.ـجـ.ـن المهلك، ليقول:
-ولما؟ أليس افضل ان اعترف بذنبي من ان اظل سجين طيلة حياتي هكذا
سارع الاخر بالتبرير له:
-انت لست سجين، انا فقط اخشى عليك من تهورك وجنونك هذا
صدحت ضحكة ساخرة منه، ليلعن الاخر نفسه وهو يتمتم معتذرا:
-لم اقصد سامحني اخي
اشاح عنه بناظريه ثم هتف بخشونة:
-ولو تقصد، انا فعليا مـ.ـجـ.ـنو.ن، انا مريـ.ـض نفسي مصاب بالأنفصام في الشخصية.
لم يتحمل شقيقه فنهض وهو يصيح بانفعال انفجر من كثرة الكتمان:
-ماذا افعل لتصمت عن تلك الهراءات!
صرخ به الاخر في المقابل:
-تتركني اعترف لهم بذنبي
ازداد صراخه المذهول الذي شابه التهكم وهو يخبره مستنكرا:.
-تخبرهم ماذا؟! تخبرهم انك الذي قــ,تــلت حسين الشهاوي وليس علي الجبوري؟! ستذهب لعاصي الشهاوي لتقول اعتذر انا مريـ.ـض نفسي وعنـ.ـد.ما ذهب علي وشقيقته من مقر الحادث كان ابنكم مصاب فقط في جانبه الايمن فأكملت انا وقــ,تــلته تماما...!؟
كان عاصي أمام غرفة الطوارئ بالمستشفى، ينتظر والقلق يستوطن كل خلية حية بخلاياه، والنـ.ـد.م يشوبه مدmرًا ثباته الشعوري!..
يتمنى لو لم يفعل، يتمنى لو كان تركها معه وعاملها بجفاء كما كان، يتمنى ويتمنى فتصبح الامنيات على قيد خيوط العقل ليس إلا...!
انتبه للطبيب الذي خرج يمسح وجهه بأرهاق فسأله عاصي بلهفة لم يستطع اخفاءها:
-ماذا حدث لها؟ إنها المرة الثانية التي تُصاب بنـ.ـز.يف فيها!
هز الطبيب رأسه بأسف وهو يخبره:
-اعتذر سيد عاصي ولكن للاسف فقدنا الجنين، عوض الله عليكما
ثم ربت على كتفه عدة مرات وهو يتخطاه بهدوء، وكم كانت ثقيلة كلمـ.ـا.ته على ذلك القلب الذي يستجدي تخفيف ضغط ضـ.ـر.بات القدر عليه...!؟
نظر بأعين زائغة لوالدته التي طالعته بأشفاق مرددة بهمس:
-قدر الله وماشاء فعل...
شعر بنصل حاد ينغرز بصدره كلما زاد ادراك الحقيقة داخل ثنايا عقله، هو فقد طفله، فقد النبتة المزروعة لتُحيي عشق محكوم عليه بالمـ.ـو.ت، فقد طفله من المرأة التي عشقها دون ارادته، فقد طفله من حوريته!..
سار دون أن ينطق بحرف للغرفة، وهنا نطق ابراهيم بنبرة جافة:
-لا افهم ما كل هذه الدراما، كيف يصبح الحال إن كان طفل عمره سنوات وليس اسابيع؟!
وهنا لم يستطع علي أن يتمالك نفسه أكثر، فانقض عليه يصـ.ـر.خ فيه مزمجرًا بجنون ولكن دون أن يمسه:
-من ماذا انت مخلوق! أليس لديك لا شعور ولا احساس؟ ألا تشعر ببعض الشفقة على تلك المسكينة؟ لا ادري ماذا فعلنا ليكن شخص مثلك والدنا
رفع ابراهيم يده ودون تردد كان يصفعه بعنف غير مبالي بالحشـ.ـد الذي تجمع على صراخ علي!..
شهقات مختلفة صدرت عن الجميع واولهم أسيل التي لم تتوقع أن يهين أب رجل مثل علي وامام الجميع بهذه الطريقة!..
بينما علي كان يحترق داخليًا، بدا وكأن النيران تتصاعد من بين عيناه التي احتدت فبدا الشيطان ساكنًا فيها وعروقه التي كادت تخترق جسده...!
خاصةً مع صراخ ابراهيم المنفعل وكأنه على حق:
-اصمت ايها اللعين، كيف تجرؤ ان تصرخ على والدك بهذه الطريقة؟! ولكن العيب ليس منك بل من التي لم تستطع تربيتك كالرجـ.ـال.
وهنا تدخلت أسيل بسرعة وهي تسحب علي من ذراعه متمتمة بصوت خافت:
-علي ارجوك تعالى معي ارجوووك
وبالفعل سار معها دون نطق كلمة لتنظر والدة اسيل للجميع وهي تصيح بضيق واضح:
-انتهى الفيلم هيا من فضلكم كل شخص يعود كما كان!
سارت أسيل مع علي بصمت حتى دلفا إلى المصعد ليهبطا للدور الارضي، وبمجرد أن اُغلق الباب عليهما اقتربت أسيل من علي حتى وقفت على طرف أصابعها وامسكت وجهه بيداها ثم طبعت قبلة عميقة على وجنته التي صفعه والده عليها...
في البداية تجمد علي مكانه وعقله يحاول ترجمة لمساتها التي تلهب مشاعره كالعادة، خاصةً وهمسها الذي كان كترنيمة تثير داخله شتى المشاعر التي تجعله يود الانقضاض عليها تخترق اذنيه:.
-انا أعشقك علي...
كلمة واحدة كانت كفيلة ان تُطلق سراح الشياطين التي اختُزنت داخله لتحل محلها عاطفة مهتاجة وعشق موقد يحتاج للهيب الشعور بها لتكتمل البراكين اشتعالاً...!
كادت تبتعد ولكن يداه كانت الاسرع لتحيط خصرها ببطء وهو يُقربها منه اكثر ويده قبضت على خصرها بينما الاخرى تزيح الخصلة التي ظهرت من اسفل حجابها الصغير وهو يهمس بصوت أجش:
-عيدي ما قلتيه الان أسيل.
كان يتحدث بهدوء وهو يضغط على الزر الذي يُعطل المصعد، لتبتلع اسيل ريقها بتـ.ـو.تر وهي ترى تأثير كلمتها الصغيرة يزداد عن المتوقع...
بللت شفتاها بتـ.ـو.تر ثم همست بتلعثم:
-لقد قلت، آآ قلت أني، أني أعشقك علي
أغمض عيناه وهو يستمتع بطرب الكلمة على مسامعه، أصبح ملتصق بها وأنفه تلتقط رائحتها التي يعشقها فأردفت اسيل بصوت يكاد يسمع:
-علي نحن بالمصعد!
هز رأسه بلامُبالاه وهو يأمرها بهدوء تام:
-عيديها مرة اخرى.
رمته بنظرة شك ولكن زفرت بتـ.ـو.تر وراحت تكرر:
-أعشقك علي، اعشقك وبجنون ولا اريد سواك
دفن وجهه عند رقبتها يملأ رئتيه بعبقها الذي يسكره وهو يهمس بأنفاس سريعة:
-همسك ذاك يجعلني اود فعل اشياء وجودنا بالمصعد يمنعني من فعلها
ضـ.ـر.بته على كتفه بحرج واضح:
-علي
امسك يداها الاثنان بيد واحدة وهو يقترب من شفتاها بحركة خاطفة متمتمًا بصوت خشن من فرط عاطفته:
-تبًا لعلي واليوم الذي وُلد به.
والتهم باقي حروفها المعترضة ليُسكت اعتراضها بطريقته، شفتاه تتناغم تلقائيًا مع رنين شفتاه بينما هي كالمسحورة لم تستطع سوى ان تستكين بين يداه، مرت دقائق وهو لا يريد ترك شفتاها وشهدها إلى أن دفعته أسيل هامسة من وسط لهاثها:
-يكفي علي ستفضحنا
اومأ عدة مرات مؤكدًا وهو يمسك يدها ويعتدل في وقفته:
-نعم معكِ حق يجب أن نذهب لغرقة الحديقة ونُشهدها على ملحمة عشق من نوع آخر...
قال اخر كلمـ.ـا.ته وهو يغمزها بطرف عيناه بمكر لتغزو الحمرة وجهها الصغير، فعضت على شفتاها بتلقائية ثم تابعت:
-أنت قليل الادب وبلا حياء ايضًا
تلاعب بحاجبيه وهو يردد بعبث بينما يقترب منها ببطء وكأنه على وشك تذوق شفتاها مرة اخرى:
-اعلم حبيبتي ولكن الشوق يحرقني وانتِ لا تشعرين...
وبحركة مفاجئة كانت تضغط على الزر ليعمل المصعد مرة اخرى فابتسمت بانتصار طفولي...
ليبادلها هو الابتسامة ولكنها غامضة تناسب الافكار التي تتأرجح بعقله وقد وجد انسب حل ليمنع عاصي من محاولة طـ.ـلا.قه هو واسيل...
↚بدأت أطياف تفتح عيناها ببطء وهي تحك رأسها بتلقائية متألمة من الصداع الذي يكاد يفتك بها، بمجرد أن تفرق جفناها اخترق عيناها الضوء فعقدت حاجباها وهي تنهض ببطء، ولكن بمجرد أن نهضت شهقت بعنف وهي تدرك أن الذي بجوارها ليس ظافر بل رجل آخر تراه لأول مره...!
ارتجف جسدها بخـ.ـو.ف وهي تحاول ان تتذكر الذي حدث فبدأت بعض المقتطفات تأتي بذاكرتها كنوع من اشفاق القدر عليها...
فلاش باك##
مال بها ظافر نحو الفراش وهو فوقها يقبلها نعم ولكنه يشعر أنه سيتقيء وهو يقبلها ولكن للضرورة احكام...!
نهض عنها بسرعة وهو يغمغم بصوت ماكر خبيث بدا لها عبث متوقع فقط:
-انتظري لا اريد أن تنتهي تلك الليلة بهذه السرعة
ابتسمت أطياف باتساع وهي تومئ مؤكدة:
-وانا ايضًا
غمزها ظافر بمكر ثم سار متجهًا نحو المطبخ وهو يردد لها بحزم:
-انتظريني هنا سأتي لكِ بمشروب سينال اعجابك.
اومأت موافقة بلهفة وبالفعل بدأ ظافر يسكب بعض من الخمر ولكنه وضع به منوم وابتسامة شيطانية تحتل ثغره، انتهى ثم سار عائدًا لها...
اقترب وهو يمد يده لها قائلاً بخشونة:
-تفضلي على شرف عودتنا لبعض
ومن حسن حظ ظافر أن تلك البلهاء لم تشك به ولو للحظة...!
بل شربته كله بحماس والرغبة والانتصار المعتوه يظللا عيناها فلم تعد ترى الواقع...!
اقترب منها ظافر مرة اخرى يعطيها شعور أنه سيقترب منها ولكن ما هي الا دقائق معدودة وبدأت اطياف تغفو في نوم عميق ليخلع عنها ظافر كل ملابسها ويضعها في الفراش ويغطيها بأحكام ثم امسك هاتفه يتصل بأحدهم وهو يهتف بهدوء:
-هيا اصعد بسرعة
وبالفعل صعد ذلك الرجل الذي أجره ظافر ليحتل مكان ظافر ويغادر ظافر وعمار بسرعة ليكمل مخططه...!
باك###.
هبت اطياف منتصبة لتغادر الفراش بسرعة ولكن خاب ظنها عنـ.ـد.ما فُتح الباب فجأة على مصرعيه وتدلف الشرطة وخلفهم ظافر الذي شهق بصدmة مصطنعة وهو يصيح كأي رجل شرقي:
-ايتها الخائنة ال ماذا فعلتي يا حقيرة
اتسعت حدقتاها بفزع وهي تقول بسرعة:
-ظافر لقد كنا آآ...
هز رأسه وهو يقترب من الرجل الاخر وكأنه على وشك قــ,تــله:
-نعم كنا متفقان أن اتي لأخذك للمنزل الذي كنت انوي الاقامة فيه معك ومع طفلي.
ثم بدأ يضـ.ـر.ب الرجل ليمسكه الشرطي بسرعة وهو يردف بجدية:
-اهدئ سيد ظافر نحن ادرى بالتعامل معهم
ثم اشار لباقي العساكر نحو اطياف التي كانت تلف جسدها بغطاء الفراش:
-خذوها
وهنا ظلت اطياف تصيح بجنون
لم افعل شيء لم افعل...
حينها اقترب ظافر من الضابط ليخبره بنبرة رسمية:
-لا اريد اي فضائح يا حضرة الضابط انت تعلم هذه قضية زنا.
اومأ مؤكدًا له وسار بسرعة ومعه ذلك الرجل ليُكتم صوت اطياف بالفعل وتغادر الشرطة بهدوء كما اتوا فجلس ظافر يتنهد بعمق وهو يشعر بالثقل خف عن كاحله، فلم يكن هناك حل آخر ليتخلص من تلك الكارثة نهائيًا ويضمن أن حضانة عمار ستكون له...!
بعد فترة من الشرود انتبه على صوت الباب يُطرق فنهض بهدوء ليفتح فتفاجئ ب ريم التي كانت غريبة فسألها مستنكرًا:
-ريم! ماذا تفعلين هنا ومابكِ؟
حاولت استجماع شجاعتها وهي تخبره:.
-انا اتيت لأخبرك انني رفعت قضية خُلع يا ظافر لأنني أحببتُ شخص وسأتزوجه!..
واخيرًا بدأت حور تستعيد وعيها رويدًا رويدًا لتجد عاصي يجلس جوارها كما هو منذ أن دخل منتظرًا استيقاظها، ولكن تلقائيًا أشاحت بوجهها عنه وهي تنهض ببطء متأوهة ثم قالت:
-ماذا تفعل جواري
لم ينطق سوى بكلمة واحدة هادئة:
-انتظر زوجتي ان تستعيد وعيها
حينها صرخت فيه بانفعال حاد:
-لم اعد زوجتك لا تنسى انك طلقتني
تنهد عاصي تنهيدة عميقة تحمل في طياتها الكثير والكثير، ثم حاول امساك وجهها وهو يرد بحنان:.
-أعدتك لعمصتي حور، أنتِ ستظلين زوجتي لحين مـ.ـو.ت احدنا!
ولكنها نفضت يداه عنها بسرعة لتشهق متذكرة وهي تسأله بنبرة متوجسة:
-هل حدث لطفلي شيء؟!
اغمض عاصي عيناه عند ذكر تلك السيرة التي تُهلك روحه، لتزمجر حور بجنون:
-لا تصمت هكذا اجبني هل حدث لطفلي شيء؟!
ثم بدأت تهز رأسها نافية ليمسك عاصي يداها وهو يستطرد بنبرة تفوح ألمًا يعاوده وكأن شقيقه قُتل للتو:
-حور أنتِ مؤمنة بقضاء الله وآآ...
ولكنها قاطعته عنـ.ـد.ما نفضت يداه عنها باشمئزاز وبدأت تصيح بنبرة عالية لو كانت صاحت بها منذ فترة لكان صفعها بلا تردد ولكنه لأول مرة لا يفعل بل يتمنى أن تصرخ وتصرخ لتطرد أشباح الألم من داخلها...!
إلى أن هدأ صياحها فبدأت تبكي بصوت منخفض حينها جذبها عاصي لأحضانه رغم ارادتها لتتلوى روحه ألما عنـ.ـد.ما سمعها تهمس بحروف متقطعة:.
-أردت ذلك الطفل عاصي، اردته ولم ارد سواه واعتقدت أنه الشيء الجيد الوحيد الذي خرجت به من ذلك الزواج ولا انكر احببته لأنه منك أنت...
حينها بدأ عاصي يُقبل رقبتها بعمق وهو يضمها له اكثر متمتمًا بصوت خشن يضخ حنانًا وعشقًا دفينًا:
-اعدك حور أنني سأملأ تلك الدنيا أطفالاً منكِ أنتِ فقط حتى تصرخين أنكِ اكتفيتي ومع ذلك لن أكتفي وسأجعلك حامل مرة اخرى واخرى واخرى.
بدأت حور تبكي بأحضانه رغم أن وعده ذاك لو كان بوقت اخر لكان جعلها تلحق في السماء...
ظلا هكذا حتى ابتعدت عنه حور وهي تدفعه مرددة بصوت مبحوح:
-أين اخي، اريد علي
هز رأسه نافيًا بحزم وهو يشير نحو الباب المغلق:
-انظري اغلقت الباب بالمفتاح، لن يساعدك اي شخص غيري، حتى ملابسك انا مَن سيساعدك لتبدلينها!
تأففت حور بضجر:
-عاصي ارجوك اغرب عن وجههي.
هز رأسه نافيًا ببرود فلم تستطع سوى ان تخضع له بيأس فلم يعد لديها طاقة ابدا لتلك المناورة...
وكلما لامست يداه جسدها وهو يساعدها حاولت اسكات تلك القشعريرة البـ.ـاردة التي تُصيبها، وفجأة وجدته يحتضنها من الخلف ويدفن وجهه عند رقبتها لتصفعها انفاسه وهو يقول بصوت رجولي خشن:
-اقسم لك بالله أنني لم اشعر انني اعشق ذلك الطفل الا الان...!
تنهدت حور ولم تجيب بل قررت تجاهله واسكات تلك المشاعر الصاخبة داخلها، لحين اشعار اخر...!
بعد ساعات...
كان نفس الشخص القـ.ـا.تل ينظر على الباب الذي أغلقه شقيقه للتو ثم نهض بسرعة ليدفع الشرفة بذكاء ثم بدأ يتسلق ليهبط منها وبمجرد أن هبط بدأ يركض بسرعة نحو الشارع الرئيسي ومن استقل سيارة اجرة وهو يخبره بعنوان منزل عاصي الشهاوي بلهفة...
هو لا يدرك انه في خطا الجحيم بالنسبة لمسار حياته وخطا اخرى ستصك صفحة جديدة في مسار حياة اخرى...!
وصل فهبط من السيارة بسرعة وهو يعطي السائق الاموال التي اخذها من شقيقه بصعوبة ليدلف للبوابة فقابله الحارس يسأله بحذر:
-من انت وماذا تريد؟
رد بجدية حادة:
-اريد السيد عاصي بامر هام جدًا
نظر له الحارس بشك ثم اومأ له وهو يسير للداخل بهدوء:
-انتظرني هنا سأبلغه
اومأ موافقا ليسير الحارس بسرعة وبالفعل خلال دقائق كان عاصي يتقدm منه بشموخه وحديته المعتادة فبدأ هو يشعر بالتـ.ـو.تر يغزو كيانه كله و...
وقف عاصي أمام ذلك الرجل يطالعه بتفحص، بينما الآخر شعر أن الحروف فرت هاربة من بين شفتاه، والجرأة التي دفعته نحو منزل عاصي أصبحت مجرد رياح ضـ.ـر.بته بعنف ثم فرت هاربة أدراج الرياح...!
ولكنه حاول فك عقدة لسانه وهو يقول بنبرة يلوح منها التـ.ـو.تر:
-أنا آآ، أنا أكون، أكون آآ مُ...
ولكن من دون مقدmـ.ـا.ت كان شقيقه يقتحم المكان ويسحب شقيقه من ذراعه بسرعة وهو يغمغم بصوت حاول سرقة بذور التـ.ـو.تر منه:.
-نعتذر سيد عاصي شقيقي مريـ.ـض ولا يدري ماذا يفعل!
عقد عاصي ما بين حاجبيه بعدm استيعاب ثم اردف بتلقائية مستنكرًا:
-مريـ.ـض! ولكنه لم يبدو لي كذلك ابدًا
اومأ الرجل مؤكدًا ثم اخبره باختصار:
-نعم لانه مريـ.ـض بالانفصام في الشخصية، وعنـ.ـد.ما يعود لشخصيته الطبيعية سيتعجب من مجيئه لهنا
ثم سحب شقيقه وهو يتجه للخارج بينما الآخر يردد بحنق واضح وكأنه انتشله من جنة الخلد:
-اتركني ماذا فعلت اتركني يا قاسم اتركني.
-تمهل ايها السيد ما بك؟!
قالها عاصي مذهولاً ولكن ذاك الرجل تجاهله وهو يغادر بخطى سريعة اشبه بالركض مع شقيقه...
واستمر صياح الاخر ولكن ذلك المدعو بقاسم لم يكن يهتم لأيًا مما يردده، كل ما كان يشغل تفكيره أن شقيقه كان علي وشك الانتحار الروحي إن لم يكن الجسدي...!
وبالفعل غادروا ليعقد عاصي ما بين حاجبيه، يشعر أن هناك شيء مُريب بالأنر ولكنه لا يستطع الوصول لرأس الخيط...!
وعنـ.ـد.ما خرجوا من بوابة المنزل نظر عاصي للحارس بسرعة ثم قال بنبرة آمرة:
-اذهب خلفهم بسرعة اريد أن اعلم أين يسكنون
اونأ موافقا بسرعة:
-امرك سيد عاصي
وبالفعل ركض خلفهم بسرعة بينما عاصي زفر بعمق وهو يمسح على شعره البني الناعم، كاد أن يدلف ولكن فجأة وجد علي الذي كان يبحث عن فندق متوسط ليقيم به يدلف من البوابة فتجهمت ملامحه وهو يقترب منه متساءلاً بخشونة:
-ماذا تريد؟
أجاب علي ببرود:.
-أتيت لأرى شقيقتي و زوجتي إن لم يكن لدى حضرتك مانع؟!
كور عاصي قبضتاه معًا، يشعر بالغليان الذي كان فتيله رؤية علي الجبوري امام عيناه، ورغبة عنيفة بالقــ,تــل تتولد داخله!..
اقترب منه عاصي ليمسكه من تلابيب قميصه وهو يستطرد بحدة مُخيفة قاسية كمخالب الشيطان:
-لا تحاول استفزازي لانني ابحث عن سبب حتى ابرر قــ,تــلي لك، قسمًا بالله أني امنع نفسي بصعوبة شـ.ـديدة عن قــ,تــلك.
وفجأة غامت عيناه بأفكاره التي تنضح من عقله فجذب علي من ذراعه بعنف وهو يقول بخشونة:
-كن رجلاً وتعالى معي
وبالفعل سار علي معه دون أي محاولة للفرار بل كان بـ.ـاردًا صلبًا وهو يسير معه بينما الاخر جمرة من النيران...!
دلف معه علي الى غرفة صغيرة مُغلقة، وما إن دلفا حتى عاجله عاصي بلكمة عنيفة جعلت علي يرتد للخلف بقوة من المفاجأة ليظل عاصي يضـ.ـر.به بحركات عشوائية تعبر عن غله الذي يحتجزه بحاجز من الثبات، فظل يزمجر بجنون وكأنه انفجر:
-لن استطع التعامل بشكل طبيعي مع شقيقتك ما دmت لم انتقم منك شخصيًا، لذلك تحمل إن كنت رجل لأستطع انا التحمل وأنسى كل ما جرى.
وبالفعل علي لم ينطق بحرف ولم يحاول الدفاع عن نفسه حتى بل كان يتلقى ضـ.ـر.باته بصدر رحب، وفجأة اشار لعاصي بيداه وهو يلهث بألم:
-انتظر انتظر...
ضيق عاصي عيناه بتنمر وهو يسأله:
-ماذا تريد؟
فسأله علي بنبرة مستفزة مبتسمًا:
-هل ستترك أسيل معي إن ضـ.ـر.بتني ام هذا فوق الحساب؟!
ازداد جنون عاصي الذي ازدادت ضـ.ـر.باته عنفًا وهو يهدر فيه بعنف مستنكر:.
-هل قالوا لك أننا نلعب؟ يا الهي أنت تثير غريزة العنف داخلي بشكل لا يُطاق، كيف تحبك هذه البلهاء!
وبالرغم من الألم الذي حط بجسد علي الذي ارتمى ارضًا من كثرة ضـ.ـر.بات عاصي، إلا أن ابتسامة صغيرة شقت طريقها لثغره عند ذكر سيرة معشوقته...!
لتظل هي نقطة لنوره في بحر الظلمة...
استمر عاصي بضـ.ـر.به في اماكن متفرقة في جسده، وكأنه مع كل ضـ.ـر.بة يقــ,تــل خلية من خلايا كرهه لحور وعائلتها عدا هذا اللعين الذي مازال يكن له الكره...!
كاد علي أن يفقد وعيه فعليًا مع ذلك لم ينطق بحرف ولم يخبره أن يتركه حتى، إلى أن دلفت أسيل متعحبة من تلك الاصوات:
-عاصي ماذا ه...
ولكن فجأة صمتت وهي تشهق بعنف عنـ.ـد.ما اخترقت صورة علي الدامي الساقط ارضًا مخيلتها لتركض تجاهه وهي تصرخ باسمه بفزع حقيقي لا يحتل الا جوانب عاشقة:
-علي، علي...
حينها همس علي بصوت يكاد يسمع:
-أسيل...
قال أسمها ثم غاب عن الوعي تمامًا، بدأت أسيل تمسح دmاءه بملابسها بلهفة بينما تصرخ بعاصي الذي كان يشاهد بصمت:
-ماذا فعلت لقد كدت أن تقــ,تــله عاصي؟!
مط عاصي شفتاه بلامبالاة:.
-يستحق ولو لم تأتي لكنت تركته بنفس الحالة التي ترك شقيقي بها!
تركته أسيل وركضت تجلب بعض العطر والاسعافات الاولية بينما تنهد عاصي ببعض الارتياح وهو يتمتم لنفسه:
-الان لأذهب واطمئن على زوجتي...
وبالفعل غادر بكل هدوء وكأنه لم يفعل أي شيء...!
↚بعد قليل عادت أسيل راكضة وهي تهبط لمستواه لتضع بعض من العطر عند أنفه ثم حملت رأسه لتضعها بين أحضانها وهي تردد بلا توقف بصوت مبحوح:
-علي، علي ارجوك هيا لا تفزعني اكثر من ذلك، هيا حبيبي انت قوي لن يحدث لك شيء!
وبالفعل بدأ علي يفتح عيناه رويدًا رويدًا وهو يتنفس بصوت مسموع، وبمجرد أن استعاد وعيه بدأت أسيل تبكي بصوت مسموع وهي تحتضنه بلهفة:
-كدتُ أمـ.ـو.ت رعـ.ـبًا سامحك الله.
سألها علي بصوت مشاكس وهو يتأوه من الألم:
-ماذا كنتوا تطعموه في صغره أسيل؟ لقد جعلني كالكرة المُبسطة...!
ضـ.ـر.بته أسيل على كتفه وهي تضحك من وسط دmـ.ـو.عها ليصيح هو بألم وهو يقول بمرح:
-بدأتُ أصدق أنني اثير غريزة العنف!
ضحكت أسيل بنعومة ثم بدأت أسيل تخرج الاسعافات الاولية ثم عادت لتفتح ازرار قميصه بتركيز لتسمع صوته الماكر وهو يتابع:
-ولكن أتعلمين، يجب أن اشكره لم يجعلني اراكِ فقط بل...
ولكن قبل ان يكمل كانت أسيل تحذره بجدية مصطنعة:
-علي..
عض علي شفتاه السفلية وتشـ.ـدق بعبث متحسرًا:
-الود ودي أنهض لأقول اللعنة على علي واليوم الذي وُلد به واخذ القبلة لك ولكن شقيقك كـ.ـسر لي ضلعان ليضمن أنني لن اتحرك من الان لعشرون يومًا
توردت وجنتا أسيل تلقائيًا وصدحت ضحكاتها الانثوية الناعمة، ثم أمرته من بين ضحكاتها:
-حسنًا هيا حاول أن تجلس لأستطع مداواة تلك الجروح.
وبالفعل بدأ علي يحاول الجلوس وهو يتأوه مغمضًا عيناه، إلى أن جلس بالفعل فتنهد بـ.ـارتياح وكأنه قد فعل شيء عظيم، اقتربت منه أسيل تنوي تنظيف جـ.ـر.حه ولكنه أشار لها بيداه بهدوء:
-انتظري دقيقة دقيقة...
عقدت ما بين حاجباها وهي تحدق به متساءلة:
-ماذا حدث؟
وبحركة مباغتة كان يجذب رأسها له ليستطع إلتقاط شفتاها، يروي ظمأه الذي يزداد يومًا عن يوم حتى تأكد أنه لن يرتوي من شفتاها ابدا بل سيشتعل شوقه اكثر، وهي كالعادة كانت مستسلمة تشعر بفراشات تدغدغ معدتها لتتشبث بقميصه الدامي تلقائيًا، لم يبتعد إلا عنـ.ـد.ما شعر بحاجتها للهواء فقال بمكر مرح من وسط لهاثه العالي:
-أيرضيكِ أن افوت علي تلك بدون قبلة تُذكر؟ الناس ستأكل وجههي...!
عضت أسيل شفتاها بحرج مبتسمة ابتسامة واسعة كادت تتحول لضحكات خافتة على مرح علي الذي بالرغم من أنها تعلم انه يداري ألمه بذلك المرح إلا انها تشعر ان هناك جزء مرتاح نوعًا ما داخله...!
بمجرد ان اخترقت جملتها أذن ظافر شعرت بالنـ.ـد.م يتآكل اطرافها ولكن لم يعد له مكان من ساحة الموقف حيث جذبها ظافر من ملابسها من الخلف كالمخبرين وهو يصيح فيها بذهول:
-ماذا؟ ماذا قلتي عيديها؟!
هزت ريم رأسها نافية بخـ.ـو.ف:
-لا ابدًا، لم أقل شيء
ثم سألته بنبرة طفولية وكأنها مدهوشة:
-هل قلت أنت؟
لم يعلم ظافر أيضحك ام يبكي على تلك الطفلة التي تثير جنونه لقــ,تــلها ثم تعود وتخمده بطفوليتها التي تعطي المساحة لمنابت عشقه لتتربع على قلبه...
ولكنه رسم الحدة والخشونة على ملامحه الرجولية وهو يمسك ذراعها ضاغطًا عليه بقوة وهو يسألها:
-ريييييم، ماذا حدث وقضية ماذا؟
بللت شفتاها والتـ.ـو.تر يزحف لكافة جوارحها ببطء ثم خرج صوتها مبحوحًا يتحجزه القلق:.
-كنت اكذب اقسم لك، قضية ماذا وهل يتركني زوج أمي افعلها من الاساس؟
بالرغم من أن كلامها هدأه نوعًا ما ولكنه جذبها بعنف من ذراعها لتصطدm بصدره العريض ثم زمجر فيها بغـ.ـيظ:
-وهل كنتي ستفعلينها لو تركك؟!
ازدادت ضغطته على ذراعها فتأوهت بصوت مسموع بينما هو الغيرة تنهشه كأعنف الوحوش ليعيد سؤالها بحدة عالية:
-ومن هذا الذي تحبينه؟
مطت شفتاها للأمام بطريقة كوميدية وهي تقول:
-حب ماذا يا رجل!؟ وهل ينظر لي قرد حتى...
جذبها ببطء وهو يسير نحو الاريكة مرددًا بصوت ماكر لم تغادره الغيرة المشتعلة:
-كاذبة يا صغيرتي وسأضطر لمعـ.ـا.قبتك!
اتسعت عيناها بفزع وهي تسأله:
-أي عقـ.ـا.ب هذا؟
جذبها بقوة ليضعها على قدmاه ثم امسك بعصا صغيرة يعـ.ـا.قب بها عمار عنـ.ـد.ما يُخطئ، ليرفع حاجبه تزامنًا مع حروفه وهو يستطرد بخشونة:
-هيا افتحي يداكِ
صرخت به مستنكرة بشـ.ـدة:
-هل تراني طفلة يا ظافر لتعـ.ـا.قبني بتلك الطريقة
اومأ مؤكدًا ببساطة:.
-واكثر من طفلة، الاطفال اكثر ذكاءًا منكِ
ثم نظر لها بحدة مُخيفة جلعت كيانها يرتجف لتستسلم وتفتح له يداها فبدأ هو يضـ.ـر.بها ولكن ببعض اللين وفي نفس الوقت ضـ.ـر.بات جعلتها تتأوه بألم...
إلى أن انتهى فرمى تلك العصا بينما هي تكاد تبكي كالاطفال تمامًا، لتزم شفتاها مغمغمة بحنق:
-لن اسامحك طيلة حياتي وسأردها لك ذات يوم أيها اللعين
قال هو بابتسامة واسعة وكأنه لم يسمع شيء:
-أطياف خرجت من حياتنا نهائيًا.
إتسعت عيناها بعدm تصديق لتهمس تلقائيًا:
-انت تكذب عليّ كالعادة
هز رأسه نافيًا ببساطة لينهض وهو يسحبها خلفه متجهًا بها لقسم الشرطة:
-لا، تعالي وسأريكِ أنني لستُ كاذب...!
ومن يصدق أن تلك الطفلة التي كادت تبكي منذ قليل الان تكاد تقفز فرحًا وهي تسير معه كاالبلهاء متنساية كل ما خططت له...
مساءًا...
غادر عاصي منذ الصباح لعمله وحتى الان لم يعد ينهي اعماله التي تراكمت عليه، وحور كانت حبيسة غرفتها ترفض الخروج من الغرفة منذ أن عادت من المستشفى وعلي لم يرد الصعود لها حتى لا يفزعها بمظهره المقلق واكتفى ب أن طمأنته أسيل عليها...!
هي حتى لم تتناول الطعام معهم، بالرغم من محاولات حمـ.ـا.تها التي اظهرت لها بوضوح مدى تضحيتها لتخرج الحروف من فاهها وتلح على حور لتتناول الغداء معهم...!
ولكن ازداد الجوع عن حده فنهضت بهدوء تخرج من الغرفة وهي تقنع نفسها أن الجميع يغط في نوم عميق الان وعاصي لن يأتي الان...
دلفت للمطبخ وبدأت تبحث عن طعام وبالفعل جلست لتتناوله بشراهة، وفجأة وجدت من يحتضنها من الخلف هامسًا بصوت رجولي جذاب:
-لماذا تفعلين بنفسك هكذا إن كنتي جائعة بهذا القدر؟!
كادت حور أن تسعل من الصدmة، أنفاسه الساخنة تداعب رقبتها وجسدها اللعين ارتعش تلقائيًا من لمسته وكأنه يستشف شوق الاخر الحار له، ولكنها حاولت تجاهل شعورها فتركت الطعام وهي تنهض متمتمة بصوت مكتوم:
-الحمدلله...
أزاحته بعيدًا عنها دون أن توجه كلمة واحدة له، أشعرته أنه منبوذ، أن عشقها هو من كان يُحيي حياته البائسة ولكنها الان تحرمه منها...!
جذبها من يدها بسرعة قبل ان تغادر ليهتف بلهفة:.
-انا لم اقل ذلك حتى تنهي طعامك حور...
لم تنظر له وهي تتابع بحدة:
-اترك يدي
زفر بعنف وهو يترك يدها بالفعل لتغادر بسرعة نحو غرفتها، نظر هو في أثرها وداخله شيء يردد مغموسًا باليقين
لن تنال غفرانها بسهولة
ركض مسرعًا خلفها ليتأكد شكه وهو يراها كادت أن تغلق باب الغرفة بالمفتاح ليدفع الباب ويدلف رغم ارادتها، كاد ينطق ولكنها تجاهلته وهي تتوجه للفراش لترفع الغطاء ثم تسطحت ودثرت نفسها أسفله وكادت تنام...!
ليسرع هو الاخر يتمدد جوارها ولكنه ابتسم بمكر وهو يغلق الانوار جميعها وهو يعلم انها تخشى الظلام جدًا، ولكنها كانت الوسيلة الوحيدة ليقطع ذلك الصمت بينهما، وبالفعل تشبثت به حور بسرعة وهي تردد بصوت مرتعد:
-لماذا اغلقت الانوار انت تعلم انني اخاف من الظلام
ردد ببرود مستمتعًا بيداها التي تمسك بقميصه واقترابها:
-وانتِ تعلمين أنني لا احب النوم على الانوار
حينها صاحت به بانفعال:.
-انا تزوجتك منذ ثلاث اشهر وكنت تنام على الانوار وفجأة اكتشفت انك لا تحبها
-نعم
اجاب ببرود لتقترب منه اكثر حتى اصبحت ملتصقة به تمامًا تتوسله بصوت منخفض:
-عاصي ارجوك انا خائفة.
بينما عاصي شعر بمشاعر شتى وهي بين أحضانه، رائحتها تخدره وقربها يهلكه حرفيًا ويهيج تلك العاطفة الموقدة دائمًا داخله، ازداد من احتضانه لها يشعر بجسدها المرتعد ويلف يداه حول خصرها، لتداعب انفاسه وجهها حتى ادركت انه قريب جدًا منها يكاد ينال شفتاها التي يشتاق لها ثم همهم:
-هكذا لن تشعرين بالخـ.ـو.ف
حاولت ابعاده بسرعة وهي تردف:
-عاصي، انت تعلم انه ممنوع ما تفكر به بالاضافة انني لن اسمح لك أن تلمسني مجددًا.
داعب أنفها بانفه وهو يتابع مشاكسًا:
-وكيف سأنفذ وعدي واملأ تلك الدنيا باطفال منكِ إن لم تسمحي لي...؟!
عَلت انفاسها وكلمـ.ـا.ته تنال تأثيرها عليها ولكنه دفعته بعيدًا لتنام على طرف الفراش تحاول طمأنة نفسها واسكات ذلك الخـ.ـو.ف...
وبالفعل رغمًا عنها من الارهاق غفت في النوم ليقترب هو ببطء حتى احتضنها من الخلف ينعم بدفء احضانها ليغمض عيناه هو الاخر ويغوص في نوم عميق...
صباحًا في اليوم التالي...
بدأت حور تفتح عيناها ببطء وهي تتحسس الفراش جوارها بتلقائية لتجده فارغ!
نهضت بهدوء متنهدة لترتدي اسدالها كالعادة وهي تخرج من غرفتها متجهة للاسفل...
بدأت تهبط السلم ببطء هادئ ولكن فجاة توقفت على صوت حمـ.ـا.تها وهي تحدث عاصي وتسأله وسط حديثها:
-ماذا بشأن ريهام؟ هل أحببت حور يا عاصي؟
صمت عاصي وطال صمته، يعلم أن اجابته بالتأكيد ربما تصبح كالسكين ينغرز بقلب والدته المسكينة حين تجد أن اخر اولادها يعشقون اعدائهم، فاجاب بصوت اجش:
-لا يا امي، ولن أحبها يومًا بحياتي!
فيبدو أن الحظ أختار أن يصبح السكين البـ.ـارد من نصيب حور لينغرز بمنتصف قلبها بقسوة من اجابته!..
↚مرت دقيقة تقريبًا وهي متجمدة مكانها، جبل من جليد يعيق سير دقاتها الممسوسة باهتزاز روحها من الأساس...!
بدأت قدmاها تعود للخلف بتلقائية، الدmـ.ـو.ع متحجرة في عيناها ولكنها ترفض الخضوع لسطوة الانهيار..
وبالفعل وصلت لغرفتها وهنا سمحت لكل شيء يثور داخلها، يهيج ويضـ.ـر.ب جدار روحها بعنف أن ينفجر...
بينما في الاسفل...
نظر عاصي متعنًا في والدته وهو يسألها:
-ماذا إن احببتها يا أمي؟
همست بتلقائية مغموسة بالألم:.
-سأمـ.ـو.ت وانا حية يا عاصي
اسفًا، تلقى ردًا لم يكن يتمناه ابدًا، رغم أنه يعلمه ولكنه كان يحاول حجبه عن طريقه، ولكن بنطق والدته بها أصبحت كالجدار في طريق ذلك العشق الدفين!..
ولكن رغم ذلك سألها:
-لمَ يا امي؟ ألا تودين أن يعيش أبنك حياة سعيدة مع مَن يحبها
حينها أغمضت عيناها باستكانة غريبة، وكأنها تسبح وسط احزانها وهي تجيب:.
-وهل يجوز ألا أتمنى يا ولدي؟! أود ذلك ربما اكثر منك، ولكني ايضًا لا أستطع أن أراها يوميًا باقي عمري، لا استطع أن اتعامل معها كأبـ.ـنتي، لا استطع أن احب أطفالك منها، لا أستطع أن احبها يا عاصي!
ثم رفعت عيناها الدامعة له وهي تستطرد بنبرة متحشرجة:
-سامحني بني، ليس بيدي اقسم لك، أنا ام، ام حُرمت من طفلان لها وليس واحد حتى!
احتضن كفاها معًا بين كفاه وهو يقبلهما بحنانه الفطري متمتمًا:
-اعلم، اعلم يا امي، اعلم!
رفعت رأسه بيداها برفق وهي تخبره بنبرة صادقة مُذبذبة:
-هل تظن أنني تقبلتها لأني لم اعد أوجه لها اهانة؟! ولكني حسبانًا لانقاذها لي ولما مرت به فقط احاول تجنبها، رغم أنني في احيان اخرى اود قــ,تــلها ليشعروا كما شعرت انا بفقدان ولداي
تنهد عاصي بعمق، تنهيدة تصدر عن أعماق أعماق تلك الضجة التي تهتاج اكثر داخله شيءً فشيء...!
ليسألها فجأةً بصوت هادئ خشن:
-وأسيل؟ هل ستتقبلين عشقها ل علي؟
عضت على شفتاها بأسى وهي تخبره:
-وهذا ما يشعرني أنني بين نارين عاصي، احيانًا أشعر بالذهول من حبها ذاك، كيف لها أن تحب قـ.ـا.تل شقيقها؟! ثم اعود لأخبر نفسي أن قلبها نجح في هزيمة عقلها
شـ.ـدد عاصي على يداها وهو يخبرها:
-غير أنها امرأة، ليست مثلي وليست ام فقدت اولادها مثلك، وعلي، علي اكمل النواقص التي كانت كالثغور في روحها!
اومأت والدته وهي تهز رأسها بقلة حيلة مرددة بصوت شارد:.
-لذا لا أريد أن أكـ.ـسر قلبها ذاك يا عاصي، أسيل كُسرت مرة مع ثامر ولن تتحمل الثانية
ثم ضـ.ـر.بت على صدره عدة مرات وقالت بزهو:
-ولكنك أسد، أسد يحمل قلبًا كالجبل يا عاصي لا يمكنه أن يُكـ.ـسر!
كز على أسنانه بصمت ولم يعلق، بدأ يشعر أن ذلك الجبل يهتز وسينهار قريبًا، قريبًا جدًا!
وفجأة سمعوا صياح يأتي من غرفة حور وصوت تهشيم اشياء فركض عاصي للأعلى مسرعًا ووالدته نهضت تركض خلفه بتلقائية...
اخرج مفتاحه وفتح باب الغرفة بلهفة ليجد ما توقعه، حور تدmر كل شيء أمامها، حتى المرآة حطمتها، ركض نحوها بسرعة وهو يحاول الإمساك بها صارخًا بذهول مرتعد:
-حور، حور ماذا تفعلين عودي لوعيك
حينها زمجرت به في المقابل وكأن تلك القطة داخلها استعادت وعيها ومخالبها بالفعل:
-عودت لوعيي وعقلي يا عاصي، عدت لدرجة أنني أشمئز من لمستك لذراعي هذه!
ومع اخر حرف لها كانت تنفض ذراعه عنها بعنف، لمحت بطرف عيناها والدته التي كانت تتابع الموقف بصمت لتتجه لها بكل هدوء، وقفت أمامها ثم بدأت تصفق فجأة وهي تضحك بشكل هيستيري مرددة:
-مبـ.ـارك، مبـ.ـارك يا، يا حمـ.ـا.تي! مبـ.ـارك تحقق ما سعيتي له أنتِ وأبنك هذا، أرأيتي؟ ها أنا انهار...
ثم امسكت يداها بعنف تضعها على قلبها وهي تصرخ:
-أرأيتي، أرأيتي قلبي يرتجف من الألم وروحي تتلوى داخله...
ثم تعمقت النظر لعيناها المتحجرة بالدmـ.ـو.ع وأكملت صراخها الذي يحمل لونًا واضحًا من الألم والسخط خلفه:
-عيناي جـ.ـا.مدة تخفي الانهيار خلفها، أحبس دmـ.ـو.عي بصعوبة وأشعر، أشعر، آآ...
ثم تركت يداها فجأة وهي تضحك متابعة:
-لا، انا لم اعد اشعر بشيء!
كانت حمـ.ـا.تها صامتة، تحدق بها بشفقة حقيقية والحـ.ـز.ن يستوطنها بتلقائية على تلك المسكينة...
هزت رأسها وهي تغادر بسرعة دون أن تنطق بحرف، بينما حور هبطت نحو الارض تمسك قطعة زجاج مهشمة من المرآة، كانت تحدق في الفراغ وعيناها تنطق بألف كلمة وكلمة...
وفجأة سمعت صوت عاصي خلفها تمامًا وهو يهتف بصوت خالي من التعابير:
-هذا تمامًا ما شعرت به انا ووالدتي حين قــ,تــلوا اشقائي، مثلك تمامًا الان.
حينها إلتفتت له بعيناها الحمراء، حينها فقط أن جـ.ـر.حها غائر، غائر اكثر مما توقع، شعر أنه يرى قناع جديد، قناع من القسوة يخفي كل بواطن الروح، قناع كان يمتقعه هو دائمًا، قبل ان يعشقها...
فأدرك في نفس اللحظة، أنه بالفعل انتقم!
وفجأة وجدها تشق قميصه بتلقائية ليظهر صدره الاسمر اللامع، امسكت بقطعة الزجاج جيدا ثم بدأت تجـ.ـر.حه بها مكان قلبه تماما، تغرزها عن عمد وهي تسير لتشكل خط عريض من الدmاء!
حينها رفعت عيناها لملامحه المتألمة وهي تخبره هامسة بصوت جـ.ـا.مد:
-هذا بالظبط ما أشعر به حاليًا سيد عاصي، اشعر بشيء ك تلك يصيبني ولكن داخليًا...!
وما إن انتهت حتى رمت تلك القطعة التي تلوثت بالدmاء، دون أن تنظر له ابدًا...
بينما هو جـ.ـر.حه ينزف وهو يضغط عليه مغمضًا عيناه لا يصدر آآه حتى...
توجهت نحو المرحاض ولكن قبل أن تدلف قالت:.
-سأدلف لأستحم، عنـ.ـد.ما اخرج لا اود رؤيتك رجاءًا لأني حينها لن اتمالك نفسي وسأتقيئ بوجهك!
ثم دلفت وهي تصفع الباب خلفها، بينما هو انظاره جـ.ـا.مدة، ولكنها مهزوزة وهو يدرك أسفًا، أنها لم تعد تلك الحورية، وأن الألم جعلها نسخة اخرى من الشيطان!
وصل كلاً من ريم وظافر مقر قسم الشرطة، كان الحماس يقفز من حدقتا ريم وهي تُمني نفسها باللحظة التي سترى فيها أطياف تُعـ.ـا.قب على كل خطاياها...
وبالفعل دلفوا فتقدm ظافر من الضابط وهو يُحيه، جلس ظافر وريم امامه ليبدأ ظافر الحديث بسؤاله الهادئ:
-كنت اود سؤالك كم المدة التي ستتقضاها اطياف؟
تنهد الضابط وهو يخبره بهدوء:.
-من سنة الى ثلاثة، ولكن القضية لم تُغلق بعد، بالاضافة الى كونها تنكر ذلك والفحص الطبي لم يفيدنا لانه مر اكثر من اربعة وعشرون ساعة
هز ظافر رأسه موافقًا:
-حسنًا، اعلم
ثم سأله بجدية:
-هل يمكنني رؤيتها؟
اومأ الضابط مؤكدًا وهو يخبره:
-ولكن لا تتأخر سيد ظافر
اومأ ظافر مؤكدًا وهو يشـ.ـد على يد ريم لينهض وهي معه، دلفا معًا وما إن رأتهم أطياف حتى اهتاجت اكثر وهي تصرخ:.
-ظافر، اخبرهم انني لم افعلها، انا لم افعلها يا ظافر لم افعلها
تنفس ظافر بصوت مسموع وهو يقول ساخرًا:
-وما ادراني؟! الذي جعلك تخونيني اول مرة يجعلك تفعلينها مرة واثنان
ثم ضحك بسخرية وأردف:
-المرة الماضية لم استطع اثبات أي شيء ضدك، ولكن هذه المرة لن اتنازل حتى اراكِ تقضين فترة جيدة بين تلك القضبان...
حينها بدأت تهز رأسها نافية وهي تتوسله:.
-اتوسل إليك لا تفعل، إن بقيت هنا يوم آخر سأجن، اتوسل اليك ارحمني وسأغادر تلك البلاد وأترك عمار لك ولن تراني مرة اخرى اقسم لك
شعرت ريم بالشفقة عليها رغم كل شيء، لتستغل أطياف ذلك وهي تنظر لها بسرعة مغمغمة بشكل هيسيتري:
-ريم، ارجوكِ اقنعيه يا ريم، اخبريه انتِ، لن اعود ولكن لا اريد أن اظل بذلك السـ.ـجـ.ـن ريم!
نظرت ريم للجهة الاخرى وهي تهمس لظافر:
-هيا ظافر اريد أن اغادر.
اومأ ظافر مؤكدًا وهو يسحبها معه ليغادرا بالفعل...
طوال الطريق ولم ينطق كلاهما بحرف، ولكن ريم نظرت له متساءلة بصوت شارد:
-لمَ احضرتني لأراها بذلك الوضع ظافر؟
فلم يتردد وهو يجيبها بوضوح قاسي:
-لأنكِ رأيتيني في وضع اسوء يا ريم، رأيتيني رجل مسكين يعاني مرارة الخسارة التي جعلت رجولتي بالأرض!
حينها لم تنطق بشيء اخر، وعنـ.ـد.ما وصلوا امام منزلها توقف ظافر وهو يخبرها دون ان ينظر لها:.
-سأذهب للشركة هناك بعض الاعمال التي تحتاجني لأعوض الخسارة الشنيعة التي سببها لي ذلك اللعين
اومأت ريم موافقة ثم اقتربت منه بخفة لتطبع قبلة رقيقة على وجنتها هامسة بنعومة:
-انتبه جيدًا لنفسك وعد سريعًا لي
ابتسم ظافر رغم التشتت الذي يفرق ثناياه...
وبالفعل بعد فترة وصل الشركة وصعد لمكتبه مباشرةً ليغرق بين اوراقه يحاول إلهاء نفسه عن التفكير، عن ضميره الذي يخبره أنها ام طفله...!
انتبه لرنين هاتفه فامسكه متأففًا يجيب:
-نعم؟!
اتاه صوت ذاك الحقير وهو يردد ببرود قـ.ـا.تل:
-اعددت مفاجأة لك ظافر...
عقد ظافر ما بين حاجباه وهو يسأله:
-ماذا؟
سمع ضحكات ذلك اللعين وفجأة فُتح الباب واحد الموظفين يصـ.ـر.خ بفزع:
-حريقة، الشركة تحترق من كل الانحاء سيد ظافر!
اتسعت حدقتا ظافر بعدm تصديق تزامنًا مع ضحكات الرجل التي ازدادت بانتشاء مريـ.ـض!..
مساءًا...
دلفت أسيل مع علي لمنزلهم، نظرت له بابتسامة حانية فقد جاؤوا من عند الطبيب الذي أخبرهم أن علي ليس لديه أي كسور، تحسست جانب وجهه بحنان وهي تخبره هامسة:
-انتبه لنفسك جيدًا حبيبي ولا تذهب للعمل تلك الايام، حسنًا؟
اومأ مؤكدًا بابتسامة حانية رجولية تصرخ بالعشق ليُقبل باطن يدها وهو يقول:.
-حسنًا اسولتي ولكن هيا اصعدي ونادي حور لأراها قبل ان يأتي (هتلر) شقيقك ويكمل ما بدأه حينها لن أذهب للعمل بس سأذهب لقبري!
ضحكت اسيل بخفوت ثم اومأت مؤكدة وهي تصعد بالفعل لتنادي حور ولكن اوقفتها والدتها وهي تناديها بهدوء:
-أسيل اود الحديث معك
كادت أسيل تعترض وهي تشير لها:
-حسنًا امي ولكن...
ولكن والدتها أشارت لها أن تأتي بحزم:
-يجب ان اتحدث معكِ أسيل، والان!
اومأت اسيل وهي تسير معها حتى جلسا على الاريكة بهدوء فبدأت والدتها الحديث بجدية حادة:
-يوجد بعض الاشياء التي يجب أن تعلميها إن اردتي أن تكملي حياتك مع ذلك القـ.ـا.تل
قاطعتها أسيل قبل أن تكمل:
-انا حامل يا امي، يجب ان تضعي ذلك في حسبانك!
بينما في الأعلى كانت حور تفرش بعض الافرشة لها لتنام على الارضية، اقسمت داخلها ألا تمس ذلك الفراش مرة اخرى، وألا تشاركه أي شيء!
أقسمت ونـ.ـز.يف روحها يصك ذلك القسم بدmاءه البـ.ـاردة!..
دلف عاصي إلى الغرفة فلم تعطه اهتمام، اقترب منها ليمسك يدها هامسًا:
-حور...
فصرخت فيه بانفعال وهي تدفعه بعيدًا عنها:
-اللعنة عليك وعلى حور، ألم اخبرك ألا تظهر امامي ابدًا؟!
زفر عاصي بصوت مسموع، يحاول احكام قبضته على اعصابه حتى لا تنفجر، وفي الوقت ذاته يعلم أنه سيعاني حتى ينال غفرانها!
اقترب منها ثم تابع بخفوت ولأول مرة يتوسل:
-حور، يجب أن نتحدث، ارجوكِ! انا لم افعل لكِ اي شيء يزيد ثورانك بهذا الشكل
نظرت له بحدة لتنطق من بين أسنانها:
-مجرد رؤيتك اصبحت تزيد ثوراني سيد عاصي
ما إن انهت كلمتها حتى دثرت نفسها بالغطاء جيدًا وهي تعطيه ظهرها وكأنه هواء!
ليجلس هو على الفراش متنهدًا بعمق وهو يسألها مستنكرًا:
-ألا يوجد امل لأنال ذلك الغفران؟
سمع كلمتها التي كانت كسهم قاسي انطلق ليصيب قلبه الذي يتلاطم بين امواج عشقها وقسوتها الغير معهودة اطـ.ـلا.قًا:
-ابدًا...
صباحًا...
استيقظ على صوت رنين هاتفه فعقد حاجباه بانزعاج وهو يلتقطه ليرد بهدوء وصوت خشن:
-من يتحدث؟
جاءه نفس الصوت المتـ.ـو.تر قائلاً:
-سيد عاصي هذا انا، المريـ.ـض النفسي الذي أتاك يومها...
نهض عاصي يعطيه اهتمامه فماج عقله بذكرى حارس منزله وهو يخبره أنه لم يستطع معرفة اي شيء عنهم سوى انهم اخ واخوه فقط وانه بالفعل مريـ.ـض ولكن بالانفصام بالشخصية...
انتبه له وهو يقول بجدية:
-اريد ان اخبرك بشيء لأريح ضميري.
سأله عاصي:
-تفضل ما هو؟
-انا مصاب بالأنفصام بالشخصية، وانا الذي قــ,تــلت شقيقك بعدmا تركه علي الجبوري مصاب ولكنه كان على قيد الحياه فقــ,تــلته انا لأني مريـ.ـض كما اخبرتك ولم اشعر الا بعد ان انتهى كل شيء!
بينما عاصي كان متجمد، مصدوم، مذهول، يشعر أن دلو من الثلج سكب عليه...
↚احيانًا تأتيك الحقائق صافعة اياك، ويصبح الواقع كحلم لم يكن على هواك، وتصبح تلك الصدmة عكس تجاه صداك...!
ظل عاصي يسب ويلعن، يتوعد ويثور بجنون، بينما الاخر صامت تمامًا!
دقائق اخرى مرت وعاصي كالتمثال المنحوت، كسجد سلبته منه الصدmة روحه لتبقيه كأشلاء في عرض بحر الحقائق...!
تذكر كل شيء، اهانته، قسوته، وصفعه لها تلك المرة، كل شيء جعله يكاد يبكي دmًا من النـ.ـد.م...
انتبه حينما أغلق المتحدث الخط وفي نفس اللحظة دلفت حور للغرفة فشعر أن القدر لن يتوانى عن صفعه ليسقط صريع صراعه!..
وكالعادة لم تعطه حور اهتمام بل إلتقطت بعض الملابس المتسخة وحملتها بهدوء ثم كادت تخرج من الغرفة ولكن أوقفها عاصي الذي نهض بسرعة وهو يتجه لها ليمسك معصمها بلهفة قائلاً:
-حور، حور انتظري ارجوكِ
اشتدت اعصابها التي كانت وكأنها موضوعة على مرجل فهمست بصوت حاد دون أن تنظر له:
-اترك ذراعي!
حينها، وفي تلك اللحظة إنفجرت كل مشاعر عاصي، النـ.ـد.م غرق نبرته الأجشة والتوسل كان باطنًا سميكًا لها وهو يقول:
-حور، لقد علمت شيء، علمت أهم شيء!
نظرت له بطرف عيناها متساءلة:
-ماذا؟
ابتلع ريقه بتـ.ـو.تر، شعر في تلك اللحظة أنه يقطع أخر خيط بينهما، ولكن شعور ما أخبره أنه ربما يهدm حاجز من الحواجز التي بُنيت مؤخرًا بينهما، وما بين إنعكاسات المشاعر تلك نطق بصوت هادئ ولكنه مشحون بمشاعر شتى:.
-علي لم يقــ,تــل شقيقي حسين، لقد كان مُصاب عنـ.ـد.ما تركتموه أنتم!
ضحكة ساخرة عالية إنطلقت من بين شفتا حور بتلقائية متألمة، يا الهي، شعور مُحطم، شعور كاسر خاصةً ومرارة الخسارة تستقر ببواطن روحها...!
عادت للخلف خطوتان، تحدق بعيناه اللامعة بوميض راجي، نادm، بينما عيناها هي جـ.ـا.مدة، متخبطة ما بين الذهول و، الجنون!
فنطقت اخيرًا بصوت مبحوح بدا وكأنه يرجوه النفي:.
-هل تعني أن، أن عـ.ـذ.ابي هذا لم يكن بوجه حق؟! لم يكن دين وانا سددته، لم يكن تضحية، لم يكن تسديدًا لأنتقام موحش داخلك!
ثم رمت الملابس ارضًا وراحت تصرخ بهياج هيستيري:
-هل تعني أن كل عـ.ـذ.ابي لم يكن له معنى! كان صفحة تُركت قليلاً فجاءت الحقيقة لتغلقها بكل بساطة!
حينها لم تتحمل فسقطت ارضًا وهي تنفجر في بكاء عنيف، نشيج كان أقوى من قدرتها على التحمل، ربما كانت اسبابها جدار يسندها، ولكن تلك الحقيقة دmرت ذلك الجدار تمامًا!
رفعت رأسها وهي تصرخ وكأنها تناجي ربها باحتراق روحها:
-يا الله...
كانت شهقاتها تزداد بينما هو يتابعها بصمت، لن يكن كاذب إن قال أن روحه تحترق لأحتراقها، أن كل صرخة تخرج منها تنغرز كالأشواك بروحه التي ارتبطت بها دون شعور منه...!
خرج عن صمته ليهبط لمستواها بسرعة وهو يمسك وجهها بين يداه ويردد بصوت ملهوف يتوسلها التصديق:
-لا، لم يكن كذلك صدقيني، تلك التضحية لم تصبح بالارض، لولاكِ ربما لكان شقيقك مقـ.ـتـ.ـو.ل وربما عشت انا بعـ.ـذ.اب نفسي يقــ,تــلني بمرور الوقت، انتِ قدmتي شيء ثمين حور، ثمين جدًا!
دفعته بعيدًا عنها بعنف وهي تزمجر فيه بجنون:
-ابتعد عني، لا تحاول لمسي
ثم أشارت لتلك الملابس وتابعت بازدراء:.
-أنت اقذر من ملابس متسخة لم تُغسل منذ قرن، أنت اسوء شيء حدث بحياتي عاصي، انت ذنب يُكفره الله لي في الدنيا!..
وبالرغم من قساوة كلمـ.ـا.تها التي جعلته كالبحر يبتلع في جوفه الكثير ولكنه سيود الانفجار حتمًا من كثرة ما ابتلع، الا أنه لم ينطق بشيء!
كادت تنهض ولكن عاصي كان الأسرع فجذبها له فجأة بعنف ليحتضنها رغم اعتراضها، كادت عيناه أن تدmع حرفيًا وهو يهمس بصوت مذبذب متو.جـ.ـع:.
-حور، اغفري لي، لن استطع اكمال تلك الحياة بدونك، حور، حور أنا اعشقك!
تصنمت مكانها للحظة وتلك الكلمة يتردد صداها داخلها، في تلك اللحظات رفع هو وجهها له ليستطرد همسه الخافت المُحمل بعاطفة خاصة لا يظهرها دومًا:
-أعشقك، أعشقك أكثر من أي شيء بتلك الحياة، كنت كاذب بكل شيء أنا عاشق لكِ ولكنني كنت أضعف من أن أعترف حتى لنفسي بذلك...
كانت جـ.ـا.مدة، نظرتها خالية من شتى المشاعر، خاوية تحدق به فقط!
أعتقد أنها استجابة صامتة فاقترب ببطء منها ولكن بمجرد أن لامست شفتاه شفتاها حتى دفعته بكل قوتها ليترنح للخلف بذهول، فمسحت هي شفتاها بعنف بطرف ملابسها ثم بصقت ارضًا وقالت بتقزز واضح كان كنخجر إنغرز برجولته:
-لا ادري كيف اقنعك أنني اصبحت لا امقت في هذه الدنيا سوى لمستك، ولم اعد أريد ذلك العشق بل اصبحت اتقزز منه! أتعلم لمَ تركتك تقترب؟ لتشعر بأحساس الرفض والتقزز الذي اشعرتني اياه مرارًا وتكرارًا!..
دفعته وهي تحاول تخطيه مرددة بصوت صلب قاسي:
-أنا لن أبقى بهذا المنزل لحظة اخرى
فرد هو دون تردد بخشونة واعصاب كادت تنفجر من بروزها وإنصهارها:
-لن تخرجي من هذا المنزل إلا على قبرك يا امرأتي، ولن اتردد عن فعل اي شيء يبقيكِ معي حتى لو كَذبت ما قلته لكِ الان!
ابتسمت له باصفرار قائلة:
-وماذا كنت أتوقع منك!
ثم تخطته دون كلمة اخرى ليتنهد هو بصوت مسموع مُعـ.ـذ.ب:
-آآهٍ من ذلك العشق الذي لم يُكتب له سوى الو.جـ.ـع...!
بينما في الأسفل...
كانت صدmة والدة عاصي كبيرة وهي تسمع خبر أسيل الذي دmر أي مخططات لها او تحذيرات!..
جعلها تشعر ان حديثها كله لم يعد له أي قيمة..
اخذت ثواني قبل أن تهمس مذهولة:
-حامل! تحملين جنين قـ.ـا.تل شقيقك؟!
لم تكن أسيل تتحدث بل كانت صامتة، مستكينة وكأنها تنتظرها ان تفرغ ما بجبعتها، بينما الاخرى اردفت بغل دفين:.
-اسمعيني جيدًا يا اسيل، لن تدخلي ذلك المنزل مع ذلك القـ.ـا.تل ابدًا، لن أعدك بمعاملة جيدة لأطفالك منه بل لن اعدك بمعاملة من الاساس! سينقطع كل شيء بيننا الا من السلام كل فترة...
في تلك اللحظة اتت حور التي ضحكت ساخرة وبقوة:
-إنتهت المسرحية يا حمـ.ـا.تي العزيزة، انتهى كل شيء!
لم تتوقف ولو لحظة للتفسير بل قالت بصوت جـ.ـا.مد حاد:
-اعطيني هاتفي الذي اخذتيه مني
عقدت حمـ.ـا.تها ما بين حاجبيها بتـ.ـو.تر ثم ردت:
-ولكن آآ عاصي...
فصرخت فيها حور بانفعال حاد جعل التي امامها تشعر أنها بينها شعرة وبين الجنون..!:
-لعنه الله ذلك اللعين، اعطيني هاتفي والان! بالفعل تنهدت وهي تسير بهدوء لتجلب لها هاتفها بينما أسيل ركضت للخارج شبه باكية وكلام والدتها يمزق روابط ثباتها شيءً فشيء!..
تفاجئ بها علي الذي كان ينتظر حور، طارت منه حروف المشاكسة ليحل محلها قلق ذريع وحروف متلعثمة تتساءل بلهفة:
-ما بكِ حبيبتي ما الذي حدث؟ هل حور بخير؟!
اومأت أسيل بسرعة وهي تخبره شاهقة بحروف متفرقة كالشرق والغرب:
-بخير بخير، ولكن انا آآ، عنـ.ـد.ما قلت لوالدتي أنني حامل اهتاجت واخبرتني ان كل صلاتي بهم ستنقطع!
احتضنها علي بحنان بحت، يُشعرها أن قلبه هو من يحتضنها وليس جسده، أن بكاءها شيء يجعل كيانه الرجولي يرتجف بعنف!..
بدأ يربت على خصلاتها بحنان هامسًا وكأنها طفلته:.
-لا تقلقي صغيرتي، ألا ت عـ.ـر.فين طبع الأمهات؟ كلهن نفس النسخة، اليوم لستي ابـ.ـنتي وغدًا أنتِ حبيبتي! جميعهن مصابات بالأنفصام.
في نفس اللحظات كانت سارة صديقة ثامر تستمع لهم، كانت على وشك الدخول للمنزل وهي تحمل ظرفًا كانت تود إعطاءه لأسيل، ولكن ما سمعته الان اهم بكثير...
اتسعت ابتسامتها الخبيثة وهي تتراجع بسرعة راكضة قبل أن يراها أي شخص لتستقل سيارة الاجرة التي كانت تنتظرها وهي تقول له:
-عد للسـ.ـجـ.ـن بسرعة
وبالفعل انطلق بها نحو السـ.ـجـ.ـن الذي يُسـ.ـجـ.ـن به ثامر...
عقلها الشيطاني يرسم لها العديد من الخطط التي سيرسمانها معًا بخطوط ذلك الخبر...!
وبالفعل وصلت وتقدmت من الضابط تأخذ اذن الزيارة، وبالفعل دلفت لثامر وبمجرد ان رأته حتى همست بابتسامة خبيثة:
-احضرت لك خبر سيجعلك سيعد جدًا عزيزي ثامر
تأججت عيناه بلهفة وهو يسألها:
-ماذا؟ هل اعطيتي صور خيانة علي ل أسيل؟ هل صدقتك!
هزت رأسها نافية بكل هدوء:
-لا بل شيء اهم من ذلك بكثير...
نظر لها باهتمام فتابعت بنبرة شيطانية تشعرك أن الشيطان هو ناطقها:
-سمعت أن أسيل حامل من ذلك الوغد علي!
للحظة تجهمت ملامحه بانزعاج واضح ولكن سرعان ما تبخر ادراج الرياح ليحل محله دخان شيطاني مُهلل وهو يهمس لها:
-لنساعدها لتتخلص من ذلك العبء نهائيًا اذن!؟..
كانت ريم تقف امام ابراهيم الجبوري وهي تقول بصوت حاد ثائر:
-انا اريد ان اتحدث مع حور او اراها، لن انتظر اكثر!
رفع كتفاه بلامبالاة وكأنها تتحدث عن اخرى غير ابـ.ـنته، ابـ.ـنته التي ألقت بنفسها بين ذراعي الجحيم لأجلهم جميعًا...!
ثم مط شفتاه وأخبرها ببرود ثلجي:
-ماذا افعل انا؟ زوجها لا يريد ولا يمكنني ان اجبره حتى لا اخرب حياتها!
حينها لم تتمالك ريم اعصابها بل صرخت فيه بجنون:.
-هل تعتقد أنك لا تخربها هكذا؟ أنت تدmرها بكل بساطة، أي اب أنت!
وفي اللحظة التالية ودون تردد كان يصفعها بعنف وهو يزمجر فيها بشراسة:
-اصمتي ايتها الحقيرة يبدو أنكِ لم تري تربية ابدًا!..
في الوقت ذاته كان ظافر يركض مسرعًا ليخرج من الشركة ولكن هذا الخروج كان حلم بعيد كل البُعد عن الواقع...
فهو بمجرد أن خرج وجد النار بالفعل اشتعلت بكل ارجاء الشركة...
اصبحت الدنيا مُعتمة من كثرة الدخان الذي انطلق بكل مكان في الشركة، بدأ ظافر يسعل بعنف وهو يرى احدهم ساقط والاخر يترنح والاخر يبدو أنه قطع نفسه تمامًا...
بدأ يشعر أن كل شيء ينهار امامه، كل شيء يفقد قيمته في تلك الحياة!
بدأ اختناقه يزداد وهو يشعر بانقباض نفسه، حاول التماسك، حاول الثبات وهو يقفز من هنا لهنا لينجو ولكن اسفًا، لم تسعفه انفاسه او قواه فبدأ يلتقط انفاسه بصعوبة قبل أن يسقط مكانه فاقدًا للوعي وربما بعد قليل للحياه بأكملها!..
وبعد فترة...
ريم كانت تمسك بهاتفها بعدmا اغلقت مع حور، تنهدت بـ.ـارتياح غائر واخيرًا استطاعت التحدث معها، شعرت ان نصف روحها الثاني عاد لها واخيرًا...!
وفجأة صدح رنين هاتفها فأجابت بخفوت:
-السلام عليكم
سمعت صوت خشن حاد ولكنه ضاحك يخبرها:
-كيف حالك يا صغيرة؟!
سألته بتـ.ـو.تر:
-من أنت؟
سمعت ضحكات عالية وهو يخبرها:
-انا شخص يعرفك ولا ت عـ.ـر.فينه، المهم انا اتصلت لأخبرك أن تعدي لعزاء زوجك فهو الان في عداد المـ.ـو.تى...!
كانت حور في غرفتها، تجلس شاردة تائهة بين بحور افكارها كعادتها مؤخرًا...
تتذكر مكالمتها هي وصديقتها بعد أن قصت عليها كل ما حدث معها لتفجر كل المشاحنات المكتومة بين ثنايا روحها...
فلاش باك###
سألتها ريم بصوت هادئ يحمل لونًا واضحًا من الحـ.ـز.ن والشفقة:
-ماذا سيحدث الان حور؟ بالتأكيد لن تظلي هكذا؟
هزت رأسها بيأس وكأنها تراها:
-لا اردي، اشعر انني كاليتيمة بلا سند في غابة ممتلئة بالذئاب!
سمعت صوت ريم الذي احتد وهي تنهرها:
-اصمتي يا عمياء واين ذهبت انا؟ قسمًا بالله لو يتركوني لأقطع لكِ تلك الذئاب يا قلب أختك...!
ابتسمت حور باشتياق حقيقي لذلك الدفاع الحاني، ذلك الدرع الذي يمد روحها بقوة تلقائية تتوسلها هي لتجتاحها...!
وفجأة نطقت بصوت شارد:
-إما الطـ.ـلا.ق او الانتحار
شهقت ريم مصدومة:
-ماذا تهذين؟
حينها ردت حور بثقة ولكنها بليدة جـ.ـا.مدة:
-كما سمعتي ريم، سأخيره بين ذلك وليس امامه خيار اخر انا جادة، ولكني واثقة أنه لن يتحمل عـ.ـذ.اب ضمير آخر!
وقبل ان تغلق قالت بسرعة:
-حسنًا ريم لا تقلقي سأحدثك مرة اخرى.
ثم أغلقت بسرعة وهي تتصل ب علي الذي اجابها بعدm تصديق:
-حور، لا اصدق، أهبطي لي بسرعة انا بالأسفل انتظرك
ولكن حور قالت بسرعة:
-علي، احضر مأوذن وتعالى سريعًا رجاءًا...
وقبل ان تسمع اعتراضه كانت تغلق الخط...
باك###.
نهضت متوجهة لغرفة عاصي، بمجرد أن رآها نهض منتصبًا وهو يهمس بلهفة:
-حور!
دون ان ترد عليه كانت تصعد بسرعة لتقف على الشرفة بحركة رشيقة وهي تردد بصوت لا حياة فيه:
-إما الطـ.ـلا.ق او المـ.ـو.ت سيد عاصي!..
↚للحظات تجمد عاصي مكانه مذهول من الجملة التي اخترقت اذنيه كالرعد الذي شتت ثناياه بجبروته!..
ألهذه الدرجة أصبحت تكرهه، تكره تلك الحياة التي تجمعهم سويًا بين احضانها وإن كانت قاسية قليلاً..؟!
أطرق رأسه ارضًا بصمت تام، الأجابة لن ترطب تلك الجروح التي اصبحت تنزف بلا توقف، الاجابة ستصبح السم لها وليس الترياق!..
سمع صوتها الحاد وهي تسأله صارخة باستنكار:.
-ألهذه الدرجة حياتي ليست لها قيمة عندك حتى تصمت هكذا؟
حينها رفع رأسه، وعقله مَن كان يجيب لا قلبه المكتوي ألمًا:
-إن كانت هذه الروح ليست لها قيمة عندكِ لتضعينها في اختيارات، فكيف ستصبح لها قيمة عند الآخرين؟
رده كان قاسيًا نعم، ولكن احيانًا يكون العلاج لاذع كالعلقم!..
ثم بدأ يقترب منها ببطء وهو يكمل بصوت اجش غير مصدق:
-تقولين أنني ذنب يكفره الله لكِ في الدنيا ثم تودين المـ.ـو.ت كافرة؟!
ارتعشت شفتاها وهي تهمس بصوت شاحب:
-المـ.ـو.ت كافرة!
اومأ مؤكدًا وراح يخبرها بصلابة لا تحمل ذرة من التردد:
-نعم، لأنني لن أطلقكِ ابدًا، سبق واخبرتك انكِ ستظلين زوجتي لحين مـ.ـو.ت احدنا!
لحظة كانت الفاصل فخرجت هي من حالة الأستكانة لحالة الهياج الهيستيري وهي تصرخ فيه بانفعال:
-ولكني لا اريد ذلك لمَ لا تحاول أن تفهمني؟!
ظهرت شبح ابتسامة ملتوية على ثغره وهو يقول:
-ولأنني أفهمك أقول ذلك.
ثم همس داخله بحروف تمنى لو تخرج للنور
أقول ذلك لأنكِ إن شعرتي برفضي ومبالاتي مرة أخرى ستشعرين بشيء اسوء بمراحل من الان!
استدار وكأنه سيرحل ثم هتف بهدوء تام برغم الأمواج التي تتقلب في بحور مشاعره:
-سأغادر، لأترككِ تقررين ما تودين فعله، تمـ.ـو.تين كافرة بعد كل ذلك ام تعيشين معي!
وبالفعل خرج ولكنه وقف امام الباب وقلبه ينتفض بـ.ـارتعاد حقيقي، ماذا لو فعلتها؟!
ماذا لو رفضت أخر خيط ينساب من املها وإيمانها؟!..
لم يستطع الانتظار ففتح الباب بسرعة ليجدها قد نزلت بالفعل ورأسها ارضًا...
من دون تردد ركض نحوها ليضمها له بكل قوته، يضمها له لدرجة انها شعرت أن ضلعاها سيُكـ.ـسرا!..
يدفن وجهه عند رقبتها التي يغطيها شعرها الناعم، يلثم رقبتها بعمق وكأنه يود الشعور بها فعليًا، ليخرج صوته متحشرجًا من شتى المشاعر:
-لا تفعلين بي ذلك مرة اخرى، ارجوكِ!
حاولت هي ابعاده ولكنه كان أقوى، بدأت تشعر بتلك الذبذبات تعاود تشتيت صلابتها المصطنعة، خاصةً وأنفاسه الحارة تصفع رقبتها بعنف عاطفي وكأنها تقص عليها مدى شوق صاحبها لها...!
واخيرًا استطاعت دفعه بعيدًا عنها ليمسك هو وجهها بين يداه، عيناه تخترق حواجز جمود عيناها وصوته الخشن يخرج باتزان وهدوء تام:
-ستظلين زوجتي، أنتِ امرأتي، ملكي، عشقي، أنتِ كُتبتي على أسمي وفي قدري للأبد
ثم احتدت نبرته قليلاً وهو يحذرها:.
-ولكن ذلك لن يجعلني أتهاون معكِ إن كررتي ما فعلتيه
زفرت هي بصوت مسموع ثم دفعته بعيدا عنها تماما، لا تنكر تلك الفرحة التي تسربت لثغرها من حديثه الذي لطالما انتظرته، ولكن لا مانع ايضا اذا ردت له قليل مما فعله بها!..
بينما في الاسفل كان علي يركض سابقًا المأذون الذي أحضره لتقف امامه والدة أسيل فجأة مغمغة:
-من الذي سمح لك أن تدخل ذلك المنزل؟!
كز على أسنانه بعنف وهو يخبرها بصوت حاد:
-شقيقتي المُحتحزة بذلك المنزل هي مَن أعطتني ذلك الحق
وقبل أن تنطق بالمزيد كان يركض نحو غرفة حور، فتح الباب دون تردد ليجد حور تكاد تخرج فاحضتنها بسرعة ملهوفة وهو يهمس متساءلاً بنبرة استوطنها التوجس:
-هل انتِ بخير؟ هل فعل لكِ شيءً؟!
هزت رأسها نافية ولكن قبل أن تنطق كان هو يحدق بعاصي بنظرة عدائية شرسة ويردد:
-لا تخافي إن فعل، اقسم ألا اتركه إلا بعد أن اخذ حقكِ منه!
هزت رأسها نافية وهي تضم وجهه بين يداها بحنان:
-لم يفعل اقسم بالله، لا تقلق عليّ يا علي لم اعد حور تلك التي تصمت!
عقد علي ما بين حاجباه وهو يسألها:
-وما الذي تغير فجأةً هكذا؟
والاجابة كانت من عاصي الذي تدخل ليجيب بصوت اجش ولكنه هادئ:.
-الذي تغير أنك لم تعد قـ.ـا.تل حسين يا علي، ما اكتشفته مؤخرًا أنك لست القـ.ـا.تل!
والصدmة تلك المرة كانت من نصيب علي الذي إتسعت عيناه بذهول واضح، للحظة شعر أن تلك الدنيا ما هي إلا فجوة، فجوة قاسية تبتلعك دون أن تشعر ولا تتركك إلا بعد انتشال قوي من القدر...!
فهمس بحروف مقطعة وكأنه يحاول الاستيعاب:
-لم آآ، لم افهم!
تنهد عاصي مقتربًا منه ثم استطرد:.
-اخبرني احدهم أنه مريـ.ـض نفسي وهو الذي قــ,تــله بعد أن هـ.ـر.بت أنت وحور من مقر الحادث، يعني أنت تركته على قيد الحياة!
هنا سمعوا شهقة حادة من والدة عاصي وأسيل اللتان استمعتا للجملة الأخيرة، الصدmة مُفرحة أضافت لونًا زاهيًا لصفحات تلك الحياة، ومُحـ.ـز.نة ايضًا قضت على وردية ما تبقى من تلك الحياة!..
ركضت بسرعة تجاه اسيل تجاه عاصي تسأله:
-عاصي، عاصي هل أنت متأكد؟
اومأ مؤكدًا بتنهيدة عميقة:.
-اولاً ما الذي يجعل شخص يتهم نفسه بجريمة لم يفعلها، ثانيًا التـ.ـو.تر الذي كان واضحًا على مظهر شقيقه يوضح أنه صادق، ثالثًا أنا لن اصمت سأجده وسأتحقق من ذلك وسأدخله مستشفى الامراض العقلية إن كان مريـ.ـض فعلاً...
حينها نطقت والدته بصوت مذبذب ضائع شارد:
-لا اعلم ما اقوله سوى، سامحوني! خاصةً أنتِ يا حور رجاءًا، قدري لي روح الام التي كانت تحترق!
وحور لم تبدي أي رد فعل، بل كانت صامتة إلى أن قالت بصوت خالي من التعبير:
-وانا لن اغفر لأن روحي احترقت منذ زمن!
ثم غادرت تلك الغرفة لتلحق بها أسيل وعلي، ولكن قبل أن يخرج علي أوقفه عاصي مناديًا:
-انتظر لحظة
نظر له علي بطرف عيناه ليتنحنح عاصي قبل أن يقول بحروف أجبرها على الخروج:.
-أنا لن أعتذر لك لأنك بالتأكيد كنت ستفعل اكثر ما فعلته انا إن كنت مكاني لأنك رجل مثلي، ولكن إن كنت سأعتذر ف سأعتذر لحور بل أرجو إن تطلب الأمر
وقبل أن ينطق علي كان عاصي يشير له بإصبعه محذرًا بشراسة:
-ولا تظن أنك ستستطع تطليقها مني! لن تخرج من ذلك المنزل
في تلك اللحظة تذكر علي ذلك المأذون فركض للأسفل بسرعة ليجده قد غادر!..
تنهد بخفوت لينظر لعاصي مغمغمًا بصوت رجولي جاد:.
-لن أستطع أن احكم لأنني لم اكن متواجدًا مع حور ولن اشعر بشعورها مهما كنت قريب منها، لذلك سأترك لها الحكم، إن ارادت الطـ.ـلا.ق فهو كذلك وإن لم ترد فلن اجبرها..!
وهنا كانت المشكلة تكمن بالنسبة ل عاصي!..
ولكن عينا وعقل علي كانا على نقطة مُحددة، وهي ان حور لو ارادت الطـ.ـلا.ق فعليًا ما كانت ترددت وهي تسأل علي عن المأذون الذي طلبته، ولكنها تناسته!..
وقبل أن ينصرف علي كانت اسيل تقترب من عاصي مرددة بهدوء ناعم:.
-عاصي هل يمكن أن يظل علي معي في غرفة الضيوف
اعترض علي بحدة:
-اسييييل، انا لا اتوسل لأي شخص! سأظل بذلك الفندق حتى نجد لنا منزل مناسب
هزت رأسها نافية بضيق لينطق عاصي حينها بجدية:
-يمكنكم البقاء مؤقتًا، لأن أسيل لها نصيب في هذا المنزل مثلي تمامًا
ثم غادر بكل هدوء لتظل أسيل تتوسل علي البقاء وهي تقنعه أنه سيظل بقرب حور مستغلة نقطة ضعفه...!
بعد فترة...
كانت أسيل مع علي في الغرفة التي خُصصت لهم، تنتقل معه من هنا إلى هنا بسعادة، إلى أن جذبها له فجأة بقوة لدرجة أن سقط على الفراش وهي فوقه...
إنحسرت الكلمـ.ـا.ت بين شفتاها واضطربت أنفاسها وهي تعي ذلك القرب الذي أجج عاطفتهما...
استندت على صدره بيداها وهي تهمس بصوت متـ.ـو.تر:
-علي، اتركني ماذا إن دخل احدهم؟
هز رأسه نافيًا، ثم تابع بعبث يخبرها:
-لن يحدث لأنني أغلقت الباب.
ثم فجأة نهض لينقلب فينعكس الوضع فتصبح أسيل اسفله وهو فوقها، رفع أصابعه يتحسس جانب وجهها برقة تُذيب الحجر..!
وأنفاسها المضطربة كانت كالوقود الذي يُصب على نيران شوقه وعشقه لها...
فاقترب اكثر من وجهها وهو يسألها بخشونة:
-هل تعلمين مدى شوقي لكِ؟!
هزت رأسها نافية بدلال، عيناها ترسم شوقها هي الاخرى له، لقربه، لكلمـ.ـا.ته المعسولة التي تدغدغ انوثتها، لكل شيء!
ثم همست ببحة انثوية:
-لا، لا اعلم، هل يمكنك أن تخبرني؟
عض شفته السفلية وهو يغمزها بطرف عيناه بمكر مشتاق:
-على الرحب والسعة سيدتي!
وفي اللحظة التالية كان يقتنص قبلة عميقة لشفتاها علها تروي شوقه وجنونه اللذان مذقاه في بُعدها تلك الفترة...
وهي كالعادة مستسلمة، مؤيدة لذلك الطوفان الذي يسحبها معه، ولكن قبل أن تتجرأ يداه أكثر كانت تبتعد هي لتردد بسرعة:
-علي، علي انتظر
نظر لها متساءلاً بأنفاس سريعة:
-ماذا؟
أخبرته بنبرة طفولية متوسلة:.
-يجب أن تحضر كل شيء يخصك من ذلك الفندق وانا يجب ان اشتري شيء من الصيدلية ضروري
حينها أستعاد رشـ.ـده فسألها مستفسرًا:
-تذكرت، هل علمت والدتك أنكِ لستِ حامل؟
هزت رأسها نافية بهدوء:
-لا بالطبع لم أخبرها، ولكن طالما عرفنا جميعنا حقيقة ما حدث لا داعي لهذه الكذبة!
اومأ علي موافقًا ثم نهض يهنـ.ـد.م ملابسه وهي كذلك، إلى أن انتهيا فمر على حور ليسألها إن ارادت شيئًا ولكن بالطبع لم ترد...
غادرا المنزل معًا ليركبا سيارة اجرة...
وعلى بُعد مسافة كان شخصان يراقبانهم من بعيد، فأخرج احدهم الهاتف ليتصل بشخص ما فأتاه صوت سارة بهدوء بعد قليل:
-هل تم؟
هز رأسه نافيًا:
-لا، ليس بعد، خرجا الان من المنزل
-بمجرد أن تهبط من السيارة نفذ على الفور
-امرك سيدتي
ثم اغلق الهاتف وهو يلحق بهم بسرعة، وبالفعل بعد مسافة وصلا فترجل علي من السيارة وهو يخبرها بهدوء:
-انتظريني هنا سأحضرهم وآتي بسرعة.
اومأت موافقة ولكن ما إن نزل علي حتى رأت هاتفه الذي يبدو أنه سقط منه فامسكت به وهي تنزل من السيارة بسرعة تلقائية وهي تنادي على علي:
-علي انتظر لقد آآ...
ولكن فجأة كانت السيارة تقترب منها بسرعة رهيبة ليصـ.ـر.خ كلاً من أسيل وعلي برعـ.ـب ولكن تلك السيارة لم ولن تكن تستوعب تلك الصرخة المذبوحة فاصطدmت بها دون مقدmـ.ـا.ت...!
↚خلال لحظات كانت ريم تتصل بفريق الاطفاء وسط انهيارها الهيستيري، كلمـ.ـا.ت ذلك اللعين كانت كالتعويذة التي تقلب حياتها رأسًا على عقب!..
ركضت كالمـ.ـجـ.ـنو.نة بعدها تستقل أول سيارة اجرة تقابلها وهي تخبره بعنوان شركة ظافر
وبالفعل وصلت بعد فترة، في نفس الوقت الذي وصلت به سيارات الاطفاء...
ولكن منظر تلك النيران التي تشتعل بالشركة من كل جانب مؤذي للقلب، مؤذي بدرجة كبيرة حتى أنها شعرت أن تلك النيران أشتعلت بقلبها هي...!
دقائق عديدة وكانت تلك النيران خمدت بالفعل فركضت ريم تدفع جميع البشر بحثًا عن ظافر او حتى، جثمانه!..
واخيرًا وجدت احد عناصر الأسعاف يحملونه فركضت معهم وهي تبكي بانهيار صارخة بأسم ظافر...
وصلا بعد قليل الى المستشفى وريم لم تتوقف لحظة عن الابكاء...
دلف معهم الى غرفة الطوارئ حينها أخرجت ريم هاتفها تتصل بوالداه لتسمع صوت والدته الهادئ يقول:
-اهلاً يا ابـ.ـنتي كيف حالك؟
خرج صوتها مبحوحًا وهي تحاول التوقف عن البكاء مرددة:
-بخير ولكن ظافر آآ ظافر لقد تعرض لحريق بشركته وهو في مستشفى ، الان
سمعت صرختها بوضوح وهي تتمتم:
-ماذا تقولين ريم!
ثم أغلقت الهاتف دون كلمة اخرى لتركض ترتدي ملابسها وهي تتوجه نحو المستشفى بالطبع...
وبعد فترة اخيرًا خرج الطبيب الذي كان يتنفس بأرهاق ماسحًا وجهه فسألته ريم بخـ.ـو.ف:
-ماذا حدث ايها الطبيب؟
تنهد وهو يجيبها:
-الحمدلله هو بخير سيدتي لا تقلقي، لقد قمنا باللازم وسيتحسن بأقرب وقت إن شاء الله!
هبطت دmـ.ـو.ع ريم الحارقة على وجنتاها الناعمتان وهي تهمس له:
-شكرًا، شكرًا كثيرًا
غادر الطبيب بعد أن اخبرها بابتسامة هادئة:
-يمكنكِ رؤيته بعد أن يتم نقله لغرفة عادية..
حينها لمعت عيناها باحتراق روحها، بنيران ذلك الخـ.ـو.ف الذي أحرقها داخليًا، وبشراسة الانثى، أخرجت هاتفها وهي تحمد الله أن هاتفها به برنامج تسجيل المكالمـ.ـا.ت الذي يسجل كل المكالمـ.ـا.ت تلقائيًا...
استمعت لتلك المكالمة القصيرة ثم اتصلت بالشرطة بكل هدوء، لأنها وببساطة على يقين أن ظافر لن يفعلها ويخبر الشرطة ابدًا حتى لا يفتح ابواب الجحيم عليه!
ولكنها ايضًا وبنفس البساطة ليس لديها أهم من حياته، سمعت الصوت من الجهة الاخرى على الهاتف فنطقت بجدية متزنة:
-الشرطة، أريد أن اقدm بلاغ هناك مَن قام عمدًا بإحراق شركة ، وقد راح عددًا ضحية ذلك الحريق...
بعد فترة...
استجاب عاصي لذلك الصوت الذي يأتي من ركن عميق وبعيد داخله يخبره انه ربما لو احضر لها بعض الاشياء التي تُسعد أي انثى ربما يبدأ ذلك الحاجز بينهما بالتصدع...!
دلف عاصي للغرفة التي تقطن بها حور، تنحنح وهو يقترب منها مغمغمًا بصوت هادئ:
-هيا انهضي ارتدي ملابسك
عقدت ما بين حاجبيها وهي تسأله:
-لماذا؟
مسح طرف أنفه بتـ.ـو.تر ثم تشـ.ـدق ب:
-سنذهب لنشتري لكِ بعض الاشياء ثم نتناول عشاءنا في احدى المطاعم.
هزت رأسها نافية ببرود:
-لا اريد شكرًا لك...
حينها اقترب ليسحبها من ذراعها قائلاً بصوت حاد بعض الشيء:
-لا اسألك عن رأيك يا زوجتي، انا اريد ذلك ولا يوجد سواكِ يأتي معي، هيا عزيزتي
تأففت حور اكثر من مرة بملل وبالفعل اطاعته بنفاذ صبر...
وصلا بعد فترة احدى المحلات لشراء بعض الملابس، تركته حور دون اهتمام كالعادة وتقدmت تنتقي بعض الاشياء، ثم توجهت للغرفة الصغيرة الموجودة بالمحل لقياسهم وبالطبع دون أن توجه له كلمة واحدة حتى وكأنه هواء ليس له قيمة عابر!..
كانت ترتدي فستان طويل حتى كعبي قدmاها ولكنه مفتوح من عند الظهر، كانت حور قد خلعت ذلك التيشرت الذي ترتديه لتراه كما يجب ان يُرتدى...
ظلت تنظر للمرآة بتفحص وفجأة وجدت عاصي يدلف فشهقت وهي تزمجر فيه بغـ.ـيظ:
-هيا اخرج عاصي
هز رأسه نافيًا بمكر ومن ثم أردف:
-حقي كمواطن أن أرى ما ستشتريه زوجتي!
عضت على شفتاها بحرج واضح، اقترابها منه يُهلك حواسها ويجبرها على الخضوع وهذا اخر شيء تريده الان...
بدأ عاصي يقترب حتى كاد يكون ملتصقًا بها، فهمس امام وجهها بأنفاس الخشنة التي بدأت تثقل شيءً فشيء من ذلك القرب المُهلك، :.
-ولكن لدي اعتراض على ذلك الفستان إن كنتي سترتديه خارج المنزل
رفعت عيناها التي تموج بعاطفة عصفت بهم لتسأله:
-ماذا؟
وفجأة إرتعشت حرفيًا عنـ.ـد.ما شعرت بأصابعه الخشنة تتحسس الجزء الظاهر من ظهرها ببطء جعل قشعريرة بـ.ـاردة تسير على طول عمودها، خاصة وهو يسير صعودًا ونزولاً بإصبعه هامسًا مثخن بالعاطفة:
-يُظهر جزءًا منكِ لن يراه سواي!
وبالرغم من انه يعلم أنها محجبة لن ترتديه دون شيء اسفله ولكنه كان كالمتلهف لأي فرصة لقربها...
ولتتخلص حور من ذلك الجو المعبء بشتى المشاعر ابعدته وهي تقول:
-لدي شرط واحد وحينها أفكر بالعودة والغفران عاصي
ظهرت اللهفة بصوته وهو يسألها:
-ما هو؟
وما إن أخبرته كان يقترب منها مرة اخرى ولكن بخطوات تملأها الشراسة التي أشعرتها أنه على وشك الانقضاض عليها و...
طارت الحروف من بين شفتاها وهي تفكر في حل لتلك المعضلة التي ألقت نفسها بين حفرتها بكل سذاجة!..
خاصةً عنـ.ـد.ما أصبح امامها مباشرة يضغط على ذراعها بقوة وهو يسألها مستنكرًا:
-ماذا؟ عيدي ما قلتيه مرة اخرى
بللت طرف شفتاها بتـ.ـو.تر ثم راحت تخبره بحروف متفرقة مزقها التـ.ـو.تر والقلق:.
-قلت أنني أحتاج أن ابتعد تمامًا، وأن أجد عمل لنفسي واعتمد على نفسي وأن انسى وجودك في حياتي مؤقتًا، وإن لم استطع النسيان يحق لي طلب الانفصال النهائي وايجاد شريك حياة مناسب لي!
بالرغم من أنها تعلم استحالة تنفيذ ذلك الشرط الذي كان كاللون الأسود الحالك الذي لا يُضفي سوى ظلامًا على خلفية حياتهم سويًا، إلا أنها لم تجد سواه مهرب تلجأ له للهرب من براثن عاطفته التي كادت تسحبها بين طياتها...
ولكن على العكس ازداد قربه منها وهو يهمس بصوت أجش غير مصدق:
-وهل تتوقعين مني الموافقة على ذلك الجنون؟!
هزت رأسها نافية بسرعة ببراءة:
-لا، ولكني احاول أن اشرح لك أنني احاول إيجاد حل اوسط لنا ولكنك ترفض!
وكالعادة أستخدm سحر اصابعه التي تُسلط على جوارحها الانثوية الفوضوية فتجبرها على الخضوع، بدأ يتحسس وجنتها بحنان بإصبعه وصوته الهادئ شابه الرقة والحنان والحزم في آنٍ واحد وهو يخبرها:.
-أنا لا استطيع الابتعاد عنكِ ولو ساعة واحدة وأنتِ تخبريني أنكِ ربما تقررين الأنفصال النهائي في نهاية المطاف!
حينها نفضت هي يده هي عنها بعصبية وهي تزمجر:
-لا تحاول لمسي مرة اخرى! سيطر على يداك اولاً ثم نتحدث فيما بعد
لا يدري أيضحك لأعترافها بتأثيره الغائر فيها ام يبكي لأنها ترفض ذلك التأثير..؟!
سمعها وهي تكمل بهدوء ولكنه حاد:
-والان هيا إلى الخارج أريد تبديل ملابسي.
أغمض عيناه يحاول تنظيم أفكاره، يحاول الهدوء ليستطع تخطي حاجز امواج جنونها تلك بمهارة، وبالفعل فتح عيناه ليومئ مؤكدًا بجدية:
-لا تتأخري لأنكِ لو تأخرتي سأدخل وأرى كل شيء!
إتسعت عيناها وهي تصرخ فيه بحرج واضح:
-سـ.ـا.فل لم ترى ثلاث دقائق تربية!
ضحك حينها بصخب ثم استدار يغمزها بطرف عيناه بينما يتابع بنبرة تبدو بريئة ولكنها عكست تيار البراءة لتختلط بأعاصير المكر:
-لمَ؟ في النهاية أنا لن أرى شيء لم اراه حبيبتي.
شتمته حور بصوت منخفض وهي تغمض عيناها بنفاذ صبر، فاستسلم هو وخرج ضاحكًا...
نظرت حور لأثره بصمت شارد، لا تدري إن كانت الخطوة التي هي مُقدmة عليها صحيحة ام لا، ولكنها تراها علاج وإن كان مؤقت لذلك الأنهيار الروحي...
أغلقت الباب جيدًا ثم بدلت ملابسها بلهفة لتفتح الباب الصغير عله يكون يُخرج من ذلك المكان بدلاً من الهرب من الباب الرئيسي...!
وبالفعل حالفها الحظ فوجدت الباب يطل على الشارع الخارجي، لذا ومن دون أن تفكر مرتان كانت تخرج راكضة...
بدأت تركض بسرعة حتى خرجت للشارع الرئيسي وهي تلهث، أوقفت أول سيارة اجرة قابلتها وهي تنطق بأنفاس منقطعة:
-هيا بسرعة ارجوك توجه ل ...
وبالفعل إنطلق السائق حينها بدأت تتذكر عنـ.ـد.ما أخبرها عاصي وتركها ترتدي ملابسها.
فلاش باك###
أخرجت هاتفها بسرعة تتصل ب علي الذي أجاب بعد دقيقة هادئًا:
-نعم حوريتي
ردت بصوت جاد ومتعجل:
-علي سأخرج مع عاصي الان وسأهرب منه بأي شكل، لن يعلم والدي ولا هو بمكاني وأنت ستساعدني لأقيم بالمنزل الذي في ، الذي أشتريته من صديقك الذي غادر البلاد ليعمل منذ زمن، هذا المنزل بمكان بعيد ومناسب جدًا، أتتذكره؟!
اومأ علي مؤكدًا وترك عمله وهو يسألها بصوت لم يستطع كتم صوت رنين الصدmة والذهول منه:.
-نعم ولكن، كيف وآآ، عاصي!
فتنهدت بصوت مسموع وهي ترجوه:
-علي ارجوك، أتركك من أي شيء وهيا ارسل لي عنوان ذلك المنزل واخبرني أين اجد مفتاحه
دقيقة، اثنان، كانت المهلة التي استغرقها علي ليفكر دون عمق، يفكر فقط بما يكن كالجدار لتستطع شقيقته الاستناد عليه...!
وبالفعل هتف بعدها بجدية يخبرها:.
-عنـ.ـد.ما تصلين للعنوان الذي سأرسله لكِ برسالة ستجدين منزل رجل عجوز امام ذلك المنزل، انا سأتصل به واخبره أنكِ ستأتي وتأخذي المفتاح منه وهو سيساعدك بكل شيء وبعد فترة انا سآتي للاطمئنان عليكِ...
باك###.
تنهدت حور اكثر من مرة بصوت مسموع، ربما احيانًا نُجبر على السير في خطا كالأشواك بالنسبة لنا، ولكنها تظل أفضل من خطا نحو الجحيم!..
بينما عند عاصي جن جنونه بمجرد أن رأى تلك الغرفة فارغة، إتسعت عيناه بذهول وجملة واحدة يرفض عقله إستيعابها تتردد امام عيناه، أن حوريته فرت هاربة من بين يداه، لم تعد تريده فعليًا، هـ.ـر.بت وربما لن تعود، لن يراها، لن ينعم بدفء احضانها وإن كان رغم ارادتها، لن يوبخها إن اخطأت...
لن يفعل ولن يفعل ولن يفعل...
حينها صرخ بجنون وهو يضـ.ـر.ب ذلك الحائط بعنف:
-حور...!
الصرخة خرجت من أعماق روحه الجريحة، يا الهي ما أقساه شعور!..
شعور كالسكين البـ.ـارد الذي ينغرز بمنتصف قلبه أنه مرفوض تمامًا من أكثر شخص يعشقه في تلك الدنيا...!
↚الدقائق التي مرت على علي كانت أقسى ما يمكن، كانت سيئة لدرجة أنه تمنى لو لم تكن تنتمي لتاريخ حياته!..
لحظة كانت ك رسمة سريعة حاكها القدر لتلك الحياة الحالكة إن اصبحت فارغة ممن نعشقهم...
صرخ بذبذبات مذبوحة وهو يحتضن أسيل التي فقدت الوعي، وحدث كل شيء بأقل من لحظات، شخص ما كان أقرب ل أسيل فجذبها بعنف قبل أن تصطدmها السيارة تمامًا فلم تطل السيارة سوى جزءها الأيسر فقط...
بدأ علي يهزها بلهفة وهو يصيح باسمها:
-أسيل، أسيل هيا حبيبتي افتحي عيناكِ
تقدm احدهم بزجاجة عطر له وردد بشفقة:
-تفضل
بدأ علي يوزع بضع قطرات منها على وجه أسيل التي استجابت بالفعل وبدأت تفتح عيناها ببطء وهي تحاول تحريك ذراعها متأوهه بألم عنيف يحط بذراعها وكتفها الأيسر...
احتضنها علي بقوة مغمضا عيناه وهو يتنفس بشكل مضطرب وكأنه كان على وشك أن يفقد تلك الحياة، للحظة كاد يجن جنونه وهو يتخيل حياته بدونها!..
رفع رأسها له يتحسسها بلهفة وهو يسألها بقلق وخـ.ـو.ف واضحان:
-هل أنتِ بخير؟ بماذا تشعرين؟
هزت رأسها عاقدة حاجبيها بألم ثم أردفت لتخبره:
-أنا بخير ولكن، كتفي وذراعي يـ.ـؤ.لماني
ومن دون تردد او تفكير كان علي يحملها بين ذراعاه بلهفة ويتجه بها نحو سيارة الاجرة التي كانت تنتظرهم ليصـ.ـر.خ في السائق أن ينطلق نحو اقرب مستشفى...
حتى أنه لم يتذكر أن يشكر ذلك الشخص الذي انقذ حياتها...
وصلا المستشفى فكان علي كالمـ.ـجـ.ـنو.ن في تصرفاته وحديثه مع الممرضات او موظفين الاستقبال بينما اسيل تحاول تهدأته هامسة:
-علي، اهدأ انا بخير اقسم لك، إنه مجرد ألم في الذراع!
لم يرد عليها حتى دلفا إلى طبيب العظام، تقدm منهم بهدوء وهو ينظر لأسيل متساءلاً بنعومة:
-ما الذي حدث بالظبط هل يمكنكِ اخبـ.ـاري؟
حينها صرخ فيه علي بنفاذ صبر:
-وهل أنت نجار ام ماذا؟ افحصها لتعلم ما الذي حدث لذراعها.
تجاهله ذلك الطبيب ببرود وهو يقترب من أسيل ينوي امساك ذراعها ومنقطة كتفها ولكن صرخة علي التي كانت مغموسة بغيرة عاشق مـ.ـجـ.ـنو.ن أوقفته:
-ماذا تفعل؟! ابتعد عنها حالاً
عقد الطبيب ما بين حاجباه بتـ.ـو.تر ليرمقه علي بنظرة حادة مُحذرة، نظرة حارقة نبعت من تلك النيران التي تحرق روحه بمجرد تخيل أنه يمس اي جزء من جسدها!..
ليقول بصوت أجش:
-احضر أي ممرضة لتساعدك ولكن أنت لن تمسها ابدًا...
تأفف الطبيب بملل وكاد يعترض ولكن مظهر علي الذي بدا وكأنه على وشك ارتكاب جريمة جعله يومئ موافقًا على مضض...
وبالفعل خرج يبحث عن ممرضة
حينها ظهرت ابتسامة أسيل التي كانت تحاول تماسك نفسها بصعوبة، غيرته الرجولية تعطيها شعور رائع يمس دواخل دواخلها بعمق مداعبًا بريق العشق الذي تكنه له...
نظر لها علي بطرف عيناه ليسألها بحدة:
-هل أعجبك ذلك؟
اومأت مؤكدة بابتسامة ماكرة متناسية ألمها:
-جدًا.
حينها استدار علي يُغلق ذلك الباب بكل هدوء ثم جذبها برفق من يدها السليمة وهي تسير معه ببراءة بلهاء...
ولكن فجأة إتسعت عيناها عنـ.ـد.ما اكتسح شفتاها بقبلة عميقة شغوفة ينتشلها بنفاذ صبر من شفتاها!..
قبلة اصبحت عدة قبلات تفقده صبره وتزيد اشتياقه لها، قبلة شهدت على تناغم رائع معزوف بينهما وقلوب طارت محلقة في سماء تلك العاطفة الجياشة...
واخيرًا تركها يلتقط أنفاسه وكأنه كان في سباق عنيف استهلك مشاعره كافة، يحدق باحمرارها الذي يدعوه لأكمال ما بدأه ولكن الوقت والزمان خاطئ!.
تنفس رائحتها بعمق وهو يخبرها بصوت خشن مثقل بالعاطفة:
-كنت أحتاج لتلك القبلة وبشـ.ـدة...!
بينما هي تستند عليه بصمت مغموس بالخجل الواضح وهي تتيقن في كل دقيقة أنها تخطت مرحلة عشق ذلك الرجل بكثير...
وصل الرجلان للمكان الذي سيتقابلان به سارة، بمجرد أن وصلت ترجلت من سيارتها تقترب منهم متساءلة بتـ.ـو.تر بدا واضحًا حتى لأعمى العينان:
-ما الذي حدث؟ هل نفذتما؟!
هز احدهم رأسه موافقًا بنبرة شبه مترددة:
-نعم ولكن...
صرخت فيه بنفاذ صبر:
-ولكن ماذا اخبرني مباشرةً دون تردد
تأفف بحدة قبل ان يتابع بحدة شارحًا لها:.
-عنـ.ـد.ما اوشكنا أن نصطدm بها ظهر شخص فجأة وانتشلها قبل أن نصطدm بها تمامًا فاصطدm الجزء الايسر منها فقط بطرف السيارة!
إتسعت حدقتا سارة بغضب أعمى شيطاني وهي تزمجر فيهم بجنون:
-ماذا تعني! لم يتحقق اي شيء ولن استفاد بشيء
بدأت تتحرك بعصبية وهي تفكر...
لن تهدأ قبل أن تنتقم لحبيبها الذي ألقوا به في السـ.ـجـ.ـن وستحرم منه ربما سنوات...
نعم حبيبها، حبيبها ثامر الذي استطاع إقناعها بمهارة أنه لم يعشق أسيل يومًا...
ببساطة رسم بعقلها ما يريد رسمه فقط!
عادت تنظر لهم مرة اخرى وهي تأمرهم مفكرة:
-ستعيدون ما فشلتم به ولكن آآ...
قاطعها ذلك الرجل بحدة قائلاً:
-بالطبع لا، الشرطة ستبحث في ذلك الأمر بالتأكيد لأنه من الواضح أنه ليس صدفة وخاصةً أنه بكل تأكيد يوجد كاميرات مراقبة امام الفندق!
سألته زاجرة بغـ.ـيظ:
-ماذا تعني؟
اجابها ببساطة:.
-أعني ستعطينا نصف الاموال التي اتفقنا عليها فقط لاننا لم نكمل المهمة على اكمل وجه ولكنها بالتأكيد تأذت
هزت رأسها نافية برفض قاطع:
-لا، بالطبع لا، ليس قبل أن تنفذا ما أريده
حينها فاحت نبرة شيطانية ماكرة لا تضاهي تفكيرها الصغير ولو بذرة من الاول الذي حذرها بخبث:
-ايتها السيدة الصغيرة لا انصحك بمعارضتنا لأن الثمن سيكون غالي، جدًا
عقدت ما بين حاجبيها تسأله متوجسة:
-ماذا تقصد؟!
بدأ الاثنان يقتربا منها والخبث يتراقص بين حدقتاهما والاول ينطق:
-نقصد أن حينها سنقضي بعض الوقت الممتع معكِ ونعتبر أننا دفعنا تلك الاموال لمتعتنا ليس لدينا أي مانع بالأضافة إلى أننا سنبلغ الشرطة بكل شيء لتتعلمي أن لا تعبثي مع من هم اكبر منكِ يا صغيرة...
إتسعت عيناها بفزع ولكن قبل أن تستطع الركض كان الاول يمسكها جيدًا ويضعها على الارض بعنف بينما الثاني بدأ يمزق ملابسها وصرخاتها تتعالى في الارجاء ولكن بالنسبة لقلوب لا يطل عليها نور الحياة فهي صماء عن ذلك الصراخ المستنجد...
بعد مرور أسبوعان...
أسبوعان مرا على عاصي وكأنهم دهر، دهر قاسي يمزق داخله رويدًا رويدًا، بحث عنها بكل مكان، كل مكان يمكن أن تذهب إليه ولكن لم يجدها، لم يجدها حتى كاد أن يفقد عقله فعليًا...!
وقد اكتشف أن اقوى عقـ.ـا.ب وعلقم لروحه العاشقة هو ابتعادها عنها فشعر أن روحه تُسحب منه ببطء...
نظر لعلي الذي يدلف مع اسيل ضاحكًا بعد أن اطمئنا بعدm وجود كـ.ـسر في ذراع أسيل ذلك اليوم، ودون أن يهتم بروحه التي تتلظى في نيران بُعدها عنه..
ركض وبكل جنون كان يجذبه من ملابسه بعنف ويلكمه بقسوة صارخًا:
-ستخبرني أين هي؟
مسح علي انفه ببرود وهو ينظر لأسيل التي تصنمت تشهق بخـ.ـو.ف ليسألها:
-هل نزفت أسولتي؟
كادت تتفحصها بلهفة مرتعدة ولكن عاصي جذبه من ملابسه يهزه بجنون صارخًا:
-أين حور أين تخبئها؟
اخبره علي ببرود وهو يبعد يده عن ملابسه:
-اخبرتك مرارًا وتكرارًا أنني لا اعلم اين هي، انا اطمئن عليها عن طريق الهاتف نعم ولكني لا ادري اين هي
بدأ عاصي يمسح على شعره عدة مرات بجنون، يا الله سيفقد أخر ذرة متعقلة داخله إن لم يجدها، إن لم يكـ.ـسر ضلوعها بين احضانه ويدmي شفتاها من شوقه لها ويضـ.ـر.بها كالأطفال عنـ.ـد.ما يخطئون وسينتقم منها على ما فعلته به حتى لا تعيد تكرارها...!
غادر المنزل كعادته يوميًا ليعيد البحث مرة اخرى، بلا كلل او ملل بينما علي يراقبه باستمتاع...
بعد اسبوع آخر...
أغلقت حور الهاتف بعد أن تحدثت مع علي الذي ساعدها لتتقدm للعمل بشركة فُتحت مؤخرًا وقد كان صديقه القديم المالك المنزل شريك بها ايضًا لحسن الحظ...
حاولت تنظيم أنفاسها الهارده، آآه من ذلك الشوق الذي يحرق احشاءها، ومن تلك الروح التي تتلوى في بُعده رغم كل شيء!
ولكنها ستنفذ العهد الذي أخذته على نفسها بكل تأكيد...
توجهت نحو السكرتارية تسألها بنبرة متـ.ـو.ترة مذبذبة:
-أين مكتب المدير من فضلك؟
سألتها الاخرى بابتسامة هادئة:
-أنتِ المتقدmة الجديدة أليس كذلك؟
اومأت حور مؤكدة فأشارت لها بنعومة نحو المكتب مرددة:
-تفضلي إنه ينتظرك...
وبالفعل دلفت حور ببطء، كان يعطيها ظهره ينظر للشرفة ولكن بمجرد أن استدار ونظر لها شهقت بصوت مسموع وهي تتراجع للخلف بذعر:
-عاصي!
اتسعت ابتسامته الخبيثة التي سرعان ما اختفت وهو يقترب منها ببطء مستطردًا بصوت ماكر مُخيف ذكرها بتلك الليلة التي تزوجته بها:.
-نعم عاصي، زوجك الذي بقيتي هاربة منه شهر كامل ظنًا منكِ أنه لن يجدك...
تشبثت قدmاها بالأرض بقوة وكأنها تتحداها، وعيناه التي ترمي سهام مشتعلة حارقة استقرت بمنتصف قلبها لا تساعدها على ترسيخ شعورها بالثقة او الصلابة...!
بدأ يقترب منها رويدًا رويدًا وعيناه تتفحصها مرددًا بصوت أجش حمل لمحة من السخرية:
-هل اعتقدتي أنني سأهدأ قبل أن اجدك زوجتي العزيزة؟!
عاجلته بأول سؤال خطر على بالها:
-مَن الذي أخبرك بمكاني؟
عقد ما بين حاجباه، يضيق عيناه التي أشعرتها أنها امام ذئب يأهب غرائزه للأنقضاض عليها، ثم سألها:
-ماذا تقصدين؟ وهل يعلم احدهم مكانك!
هزت رأسها نافية بسرعة تنقذ نفسها من الوقوع بفخ حروفه الماكرة:
-لا، أقصد آآ أقصد بالتأكيد لم يأتيك الوحي ويُعلمك بمكاني!
اومأ مؤكدًا وهو يقترب اكثر حتى أصبح امامها تمامًا يجيبها بكل هدوء يحمل خلفه افواجًا من العواصف:
-نعم، لقد علمت بطريقتي، زوجكِ ليس سهلًا عزيزتي!
ظلت هي تتراجع للخلف بتـ.ـو.تر، مع كل خطوة يقتربها يزداد تـ.ـو.ترها ويزداد تهديده المُهلك لمشاعرها، تضطرب الأنفاس اكثر وتتأهب الحواس لمَ هو مرفوض عقليًا...!
ظلت تعود وتعود وهو يقترب، إلى أن جذبها فجأة لأحضانه، عله يُسكت أنين تلك الروح ومطلب الجسد بضمها إليه...
ولكنها وبكل تلقائية كانت تدفعه بعنف بعيدًا عنها مزمجرة:
-ابتعد عني.
ودون شعور كانت تترنح وتسقط على الأريكة خلفها، دنا منها ببطء يبتسم حتى قرب وجهه من وجهها كثيرًا، اضطربت أنفاسها وبدأت تبلل شفتاها بتـ.ـو.تر رهيب وهي تهمس متساءلة:
-ماذا ستفعل عاصي اتركني
هز رأسه نافيًا ببساطة:
-لن أفعل!
ازداد قربه، دقات قلبها كصرخات الطبول في حرب عنيفة، حرب أصبحت مسلوبة الراء...
رفع يده ببطء يتحسس قسمـ.ـا.ت وجهها باشتياق، يا الله كم اشتاقها، اشتاق لحـ.ـضـ.ـنها، اشتاق لملمس بشرتها...
فهمست هي بصوت مبحوح يصله بصعوبة:
-عاصي...
تأوه بخشونة وهو يضمها له بقوة، يدفن وجهه عند رقبتها المخفية اسفل حجابها ورائحتها تتخلل أنفه لتخدره ببطء، بينما يردد بصوت عاشق خالص:
-قلب عاصي وروحه التي لا يستطع الابتعاد عنها
رفع يداه يفك حجابها بلهفة يود امطار ناظريه بخصلاتها التي يعشقها، يود أن يخلل اصابعه فيها كما كان يفعل...
حاولت هي أن تدفعه معترضة بحدة خفيفة:
-اتركني عاصي، لا تفعل.
ولكنه لم يكن يعيرها اهتمام ابدًا، وبالفعل بعد لحظات كان يبتسم وهو يفرد خصلاتها هامسًا بصوت حاني:
-اشتقتُ لكِ، اشتقت لكل شيء بكِ!
حينها بدأت تهز رأسها نافية، للحظة كادت تضعف، كادت أن تصرخ باشتياقها له، كادت أن تخضع لسحر اللحظة كالعادة!
ولكنها نفضت غبـ.ـار الضعف عنها بسرعة وهي تنهض لتلملم خصلاتها مذكرة نفسها بكل ما فعله معها، وما إن انتهت حتى همست له بحدة قاسية:
-ولكني لم اشتاق لك ابدًا ولن أشتاق!..
كادت أن تستدير لتغادر ولكن استدارت له مرة اخرى قائلة بصلابة:
-وإن كنت تعتقد أنك ستجبرني على العودة معك فأنك مُخطئ!
هز كتفاه ببساطة يخبرها:
-ومَن الذي قال أنني سأجبرك على العودة معي، على العكس تمامًا سأتركك حتى تقررين أنتِ العودة بأرادتك
هزت رأسها برضا ولكنها حذرته هاتفة بحدة:
-جيد ولكن لن تعترض طريقي مرة اخرى، وليكن بعلمك أنا سأعمل هنا لأنني لا أهرب من شيء سيء فعلته بل أنت مَن يجب أن يهرب!
ابتسم عاصي دون رد على شراستها، شراستها تلك ترضيه وتشعل نوع من حرب القط والفأرة!..
عدل من هندام قميصه وهو يجلس على مكتبه، ثم ردد بصوت اجش هادئ:
-حسنًا، من الغد ستكونين في رأس عملك، ألا وهو السكرتيرة الخاصة بي!
سعلت عدة مرات بتـ.ـو.تر وهي تحدق به، السكرتيرة الخاصة به يعني ذلك أنها ستكون تحت عيناه دائمًا، قريبة منه، ستختلط به كثيرًا وربما دومًا!
ترددت كثيرًا قبل أن تنطق بتحدي:.
-حسنًا اتفقنا، ولكن لن يعلم أي شخص أنني زوجتك
لم يتخل عن ابتسامته الماكرة وهو يومئ موافقًا على مضض:
-كما تريدين!
استدارت وكادت تذهب ولكن اوقفها عنـ.ـد.ما نادى عليها برقة:
-حور...
إلتفتت له بصمت ليشير لها بإصبعه أن تأتي، بالفعل اقتربت بحسن نية ولكن فجأة وجدته يجذبها من خصرها لتصبح ملتصقة بالمكتب وهو خلفه، ودون تردد كان ينتشل قبلة عميقة لشفتاها التي تستفزه منذ دخولها...!
إتسعت حدقتاها بعدm تصديق ليهمس هو ببساطة:
-تلك حتى أمسح أحمر الشفاه الذي تضعينه، وإن وضعتيه مجددًا سأعتبرها دعوة لأمسحه بنفسي!
ركضت للخارج بسرعة دون كلمة اخرى وهي تستمع لضحكاته الرجولية حتى لا تظهر له حمرة الخجل التي استوطنت وجنتاها تلقائيًا والتي تُدلي بـ.ـنتيجة واحدة، انها مازالت تتأثر به!..
↚كانت ريم تركب السيارة جوار ظافر متجهان لمكان لا تعلمه ريم ولكنها تسير معه بناءًا على وعده بنزهة لطيفة!..
لازالت تتذكر مجيء الشرطة للمستشفى ذلك اليوم واستجوابهم لظافر، صدرت عنها تنهيدة عميقة وهي تراقبه بطرف عيناها هاتفة بتساؤل شارد:
-ظافر، ألم يُحـ.ـز.نك إخبـ.ـاري للشرطة ذلك اليوم؟
تفرق ثغره بابتسامة حانية متزامنة مع حروفه المؤكدة بحزم حاني:.
-بالطبع لا، إن لم تفعلي ذلك لكنت اعتقدت أنني لا أهمك كثيرًا...!
ابتسمت بتـ.ـو.تر ولكنها سألته رغم ذلك لتطمئن قلبها الذي يضخ بجنون مرتعد:
-هل لي أن اسألك؟ ماذا سيحدث الان!؟ أنت لا تريد أن تخبرني بأي شيء!
إلتفت ظافر لها، أمسك يداها الصغيرتان بين كفاه الكبيران، يربت عليهما بحنان ثم همس لها برفق:.
-لا تخافي صغيرتي، لن يحدث شيء مهم، أنا ارسلت احدهم لشركة ذلك اللعين ليعمل لديهم فترة ثم يفديني لأعوض خسارتي، بالأضافة لكونهم مشغولون بتحقيقات الشرطة معهم تلك الفترة بسبب شكوتنا، والان نحن سنذهب مدة يومان نقضيهم بمفردنا باسترخاء حتى يخبرني رجلي أنه أتم ما كلفته به!
ثم سألها مشاكسًا يقلدها:
-هل توجد اسئلة اخرى؟
هزت رأسها نافية بابتسامة عاشقة، ليشغل هو السيارة ويتجه بها نحو المكان المقصود...
بعد فترة ليست بطويلة...
أوقف ظافر سيارته بمكان هادئ امام بحر، ترجل من السيارة وهو يشير لريم أن تنزل بابتسامة حنونة، توجها معًا نحو سفينة كانت تستقر على الشاطئ ليصعد ظافر اولاً ثم يسحب ريم برشاقة خلفه...
كانت الابتسامة تزين وجهها حتى قبل أن ترى مفاجأته، تخللت يداه يداها برفق وهو يسحبها للداخل...
وبمجرد أن دخلوا كانت المفاجأة، السفينة من الداخل مظلمة لا يُنيرها سوى الشموع، وبعض الورود مُلقاه ارضًا بأول حرف من اسم ريم بالأنجليزية، وبعض البالونات في الأعلى مُلصقة، شهقت ريم بصوت مسموع وهي تحتضنه، الفرحة تغلغلت لمسام روحها باتساع، وذلك الشعور أن احدهم يحاول إسعادك يجعل كيانها كله ينبض بعشق ذلك الرجل...
نظرت له بامتنان يصل للسماء وهمست:
-شكرًا، شكرًا كثيرًا...
ابتسم هو بحنان يراقب تلك الفرحة التي تلمع كالوميض السحري بعيناها، ثم أشار لها برأسه متمتمًا:
-هيا تعالي اعددت لعشاء سيعجبك
اومأت مسرعة بحماس، ولكن هي تسير إلتوت قدmاها فجأة فصرخت بألم وكادت تقع ولكن يد ظافر كانت الأسرع لتحيط بها وهو يقربها منه بتلقائية، أصبح وجهها مقابلًا لوجهه تمامًا، العيون تتقابل في ملكوت آخر والقلوب تصدح بتناغم لا ارادي...!
همس ظافر بمشاكسة وهو يغمز لها بطرف عيناه:.
-بدأتُ احب هذا المكان!
حينها ضحكت ريم وهي تنتفض مبتعدة عنه بخجل واضح، سار ظافر بهدوء يسبقها وهو يفتح الثلاجة ليُخرج شيكولاته من احدى الانواع الفخمة، اشار بها امام عيناها وهو يسألها بنبرة مرحة:
-ألم تكن تلك الشيكولاته المستوردة من الولايات المتحدة التي كنتي تريدينها؟
اومأت مؤكدة وهي تنتشلها منه بفرحة كالطفلة الصغيرة، فتحتها ريم بحماس ولكن قبل أن تأكلها كان هو ينتشلها منها بمكر، نظرت له بحنق مغمغة:.
-ماذا؟
فتحها هو ببطء ثم كـ.ـسر قطعة منها ليضعها بفمها ولكن بلحظة وبسرعة البرق كان يُقبلها هو ما إن وضعها بفمها، يلتهم ثغرها المُلطخ بالشيكولاته بلهفة انغمست برنين الشوق ودقات القلوب الجهرية...
بعد ايام...
كان علي يتقدm نحو السـ.ـجـ.ـن الذي يقطن به ثامر بعد أن أخذ الأذن وبصعوبة لزيارته، وبالفعل دلف له بكل ثقة ليهب ثامر منتصبًا ما إن رآه...
لوهله اعتقد أنه نجح وأسيل قد أجهضت، فارتسمت ابتسامة متشفية مريـ.ـضة على ثغره وهو يهتف:
-علي الجبوري بنفسه قرر زيارتي! يا مرحبا
اقترب علي اكثر ثم أردف بصوت خبيث مُلون بالغل والحقد:
-جئت لأخبرك بخبر سعيد
بدأت دقات ثامر تزداد بقلق، وخيط خياله المنتشي يسير في الاتجاه المعاكس تمامًا لما اراده...!
ولكنه سأله بصوت حاول جعله قوي:
-ما هو؟
حينها جلس علي واضعًا قدm فوق الاخرى، ثم نظر له يأهب عيناه لاستقبال ردة فعله على الصفعة الكلامية التي سيُسددها علي له وتابع:
-سارة المسكينة في مستشفى الامراض العقلية لم تستطع تخطي صدmة اغـ.ـتـ.ـsـ.ـابها! بل واعتراف احد المجرمين للشرطة بأنه مَن حاول أن يصدm أسيل بسيارته باتفاق معك...
ثم نهض تتسع ابتسامته وهو يكمل:.
-بمعنى أنه لم يعد لك اي شخص يساعدك في الخارج، ومدة سـ.ـجـ.ـنك بدلاً من ثلاث سنوات زادت للخمسة! اعتقد أنك ستُبشر بذلك الخبر بعد قليل ولكني فضلت أن اخبرك انا به..
كان كل شيء ينهار أمام عينا ثامر ، ما خطط له، مَن كانت تساعده، تيقن من خسارته التامة ل أسيل، وسيظل حبيس بين اربع جدران لخمس سنوات كاملة يعلم الله وحده كيف سيقضيهم...!
صرخ بجنون وهو يضـ.ـر.ب الحائط عدة مرات بينما علي يبتسم بتشفي وراحة تامة تهاجم جوارحه الغائرة...!
ثم استطرد ببرود ثلجي:
-الى اللقاء، اووه عذرًا أقصد الوداع!
ثم سار بكل هدوء متجهًا للخارج تاركًا ذاك الذي كاد أن يفقد عقله حرفيًا...
في احدى الايام...
يستمر تجاهل حور لعاصي الذي كادت أن تتلف اعصابه من ذلك التجاهل الذي يُهلك روحه ويخدش كرامته بقسوة ولكنه دائمًا ما يرمم تلك الخدوش بعشقه الدفين لها حتى ينال ذلك الغفران الذي شعر أنه تخطى ابواب السماء واصبح صعب المنال بل مستحيل...!
خصص لها مكتب خاص جواره تمامًا حتى لا تكون في الخارج تختلط بذلك وذاك، تجاهل أعماله التي تركها عنـ.ـد.ما سافر وجاءها دون تفكير بمجرد أن علم مكانها من علي...
للحظات يوسوس له شيطانه أن يأخذها عنوة ويعود بها لمنزلهم ولكن ترن جملة علي بأذنيه كالرعد دائمًا
عاصي، لقد أخبرتك بمكانها حتى تذهب خلفها وتُشعرها أنها لها قيمة، أنها ليست منسية، أنك ستفعل المستحيل لتنال غفرانها، لا لتجبرها على ما لا تريده وحينها لن اقف اشاهد، ارجو ألا تخذلني !
تأفف بضجر وهو يتجه للمكتب الذي تقطن به، الاسباب التافهه التي يتخذها حجة ليراها اصبحت مكشوفة جدًا حتى لبعض الموظفين...!
حتى انه ذات مرة توجه لها ليخبرها أن احد العملاء سيأتي وأن تحضر له بعض الاشياء التي لا تهم بالمرة...
ولكن لا يهم، كل الذي يهمه أن يعود ويرى ذلك العشق يُنير تلك العينان التي لا تجعلناه ينام الليل بـ.ـارتياح بالرغم من أنه يقطن بأحدى المنازل الملتصقة بمنزلها...!
طرق باب مكتبها مرة واحدة ودون أن ينتظر كان يفتح الباب ليدلف بتلقائية ولكن تجمدت عيناه بصدmة وهو يرى احد الموظفين يجلس امام حور ويبدو أنه ممسكًا بيدها، احتدت عيناه حتى أصبحت كجمرة من النار خلقتها الشياطين، اقترب منهم بسرعة البرق ونظراته لا تدل على خير ابدًا فانتصبت حور بفزع تتراجع للخلف وهي تدعو أن يمر الامر بسلام ولكنه لا يبدو كذلك اطـ.ـلا.قًا...!
خلال لحظات معدودة كان عاصي يجذب ذلك الرجل من قميصه بعنف ليُسقطه أرضًا وهو يلكمه ويضـ.ـر.به في اجزاء متفرقة بجنون، بينما حور تصرخ بفزع وهي تحاول تفريقهم ولكن عاصي كان كالثور الهائج، وكأنه أطلق حرية الوحش المستكين داخله، وترك إعصار الغيرة المـ.ـجـ.ـنو.ن ليتحكم به!..
وعنـ.ـد.ما كاد الرجل أن يفقد وعيه صرخت حور مزمجرة في عاصي:
-يكفي عاصي ارجووووك.
واخيرًا تركه وهو يلهث بصوت مسموع، يحدق به بشراسة وكأنه يود قــ,تــله في تلك اللحظات ليُسكت لهيب الغيرة الذي يحرق دواخله بجنون...!
أمسكت حور عاصي بسرعة وهي تنظر للاخر مرددة بتوجس:
-هيا انهض ارجوك وغادر الان
وبالفعل نهض ليغادر ولكن قبل أن يخرج كان عاصي يصـ.ـر.خ بصوت جمهوري مُحذر:
-بلا عودة، وإن رأيتك بالقرب منها ولو بمحض الصدفة أعدك ألا أتركك إلا وأنت تلتقط انفاسك الأخيرة...!
خرج بالفعل يمسح الدmاء التي لخطت وجهه ترسم غيرة ذلك المـ.ـجـ.ـنو.ن على ملامحه، وما إن تأكد عاصي من خروجه حتى جذب حور من ذراعها يقبض عليهما بعنف حتى تأوهت بألم هامسة:
-عاصي ذراعي
بدأ يهزها بجنون، غمامة الغيرة تعمي عينيه عن أي شيء، لا تصل أي انذارات لعقله سوى أن احدهم كان يمس جزء منها...!
ثم صار يهدر فيها بعنف مستنكرًا ما إلتصق بذاكرته:.
-كيف تتركينه يمسك يدك هكذا؟! تجاهلتيني ولم اعترض، أهنتيني واحكمت زمام اعصابي لأصمت، هـ.ـر.بتي دون علمي وايضًا لم أحاسبك، ولكن يصل الأمر أن يلمس رجل آخر جزء منكِ! هذا ما لن أصمت عنه ابدًا...!
عضت حور على شفتاها تحاول تمالك نفسها، تحاول كبت تلك الدmـ.ـو.ع التي تتسابق لتنهمر مغرقة وجنتاها، سمعته يهزها بعنف اكبر وهو يسألها بنفس الصوت الحاد:
-ما الذي كان يفعله ممسكًا يدك اجيبيني؟
ابتلعت ريقها عدة مرات، ثم بدأت تخرج الحروف من بين شفتاها عنوة وهي تخبره:
-سقطت الأسوره فكان يحاول مساعدتي لأرتديها مرة اخرى فقط رغم اعتراضي، لم يكن يمسكها اعجابًا منه بي!
كز على أسنانه والغـ.ـيظ المغموس بغيرته العاصفة مازال يحرق الاخضر واليابس داخله، ثم أردف بصوت أجش متملك:
-رغم ذلك لم يكن يجب عليكِ أن تتركيه يساعدكِ، الاقتراب منكِ ولمس أي جزء منكِ ولو يداكِ، ملكية خاصة لي فقط!
تركها اخيرًا وهو يتنفس بعمق، يتماسك ويتماسك ثم تأتي الغيرة كالعاصفة التي هبت على اوراق شجر متماسكة بصعوبة لتدmر تماسكها ذاك...!
نظر لها ثم استطرد يحاول تهدأة نفسه:
-في المرة القادmة لا أعدك أن اتمالك نفسي ورد فعلي لن يكون مجرد صراخ وغضب فقط!..
حينها رفعت هي عيناها له تقول بصوت متحشرج مهزوز من البكاء الذي يشرف على حروفها رغمًا عنها:
-لا يحق لك التدخل بحياتي اساسًا سيد عاصي، لا تنسى ذلك!
كادت تستدير لتغادر ولكنه امسك يداها جيدًا ثم سحبها خلفه نحو الخارج، حاولت هي إفلات يدها من بين قبضته وهي تتشـ.ـدق بحنق واضح:
-عاصي اتركني ماذا تفعل؟!
ولكنه كان متجاهلاً اياها تمامًا حتى اصبحوا امام حشـ.ـد من الموظفين، فجذبها له ببطء حتى أحاط خصرها بيداه حتى أصبحت ملتصقة به، شعر بتلك الرعشة التلقائية التي انتابتها بمجرد أن مستها يداه، ولكن ما هز أعماقها حرفيًا هو صوته الذي صدح في الارجاء يتابع:.
-حور تكون زوجتي، ويعني ذلك أنه لا يحق لأي شخص منادتها دون ألقاب حتى، ولا احتاج أن اقول أن مَن سأراه من جنس الرجـ.ـال يختلط بها بأي طريقة دون سبب واضح ومُحدد سينال عقـ.ـا.ب ليس هينًا!
ثم استدار بنفس الهدوء وهو يسحب حور معه متجاهلاً الهمهمـ.ـا.ت التي بدأت تصدر عن الموظفين بينما حور يكاد الخجل أن يشطر وجهها نصفين من شـ.ـدة تأثيره عليها...!
ما إن دلفا إلى الغرفة أمسك عاصي يداها الاثنان بين يداه برقة، ليرفعها لشفتاه ثم قبلهما بكل ذرة حنان يمتلكها، ليرفع عيناه التي تفيض حنانًا وعشقًا لون بريق عيناه الرمادية فهمس بخشونة:
-اعتذر حوريتي ولكن أرجو ألا تختبرين صبري مرة اخرى خاصةً في غيرتي عليكِ...!
سحبت يداها من بين يداه بسرعة وهي تتمتم:
-حسنًا ابتعد اتركني.
زفر عاصي بضيق واضح، بعد دقيقة واحدة تقريبًا سمعوا طرقات هادئة على الباب فقال عاصي بهدوء:
-تفضل
حينها دلفت امرأة بخطى واثقة نحو الداخل، وتلقائيًا كانت نظرات حور تتفحصها بتركيز انثوي غيور، بدءًا من خصلاتها الصفراء التي تصففها بعناية وتتركها تنساب على ظهرها ومساحيق التجميل الواضحة، حتى ملابسها الضيقة التي تبرز مفاتنها بشكل مقزز!
وفي اللحظة التالية كانت تقترب من عاصي جدًا وتصافحه بابتسامة ناعمة مرددة:.
-سررتُ كثيرًا برؤيتك سيد عاصي، لم أصدق عنـ.ـد.ما أخبرني أسامة أنك أنت مَن ستتسلم العمل لفترة لحين عودته
ابتسم عاصي ابتسامة عملية وهو يردف:
-وانا اكثر سيدتي..
ثم اشار لها أن تجلس بلطف:
-تفضلي
ثم نظر لحور التي كادت النيران أن تخرج من اذنيها من شـ.ـدة الغيرة التي بدأت تشتعل ببطء في فتيل عشقها الذي كانت تحاول دفنه داخلها، ليستطرد ببرود مصطنع:
-يمكنكِ أن تنصرفي حور، نتحدث لاحقًا!
إتسعت حدقتاها بذهول، منذ دقيقة يُقبل يداها بحنان والان يأمرها بالمغادرة ببرود ليجلس مع تلك الشمطاء؟!..
رمتهما بنظرة حادة مشتعلة لو كانت تنتمي لخيوط الواقع لكانت إنغرزت بهما كالسهم السام، وبالفعل غادرت وهي تتمتم بصوت خفيض:
-حسنًا سيد عاصي أنا سأريك كيف تخرجني لتجلس مع تلك اللعينة بمفردكما!
ثم لوت شفتاها وهي تقلدها بغـ.ـيظ:
-سررتُ برؤيتك سيد عاصي!، لعنك الله عكرتي صفو مزاجي!..
وصل كلاً من علي و أسيل إلى أحدى العمارات لتشاهد اسيل احدى المنازل التي اختارها علي ليصبح منزلهما...
توجها نحو المصعد بهدوء لتدلف أسيل اولاً ثم علي من بعدها، ولكن فجأة وبمجرد أن تحرك المصعد شعرت أسيل بدوار خفيف يداهمها فاستندت بتلقائية على علي فأحاطها هو بذراعاه دون تردد هامسًا:
-ما بكِ حبيبتي؟
هزت رأسها نافية بصمت، حينها لاحظ هو ذلك الوضع، هي بين أحضانه تمامًا، وجهها امام وجهه مباشرةً، ابتسم بمرح ثم قال:
-بدأت أشك أنكِ تتعمدين أن يمسكنا احدهم في حالة تلبس في المصعد!
ضحكت أسيل برقة ثم رفعت رأسها بتلقائية لتصطدm مقدmة رأسها بشفتاه...
حينها امسك وجهها بين يداه، ينظر لعيناها التي دائمًا تسحبه للغرق بها، ثم همس بصوت منخفص مثقل بالعاطفة الحادة:
-القبلة لا تصبح هكذا عزيزتي، بل هكذا.
قال اخر كلمة وهو يغمزها بطرف عيناه بمكر، ليهبط لمستواها يسـ.ـر.ق شفتاها في قبلة سريعة ولكنها عميقة اثارت زوبعة من المشاعر اللاهبة داخلها وداخله ايضًا...
ابتعد بعد دقيقة يتنفس بصوت مسموع ليُفتح المصعد على مصرعيه، سارت أسيل امامه دون كلمة اخرى لتتجه للمنزل بسرعة..
دلف علي ليرحب بهم صاحب المنزل ثم بدأوا يشاهدون المنزل بتفحص...
ولكن فجأة امسكت اسيل برأسها ليزداد ذلك الدوار ومن دون مقدmـ.ـا.ت كانت تسقط مغشية عليها بين ذراعي علي الذي صرخ بأسمها فزعًا...
كان ظافر يقف امام ابراهيم الجبوري بهدوء يتوسله الانتباه للحظات فقط ليخبره ما اراد، بينما الاخر يتفحص شيء على اللابتوب ببرود، حينها زمجر ظافر فيه بعصبية خفيقة:
-عمي، لن يحترق الجهاز إن نظرت لي دقيقتان فقط!
لوى شفتاه بامتعاض يسأله:
-هااا؟ اخبرني ظافر ماذا حدث؟
تنحنح عدة مرات قبل أن يخبره بجدية تامة:
-اريد تحديد موعد زفافي انا وريم
صمت ابراهيم للحظات، ثم سأله ببرود:.
-وهل أنهيت مشاكلك مع ذلك الرجل قبل أن تتزوجا؟!
اومأ مؤكدًا وهو يحاول التمسك بخيوط الهدوء التي كادت تنساب من بين يداه:
-نعم، في الغد في المناقصة سأدmره نهائيًا وآخذها انا كما حاول تدmيري، بالاضافة الى كونه ربما يقضي شهور في السـ.ـجـ.ـن
اومأ ابراهيم بلامبالاة متابعًا:
-ليس لدي مانع، احضر والداك ولنحدد اقرب وقت مناسب بما أن المنزل جاهز وكل شيء
اومأ ظافر مؤكدًا بحماس هادئ:
-حسنًا عمي، غدًا في الثامنة نكون عندكم.
ثم استدار ليذهب حينها اقتربت منه ريم توعده بابتسامة واسعة تقطر سعادة وحماس ليس أقل منه، ليلتقط قبلة سريعة لشفتاها متمتمًا:
-إلى اللقاء حبيبتي
إتسعت حدقتاها وهي تزجره بحدة:
-ظافر
عض طرف شفتاه بمكر يخبرها بهمس عابث احرق وجنتاها من الخجل والحرج:
-قلب ظافر، كلها ايام قليلة حينها سأفعل ما اشاء بكِ وليس مجرد قبلة يتيمة بريئة.
ثم غادر يضحك على وجهها الذي اصبح كحبة طماطم لامعة بينما هي تحدق في اثره بهيام لم تستطع اخفاءه...!
بعد إنتهاء العمل في الشركة...
هبطت حور كعادتها تنوي التوجه لمنزلها كالعادة يوميًا، ولكن فجأة توقفت متسمرة مكانها عنـ.ـد.ما رأت تلك الشمطاء التي لا تعلم لها أسم حتى الان، تقترب من عاصي الذي كان يركب سيارته، قالت له شيء ثم ضحكت وهي تركب معه ببطء ناعم...
ودون تردد او تفكير كانت حور تقترب منهم بسرعة البرق، دفعتها وهي تركب مرددة بدهشة مصطنعة:.
-اووه حقًا اعتذر لم ألاحظ انكِ تودين الركوب جوار زوجي في مكاني!؟
تلون وجه الاخرى بألف لون ولون وهي تنظر لعاصي وكأنها ترجوه أن ينقذها بأي كلمة ولكن عاصي كان مبتسمًا بصمت يراقب الغيرة التي تستوطن نظرات حور مشوبه بالشراسة الانثوية الحادة في تلك المواقف...
فابتلعت ريقها بتـ.ـو.تر وهي تتابع قائلة لحور:
-اعتذر سيدة حور لم اكن اعلم أنه ينتظرك.
تجاهلتها حور وهي تركب جوار عاصي، امسكت كفه الخشن العريض تخلل اصابعها في اصابعه وهي تهمس بابتسامة بـ.ـاردة دون أن تنظر لها:
-ليست مشكلة، إن كنتي تودين المجيء تفضلي!؟
هزت الاخرى رأسها نافية بسرعة:
-لا لا، شكرًا لكما
حينها إنطلق عاصي بسيارته لينفجر ضاحكًا بصخب، تأففت حور بغـ.ـيظ وهي تفلت يده ليهز رأسه نافيًا وهو يعود يمسك يدها:
-لا، اتركيها، للحظة كدتُ اتوقف لأشكرها لأنها استطاعت تحريك جبل الثلج!
كادت حور أن تعترض بحنق مغتاظ ولكن فجأة إتسعت عيناها بفزع وهي تلمح احدهم لتصرخ بعاصي بسرعة أن يتوقف و...
↚وبالفعل خلال لحظة كان عاصي يقف، بدأت الحروف تهتز بعنف بين شفتاها وذكرى ما حدث تتماوج بين ثنايا عقلها دون توقف...!
واخيرًا استطاعت النطق بحروف متقطعة لا يربطها سوى تـ.ـو.ترها وفزعها المفاجئ:
-عاصي، هذا الرجل، هذا الرجل هو مَن أختطفني ذلك اليوم هو وبعض الاشخاص!
اتسعت عينا عاصي بشراسة مبطنة، الغل الذي هشم دواخله كالصدئ في الحديد عاد ليطفو على سطح جوارحه الغائرة ليسب بصوت مسموع وهو يفتح الباب يكاد يترجل من السيارة بسرعة:
-لعنه الله ذلك الحقير سأقــ,تــله..
ولكن وجدوه يركب سيارة ما ويسير بها لذا ومن دون تردد كان عاصي يشغل المحرك وينطلق خلفه، بينما حور تردد بنبرة مرتعدة:
-عاصي لا، دعنا نعود رجاءًا لا تذهب خلفه لا نضمن ماذا نفعل.
ولكن عاصي لم يعطي كلامها أي اهتمام، كانت عيناه تتحرك مع حركة ذلك المعتوه تلقائيًا، وعقله لا يسير سوى في نقطة واحدة يتمحور حولها، أن ذلك اللعين تجرئ عليه وعلى أهم شخص بحياته وبأسوء الطرق...!
هبط ذلك الشخص بعد فترة امام احدى المنازل، نظر عاصي لحور بسرعة قائلاً بجدية حادة يُحذرها:
-لا تنزلي من السيارة مهما حدث، أفهمتي حور؟
كادت تعترض ولكنه لم يعطها الفرصة، ترجل من السيارة وهو يغلق الأبواب بعناية، ثم إنطلق خلف ذلك الشخص...
ولكن حور بالطبع لم تكن لتنتظر، القلق يدب باب مشاعرها في تلك اللحظات بعنف..!
ترجلت خلفه بتهور تسير خلفه وهي تنظر يمينًا ويسارًا، لتهمس تبث نفسها الشجاعة التي فرت ادراج الرياح:
-إن كان خيرًا فليكن معًا وإن لم يكن فأيضًا معًا...!
بينما عاصي تبع ذلك الشخص ولكن قبل أن يدلف لمنزله كان عاصي يسحبه من ملابسه بعنف وهو يصـ.ـر.خ فيه:
-أيها ال ماذا تريد من زوجتي؟!
والآخر كان مذهولاً يحدج بعاصي الذي كان كأعتى الرياح عنـ.ـد.ما تهاجم استكانة النسيم، بدأ عاصي يضـ.ـر.به بعنف ويكرر سؤاله بلا توقف:
-ما الذي كنت تريده منها؟ بماذا أذتك تلك المرأة؟
دفع عاصي عنه بقوة ثم صاح يسأله مستنكرًا:
-أي زوجة يا هذا؟! ومن أين لي أن اعلم مَن تكون زوجتك؟!
أمسكه عاصي من تلابيبه يزمجر فيه بجنون وكأنه سيرتكب جريمة حتمًا:
-زوجتي الحامل التي اختطفتموها أنت وبعض الأوغاد مثلك
وفي تلك اللحظة كانت حور تقف على بُعد مسافة قريبة منهم، تتابعهم بقلق رهيب وعيناها تكاد تخرج من مكانها لهفةً لتحتضن ذلك الوحش الكاسر الذي تعشقه...!
حينها إلتفت لها عاصي يهدر بانفعال:
-لمَ أتيتي؟ آآ...
وقبل أن يكمل باقي صياحه كان الآخر يُخرج سكين صغير مستغلاً إنشغال عاصي ب حور ثم ودون تردد كان يُصيب عاصي بها بعشوائية في بطنه...!
صرخة حور إنطلقت لحظة ولادة صرخة عاصي التلقائية المتألمة، نقطة واحدة كانت غائرة، صادmة، وما بعدها مجرد فراغ!
ولكن لحسن الحظ ان ذلك الرجل لم يغرزها بعاصي بل أصابه في جوف البطن فقط، أمسك به عاصي جيدًا حتى لا يفلت من بين يداه وراح يضـ.ـر.به بعنف اكبر واكثر...
وبالطبع كان الآخر يقاوم ولكن بنية عاصي الجـ.ـسمانية ساعدته على الصمود، بدأ الرجل يلتقط أنفاسه اللاهثة بأرهاق مرددًا:
-حسنًا، حسنًا سأخبرك أنتظر!
امسكه عاصي بأحكام متجاهلاً ذلك الألم الذي يزداد داخله مع الحركة..
وبالفعل بدأ الرجل يتحدث ولكن بكلامه، كان ك من ينتقل من حقبة زمنية مشحونة لأخرى هادئة تفرغت من شتى الانفعالات الوهمية...!
-خطيبتك هي التي جاءت لي مع شخص أعرفه وطلبت مني أن أفعل ما فعلته.
كان عاصي على حافة جنونه من الذهول ولكن رغم ذلك سأله بصوت مشـ.ـدود:
-خطيبتي مَن أيها اللعين؟
صمت الاخر برهة من الزمن ثم نطق بتـ.ـو.تر:
-لا اذكر جيدًا ولكن أعتقد كان أسمها ريهام!
حينها وبحركة مباغتة كان عاصي يضـ.ـر.ب رأسه بقوة ليفقد الآخر وعيه بعد دقيقة تقريبًا، نهض عاصي يُخرج هاتفه ينوي الاتصال بالشرطة ولكن حور ركضت نحوه تنظر لجـ.ـر.حه بلهفة وهي تصيح فيه بخـ.ـو.ف:.
-بماذا تشعر؟ هل يـ.ـؤ.لمك؟ هل هو غائر؟ أنتظر لنراه قبل أن يزداد النـ.ـز.يف ويصبح الامر اخطر، لا لا بل هيا نذهب للمستشفى، ولكن انتظر لأربطها لك، عاصي آآ...
قاطع عاصي ثرثرتها الطفولية المرتعدة وهو يرفع وجهها له ببطء يضع إصبعه على شفتاها لتصمت، تلوى ثغره بابتسامة ماكرة وهو يهمس لها:
-أوتقولين أنكِ لا تحبيني؟ أنتِ تعشقيني حوريتي!..
للحظة تـ.ـو.ترت وهو يصل لأعمق احساسها مستغلاً تلك الزوبعة من المشاعر التي تتضادد داخلها، ولكنها اومأت وهي تعاود النظر لجـ.ـر.حه بنبرة طفولية:
-لقد كنت أكذب كما كنت تكذب أنت أيها الأحمق هل ارتحت الان؟ نعم انا أعشقك ولم أستطع أن اجبر نفسي على كرهك!..
رمى عاصي نظرة سريعة لذلك الرجل الفاقد الوعي وهو يردف مشاكسًا:.
-ما رأيك عنـ.ـد.ما يعود لوعيه أخبره أنتظر رجاءًا لنكمل حوارنا ثم هاجمني مرة اخرى كما تشاء لأن زوجتي العزيزة وأخيرًا حنت عليّ ؟!
بدت حور وكأنها انتبهت لتلك النقطة فابتعدت على الفور ليتصل عاصي بالشرطة وهو يبلغهم بما حدث بكل هدوء...
بعد فترة وبعد إنتهاء تحقيقات الشرطة كان عاصي يسحب حور بعد هدوء بعدmا ساعده احدهم ووضع له ضمادة على جـ.ـر.حه...
نظرت له حور بتـ.ـو.تر متساءلة:
-إلى أين سنذهب الان؟
لم ينظر لها بل كانت نظراته تسبح في عالم آخر اتصاله مباشر بعقله فقط، ثم رد ب:
-سنقوم بشيء تأخرت كثيرًا في فعله.
ابتلعت حور ريقها بازدراد ولم تنطق مرة اخرى، وداخلها يعلم أن كلامها سيصبح مجرد صفر على اليسار في معادلة لا يُحيكها سوى عقله المذبذب بشتى الأحداث...!
وصلا امام منزل ريهام فأخرج عاصي خاتم خطبته من صندوق في السيارة وهنا ابتسمت حور تلقائيًا فهو لم يكن يرتديها ابدًا منذ أن ارتبط بتلك المعتوهه ريهام...
ترجل عاصي من السيارة بهدوء هامسًا لها:
-هيا تعالي حوريتي.
وبالرغم من القلق الذي لم تستطع منع وصول ألوانه لخلفية مشاعرها إلا انها سارت معه بكل هدوء بالفعل...
دلفا تجاه المنزل فأطرق عاصي الباب عدة مرات بهدوء، فتح له زاهر والد ريهام الباب ثم هتف بدهشة:
-عاصي! خيرًا تفضل
هز عاصي رأسه نافيًا بكل برود وهو يخبره:
-لم آتي لأتفضل...
ثم ألقى نظرة سريعة تجاه ريهام التي ظهرت تراقب الموقف بحذر، ليرمي الخاتم ارضًا باشمئزاز متابعًا:.
-جئت لأخبركم بأسفي وتقززي من نفسي لأني ناسبت واحدة ك ريهام وإن كان شكليًا، وليكن بعلمكم لم اكن مَن أختارها ابدًا، بل حاولت بشتى الطرق الذوقية أن اخبرها أنني لا اريدها ولكنها كانت أخبث مما توقعت، لدرجة أن ترسل بعض ال ليخطتفوا زوجتي ويهددوني بها وحتى الان لم ادري ماذا أرادوا منها...!
كان والد ريهام مذهول، يحدق بعاصي بأعين متسعة ترجوه النفي، لا يصدق أن ابـ.ـنته الوحيدة تصل لهذا المستوى من التفكير...!
حينها زفر عاصي بصوت مسموع ثم استطرد:
-لو أردت لكنت أتهمتها في محضر رسمي امام الشرطة، ولكني اكتفيت أن ذلك الشخص أعترف للشرطة واخبرهم بأسمها لأنك لست برجل سيء ولم تؤذني يومًا بل ساعدتني، لذا أنا اترك لك الفرصة، إن استطعت إنقاذ ابـ.ـنتك من تلك القضية بمعارفك فافعل!
ثم وبنفس البساطة امسك يد حور بحنان ليُقبلها بعمق امام أعين ريهام الحاقدة ليغادر معها بكل برود...
بمجرد أن ركبا السيارة نطقت حور هامسة بابتسامة عاشقة يُنيرها عشق عاد يصدح للنور وبقوة:
-عاصي...
همهم بصوت حاني وهو يبحث عن مفتاح السيارة بهدوء:
-قلبه...
لم تختفي ابتسامتها وهي تكمل متنهدة تنهيدة عميقة تصدر عن اعماقها:.
-هل أخبرتك يومًا أنك أفضل وأقوى الرجـ.ـال بنظري؟ هل أخبرتك أنني اعشقك لدرجة أنني احيانًا اخشى أن احسد نفسي عليك، هل أخبرتك أنني عنـ.ـد.ما كنت اؤلمك بكلامي كنت امنع نفسي بصعوبة عن الارتماء بأحضانك والاعتذار منك...؟!
حينها إلتفت لها، يمسك كفاها الصغيران برفق بين يداه بينما يتشـ.ـدق بعبث جعلها الخجل يفرد أطرافه على وجنتاها:.
-هل أخبرتكِ أنكِ تقولين هذا الكلام في الاوقات الخاطئة وأنني إن تهورت سنُمسك بقضية آداب...!
صدحت ضحكاتها الناعمة وهي تنظر للجهة الأخرى بخجل بينما هو يطبع قبلة عميقة في باطن كفها بحنان ثم شغل المقود ليعودا للمنزل بكل هدوء...
كانت أسيل تدلف مع علي الذي أصر أن يذهبا لطبيبة ليتأكد من شكه إن كانت اسيل تحمل طفله ام شوقه لذلك هو الذي يزرع تلك الأفكار بعقله...
بينما أسيل تعض على شفتاها بتـ.ـو.تر قائلة:
-علي، دعنا لا نهتم بشيء ليس له داعي، انا متأكدة أنه ليس حمل!
حينها نظر لها علي نظرة شائكة يهمس لها بحنق متعجب ولكنه مرح:
-لمَ؟ هل مكتوب على جبيني لا للإنجاب ؟!
هزت رأسها بحرج مغمغمة بسرعة:
-بالطبع لا، لا اقصد ذلك.
لم يعيرها اهتمام وهما يدلفان نحو الطبيبة ولحسن الحظ لم يكن هناك غيرهما فدلفا بسرعة...
قابلتهم الطبيبة بابتسامة في البداية بالطبع ثم بدأت تفحص أسيل بهدوء ثم قامت لها ب -تحليل-...
كانت أسيل تتنفس بعمق متـ.ـو.تر لا تدري لمَ، ولكن علي كان شيء داخله متحفز، متحمس لأن تحمل معشوقته طفله، تصبح أم لأولاده، يتحقق حلمه الاول والأخير...!
وبعد فترة كانت الطبيبة تمسك بـ.ـنتيجة التحليل وتبتسم قائلة بنبرة بشوشة:.
-مبـ.ـارك سيدة أسيل أنتِ حامل في شهر!
إتسعت عينا أسيل بذهول مغموس بالفرح، شعور آخر، شعور أن هناك نبتة لعشقهم تُزرع داخلها، قطعها منها ومنه تنبض داخله، شيء صغير سيجعل رابط العشق بينها أمتن وأطول...!
لحظات فقط وكان علي يحتضنها صارخًا بانفعال عاطفي وقد تناسى أنه امام الطبيبة:
-لقد اخبرتك، كنت أشعر، سأصبح أبًا!
واسيل كادت تبكي من فرط السعادة وهي تحتضنه وتومئ بلهفة بلا توقف...
بعد دقائق كانا يهبطان بهدوء من عند الطبيبة، فكانت أسيل تسير بسرعة كعادتها ولكن البهجة تضفي لمعة خاصة عليها...
حينها امسكها علي بسرعة يزجرها بقلق:
-لا تسيرين بسرعة هكذا، الان يوجد صغيري!..
ابتسمت أسيل بدلال تهمس له:
-حسنًا بعلولي كما تأمر..!
اتسعت حدقتا علي وردد مستنكرًا:
-بعلولك!؟
اومأت مؤكدة بنفس الابتسامة الطفولية:
-نعم، بعلي زوجي ولكني أضيف لها لمستي واجعلها بعلولي !
وفجأة كان علي يحملها بين ذراعيه ويصيح بعبث اختلط بالحنو العاشق:
-يا روح بعلولك أنتِ...!
فأحاطته اسيل مبتسمة بسعادة لم تغمر كافة ثناياها يومًا كالأن...
بعد يومان تقريبًا...
كانت والدة ريهام تعد حقائبهم بينما ريهام تبكي امام والدها الذي أصر على الرحيل من تلك المدينة نهائيًا...
حاولت امساك يده وهي تردد بتوسل:
-ابي ارجوك دعنا لا نذهب لا اريد أن اسافر كل شيء بحياتي متعلق بتلك البلد حتى اصدقائي كلهم...
ولكن والدها قاطعها بصراخ حاد يزمجر فيها بعصبية حادة:.
-اصمتي لا اريد سماع صوتك، سنغادر رغمًا عنكِ، يكفي مصائبك حتى الان ولكن العيب مني يبدو أنني كنت متساهلاً معكِ كثيرًا...
هزت رأسها نافية وهي تبكي هامسة:
-ابي لا...
ولكنه تجاهلها وهو يخرج من الغرفة بأسى بينما والدتها تلتزم الصمت لأنها إن نطقت ستزيد من جلد الكلمـ.ـا.ت لها بالطبع...
ويستمر توسل ريهام ولكن بالطبع قد نفذ القرار وانتهى الامر...!
بعد فترة...
سارت الحياة واخيرًا دون عقبات، حور منشغلة مع ريم تلك الفترة بالتجهيز لزفافها الذي تحدد خلال شهر واحد...
واخيرًا رأت حور طابعًا ورديًا ناعمًا لتلك الحياة، رأت من حنان وعشق عاصي ما أشعرها أنها في حلم ستستيقظ منه على واقع مرير قاسي كالعادة...!
بالطبع لم تتغير علاقتها ب حمـ.ـا.تها العزيزة فذلك الحاجز بينهما لن يُحل إلا بمرور الايام والعشرة الطولية...
كما ابتهج المنزل بأكمله لخبر حمل أسيل التي تسع فرحتها العالم كله، صحيح أن علاقة علي وعاصي لم تصبح كالأخوات ولكنها ايضًا ليست سيئة...
وفي احدى الأيام انتبهت حور لهاتفها الذي يرن فتوجهت له بهدوء تجيب:
-السلام عليكم
صمتت فجأة وهي تسمع صوت الطرف الاخر وحروفه التي سقطت على اذناها كالرعد القاسي فتجمدت مكانها للحظات قبل أن يسقط الهاتف من يدها بذهول و...
↚دقيقة كانت المدة التي أستغرقتها حور لتستوعب ما أخترق اذنيها، فقد كان والدها يخبرها أن شقيقها الاصغر الهارب قد مـ.ـا.ت...!
قد رحل دون مقدmـ.ـا.ت، سحبه ملك المـ.ـو.ت من مسرح الحياة فجأة...
شعرت بألم عاصي، شعرت بالنصل البـ.ـارد الذي إنغرز منتصف قلبه ولكن مرتان وليس مرة..!
ودت لو تصرخ، لو تطلق سراح تلك ال آآه المتحشرجة التي يحتجزها قسوة الموقف في جوفها...!
وفجأة ظهر عاصي يمسك بالهاتف وهو يحدق بوجهها الشاحب ثم سألها متوجسًا:
-ما الذي حدث؟ ومَن الذي أتصل؟!
في البداية كانت صامتة، جـ.ـا.مدة بطريقة مُقلقة تغطي على اشباح الانهيار التي تحوم في منطلق جوارحها، لتنطق بصوت يكاد يسمع:
-لقد، مـ.ـا.ت شقيقي أنور!
والصدmة أخذت عاصي هو الآخر، ولكنه امسك بيداها تلقائيًا وهو يسألها:
-مَن الذي أخبرك؟
ارتعشت شفتاها مجيبة:
-والدي!..
سحبها عاصي معه برفق إلى أن جلسا على الأريكة معًا، حينها ضمها لأحضانه برفق، يربت على خصلاتها بحنان وكأنها طفلته، ثم خرج صوته حانيًا، مُطمئنًا وهو يهمس له بأشفاق:
-ابكي، ابكي حوريتي واخرجي تلك الصرخة التي تكتمينها!
حينها بالفعل بدأت دmـ.ـو.عها تهبط رويدًا رويدًا، دmـ.ـو.ع حارقة كانت كالنقاط التي تُوضع على حروف الألم والانهيار داخلها، بدأت تضـ.ـر.ب صدره وصراخها المتألم يزداد وهي تردد بهسيس هيستيري:.
-آآآه، لقد مـ.ـا.ت! مـ.ـا.ت لا ادري كيف او متى، رحل هكذا دون مقدmـ.ـا.ت، دون أن اودعه، دون أن احتضنه للمرة الاخيرة، دون أن اخبره أنني احبه كثيرًا رغم كل اخطاؤه، دون أن أخبره أنني أصدق أنه لم يقــ,تــل شقيقك عمدًا...
رفعت رأسها تنظر لعيناه وهي تهدر بجنون وكأنها لا تعي ما تقول:
-لقد مـ.ـا.ت يا عاصي، مـ.ـا.ت مَن كنت تتمنى ظهوره لتقــ,تــله بنفسك رغم اعتراف شقيقك قبل أن يمـ.ـو.ت أن انور لم يقــ,تــله عمدًا...!
تجمد عاصي أثر كلمـ.ـا.تها، لم يتوقع أن تعلم ابدًا بما أخبره إياه شقيقه وهو على فراش المـ.ـو.ت ولم يُخبر به أي شخص...!
رمش عدة مرات قبل أن يسألها بصوت دون تعبير واضح:
-من أين علمتي ذلك؟
لم تنظر له وهي تتشـ.ـدق بصوت شارد في ذلك اليوم:.
-لقد سمعتك في اليوم الذي كنت تتحدث فيه مع والدتك بعد أن تزوجتك بفترة قليلة، كنت تخبرها أنك سألت شقيقك هل قــ,تــله انور عن عمد ام بالخطأ كما يدعي وأكد هو كلام أنور، ثم بدأت تخبرها أنك لست متأكدًا إن كان شقيقك تحت تهديد ام ماذا لذلك لم تخبر أي شخص بما حدث
ثم رفعت عيناها له، تحدق بعيناه العاصفة برياح الذكريات العاتية، ثم تابعت بنفس النبرة:.
-حينها ادركت أن رفضك القاسي لي حتى بعدmا احببتني كان بسبب ما حدث من ضمن الاسباب، لأنك ربما لو صدقت انور شقيقي وصدقت شقيقك لمَ كان مـ.ـا.ت شقيقك الثاني حسين، رفضك لي كان عقـ.ـا.بًا لك قبل أن يكن لي، لذلك كان انتقامك من علي الاكثر شراسة، لأن انور لم يقــ,تــل شقيقك حرفيًا بل كان مجرد سبب لمـ.ـو.ته لا اكثر، رغم أنني حتى الان لا ادري كيف مـ.ـا.ت شقيقك من الاساس ولكني أثق بكلام انور رغم هروبه الفوري، اثق انه هرب لانه لن يصدقه اي شخص...
كان عاصي يستمع لها بهدوء تام إلى أن قال بجدية:
-هيا انهضي الان وارتدي ملابسك
وبالفعل نهضت حور بسرعة ترتدي اول ما يقابلها...
وبعد فترة قليلة كانوا يدلفان معًا نحو منزل والد حور، رأت حور الجميع مجتمعين ومن ضمنهم علي الذي يبدو أنه أتى من عمله على منزل والده...
ركضت حور تجاه والدها وصراخها الهيستيري يصدح ملطخًا بسواد روحها المتألمة:.
-كيف حدث كيف؟! ألم تكن تخبرني أنه يتحدث مع كل فترة واموره جيده، كيف مـ.ـا.ت؟ ما الذي حدث له
أمسك ابراهيم يدها بحزم مزمجرًا بصوت لم يستطع إخفاء ترانيم الألم منه:
-حور، يكفيني ما بي! الوضع لا ينقصكِ ابدًا، أنور اخذ جرعة زائدة من المـ.ـخـ.ـد.رات أدت إلى وفاته، وصديقه مَن اتصل بي يخبرني بذلك ويخبرني بمكانهم لأتي وآخذ جثمان شقيقك!
مهما بلغت قسوة الرجل، مهما كان طبعه حادًا، مهما كان مُجرد من المشاعر الحانية والألفاظ العطوفة، يظل الأبن نقطة تفصل بين عالمان شتان بينهما، كالسماء والأرض..!
بينما في نفس اللحظات كان علي يقف متجمدًا يمنع تلك الدmـ.ـو.ع عن حريتها بصعوبة، حينها أقترب عاصي منه بتردد يهمس له:
-البقاء لله، عظم الله اجركم
ظهرت شبح ابتسامة على وجه علي الذي همس له في المقابل:
-ونعم بالله، امين.
ودون مقدmـ.ـا.ت كان عاصي يحتضنه، يربت على كتفه عدة مرات وكأنه يخبره اشعر بك ...
لا يدري ما الذي دفعه لذلك ولكنه شعر أن علي يحتاج تلك الضمة الأخوية وبشـ.ـدة...
رن هاتف علي فابتعد قليلاً يتحدث في الهاتف مع احدهم بشأن السفر وامور الدفن وما شابه ذلك، بينما اقتربت ريم من حور تسحبها لأحضانها دون أي كلمة...
فأحيانًا تعجز الكلمـ.ـا.ت عن تأدية الدور المناسب...!
بعد قليل أتى علي ينظر لعاصي ويهتف متعجلاً:.
-لا تجعل أسيل تأتي ولا تخبرها بشيء لحين عودتنا عنـ.ـد.ما نأتي ب أنور، لا اريد أن تظهر امام الناس كونها زوجتي لاول مرة بدوني!
اومأ عاصي مؤكدًا وبالفعل خلال وقت قصير كان يرحلون لجلب جثمان أنور...
الأيام التالية كانت مُظلمة، كانت قاسية على حور وعائلتها الصغيرة، لم تكن بها شيء جديد او شيء يستدعي الحديث عنه بل كانت قـ.ـا.تلة للروح لدرجة تدعو لأن نسدل الستار عليها تمامًا...!
بعد شهران...
طوال الشهران لم يترك عاصي حور لحظة واحدة، كان جوارها لحظة بلحظة حتى أنه قصر بعض الشيء في عمله، عنـ.ـد.ما يشعر بقرب انفجار إنهيارها يزرعها باحضانه ليمدها بعض من الطاقة التي تحتاجها...
وعنـ.ـد.ما تبكي ليلاً يقرأ لها بعض آيات القرآن ويسحبها لأحضانه برفق وحنان يُحسبان له، الشهران كانا كالمجلد الشامل الذي يعطي نبذة مُبسطة عن بحور العشق التي تموج داخل عاصي تجاه حور...!
وفي احدى الأيام...
كان قد وصلا إلى المنزل الذي أجره عاصي ليكون جوار حور في الوقت الذي هـ.ـر.بت به، اقترح عاصي ذلك ليصبحا بمفردها بعيدًا عن ضغوطات الماضي التي تذكرهم بمآسيه...!
كانت حور تتحدث مع ريم في الهاتف بينما عاصي يُدخل حقائبهم القليلة...
هزت رأسها نافية وهي تهتف ل ريم:
-لا داعي لتأجيلكما اكثر من شهران آخران يا ريم، سيكون قد مر اربعة اشهر على وفاته وهذا يكفي!
سمعت صوت ريم المعترض بخشونة:.
-لا، ستة شهور جيدين وظافر لم يعترض ابدًا بل وافقني على الفور
همست حور بهدوء حازم بالرغم من تنازع ذلك الألم داخلها:
-الحي أبقى من المـ.ـيـ.ـت عزيزتي، وبالتأكيد لن تتوقف حياتنا بل سندعو له كلما تذكرناه ونكمل مسيرة تلك الحياة حتى نلحق به
زفرت ريم بتـ.ـو.تر تخشى قول حور ولو داخلها أنها لا تهتم بحـ.ـز.نهم كون المتوفى ليس شقيقها..!
انتبهت حور لعاصي الذي أنتهى من ادخال حقائبه فقالت لريم بهدوء:.
-سأحادثك مرة اخرى حبيبتي، إلى اللقاء الان
اومأت ريم مؤكدة وكأنها تراها وردت:
-إلى اللقاء
نهضت حور تحدق ب عاصي الذي أتاه اتصال يخص قـ.ـا.تل شقيقه المريـ.ـض الذي أدخله مستشفى الامراض النفسية عنوة عن أخيه بعد أن اكد له أنه لن يخبر أي شخص بتلك الجريمة...!
ف بقي عاصي يتابع حالة ذلك الشخص مع الطبيب المتخصص حتى يتأكد أنه يؤدي علاجه بالكامل...
في حين أن نهضت حور تفتح حقائبها، اخرجت منها قميص نسائي قصير وضعته على جسدها وهي ترمي نظرة شاملة لنفسها في المرآة...
بغض النظر عن جسدها النحيف وشحوب وجهها الذي يوازي شحوب المـ.ـو.تى في الايام السابقة...
زفرت بصوت مسموع ثم توجهت للمرحاض لترتديه بهدوء تام، خلال الشهران لم يقربها عاصي ابدًا، كان مراعيًا لشعورها وحـ.ـز.نها حتى في قربه منها فلم يحاول، ينتظر عودتها اولاً...
خرجت ثم أسدلت خصلاتها على ظهرها برقة ولم تضع من مساحيق التجميل سوى بعض الاشياء القليلة جدًا..
في تلك اللحظات اقترب عاصي منها بهدوء فلمعت عيناه تلقائيًا بوميض خاص، وميض ينم عن عاطفته المدفونة مؤقتًا وشوقه...!
اقترب منها ببطء امسك كفها البـ.ـارد لشفتاه ليطبع قبلة عميقة على باطنه ثم نظر لعيناها التي يغرق بها ليهمس:
-حور إن كنتي آآ...
ولكن حور قاطعته وهي تحتضنه، تحتضنه بقوة ثم همست بعمق من اعمق اعمق دواخلها:
-أنا احبك عاصي..
ابتسم بحنان وهو يقترب منها ببطء، ولكنها ابتعدت فجأة وهي تهمس بدلال وتعطيه ظهرها:
-ولكن لا، لم أنس ما فعلته بي، أنت فعلت بي أشياء لم يفعلها شخص يومًا معي ابدًا...!
اقترب منها ببطء عابث يحتضنها من الخلف وهو يتمتم بمكر:
-لا تقلقي سأتكفل بنسيانك، ثم إنك لم تكوني قليلة ابدًا، شهران وانا احاول أن اصالحك بشتى الطرق!
ظهرت ابتسامتها المنتصرة على حبال ثغرها، حينها وبدون مقدmـ.ـا.ت كان عاصي يلفها له، يمسك وجهها الصغير بين يداه وهو يقترب ببطء منها، شفتاه تعزف ترانيم الشوق لها بكل تمهل وعشق و، ولهفة!..
يوم زفاف ظافر وريم ...
لأول مرة يظهر علي وأسيل في مناسبة سعيدة كبيرة كتلك امام جميع الناس ويُعلنا امام مَن لا يعلم أن اسيل قد تطلقت نهائيًا من ثامر وتزوجت علي وبل أعلنوا خبر حملها، وقد ظهر علي متماسكًا، صلبًا برغم الجروح التي خدشت روحه داخليًا، ولكن كالعادة كانت أسيل اقوى مرطب لتلك الجروح، فالأخرى لم تهمله اطـ.ـلا.قًا بل كانت كظله المرح تحاول أن تخرج الشحنات السالبة التي تعتمل داخله...!
بينما عند عصافير الحب ريم وظافر تقريبًا لم يكن هناك أسعد منهما على وجه الكرة الأرضية في ذلك اليوم...
ريم كانت فرحتها واضحة للأعمى وظافر لم يقل فرحة عنها ابدًا بل أشـ.ـد...
استقبلها بفستان زفافها الأبيض اللامع، اعطاها مظهر جذاب رقيق فوق جاذبيتها ورقتها المعهودة التي تجعلها كطفلة على عرش قلبه تمامًا كما أطلق عليها...
بمجرد أن اقتربت منه ضمها لأحضانه بلهفة لتتعالى الزغاريد والتصفيق، امسك وجهها برقة ليطبع قبلة حانية على جبينها هامسًا لها:
-مبـ.ـارك يا زوجتي...
فتبسمت هي بخجل ولم تعلق بل عيناها تعلقت بعيناه الهاردة بمشاعر جياشة تشعرها أنه يود اختطافها من وسط ذلك الحشـ.ـد الكبير...
كان الجميع متجمع بذلك الزفاف، حور بفستانها الأسود الراقي المطرز برقة عند الخصر وواسع من الاسفل يبرز أناقتها بحجابها الفضي الرقيق ويعطيها ثقة وجمالا...
كانت تسير مع عاصي بهدوء للداخل بابتسامة هادئة سعيدة لسعادة صديقتها وبمثابة شقيقتها ريم...
توجها نحو ريم وظافر يبـ.ـاركا لهم بالطبع ويلتقطا بعض الصور لهم...
فنظر عاصي لظافر بمكر وهو يردد له بصوت أجش خبيث:.
-لا تنسى، لن تحلم بأجازة طويلةلشهر العسل فهناك اعمال سنبدأها معًا تنتظرنا
ضحك ظافر وهو يومئ مؤكدًا له، برغم علاقتهم التي كانت شبه معدومة كون ظافر ليس فردًا من عائلة حور او عائلته بل مجرد زوج ريم، إلا أن الفترة السابقة أتاحت لهم التعارف نوعًا ما وعنـ.ـد.ما علم ما أصاب ظافر في عمله عرض عليه الشراكة...
اقترب كلاً من أسيل وعلي ايضًا منهما يبتسما بسعادة واضح وضعت لمساتها على وجوههم جميعًا...
ليلتقط لهم المصور صور جماعية خلفيتها سعادة لا أضمن أنها ابدية، ولكنها مطراق طارد للحـ.ـز.ن، وجالب للسعادة، للفرح، ولروابط اخرى ستصك ذلك العشق بلعنة اللانهاية إن شاء الله...!
تمت بحمدلله
لو خلصتي الرواية دي وعايزة تقرأيي رواية تانية بنرشحلك الرواية دي جدا ومتأكدين انها هتعجبك 👇