رواية ساكن الضريح مالك وشذي كاملة جميع الفصول

رواية ساكن الضريح هي رواية رومانسية تقع احداثها بين مالك وشذي والرواية من تأليف مياده مأمون في عالم مليء بالتناقضات والأسرار تتشابك مصائر شخصيات رواية ساكن الضريح لتجد نفسها في مواجهة قرارات صعبة تُغير مجرى حياتهم إلى الأبد ان رواية ساكن الضريح هي قصة عن الحب الذي يتحدى الزمن والمصير الذي يفرض نفسه والأرواح التي تسعى خلف الحرية والسعادة بين الأمل واليأس وبين القوة والضعف ينسج رواية ساكن الضريح تفاصيل حياتهم في معركة غير متكافئة مع القدر لتكشف كل صفحة عن لغز جديد يقود القارئ نحو نهاية غير متوقعة

رواية ساكن الضريح من الفصل الاول للاخير بقلم مياده مأمون

الاب: حسان الرفاعي رجل مسن ميسور الحال لايفعل شئ سوي إقامة جلسات الذكر وقراءة كتاب الله العزيز وكتب الفقه القيمه هو من حبب ابنه في هذا

الطريق

الام :مجيدة السيد تبلغ من العمر ما يقرب الخمسون

لها اخت أصغر منها متزوجه في مدينه أخرى ولا يرو بعض كثيراً سوي في المناسبات

ولها أيضاً ابن وحيد هو مالك

الابن:مالك حسان الرفاعي

السن:في منتصف العقد الثالث من عمره

المهنه:طبيب جراح اجتاز شهادته من الدول الاوربيه بعد أن حاز على منحه لتفوقه في شهادته الثانويه

استقر خارج البلاد ما يقرب لعشر سنوات ولكن

العيشه في بلاد الأجانب لم تبهره او تنسيه حبه الوحيد وملجئه الدائم

عاد من هناك بعد أن عمل في احد المشافي وعُرف بمهارته وأصبح طبيب معروف

ولكن شوقه قد تغلب عليه وعاد الي حبه الوحيد

❈-❈-❈

الخاله:ماجده السيد شقيقة مجيده الصغري

امراءه في العقد الرابع من عمرها متزوجه من رجل لا غبـ.ـار عليه في اختلاق المشاكل سواء معها او مع من يتجرء ويقف امامه ذو عائله معروفه بالمشاغبه وسوء السلوك

أنجبت منه ابنة جميله خفيفة الظل قصيرة بعض الشئ تهاب عائلة ابيها جداً ولا تتقرب منهم ابداً

❈-❈-❈

الابنه: شذى محمد العسال فتاه عشرينيه تدرس بكلية التجارة

تحب المرح وتخاف الظلام كثيراً أثر حادث كاد ان يحدث لولا إنقاذ ابيها لها منه وانتقامه من متسبب هذا الحادث بطريقة وحشيه

وهذا ما زاد كره عائلة ابيها لها هي ووالدتها

وبعد مرور عدة سنوات في ليلة بـ.ـاردة مظلمة ممطرة قُتِل والدها في وسط الشارع على يد احدهم

الفصل الاول

بيت مبنى على التراز الديني اشبه بدوار ريفي كبير مكون من طابقين

الطابق الأول مكون من ساحه واسعه بها مجموعه من الارئك المصممه بالخشب الاربيسك وفي الوسط منضده تعلوها مبخره فضية اللون تفوح منها رائحة الابخره العطره بالمسك

ومتصله بها غرفه للطعام بها مائدة بيضاويه كبيره ويلتف حولها أثنى عشر مقعد

اما على اليسار يوجد ممر صغير متصل به غرفه لطهي الطعام والأخرى يوجد بها مرحاض واسع

يخرج منه رجل في منتصف العقد الثالث يافع الطول وسيم ذو لحيةطويله بعض الشئ ومنمقه تظهر وسامته اكثر

يضع منشفته خلف عنقه وينشـ.ـد بصوته العـ.ـذ.ب وهو يستند على باب غرفة الطهي بكفيه

أكاد من فرط الجمال فرط الجمال اذوبُ

هل يا حبيبي في رضاك في رضاك نصيبُ

جعلت قلبي يهفو في اللقاء

واذا ذُكرت يا حبيبي اطيبُ

ومن كثرة الأذكار قلبي هائماً

هل فؤادي عنك قط يغيبوا

استدارت له تلك التي تقف امام اناء الطهي وتقلب الطعام وهي تبتسم له بحب وتهتف له

وياتري المديح الجميل ده بقى لمين يا دكتور

اقترب منها وامسك بكفها بين راحة يده وانحني بثغره ليقبله

ودا سؤال بردو يا ام الدكتور مديح ليسدنا النبي طبعاً صباح الفل

قهقه خفيفه تخرج منها وهي تضـ.ـر.به على كتفه بخفه

عليه الصلاة والسلام صباح الخير والعافيه على قلبك يا ضنايا

مبدر كده ورايح على فين واوعى تقولي رايح الضريح انا حاسه بيك وانت خارج تصلي الفجر و راجع وش الصبح من هناك دانت مالحقتش تنام

ربنا يخليكي ليا يا ست الكل بس أنا رايح المستشفى عندي عمليه بدري وممكن بعدها ارجع انام براحتي بقي

طب يا حبيبي ربنا يريح قلبك ويرزقك ببـ.ـنت الحلال اللي تسعدك يا مالك يا بني يارب

اختفت بسمته فجأه وترك يدها مستعداً للرحيل

ييييييي ماقولنا مليون مره الدعوه دي مش مستجابه ياام مالك ومافيش حاجه بتسعد قلبي غير قعدتي في الضريح

اتجهت خلفه وهي تتنهد بغضب

بس انت كده بردو بتغضب ربك يا شيخ مالك انت ناسي ان الجواز نص الدين ولا ايه

توقف عن السير مستردفاً

دا لقليل الدين يا حاجه مجيده وابنك والحمد لله عفيف الخلق عارف دينه على أكمل وجه

كده يامالك طب خليك كده عايش لوحدك وانا يعني هافضل قاعده ليك مانا مسيري امـ.ـو.ت وتبقى بطولك في الدنيا شوف بقى مين اللي هتخدmك وتراعيك بعدي

اختصر الخطوات بينهم واضعاً كفيه على رأسها مقبل جبينها بحب

ربنا يخليكي ليا يا أمي ويديلك طولة العمر بس عشان خاطري كفايه بقى كلام في الموضوع ده انتي عارفه اني مش بكره في حياتي غير جنس الحريم

ضمت حاجبيها بعدm فهم

وهي امك مش من جنس الحريم بردو يا قلب امك

ضحكه خرجت من قلبه وهو يراقص لها حاجبيه

لاء انتي ام مالك وبس يامجيده

كده طب امشي من قصادي يا واد انت يلا يا…. امك روح على شغلك اجري

صعد الدرج سريعاَ قبل أن تفتكك به قاصداً الطابق الثاني والذي يوجد به غرف النوم وفي طريقه الي غرفته تقابل مع والده الشيخ حسان

صباح الخير يا ابويا

صباح الخيرات والرضا يا دكتور سامعك عمال تشاكس في امك يعني وصوت ضحكك مجلجل ورايق النهارده

اه الحمدلله على كل حال بس وحياة حبيبك النبي يا شيخ لتقولها ترحمني بقى من حوار كل يوم ده


اللهم صلي عليك يا نبي يابني امك عايزه تطمن عليك نفسها تفرح بيك

ياحبيبي اطمنوا عليا انتو الاتنين اظن اني بقيت راجـ.ـل يعني ومسؤل عن نفسي

براحتك يا مالك بس خد بالك انت قربت تدخل على الأربعين والعمر بيجري يابني

طب اسيبك بقى قبل ما تكمل يا ابويا احسن انا كده هتأخر على شغلي عن اذنك يا حج انا هادخل البس

اتفضل يا حبيبي الله يرضى عليك يا بني

تفرقو هم الاثنان كلاً ذهب إلى جهته

نزل الشيخ حسان الي الاسفل وجد زوجته تمسك سماعة الهاتف الأرضي وتتحدث بصوت عالي بطريقه هيستيريه

❈-❈-❈

اهدي يا ماجده فيكي ايه يا بت مش فاهمه منك

حاجه

……

يالهوي مـ.ـا.ت ازاي يانصيبتي يا ختي

……

حاضر يا حبيبتي انا هاجيب الشيخ حسان ومالك ونجيلك علطول

ثم اغلقت الهاتف وهي تنظر إلى زوجها وتتقدm بلهفه نحوه

بتكلمي مين ياحاجه

تخطته مستمره في سيرها صاعده الي الاعلي وهي تحثه على الصعود معها

دي ماجده اختي يا شيخ حسان يلا يا خويا مافيش وقت احنا لازم نسافر ليها دلوقتي


نسافر فين عند اختك وجوزها احنا مش قاطعين علاقتنا بيهم بسبب عمايله دي

تقومي تقوليلي نسافرلهم برجلينا لاء مافيش سفر دا راجـ.ـل مايجيش من وراه غير المصايب

اتقــ,تــل يا شيخ حسان والبت منهاره وبـ.ـنتها مرعوبه يا ضنايا

وقف مالك أعلى الدرج قبل أن يهبط متجهاً الي عمله

مستفهماً

هو مين ده اللي اتقــ,تــل يا امي

جوز خالتك ماجده كلمتني دلوقتي من اسكندريه بتقول انهم قــ,تــلوه امبـ.ـارح باليل في الشارع

اجابها زوجها

أدى آخرة المشي البطال والبلطجة شوفتي اللي اختك باعت الكل عشانه آخرته كانت ايه اللهم احسن خاتمتنا يارب

هو ده وقته يا شيخ بقولك البت واقفه بطولها هي وبـ.ـنتها قصاد عيلته وانت تقولي بلطجه ومشي بطال

انا هاطلع البس العبايه والطرحه علبال ما تحضر العربيه عشان توديني يا مالك وانت بقى عايز تيجي تعالي مش عايز براحتك يا شيخ حسان

استنى بس يا أمي اوديكي فين انا ورايا عمليه مهمه و…….

اعتذر يا اخويا انت كمان اي دكتور غيرك يعملها

ماهو مش معقول يبقى ليا راجـ.ـلين واسافر لاختي اللي بتستنجد بيا بطولي دا ايه الخيبه اللي انا فيها دي

وقبل ان ينطق أحدهم بأي كلمه كانت قد دلفت الي غرفتها وسريعاً ما صفعت الباب من خلفها

❈-❈-❈

في وقت وجيز اجتاح الطريق وصلوا ثلاثتهم بسيارته الي حي كرموز بالإسكندرية

وعنـ.ـد.ما توغل داخل هذا الحي الشعبي والذي يأتي اليه لأول مره

بدأ يتوقف من حين لأخر ليسأل عن هذا العنوان الذي وصفته له والدته

وأخيراً ما حددوا وجهتهم شارع ضيق يعج بالبشر وأفراد الشرطه في كل مكان ويبدو انه يوجد بالفعل مذبحه في هذا المكان


شباب ورجـ.ـال كثيرون يقفون على الجانبين متربصين لبعضهم البعض ولكن وجود الشرطه يمنعهم

اخذ هو والدته تحت ذراعه واخترق بها الجميع ومن خلفه والده الي ان صعدو الي بيت خالته

والذي علموه من صوت الصراخ الاتي من داخله وعنـ.ـد.ما رأتها بالداخل دلفت سريعاً إليها فاتحه لها ذراعيها

ماجده انا جيتلك ياختي

وقفت الأخرى من وسط النساء ترمي بجسدها بين احضان شقيقتها وهي تبكي بشـ.ـده

الحقيني يا مجيده محمد راح والبت هاتروح مني هي كمان

بس يا حبيبتي اهدي يا ختي وفهميني ايه اللي حصل

وقبل ان تجيبها استنتجت الخطر الذي يهددهم عنـ.ـد.ما ولجت من خلفهم شقيقة زوج اختها

وهي تصيح بصوت عالي

كويس انك جيتي يا مجيده عشان تاخدي اختك وبـ.ـنتها من هنا هما كمان

كلام ايه اللي بتقوليه ده يا ام اشرف

اللي سمعتيه يا ام مالك مش المحروس ابنك ده اسمه مالك بردو

نظرت الي ابنها اللذي اخذ والده وجلسو في غرفه مجاوره بعيداَ عن النساء ثم التفتت اليها

عاوزه تطردي مرات اخوكي هي وبـ.ـنتها من بيتهم في اول ليله بعد فراقه يا ام اشرف

ماهو لو ماغارتش من هنا اشرف هيحصل خاله النهارده هو وكل شباب العيله والمحروسه اللي عماله تصرخ جوه

هاتتفضح والشارع كله هيتفرج على شرف محمد العسال يا حبيبتي

بس اخرسي ولا كلمه زياده ويلا بره كلكم سيبوني انا واختي شويه

هنسيبكم بس مش كتير يا ريت تنجزي ويلمو حاجتهم قبل الحكومه ما تمشي

اصل العركه لو قامت تاني احنا مش هنضحي بعيالنا عشان نحميها

اه اهون علينا نرميها ليهم في وسط الشارع ولا إن واحد من الرجـ.ـاله يتخدش منه خدش واحد كفايه علينا و.جـ.ـعنا في اخونا ياختي

قالت كلمتها الاخيره وهي تغلق الباب خلفها هي والنساء

❈-❈-❈

جلست على الاريكه التي تقابل مجلسه هو وابيه وهي مازالت ضاممه اختها تحت ذراعها

كفايه بقى عـ.ـيا.ط واهدي كده عشان تقومي تحضري نفسك انتي وبـ.ـنتك عشان تيجو معانا

رفعو الاثنان رأسهم بصدmه يحاولو ان يستوعبو ما قالته للتو ليهتف الشيخ حسان

مش قبل مانعرف ايه اللي حصل يا حجه مجيده

قلبت عيناها بجمود له

نعرفه بعدين يا شيخنا لما نوصل مصر بأذن الله قومي يا ماجده هدي بـ.ـنتك وجهزو نفسكم عشان نلحق نمشي قبل الليل مايدخل علينا

وقفت من جانبها واومئت لها برأسها ثم تركتهم وذهبت حيث غرفة ابـ.ـنتها التي مازالت تصرخ بشـ.ـده

وبعد أن ذهبت

انفجر أخيراً بركانه الصامت ليجع بما في داخله من غضب

ممكن اعرف ايه اللي بتعمليه ده يا أمي

بعمل الصح يا عين امك جرا ايه يا دكتور عايزني اسيب لحمي يتعري أدام الناس يابن الرفاعي

وهنا اجلسه ابيه بجانبه مره ثانيه ليتولي هو الحديث هذه المره

عايزانا نجيب المشاكل لروحنا ندخل الشيطان

بيتنا بأيدينا يام مالك

شيطان ليه بس يا شيخ احنا بيتنا محمي ببركة ربنا عمر الشيطان مايدخلو

بـ.ـنت محمد العسال ومـ.ـر.اته مش هيجلبولنا غير المشاكل وانا مش ناقص حد يتعرض لابني ولا ليكي بسببهم

يعني ارميهم في النار بأديا واسيبهم حاضر هقوم اقولها اقعدي هنا واتفرجي على بـ.ـنتك وهما ب……..

اامييييييي

كتمت كلمتها عنـ.ـد.ما تذمر بتلك الكلمه مزمجراً بغضب

تقدري تقوليلي هتقعدي بـ.ـنت غريبه عني ازاي في بيتنا اللي علطول مفتوح لكل الناس

وانت خايف عليها من الناس ولا خايف على نفسك ومش هتقدر تعفها وتغض بصرك يا شيخ مالك

صمتو جميعاً والتفت للخارج لينظرو الي تلك التي ظهرت أمامهم تتوسط شابه من سنها من جهه ومن الجهه الأخرى تستند على والدتها

ولكن بالله كيف سيغض بصره أمام هذا الجمال الصارخ

❈-❈-❈

سيبيني يا ماما مش هامشي واسيب اللي غدر بابويا لازم اقــ,تــله بأديا انا مش هخاف منهم سيبوني

سيبوني

أمسكت صديقتها بيدها تحاول أن تهدئها

كفايه بقى يا شذى حـ.ـر.ام عليكي نفسك هو انتي فاكره انك هتقدرى تقفي قصاد البلطجي ده هو واللي معاه

لاء يا بسمه انا مش هخاف منه وهبلغ عنه الحكومه تحت وهاروح اقولهم انو هو اللي قــ,تــل بابا

هذه المره اجابتها والدتها

وانتي يعني فاكره ان الحكومه مش عارفه بس ولاد اعمامك مش هيخلوكي تعملي كده والعركه هتقوم تاني وعمـ.ـا.تك هما اللي هيرمونا ليه يا بـ.ـنتي

برضو مش هامشي خليهم يقــ,تــلوني واخلص انا عايزه اروح لابويا

اخرسيييي بقييي

قالها وهو يتقدmهم للخارج ويقف أمامهم يكاد الدm ينفر من عروقه وعيناه تطلق سهام ناريه على عيناها الصافيه كالماء

تفاجئت بجسد قوي يقف امامها رفعت رأسها للأعلى حتى ترى وجه من زرع الرهبه في قلبها والجم لسانها ثم همست بهدوء

مين ده

دا دكتور مالك ابن خالتك ياروح خالتك

قالتها مجيده وهي تضمها لصدرها بحنان وتكمل

لازم تيجي معانا يا حبيبتي لحد الدنيا مـ.ـا.تهدي احنا خايفين عليكي يا بـ.ـنتي انتي هنا مش في امان

ودا بقى اللى هايحميني

مش مالي عينك انا انشاء الله

لاء يا سيدي مش مالي عيني ومتشكرين اوي اصل المشرحه مش ناقصه قــ,تــله

اتكلمي عدل يا بت انتي وادخلي غطي شعرك ده ومش عايز اسمع ليكي صوت لحد مانشوف هنتصرف ازاي في الورطه دي

جحظت عيناها برهبه شـ.ـديده وقبل ان تجيبه استمعو الي دق قوي علي الباب ويبدو ان الطارق متلهف للدخول لهم بشـ.ـده

استدار عنها نحو باب الشقه لتجد نفسها قد وقفت خلف حصن منيع يحجب عنها الرؤيه بالكامل

امي خديهم وادخلي جوه لو سمحتي

قالها مالك وهو يخطو نحو باب الشقه وتفعل والدته كما طلب منها

ولكن والده قطع عليه طريقه قبل أن يفتح الباب

استنى يابني احنا مش عارفين مين اللي بره ومش هنعرف نتعامل مع الناس دي بطريقتهم

ليه يا حج ابنك مش مالي عينك انت كمان ولا ايه

انت مش زيهم يا مالك ومش عايزين ندخل في مشاكل معاهم

ماخلاص يا ابويا امي غرزتنا في المشاكل وخلاص

مد يديه وفتح الباب ليتقابل مع شاب تقريباً من سنه

نعم حضرتك عايز حاجه

انا المقدm مصطفى ظابط شرطة في قسم كرموز ممكن ادخل اتكلم معاكم شويه

اه طبعا ً اتفضل

وبعد أن جلسوا ثلاثتهم سوياً تكلم رجل الشرطه

حضرتكم تبقو مين وفين الحجه ماجده وبـ.ـنتها

انا الدكتور مالك حسان الرفاعي ابن اخت الحجه ماجده ودا يبقى والدي خير حضرتك عايزهم في حاجه

هو الحقيقه اناكنت عايز اخدهم معايا القسم تاني لأن حالياً هنا مش امان عليهم خالص

تاخدهم تاني ليه هما عليهم حاجه تدينهم لا سمح الله

لاء يا فنـ.ـد.م بس انا من ساعة اللي حصل امبـ.ـارح ولحد ما النيابة أمرت بدفن زوجها وانا كنت محتجزهم عندي

وتصورت ان بعد الدفن الموضوع هيهدي بس في الحقيقه اتفاجئت بالقتيل التاني وقاعدهم هنا في خطر على حياتهم

قتيل تاني

وقف الاب وابنه في اندهاش تام ليكمل مالك

مين القتيل التاني ده احنا لسه واصلين من القاهره وكنا فاكرين ان جوز خالتي بس اللي مـ.ـا.ت

ماهو بعد دفن جوز خالتك اخوه اول ما وصل هنا هو وولاده ضـ.ـر.بو نار على عيلة اللي قــ,تــلوه وأثناء ضـ.ـر.ب النار وقع واحد من العيله التانيه وشكلها كده مش هتخلص النهارده

وانتو سايبنهم كده يقــ,تــلو في بعض عادي مـ.ـا.تقبضو عليهم يا حضرة الظابط

اومئ له برأسه يبدو ان مع جمالها الفتاك هذا ليس بغريب ان يتربص بها احد

اه طب اطمن يا حضرة الظابط انا هاخد خالتي وبـ.ـنتها دلوقتي وهننزل على القاهره

كده طب تمام اوي و انا هقدر اوفر ليك قوه تحميكم لحد ما تعدو من البوابات بس ياريت ده يتم بسرعه

عن اذنكم

أغلق من خلفه باب الشقه والتفت الي والده الذي مازال مندهش لما يحدث

مافيش في ايدينا حل تاني

لله الأمر من قبل ومن بعد يا حج
ارتدت حجابها على رأسها وخرجو جميعاً خلفه ليتقدmهم و يهبط الدرج وكانت هي تنزل بعده ويليها والده ثم والدته واختها

وعمـ.ـا.تها يتلصصون عليهم من علي الدرج لم يهتم بنظراتهم لها ولوالدتها بل أسقط كل اهتمامه على ذلك الذي يسد باب المنزل بجسده ويبدو علي وجهه الاجرام

رايحه على فين يا بت انتِ امشي اطلعي على فوق

انتفض جسد مالك بالكامل وهو يشعر بها تتشبث

به وتختفي خلفه

-كلمني انا ومالكش دعوه بيها

-وانت مين بقى انت كمان، انا هلاقيها من ولاد ال…… اللي بره ولا من الوارد الجديد يا بـ.ـنت ال……

-احترم نفسك يا بني ادm انت ووسع من سكتي احسن لك

-الله ده بيعرف يهدد اهو وليه في العوء بقولك ايه اتكل على الله وشوف طريقك وسيب البت دي من ايدك بدل ما تحصل ابوها النهارده

تخطتهم تلك التي كانت تقف على الدرج جانباً وهي تتصدي لأبنها

-بس يا اشرف كفايه خلينا في باب واحد وسيبها بقى تغور من هنا هي وامها

-اسيب مين يا اما بقى انا موقف كرموز كلها على رجل وابوها دmه يسيل على الأرض ويروح من وسطنا بسببها وانتي تقوليلي اسيبها،

يمين بالله ما هتخرج ولا تشوف الشارع تاني بت ال…… دي.

هذه المره قابله بلكمه اوقعته ارضاً وتفاجئ به الجميع وهو يلتفت إليها ويجذب كفها الصغير داخل راحة يده الكبيره ويقصد باب الخروج ويهتف بحزم.

-احلف على نفسك ووسع من طريقي بدل ما أقل منك قدام ناسك خالتي وبـ.ـنتها هاخدهم معايا غـ.ـصـ.ـب عن عين التخين هنا.

جري الجميع خلفه قبل أن ينهض ذلك الملكوم

وعنـ.ـد.ما رأه هذا الشرطي امر الجنود ليلتفو حولهم في دائره

ارتعبت هي أكثر عنـ.ـد.ما وجدت كم الرجـ.ـال الذين يحاولون الوصول اليها ولكنها كتمت صرختها عنـ.ـد.ما وجدته يضمها تحت ذراعه لتختبئ في ضلعه وتستمتع إلى أول أمر يأمره به.

-بس اخرسي مش عايز اسمع نفسك.

لو كانت اي أنثى في هذا الوضع لأرتعبت خـ.ـو.فاً مما هيا فيه

لكن شذى لا!

عنـ.ـد.ما التقت مائها الصافيه في ضباب ليله الموحش استكانت وكأنها طفله تلهو وسط حديقة ممتلئه بالزهور والفراشات

وهاهي تفيق مما هي فيه عنـ.ـد.ما وجدته يحملها بذراع واحد يفتح باب سيارته الخلفي واذا به يقذفها داخلها ويلي من خلفها والدته ووالدتها

جلس ابيه في المقعد الأمامي والتف هو وفتح باب السائق وجلس على مقعده واضعاً يده على عجلة القياده لينطلق تاركاً خلفهم صوت إطـ.ـلا.ق النيران وشجار الجميع مع افراض الشرطه

❈-❈-❈

ظل الجميع صامتون طيلة الطريق الا هي صوت نحيبها كاد يفجر رأسه

كلما نظر في مرأة السياره يكتظ غـ.ـيظاً من تلك الباكيه مائه بالمائه لو أوقف سيارته سوف يقذفها منها ويقــ,تــلها بيديه

ليتفاجئ الجميع بصوت فرملة اطارات السياره وخروجه منها واقفاً معطي الجميع ظهره يجذب شعراته القصيره يكاد يقــ,تــلعها بيديه

ترجل له والده ليحاول تهدئته فهو يعلم ما بداخله جيداً، وما ان وضع كف يده على كتفه وهمس بأسمه الا وانفجر كالبركان

-مالك!

انفجر في ابيه وهو يشير إليها بأصبعه

-قولها تسكت انا ماسك نفسي بالعافيه وغلاوة النبي ما طايق اسمع صوتها

-طب استهدي بالله يا بني، مش انت اللي قولت لله الأمر من قبل ومن بعد

-واديني اتنيلت وجبتها معانا قولها انت بقى ترحمني وتخرس خالص لحد مانوصل

-حاضر يابني بس اهدي احنا على طريق ومش هنفضل واقفين وسط الصحرا كده

-استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم حاضر يا ابويا اتفضل حضرتك

تحركو باتجاه السيارة وجلس مره ثانيه خلف عجلة القيادة وبالفعل أدار محركها وقبل ان ينطلق نظر إليهم في المراءه وهتف

-لو سمحتوا ممكن تبطلوا عـ.ـيا.ط شويه لحد مانوصل انا بجد مش عارف اركز

❈-❈-❈

بحركه طفوليه بدأت تجفف اعينها بظهر يديها وهي تنظر له في المرأه وتومئ برأسها كطفله بريئه لا تفقه في الدنيا شئ

وبداخل رأسه كان يتخبط وتتلاعب به الشياطين جميع الأفكار السيئه احتلت رأسه

لقد استمع جيداً لابن عمتها وما يعنيه حديثه انها تغوي الشباب

لقد شاهد بأم عينه معركه مدmيه نشبت من أجلها

نعم هي هكذا بالفعل والا لما يقــ,تــل ابيها بهذه الطريقه الوحشية ويقــ,تــل أيضاً شاب اخر وربما

حدث ماهو اسوء بعد أن رحلوا

وأخيراً ما هدأ قلبه عنـ.ـد.ما وصل إلى مسجد حبيبه الحسين رضي الله عنه وتعدو السياره من أمامه

تغيرت ملامحه بالكامل وظهرت ابتسامته على وجهه الوسيم

لينطق لسانه بعفويه وبصوت مسموع لهم جميعاً

-ان بعض الظن إثم جايلك يا حبيبي انت اللي هتنور بصيرتي

❈-❈-❈

-أهلاً أهلاً يا حبيبتي نورتي بيت اختك يا ماجده تعالي يا شذى ادخلي يا حبيبتي واقفه عندك ليه؟

استدارت بجسدها للداخل ومازالت عيناها تتطلعان عليه هو وابيه ويبدو ان نقاشهم حاد ومن أجلها حيث كان الاخر ينظر إليها نظرات مبهمه!

اجتذبتها خالتها للداخل وجلست بجوارها

-نورتيني يا ست البنات اما يا بت يا شذى انا فرحانه بوجودك معانا فرحه

-فرحانه عشان ابويا اتقــ,تــل وبيت اختك اتخرب يا خالتو؟

ضمت لها حاجبيها بحـ.ـز.ن وعمت الصدmة ملامحها.

-لاء طبعاً مين قال كده بس ده قضاء الله وقدره أمر الله ونفذ على رأي الشيخ حسان

واشارت لها عليه وهو يزج ولده للداخل

-قولتلك ادخل ارتاح شويه من تعب السفر والسواقه

وكل لك لقمه وبعدها هنروح انا وانت المسجد وانشالله نقعد للفجر مش هقولك لاء ياسيدي

-ياسيدي انت ارحمني بقى ماانت عارف اني مش هرتاح غير هناك وشكلها كده مش هيبقى فيها راحه هنا ابداً

كان يخصها هي ووالدتها بتلك الكلمه عنـ.ـد.ما رماها بسهام الغضب من نظرات عينه

اقترب منه والده وهمس له في احدي اذنيه

-طب اقعد بس عايزين نعرف راسنا من رجلينا ونفهم الموضوع ده

انتفض جسده بتهكم غريب

-وانا مالي يا ابويا بص خرجني انا بره الموضوع ده نهائي

-ماينفعش يا مالك دول هايقعدو في بيتنا وانت لازم تبقى حاضر كل الكلام عشان تفهم

-ماهو ده اللي مش مخليني طايق نفسي يقعدو في بيتنا ليه وازاي اصلاً

وعنـ.ـد.ما طال حديثهم شعرت والدته بالحرج فقررت ان تغلق حديثهم

َ-تعالي يا مالك اقعد انت والشيخ حسان

دفعه والده مره ثانيه ليجلس في مقابلهم وجلس هو بجواره ثم وجه الحديث لهم

-نورتي بيتنا يا ام شذى مش اسمك شذى برضو يا بـ.ـنتي

اومئت برأسها له بينما تحدثت والدتها بدل منها

-ايوه يا شيخ حسان اسمها شذي متأخذنيش يا خويا انا عارفه انك كنت مقاطعني زي ابويا الله يرحمه ماقاطعني زمان

بس انا مش هافرض نفسي عليكم اكتر من كده هاتي مفتاح بيت ابويا يا مجيده وانا هاروح اقعد فيه ثم بدأت في البكاء وارتمت بين احضان اختها

التي لامت زوجها بنظرتها

-كلام ايه اللي بتقوليه ده

بس يابت بلاش عـ.ـبـ.ـط دا الحاج حسان هو اللي مربيكي مش كده يا حج

-كده طبعا يا حاجه، ماجده دي كانت بـ.ـنتي اول مـ.ـا.تجوزنا وياما دفعت عنها قصاد ابوها بس جات في الاخر وخذلتني

رفعت وجهها من علي صدر اختها وبدئت تشرح له موقفها

-محمد الله يرحمه مكانش وحش معايا بس هو كان مرتبط بعيلته اوي وده اللي اكتشفته بعد الجواز

-قصدك بعد ماسيبتي البيت وهـ.ـر.بتي معاه وابوكي مـ.ـا.ت بحسرته عليكي يا ماجده وعشان مين واحد كل عيلته بلطجيه ومجرمين


روحتي كتبتي كتابك على واحد بلطجي وقطعتي صلتك بينا واتغربتي وفي الاخر بعد عشرين سنه اتقــ,تــل وأهله طردوكي انتي وبـ.ـنتك

-وانتو قاطعتوها عشرين سنه ليه وجايين دلوقتي تحاسبوها

كانت هذه شذى التي ادmعت عيناها بشـ.ـده وانفطر قلبها على ألم والدتها ثم أكملت بصوتها التهجم.

-كنتو فين وهي بتنضـ.ـر.ب وتتهان كل يوم والتاني ليه مش ريضتو تقبلوها لما جات ليكم زمان ساعة وفاة جدو وقفلتو الباب في وشها

انا كنت عيله صغيره كانت شيالني على ايدها يا خالتو بس فاكره كويس لما جات ليكم في بيت جدو وتيتا طردتها ومحدش فيكم اعترض او حاول يدخلها

انتو اللي خلتوها ترجع وتتحمل كل الو.جـ.ـع ده غـ.ـصـ.ـب عنها

ما كان منه إلا أنه انفعل بعد طول هذا الصمت ووقف أمامهم بطوله الفرع ساخراً

-يعني بعد اللي هي عملته ده جايه بتحملينا احنا سبب عـ.ـذ.ابكم اما صحيح انك غـ.ـبـ.ـيه

انكمشت رعـ.ـباً من غضبه، وما كان منها الا ان صمتت منحنية الرأس ولكن خالتها قررت أن تزيل هذه الأجواء المشحونه بالغضب

-خلاص بقى يا حج مش هنفتح في القديم وانت يا مالك بدل ما تتعصب كده اتعرف الأول على خالتك وبـ.ـنتها وبعدين ابقى خد عليهم وعرفهم طبعك براحتك

-هو انا لسه هتعرف يا أمي ماخلاص انا اتعرفت واتخـ.ـنـ.ـقت لأول مره في حياتي

عشان بـ.ـنت صغيره اول مره اشوفها وفي الاخر اكتشف انها بـ.ـنت مستهتره بيتخانق عليها شوية شباب

-لاء يابني انت فاهم غلط انا بـ.ـنتي متربية وملهاش علاقة بكل اللي حصل ده

غير أن واحد اتقدmلها وابوها رفضه بسبب جبروت ابن عمتها اللي كان عايز يتجوزها غـ.ـصـ.ـب عننا

-أنعم وأكرم يا خالتي مشاء الله والله عائله مشرفه

لم ترفع عيناها عن أطراف قدmيها التي كانت تهزهم بطريقة متـ.ـو.تره جداً

-خلاص يا ماما كفايه كده خلينا نمشي من هنا احنا فينا اللي مكفينا ومش عايزين نضايق حد اكتر من كده

-تمشو تروحو فين بس يا حبيبتي انتو مش هاتمشو من هنا

مالك مايقصدش يزعلكم مش كده يا مالك مـ.ـا.تتكلم يادكتور

كان يريد أن يرد كلام والدته ويصـ.ـر.خ فيها يقول لا لكنه قال عكس ما بداخله ووجه حديثه الي خالته

-مـ.ـا.تزعليش مني يا خالتي بس انا فعلا متـ.ـو.تر من الموقف اللي كنا فيه النهارده دي حاجه اول مره نشوفها احنا ناس مش بتوع مشاكل وعايشين لرضا ربنا وبس


-حقك يا حبيبي واحنا اسفين ليك يابني اننا حطناك في الموقف ده بس احنا فعلاً لازم نروح بيت جدك

-وقع يا ماجده بيت ابوكي وقع من سنين

-بتقول ايه يا شيخ حسان بيت ابويا وقع ازاي

-زي ما بيقولك كده يا ختي بيت ابونا وقع بكره الصبح هبقي اخدك وتروحي تشوفيه لو

مش مصدقاني

خلاص بقى يا مجوده انتو هتقعدو معانا هنا هو انا ماوحشتكيش يابت ولا ايه

-حشـ.ـتـ.ـيني و  اوي يا اختي بس وحياة حبيبك النبي مـ.ـا.تكوني زعلانه مني لانتي ولا الشيخ حسان ولا انت كمان يا مالك يابني

لم يكن يسمعها لقد شتت صغيرتها تفكيره وسيطرت على كل حواسه ببكائها الحار لكنه انتبه لتلفظها اسمه ثم لصوت أبيه.

-خلاص مافيش زعل ولا حاجه ياام شذى يلا يا حاجه مجيده قومو حضرو لينا العشا بقى خلينا ناكل لقمه سوي

-حاضر يا حاج قومي ياماجده انتي وشذي تعالو يلا اوريكم اوضتكم وغيرو هدومكم وبعدها نحضر العشا سوي

يلا شذى قومي يا حبيبتي

اطاعتهم ووقفت خلفهم ولكنها ترنحت في مشيتها

وفجأة أظلمت الدنيا من حولها وسقطت ارضاً

-شذى بـ.ـنتي الحقوني بـ.ـنتي هاتروح مني

انحنو عليها جميعاً وسط صراخ والدتها واذا بوالدته تحنيه غـ.ـصـ.ـباً وهي تصرخ فيه

-شيل بـ.ـنت خالتك وطلعها فوق يا دكتور وشوفها حصلها اي

ابتعدو عنها جميعاً حين انحني بجزعه وحملها بين يديه وهو يستغفر ربه ويصعد بها للأعلي

جرت والدته أمامه لتفتح له باب الغرفه الملتصقه بغرفته تماماً

ارقدها في الفراش وجرى على غرفته حتى يأتي بحقيبته الطبيه وسريعاً ماحضر إليها

اخرج سماعته الطبيه وبدء بالكشف عليها وهو يتسأل بعض الاسئله لوالدتها

-هي بتشتكي من حاجه يا خالتي

-بتشتكي من الهم اللي عايشه فيه طول عمرها يابني، عيني عليكي وعلى اللي صابك بـ.ـنتي

استغفر ربه بصوت عالي

-ياخالتي ارجوكي تفهميني لو سمحتي بـ.ـنتك مريـ.ـضه بأي مرض عضوي او بتاخد ادويه مزمنه

-لأ يا مالك بس دي مش اول مره يغمى عليها وو…

-لو سمحتي كملي عشان اقدر اعرف اللي عندها

-حاضر يا بني انا هاقولك شذى اكتر من مره يحصلها نـ.ـز.يف ويغمى عليها

وكشفت عليها عندنا في اسكندريه والدكاترة طلبو مني اعملها تحاليل انميا وحاجات تانيه كده بس هي مارديتش تعملهم وبصراحه كانت بتخاف تخرج من البيت


-اممم واضح جداً طبعا ان بـ.ـنتك عندها انميا عاليا ودا باين من صفار اظافرها وبرودة جـ.ـسمها ودا حصل من النـ.ـز.يف المتكرر

على العموم انا هعلق ليها محاليل دلوقتي وبكره الصبح انشاء الله ناخدها المستشفى واعملها كل التحاليل والفحوصات

❈-❈-❈

استيقظت من غفوتها بعد مده طويله وجدت والدتها جالسه بجوارها على الفراش من جانب وخالتها من الجانب الاخر وكفها المنغمس به كالونه وخرطوم المحلول موضوع برفق على قدmيها فتسألت

-هو ايه اللي حصل

مسحت خالتها على رأسها بحنان وهي تبتسم لها ابتسامتها البشوشه

-ماحصلش حاجه يا بنوته يا قمر انتي، شكلك كده عايزه ت عـ.ـر.في غلاوتك عندنا من اول يوم

ابتسمت لها بحب والتفت الي والدتها الباكيه حتى تستفهم منها

-اغمى عليكي تاني يا شذي والدكتور مالك ابن خالتك شالك طلعك هنا وهو اللي كشف عليكي وجرى جابلك العلاج ده وعلق ليكي المحلول

حاولت أن تعتدل فعاونتها وهي تقول

-هو دكتور

ضحكت خالتها

-اومال ايه دكتور جراح اد الدنيا وواخد شهادته من بره كمان وقعد في بلاد بره يجي عشر سنين بس حبه للحسين وشوقه ليه رجعه تاني

-حبه للحسين انا مش فاهمه حاجه ياخالتو؟

-هافهمك يا روح خالتو

اصل مالك من وهو صغير كان على طول بيروح مع ابوه جامع الحسين يصلوا فيه عشان قريب مننا يعني ويحضرو حلقات الذكر ويحفظ القرأن والاناشيد الدينيه واتعلق بالضريح اوي

كان كل ما يبقى نفسه في حاجه يروح جنب الضريح ويقعد يدعي ربه ويصلي، وربنا يستجيب لدعاه

لحد ما أصحابه طلعو عليه (ساكن الضريح)

-طب وفين مـ.ـر.اته وولاده انا مش شوفتهم ولا هو متجوز بره؟

ارتسم الحـ.ـز.ن على وجه خالتها وتنهدت بألم

-ولا بره ولا جوه مالك مش متجوز عدي التلاتين سنه ورافض الحكايه دي وكل ما افتح معاه الكلام يقولي انا مافيش في حياتي غير شغلي و الحسين ومافيش في دmاغي حاجه تانيه

ربتت اختها على كفها بحب تحاول أن تخفف عنها

-ربنا يسعده ويريح قلبه مـ.ـا.تخفيش عليه ابنك طيب وراجـ.ـل جدع وإنشاء الله ربنا هيرزقه ببـ.ـنت الحلال

التفتت للجهه الأخرى تحمل طبق الطعام من علي الكمود المجاور لها وهي تضحك

-يا رب يا ختي يلا بقي يا شذى لازم تاكلي الطبق دا كله احسن دا الدكتور مالك منبه علينا انا ومامتك انك تاكلي كويس

-ماليش نفس ياخالتو انا اصلاً مش باكل كتير حتى اسألي ماما

-ماينفعش الا الاكل لازم تاكلي دا مالك راح مخصوص للجزار جابلك كبده وجابلك عسل اسود وعملك بأيده عصير بنجر، وقالنا لازم تاكلي كل حاجه فيها حديد لحد مايخدك بكره المستشفى ويعملك التحاليل

-كل ده طب انا هاكل بس بلاش حكاية التحاليل دي انا كويسه على فكره

-ماهو باين انك كويسه اوي اهو بس بقولك اي ماينفعش نقوله لاء ده في شغله مابيهزرش وهايتعصب علينا لازم نسمع كلامه

انكمشت داخل نفسها عنـ.ـد.ما تذكرت وجهه الغاضب لقد رأت بنفسها جزء من تعصبه

-حاضر موافقه بس مـ.ـا.تخلونيش اروح معاه لوحدي والنبي

-حاضر طبعاً هنروح معاكي انا ومامتك هو احنا هانسيبك

-طب هو فين انا عايزه اشكره واتأسف ليه على الطريقه اللي كلمته بيها

-مش هنا دا راح المسجد مع ابوه اصل النهارده مولد الحسين رضي الله عنه وزمانهم في حلقة الذكر دلوقتي

-الله انا نفسي اوي يا ماما اروح هناك

-حاضر يا حبيبتي قومي انتي بس بالسلامه يارب وهناخدك نزورك الحسين والسيده وكل ال البيت كمان

-لاء ياخالتو والنبي عايزه اتفرج على المولد انا اول مره احضر حاجه زي دي

-طب اقولك خلصي الطبق ده كله واشربي عصير البنجر ده وانا هاتصل بمالك واخليه يجي ياخدني، بس يارب مايكونش في حلقة الذكر احسن ده لو كان هناك عمره ما هيرد على تليفونه

اعطتها طبق الطعام وبدأت الصغيره تأكل بحماس

وهمت لتحدث ابنها عبر الهاتف ولكن اختها اوقفتها

-استنى بس يا مجيده تروح فين احنا في اي ولا في اي بس دا ابوها لسه مـ.ـيـ.ـت امبـ.ـارح وهي عايزه تروح المولد

حركت لها يدها في الهواء بعدm اهتمام وامسكت هاتفها تبحث عن اسم ولدها فيه

-ياختي الحي ابقى من المـ.ـيـ.ـت وبعدين هو احنا رايحين نرقص داحنا رايحين بيت ربنا

الو ايوا يامالك انت فين يا حبيبي
بدلو ملابسهم وارتدت عباءه سمراء ولفت حجابها الاسمر على رأسها مما أظهر بياض وجهها وجماله وجلست تتوسطهم بالأسفل بعد أن انتزعت تلك الكالونه من يدها

وحضر هو بوجه متهجم وكأنهم اخرجوه من الجنه

ولكن ما أدهشها هيئته هذه هل هذا هو الذي كان طيلة اليوم يرتدي حلى رسميه وعليها مئزراً شتوي طويل

الأن يرتدي جلباب اسمر و على اكتافه يضع عباءه بنيه اللون صوفيه من خامة الجوخ

إنه حقاً وسيم في كل حالته

تقدmت والدته منه عنـ.ـد.ما رأت عيناه الغائمه وعلمت تذمره

-خير يا أمي مسيباني حلقة الذكر وجايباني تاني ليه

-معلش يا حبيبي انا رجعتك عشان بـ.ـنت خالتك بس نفسها تشوف المولد وتزور الحسين

-وانا مالي هو انا هشتغل ليها دكتور ومرشـ.ـد سياحي كمان وبعدين دي واحده مريـ.ـضه ولازمها راحه والدنيا هناك زحمه جداً

-مـ.ـا.تخفش يا ابيه انا والله بقيت كويسه

كان هذا صوت شذى التي اقتربت منهم بهدوء ولأول مره يتطلع على وجهها ويري ابتسامتها

ويا محلي تلك الابتسامه مع هذا الوجه البرئ

غض بصره سريعاً قبل أن يسرح في ملامحها الجميله

وهو يستمع اليها

-كنت عايزه اقولك اني اسفه يا ابيه على الطريقه اللي كلمتك بيها و متشكره يعني عشان تعبتك معايا طول اليوم وكمان لما جينا هنا.

يا الله هي فعلا كالملاك جميلة المنظر بريئة الخلق

ابتسم دون ارادته واجاب بهدوء

-انا ماعملتش حاجه انتي اختي الصغيره ومافيش واحد بيشوف اخته واقعه في مشكله ومش بيساعدها مش كده برضو

رفعت رأسها له بفرحه جميله واجابته سريعاَ وهي تجذب يد والدتها وخالتها

-كده كده طب يلا بينا بقى بسرعه عشان مش نتأخر يلا يا ماما يلا ياخالتو واقف ليه يا ابيه؟

تقدmوه الثلاثه يسبقوه للخارج وهم يضحكون ووقف هو ينظر إلى طيفها مبتسماً

وعلى كلٍ يبدو ان هذا المنزل سيملئه المرح في الأيام القادmه وسيحدث ما لا يحمد عقباه على يد تلك الصغيره

سلم أمره الي الله ضارباً كفيه بجانبيه واتجه للخارج ليلحق بهم

❈-❈-❈

عادو جميعاً الي البيت الا هو لم يأتي معهم وظل هناك وفي طريق عودتهم رأته يذكر وسط الرجـ.ـال وينشـ.ـد مع الشيخ ياسين التهامي في حفل مهيب له

شعرت بالسكينة والاطمئنان داخل قلبها لأول مره تبدلت ملامح وجهها من الحـ.ـز.ن الي الفرح ومن الشحوب الي احمرار وجنتيها أثر تفكيرها العميق به وبوسامته و تدينه

ولكن الشيخ حسان قرر ان يخرجها من شرودها هذا ويشركها معهم في الحديث

-مالك يا شذى ساكته كده ومش بتشتركي معانا في الحديث؟

-ها أبداً يا عمو انا قاعده معاكم اهو اومال هو ابيه مالك مارجعش معانا ليه

ابتسم لها بهدوء وعلم ان شرودها هذا ما كان الا تفكيراً في أبنه فقط

-لاااا دا الدكتور مالك لسه قدامه لبعد الفجر علي ما يجي، قومو انتو ناموا عشان الصبح تصحو بدري وياخدكم معاه المستشفي

أومئو جميعاً له وصعدو الي غرفهم ودلفت هي ووالدتها تلك الغرفه التي خصصتها خالتها لهم وبدؤو في تبديل ملابسهم

-ت عـ.ـر.في ياماما اني حاسه براحه كبيره اوي هنا

-طبعاً ياحبيبتي بيت خالتك بيت مبروك كفايه أن صوت القرأن مش بينقطع منه والشيخ حسان كان زمان بيعمل موائد ويعزم المشايخ كلهم هنا ويعقد حلقات الذكر كمان ماعرفش بقى لسه مستمر على كده ولا لاء

-ياريت يا ماما مانسيبش البيت ده انا حاسه فيه بالأمان عكس بيتنا خالص

-مافيش مقارنه بينهم اصلاً يا شذى نامي يا بـ.ـنتي

نامي ربنا يعمي عيون اهل ابوكي ويبعدهم عننا.

في لحظه تذكرت هؤولاء الوحوش وتهجم وجهها وهمست بخـ.ـو.ف.

-وتفتكري اشرف هيسبني في حالي يا ماما؟

شهقت واعتدلت من نومتها بسرعه

-ده مش بعيد يكون حاطط ابيه مالك في دmاغه بعد ما ضـ.ـر.به واخدني غـ.ـصـ.ـب عنه

اعتدلت والدتها هي الأخرى برهبه

-بتقولي ايه لالالاء اكيد امه هاتمنعه انه يقرب مننا تاني، نامي ومـ.ـا.تفكريش في الموضع ده اوعي تقولي كده قصاد خالتك مش عايزين نقلقها معانا

-حاضر يا ماما بس والله لو جيه هنا وقرب من ابيه مالك لكون ضارباه بالسكينه وامـ.ـو.ته واخلص منه بقي


-حيلك حيلك انتي اللي هتوقفي لأشرف وكمان هتمـ.ـو.تيه عشان مالك

-ها اه طبعاً مش كفايه انه دافع عننا وحمانا واخدنا من البلطجي ده وكمان

-بس كفايه نامي بقى وإنشاء الله مش هيحصل حاجه

اطاعتها ورقدت بجانبها معطيه لها ظهرها وظلت تري طيفه امامها الي ان اغمضت عيناها وذهبت في نوم عميق

❈-❈-❈

وعند بزوغ الشمس شعرت بالعطش واستيقظت من نومها التفتت حولها ولكنها لم تجد ماء فقررت ان تترجل الي الاسفل لتأتي بزجاجة مياه تروى بها ظمئها

بحثت عن غرفة الطعام الي ان وجدتها وظلت بها لتجلب مطلبها

كان هو عائد من الخارج يتصبب عرقاً اثر المجهود القوي الذي فعله مع ان الجو بـ.ـارد جداَ

سمع صوت ضعيف ومصباح غرف الطعام منير فظن ان والدته هي التي بها فذهب اليها

-بتعملي ايه عندك دلوقتي يا أمي انتي مش بتريحي نفسك ابداً

تصنمت مكانها ملتفته اليه وهي تمسك بيدها زجاجة المياه

كما وقف هو أيضاً مندهشاً من رؤيتها أمامه بمانمتها الشتويه وشعرها المفرود على ظهرها كشلال من الشيكولاته وعينها الصافيه كمياه البحر الزرقاء

غض بصره سريعاً وارتسمت ملامح الغضب على وجهه

-اااانتي بتعملي ايه هنا؟

ابتسمت هي فارحه برؤيته وحاولت ان تقترب منه فرجع خطوه للخلف مفسحاً لها الطريق

-مافيش يا ابيه انا بس كنت عطشانه فنزلت اجيب مايه

اشاح بوجهه متجنباً رؤيتها

-طب ياريت تتفضلي على اوضتك وحاولي مـ.ـا.تخرجيش منها بعد كده من غير مـ.ـا.تكوني لابسه حجابك وحاجه واسعه عليكي

شعرت بالحرج منه وسريعاً ما جرت من أمامه

ليوقفها هو

-استنى!

وقفت على الدرج ولم تنطق

-حضري نفسك على الساعه ١١ كده تكونو صحيتو عشان هاخدكم معايا المستشفى اعملك شوية تحاليل

لم تلتفت اليه وجرت للأعلى وهي تهمس له

-حاضر يا ابيه

ليهمس هو لنفسه وهو يرفع رأسه برفق حتى يتجنب رؤيتها

-شكلك كده جايه هنا عشان تو.جـ.ـعي قلب ابيه وتشيليه ذنوب يا شذي

❈-❈-❈

وفي تمام العاشرة صباحاً استيقظ من نومه أثرصوت

ذلك المنبه المزعج اغلقه بكفه وهو يستغفر ربه كعادته ويلعن الوقت

-استغفر الله العظيم انا مش عارف بس يا ربي اشمعني وقت النوم اللي بيعدي بسرعه كده


اعتدل من علي فراشه واخذ منشفته واتجه للخارج مغلقاً باب غرفته خلفه

وللَمره الثانيه يتقابل معاها ومن الواضح انه سيكون دائم التعركل بها في هذا البيت

كانت مرتدية حجابها على عبائتها السوداء ومازال على عيناها أثر النعاس وهذه المره هي من ارتسم على وجهها الحـ.ـز.ن

-صباح الخير

احنت رأسها للأسفل وضمت كفيها في بعضهم

-صباح النور يا ابيه

التمس هو نبرة صوتها الحزينه وربما علم ان حديثه معها باكراً هو ما ازعجها فقرر ان يحد تـ.ـو.تره في حديثه الصارم معها

-صحيتي بدري عن المعاد يعني

-انا مانمتش اصلاً من الصبح و مش عايزه اروح في حته

-ليه مش عايزه تطمني على صحتك

-لاء مش عايزه انا اصلاً بكره نفسي وبدعي ان ربنا ياخدني عشان اريح كل الناس مني

ضم حاجبيه بغرابه على كلامها وطريقتها الطفولية وجرت هي من أمامه للأسفل قبل أن تنفطر أمامه في البكاء

توجه الي المرحاض وهو يفكر في هذه الصغيره التي ستجبره رغماً عنه في التركيز معها

وفي طريقه استمع إلي والدته وخالته وهم يحاولون تهدئتها في غرفة الطعام

-بتعيطي ليه بس تاني يا حبيبتي و ليه لابسه الاسود في البيت

-مافيش يا خالتو انا كويسه

-طب قومي يا شذى اغسلي وشك وتعالي افطري معانا عشان تغيري عبايتك دي ونروح مع ابن خالتك تعملي التحاليل

-لاء مش هاروح اعمل حاجه يا ماما واصلاً مش هينفع اقلع العبايه في البيت انا لبسي كله بجامـ.ـا.ت ومش معايا حاجه واسعه البسها

-طب ومش عايزه تروحي تكشفي ليه بقي

-كده مش عايزه اتعب حد معايا

حـ.ـز.ن هو بالخارج على حـ.ـز.نها هذه الصغيره لديها عزة نفس كبيره ولن تطيعه بالساهل

تفاجؤ بصوته عنـ.ـد.ما اقتحم جلستهم

-مانتي لو اغمى عليكي تاني زي امبـ.ـارح كده هتتعبينا كلنا معاكي ومامتك هاتفضل قلقانه عليكي

يبقى لازم تسمعي الكلام عشان تطمن عليكي

تحولت عيناها الي بركه من الدmـ.ـو.ع ارتفع صوتها رغماً عنها

-مش عايزه حد يقلق عليا ولو تعبت بعد كده مـ.ـا.تبقوش تسألوا فيا سيبوني في حالي بقي

حاولت الهروب من أمامهم ولكنه اوقفها بصوته الصارم

-استنى عندك يا بـ.ـنت انتي اسمعي انا ماليش في دلع البنات ده هي كلمه واحده وهاتنفذيها غـ.ـصـ.ـب عنك ياشذي

تطلعي حالاً تلبسي وتنزلي تفطري علبال مـ.ـا.توضي واصلي الضحى والبس انا كمان هاتروحي معانا يعني هاتروحي

بعين منكـ.ـسره سلامته وهي تقول

-يعني انت اخدتني من عند اللي كانو بيغـ.ـصـ.ـبوني علي كل حاجه عشان تجبني هنا وتجبرني انت كمان

ضمتها والدته داخل احضانها

-لاء يا شذى مالك خايف عليكي يا حبيبتي

-اسكتي يا أمي لو سمحتي ولو انتي شايفه اني كلامي في الصح غـ.ـصـ.ـب يا شذى يبقى انا هاغـ.ـصـ.ـبك

وياستي بجملة اللي بيجبروكي ماجتش عليا انا بقي

يلا اتفضلي اعملي اللي قولتلك عليه.

انتفضت من حـ.ـضـ.ـن خالتها وجرت للأعلى لتجذبه والدتها وتجبره على الانحناء حتى تضمه داخل احضانها وهي تبكي وتقبله في وجنته

-ربنا يخليك لينا يامالك ويجعلك سند وضهر ليها ديماً

خجل من ضمة خالته واعتدل سريعاً وقد احمر وجهه بالكامل

-استغفر الله العظيم ياستي اوعي انتي كمان انا ماحدش يبـ.ـو.سني غير امي بس

-طب مانا كمان امك ياواد هتكسف مني ولا ايه

-امي ايه بس دانا حاسس انك أصغر مني هو في خاله زي القمر كده تبوس راجـ.ـل بالطول ده برضو

يلا يا ستي حصلي بـ.ـنتك واجهزو بسرعه عشان متأخرش على شغلي يلا الله يرضى عليكو يلا

قال كلمته وهو يترك لهم الغرفه متجهاً الي المرحاض

-الحقي يا مجيده ابنك مكسوف مني

-معزور ياختي مانتو الفرق بينكم بتاع ١٥ سنه انتي ناسيه انك اتجوزتي وهو عنده يجي خمس سنين كده، يلا بقي نحط الفطار على السفرة عشان نلبس بسرعه بدل مايتعصب علينا تاني

وضعو اطباق الطعام على المائدة التي كان يجلس امامها الشيخ حسان

-ياصباح الخيرات انا بقى في بيتي بدل القمر تلاتة كده مشاء الله عليكم، بس القمر الصغير قابلني وهو زعلان وبيبكي ياتري مين اللي زعله؟

-صباح الخير يا شيخ حسان ربنا مايجيب زعل ولا حاجه يا خويا دي شذى بس حبت تدلع علينا شويه مـ.ـا.تعرفش ان مالك بيتعصب بسرعه وانفعل عليها بكلمتين عشان ترضى تروح معانا المستشفى

-امم طب معلش بكره تفهم طبعه اطلعي يا ماجده هاتيها عشان نفطر كلنا سوي

-حاضر انا هاطلع ليها عن اذنكم

تركتهم وذهبت وجلست زوجته بجواره على مقعدها صامته

-الله في أي يا ام مالك حصل حاجه زعلتك

-مش عاجبني تصرف ابنك مع البـ.ـنت كل كلامه معاها بزعيق والبـ.ـنت كده هتكره قعدتها معانا

-وانتي شايفه ان قاعدها معانا صح اصلاً يا حجه

تفاجأت برد زوجها عليهاوتملك منها الغضب

-قصدك ايه دي اختي وبـ.ـنت اختي ومالهمش مكان تاني يروحوه ارميهم في الشارع يعني عشان ترتاحوا

-انا ماقولتش كده بس انتي مش شايفه انك كده بتحطي النار جنب البنزين

-نار اي وبنزين اي اللي بتتكلم عنهم دول

هو مالك قاعد في البيت معاها لوحده ماكلنا قاعدين مع بعض اهو وبعدين مانت عارف طبع ابنك وكرهه لجنس الحريم كلهم

-بس بـ.ـنت اختك جميله مشاء الله عليها

-وابني متربي كويس يا حج وذو خلق مش ممكن يفكر في اللي انت بتفكر فيه ده ولا اقولك يا رب يفكر ويحبها كمان نفسي افرح بيه واجوزه بقي

-لاء

بضـ.ـر.به قويه من كف يده على المائده افزعها

-بـ.ـنت محمد العسال مش ممكن تبقى مرات الدكتور مالك الرافعي أبداً

-فوقي يا حجه مش معنى اني فتحتلهم بيتي اني أوافق على كده

-انتو كمان بتناقشوا في موضوع جوازي!

كان هذا مالك الذي صلي فرضه وذهب إليهم مستمع الي حديثهم

وقفت والدته من علي مقعدها بغضب وهمت بالذهاب للأعلى.

-طب بما انك سمعت كلامنا تعالي قول لابوك ان محمد العسال مـ.ـا.ت اصل شكله نسي وان بـ.ـنت اختي قمر ومتربية والف من يتمناها ومش مستنيه سعاتك يا دكتور

جلس بجوار ابيه ومد يده ليتناول طعامه بلا مبلاه

-زعلتها ليه بس يا حاج دانت حتى بتخاف على زعلها

-مافيش زعل ولا حاجه يا حبيبي انا بس كان لازم احط النقط على الحروف

-اطمن يا ابويا انت عارف كويس اوي اني مش بتاع الكلام ده وبعدين حتى لو فكرت مش هتبقى شذى يعني دي صغيره اوي عليا دي بتقولي يا ابيه

-كده طمنت قلبي يا حبيبي افطر بقى عشان مـ.ـا.تتأخرش على شغلك

-حاضر بس يارب هما بقى ينجزو وينزلو بسرعه

-احنا جاهزين يا مالك

دلفت عليهم وهي ممسكة بيد ابـ.ـنتها التي كانت تلبس بنطال اسود وعليه كنزه سوداء طويله بعض الشئ ويعلو رأسها حجابها

ولكنه غضب من ارتدائها هذا البنطال الضيق

-انتي بتلبسي بناطيل يا شذي

تاففت بغضب تاركه يد والدتها وهذه المره جاوبته بأنزعاج

-ايوه يا ابيه بلبس بناطيل واضيق من كده كمان وطول عمري بلبس كده وعمر ماحد علق على لبسي وقالي لبسك وحش او مش محترم.

قرر ان يمتص غضبها الذي تسبب فيه وفهمها بهدوء

-طب تعالي اقعدي افطري وياريت مـ.ـا.تتعصبيش كده وبدل يا ستي مـ.ـا.تنفخي كده ممكن تستغفري دا حتى الاستغفار فيه رحمه

جلست أمامه بجانب والدتها ولكنها مازالت عابثة الوجه ولم تمد يدها للطعام وانضمت إليهم خالتها بعد أن بدلت هي الأخرى ملابسها

-أولاً انا لم سألتك السؤال ده ماكنش قصدي ازعجك كده

انا قصدي بس افهمك ان لبس البـ.ـنت البنطلون والخروج بيه مش مستحب لأنك كده بتبقى متشبهه بالرجـ.ـال

ثانياً بقى في زمانا ده لبس البـ.ـنت للأسف بيدي انطباع غلط للي شايفها بيه عن أخلاقها والشباب الخطائين بقو كتير اوي

وكون ان ماحدش فهمك الحكايه دي قبل كده فده مش عيب فيكي للأسف دا عيب في البيئه اللي انتي عايشه فيها

احنت رأسها للأسفل بأسف

-انا اسفه بس ماحدش قالي و لا فهمني الكلام ده قبل كده

ابتسم لها ومد يده ليتناول الطعام مره ثانيه

-مافيش داعي للأسف كل شويه قولتلك انتي اختي الصغيره وواجبي عليكي انك لو مش فاهمه حاجه افهمك يلا ياجماعه مستنين اي افطرو بقي

صحيح انت دراستك اي يا شذى؟

-امممم برافو دا معناه انك بـ.ـنت شاطره وبتحبي التعليم

برافو والله يلا انا هاطلع البس بقى علبال انتو ما تخلصو فطار

التوت شفتيها له بغـ.ـيظ لقد اثار غضبها ولم تقوى على ردعه وبكل برود هدأ الموقف وتركها ورحل.
وصلوا إلي المشفى، ترجلو جميعاً من السياره وقفت تقرأ الاسم، و بعدها نظرت اليه بدهشه سائلة

-هي المبره دي خاصه؟

رفع حاجبه الأيمن متعجباً مما تفوهت

-مبره! اسمها مستشفى مش مبره، وايوه هي مستشفى خاص

-عندنا اسمها مبره

ابتسم لهم وتقدmهم

-انسى عندكو دا بقى وحاولي تتعودي على كلام بتوع القاهره

التفتت هي لوالدتها، وكأنه القى عليها بثقل كبير

-أيووووه داني واضح اني في حاجات كتير اوي عايزه اتعلمها

ضحك الكل على كلمتها ضـ.ـر.بت خالتها على رأسها بخفه

-بقى بيقولك انسى تقومي تقوليله ايوه!

-الله مش كده ياجماعه انتو كده عايزني امسح عقلي في لحظه بجومه.

التفت إليها بغضب وهتف فيها

-وطي صوتك ودي ايه جومه دي كمان تعالي يا آخرة صبري.

دلف بها داخل المشفي

وعنـ.ـد.ما رؤوه العاملين الكل جلس على مقعده والتفت الجميع الي عمله

وقف هو في المنتصف ينظر للجميع بوجه متهجم

وفي غضون لحظات تقدm منه احد العاملين اخذ منه حقيبته

-حمدالله على السلامة ساعتك يا فنـ.ـد.م

-الله يسلمك يا عبدالرحمن دكتور حسام مشي ولا لسه موجود

-موجود يا فنـ.ـد.م وفي مكتب حضرتك

-تمام

تقدmهم الساعي بالحقيبه حتى يحضر لهم المصعد ويفتح بابه لهم ثم تركهم وصعد هو على الدرج

وهمست هي له

-هما الناس خافو منك ليه كده يا ابيه

اجابها مبتسماً هامساً بالقرب من اذنيها

-عشان انا المدير

شهقه قويه خرجت منها وصرخت بفرحه

-بجد!

التفت هو الي خالته التي كانت تضحك على مرح ابـ.ـنتها

-استغفر الله العظيم هي البـ.ـنت دي هبله

هذه المره اجابته والدته

-بس يا واد يا دكتور انت دي ست البنات كلهم

-اممم كده طب اتفضلي يا ست البنات انتي والهوانم نورو مكتبي المتواضع

فتح باب المكتب عنوه، وجدو شاب يقربه في العمر يرتدي زي أخضر مرتبط بغرف العمليات يجلس على مقعد ورافع قدmه على الآخر ذاهب في نوم عميق ويبدو عليه الارهاق

ولكنه قرر ان يزعجه ويقطع وصلة النغمـ.ـا.ت التي يخرجها دون أن يعي

واذا به يشير لهم بأن يجلسو ويتجهه نحو مكتبه وبكل قوته يضـ.ـر.ب عليه وبصوت عالي ينطق اسمه

-حسااااااام

انفزع الاخر واقفاً

-اي في اي المريـ.ـض مـ.ـا.ت

واذا بالاخر يرتمي على مقعده من كثرة الضحك على صديقه

ليقف الاخر منزعج منه واذا به يجذب نوته ورقيه من علي مكتبه ويقزفه بها

-إنت شرفت ي……. ابو شكلك يا اخي

وضع مالك إصبعه على فمه بمعنى أن يصمت الأخر قبل أن يتمادى وأشار له عليهم

لم يتفهم عليه ونظر خلفه حيث يشير ليراهم جالسين

-اهلا ماما مجيدة انتِ هنا والله لو اعرف لكنت اول واحد في استقبال حضرتك

-أهلاً بيك يا حبيبي ربنا يرضى عنك ياحسام يابني عامل اي يا حبيبي.

-تعبان والله يا ماما ابنك ساحلني معاه في الشغل بقالي يومين ماروحتش بيتنا ولا شوفت ولادي ورانيا شكلها هتقيم عليا الحد بسببه

-بعد الشر عليك بس معلش صاحبك بقى وتشيلو بعض

-عشان خاطرك انتي بس يا ست الكل إنما انتي هنا ليه زياره لينا ولا في حاجه

-تعالي يا حسام تعالي يا حبيبي اقعد وانا هافهمك على كل حاجه

اقترب من مكتبه وجلس على المقعد وهو يهمس لصديقه خير يا مالك مين دول

ابتسم لصديقه وأشار له عليهم

-دي تبقي خالتي ماجده ودي تبقى شذى بـ.ـنتها والأستاذ بقى يبقى الدكتور حسام يا خالتي دكتور جراح شاطر جداً وللأسف صاحب عمري

نظر اليه ويكاد الغـ.ـيظ يقفذ من عينه وهمس

-وا.طـ.ـي

ثم التفت إليهم وابتسم

-اهلا وسهلا نورتونا

اجابته ماجده بترحيب

-اهلا بيك يابني كتر خيرك

همس لصديقه مره ثانيه

-ابنها ازاي دي زي القمر وشكلها أصغر مننا اصلاً

على صوت الاخر بضحك وهتف

-ماهو دا اللي انا بقوله مراتك فين يا دكتور؟

-مراتي! وانت عايز مراتي ليه دلوقتي اذا كانت مش طيقاني انا تخيل انت بقى هتعمل فيك ايه؟

-اخلص يا حسام رانيا عندها وردية الصبح النهارده جات ولا لسه

-جات يا سيدي ودت العيال على المدرسه وجات على هنا بس انا ماحولتش اشوفها بصراحه

-يا سيدي علي الرجـ.ـاله لاء مسيطر ياض

-طب ابعت هاتهالي وشوفلي حد يجي يسحب عينة دm من المعمل وعايز دكتورة أمراض نسا شوفلي مين موجوده دلوقتي

جحظت عيناها وانتفضت من جانب والدتها والتي علمت انها أخبرته بما يحدث لها وثبتت عيناها في ظلامه الوحشي

-ليه كل ده يا ابيه اااانا مش تعبانه للدرجه دي

-انا عارف يا شذى قولتلك احنا عايزين نطمن عليكي

خجلت واحنت رأسها وجلست بجوار والدتها

ليتدخل صديقه ويوجه له الحديث

-هو في ايه يا مالك مـ.ـا.تفهمني

-مافيش ياسيدي كل الحكايه ان الانسه عندها شوية انيميا

-وانا شاكك ان…

ثم تحدث معه بالانجلزيه حتى لا يفهمو بس عشان كده عايز اطمن ممكن بقى تعمل اللي قولتلك عليه

-حاضر طبعاَ انا هابعتهم ليك حالاَ بس بعد كده منك لرنيا بقى هي معاك للساعه ستة يا برنس و انا هروح انام

-على مكتبك يا دكتور لاخصملك تلات ايام

-طب اعملها واخصم وانا ابعتلك العيال وامهم ياكلو عندكم التلات ايام دول.

ثم أغلق الباب من خلفه بمرح

ليوجه هو الحديث لها

-انتي زعلانه كده ليه بس

-انت ضحكت عليا قولت انك هاتعمل تحاليل بس ماقولتيلش انك هاتخلي دكاتره يكشفو عليا يا ابيه

ها هو يتحدث بطريقه علميه معها

-لاء يا شذى انا ماضحكتش عليكي بس في حاجه اسمها ا،ب طب عشان نعرف المرض يبقى لازم طبيب مختص يكشف عليكي

وانا عايز اعرف سبب النـ.ـز.يف المتكرر ده ايه واللي انا متأكد ان بسببه الأنيميا زادت عندك.

دق الباب ثم دلفو طبيبتان تتبعهم ممرضه

الطبيبه الأولى وهي رانيا زوجة صديقه شابه تقربه في العمر ملتزمه بحجابها وملابسها المحترمه

كان وجهها عابث وما ان رأته والا وكادت ان تفتك به

ولكنها تبدلت حالتها عنـ.ـد.ما رأت والدته

-أهلاً طنط مجيدة ازيك يا حبيبة قلبي

ضمتها مجيدة بحب فهيا حقاً تحب تلك الفتاة هي وزوجها وكثيراً ما يأتو لزيارتها

-أهلاً اهلاَ يا حبيبتي ازيك يا رانيا بقالك كتير ماجتيش تزوريني ولا شوفت الولاد

-اعمل ايه بس يا طنط والله مش بفضي خالص، بحاول اظبط بين الشغل والبيت والولاد، وحسام بقى علطول مقيم هنا في المستشفي والبركه بقى في الدكتور.

ثم أشارت لها عليه بغضب

-دا واضح انك مقصر مع اصحابك جـ.ـا.مد يا مالك

رفع حاجبه بتكبر

-ده شغل يا ام مالك وانا المدير هنا

وقفت رانيا امامه بتحدي

-بقى كده يا مدير ماشييي حاضر ليك روقه لما نبقى بره المستشفى

-هاتستنيني بره يعني

-اه وهاخلي العيال يفضولك كاوتشات عربيتك كمان

-مـ.ـا.تلعبيش على الحته دي يا ماما مالك الصغير ده حبيبي ومكه ممكن تضـ.ـر.بك انتي شخصياً عشاني

-شايفه ابنك ياطنط بيستغل حب عيالي ليه كمان

-نتكلم جد شويه بقي يا دكتوره

اومئت له برأسها فهيا تعلمه جيداً عنـ.ـد.ما يفرق بين الضحك والجدية

وانحنت على مكتبه لتقربه لها حتى لا يستمعو عليها

-هما مين القمرات اللي شبه مامتك دول يا مالك؟

-في اي ما تطلعي على المكتب احسن اقعدي يا دكتوره وانا هاعرفك عليهم اتفضلي يا دكتوره سمر

اقعدي انتي كمان

سمر طبيبه شابه تصغرهم بالسن جميله

ولكنها متبرجه بلبسها القصير وزينتها المبالغ فيها

وعلى كل حال لم تعجب والدته وشعرت شذى من تجاهها بالكره خاصةً حين استمعت إليها وهي تتقدm نحوه

-حمدلله على سلامتك يا دكتور المستشفى كان وحش اوي وحضرتك مش موجود فيه اليومين دول

لمح عين والدته وهي ترمقه بغضب

-احم الله يسلمك يا دكتوره اتفضلي اقعدي

جلست في مقابل رانيا وبدأ هو يعرفهم بهم و يقص عليهم كل شئ خاص بتلك التي كادت تبكي من شـ.ـدة الخجل تشعر وكأنها جثة عاريه أمامهم

ثم وجهه حديثه لتلك الفتاه التي تقف مستعده لأخذ عينة دm منها

-اتفضلي شوفي شغلك يا انسة

وعنـ.ـد.ما اقتربت منها اخفت الأخرى ذراعيها خلف ظهرها وبدأت تهز رأسها بطريقة هيستيريه وأنهمرت الدmـ.ـو.ع من عينيها

ارتعبت والدتها على حالتها هذه وهتفت

-الله مالك يا شذى دي مجرد شكة ابرة يا حبيبتي

-لاء مش عايزه يا ماما خلينا نمشي عشان خاطري

ارتاب في أمرها ووقف من علي مقعده شلح جاكته من عليه وضعه على ظهر مقعده واتجه نحوها بقميصه الابيض الذي يظهر عضلاته

مجتذباً مقعد في يده وجلس امامها مباشرةً واذا به تتغير نبرة صوته من الهدوء الي العصبية

-ليه الخـ.ـو.ف دا كله؟

بسط كفه على قدmه ونظر في عيناها بقوه

-هاتي ايدك

هزت رأسها له بالنفي

-لأ بلاش والنبي يا ابيه انا خايفه وخايفه منك انت اكتر

-بقولك هاتي ايدك يا شذى مـ.ـا.تخفيش انا اللي هاسحب منك العينه ومش هاتحسي بحاجه

سلمت أمرها الي الله واعطته يدها وظلت عيناها تراقب كل تعابير وجهه حتى انتهي وهدأت ملامحه

-خلاص يا ستي ها حسيتي بحاجه

أشارت له بالنفي

لم يريد هو أن يضغط عليها أكثر من ذلك

فأعطي للفتاه العينات وتقدm من مكتبه امسك دفتراً ورقياً وقلم وكتب علي إحدى ورقاته بالانجلزيه ثم أعطاها للفتاة

-بلغي دكتور المعمل اني عايز نتيجة كل التحاليل دي

قبل الساعه تلاتة

-حاضر يا فنـ.ـد.م عن اذن حضرتك

رحلت الفتاة وأشار لهم بأن يستعدو للذهاب حتى يتم الكشف عليها

-يلا يا ماما خدي خالتي وشذي وروحي مع الدكاتره عشان يكشفوا عليها

-حاضر يا حبيبي يلا ماجده

تقدmتهم رانيا متجهه للخارج وهي تحثهم على الذهاب معها

-اتفضلوا يا طنط تعالي شذى مـ.ـا.تخفيش من حاجه يا حبيبتي

اتبعتهم للخارج ولكنها توقفت تنظر إلى تلك التي مازالت جالسه ولم تتحرك من مكانها تضع ساقها العاريه فوق الاخري

-هي الدكتورة سمر مش هتيجي معانا ولا ايه يا ابيه

ابتسمت لها ابتسامة صفراء

-روحي انتي يا حبيبتي دكتورة رانيا هاتكشف عليكي الأول وبعدmا تخلص معاكي هابدأ انا كشفي

رفعت جانب شفاها بغضب ساخر ورمقتها من اخمص رأسها الي أطراف حذائها ذوالكعب العالي

وهتفت له

-عيشنا وشوفنا ايوووه عليكم يا بنات مصر

ثم ذهبت خلفهم دافعه الباب خلفها

لزم هو الاستغفار كعادته وغض بصره عنها ملتزماً النظر في بعض الأوراق على مكتبه

خير يا دكتوره عايزه حاجه

كان صوتها هامس كاصَوت كامنجه ساحرة

-اه في الحقيقة انا كنت عايزة اقول لحضرتك انك لما غبت عننا اليومين دول وحـ.ـشـ.ـتني

ققصدي يعني وحشتنا كلنا كمواظفين وأصحاب وكده يعني يا مالك

-دكتور مالك من فضلك

ثم ايه حكاية وحشتنا دي يا دكتوره، احنا هنا في مستشفى مش قاعدين في كافيه

خجلت من نبرة صوته العالية وقررت ان تتحدث جدية

-في اي يا دكتور انا بس كنت حابه اننا نبقي أصحاب زي ما الدكتور حسام والدكتورة رانيا اصحابك كده

-أولاً انا وحسام ورانيا أصحاب من ايام الدراسه وخصوصا حسام صاحبي من قبل الدراسه في الكليه كمان، فايريت مـ.ـا.تقرنيش نفسك بيهم لاني مش بصاحب انسات واتفضلي بقى على شغلك

من غير تردد أسرعت للخارج بوجه بدا عليه الشحوب أثر احراجه لها

❈-❈-❈

عادو الي المنزل وحدهم بعد أن تم عمل كل الفحوصات اللازمه لها وتركوه ليكمل يومه العملي

وفي المساء جلست هي في ردهة المنزل وتركتهم يجلسون سوياً بالأعلى وكانت هي وحدها بحجابها ووجهها المكفهر تحاكي صديقتها الوحيده وابنة عمها

عبر الهاتف ولم تلاحظ مجيئه ووقوفه يستمع الي ما تقوله

-خلاص بقى يا بسمه مـ.ـا.تعيطيش اكيد هنشوف بعض تاني مانا اكيد هاجي عشان الامتحانات ومش هضيع السنه

………

-ومين قالك اني خايفه منه هو فاكر اني عشان ابويا مـ.ـا.ت خلاص انا مبقاش ليا حد،

لاء يا حبيبتي قوليله يفوق لنفسه دانا ورايا راجـ.ـل على حق واذا كان ناسي البوكس اللي اخده من ايده يفكره

…..

-انسى بقى يابسمه اشرف مين ده اللي اخاف منه او اعمله حساب، ربنا يخليلي ابيه مالك ياختي مش عايزه اقولك بيخاف عليا قد ايه دا ممكن لو لمح اشرف دا هنا بس يخليه يحصل ابويا بقي

….

-يجي يتعارك مع مين بس طب خليه يقرب مني كده وابيه مالك ينـ.ـد.مه على روحه

….

-الله يرحمه اهم حاجه ان الدنيا هديت عندكم و العركه خلصت


-طيب مع السلامه

اغلقت هاتفها وظلت جالسه كما هي ليقترب هو منها ويلقى عليها السلام ثم يجلس على الاريكه مقابلها

-السلام عليكم

فرحت عنـ.ـد.ما رأته ولكنها عوادت نظرتها العابثه مره اخري

-وعليكم السلام حمدلله على السلامه

لاحظ هو عبوث وجهها ولكنه لم يبالي مغيراً وجهة الحديث

-اومال فين الناس اللي في البيت

-ماما وخالتو قاعدين فوق بيتكلمو مع بعض وبيعيدو الذكريات القديمة و عمو حسان راح الضريح

-وانتي قاعدة لوحدك ليه و كنتي بتكلمي مين في الموبايل

اخذت ما يكفيها من الوقت وهي صامته فقط تنظر اليه

ليحثها على التحدث وهو يلوح لها بيديه

-هيييي روحتي فين هو سؤالي صعب للدرجه دي

-بحركه لا اراديه تحركت أهدابها لتواري عيناها عنه بخجل

-لاء أبداً مش صعب و لا حاجه ااانا كنت بكلم بسمه بـ.ـنت عمي و صاحبتي الوحيده

-اه و يا ترى بقى قالتلك على اخر التطورات هناك

وقالت كمان ان الحكاية هديت في الشارع

-أيوااا الحكاية مـ.ـا.ت عـ.ـر.فيني ايه الحكاية يا شذي

الان تملكت الرهبه منها ولا تعلم لماذا

-حكاية اي بس يا أبيه ماهي ماما قالتلكم ان كان في واحد من جيرانا عايز يخطبني وابويا

مارديش بيه

والزفت اشرف ابن عمتي اترازل عليه منه لله بقي

هو اللي قومها في دmاغ ابويا واتسبب في العركه من الاول

-واتسبب فيها ازاي بقى

للحظه تمكنت من أن تستعيد قوة نبرة صوتها الهاويه متذكره بذلك انها تستطيع الهروب من براثنه

-الله هو تحقيق ولا ايه يا ابيه، ولا تكون مش مصدقني، بص لو عايز تعرف حاجه عندك ماما فوق تقدر تتكلم معاها لكن انا مش بحب اتكلم في الموضوع ده.

-اقعدي مكانك تاني لو سمحتي

-هو في اي هو حضرتك بتزعقلي يا ابيه

-اه بزعقلك عشان انتي هنا في بيتي وبـ.ـنت خالتي يعني اختي الصغيره

وطلما طلعتيلي فجأه كده ومطلوب مني أوافق على قعدتك في بيتي واحميكي من اي خطر، زي ماكنتي بتقولي لبـ.ـنت عمك او صاحبتك دي دلوقتي

يبقى من حقي اني اعرف كل حاجه تخصك ومنك انتي مش من مامتك يا شذي

وقفت من مجلسها وعبراتها تهدد بالانهزام والطول على وجنتيها أمامه، ولكنها تمسكت و واجهته

-بس انا مش اختك يا ابيه
ترجلت على الدرج لتتجه الي غرفة الطهي تاركة شقيقتها متجهه الي غرفتها بعد أن لمحت ابـ.ـنتها تدلف لداخلها

-الله انت هنا يا مالك حمدلله على السلامه جيت امتى

-الله يسلمك يا ست الكل لسه داخل حالاً انتي بقي مش عاويدك يعني اجي وملاقيش ريحة الاكل بتفحفح من المطبخ

-معلش اصلي كنت قاعده مع خالتك شوية والكلام اخدنا بس اديني دقايق وهتلاقي احلى طاجن بامية باللحمه يستاهل بؤك ومعاه طبق الرز اللي بتحبه.

أعطته ظهرها متجهه الي وجهتها لكنه اوقفها برزانته المعهوده

-نتيجة التحاليل ظهرت يا امي

شعرت من طريقته بالسوء بل هي تأكدت انه سيلقي على مسامعها خبر اسوء مما تظن حين التفتت اليه ورأته منحني الرأس

-خير يا مالك مالها شذى هي بـ.ـنت خالتك عندها حاجه وحشه لا سمح الله

-اطمني يا أمي مافيش حاجه تخـ.ـو.ف

-بجد طب الحمد لله بس انت ليه زعلان كده لاما هي كويسه

-مش زعلان ولا حاجه هي فعلاً معندهاش مرض عضوي واكيد النـ.ـز.يف المستمر عندها ده واللي مسبب ليها الأنيميا سببه مرض نفسي

-مش فاهمه يابني هو المرض النفسي يعمل كده

-اه طبعا

-طب وهتعالجها ازاي من الحكايه دي

-أولاً لازم تطمن ليكي وتتكلم معاكي يا أمي، أنا حاولت اتكلم معاها دلوقتي بس هي هجمتني بطريقه شرسه، ودا خلاني اتأكد أن في حاجه هي مخبياها علينا،

ثانياً بقى لازم اعرضها على دكتور نفسي

-طب عشان خاطري انا يابني عارفه ان

ده صعب عليك، وانك مش بتحب تتعامل كتير مع البنات بس دي زي اختك يا مالك واكيد مش هتتخلي عنها

وضع قدm فوق الأخرى متكأً بظهره على المقعد واضعاً عضده على فخذه و ناظراَ للأعلى حيث مصدر صوتها العالي

-اختي الصغيرة مش عاجبها كلامي يا أمي واضح اوي اني هتعب معاها جداً

-انت قولتلها حاجه؟

-لاء طبعاً ومن فضلك انتي كمان اوعي تجيبي سيرة ليها وابقي اديها الشنطه دي

-فيها ايه الشنطه دي؟

-ده إسدال بيتي جيبته ليها عشان تقعد براحتها بيه في البيت، بدل العبايه والحجاب الأسود وكمان الأدويه دي خليها تاخدها بانتظام هتحسن من حالتها شويه

❈-❈-❈

-يابـ.ـنتي قوليلي بس بتعملي كده ليه ودmـ.ـو.عك مغرقه وشك ليه كده، وبتلمي الهدوم تاني في الشنطه ورايحه على فين

َصرخت في وجهها بكل انفعال وهي تغلق حقيبته وتجرها خلفها وتزج والدتها من امامها

-مـ.ـا.تحوليش يا ماما انا ماشيه ومش هاقعد هنا لحظه واحده تاني واذا كنتي انتي عايزه تفضلي هنا خليكي،

لكن انا ماعنديش استعداد اسمعلي كل شويه كلمتين يسمو بدني واحس بالذل ده

-كادت والدتها تسقط عدة مرات وهي تحاول الإمساك بها

لتقف في مقابلتها خالتها وهي تبتسم لها بحب وتضمها بين يديها

-الله مين اللي زعل القمر بتاعنا ورايحه على فين كده وواخده شنتطك معاكي

-لو سمحتي يا خالتو سيبيني، انا هامشي يعني هامشي

-تمشي تروحي على فين انتي مش هاتخرجي من البيت ده الا على بيت عدلك انشاء الله

-تعالي معايا انا قوليلي مين اللي زعلك طلع شنطة بـ.ـنت خالتك فوق تاني يا مالك

رمقته بنظره غاضبه لتجده مازال كما هو علي وضعه متكأ على الاريكه بكل رزانه

لتجد والدتها تجلس بجانبه دامعة العينين، فشعرت انه ربما يفتح معها هذا الحوار فتخبره عن ما لا تريد هي البوح به

وارادت العوده لها حتى تحثها بعدm التحدث لكنها كانت متباطئة ذراع خالتها التي سارت للداخل بدون اي مقاومه منها

❈-❈-❈

-انا مش عارفه بس آخرة عندها ده ايه ولا هي زعلانه ليه من اصله

-زعلانه مني انا

التفتت له غير مصدقة ما تلفظ به، اذاً هو بالفعل لا يطيق قربهم منه كما تشعر، فجلست بجواره وبدئت حديثها بنبرة لائمه

-بص يا مالك انا عارفه كويس انك مش مرحب بينا هنا بس انا مش طالبة منك غير انك تصبر علينا شوية،

لحد ما أدبر نفسي انا وبـ.ـنتي ونشوف شقه نسكن فيها حتى بالأيجار، وادور على شغل اصرف من مرتبه عليا انا وهي

التمس في حديثها نبرة الانكسار ولام بالفعل نفسه ولكنه لم يظهر لها ذلك

-شقة اي وشغل اي بس اللي بتتكلمي عليهم انتي مش هتخرجي من هنا لانتي ولا بـ.ـنتك دا بيتك يا خالتي زي ماهو بيت اختك بالظبط

-انت مش مرحب بينا فيه

-مين قال كده بس، كل الحكاية اني كنت مستغرب الوضع شوية، يعني زي مـ.ـا.تقولي كده واحد قافل على نفسه طول عمره

مافيش في حياتي غير امي وابويا حتى لما سافرت عشر سنين كنت لوحدي تماماً

فاجئه كده طليعلي خالة زي القمر وأخت صغيرة رايحة جاية قصاد عيني ومطلوب مني اني اغض بصري عنها

-ماهو عشان كده لازم نشوف مكان تاني نقعد فيه غير هنا عشان انت متبقاش مقيد وتبقى حر في بيتك

-لاء اطمني انا خلاص عرفت أأقلم نفسي على الوضع ده هو بس شوية ترتيبات هقولها عليها وتسمع كلامي

بعدها كلنا هنرتاح

-يعني هي زعلت من الكلام ده

-لاء هي زعلت لما سألتها اي السبب الحقيقي لمـ.ـو.ت ابوها

نظرت له مندهشه

-انت مش مصدق الكلام اللي قولته ليك

-انا ماقولتش كده كل الحكاية انك شرحتي الموضوع بأيجاز، وانا كنت حابب اسمع التفاصيل ومنها هي مش منك انتي بمعنى أصح.

بـ.ـنتك في حاجه مخبياها ومش عايزه تحكيها ودا اللي مقصر على نفسيتها والسبب الرئيسي في مرضها

-تقصد انها معندهاش حاجه عضوية والتعب اللي عندها ده تعب نفسي

-بالظبط هو كده

-طب انا ممكن احكيلك على كل حاجه

-لاء انا عايزها هي اللي تحكي وتخرج كل اللي جوها، وكنت حابب أعرض عليكي يعني نوديها لدكتور نفسي دا هيساعدها كتير بس تتكلم الاول معايا او مع أي حد

خرج صوتها كالأعصار من خلفهم

-وانا ماعنديش حاجه اقولها ومش هاروح الدكاترة، انا مش مـ.ـجـ.ـنو.نه عشان توديني لدكتور نفساني

وقف كالمارد بعين جـ.ـا.مدة وبصوتٍ رزين أصدر اوامره

-صوتك مايعلاش في البيت ده تاني ولازم تفهمي اني مش بتأثر من البكي وحركات البنات ال…..دي

مش عايزة تتعالجي اوك براحتك، بس كلامي هايتسمع و اتفضلي شيلي شنطتك اللي سيبتيها دي واطلعي على اوضتك يلاااا

بعين منكـ.ـسرة نظرت الي والدتها وهمست

-ماما تعالي نمشي من هنا

خذلتها والدتها واحنت رأسها

-مالناش مكان تاني غير هنا يا شذي

اندلعت نيران القهر في قلب تلك الصغيرة وكأن والدتها تريد كـ.ـسرها امامه

هذا الذي كانت منذ القليل تفتخر به وكأنه سندها في الحياة هو بنفسه من يحاول اذلالها بكل حسره

لكن لا يا ذو القلب الحجري انت لا تعرف عقلية شقيتك حتى الآن

لم تهزم بـ.ـنت بحري من قبل لكي تظن انك منتصر عليها

تلك الفاتنة ذو العشرون عاماً تقـ.ـا.تل من أجلها الرجـ.ـال

فقط لينالو نظرة من عيناها او يحوزو على إعجابها،

فبماذا تداوي نفسك يا طبيب الجراح، حين يصيبك سهم رمشها الكحيل في صميم قلبك

صعدت الدرج سريعاً بعد أن ألقت اول نظرة دامعه لتشق بها بحر قلبه

وولت الي غرفتها مغلقه عليها بابها مطلقة شهقاتها المنحبسة بداخلها العنان

شذى لنفسها: طيب يا دكتور مالك اما نشوف مين فينا اللي كلامه هيمشي على التاني

اما وريتك شذي البنوته الصغيرة هتجننك ازاي يا ابيه.

❈-❈-❈

انه اليوم الثالث لها مازالت حبيسة تلك الغرفة بأراداتها، لم يرى احد وجهها الجميل منذ اللقاء الاخير والذي انتهى بتلك المشاجرة

ولم يريد أحداً منهم ان يزيد حنقها اكثر فتركوها تفعل ما تشاء،

كما انشغل هو بعمله داخل المشفى ولم يعود إليهم الا اليوم

جميعهم مجتمعين على مائدة الإفطار الا هي وهو،

بعد أن آفاق من نومه القصير وصلي فرضه، بدء ينشغل بتمرين الضغط الرياضي البسيط حتى ينشط جسده قليلاً

وحين كان ممدداً على الأرض استمع الي نقرات خفيفة على الجدار الفاصل بين غرفته وغرفتها، فوقف منتبه لهذا الصوت واقترب ليستمع اكثر،

لكنه لم يستمع الي شئ فقط بعض النقرات تزيد

فتح بابه واتجه الي غرفتها ودق على الباب بقلق

-خالتي انتي جوه في حاجه عندك؟

اتاه الرد سريعاً وأجبره على فتح الباب دون أن ينتظر الاذن

كانت ملقية بجانب الجدار مرتدية منامة شتوية قصيرة وشعرها مفرود على ظهرها

تأن بصوت مكتوم متكورة على نفسها

جري عليها وانحني بجزعه

-شذى انتي تعبانه ولا فيكي ايه؟

حاول رفعها لكنه غض بصره، وابتعد حين لمح بياض ساقيها العريتان ووقف معطيها ظهره

-انا هنادي لمامتك وامي يجو يلبسوكي حاجه وبعدها هاجي اكشف عليكي

شذى بصوت ضعيف: استنى يا ابيه مـ.ـا.تسبنيش

َمالك بتـ.ـو.تر: طب حاولي تمسكي نفسك لحد السرير بس

-مش قادره اتحرك ساعدني لو سمحت

-مش هاقدر اساعدك وانتي بالمنظر ده

-هو دا وقته بطني بتتقطع يا ابيه ومش عايزة ماما تقلق عليا

لزم الاستغفار كعادته ومد يده لها متخطي النظر اليها

-طب هاتي ايدك وحاولي تقومي

شذى ببكاء :طب قرب شوية


لمسة يدها اسرت القشعريرة في جسده كله وكأنه مس جني هجم على قلبه ليشعله بلهيب نيران غريبه

توقف به الزمن وتيبست قدmاه ارضاً أصبح كالجبل صامد وشلالات العرق تقطر من جبينه وتغرق وجهه كله

وهي تتحامل على نفسها وتتشبث به اكثر واكثر

شذى بدmـ.ـو.ع: بصلي يا ابيه واسندني بس لحد السرير

مالك بتـ.ـو.تر: قولتلك مش هبصلك وانتي كده اتفضلي نامي في سريرك واتغطى ولفي الطرحه دي على شعرك ده

شذي بوهن وقد ألقت بجسدها على الفراش: مش قادره اتحرك خلاص سيبني وروح انت متشكره ليك على تعبك معايا

مالك بعنف وقد سحب الغطاء عليها وامسك حجابها وحاول لفه حول شعرها

-متشكره على تعبي! انتي مش حاسه انك تاعبه الكل بعنادك ده واهو جيه على دmاغك في الاخر

شوفتي اضرابك عن الأكل اتسبب ليكي في اي اتعدلي كده

كانت هزته لكتفيها بمثابة القشه التي قسمت ظهر البعير،

نظرت اليه بماستيها لتلقيه في دوامة بحرهم الذي يحتضنه وجهها المائل لصفار قرص الشمس المتوهج

ثم ارتمت على صدره دون سابق أنظار منها

كاد ان يلقيها بعيداً عنه الا انه شعر بأغمئتها وضع يده على عنقها يتحسس نبضها ويفزع من بطئه

ارقدها على الفراش وامسك معصمها ليحسب الوقت بين دقات قلبها ليشهق من طول المسافه بين كل دقه والاخري

جري على غرفته وحمل حقيبته وبعض الأدوية المنشطه للدوره الدmويه وعاد سريعاً إليها وبدء يحقن وريدها بالدواء

وجلس قليلا يراقب لون وجهها الي ان شعر بأنه بدء يميل للحمره فجري مره اخرى ممسكاً بمعطفه وهبط للأسفل

رؤه الجميع وهو يسرع في خطاه للخارج فا نداه والده

– الله رايح على فين يا مالك بتجري كده ليه وهتخرج بلبس البيت

-انتو قاعدين هنا ومش حاسين بحاجه والبـ.ـنت تعبانه جداً فوق

ماجده بخضه وجرت للأعلي سريعاً:بـ.ـنتي شذي

مجيده: مالها شذى كفالله الشر يابني

-نبضها ضعيف جداً يا أمي جهزي اكل لحد ما اعلق ليها محاليل ولازم تاكل غـ.ـصـ.ـب عنها لما تفوق ثم تركهم وجرى للخارج

❈-❈-❈

وبعد أن عاد وعمل اللازم لها جلس على المقعد بجانبها من جهه و والدتها وخالتها على الفراش من الجهه الاخري

رأت والدته قلقه الغير مبرر والواضح جداً على وجهه، ونظراته التي لا تحيد وجهها تراقب جميع تعبيراته

فقررت ان تخمد نيرانه المتوهجه وتشتت انتباهه هذا

-مالك انت يابني هتفضل قاعد عينك علي بـ.ـنت خالتك كده

مالك بحرج: ايه اللي بتقوليه دا يا أمي، أنا بشوف شغلي بـ.ـنت خالتي بالنسبة ليا مريـ.ـضة بتابع حالتها لحد مـ.ـا.تفوق مش اكتر

-يوه يقطعني يابني انا ماقصدش حاجه بس انت قاعد كده من وقت الظهر والعصر اذن والصلاه فاتتك.

-ياخبر اذاي ماسمعتش الاذان، هب سريعاً للخارج ليصلي فرضه

ولكن اوقفه صوت خالته قبل أن يرحل عنهم

-طب وشذي يا مالك هي مش هتفوق

مالك بضيق منها: مـ.ـا.تخفيش عليها هي قربت تفوق وابقو حاولو تأكلوها لحد اما اصلي وارجع، وقوليلها انها هتتعـ.ـا.قب على الي

عملته ده، وكمان بسبب تأخيري عن فرض ربنا

انا رايح الضريح يا أمي ومش هرجع الا بعد أذان العشاء

-طيب يا حبيبي ربنا يتقبل منك

اغلق الباب من خلفه بقوة واذا بها تفتح عيناها وتهمس لهم

شذي: مشي خلاص

مجيدة بشهقه: بسم الله الرحمن الرحيم بت يا شذى انتي فوقتي

ماجدة بحـ.ـز.ن: كده يا شذى عايزة تو.جـ.ـعي قلبي عليكي بتعملي فيا وفي نفسك كده ليه بس

-وطي صوتك يا ماما احسن ابيه يسمعنا ويرجع يعـ.ـا.قبني زي ما قال

واذا به يفتح الباب فجأة وينظر لها بغضب وتخرج الكلمـ.ـا.ت من فمه بصوت جهور وهو يراها تنزلق أسفل الغطاء لتختبئ من عينه

مالك : كنت عارف انك صاحية عرفتي ليه كنت ببصلها يا ماما عشان اراقب كل تعبيراتها الغـ.ـبـ.ـية

استعدي بقى للعقـ.ـا.ب يا شذى وأغلق الباب مره اخرى ولكن هذه المره بهدوء وهو يواري ابتسامته

شذى بخـ.ـو.ف حقيقي: هو هيعمل فيا ايه

مجيدة بسخرية: هيبلعك ياختي ويشرب وراكي شوية ماية

شذى بصراخ: يا ماما يلا نمشي من هنا

ماجدة بضجر مما تفعله بها ابـ.ـنتها

-نمشي والنبي دا لو جاب عصايه ونزل ضـ.ـر.ب فيكي ما هتحرك من هنا وهضـ.ـر.بك معاه كمان

شذى بدmـ.ـو.ع: حـ.ـر.ام عليكي يا ماما انتي مش خايفه عليا يعني

ماجدة وقد انشطر قلبها من أجل ابـ.ـنتها: وانتي مش حـ.ـر.ام عليكي كل اللي بتعمليه فيا ده يا بـ.ـنت محمد

عايزة تمشي من هنا تروحي فين ترجعي بيت العسال من تاني وتشوفي الايام السوده اللي عشناها تاني

شذى بصراخ : اسكتي يا ماما مـ.ـا.تكمليش

ماجده بجمود: مش هاسكت يا شذى مش عايزة تتكلمي مع ابن خالتك ليه مش عايزة تتعالجي ليه

مش عايزة تاكلي بتمـ.ـو.تي نفسك بالبطيئ، فاكره انك بكده هتقدرى تهربي من اللي حصل، خايفه تقوليله ان ابوكي اتقــ,تــل عشان كان بيحافظ عليكي يا شذي

شذى ومازال صراخها مستمر: اسكتي يا ماما اسكتي اسكتي عشان خاطري

احتضنها خالتها وحاولت تهدئتها على ما يبدو أن هذه الفتاه تعرضت لحدث خطير وهم لا يعلمو شيئاً

مجيده بحب: بس ياشذي كفاية يا بـ.ـنتي مـ.ـا.تخفيش من مالك، هو مش هيعملك حاجه ده بيقول كده بس عشان خاف عليكي،

هو اصلاً لما عرف مني امبـ.ـارح في التليفون انك بقالك يومين مأكلتيش قعد يزعق ليا عشانك

طب حتى شوفي يوم ما اتخانقتو كان جايب ليكي ايه، وقالي ادهولك بس انتي بقى مادتيش فرصه لحد وخاصمتينا كلنا.

من بين سيل الدmـ.ـو.ع التي تبلل أهدابها لمعت عيناها بفرحه

-ابيه مالك جابلي انا هديه

مجيدة بحب وقد سحبت تلك الحقيبة وفتحتها واخرجت مافيها

-اه يا روح خالتك جابلك إسدال عشان تتحركي براحتك في البيت، ومـ.ـا.تبقيش مقيدة بالعباية السوده او تحبسي نفسك في اوضتك

شذى وقد بدئت تجفف الدmـ.ـو.ع بيديها كلأطفال:

-لاء قوليله شكراً شذى مش محتاجه حد يجبلها لبس، وإن كان علي الحابسه انا راضية بيها
لقد انهي جميع صلواته بجانب هذا المقام أتم جزء كامل من آيات ربه الجليل، وكأنه فعل ذنب كبير يناجيه لينال عطفه و يسامحه

وأخيراً ما لملم رحاب روحه السابحه في ملكوت الله، وقرر العودة إلى بيته وهو يدعو دعائه الاخير

-اللهم إن كان الخير قريب مني فنوله لي وإن كان شراً فأنر لي بصيرتي وإبعده عني يا مجيب الدعاء

شعر بكف ابيه يضغط على كتفه، فرفع له وجهه مبتسماً

الشيخ حسان: مش كفاية كده يا شيخ مالك هيقفلو الجامع علينا خلاص يلا بينا بقي

مالك: خلصت يا حاج يلا يا بينا يا حبيبي

وفي طريق العوده قرر الشيخ حسان ان يفاتحه في الحديث بطريقة غير مباشرة

سامعك بتدعي ربك ينولك مرادك لو كان خير، انت بتفكر في حاجه انا معرفهاش ولا اي يا دكتور؟

ابتسم الابن على حديث والده، ولقد فطن ما بداخله

مالك: دmاغك ما تروحش لبعيد يا شيخ حسان، كل الحكاية اني مدعو لمؤتمر خاص بشغلي كمان كام شهر والمطلوب مني اني اقول كلمة ولو نجحت في المؤتمر ده

ابنك هيترفع شأنه في العالم العربي كله وهشرفك بس دي كل الحكاية يا سيدي

ربت الشيخ حسان على كتفه بفخر وهم يلجو لداخل المنزل

– كده كده انا بفتخر بأبني وبتباهي بيه بين كل الناس، دايما رافع راسي يا زينة الشباب

اغلق الاخر الباب وعينه تنظر للأعلى حيث صوت صياحهم العالي

اغمض عينه وضم قبضتيه بقوه وزفر أنفاسه الحاره وصعد للأعلى وهو يتسأل بصوت عالي

بعض الشئ

-يا ترى في ايه؟ صوت الحريم عالي كده ليه هما بيتخانقو

الشيخ حسان بهمس: ربنا يبعدها عنك يا بني دي اللي ممكن تكون عقبه في طريق مستقبلك

دق عليهم الباب وفتحه عنوه ليري تلك الشيطانة الصغيرة تقف على الفراش تصرخ وتحاول نزع تلك الكالونه من يدها

وهم يحاولون تهدئتها واطعامها

مالك بقوه : اي الصوت العالي ده يا هانم يا محترمه غطي شعرك ده واقعدي

سريعاً ما اختبئت أسفل الغطاء ولفت حجابها حول رأسها

نظرت له والدتها وهتفت:

-اهو من ساعة ما انت ما مشيت وهي على الحاله دي، شوفلك حل معاها بقى انشالله حتى تضـ.ـر.بها مش هقولك بتعمل اي،

لكن بالطريقة دي بـ.ـنتي هتمـ.ـو.تني بجلطه يا مالك

لامت مجيدة اختها على كلامها وحاولت امتصاص غضب ابنها

ضـ.ـر.ب اي مـ.ـا.تسمعش كلامها يا مالك، كل الحكاية ان البـ.ـنت بس خرجت اللي جوها شوية

-من فضلكم انزلو حضرو لينا العشى ابويا جيه معايا تحت، واكيد مش هنصوم كلنا ونقعد جنب الأميرة شذى يعني

اومئو الاثنان رؤسهم وذهبو ليفعلوا كما طلب

بينما كانت هي تتصبب عرقاً من خـ.ـو.فها وهمست بصوت يكاد لا يسمعه

-انت هتضـ.ـر.بني بصحيح

تصنع عدm الاستماع ومد رأسه قليلاً

-بتقولي اي مش سامعك على صوتك، ما هو كان لسه مجلجل في البيت كله و واصل للجيران

اسدلت أهدابها على عيناها بخجل، وسحبت الغطاء الي منتصف وجهها

ليقترب مالك منها ويهتف بعنف

-وانتي لما تستخبي تحت الغطا تفتكري مش هعرف اضـ.ـر.بك

شهقت وجحظت عيناها وتركت الغطاء من يدها وعلامـ.ـا.ت الاندهاش تغطي وجهها الجميل بالكامل

امسك هو المقعد واقترب من الفراش وجلس عليه وبأشارة أمره من أصبعه هتف

-هي كلمه واحده امسكي طبق الاكل بأديكي وكلي، وإياكي يا شذى تحطيه غير وهو فاضي مش هعيد كلامي مره تانيه

شذى بدmـ.ـو.ع تهدد بالأنزلاق على وجنتيها

-مش عايزة والحقنه دي بتو.جـ.ـع ايدي وعايزة اشيلها

هدئت نبرة صوته مع أول دmعه من يراها تسترسل على وجنتها، وبدء قلبه يرق ويلين لحالها

-اوعدك لو خلصتي طبقك كله هاديكي حقنة فيتامين فيها، وبعدها هفكها ليكي انا بنفسي ممكن تاكلي بقي وتسمعي الكلام

بدون سابق أنظار تاهت في ملامحه الرجولية

الجميلة حين يبتسم بهدوء، وارتسمت على ثغرها ابتسامه بلهاء لتفيق على صوته الاجش

-شذى فوقي روحتي فين يلا كلي

شذى بلوم لنفسها: ها حاضر حاضر

امسكت صحن الطعام بيدها وبدئت تلتهمه بشهيه مفتوحة

امسك هو هاتفه وبدء يلهي نفسه به حتى يبعد عينه عن سحر عيناها الجميله

كانت هي منشغله بلك الطعام داخل ثغرها وعيناها عليه

شذى بفم ممتلئ : انا اسفه يا ابيه

رفع رأسه لها مندهش على ما تفوهت به، تلك القطة الشرسه العنيدة منذ أن رأها وهي تأبى ان تخضع لأحد الان تعتذر له

مالك: مـ.ـا.تتكلميش وانتي بتاكلي

وضعت الملعقة بتنهيدة في الصحن

-شبعت وعايزة اتكلم

مالك بجمود: قولت تخلصي طبقك يا شذى ولو عايزة تتكلمي انا موجد مش هطير يعني وهسمعك

شذي وقد تبدلت ملامحها : فهمتني غلط يا ابيه، انا بس كنت عايزه اعتذرلك على اللي حصل بنا واشكرك انك اخدت بالك مني وانا تعبانه بس كده

نفض يديه امامها ورفع حاجبه الأيمن دليلاً على استنكاره كلمـ.ـا.تها

-بس كده طب كلي يا شذى ولازم ت عـ.ـر.في ان اسفك ده ولا يعنيني بشئ

عن اذنك اروح اتعشى انا كمان

شذى: استنى بس انت مش هاتشيل الحقنه دي بقي

مالك وهو يواليها ظهره: قولت هاشيلها لما تخلصي اكل غير كده لاء

❈-❈-❈

ترجل للأسفل إليهم وجدهم قد وضعو الطعام على المائدة

مجيدة: كويس انك نزلت يا مالك كنت لسه هناديك عشان تاكل

اقتربت منه خالته تسأله وقد بدا عليها الوهن ايضاً

ماجده: ها عملت اي سمعت كلامك وكلت

وضع كفيه حول رأسها وقبل جبينها

مالك: اطمني يا ستي بـ.ـنتك اكلت وبقت كويسه

بس على فكره بقى انتي اللي شكلك تعبانه

ماجدة :عايز الحق انا فعلاً تعبانه، وهاين عليا افضل اصرخ لحد ما أقع من طولي

مالك: طب بعد كده هترتاحي يعني، اقولك على حاجه احسن ممكن تعمليها وانا واثق انك هترتاحي بعدها

جلست بجانبه على مائدة الطعام ولكنها لم تمد يدها له

ماجدة : قول يا مالك يمكن يكون عندك الحل

مالك : ايه رأيك لو تخلصي اكل وبعدها تقيمي الليل النهاردة

ماجدة بتفكير : أقيم الليل


مالك : اه تدخلي الخلوه بتاعتي النهارده

(غرفه مستقله فوق سطح المنزل ممهده للصلاه وقراءة القرأن)

وتفضلي فيها تقرى القرأن وتصلي لحد ما ترتاحي، ولو عايزه تنامي فيها كمان براحتك نامي

ماجدة: فكره حلوة طب هاطلع اطمن على الهانم اللي مغلباني معاها دي، وبعدين توديني الخلوه بتاعتك يا دكتور

مالك: كلي الاول

أخرجت تنهيدة قوية من صدرها ووقفت

ماجدة: معلش يا حبيبي انا ماليش نفس يمكن لما اقعد في الخلوه ارتاح فعلاً وبعدها هاكل عن اذنكم

مجيدة بأبتسامه لأختها : روحي يا حبيبتي وانا هتطلع ليكي صنية اكل فوق وأما تجوعي تبقى تاكلي براحتك

اومئت لها برأسها وصعدت للأعلى تحت نظرات الشيخ حسان، الذي كان يبدو علي وجهه عدm الرضا وحين اختفت من أمامهم تحدث لأبنه

الشيخ حسان: شايفك بقيت بتحمل نفسك مسئوليتهم

مالك بأستنكار: اومال هارميهم يعني يا ابويا

الشيخ حسان: انا ماقولتش كده ماهم قاعدين في بيتنا معززين مكرمين اهم واصرف عليهم من جنيه لألف

لكن انت مـ.ـا.تدخلش في حياتهم مـ.ـا.تتحملش مسئوليتهم، ملاكش دعوه بيهم يا مالك

-يا ابويا الحكاية مش حكاية فلوس

اكيد في حاجات كتير هما محتاجينها غير الفلوس

الشيخ حسان: اي حاجه تانيه خاصه بيهم امك

موجوده تقدر تتدخل فيها لكن انت لاء

-و ليه دا كله دول في الأول وفي الاخر خالتي وبـ.ـنتها اكيد مش هشوفهم محتاجيني وابعد عنهم يعني

الشيخ حسان: اللي عندي قولته البـ.ـنت دي مـ.ـا.تحولش تقرب منها الا لما تكون تعبانه غير كده ملاكش دعوه بيها

ثم هب واقفاً وصعد هو الاخر الي غرفته

ادار رأسه ينظر إلى طيفه ثم التفت الي والدته الصامته

-هو ماله وانتي ساكته كده ليه، يعني ماحولتيش حتى تتدخلي في الحديث وتتدافعي عنهم.

مجيدة بهدوء: مالك هي شذى مش بـ.ـنت

كان سؤالها قاسياً كلمـ.ـا.تها سقطت على رأسه كالصاعقة صرخ لأول مرة في وجهه والدته

-ايه اللي بتقوليه دا ازاي اصلاً يجي في تفكيرك تسأليني في حاجه زي كده

حاولت تنبيهه بأن يهدئ ويخفض من نبرة صوته

-اششششش اهدي يا ولد ووطي حسك وانت بتكلمني، انا مش عايزه اسمع حد منهم حاجه تقوم انت تنسي نفسك وتعلي صوتك

عليا

استغفر ربه ومسح على وجهه بعنف وجلس على الاريكة مبتعداِ عنها

ما هو كمان ده مش كلام اصلاً المفروض انك تقوليه

تخلت هي الاخري عن مقعدها واتجهت نحوه وجلست بجانبه تربت على يده بحنان


– اعذرني يا حبيبي يمكن انا اتسرعت في الكلام بس اللي سمعته منها ومن امها النهارده وهما بيتخانقو يخليني أشك بصراحه

ضم حاجبيه الكثيفين بعدm فهم متسائلاً

-كلام اي ده

-كلام كده مش مفهوم عن قــ,تــل ابوها، وانه اتقــ,تــل عشان كان بيدافع على شرفه وانها اتعرضت لحاجه بس البـ.ـنت كانت كل ما امها تحاول تتكلم كانت تقولها اسكتي

ومش عايزها تتكلم، افتكرت واحنا عندك في المستشفى انك خليت دكتورة نسا تكشف عليها فاقولت يعني أنك عرفت حاجه زي دي

-لاء طبعاً انا عمري اصلاً ما مااطلب من دكتوره تكشف على بـ.ـنت في حاجه زي كده انا كل اللي طلبته منها انها تعمل لها اشعة عشان نطمن على الرحم ودي بتتعمل من علي البطن عادي

مجيدة وهي تنظر للأعلى وتستمتع لخطوات اختها

-طب من هنا ورايح بقي يا قلب امك تسمع كلام ابوك وتبعد عن بـ.ـنت خالتك وانا بقى هاعرف بطريقتي

مالك بعدm رضا عن ما قالته هي الاخري لكنه لا يملك سوي ارضائهم

-والله طلاما انتو شايفين كده يبقي انا ماقدرش اقول غير حاضر طبعاً

أتت إليهم ترتدي عبائتها وحجابها وبدئت تحثه على الوقوف

ماجدة : انا جاهزه يلا يا مالك

مجيدة : اطمنتي على بـ.ـنتك يا ماجدة اكلت ونامت ياختي

ماجدة : اه الحمد لله صحيح قعدت تعيط في حـ.ـضـ.ـني شوية من و.جـ.ـع الكالونة اللي في ايديها،

لكن في الاخر نامت والنبي يا مالك ابقى شيلها ليها احسن جات تشيلها ايديها جابت دm وكانت هتعور نفسها

اومئ برأسه لها ونظر الي والدته الغاضبة

مالك : حاضر الصبح قبل ما اروح شغلي هاشيلها ليها، تعالي بقى اطلعك الخلوه عشان تصلي وتقري القرأن براحتك

❈-❈-❈

عاد الي غرفته بعد أن اغلق على خالته تلك الغرفة و بدل ملابسه واستعد للنوم لينال قسط من الراحه قبل أذان الفجر

كان يتقلب في فراشه وجافاه النوم، وأخيراً اعتدل واقفاً واتجه ناحية علبة حقن موضوعه

داخل خزانته

مالك لنفسه: عايزيني ابعد عنها ازاي بس انا وعدتها اني اديها حقنة الفيتامين وافكلها الكالونه خالص من ايديها

جري للخارج ودق بابها بصوت خفيض

اكيد نايمه ومش هاتسمعني ما انا اتأخرت عليها بردو خلاص بقى الصبح اشيلها ليها

بس مامتها قالت إنها عورت نفسها وكده غلط

ضغط بيده على مقبض الباب ولأول مره يتلفت كاللص يمين ويسار ودلف الغرفه سريعاً مغلقاً الباب خلفه

ايه اللي انا بعمله ده بس هتوصليني لأي تاني يا ست شذي

عاد للباب وفتحه على آخره وأضاء نور الغرفه ليراها غافيه على الفراش وشعرها مفرود على وسادتها

معـ.ـذ.بة حتى في نومك عيناكي الغافية تخبئ بحرك الغارق به ومع ذلك كم انتِ مهلكة بـ.ـنت حوا

غض بصره سريعاً وانب نفسه على فعلته

-استغفر الله العظيم انت اتجننت يا مالك اكيد اتجننت مـ.ـا.تغض بصرك يا دكتور اعتبرها مريـ.ـضة عندك في المستشفى وخلص وأخرج بقي

جلس على مقعده بجانبها وبهدوء تام غرز الحقنه في يدها انتظر قليلاً وحين شعر برجفة يدها على كفه علم انها مستيقظة وتهرب من مواجهته فابتسم

وانتزع السن من وريدها وطهر لها مكانه ثم جذب الغطاء عليها ودثرها جيداً

وعاد من حيث اتي، مغلقاً الاضاءه والباب من خلفه وهو يدعو في سره

– انشاء الله تكون بخير، يارب يا أمي ظنك يكون مش في محله

اعتدلت من مرقدها وانزلقت دmعتها على وجنتها

شذى بصوت مختنق

يا ريتك كنت معايا من الاول يا ابيه

ياريتني اتربيت هنا في البيت ده وعلى ايدك انت بكل قسوتك وحنانك عصبيتك وإيمانك

❈-❈-❈

وعند بزوغ الشمس كان عائد من صلاة الفجر اغلق باب المنزل خلفه وتأهب ليصعد الدرج نحو غرفته،

لكنه انتبه لصوت المياه وضجيج الصحون فذهب ليري من هناك في هذا الوقت

انها هي تلك الشقية هزيلة الجسد، ترتدي هذا الاسدال الذي ابتاعه هو لها ويغطيها بالكامل من أعلى رأسها الي اخمص قدmيها بل ويزيد

تقف أمام هذا الحوض وتغسل ما به من صحون معطية الباب ظهرها

مالك : بتعملي اي عندك في الوقت ده

شهقت منفزعة و تركت ما بيدها والتفت له واضعه يدها على صدرها

شذي: صباح الخير حـ.ـر.ام عليك يا ابيه مالك خضتني وربنا

مالك مبتسماً :صباح النور يا شذي انا اسف ماكنتش اقصد اخضك، بس ليه تتعبي نفسك المفروض تكوني نايمه في سريرك دلوقتي

شذى بمرح وهي تغلق صنبور المياه : مانا نمت كتير و صحيت بدري لقيت نفسي كويسه، قولت اساعد خالتو ما هي بردو بتعمل كل حاجه لوحدها

مالك: طب لو خلصتي اتفضلي على اوضتك وارتاحي شويه وعلى فكره خالتك مش بتحب حد يدخل مطبخها ويعمل لها حاجه من غير مايستأذن منها الاول

شذي وقد حنت رأسها وهمت بالخروج رافعه جزء من اسدالها حتى لا يعيق حركتها : انا اسفه انا كان قصدي اساعدها

استني

وقفت مندهشه من تقلب مزاجه المفاجئ

شذي: نعم في حاجه تاني

مالك بأمر: اه في حسك عينك تسبقي راجـ.ـل وتمشي قدامه او حتى تطلعي سلم قبل راجـ.ـل انتي فاهمه

شذى بعدm فهم : لاء مش فاهمه ليه يعني

مالك وقد انتبه لما يقوله : عشان كده وخلاص، الكلمه اللي اقولها ليكي تتسمع مفهوم

مازلت ترشقه بسهام ناريه من عيناها

شذى موصدة يدها حول صدرها: حاضر يا ابيه اتفضل حضرتك اطلع وانا هاطلع بعديك

سبقها بخطاه بالفعل وصعد إلى غرفته

فقررت تلك الشيطان الصغيرة ان تشاكسه

-هو مين اللي شالي الكالونة من ايدي يا ابيه

– انا طبعاً

شهقت مصتنعة الخضة

-هااااه يعني حضرتك دخلت اوضتي وانا نايمة فيها لوحدي

التفت إليها بعدm فهم

– ودي فيها أيه اظن يعني انا ماكنتش داخل اوضتك العب

مالك بغضب: بس اخرسي ولا كلمة زيادة انا اعتبرتك زيك زي اي مريـ.ـضة بدخل اوضتها في المستشفى، يعني ماكنتش داخل اتملي في جمال حضرتك يا هانم يا محترمه، لكن الظاهر اني غلط لما صعبتي عليا وخـ.ـو.فت لتجـ.ـر.حي ايدك وانتي نايمة

عضت على شفتيها السفلى واحنت رأسها بخجل

-انا اسفه يا ابيه

اكمل صعوده للأعلى وهتف بغضب

-اسفك كتر اوي اتفضلي على اوضتك، و يا ريت تخلي بالك بقى من نفسك عشان انا اللي بتعب معاكي بعد كده وفي الاخر بطلع غلطان

يلا اتفضلي مستنيه اي

تخطته سريعاً واسرعت الخطى نحو غرفتها

ظل ثابتاً مكانه يضم قبضته بقوه يراها تتعثر الخطوات وتكاد تسقط، الي ان اغلقت باب غرفتها عليها

مالك بهمس: مش هاسمحلك تلعبي اللعبه دي عليا انتي لسه مت عـ.ـر.فيش مين هو مالك الرفاعي يا بـ.ـنت العسال
تعلقت ماجده بتلك الخلوه كثيراً أصبحت عادة قيام الليل وقراءة القرأن الكريم لازمها،

ووجدت فيها راحتها النفسية واصبحت في الآونة الاخيرة متعلقة بها جداً

وتركت تلك الصغيرة تعاني من الوحدة لا تستأنس بأي شئ سوي بعض المكلمـ.ـا.ت الهاتفية التي تتلقاها من إبنة عمها وصديقتها الوحيدة

الجميع كانو يجلسون في بهو المنزل

الحاج حسان والاختان ماجده ومجيدة يتابعون برنامج لداعية ما على تلك الشاشة الكبيرة المعلقه علي الجدار

اما طبيبانا الهمام: كان يجلس أمام جهاز الحاسوب تبعه يشاهد فيلم وثائقي عن إجراء عملية جراحية كبيرة

وكانت هي تجلس على مقعد جانبي في ركن هادئ مبتعدة عنهم بعد الشئ وعيناها مرتكزه على تعبيرات وجهه

رن هاتفها وجذبته لترى من المتصل

لتجده اتصال من صديقتها الوحيدة فأجابت على الفور دون أن تلاحظ ملامح وجهه المبهمه وعينه المتسلطة عليها

شذي: الو ايوة يا نسمة ازيك يا حبيبت

..

-وانتي كمان والله حشـ.ـتـ.ـيني و  بس هاعمل اي بقى شكلنا كده مش هنعرف نشوف بعض تاني

….

-لاء امتحانات ايه بقى انا هاشيل السنه دي

ظل يراقب حركاتها ويستمع لكلامها دون أن تعي وهي تكمل بدون مبالاة

-طب هاعمل ايه بس يا نسمه، يعني انتي شيفاني فرحانه اني هاشيل السنه

داني عمري ما عملتها لكن انا مش هاقدر اجي اسكندرية تاني، ومش هالحق أحول ورقي هنا ولا زاكرت ولا جبت ملازم يبقى هاعمل ايه بقي

……

شذى بهدوء ظناً بأنه لا يسمعها

-لاء انا مش معايا نت وكمان مش معايا رصيد عشان اكلمك

…..

-ماشي يا حبيبتي انا هاستني مكالمتك سلام يا نسمه وابقي سلمي على عمي

اغلقت معها واستدارت لتجلس مكانها الا انها وجدته على حالته هذه وكأنه يراقبها ويريد ان يفهم ماذا يحدث

تولت والدتها عنه السؤال، وانقذته من هذا المأذق

-كنتي بتكلمي مين يا شذي

-دي نسمة بـ.ـنت عمي يا ماما

-وبتردي عليها ليه احنا مش قولنا عايزين نقطع علاقتكم بالناس دي نهائي

كان هذا مالك الذي انتفض غاضباً

شذى بحـ.ـز.ن

-بس نسمه غيرهم كلهم احنا متربين مع بعض وكمان هي صاحبتي الوحيده

شعر بحـ.ـز.نها وتحلي بالصبر والهدوء حتى لا يحـ.ـز.نها

-انتي يعني واثقة فيها

-ايوة هي اصلاً بتكره العيله دي اكتر مني بكتير كمان

جلس على مقعده وهو يهمس

-معاها حق هي دي عيلة تتحب ولا تشرف اصلاً

وقبل ان تجلس هي الاخري مكانها رن هاتفها ثانيةً لتشهق بصوت مسموع للجميع لينتبه هو لها

شذى بخـ.ـو.ف وهي تريه الهاتف

-ده دا هو

ضم حاجبيه بعدm فهم مستشعراً خـ.ـو.فها

-هو مين

أتت ماجدة بجانبها وامسكت الهاتف من يدها لترى اسم المتصل

-هو مين اشرف ابن عمتك، هاتي التليفون انا هارد عليه

حاول أن يتدخل ويتقدm لهم ليجيب الاتصال هو، لكن نظرة ابيه الجمته مكانه

اجابت هي الاتصال بعد أن فتحت مكبر الصوت

-الو ايه اللي فكرك بينا تاني يا اشرف

اشرف: سلامـ.ـا.ت والله يا مرت الخال، وانا اقدر انساكم برضو ايووووو، مش ناويه ترجعي انتي وبـ.ـنتك بقي

ماجدة: نرجع فين ولمين يا اشرف

اشرف : ترجعو بيتكم ولينا، وليكي عليا يا ستي هاكتب على بـ.ـنتك وقتي، وافتح القهوة بتاعت خالي تاني وايرادها كله هيبقى ليكم

ماجدة: بيت اي وقهوة مين اللي فاكرني هاجري عليهم انا وبـ.ـنتي، احنا خلاص مش عايزين منكم حاجه

البيت وسبناه لأمك تشبع بيه، والقهوه خليهالك الله الغني عن ايرادها

وبـ.ـنتي تشيلها من دmاغك احسنلك اوعي تفكر اني ممكن اجني عليها وارميها في النار اللي عيشت فيها طول عمري

اشرف بعنف: طب اسمعي انتي بقى يا ام المحروسه، البيت بـ.ـنتك هترجعه غـ.ـصـ.ـب عنها وهتبقى مراتي برضو غـ.ـصـ.ـب عنها، مانا ماكنتش باقــ,تــل واسيح الدm في كرموز عشان في الاخر تروح مني

لا دا و رحمة ابوها لاجبها، حتى لو وصلت اني اخـ.ـطـ.ـفها هعملها ومـ.ـا.تفتكريش ان مكانكم بعيد عليا، لاء دانا عارف العنوان وحافظه بالملي وقريب اوي هتلقوني عندكم

سلام وابقي سلميلي على شذى لحد ماجي اخدها انا بنفسي

❈-❈-❈

حالة من الدهشة عمت على الجميع، وكان الصمت حليفهم إلا هي لقد إصابتها الرجفه وبدت تخترف بهستريا وهي تفرك يدها بقوه

-هو هو اللي قــ,تــله يا ماما هو اللي قــ,تــل محمود، ضحك على بابا وقوم العركة وكانت النتيجة مـ.ـو.ت ابويا

اقتربت منها والدتها وضمتها جيداً:

-عارفة يا شذي ومش بعيد يكون هو اللي قــ,تــل ابوكي كمان عشان يحط ايده على القهوه منه لله ال….. البلطجي

بدئت تفقد السيطرة على لسانها وتتفوه ببعض الكلمـ.ـا.ت

-والنبي يا ماما مـ.ـا.تخليهوش ياخدني ويحبسني تاني مـ.ـا.تخليهوش يقرب مني تاني

بدئت ماجدة تبكي على حال ابـ.ـنتها وتحاول تهدئتها

-مـ.ـا.تخفيش يا حبيبتي، دا لوحكمت هاقــ,تــله بأيدي ولا انه يجي ناحيتك

افلتت يدها من عليها وجرت عليه وارتمت بين يديه دون سابق إنذار متشبثة بيديها بقميصه

شذى بصراخ

-والنبي يا ابيه احميني منه، اوعي تخليه ياخدني ده مش بني آدm ده حـ.ـيو.ان وكان

-شذيييييييييي

صرخ بها وهو يقبض على كتيفيها بقوه محاولاً افاقتها

مالك وهو يجذبها خلفه ويصعد بها للأعلي

-أخرسي مـ.ـا.تتكلميش ولا كلمه لحد ما نطلع فوق

أخذها حيث غرفتها وأغلق بابها عليهم

أجلسها بهدوء وجلس امامها لم يتحدث، فقط انتظر إلى أن تتخلص من تلك الطاقه السلبية و وصلة بكائها الحادة هذه

مالك بهدوء:

-خلاص هديتي دلوقتي بقي عايز اعرف كل حاجه يلا احكي انا سامعك

بدئت تجفف عبراتها وتمسح على وجهها بكفيها

محاولة السيطرة على نفسها.

-اوعدني الاول انك هاتحميني منه وهاتعمل اي حاجه عشان مايخدنيش من هنا

مالك بتفكير

-اوعدك لو حسيت انك صادقة في كلامك معايا، هاقف لأي حد يحاول يأذيكي او يقرب منك بشر

شذى وقد بدئت تسترسل الكلمـ.ـا.ت بهدوء :

-والله ما هكدب عليك في حاجه انا اصلاً كنت مظلومه في الحكاية من اولها اشرف منه لله بقى هو اللي قومها في دmاغ ابويا

وبقي كل يوم يتعارك مع محمود من غير اي سبب بس عشان عرف انه عينه مني وعايز يخطبني

وقف من امامها واتجه نحو النافذه المفتوحة التي تطل على مسجد الحسين رضي الله عنه وظل ثابتاً معطيها ظهره،

و هو يستمع إليها دون أن يتحدث فقط أشار لها بأن تكمل

وكأن نوة من الزكريات هجمت على عقلها وأغرقته بها

-كان آخر يوم من امتحانات الكلية ونسمة كانت في اليوم ده مافيش عندها امتحان عشان هي أكبر مني بسنه

كان يوم حر اوي وانا خلصت امتحان الساعه اتنين الظهر وقفت على قمة الشارع اللي فيه كليتي استنى المشروع،

وبالصدفه لقيت محمود ابن الجيران راكب المكنة بتاعته ووقف بيها قدامي وبيعزم عليا انه يوصلني

مالك بضحكة ساخرة : وطبعا ركبتي معاه

شذى بغضب: لاء طبعاً دا كان ابويا مـ.ـو.تني فيها

-مـ.ـو.تك! طب كملي ياختي كملي

شذي: شكلك مش مصدقني، معزور اصلك ماعرفتش ابويا قبل كده

طب دا اداني حتة علقه لمجرد بس انه

صمتت فجأة وكأنها علمت بأن ما تقوله سينقص من كفتها امامه

-اتفقنا انك هتتكلمي بصدق ومش هاتخبي حاجه

احنت رأسها بخزي وتكلمت

ناصل الولا محمود الله يرحمه بقى قعد يزن على دmاغي، ويقولي عايز اتكلم معاكي في حوار مهم خاص بينا احنا الاتنين، وقالي هاسبأك واستناكي عالكورنيش وهقول الكلمتين ومش هأخرك

مالك بهدوء : و روحتى ليه

مازلت عيناها تنظر في الأرض كأنها تعد خيوط السجادة المفروشة تحت قدmيها

-ايوة روحت وقالي انه بيحبني وعايز يخطبني من ابويا، بس عايز يعرف ردي الاول

مالك: ووفقتي

شذى بهجوم :و انا لحقت داني فجأه لقتني بتشـ.ـد من ايدي وبتحدف في قلب التاكس بتاع اللي ما يتسمى اشرف ابن عمتي والواد ياعيني بيتعجن تحت ايديه

وبعدين لما روحني ضـ.ـر.بني قصاد عين ابويا وقاله على اللي شافه، وبدل ابويا ما يسمعني نزل هو كمان فيا ضـ.ـر.ب

وبعدها نزلو واتخانقو مع محمود وأهله في الشارع ودي كانت أول خناقه بينهم

وبعدها محمود غـ.ـصـ.ـب علي ابوه وخاله وجم وقعدوا مع ابويا وعمي السيد في القهوه واتصالحو،

واتفقوا انهم يطلعو عندنا ويشربو معاه الشاي عشان عايزين ياجو يتقدmولي

وبعد ابويا ما رحب بيهم الز.. اشرف لما عرف لعب في دmاغه تاني، وقاله ان دي اكيد مش اول مره نتقابل فيها او ممكن يكون حصل بينا حاجه وان محمود يعني يكون ضحك عليا

مالك: وهو ماحصلش يا شذي

-للدرجه دي شايفني بـ.ـنت مستهتره يا ابيه

كانت تلومه بكلمـ.ـا.تها و نظرتها الصارخه

اكتفت بما قالته وانتزعت رهبتها من صدرها، وما كان منها الا انها همت بالرحيل من الغرفه بأكملها

مالك : اتفقنا انك هاتكملي كلامك

لم تلتفت اليه لكنها اردفت بحزم

شذي : ولزمته ايه الكلام بقى اذا كنت حكمت عليا من قبل مادافع عن نفسي

-انا لسه ماحكمتش عليكي بس لو خرجتي دلوقتي يبقى انتي اللي هتأكدي الحكم ده

استدارت له بقوه واغلقت الباب وعادت لمقعدها

-انا هاكمل كلامي بس مش عشان خايفه منك أو من حكمك عليا، إذا كان ابويا نفسه اساء الظن بيا وصدق غيري يبقى انت هتصدقني

انا بس هاكمل عشان محتاجه اخرج اللي جويا واهو عشان برضو تتأكد اني مش مـ.ـجـ.ـنو.نه وتوديني لدكتور نفسي زي ماكنت بتقول

جلس على مقعده بهدوء وقرر ان يهدء من تعصبها عليه

نكملي يا شذى انا سامعك

-بعد ما التعبان اشرف بخ السم في ودان ابويا، حاول عمي السيد يهديه و يقوله ان الكلام اللي اشرف قاله دا كدب، ونسمه قالتله ان مافيش حاجه بيني وبين محمود بحكم انها صاحبتي الوحيده، وأننا مكانش بنخرج الا مع بعض

لكن اشرف رجع تاني وفهمه اننا اكيد متفقين مع بعض عشان تفهم ابوها الكلام ده

بعدها ابويا رفض يستقبلهم في بيتنا وقالهم في وسط الشارع ان طلبهم مرفوض

وابو محمود غـ.ـصـ.ـب علي ابنه و بعده عني وسمعنا بعدها بشهر انه خطب واحده من اهله

والحكاية هديت على كده فتره، لحد د.خـ.ـلة الشتا كنا لسه في نوة الفيضة

واحنا الدنيا لما بتشتي عندنا الكهربا بتقطع

انا ونسمه كنا راجعين من المنشية ساعتها ماعرفش ايه اللي جاب محمود قدmنا بس وفجأه لقيته بيعترض طريقنا في الضلمة


وقفت نسمه تقوله :عايز ايه مننا يا محمود امشي من هنا الله لا يسيئك احنا مش عايزين مشاكل

قالها : ولا اني بعمل مشاكل يا نسمه ولا كنت ناوي على الشر من أصله، بالعكس انا كنت رايدها في الخير وعايزها في الحلال

رفعت عيني ليه وقولتله : انت مش خلاص خطبت، عايز مني ايه بقى اتكل على الله وشوف طريقك بعيد عني

زق نسمه بأيده وبعدها من ما بينا وقالي

بس انا عايزك انتي، قولي انك موافقه وانا أقف في وش الكل عشانك قولي انك عايزانى زي ما انا عايزك وانا احارب عيلتك كلها ونتجوز غـ.ـصـ.ـب عن أي حد

بعدت عنه ومسكت ايد نسمه واني بنقوله: اني لا عايزاك ولا عايزة غيرك ابعد عني وإياك تعترض طريقي تاني

بس هو ماعجبهوش الكلام وقالي بغضب

مش هتكوني لغيري يا شذى

خـ.ـو.فت من كلامه وشـ.ـديت نسمه وجريت على شارعنا

كان اشرف واقف على القمه وشافنا واحنا بنجري ساب أصحابه وجالنا ووقفنا احنا الاتنين وزعق فينا

-جايه منين يا بت انتي وهي الساعه دي وبتجرو كده ليه وكأن في حد بيجري وراكم

بيقت واقفه بتلفت حواليا خايفه لمحمود يعدي واحنا واقفين، وأشرف يعترض طريقه والعركه تقوم بينهم تاني، لكن نسمه قدرت تسيطر على الموقف كله وردت عليه بجراءه

-كنا في المنشيه بنجيب حاجات زي مانت شايف، والمطره نازلت علينا في جرينا وسع بقى خلينا ندخل البيت ولا عجباك وقفتنا كده

والمايه مغرقه هدومنا

بس للأسف أشرف لمحه داخل الشارع وعنيه عليا وفجاءه غمزلي بعينه وكأنه بيقوله انا كنت معاها، لقيت اشرف عينيه احمرت وزقني بعزم مافيه جوه البيت لدرجة اني وقعت على الأرض ونسمه جريت عليا

-كنتو في المنشيه ياص…. يا تربية….. انتي وهيا ويمين الله ماهتشوفي الشارع برجلك تاني يا شذى وابقي وريني مين هيمنعك من ايدي

طلعنا نجري انا وهي من كتر خـ.ـو.فنا منه واحنا سامعينه بيقفل باب البيت

خبط على الباب جـ.ـا.مد وفتحلي ابويا اللي كان قافل القهوه عشان الشتا

واتفاجئ بيا انا ونسمه واحنا داخلين وانا بعيط جـ.ـا.مد

ابويا خاف علينا وسألنا

-مالكم داخلين مرعوبين كده في حد اتعرضلكم ولا ايه

امي اجت مخضوضه من الاوضه وقعدت تهدي فيا ونسمه وقفت تحكيله كل حاجه

وقبل ما تكمل كلامها اللي كنا خايفين منه حصل

والعركه قامت بين محمود وأشرف ورفعو السلاح على بعض وابويا جري على تحت ورجـ.ـا.لة الشارع والبيت كلهم اتلمو

عليهم

بس ماحدش قدر يخلص اشرف من ايد محمود وعوره بعد ما جاب سيرتي في وسط العركه وقاله يبعد عني عشان ماحدش هايخدني غيره،

راح محمود علا صوته وقال

-يمين بالله ماحد هياخد شذى بـ.ـنت محمد العسال غيري انا سواء برضاكم او غـ.ـصـ.ـب عنكم يا عيلة العسال وعور اشرف خمس غرز في وشه

❈-❈-❈

صمتت عن الكلام وكأنها تأخذ هدنه وتريح زهنها من تلك الزكري المؤلمه

حين انفتح الباب عليهم و ولجت منه والدته ووالدتها التي جلست بجانبها وارتمت هي بوهنٍ على صدرها

مالك : لو مش قادرة تكملي خلاص يا شذى

كفاية كده ونكمل في اي وقت تاني

-لاء يا ابيه انا هاكمل اصلاً كل الكلام الباقي ماما عارفاه

مالك: طب كملي يا شذي


ازداد نحيبها وعادت شهقاتها أشـ.ـد من ذي قبل وهنا جلست خالتها بجانبها من الجهه الاخري وأخذتها من بين يدي والدتها لتستكين داخل ذراعيها وتحكي

شذي: اشرف اعتبر ان محمود علم عليه وكـ.ـسره قصاد الشارع كله وبقي بينهم تار بايت

وقرر ياخده مني انا بالسب والضـ.ـر.ب والاهانه كل ما يشوفني بره شقتنا

ومحمود اتخانق مع أهله وفعلا فسخ خطوبته على قريبته

وفي نفس اليوم ده خرج من بيتهم ودخل لابويا القهوه لوحده وقعد معاه وكلمه بكل أدب، قاله انه شاريني وحلفله انه يوم ما قابلني على الكورنيش كانت أول مره وقاله ان كل الكلام اللي وصله كدب وماحصلش منه حاجه

ابويا صدقه ورحب بالموضوع، واهو برضو فكر انه بكده هيفض الخلاف ده ويخلص

وعمي السيد كمان رحب بالحكايه وقال لابويا ان الواد شاري وانه مايسمعش لاشرف تاني

ويوافق

وابويا قاله

-خلاص يا محمود بس لازم ابوك يكون موافق ويجي يخطبها مني زي الأصول مابتقول

محمود فرح وخرج يجري على بيتهم عشان يقول لأهله

كل الكلام ده ابويا وعمي ماقلوش لأشرف عنه حاجه وخافو فعلاً لا يعمل مشكله لحد اليوم اللي دخلو فيه بيتنا وابويا وعمي استقبلوهم عندنا

نسمة وماما كانو فرحانين اوي لكن انا لاء وقولت لماما ساعتها الموضوع ده مش هيتم على خير واني قلبي مقبوض منه

مع اول كلمة مبروك اتقالت في بيتنا واول زغروطه تطلع من مرات عمي وماما

كان اشرف وصل البيت وواقف جوه شقتنا بيسأل

-الناس دي بتعمل ايه هنا يا خال

ابويا رد عليه وقاله

-تعالي يا اشرف اقعد وبـ.ـارك لمحمود خطب شذى والنفوس اتراضت

اشرف قاله بغل وغضب:

-جاي يصلح غلطته بقى ولا ايه، ورضيتها على نفسك يا خال بعد كل اللي حصل بعد ما دافعت عنها واتشوه وشي عشانها برضو هترميها ليه

وقبل ابويا ما يتكلم محمود وقف وزعق وكان هيمسك فيه تاني

-أخرس يا…… اللي يقول على لحمه كده مايستهلش كلمة راجـ.ـل أساساً شذى اشرف بـ.ـنت في كرموز وأسكندرية بحالها،

واذا كنت متمسك بيها فده بس عشان عارفها وعارف تربيتها شكلها اي

اشرف: وانت بقى اكلت عقلهم بالكلمتين دول مش كده بس يكون في علمك انا مش هسكت والجواز دي مش هتم

محمود: أعلى ما في خيلك اركبه انت مين اصلاً عشان تقول ها تم ولا لاء

عمي وقف وسطهم قبل ما يمسكو في بعض

-خلاص بقى انتو الاتنين احنا عايزين نحل وانتو بتتشكلو تاني

خلصنا يا محمود اشرف بيقول كده من زعله ماهو برضو ليه حق عندك

محمود: ماشي يا عم السيد حقكم كلكم على راسي، وعشان خاطر شذى اللي انا شاريها لأخر لحظه واللي هتبقى مراتي وهتنور بيتي

انا بتأسف للكل وليك انت كمان يا اشرف بس عشان خاطر قاعدة الرجـ.ـا.لة دي

وغلاوة النبي عندي انا اعتبرتها عرضي خلاص واللي هايخوض فيه بكلمه بعد كده هد.بـ.ـحه بأديا الاتنين دول

ابويا بص لأشرف بصه زي مايكون بيقوله محمود معاه الحق وانت مالكش اي حق

-الراجـ.ـل عداه العيب اتأسف واعتذر لينا كلنا وشاري البت نرفضه ليه ما تمد ايدك يلا وتسلم على عريس بت خالك وتقصر الشر بقي

كنت شايفاه والغدر في عنيه وانا واقفه مستخبيه انا ونسمه جوه

مد ايده وسلم على محمود وعلى وشه اترسمت ابتسامه صفره

اشرف: ماشي يا محمود مبروك عليك البت ودخولك عيلتنا

ابو محمود قال: خلونا نقرأ الفاتحه بقي يا جدعان عشان النفوس تتصافي و الفاتحه نص كتابهم بأذن ربنا

عمي نده عليا وقالي تعالي يا شذي سلمي على عريسك وحماكي واقعدي عشان نقرأ الفاتحه

دخلت وسلمت عليهم وقعدت وملامحي كلها حـ.ـز.ن ودا ماعجبش محمود

ابوه قال نقرأ الفاتحه بقي

لكن محمود وقفه وبصلي وقال

-قبل مانقرا الفاتحه انا عايز اسمع موافقتك يا شذي

سكت شوية لحد ابويا ما قالي

لو في حاجه في دmاغك يا شذي قوليها لو مش موافقه برضو قولي

عمي قاله طب خلونا نسيبهم يتكلمو عشر دقايق مع بعض ونشرب احنا القهوه بره

وفعلاَ خرجو وسابونا لوحدنا

-ساكته ليه يا شذى انتي رافضاني

فضلت باصه في الأرض وصوتي طالع بهمس معرفش ليه كنت خايفه

-انت قولتلي اني مش هاكون لغيرك حتى لو غـ.ـصـ.ـب عني وعن عيلتي

-قولت كده في ساعة غضب عشان بحبك وعايزك ليا وكمان عشان أوقف ابن عمتك ده عند حده،

ومايحاولش يجيب سيرتك على لسانه تاني ولا انتي كان عاجبك الكلام اللي بيقوله عليكي في وسط الحته

-طب ما انت كمان عليت صوتك وجيبت سيرتي في وسط الحته

كلامي ماعجبهوش و وشه احمر فجاءه لقيته مسك ايدي جـ.ـا.مد وقالي

-بت انتي اني مش عايز ملواعه في الكلام اني هنادي على ابوكي وقتي وهتقوليله انك موافقه عليا، يا كده يا صدقيني الدm هايسيل في الحته بسببك انتي

وبرضو هتكوني ليا امسحى دmـ.ـو.عك دي وحاولي تفرحي شويه لحد ما نقرا الفاتحه وبعد كده هيبقى لينا كلام تاني

ساب ايدي واستني شوية لحد ما عرفت ابطل بكى وهديت حبه وبعدها نده على ابويا وعمي وابوه وابويا سألوني تاني موافقه يا شذى

من كتر خـ.ـو.في منه قولت موافقه وأشرف بعدها بص لمحمود بصه غريبه ومشي مستناش حتى لما يقرأ معانا الفاتحه

وبقيت خطيبة محمود اللي مش عارفه إذا كان بيحبني ولا واخدني تحدي للكل
تمت الخطبه المشؤمه، التي علمت مؤخراً لماذا تراها هكذا، لتروي عليه باقي قصتها.

شذي :بعد ما مشي محمود وابوه من عندنا، دخلت اوضتي، وطلبت منهم انهم يسبوني لوحدي، اتحججت بأني عايزة انام ونمت فعلاً

وصحيت على صوت رنة تليفوني، وكان رقم مش متسجل عندي مارديتش عليه في الاول، قولت اكيد حد بيعاكس.

بس لقيته بعت رساله على الواتساب

-ردي علي تليفونك انا محمود.

خـ.ـو.فت و رمـ.ـيـ.ـت التليفون من ايدي، مستغربه هو جاب رقمي منين.

لقيته بيرن تاني فتحت الاتصال و انا مرعوبه منه، هي كلمه واحده اللي طلعت مني

-الو.

رد عليا بكل بساطه و رقه، كأنه عايش

بشخصيتن.

-حقك عليا لو زعلانه مني، بس كان لازم اعمل كده عشان اضمن موافقتك.

-انت خـ.ـو.فتني منك جـ.ـا.مد، انا لحد دلوقتي مصدومه من اللي عملته.

-معلش يا حبيبتي حقك علي قلبي و الله ماكنتش اقصد، بس بحبك بقى وحبك عاميني اصلاً.

-انت جبت رقمي منين اصلاً.

-لاء دا سر، انتي كل حاجه تخصك معايا، تليفونك اللي في ايدك ده بالنسبه لي كتاب مفتوح، من زمان حتى صورك اللي عليه كلها معايا…

اتخضيت من طريقة كلامه ليا، حسيت انه بيهددنى اكتر من انه بيصالحني.

-انت مهكر تليفوني يا محمود؟

-اه!!

فاجئني برده الصريح عليا، بكل بساطه كده، وكأنه بيقولي انا عايش معاكي.

-ايوة يا شذى مهكر تليفونك، انا مهكر حياتك كلها أساساً، تحبي اقولك انتي بتعملي ايه دلوقتي.

انتي نمتي بدري ليه بعد ما نزلت من عندك، وكمان نمتي معيطه وبهدومك، قومي يا شيخة غيري هدومك دي وافرحي، دانتي بقيتي خطيبة زينة شباب كرموز .

انتفضت من مكاني ورمـ.ـيـ.ـت التليفون من ايدي وانا عماله ادور هو شايفني منين، لقيته واقف ورا شباك اوضته اللي كاشف اوضتي كلها، وبيشاورلي بايده على التليفون.

أخذته وزعقت فيه جـ.ـا.مد.

انت قليل الادب يا محمود، انا مابحبش الحركات دي، ومن فضلك بقى مـ.ـا.تخـ.ـو.فنيش منك اكتر من كده.

لاء من هنا ورايح لازم تحبيها ،ولازم كمان ت عـ.ـر.في ان مافيش خطوه هتخطيها بره بيتكم الا ولازم اكون عارف هتكوني فين بعدها.

انتي بقيتي بتاعتي، وانا بحب احافظ على املاكي بصراحه.

❈-❈-❈


فضلت الايام تمر بيا، وانا على الحال ده حكيت لماما عن كل حاجه، واني بجد بخاف منه.

ماما قالتلي انه خطيبي، وكده كده لازم يبقى عارف رقم تليفوني، و مافيهاش حاجه لما يعرف البسورد، كمان وعادي لما يكون خايف عليا.

بقيت عايشه في قلق من جهه محمود، اللي بدء يتحكم في كل حاجه تخصني، و يعد عليا انفاسي، بيرفض بسبب او من غير.

من جهه تانيه اشرف، اللي كل مايصادف و يشوفني يبتسم بطريقه مستفزة، و كأنه بيتوعد ليا على حاجه انا مش عارفها.

و في يوم كنت راجعه من الكلية متأخر، الدنيا كانت بتشتي جـ.ـا.مد، و طبعا الكهربا قطعت، لأجل الحظ تليفوني كمان اتقفل، قبل ما ارد على اتصال محمود.

الشارع كان فاضي، و كنت ماشيه مرعوبه، قابلني قصاد البيت، و قعد يزعق معايا، في الاخر زقني لجوه البيت، و سابني ومشي.

و الله يا ابيه انا متأكدة انه ركب المكنه بتاعتو ومشي بيها بسرعة.

طلعت على السلم، و انا مرعوبه من الضلمه، و مش شايفه حاجه من كتر الدmـ.ـو.ع اللي في عيني، و قبل ما أخبط على الباب، حسيت بمنديل اتحط على وشي، و ايد بتأيدني وتضمني جـ.ـا.مد….

وبعدها ماحستش بحاجه.

انهارت من البكاء، و لم تكمل بعدها الا صراخاً، ليحاول مالك تهدئتها لكن دون فائدة، فاضطر لتخديرها، حتى تفقد الوعي لبرهه قليلة.

مالك: ايه اللي حصل بعد كده يا خالتي خلاها توصل لحاله دي.

ماجده: بـ.ـنتي اختفت ساعتها يا مالك، قعدنا ندور عليها طول الليل، و في الاخر لقيناها فوق سطح البيت اللي جانبنا، في غية حمام صاحب محمود، حجابها متشال من علي رأسها وشعرها مفرود عليه، هدومها متقطعه وكلها دm

وهي اصلا مش دريانه بنفسها.

كلنا كنا واقفين في حالة زهول، مش مصدقين ان دي شذي.

فاقت واحنا كلنا حوليها، واتعدلت من رقدتها وهي بتداري جـ.ـسمها بإيديها.

ابوها بدل ما يخبيها من عيون الناس، قعد يضـ.ـر.ب فيها، و يقول مين اللي عمل كده.

محمود بدل مايحوشه عنها قال، مـ.ـا.تلزمنيش يا خاطية شوفو مين اللي عملها.

اشرف مسك فيه، وقاله مافيش غيرك اللي عملها، و بدئت العركة من تاني.

خدانها و رجعنا بيتنا، وعمها السيد كان معانا، بس واحنا نازلين، عمها لمح حمام مدبوح ومرمي تحت بير السلم، وزقني في أيدي عشان اخد بالي و اشوفه.

في الأول مافهمتش قصده ايه، لكن لما طلعنا ودخلنا بيتنا، اول حاجه عمها عملها، انه طلب من مـ.ـر.اته تجيب دكتورة نسا البيت عشان تطمنا.

والدكتوره جات وفعلاً كشفت عليها، قالت إن فعلاً كان في محاوله لاغـ.ـتـ.ـsـ.ـابها، بس فشلت وان البـ.ـنت سليمه، فرحنا كلنا وحمدنا ربنا، و جرى عمها عشان يبلغ ابوها و يوقف العركة، لكن قبل ما يقوله، لاقاه مرمى مقـ.ـتـ.ـو.ل سايح في دmه…

وقع وسط الخناقه، و ماحدش عارف الضـ.ـر.به جاتله منين، اخوه وقف يبكي عليه وسط الشارع، ويقوله قوم يا محمد بـ.ـنتك سليمه،

اشرف قال محمود قــ,تــل خالي بعد ما لوث شرفنا، وانت جاي تقول عليها سليمه.

محمود رفع سلاحه وقاله انا ماقــ,تــلتوش انت بتتهمنى زور، الضـ.ـر.به جاتله منكم بس طلاما بتتهمنى بقى، يبقى الشارع كله يشهد اذا كانت بـ.ـنت العسال خاطية ولا لاء.

الحكومه جات واخدت الكل واخدو محمد علي المشرحه، وأخدونا احنا كمان و اول ما خرجنا كان الكل متربصين لبعض.

وحاول محمود يشـ.ـد شذي من وسطنا، بس المره دي عمها اللي وقف في وشه، وضـ.ـر.به بقوه والعركه قامت تاني والمره دي وقع محمود سايح في دmه، و برضو ماحدش عرف الضـ.ـر.به جاتله منين.

والباقي انتو عارفينه..

❈-❈-❈

صمت تام عم الغرفه بأكملها، الي ان وقف من علي مقعده، بوجه يكاد ينفجر من شـ.ـدة الاحمرار، و عروق عنقه تكاد تنفر الدmاء من شـ.ـدة انتفاخها.

ذهب سريعاً كالطيف من أمامهم، مغلقأ خلفه باب الغرفه بقوة، يريد أن يفتك بأي شئ، يقسم اذا كان موجود أثناء هذه الاحداث ، لربما بتر رأس أحدهم وهو على تعصبه هذا.

لكن كيف بساكن الضريح ان يحتل رأسه هذا التفكير؟

الضريح ! نعم هو ملجئي ومهداي اماني و مأمني.

ترجل الدرج سريعاً متئهباً للذهاب اليه، وبالاسفل كان والده ينتظره، بوجه لا يضاهيه ابداً في الحده والغضب.

الحاج حسان: ايه اللي مقعدك ده كله مع البت دي، مش قولتلك مـ.ـا.تسمعش ليها ومالكش دعوه بيها يا مالك.

كظم غضبه احتراماً لوالده.

-لو سمحت يا ابويا انا مش حمل اي مناقشه دلوقتي، فمن فضلك يا ريت تسيبني اخرج.

-مش هاسيبك الا لما توعدني انك ما تتدخلش في اي حاجه تخص البـ.ـنت دي.

مالك بعنف وقد نفض يد والده الممسكه بذراعه..

-لاء كل حاجه تخص شذي بعد كده هتدخل فيها، و مش هتبقى مسئوله من حد غير مني انا.

ثم ولااا هارباً قبل أن ينتظر حتى رد والده عليه.

❈-❈-❈

ها هو يجلس مرابطاً بجانبه، يقراء سورة النساء للمره الثانية، من كتاب الله العزيز، بعد أن اضحي وقتاً طويلاً في صلاته.

ينتظر ان يهديه ربه الي حل من عنده، لكن لماذا يبحث لها عن حلول، لماذا اصتدm مع ابيه وانفعل عليه لأول مره بحياته، هل فقط لأنه يشعر بمدى الظلم الذي تعرضت له، ام هناك شيء ما يتخبط برأسه.

على كلٍ سيظل هنا الى ان يهتدي لأمره.

❈-❈-❈

اما عندهم وبالتحديد بغرفتها، لازالت نائمه مستسلمه لعبراتها التي تسترسل على وجنتيها دون ارادتها، لتلاحظها خالتها وتحاول تجفيفها لكنها ابت.

الحاجه مجيدة: ياضنيا يا بـ.ـنتي، دي بتبكي يا حبيبتي وهي نايمه، مش دريانه بروحها.

كانت ماجدة واضعه رأسها بين كفيها، ولم تكف عن ندب حالهم.

سيبيها تبكي يا مجيدة، هي بـ.ـنتي من امتى كانت نشفتلها دmعه.

-بس انتي برضو غلطانه، ازاي بـ.ـنتك تيجي تحكيلك عن حاجه مخـ.ـو.فها، وانتي تقوليلها عادي.

-انا كمان خـ.ـو.فت يا مجيدة، اه مـ.ـا.تستغربيش اصلك ماسمعتيش اللي انا سمعته،

و اللي خلاني اقول تتجوز محمود وتنكوي بنار غيرته وتملكه ليها، و لا أنها تدوق يوم من جنة اشرف ابن عمتها.

-و ايه هو اللي انتي سمعتيه يا ماجدة، خلاكي تخافي بالطريقة دي.

-كنت، طالعة اقعد مع سلفتي ام نسمة شوية بحكم ان انا وهي طيبين وسرنا مع بعض، و في طلعتي عديت على شقة ام اشرف، اللي ديماً بتسيب بابها موارب عشان تراقب الطالع و التنازل.

بس قبل ما اعدي، سمعتها و هي بتكلم مع ابنها عن شذي بـ.ـنتي، و الكره كان باين في كلامهم من ناحيتنا قوي.

فلاش باك

ام اشرف: اهي شذي اتخطبت لمحمود، اللي معلم على وشك قصاد الحته كلها يا خايب، و خالك بدل ماينصفك ويرفض الجواز، خلاك و لا تسوي جني قصاد الناس كلها، و نصفه هو عليك.

اشرف: بقولك ايه مـ.ـا.تسخنيش الموضوع في دmاغي، انا أساساً دmاغي سخنه لوحدها، و بـ.ـنت ال… دي مش هتعدي من تحت ايديا، دي حقي انا وهاخدو غـ.ـصـ.ـب عن الكل.

اما اخوكي بقى، و رحمة ابويا لأكون منـ.ـد.مه، والقهوه بتاعته هاخدها يعني هاخدها.

ظهر الطمع على وجهها ولمعت عينها بجشع.

-هاه طب ما تفهمني يا واد، هاتعمل ايه.

-لااا الحكايه دي محتاجه تتاخد على الهادي برواقه كده، عشان اعرف امخمخ لها، واعرف اخد حقي من الكل، و أولهم سي محمود اللي عاملي فيها شجيع السيما، ال اسف وبيهدد بالد.بـ.ـح ال، وحياة اسفه لنـ.ـد.مه عليها وبعدها هنـ.ـد.مه على عمره.

باك

اكملت ماجدة : سمعت الكلمتين دول و رجعت على شقتي جري، قبل ماحد يشوفني، بقيت خايفة منهم على بـ.ـنتي، و وعلى ابوها، مش عارفه اقوله ولا إداري، طب اقول لمحمود، واهو برضو خطيب البت وبيخاف عليها، بس عيبه انه غشيم ومتهور، و ممكن اذود الخناق ما بينهم.

و لو قولت لمحمد، هيقولي دا عيل… شرب الح… لحس دmاغه، و لا يقدر يعمل حاجه.

كتمت خـ.ـو.في جويا، وبقت عيني على البت في الطلعه و في النزله، كل ما اقولها اقعدي مـ.ـا.تخرجيش، ابوها يقولي سبيها ماضيقيش عليها، كفايه رفض خطيبها على كل حاجه، لحد ما حصل اللي حصل.

مجيدة :طب ما هو من كلامك ده واضح اوي ان الواد ده هو اللي عملها، ليه ماقولتيش الكلام ده لأخو جوزك، او حتى كنتي قولتيه للظابط.

ماجدة : قولت للسيد سلفي ساعة اللي حصل لشذي بس هو ماصدقنيش، قالي طب ما بـ.ـنتك سليمه اها، هو اشرف لوكان عايز يأذيها كان هايسبها.

و قولته للظابط لما اخدنا القسم، بس برضو قالي مافيش دليل على كلامك ده.

مجيدة: هييييي تبات نار تصبح رماد، قادر ربك يظهر الحق، و يبعد الواد السو ده عننا.

❈-❈-❈

و كان مرورك سلاماً لقلبي وكان بالنسبة لي الأروع، لكنك حرمتني حتى من رؤياك، ولماذا البعد يا مالك قلبي.

لمدة سبعة ايام بعد تلك الجلسة الطويلة لم تراه، فعلمت انه قد حكم عليها، وظلمها مثله مثل ابيها والجميع،

على كل حال هو رجل شرقي، صحيح انه متفتح العقل وطبيب ماهر،

عاش في العالم الأوربي كثيراً، لكنه بالأول وبالأخر رجل متدين ومتعصب من جهة النساء.

انه صباح يوم الجمعة غرة شهر رجب، اهل هذا البيت يستعدون لشئ ما، وانضمت إليهم والدتها لتشارك فيه، اما هي فافضلت ان تظل بغرفتها، حتى لا تصدm بأحد منهم، مادام هو غير موجود لن تبرحها على أيتها حال.

-يلا يا مالك.

صاحت السيدة مجيدة تناديه من الأسفل، ليصل صوتها الي غرفتها، فا همت سريعاً بفتح باب الغرفه، و هي تستمع لرده عليها..

-نازل يا أمي حالاً اهو.

و عنـ.ـد.ما اتاها صوته جرت سريعاً نحو باب غرفتها، على وجهها ابتسامه عريضة وعينها تلمع بفرحة اللقاء.

وفتحته بقوه لتراه يغلق باب غرفته معطيها ظهره ويرتدي جلباب اسود وعلى كتفه يطوي عبائته البنيه

-ابيه مالك.

نطقتها بفرحه عارمه تبدلت الي غصه في قلبها، حين رأت تشنج جسده، و لاحظت يده القابضه بقوه على مقبض بابه.

الغريب انه لم يلتفت إليها، لم يكلف نفسه حتي بأن يلقى عليها السلام، إذ نطق بكلمه جافه غير مردية..

-نعم عايزة حاجه.

احنت رأسها بحـ.ـز.ن، علمت انه قد حكم عليها، بالفعل و يراها مذنبه.

-لاء ابداً مش عايزه حاجه، ااانا بس كنت عايزة اسلم عليك، اصلك بألك اسبوع مش في البيت، و يعني..

قبل أن تتم حديثها قاطعها بحده.

-ماكنتش فاضي كان عندي عمليات كتير، وكنت ببات في المستشفى، ويا ريت تبقى تدي مامتك تليفونك، و تاخدي منها التليفون اللي جيبته ليكي، ثم تركها تقف مندهشة مما تلفظ به وذهب.


شذي لنفسها: يا سلام على الرخامة، هو ماله بيكلمني بتعالي كده، طب والله مانا عامله حاجه من اللي قالها، و كمان مش هاخد تليفونه و مش هاسمع كلامه.

واذا بها تدلف غرفتها مره ثانية وتدفع بابها بقوة، ليثبت قدmه على الدرج متنهداً بصبر.

مالك: استغفر الله العظيم، مافيش فايدة في عنادك ده، و اكمل الهبوط للأسفل.

كانت والدته تنتظره هي وخالته.

مجيدة: كل ده يا دكتور، اشحال لو ماكنتش قيللاك عايزه اروح السوق بدري..

-اديني جيت اهو يا ام الدكتور، يلا يا ستي شوفي عايزة تروحي فين، و انا كلي تحت امرك النهاردة.

ماجدة: ربنا يهديك يا بني ويصلح

حالك يا رب.

مالك: بمشاكسه ابن مين يا جوجو عيب عليكي، دانا أطول منك يا صغنن انت.

مجيدة: ههههههه طب يلا عشان نلحق وقتنا، وانتي يا ماجدة حاولي تنزلي شذي بقى وتفطريها، و قوليلها كفاية عليها حابسه بقى.

مالك بأندهاش :هي حابسه نفسها.

ماجدة : من يوم ما قعدت معاك وحكتلك كل حاجه، و هي حابسه نفسها

مجيدة: معلش بكره لما تعرف اللي بيعمله عشانها هتفرح، ووشها هيرجع ينور تاني.

مالك : خدي بس انتي تليفونها القديم وخليه معاكي لحد ما اطلبه منك، وابقي اديها اللي جايبه ليها، و بلغيها مـ.ـا.تتصلش بحد ولا تدي رقمها الجديد لحد.

ماجدة: حاضر هقولها يلا انتو عشان تلحقو وقتكم، على ما ترجعو هاتلقوني جهزت الفطار.

مجيدة :تمام بس اوعي تبهدلي المطبخ و تسيبهولي متبهدل، يلا يا مالك يلا بقي كفاية تأخير ورغي.

❈-❈-❈

وبعد أن أخذته وتركو المنزل سوياً، اعدت ماجدة وجبة الإفطار لبـ.ـنتها، وصعدت بها إلى الأعلى حيث غرفتها.

وجدتها تأخذ المسافه بين جدران الغرفة ذهاباً واياباً دون توقف بكل عصبيه.

ماجدة :بسم الله الرحمن الرحيم مالك يا بـ.ـنتي فيكي ايه.

شذي : قعدتي تقوليلي احكي وخرجي اللي جواكي يا شذى، اتكلمي معاه يا شذى لحد ما بقى يحتقرني، ده حتى مارديش يبص في وشي مبسوطة دلوقتي يا ست ماما.

ماجدة بخـ.ـو.ف من هجومها : بسم الله الحفيظ، هو مين بس يا حبيبتي.

شذي قد جلست على فراشها منحنية الرأس: مالك حضرة الدكتور المحترم ابن اختك، دا حتى ماكلفش خاطره يلتفت ويبصلي، وكأني حشره بالنسبه ليه، وباء لو قرب منه هيتعدي.

ثم صرخت بعزم….

انا عايزة امشي من هنا يا ماما، مش عايزة اقعد معاه في بيت واحد، مشيني من هنا بقى.

ماجدة وقد جلست بجانبها، تملس على شعرها البني الطويل.

استهدي بالله واقعدي، مين اللي قالك على مالك كده بس.

شذي: بقولك شوفته، وهو نازل ليكم دلوقتي،

ومارديش حتى يبصلي يا ماما.

ماجدة: طب مش يمكن مارديش يبصلك احسن تكوني ببجامتك او مش لابسه حجابك عليكي، ليه فرضتي سوء النيه بس.

شذي بهدوء: طب وطريقة كلامه، دا حتي ماقليش صباح الخير، مسألنيش عامله ايه،

زي ما يكون بيقولي انا مش طياقك.

ماجدة بأبتسامه: وهو في واحد مش طايق قريبته، يجيب لها تليفون غالي بالشكل ده.

أمسكت شذي من يدها الحقيبة وفتحتها واذا بها تجد صندوق هاتف جوال من ماركة الايفون أحدث موديل.

شذي بصدmه : جايبلي انا موبايل بحوالي ٣٠ الف جنيه.

ماجدة بشهقه: يالهوي بكام وتقوليلي بيحتقرك، وابصر ايه دي امه لو عرفت هتضـ.ـر.بني انا وانتي بالشبشب.

شذي: طب ليه هو مجاش وعطاه ليا، ليه مش عايز يتكلم معايا.

ماجدة: معذورة مانتي مت عـ.ـر.فيش هو عمل ايه عشانك ،وهو غايب عن البيت الاسبوع ده.

شذي :عمل ايه يعني هو انا في دmاغه اصلاً.

-لاء من الناحية دي اطمني ،هو مش ناسيكي دا كلم الظابط اللي ماسك قضية ابوكي، وحكاله على موضوع التليفون بتاعك، ومكالمة اشرف ليكي، والظابط قاله لازم يحرز التليفون، ويفرغو المكالمه من شركة الاتصالات، وهو هايخدو معاه، وهو مسافر اسكندريه.

شذي بتفكير سريع: هو هايسافر اسكندرية امتي ،انا كمان عايزة اروح عشان امتحاناتي.

-لاء طبعاً تروحي فين ،مافيش امتحانات ولا ن…. ،ال تروحي ال، بقي أنا ببعدك وانتي عايزة تروحي يا شذى.

شذي بحـ.ـز.ن: يا ماما يا حبيبتي افهميني، اكيد ابية مالك مش هايقعد في كرموز، وانا هاروح الكلية وارجع اقعد معاه، ولا انتي عايزانى أسقط واعيد السنه كمان.

ماجدة : مـ.ـا.تعيديها ياختي اقله يكون ابن خالتك نقلك ورقك هنا، وتروحي وتيجي براحتك على حسه، لكن سفر اسكندرية تاني لاء مش هيحصل يا شذى.

أسرعت بالذهاب من الغرفة، وترجلت على الدرج وهي تهمهم بكلمـ.ـا.ت غير مفهومه، وابـ.ـنتها من خلفها.

-استنى بس يا ماجدة مانا هقنعك يعني هقنعك.

-مـ.ـا.تحاوليش قولت لاء يعني لاء يا شذى.

ظلو هكذا الي ان وصلو الي غرفة

الطهي، وبدأت ماجدة في إعداد الطعام، وهي معها، ومازلو في حالة كر وفر بالحديث، دون أن يلاحظو ذلك الكهل الذي كان يراقبهم بعينه، وهو راحل من المنزل.

حتى عادت السيدة مجيدة، تحمل بيدها بعض الأكياس المعبئة بالخضروات.

وسريعاً ما أخذت شذي من يدها ما تحمله، واستندت على كتفها بوهن، الي ان جلست على المقعد بجوار اختها.

-حمدلله على السلامه يا خالتو، ايه الحاجات الحلوه دي كلها.

مجيدة: ده خير ربنا يا حبيبتي، والنبي يا شذى روحي افتحي الباب على اخره لمالك عشان يقدر يدخل الحاجه.

شذي سريعاً :حاضر طبعاً، و هاشيل معاه كمان.

مجيدة: لاء مـ.ـا.تشليش حاجه، انتي بس افتحي الباب على وسعه وتعالي.

شذي :حاضر ثم استدارت هامسه لاء هاروح اساعده، يمكن لما يلاقيني بساعده يكلمني بطريقه كويسه.

همت بالخروج ذاهبة اليه، ولكنها رأته يحمل جوال كبير من الأرز على ظهره، ومن خلفه بعض الشباب، فأوسعت له الطريق مزيحة الباب للخلف.

واذا به يلقى الجوال من علي ظهره، ويقبض على معصمها مدخلها إليهم بقوة، وهو يلتقط أنفاسه.

مالك : الهانم دي رايحه فين كده ان شاء الله.

مجيدة منزعجة منه :كانت رايحه تفتحلك الباب، ولما عرفت انك هاتشيل حاجات تانيه كانت عايزه تساعدك، انت بتزعق بقى كده ليه وماسكها كده ليه سيب ايدها لتكـ.ـسرها.

نفض يده من عليها منفعلاً.

مالك : يا ستي مش عايز حد يساعدني، من فضلكم بقى ماحدش منكم يخرج بره.

ماجدة : وليه دا كله بس.

مالك بتبرير واضح : في رجـ.ـاله بره واظن ماينفعش واحدة منكم توطي وتشيل، و لا تقف تمسك الباب، والشباب طالعين خارجين.

بعد أن كانت الدmـ.ـو.ع تترقرق في عيناها مهدده بالانزلاق على وجنتيها التي أصبحت كجمرة حمراء متوهجة، ابتسمت حين لمست غيرته الواضحة عليها وعلى حرمة بيته.

شذي بأبتسامه منـ.ـد.مجه بالدmـ.ـو.ع: حاضر يا ابية مش هاخرج بره تاني، و وقفت تدلك معصمها الاحمر أثر ضغط يده عليه.

انجذب لوجهها الجميل دون ارادته لتفيقه والدته بحديثها…

مجيدة : ولو الباب اتقفل وانتو شايلين الحاجة هاتعمل ايه يا تاعب قلبي.

انتبه مالك لها وابتسم وهم بالخروج، وهو يعلق بمشاكسة.

هابقي اسنده بشوال رز يا ام مالك ارتحتي.

❈-❈-❈

جلست شذي بجانبهم صامته مازلت تدلك معصمها، وتستمتع لحديثهم

ماجدة: والنبي ابنك ده معقد يا مجيدة.

نظرات والدتها لها كانت نظرة تمنى، وكأنها تخبرها بأنها تتمناه هو لها وليس لغيرها.

حاولت أن تغير مجري الحديث، وتستفهم عن ما يدور في هذا البيت.

شذي: طب هو انا كنت عايزة اعرف انتو جايبين كمية الخزين دي ليه يا خالتو، داحنا خمسه في البيت بس.

مجيدة: الخزين ده مش لينا يا حبيبتي، ده للتكية.

شذي : تكية يعني ايه يا خالتو.

مجيدة :هافهمك التكية دي قاعه كبيرة في ضهر البيت، عاملها الشيخ حسان هو ومالك. وطول التلات شهور الكريمة، بيأكلو فيها أولياء الله، اللي بيقعدو في الحسين وبيكرموهم، وفي المواسم بيعزمو المشايخ هنا علي السفره الكبيرة دي.

شذي : يانهار ابيض يا خالتو وانتي بتطبخي لكل دول لوحدك.

مجيدة : لاء طبعاً مالك كل سنه بيجيب طباخين ليهم، انا بطبخ اكلنا احنا وبس، ومالك بيجبلي واحده تساعدني في رمضان كمان،

شذي بهيام : ابيه مالك ده طيب اوي ياخالتو.

خلاص خلصتو تقطيع فيا، وصنفتوني في حزب الطيبين.

صرخه صغيرة خرجت من ثغرها كتمتها بكفها سريعاً، حين وجدته يقف خلفها مبتسماً بكل شموخ.
الساعة الان الثانية بعد منتصف الليل.

فضل المكوث في غرفته حتى يطمئن بأن الجميع نيام…

و لما تأكد من نومهم سحب منشفته و ولاا ذاهباً الي المرحاض حتى يغتسل، فمنذ ان حمل الاجولة و هو يريد الإستحمام، لكنه يأبى ان يشغل المرحاض في وجود النساء بالبيت.

❈-❈-❈

كانت هي جالسه بمفردها في غرفتها.

أصبحت والدتها تحتل خلوته كل ليلة حتى بزوغ الشمس.

ظلت متمسكه بهاتفها القديم بيد، وباليد الاخري كانت تمسك تلك الحقيبة التي تحتوي بداخلها على هذا الهاتف باهظ الثمن.

الي ان سمعت صوت قدmاه و هو يصق بابه، مترجلاً نحو الاسفل.

علمت انه ذهب ليتوضأ، ربما سيذهب للمسجد من الان او الي عمله.

بدئت الحديث مع نفسها بصوت مسموع..

-اهو نزل من اوضته، كده يأما هايروح الجامع يأما رايح المستشفى.

هايحصل ايه يعني، انا هادخل الاوضه براحه احطله تليفوني وكمان هاسيبله التليفون اللي هو جايبه ده،

بس افرضي رجع وانتي جوه اوضته، ده مش هايرحمك، هايفضل يزعق فيكي يا شذى….

استهدي بالله ومـ.ـا.تبقيش غـ.ـبـ.ـيه، ابقي اديهم لمامتك و هي تديهمله،

لاء انا هاروح احطهم ليه، مش هيحصل حاجه، هو انا يعني كنت داخله قصر الأمير.

و بعد مده طويله من التردد….

قررت ان تبدء ما نوت عليه و ما هداها له تفكيرها.

فتحت باب غرفتها بهدوء، شبت على أطراف قدmيها، ملتفته برأسها يمين و يسار…

واذا بها تسرع خطوات قدmيها الحافيتين بمنامتها القطنيه التي تصل إلى حافة ساقيها، لكنها تظهر مقدmة اصابعها،

و اظافرها ذات الطلاء الأحمر، كعبها المرمري الذي لا يلمس الأرض، واضعه حجابها على كتفيها تحسباً لهجومه عليها.

فتحت باب غرفته، في اقل من الثانية كانت بداخلها.

كان هو قد أتم استحمامه وارتدي ملابسه مستعيد نشاط جسده، قبل ان يصعد اخر درجة من السلم، رأي تلك الشيطانة الصغيرة و هي تسبقه الي داخل غرفته..

مالك لنفسه

-يا نهار اسود، داخلة عندي تعمل ايه المـ.ـجـ.ـنو.نه دي.

دي لو امي مجيدة لمحتها جوه الأوضه، هاتقلبها فضيحه و ربنا بصوتها العالي ده، جرى إليها بوجه متهجم.

وقفت معطية الباب المفتوح ظهرها، منبهرة بكم الكتب الموضوعه على مكتبه، بفراشه الغير مرتب، و خزانة ملابسه المكتزه بالملابس المنظمة.

وضعت ما بيدها علي الفراش، جرت الي مرأته، أمسكت عطره الرجولي ذو الرائحة النفاذة والماركة المشهورة sigare

سمحت لنفسها ان تنثر بعضاً منه على معصمها، استنشاقته بهيام و هيا مغمضة العينين دون أن تلاحظ وجوده خلفها.

-بتعملي ايه؟

قالها مالك مندهشاً مما يراه..

لتشهق بفزع، و تترك زجاجة العطر من يدها، لتسقط منفجرة، تنثر عطرها وشظايا زجاجها ارضاً، محدثة صوت قوي.

شذي برعـ.ـب: اااااانا

مالك برعـ.ـب اكثر… و هو يحاول ان يغلق باب الغرفة، متمنياً بأن لا يكون صوت كـ.ـسر الزجاجه وصل إلى غرفة والده.

-الله يخربيتك ايه اللي عملتيه دا، انتي طلعتليلي من انهي مصـ يـ بـةبس.

شذي ببكاء

-الله يسامحك اانا كنت جاية اسيبلك تليفوني، زي ما انت طلبت، و كمان ارجعلك التليفون بتاعك اتفضل عندك اهو..

انا مش عايزة منك حاجه…

تملك منه الغضب وهجم عليها ممتسكاً بذراعيها، ضاغطاً بأصابعه في لحمهم

-انتي تخرسي خالص دلوقتي، مش عايز اسمع صوتك، هاتتسببي ليا انا وانتي في فـ.ـضـ.ـيحة يا بلوة..

-الله الله!!

قالتها مجيدة و هي مواربه ذلك الباب، واضعه يدها في وسط خصرها، وعلى وجهها ابتسامه صفراء…

-بتنيل ايه عندك يا شيخ مالك، مدخل يا اخويا بـ.ـنت خالتك اوضتك في نص الليل، زانقها في ركن الاوضه، وبتهبب ايه يا دكتور؟

كاد ان يتركها من يده، و يلتفت الي والدته الا انها ابت وسقطت مغشية عليها بين يديه،

او على ما يبدو أنها هـ.ـر.بت من الموقف برمته بهذه الحيلة الصغيره.

مجيدة بصوت مرتفع

-يا لهوي انت كمان مـ.ـخـ.ـد.ر البت، يا مصيبتك السوده في ابنك يا مجيدة…

تعالي يا شيخ حسان، تعالي يا اخويا شوف ابنك الدكتور الشيخ، ساكن الضريح المصلى حافظ كتاب ربنا!

تعالي شوفه بيهبب ايه..

ما كان منه إلا أن ارقدها على فراشه وتركهم وذهب للأسفل سريعاً، متجنباً حديث والدته العنيف والمخجل له برمته.

فتحت شذي عيناها نصف فتحه، لترى خالتها تبتسم وتغمز لها بعيناها اليمني، و تشير لها بأن تستمر في اغمائتها.

حضر الشيخ حسان مهرلولاً، متفاجئاً بصوت زوجته وحديثها

-في ايه يا مجيدة مالك جراله حاجه؟

مجيدة بعنف

-مال حاله يا اخويا، تعالي شوف مـ.ـخـ.ـد.ر بـ.ـنت خالته ومنيمها في سريره، وريحة الأوضة كلها برفان يا شيخ حسان برفان يا اخويا.

مطلع امها في خلوته فوق السطح، عشان يعرف هو يستفرض بالبت الغلبانه طول الليل، واحنا ولا دريانين بحاجه.

نهر الشيخ حسان ما تقوله بهزة نافية من رأسه.

-بتقولي ايه! ابني طاهر نقي على خلق، لا يمكن يعمل كده هو فين مالك.

-البيه هرب على تحت، انا بقولك اهو مش هظلم بـ.ـنت اختي، يكتب عليها حالاً اه كفاية عليها الظلم اللي شافته.

لتثبت قدmي العجوز في مكانهم ويلتفت إليها بوجه تكسوه معالم الصدmه.

-لاء لا يمكن دا يحصل، و وطي صوتك كفياكي فضايح.

-فضايح وهو في اكتر من كده فضايح، انا بقولك اهو ان ماكتبش على بـ.ـنت اختي بكره الصبح ، لهو ابني ولا اعرفه دانا داخله عليه وهو حاضنها هاستني ايه اما يجيبو عيال.

جري الشيخ حسان الي الاسفل، بينما دلفت هي موصده الباب خلفها إليها..

اعتدلت شذي من رقدتها، منحنية الرأس هامسة…

-مافيش حاجه من اللي في دmاغك دي حصلت يا خالتو، انتي كده بتظلميه و بتظلميني.

مجيدة بضحك

-عارفه يا بت، بس ابني مش هتيتجوز غير بالغـ.ـصـ.ـب، وانا مش هلاقي ليه عروسه احلى منك اغـ.ـصـ.ـبه عليها،

و لا انتي فاكراني مابشوفش الفرحه اللي بتبقى فيها، و عنيكي اللي بتلمع لما بتشوفيه.

بكت شذي بغزارة، اجباتها بكلمـ.ـا.ت متقطعه:

-بس هو يستاهل احسن واحده في الدنيا، مش بـ.ـنت كانت عرضه ل…..

مجيدة بعنف

-بس اخرسي مش عايزة اسمعك بتقولي على نفسك كده تاني، و لازم تفهمي انك لحمه وعرضه، و هو اللي لازم يصونك، و يعملك تاج فوق رأسه،

و دلوقتي بقى كملي نومك هنا في سريره للصبح، و انا هانزل اكمل اللي بدئته، و عايزاكي بكره وشك الجميل ده يكون مورد كده، ومرتاح عشان كتب كتابك ياعروسة ابني.

ثم قبلت رأسها، وملست على ظهرها بهدوء وتركتها وذهبت

❈-❈-❈

-قسماً بدين الله ما في حاجه من اللي هي بتقولها دي حصلت.

قالها مالك لأبيه، الذي جلس امامه مستفهماً

الشيخ حسان بهدوء

-طب ايه اللي جابها اوضتك، و نيمها في سريرك.

-انا اللي نيمتها في سريري لما اغمى عليها، بس اقسم بالله ما اعرف كانت داخله عندي تهبب ايه.

استمعت والدته لحديثه الممزوج بالغضب، وهي مترجلة للأسفل، متأهبة لخوض تلك المعركة الشرسة،

و التي تعلم جيداً مدى شراثة خصمها في خوضها، لذلك عليها ان تبدء بالهجوم عليه، و عدm الاستسلام له..

-كـ.ـد.اب يا سيدنا الشيخ كـ.ـد.اب..

ياواد دانا شايفك وانت حاضنها، ومكـ.ـلـ.ـبش فيها بأديك الاتنين!

هب واقفاً منزعجاً من طريقتها هذه، واذا به يرفع صوته عليها بعصبية..

-بطلي طريقتك دي يا أمي بقى، انتي عارفه كويس اني لا يمكن اعمل حاجه زي دي.

مجيدة بمكر

-اعرف منين يا نن عيني! انت راجـ.ـل و بألك عشر سنين عايش وسط الاجانب.

ثم اكملت بسخرية..

وحتى لما نزلت مصر مانت بتبات بره البيت بالأسبوع، على اسم انك بايت في المستشفى وسط الدكاتره والممرضات،

حد عارف انت بتعمل ايه بره، ولا بتكون فين ومع مين.

-أعوذ بالله ، خلاص حكمتي عليا اني فاسق، لمجرد انك شوفتيها في اوضتي، طب ليه مـ.ـا.تقوليش انها هي ال…..

صفعته على وجنته لأول مره، قبل أن يكمل حديثه، و بعين جـ.ـا.مده مثل حجر الصوان، ألقت عليهم أمرها، الذي تعي جيداً انه لن يرده لها.

سيأخذ وقتاً طويلاً على ما ينفذ طلبها، لكنه بالاخير سينفذه حتماً.

مجيدة بهدوء غاضب

-أخرس قطع لسانك، يمين بالله لو كملتها، ما تكون ابني ولا اعرفك، هي كلمه واحده هقولهلاك،

يا تنفذها يا تنسى أن ليك ام اسمها مجيدة من أصله.

بعين جاحظة تفاجئ بردة فعلها القوية، التي الجمته مكانه، كاصنم مثبت في الأرض.

تدخل الشيخ حسان بالحديث قائلاً

لاء يا مجيدة، ابني مش هايشيل شيلة غيره انتي فاهمه.

ضـ.ـر.بت كف فوق الاخر ساخرة من كلامه، و هي توليهم ظهرها صاعده للأعلي

– لاء اطمن يا شيخ حسان، ابنك عارف كويس اوي ان البت صاغ سليم.

و اللي عندي قولته، هي كلمه يا تكتب على بـ.ـنت خالتك، يا تبعت تجيب المأذون لابوك عشان يطـ.ـلقني منه، و تنسو خالص انكم تعرفو في حياتكم واحده اسمها مجيدة..

جلس الشيخ حسان مصدوماً بكلامها يتمتم.

-لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم

ربنا لا تأخذنا بما فعل السفهاء منا، ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به

❈-❈-❈

و بعد مرور ما يقرب من ساعة، كان صوت أول اذان منبه لصلاة الفجر قد أصدح في مأذن المساجد،

صعد الي غرفته عازماً على حزم امتعته، والرحيل من البيت بأكمله.

فتح باب الغرفة ليجدهم مازالو محتلين فراشه، هي تتوسطه تبكي بشـ.ـدة، تلقي برأسها على صدر خالتها،

التي تجلس بجانبها تشـ.ـد من ازرها، وكأنها مجني عليها بالفعل.

غلت الدmاء في عروقه و واجها بصراخ

-بتعيطي ليه، هو كان حصل حاجه بيني و بينك عشان تعيطي،

و لا عاجبكي اللعبه اللي لعبتيها على خالتك، و عايزة تكمليها للأخر.

شذي ببكاء : و الله قولتلها ان مافيش حاجه من دي حصلت.

مجيدة بهدوء حازم

-ولااا مالكش دعوه بيها و من الآخر كده، يا تنفذ كلامي يا تنسى أن ليك ام اصلاً.

مالك بعناد

-و انا مش هانفذ حاجه، مش مالك الرفاعي اللي تيجي حتة بت على اخر الزمن، و يتلوي دراعه عشانها اشبعي بيها يا ام مالك، انا سايبلك البيت بحاله..

مجيدة ببرود أعصاب تحسد عليه حقاً.

-في ستين د…. يا عين امك المركب اللي تودي، بس ابقى نبه على ابوك بالمره انه يطـ.ـلقني، و انا من ناحيتي هاخد اختي وبـ.ـنتها ونسيبلكم البيت بلي فيه.

-لااااااء

صرخت بها شذي وهي تترك يد خالتها، تحاول الوقوف جانب الفراش وهي تكمل،

-لاء والنبي يا ابيه ما تمشيش حقك عليا انا، انا مش عايزة حاجه من دي تحصل، بس والنبي مـ.ـا.تسيب البيت.

-ابعدي عني…

دفعها بكل قوته لترجع خطواتها للخلف، ضاغطه بقدmها على قطع الزجاج الحاده، لتقطع جلدها الرقيق، وتصرخ هذه المره من الألم.

-اه ه ه رجلي..

سقطت ارضاً تبكي بشـ.ـدة من الألم، لا تقوى على سحب قطعة الزجاج السمكية، التي شقت اللحم و استقرت بقدmها، والدmاء نفرت منها بغزاره.

لتصرخ مجيدة وتضـ.ـر.ب على صدرها بخـ.ـو.ف:

-يا لهوي عملت ايه يخربيتك، البت رجلها اتفتحت.

هذه المره لم يعيرها اي اهتمام، قرر ان يكمل ما اتي من أجله، و يتركهم و يرحل.

مدت مجيدة يدها، محاولة سحب قطعة الزجاج من قدmها الا انها صرخت.

مجيدة بغضب

-يا واد تعالي شوفها حتة الازاز كبيرة، وداخله في رجلها جـ.ـا.مد، شكلها عايزه تتخيط.

-اوعي سيبيها

رفعت رأسها لتجده يقف اعلاهم بشموخ، فاتزحزحت من جانبها، متكئه على الاريكة لتجلس عليها.

مد لها يده ليعاونها على الوقوف، ثم جلست بجوار خالتها، التي حاولت مسح دmـ.ـو.عها مطمئنة بحنان.

انحني هو على إحدى ركبتيه، امسك قدmها واضعها على فخذه، حتى يرى مدى عمق الجـ.ـر.ح.

مالك بجدية

-عايز ماية دافيه وقطن وشاش ومطهر.


مجيدة بسرعه

-عيني يا خويا، جرت للخارج لتحضر له ما طلبه.

و على حين غرة منه، جذب قطعة الزجاج من قدmها، لتدوي صرخة قوية.

التفت هو يمين ويسار، يبحث عن شئ يكتم به نـ.ـز.يف الدmاء، لم يجد سو حجابها، الموضوع على رأسها، و منسدل من الجانبين على كتفيها.

واذا به يجذبه من طرفه، و يقول بسخرية

-مالوش لازمه دلوقتي، مش المفروض اني كنت جايبك هنا في اوضتي، يبقى اكيد بقى شوفت شعرك و حاجات تانيه..

وضعه بقوه على الجـ.ـر.ح قاصداً المها، مستمتعاً بأهاتها مكملاً..

-عارفة إن مافيش حد قدر يقتحم حياتي، وينغص ليا عيشتي ادك انتي.

عارفه اني لأول مره اتهان، و امي أغلى حد عندي، تمد ايدها عليا وتفرط فيا بسهوله كده، بسببك انتي.

شذي بألم

– اه والله ما ليا ذنب، انا عمري ما فكرت إني أأذى حد، اقوم اذيك انت ازاي بس.

-اخرسي بقى، و بطلي تمثيل انا مابكرهش في حياتي ادكم يا جنس الحريم، وخصوصاً الماكرين اللي من عينتك كده.

-اااه طب و حياة أغلى حاجة عندك، و غلاوة الحسين اللي انت بتحبه مـ.ـا.تسيب البيت.

حضرت والدته واحضرت ما طلبه ، وضعته بجانبه وجلست مره اخرى بجانبها.

وضع هو قدmها في الماء، نظفها من الدmاء العالقه بها وهي تتألم.

بدأت لامساته ترق عليها، وشرع في تضميد جـ.ـر.حها، لترى والدته مدى خـ.ـو.فه عليها، برغم تعصبه وغضبه منها الي ان انتهى.

ابتعد عنها، سحب حذاءه الرياضي، وجوارب نظيفه له، و انتعله و أغلق حقيبة ملابسه، وحمل حقيبة حاسوبه علي كتفه، وجمع مقتنياتة الصغيره، واستعد للرحيل.

شذي سريعاً

-برضو هتمشي، طب لو اشرف ابن عمتي جيه، وانت مش هنا هاعمل ايه، مش انت وعدتني انك هاتحميني منه، ومش هتخليه ياخدني.

ليجيب مالك بغضب

-ربنا ياخدك يا شيخة، قبل ما يخدك هو، سحب حقيبته من خلفه تاركاً لها الغرفه، بل البيت بأكمله وذهب.

❈-❈-❈

وقفت تستند على قدmها السليمه و يدها على حافة النافذة، تراه يضع اشيائه بحقيبة سيارته و يغلقها عليها.

صوت شهقاتها تصل إلى اذنه، تجبره على ان يرفع رأسه، وينظر في عيناها.

مالك بعصبية

-ادخلي جوه واقفلي الزفت ده، كفاية فضايح بقى، ثم جلس داخل سيارته وقادها بأقصى سرعه.

وضعت خالتها يدها على كتفها، محاولة تهدئتها وجذبها من النافذة.

-خلاص مشي تعالي اقعدي بقى.

-انا السبب في كل اللي حصل، بس انتي برضو مكانش لازم تعملي كل ده.

-لاء كان لازم، وهاتشوفي بنفسك ان كلامي هايتنفذ، خلاص انتي كده مهمتك انتهت.

اقعدي بقى واتفرج وانتِ ساكته، بكره على أذان المغرب هتكوني مرات مالك الرفاعي.

-ازاي بس، ما هو مشي قصاد عينك اهو.

-يا بت مـ.ـا.تو.جـ.ـعيش قلبي معاكي، هايرجع هو هيروح فين يعني، يلا بقي ندخل ننام شوية، و اوعى تجيبي سيرة لأمك بأي حاجه، خليها تتفاجئ بيه وهو بيكتب كتابه عليكي بكره.

❈-❈-❈

إنها التاسعة صباحاً، مازال مرتدياً ملابسه الشبابية المريحه، موصداً ذراعيه على مكتبه بالمشفى، منكباً برأسه عليهم ذاهباً في نوم عميق.

-مالك مالك مالك…

مـ.ـا.تقوم بقى يابني الساعه بقت تسعه

كان هذا صديق دربه حسام، الذي تفاجئ بحضوره الي المشفى بهيأته هذه!

مالك بنوم:

-سيبني انام شوية يا حسام، وابقي تعالي صحيني تاني.

حسام بسخريه

-امتى يا سيدي، ما تقوم يلاا بقى، انت فاكر نفسك نايم على سريرك، فوق يا سيادة المدير، انت في مكتبك في المستشفى.

بدء يفرك وجهه بكفيه، معتدلا للخلف على مقعده.

-اديني فوقت عايز ايه بقي

حسام بعدm فهم، وقد جلس على المقعد المجاور للمكتب

-عايز ايه ازاي يعني، ما تنطق يا بني، ايه اللي جابك من طالعة النهار كده، و انت اجازة اصلاً، و ايه الدm اللي على تشيرتك وبنطلونك ده!

-دا دm شذي.

حسام مندهشاً

-انت قــ,تــلتها؟

مالك بغضب

-بس يا حـ.ـيو.ان، دي امي قفشتني معاها في اوضتي، وهي اتخضت مني قامت سابت ازازة البرفيوم بتاعتي اتكـ.ـسرت و فتحت رجلها، قام الدm جيه على هدومي وانا بطهرها ليها.

وامي رأسها والف سيف لكتب عليها النهارده.

حسام وقد فرغ ثغره، غير مستوعب ما يا يقوله صديقه.

-قفشتني!!

ستيناتي اوي الكلمه دي يا مالك، انا مش فاهم منك حاجه، بص انت تدخل يا معلم كده حمامك، تغسل وشك وتغير هدومك دي،

واكيد الشنطة دي فيها قميص وبنطلون مكوين يعني، وانا هطلب اتنين قهوة لينا، وتحكيلي على كل حاجه واحده واحده.

يلا يا مالك يلا يا حبيبي، قبل ما حد من الدكاترة يدخل علينا، وياخد باله من لبسك ده.

امتثل لأمر صديقه، فعل كما طلب منه، بعد أن استعاد مظهره الحضاري، خرج من المرحاض، ليجد زوجة صديقه قد حضرت، و وقفت تبحث في اشيائه، عن شيء وعلى مايبدو انها وجدته، حذائه الجلدي الاسود اللامع.

مالك بغضب

-انت لحقت تبلغها، وانتِ بتعملي ايه عندك.

واذا بها تلتفت له قاذفه الحذاء أسفل قدmه، وجلست على المقعد مقابل زوجها،

رانيا

-أهلاً انت شرفت، البس يا آخرة صبري، وتعالي اقعد جمب اخوك.

انحني ليلتقط حذائه، و هو يستفهم منها..

-طلاما تقمستي شخصية مجيدة، تبقى هيا اللي كلمتك وحكتلك.

-برغم كل اللي حضرتك هببته، بس قلبها مشغول عليك، و هاريه نفسها من العـ.ـيا.ط عشانك،

وانت اصلا انا مـ.ـا.تستهالش، يا زئب يا زير النساء…

مالك بهجوم

-و عزة وجلال الله ما حصل حاجه من اللي قالته ليكي ده، انا مظلوم و ربنا.

-بسسسسسسس

صرخ بها حسام منفعلاً.

-ما تفهموني انتو الاتنين ايه اللي بيحصل بالظبط.

ليلتفت مالك إليه.

-حلو اوي هاحكيلك يا عم، وانت احكم

وبدء يقص عليه كل شيء من وقت دخولها غرفته، الي ان أدار محرك سيارته، وحضر الي هنا.

-ابقى مظلوم في الحكايه دي بقي ولا لاء يا جدعان؟

رانيا بهجوم

-مظلوم ازاي، وهي داخلة لاقياها في حـ.ـضـ.ـنك.

مالك وقد صفق يد على الاخري.

-برضو هتقولي في حـ.ـضـ.ـني، بقولك اتنيلت اغمى عليها، كنت اسيبها تقع على الأرض يعني.

ليهتف حسام من بينهم

-ياجدعان اسمعوني.

رانيا بتهكم

-استنى انت، بص امك ملهاش غير اللي شافته، و اللي عقلها وصلها ليه، انت متهم في نظرها، سمعة البـ.ـنت في ايدك و..

مالك قد فلتت منه لفظه لها:

-سمعة مين يلي تنشكي في بطنك، انا مالي بسمعتها.

حسام

-ما تسمعوني بقى يا جدعان، وَتشاركوني معاكم في الكلام الله…

مالك

-نعم اتفضل عايز تقول ايه انت كمان

-والله انا اصلاً مش شايف ان البـ.ـنت وحشه، بالعكس دي اية فى الجمال، وانت نفسك بتقول انها غلبانه، يبقى انت رافض المبدء ليه بقى.

-مبدء ايه هو انا بـ.ـنت يا حسام، هاتغـ.ـصـ.ـب على الجواز، وبعدين دانا اكبر منها بيجي عشره اتناشر سنه، وهي حياتها كلها مشاكل كده، لاء بص الحكاية كلها مـ.ـا.تنفعش.

غمزت رانيا لزوجها الذي تفهم مقصدها، لقد بدء عقل صديقه يلين، ويفكر في الأمر.

رانيا بصوت هادئ

-طب هي الواحده مننا بتحتاج ايه في حياتها غير راجـ.ـل، يكون سند بجد ليها، يقف في وش اي حد يحاول يضرها.

وقف معطيهم ظهره، ينظر من النافذة،

أخرجت رانيا هاتفها بهدوء ورنت على رقم والدته رنتان، ثم اغلقت الهاتف سريعاً منتظرة اتصالها.

تحت أنظار زوجها، الذي تأكد انهم يدبرون لصديقه مكيدة.

واذا بهاتفها يهتز و يصدح رنينا عالياً، معلناً عن اتصال من والدته..

-الله دي مامتك بتتصل تاني، تلاقيها يا روحي عايزة تطمن عليك.

التفت إليها سريعاً، يريد أن يطمئن هو الأخر عليها.

أجابت هي الاتصال فاتحة مكبر الصوت.

-الو ايوا يا ماما مجيدة.

لكنه بدلاً من ان يستمع الي صوت والدته، اتاهم صوت تلك الجنية الصغيرة، قصيرة القامة البيضاء ذات العيون الزرقاء.

شذي ببكاء

-انا شذى، الحقيني و النبي يا دكتورة، خالتو وقعت مننا، و اغمى عليها، وانا وماما وعمو حسان مش عارفين نتصرف.

سريعاً ما جذب مفاتيحه من علي مكتبه وجرى نحو الخارج وهو يصـ.ـر.خ.

-لاء امي لاء، الحقني بسرعه يا حسام…

اغلقت رانيا الهاتف بهدوء، و بدئت تجمع اشياء صديقهم بالحقيبة، وتغلقها بروية وهي تبتسم لزوجها.

-واقف ليه ما تلحق صاحبك يلا، عشان تقف جمبه، وتشهد على عقد جوازه يا دكتور.

حسام مغلوب على أمره

-سامحني يا صاحبي، غـ.ـصـ.ـب عني هشارك معاهم في الجريمه دي..
كانت ممددة على الفراش، متصنعة المرض، لا حول لها ولا قوة، ترى دmـ.ـو.ع زوجها تملئ عيناه و لا تبالي به، اختها تجلس بجانبها تبكي بشـ.ـده ولا تعي ما يدور حولها.
مجيدة متصنعة المرض
– اه منك لله يا حسان انت و ابنك، انتو الاتنين عايزين تمـ.ـو.تني.
حسان قد جلس بجانبها
-كده برضو يا مجيدة حـ.ـر.ام عليكي، دانتي حبيبة عمري هو انا اقدر استغني عنك، و لا اعرف اعيش من غيرك يوم واحد.
مجيدة بأهات كاذبه
– اه تعرفو بس تجيبولي المرض، انا حاسه اني جاتلي جلطة تاني، حسبي الله و نعم الوكيل فيك يا مالك يا بني.
-امي!
كان قد وصل للتو ودلف الغرفه حينها و من خلفه صديقه وزوجته، التي لاحظت خـ.ـو.ف شذي الواقفة بالزاوية تتألم في صمت و
تبكي وحدها، فتقدmت نحوها ضاممه اياها بين ذراعيها.
تقدm مالك نحو والدته، لكنها أشارت بيدها له بأن يتوقف.
-امشي اطلع بره، مش عايزة اشوف وشك، ربنا ياخدني عشان ارتاح واريحك انت كمان.
ماجدة ببكاء حار
-اسكتي يا مجيدة حـ.ـر.ام عليكي نفسك يا اختي، ليه كده بس هو عمل ايه، دا مالك مافيش أطيب منه.
مجيدة و مازلت مستمرة في تمثيلها البـ.ـارع
-اه ياني ده! دا هيكون السبب في مـ.ـو.تى النهاردة.
انا بنبه عليكي اهو، لا يحضر دفنتي ولا يشيل خشبتي، ولا يقف ياخد عزايا، لا هو ولا ابوه…
و عندها انهار مالك من البكاء، وانزلقت دmـ.ـو.عه سريعاً ثم انحني على يدها يقبلها
-طب حقك عليا انا اسف، ثم صمت قليلاً، لتنظر هي له منتظرة ان يتم حديثه..
-هاعملك كل اللي انتي عايزاه.
مجيدة معتدله بفرحه
-و النبي صحيح.
نظر لها مندهش لترقد ثانية، وتمد له يدها
-قيسلي الضغط يا واد، انا شكلي بمـ.ـو.ت ولا ايه.
ابعت هات المأذون يا شيخ حسان، بت يا رانيا زغرطي يا بت، و انتي يا مخبلة بتعيطي على ايه، دانتي عروسة الدكتور مالك، افرحي يا بومة…
وقفت ماجدة غير واعية لما يحدث
-انا مش فاهمه حاجه، هو مين اللي هيتجوز، هي مجيدة اتجننت يا شيخ حسان…
استدار الشيخ حسان ليرحل من الغرفه بأكملها وهو يقول:
-لله الأمر من قبل و من بعد
مالك وهو يسحب جهاز الضغط من ذراعها :
-شوف ابويا يا حسام، انا مش ناقص يجراله حاجه هو كمان.
حسام :
-حاضر طبعاً
مالك بعد أن ذهب صديقه خلف ابيه
-ضغطك عالي، انتي ماخدتيش حباية الضغط صح
مجيدة ببسمة
-هاخدها لما تنفذلي طلبي، واشوف المأذون بعيني، وهو بيقفل دفتره وبيقولك مبروك يا عريس.
-خدي علاجك يا مجيدة، قولتلك خلاص هاكتب عليها، عايزة ايه تاني بقي
مجيدة بفرحة
-عايزاك طيب يا نور عيني، روح بوس على رأس عروستك، و خدها في حـ.ـضـ.ـنك كده و طيب بخاطرها.
هم مالك بالذهاب مندهشاً من تفكيرها وهو يستغفر ربه
-ايه الل انتي بتقوليه دا بس، انا نازل لابويا
-عندك حق يا واد، خليه بعد كتب الكتاب، عشان يبقى حـ.ـضـ.ـن شرعي، وحلال ربنا برضك.
خرج منفعلاً مغلقاً الباب خلفه لتعتدل مجيدة، و ترتمي رانيا عليها، و ينطلقو في الضحك سوياً.
اقتربت ماجدة من ابـ.ـنتها التي تبكي بهدوء و سألتها؟
-انا مش فاهمة حاجة يا شذى، بتعيطي بحرقة كده ليه يا بـ.ـنتي، و ايه الفيلم اللي خالتك عاملاه ده.
تولت عنها مجيدة الإجابة، مشيرة لأختها بأن تجلس بجانبها…
-تعالي يا ماجدة، انا هاحكيلك على كل حاجه، تعالي يا حبيبتي جانبي.
❈-❈-❈
-انا لا يمكن اقبل بكده ابداً، يتجوز بـ.ـنتي غـ.ـصـ.ـب عنه ليه هي بايره، ولا فيها عيب عشان تلزقوها ليه.
كان هذا صوت صراخ ماجدة، التي ارتدت عبائتها عليها و سحبت ابـ.ـنتها خلفها بيد، حامله حقيبة ملابسهم باليد الاخري، مترجلة على الدرج مسرعه بالذهاب من البيت كله.
هب الثلاث رجـ.ـال واقفين، مندهشين من هذا المنظر.
هي تسحب ابـ.ـنتها خلفها بكل عنف، و اختها تحاول اللحاق بها، و على ما يبدو هذه المره، انها بدئت في الاعياء، و علامـ.ـا.ت المرض وضحت عليها بحقيقة.
-استنى يا ماجدة، يا بت استني الله يخرب بيتك.
ماجدة بعنف موبخه شقيقتها الكبري
– ما هو اتخرب، هو لسه هايتخرب يلا يا بت مدى.
وقف مالك مغلقاً عليهم الطريق : في ايه تاني، واخداها و رايحه على فين كده انشاء الله.
-بص يا مالك، انا مش موافقه عن كل الكلام اللي امك المـ.ـجـ.ـنو.نه دي بتقوله، و ماقدرش اغـ.ـصـ.ـبك على جوازك من بـ.ـنتي و..
قاطعها هو هذه المرة معنفاً اياها
-أولاً وطي صوتك يا خالتي.
ثانياً ماسمحش ليكي انك تهيني امي و تشتميها.
ثالثاً بقى وده الأهم، هو انتي شيفاني عيل صغير، عشان يغـ.ـصـ.ـبوني على الجواز من بـ.ـنتك.
شذي متداخلة في الحديث ببكاء
-لاء انت كنت……
قاطعها في الحديث هي الاخري غاضباً، مشيراً لها بالصعود للأعلي
-اخرسي خالص و اطلعي على اوضتك، مش عايز اشوف طيفك هنا خالص يلااااا.
بسرعة البرق تركت يد والدتها، و صعدت للأعلى، و هي تكاد لا ترى من كثرة البكاء
نغزت مجيدة يد رانيا حتى تلحق بها، و بالفعل نفذت طلبها
و نادت اختها بوهن ملحوظ للكل.
-ماجدة الحقيني يا بت، اسنديني يا اختي، ثم سقطت مغشياً عليها فعلاً.
صرخت ماجدة، صعدت الي اختها، و الكل من خلفها.
-يا لهوي مجيدة يا اختي يا حبيتي.
حملها مالك سريعاً الي غرفتها، ملقياً على صديقه اوامره.
-هاتلى جهاز قياس السكر من اوضتي بسرعه يا حسام.
فعل صديقه كما طلب و اضطر الي شك اصباعها، لتقطر منه بعض نقط الدmاء.
واخذ نقطه منها على شريط القياس، وجد نسبة الأنسولين منخفضه جداً في الدm.
وضع لها حباية من دواء الضغط تحت لسانها، وصاح بصوت جهور…..
-شذييييييييي
جرت سريعاً، وقفت بجانبه، بشهقات متقطعة اجابته.
-ن ع م انا اهو…
مالك بغضب
-انزلي بسرعه اعملي كوباية عصير كبيرة، و هاتي عسل نحل و اطلعيلي حالاً.
همت ماجدة بالذهاب لتلبي طلبه
-انا هاروح اعملها.
مالك بصراخ
-لاء هي اللي هتروح، امي تعبت نفسها بسببها هي، يبقى هي اللي تخدmها.
شذي سريعاً
-حاضر انا هابقي تحت رجلها، من غير انت ما تطلب اصلاً.
جرت من امامه لتفعل ما أمرها به، و من خلفها رانيا، التي شعرت بطيبة قلبها، و وقفت تحضر معها الأشياء.
– شذي عايزاكي مـ.ـا.تزعليش من مالك، و تاخديه بالمسايسه، مالك طيب بس مندفع.
شذي ببكاء
-مندفع ايه بس، ده صعب صعب اوي، انا من يوم ما جينا هنا، و انا مش عارفة اتعامل معاه، هابقي مـ.ـر.اته ازاي بس دانا بخاف من كلامه.
-انتي بتحبيه و لا لاء؟
احنت رأسها بخجل و همست
-بصراحه ايوة.
-عايزة تتجوزيه و لا لاء؟
-عايزة.
رانيا بضحك
-يبقى هايحصل، انا و خالتك معاكي، و بالتخطيط هاتخليه يحبك ،اكتر ما بتحبيه كمان.
-يلاااااا يا شذييييييييي….
اتاها صوته الجهور كالأعصار من الاعلي
لتصرخ و هي تحمل كوب العصير…
-ايووووه دا اللي هايحبني، دا هايد.بـ.ـحني قبل
مايتجوزني و ربنا.
صعدت اليه، بيد مرتجفة ناولته كوب العصير.
بدء في روي ظمأ والدته، التي بدئت تستعيد وعيها رويداً رويدا.
تقبلت مجيدة من يده العصير، و اشار لتلك الواقفة بجانبه، بأن تجلس مكانه، مفسحاً لها الطريق.
أعطاها الكوب في يدها، لتكمل ما بدئه، واحضر هو قلم الأنسولين الخاص بوالدته، ركع ارضاً ليكون بمستوى الفراش.
غرز سن القلم في ذراعها معطيها جرعتها الصباحية، والتي تغاضت عن أخذها، لتشعل قلبه من الخـ.ـو.ف عليها.
وقبل ان يقف أمسكت والدته كف يده، و وضعته على يد شذي، وبصوت ضعيف قالت..
-انا وابوك وحتى خالتك اللي انت شايفها قصادك صغيرة دي..
مش هانعيش ليكم قد اللي احنا عشناه…
شذي يتيمة ملهاش ضهر تتسند عليه، عايزاك تكون ضهرها يا مالك.
تحميها من غدر الزمن، تتقي ربنا فيها، عايزاك قبل ما تعاملها على انها مراتك، تكون اب ليها
طبعها بطبعك، وخليها تسمع كلامك بس برضو خليك حنين عليها، دلعها وحسسها انها بـ.ـنتك يا واد.
ابتسم على تفكير والدته، و ضحك الجميع وأكملت هي..
اوعدني انك هتكون امانها وسندها في الدنيا، عمرك ما هتيجي عليها ولا تظلمها.
احنى رأسه على كف يدها و ترقرت الدmـ.ـو.ع في عينه.
-ربنا يخليكي انتي ليا يا حبيبتي، و مايحرمنيش منك ابداً.
مجيدة بمشاكسه
-هايحرمك يا… امك هو في حد بيخلل فيها يا واد، ما تقوله يا شيخ حسان.
التفتو جميعاً اليه، ليجدوه يجلس على المقعد بالركن المقابل لها، عينه تزرف الدmع في صمت.
لكنه تخلي عن صمته، وهتف لأبنه.
-اسمع كلام والدتك و اعملها اللي عايزاه، انا
مش حمل اني اشوفها راقده قصاد عيني تاني.
ربنا يجعل يومي قبل يومك يا مجيدة.
ولا ان قلبي يتو.جـ.ـع عليكي كده.
مجيدة بمرح
-يا راجـ.ـل اختشي مش قصاد العيال، مـ.ـا.توعدني بقى يا مالك وتخلصني يوه.
مالك بضحك مقبلاًَ رأسها
-اوعدك يا مجيدة يا سكر قلبي انتي.
❈-❈-❈
حضر المأذون واستقبله مالك، واجلسه مع صديقه، وصعد إلى غرفة والده، المغلقه عليهم
دق مالك باب الغرفه فاتحاً اياه، أستمع الي نقاشهم الحاد.
مجيدة بصخب واضح
-بتقول لابنك نفذ لها رغبتها ومتزعلهاش، وانت بتو.جـ.ـع قلبي معاك اهو.
-ممكن تفهموني الخناقه المره دي على ايه، ولا انا بسأل ليه، ما هو اكيد شذي!
اللي قلبت حال البيت ده، من ساعة ما دخلته هي السبب…
لم تعيره مجيدة اهتمام و اكملت
-بقى في اب في الدنيا كلها، ابنه بيكتب كتابه وهو مش موجود، طب روحو كلكم اكتبو الكتاب في المسجد.
عشان خاطري، لو بتحبني بجد نفذلي طلبي.
طب إلهي يارب ما اوعي….
الشيخ حسان بلهفه
-خلاص اسكتي، اياكي تدعي على نفسك.
بس لازم تفهمي، اني اصلاً مش راضي عن كل اللي بتعمليه ده.
انا واحد كنت اتمنى اجوز ابني واحده تليق بمقامه، اقله تبقى دكتورة زيه مش بـ.ـنت محمد العسال يا مجيدة.
مصمصة شفاهها امامه وهتفت
-معلش بقى نصيبه جيه كده، احمد ربنا انها قبلت بيه، سيادة الدكتور اللي قرب يخلص التلاتين،
مالك بضحك
-قصدك تقولي عليا عنست يعني، ماشي يا ام مالك، على العموم انا جيت اقولكم ان المأذون جيه تحت.
مجيدة بلهفه
-كده طب اجري يا ولا اندهلي خالتك ورانيا من أوضة شذي، و ابقي طيب خاطر عروستك.
اللي مابطلتش عـ.ـيا.ط دي، وخد بطاقتها منها وحصل ابوك على تحت.
ما تيلا يا اخويا انت و هو، انتو مالكم واقفين جانبي زي اسدين قصر النيل كده ليه.
صفق الشيخ حسان يديه ببعضهما وهو يحوقل، بينما ضحك مالك، و خرج خلف ابيه ليفعل لها ما طلبته…
دق بابهم و فتحه ثم هتف.
-خالتي امي عايزكي عندها انتي و رانيا.
-حاضر يا مالك، رانيا بس هتغير لشذي على جـ.ـر.ح رجلها و هنروحلها.
-سيبيها يا رانيا، انا هكملها روحو بس شوفو ماما، اصل المأذون جيه تحت، وهي عايزاكم تساعدوها.
-حاضر ياحبيبي، تعالي معايا يا رانيا،
تركو لهم الغرفة وذهبو.
جلس مكان صديقته وكشف عن قدmها، الا انها وبعين مازلت تذرف الدmع، خبئت قدmها تحت اسدالها، وضمت اياها الي صدرها.
واذا به يمد يده، و يسحب قدmها بقوه، و يرفعها على فخذه.
شذي بخـ.ـو.ف منه
-اوعي سيب رجلي..
مالك بعنف
-لاء مش هاسبها، اصلاً خلاص كلها نص ساعة، وهتبقى كلك على بعضك ملكي.
مش ده اللي انتي عايزاه، وعملتي الفيلم دا كله عشان توصلي ليه، اهو نجحتي في انك توصلي..
برافو شذى قابلي بقى اللى هاتشوفيه مني.
شذي ببكاء
-اه سيب رجلي، انت مش شايفها بتجيب دm ازاي، ابعد بقى عني و سيبني في حالي، لا عايزاك تعالجني ولا عايزاك تتجوزني كمان.
كانت كل كلمه تلقيها عليه، تطرق معها لكمه ضعيفه من يدها على صدره و كتفه،
ليربط جـ.ـر.حها جيداً، ويمسك معصميها ويضعهم خلف ظهرها.
كانت شبه جالسه على قدmه، بين احضانه الان.
مالك ناظراً في عينيها بقوة
-وحياة من صور جمالك ده لاتجوزك، و اعلمك الأدب يا شذى، و حياة حَمار خدودك، ولون عنيكي اللي زي ماية البحر الصافية دي، لهكون معاكي حتى في أحلامك.
تركها من بين براثن يده، واعدلها على الفراش، ملقي عليها اوامره.
-بطلي عـ.ـيا.ط.
-حاضر
-والألوان اللي انتي ملونه بيها ضوافرك دي تتمسح..
-حاضر
-رجلك مـ.ـا.تلمسش الأرض، ولا تقفي عليها، عشان بعد ما اخلص، والناس تمشي هخيطهالك.
صعقت مما قاله، لكنها بالاخير همست بخـ.ـو.ف..
-حاضر
-بطاقتك فين؟
-حاضر
-ايه
-اااقصدي في شنطتي
توجه نحو ما أشارت، وجذب حقيبتها واحضرها لها، لتجلب له بطاقة الهوية تبعها وتعطيها له.
أخذها منها واتجه للخارج، دون أن يتحدث مره ثانية
❈-❈-❈
تمت الزيجة واصبحت في عصمتهِ، وقفت السيدة مجيدة متكأه، على يد اختها تصدح الزغاريط أمام المنزل، تعلن عن عقد قران فلذة كبدها، وتستقبل التهاني من النساء.
الجميع سعداء حتى ابيه، الذي بدا بالأصل معارضاً، الا انه عند نطق الشيخ بتلك الكلمه لأبنه(بـ.ـارك الله لكم وبـ.ـارك عليكم وجمع بينكم في خير) لم تسعه الدنيا فرحاً، وظل يحتضنه ويهنئه بكل سعادة.
وبعدها تركهم يفعلون ما يشائون وجلس بوجه عابس
جلس صديقه بجانبه يمرح معه، يحاول ان يجذبه من عبوثه هذا.
حسام
-الف مبروك يا حبيبي، اخيرا فرحت فيك وشوفتك عريس.
لم ينطق بكلمه واكتفي بأن رجع للخلف مستنداً بظهره على مقعده، ناظراً اياه بجدية.
التمس حسام مدى جديته، وعلم انه غير راضي.
-شكلك مش عجبك الوضع
-تفتكر هيفرق كتير
-بس خلاص انت قبلت ومضيت على العقد، وانا شايف ان البـ.ـنت مش وحشه بالعكس دي…
مالك بتحذير
-حسااام
حسام بمرح
-الله طب ما احنا بنغير اهو، اومال في ايه بقى.
-مش غيرة بس خلاص بقت في عصمتي، وانا ماحبش حد يبص لحاجه ملكي، وبعدين ما تغض بصرك بقى يا اخي، ولا مراتك مش مالية عينك.
-ههههه حاضر يا سيدي هاغض بصري، وعلى فكره مراتي حبت مرأتك أوي، وبقت صاحبتها.
وقاعدة بتديها وصايه الحياه الزوجية فوق دلوقتي، وهي بتخيط لها الجـ.ـر.ح.
وكأن أفعى كبري اقتربت منه ولدغته، انفزع من علي مقعده، و توجه نحو الدرج تاركاً صديقه مندهشاً.
حسام :الله مالك يا بني انفزعت كده ليه، ورايح على فين
مالك بغضب
-طالع لمراتي زي ما بتقول، وهاحدفلك مراتك من فوق، تبقى تستقبلها وتاخدها وتروح لعيالكم بقى.
وفي غضون لحظات، كان شامخاً أمام هذا الباب، وبكل عنف فتحه دون أن يدقه.
ليستمع الي شهقاتهم وجحوظ عيناهم.
رانيا بصدmه
-انت ازاي تدخل علينا بالطريقه دي، هو حصل حاجه.
مالك ببرود
-ماحصلش حاجه، بس اكيد مش هخبط، وانا داخل أوضة مراتي يعني يا دكتورة رانيا.
اشفقت على تلك التي بدت عليها علامـ.ـا.ت الزعر، فهي قد روت عليها من ما تخشاه منه.
كما طلبت منها هي أن تحيك لها جـ.ـر.حها قبل أن يصعد.
-ها لاء طبعاً ماحدش قال كده، بس يعني، هو انت مش واخد بالك اني موجودة معاها لا ايه.
مالك وقد شعر برعـ.ـبها أيضاً، حين لاحظها وهي تدثر نفسها جيداً.
-لاء مانتي هتتفضلي على تحت، اصل جوزك مستنيكي عشان تمشو.
-كده طيب اوك اقعد معاه بس شويه صغيرين، اكون انا خلصت خياطة الجـ.ـر.ح بتاع شذي، وهنزل ليكم علطول.
-لاء يا ستي متشكرين اوي ليكي انزلي لجوزك، وسبيلي انا بقى مراتي اظن مش هتخافي عليها اكتر مني.
-هاه لاء طبعاً، طيب معلش بقى يا شذى هاضطر استئذان، واضح ان الدكتور مالك هيكون احن عليكي مني.
عيناها تحولت إلى بركتان مملوئتان بالدmـ.ـو.ع، نظرة الرجاء فيهما كانت تشق الحجر الصوان.
لكنها اومأت لها بالأخير، دون أن تلفظ بكلمة
وها هو الآن يقف منفرداً بها في الغرفه، بعد أن اغلقت رانيا الباب ورحلت عنهم..
كلما اقترب خطوة من فراشها، كانت تلتصق به هي أكثر، وترجع للخلف تحتمي بأي شئ حتى لو كانت وسادتها .
وبدون ارادتها انهمرت من عيناها الدmـ.ـو.ع، وهي ترى جمود عيناه.
-انت بتبصلي كده ليه، ابعد عني اوعي تقرب مني.
عاااااااااا
صرخة مدوية أطلقتها، حين غافلها وجذب الغطاء، وانحني بجزعه عليها، وحملها بين يديه.
-بس اخرسي، مش عايز اسمع صوتك.
-طب نزلني والنبي، انت واخدني ورايح على فين تاني.
مالك بأبتسامة ساخرة
-على أوضة جوزك يا عروسة، ولا انتي مش واخدة بالك اننا كتبنا الكتاب خلاص، وبقيتي مراتي.
شذي برعـ.ـب منه
-لاءه والنبي سيبني، انا عايزة ماما.
واذا به يغلق باب غرفته عليهم بقدmه، ويلقى بها بكل عنف على فراشه.
ويعطيها ظهره ملتفتاً نحو خزانة ملابسه، يفك ازرار قميصه ويشلحه من عليه.
كممت ثغرها بكلتا يديها، تحاول أن تكتم صرخاتها وهي تراه هكذا.
اندهش هو من خـ.ـو.فها الزائد، كيف بها ان تراه همجي لهذه الدرجة.
ارتدي قميصه القطني الذي سحبه من خزانته على عجاله، ليلحق بها قبل أن تنهض من الفراش، وتضغط على قدmها.
-استنى يا حـ.ـيو.انة، انتي افتكرتي ايه، انا جايبك هنا عشان اخيطلك جـ.ـر.ح رجلك.
شذي محاولة التملص منه، والابتعاد عنه.
بدت عليها حاله هستيريا، ربما اول مره يشاهدها عليها.
فحاول تهدئتها مقربها من صدره، رابطاً على حجابها بيده.
-شششش انتي شيفاني مين ادامك عشان تترعـ.ـبي كده فوقي من اللي انتي فيه ده لانا ابن عمك البلطجي ولاخطيبك اللي مربيلك الرعـ.ـب
مـ.ـا.تخفيش خلاص اهدي انا مش قصدي اخـ.ـو.فك انا بس متغاظ منك ومن اللي عملتيه فيا يا بـ.ـنت اللذينا انتي
شذي وقد وضعت وجنتها الحاره على صدره وبشهقات متقطعه
-طب والنبي مـ.ـا.تخـ.ـو.فنيش منك انا والله هاسمع كلامك في كل حاجه تقولها ليا
مالك قد بدي عليه الارتباك لكنه تظاهر التماسك
-طب ابعدي عني بقى وارتاحي كده عشان اعرف اشوف شغلي وبعدها نامي شوية
ابتعدت عنه واراحت رأسها على وسادته ليبدئ هو في عمل اللازم لها
وبعدها ذهبت في نوم عميق أثر حباية المهدئ التي أعطاها لها
صوت النساء و الاناشيد الإسلامية ملئ البيت، لقد اقبلو جميعهم مهنئين السيدة مجيدة، فارحين من أجل ابنها طبيبهم العزيز، و الذي لم يمنع نفسه ابداً اذا طلبه أحدهم للكشف عليه.
وسط كل هذه الفرحه، كان هو ينزل من علي الدرج برأس متخبط، لا يعلم اذا كان قد لان قلبه بالفعل لتلك الصغيرة ام ماذا؟
بالأول كان يريد كـ.ـسر رأسها، يريد ازلالها، حتى لا تسحره، لا توقعه في شباكها، لكن و على ما يبدو…
أنه قد وقع، و كـ.ـسرت أنفه حين لمست وجنتها موضع قلبه.
-مالك
مالك
مالك!!
خرج من المنزل وسط صيحات والدته و خالته عليه، ولم ينتبه الي ندائهم.
تخطي حشـ.ـد الرجـ.ـال الملتفين حول ابيه، و الذين حاولو الاقتراب منه ليهنؤه، لكنه رحل عنهم دون أن يرد على أحدهم حتى التحية.
الي ان هادته قدmاه للمكان الوحيد الذي يأنس به، و يلقى بكل همومه فيه (الضريح)
صلى فرضه و ركعتين استخارة، جلس يقرأ في كتاب الله العزيز، الي ان غفى بدون ارادة.
و في منامه رأي…
شيخ طويل القامه، وجهه ابيض مثل اللبن، يشع منه نور جميل يرتدي جلباب ابيض و يعلو رأسه وشاح أخضر.
يقترب من مجلسه، و يشاركه وحدته.
الشيخ : السلام عليكم يا طبيب القلوب.
مالك بتردد : و عليكم السلام و الرحمة، حضرتك تعرفني!
-انت مالك.
ضحك مالك له مستفهماً وساخراً.
-بتسألني عن حالي، و لا بتنطق اسمي؟
-لاء بوصفك! اسمك مالك، و صفتك مالك.
مالك بدهشه : طب اسمي مالك و دي معروفه، لكن صفتي دي بقي اللي مش فاهمها
انا املك ايه بقى انشاء الله!
-تملك حب الناس، تملك احترام الكل ليك، تملك حسن الخلق، و تعرف دينك كويس،
و تملكها هي كمان!
التفت برأسه علي من كان يشير الشيخ بيده، وجدها تقف على بعد منهم، ليكمل الشيخ…
تملك قلبها، و طاعتها لك، و عليك أن تطيعها، و تحسن عشرتها أيضاً.
مالك بهجوم : قصدك اخضع ليها.
-ماقولتش كده، الرجـ.ـال قومون عن النساء، و حواء خلقت من ضلع ادm عليه السلام، فعليك تعليمها أصول دينها أولاً، وتطبعها على طبعك انت ثانياً.
-و اذا كنت مش عايزها.
-هي امانك و مأمنك، سكينتك و مسكنك، و انت لها و هي لك، فارضي بما قسمه الله لك.
و تزوج من ذات الدين، إن جاء المال شكرت، و إن ضاق الحال صبرت.
-و ليه انا اللي اتجبر،
الشيخ مبتعداَ عنه بأبتسامه: انت لا تجُبر على شئ، و لكنك تجَبر خاطر انيستك في دنياك، هي لك و انت مالك قلبها.
❈-❈-❈
عاد الي منزله، وجد والدته تجلس وحدها تنتظره، وسط سكون المنزل.
-حمدلله على السلامه، جري ايه يا دكتور، في حد برضك يسيب معازيمه، و الناس اللي جاين يهنوه، و فرحانين عشانه و يمشي كده، ننادي عليك انا و خالتك مـ.ـا.تردش علينا.
-كنتي عايزة مني ايه تاني؟
مش خلاص مشيتي اللي في دmاغك، و عملتي كل اللي انتي عايزاه.
التمست غضبه لكنها اقتربت منه، و ملست على كتفه بوجه مبتسم.
-عملتلك الصالح، عارفه انك زعلان، بس صدقني مش هتنفعك و تصونك غير بـ.ـنت خالتك.
-بتقولي ايه انتي مش كنتي قاعده و هي بتحكي اللي حصلها،
بـ.ـنت خالتي اتكشفت على واحد غريب عنها قبلي، انتي ظلمتيني يا أمي.
-بالعكس انا اللي ماكنتش اعرف، انك ظالم يا دكتور!
ال و انا اللي قولت ابني متعلم في بلاد بره، دكتور كبير و عارف دينه على أصوله.
عمره ما هيكون زي كل الرجـ.ـاله المتـ.ـخـ.ـلفين، اللي بيفكرو في نفسهم و بس، طلعت مـ.ـا.تفرقش حاجه عنهم.
-انا بفكر في نفسي! انا ماقولتلكيش اني عايز اتجوز اصلاً.
و انتي عارفه كويس، اني رافض الموضوع من أساسه.
-و اديك اتجوزت، قبلت بقى او رفضت بقت على ذمتك و بتحمل اسمك، و نايمه في فرشتك مستنياك يا عريس.
انا ماغـ.ـصـ.ـبتكش على الجواز يا بني، بالعكس انا بصونك و بعفك و بديك جوهرة.
ادفنت في التراب غـ.ـصـ.ـب عنها، عليك انت بقى انك تلمعها، و تظهر للناس بريقها.
مالك بغضب
-مش هلمسها انتي فاهمه، و زي مانتي طلبتي مني، هاكون ليها اب و بس مش حاجه تانيه يا أمي.
ثم تركها و صعد للأعلى.
مجيدة في سرها
-هانشوف هتصمد اد ايه يا دكتور.
لترفع صوتها له.
-جهز نفسك ليوم الخميس يا حبة عين امك، عاملينلك ليلة لفرحتك، و هنأكل اهل الله يا ولاااا.
التفت اليها بوجه غاضب، و هتف
-كمان! حتى دي ماستنتيش تاخدي رأيي فيها.
ليضـ.ـر.ب بيده علي دربزين الدرج معبراً عن الغضب بداخله، و يجري من امامها قاصد غرفته.
فتح الباب عنوه، وجدها نائمه كالملاك تتصبب عرقاً، أثر حجابها الملتف حول وجهها.
خشي ان تكون حرارتها مرتفعة، جلس بجانبها يتحسس جبهتها و وجنتها، و يحل وثاق حجابها من حولها.
أنتفضت بفزع أثر لمسته، و فتحت عيناها لتقابل ظلام ليله.
مالك ساخراً منها
-وانا كل ما هقرب منك هتخافي كده.
شذي و هي تحاول ربط حجابها
-ااااانا مش خايفه منك و لا حاجه، بس اتخضيت لما لقيت ايد حد على وشي.
امسك يدها مجبرها على الصمت، و ترك الحجاب.
-بتعملي ايه سيبي البتاع ده من ايدك، انتي مراتي، دلوقتي يحقلي اني اشوفك من غير ما تخبي حاجه عني، طول ما باب الاوضه دي مقفول علينا.
احنت رأسها خـ.ـو.فاً منه، و خجلاً من عينه في نفس الوقت.
-طب ممكن مـ.ـا.تجبرنيش على حاجه، و تسبني لحد ما اتعود عليك.
مالك ساخراً
-تتعودي عليا، لاء اطمني اللي بالك فيه ده مش هيحصل، انا اصلاً مش شايف انك تصلحي ليا زوجه، لكن بقولك كده عشان اديكي حريتك، ومتكونيش مقيضة زي يوم ما جيتي هنا فاكره.
التمست نبرة الكره و السخرية في كلامه، لتعاديه هي أيضاً، و تناطحه بالكلام.
-لاء و على ايه، وسع حضرتك كده شوية، انا هاروح انام في اوضتي.
قبل أن ترفع الغطاء عنها، كانت يده متمسكة بيدها بقوه.
-انسى!
انتي مش هتخرجي بره الاوضه دي الا بأمري،
تركها من يده، و اتجه نحو خزانة ملابسه، و هو يكمل.
-مش عايز اي حد فيهم يعرف بأى حاجه تحصل بنا هنا.
لم يتلقى منها رد، التفت لها بعد أن جذب ملابسه.
-ماسمعتش كلمة حاضر يعني؟
شذي بهجوم
-هاقول حاضر على حاجه مش فهماها!
-اممم ابتدينا و.جـ.ـع القلب، يعني يا حلوة اي كلام يتقال ما بينا هنا مايخرجش بره، لا امك و لا امي يكون عندهم علم بيه.
مفهوم
شذي بجمود : اه طبعاً مفهوم.
-تمام شاطرة برافو عليكي، عايز اسمعها منك علطول الكلمه دي.
-طيب رايح على فين، مش قولت هتنام هنا.
-هاروح اخد شاور واغير هدومي دي، و لا تحبي اغير هنا.
-اتفضل يا ابيه روح مطرح مانت عايز.
رفع حاجبه الأيمن مستنكراً، قبل أن يغلق باب الغرفه عليها هتف ساخراً.
-ابيه مين بقى اسكتي، مش انا بقيت جوزك، تقدري تقوليلي يا مالك كده عادي…
شذي مئنبه لنفسها
-عشان تبقى تخافي، و تترعـ.ـبي كل ما يقرب منك، انبسطي دلوقتي؟
اهو قالك على اللي جواه، و انك مـ.ـا.تعنيش ليه حاجه، نامي ياختي و مـ.ـا.تفكريش ان دكتور اد الدنيا زيه، ممكن ينزل لمستواكي انتي.
❈-❈-❈
استيقظت من نومها على صوت رنين الهاتف المزعج، وصوت اذان الفجر يصدح من مأذن المساجد المحاطة بمنزلهم.
اعتدلت حتى تغلق الهاتف، لكنها أيقنت انه هاتفه هو.
بحثت بعيناها الناعسة عنه، لتجده يفترش ارض الغرفه ممدد جسده عليها، و غارقاً في نوم عميق.
شذي لنفسها
-عملت كده ليه بس، ما كنت سبتني روحت نمت في اوضتي، تلاقيك ماعرفتش تنام على الكنبه، جـ.ـسمك هيوجـ.ـعك من نومة الأرض دلوقتي، و كمان الدنيا برد عليك.
اغلقت الهاتف واتجهت له، انحنت على ركبتيها بجانبه حتى تيقظه من نومه.
-ابيه مالك ايوووووه على دmاغك يا شذى؛ ما هو قال ماقلوش يا ابيه، ييييي بصي واحده واحده كده عودي نفسك.
بطرف اصابعها اقتربت من كتفه، حاولت ايقاظه بهدوء.
-مالك مالك اصحى.
فتح عينه ليلتقي بوجهها الجميل، فابتسم لها دون أن يشعر.
-عايزة حاجه؟
-لاء بس المنبه بتاع تليفونك رن، و الفجر إذن.
-يا خبر ازاي ماسمعتهوش، وسعي كده خليني اقوم اتوضي.
حاولت الوقوف، لكنها تأوهت من ألم قدmها،
اسندت على كتفه، فأمسك بخصرها، و عاونها لتعود الي الفراش.
خجلت من لمسته، لكنها فرحت بقربه.
شذي هامسه
-هاتروح تصلي في الجامع؟
نظر الي عيناها، أومئ برأسه دون أن يتحدث.
ابتعد عنها معطيها ظهره.
-عايزة اروح اصلي معاك.
وقف صامتاً مندهشاً من طلبها هذا، ثم التفت إليها.
-تروحي فين؟
-اصلي الفجر معاك في الحسين، مش انت هاتصلي هناك.
-اه بس الوقت متأخر، تقريباً مافيش حريم بيبقو موجودين هناك.
-بس انت هتكون موجود، حتى لو مش هتبقى معايا، اول ما أخلص صلاة، هالقيك مستنيني مش كده.
مالك معجباً بكلامها
-خليها وقت تاني يا شذى، بلاش الفجر انا اخاف عليكي، و كمان عشان و.جـ.ـع رجلك.
فرحت جداً بداخلها انه يتحدث معها بطريقة سلسة، و هبت واقفه تترجاه وتقفز كالاطفال .
-لاءه و النبي خدني معاك، انا كويسه اهو متاخفش عليا.
التقط يدها قبل أن تسقط، و هو يضحك على طفولتها، و جذبها اليه!
-هههههه شوفتي كنتي هتوقعي ازاي.
شذي بحب و عين لامعه:
-طول مانت معايا هاتسندني
ابتلع لعابه بصعوبه، و تحشرج صوته في حنجرته، مبتعداً عنها و هو يضم حاجبيه، وبدون ان يعي ما يقوله اجابها.
-احم البسي أسدالك عليكي، و تعالي ننزل نتوضي يلااا
❈-❈-❈
الصلاة في معادها تريح القلب، تنير الوجه، فما بالك بأن تصليها في بيتٍ من بيوت الله، بجانب احد ال بيت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم.
كان هناك البعض القليل من النساء، و بعد الصلاة، جلسو يتهامسون و ينظرون إليها.
هم بالأساس كانو يتابعون النظر لها، من وقت ان ترجلت خارج سيارته، و اقترب منها لتستند على مرفق ذراعه.
تحدثت أحدهم و هي سيدة تقترب من عمر خالتها.
-حرماً يا بـ.ـنتي.
شذي :جمعاً ان شاء الله.
-انتي عروسة الدكتور مالك.
-ايوة انتي ت عـ.ـر.فيه يا حجه؟
-و هو في حد في حي الحسين كله، مايعرفش الدكتور مالك و لا عيلته.
ربنا يبـ.ـاركلك فيه، عريسك راجـ.ـل الدنيا كلها تشهد بكرمه، و ادبه، و أخلاقه.
شذي بفرح :طب عن اذنك عشان مستنيني بره
-استنى اتسندي عليا، شكلك رجلك بتو.جـ.ـعك.
-هاتعبك معايا.
-لا تعب و لا حاجه، تعالي تعالي اهو نتسند على بعض.
كان يقف ينتظرها أمام سيارته ،شاهد خروجها من المسجد ،اقترب حتى تستند عليه.
لكنه توقف منحني الرأس، عنـ.ـد.ما لاحظ وجود احدهن بجانبها الي ان اقتربو منه، ليجد من تملس على كتفه .
-ارفع راسك يا دكتور، و سلم عليا.
-الحجه أمنه! ازيك يا أمي عامله ايه؟
-بخير يا حبيبي الف مبروك، عروستك زي القمر، خلي بالك منها، يا واد دي قرة عينك دي.
اجعلها ملكة بيتك، تجعلك تاج على رأسها يا ولدي.
مالك مبتسماً
-تسلميلي يا أمي يا رب، اتفضلي معانا نوصلك.
-لاء يا حبيبي انا بيتي قريب، يلا خد عروستك و روحو، و ابقي خليها تيجي تحضر الدرس معانا.
-حاضر من عيوني، السلام عليكم يا أمي.
و بعد أن تركوها، بدؤ يتحركو بسياراتهم.
شذي بفرحه من كلام تلك المرأه العجوز.
-انا مبسوطه اوي حاسه براحه نفسيه رهيبه، و كمان كلام الست دي فرحني جداً.
َمالك ساخراً
-مـ.ـا.تفرحيش اوي كده، اظن انها لو كانت عايشه وسطنا، و تعرف حقيقة جوازنا مكانتش قالته.
وعلى فكره دي اول و اخر مره تطلبي مني انك تصلي الفجر بره البيت مفهوم.
اختنق صوتها و ظهرت في نبرته ملامح الحـ.ـز.ن.
-طبعاً مفهوم، بس ماكنش له لزوم تفكرني بيه، لأني مش نسياه، وعرفاه كويس اوي.
أوقف سيارته و التف حولها حتى يخرجها، و يسندها لكنها خذلته، و تخلت عن يده متجهه للداخل.
-من فضلك ابعد عني، مش عايزة أعود نفسي على انك تكون سند ليا، خليني اقدر اتسند على نفسي.
-تمام اتفضلي، و ده يكون احسن ليكي، على الاقل ت عـ.ـر.في تبقى قوية، و تعتمدي على نفسك.
اخترقت كلمـ.ـا.ته صدرها، كرصاصة خرجت من فاه سلاح نافذ، تعرف طريقها لتشق قلبها، و تقسمه الي قسمين.
و بلحظه و بدون ان يلتف خلفه، كان يسبقها للداخل و يلج، ليتفاجئ بوجودهم في بكرة النهار، جالستان بجانب بعضهم، و كأنهم منتظرين عودتهم.
الحاجه مجيدة : يا صباح الهنا و الورد و الياسمين، على على العرايس الحلويين.
مالك ساخراً : كمان بقيتي تقولي شعر يا ام مالك.
-طب رد الصباح الاول، يا شيخ مالك.
تحفز وجهه ،و انطلق للأعلى، غالقاً اي نقاش معاهم قبل أن يبدء.
-صباح الخير عن اذنك، الحق اناملي ساعتين قبل ميعاد سفري.
تفاجئت شذي برده هذا ،و لم تسطيع التحدث، هو لم يمهلها حتى ان تستوعب ما نطق به.
وقفت في زهول الي ان وضعت والدتها ذراعها حول كتفيها، ضاممه اياها اليها.
ماجدة :شذي تعالي يا حبيبتي اقعدي، طمنيني عليكي يا بـ.ـنتي.
احنت رأسها بحـ.ـز.ن وجلست بينهم.
-انا كويسة يا ماما، مـ.ـا.تخفيش عليا.
-كويسة ازاي، و انتي وشك حزين ،و ليه اصلاً خرجتي بدري، و انتي رجلك و.جـ.ـعاكي، هو مالك هو اللي غـ.ـصـ.ـبك على كده يا شذى.
رفعت رأسها، وسريعاً ما نفت حديث والدتها.
-لاء يا ماما مالك ماغـ.ـصـ.ـبنيش على حاجه، بالعكس ده انا اللي اتحيلت عليه، اروح اصلي الفجر معاه في الحسين.
الحاجة مجيدة بأبتسامة : شاطرة يا بت، ايوة كدة عايزكي تاخدي عليه بسرعه، و كل اللي نفسك فيه، و عايزه تعمليه تقوليله هو بس عليه.
نظرت إليها بلوم، كأنها تنطقها بلسانها.
-كيف افعل ذلك، و انتي تعلمين حقيقة وضعنا، تعلمين بأنه رافض الزواج مني، و مع ذلك تريديني ان أمتلك قلبه.
تفهمت العجوز عليها، و قصدت أبعاد والدتها عنهم، حتى تسطيع التحدث معها.
-قومي يا ماجدة حضري ليهم الفطار، و نطلعه ليهم في اوضتهم، عشان يفطرو سوي قبل ما مالك يسافر.
-فطار ايه دلوقتي، استنى لما يبقى يصحى من نومه يا مجيدة، سيبيه يرتاح شوية.
-يا بت قومي، ما هو على بال ما تعمليه و شذي تقعد معايا شوية، يكون هو قرب يصحى.
ماجدة :انتي شايفة كده طيب يا اختي، حاضر اديني قومت اهو.
ظلت عيناها تراقب خطوات اختها، الي ان اختفت، و سمعت بأذنيها أصوات رنين أدوات الطهي.
-شيافة في عنيكي نظرة حـ.ـز.ن ليه، احكيلي حصل ايه ما بينكم، و انتو مقفول عليكم باب واحد.
شذي بجمود : متوقعه انه يحصل ايه، بين اتنين لسه مش بقالهم شهر عارفين بعض، في يوم و ليلة لقو نفسهم متجوزين.
مجيدة بتفهم : متوقعه انهم يبدؤو ياخدو على بعض، يبقو امان بعض، حتى لو لسه مايعرفكيش  عـ.ـر.فيه انتي، خليه يتمسك بيكي، و يقولك مـ.ـا.تسبنيش.
-ازاي بس يا خالتو، و هو بيقولي عايزك تعتمدي على نفسك، و تبقى قوية من غيري.
– و ماله لما يقولك كده، طب ما انتي فعلاً لازم تبقى قوية.
مانا قصاد عينك اهو، ام لدكتور اد الدنيا، و زوجه ليشخ كل الناس بتحترمه و تاخد منه المشورة، لكن شوفتيني ضعفت مرة، و لا واحد فيهم بيقدر يتنيلي كلمه.
بس مش خـ.ـو.ف مني، لاء دا حب، و احترام و خـ.ـو.ف عليا.
اسمعيني كويس يا قلب خالتك، عشان تكسبي عقل و قلب جوزك.
لازم تخليه يحبك و يحترمك، و يخاف عليكي من النسمه، و مـ.ـا.تخفيش مش هتاخدو لا وقت و لا مجهود كبير.
أصله يا عين امه يبان جـ.ـا.مد من برة، لكن من جواه عامل زي الطفل، تعلميه و تطبعيه و تشكليه على مزاجك.
-شكلك انتي اللي مت عـ.ـر.فيش ابنك، دا رافض اني أتدخل في اي حاجه تخصه، اذا كنت ماعرفش انه مسافر غير دلوقتي.
-يبقى تطلعي تحضريله لبسه، و تشوفي طلباته، و تتكلمي معاه بهدوء، افتحي اي حديث مابينكم، حتى لو لقيتيه رده جـ.ـا.مد، متحاوليش تزعلي، و اتكلمي معاه و خلاص يلا مستنية ايه.
-حاضر يا خالتو هاطلع، و ربنا يستر بقى.
صعدت الدرج بخطوات متئلمة، و في أثناء صعودها، عادت والدتها لتجلس بجوار اختها.
-الله هي شذي طلعت، مش قولتي هاتقعد تتكلم معاكي شوية.
-لاقتها تعبانة و عايزة تنام، قولتلها تطلع ترتاح، و لما يقومو من النوم، نبقى نفطر كلنا سوي.
-مانا قولت كده برضو، و معاملتش حاجه، بس انا خايفه يا مجيدة، يكون مالك حاسس انه اتسرع في الجواز منها، و رجع يلوم نفسه.
-كلام ايه دا، طب بكرة تشوفي بنفسك، شذي هتتعلق بمالك ازاي، و هو هيحبها و يخاف عليها ازاي.
❈-❈-❈
فتحت باب الغرفه، و دلفت منه، وجدته يقف بجانب الفراش، و بيديه الهاتفان تبعها.
-افتكرتك نمت؟
-كنت مستنيكي تعالي، و اقفلي الباب وراكي.
فعلت مثلما طلب منها، و ذهبت له متمنيه الا يعاملها بسوء.
-نعم عايز حاجه؟
-عايزك تاخدي الموبايل، اللي بسببه حضرتك دبستينا في الورطه دي.
شذي بغضب هامس :ورطه بقى بتسمي جوازك مني ورطه!
-مالهاش اسم تاني، هو كده فعلاً.
-مش عايزة منك حاجه ،هات موبايلي القديم، و خليلك موبايلك ،ابقى هادي بيه اللي تستاهل.
امسك رسغيها بعنف مجبرها على النظر له….
-انا مش بهادي حد، و لا جايبه ليكي هديه، انا جايبه عشان هاخد موبايلك المتهكر ده و اوديه للشرطة.
و عشان لو حصل حاجه، و انا مش موجود تقدري تتصلي بيا.
شذي بحب مغلف بكلمـ.ـا.ت ملامه : مش قولتلي اعتمد على نفسي، عايزني اتصل بيك ليه بقى.
بحر عيناها تحول إلى تيار مد يسحبه بداخله، يجزبه بشـ.ـدة و هو مستسلم و مرحب به.
مالك بهدوء :عشان لو الواد ده جيه هنا، و انا مسافر تتصلي بيا، و الحق اتصرف.
-طب ما تاخدني معاك.
بدء ضغط اصابعه يلين من علي لحم ذراعيها.
ضم حاجبيه الكثيفين بغرابه.
-اخدك معايا فين، انتي عارفه انا رايح فين، و لمين.
شذي بدلال حزين : اعرف منين انت ماقولتيلش، و انا كنت عايزه اسافر اسكندريه عشان اعرف جدول امتحاناتي، و اجيب الملازم بتاعتي..
علامـ.ـا.ت القلق بدت عليه، افاقته من دوامة سحرها.
-لاء مافيش سفر، لو عايزه حاجه من هناك انا هاجبها ليكي، لكن انتي مش هتخرجي من هنا.
ابتعد عنها، التف حول الفراش، و القى بجسده عليه، محاولاً الاستسلام للنوم، هروباً من نظراتها.
فقررت ان تعمل بنصيحة والدته!
تجرئت و جلست بجانبه، متحدثه مرة أخرى.
-يعني خايف عليا، عارف انه ممكن يجي، و انت مش هنا، و مع ذلك عايز تسيبني أوجهه لوحدي، طب ما هو اكيد هياخدني معاه غـ.ـصـ.ـب عني و…..
-بتقولي اييييه؟
صياحه افزعها و تخشب جسدها، حين اعتدل و اجتذبها بين ذراعيه، وبلحظه كانت مستقرة فوق قدmه
-مين ده اللي ممكن ياخدك ، خلي حد يحاول يقرب منك كده، و انا اقطعه بأديا دول.
-ليه يا مالك، هتعمل كده ليه.
لم يستطيع ساكن الضريح ان يتحكم في مشاعره، الان قربها منه أكثر، و بكل رقة كانت شفاتيه تعرف طريقهم، لينقض على ذلك الفم الصغير، لأول مرة يتذوق ملاذه لمدة دقائق.
و لأول مره لم تخشاه، بل و تتقبل منه قبلته متجاوبه معه.
و بعدها ابتعد عنها، ممدداً علي ظهره.
-عشان انتي مراتي، و شايلة اسمي يا شذى.
تفاجئت برده الذي صدmها، وامتلئت عيناها بالدmـ.ـو.ع.
-بس عشان كده!
انقلب على وجهه، و اغمض عينه بألم.
– ايوة طبعاً، من لحظة ما كتبنا الكتاب، وانتي بقيتي ملكي، بتاعتي انا،
يعني مش حرة نفسك، و ماحدش يقدر يخدك مني، طول مانتي على ذمتي.
نامي يا شذى و خليني انام شوية، قبل السفر بقى.
سافر الطبيب، تركها وحيدة تنذف جراح قلبها،
متذكرة لمسة يده على وجنتها قبل أن يرحل،
فلاش باك…
❈-❈-❈
لا تعلم لماذا استسلمت لسيل دmـ.ـو.عها، وشهقاتها هكذا.
هي تعي جيداً انه مازال مستيقظاً، ومع ذلك، لا يبدو عليه أي ردة فعل.
وقفت من علي الفراش، اتجهت الي تلك الأريكة، القت بجسدها متكورة عليها، وهي تبكي بشـ.ـدة، وتفكر بعمق.
-طب ليه لما انت شايفني مجرد اسم اتربط بأسمك، بتعلقني بيك ليه!
كان يستمع لهمساتها، بكائها يفرط قلبه، لكنه تحمل الألم تركها تخرج ما في صدرها
حتى غفيت على الاريكة، بعدها انتفض من مرقده، اتجه إليها حملها بين يديه عائداً بها الي الفراش.
بكل هدوء و رقه ارقدها مكانه، وضعاً وجنتها علي وسادته، لتستنشق أنفاسه العالقة بها.
ثم استدار نحو الخزانة، شرع في تغير ملابسه، المكونه من ملابس بيتيه مريحة،
الي قميص ابيض يعلوه كسوه صوفية الخيط من اللون الازرق القاتم، و بنطال من قماشة الجينز فاتح اللون، و ارتدي حذاءه الرياضي الابيض.
ثم اقترب بجانبها اخذ هاتفها القديم وضعه بجيبه، و لملم باقي اشيائه، و تأكد ان الهاتف الجديد ممتلئ البطاريه و مفتوح، تركه بجانبها على الكمود، ووضع يده على وجنتها يجفف تلك الدmعه الملتصقه بها،
وهمس في احدي اذنيها…
مش انا لوحدي اللي بعلقك بيا!
انتي كمان بتعلقيني بيكي قوي.
ثم اعتدل متمسك بالغطاء، مدثرها جيداً و اتجه سريعاً للخارج.
❈-❈-❈
أصبحت الساعة الثانية عشر ظهراً، لم تخرج من غرفتهم، لم تبرح ذلك الفراش، لا تفعل اي شئ غير انها تتوسطه جالسه، متمسكه بتلك الوساده.
لينفتح باب الغرفه عليها، و تدخل منه خالتها
مجيدة :بت يا شذي صحيتي، ولا لسه
-تعالي يا خالتو، انا صاحية من بدري.
-و لما انتي صاحية يا مرات ابني مـ.ـا.تصلتيش بجوزك ليه ياختي تطمني عليه و تشوفيه وصل و لا لسه؟
-اتصل بجوزي اللي بيعتبرني ورطة اتدبس فيها! و النبي يا خالتو تسكتي ال جوزي ال.
جحظت مجيدة عيناها بشهقة : يخيبك بت من دون البنات، بقى ده الكلام اللي قولناه الصبح يا هبله، مش اتفقنا انك هتأخديه عليكي.
احنت رأسها، عجز لسانها عن الرد لفترة، لكنها هتفت بالاخير
-هو مش عايزني يا خالتو، ده بيحاول يقولهالي بس بشياكة.
-هي ايه دي بقي انشاء الله يا أخرج صبري؟
-انه هيسبني زي ما يكون بيقولي اني في حياتو مجرد فترة و هتعدي.
-ما يقول اللي يقوله، انتي بقى فين دورك في الفترة دي، يا بـ.ـنتي الواحدة الشاطرة هي اللي بتعشش على بيتها، مش اللي بتستني خرابه.
بنفاذ صبر صرخت شذى هاتفة.
-يعني عايزانى اعمل ايه يا مجيدة دلوقتي؟
-تكلميه و تسألي عليه، انا هاقوم اخرج و اسيبك، عايزكي تنزلي تطمنيني على ابني اللي مسافر عشان خاطرك ده، بلا خيبه على بنات اليومين دول.
شذي بغضب
-الله هو انا عملت حاجه، ما هو ابنك اللي شكله معقد و الله.
الحجة مجيدة و هي تخرج من غرفتها
-بس يا بت بلا قلة حيا، اذا كان هو معقد فأنتي خايبة زي امك، و خيبتك تقيلة قويي.
و إذا بها تصفع الباب بقوة خلفها.
تنهدت الجميلة و جذبت الهاتف من جانبها و شرعت في الاتصال به، لتجد الهاتف ينير بأسمه معلناً اتصال منه.
شهقت و جحظت عيناها، لم تجيب حتى صمت الهاتف، فهمست لنفسها….
-ماردتيش ليه يا غـ.ـبـ.ـية، اهو قفل، اكيد مش هايتصل تاني.
ليصدح الهاتف رنينه مرة أخرى،
فأجابت الاتصال سريعاً.
-ااالو..
مالك بغضب
-مش بتردي ليه، في حاجه حصلت عندك.
-لا لاء ابداً، انا بس اتفجئت انك بتتصل بيا.
هدء من روعته، و لانت حدة صوته.
-انتي كنتي نايمه، اسف لو كنت صحيتك.
َ-بالعكس انا صاحية من ساعة انت ما مشيت، و كنت لسه هتصل بيك، عشان اشوفك وصلت و لا لسه.
-وصلت من بدري، و خلصت مشوار الشرطة، و انا دلوقتي في الكلية عندك، بس مش عارف انت تجارة انجليزي و لا عربي، و عايزه ملازم ايه بالظبط.
انفرجت اسريرها سريعاً، أجابته عن ما تريده.
-بس كده هي دي الحاجات اللي عايزها.
-حاضر يا شذى، هاجبهم ليكي و هجبلك رقم الجلوس كمان، عايزة حاجه تاني.
-هو انا ممكن اعرف هتيجي امتى، يعني عشان اطمن خالتو.
-يعني هاخلص الحاجات دي، و مسافة الطريق بس و اكون عندكم.
-متشكرة اوي انا تعبتك معايا.
-انتي تعباني معاكي من يوم ما شوفتك، اكيد مش هاتيجي على دي.
شذي بحـ.ـز.ن
-اسفه يا ابيه.
مالك :اقفلي يا شذى سلام.
❈-❈-❈
فتحت باب غرفتها، و قررت النزول لخالتها، حتى تلقى عليها ما دار بينهم، و عنـ.ـد.ما فتحته، واجهت في مقابلها الشيخ حسان..
اخر واحد كانت تظن انه ممكن ان يعرف الغضب طريق قلبه، هذا الرجل ذو الوجه البشوش، كل من يراه يستبشر بوجهه المبتسم، الان يقذفها بسهام نظراته الغاضبه.
-صباح الخير يا عمو.
الشيخ حسان بحقد بين
-خير!! انتي من يوم ما دخلتي بيتنا و انا عارف ان ابني مش هيشوف من وراكي خير ابداً.
القى عليها تلك الكلمـ.ـا.ت الكارهه، و رحل سريعاً…
لتسترسل الدmـ.ـو.ع سريعاً على وجنتيها.
وتجري لداخل غرفتها، تحبس نفسها فيها مرة ثانية.
❈-❈-❈
الان تدخل عليها والدتها بوجه مبتسم، لتجدها على حالتها هذه.
ماجدة : الله شذي انتي قاعدة كده ليه يا حبيبتي، هو حد زعلك في حاجة.
-لاء يا ماما مافيش حاجة.
-اومال ليه حابسة نفسك في اوضتك من الصبح، و مش عايزة تنزلي تقعدي معانا.
-ابداً رجلي بس كانت شادة عليا شوية، فقولت بلاش ادوس عليها.
-يا حبيبتي يا بـ.ـنتي طب خليكي فرداها، و مـ.ـا.تضغطيش عليها.
شذي بحـ.ـز.ن
-ماما خديني في حـ.ـضـ.ـنك، انا تعبانه اوي و محتجالك جانبي.
ضمتها إلى صدرها بحنان، و بدئت تملس على ظهرها برفق.
-انا حاسة بيكي، و عارفه انك مش مرتاحة عشان كده كنت رافضة جوازك من مالك، مع اني عمري ما كنت اتمنى ليكي حد احسن منه.
شذي ببكاء
-و انا كمان يا ماما، عمري ما كنت اتخيل اني اتجوز واحد زيه، انا حبيته يا ماما.
بس هو رافضني، اتجوزني عشان يرضى امه، لكن اول ما اتقفل علينا باب واحد، قالي حقيقة مشاعره من ناحيتي.
قالي عايزك تبقى قوية، عشان لما يسبني اقدر اعتمد على نفسي.
انا مش عايزاه يسبني يا ماما، و النبي قوليله ينسى كل حاجه وحشه سمعها عني، خليه يحبني يا ماما، او حتى بلاش يحبني بس يخليني معاه.
تألمت الام كثيراً على تمزق قلب ابـ.ـنتها، و شـ.ـدت على ضمتها لها جيداً،
-بس يا شذى كفاية يا قلب امك، انا مش عايزاكي تبقى مزلولة لحد،
ارفعي راسك واذا كان هو قالك لازم تبقى قوية، يبقى لازم تبيني ليه فعلاً انك كده، حتى لو بتحبيه اثبتيله انك عكس الصورة اللي اخدها عنك.
انتي شاطرة و زكية، و انا متأكدة انك بزكائك و طيبة قلبك هاتغيري فكرته عنك، و تخليه يحبك اكتر ما بتحبيه.
اهم حاجة اوعي تشحتي حبه، يا شذى اوعي تسطعتفيه، خليه هو اللي يحبك، و يجري وراكي و من هنا و رايح، اوعي تلبسي أسدالك او حجابك قدامه.
قوليلي هو لمسك؟
احنت رأسها بخجل، و هزتها بعلامة الرفض دون أن تتحدث.
يبقى ترجعي تنامي معايا في اوضتنا، و هنعتبره كتب كتاب مش جواز،
لحد ما هو اللي يطلب تغير الوضع ده، مـ.ـا.تنسيش انه كبير عنك واذا فضل رافضك يبقى خلاص هو الخسران مش انتي.
بدئت تجفف دmـ.ـو.عها بطفولة، تحاول تهدئة نفسها.
-حاضر يا ماما هاعمل كده، هاحط على قلبي حجر، لحد ما هو يقول قراره، يأما بالرفض او بالقبول.
❈-❈-❈
ترجلت مع والدتها للأسفل، وجدت خالتها تنتظرهم فاجلسو معها.
-كلمتي مالك يا شذي.
-ايوة يا خالتو كلمته، و خلاص هو راجع في الطريق.
-طب ماقالش ليكي عمل ايه هناك.
شذي بتهكم
-لاء مقالش، قالي اقفلي يا شذى سلام.
-طب و انتي مالك يا بت بتعامليني معاملة مرات الابن لحمـ.ـا.تها الشريرة كده.
لاء بقولك ايه اتظبطي كده، الا و يمين الله اقلب عليكي، و اوريكي الوش التاني.
هذه المره تحدثت والدتها بصوت ساخر.
-لاء و على ايه يا مجيدة يا أختي، براحه شوية اصل الحكاية مش ناقصاكي، انتي كمان تشـ.ـدي السلخ عليها.
بنظرة لائمة رمقتها.
-كده برضو يا شذى، ده اللي اتفقنا عليه انا و انتي.
شذي ببكاء
-انا طول عمري انا و ماما أصحاب، عمري ما خبيت عنها حاجه ابداً.
-انتي اتسرعتي في اللي عملتيه يا مجيدة، مالك عمره ما هايتقبل شذي بالطريقة دي.
لتفاجئهم مجيدة بضحكة ساخرة.
-مالك عمره ما هايفرط في شذي، عمره ما هيسمح لحاجة تأذيها دا ابني و انا عارفاه، و بكره تقولو مجيدة قالت.
لترفع ماجدة يدها مؤمنة على كلامها
-امين يا رب يسمع منك، دي حاجة انا أتمناها وافرح ليها
بس لحد ده مايحصل بقى بـ.ـنتي هترجع اوضتها و نعتبره كتب كتاب، لحد ما هو اللي يغير الوضع ده.
-ليه يا ام مخ ضلم، بقى أحنا بنقول نقربهم من بعض، و انتي عايزة تبعديهم.
-أبعدهم فين بس، ما احنا في بيت واحد اهو، و كده كده هو مش بيقرب ليها، يبقى لزمته ايه بقى تضايقه في نومته.
مجيدة مستفسرة
-تضايقيه في نومته ليه، هو سريره صغير، ما تردي يا بت انتي واكلة سد الحنك ليه.
-يا خالتو بطلي تأنيب فيا شوية بقى، يا ستي ابنك لما لقاني نمت في سريره، فرش هو في الأرض و نام.
و لما رجعنا الصبح، انا نمت على الكنبه، و لما روحت في النوم لقيته نقلني على السرير، لما هو قام من عليه.
الحاجة مجيدة بغضب
-و ايه اللي نيمك على الكنبه يا مخبله انتي، قومي يا ماجدة قدامي، خلينا نخرج الكنبه دي من الاوضه خالص، و خليه بقى ينام على الأرض، اما اشوف هايصمد لحد امتى.
-و ليه دا كله يا اختي، ما تخليها ترجع اوضتها، لحد ما نشوف رأيه ايه.
-لاء مش هتسيبي اوضته يا شذى، و لما يجي انا هقوله ينتقل بيكي في شقته.
شذي و ماجدة بنفس الوقت
-شقته!
-اه يا ختي انتي و هي ما هو انتو مـ.ـا.تعرفوش، اصل مالك عنده شقة كبيرة و واسعة على النيل، و مفروشة احسن فرش.
بس هو مرتبط بالحي هنا قوي، مع انه كان فرحان و في احسن حالته
و هو بيفرشها،
بس منها لله بقى اللى كـ.ـسرت فرحته، و سدت نفسه عن جنس الحريم كلهم.
شذي بأندهاش
هو مالك كان هايتجوز يا خالتو.
-اه يا عين خالتك، كانت زميلته في الكلية، و سافرت معاه البعثة بتاعته.
كان بيحبها، و كل ما ينزل اجازة، مرة يشتري الشقة، و مرة يوضب فيها حاجة، و مرة يشتري العفش.
و كل مرة اقوله طب اصبر لما تنزل و تستقر.
يقولي لاء يا امي، انا عايز لما ننزل افاجئ ريهام بالشقة، دي هاتفرح بيها و اول ما ننزل هانتجوز.
واخر مرة رجع فيها، لقاها اتجوزت زميلهم دكتور خليجي و رجعت معاه على بلده؛
كانت صدmة عمره، وبدل ما كانت بعثته تلات سنين، ابني قعد عشرة، مابيعملش حاجة غير انه بيشتغل، و كرهه بيزيد لبنات حوا كلهم.
نظرت إليها بدهشة، والتزمت الصمت كانت تظنه بلا قلب، مشاعره لا تعرف طريق الحب.
الا انها تفاجئت بتلك القصة القصيرة، التي رواتها عليهم والدته، الي ان اخرجتها من شرودها لمسة يد خالتها.
-سرحتي في ايه تاني يا شذي
-في ابيه مالك يا خالتو، دلوقتي بس اتأكدت، وعرفت هو ليه مش قادر يقبلني.
عايش بقاله سنين على زكرى واحدة خانته، و لما جيه يتجوز اتجوز واحدة زيي.
-اوعي تقللي من نفسك تاني مره قدامي، انتي ست البنات، والف راجـ.ـل يتمناكِ.
واذا كان هو زي ما بتقولي عايش على الزكري، يبقى انتي اللي لازم تمحيها من دmاغه، تخليه مايفكرش، ولا يشوف غيرك انتي، تبقى قصاد عينه ليل و نهار.
اوعي تسبيه، اتمسكي بجوزك و دافعي عن حقك فيه.
ما تبصيش ليا كده، ايوة مالك من ساعة ما كتب كتابه عليكي، و هو بقى حقك انتي.
مـ.ـا.تسمحيش لأي واحده تاخد جزء من تفكيره، حتى لو كانت ذكرى، سمعاني يا بـ.ـنت اختي.
شذي :سمعاكي يا خالتو، بس يا ترى هو بقى هايقبلني؟
انضمت ماجدة المستمعه لحديثهم دون التدخل فيه، إليهم و هتفت….
ماجدة مرحبة بكلام اختها، موافقاها الرأي
-دا دورك انتي بقى، تصبري عليه و تحببية فيكي، بالطاعه و الدلال و الحب و شغل بنات حوا.
هبت الحاجة مجيدة واقفة و هي تضحك، و تحثهم ان يتبعوها
-هههههههه وقعيه يا بت في حبك، ايه مـ.ـا.ت عـ.ـر.فيش توقعيه.
بلا خيبه على بنات اليومين دول، قومي يا ماجدة، خلينا نشيل الكنبه، اللي المحروسه ال رايحة تنام عليها.
عشان نروح انا و انتي نجيب طلبات ليوم الخميس، و شوية لبس من بتوع العرايس لعروستنا الحلوة، يلا يلا بت قومي.
-هاجي معاكم.
-لاء انتي تقعدي هنا تستنى جوزك، تشوفيه عمل ايه في مشواره، و تحضري ليه الغدا، و تأكليه يلا يا اختي عشان نلحق وقتنا يوه.
شذي منحنية الرأس بخجل
-مش عايزة اقعد مع عمو حسان لوحدي.
-ليه يا بت، هو الشيخ حسان هايكلك.
وبعدين مـ.ـا.تقلقيش هو خرج، و هايقعد لبعد المغرب في التكيه.
وبعدها هايروح يصلي العشا في الحسين، يعني البيت فاضي.
اما اشوف بقى شطارة مرات ابني، هتقابل جوزها ازاي لما يجي.
اشتعلت وجنتان شذي بخجل و توهج لونهم
-الله بقى يا خالتو.
❈-❈-❈
و أخيراً عاد الطبيب الي منزله، لكن ما ادهشه وربط الخـ.ـو.ف في قلبه.
انه لم يجد احد بالداخل، أين ذهب الجميع، هل حدث شئ لها، و لم يخبره احد!
وعندها انخلع قلبه من بين ضلوعه، و صعد الدرج سريعاً، يفتح أبواب الغرف.
يفتش عنها بعينه، ولم يجدها ،الي ان فتح باب غرفة والدتها.
و لم يجدها بها، لكنه رأي منامة قطنية و ملابس انثوية داخلية، موضوعه على فراشها.
وبعدها استمع الي خطواتها، لف جسده ليراها…
تدلف للداخل دون أن تشعر به، أثر تلك المنشفة الصغيرة، التي تفرك بها شعرها الطويل المبلل، و تلف جسدها بمنشفة اكبر بالحجم، لكنها تظهر نصف صدرها، وتصل الي فخذيها.
مالك بعنف
-يا نهارك اسود و منيل.
شذي بشهقة، واضعه يدها على صدرها بعفوية، وقد سقطت من علي شعرها المنشفة الصغيرة
-هاااااه ااانت جيت امتى!
اقترب منها سريعاً، امسك ذراعيها بين كفيه، غارزاً اصابعه في لحمهم الأبيض، و بكل غضب صاح فيها.
-هو دا بس اللي يهمك، مايهمكيش منظرك، و انتي خارجه من الحمام من غير لبس و ابويا موجود في البيت.
شذي برجفه واضحة على جسدها، الذي بدئ ينتفض من الخـ.ـو.ف
-لاء مش موجود و الله، مافيش حد هنا خالص.
ليستمعو الي صوت استغفار ابيه، وهو يصعد الدرج.
واذا به يغلق باب الغرفه عليهم، مستنداً عليه بظهره،
ضاممها الي صدره، مغلقاً عليها بيديه، مانعاً شهاقتها قبل أن تخرج من فمها.
عيناها متعلقة بعينه تجذبه في بحرها، و شعرها الطويل المندي بالماء، كرمال الشاطئ يبلل ذراعيه الموصدان على جسدها.
لكم احب هذا اللقاء، و شعر بنشوة غريبه،
أثر التصاق جسديهما ببعض، هي جميله جداً حقاً.
مهلاً هي ايضاَ زوجته، حقه و حلاله شرعاً، فلما العـ.ـذ.اب اذاً
هكذا هداه شيطانه، ليندفع و يضغط على رأسها من الخلف، مقرب وجهها لوجهه.
حتى التصقت شفتيه على شفتيها مانعاً زفيرها من الخروج الا داخل فمه، و باليد الاخري حملها بكل سهوله.
ملفوفة القوام تلك، ذات الجسد المرمري اللين، أشعلت النار في الهشيم، ليتصبب عرقاً و يتجه بها نحو الفراش.
و اذا به يرقدها عليه بكل هدوء، و يبتعد عنها قليلاً ليشلح حلته الصوفيه، و يشرع في حل ازرار قميصه، ليعلن لنفسه انها زوجته شرعاً.
وحينها آفاق أخيراً على صوت بكائها…
نظر اليها!
وجدها تتشبث بالمنشفة على جسدها، و تحاول سحب الغطاء ، لتختبئ من عينه، و هي تبكي بشـ.ـدة، و تنتفض من الخـ.ـو.ف.
ومن الخارج استمع الي ابيه يغلق باب غرفته، ثم ترجل نزولاً للأسفل.
مالك معنفاً لها
-هي دي بقي الطريقة اللي بتوقعي بيها الرجـ.ـاله في حبك مش كده؟
تفاجئت بما تلفظ به، و جحظت عيناها، انه يذمها و يشبهها بالمكرات.
-بتقول ايه، ازاي تقول عليا كده.
-و هي ليها اسم تاني غير ده، واحده عايشه في بيت غريب عليها، فيه اتنين رجـ.ـاله اغراب عنها.
شذي موصدة اذنيها بكفيها أثر صراخه
-حـ.ـر.ام عليك بقى كفايه ظلم ليا، انا كنت بحضر ليك الغدا، عشان ماما و خالتو مش هنا.
و كنت محضره هدومي، عشان بعد ما اخلص اخدهم معايا، عشان خالتو قالتلي ان عمو حسان مش هايجي غير بعد العشا، و انا كنت في البيت لوحدي،
و لما خلصت الاكل، دخلت الحمام و نسيت اطلع اخدهم.
و الله عشان متأكده اني لوحدي اخدت حريتي شويه، ماكنتش اعرف انك رجعت، و لا انه هو كمان هيرجع، لو اعرف ماكنتش خرجت من الحمام اصلاَ.
حتى لو كنت بعتبرك جوزي، مش غريب عني زي ما بتقول، عمري ما كنت هاتصرف بحريتي كده…
-و بصفتي جوزك بقى يا شذي، بقولك انك هتتعـ.ـا.قبي، مش انتي عايزه تبقى على حريتك، انا هاخليكي تاخدي حريتك على الآخر.
يا ترى هيعمل فيكي ايه تاني يا شذى؟
لا تعرف لماذا انقبض قلبها أثر ما تفوه به، ظلت تنظر اليه بريبة، و هو يقف امامها
بقميصه المفتوح،
و عضلات صدره البـ.ـارزه تعلو و تهبط، مع صوت أنفاسه المتسارعه كعاصفة هبت على رأسها هي فقط.
الي ان هتف فيها بوجه متهجم.
-قومي يا هانم البسي، و حضري شنطة هدومك على بال ما اجهز انا كمان قدامك ربع ساعه تكوني جاهزه فيها يلااااا.
شذي بخـ.ـو.ف منه
-هنروح فين؟
مالك بصوت مفزع امر لها
-يلاااا يا شذى و لا تحبي البسك انا.
هذه الكلمة كانت كفيلة بأن تحركها من الفراش.
انتزعت الغطاء من عليها، هبت واقفة امامه مرة ثانية.
تتشبث بتلك المنشفه بخجل من عينه، التي تفترس جسدها بل و تكاد تكظم انه يرى الجزء المغطي منها، ويخترق جسدها
بالكامل.
شذي بعين منكـ.ـسرة، و رأس منحني مكتفية بكلمة واحدة.
-اخرج
مالك بجمود و هو يتمسك بملابسها الداخلية في يده
-لاء البسي قدامي يا شذى
شذي و قد انهارت من البكاء
-عشان خاطري، و النبي اخرج.
مالك و قد رق قلبه سريعاً لها
-فات من الربع ساعه خمس دقايق، فضلك عشر دقايق و تكوني قصاد عيني، تحت بشنطة هدومك
قال كلمته الاخيرة، و هو يضع في يدها ملابسها الداخلية.
و يلمس كتفها العاري بسبابته، ثم اتجه للخارج، و تركها مغلقاً الباب عليها
ليتجه داخل غرفته حتى يبدل ملابسه، و يحضر حقيبته هو الاخر، و لكنه جلس على الفراش يأنب نفسه على ما فعله بها.
مالك لنفسه بغضب
-ايه اللي انت عملته ده، انت فاكر نفسك عيل صغير ، ولا مراهق حـ.ـيو.ان و مش قادر تتحكم في غرازيك و شهواتك.
و بعدين منين بتقولها انك رافضها، و منين عايز تاخد حقك الشرعي منها، فوق لنفسك بقى،
اقبل الوضع اللي انت فيه، اذا كنت فعلاً هتسيبها، يبقى ما تلمسهاش تاني، و تعاملها كأب ليها و بس.
و بعد عشر دقائق كان يجلس بالأسفل، و بجواره حقيبته ينتظرها حتى تترجل اليه،
ويمسك بيده هاتفها الذي وجده على الاريكة الخشبية، يبدو أنها تركته حين ذهبت للأستحمام، ولم تتذكر ان تأخذه معها
وهي صاعده.
الان مل من الانتظار لذلك صاح بصوت جهور، وهو يغلقه ويضعه في جيب بنطاله.
-العشر دقايق فاتو من بدري يا شذييييييي!!
كانت مختبئة بالأعلى، تظن انه مع الانتظار سيتغاضي عن عقـ.ـا.به هذا.
لكنه خذلها، فسحبت حقيبتها خلفها، بقلة حيلة و ترجلت اليه، لكنه فاجئها بصراخه عليها مره اخرى.
-انا مش قولت قبل كده مافيش لبس بناطيل تاني.
شذي و الدmـ.ـو.ع تملئ وجهها
-و انا قولتلك ان ده استايل لبسي، و كل هدومي كده.
مالك رافعاً لها اصبعيه
-و ادي تاني عقـ.ـا.ب، حاضر يا شذى هانم هنغير الاستايل بتاع حضرتك ده.
و اذا به يجذب يد حقيبتها من يدها، و يصـ.ـر.خ فيها….
اتحركي قدامي.
شذي برجاء
-و النبي خليني استنى ماما لما تيجي، عشان اقولها و متاخفش عليا.
مالك ببرود
-انا هقولها انك معايا أظن مافيهاش حاجة إنك تكوني مع جوزك اتحركي بقي.
❈-❈-❈
اول ما جاء في تفكيره، وفعله كان البحث عن محل للملابس النسائية للمحجبات، وقبل ان يتركو الحي اتجه بسيارته نحوه،
تركها وحدها بالسيارة، ودلف لداخله وغاب بعض الوقت…
و بعدها ترجل منه حاملاً بيديه عدد كبير من الحقائب البلاستيكية، فتح باب السيارة الخلفي و وضعهم بها.
ثم عاد الي مقعده، وقاد السياره دون التحدث معها.
جلست بجانبه داخل السيارة ،و صوت بكائها يصل إلى السيارت المجاورة لهم ، لدرجة أنه لفت أنظار من بداخلها،
لذا تهجم وجه أحدهم متطفلاً بالسؤال من داخل سيارته.
-خير يا استاذ في حاجه ولا ايه.
مالك مستغفراً ربه مضطراً للكذب
-عندنا حالة وفاة بس يا حبيبي، والد المدام تعيش انت
-اه البقاء لله يا اخويا، طب اي اوامر.
-تسلم ربنا يخليك السلام عليكم، ليغلق زجاج السيارة عليهم، و هو يلقى عليها نظرة غضب و يأمرها بالصمت.
-عجبك كده! اخرسي بقى الناس فكراني خـ.ـطـ.ـفك، بطلي عـ.ـيا.ط بصوتك العالي ده.
شذي بخـ.ـو.ف منه ،و هي تجفف دmـ.ـو.عها التي لا تجف ابداً بيدها :
-حاضر حاضر ،بس كلم ماما بقي.
مالك بهجوم
-مش هكلم حد انا مش خـ.ـطـ.ـفك يا هانم انتي مراتي، و من حقي اخدك و اروح بيكي اي حته انا عايزها،
ممكن بقى تسكتي، مش عايز اسمع صوتك نهائي.
لقد توقف الطريق في إشارة مرور، و على ما يبدو أنه سيطول الوقت قليلاً ليلتفت الي جانب الطريق، و يرى امامه متجر للمجوهرات.
و هنا تذكر انها لا تحمل خاتم زيجته، اذاً من أين يعلم الناس انها متزوجه، و ليس بيدها خاتم الزوجيه.
ليمسك يدها بهدوء، و يشلح من إحدى اصابعها خاتم ذهبي رقيق، و ينظر إليها بلطف،
ثم ينزلق خارج السيارة مرة اخري، و يغلقها عليها ،و يذهب نحو المتجر دون أن يفهمها شيئاً.
غاب عنها بعض الوقت ،و تركها عيناها معلقة على باب المتجر منتظره عودته، و معالم الدهشه ترتسم على وجهها الحزين.
الي ان عاد إليها، و جلس على مقعده مغلقاً بابه ، ملتفتاً اليها و بيده تلك الحقيبه الصغيره.
اخذ منها علبه صغيره له، ثم ألقاها على قدmها بلا مبالاه.
مالك وهو يرتدي من تلك العلبه خاتم زوجيه رجـ.ـالي فضي (دبله فضه)
-الخاتم القديم بتاعك في الشنطه ،و معاه دبلة وخاتم ليكي البسيهم.
كادت ان تنفجر رأسها من شـ.ـدة الغضب، و اذا بها تلقى بالحقيبة أسفل قدmيها و تصرخ فيه…
-مين قالك اني عايزة منك حاجه، او اني ممكن البس دبلتك، انا مش عايزة منك حاجه.
مالك بصوت مفزع
-انتي قليلة الا….، هاتي الشنطه اللي رمتيها دي، و البسي الدبله عشان الناس تعرف انك مت… متجوزة، مش جايبهم
حباً فيكي ولا تمسكاً بيكي يا سمو الأميرة.
الا تكتفي من الاهانه و التقليل من شأني، امازلت تريد تذكيري، بأني لا اصلح ان اكون زوجه لك، و لما التمسك بي اذاً.
انتفضت و افاقت من تفكيرها حينما صاح بوجهها.
-انتي كمان هاتسرحي شذييييييي…
قولتلك افتحي العلبه والبسي اللي فيها في ايدك الشمال يلااا.
انحنت بجزعها العلوي للأسفل، تمسكت بالحقيبة و فتحت ما بداخلها، وهي تبكي بشـ.ـده.
أي فتاة غيرها حين ترى خاتم الزواج هذا ستفرح، و بشـ.ـدة نظراً لجمال زوقه.
انه خاتم من الذهب الأبيض يعلوه حجر من الألماس، يزغزغ العين أثر كبر حجمه، و معه محبس من نفس النوع، لابد و أنهم باهظان الثمن.
الا ان صوت صراخها وهي تبكي كان يدل على رفضها التام، لذلك قرر هو أن يتولى تلك المهمه بدلاً عنها هو ليمسك يدها بكفه ويلبسها الخواتم رغماً عنها.
-هو انتي مـ.ـا.ت عـ.ـر.فيش تعيطي من غير صوت ابداً.
ليترك يدها بعد ذلك، و يقود السيارة دون أن يلتفت إليها مره اخرى.
❈-❈-❈
عادو الاختان الي المنزل فارحين، بما ابتاعوه من ملابس و أشياء لعروسهم الصغيرة.
الحجه مجيدة بضحك
مش عارفه بقى زوقنا هيعجب شذي في لبس العرايس ولا ايه، حاكم بنات اليومين دول يا اختي بيحبو يمشو على الموضه، حتى في اللبس ده كمان.
ماجدة بتوجس
-هو البيت ساكت كده ليه يا مجيدة، و البت مالهاش حس.
مجيدة و قد بدي عليها القلق :ادخلي شوفيها في المطبخ، و لا يمكن طلعت اوضتها نامت شوية.
جرت ماجدة على غرفة الطهي تبحث عنها بها و هي تناديها دون جدوى، لتخرج سريعاً لأختها و هي تصرخ.
-البت مش موجودة يا مجيدة، حضرت الاكل وخلصته لكن هي مش موجوده.
-يووه انتي هاتقلقيني ليه، يمكن جوزها رجع و طلعو يريحو شوية في اوضتهم.
ماجده بصراخ
-يريحو هما و يقلقو راحتي انا، اوعي يا اختي كده اما اشوف بـ.ـنتي، و اطمن عليها الاول.
يبقى ابنك يرتاح براحته بعد كده، و سريعاً ما صعدت الدرج، و جرت نحو غرفة ابن اختها، تدق بابها ظانه انهم بالداخل، و تناديهم
-مالك يا شذى انتو جوه ، طب لو انتي جوه ردي عليا يا حبيبتي، مـ.ـا.تفتحيش طمنيني عليكي بس
لم تتلقى اي اجابه، لذلك التفتت الي اختها التي صعدت إليها، و هي تلتقط أنفاسها بصعوبه و هتفت….
-ماحدش بيرد عليا يا مجيدة، شكلهم مش جوه.
الحجه مجيدة و هي تقبض بيدها على مقبض الباب
-شكلهم هو انتي لسه هتقولي شكلهم اوعي كده.
واذا بها تفتح الباب على مصرعيه، و تدلف داخل الغرفه الفارغه، الا من ملابس ابنها الملقاه بأهمال، فتمسك قميصه المبلل بيدها و تهتف..
مالك كان هنا و مبدل لبسه، و قميصه مندي اهو قصاد عنيكي.
ماجده بحيره
-اومال راحو فين بس؟
-تعالي نشوفهم في الاوضة التانيه.
اسرعو الخطى نحو الغرفه الاخري، و دقو بابها وايضاً، لم يتلقو اجابه، فتحو الباب عنوه ليجدو الغرفه على حالها.
المناشف المبللة ملقاه ارضاً، الفراش مبعثر بطريقة عشوائية، و هناك أيضاً سترة مالك الصوفية ملقاه بجانبه.
لينظرو الاختان الي بعضهم، و هم يضحكون فرحاً و يتغامزون، لتهتف الحاجه مجيدة، و هي تمسك سترة ابنها بيدها..
-يا الف نهار ابيض، يا فرحة قلبي بيهم.
ماجدة بضحك
-ههههههه شوفي يا اختي العيال، طب اومال سابونا و راحو فين بقى انشاءالله.
جلست الحاجه مجيدة على الفراش، و هي مازلت تضحك و تقبل سترة ابنها و هتفت..
-تلاقيهم اتكسفو يتموها هنا، نقوم نسمعهم و لا حاجه ، استنى اما اتصل عليه من تليفوني، اكيد اخدها و راحو على شقتهم بقي.
اسدلت هاتفها و بحثت فيه عن اسم ابنها، لتتصل عليه و يصدح رنينه الي اذنيها، و تنتظر الرد.
و على الجهه الاخري تفاجئ هو برنين هاتفه، و هو يوقف السيارة، أمام مبنى شاهق الارتفاع علي النيل مباشرة.
و قد رأي اسم والدته، فافتح مجيب الاتصال قبل أن يترجلو خارج السيارة، و هو يشير لها بعلامة الصمت.
-الو السلام عليكم يا أمي.
-و عليك السلام و الرحمه يا قلب امك، انت فين يا عريسنا اخدت عروستك و روحتو علي فين.
مالك متعجباً من فرحة صوتها، و مما تقوله
-اخدت عروستي! و روحنا على شقتي يا أمي، عشان افرجها عليها، احنا لسه واصلين اصلاً.
اتاه صوت خالته الفرحة أيضاً من بعيد -شذي كويسة يا مالك، والنبي خلي بالك منها وخدها براحه يا حبيبي، و طمني عليها.
ضم حاجبيه ناظراً اليها بغرابه
-هي كويسة جداً ما تلقيقش عليها، ثم انزلق خارج السيارة ليفهم معنى حديثهم هذا، بعيداً عن صغيرته التي مازلت وجهها حزين، مغلقاً باب السيارة حتى لا تسمعه.
هو في ايه يا أمي، أنا ليه حاسس في نبرة صوتكم كده بحاجه غريبة انا مش فاهمها.
مجيدة بصوت فارح وهادئ في نفس الوقت
– يا واد يا دكتور هاتعملهم عليا انا، ما احنا شوفنا هدومك الي مرمية في كل حته، والفوط المبلوله، والسرير المتبهدل، وخلاص بقى الف مبروك يا عين امك.
كاد ان يقطع شفتيه السفلي أثر ضغط أسنانه عليها، لكن على كل حال هذا في صالحه، لعلهم يهدؤ ويتركوهم لحالهم فترة، دون سؤال ليستمع الي تكملة حديث والدته…
-بقولك يا عريس، قول لشذي مـ.ـا.تتعبش نفسها خالص، وخليها مرتاحه يا حبيبي، ومـ.ـا.تشلوش هم الاكل انا و خالتك هانجيب ليكم بكره اكل يكفيكم لحد يوم الخميس، بس لازم ترجعو بقى يوم الخميس، عشان فرحكم ماشي يا مالك.
مالك سريعاً
-لالالاء بلاش تتعبو نفسكم، ممكن ماحدش فيكم يجي، لحد ما نرجع احنا الاتنين، يا ريت تسيبونا لوحدنا اليومين دول يا أمي لو سمحتي.
ماجدة ممسكة منها الهاتف
-ماشي كلامك يا مالك، بس ممكن تديني شذي اكلمها، واطمن عليها.
مالك وهو يفتح باب السيارة، ويجلس بجانبها
-انتي مش مصدقاني يا ماجده ولا ايه، ولا تكوني مش مطمنه على بـ.ـنتك معايا، ثم فتح مكبر الصوت ليحثها على التحدث مع والدتها.
-انا لو هخاف على بـ.ـنتي من العالم كله، هاطمن عليها معاك انت يا دكتور.
كلمـ.ـا.ت والدتها كانت كفيله بأن ترجعها عن خـ.ـو.فها منه، لتجيب عليها وهي تنظر في عينه بصوت متحشرج من أثر البكاء.
-ماااما
ماجدة بلهفه
-حبيبة قلب ماما، انتي كويسة يا شذي
-ايوه يا ماما انا كويسة مـ.ـا.تخفيش عليا.
-طب تليفونك مقفول ليه، اابقي اشحنيه وخلي بالك من نفسك، و خلي بالك من جوزك و اسمعي كلامه.
شذي بدmـ.ـو.ع وهي منحنية الرأس
-حاضر يا ماما
سريعاً ما سحب الهاتف و أغلق المكبر، حتى لا تستمع والدتها الي صوت شهقاتها،
تركها وحدها هذه المره، و هو يشير بيده الي احد حراس العقار الآمنين..
مالك منهياً الحديث معهم
-اطمنتي بنفسك على بـ.ـنتك يا ستي، صدقتي اني لسه مأكلتهاش.
– ربنا يطمن قلبك يا غالي، ويريح بالك يارب.
مالك وهو يفتح للحارس حقيبة السيارة
-طب سلام بقى، عشان انتو اخدتو من وقتنا كتير اوي.
و على فكره انا مش عايز ازعاج خالص اليومين اللي قاعدينهم هنا، يلا سلام بقى يا ماجده انتي و مجيدة.
ماجده ومجيدة معاً بفرحه :
-مع الف سلامه يا حبايبي.
وأخيراً ما أغلق الهاتف، و تنفس الصعداء وهو يعطي الحارس الحقائب، و يشير لأخر بأن يأتي اليه.
اخذ الحارس الحقائب واتجه بهم داخل المبنى، وفتح هو بابها، و انحني بجزعه نحو الصندوق الأمامي المقابل لها، ثم فتحه وجلب منه دفتر ورقي وقلم، و استدار اليها و هو يعتدل و همس لها.
-يلا انزلي عشان نطلع بيتك يا عروسه..
وقف يدون بعض الطلبات، وتركها جاحظة العينين تحاول أن تستوعب ما قاله لها.
-خد يا بني الورقة دي، و هاتلي كل الطلبات اللي فيها، من السوبر ماركت.
اطاعه الحارس، و اخذ تلك الورقة و ذهب.
و حينها شعرت بقبضة من حديد، تضغط علي كفها الصغير، و تجذبها للخارج.
-يلا قولتلك انزلي، و لا ناوية تباتي في العربية.
شعرت برجفة تسري في جسدها، و هي تقف بجانبه.
حتى اغلق السيارة، و سحبها خلفه بخطي سريعة، لداخل البرج السكني.
تكاد ان تتعركل قدmيها، و هي تحاول أن تلحق بخطاه.
شذي بهمس
-بلاش يا ابيه، انا مش عايزة اقعد هنا.
مالك و هو يزجها داخل المصعد بجمود :
-من اللحظه دي مافيش حاجه هاتمشي بمزاجك يا شذى، خلاص اللي انا هاعوزه هنا هو اللي هيحصل، وانتي مش مطلوب منك غير الطاعه.
ادخليييي….
❈-❈-❈
كانت عيناها معلقة بالشاشة الرقمية الماكنه في أعلى المصعد، تعد الأرقام التي تنير بها.
كلما توقف المصعد في دور من الأدوار، عيانها تنهمر بسيل الدmـ.ـو.ع بغزارة، صوت انينها يقوي و يعلو
كلما زاد عدد الارتفاع، شعرت بالابتعاد عن الارض بمسافة كبيرة.
ليصيح بها بعين كالجمر.
-كفاية بقى صوتك العالي ده، عايزه تعيطي عيطي براحتك بس مش لازم تصرخي كده.
شذي بصراخ باكي
-انا بخاف من الأدوار العالية، و مش حابه اقعد هنا، لو سمحت رجعني بقى وكفاية لحد كده.
توقف المصعد في الدور الخامس عشر، انفتح بابه أخيراً ليفعل كالسابق، و يجذبها خارجه بقوه مثلما ادخلها، وهو يسحبها خلفه مثل الشاه.
مالك معنفاً اياها
-خلاص يا شذي، لقد سبق السيف العزل.
توقف عند باب معين، فتح بابه بمفتاحه الخاص، و اذا به يدفعها بداخله برعونه، و ينفض يدها من يده بقوه.
حمل هو الحقائب المتروكه بالخارج، دلف مغلقاً الباب من خلفه متجهاً للداخل، متخطيها بلا مبالاه و هو يستهزء بها، و يلقي عليها بعض الكلمـ.ـا.ت اللازعة.
-يلا اتفضلي قومي مش عايزة تاخدي حريتك، اظن مافيش مكان احسن من كده تاخدي حريتك فيه!
يلا مستنية ايه، قدامك شقة طويله عريضه مساحتها ١٥٠ متر، اتفضلي اقلعي لبسك كله
لو عايزة تقعدي من غير الفوطه كمان اقعدي، خدي حريتك على الآخر، علي الاقل هنا مافيش حد غريب عنك ممكن يشوفك،
حتى جوزك اللي هو انا، مش هاكون معاكي هانزل و اسيبك تاخدي حريتك اللي انتي عايزاها يا شذى….
-انت مش جوزي!! ولا يمكن اقعد معاك أو في بيتك ده، زي ما انت مش عاوزني انا كمان مش عايزاك.
صرخت بها شذي، وقفت من علي آلأرض و اسرعت الخطى بصراخ مستمر، لا ينقطع و اتجهت نحو الباب.
-انا مش هفضل هنا ثانية واحدة، انا مش مجبرة اني اسمع كلام واحد مش معترف اني مـ.ـر.اته اصلاً،
غير في الاوامر اللي كل شوية يأمرني بيها، انا هامشي من هنا يعني هامشي.
و لكنها توقفت أمام هذا الباب المصفح المزود بقاعدة الكترونية ذات ازرار عديدة، تقبض بيدها الصغيرة على مقبضه، و لكنه لا ينفتح.
و فجأه شعرت بأن قدmيها لا تلمس الأرض، و يديه مكبلاها بالكامل.
يحملها بين يديه، و يتجه به نحو الداخل بأتجاه الغرف.
لتعاود الصراخ مره اخرى.
-ابعد ايدك دي عني، انت موديني على فين؟
-على أوضة النوم يا شذى، عشان اعترفلك انك مراتي، بكل الطرق اللي انتي عايزاها، و اللي مش عايزاها كمان…
انا هاعرفك ازاي تفكري في الكلام بعقلك ده قبل ما تخرجيه على لسانك بعد كده،
واذا به يدفعها على الفراش بكل قوته.
وابقي عيطي بقى، اترعشى، خافي براحتك على الاخر هنا
انا مش هخاف واحن عليكي زي كل مرة، و لا حد ممكن يلحقك من ايدي.
شذي وقد قفذت سريعاً من علي الفراش، وجرت الي ركن بعيد في آخر الغرفه.
-حنية اي اللي بتتكلم عنها دي، انا ماشوفتش منك غير القسوة من يوم ما عرفتك، حتى لما بتعمل ليا حاجه!
بفرح من جويا انك افتكرتني لكن برضو، بتكون مغلفه بالقسوه و باين فيها الكره،
انت بتكرهني وانا عارفه انك بتكرهني، ومش مصدومه من ده، و انا يعني كان امتى حد حبني.
بس سيبني في حالي بقى، و مـ.ـا.تزودش قسوتك عليا اكتر من كده، مشيني من هنا و رجعني عند امي، و صدقني مش هتكلم معاك، و لا هتحس بيا من أصله.
مالك بجمود
-مين قالك اني بكرهك؟
انا لا بكرهك و لا بحبك.
و موضوع انك تتكلمي و تتعاملي معايا ده، مش بمزاجك انتي مراتي غـ.ـصـ.ـب عنك، لما اكلمك ترضى عليا.
ثم حتة راضي بجوازنا او لاء دي مش بتاعتك انتي خالص.
شذي بصراخ، و قد تلفظت بما لا يحمد عقباه.
-انت معقد يا ابيه!.
ايوه انت معقد و بطلع عقدك عليا، انا مش عايزة اقعد هنا،
الشقة دي لا يمكن تكون شقتي، دي شقه انت كنت جايبها لغيري، و غيري دي سابتك و راحت اتجوزت غيرك.
مشيني من هنا بقولك…
و أخيراً صمت صراخها و صمت الكون كله من حولهم، حين غافلها بصفعه مدوية،
من كفه الذي هوي على وجنتها بكل قوته، لتسقط علي آلأرض فاقدة للوعي.
تركها بالغرفه وحدها ليسرع في خطاه للخارج.
جلس وحده على الاريكة الموضعه في ساحة
الاستقبال الواسعه، بوجه محتقن من أثر الدmاء النافرة في عروقه.
يفكر من أين علمت بكل هذا الحديث، لابد أن والدته هي التي حكت لها.
ما الذي اتي بهذه الذكري المؤلمة الوحيدة بالنسبة له، على زهن والدته.
حتى تضعف كفته امامها بهذه الصوره، على كلٍ سيكون له معها حديث طويل، حتى يعرف لماذا تحكي سره القديم، للفتاة الوحيدة التي أصرت هي بنفسها ان تزوجها له.
آفاق من شروده هذا على صوت رنين الانتركام الخاص بالباب، ليرفع سماعته و يتحدث بكلمه واحده.
-مين.
اتاه من الخارج صوت الحارس الأمني.
-الطلبات اللي حضرتك طلبتها وصلت يا دكتور.
فتح الباب، و اخذ من يده الحقائب، و املي عليه اوامره.
-انا نازل دلوقتي، و رايح المستشفى مش عايز اي ازعاج للهانم، و لا اي حد يجي ناحية الباب ده.
الحارس بطاعة
-تحت امر حضرتك طبعاً عن اذن حضرتك يا فنـ.ـد.م.
مالك وهو يعطيه بعض النقود
-اتفضل انت، و متشكر اوي.
وبعد أن رحل الحارس، وضع الحقائب على طاولة الطعام، و اخرج هاتفها من جيب بنطاله، و وضعه بجانبهم.
ثم اتجه الي حيث وضع هاتفه و اشيائه، و اخذهم و بلمح البصر كان خارج الشقة مغلقاً الباب خلفه، و موصده بمفتاحه الخاص.
❈-❈-❈
افاقت من اغمائتها وحدها لتشعر بألم يسري في عظامها، و رأسها كونها ارتطمت بالأرض بقوه.
اعتدلت من رقدتها وفتحت عيناها برويه لتجد نفسها تجلس وسط ظلام حالك، فاتوجست الخيفة و الحذر، وقفت معتدله بخطوات بطيئة غير منظمه، تبحث عن المكبس الخاص بمصباح النور، و هي تنادي عليه.
شذي لنفسها
-لأ مش ممكن يكون عملها وسابني لوحدي هنا، ابيه مالك يا ابيه مالك.
انت روحت فين وسبتني، اوعي تكون عملتها والنبي يا ماااااااااالك….
لكن لا يوجد مجيب عليها، و لا تلقى رد.
جرت خارج الغرفه سريعاً، تتخبط في الظلام الي ان رأت ضوء القمر يأتي من زجاج الشرفة الرئيسية، فجرت نحو الضوء تبحث عنه، و هي تصرخ بأسمه.
وحين وقفت بجانب الباب الرئيسي، حاولت فتحه دون فائده لقد اوصده عليها.
بحثت عن أي شئ تحاول الاتصال به عليه، فوجدت الهاتف الأرضي، موضوع على طاولة صغيره، فأمسكته بيدها سريعاً.
لتدق على أرقامه، لكن مهلاً هي لا تحفظ رقمه، ولا حتى رقم منزل خالتها، و لا رقم هاتف والدتها،
فألقته بيأس، جلست على الاريكة خائفه، الي ان استمعت الي صوت خرفشة الحقائب البلاستيكية، عنـ.ـد.ما داعبها الهواء، اخافها صوتها، وقفت حتى تزيحهم من مكانهم،
و تضعهم في مكان آخر بعيداً عنها، و عنـ.ـد.ما حملتهم، رأت هاتفها موجود على الطاوله بجانبهم، علمت انه كان بحوزته طيلة هذا الوقت.
ألقت ما بيدها، و امسكت هاتفها الذي وجدته مغلق بفعل فاعل معلوم لها طبعاً، تأففت بغضب ضاغطه على زر تشغيله، وهي تعض على اصابعها بخَوف.
َحين انار جلست على مقعد الطاوله، تبحث عن الاسم الوحيد المسجل عليه، ضغطت على الاتصال به هامسه بترجي.
-يا رب ترد يا مالك، والنبي ترد و مـ.ـا.تسبنيش لوحدي.
عاودت الاتصال به مرات عديدة دون أن يجيبها، كلما اقبل عليها الليل، زاد معه الظلام بداخل الشقة.
هي حقاً مرتعبة، بدء جسدها ينتفض من الخـ.ـو.ف تارة، و من البرد تاره أخرى، و ذلك لأنها فتحت باب الشرفه الرئيسية، و جلست بها حتى تستأنس بنور القمر.
ليس بيدها حيلة الان، الا ان تبعث له بعض الرسائل عبر السوشال ميديا، و كانت بداية رسائله،
رسالة اعتذار عما تفوهت به.
-انا اسفه حقك عليا، عارفة اني ماكنش ينفع اقول حاجه زي دي، او اتدخل في حاجه مـ.ـا.تخصنيش من أصله، بس و حياة خالتو عندك، ترجع انا بجد هامـ.ـو.ت من الخـ.ـو.ف.
الرسالة الثانية.
-مالك عشان خاطري والنبي تيجي بقى، النور مقطوع و انا مرعوبه، و بردانه من قعدتي في البلكونه، تعالي بقى انا خايفة يا مالك.
الرسالة الثالثة وكانت رسالة يأس.
طب لو قربك مني و انك تاخد حقك هيرضيك تعالي، انا مش هامنعك، و لا هخاف منك تاني، بس ارجع بقى انا تعبانه و شكلي اخدت برد، بطني عماله تو.جـ.ـعني، تعالي بقى و لا حتى رد عليا يا مالك…
الرسالة الاخيرة
-الحقني يا مالك انا النـ.ـز.يف رجعلي تاني، انا حاسه ان روحي بتتسحب مني، رد عليا بقى….
بعثت اخر رساله و هي تعلم انه لم يرى اياً منهم، و لسوء حظها قد فرغ شحن هاتفها و انغلق.
في هذا البرد القارص، بدئت شذي تتعرق و ينتفض جسدها، أثر تلك الحمى التي تملكت منها.
و ما زاد من سوء حالتها، غزارة الدmاء التي بدئت تبلل ملابسها، و تلك الاريكة الصغيره التي تتكور عليها.
❈-❈-❈
قضى ليلته بالكامل داخل غرفة العمليات، شغل نفسه بمداوة قلوب مرضاه، و ترك جـ.ـر.ح قلبه هو ينزف، أثر تلك الذكري المؤلمة، التي زكرته بها فتاته الصغيرة العنيدة.
فتاته الجميلة، لا يعرف اذا كان انجذب إليها حقاً و يريدها له،
ام هو فعلاً كما قالت عليه، فقط يريد الانتقام لنفسه و لرجولته من حبيبته الأولى، متخيلها في اي أنثى.
-اللي واخد عقلك يا دوك.
قالها الطبيب الشاب حسام صديقه الوحيد.
مالك و هو جالس على مقعده خلف مكتب مدير المستشفى
-عادي يعني انا قولت اريح شويه بس، قبل ما ادخل العمليات تاني.
حسام متفاجئاً من رده
-تدخل تاني انت لسه مـ.ـا.تهدتش يا مالك، عملت تلات عمليات قلب مفتوح و لسه عايز تدخل تاني، انا قولت هاخرج القيك روحت، و لا حتى نايم.
-قول اعوذ برب الفلق يا اخي، امسك الخشب انا كده مش هالحق اروح اصلاً.
حسام بريبة في أمره
-مالك انت فيك حاجه مش طبيعية، من ساعة ما جيت امبـ.ـارح.
و انت قافل تليفونك، و مش راحم نفسك في الشغل، ما تقول فيك ايه يا بني، و تريحني.
مالك و لأول مرة يشعر بأنه لا يريد أن يبوح لصديقه، او يتحدث معه عن شئ خاص جداً بالنسبة له
-مافيش يا حسام انا بس كنت حاسس اني مقصر في شغلي، عشان كده حبيت اهتم شويه.
مـ.ـا.تنساش ان المؤتمر قرب، و مش هبقي موجود فتره كبيره.
-تمام قافل تليفونك ليه بقى.
-عادي يا بني كنت هافتحه، ولا هاخده معايا ليه و انا داخل العمليات.
-الله مش يمكن العروسه تكون عايزة تكلمك، او تبعت ليك حاجه حلوه على الواتس مثلاً.
-لاء اطمن يا اخويا احنا لسه مأخدناش على بعض للدرجه دي، و ادي يا سيدي التليفون اهو اتفتح، عشان اثبتلك ان مافيش حاجه من دي اصلاً.
بمجرد ان انار هاتفه لم يخمد رانين الرسائل واشعارات المكالمـ.ـا.ت التي اتته.
لتتملك من صديقه نوبه من الضحك، وهو يشير عليه بأصبعه
مالك بغضب :
-خمسة وتلاتين مكالمة تليفون يا جبـ.ـارة، و ايه كمية الرسايل دي، فتحها قاصداً قرائتها بلا مبالاه.
و لكن مع قرائتها، بدئت ملامح وجهه تتغير من الجمود الي الخـ.ـو.ف، في غضون لحظات كان يقف و يتجه الي المرحاض الخاص بمكتبه، قاصداً تبديل ملابسه و في ظرف ثواني كان بالخارج.
حسام مندهشاً من تحوله هذا
-الله انت مش قولت انك هتدخل العمليات تاني، هاتمشي و لا ايه
مالك و هو يأخذ هاتفه، و مفتاح سيارته و يرحل سريعاً
-مش هاقدر اعمل العملية دي ادخل انت بدالي، شذي تعبانه و لازم اروح دلوقتي.
-نأجلها و اجي معاك.
-لاء هاخد رانيا، هي هاتنفعني عنك دلوقتي، كلمها وخليها تحصلني على الجراچ، سلام بقى.
-سلام ربنا معاك، ابقى طمني طيب.
❈-❈-❈
كانت تجلس بجانبه داخل السيارة منفزعه من سرعته الفائقه، تكاد تكزم بأنه سيرتطم بأحدي السيارات بين اللحظه و الأخرى.
رانيا بخـ.ـو.ف و حيرة في نفس الوقت
نالله احنا مش رايحين الحسين، اي اللي طلعك على الكورنيش.
مالك متحفزاً، وهو يعاود الاتصال بها
-عشان احنا نقلنا في شقتي امبـ.ـارح.
-طب ما تهدي السرعه، و تسيب الموبايل من ايدك يا عم، كده مش هنلحق نوصل.
مالك بخـ.ـو.ف واضح عليه
-انا عايز الحقها هي، يا ريتني ما نقلتها، و سبتها لوحدها و نزلت، ازاي قدرت اعمل فيها كده.
-عملت ايه يا مالك، هو النـ.ـز.يف ده من ايه بالظبط اوعي تكون…
مالك معنفاً اياها، نافياً ما تظنه به
-اخرسي يا رانيا، لاء طبعاً اللي في دmاغك ده ماحصلش.
ليتوقف بالسياره أخيراً، و يجرو داخل البرج السكني سريعاً، ليصعد إليها راجياً من الله بألا يكون قد أصابها مكروه.
❈-❈-❈
فتح الباب على مصرعيه، و دلف اليها كاطفل مرتعب يبحث عن امه.
مالك بصوتٍ جهور
-شذييييييي انتي فين، ردي عليا شذي….
بالطبع قادته قدmاه الي مكانها، حيث انها اعلمته في رسائلها انها مقيمة بالشرفه.
وأخيراً ما وجدها، و بقلب مفطور عليها، حمل جسدها المتشنج و الغارق في الدmاء، بين يديه ودلف بها للداخل.
لتصرخ رانيا من هول ما رائت
-يا خبر اسود، دي بتنزف جـ.ـا.مد يا مالك.
مالك بجديه وهو يتجه بها نحو المرحاض
-حرارتها عاليا جداً يا رانيا، شنطة هدومها جوه في اوضة النوم افتحيها،
و حضرليلي منها لبس نضيف، لحد ما احاول انزل الحراره دي بالمايه البـ.ـارده شويه، و اغسلها جـ.ـسمها من الدm ده.
رانيا بدون تردد
-حاضر حاضر
شلح مالك عنها ملابسها، وفتح المياه عليهم هم الاثنان، أحتضنها بيد و غسل جسدها بيده الاخري
-انا اسف غـ.ـصـ.ـب عني هاعمل كده، انتي لو فايقه دلوقتي، كان زمانك لمـ.ـيـ.ـتي عليا العماره كلها…
شذي وهي تهذي دون وعي
-انا بحبك اوي يا ابيه.
فتحت عيناها لتغرقه، مثل كل مره في بحرها.
مالك مسحور بها و بكلمتها
-قولتي ايه يا شذى قوليها تاني.
شذي بدون وعي
-اوعي تسيبني تاني، انا انا…
مالك بجنون يريد أن تقولها
-قوليها يا شذى، انتي ايه قوليها يا حبيبتي.
لقد غشي عليها مره ثانيه، وتجهم وجهه أثر كلامها، اغلق صنبور المياه، سحب مأزر الاستحمام الخاص به ، والبسه لها مغلقه عليها بأحكام، ليحملها و يخرج بها متجه إلى غرفة النوم.
وجد رانيا تنتظره بها.
-سيبها يا مالك وغير هدومك انت، وانا هلبسها.
مالك بجمود
-لاء معلش انا هلبسها، و اغير هدومي شوفي انتي العلاج اللي هتحتاجه، عشان يوقف النـ.ـز.يف ده، و انا هانزل اجيبه ليها، هو و الحاجات اللي لازمها كلها.
و ابقي خليكي انتي معاها، مش عايزك تبلغي امي بحاجه يا رانيا.
اندهشت رانيا من تقلبه هذا، ضمت حاجبيها معبره عن عدm فهمها.
أهذا الذي كان منذ قليل متلهفاً لرؤيتها، الان يتحدث بهذا البرود.
أهذا الذي كان يدعو الله بألا يصيبها مكروه.
حقاً ان الرجل متقلب المزاج، مثله مثل ثمرة الطماطم يوم بالطالع و يوم بالنازل.
فتحت عيناها، شعرت بألم مبرح يسري بين كل ثنايا جسدها، العرق يمطر وجهها.
مهلاً هذا ليس بعرق! انها مياه مثلجة، تقطر من تلك المنشفة الصغيرة الموضوعه على جبهتها.
و قبل ان تفتح عيناها استمعت الي صوته القوي، يأتي الي اذنيها من اعلى رأسها، ليقابله صوت انثوي ملتصق بها مباشرةً.
مالك و هو يرشق سن الحقنه في زجاجة المحلول
-كان المفروض تكون فاقت دلوقتي، مش راضية تفوق ليه.
رانيا و هي تبدل المنشفة المبللة
-اصبر شوية يا مالك، اهي الحمد لله حرارتها نزلت، والعلاج بدء يعمل مفعول في جـ.ـسمها.
مالك و هو يتحسس جبهتها
-المهم النـ.ـز.يف ده يقف بقى،
حين شعرت بأقترابه فرت دmعه من إحدى عيناها على وجنتها، و فتحتها ببطئ.
ليجففها لها بأبهامه سريعاً، و هو يجسو بجانب وجهها، قبل أن تلاحظها صديقته.
مالك بهدوء
-شذي انتي سمعاني، خلاص فوقتي، مـ.ـا.تخفيش انتي بقيتي كويسة.
قابلت هدوئه و لمسة أصبعه بسيل وفير يفيض من بحرها.
شذي و هي تهز رأسها بالنفي
-لأ انا مش كويسة، و انت السبب.
سيبتني لوحدي ليه، ازاي جالك قلب تقعدني في الضلمة طول الليل كده!!
مالك و هو يبرر موقفه، لكن تحول هدوءه الي جمود
-اكيد ماكنتش اقصد حاجه زي دي، انا نسيت اصلاً ارفع مفاتيح الكهربا.
شذي ببكاء حار
-انا اتصلت بيك كتير، و بعت ليك رسايل، و اعتذرتلك، و انت حتى مافكرتش ترد عليا مره واحده، و لا تقرأ راسايلي ليك.
مالك بهجوم، و صوت مرتفع
-انا من ساعة ما وصلت المستشفى امبـ.ـارح، و انا قافل موبايلي لاني انشغلت في كذا عمليه، و انتي عارفه انا سيبتك و نزلت ليه.
تدخلت رانيا بالحديث المحتد بينهم محاولة تهدئتهم، و هي تساعدها على الاعتدال حتى تجلس قليلاً.
-استهدو بالله يا جماعه، و الله دي بينها عين و صابتكم، انتو اكيد اتحسدتو.
انزلق الغطاء من عليها قليلاً، و التفتت الي رانيا، ثم نظرت امامها بعين دامعه، وشهقات عاليه كعادتها، لترى نفسها في مرأة السراحه كبيرة الحجم.
لتتفاجئ بأنها قد بدلت ملابسها، الي منامه شتوية ثقيلة، و شعرها ملموم بأكمله كذيل حصان عربي جميل و كثيف جداً.
استدارت بوجهها لرنيا بخجل، متمنيه الا يكون هو من فعلها
-مين اللي بدلي هدومي.
رانيا واضعه كفها بحنان على وجنتها
-مـ.ـا.تكسفيش اوي كده، انا ماشوفتش حاجه دا جوزك هو اللي بدلها ليكي، و سرحلك شعرك كمان.
و دلوقتي بقى لازم تاكلي، انا عملتلك شوية شوربة خضار، و فرخه مسلوقه، هاروح اجبلك الاكل و اجي علطول، ثم ذهبت و تركتهم وحدهم.
احنت رأسها بخجل، و ازدادت دmـ.ـو.عها، تحاول الا تتواجه معه.
ابتسم هو من داخله على خجلها، و جلس مقابلها، محاولاً إشعال نيران الغـ.ـيظ منه بداخلها.
-علي فكره انتي ماكنتيش في وضع يخليني اركز في حاجه، انا لو كنت مركز كان الحمام اللي اخذناه مع بعض ده اتحول لحاجه تانيه خالص.
شذي بخجل عارم، و قد احمرت وجنتيها
-اخرج بره، انا مش مسامحاك على اللي عملته ده.
مالك رافعاً حاجبه الأيمن، مقرباً فمه من اذنيها
-و لا انا كمان مسامحك.
بس قوليلي هاتتعبي تاني امتى، عشان اقلعك لبسك و اخدك في حـ.ـضـ.ـني، و ناخد شاور سوي تحت المايه، من غير فوطه تخبي بيها حاجه عن عيني.
و بعدها البسك تاني، و كأنك بـ.ـنتي، مش مراتي يا شذي
شذي و قد ذادت حمرة وجهها، من أثر كلمـ.ـا.ته محاولة الإبتعاد عنه، لا تعلم اذا كان هذا خجل ام خـ.ـو.ف.
-اخرج لو سمحت، ابعد عني و اخرج.
اندهش من ردها هذا، و ابتعد عنها واقفاً، و اومئ برأسه.
و كأنه يؤكد داخله شيئاً، ثم اتجه سريعاً تاركها وحدها بالغرفة.
و عند خروجه في الرواق، تقابل مع صديقته
بوجه محتد.
-الله مالك خارج وشك مقلوب كده.
سايب مراتك تعبانه، ورايح على فين؟
مالك وهو يتركها و يرحل
-هاصلي الظهر عندك مانع انتي كمان.
رانيا برعـ.ـب منه
-لالالاء ابداً اتفضل حضرتك، حرماً مقدmاً
لتتجه الي داخل الغرفه، وتجلس بجانب تلك الباكيه، تحاول أن تطعمها بيدها.
-يلا يا حبيبتي لازم تاكلي، عشان تعوضي الدm اللي نزفتيه ده.
شذي بنحيب
-لاء مش عايزة، مش عايزة حاجه ابداً.
-شذي مش شايفة انك مصعبه الأمور عليكي، و عليه اوي.
-هو يعني يأما يمشي الي في دmاغه، يأما ابقى بصعب الأمور.
رانيا مؤكدة
-اه طبعاً دا الطبيعي، الرجـ.ـا.لة كلهم كده.
-يا سلام، و انا ايش عرفني بقى، اني لما اتصرف علي طبيعتي، و اخد حريتي شويه ابقى بالطريقة دي بضايق الدكتور،
و أقل مزاجه لاء وكمان استحق العقـ.ـا.ب، يجبني هنا عشان يحبسني لوحدي، و يسيبني طول الليل في الضلمه.
و جاي بكل هدوء يقولي اصلي نسيت ارفع مفاتيح الكهربا.
رانيا بخـ.ـو.ف من ان يكون استمع الي صوتها العالي، مغلقه الباب عليهم
-ششششش وطي صوتك شويه احسن يسمعنا.
بصي انا مش عايزه اعرف ايه اللي حصل، ما بينكم بس كل اللي هقولهولك.
ليه تاخدي الأمور كده، حتى لو هو فعلاً جابك هنا، عشان يعـ.ـا.قبك زي ما بيقول،
انتهزى انتي الفرصه يا عبـ.ـيـ.ـطه، و خليه احلى عقـ.ـا.ب، لتغمز لها بعيناها اليسرى، و تبتسم.
شذي بحـ.ـز.ن
-هو مش متقبلني يا رانيا.
لم تتمالك رانيا نفسها من الضحك
-مين ده مالك!
اصلك ماشيفتهوش كان بيسوق زي المـ.ـجـ.ـنو.ن ازاي؟ من كتر خـ.ـو.فه عليكي، ده بمجرد ما فتح الرسايل بتاعتك، ماصبرش ثانية واحده.
يا بـ.ـنتي دا كان غيران عليكي مني، مارديش يخليني ادخل معاكي الحمام، و لا حتى اساعده في تغير لبسك.
شذي بغـ.ـيظ منه
-طبعاً مش عشان يستغل الفرصه، قليل…ده…
رانيا بضحك
-و ماله يا بـ.ـنتي مش جوزك، سبيه يستغل براحته، بطلي انتي بس حكاية النـ.ـز.يف النفسي دي، عشان هو يعرف يستغل هههههه.
يلا انا هامشي بقى، عشان ده ميعاد خروج الولاد من المدرسه.
سلام يا حبيبتي، اشوفك يوم الخميس في الحسين بقى.
– رانيا من فضلك بلاش تقولي حاجه لخالتو.
-هو انتي اي حكايتك، انتي و جوزك حد قالكم عليا فتانه.
اومئت شذي برأسها لها، توافقها الكلام ليضحكو سوياً، قبل أن تتركها و ترحل.
❈-❈-❈
الساعة الان الثالثة عصراً، كانت شبه غافيه تتوسط الفراش، لتشعر به و تفتح عيناها لتراه، يجلس بجانبها، يتأكد من تلك الكالونه المغروزه في وريدها، و يعطيها بها بعض الدواء.
شذي وقد المها الدواء : كفايه بقى، شيل الحقنه دي ايدي و.جـ.ـعتني.
مالك بأرهاق
-خليها لحد ما تخلصي الحقن، ولا عايزه تحسي بشكتها كل شويه.
شذي وقد شعرت به
-مالك هو انت تعبان، اوعي تكون اتعديت مني.
مالك وهو يميل رأسه على الوساده، يتمدد بجانبها
-لاء مـ.ـا.تخفيش انا عملت حسابي و اخدت علاج، بس انا مانمتش من امبـ.ـارح، وهامـ.ـو.ت و انام ساعه.
-طب هو انت اكلت اصلاً حاجه، و لا هتنام من غير اكل.
مالك بنوم
-اما اصحى ابقى ااكل، يلا نامي انتي كمان عشان ترتاحي.
شذي مندهشة من تمدده بجانبها
-انت هتنام هنا؟
مالك وقد جن جنونه منها وعلا صوته
-اومال هنام في الشارع، بره الجو برد، و مافيش غير السرير ده في الشقه كلها.
اكيد يعني مش هنام على الأرض، و انا تعبان ممكن تناميييي بقى.
شذي وهي تبتعد عنه، معطياه ظهرها بخـ.ـو.ف
-حاضر، و انا قولت حاجه.
❈-❈-❈
اما في حي الحسين، كانو الزوجين يجلسون و كل منهم تبدو على ملامح وجهه كم هائل من من الاسئله، لتبدء الزوجه والسيده الأولى في هذا المنزل بسؤالها، لكن بطريقة محتدة.
-شيفاك حالك متغير يا شيخ حسان، مالك يا اخويا، من ساعة ما عرفت ان الواد اخد عروسته وراح شقته، و انت مش طايق نفسك، و لا طايقنا ليه؟
الشيخ حسان ساخراً
-عروسته ! جري ايه يا حجه، انتي هاتكذبي الكذبه و تصدقيها كمان، مانتي اللي خططتي لكل حاجه، عشان الجواز دي تحصل،
و مش بعيد تكوني متفقة مع اختك و بـ.ـنتها، لأجل ما تدبسو ابني فيها.
لتستفهم الحجه مجيدة بمكرها الداهي
-غريبة يعني أنك جاي تقول الكلام ده دلوقتي، مانت كنت راضي، و قعدت مع ابنك، و هو بيكتب الكتاب، غيرت رأيك ليه يا شيخنا.
الشيخ حسان بلوم
-كنتي عايزانى اجي على ابني انا كمان، و افضحه زي ما انتي كنتي هاتعملي.
-فشر انا برضو اتسبب في
فـ.ـضـ.ـيحة لابني، بالعكس بقى يا شيخ حسان، انا دورت له على سعادته، وحطتها بين ايديه.
-و هي سعادته في انه يبعد عن بيته يا حجة ، سعادته في انه ينسى الضريح، اللي كان مقسم وقته بينه و بين شغله، سعادته في انه يبعد عن دينه يا حجة؟
-و هو كل اللي بيتجوز بيبعد عن دينه! يا اخويا هدى أعصابك كده وصلي على النبي عليه افضل الصلاة والسلام، دا اللي يسمعك كده يقول انك غيران على الواد من مـ.ـر.اته.
الشيخ حسان مستعداً للرحيل، بوجه تكسوه القسوة
-لاء يا حجة، انا مش غيران على ابني، عارفه ليه؟ لأني واثق و متأكد ان
الجوازه دي لا تمت و لا هتم.
الحجة مجيدة بضحك
-ههههههه لأ اتطمن يا شيخنا الجوازه تمت، و العيال راحو شقتهم عشان يتهنو يومين مع بعض، لوحدهم من غير ما حد يضايقهم…
ابنك بنفسه هو اللي قال كده
الشيخ حسان مؤكداً عليها
-و الله حتى لو شوفتها بعيني، نايمة في حـ.ـضـ.ـنه، برضو مش هتكون تمت يا مجيدة، انا رايح اصلي المغرب في الضريح.
ليتركها وسط حيرتها، تنظر إلى طيفه و يذهب.
لتحدث الحجة مجيدة نفسها
-انت مـ.ـا.تقولش حاجه الا و بتطلع صح يا حسان، بس لاء المرة دي ربنا هيخلف ظنك بأذنه، هو الواحد الأحد.
و انا هاقعد أهري و انكت في نفسي كده، لاء انا هاتصل عليه، عشان اعرف راسي من رجليا، اقله اطمن اختي الغلبانة على بـ.ـنتها، هو فين المحمول بتاعي ده كمان.
❈-❈-❈
ما أحلى النعاس و بين يديه حورية من حور الجنه.
ما أحلى النوم و هي تلتحم به، بكل ارادتها و كأنها تتشبث به، و تحتمي فيه.
لكن ما هذا الرنين المزعج، الذي بدء يعلو داخل اذنيهم، ليوقظهم سوياً و تتشابك نظراتهم ببعض، ليتوهو بين تلك النظرات، ويحاول ضمها اليه اكثر، و هي مرحبه و مستسلمة له.
لم ينتبهو الي ذلك الصوت، ولم يحلو وثاق بعضهم، مازلت هي نائمة على ذراعه، و يده تعبث في خصالها، والأخرى تمتلك خصرها.
اما يديها كانت ملتفه حول عنقه بحب، و لا تريد تركه.
شذي بهدوء
نمالك..
مالك مسحور بجمالها
-نعم عايزة حاجة.
شذي بخجل
-موبايلك بيرن، سيبني و رد عليه.
مالك و هو يغمر وجهه في ثنايا عنقها
-لاء مش مهم، انا مش عايز حاجه تزعجني، و تخليني اقوم دلوقتي.
-لاء سيبني بقى، وشوف مين احسن تكون ماما.
مالك بضحك
-على فكره بقى انتي اللي مسكاني، و حـ.ـضـ.ـناني كمان.
شذي وقد حاولت حل وثاق يدها من عليه
-اااانا اسفه مأخدتش بالي.
وضع ده على كفيها من الخلف، قاصداً عدm افلاتهم.
-خليكي كده يا شذى، انا حابب قربنا ده من بعض.
شذي و هي تلومه على كلمـ.ـا.ته اللازعه لها
-عايز تقرب مني ليه، اذا كنت ناوي تسيبني.
مالك و هو ينتبه لما تقوله
-انا من ناحيتي مش هاسيبك، الا لو انتي طلبتي مني ده، لكن طول مانتي ماطلبتيهاش يبقى اتأكدي اني مش هعمل كده.
بالعكس انا مش هاكون اب ليكي بس، دانا هاكون زوج و حبيب، عشاق للون عنيكي اللي بيسحرني ده.
شذي بحب، و همس مقابل لكلامته
-عايزة يا مالك.
مالك وهو يقبل وجنتها مقترباً هامساً على شفتيها، قبل أن يقطف رحيقهما
-من غير خـ.ـو.ف يا شذى.
اومئت له برأسها، واغمضت عيناها لتشعر بقبلته، لكن عوضاً عن ذلك شعرت بأنفاسه المبتعدة عن وجهها.
مالك معتدلاً على ظهره واضعاً رأسها
على صدره.
-عندي شرط واحد بس، عشان نبدأ حياتنا على نور.
بوجه عابث نظرت اليه، دون أن تتحدث!
-تحكيلي كل حاجه حصلتلك يا شذى.
شذي و قد ابتعدت عنه فجأه و اعتدلت في جلستها.
-انا حكيت ليك كل حاجه، ليه مش عايز تصدقني.
مالك و قد أرتفع بجزعه العلوي ممسكاً بعضضها، و مجتذبها اليه مره اخرى، ليغلق على جسدها و يحتويها بيديه.
-حكتيلي اه، و مصدقك في كل كلمه قولتيها، بس انتي ماقولتيش الحقيقة كامله، في حاجات لسه مدرياها عني، والسخونية اللي جاتلك خلتك تقولي كلام منها، و انتي مش حاسة.
-كدب كدب ماحصلش، انا ماقولتش حاجه.
كانت تصرخ بتلك الكلمـ.ـا.ت، و هي تهرب من بين يديه، و تجري خارج الغرفة.
غير مهتمه بوهنها، وخطواتها المتعثرة.
لتثبت له بما تفعله بأنها تخفي عنه سراً، لربما تكون نتائجه فاظه، لا يريد حتى أن يتخيله، والا ستكون العواقب وخيمة.
نهض من علي الفراش بتروي واستعد ليلحق بها محاولاً تهدئة نفسه، و عدm افلات اعصابه حتى لا يخيفها.
لكنه توقف قبل أن يخطو خارج الغرفة عنـ.ـد.ما اصدح رنين هاتفه مره اخرى، ليعود اليه و يرى هاوية المتصل، و يفتحه ليجيب.
-السلام عليكم يا أمي.
الحجة مجيدة : و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته، جري اي واد يا دكتور، بقالي ساعة عمالة ارن عليك، وانت مابتردش عليا، نموسيتك بمبي يا… امك.
التوي ثغره بعلامة الصخب، إلا انه فضل ان لا يصفح لها بشئ، فقرر البحث عن تلك الباكية، وهو يتحدث عبر الهاتف ليطمئنها، انه لا ينتوي الشر لها.
-كنا نايمين يا أمي، والموبايل كان بعيد عني ماسمعتوش.
-نوم العوافي يا قلب امك، طب ما تطمني و تريح قلبي عليك، و على البت بقى يا مالك، قولي خلاص ولا لسه.
مالك ناظراً في عيون شذي، التي كانت تسكب سيلاً وفير من الدmـ.ـو.ع.
-خلاص يا أمي، اطمني شذي كويسة، و زي الفل.
الحاجة مجيدة بفرحة كبيرة
-يا الف نهار ابيض، الف مبروك يا حبيب قلب امك، شوفت بقى امك مش هتختار ليك اي حد ازاي، اومال ايه دي بـ.ـنت خالتك، مش جمال و بس، لاء و أدب و تربية، انا نظرتي فيها ماخيبتش ابداً.
فتح صوت المكالمه لتستمع معه إلى حديث والدتها، الذي عوضاً عن ان يفرحها، و يبدل حالتها من الحـ.ـز.ن الي الفرح اسأها اكثر!!
و كأنه يفتح لها جـ.ـر.ح ملتئم، منذ فترة لتزيد من شهقاتها، و يبتعد هو عنها كاتماً الصوت، حتى لا يصل إلى والدته.
مالك منهياً الحديث
-الله يبـ.ـارك فيكي يا أمي، ممكن بقى تقفلي، قولتلك مش عايزين ازعاج.
-حاضر يا حبيبي بس اديني شذي ابـ.ـارك لها، و متخافش هاقفل على طول.
-دي في الحمام، لما تخرج انا هابلغها يا ستي ها خدmه تاني.
-تسلملي يا غالي.
-طب اقفلي بقى يا مجيدة، سلام و ماحدش يتصل تاني.
الحاجة مجيدة بضحك
-طب يا اخويا مـ.ـا.تزوقش كده سلام يا عريس، مع الف سلامه يا حبيبي.
اغلق الهاتف مع والدته والتفت إليها ساخراً،
-امي بتقولك الف مبروك يا عروسه.
-❈
أصبحت عليه شمس اليوم الثاني، متسلله على وجهه بشعاعها، عبر زجاج تلك النافذة المغلقه، نائماً على تلك الاريكة، و حين ضايقه هذا الضوء، بدء يتململ في رقدته، يشعر بألم جسده، أثر تلك النومه الغير مريحة.
اعتدل في جلسته، ليجد ذلك الغطاء الثقيل مدثر حوله جيداَ، علم بأنها هي من دثرته، بعد أن اطمئنت بأنه قد ذهب في نوم عميق.
ليتذكر ما امسو عليه في ليلتهم السابقه.
تلك الليلة السوداء، حولت مجري حياتهم التي لم تبدء بعد، الي مشارف الجحيم.
فلاش باك
ظل واقفاً متمسكاً بهاتفه، ينتظر ردها على حديثه مع والدته، او حتى ترد سخريته عليها بهجومها المعتاد و صياحها العالي.
لكنها خذلته، بقيت على حالتها التي ازدادت سوء.
مالك و قد بدء يفقد السيطرة على اعصابه…
-ممكن تتكلمي عشان الحاله اللي انتي فيها دي بتـ.ـو.ترني، و تخلي تفكيري يروح في حتة انا مش عايز افكر فيها يا شذى.
تكورت علي نفسها، و ضمت ركبتيها الي صدرها، ناظره للأمام، دون أن تلتفت له.
شذي ساخرة من كلمـ.ـا.ته ايضاً
-مش خلاص طمنت مامتك، و قولتلها ان كل حاجه تمام، هيفرق معاك في ايه بقى.
بكل قوته اجتذبها بين يديه، قد فقد كل السيطرة على اعصابه بالفعل، و تملك منه شيطانه.
-انتي فاكرة ان الكلمتين اللي قولتهم لأمي دول، الموضوع كده انتهى خلاص، المفروض بقى اني ارضى بالأمر الواقع، مش كده؟
شذي محاولة الافلات من بين يديه دون جدوى..
-ماقولتش ليك ارضى بحاجه، بس انت كمان مـ.ـا.تجبرنيش اني اتكلم عن حاجة تخصني انا لوحدي.
ما زادت كلمـ.ـا.تها الا افلات اعصابه، و غرز اصابعه في لحم ذراعيها.
-تخصك لوحدك دا على اساس انك مش متجوزة، دا انتي لسه من شوية كنتي بتقولي انك عايزة نفضل مع بعض.
منين بتقولي كده، و انتي جواكي سر مخبياه عني.
أخيراً ما فكت حصار يده، و انتفضت مبتعدة عنه بصراخ.
-ااااه سيبني في حالي بقى، قولتلك مش عايزة حاجة، و لو عايز تطلقني دلوقتي طلقني.
رفع سبابته امام وجهها بتحذير.
-انتي كده بتثبتي ليا ان تفكيري صح، عارفة معنى كلامك ده ايه، عارفه معنى انك تمنعيني أقرب منك ايه يا شذى.
شذي بكل غضب…
-افهم اللي تفهمه، انا ما يهمنيش،
اومئ برأسه موافقاً كلامها، و عم الصمت المكان لدقيقة كامله.
ثم انحني بجزعه عليها، همس لها وهو يجذب خصال شعرها بيده، ليجبرها على النظر في عينه.
-انتي مش بـ.ـنت صح يا شذى.
تفاجئت بكلمته اللازعة، و لم تجيبه، ليكمل و هو يشـ.ـد على شعرها بقوه.
-و يا تري بقى كان مين فيهم.
ابن عمتك القـ.ـا.تل، و لا خطيبك اللي اتقــ,تــل، و لا يمكن يكون في واحد تالت انا معرفوش.
اصلي أشك بصراحة، ان الحكاية دي تكون تمت غـ.ـصـ.ـب عنك.
شكلك كنتي راضية، و مرحبة كمان عشان كده بتداري، و مش عايزة تتكلمي.
و أخيراً ما نفض يده من علي شعرها، ليرتطم رأسها على يد المقعد الخشبي، بقوه و تسيل الدmاء من حاجبها الأيمن بغزارة.
نظرت اليه، و الدmاء تسيل على عيناها، نزولاً الي وجنتها.
شذي وهي تقف، وتهرب من أمامه، واضعة يدها على جـ.ـر.حها.
-تصدق انا مش هالومك، اشمعني يعني انت اللي مش هتسيئ الظن فيا، منك لله يا شيخ.
جرت للداخل سريعاً، و وقف هو يصـ.ـر.خ بصوت جاهور.
-مـ.ـا.تفتكريش انك هتصعبي عليا المرة دي، كمان
لاء يا هانم دا انتي هاتشوفي ايام سوده.
يا ريت بس ترحمي نفسك مني، و تعترفي بسرعة.
ولجت الي غرفة نومها سريعاً، و جلست على الفراش ساحبة من علي الكمود، بجوارها انينة الكوحل و علبة المحارم الورقية محاولة تطهير
جـ.ـر.حها و كتم الدmاء.
الا انها وجدته يدلف الي الغرفه خلفها، و رنين هاتفه يصدح بيده، لم يجيب المتصل الا و هو يجلس بجوارها.
كتم شهقاتها داخل صدره، شـ.ـدد على شعرها مره اخرى، معنفها ومحاولاً كبت شهقاتها
-عارفة ده مين!!
ده الظابط اللي ماسك قضية ابوكي يا هانم، اخرسي خالص، و اسمعي بنفسك هيقول ايه.
ليضغط على الهاتف؛ مجيب الاتصال بينهم…
-الو السلام عليكم يا مصطفى باشا.
الظابط : و عليكم السلام، ازاي حضرتك يا دكتور.
-بخير و الحمد لله، خير يا حضرة الظابط في جديد في القضية.
-اه طبعاً، انا بتصل بيك دلوقتي، عشان ابلغك ان اشرف اتقبض عليه.
بس الآنسة شذي لازم تحضر، عشان تسجل اقوالها قصاد النيابة، لأن طبعاً اي اخطار بالحضور بيتبعت على عنوانها هنا.
و بيتثبت انها مش موجوده، ودا مش في صالحها، و لا في صالح القضية.
مالك و هو يثبت رأسها، التي بدئت تهتز بالنفي
-حاضر طبعاً انا هاجيب مدام شذي بنفسي و نيجي، بس يا ريت حضرتك تبلغني بالميعاد قبلها.
-اه طبعاَ هابلغك بس معلش عندي سؤال، هي شذي انسه و لا مدام، اللي اعرفه انها مش متجوزة.
مالك ناظراً في عينيها بقوه
-لاء يا حضرة الظابط، انا و شذي اتجوزنا من كام يوم بس.
-كده الف مبروك، خلاص يا دكتور انشاء الله لينا اتصال مع بعض، ابلغك فيه بالميعاد.
مالك ضاممها اليه بقوه، و عنف محاولاً التملك من رجفة جسدها، و السيطرة عليها مغلقاً الحديث، عبر الهاتف.
-الله يبـ.ـارك فيك، و في انتظار مكالمتك، في اي وقت مع الف سلامه.
اغلق الهاتف و قذفه من يده، و قذفها هي الاخري على الوسادة بجانبه، وصاح فيها بصوت جاهور.
-بطلي خـ.ـو.ف و رعشه بقى، خلاص واحد مـ.ـا.ت و التاني اتحبس، خايفة من ايه و بتخبي ليه،
بتداري على مين تاني يا شذى؟
شذي بشعور بالوهن.
-ابعد عني بقى قولتلك ماعنديش حاجه اقولها، و مش هاروح معاك في حته، مش هسافر فاهم مش هسافر.
مالك و هو يعدلها بعنف، لتجلس امامه، و يضمد لها جـ.ـر.ح حاجبها بعين كالجمر.
-مش بمزاجك يا هانم هتسافري، و اللي بتحاولي تخبيه عني هاتقوليه قصاد الناس كلها.
باك
❈-❈-❈
كانت تقف امام الطاهي، تضع عليه اناء اللبن حتى يغلو، و لكنها في حقيقة الوضع…
لم تكن منتبهه الي اي شئ، فقط شاردة حزينة، تفكر في ذلك الحال الذي لم تتمنى ابداً ان يصلوا اليه.
هي بالفعل احبته و لا تنكر هذا، بل و تتمني ان يبادلها نفس شعورها.
تريد هذا الذي احتمت في ضلعه، من عيون كل الرجـ.ـال.
تريد هذا الذي دائماً ما يحارب شيطانه، باللجوء الي ربه و السجود له، في إحدى بيوت اوليائه الصالحين.
لا تريد هذا العنيف المتعصب، الذي قهرها و امساها ليلة مبكية مدmية.
لتفيق من شرودها على صوت رنين الطاهي، حين ارتفع فوارن اللبن، وانسكب عليه.
و بعفوية منها دون أن تنتبه، أمسكت الإناء الساخن جداً بيديها، لترفعه بعيداً عن النار.
فيحترقو اصابعها أثر سخونة الإناء، و تتركه لينسكب بالكامل على الأرض الرخامية ، و هي تصرخ بشـ.ـده.
انفزع هو حين استمع لصراخها، جرى بأتجاه الصوت، ليجدها تجلس بجانب اناء اللبن المسكوب، تحني رأسها، و تبكي بشـ.ـده.
مالك بلهفه
-شذي فيكي ايه، انتي قاعدة في الأرض كده ليه.
رفعت وجهها اليه، متشوقه لتلك اللهفة التي تراها في عينه.
و بوجه تملئه الدmـ.ـو.ع، رفعت له كفيها لتريه ما حدث لهم، و بشهقات متقطعة اجابته.
اللبن غلي، و انا مش واخدة بالي، و مسكت اللبانة بأيدي.
ليست هي وحدها التي كـ.ـسرها الشوق، هو أيضاً كان الشوق يقــ,تــله.
لم يكن بحسبانه بمجرد ان يتمو ليلتهم بذلك الشكل الحزين، سيتمزق قلبه لابتعاده عن سماء عيناها الصافية.
لكن ليس بيده حيلة أخرى، ربما بهذه الطريقة تبوح عن ما بداخلها له.
مالك معنفاً اياها
-حتى شوية لبن مش عارفة تنتبهي ليهم يا…
قومي نضفي ال… اللي عملتيه دا، و اعملي ليا فنجان قهوة مظبوط، لحد ما اصلي و البس عشان اروح شغلي يلااااااا.
ذهب من امامها، و تركها وسط بكائها الحار، و قلبها المنكـ.ـسر.
ولج الي غرفة نومه و جلس على الفراش هي تظنه قد كرهها، و هو قلبه يتألم على المها.
يشعر بضعفها، وحسرة قلبها لكن يريدها الا تخفي عنه شئ.
سيضغط عليها بكل قوته، لتأتي له خاشعة، تبوح له بما في داخلها.
ليهدئ قلبه و يسكنها بداخله مره اخرى.
مهلاً كيف ستفعل ما أمرها به، و يديها بهذا المنظر.
هل انتزعت من قلبه الرحمه الي هذا الحد، لابد أن يداوي جـ.ـر.حها، حتى و ان ظل على عناده هذا.
دلف إليها مره اخرى، وجدها تحاول أن تمسك بأطراف اصابعها المحارم الورقيه، لتنظف ما فعلته، و الدmـ.ـو.ع تنهمر على وجنتيها، كسيل المطر.
وقف خلفها تماماً ملصقها بصدره، و امسك معصميها لينفض ما بيدها، و ينزع تلك الكالون، التي مازلت ملتصقة بوريدها.
ثم فتح صنبور المياه، ليضع كفيها تحته.
و اه من لمستك يا فتاتي، اه من رحيق شعرك الجميل، اشتقت لعبيرك وشذاكي يا شذى.
شعرت به و بلين قلبه، برأسه المائل على كتفها.
بنفسه المنتظم على عنقها فمالت عليه أكثر، و كأنها تقولها له، انا ملكك انت، و ليس لغيرك.
لفها بين يديه، تشابكت نظراتهم، قربها اليه اكثر، بدء يتوه في مشاعره، ليحاصر خصرها بيديه، و يجفف دmعتها بشفتيه.
و بدورها لفت ذراعيها حول عنقه، و تركته يفعل ما يشاء.
حملها بين يديه، وضعها على البساط الرخامي،
مقبلها قبل رقيقة، و حين تلامست شفاههم سوياً، تحولت إلى قبلة شغوفة، و بعد أن ابتعد عنها، حاول حل وثاقها من حول عنقه.
لكنها ابت، و تمسكت به جيداً، ملقية برأسها على صدره.
مالك بعكس ما بداخله
-اوعي سيبيني.
هزت رأسها يميناً و يساراً بالنفي، و همست له…
شذي بدmـ.ـو.ع
-لاءه مش عايزة اسيبك ابداً.
مالك بحب
-مش قولتي انك مش عايزانى، فكراني لعبة في ايدك، كل شويه برأي.
وريني ايدك عشان اعالجها ليكي، مانا تقريباً اتجوزتك عشان اعالج جروحك بس يا هانم.
بدmـ.ـو.ع غزيرة، حلت يدها من حول عنقه، ضمهم هو بين كفيه، وشرع في تضميدهم.
لتهمس له وهي منحنية الراس.
-انا مش مخبية عنك حاجة يا مالك، ااانا ب….
قطع كلمتها، أنزلها من علي البساط بصياحه العالي.
-انتي كـ.ـد.ابة يا شذى، اوعي تقوليها لاني مش هصدقها منك، طول مانتي مخبية عني حاجه، عمري ما هاصدقك يا شذى.
اطلعي برة المطبخ دلوقتي حالاً، مش عايز اشوفك قدامي.
جرت من أمامه واختفت عن نظره، ليطيح هو
بصف الكؤس الموضوع على البساط، و يتهشم بأكمله.
❈-❈-❈
كان يظن انه سيهدئ، برحيله عنها وتركها وحدها.
و كعادته يهرب من أحزانه، و مشاكله بالعمل بجد و اجتهاد.
و لأول مره بتاريخه المشرف في جراحة القلب، يشرد أثناء إجراء عملية لمريـ.ـض، وتكون هي سبب شروده و ارتباكه.
لينبهه صديقه و يزجه للخارج، حتى يترك له ساحة العمل، ذهب هو الي غرفة مكتبه الخاص.
جلس خلف مكتبه بوجه تكسوه علامـ.ـا.ت الدهشه و الغضب، و يده موصودة امام عينه.
الي ان فتح صديقه الباب عنوه، واذا به يلقى عليه بهذا السؤال الذي ينتظره.
-في ايه يا مالك.
مالك محاولاً إنهاء الحديث قبل أن يبدء
-ممكن تسكت دلوقتي، انا في حاله مـ.ـا.تسمحش اني اسمع اي كلمه من اي حد، مهما كان.
حسام معنفاً له
– يا سلام المفروض اني اسمع الكلمتين دول و اقول حاضر ، و لا كأن في حاجة حصلت.
و لا يمكن حضرتك مش واخد بالك، ان كان في انسان هيمـ.ـو.ت تحت ايدك من شوية.
مالك منفعلاً بصياح
-يوووووه خلاص بقى، ايه يا اخي انت هاتعلمني شغلي، هو انا مش بني آدm برضو و وارد اني اغلط.
-لاء مش وارد طبعاً، انت عارف كويس اوي، ان الغلطة في شغلنا بروح بني آدm أئتمنك على حياته قبل ما يدخل العملية.
ثم من امتى و احنا بنفكر في مشاكلنا أثناء الشغل يا مالك، انت من يوم ما اتجوزت، و انت مابقتش طبيعي فوق يا دكتور.
انت الدكتور مالك الرفاعي اللي عمره ما غلط في عملية، لو مش قادر تنسى حبك القديم، و حاسس انك ظالم بـ.ـنت خالتك معاك يبقى تطلقها، و تريح نفسك من تعب الأعصاب اللي انت فيه ده.
مالك مأنباً لصديقه
-ايه اللي جاب السيرة دي دلوقتي، و مين قالك اني ظالم مراتي، بالعكس انا…
انصت اليه صديقة ليشجعه على الإفصاح عما بداخله
-انت ايه يا مالك، كمل سكت ليه.
لكن الاخر قد خزله، و لملم اشيائه سريعاً متأهباً للرحيل.
انا ماشي يا حسام،
❈-❈-❈
تركها و ذهب ليجلس بجانب ضريحه يناجي حبيبه، ويشكو له ما بداخله، الي ان يحين موعد الصلاة.
مالك مخاطباً ربه
-يا الله و لما كل هذا التخبط برأسي، ألم اكن انا من قال اني لا أريدها.
ألم اقل اني سأكون أباً لها فقط، لماذا يتسلل بداخلي هذا الشعور الغريب.
مالي بها اذا كانت ذو خطية ام لا.
اريد ان ابوح بشئ داخل صدري، وان لم يخرج على لساني، سأفقد صوابي حقاً، بل اني أشعر انه يخـ.ـنـ.ـقني، و يزهق روحي.
واذا به ينظر للضريح، و يوجه حديثه له، وكأنه يرى سيدنا الحسين امامه.
و من لي غيرك يا حبيبي ابوح له، والقى بجعبتي بجانبه، ليس لي كاتم أسرار غيرك انت، الجئ اليه وقت حوجتي.
انا اعترف لنفسي ولك اني احبها، أريدها لي زوجتي، حبيبتي، وأيضاً طفلتي.
لكن هناك شيئاً يمنعني، يجبرني ان لا ارضخ لها، يقول لي انني سأدنس نفسي، بهذا الرباط، هي تتمسك بعنادها، و تخبئ عني سرها.
إهدها لي يا حسين، و جنبني الخطأ، و ارشـ.ـدني الي الصواب.
كن معي يا الله، اللهم لا تصدmني بها، صونها واعفها لي يا رب.
-كنت عارف انك مش هتسيب حبيبك كتير، و هيوحشك…
ومن يكون هذا سوي والده، الذي جلس من خلفه، وربما يكون انصت الي حديثه مع ربه.
ما كان ينقصه الان إلا ان يراه ابيه و هو على هذه الحاله، لكن ما باليد حيلة، سيلتفت اليه و يتواجه معه، دون أن يخبره بما في داخله.
مالك محاولاَ رسم الابتسامه على وجهه
-ابويا ازيك يا حاج، وحـ.ـشـ.ـتني و الله.
الحاج حسان معاتباً له
-يا اخويا انا لو كنت وحشتك كنت اتصلت و سألت عني، لكن انت زي ما تكون نستنى، بمجرد ما مشيت من هنا.
-و انا اقدر بردو استغني عنك يا حاج، بس انت عارف يعني عريس بقى و كده.
الحاج حسان محاولاً إخراج ما في صدره.
-ضحكت على امك، و قولتلها انك مبسوط
معاها، و ان كل حاجه ماشية تمام ما بينكم.
وراي مالك عينه من نظرة ابية، مصطنعاَ الخجل منه.
-اه يا ابويا الحمدلله.
-يعني بقت مراتك شرعاً يا مالك؟
رفع رأسه له متفاجئاً بسؤاله، كان يظن ان ابيه لن يطرح عليه مثل هذا السؤال، لكنه مضطر الان للأجابه عليه.
اومئ له رأسه بنعم، بينما يريد والده ان يطرحها على لسانه.
-عايز اسمعها منك يا مالك؟
-ايوة يا ابويا بقت مراتي شرعاً…
انا بصراحة مستغرب سؤالك ده!
-عشان مش مصدقك، او بمعنى أصح عارف انك بتكدب عليا، و قبل ما تسألني ليه بقولك كده،
هاقولك لأنك اول مره تعملها وتكدب
عليا، ملامحك فضحاك يا دكتور وحـ.ـز.نك باين علي وشك.
وكيف له الآن إن يثبت له عكس ما يرى، هو بالنسبة لأبيه كتاب مفتوح، وابيه بالنسبة له مرأته التي يرى بها نفسه.
مالك نافياً
-لاء يا ابويا شذي فعلاً بقت مراتي، وحـ.ـز.ني مش بسببها، انا غلطت في شغلي النهاردة، كنت بعمل عملية لمريـ.ـض و مركزتش وانا بعملها، فغلطت للأسف.
الحاج حسان بخـ.ـو.ف من عقـ.ـا.ب ربه
-بتقول ايه، اوعي تكون ازهقت روح دون وجه حق يا مالك، عارف عقـ.ـا.بك عند ربك هيكون ايه؟
مالك مطمئناً له
-لاء الحمد لله، اطمن يا ابويا حسام لحقني، و كمل هو العملية بدالي،
و المريـ.ـض بخير.
-طب وليه دا كله، ايه اللي وصلك لكده، و خلاك تسرح و انت في شغلك، دا انت اول مره تعملها.
-عادي يا ابويا انا مش ملاك، انا بني آدm يعني مش معصوم من الخطأ.
ليستطرد له ما ورد في الحديث النبوي الشريف.
(كل ابن آدm خطاء، وخير الخطائين التوابون) كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يا حاج.
الحاج حسان
-عليه افضل الصلاة و السلام،
و عشان كده انت جيت الضريح النهاردة.
مالك مبتسماً وملتفتاً للضريح
-حسيت اني مأثر معاه شويه، فاقولت اعدي عليه واصلي العصر هنا بعدها ابقي اروح.
-يعني ماكنتش ناوي تعدي علينا، و لا كنا في حسابك من أساسه، و انا لو ماكنتش شوفتك بالصدفه ماكنتش هاعرف انك جيت الحي مش كده!
مالك مؤكداِ كلام ابيه
-بصراحه اه انا ماكنتش هاعدي على البيت، و لا هاعدي دلوقتي، حتى بعد ما شوفتك، و لا انت كمان هتقولهم انك شوفتني النهارده.
ضم الحاج حسان حاجبيه بعدm فهم
-طب و ليه، مش عايز تشوف امك، وتطمن عليها.
-لالالاء الموضوع مش كده خالص، كل الحكايه اني لو روحت ليهم لوحدي، مش هاخلص من اسئلتهم، ليه ماجبتهاش معايا، وعاملين ايه مع بعض، و الحوارات دي، انت فاهم بقى يا حاج.
و بعدين فاضل كام يوم على يوم الخميس، و نيجي تاني انا و هي يا حاج.
الحاج حسان موافقاً حديثه
-ماشي يا مالك زي ما انت عايز، بس اتمنى انك تكون بتقول الحقيقة، او حتى تكون ريحت بالك، و طلعت اللي جواك لحبيبك.
-اطمن عليا يا حاج، انا كويس الحمد لله يلا بقي نقوم نصلي سوي، عشان الحق ارجع البيت، للغلبانه اللي سايبها لوحدها دي.
❈-❈-❈
عاد إلي بيته بوجه مكفهر، ليس من الغضب الذي يمتلكه فقط، لكن كان يبدو عليه أيضاً الارهاق..
كان البيت ساكناً هادئاً،، و كأنه لا يوجد به أحداً.
أين ذهبت تلك الشقية، التي دائماً ما تثير اعصابه.
ظل يبحث عنها بنظره في الخارج، لم يجدها و هو متمسك في يده ببعض الأوراق..
لكن بالله أين ذهبت، هي لا تعرف حتى أن تفتح هذا الباب ،اذاً كيف تخرج منه؟
جري الي غرفة النوم لم يجدها ،فتح باب المرحاض الخاص بها لكنه كان فارغ، ولا يوجد به احد ،حتى غرفة الملابس، لا يبدو أن أحداً قد لمس أرضها اساساً.
و ما آثار الرهبه في قلبه ،انه وجد حقيبة ملابسه هو فقط.
ترجل من الغرفه وهو منفزعاً ،يصـ.ـر.خ بأسمها كالمـ.ـجـ.ـنو.ن، يبحث عنها بكل مكان، لا يمكن أن تفعلها به هي الاخري، لا يمكن أن تتركه و تذهب.
تفقد غرفة الطهي ،المرحاض الكبير، و بدي عليه اليأس، وهو يبحث عنها في الغرف الشاغره و يصـ.ـر.خ بشـ.ـده.
-شذييي انتي فين ردي عليا؟
فتح باب اخر غرفة بالبيت، اخيراً ما تنفس الصعداء، حين رأها تجلس في زاوية الغرفة متكومة على نفسها، و بجانبها حقيبة ملابسها،
كمن لقى طوق نجاته، اسرع الخطى نحوها، واذا به يلقى الورق من يده، و يتمسك بها هي، و في غضون ثواني معدودة.
كانت محموله بين ذراعيه، متجهاً بها للخارج نحو غرفة نومه، و هو كالمغيب يقبل كل جزء في وجهها، قُبل عنيفه قوية.
تشعر بأنه يعـ.ـا.قبها على بُعدها عنه بها…
مالك بزمجرة في صوته
-سايبه الشقه كلها و جاية تحبسي نفسك، و تقعدي في اوضة فاضيه على الأرض ليه.
شذي و هي تحاول فك حصاره لها، و الهبوط على الارض التي لا تلمسها.
-سيبني يا مالك، مش انت قولتلي مش عايز اشوفك، اديني سيبتلك الشقه بحالها، و قعدت في حالي اهو،
ابتلع تلك الكلمـ.ـا.ت القاسية، حين ارقدها على الفراش، و تمدد فوقها، و قبض على شفتيها بفمه لمده لا بأس بها.
ثم تركها تلتقط أنفاسها، و ابتعد بجسده من عليها، ليلهث هو الاخر، و صدره يعلو و يهبط، من شـ.ـدة تـ.ـو.ترة.
مالك أمراً لها، و هو يضم جسدها بذراعه،و يرفعها على صدره، كأنها دmية يتحكم بها…
-مافيش حاجه اسمها تقعدي لوحدك و تسبيني، حتى لو في بينا ايه، هتنامي و تقعدي و تاكلي و تشربي معايا، انا و بس.
نفضت يده من عليها وابتعدت عنه قليلاً، معطياه ظهرها و همست.
-يعني مش كفاية كل اللي حصل، عايز تتحكم فيا كمان.
بسهولة فائقة لفها اليه، ليكمل حديثه الأمر لها.
-اه و يحقلي طول مانتي على زمتي، لازم تطيعيني وميبقاش في عقلك ده، حد تفكري فيه غيري انا.
عارفه اني النهاردة كان في مريـ.ـض هيمـ.ـو.ت تحت ايدي لأول مرة في تاريخ شغلي بسببك انتي بسبب تفكيري فيكي
علمت انها استحوزت على عقله لكنها تريد قلبه تعي انه يريد أن يفرض تملكه عليها يريد أن يرضى رجولته لا أن يعترف بأنها تسكن قلبه
شذي ناظرة في عينه
-للدرجة دي مشايلك الهم يا ابيه
هذه المره ابتعد هو عنها و جلس على حافة الفراش و كأنه يفيق و ينجي نفسه من الغرق في بحر عشقها
-اه للدرجة دي اتفضلي قومي هاتي حاجاتك هنا وكمان الملازم بتاعتك كانو في العربية و انا جبتهالك تقدري تشغلي وقتك وتذاكري فيهم
و يا ريت تحضري لينا غدا عشان ناكل بدل مانتي قاعدة طول النهار مابتعمليش حاجه غير انك بتعيطي و بس
اومئت له و بحـ.ـز.ن دفين داخل صدرها تحركت مبتعده عنه و أسرعت الخطى للخارج حتى تنفذ ما طلبه منها
ظل هو على جلسته يفكر لماذا فعل ذلك
الهذه الدرجة لا يطيق فراقها
هل عشقها وسيتغاضي عن كل ما مرت به سينحي رجولته جانباً و يوافقها على خطيئتها
إن فعل هذا لم يقوي على اخضاعها كيف ستكون زوجة مطيعه له سيتملك الشك بقلبه كيف سيأتمنها على بيته وعلى شرفه وهو يظن بها السوء
و اذا به يصـ.ـر.خ لائماً نفسه على تهوره معاها
-حـ.ـيو.ان مش قادر تتحكم في نفسك كل مره بتقول مش هتقرب منها و اول ما بتشوفها بيحصلك ايييييه
ومن كثرة ضغطه على اعصابه امسك بقنينة عطره الموضوعه أمام المرأة الكبيرة وبكل قوته قذفها بها لتتهشم الي قطع صغيرة و تصدح صوتاً عالياً جداً
كانت هي قد ولجت مره اخري الي الغرفه تسحب خلفها حقيبتها و رأته على حالته هذه
لترتعب من هيأته هذه وترجع خطوتان للخلف و تهمس بصوتٍ مرتجف
-مالك انت عملت ايه!
مالك بصراخ
-مالكيش دعوه بلي بعمله واتفضلي ادخلي شيلي هدومك من الشنطه دي وحطيهم في مكانهم جوه
صرخت شذي وقد تملك منها الرعـ.ـب
-لاء انا مش هاقعد هنا لحظة واحدة رجعني عند امي انا خايفة منك
اقترب منها وبكل عنف أثر صراخها امسكها من عضدها و اذا به يلقيها على الفراش بكل قوته
-مافيش حاجه اسمها اوديكي عند حد تاني هنا بيتك و مش هتخرجي منه إلا معايا انا
حتى لما هانروح الحسين يوم الخميس هانروح زينا زي اي ضيوف رايحين زيارة وهانرجع تاني مفهوم يلا قومي اعملي اللي بقولك عليه
اومئت برأسها له و امسكت حقيبتها و جرت نحو غرفة الملابس و لم يكن هذا دليلاً على موافقتها بل هو خـ.ـو.فاً منه و من تقلبه هذا
و بنفس الوقت حمدت ربها انها لم تصب مره اخرى في هذه المناقشة الحادة
وقف هو يبدل ملابسه الي ملابس بيتية مريحه وهو ينظر لها بعين كالجمر المنصهر
يعرف انها تواري عيناها منه لكنه قصد الهتاف بأسمها ليجبرها علي طاعته
-شذيييي
من كثرة خـ.ـو.فها تركت ما بيدها و ذهبت اليه منحنية الرأس لتجده يأمرها بأمر جديد
-خدي شنطتي كمان ورصى هدومي جوه وبعد كده لمى الهدوم اللي عايزة تتغسل دي وشغلي الغسالة عليهم
اطاعته بعين دامعة و انحنت بجزعها لتغلق الحقيبة لتسحبها للداخل
اغمض هو عينه يتألم بحسرة على الامها يريد أن يجتذبها داخل ذراعيه و يغمرها بشوقه لكنها هي أيضاً تلهب فؤاده وتثير اعصابه بتكتمها هذا
ليهرب من الغرفه بأكملها قبل أن يرق قلبه لها
❈-❈-❈
جلست ارضاً بجانب حقيبته تتبع أثر طيفه بدmـ.ـو.ع هادئة تتسائل
بالله كيف ستتعامل مع هذا الطبيب المختل
متقلب المزاج
لماذا يصعب الأمر على نفسه و عليها و بماذا ينتظرها ان تجيبه
تشعر و هي بين ذراعيه برقة قلبه وتوهجه بأنه يعشقها وحين ينقلب و يثور يكون كالوحش الكاسر
حتماً اذا تمردت عليه سيحدث لها ما لا يحمد عقباه
تنهدت بصبر تواسي نفسها و همست
-هايحصلك ايه اكتر من اللي انتي فيه يا مو… مافيش في ايدك حاجة غير انك تقولي حاضر
والا المره دي فيها مـ.ـو.تك على ايده بقي
-الغدا فين يا شذيييييي
اتاها صوته الجاهور من الخارج لتنتفض سريعاً و تجري الي غرفة الطهي و هي تصرخ له
-حاضر حاضر يا ابيه جايه اهوه
مالك وهو يدلف خلفها منفعلاً
-انتي عازة تجنيني ولا عايزة تعملي فيا ايه بالظبط في واحده عاقلة تقول لجوزها يا ابيه
شذي وهي تصدm جبهتها بكف يدها وكأنها تتذكر ما قاله لها
-ايووووه طب و ربنا ناسيت
رفع مالك كفه عالياً قاصداً انزالها على وجنتها
-قولتلك مليون مره تنسى اللهجة دي ومـ.ـا.تتكلميش قصادي بيها، ولا انتي مش قادره تنسى اسكندرية وطريقة كلامك دي بتفكرك بحبايبك اللي فيها
صعقت وجحظت عيناها المدهوشة وانفجرت علي وسعها تترقب تلك الصفعه وهي
تهمس
-انت قصدك ايه بكلامك ده حبايبي مين دول اللي انت بتتكلم عنهم
بحركة لا إرادية ضم اصابعه داخل كفه يكاد ان يعتصرهم وانزله وهو يتحداها ناظراً
-حبايبك اللي هناك واللي انتي بتداري عليهم ومش عايزة تتكلمي عنهم
انهمرت الدmـ.ـو.ع على وجنتيها وعقدت يديها على صدرها امامه تناظره التحدي
-يعني انت شايفني في نظرك بـ.ـنت مش كويسة بتشك فيا!
طب و لما انت شايفني كده اتجوزتني ليه
بكل عنف احل وثاق يدها من علي صدرها ضاغطاً على معصمياها بقوه يكاد يكـ.ـسرهم داخل قبضة يده
-اتجوزتك عشان ماخسرش امي و عشان كمان اربيكي من اول و جديد
-سيب ايدي هاتكـ.ـسرهم انت اكيد مـ.ـجـ.ـنو.ن
ترك يدها و اقترب من اذناها هامساً
-عيب اوي لما تقلي ادبك وتشتمي جوزك يا شاطرة يلا يلا خلصي اللي قولتلك عليه
❈-❈-❈
جلس على مقعد في مقدmة طاولة الطعام المرصوص عليها اطباق شهية بعض الشئ ليمد ملعقته و يتذوق بعضاً منها
حقاً تلك اللعينة بالفعل تمتلك مهارة عالية و نفس طيب في إعداد الطعام
بكل حماس و شهية مفتوحة هم ليلتهم ذلك الطعام الشهي، لكنه توقف و نظر الي ذلك الرواق المؤدي للغرف بوجه حزين
مالك لائماً نفسه
-قاعد تاكل زي الحـ.ـيو.ان و ناسي اللي كان صوت بكاها واصل لحد عندك وهي واقفه بتعملك الاكل الجميل ده
يعني اعملها ايه دلوقتي لو دخلت ليها هتفتكر اني ضعيف و مش قادر ابعد عنها لاء مش هاروح اتحايل علي حد انا
و هي خليها قاعده من غير اكل يمكن قاعدتها دي تحسسها بتأنيب الضمير
و بعد بضعة دقائق
كان واقفاً أمامها بجانب الفراش
مالك بتـ.ـو.تر ملحوظ
-يلا قومي عشان تاكلي
أدارت راسها و ضمت حاجبيها الكثيفين له بغضب ثم التفتت للأمام دون أن تتفوه بكلمه
ضم هو قبضتيه وبدء وجهه يتهكم من تصرفها هذا و زمجر بخشونة
-انا بكلمك على فكره و اظن انك سمعتيني كويس
كان المفروض بعد ما تحطي الاكل على السفرة تكوني قاعدة و مستنياني مش تحطيه
و تيجي تغضبي زي العيال الصغيرة هنا
ارتفع جانب شفتيها العلوي تعبيراًَ منها عن السخرية
-و دا بقى على اساس اننا رجعنا لعصر الجواري تاني مش كده
بلحظه كان ينفضها بين يديه بوجه احمر قاتم
-لاء يا هانم على اساس انك مراتي و المفروض انك تتعلمي تكوني زوجه صالحة
نفضت يدها من بين يده بقوه لدرجة انها سقطت على الفراش زاحفة للخلف مبتعدة عنه
صارخة في واجهه
-ابعد ايدك دي عني انا مش مراتك سامع اوعي تقولها ليا تاني احنا عمرنا ما هنكون لبعض
مالك وهو يسحب تيشرته من عليه هامساً لها بوجه لا يبشر بالخير
-انتي مراتي غـ.ـصـ.ـب عنك و هاثبتلك دلوقتي حالاً اننا لبعض سواء برضاكي او غـ.ـصـ.ـب عنك
تحاشت النظر له و تكورت على نفسها و بدء جسدها يرتجف بشـ.ـدة
و فجاءه وجدته يسحب قدmيها يمددها على الفراش و يتمدد فوقها و اذا به يقبل كل انش بوجهها قبل قوية عنيفة
وجنتيها المتكورتان كثمار الخوخ الطرية
كان يطبع شفتيه عليهم و يلثم غمازتيها بقوة عاشق منفعل بشـ.ـدة
شفتيها المكتزة بحمرة الفراولة كان يقبلها بشغف و يتذوق حلاوتها بنشوة قاسية
نزولاً الي عنقها الأبيض الذي كان يألمها حين يطبع علامته عليه بجمود و يستمتع بصراخها وهي تتلوي من تحته
مالك بجسد ممتلئ بالعرق
-اصرخي زي ما انتي عايزة هنا ماحدش هايسمعك و انا مش هاخاف عليكي تاني هفضحك قدام نفسك و اكشف كدبك يا شذييي
شذي ببكاء
-سيبني يا مالك عشان خاطري اصلاً مش هينفع
-هو ايه دا اللي مش هينفع و ليه بقى انشاء الله
احنت رأسها بخجل منه و اقتربت من اذنه قائلة شئ ما بهمس
مالك غير مصدقها و مبتعداً عنها
-كـ.ـد.ابة انتي خلصتي الحقن بتاعتك كلها
شذي و قد جلست تبكي
-لأ مش كـ.ـد.ابة والله انا لسه و كنت خايفه اقولك تعلقلي حقن تاني
مالك بخـ.ـو.ف عليها و هو يجذب هاتفه من علي الكمود
-اكيد في حاجة مش طبيعية انا هتصل برانيا و اسألها و انتي اتفضلي قومي كلي يلا
ترجل للخارج امام اعينها بصدره العاري و هو يباشر الاتصال على صديقته
لتمسك هي تيشرته الملقى على الفراش و تقف متنهده بصبر وبكاد
-ما انت لو عايزني بحب صدقني مش هقولك لاء، لكن انت عايز ترضى غرور رجولتك و تثبت لنفسك انك صح و بس
بعد أن تركته و ذهبت الي مخبئها، ظل جالساً على مقعده، يفكر في تلك الجمله المبهمه التي القتها على مسامعه.
لما هي خائفة هكذا، الا تثق به اتظن انه لا يقوي على حمايتها.
من هؤلاء، و لماذا تخشاهم هكذا.
ليتها تريح رأسه، و تجيبه عن كل هذه الاسئله.
ظل هكذا الي ان رن هاتفه، يعلن عن وصول صديقه بأطفاله أسفل البناية.
فوقف متجه الي غرفة نومهم، ليجلب جاكته منها.
فتح الباب عنوة، لتنتفض و هي جالسة، ليرمقها بنظرة غائرة غير مفهومة.
سحب جاكته و ارتداه مغلقاً سحابه عليه، و ترجل خارج الغرفه دون الالتفات لها.
❈-❈-❈
عادت مرة أخرى الي جلستها، تنظر امامها في صمت الي ان رن هاتفها هي هذه المره، جلبته من علي الكمود واجابت الاتصال.
شذي بنبرة حـ.ـز.ن
-الو
اتاها صوت والدتها الحنون مرحبة بها.
َ-ايوة يا عروسه، ازيك يا قلب امك طمنيني عليكي.
لكم الامتها تلك الكلمة، كادت ان تبكي، تمنت ان تكون بجوارها الان حتى تنتحب على صدرها.
لكنها تغاضت عن كل هذا، و بدلت الحـ.ـز.ن بفرحة، رسمت الابتسامة على وجهها.
-انا كويسة انتي اللي حشـ.ـتـ.ـيني و  اوي يا ماما، عاملة ايه يا حبيبتي
-زي الفل يا حبيبة قلبي، مش ناقصني غير اني اشوفك، بس اعمل ايه مضطرة اصبر، و اسمع كلام جوزك يا ستي، و نستني لحد ما ترجعو.
-معلش بقى يا ماما كلها يومين، ونيجي نزوركم.
ماجدة بشهقة
-تيجو تزورونا ليه هو انتو مش هاترجعو تعيشو معانا هنا.
شذي بهدوء
-لاء مالك بيقول اننا هانستقر هنا في الشقة، و بصراحه انا موافقاه الرأي ده، عشان ابقى على حريتي يا ماما.
ًماجده متفهمه
-خلاص اعملي اللي يريحك يا قلب امك، و انا يهمني ايه غير سعادتك بس، لما تيجو لازم تباتو معانا كام يوم، مـ.ـا.تمشوش علطول في نفس اليوم ماشي.
شذي منتهزه الفرصة
-مش عارفه بقى يا ماما هنلحق ولا لاء، اصل الظابط اللي ماسك قضية بابا اتصل على مالك، و قاله انهم قبضو على أشرف، و اني لازم اروح اشهد انا كمان.
ماجدة برعـ.ـب على ابـ.ـنتها
-يا لهوي تروحي فين لاء طبعاً، و انتي مالك اصلاً بالموضوع ده، اقفلي اما اكلم مالك وافهم منه اقفلي.
-لاء يا ماما و النبي، احسن هيتعصب عليا ويقولي لحقتي تبلغيها.
ماجدة مغلقة معها الحديث
-ليه هو كمان ماكنش عايزني اعرف، اومال لو مش
هتقوليلي انا هاتقولي لمين يا قلب امك.
لتغلق الهاتف معاها دون سلام، رفعت هي كتفيها بلا مبالاه، وهمست لنفسها و هي تتجه نحو ملازمها
-اللي يجرا يجرا بقى، يعني هي هاتتربق على دmاغي اكتر من كده ايه.
اتجهت الي غرفة الملابس، لتبدل منامتها الي جلباب مخملي فضفاض، ساقطة اكمامه لتظهر بياض كتفيها.
ثم اتجهت نحو الفراش، و حملت ملازمها و ترجلت بهم الي الخارج حتي اقتربت من طاولة الطعام.
و جلست على مقعدها، و بدئت في مزاكرة ما فاتها.
للتفاجئ بعد مرور فترة وجيزة، بفتحه لباب الشقة، و ولوجه للداخل، بحوزته طفلان صغيران.
كانت تظنه ترجل للخارج، ربما ليبتاع بعض الأشياء، لكنه اخاب ظنها، و اتاها بصغيران لا تعرفهم.
مالك محدثاً الصغار
-يلا يا استاذ اتفضل ادخل انت و اختك.
دلفو الصغار بمرح، و هم يضحكون الي ان رأوها تجلس أمامهم.
ارتاب مالك الصغير في تلك الجميلة ذات الأكتاف البلورية العارية، و الشعر المموج على ظهرها، و همس و هو يشير بأصبعه، و يميل عنقه محاولاً تقيم اياها.
-مين دي؟
وقفت اخته بجانبه تنظر لها بدهشه
-اه ثحيح مين دي يا عمو مالك؟ احنا اول مره نثوفها.
مالك الصغير مجيب على اخته
-دي شبه روبنزل!
مكه معترضة
-لاء دي ثبه ميردا….
-لاء دي عيونها لون عيون روبنزل وبيضة زيها.
-لاءه دي ثعرها كيرلي و طويل وبيضة زي ميردا.
-روبنزل.
-ميردا.
-انتو اللي مييين؟
صرخت بها شذي ،التي هبت واقفه تدق بكفيها علي الطاوله.
تراجع الطفلان للخلف بخـ.ـو.ف، ليجدو يديه تلتف حولهم و يضمهم اليه ليطمئنهم.
لترفع عيناها في عينه منتظره الاجابه، لكنه لم يريحها، و تحاشي النظر عنها، تخطاها مجتذب الصغار للداخل، وجلس بهم على الاريكة.
لتهمس له مكه
-هي دي العلوثة بتاعتك يا عمو مالك مث كده.
رفع حاجبه معجباً بهذا الحديث
-اه يا ست مكة دي عروستي انتي بقى مين اللي قالك؟
مكة بوداعه
-مامي طبعاً.
مالك ضاحكاً
-طبعاً و انا هاستعجب ليه…
استدار الصغير يقيم تلك التي مازلت واقفه، تنظر لهم بريبة
-خد بالك هي حلوه اوي، لاء دي جميلة خالص، بس فيها عيب واحد.
مالك ملتفتاً بوجهه لها
-عيب واحد بس، انت شايف كده يعني، طب يا ترى ايه هو العيب ده بقى؟
مالك الصغير محاولاً اغاظتها
-انها بتخـ.ـو.ف.
شهقت و اشارت بيدها على نفسها، و هتفت بصراخ
-انا بخـ.ـو.ف، مين دول يا مالك!
حمل مالك الصغير على قدmه، و هو يضحك خلسة و يزغزغه دون أن ترى تلك البسمه التي انارت وجهه، و زاد في اغاظتها.
-وطي صوتك، مش سامعه الولد بيقول عليكي ايه.
متهيألي مايهميكش اوي انك تت عـ.ـر.في عليهم،
ولو مش عجبك القاعدة هنا، ممكن تتفضلي على المخبأ بتاعك تقعدي فيه براحتك.
شذي بتهكم واضعه كفيها في جانبي خصرها.
-يعني حضرتك عايز تحدد اقامتي في بيتي، عشان عايلين انا ماعرفش هما مين.
اجلس الصغير على الاريكة، وقف ملتفتاً لها، مندهشاً من تلك الكلمه، التي خرجت من ثغرها، و هي لا تعي معناها.
-بيتك!
انتِ مش قولتي قبل كده ان ده مش بيتك، و لا عمره هيكون.
احنت رأسها بحـ.ـز.ن، و استرسلت كلمـ.ـا.ت تكاد لا تصل إلى اذنيه من شـ.ـدة همسها.
-انت عايز ايه، انا مابقتش فهماك.
ما كان منه إلا أنه تحرك نحوها بسرعه، اخذاً يدها الصغيرة في راحة يده، متجهاً للداخل و هو يهتف للصغار.
-خليكم هنا مـ.ـا.تعملوش شقاوة، لحد ما ارجعلكم.
هتف الصغير المشاغب، و هو يراقبهم من علي حافة الاريكة.
-مـ.ـا.تزعلهاش يا عمو، دي كتافها حلوة و بيضة.
بعفوية رفع كتفي جلبابها عليها وضمها اليه، يداريها من عين ذلك اللعين المشاكس، صارخاً فيه.
-ولاااا احترم نفسك يا حـ.ـيو.ان
ضحكو الصغار سوياً، ومد هو خطاه للداخل.
❈-❈-❈
التفت يدها حول خصره متمسكه به جيداً ، لتستنشق عبيره، تشبع رأتيها و تملئهم برائحة عطره.
ولج بها إلى داخل غرفتهم، و فك حصار يدها من حولها، و اذا به يغلق الباب و يثبتها خلفه، وقف امامها بكل شموخ واضعاً يديه في جيب جاكته.
-مش عارفة انا عايز ايه يا شذى، دانا طول الوقت مافيش على لساني غير كلمة واحده الحقيقة، اتكلمي عايز الحقيقة، ليه كل الخـ.ـو.ف ده، ومين دول اللي هيقــ,تــلوكي لو شافوكي هناك.
ألقت بنفسها داخل حـ.ـضـ.ـنه، لفت يدها بتملك مره اخرى حول خصره، غمرت وجهها في صدره و همست:
-كل اللي قولته ليك هو الحقيقة، و مافيش حاجة تانيه مخبياها عنك يا حبيبي.
اخذ نفساً عميقاً مستنشقاً نسيم شعرها الاخاذ داخل صدره، متصنعاً الجمود هامساً لها.
-كـ.ـد.ابه ودا عيب تاني فيكي، ماقلهوش مالك الصغير، و مكالمتك مع مامتك، و خـ.ـو.فك من انك تروحي اسكندرية، ده كله وراه حاجات كتير هعرفها منك، أو من غيرك يا شذى،
ليدفشها من أمامه على الفراش، و يفتح الباب أمراً لها…
-ارفعي كتافك دي وغطى نفسك يا هانم، و اوعي تفكري اني زي اللي كنتي ت عـ.ـر.فيهم قبل كده ممكن اجري ورا شهواتي.
جلست على الفراش تشهق وتبكي بصوت مرتفع، لقد اذلها بكلمـ.ـا.ته، رفض حبها و ربما يكون كرهها.
كان عليها إن تحرس في كلمـ.ـا.تها اكثر من ذلك، حتى لا تزيد الافكار في رأسه، يا لها من متسرعه غـ.ـبـ.ـية تعيسه.
وعلى حين غره، زُج باب الغرفه بيدٍ صغيرة، و من تكون سوي تلك الجميلة مكه.
وقفت بجانبها تنظر إلى عيناها الدامعة، لترفع كفها الرقيق وتملس على فخذها برفق.
-معلث مـ.ـا.تسعليث هو عمو مالك ضلبك ولا ايه، خلاث بقى مـ.ـا.تعيطيث، انا هاقول لمامي تسعق ليه سي ما بتسعق لبابي.
شذي مجففه دmعتها بيدها، و تضحك على كلمـ.ـا.ت الصغيرة
-مامي دي بقي تبقى مين،
استنى مـ.ـا.تقوليش انتي بـ.ـنت رانيا و حسام مش كدة.
مكه بضحكة
-أه انا بـ.ـنتها ثبها مث كده.
رفعت شذي الصغيرة على قدmها، و ضمتها ضاحكة معها
-لاء انتي احلى بكتير، قوليلي بقى اسمك ايه
اجابتها الصغيرة، تبادلها الاحتضان
-اثمي مكه و اخويا اثمه مالك.
شذي بغـ.ـيظ من ذلك الغليظ الصغير
-اه اخوكي اللي بره ده واد… و لا بلاش، محاولة تغير الموضوع.
بس انتو ايه اللي جابكم هنا لوحدكم، و فين بابي و مامي.
مكه بمرح
-راحو يتفثحو لوحدهم، و احنا طلبنا منهم اننا نيجي لعمو مالك، عثان احنا بنحبه اوي و بنحب نقعد معاه.
شذي بغـ.ـيظ اكثر، و كأن نيران الغيرة اشتعلت في وجهها
-اه يا بختها مامي، هي تتفسح و انا اتحبس لوحدي في كل الشقة دي.
مكه مقربة اذنيها منها
نبتقولي ايه؟ انا مث سمعاكي.
شذي منتبهه لها
-هاه مش بقول حاجه، تيجي اعملك شعرك ضيفرة حلوه..
مكه متذكرة
-زي بتاعت روبنزل.
-اه بالظبط هتبقى زيها.
-ماثي بث انتي كمان تعمليها.
-حاضر يا ستي، و ايه رأيك بعد كده نروح نعمل شوية سندوتشات لينا كلنا…
مكه بفرح
-و ناكل كيك كمان، يلا بثرعه اعمليلي ثعري عثان اقولهم.
❈-❈-❈
ها هي تظهر من جديد، بتلك الجديلة الجميلة التي توضح امتلاء وجنتيها، صغر انفها، شفتيها المكتظه.
لكنها مازالت محتفظه بهذا الاحمرار الغاضب على وجهها بالكامل، و هذه المره من سماع صوت ضحكات الصغار معه، مرحهم ولعبهم سوياً.
رأها هو و توقف عن اللهو معهم، لكم احب طلتها هذه،إن وجهها حقاً ملائكي، للحظة نسي كل شئ من حوله، و كاد ان يتوجه لها كالمسحور.
لكن الصغير نبهه بأندهاشه حين رأها أيضاً و هتف
-روبنزل
مالك هامساً له
-لاء هي احلي
ابتعدت بنظرها عن عينه التي تراقبها، و اشارت للصغيرة بأن تذهب إليها، لتركض مكه مهروله نحوها،
ولجو سوياً داخل غرفة طهي الطعام ليصيح الصغير و هو يجري إليهم.
مالك الصغير
-استنوا خدوني معاكم.
ابتسم مالك على هذا المشهد، و تمني بداخله ان يأتي اليوم و يرى طفلاً لهما يركض خلفها هكذا، رفع يده للسماء و دعا ربه متمتماً.
-ربنا يهديكي يا شذى يا رب.
جلس على الاريكة، و حاول ان يشغل نفسه بالعمل، فتح جهاز حاسوبه النقال يشاهد عليه فيلم وثائقي عن عملية جراحية.
لكنه بالاساس كان يشاهد حركاتهم المضحكة معها، هي تصنع لهم قالب الكيك و هم يضعو على وجنتيها الحلوى، و يقبلوها ضاحكين.
استدارت الي الفرن الكهربي حتى تشغله، لكنها لا تعرف كيف يعمل، فنظرت اليه و هو يجلس بالخارج.
توارت عينه عنهم بسرعه قبل أن تراه، او هذا ما كان يظنه، ليسمعها تناديه و هي تقترب نحوه بهدوء.
شذي بحرج منه
-ااحم مالك انا مش عارفة اشغل الفرن، ممكن تيجي تشغله.
هب واقفاً راسماً الانفعال على وجهه، و تحاشي النظر لها، يسبقها في الخطى محدثها بخشونه.
-اكيد طبعاً، تعالي اما اعلمك بيشتغل ازاي، بدل ما تولعي في البيت كله.
كاد ان يلج لكنه توقف حين لاحظ جمودها مكانها، و الدmـ.ـو.ع تتلئلئ في عينيها تهدد بالسقوط.
تمزق قلبه عليها، لكنه ظل على عناده، صاح فيها بقوه…
-مستنية ايه، اخلصي و تعالي خليني اشوف شغلي.
ازاحت بكفها دmعه انزلقت على وجنتها بالفعل، و لحقت به.
وقف يشرح لها كيفية تشغيل الجهاز، ومد يده ليقبض على كفها بقوه، و هو يوقفها امامه.
-ده زرار التشغيل اضغطي عليه، وده زرار الحراره لفيه على الدرجه اللي انتي تحدديها، و ده زرار الوقت تشوفي هتشغليه وقت اد ايه، و هو هيفصل لوحده بعد كده.
لم تسمع اي كلمه قالها، كانت تنظر اليه و دmـ.ـو.عها تنهمر بهدوء تام.
رفع عينه لها ليري وجهها هكذا، ومراقبة الأطفال من خلفهم، يشاهدون هذا الموقف،
ليترك يدها التي احمرت أيضاً من ضغط يده، و همس لها امراً…
-روحي اغسلي وشك، متخليش الولاد يشوفكي كده.
جرت على غرفتها، و القت بثقلها على الفراش، كاتمه شهقاتها في الوسادة.
الي ان شعرت به، يقف بجانب الفراش.
وقف حائراً من لهفته عليها، تلك الغـ.ـبـ.ـية تملكت قلبه بأكمله، و بعاندها تحارب عقله بقوة، لو بيده الان لكان انتشلها من رقدتها هذه.
وأغلق عليها بين ذراعيه، لكنه و بالطبع أصر على أن يكمل خطته معها.
-شذي انا قولتلك روحي اغسلي وشك، مش روحي كملي عـ.ـيا.ط، قومي كملي الكيك اللي كنتي بتعمليه للولاد، واعملي ليهم السندوتشات اللي قولتي عليها ، انا خرجتهم من المطبخ و هما مستنينك في الليفنج بره.
لم تجيبه و لم تسكت شهقاتها، ليمد يده و يجتذبها حتى تقف أمامه و هو يأمرها.
-بقولك قومي يا شذى!
شذي بضعف محاوله افلات يدها من يده، و بحر عيناها يفيض بلالئ تسيل على جمرتان متوهجتان.
-حاضر حاضر
الان ستعـ.ـا.قبي على ما تفعلينه بي، سأقضم بفمي تلك التفاحتين، حتى لا يشعلو اللهيب في جسدي مره اخري.
اعتصر خصرها بين ذراعيه، كلما حاول تقبيلها انتفضت، و اهتز رأسها يمين و يساراً، امسك رأسها بكفه من الخلف مثبته لوجهه، و بدون سابق إنذار انقض على كرزيتيها ملتهمهم،
في قبلة عنيفه قوية تحولت بعد دقائق الي قبلة رقيقة حنونه، حين وجدها لفت يدها حول عنقه، تشبك اصابعها في خصاله القصيرة، تعلن له موافقتها عن ما يفعله بها،
ابتعد عنها قليلاً، ليراها تخفض عيناها خجلاً منه، ليزيد من حنقه عليها.
-مش كفاية كده بقى و لا ايه، يلا عشان الولاد بره، و اوعدك لما يمشو هنتكلم تاني في الموضوع ده.
❈-❈-❈
ظلت جالسه علي حافة الاريكة ملتزمة الصمت، عنـ.ـد.ما جوارها الصغار في وسط الاريكة يشاهدون افلام الكارتون المحببه إليهم.
هتف مالك الصغير وهو يشير على الشاشة بأصبعه الصغير.
شوفتي يا شذى انتي شبه روبنزل ازاي، اهو عشان تصدقيني، وعمو مالك كمان شبه يوجين
شذي بحب، وهي تحتضن مكة التي غفيت بجوارها.
لاء يا مالك يوجين من غير دقن وعمو مالك احلى منه بكتير.
مالك الصغير ضامم حاجبيه لها
-هو يقول انتي احلى، و انتي تقولي هو احلى، بس انا بقى شايف انكم شبهم اوي.
-خلاص يا عم ، و لا تزعل نفسك نبقى شبههم.
قالها مالك و هو يقف خلف الاريكة، مستمتعاً بهذا الحوار، و بيده غطاء ثقيل اتي به ليدثرهم من البرد.
ثم جلس بجوارهم يكمل معهم مشاهدة الفيلم، و مشاهدة حمرة وجنتيها من الخجل.
بعد أن تركته و ذهبت الي مخبئها، ظل جالساً على مقعده، يفكر في تلك الجمله المبهمه التي القتها على مسامعه.
لما هي خائفة هكذا، الا تثق به اتظن انه لا يقوي على حمايتها.
من هؤلاء، و لماذا تخشاهم هكذا.
ليتها تريح رأسه، و تجيبه عن كل هذه الاسئله.
ظل هكذا الي ان رن هاتفه، يعلن عن وصول صديقه بأطفاله أسفل البناية.
فوقف متجه الي غرفة نومهم، ليجلب جاكته منها.
فتح الباب عنوة، لتنتفض و هي جالسة، ليرمقها بنظرة غائرة غير مفهومة.
سحب جاكته و ارتداه مغلقاً سحابه عليه، و ترجل خارج الغرفه دون الالتفات لها.
❈-❈-❈
عادت مرة أخرى الي جلستها، تنظر امامها في صمت الي ان رن هاتفها هي هذه المره، جلبته من علي الكمود واجابت الاتصال.
شذي بنبرة حـ.ـز.ن
-الو
اتاها صوت والدتها الحنون مرحبة بها.
َ-ايوة يا عروسه، ازيك يا قلب امك طمنيني عليكي.
لكم الامتها تلك الكلمة، كادت ان تبكي، تمنت ان تكون بجوارها الان حتى تنتحب على صدرها.
لكنها تغاضت عن كل هذا، و بدلت الحـ.ـز.ن بفرحة، رسمت الابتسامة على وجهها.
-انا كويسة انتي اللي حشـ.ـتـ.ـيني و  اوي يا ماما، عاملة ايه يا حبيبتي
-زي الفل يا حبيبة قلبي، مش ناقصني غير اني اشوفك، بس اعمل ايه مضطرة اصبر، و اسمع كلام جوزك يا ستي، و نستني لحد ما ترجعو.
-معلش بقى يا ماما كلها يومين، ونيجي نزوركم.
ماجدة بشهقة
-تيجو تزورونا ليه هو انتو مش هاترجعو تعيشو معانا هنا.
شذي بهدوء
-لاء مالك بيقول اننا هانستقر هنا في الشقة، و بصراحه انا موافقاه الرأي ده، عشان ابقى على حريتي يا ماما.
ًماجده متفهمه
-خلاص اعملي اللي يريحك يا قلب امك، و انا يهمني ايه غير سعادتك بس، لما تيجو لازم تباتو معانا كام يوم، مـ.ـا.تمشوش علطول في نفس اليوم ماشي.
شذي منتهزه الفرصة
-مش عارفه بقى يا ماما هنلحق ولا لاء، اصل الظابط اللي ماسك قضية بابا اتصل على مالك، و قاله انهم قبضو على أشرف، و اني لازم اروح اشهد انا كمان.
ماجدة برعـ.ـب على ابـ.ـنتها
-يا لهوي تروحي فين لاء طبعاً، و انتي مالك اصلاً بالموضوع ده، اقفلي اما اكلم مالك وافهم منه اقفلي.
-لاء يا ماما و النبي، احسن هيتعصب عليا ويقولي لحقتي تبلغيها.
ماجدة مغلقة معها الحديث
-ليه هو كمان ماكنش عايزني اعرف، اومال لو مش
هتقوليلي انا هاتقولي لمين يا قلب امك.
لتغلق الهاتف معاها دون سلام، رفعت هي كتفيها بلا مبالاه، وهمست لنفسها و هي تتجه نحو ملازمها
-اللي يجرا يجرا بقى، يعني هي هاتتربق على دmاغي اكتر من كده ايه.
اتجهت الي غرفة الملابس، لتبدل منامتها الي جلباب مخملي فضفاض، ساقطة اكمامه لتظهر بياض كتفيها.
ثم اتجهت نحو الفراش، و حملت ملازمها و ترجلت بهم الي الخارج حتي اقتربت من طاولة الطعام.
و جلست على مقعدها، و بدئت في مزاكرة ما فاتها.
للتفاجئ بعد مرور فترة وجيزة، بفتحه لباب الشقة، و ولوجه للداخل، بحوزته طفلان صغيران.
كانت تظنه ترجل للخارج، ربما ليبتاع بعض الأشياء، لكنه اخاب ظنها، و اتاها بصغيران لا تعرفهم.
مالك محدثاً الصغار
-يلا يا استاذ اتفضل ادخل انت و اختك.
دلفو الصغار بمرح، و هم يضحكون الي ان رأوها تجلس أمامهم.
ارتاب مالك الصغير في تلك الجميلة ذات الأكتاف البلورية العارية، و الشعر المموج على ظهرها، و همس و هو يشير بأصبعه، و يميل عنقه محاولاً تقيم اياها.
-مين دي؟
وقفت اخته بجانبه تنظر لها بدهشه
-اه ثحيح مين دي يا عمو مالك؟ احنا اول مره نثوفها.
مالك الصغير مجيب على اخته
-دي شبه روبنزل!
مكه معترضة
-لاء دي ثبه ميردا….
-لاء دي عيونها لون عيون روبنزل وبيضة زيها.
-لاءه دي ثعرها كيرلي و طويل وبيضة زي ميردا.
-روبنزل.
-ميردا.
-انتو اللي مييين؟
صرخت بها شذي ،التي هبت واقفه تدق بكفيها علي الطاوله.
تراجع الطفلان للخلف بخـ.ـو.ف، ليجدو يديه تلتف حولهم و يضمهم اليه ليطمئنهم.
لترفع عيناها في عينه منتظره الاجابه، لكنه لم يريحها، و تحاشي النظر عنها، تخطاها مجتذب الصغار للداخل، وجلس بهم على الاريكة.
لتهمس له مكه
-هي دي العلوثة بتاعتك يا عمو مالك مث كده.
رفع حاجبه معجباً بهذا الحديث
-اه يا ست مكة دي عروستي انتي بقى مين اللي قالك؟
مكة بوداعه
-مامي طبعاً.
مالك ضاحكاً
-طبعاً و انا هاستعجب ليه…
استدار الصغير يقيم تلك التي مازلت واقفه، تنظر لهم بريبة
-خد بالك هي حلوه اوي، لاء دي جميلة خالص، بس فيها عيب واحد.
مالك ملتفتاً بوجهه لها
-عيب واحد بس، انت شايف كده يعني، طب يا ترى ايه هو العيب ده بقى؟
مالك الصغير محاولاً اغاظتها
-انها بتخـ.ـو.ف.
شهقت و اشارت بيدها على نفسها، و هتفت بصراخ
-انا بخـ.ـو.ف، مين دول يا مالك!
حمل مالك الصغير على قدmه، و هو يضحك خلسة و يزغزغه دون أن ترى تلك البسمه التي انارت وجهه، و زاد في اغاظتها.
-وطي صوتك، مش سامعه الولد بيقول عليكي ايه.
متهيألي مايهميكش اوي انك تت عـ.ـر.في عليهم،
ولو مش عجبك القاعدة هنا، ممكن تتفضلي على المخبأ بتاعك تقعدي فيه براحتك.
شذي بتهكم واضعه كفيها في جانبي خصرها.
-يعني حضرتك عايز تحدد اقامتي في بيتي، عشان عايلين انا ماعرفش هما مين.
اجلس الصغير على الاريكة، وقف ملتفتاً لها، مندهشاً من تلك الكلمه، التي خرجت من ثغرها، و هي لا تعي معناها.
-بيتك!
انتِ مش قولتي قبل كده ان ده مش بيتك، و لا عمره هيكون.
احنت رأسها بحـ.ـز.ن، و استرسلت كلمـ.ـا.ت تكاد لا تصل إلى اذنيه من شـ.ـدة همسها.
-انت عايز ايه، انا مابقتش فهماك.
ما كان منه إلا أنه تحرك نحوها بسرعه، اخذاً يدها الصغيرة في راحة يده، متجهاً للداخل و هو يهتف للصغار.
-خليكم هنا مـ.ـا.تعملوش شقاوة، لحد ما ارجعلكم.
هتف الصغير المشاغب، و هو يراقبهم من علي حافة الاريكة.
-مـ.ـا.تزعلهاش يا عمو، دي كتافها حلوة و بيضة.
بعفوية رفع كتفي جلبابها عليها وضمها اليه، يداريها من عين ذلك اللعين المشاكس، صارخاً فيه.
-ولاااا احترم نفسك يا حـ.ـيو.ان
ضحكو الصغار سوياً، ومد هو خطاه للداخل.
❈-❈-❈
التفت يدها حول خصره متمسكه به جيداً ، لتستنشق عبيره، تشبع رأتيها و تملئهم برائحة عطره.
ولج بها إلى داخل غرفتهم، و فك حصار يدها من حولها، و اذا به يغلق الباب و يثبتها خلفه، وقف امامها بكل شموخ واضعاً يديه في جيب جاكته.
-مش عارفة انا عايز ايه يا شذى، دانا طول الوقت مافيش على لساني غير كلمة واحده الحقيقة، اتكلمي عايز الحقيقة، ليه كل الخـ.ـو.ف ده، ومين دول اللي هيقــ,تــلوكي لو شافوكي هناك.
ألقت بنفسها داخل حـ.ـضـ.ـنه، لفت يدها بتملك مره اخرى حول خصره، غمرت وجهها في صدره و همست:
-كل اللي قولته ليك هو الحقيقة، و مافيش حاجة تانيه مخبياها عنك يا حبيبي.
اخذ نفساً عميقاً مستنشقاً نسيم شعرها الاخاذ داخل صدره، متصنعاً الجمود هامساً لها.
-كـ.ـد.ابه ودا عيب تاني فيكي، ماقلهوش مالك الصغير، و مكالمتك مع مامتك، و خـ.ـو.فك من انك تروحي اسكندرية، ده كله وراه حاجات كتير هعرفها منك، أو من غيرك يا شذى،
ليدفشها من أمامه على الفراش، و يفتح الباب أمراً لها…
-ارفعي كتافك دي وغطى نفسك يا هانم، و اوعي تفكري اني زي اللي كنتي ت عـ.ـر.فيهم قبل كده ممكن اجري ورا شهواتي.
جلست على الفراش تشهق وتبكي بصوت مرتفع، لقد اذلها بكلمـ.ـا.ته، رفض حبها و ربما يكون كرهها.
كان عليها إن تحرس في كلمـ.ـا.تها اكثر من ذلك، حتى لا تزيد الافكار في رأسه، يا لها من متسرعه غـ.ـبـ.ـية تعيسه.
وعلى حين غره، زُج باب الغرفه بيدٍ صغيرة، و من تكون سوي تلك الجميلة مكه.
وقفت بجانبها تنظر إلى عيناها الدامعة، لترفع كفها الرقيق وتملس على فخذها برفق.
-معلث مـ.ـا.تسعليث هو عمو مالك ضلبك ولا ايه، خلاث بقى مـ.ـا.تعيطيث، انا هاقول لمامي تسعق ليه سي ما بتسعق لبابي.
شذي مجففه دmعتها بيدها، و تضحك على كلمـ.ـا.ت الصغيرة
-مامي دي بقي تبقى مين،
استنى مـ.ـا.تقوليش انتي بـ.ـنت رانيا و حسام مش كدة.
مكه بضحكة
-أه انا بـ.ـنتها ثبها مث كده.
رفعت شذي الصغيرة على قدmها، و ضمتها ضاحكة معها
-لاء انتي احلى بكتير، قوليلي بقى اسمك ايه
اجابتها الصغيرة، تبادلها الاحتضان
-اثمي مكه و اخويا اثمه مالك.
شذي بغـ.ـيظ من ذلك الغليظ الصغير
-اه اخوكي اللي بره ده واد… و لا بلاش، محاولة تغير الموضوع.
بس انتو ايه اللي جابكم هنا لوحدكم، و فين بابي و مامي.
مكه بمرح
-راحو يتفثحو لوحدهم، و احنا طلبنا منهم اننا نيجي لعمو مالك، عثان احنا بنحبه اوي و بنحب نقعد معاه.
شذي بغـ.ـيظ اكثر، و كأن نيران الغيرة اشتعلت في وجهها
-اه يا بختها مامي، هي تتفسح و انا اتحبس لوحدي في كل الشقة دي.
مكه مقربة اذنيها منها
نبتقولي ايه؟ انا مث سمعاكي.
شذي منتبهه لها
-هاه مش بقول حاجه، تيجي اعملك شعرك ضيفرة حلوه..
مكه متذكرة
-زي بتاعت روبنزل.
-اه بالظبط هتبقى زيها.
-ماثي بث انتي كمان تعمليها.
-حاضر يا ستي، و ايه رأيك بعد كده نروح نعمل شوية سندوتشات لينا كلنا…
مكه بفرح
-و ناكل كيك كمان، يلا بثرعه اعمليلي ثعري عثان اقولهم.
❈-❈-❈
ها هي تظهر من جديد، بتلك الجديلة الجميلة التي توضح امتلاء وجنتيها، صغر انفها، شفتيها المكتظه.
لكنها مازالت محتفظه بهذا الاحمرار الغاضب على وجهها بالكامل، و هذه المره من سماع صوت ضحكات الصغار معه، مرحهم ولعبهم سوياً.
رأها هو و توقف عن اللهو معهم، لكم احب طلتها هذه،إن وجهها حقاً ملائكي، للحظة نسي كل شئ من حوله، و كاد ان يتوجه لها كالمسحور.
لكن الصغير نبهه بأندهاشه حين رأها أيضاً و هتف
-روبنزل
مالك هامساً له
-لاء هي احلي
ابتعدت بنظرها عن عينه التي تراقبها، و اشارت للصغيرة بأن تذهب إليها، لتركض مكه مهروله نحوها،
ولجو سوياً داخل غرفة طهي الطعام ليصيح الصغير و هو يجري إليهم.
مالك الصغير
-استنوا خدوني معاكم.
ابتسم مالك على هذا المشهد، و تمني بداخله ان يأتي اليوم و يرى طفلاً لهما يركض خلفها هكذا، رفع يده للسماء و دعا ربه متمتماً.
-ربنا يهديكي يا شذى يا رب.
جلس على الاريكة، و حاول ان يشغل نفسه بالعمل، فتح جهاز حاسوبه النقال يشاهد عليه فيلم وثائقي عن عملية جراحية.
لكنه بالاساس كان يشاهد حركاتهم المضحكة معها، هي تصنع لهم قالب الكيك و هم يضعو على وجنتيها الحلوى، و يقبلوها ضاحكين.
استدارت الي الفرن الكهربي حتى تشغله، لكنها لا تعرف كيف يعمل، فنظرت اليه و هو يجلس بالخارج.
توارت عينه عنهم بسرعه قبل أن تراه، او هذا ما كان يظنه، ليسمعها تناديه و هي تقترب نحوه بهدوء.
شذي بحرج منه
-ااحم مالك انا مش عارفة اشغل الفرن، ممكن تيجي تشغله.
هب واقفاً راسماً الانفعال على وجهه، و تحاشي النظر لها، يسبقها في الخطى محدثها بخشونه.
-اكيد طبعاً، تعالي اما اعلمك بيشتغل ازاي، بدل ما تولعي في البيت كله.
كاد ان يلج لكنه توقف حين لاحظ جمودها مكانها، و الدmـ.ـو.ع تتلئلئ في عينيها تهدد بالسقوط.
تمزق قلبه عليها، لكنه ظل على عناده، صاح فيها بقوه…
-مستنية ايه، اخلصي و تعالي خليني اشوف شغلي.
ازاحت بكفها دmعه انزلقت على وجنتها بالفعل، و لحقت به.
وقف يشرح لها كيفية تشغيل الجهاز، ومد يده ليقبض على كفها بقوه، و هو يوقفها امامه.
-ده زرار التشغيل اضغطي عليه، وده زرار الحراره لفيه على الدرجه اللي انتي تحدديها، و ده زرار الوقت تشوفي هتشغليه وقت اد ايه، و هو هيفصل لوحده بعد كده.
لم تسمع اي كلمه قالها، كانت تنظر اليه و دmـ.ـو.عها تنهمر بهدوء تام.
رفع عينه لها ليري وجهها هكذا، ومراقبة الأطفال من خلفهم، يشاهدون هذا الموقف،
ليترك يدها التي احمرت أيضاً من ضغط يده، و همس لها امراً…
-روحي اغسلي وشك، متخليش الولاد يشوفكي كده.
جرت على غرفتها، و القت بثقلها على الفراش، كاتمه شهقاتها في الوسادة.
الي ان شعرت به، يقف بجانب الفراش.
وقف حائراً من لهفته عليها، تلك الغـ.ـبـ.ـية تملكت قلبه بأكمله، و بعاندها تحارب عقله بقوة، لو بيده الان لكان انتشلها من رقدتها هذه.
وأغلق عليها بين ذراعيه، لكنه و بالطبع أصر على أن يكمل خطته معها.
-شذي انا قولتلك روحي اغسلي وشك، مش روحي كملي عـ.ـيا.ط، قومي كملي الكيك اللي كنتي بتعمليه للولاد، واعملي ليهم السندوتشات اللي قولتي عليها ، انا خرجتهم من المطبخ و هما مستنينك في الليفنج بره.
لم تجيبه و لم تسكت شهقاتها، ليمد يده و يجتذبها حتى تقف أمامه و هو يأمرها.
-بقولك قومي يا شذى!
شذي بضعف محاوله افلات يدها من يده، و بحر عيناها يفيض بلالئ تسيل على جمرتان متوهجتان.
-حاضر حاضر
الان ستعـ.ـا.قبي على ما تفعلينه بي، سأقضم بفمي تلك التفاحتين، حتى لا يشعلو اللهيب في جسدي مره اخري.
اعتصر خصرها بين ذراعيه، كلما حاول تقبيلها انتفضت، و اهتز رأسها يمين و يساراً، امسك رأسها بكفه من الخلف مثبته لوجهه، و بدون سابق إنذار انقض على كرزيتيها ملتهمهم،
ابتعد عنها قليلاً، ليراها تخفض عيناها خجلاً منه، ليزيد من حنقه عليها.
-مش كفاية كده بقى و لا ايه، يلا عشان الولاد بره، و اوعدك لما يمشو هنتكلم تاني في الموضوع ده.
❈-❈-❈
ظلت جالسه علي حافة الاريكة ملتزمة الصمت، عنـ.ـد.ما جوارها الصغار في وسط الاريكة يشاهدون افلام الكارتون المحببه إليهم.
هتف مالك الصغير وهو يشير على الشاشة بأصبعه الصغير.
شوفتي يا شذى انتي شبه روبنزل ازاي، اهو عشان تصدقيني، وعمو مالك كمان شبه يوجين
شذي بحب، وهي تحتضن مكة التي غفيت بجوارها.
لاء يا مالك يوجين من غير دقن وعمو مالك احلى منه بكتير.
مالك الصغير ضامم حاجبيه لها
-هو يقول انتي احلى، و انتي تقولي هو احلى، بس انا بقى شايف انكم شبهم اوي.
-خلاص يا عم ، و لا تزعل نفسك نبقى شبهم.
قالها مالك و هو يقف خلف الاريكة، مستمتعاً بهذا الحوار، و بيده غطاء ثقيل اتي به ليدثرهم من البرد.
ثم جلس بجوارهم يكمل معهم مشاهدة الفيلم، و مشاهدة حمرة وجنتيها من الخجل.
غفو جميعاً على الاريكة الا هو، ظل جالساً بجوارهم يدثرهم جيداً، و يحاول ان يضمهم اليه حتى يشعرو بالدفئ.
بدون أن تشعر احتضنت الصغيره جيداً، وأمالت رأسها على صدره، و ذهبت في نوم عميق.
وصل صديقه أسفل البناية ليأخذ أولاده، فقرر ايقاظ مالك الصغير، وحمل مكه ليذهبو الي والدهم.
-مالك مالك يلا يا حبيبي عشان بابي وصل.
أشار له الصغير بالذهاب دونهم، وحاول النوم ثانية.
-قوله نايمين، خليه يمشي ويجي بكره.
ضحك مالك على شقاوة هذا الصغير، و قرر حمل الاثنان بهدوء.
-معلش يا حبيبي هو جيه خلاص، و طالع في الاسانسير، ماقدرش اقوله امشي تاني.
استيقظ الصغير، وانزلق قبل أن يحمله متفهماً.
-حاضر يا عمو، انا صحيت اهو ممكن ابوس شذي قبل ما امشي.
اومئ له رأسه بهمس مراقباً قبلته الصغيرة على وجنتها
-ممكن بس براحه عشان هي كمان نايمة.
قبل الصغير وجنتها، وابتعد عنها غامزاً بعينه له
-ابقى قولها اني بحبها هي كمان، و ان الكيك بتاعها حلو اوي.
مالك متجهاً بهم نحو الباب
-حاضر يا سيدي هبقي اقولها.
ليفتح الباب مرحباً بصديقه، ملقياً له ابـ.ـنته على ذراعه.
-حمدلله على السلامه يا باشا، ما تتفضل تدخل و الله.
حاول حسام الدخول مجيباً ترحيبه الساخر
-طيب
مالك موقفاً اياه بصدة يده
-طيب ايه رايح فين يا ز.. انت، الساعه واحده بعد نص الليل
حسام حاملاً ابـ.ـنته
-و فيها ايه دي، سيبني ادخل اريح شوية
مالك مذكراً اياه
-تريح فين، هو انا في الشقه لوحدي امشي يا لاا
حسام متذكراً
-اخ نسيت ان مراتك جوه، طيب اقولك سلام انا بقي يلا يا مالك.
هتف الصغير ملوحاً له بيداه
-يلا يا بابي سلام يا عمو مالك ابقى بوسلي شذي لما تصحى.
مالك مبتسماً له
-حاضر يا حبيبي سلام.
❈-❈-❈
و بعد أن اغلق الباب، اتجه إليها و حملها لتنعم بنوم مريح في فراشهم. لتسقط أكمام جلبابها من علي اكتافها.
و هي محموله على ذراعه، مظهره بياض جلدها الرقيق.
ابتلع لعابه بصعوبه، كل شئ بها يجذبه، أهدابها الكثيفه، وجنتيها الحمرواتان بتلك الغمازتين المغمورتين فيهما،
شفتيها المكتظة التي تلهبه شوقاً، جسدها الأبيض البض ، هل يعقل ان يتجنب كل هذا ،يغض بصره عن من، انها زوجته مليكة فؤاده.
ارقدها على الفراش بكل هدوء، لكنه ظل مسحور بها مشـ.ـدود إليها، ليغمر وجهه في ثنايا عنقها يقبلها قبل رقيقة ناعمه يبث لها مدي شوقه.
ظناً بذلك انها لا تشعر به، لكنها خيبت ظنه،
فتحت عيناها بتثاقل،
و هي تشعر بخشونة لحيته على عنقها، فابتسمت دون أن يراها،
حبيبها برغم قسوته وعناده، لا يطيق الإبتعاد عنها.
قررت هي الاخري ان تجذبه لها اكثر، تعلمه انها متشوقه له، مستجيبه للمساته الساحره على جسدها.
تململت بجسدها تحت ذراعيه، حاوطت عنقه بساعديها تريد اقترابه، هامسه بجانب اذنه..
-مالك
شعر بتململها، بهمستها له، بالتفاف ذراعيها حول عنقه فأحلهم مبتعداً عنها هاتفاً.
-نامي يا شذى مافيش حاجه.
اغمضت عيناها بألم، وضمت نفسها هامسه له
-انا سقعانة
اجتذب الغطاء مدثرها جيداً و ابتعد ثانيةً.
اعتدلت متحيرة من بُعده لها وهتفت قبل أن يترجل خارج الغرفه.
-رايح فين، مش هتنام
التفت لها مندهشاً، احقاً تريد اقترابه، اَم هي خائفة من البُعد
-لاء كملي نومك انتي انا هدخل اخد حمام واتوضي و هاقيم الليل شوية.
احنت رأسها بخجل.
-طب مـ.ـا.تدخل الحمام اللي هنا، لوسمحت خليك جانبي وصلي هنا مـ.ـا.تسبنيش لوحدي.
أومئ برأسه لها كالمسحور دون أن يتكلم، واذا به يدلف الي المرحاض ويغلق الباب من خلفه.
زينت وجهها بأبتسامة هادئة، واراحت رأسها على وسادتها عائدة لغفوتها مره اخرى.
وبعد فترة ليست وجيزة، انفتح باب المرحاض نصف فتحة، لكنه لم يظهر منه إلا رأسه فقط، يتجه بعينه نحو الفراش، ليتأكد انها خالدة للنوم.
ليظهر بجسده العاري تماماً فقط يلف خصره بمنشفه قصيرة، ويسرع في خطاه ليختبئ داخل غرفة الملابس، وهو يوبخ نفسه ببعض الكلمـ.ـا.ت.
كنت بتلومها وبتزعق ليها لما شوفتها بالبشكير، ابقى افرح بنفسك بقى لما تصحى وتشوفك بالفوطة، و تفضل تصرخ ليك بصوتها ده.
❈-❈-❈
إحساس كبير بالراحة مسيطراً عليها، صوت القراءن يشعرها أنها محلقة بالسماء وسط الملائكة.
أعتدلت جالسة تفرك عيناها بيديها، للحظة ظنت انها غافيه في فراشها في بيت خالتها، ومكبرات صوت المساجد تصدح قرأن الفجر من حولها.
لكنها تفاجئت انه صوته هو، يرتل كلمـ.ـا.ت ربه بصوتٍ جميل، لم يتركها وحدها كما طلبت منه، فضل ان يبسط سجادة صلاته ويصلي بالغرفه،
كم الساعة الان لقد مر وقت طويل على غفوتها، انه مازال يقيم الليل.
وضعت يدها أسفل وجنتها، وتركت العنان لدmـ.ـو.عها، حين استمعت لبكائه.
نعم يسجد لربه بخشوعٍ تام وتخرج منه الكلمـ.ـا.ت مصتحبه دmـ.ـو.ع عينه.
إن زوجها ذلك الصخر الصلب، يمتلك قلبً حنون رقيق هاشاً جداً.
ها هو ينهي صلاته بالدعاء لها، والتف جلساً على الأرض ينظر الي دmـ.ـو.عها، لم يخزي من أن ترى هي الاخري دmـ.ـو.عه، لربما تشعر باحتراق قلبه.
أنتفضت من فراشها وجرت عليه ألقت بنفسها بين ذراعيه تدث جسدها بداخلهم وتتشبث بخصره بقوه،
و بدوره كان يضمها جيداً، رفعها على قدmه وأغلق على ظهرها بيديه.
ظلو على هذا الوضع وقتٍ ليس بقصير، الي ان هدئو سوياً و هَم ليحملها ويتجه بها نحو الفراش حتى ينعم بقسط من الراحة.
ارقدها وتمدد بجانبها مغلقاً عينه بوهن شـ.ـديد، لكنها قررت أن لا تريحه و تزيد من ارقه،
جلست وجذبت شيئاً من داخل الكمود، ثم استدارت له..
-مالك.
لم يفتح عينه امرها بهدوء.
-ششششش نامي يا شذى، احنا هنصحي بدري عشان اوديكي الحسين والحق اروح شغلي.
شذي برجاء
-لاءه مش عايزه اروح عايزه افضل هنا معاك.
فتح عينيه مندهشاً من خـ.ـو.فها غير المبرر له:
-الله في ايه يا شذى، مانتي عارفه اننا هانروح عشان الليلة اللي عاملينها في البيت هناك، وانا قايلك اننا هنرجع على هنا تاني.
-يعني مش هتسيبني هناك، وترجع لوحدك.
اتكأ على عضدده ملتفاً بجسده لها ضامم حاجبيه
-لاء مش هسيبك هناك يا شذي.
احنت رأسها بخزي منه وهمست وهي تمد له ما في يدها.
حتى بعد ما تعرف اني باخد البرشام ده!
اعتدل جالساً اخذاً الدواء منها مستفهماً:
-برشام ايه ده؟
تهجم فجأةً و هو يقرأ اسمه و دواعي استعماله
رفع عينه عنه لينظر لها بوجهٍ لا يبشر بالخير٠
مالك بصوت مثل فحيح الافعى ممسكاً شعرها بقوة
-انتي عارفه البرشام ده بتاع ايه و بيتاخد ازاي امك عارفة انك بتاخدي البرشام ده ؟
اغمضت عيناها تفيض بحرهم و ارتجفت من رد فعله
-لاءه ماما مـ.ـا.تعرفش حاجه اوعي تقولها، و لو هتفهمني غلط من الاول مش هاتكلم
لينفعل اكثر و يثور عليها مشـ.ـدداً على شعرها بقوة
-استنى و افهم ايه، البرشام ده باتخده
الست الحامل اللي بتبقى عايزة تتخلص من الجنين، انتي بقى هاتخديه ليه غير كده..
عشان يجيلي نـ.ـز.يف والله انا بابلعه مش باخده بأي طريقة تانيه.
قالتها شذي بلفهة تحاول أن تبرر له موقفها لكنها تفاجئت بأجابته.
لأول مرة تتلقى صفعة من يده على وجنتها!
لأول مرة تعلم انه مثله مثل من سبقوه من رجـ.ـال في حياتها!
شذي بقهرة قلب منفطر على حبيب ظلمها
-عرفت ليه انا ماكنتش عايزة احكي ليك حاجة، ومن قبل ما اتكلم حكمت عليا من غير حتى ما تديني فرصه ادافع عن نفسي.
مالك منتفضاً من جانبها ناهراً اياها بكلمـ.ـا.ت ساخطة
-فرصة انتي لسة بدوري على فرصه، ماخلاص يا هانم انا كفاية عليا اللي عرفته، لسه في ايه تاني هاتو.جـ.ـعي قلبي بيه.
تركها تبكي بصوتها المرتفع وجلس بالخارج على الاريكة ثائراً و من شـ.ـدة انفعاله بكى
-للدرجة دي كرهاك، بتأذي نفسها بالطريقة دي عشان مـ.ـا.تقربش ليها، غـ.ـبـ.ـي هاتصدقها بكلمتين تافهين ضحكت عليك بيهم،
عيب عليك دا المفروض انك دكتور كبير وفاهم في أمور الطب كويس، هتيجي على اخر الزمن حتة عايلة زي دي تضحك عليك،
ولا عشان علقت نفسك بيها، هتتغاضي في دي كمان.
لالالالا البـ.ـنت دي خلاص من دلوقتي مش تلزمني، بس عشان خاطر امها انا هسيبها على زمتي شهر لحد ما اوفر ليهم مكان تاني يقعدو فيه و بعد كده هطلقها.
❈-❈-❈
الساعة الثامنة صباح يوم الخميس.
مازال كلً منهما محتفظاً بيقظته، هو يجلس بالخارج وقد عزم أمره انه سينفصل عنها ،
وهي جالسه في الفراش تفكر فيما حدث بينهم، ولماذا فعلت بنفسها هذه الفعلة، كان عليها إن تلتزم بسرها ولا تبوح به له،
كيف هداها تفكيرها انه سيرحب بما قالته، حتى وان كانت تظنه لم يفكر بها السوء كما قال، هل كان سيفرح بأنها لا تريد اقترابه منها.
افتعلت النوم حين دلف عليها الغرفه بملامح جافة، جلس في مؤخرة الفراش معطيها ظهره منحنياً بجزعه للأمام.
مالك بسخرية
-انا عارف كويس اوي انك صاحية، قومي يا مدام غيري هدومك دي، عشان اوديكي الحسين.
انتفضت من تكويرتها بهجوم
-انت تقصد ايه بمدام دي انا لسه انسه على فكرة.
مالك مكررها ضاحكاً
-انتي لسة هاتنكري، ما خلاص يا مدام البرشام اللي بتخديه وضح كل حاجه
شذي بصراخ
-قولتلك انا لسه انسه، انت سمعت نص الكلام، وسجلته في عقلك وحكمت عليا،
طب اسمع مني باقي الحكاية وبعديها ابقى احكم عليا زي مانت عايز،
مش انت اللي كنت عايزني اتكلم، لتقترب منه وتحاول التمسك بذراعه.
طب مش انا مراتك، خدني اكشف عليا، ثم صرخت بأنفعال..
اوحتي خد حقك الشرعي مني يا اخي
-اخرسييي
قالها مالك وهو ينفض كفيها من عليه مبتعداً عنها…
-ماكنتش اعرف انك بج…. كمان، يا ريتك فضلتي ساكته ولا انك تصارحيني ب… دي،
الشيخ مالك الرفاعي يا هانم مش بياكل من طبق غيره اكل قبله منه، مش بيلبس جز… غيره لبسها قبله.
❈-❈-❈
جلس منتظرها بالخارج بعد أن اهانها تلك الإهانة التي لا تغتفر، و ارتدي ملابسه وترجل وهو يمسك بيده ادناء و حجاب الرأس ونقاب للوجه، القاهم لها أمرها بأن تجهز اشيائها وترتديهم وتتتبعه سريعاً.
بعد غضون بضعة دقائق، اتاته منحنية الرأس دmـ.ـو.عها تغرق ذلك النقاب الذي حجب عنه رؤية وجهها الجميل.
وبرغم تلك الوخزة التي تملكت قلبه، الا انه وقف كجبل من جليد يكمل اوامره لها.
-اسمعي انتي هاتروحي تقعدي مع امك في الحسين، هانفضل متجوزين شهر،
في الشهر ده هافتعل اي خناقات معاكي ، هازعق ليكي على اتفه سبب، لحد ما امك هي اللي تطلب اني اطلقك.
شذي بصوت متحشرج لكن اكتسبت نبرة الشجاعه والاعتلاء
-والله متشكرة اوي لزوقك وكرم اخلائك، بس انا بقى اللى رافضة عرضك ده، و بقولك من دلوقتي اهو انا عايزة اطلق.
في لمح البصر كان ممسكاً بعضضها، رافعاً نقابها من علي وجهها، هامساً لها بصوتٍ مرعـ.ـب.
-مش بمزاجك يا مدام، انتي مش في محل قبول او رفض، وانا اذا كنت بعمل كده فاده عشان خاطر خالتي بس مش اكتر، اتفضلي قدامي يلا.
❈-❈-❈
في تمام العاشرة كان يقف أمام منزل ابيه العتيق، والذي ازهله انفراج بابه في هذه الساعه المبكرة.
مالك ملتفتاً اليها
-على ما يبدو إن الحجة مجيدة بدئت التحضيرات لليلة من بدري،
ثم رمقها بنظرة ساخرة.
-ادخلي يا عروسة، يا صاحبة الصون و العفاف
تنحي لها جانباً لتسبقه للداخل.
عنـ.ـد.ما ولجت للردهه الواسعة وجدتها خالية منهم، حمدت ربها سراً وأطلقت العنان لساقيها،
تجري نحو الدرج لتصعد للأعلى، حتى يتثني
لها الاختباء من عيون الجميع.
لكنه لم يرأف بها، زاد من احتقانه تجاهها و قرر زيادة الضغط عليها، إذ اوقفها بصوته المتهجم.
-رايحة على فين.
التفت له، مطلقة علي وجهه أمواج هائجة مندفعة من بحر عيناها المستظلة تحت نقابها، و صرخت كعادتها.
-طالعه اوضتي، عندك مانع.
مالك مقترباً منها هامساً لها بحذر
-صوتك ده مايعلاش عليا تاني فاهمه، و اتفضلي ادخلي سلمي على امي وامك وبعدها ابقى روحي مكان مانتي عايزة.
قبض على كفها بيدٍ قوية، وتوجهه بها بأتجاه غرفة الطهي، وأثناء سيرهم أمرها بسخرية
-مـ.ـا.تحوليش تكشفي وشك جوه، عشان ماحدش يتخض من منظره يا عروسة.
حاولت سحب يده من بين قبضته، لكنه رفض فافجائته بلكمه قوية بالنسبة لها في كتفه.
التفت إليها قبل أن تخطو قدmاه الباب، ونظر لها نظرة ارعـ.ـبتها جعلتها ترتد للخلف خطوة.
مالك بغـ.ـيظ منها
-حاضر حسابك معايا بعدين، انا هاعرفك ازاي ترفعي ايدك عليا.
دلف بها ليجد الغرفة ممتلئة بالنساء، و والدتهما منهمكتان في طهي الطعام، ليلفت نظرهم بحضورهم.
-السلام عليكم جميعاً
ما ان القى السلام، الا واصدحت الزغاريد، و انهالت عليهم التهاني.
انتشلت الحجة مجيدة يدها من ماجور العجين و اذا بها تجذبه بين ذراعيها و هي تلقى زغروطة عالية تعبر بها عن فرحتها.
-حبيب امك الف مبروك يا نور عيني، حمدلله على سلامتكم يا عرايس.
مالك ضاحكاً بشـ.ـدة
-ههههههه الله يسلمك يا حبيبتي، بهدلتيني عجين يا ام مالك.
-يا اخويا عادي، يعنى هيا اول مره يا واد يا دكتور، وسعلي كده لما أرحب بالقمر بتاعتنا اللي مستخبية فيك دي.
لتشهق بفرحة حين رأتها…
-و كمان خبيتها تحت النقاب، ليك حق هو حد بردو يسيب القمر دي لكل من هب و دب يشوفها، دانتي حتة الماس، و لازم يخبيكي من العين يا عروستنا.
شذي وهي تري ابتسامته الصفراء…
-ربنا يخليكي يا خالتو ازيك انتي عامله ايه.
-مش هاتسلمي عليا يا ماما ولا ايه
ماجدة بتحفز لمالك
-حمدلله على السلامه يا دكتور، ماقولتش لينا يعني ان شذي لبست النقاب
مالك ضامم حاجبيه بإستنكار
-عادي يعني يا خالتي، اظن دي حاجة خاصة بينا احنا الاتنين، و مـ.ـا.تزعلش حد، بالعكس دي المفروض تفرحك.
-المهم انها تكون مقتنعة بيه
-اسأليها اهي قدامك
ماجدة مقتربة من ابـ.ـنتها
-مقتنعة بيه يا شذى؟
شذي ناظرة في عينه برجفة
-ايوا يا ماما مقتنعة الحمد لله.
لا تعلم لماذا انقبض قلبها، سحبت ابـ.ـنتها، و ترجلت للخارج بعيداً عن النساء، و بدون ان ترفع وشاح وجهها فاجئتها بسؤالها.
-بتعيطي ليه يا شذى؟
لحق بهم و وقف موصود اليدين، منتظراً ردها على والدتها…
لكنها التزمت الصمت، حين لاحظت وجود خالتها أيضاً.
مدت والدتها يدها، رفعت نقابها عن وجهها،
ارتدت خطوه للخلف بفزعة على ابـ.ـنتها، حين وجدت وجهها احمر بالكامل، والدmـ.ـو.ع تفيض من عيناها بشـ.ـدة.
جذبتها ماجدة الي صدرها بخـ.ـو.ف عليها
-في ايه، قلب امك يا حبيبتي عملت ايه في البت يا مالك؟
مازال محتفظاً ببرودة قلبه، متماسكاً كجبلٍ ساكن.
لتنحيه والدته جانباً، تدخلت على الفور لهم، تحثهم للصعود للأعلى، قبل أن تلاحظ احد النساء ما يحدث بينهم.
-مالكم في ايه، اطلعو قدامي كلكم على فوق، قبل ما واحدة من الستات اللي جوه تسمعكم.
صعدو جميعاً للأعلى، اتجهو الي غرفة الام مجيدة، وبعد أن ادخلتهم اغلقت الباب، وتوجهت لأبنها بحدة.
-مراتك بتعيط ليه يا دكتور، جايبها يوم فرحها معيطة يا مالك
لم يحتد او ينفعل في الحديث، بل ابتسم لها ونطق بكل هدوء.
-ما تتكلمي، انطقي يا شذى قوليلهم بتعيطي ليه، اخلصي عشان عايز اروح شغلي.
تلك الكلمة كانت هي المنجية لها، اطرقت اهدابها سريعاً وهي تجمع الكلمـ.ـا.ت.
شذي بشهقات عاليا موارية عيناها منه
-اهو قالكم اهو قال عايز يروح شغله طب بزمتك يا خالتو في عريس برضو يروح شغله ليلة فرحه
وضعت كلاً من ماجدة و مجيدة يدهم على قلبهم يتنفسو الصعداء، بينما جحظت عينه مندهشاً من تلك الشقية المدعوة بزوجته،
لقد وجدت لنفسها مخرجاً من هذا المأزق دون أن ترتاب اي منهن فيها.
لتهم والدته بالضحك و تضمها لاحضانها
-هههههه يا شيخة خضتينا، احنا قولنا انتو زعلانين مع بعض لا سمح الله.
وجهت والدتها الحديث له
-طب والله معاها حق يا مالك، ما هو صحيح ازاي تروح شغلك يوم فرحك.
مالك وقد بدي الغضب يتملك منه موجهاً حديثه الي زوجته
-فرح ايه اللي بتتكلمي عنه ده، انتي صدقتي نفسك ولا ايه، عايزانى اتأخر عن عمليات المرضى اللي ورايا، واقعد جانبكم هنا.
تفاجئت ماجدة برده وحاولت تهدئة الموقف
-براحة بس يا مالك، شذي اكيد مـ.ـا.تقصدش بس هي فعلاً معاها حق، النهاردة بالذات لازم تبقى موجود دي ليلة فرحك يا بني.
-فرح ايه انتي كمان، انتو بتكدبو الكدبة وتصدقوها، احنا بقالنا اسبوع متجوزين يا هوانم….
قالها مالك وهم بالخروج من الغرفة متوجهاً نحو غرفته.
ماجدة بعصبية
-شايفة ابنك يا مجيدة….
وقفت الام مرتابة في أمر أبنها، هي متأكدة ان هناك امر اخر يعصبه، خصوصاً بعد أن صدmو بصياحه عليها بصوتٍ جهور.
-شذيييييييي
جرو نحو غرفته، ليجدوه يقف واضعاً يديه بخصره، تقدmتهم والدته حتى تفهم ما به.
-مالك يا بني من ساعة ما طلعت، وانت متعصب علينا ليه؟
رفع يده عن خصره، أشار لهم بوجه محتقن:
-ممكن توضحولي ايه المتعلق ده، و مين اللي جابه هنا…
كانت آخر من دلفت الغرفه، لترى امامها، فستان ابيض مرصع بالألئ الماسية، يشبه فساتين الاميرات،
انه فستان عرس، لقد احبته كثيراً، اي فتاة مكانها حين ترى فستان عرسها سترقص من شـ.ـدة الفرحة، لكن شذى كانت صدmتها اكبر من اي فرحة…
فضلت الصمت، لترى والدتها تواجهه بشراسه
ماجدة مجيبة سؤاله بتحدي
-يعني مش عارف ايه ده، دا فستان فرح و انا اللي جبته لبـ.ـنتي، اللي المفروض انها عروسه يا عريس….
انفعل من جملتها اكثر، واذا به يجذب ذلك الفستان بقوة، ليتمزق بين يديه ويتمزق قلبها معه.
-و بـ.ـنتك العروسة مش هتلبسه.
اغتاظت ماجدة من فعلته، صرخت بوجهه هي ترى وجهه ابـ.ـنتها تزداد حمرته، وعيناها تزرف الدmع بغزارة.
-ايه اللي انت عملته ده، لما انت رافض الفرح، كنت بتتجوز بـ.ـنتي ليه، و بتاخدها وتمشي من البيت ليه.
مالك بطريقة فاظة.
-مين قالك اني رافض بس دي مراتي، انا اللي اقول تلبس ده و مـ.ـا.تلبسش ده،
وبعدين مين قالك اننا عاملين فرح، احنا قولنا ليلة نطعم فيها اهل الله، مش فرح جايبنلي فيه فستان عريان، وعايزين تلبسوها وتفرجولي الناس عليها.
ماجده بصوتٍ مرتفع بعض الشئ
-وانا امها ومن حقي افرح بليلة بـ.ـنتي، ماكنتش عارفة اني بهرب بيها من القهر والهم هناك، عشان ارميها هنا في استبداد و تحكم.
قالت جملتها و هي تجذب ابـ.ـنتها، تاركة لهم الغرفة بأكملها.
جلس على الفراش، ضامماً حاجبيه منحني بجزعه للأمام، مستنداً برسغيه على فخذيه.
❈-❈-❈
#
كل ما حدث كان امام عيناها، مازالت متحفزة بصمتها، تحاول أن تلتقط خيطاً رفيعاً يهديها لتعصبه هذا دون رجي.
مجيدة بهدوء :ليه يا مالك؟
مالك بعصبية :مراتي وانا حر فيها.
مجيدة مغلقة الباب عليهم
-تقوم تكـ.ـسر فرحتها، و متقوليش انها كانت مبسوطة معاك، انت اصلاً راجع بيها معيطة، و واضح اوي انها زعلانة من حاجه.
-ما قالتلك انها بتعيط عشان مش عايزانى اروح شغلي، ها رأيك ايه انتي كمان اسيب شغلي، واقعد جنب بـ.ـنت اختك عشان افرحها!
مجيدة بضجر من فعلته
-لأ ازاي تكـ.ـسر فرحتها هي و امها، تقطعلها فستان فرحها اللي كانت جايباه ليها وعايزة تعملها مفجأة بيه، كان نفسها زي اي ام تشوف بـ.ـنتها فيه يا شيخ مالك….
اغمض عينيه بحـ.ـز.ن لما فعله بهم، هو ليس بشرير لهذه الدرجة، لم يكن يريد أن يحـ.ـز.ن خالته، لكن لقد سبق السيف العزل….
وقف مقترباً من خزانة ملابسه، تحدث بصوتٍ متحشرج…
-لو كانت قالتلي واخدت رائي، كنت عرفتها اني مش عايز حد يشوف مراتي، لكن هي راحت اتصرفت من دmاغها، وكمان جايبه ليها فستان مكشوف وعايزها تلبسه…..
-ايه ده!!
صرخ بها مالك، وهو يرى أمام عينه ملابس للنوم تخص العرائس، منامـ.ـا.ت حريرية وشفافة تملئ خزانته، معلقة بجانب ملابسه.
مجيدة ساخرة منه متحدية نظرته
-مش عارف دول ايه يا عريس، دانت حتى لسه متجوز جديد، و لا يكون لسه ماحصلش، و انت بتكدب علينا يا شيخ مالك….
مالك بغضب
-هو ايه اللي ماحصلش، تحبي اثبتلك انه حصل ازاي بقى يا ام مالك، ممكن لو سمحتي تناديلي مراتي…
-و عايزها ليه بقى انشاء الله؟
مالك مندفعاً للخارج
-عايزها معايا وتحت عيني، فيها حاجة دي كمان يا امي.
وقف أمام باب غرفته يناديها
-شذي يا شذيييييي…
لكنها لم تجيبه، تملك منه الغضب الان، التفت الي والدته، محاولاً الا يعلو صوته عليها
-لو سمحتي روحي هاتيها من جوه، انا مش عايز ازعل امها مني اكتر من كده.
تمسكت بذراعه وجذبته للداخل.
-طب ادخل يا حيلة، كفاية فضايح، زمان الستات اللي تحت سمعو كل حاجه.
عاد الي جلسته ينتظرها، حاول أن يهدئ نفسه، ويرتب أفكاره المشتتة.
❈-❈-❈
حلت لها نقابها، ازاحت حجابها وحررت شعرها أيضاً، جلست بجانبها ضمتها إليها بحب، تحاول ان تخفف عنها ما حدث.
ماجدة مجففه دmـ.ـو.ع ابـ.ـنتها
-قولتلك من الاول بلاش يا شذى، قولتلك كبير عليكي وطبعه غير طبعك ، و هيبقي صعب تتفاهمي معاه.
بعد كل هذا الألم الذي سببه لها، الا انها مازالت تعشقه، لم تزيد كـ.ـسرة قلبها الا حباً له، كل ما يفعله ليظهر أمام الجميع انه بغيض، يجعلها تريده اكثر، وتعشق امتلاكه لها اكثر واكثر.
شذي بضعف لوالدتها
-لاء يا ماما اوعي تقولي كده، مالك بيحبني، هو بس بيغير عليا، حتى طريقة تعبيره عن حبه، غير اي حد يا ماما، بحس انه عايز يخبيني من الناس.
-ودا بقى اللى خلاه يعورك فوق حاجبك كده؟
فجائتها والدتها بالحديث، بحركة لا إرادية لمست بأصابعها جبهتها، اعتصرت الامها بداخلها ورسمت ابتسامه خادعه على وجهها…
شهقت والدتها عنـ.ـد.ما رأت آثار حرق على اصابعها، فانفجرت فيها سائلة.
-ايه ده كمان، هو ماكتفاش انه يضـ.ـر.بك، حرقلك ايدك كمان.
تزكرت شذي وقت حدوث هذا الحرق في اصابعها، فاهرولت بأمساك والدتها قبل أن تذهب اليه.
-استنى يا ماما رايحه فين، مش مالك اللي عمل فيا كده، تعالي بس وانا هاحكيلك.
ماجدة محاولة فك حصار ابـ.ـنتها
-انتي لسه هتداري عليه، لسه هاتخترعي كدبه عشانه.
شذي متعلقة بها
-لاءه يا ماما صدقيني، طب بصي حتى هو في واحد بيكره مـ.ـر.اته وبيضـ.ـر.بها، يجيبلها خاتم جواز حلو و غالي اوي كده!
نظرت ماجده الي يد ابـ.ـنتها معلقة بأنبهار ده
-الماس اصلي ده يشذي
شذي بحب
-اصلي يا ماما، مالك اشتراه ليا يوم ما مشينا على شقتنا، ولبسه ليا و قالي مش عايز اشوف ايدك منغير ما تكون دبلتي فيها
ماجده بحيرة
-اومال ايه اثار الضـ.ـر.ب اللي انتي فيها دي بس؟
-يا ماما دي مش آثار ضـ.ـر.ب و لا حاجه، دانا كنت بغلي اللبن، وانتي عرفاني لما ببقى لسه صاحيه من النوم بقى، المهم اللبن غلي
قومت بدل ما اطفي النار، مسكت اللبانه بأيدي، صوابعي اتلسعت، سيبتها وقعت مني في الأرض، وطيت عشان اجيبها، اتخبط في حرف الرخامه،
بس مالك جيه انقذني بقى قبل ما يحصل حاجه تانية….
-المفروض اني أصدق بقى مش كده؟
انفزعت شذي أثر سماع صوته بالخارج، كانت ستذهب له، لولا يد والدتها المتمسكة بها جيداً…
-رايحة فين اقعدي هنا، خلي عندك كرامه شوية، دا لسه قاطعلك فستان فرحك.
سيبيها تروح لجوزها يا ماجدة.
قالتها مجيدة، وهي تدلف لهم لتشاركهم الحوار.
ماجده متحدية اختها بحـ.ـز.ن
-جوزها اللي كـ.ـسر فرحتها وفرحتي بيها، ماكنش العشم يا مجيدة يا اختي.
مجيدة بحزم
-جوزها و من حقه يغير عليها، ولا انتي مش واخده بالك هو ملبسها ايه، قومي يا شذى شوفي جوزك عايزك ليه،
ومـ.ـا.تزعليش يا بـ.ـنتي احنا اللي غلطنا، كان لازم ناخد رأيه في حاجه زي كده.
اومئت لها برأسها و تحركت بهدوء للخارج، تحاول أن تجبر دmـ.ـو.عها الا تتساقط لكنها لا تستجيب.
❈-❈-❈
وقفت داخل الغرفه، عيناها على هذا الفستان الممزق تحت اقدامه، لم تحدث اي غلبه فقط صوت شهقاتها يتصاعد ليمزق قلبه عليها.
لاحظ هو مراقبتهم لهم و هم بالخارج، فقرر ان ينهي هذه الدراما بسط ذراعه، فاتحاً كفه، أمراً لها بكلمه واحده.
-تعالي…
هزت رأسها يميناً و يسارً، دون أن تتحدث.
همس لها برقه
-بقولك تعالي ليا يا شذى..
كانت تظنه قد رق قلبه بالفعل لها، جرت نحوه سريعاً دون أن تلاحظ وجود والدتهما خلفها، توقفت لتضع كفها الرقيق بين يده،
ليفاجئها بجذبه لها، اجلسها على قدmه، ملس على شعرها بيد ، وباليد الاخري حاول تكفيف دmـ.ـو.عها،
مالك مراقبهم بجانب عينه
-قلعتي نقابك ليه!
لم تجيبه بلسانها، بل اجابته بشعورها بالأحتياج له، انه حقاً يحتويها و يمتلك قلبها بمجرد لمسه رقيقة منه، زادت شهقاتها وعلى صوت نحيبها، ألقت برأسها على كتفه ولفت
يدها حول خصره بتملك.
مالك مبتسماً من طفولتها
-خلاص ياحبيبي ماحصلش حاجه لدا كله.
شذي ببكاء مثل الاطفال
-خلاص ازاي انت قطعت الفستان..
-هاجبلك الف فستان!! بس مـ.ـا.تعيطيش كده
رفعت رأسها من علي كتفه مندهشة مما قاله
-بجد..
مالك ضاحكاً
-اه بجد بس مش فستاين فرح و مش هتبقى عريانه كده،
عادت نظرة الحـ.ـز.ن تسيطر على عيناها، ليكمل هو…
-زعلانه ليه دلوقتي، احنا مش متفقين من لما كنا في البيت، انك مش هاتنزلي تحت خالص، ولما تعوزي تتفرجي على حلقة الذكر، هاتتفرجي من الشباك.
ضمت حاجبيها بعدm فهم، هم لم يتحدثو بذلك الأمر نهائي،
غمز لها بعينه ليتضح لها الأمر كله، هو يفعل كل هذا أمامهم هم، فأومئت له رأسها، وحلت وثاق يده من حولها ناهضة من علي قدmه.
-طب ممكن بقى تحضريلي هدوم نضيفه، عشان اروح شغلي، واوعدك يا ستي بعد أذان العصر هاكون موجود هنا.
اقتربت والدته منها ضمتها اليها
-خلاص بقى يا شذى مـ.ـا.تزعليش، واسمعي كلام جوزك أدام متفقين سوي،
يبقى احنا اللي اتسببنا في الغلط ده من غير ما نقصد، يلا يا حبيبتي، حضري لجوزك لبسه عشان ما يتأخرش،
يلا بينا احنا كمان يا ماجدة.
ماجدة مستشاطة غـ.ـيظاً من ابـ.ـنتها
-خلاص وافقتيه على كلامه، هاتحبسي نفسك في الاوضة عشان خاطره.
فاض به الكيل، نهض من جلسته سريعاً، نزع قميصه من داخل بنطاله، وشرع في حل ازراره.
مالك بهدوء
-يلا بسرعة يا شذى.
طرقت ماجدة يديها على فخذيها بقلة حيلة، ترجلت خارج الغرفه بغضب، تهمهم ببعض السباب لأبـ.ـنتها وله ايضاً.
رفع مالك حاجبه، وأشار بسبابته لوالدته
-دي بتشتمنى!
الحاجة مجيدة ساخرة
-احمد ربنا انها مامسكتش في زمارة رقبتك، يا قلب امك.
❈-❈-❈
وقف خلف باب الغرفة الذي اوصده عليهم منفعلاً، لكنه تحلي بالصبر، هو الآن ينفرد بها وحدهم، لذلك عليه أن يأخذ حظره، من تلك الشقية، ذات الصوت العالي، والتفكير السريع.
التفت لها وهو يشلح قميصه من عليه، ليجدها تمسك حُلته بيد و باليد الاخري تتمسك بذاك الفستان الممزق.
اقترب منها، اخذ الفستان بعنف مجبرها على تركه، القاه ارضاً داعساً بقدmه عليه، واضعاً بيدها مكانه قميصه الملبك بالعجين، وجذب ملابسه من يدها.
-بتفكري في ايه، اصلاً ولا تحلمي، اللي زيك مـ.ـا.تستهلش انها تلبس فستان فرح يا مدام.
-كفاية بقى….
صرخت بها شذي، القت بقميصه جانب فستانها، ابتعدت عنه، جلست ارضاً بجانب الفراش تواري وجهها عنه.
مالك ضاغطاً عليها أكثر
-كفاية ليه يا شذى كلامي بيوجـ.ـعك اوي، اوعي تكوني كنتي حاطة امل انك تلبسي فستان فرح و تبقى عروسه،
ماينفعش يا شذي، مافيش عروسة بيتعمل ليها فرح بعد دخلتها.
شذي بقهرة
-قولتلك اللي في دmاغك ده ماحصلش، عايز تصدق صدق مش عايز خلاص، انت اصلاً رأيك عني مايهمنيش في حاجة،
بس يا ريت طلاما في نيتك اننا ننفصل، يبقى بلاش طريقتك دي في التعامل معايا، أو حتي بلاش تعامل بينا اصلاً.
كان قد ارتدي ملابسه، جلس على الفراش بجانبها يرتدي حذائه الكلاسيكي.
-اسف و الله يا شذى هانم، مش هقدر أحقق ليكي طلبك ده، طول مانتي لسة على زمتي، يبقى عليكي انك تطيعي امري….
مافيش خروج من باب الأوضة دي لحد ما ارجع، نظر اليها صامتاً منتظراً ردها.
شذي معاندة له :
-لاء هانزل و هاقف مع ماما وخالتو و مش هلبس النقاب كمان.
لا تعلم كيف انتشلت هكذا، كيف ركعت امامه،
ضغط بيده على رأسها من الخلف، مجبرها على الانحناء.
-عيدي كده كنتي بتقولي ايه.
شهقت بعين دامعة، و لم تجيبه.
-النقاب هاتلبسيه ومش هيتقلع من علي وشك.
شذي ببكاء و خـ.ـو.ف منه
– حاضر
-مافيش خروج من باب الاوضه، اللي عايزك يطلعلك هنا.
-حاضر
مالك بأبتسامة نصر:
-برافو عليكي شطورة، انا ماشي دلوقتي و هاجي بعد العصر بأذن الله ويا رب اجي الاقي حاجه من اللي قولتها مـ.ـا.تنفذتش.
رفعت رائسها لتسحر قلبه بنظرة عينها وهمست
-هاتعمل ايه يعني
مالك بنظرة جـ.ـا.مدة
-مـ.ـا.تستعجليش يا شذى العقـ.ـا.ب هات عـ.ـر.فيه في وقته.
يُتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ميادة مأمون, لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية
رواياتنا الحصرية كاملة
الفصل التاسع عشر
لحق بهم و وقف موصود اليدين، منتظراً ردها على والدتها…
لكنها التزمت الصمت، حين لاحظت وجود خالتها أيضاً.
مدت والدتها يدها، رفعت نقابها عن وجهها،
ارتدت خطوه للخلف بفزعة على ابـ.ـنتها، حين وجدت وجهها احمر بالكامل، والدmـ.ـو.ع تفيض من عيناها بشـ.ـدة.
جذبتها ماجدة الي صدرها بخـ.ـو.ف عليها
-في ايه، قلب امك يا حبيبتي عملت ايه في البت يا مالك؟
مازال محتفظاً ببرودة قلبه، متماسكاً كجبلٍ ساكن.
لتنحيه والدته جانباً، تدخلت على الفور لهم، تحثهم للصعود للأعلى، قبل أن تلاحظ احد النساء ما يحدث بينهم.
-مالكم في ايه، اطلعو قدامي كلكم على فوق، قبل ما واحدة من الستات اللي جوه تسمعكم.
صعدو جميعاً للأعلى، اتجهو الي غرفة الام مجيدة، وبعد أن ادخلتهم اغلقت الباب، وتوجهت لأبنها بحدة.
-مراتك بتعيط ليه يا دكتور، جايبها يوم فرحها معيطة يا مالك
لم يحتد او ينفعل في الحديث، بل ابتسم لها ونطق بكل هدوء.
-ما تتكلمي، انطقي يا شذى قوليلهم بتعيطي ليه، اخلصي عشان عايز اروح شغلي.
تلك الكلمة كانت هي المنجية لها، اطرقت اهدابها سريعاً وهي تجمع الكلمـ.ـا.ت.
شذي بشهقات عاليا موارية عيناها منه
-اهو قالكم اهو قال عايز يروح شغله طب بزمتك يا خالتو في عريس برضو يروح شغله ليلة فرحه
وضعت كلاً من ماجدة و مجيدة يدهم على قلبهم يتنفسو الصعداء، بينما جحظت عينه مندهشاً من تلك الشقية المدعوة بزوجته،
لقد وجدت لنفسها مخرجاً من هذا المأزق دون أن ترتاب اي منهن فيها.
لتهم والدته بالضحك و تضمها لاحضانها
-هههههه يا شيخة خضتينا، احنا قولنا انتو زعلانين مع بعض لا سمح الله.
وجهت والدتها الحديث له
-طب والله معاها حق يا مالك، ما هو صحيح ازاي تروح شغلك يوم فرحك.
مالك وقد بدي الغضب يتملك منه موجهاً حديثه الي زوجته
-فرح ايه اللي بتتكلمي عنه ده، انتي صدقتي نفسك ولا ايه، عايزانى اتأخر عن عمليات المرضى اللي ورايا، واقعد جانبكم هنا.
تفاجئت ماجدة برده وحاولت تهدئة الموقف
-براحة بس يا مالك، شذي اكيد مـ.ـا.تقصدش بس هي فعلاً معاها حق، النهاردة بالذات لازم تبقى موجود دي ليلة فرحك يا بني.
-فرح ايه انتي كمان، انتو بتكدبو الكدبة وتصدقوها، احنا بقالنا اسبوع متجوزين يا هوانم….
قالها مالك وهم بالخروج من الغرفة متوجهاً نحو غرفته.
ماجدة بعصبية
-شايفة ابنك يا مجيدة….
وقفت الام مرتابة في أمر أبنها، هي متأكدة ان هناك امر اخر يعصبه، خصوصاً بعد أن صدmو بصياحه عليها بصوتٍ جهور.
-شذيييييييي
جرو نحو غرفته، ليجدوه يقف واضعاً يديه بخصره، تقدmتهم والدته حتى تفهم ما به.
-مالك يا بني من ساعة ما طلعت، وانت متعصب علينا ليه؟
رفع يده عن خصره، أشار لهم بوجه محتقن:
-ممكن توضحولي ايه المتعلق ده، و مين اللي جابه هنا…
كانت آخر من دلفت الغرفه، لترى امامها، فستان ابيض مرصع بالألئ الماسية، يشبه فساتين الاميرات،
انه فستان عرس، لقد احبته كثيراً، اي فتاة مكانها حين ترى فستان عرسها سترقص من شـ.ـدة الفرحة، لكن شذى كانت صدmتها اكبر من اي فرحة…
فضلت الصمت، لترى والدتها تواجهه بشراسه
ماجدة مجيبة سؤاله بتحدي
-يعني مش عارف ايه ده، دا فستان فرح و انا اللي جبته لبـ.ـنتي، اللي المفروض انها عروسه يا عريس….
انفعل من جملتها اكثر، واذا به يجذب ذلك الفستان بقوة، ليتمزق بين يديه ويتمزق قلبها معه.
-و بـ.ـنتك العروسة مش هتلبسه.
اغتاظت ماجدة من فعلته، صرخت بوجهه هي ترى وجهه ابـ.ـنتها تزداد حمرته، وعيناها تزرف الدmع بغزارة.
-ايه اللي انت عملته ده، لما انت رافض الفرح، كنت بتتجوز بـ.ـنتي ليه، و بتاخدها وتمشي من البيت ليه.
مالك بطريقة فاظة.
-مين قالك اني رافض بس دي مراتي، انا اللي اقول تلبس ده و مـ.ـا.تلبسش ده،
وبعدين مين قالك اننا عاملين فرح، احنا قولنا ليلة نطعم فيها اهل الله، مش فرح جايبنلي فيه فستان عريان، وعايزين تلبسوها وتفرجولي الناس عليها.
ماجده بصوتٍ مرتفع بعض الشئ
-وانا امها ومن حقي افرح بليلة بـ.ـنتي، ماكنتش عارفة اني بهرب بيها من القهر والهم هناك، عشان ارميها هنا في استبداد و تحكم.
قالت جملتها و هي تجذب ابـ.ـنتها، تاركة لهم الغرفة بأكملها.
جلس على الفراش، ضامماً حاجبيه منحني بجزعه للأمام، مستنداً برسغيه على فخذيه.
❈-❈-❈
#
كل ما حدث كان امام عيناها، مازالت متحفزة بصمتها، تحاول أن تلتقط خيطاً رفيعاً يهديها لتعصبه هذا دون رجي.
مجيدة بهدوء :ليه يا مالك؟
مالك بعصبية :مراتي وانا حر فيها.
مجيدة مغلقة الباب عليهم
-تقوم تكـ.ـسر فرحتها، و متقوليش انها كانت مبسوطة معاك، انت اصلاً راجع بيها معيطة، و واضح اوي انها زعلانة من حاجه.
-ما قالتلك انها بتعيط عشان مش عايزانى اروح شغلي، ها رأيك ايه انتي كمان اسيب شغلي، واقعد جنب بـ.ـنت اختك عشان افرحها!
مجيدة بضجر من فعلته
-لأ ازاي تكـ.ـسر فرحتها هي و امها، تقطعلها فستان فرحها اللي كانت جايباه ليها وعايزة تعملها مفجأة بيه، كان نفسها زي اي ام تشوف بـ.ـنتها فيه يا شيخ مالك….
اغمض عينيه بحـ.ـز.ن لما فعله بهم، هو ليس بشرير لهذه الدرجة، لم يكن يريد أن يحـ.ـز.ن خالته، لكن لقد سبق السيف العزل….
وقف مقترباً من خزانة ملابسه، تحدث بصوتٍ متحشرج…
-لو كانت قالتلي واخدت رائي، كنت عرفتها اني مش عايز حد يشوف مراتي، لكن هي راحت اتصرفت من دmاغها، وكمان جايبه ليها فستان مكشوف وعايزها تلبسه…..
-ايه ده!!
صرخ بها مالك، وهو يرى أمام عينه ملابس للنوم تخص العرائس، منامـ.ـا.ت حريرية وشفافة تملئ خزانته، معلقة بجانب ملابسه.
مجيدة ساخرة منه متحدية نظرته
-مش عارف دول ايه يا عريس، دانت حتى لسه متجوز جديد، و لا يكون لسه ماحصلش، و انت بتكدب علينا يا شيخ مالك….
مالك بغضب
-هو ايه اللي ماحصلش، تحبي اثبتلك انه حصل ازاي بقى يا ام مالك، ممكن لو سمحتي تناديلي مراتي…
-و عايزها ليه بقى انشاء الله؟
مالك مندفعاً للخارج
-عايزها معايا وتحت عيني، فيها حاجة دي كمان يا امي.
وقف أمام باب غرفته يناديها
-شذي يا شذيييييي…
لكنها لم تجيبه، تملك منه الغضب الان، التفت الي والدته، محاولاً الا يعلو صوته عليها
-لو سمحتي روحي هاتيها من جوه، انا مش عايز ازعل امها مني اكتر من كده.
تمسكت بذراعه وجذبته للداخل.
-طب ادخل يا حيلة، كفاية فضايح، زمان الستات اللي تحت سمعو كل حاجه.
عاد الي جلسته ينتظرها، حاول أن يهدئ نفسه، ويرتب أفكاره المشتتة.
❈-❈-❈
حلت لها نقابها، ازاحت حجابها وحررت شعرها أيضاً، جلست بجانبها ضمتها إليها بحب، تحاول ان تخفف عنها ما حدث.
ماجدة مجففه دmـ.ـو.ع ابـ.ـنتها
-قولتلك من الاول بلاش يا شذى، قولتلك كبير عليكي وطبعه غير طبعك ، و هيبقي صعب تتفاهمي معاه.
بعد كل هذا الألم الذي سببه لها، الا انها مازالت تعشقه، لم تزيد كـ.ـسرة قلبها الا حباً له، كل ما يفعله ليظهر أمام الجميع انه بغيض، يجعلها تريده اكثر، وتعشق امتلاكه لها اكثر واكثر.
شذي بضعف لوالدتها
-لاء يا ماما اوعي تقولي كده، مالك بيحبني، هو بس بيغير عليا، حتى طريقة تعبيره عن حبه، غير اي حد يا ماما، بحس انه عايز يخبيني من الناس.
-ودا بقى اللى خلاه يعورك فوق حاجبك كده؟
فجائتها والدتها بالحديث، بحركة لا إرادية لمست بأصابعها جبهتها، اعتصرت الامها بداخلها ورسمت ابتسامه خادعه على وجهها…
شهقت والدتها عنـ.ـد.ما رأت آثار حرق على اصابعها، فانفجرت فيها سائلة.
-ايه ده كمان، هو ماكتفاش انه يضـ.ـر.بك، حرقلك ايدك كمان.
تزكرت شذي وقت حدوث هذا الحرق في اصابعها، فاهرولت بأمساك والدتها قبل أن تذهب اليه.
-استنى يا ماما رايحه فين، مش مالك اللي عمل فيا كده، تعالي بس وانا هاحكيلك.
ماجدة محاولة فك حصار ابـ.ـنتها
-انتي لسه هتداري عليه، لسه هاتخترعي كدبه عشانه.
شذي متعلقة بها
-لاءه يا ماما صدقيني، طب بصي حتى هو في واحد بيكره مـ.ـر.اته وبيضـ.ـر.بها، يجيبلها خاتم جواز حلو و غالي اوي كده!
نظرت ماجده الي يد ابـ.ـنتها معلقة بأنبهار ده
-الماس اصلي ده يشذي
شذي بحب
-اصلي يا ماما، مالك اشتراه ليا يوم ما مشينا على شقتنا، ولبسه ليا و قالي مش عايز اشوف ايدك منغير ما تكون دبلتي فيها
ماجده بحيرة
-اومال ايه اثار الضـ.ـر.ب اللي انتي فيها دي بس؟
-يا ماما دي مش آثار ضـ.ـر.ب و لا حاجه، دانا كنت بغلي اللبن، وانتي عرفاني لما ببقى لسه صاحيه من النوم بقى، المهم اللبن غلي
قومت بدل ما اطفي النار، مسكت اللبانه بأيدي، صوابعي اتلسعت، سيبتها وقعت مني في الأرض، وطيت عشان اجيبها، اتخبط في حرف الرخامه،
بس مالك جيه انقذني بقى قبل ما يحصل حاجه تانية….
-المفروض اني أصدق بقى مش كده؟
انفزعت شذي أثر سماع صوته بالخارج، كانت ستذهب له، لولا يد والدتها المتمسكة بها جيداً…
-رايحة فين اقعدي هنا، خلي عندك كرامه شوية، دا لسه قاطعلك فستان فرحك.
سيبيها تروح لجوزها يا ماجدة.
قالتها مجيدة، وهي تدلف لهم لتشاركهم الحوار.
ماجده متحدية اختها بحـ.ـز.ن
-جوزها اللي كـ.ـسر فرحتها وفرحتي بيها، ماكنش العشم يا مجيدة يا اختي.
مجيدة بحزم
-جوزها و من حقه يغير عليها، ولا انتي مش واخده بالك هو ملبسها ايه، قومي يا شذى شوفي جوزك عايزك ليه،
ومـ.ـا.تزعليش يا بـ.ـنتي احنا اللي غلطنا، كان لازم ناخد رأيه في حاجه زي كده.
اومئت لها برأسها و تحركت بهدوء للخارج، تحاول أن تجبر دmـ.ـو.عها الا تتساقط لكنها لا تستجيب.
❈-❈-❈
وقفت داخل الغرفه، عيناها على هذا الفستان الممزق تحت اقدامه، لم تحدث اي غلبه فقط صوت شهقاتها يتصاعد ليمزق قلبه عليها.
لاحظ هو مراقبتهم لهم و هم بالخارج، فقرر ان ينهي هذه الدراما بسط ذراعه، فاتحاً كفه، أمراً لها بكلمه واحده.
-تعالي…
هزت رأسها يميناً و يسارً، دون أن تتحدث.
همس لها برقه
-بقولك تعالي ليا يا شذى..
كانت تظنه قد رق قلبه بالفعل لها، جرت نحوه سريعاً دون أن تلاحظ وجود والدتهما خلفها، توقفت لتضع كفها الرقيق بين يده،
ليفاجئها بجذبه لها، اجلسها على قدmه، ملس على شعرها بيد ، وباليد الاخري حاول تكفيف دmـ.ـو.عها،
مالك مراقبهم بجانب عينه
-قلعتي نقابك ليه!
لم تجيبه بلسانها، بل اجابته بشعورها بالأحتياج له، انه حقاً يحتويها و يمتلك قلبها بمجرد لمسه رقيقة منه، زادت شهقاتها وعلى صوت نحيبها، ألقت برأسها على كتفه ولفت
يدها حول خصره بتملك.
مالك مبتسماً من طفولتها
-خلاص ياحبيبي ماحصلش حاجه لدا كله.
شذي ببكاء مثل الاطفال
-خلاص ازاي انت قطعت الفستان..
-هاجبلك الف فستان!! بس مـ.ـا.تعيطيش كده
رفعت رأسها من علي كتفه مندهشة مما قاله
-بجد..
مالك ضاحكاً
-اه بجد بس مش فستاين فرح و مش هتبقى عريانه كده،
عادت نظرة الحـ.ـز.ن تسيطر على عيناها، ليكمل هو…
-زعلانه ليه دلوقتي، احنا مش متفقين من لما كنا في البيت، انك مش هاتنزلي تحت خالص، ولما تعوزي تتفرجي على حلقة الذكر، هاتتفرجي من الشباك.
ضمت حاجبيها بعدm فهم، هم لم يتحدثو بذلك الأمر نهائي،
غمز لها بعينه ليتضح لها الأمر كله، هو يفعل كل هذا أمامهم هم، فأومئت له رأسها، وحلت وثاق يده من حولها ناهضة من علي قدmه.
-طب ممكن بقى تحضريلي هدوم نضيفه، عشان اروح شغلي، واوعدك يا ستي بعد أذان العصر هاكون موجود هنا.
اقتربت والدته منها ضمتها اليها
-خلاص بقى يا شذى مـ.ـا.تزعليش، واسمعي كلام جوزك أدام متفقين سوي،
يبقى احنا اللي اتسببنا في الغلط ده من غير ما نقصد، يلا يا حبيبتي، حضري لجوزك لبسه عشان ما يتأخرش،
يلا بينا احنا كمان يا ماجدة.
ماجدة مستشاطة غـ.ـيظاً من ابـ.ـنتها
-خلاص وافقتيه على كلامه، هاتحبسي نفسك في الاوضة عشان خاطره.
فاض به الكيل، نهض من جلسته سريعاً، نزع قميصه من داخل بنطاله، وشرع في حل ازراره.
مالك بهدوء
-يلا بسرعة يا شذى.
طرقت ماجدة يديها على فخذيها بقلة حيلة، ترجلت خارج الغرفه بغضب، تهمهم ببعض السباب لأبـ.ـنتها وله ايضاً.
رفع مالك حاجبه، وأشار بسبابته لوالدته
-دي بتشتمنى!
الحاجة مجيدة ساخرة
-احمد ربنا انها مامسكتش في زمارة رقبتك، يا قلب امك.
❈-❈-❈
وقف خلف باب الغرفة الذي اوصده عليهم منفعلاً، لكنه تحلي بالصبر، هو الآن ينفرد بها وحدهم، لذلك عليه أن يأخذ حظره، من تلك الشقية، ذات الصوت العالي، والتفكير السريع.
التفت لها وهو يشلح قميصه من عليه، ليجدها تمسك حُلته بيد و باليد الاخري تتمسك بذاك الفستان الممزق.
اقترب منها، اخذ الفستان بعنف مجبرها على تركه، القاه ارضاً داعساً بقدmه عليه، واضعاً بيدها مكانه قميصه الملبك بالعجين، وجذب ملابسه من يدها.
-بتفكري في ايه، اصلاً ولا تحلمي، اللي زيك مـ.ـا.تستهلش انها تلبس فستان فرح يا مدام.
-كفاية بقى….
صرخت بها شذي، القت بقميصه جانب فستانها، ابتعدت عنه، جلست ارضاً بجانب الفراش تواري وجهها عنه.
مالك ضاغطاً عليها أكثر
-كفاية ليه يا شذى كلامي بيوجـ.ـعك اوي، اوعي تكوني كنتي حاطة امل انك تلبسي فستان فرح و تبقى عروسه،
ماينفعش يا شذي، مافيش عروسة بيتعمل ليها فرح بعد دخلتها.
شذي بقهرة
-قولتلك اللي في دmاغك ده ماحصلش، عايز تصدق صدق مش عايز خلاص، انت اصلاً رأيك عني مايهمنيش في حاجة،
بس يا ريت طلاما في نيتك اننا ننفصل، يبقى بلاش طريقتك دي في التعامل معايا، أو حتي بلاش تعامل بينا اصلاً.
كان قد ارتدي ملابسه، جلس على الفراش بجانبها يرتدي حذائه الكلاسيكي.
-اسف و الله يا شذى هانم، مش هقدر أحقق ليكي طلبك ده، طول مانتي لسة على زمتي، يبقى عليكي انك تطيعي امري….
مافيش خروج من باب الأوضة دي لحد ما ارجع، نظر اليها صامتاً منتظراً ردها.
شذي معاندة له :
-لاء هانزل و هاقف مع ماما وخالتو و مش هلبس النقاب كمان.
لا تعلم كيف انتشلت هكذا، كيف ركعت امامه،
ضغط بيده على رأسها من الخلف، مجبرها على الانحناء.
-عيدي كده كنتي بتقولي ايه.
شهقت بعين دامعة، و لم تجيبه.
-النقاب هاتلبسيه ومش هيتقلع من علي وشك.
شذي ببكاء و خـ.ـو.ف منه
– حاضر
-مافيش خروج من باب الاوضه، اللي عايزك يطلعلك هنا.
-حاضر
مالك بأبتسامة نصر:
-برافو عليكي شطورة، انا ماشي دلوقتي و هاجي بعد العصر بأذن الله ويا رب اجي الاقي حاجه من اللي قولتها مـ.ـا.تنفذتش.
رفعت رائسها لتسحر قلبه بنظرة عينها وهمست
-هاتعمل ايه يعني
مالك بنظرة جـ.ـا.مدة
-مـ.ـا.تستعجليش يا شذى العقـ.ـا.ب هات عـ.ـر.فيه في وقته.
يُتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ميادة مأمون, لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية
رواياتنا الحصرية كاملة
الفصل التاسع عشر
لحق بهم و وقف موصود اليدين، منتظراً ردها على والدتها…
لكنها التزمت الصمت، حين لاحظت وجود خالتها أيضاً.
مدت والدتها يدها، رفعت نقابها عن وجهها،
ارتدت خطوه للخلف بفزعة على ابـ.ـنتها، حين وجدت وجهها احمر بالكامل، والدmـ.ـو.ع تفيض من عيناها بشـ.ـدة.
جذبتها ماجدة الي صدرها بخـ.ـو.ف عليها
-في ايه، قلب امك يا حبيبتي عملت ايه في البت يا مالك؟
مازال محتفظاً ببرودة قلبه، متماسكاً كجبلٍ ساكن.
لتنحيه والدته جانباً، تدخلت على الفور لهم، تحثهم للصعود للأعلى، قبل أن تلاحظ احد النساء ما يحدث بينهم.
-مالكم في ايه، اطلعو قدامي كلكم على فوق، قبل ما واحدة من الستات اللي جوه تسمعكم.
صعدو جميعاً للأعلى، اتجهو الي غرفة الام مجيدة، وبعد أن ادخلتهم اغلقت الباب، وتوجهت لأبنها بحدة.
-مراتك بتعيط ليه يا دكتور، جايبها يوم فرحها معيطة يا مالك
لم يحتد او ينفعل في الحديث، بل ابتسم لها ونطق بكل هدوء.
-ما تتكلمي، انطقي يا شذى قوليلهم بتعيطي ليه، اخلصي عشان عايز اروح شغلي.
تلك الكلمة كانت هي المنجية لها، اطرقت اهدابها سريعاً وهي تجمع الكلمـ.ـا.ت.
شذي بشهقات عاليا موارية عيناها منه
-اهو قالكم اهو قال عايز يروح شغله طب بزمتك يا خالتو في عريس برضو يروح شغله ليلة فرحه
وضعت كلاً من ماجدة و مجيدة يدهم على قلبهم يتنفسو الصعداء، بينما جحظت عينه مندهشاً من تلك الشقية المدعوة بزوجته،
لقد وجدت لنفسها مخرجاً من هذا المأزق دون أن ترتاب اي منهن فيها.
لتهم والدته بالضحك و تضمها لاحضانها
-هههههه يا شيخة خضتينا، احنا قولنا انتو زعلانين مع بعض لا سمح الله.
وجهت والدتها الحديث له
-طب والله معاها حق يا مالك، ما هو صحيح ازاي تروح شغلك يوم فرحك.
مالك وقد بدي الغضب يتملك منه موجهاً حديثه الي زوجته
-فرح ايه اللي بتتكلمي عنه ده، انتي صدقتي نفسك ولا ايه، عايزانى اتأخر عن عمليات المرضى اللي ورايا، واقعد جانبكم هنا.
تفاجئت ماجدة برده وحاولت تهدئة الموقف
-براحة بس يا مالك، شذي اكيد مـ.ـا.تقصدش بس هي فعلاً معاها حق، النهاردة بالذات لازم تبقى موجود دي ليلة فرحك يا بني.
-فرح ايه انتي كمان، انتو بتكدبو الكدبة وتصدقوها، احنا بقالنا اسبوع متجوزين يا هوانم….
قالها مالك وهم بالخروج من الغرفة متوجهاً نحو غرفته.
ماجدة بعصبية
-شايفة ابنك يا مجيدة….
وقفت الام مرتابة في أمر أبنها، هي متأكدة ان هناك امر اخر يعصبه، خصوصاً بعد أن صدmو بصياحه عليها بصوتٍ جهور.
-شذيييييييي
جرو نحو غرفته، ليجدوه يقف واضعاً يديه بخصره، تقدmتهم والدته حتى تفهم ما به.
-مالك يا بني من ساعة ما طلعت، وانت متعصب علينا ليه؟
رفع يده عن خصره، أشار لهم بوجه محتقن:
-ممكن توضحولي ايه المتعلق ده، و مين اللي جابه هنا…
كانت آخر من دلفت الغرفه، لترى امامها، فستان ابيض مرصع بالألئ الماسية، يشبه فساتين الاميرات،
انه فستان عرس، لقد احبته كثيراً، اي فتاة مكانها حين ترى فستان عرسها سترقص من شـ.ـدة الفرحة، لكن شذى كانت صدmتها اكبر من اي فرحة…
فضلت الصمت، لترى والدتها تواجهه بشراسه
ماجدة مجيبة سؤاله بتحدي
-يعني مش عارف ايه ده، دا فستان فرح و انا اللي جبته لبـ.ـنتي، اللي المفروض انها عروسه يا عريس….
انفعل من جملتها اكثر، واذا به يجذب ذلك الفستان بقوة، ليتمزق بين يديه ويتمزق قلبها معه.
-و بـ.ـنتك العروسة مش هتلبسه.
اغتاظت ماجدة من فعلته، صرخت بوجهه هي ترى وجهه ابـ.ـنتها تزداد حمرته، وعيناها تزرف الدmع بغزارة.
-ايه اللي انت عملته ده، لما انت رافض الفرح، كنت بتتجوز بـ.ـنتي ليه، و بتاخدها وتمشي من البيت ليه.
مالك بطريقة فاظة.
-مين قالك اني رافض بس دي مراتي، انا اللي اقول تلبس ده و مـ.ـا.تلبسش ده،
وبعدين مين قالك اننا عاملين فرح، احنا قولنا ليلة نطعم فيها اهل الله، مش فرح جايبنلي فيه فستان عريان، وعايزين تلبسوها وتفرجولي الناس عليها.
ماجده بصوتٍ مرتفع بعض الشئ
-وانا امها ومن حقي افرح بليلة بـ.ـنتي، ماكنتش عارفة اني بهرب بيها من القهر والهم هناك، عشان ارميها هنا في استبداد و تحكم.
قالت جملتها و هي تجذب ابـ.ـنتها، تاركة لهم الغرفة بأكملها.
جلس على الفراش، ضامماً حاجبيه منحني بجزعه للأمام، مستنداً برسغيه على فخذيه.
❈-❈-❈
#
كل ما حدث كان امام عيناها، مازالت متحفزة بصمتها، تحاول أن تلتقط خيطاً رفيعاً يهديها لتعصبه هذا دون رجي.
مجيدة بهدوء :ليه يا مالك؟
مالك بعصبية :مراتي وانا حر فيها.
مجيدة مغلقة الباب عليهم
-تقوم تكـ.ـسر فرحتها، و متقوليش انها كانت مبسوطة معاك، انت اصلاً راجع بيها معيطة، و واضح اوي انها زعلانة من حاجه.
-ما قالتلك انها بتعيط عشان مش عايزانى اروح شغلي، ها رأيك ايه انتي كمان اسيب شغلي، واقعد جنب بـ.ـنت اختك عشان افرحها!
مجيدة بضجر من فعلته
-لأ ازاي تكـ.ـسر فرحتها هي و امها، تقطعلها فستان فرحها اللي كانت جايباه ليها وعايزة تعملها مفجأة بيه، كان نفسها زي اي ام تشوف بـ.ـنتها فيه يا شيخ مالك….
اغمض عينيه بحـ.ـز.ن لما فعله بهم، هو ليس بشرير لهذه الدرجة، لم يكن يريد أن يحـ.ـز.ن خالته، لكن لقد سبق السيف العزل….
وقف مقترباً من خزانة ملابسه، تحدث بصوتٍ متحشرج…
-لو كانت قالتلي واخدت رائي، كنت عرفتها اني مش عايز حد يشوف مراتي، لكن هي راحت اتصرفت من دmاغها، وكمان جايبه ليها فستان مكشوف وعايزها تلبسه…..
-ايه ده!!
صرخ بها مالك، وهو يرى أمام عينه ملابس للنوم تخص العرائس، منامـ.ـا.ت حريرية وشفافة تملئ خزانته، معلقة بجانب ملابسه.
مجيدة ساخرة منه متحدية نظرته
-مش عارف دول ايه يا عريس، دانت حتى لسه متجوز جديد، و لا يكون لسه ماحصلش، و انت بتكدب علينا يا شيخ مالك….
مالك بغضب
-هو ايه اللي ماحصلش، تحبي اثبتلك انه حصل ازاي بقى يا ام مالك، ممكن لو سمحتي تناديلي مراتي…
-و عايزها ليه بقى انشاء الله؟
مالك مندفعاً للخارج
-عايزها معايا وتحت عيني، فيها حاجة دي كمان يا امي.
وقف أمام باب غرفته يناديها
-شذي يا شذيييييي…
لكنها لم تجيبه، تملك منه الغضب الان، التفت الي والدته، محاولاً الا يعلو صوته عليها
-لو سمحتي روحي هاتيها من جوه، انا مش عايز ازعل امها مني اكتر من كده.
تمسكت بذراعه وجذبته للداخل.
-طب ادخل يا حيلة، كفاية فضايح، زمان الستات اللي تحت سمعو كل حاجه.
عاد الي جلسته ينتظرها، حاول أن يهدئ نفسه، ويرتب أفكاره المشتتة.
❈-❈-❈
حلت لها نقابها، ازاحت حجابها وحررت شعرها أيضاً، جلست بجانبها ضمتها إليها بحب، تحاول ان تخفف عنها ما حدث.
ماجدة مجففه دmـ.ـو.ع ابـ.ـنتها
-قولتلك من الاول بلاش يا شذى، قولتلك كبير عليكي وطبعه غير طبعك ، و هيبقي صعب تتفاهمي معاه.
بعد كل هذا الألم الذي سببه لها، الا انها مازالت تعشقه، لم تزيد كـ.ـسرة قلبها الا حباً له، كل ما يفعله ليظهر أمام الجميع انه بغيض، يجعلها تريده اكثر، وتعشق امتلاكه لها اكثر واكثر.
شذي بضعف لوالدتها
-لاء يا ماما اوعي تقولي كده، مالك بيحبني، هو بس بيغير عليا، حتى طريقة تعبيره عن حبه، غير اي حد يا ماما، بحس انه عايز يخبيني من الناس.
-ودا بقى اللى خلاه يعورك فوق حاجبك كده؟
فجائتها والدتها بالحديث، بحركة لا إرادية لمست بأصابعها جبهتها، اعتصرت الامها بداخلها ورسمت ابتسامه خادعه على وجهها…
شهقت والدتها عنـ.ـد.ما رأت آثار حرق على اصابعها، فانفجرت فيها سائلة.
-ايه ده كمان، هو ماكتفاش انه يضـ.ـر.بك، حرقلك ايدك كمان.
تزكرت شذي وقت حدوث هذا الحرق في اصابعها، فاهرولت بأمساك والدتها قبل أن تذهب اليه.
-استنى يا ماما رايحه فين، مش مالك اللي عمل فيا كده، تعالي بس وانا هاحكيلك.
ماجدة محاولة فك حصار ابـ.ـنتها
-انتي لسه هتداري عليه، لسه هاتخترعي كدبه عشانه.
شذي متعلقة بها
-لاءه يا ماما صدقيني، طب بصي حتى هو في واحد بيكره مـ.ـر.اته وبيضـ.ـر.بها، يجيبلها خاتم جواز حلو و غالي اوي كده!
نظرت ماجده الي يد ابـ.ـنتها معلقة بأنبهار ده
-الماس اصلي ده يشذي
شذي بحب
-اصلي يا ماما، مالك اشتراه ليا يوم ما مشينا على شقتنا، ولبسه ليا و قالي مش عايز اشوف ايدك منغير ما تكون دبلتي فيها
ماجده بحيرة
-اومال ايه اثار الضـ.ـر.ب اللي انتي فيها دي بس؟
-يا ماما دي مش آثار ضـ.ـر.ب و لا حاجه، دانا كنت بغلي اللبن، وانتي عرفاني لما ببقى لسه صاحيه من النوم بقى، المهم اللبن غلي
قومت بدل ما اطفي النار، مسكت اللبانه بأيدي، صوابعي اتلسعت، سيبتها وقعت مني في الأرض، وطيت عشان اجيبها، اتخبط في حرف الرخامه،
بس مالك جيه انقذني بقى قبل ما يحصل حاجه تانية….
-المفروض اني أصدق بقى مش كده؟
انفزعت شذي أثر سماع صوته بالخارج، كانت ستذهب له، لولا يد والدتها المتمسكة بها جيداً…
-رايحة فين اقعدي هنا، خلي عندك كرامه شوية، دا لسه قاطعلك فستان فرحك.
سيبيها تروح لجوزها يا ماجدة.
قالتها مجيدة، وهي تدلف لهم لتشاركهم الحوار.
ماجده متحدية اختها بحـ.ـز.ن
-جوزها اللي كـ.ـسر فرحتها وفرحتي بيها، ماكنش العشم يا مجيدة يا اختي.
مجيدة بحزم
-جوزها و من حقه يغير عليها، ولا انتي مش واخده بالك هو ملبسها ايه، قومي يا شذى شوفي جوزك عايزك ليه،
ومـ.ـا.تزعليش يا بـ.ـنتي احنا اللي غلطنا، كان لازم ناخد رأيه في حاجه زي كده.
اومئت لها برأسها و تحركت بهدوء للخارج، تحاول أن تجبر دmـ.ـو.عها الا تتساقط لكنها لا تستجيب.
❈-❈-❈
وقفت داخل الغرفه، عيناها على هذا الفستان الممزق تحت اقدامه، لم تحدث اي غلبه فقط صوت شهقاتها يتصاعد ليمزق قلبه عليها.
لاحظ هو مراقبتهم لهم و هم بالخارج، فقرر ان ينهي هذه الدراما بسط ذراعه، فاتحاً كفه، أمراً لها بكلمه واحده.
-تعالي…
هزت رأسها يميناً و يسارً، دون أن تتحدث.
همس لها برقه
-بقولك تعالي ليا يا شذى..
كانت تظنه قد رق قلبه بالفعل لها، جرت نحوه سريعاً دون أن تلاحظ وجود والدتهما خلفها، توقفت لتضع كفها الرقيق بين يده،
ليفاجئها بجذبه لها، اجلسها على قدmه، ملس على شعرها بيد ، وباليد الاخري حاول تكفيف دmـ.ـو.عها،
مالك مراقبهم بجانب عينه
-قلعتي نقابك ليه!
لم تجيبه بلسانها، بل اجابته بشعورها بالأحتياج له، انه حقاً يحتويها و يمتلك قلبها بمجرد لمسه رقيقة منه، زادت شهقاتها وعلى صوت نحيبها، ألقت برأسها على كتفه ولفت
يدها حول خصره بتملك.
مالك مبتسماً من طفولتها
-خلاص ياحبيبي ماحصلش حاجه لدا كله.
شذي ببكاء مثل الاطفال
-خلاص ازاي انت قطعت الفستان..
-هاجبلك الف فستان!! بس مـ.ـا.تعيطيش كده
رفعت رأسها من علي كتفه مندهشة مما قاله
-بجد..
مالك ضاحكاً
-اه بجد بس مش فستاين فرح و مش هتبقى عريانه كده،
عادت نظرة الحـ.ـز.ن تسيطر على عيناها، ليكمل هو…
-زعلانه ليه دلوقتي، احنا مش متفقين من لما كنا في البيت، انك مش هاتنزلي تحت خالص، ولما تعوزي تتفرجي على حلقة الذكر، هاتتفرجي من الشباك.
ضمت حاجبيها بعدm فهم، هم لم يتحدثو بذلك الأمر نهائي،
غمز لها بعينه ليتضح لها الأمر كله، هو يفعل كل هذا أمامهم هم، فأومئت له رأسها، وحلت وثاق يده من حولها ناهضة من علي قدmه.
-طب ممكن بقى تحضريلي هدوم نضيفه، عشان اروح شغلي، واوعدك يا ستي بعد أذان العصر هاكون موجود هنا.
اقتربت والدته منها ضمتها اليها
-خلاص بقى يا شذى مـ.ـا.تزعليش، واسمعي كلام جوزك أدام متفقين سوي،
يبقى احنا اللي اتسببنا في الغلط ده من غير ما نقصد، يلا يا حبيبتي، حضري لجوزك لبسه عشان ما يتأخرش،
يلا بينا احنا كمان يا ماجدة.
ماجدة مستشاطة غـ.ـيظاً من ابـ.ـنتها
-خلاص وافقتيه على كلامه، هاتحبسي نفسك في الاوضة عشان خاطره.
فاض به الكيل، نهض من جلسته سريعاً، نزع قميصه من داخل بنطاله، وشرع في حل ازراره.
مالك بهدوء
-يلا بسرعة يا شذى.
طرقت ماجدة يديها على فخذيها بقلة حيلة، ترجلت خارج الغرفه بغضب، تهمهم ببعض السباب لأبـ.ـنتها وله ايضاً.
رفع مالك حاجبه، وأشار بسبابته لوالدته
-دي بتشتمنى!
الحاجة مجيدة ساخرة
-احمد ربنا انها مامسكتش في زمارة رقبتك، يا قلب امك.
❈-❈-❈
وقف خلف باب الغرفة الذي اوصده عليهم منفعلاً، لكنه تحلي بالصبر، هو الآن ينفرد بها وحدهم، لذلك عليه أن يأخذ حظره، من تلك الشقية، ذات الصوت العالي، والتفكير السريع.
التفت لها وهو يشلح قميصه من عليه، ليجدها تمسك حُلته بيد و باليد الاخري تتمسك بذاك الفستان الممزق.
اقترب منها، اخذ الفستان بعنف مجبرها على تركه، القاه ارضاً داعساً بقدmه عليه، واضعاً بيدها مكانه قميصه الملبك بالعجين، وجذب ملابسه من يدها.
-بتفكري في ايه، اصلاً ولا تحلمي، اللي زيك مـ.ـا.تستهلش انها تلبس فستان فرح يا مدام.
-كفاية بقى….
صرخت بها شذي، القت بقميصه جانب فستانها، ابتعدت عنه، جلست ارضاً بجانب الفراش تواري وجهها عنه.
مالك ضاغطاً عليها أكثر
-كفاية ليه يا شذى كلامي بيوجـ.ـعك اوي، اوعي تكوني كنتي حاطة امل انك تلبسي فستان فرح و تبقى عروسه،
ماينفعش يا شذي، مافيش عروسة بيتعمل ليها فرح بعد دخلتها.
شذي بقهرة
-قولتلك اللي في دmاغك ده ماحصلش، عايز تصدق صدق مش عايز خلاص، انت اصلاً رأيك عني مايهمنيش في حاجة،
بس يا ريت طلاما في نيتك اننا ننفصل، يبقى بلاش طريقتك دي في التعامل معايا، أو حتي بلاش تعامل بينا اصلاً.
كان قد ارتدي ملابسه، جلس على الفراش بجانبها يرتدي حذائه الكلاسيكي.
-اسف و الله يا شذى هانم، مش هقدر أحقق ليكي طلبك ده، طول مانتي لسة على زمتي، يبقى عليكي انك تطيعي امري….
مافيش خروج من باب الأوضة دي لحد ما ارجع، نظر اليها صامتاً منتظراً ردها.
شذي معاندة له :
-لاء هانزل و هاقف مع ماما وخالتو و مش هلبس النقاب كمان.
لا تعلم كيف انتشلت هكذا، كيف ركعت امامه،
ضغط بيده على رأسها من الخلف، مجبرها على الانحناء.
-عيدي كده كنتي بتقولي ايه.
شهقت بعين دامعة، و لم تجيبه.
-النقاب هاتلبسيه ومش هيتقلع من علي وشك.
شذي ببكاء و خـ.ـو.ف منه
– حاضر
-مافيش خروج من باب الاوضه، اللي عايزك يطلعلك هنا.
-حاضر
مالك بأبتسامة نصر:
-برافو عليكي شطورة، انا ماشي دلوقتي و هاجي بعد العصر بأذن الله ويا رب اجي الاقي حاجه من اللي قولتها مـ.ـا.تنفذتش.
رفعت رائسها لتسحر قلبه بنظرة عينها وهمست
-هاتعمل ايه يعني
مالك بنظرة جـ.ـا.مدة
-مـ.ـا.تستعجليش يا شذى العقـ.ـا.ب هات عـ.ـر.فيه في وقته.
عاد الطبيب مع صديقه اللي بيت والده، وجد الكل يعمل على قدمٍ و ساق،
التف حول المنزل ذاهباً نحو والده الذي كان منشغلاً بتحضير حلقة الذكر، والإشراف على تحضير طعام التكية من بِكرة الصباح.
وعندما رأه والده مع الرجال، هلل مسروراً برؤياه، واجتمع حشدٌ كبير من الرجال حوله، يهنئوه فارحين من أجله.
الشيخ حسان بضحك
-هههههههه سيبوهلي بقى يا ولاد، خلوني اخده في حضني، وابارك ليه انا كمان.
مالك مقبلاً رأس ابيه
-حبيبي يا ابويا، ولو اني زعلان منك، بس اعمل ايه في قلبي الطيب، بحبك يا شيخ حسان وماقدرتش ابعد عنك ابداً.
-و يا ترى زعلان مني ليه بقى دكتور.
مالك مشاكساً له
-اصلك يعني من يوم ما اتقابلنا في الضريح و انت ماسألتش عني.
حسام متدخلاً
-خلاص بقى يا مالك، هو في حد برضو يزعل من الشيخ حسان، دا حبيبنا كلنا.
-شوف يا اخويا العيال، بيلعبوني بالكلام ازاي، طب مش هقولك المفروض انت اللي تسأل عليا، بس هقولك اني سيبتك براحتك عشان تتهني يومين يا عريس.
مالك ضارباً صديقه بضحك على كتفه
-هههههههه شايف الناس اللي بتفهم يا حسام، مش انت و مراتك.
حسام متذكراً
-مراتي اه صحيح استنى اما اشوفها جات هي والعيال ولا لسه.
قبل أن يمسك هاتفه ليتصل بها، أجابه والد صديقه.
-ماتقلقش يا حبيبي، دول هنا من بدري، بس هما جوه البيت.
-مش ممكن مالك الصغير سابك لوحدك، وقاعد جوه ازاي دا مش بيعملها دي ابداً لما بيجي هنا.
الشيخ حسان موضحاً
-قاعدين يا سيدي مع عروسة صاحبك، واضح انهم بيحبوها اوي، دول اول ما جم، سألو عليها وطلعو يجرو ورا بعض عندها.
مالك متذكراً يوم لقائهم الاول
-هما فعلاً حبوها جداً، ثم استرسل الكلمات قائلاً….
طب قولنا يا حاج يلا نساعد في ايه.
الشيخ حسان :لاء انتو ماتساعدوش في حاجه بالبدل اللي لابسنها دي، انتو تدخلو تاكلو لقمه، وتغيرو لبسكم وتستعدو للذكر، يلا بقي ماتعطلوناش.
مالك مطيع الامر: ماشي كلامك يا شيخ حسان.
/////////////
كان الصغيرات يدوران حولهم بالغرفة، إذ أصرت رانيا ان تزيد من جمالها ببعض المساحيق التجميلية، و التي لولا ذلك الشحوب الذي تملك منها، ما كانت تحتاجهم من الاساس.
شذي بتأفف: اوف كفاية بقى يا رانيا، قولتلك ملوش لزمه اللي بتعمليه ده، بتزوقيني على ايه بس اذا كان وشي اصلاً مش هيبان، ولا حتى هاخرج من الأوضة دي.
رانيا محاولة التخفيف عنها :وايه يعني يا شذى، بذوقك لنفسك يا بت، اذا كان هو منعك انك تكشفي وشك، يبقى لما يجي هو ويكشفه يلقيه متزوق عشانه هو بس، وإذا كان منعك تنزلي تحت، اطمني يا ستي دي الحاجه مجيدة بذات نفسها، طالعه ليكي هي وجيش الستات اللي تحت، يغنو ويفرحوكي هنا.
شذي بحزن: لزمته ايه الفرح، وانا متلفحة بالأسود والنقاب مداري وشي؟
رانيا مبتعده عنها، جاذبه الحقائب الملقاه على الفراش: لاء مش هاتقعدي بالأسود، اومال انا اتأخرت عليكي ليه، مش عشان كنت بشتري ليكي دول.
شذي بهجوم : ايه دول، اوعي تقوليلي انك اشتريت فستان فرح تاني، هما ايه مش بيحرمو، و لا عايزين المره دي يمد ايدو عليا.
رانيا منهيه ثرثرتها بنفي قاطع: اسكتي وأهمدي شوية…
سبيني افهمك، بصي ماما مجيدة اتصلت بيا الصبح وقالتلي على كل حاجه، فأنا قولتلها و مالو الراجل ماغلطش في حاجة، حقه يداري مراته من عيون الكل.
مصمصة شذي شفاهها بسخريه وقالت :شوف ازاي، ولما هو حقه، لزمته ايه الميك اب والفستان دا بقي.
رانيا ضاحكه: ما قولنا الميك اب عشان نفرحه، وده مش فستان يا روحي، ده ادناء بردو زي اللي انا وانتي لابسينه.
بس لونه بينك، انا دورت على ابيض مالقيتش بصراحه، فاقولت اللون ده جميل برضو، ها ايه رأيك.
فتحت لها الحقيبه، لتظهره أمام اعينها بأبتسامه، مكمله لها…
وطبعاً مانستش الطرحه والوشاح من اللون الاوف وايت، عشان نغيظ سي الدكتور مالك ههههههه.
شذي بعين ماكرة : ايوووه يخرب عقلك يا رانيا، ده هيقطم رقبتي، بس تعرفي احسن عشان يتغاظ زي ماهو غايظني و مدايقني كده.
رانيا بتفهم :انتي مش حابة النقاب يا شذي
شذي بحزن: مش حكاية حباه او لاء، عارفة لو كان خايرني او حتى اخد رأيي، كنت هوافق وهبقي مرحبه كمان، بس هو جابرني عليه، وانا مش بحب حد يجبرني على حاجه، وبعند اكتر، يمكن لو انتي ماجتيش ماكنتش لبسته، وكنت نزلت تحت كمان.
رانيا بشهقه :لاء يا شذى اوعي تعملي كده، لو بجد عايزة تكسبي قلب جوزك، ماتحوليش تعندي معاه.
شذي بمكر:يا سلام يا ختي، طب مانتي حلوه وزي القمر اهو، جوزك مش لبسك النقاب ليه.
رانيا بضحك :ههههه مين قال كده، بالعكس بقى دانا اللي بتحايل عليه، بس هو خايف عليا يلخمني وانا سايقه، و معايا الولاد، اصلي نظري ضعيف شوية.
شذي بتفهم :اه طب هاتي بقى اما اغير لبسي، وربنا يستر عليا من الوحش بتاعي، لما يشوفني بيه.
////////////
أهلاً اهلاً يا حبايبي، حمدلله على السلامه يا عريسنا.
كانت هذه الحاجة مجيدة، التي همت واقفة من بين النساء، ترحب بأبناها وصديقة.
احنو رؤسهم وغضو بصرهم تأدباً، في حضرة النساء، ليلقي مالك عليهن السلام بصوتٍ رخيم…
السلام عليكم جميعاً
بادلوه النساء التحية، وعلت الزغاريط معلنين عن سرورهم لزيجته، ليوقفه صوت الحاجه أمنه…
تلك السيدة ذات الوجه البشوش، التي تقابلت معهم هو و هي، في اول ليلة لهم سوياً في صلاة الفجر.
استنى يا واد يا دكتور ماتجريش انت و صاحبك، تعالي سلم عليا عشان اباركلك يا حبيبي.
التفت اليهن و وقف مكانه، دون أن يرفع رأسه، لتجذبه والدته من يده، هامسه له.
الحاجة مجيدة : تعالي يا مغلبني، شوف بقى هتقول للحاجة امنه لاء ازاي.
توقف عن السير مندهشاً، نظر اليها برجاء الا تكون حكت سيرة زوجته بين النساء…
وقبل ان يسأل وجد الحاجة أمنه تتكأ على عصاها و تقف أمامه.
ولو اني باركت لك قبل كده، بس لما عرفت بليلتك، قولت اني لازم اجي واباركلك انت وعروستك الجميلة.
مالك مردداً بنبرة متحشرجة: الله يبارك فيكي يا حاجة أمنه، وهبلغ شذي بمبركتك حاضر.
الحاجه أمنه طالبه: عايزة ابارك ليها بنفسي يا مالك، اظن مش هاتكسفني ولا هتزعلني زي مانت مزعل امها كده.
رفع رأسه ليري خالته الجالسة بمكانها مرتسمه علي وجهها الحزن…
تنهد بقلة حيلة و همس: وماله يا أمي اتفضلي حضرتك اطلعك ليها…
الحاجة أمنه بمكر : هههههههه يا ريت مانت عارف اني مش بقدر اطلع السلم، ثم همست له، وبعدين لو هي مانزلتش كل الحريم دول هيبقو فوق في اوضتك، وانا بصراحه مارضش بكده، يلا روح هاتها مادخلش حد غريب أوضة نومك، ربنا يجنبك شر عيون الناس يا بني.
مالك بغيظ: انا مراتي منتقبه يا حاجة أمنه ومش هتبقى فرجه لحد.
الحاجة امنه: وماله يا حبيبي، واحنا نوعدك نقابها مش هيترفع من عليها، بس يلا بقي فرحها وفرحنا احنا كمان.
أخيراً رفع الرايا البيضاء بأستسلام لها: حاضر يا أمي هاطلع اغير لبسي واجبها وانزل.
/////////
صعد مع صديقه للأعلى، حتى يبدلو ملابسهم ويستعدو للذكر، لكنهم وجدو ذلك الطفل المسمى على اسمه، والمحبب الي قلبه يقف خارج الغرفة، موصود اليدين كحارس شخصي لمن بالداخل.
هتف والده مندهشاً بغرابة…
حسام: ماله ده واقف على الباب كده ليه.
مالك ضاحكاً : شكله عامل زي البودي جارد هههه، تعالي اما نفهم ماله،
مالك يا حبيبي واقف كده ليه؟
مالك الصغير رافعاً حاجبه الأيمن: لوسمحتم خليكم بعيد
حسام مجادلاً معه:لاء يا باشا احنا عايزين ندخل هنا
مالك الصغير بتحفز :اسف ماعنديش أوامر بكده ممنوع دخول اي رجل غريب جوه.
ضحك مالك ضحكةً رنانة، وصلت إلى من بالداخل، مد يده وامسكه ثم حمله على ذراعه….
ليه بس يا حضرة الظابط مالك، داحنا كنا عايزين ندخل، عشان نغير لبسنا.
هز مالك الصغير رأسه بالرفض…
لاء مافيش دخول، تقدرو تغيرو في حته تانية، لكن هنا أوضة البنات.
هتف مالك مقيداً لكلامته القوية، برغم صغر سنه: يسلملي حبيبي الراجل الصغير اللي بيحافظ على البنات ده هات بوسه ياض.
قرر حسام ان يشجع ابنه على ذلك، وبدء يمثل عليه الترجي: بس هما زمانهم خلصو، واحنا عايزين ندخل، ممكن انت تدخل وتستأذن منهم اننا ندخل، لو سمحت يا حضرة الظابط ارجوك بعد اذنك.
فرح الصغير من مداعبتهم له، فانزلق من علي ذراع مالك، وجرى للداخل وهو يضحك.
ههههه طب خلاص خلاص استنو هنا، اوعو حد يدخل، لحد ما اقولكم.
///////////
ولج الصغير عليهم بسعادة و هتف: ههههه الحقو دول جم بره.
كادت يديها الحمراء ان تنفر الدماء منها، أثر فركهما ببعضهم، لتصيح بخوف واضح على ملامح وجهها.
مش قولتلك هو اللي بيضحك بره ده يا رانيا، بصي انتي اسمحيلي الميكاب ده بسرعه وانا هالبس النقاب بتاعي تاني.
حاولت رانيا تهدئتها، ثم جذبت نقابها الأسود من يدها بهدوء.
اهدي يا شذى وبطلي خوف شوية، مافيش حاجه تستدعي لده كله، انتي بنفسك قولتي انه بيضحك بره، يبقى هنخاف ليه، انتي لابسه محتشم اهو وكمان ياستي هاتنزلي النقاب ، بس كده مش محتاجين حاجه تانية.
شذي مؤكده بيدها على نقابها: خايفة! وحياتك
انا مش بس خايفة، انا مرعوبة من ردة فعله،
مش بعيد ياخدني يرجعني الشقه، ويقفل عليا تاني، المجنون ابن مجيدة ده..
رانيا ضاحكة: ههههههه هايحصل، بس ده هيبقى بعد الفرح ما يخلص، قولهم يدخلو يا مالك.
فتح الصغير الباب لهم، وكان هو أول من دلف إليهم ومن بعده صديقه.
هتفت رانيا مرحبه بهم، وهي تراقب نظرته الواجمة المتعلقة بها.
حمدلله على السلامة يا دكاترة.
لم يرد السلام، بل ظلت عيونه متعلقة بها، وكأنه يفتش لها عن خطأ ما، يحاول اصطياده، تلك الماكره تحدته في كل ما أمرها به، لكن بدون أن تقع نفسها تحت طائلة عقابه.
أمرها ان لا تترجل خارج الغرفة، لكنها ستفعل و بيده سينزلها لهم بالأسفل.
امراها بأن لا تشلح نقابها، لكنها فعلت وارتدت عوضاً عنه نقاب اخر، يجعلها عروس بحق.
لكن يوجد شيئاً تحت هذا النقاب، عيناها بها شيئاً غريب، يجعلها ساحرة اكثر من ذي قبل.
وان كان هذا ما يتوقعه، اذاً ستقعي في الجذور حتماً يا شذى.
ليجبره صديقه على الانتباه لهم، محاولاً حل هذا التوتر الذي عم عليهم، موجهاً الحديث لزوجته أولاً، ثم لزوجة صديقة ثانياً.
حسام بمرح :الله يسلمك يا حبيبتي، الف مبروك يا شذى.
فضلت الانحناء برأسها للأسفل، هروباً من نظرته لها، وهمست بصوتٍ خفيض….
الله يبارك فيك يادكتور حسام.
حسام سائلاً زوجته: جبتيلي لبسي معاكي يا رانيا؟
رانيا بيأمائه خفيفة من رأسها: اه طبعاً في الشنطه دي.
زج ذراع صديقه ليخرجه من شروده وتحمحم لينبهه.
احم طب يلا بقي انا يا مالك، انا شايف ان العرايس جاهزين، خلينا نجهز احنا كمان.
مالك بعين كالجمر: ادخل الاوضه التانيه البس فيها، وخد مراتك و ولادك معاك.
تمسكت بفستان صديقتها، كاطفله تحتمي وتختفي خلف امها.
غمزت رانيا بعينها لزوجها بألا يطبعه، وتجلس ويتركه ينفرد بها الان.
حسام متفهماً: لاء طبعاً افرد كان في حد عايز يدخل ولا حاجه، اقولك هات انت لبسك، وتعالي معايا، ونسيبهم هما يجهزو براحتهم بقى.
لاحظ تشنج جسدها، شعر بخوفها منه، فقرر الذهاب مع صديقه.
/////////////
ارتدي جلباب اسود اللون، طوى فوق اكتافه عبائة بنية اللون، وبحذاء اسود طويل الرقبة كلاسيكي، اتم مظهره.
وأخيراً ما انفرد بها داخل الغرفة، بعد أن تركهم صديقه هو و زوجته واطفال.
وقفت تنظر اليه من تحت نقابها بأنبهار، انه يمتلك هيبة كبيرة، تشعر بأنها عند اقترابها منه ستحتمي من العالم كله بحصن قوي منيع.
شكلك حلو اوي يا مالك.
خرجت تلك الجملة من ثغرها بلهفة غريبة، دون تفكير او رهبة منها.
كان ينتوي ان يحزنها، يغضبها على ما تفعله به، لكن تلك الصغيرة، ثقلت كفة ميزانها بتلك الكلمه التي تعم بالحب والفرحة في انٍ واحد.
مالك مقترباً منها، محاصراً خصرها بين كفيه…
بجد شكلي حلو.
أطلقت سهام عيناها الساحرة على عينه، وضعت كفيها على صدره، لتشعر بسعادة عارمة، ولا تتذكر تلك القسوة التي تلقتها منه في الصباح.
اوي عارف انا حاسه بأيه دلوقتي؟
حاسه بأيه يا شذى!
امالت برأسها على صدره، لفت يدها بتملك حول خصره وهمست.
حاسة اني متحامية في حضن ابويا بجد، انت كبير اوي في نظري يا مالك، لترفع وجنتها من علي صدره وتنظر في عينه مكمله…
انت كمان ليك هيبة كبيرة وحلوة كده.
رفع رأسه ناظراً للأعلي، وكأنه يهرب بعينه من سهامها، و تنهد صبراً، ملقي عليها سؤالها.
مين اللي جابلك النقاب ده، و ماسمعتيش كلامي ليه
شذي وقد بدء الخوف يتملك منها مرة أخرى،
دي خالتو مجيدة هي اللي جابته، وبعدين ما هو نقاب زي اللي كنت لابساه، ومش مبين حاجة اهو.
والله طب ومش من حق بابكي بقى انه يشوف جمالك انتي كمان، ارفعي كده النقاب خليني اشوفك.
التفت سريعاً بين يدية، واستندت بظهرها على صدره.
مالك مندهشاً من فعلتها…
وده اسمه ايه بقى، بقولك عايز اشوف وشك تعطيني ضهرك.
شذي بخوف منه..
مش عايزاك تزعل ولا تزعلني تاني.
لفها مره اخرى بين يديه بكل سهوله..
يعني انتي عارفه ان في حاجه هاتزعلني، لو كشفت النقاب.
شذي بحب: مش عارفة هتزعل ولا هتفرح، بس انا عملت كده عشانك انت و بس.
امسك وشاح وجهها ورفعه بيديه، رأها جميلة في زينتها، لكنها أشعلت قلبه بلهيب الغيرة عليها، نعم لن يرى احد وجهها، لكن تكفى رسمة عينيكِ الكحيلة ان تجذب العيون لها.
لان قلبه لها، كان أول ما قرر مسحه هم كرزيتيها، ليلتقطهم داخل فمه في قبله طويلة، شعر بعدها بلف يدها حول عنقه، حملها بين يده بكل سهوله، متجولاً بكل راحة على وجهها، ماحياً اثر زينتها بشفتيه.
انزلها بكل رقه، وكأنها زجاج يخشى ان يتهشم بين يديه، وقف بها أمام المراءه، لتشهق بشدة وهي ترى وجهها الملطخ بالكامل مما فعله به، و كاطفلة متزمرة دبت قدميها ارضاً معبرة عن غضبها.
هاه كده يا مالك….
مالك مبتسماً ساحباً إحدى المحارم المبلله.
ايوة كده، وريني بقى اما نضف الخريطة دي، ونرجع الجمال تاني من غير الوان الطيف دي، وبعدين ننزل انا وانتي تحت.
هاننزل تحت: قالتها شذي بفرحه متفاجئه بكلمته.
مالك بغيظ: اه للأسف هنزلك، عشان ماحدش يطلع هنا.
شذي بحب: يعني صالحتني خلاص
مالك متذكراً :لاء طبعاً.
برغم تحول ملامح وجهه مره اخرى للغضب، الا انها كانت فرحه جداً، عنـ.ـد.ما احتضن كفها الرقيق بين راحة يده الكبيرة، مترجلاً بها للأسفل.
كانت تترجل على الدرج ، وكأنها ملكة متوجه، تتغنج بجانب مليكها القوي.
تحت أنظار الجميع، وقف بها يتوسطهم، اعتلت التهاني والزغاريط من حولهم، كما لمح أيضاً فرحة والدتها، التي اندفعت من بين النساء نحوهم.
بالأول ضمت ابـ.ـنتها لها بفرحه عارمة، لتتركها و تتجه اليه محاوله ضمه الي صدرها و تقبيله.
خجل مالك من فعلتها، حاول الإبتعاد عنها، الا انها تشبثت به واحنته لها محتضناه جيداً.
مالك مأنباً لها بمشاكسة
-عيب كدة يا ماجدة
ماجدة بحب
-ابداً لازم ابوسك، حتى لو غـ.ـصـ.ـب عنك.
مالك ناظراً لصغيرته مشعلاً غيرتها
-بعدين بـ.ـنتك تغير
ماجدة مقبلاه
-تغير من امها! دانا خالتك يا واد، الف مبروك يا حبيبي.
-ما خلاص يا ماما سيبيه بقى الله…
بالفعل غارت الجميلة شذي، ليندهش مالك من تذمرها، ضحك و هتف بمرح…
-هههههه عجبك كده يا خالتي، مش قولتلك هاتغير، يلا استلمي بقى يا ستي، و انا هاخرج للرجـ.ـاله بره.
❈-❈-❈
اصدح صوت الاناشيد الإسلامية في بهو البيت، جلست شذي بنقابها، تتوسط والدتها وخالتها وتجاورهم صديقة زوجها رانيا، و التي أصبحت صديقتها هي الاخري.
وبعد مرور وقت طويل عليهم، أشارت لها بأن تقترب منها، اقتربت بالفعل لتجلس مكان خالتها التي وقفت تودع بعض النساء الراحلين.
رانيا حاملة ابـ.ـنتها الغافية على كتفها
-عروستنا الحلوة انشالله تكوني مبسوطة.
شذي بحنق بين
-هاتبسط من ايه، تصدقي مالك كان عنده حق، انا فعلا ماكنش لازم انزل.
ضمت رانيا حاجبيها بأندهاش
-بعد كل ده بتقولي معاه حق، طب لزمتها ايه كل المنوشات اللي عملناها دي، يا خسارة التعب طول النهار.
-يعني انتي مش شايفة الستات قاعدين ازاي يا رانيا، دول مش بيعملو حاجه غير انهم بيبصولي و بس.
رانيا بتنهد
-تفتكري هيعملو ايه غير كده، على العموم هانت يا شذى، اهم بدؤ يمشو واحدة ورا التانية اهم.
خطر علي بالها ان تراه الان ، فاهتفت متسرعه كعادتها.
-ت عـ.ـر.في نفسي في ايه دلوقتي…
قابلت رانيا نظرتها بأستغراب و همست…
-خير يا رب، قولي يا اختي نفسك في ايه.
-نفسي اشوف مالك في حلقة الذكر، واتفرج عليه.
رانيا بشهقة
-هاه و دي هاتعمليها ازاي، بقولك ايه اهمدي، هما زمانهم قربو يخلصو أساساً.
شذي بتفكير
-لاء هعملها، بقولك ايه تعالي معايا.
جحظت عين رانيا، عنـ.ـد.ما وقفت الاخري، متأهبه للرحيل من وسط النساء
-هانروح فين يا مـ.ـجـ.ـنو.نه انتي؟
شذي بمكر
-هانطلع فوق.
علقت خالتها مندهشه من وقوفها هذا…
-الله في حاجة يا شذى؟
شذي ملتفتة إليها…
-هاه لاء ابداً يا خالتو، انا بس هاطلع انا و رانيا فوق أصلها عايزه تنيم بـ.ـنتها.
اومئت خالتها رأسها بالموافقه، وصعدو الاثنان للأعلى.
فتحت رانيا باب الغرفة و دلفت، تعلو وجهها ابتسامه عريضة.
انحنت بجزعها على الفراش لترقد طفلتها ودثرتها بالغطاء جيداً…
-يخرب عقلك يا شذى، انتي بجد سريعة التفكير، عرفتي تمشي اللي في دmاغك برضو.
اتجهت شذي نحو النافذة، فتحتها ببطئ شـ.ـديد حتى تتجنب نظرات الرجـ.ـال بالأسفل، أو ربما تقابلها نظرته المنذرة عن غضبه.
-اه عارفة، بس مش عارفة ليه دايماً، تفكيري ده مش بيعجب مالك.
-انتو لسه برضو يا شذى؟
ألقت رانيا على مسامعها هذا السؤال، وهي تقف بجانبها، تلقى نظره هي الاخري على زوجها وابنها الصغير.
وقفت شذي متيمة به، بحركته السريعة، كاصقر قوي يبسط جناحيه يمتلك السماء، كان يتمايل بخفة و ينشـ.ـد حافظاً الكلمـ.ـا.ت عن ظهر قلب…
شذي بحـ.ـز.ن
-اه يا رانيا احنا لسة.
تعجبت الاخري منها فزادت من السؤال
-طب ليه هو مش النـ.ـز.يف خلاص؟
شذي بأيمائة
-ايوة بس يعني زي ما تقولي كده لسه بناخد على بعض.
رانيا متفهمه
-معاكم حق طبعاً، انتو تقريباً ما عرفتوش بعض غير من وقت قصير، ودا احسن ليكم انتو اللي الاتنين.
ت عـ.ـر.في يا شذى، انا جيه في تفكيري ان موضوع النـ.ـز.يف ده بيتكرر ليكي كتير نتيجة خـ.ـو.فك منه، يعني عشان فرق السن بينكم و كده.
لم تجيبها بالحقيقة حتماَ، التفت للنافذة تنظر منها و اومئت برائسها.
-تفتكري!! يمكن ليه لاء
رجعت للخلف سريعاً، حين وجدته يقف ثابت رأسه مرتفع للأعلي معنفها بعينه، هامساً لها دون أن يتحدث.
مالك محزراً لها بلا صوت
-اقفلي الشباك ده.
اغلقت النافذة سريعاً، وجلسو هم الاثنان يضحكون.
وضعت رانيا يدها على صدرها، تحاول ظبط أنفاسها من شـ.ـدة الضحك.
-هههههه يا نهاري يا شذى، ده هيطلع يسود عيشتك.
شذي رافعة نقابها من علي وجهها، تتلقي بعض نسمـ.ـا.ت الهواء، لتبرد وجنتيها الحمروتان من حرارة الخـ.ـو.ف منه.
-يسود عيشتي بس، قصدك تقولي هيطلع يقطم رقبتي.
تفاجئت الاخري بوجهها الجميل، الخالي من اي مساحيق تجميل.
-ايه ده فين الميك اب اللي كنت حاطهولك؟
رفعت شذي اكتافها بلا مبالاه، وهمت لتشلح حجابها بالكامل
-مالك مسحه.
رانيا مغتاظه منها
-يا خسارة تعبي، قولتلك خليه يشفوه بعد الليلة ما تخلص يا هبلة مش قبلها، اقولك انا جوزي بيرن عليا، عشان انزله يلا سلام يا حبيبتي.
قبلت شذي الصغيرة مكه وحملتها لتعطيها لأمها، ثم قبلتها هي الاخري، ممتنة لكل ما فعلته من أجلها اليوم.
-سلام يا رانيا، و متشكرة اوي ليكي يا حبيبتي، بجد انا اعتبرتك اختي الكبيرة.
بادلتها الاحتضان، ثم لكزتها على كتفها بضـ.ـر.به خفيفه على كتفها.
-طب بما انك اختي الصغيرة بقى، احب اقولك ان مافيش بين الأخوات شكر.
❈-❈-❈
بدلت ملابسها لمنامة مخملية، نبيذية اللون، تمددت على الفراش مصطنعة النوم قبل أن يصعد لها.
فتح الباب عنوة ودفعه لينغلق بصوت قوي، انكمشت هي على نفسها، وسحبت الغطاء عليها تدثر وجهها به.
انار ضوء الغرفة، ملقي عبائته على مكتبه بأهمال، واتجه نحوها مباشرة.
مالك أمراً لها
-اتعدلي انا عارف انك صاحية.
اعتدلت جالسة، منحنية الرأس، شعرها منسدلاً على جانبي وجهها ليغطيه، و يحجب عنه رؤيته.
-شايفك غيرتي لبسك و نمتي؟
بحركه سريعة لمت شعرايتها على جانب عنقها، رفعت له وجهها، ضاممه حاجبيها تعبيراً عن عدm فهمها!
-هو المفروض اعمل ايه في الوقت ده؟
اجتذبها من علي الفراش، و اوقفها بجواره.
-تقومي تكلميني كده زي ما بكلمك، مين اللي قالك تفتحي الشباك ده؟
تدللت الجميلة بشهقة مصطنعة، و وضعت يدها على صدرها، تحاول ايهامه بتعجبها مما يقول.
-انا!!
انا مش فتحت حاجه، دي رانيا هي اللي قالت عايزة تتفرج عليكم.
تركها من بين يده مبتعداً عنها، حاول شغل نفسه بشئ اخر، قبل أن تجذبه اليها بسحر عيناها الجميلة.
-لا يا شيخة بقى هي رانيا اللي فتحت الشباك؟
وقفت خلفه تماماً، لفت يدها حول خصره، مستندة برأسها على ظهره.
-اقولك الحق.
اغمض عينه متشوقاً لتيار عشقها، حل وثاق يدها و سحبها امامه، ليضمها اليه هامساً.
-قولي يا احلى كـ.ـد.ابه…
التصقت به جيداً، كأنها تريد الدخول بين اضلعه، دست وجهها في صدره، حاولت الاختباء من عينه.
-عشان كنت عايزة اشوفك، و ابقى قريبة منك، انا مش بحس بالأمان، غير و انا معاك انت.
اهٍ يا قلب يتمزق من كثرة شوقه إليكي.
حاول الهروب من تيار حبها، دون أن يحـ.ـز.نها او يحـ.ـز.ن نفسه اكثر من ذلك.
-طب ممكن تروحي تحضري العشا، علبال ما انزل اخد حمام.
ابتعدت عنه قليلاً وهمست،
-انت لسه ماصلحتنيش، انا عارفه انك مش هاتصالحني غير لما تسمعني، و تفهم كل حاجه.
-ايه اللي جاب السيرة دي دلوقتي؟
قالها مالك منفعلاً بعنف، ليرتجف جسدها برعـ.ـب من صوته.
-قولتلك مش عايز اسمع حاجه، واتفضلي روحي نامي يلاااا.
زجها من بين يديه، اجتذب ملابسه وذهب باتجاه باب الغرفة، وقبل ان يفتحه همست بحـ.ـز.ن.
-مش قولت انك جعان، هانزل معاك احضر ليك العشا.
ظفر أنفاسه بعنف، زجرها بكلمة محبطه.
-مش عايز منك حاجه، سديتي نفسي الله يسد نفسك يا بعيدة.
❈-❈-❈
تملمت في نومتها، وضعت يدها على خصرها تتحسس لمسة يده، التي كانت تحتويها وتجذبها اليه طيلة الليل.
لكنها لم تجدها، تقلبت على جانبها الاخر، مدت ذراعها لتحتضنه هي، لتجد مكانه دافئ و لكنه خالي.
رفعت جزعها العلوي، تبحث عنه في الغرفه بعين شبه مغلقة،
-الله راح فين ده؟
همست شذي لنفسها ساحبه هاتفها من علي الكمود.
ياه الساعه لسه خامسه ونص، تلاقيه راح يصلي الفجر في الجامع ونسي نفسه.
-اوف انا عايزة اشرب، هانزل اجيب مايه واشوفه يمكن يكون جيه وقاعد تحت.
❈-❈-❈
عاد من المسجد هو و ابيه، ليصعد ابيه الدرج، و يقف هو يتمم على باب المنزل بعد أن اوصده.
التفت ليصعد خلف ابيه، لكنه توقف عند سماعه صوت هدير المياه القادm من غرفة الطهي.
فاتجه نحوها ليتأكد من إغلاق محبس المياه، فأوقفه والده بسؤاله.
-على فين يا مالك.
مالك مجيباً سؤال والده…
-اتفضل اطلع انت يا حاج، انا هاقفل المياه المفتوحه دي و احصلك.
اومئ له والده برأسه، تركه وصعد ليلج هو غرفة الطهي، وجد جنيته الصغيرة، تقف تنظف تلك الأواني تحت المياه.
-بتعملي ايه عندك دلوقتي؟
التفتت بجانب وجهها لتراه، ثم اعتدلت تكمل ما بيدها.
ليستشاط غـ.ـيظاً منها، اقترب منفعلاً محاوطها بيديه، ليصل الي صنبور المياه و يغلقه.
-مافيش واحده عاقله في الدنيا، تقف تغسل صحون الساعه سته الصبح يا مختله انتي.
-مـ.ـا.تشتمش.
قالتها شذي ملتفته اليه، بيدٍ ممتلئة برغوة سائل منظف الصحون.
تبسم الطبيب من تذمرها، انحني إليها قليلاً ليقترب من وجهها بمشاكسه.
-هاتعملي ايه يعني
شذي بعناد له
-هاعمل كده!
رفعت سبابتها، لمست أنفه لتثبت عليه الرغوة،
وتضحك هي بطفوله على منظره.
جحظت عين مالك على فعلتها، و هتف غاضباً..
-نهارك اسود يا شذى، ايه اللي انتي عملتيه ده؟
شذي بوجنتان متوهجتان أثر الضحك
-هههههههه شكلك يضحك اوي.
-كده طب تعالي بقى….
امسك يدها بقوه، وإذا به يرفعها يلطخ بها وجهها بالكامل.
شذي بغضب
-كده يا مالك اوعي بقى ده غلط علي بشرتي.
ظل يضحك محاوطها بيديه و استدارت هي سريعاً تغسل وجهها، لا يظهر منها اي شئ.
ليستمع الي صوت ابيه الحاضر على الباب
-كل ده بتقفل المياه يا مالك، ايه المحبس باظ و لا ايه؟
تسمرت مكانها و التصق ظهرها بصدره، و بدوره ضمها اكثر بيدٍ، و باليد الاخري افتعل غلق المياه.
مالك محاولاً اقباح خجله من ابيه
-لاء اانا خلاص بقفله اهو يا ابويا ، انت ايه اللي نزلك تاني بس.
-سمعت صوتك زي ما تكون بتكلم حد.
صمت لبرهه لا يعرف بماذا يجيبه، رفعت يدها على اذنها قليلاً و بهدوء شلحت سماعة الهاتف الجوال من اذنيها، والتي كانت تسمع بها الاغاني، لتعطيها له بالخفاء.
أخذها منها سريعاً و همس لها…
اقفلي الصوت.
ثم هتف لأبيه..
-مافيش يا حاج دانا كنت بكلم حسام.
اومئ له ابيه ليرحل عنهم، مردداً بالكلام.
-طب يلا اطلع بقى، ريح لك شوية قبل صلاة الجمعه يا بني.
-حاضر يا ابويا، انا طالع وراك اهو.
ذهب والده، وضحكت الجميلة التي لم يظهر منها شئ نظراً لفرق الطول والعرض بينهم،
كبلها داخل عبائته وأغلق عليها، ضحك أيضاً على ما تفعله تلك الشقية به.
-بتضحكي! منك لله يا شيخه، كنتي هتخلي شكلي ايه دلوقتي قصاد ابويا.
ألقت براسها على صدره، مستسلمه لضمته لها، لفها بين يديه بكل سهوله مشتاق لسحر عينيها.
مالك عاقداً حاجبيه
-اعمل فيكي ايه.
-حبني!
قالتها الساحرة الصغيرة مترجية، لينقض على شفتيها اخذهما في قبله طويلة حنونه عاشقه.
ابتعد عنها قليلاً و لم يتركها من يده، لتستند بجبهتها على صدره.
لفت يدها حول خصره، تمسكت بجلبابه من الخلف بتملك، كأنها طفلته تغير عليه ولا تريد سواه.
-انا بحبك اوي يا مالك، حبني نص ما بحبك بس، ماما قالتلي اوعي تشحتي حبه، بس انا مش عايزه حاجه من الدنيا دي ولا عايزه حد يحبني غيرك انتَ.
تنهد الطبيب بصبر، ربت على ظهرها عدة مرات، ابعدها عنه قليلاً ليمازحها بالحديث.
-تعالي نطلع اوضتنا، احسن ما حد يقفشنا تاني…
-يعني بردو لسة مش عايز تصالحني، طب بلاش تصالحني، قولي انك بتحبني و بس.
الن يرق قلبك لي، الا تشفعلي لمساتك، الا تخبرك بأنك وحدك مالك فؤادي.
عفواً أيتها الصغيرة، فالطبيب عقله ليس بهين لهذه الدرجه، لن يرضخ لحبك بهذه السهولة
حاول التهرب من تيار عشقها، حل وثاقها مشيراً لها بالتقدm امامه مردفاً.
-يلا ياشذي اطلعي قدامي.
ثبتت قدmيها و احنت رأسها، كمن تبحث عن شئ ضائع
-انا عايزة ارجع بيتي، مش عايزة اقعد هنا.
-هو انا لعبه في ايدك.
شهقت واضعه يدها على ثغره، عنـ.ـد.ما علا صوته مره واحده.
-وطي صوتك، هتصحي البيت كله و تفضحنا.
شلح عبائته من عليه، قبض على يدها بقوة، واذا به يمد الخطى نحو الدرج، ليصعد بها إلى غرفتهم.
ولج بها داخلها دفعها نحو الفراش، مغلقاً الباب من خلفه بمفتاحه.
-بصي يا بـ.ـنت الناس، انا مش عيل صغير قدامك، فاكرة نفسك ممكن تضحكي عليه بكلامك الناعم ده،
هناك تقوليلي مش عايزة اقعد هنا ودي مش شقتي، و هنا تقوليلي لاء رجعني شقتي، انتي عايزة ايه مني بالظبط.
هذه المره ادmعت عيناها بقهرة حقيقية.
-عايزك تسمعني.
-قولتلك مش عايز اسمع حاجه….
صرخ بها مالك منفعلاً، ملقياً بكل اشيائه من علي مكتبه.
انفزعت شذي من تقلبه، رجعت للخلف وتوسطت فراشهم مدثرة نفسها جيداً تهمس بكلمـ.ـا.ت تصل إلى مسامعه.
-اللي يشوفك وانت عصبي كده، مايشوفكش ايام ما كنت عمال تتحايل عليا مره وتتخانق معايا مره عشان احكيلك.
-قولتلك انا بحبك، عايزة اخرج اللي جوايا ليك، عشان انت كمان تثق فيا، تعرف ان مراتك مش…
قبض بيده على فمها بغلاظة، و بصوتٍ مثل فحيح الافعى قال…
-اخرسي خالص أياكي تنطقيها، لازم ت عـ.ـر.في ان
العلاج اللي انتي بتاخديه كفيل يعرفني عنك كل حاجه يا مدام.
نفضت يده من علي وجهها بقوة، رفعت يدها تتحسس مكانها بألم.
شذي بصراخ
-انت مـ.ـا.تعرفش حاجه، انا كنت باخده عشان محمود كان بيهددني لو ماسمعتش كلامه، هاينشر صوري على تليفونات شباب الحي كله،
كان عايز يجبرني على ال….، و في كل مره كنت باخد البرشام ده عشان يبعد عني، لحد يوم ما اتخدرت، و اتخـ.ـطـ.ـفت.
جلس على الجانب الاخر من الفراش، معطيها ظهره، واضعاً وجهه بين كفيه، لا يقوي عقله على التخيل.
-كفاية بقى، اسكتي مش عايز اسمع حاجه تاني.
لكنها أصرت ان تكمل ما بدئته، لتريح قلبها من تلك الوخزة الملازمة له.
-هددني انه هايقص جـ.ـسمي في الصور و يحط بداله جـ.ـسم بنات عر….، و هايفـ.ـضـ.ـحني لو ماعملتش ليه اللي هو عايزه.
كان بينتهز اي فرصه يلاقيني فيها لوحدي، أو يجيلي عند الكليه و ياخدني معاه غـ.ـصـ.ـب عني في بيت حد ماعرفوش….
و في كل مره كنت بوهمه اني مريـ.ـضة، عشان يسيبني في حالي، و يشيل فكرة الجواز دي من دmاغه، لكن هو كان بيعند اكتر، و يتعصب عليا و….
قطعت كلمـ.ـا.تها حين صاح بصوت جهور، و انتفض من علي الفراش، مكبلها بكفيه، يهزها بقوه.
-كفايه….
اخرسي بقى، قولتلك مش عايز اسمع حاجه تاني، انتي عارفة انتي بتعملي فيا ايه، و انتي بتقولي أن كان في واحد غيري بيلمسك،
عارفه انا حاسس بأيه دلوقتي، اقسم بكتاب الله العزيز لو كان عايش كنت قــ,تــلته بأيدي.
ألقاها على صدره ، اغلق عليها بذراعين من حديد، كاد ان يكـ.ـسر عظامها تحتهم، وابت دmـ.ـو.عه الحبيسة ان تصمد اكثر من ذلك.
شذي بشهقات متأوهه
-اه كان لازم تعرف اني مش زي مانت فاكر، كان لازم تعرف اني عملت كده عشان احافظ على نفسي.
مازال ضاممها جيداً، دmـ.ـو.عه تبلل شعرها، هامساً لها بحب.
-حاجه واحده بس اللي عايز اعرفها، ليه فضلتي تاخدي البرشام لما جبتك هنا، حتى بعد ما اتجوزنا ليه فضلتي تاخديه، ليه كل ما كنت بقرب منك، كنتي بترفضيني؟
كورت يديها، ظلت تدق علي صدره بقوه واهية، حتى يرق قبضته عليها، و رأسها يهتز يميناً و يساراً.
-عشان كنت خايفة منك!
اه من يوم ماشوفتك في بيتنا، حسيت بأمان غريب، لكن خـ.ـو.فت منك لا تكون زيهم ، و حتى لما اتجوزنا، برضو خـ.ـو.فت لأنك كنت رافضني طول الوقت، حتى لما كنت بتقرب مني، كنت بتحاول تزلني و تحسسني اني بـ.ـنت مستهتره ورخ…
-اسكتي اوعي تقولي على نفسك كده تاني، انتي مش عارفة انا كنت بعمل كده ليه.
رفعت عيناها تحاول الإبتعاد عنه قليلاً، لتنظر لعينه، حتى ترى صدق مشاعره، لكنه ابعد نظره عنها رافضاً الإفصاح لها بما في داخله.
-خلاص مش عايزة اعرف، مش عايزة حاجة غير انك تروحني بيتي، لو سمحت مش عايزة اقعد هنا عايزة ارجع شقتي يا مالك.
تململت بين يديه، حلت وثاقهما، ارتمت بثقلها على الفراش، معطياه ظهرها، ساحبه الغطاء عليها.
تمدد بجانبها محتضنها من الخلف، متعجباً من طلبها الملح هذا من وقت ولوجهم المنزل.
-ممكن اعرف ليه؟
بالطبع لم تخبره بكره ابيه الواضح لها، انكمشت على نفسها داخل ذراعيه، و اغمضت عيناها مستلمة للنوم.
-عشان ابقى على حريتي، زي مانت قولت قبل كده.
ابتسم على تلميحاتها الوقحه، قرر اغاظتها، مقبلاً طيات عنقها من الخلف بشغف و حنين.
-طب مانتي حره اهو، و باب اوضتك مقفول عليكي، ايه اللي يمنع بقى، ولا لسه خايفة و بتاخدي البرشام.
فهمت مغذي حديثه، حاولت الإبتعاد عنه، رافضه ما يفعله.
-اللي يمنع ان في ناس غيرنا في البيت، و الشيخ حسان ممكن يسمعك تاني يا دكتور.
مالك معتدلاً على ظهره، مغمضاً عيناه استعداداً للنوم.
-مش هاينفع نرجع اليومين دول يا شذى، اصلاً احنا ممكن نسافر بكره او بعده بالكتير اوي.
شذي هامسه بخـ.ـو.ف
-يعني برضو هنسافر
ضمها على صدره مطمئناً لها
-اه طبعاً و مـ.ـا.تخفيش كده جوزك برضو يقدر يحميكي.
شذي مستكينة تحت وطائة ذراعه
-انا دلوقتي بقيت خايفة عليك انت يا مالك.
ابتسم على حبها الطفولي مردفاً بمكر.
-خايفه عليا من مين يا شذى؟
عادت لصمتها تحاول ايهامه بأنها قد غفيت، لكنه ليس بهين، ليصدق تلك الحيلة التافهة
بين الثانية و الأخرى كان يعتليها، بل يضغط على جسدها المرمري بجسده الصلب.
قرر التلاعب بها، ناظراً في عينيها الجاحظة، ليضحك عنـ.ـد.ما استمع لشهقاتها المعتادة، وهي تحاول ابعاده لتلمس يدها صدره العاري!
-كل مرة تقولي الكلمه دي و تجنيني، وفي الاخر تسيبيني لحيرتي و مـ.ـا.تكمليش، هاتتكلمي بقى و لا اخليكي ترجعي تخافي مني تاني.
حاولت تنحيه عن غضبه، وتجعله يتخلى عن قسوته، مجتذباه في بحر عيناها.
التفت يدها حول عنقه، غلغلت اصابعها تداعب شعره القصير بهمسٍ ناعم.
-زي ما انت مش عايز تقولي، انا كمان مش هاقولك حاجه.
مالك مندهشاً من حديثها
-اقولك ايه، هو انا مخبي عليكي حاجه، و انا ماعرفش…
قررت زيادة الدلال، متصنعة الألم من ثقل جسده، فابدل الوضع سريعاً، منقلباً على ظهره رافعها على صدره.
-انا طلبت منك حاجه و انت ماعملتهاش.
مالك مرتباً شعرها من علي وجهها
-طب فكريني و انا لو عايزة لبن العصفور اجبهولك
-حبني!!
تلك الجنية اللعينه، سحرت قلبه، وانتشلته من بين ضلوعه، تقول هذه الكلمه بطريقة خاصه، لا تليق الا بها هي، طفلته المدللة، بل هي عروسه الجميله، لا لا هي حبيبته مليكة فؤاده.
-بحبك يا شذيا بحبك قوي.
ضم رأسها من الخلف، قرب وجهها منه، ليخـ.ـطـ.ـف منها قبلة عاشق متيم بحبيبته الصغيرة.
ها هي قد نجحت فيما تريد، انتفضت من علي صدره واقفة، تقفز على الفراش بفرحة عارمة كالاطفال، تغني بصوتها المرتفع.
-هييههههههه….
قالهالي حبيبيي قالهالي
و بقي بالنسبه لي بكل الناس…..
مد يده سريعاً واسقطها علي قدmه بين ذراعيه، يضحك بقوه و يحاول كتم صوتها بكفه.
-بس اسكتي الله يخربيت حنجرتك هاتفضحينا.
ثم همس لها بحب
-شذي؟
-نعم يا حبيبي.
انا بقول لازم نروح بيتنا، عشان تبقى لينا خصوصية اكتر من كده شوية.
-هههههههههه
-كده مش هيبقى في خصوصية خالص بصوت ضحكتك دي ابداً.
-مالك؟
-هاه!
-انا بحبك قووووووي
ألقاها من بين ذراعيه، و تمدد على جانبه هذه المره اعطاها هو ظهره.
-ابوس خدودك المدوره دي نامي بقى….
❈-❈-❈
استيقظ من نومه، على صوت دق قوي على الباب، ابعدها عن صدره و اراح رأسها على وسادتها، اعتدل جالساً على الفراش، ليستوعب ما يحدث.
-مالك افتح يا بني بسرعه.
هب واقفاً غير واعي بأن جزعه العلوي عاري.
جري نحو الباب الموصود و فتحه سريعاً، ليري خالته تقف أمامه دامعة العينين.
احنت رأسها سريعاً عنـ.ـد.ما رأته على هذه الحاله، ليهتف هو برعـ.ـب من منظرها.
-في ايه، امي جري ليها حاجه؟
-ابويا كويس طيب؟
ولجت ماجدة بخـ.ـو.ف بَين، لترى ابـ.ـنتها التي بدئت تفيق هي الاخري ، فاحتضنتها متلهفه.
-الحقنا يا مالك، ام اشرف جات هي و السيد وقاعدين تحت، و بيقولو عايزين ياخدو شذي معاهم.
مازال غير واعياً، تسائل عن من تتحدث؟
-ام اشرف و السيد مين، و عايزين ياخدو شذي يودوها على فين؟
قفزت من علي الفراش تاركه يد والدتها، أمسكت جاكته و البسته اياه، محاوله ايفاقه بدmـ.ـو.عها.
شذي محاولة إسباقه للخارج
-دول عمي وعمتي يا مالك، انت نسيتهم، شوفت مش قولتلك اكيد هيجو.
-استنى هنا….
قالها مالك وهو يغلق سحاب جاكته عليه.
-فاكرة نفسك رايحة على فين، انتي مش شايفة شكلك عامل ازاي ،انتي من غير نقابك يا هانم.
-هو دا وقته انت كمان!
قالتها ماجده وهي تحاول سحب ابـ.ـنتها للداخل.
مالك مستغفراً ربه.
-استغفر الله العظيم، خالتي ممكن مـ.ـا.تقطعنيش وانا بتكلم تاني؟
وانتي يا ستي، يا ريت تلتزمي الجلوس هنا في اوضتك و مـ.ـا.تخرجيش منها، ياريت يكون كلامي واضح.
شذي بهجوم و صوت مرتفع
-لاء انا عارفه هما جاين ليه، جاين عشان يتخانقو معاك و ياخدوني معاهم،
مش هما دول اللي طردوني انا وامي بعد مـ.ـو.ت ابويا بيوم، انا هانزل اطردهم زي ما طردوني.
-شذيييييي
افزعها بصوته، ليثبتها مكانها قبل الترجل للخارج….
-قولت مش هاتنزلي تحت يعني مش هاتنزلي.
زجها بيده للداخل، ترجل مع خالته لهم، موصداً الباب عليها.
❈-❈-❈
هبط الدرج مع خالته ، ليري والدته تقوم بأستضافتهم و معها والده.
ليستمع الي والده يرحب بهم.
-خطوه عزيزه يا حج سيد
رد الحج سيد ممتناً له
-الله يعزك يا شيخ حسان، والله كان بودي اتعرف عليك قبل كده، لكن اعذرني المره اللي فاتت الظروف
ماسمحتش اني اشوفك.
-و يا ترى ايه بقى اللى جد يا حج سيد؟
القت الحجة مجيدة عليهم سؤالها، و عيناها تشمل تلك المرأة الملونة كالحرباء بعين تكاد تخترقها.
لتجيب هي عوضاً عنه سؤالها متقمصة دور الأخت الحزينة على وفاة أخيها، والأم الثكلة لفراق ابنها وحبسه.
ام اشرف بصوت هادئ
-جايين نشوف بـ.ـنتنا وناخدها تعيش في بيتها يا ام مالك يا اختي،
دي هي اللي فاضله لينا من ريحة المرحوم، و من يوم ما خرجو هي و امها من البيت واحنا في هم و نكد.
تقدm مالك ممسك بيد خالته، اجلسها بجوار والدته، ثم تقدm ومد يده بالسلام لذلك الرجل المسن بعض الشئ، وجلس بجوار ابيه يستمع الي والدته.
الحجه مجيدة ساخرة منها
-الله مش هما دول برضو اللي انتي بنفسك طردتيهم من بيتهم تاني يوم اخوكي ما اتقــ,تــل،
جايه دلوقتي تاخديهم ليه، ناويه ترميهم للكلاب اللي عندكم عشان يبقو فدية ليكم.
وقف السيد مستشاط من تلك الكلمـ.ـا.ت اللازعه، برغم ان ذلك الرجل ينتسب الي تلك العائلة، الا انه دائماً ما كان طيب القلب و لا يعجبه تصرفات عائلته.
-اعوذ بالله، كلام ايه اللي بتقوليه دا يا حجه، احنا مابنرميش لحمنا
واللي حصلنا ده حصل عشان كنا بنحافظ على شرفنا و عرضنا ما تتكلمي يا ماجدة ساكته ليه.
-دا اللي حصل فعلاً يا سيد
هتفت بها ماجدة، ناظرة الي اخته بكره مكمله.
-احنا اطردنا من بيتنا على ايد اختك، انت كنت مشغول في العركه اللي دايرة،
-اختك قالت لمجيدة لو مأخدتيش اختك و بـ.ـنتها معاكي، هاترميها لعيلة محمود، و نتفضح في وسط الشارع، بدل ماحد تاني يوقع من الرجـ.ـا.لة.
جحظت عين السيد غير مصدق هذا الحديث، ليعنف اخته أمام الجميع.
-انا ماعنديش علم بالكلام ده، الكلام ده حصل يا ام اشرف؟
بدmـ.ـو.ع التماسيح بدئت تتحدث
-و الله يا اخويا انا كنت خايفة على الكل، ويلي بقى ويلين من ناحية البت اللي ابوها لسه رايح مننا،
و من ناحية تانية انت وأشرف وباقي الرجـ.ـا.لة، قولت لنفسي ابعدها كام يوم عن البيت والحي كله لحد الدنيا ما تهدي، و نرجع ناخدها تاني.
هتف السيد بأسف
-اخس عليكي م… بقى تفدي رجـ.ـا.لة بشنبات ببـ.ـنت ضعيفة، ماقولتيش الكلام ده ليه من يوم اللي حصل؟
فضلت انحناء رأسها متصطنعه الحـ.ـز.ن
-اللي حصل حصل بقى يا اخويا، و الحمد لله ماجده و بـ.ـنتها مارحوش عند حد غريب، وأهم برضك غيرو ليهم جو كام يوم اهم.
السيد بلوم لها
-كلامي معاكي لسه ماخلصش؛
وانتي يا ماجدة يلا قومي هاتي بـ.ـنتك وحضري حاجتك عشان نلحق نرجع اسكندريه قبل الليل
هتف مالك بهدوء مسنداً ذقنه على سبابته
-تاخد مين يا حج لامؤاخذه، شذي مش هتخرج من هنا..
السيد منفعلاً
-ليه بقى انشاء الله يا دكتور، ايه اللي يمنع، دي بـ.ـنت اخويا الوحيد، و اظن احنا اولا بيها.
-اولا بمين يا عمي
قالتها ذات الصوت الصارخ وهي تقف على الدرج تضع يدها في خصرها، صحيح انها محتشمه، لكن بدون نقابها.
وكأن الزمن توقف في هذه اللحظة، انقلبت عينة وتحولت الي جمرتان،
تلك الملاك الصغيرة تحولت إلى قطه شرسة، لم تستمع الي كلمـ.ـا.ته وقللت من شأنه أمام الجميع.
لكن عليه أن يتحكم في نفسه، و يكبح غضبه لحين ذهابهم.
ترجلت سريعاً على الدرج و هبطت إليهم، تعلم انها اغضبته، لكن عليها إن تكمل ما بدئته.
تخطت شذي زوجها و تحاشت النظر له، لتجلس بجواره متحدية الجميع
-هو انت فاكرني لسه قاصر يا عمي عشان تتحكمو فيا
انا مش هاسيب البيت ده تاني، و مش هاروح في حته.
-طب مش تسلمي علينا الاول يا شذى
قالتها عمتها بنعومه ممزوجه بخبث واضح في عيناها.
شذي بصراخ
-اسلم على عمي اخو ابويا واللي مربيني علي الجدعنه اه،
لكن اللي طردتني من بيتي و كانت عايزة تفضحني، و ابنها ايده ملطخه بدm ابويا ملهاش عندي سلام.
صرخت عمتها و كشفت عن وجهها الحقيقي عند سماع سيرة ابنها
-لااء اوعي تقولي كده اشرف مالوش يد في مـ.ـو.ت خاله،
حـ.ـر.ام عليكي يا شيخه دا بيحبك و رمى نفسه في الهلاك ده كذا مره عشانك، و في الاخر اتحبس،
و انتي جاية دلوقتي تقولي عليه كده…
هب مالك واقفاً منفعلاً من تلك السيدة
-بيحب مين يا ست انتي، بيحب مراتي انا!
اندهشو من تصريحه هذا، و همس السيد بتسأول
-مراتك ازاي؟
بينما علا صياح عمتها، بنفور من زوجة اخيها….
-حصل امتى ده، و كده من غير ما ناخد خبر، جوزتي البت من غير ما تقوليلنا يا ماجدة،
استلم بقى يا سيد يا اخويا ادي اللي كنت بتحاملهم، و تقول عليهم لحمك، ماحولوش حتى يكبروك، ال جوزتها من ورانا،
هاقول ايه ماهو ان طلع العيب من اهل العيب مايبقاش عيب يا اخويا.
هبت شذي سريعاً هاجمه عليها كالبؤة ثائرة
-كلمه زيادة و رحمة ابويا ما ليكي عندي غير الطرد
امسك مالك معصمها و فاض به الكيل مما تفعله تلك اللعينة…
-اطلعي على فوق يا شذى.
صرخت بصوتها العالي، لم تعير احد اهتمام، و لا حتى التزمت الأدب في حضرة والده و عمها….
-لاء مش هاطلع اما اشوف آخرها ايه الوليه دي.
زجها بندفاع بتجاه الدرج، و ظهر التعصب على وجهه الان.
-هو احنا بـ.ـنتخانق، قولتلك اطلعي على فوق واسمعي الكلام بقى؟
علمت انه خرج عن سيطرة نفسه، لكنها أيضاً لا ترى امامها من كثرة احتقان الدmاء في وجهها، صعدت الدرج على مضض، و عنـ.ـد.ما جلس معطيها ظهره بالأسفل، جلست هي الاخري على الدرجات العلويه تستمع الي باقي الحديث.
لتزيد عمتها من حنقها و تهتف و هي تراها جالسه بالاعلي
-يا زين ما خلفتي و ربيتي يا ماجده، الله يرحمك يا محمد يا عسال، بقى لو كان ابوكي عايش كان سمحلك تقلي أدبك عليا كده…
هتفت الشقيه من الأعلى
جرت لداخل غرفتها، متلعثمه في خطواتها، تكاد ان تسقط من شـ.ـدة سرعتها موصده بابها جيداً، حين رأته يصعد خلفها، يتمتم بكلمـ.ـا.ت غير مسموعه.
جلست القرفصاء على الفراش تنظر إلى باب الغرفة الذي يهتز بقوه يكاد يقــ,تــلعه حتى ينفتح، لتسمعه يأمرها من الخارج.
-افتحي الباب ده
تملكتها رهبه من سماع صوته، تكاد تقسم اذا انفتح الباب، سيدق عنقها داخل جسدها دقاً
شذي بخـ.ـو.ف
-لاء لما تهدي هافتحلك
مالك ساخراً من تلك الكلمه
-اهدي و انتي فاكره اني هاهدي دا انتي مـ.ـو.تك على أيدي النهاردة، ابقى اشوف طيفك تحت تاني يا شذى.
ركل الباب بقدmه، ليعلن لها عن مدى غضبه، و تركها لأفكارها و ذهب.
عاد جالساً مره اخرى معهم، و بيده ثق زواجه منها، مقدmه الي عمها….
اتفضل يا حاج سيد دي قسيمة جوازي من بـ.ـنت اخوك
حاول الحاج سيد إرجاع يده مؤكداً بأنه يصدقه.
يابني انا مصدقك من غير ما توريني القسيمة،
انا بس اللي زعلني اني بـ.ـنت اخويا تتجوز وماكنش انا وكيلها، اظن انا ليا حق في كده، لكن انا ان كان عليا مـ.ـا.تمناش لبـ.ـنت اخويا واحد احسن منك انت، الف مبروك يا دكتور.
صاحت ماجدة بلوم لأخته:
لو كنا نعرف انك هاترحب و توافق كنا اتصلنا بيك يا سيد ، بس احنا بصراحه خـ.ـو.فنا لا نلاقي اللي يخلق لنا المشاكل تاني.
صاحت ام اشرف: اهو اتحبس يا اختي عشان ترتاحي انتي و بـ.ـنتك، اتهموه بالباطل واترمي في الحبس، و السبب في كد
مين المعدوله بـ.ـنتك.
أخيراً خرجت الحاجه مجيدة عن صمتها، اذ قالت بصوت هادئ…
بقولك ايه يا ام اشرف، ما تجيبي ياختي من الاخر و تقوليلنا سبب الزيارة الشريفة دي ايه، اصل بصراحة حكاية انكم جاين تاخدو البت و امها دي انا مش بلعاها خالص.
و هنا صاح السيد نافياً حديثها بأستنكار: لا اله الا الله ليه كده بس يا حاجه، هو انتي مش شيفاني قصادك راجـ.ـل قد كلمتي، ايوووه يا جدعان على الكلام اللي يزعل.
حاول الشيخ حسان التدخل ليطفئ هذا اللهيب المشتعل
استهدي بالله بس يا حاج سيد اكيد الحاجة مـ.ـا.تقصدش تزعلك، مش كده يا حاجة، ما تقولي حاجه اومال.
استردفت الحاجة مجيدة كلامها، منتظرة الرد من تلك الخبيثة، التي تعي معنى كلامها جيداً.
صلى على النبي يا حاج سيد، انا يا اخويا ماقصدكش انت بالكلام ده، انت زيارتك على عيني و على راسي من فوق
و نكرمك لوجه الله تعالي، دا كفايه أن اختي في شـ.ـدتها مالقتش غيرك يقفلها، هي و بـ.ـنتها ويكون سند بجد ليهم…..
لكن بقى اختك يا ترى ايه اللي خلاها تغير رأيها، بعد ما طردتهم من بيتهم، لاء وبتقول ان ابنها اتحبس بسببهم كمان.
ابتسم الطبيب على حديث والدته، والتي بتلك المراوغه الصغيرة، كشفت الستار عن أعين هذه المرأه، لتقول برعونه.
و مين قالك اني جاية اخدهم حباً فيهم، لاء ياختي انا جاية عشان خاطر ابني برضو،
الواد هايضيع مني في شربة مايه يا ناس، والحكاية كلها واقفه علي شهادة بـ.ـنتك في النيابة يا ماجدة.
قولتيلي بقى!!
هتفت بها الحاجة مجيدة ساخرة منها….
طب يا اختي ما تفهمينا، الحكاية دي نحلها ازاي؟
ام اشرف معلنة عن نوايها صريحة….
المحامي قالنا ان إدلعادي المحروس ابنك قدm للظابط اللي ماسك قضية محمد تسجيل على تليفون شذي….
حثتها مجيدة بأن تكمل، ناظرة الي وجه ابنها المحتقن.
و بعدين
ام اشرف مكمله
وهي فيها بعدين يا ام مالك، مانتي عارفه ان بـ.ـنت اختك هاتروح و تشهد، بس احنا بقى عايزنها بدل ما تقول حصل ترجع في كلامها و تقول ماحصلش.
تشهد زور يعني؟
صاح بها مالك الذي انتصب واقفاً بغضب.
ام اشرف بلهجة سوقيه.
اه يا اخويا تشهد زور مش احسن ما ابن عمتها ينحبس، الله و اعلم بقى الواد يتحكم عليه بأيه.
يعني انتي كل اللي همك حكم القاضي، و ماخـ.ـو.فتيش على بـ.ـنت اخوكي من حكم ربنا، انتي اصلاً عارفة حكم الشهادة الزور عند ربنا ايه
ربنا أعلم بالنوايا يا شيخ مالك، مانا مش هارمي ابني في الهلاك و اقف اتفرج عليه
مالك متعصباً
تقومي ترمي مراتي انا مش كده، طب نفرض انها راحت و قالت ماحصلش ما التليفون الحكومه محرزاه و التسجيل سمعوه، يبقى شهادتها بالنفي مش هاتنفع حد، بالعكس دي هاتضرها هي.
لمعت عين تلك المرأه بمكر واضح واردفت: لاء ما تخافش الحرز ده لعبتنا احنا، هي بس تروح وتقول ماحصلش والباقي علينا احنا.
اغمض مالك نصف عينه غير مستوعباً مدى مكر تلك السيدة….
و هاتعملوها ازاي دي؟
مالكوش فيه بقى،
وقفت معتدلة من علي تلك الاريكة تحث أخيها على النهوض ليذهوا من حيث اتوا مكمله…
انتو كل اللي عليكم انكم لما تروحو، تفهم المحروسة مراتك انها تقول ماحصلش، يلا يا سيد خلينا نرجع بلدنا قبل الدنيا ما تليل علينا.
لكن ماجده اوقفتها قبل أن ترحل
خايفه على ابنك لا يتحبس و مش زعلانة ولا همك دm اخوكي اللي سال على الأرض.
كان تهديدها الان واضح للجميع، حين استدارت لهم قبل أن تبرح ساحة المنزل، محزرة بعين كالجمر….
احسن ما يسيل دm تاني يا ماجدة و صدقيني ابني لو راح مش هيروح لوحده، فوتكم بعافيه….
❈-❈-❈
لم يقوي اي منهم على ارجاعه عنها، بمجرد ما اغلق باب المنزل خلف هذان الضيفان الغير مرغوب فيهم، صعد الدرج سريعاً الي تلك المختبئة داخل غرفته.
جرت خالته خلفه، خائفة من بطشه على ابـ.ـنتها
استنى يا مالك، و الله لو مديت ايدك على بـ.ـنتي ما هايحصل كويس.
هتفت والدته أيضاً تحاول اللحاق به، ناهرة عصبيته المفرطه
يا واد اهدي وصلي على النبي، دي عيلة يا مالك لسه مـ.ـا.تفهمش حاجه.
مالك مردداً بصوتٍ مرتفع
ارجعو انتو الاتنين من ورايا، يمين بالله لو واحده فيكم اتدخلت لتكون طالق مني انتو فاهمين.
اخرست كلمته لسانهم، والجمتهم في مكانهم، كما استمعتها هي الاخري من الداخل و شقت قلبها الي شطرين.
افتحي البااااااب.
قالها بصياح عالي يكاد يخترق اذنيها، لكنها تستحق كل ما سيفعله بها و ستتقبله منه.
تحركت سريعاً نحو الباب و فتحته، و وقفت منحنية الرأس منتظرة عقـ.ـا.بها.
اوصد الباب جيداً و استدار في مواجهتا، اذا به يقبض على شعرها بقبضة من حديد.
مالك مجبرها على النظر في عينه
ايه اللي نزلك من غير نقابك ونزلتي ليه من أساسه، انا مش منبه عليكي مـ.ـا.تنزليش، ولا هو كلامي مابيتسمعش يا شذييييي.
صرخت متأوهه من قبضته القوية، وأنهمرت دmـ.ـو.عها على وجنتيها الملتهبتان.
شذي بتألم
اااااه سيبني يا مالك ايدك بتو.جـ.ـعني.
انتي لسه شوفتي و.جـ.ـع؟
انطقي ماسمعتيش كلامي ليه؟
لفت يدها حول خصره، تضـ.ـر.ب جبهتها في صدره بصراخ حار.
اااااه عشان انت ماكنتش هتعرف تتفاهم معاهم.
ليه مش شيفاني راجـ.ـل قدامك، مش هاقدر احميكي واجبلك حقك.
رفعت رأسها للأعلى حتي ترى عينه الجـ.ـا.مده، تسطعتفها لتجبره ان يلين قلبه لها، محاوله ارضائه والسيطرة على شهقاتها.
لااااءه طبعاً ياااا حبيبي، بس انت انضف منهم، و مـ.ـا.تعرفش تتعامل مع الأشكال اللي من عينة عمتي دي اصلاً.
نفضها بعيداً عنه، قبل أن يرق قلبه لها، ملقي عليها اوامره كالعادة
اسمعي بقى يا بت انتي، انا اكتر حاجه بكرها في الدنيا ان حد يصغرني و يقلل من شائني قصاد الناس،
فمش هتيجي حتة عايلة زيك اللي تعملها على اخر الزمن، وحسك عينك يا شذى اشوفك واقفه قدام اي حد من غير نقابك، حتى لو كان الحد ده ابويا مفهوم.
قال جملته و وقف يبدل ملابسه الي جلباب ابيض حريري الصنع.
شذي بتـ.ـو.تر من حديثه
بس انا كده مش هبقي على راحتي زي ما قولتلي.
ط.. في راحتك ياختي، هو انتي عايزة ترتاحي و تعصبيني انا.
قال جملته وهو يفتح باب الغرفه و يترجل منه، لتصرخ هي سأله؟
طب انت رايح فين دلوقتي؟
بغضها بكلمـ.ـا.ته اللازعة و تركها و ذهب
اروح و لا اجي مايخصكيش، انتي مالكيش دعوه بيا نهائي،
تسمعي اللي اقوله تنفذيه من غير ولا كلمه، وابقي حاولي تكـ.ـسري كلمه من كلامي أو تتلاعبي بيا زي ما عملتي امبـ.ـارح،
يمين بالله ما هتبقى على زمتي ساعه واحده بعدها يا شذى.
افزعتهم صفعة الباب ، اندهشو وهم جالسين على الاريكة بجانب بعضهم حين رؤوه يترجل بوجهه الغاضب،
دون أن يلتفت اليهم، وعلى ما يبدو أنه قد شملهم هم أيضاً بالخصام.
❈-❈-❈
همت ماجدة بالجري صاعده للأعلى لتطمئن على ابـ.ـنتها
لتحاول شقيقتها تهدئتها بكلمـ.ـا.ت ساخرة
بتجري كده وراحه على فين يا مخبلة انتي.
ماجدة ملقيه عليها نظرة غاضبه
رايحه اشوف بـ.ـنتي اللي سامعه صريخها من فوق بوداني، و ابنك لجمني خلاني ماقدرتش احوشها من ايده.
وقفت الاخري على مضض تناديها
هيه استنى يا اختي اما اتسند عليكي، مانا مش جيلي من وراكم غير و.جـ.ـع القلب.
تعجلت ماجدة في خطواتها بأنزعاج
اطلعي براحتك يا مجيدة هو انا لسه هاستناكي.
هزت مجيدة رأسها بأسف على شقيقتها
مـ.ـا.تخفيش اوي كده، اطمني مالك عصبي اه بس مش عنيف مش هايضـ.ـر.بها يعني يا بت.
فتحت باب ابـ.ـنتها و هي تصيح لها
اومال صريخها دا كان ايه يا مجيدة، كان بيزغزها يا اختي.
شذي!
عمل فيكي ايه يا قلب امك؟
كانت جالسه مكانها على الفراش، شعرها اشعث، عيناها تزرف الدmع بغزارة، تكاد لا ترى من كثرة بلل اهدابها.
مالك خاصمني تاني يا مامااااااا
قالتها بصراخ، لتجحظ عين والدتها، و تتعجب على حب ابـ.ـنتها المفرط له؟
ماجدة بغـ.ـيظ منها
بقى بتصرخي عشان مالك خاصمك واللي هو عامله فيكي ده، مالوش اي تأثير على كرامتك،
ولا انتي خلاص مبقاش عندك كرامه.
شذي بدفاع عن زوجها
انتي فاكره عمل ايه يعني، هو ماعملش حاجه، انا اللي ماحترمتوش،
قللت منه قصاد واحده مـ.ـا.تستهلش حتى انها تقعد معاه.
ماجده صائحه بغـ.ـيظ
وضـ.ـر.به ليكي ده تسميه ايه
ماضـ.ـر.بنيش، ولا مد ايده عليا، كل اللي عمله انه مسكني من شعري، زعقلي، و عـ.ـا.قبني بأني ماقلعش النقاب خالص طول مانا هنا في البيت،
واديه رجع خاصمني تانييييي.
ولجت مجيدة إليهم منبهه عليها
ويكون في علمك طول مانتي صوتك عالي كده و مابتسمعيش كلامه، هايفضل يعاملك بالطريقة دي
انتبهت لها شذي و رمقتها بنظرة غاضبة، لتصيح فيها…
انتي السبب اصلاً.
شهقت مجيدة رابته بيدها على صدرها.
انا يا بت
ليه يا اختي، هو انا اللي قولتلك تقفي
بقلة أدبك دي و تعلي صوتك وسط الرجـ.ـاله.
شذي نافيه برأسها، مؤكده بلسانها.
لاءه بس مش انتي اللي قولتليلي اني لازم اكون قوية، مش لازم افضل العيلة الضعيفة اللي بتعتمد على غيرها في كل حاجه.
مجيدة مؤكده
في فرق بين انك تكوني قوية وانك تكوني قليلةال…. يا… امك، هو انتي يوم ما تكوني قوية تبقى قوتك على حساب كرامة جوزك.
احنت رأسها بحـ.ـز.ن و همست
لاءه طبعاً انا ماقدرش اعمل كده.
مجيدة معنفه اياها
اديكي عملتيها ياختي، شوفي بقى هاتصلحي اللي عملتيه ده ازاي.
اصلحه ازاي بس؟
بأنك تسمعي كلامه، وتحاولي توطي حنجرتك دي شويه، و مـ.ـا.تقفيش قصاده تاني.
شذي ببكاء
طب هو راح فين دلوقتي، ده خاصمني و سابني و نزل.
جلست الحاجة مجيدة بجانبهم على الفراش، َو بلا مبالاه مما يفعلوه هم الاثنان، تمدد لتريح جسدها.
هايكون راح فين يا عين خالتك، راح الضريح عشان يصلي الجمعه،
واطمني مش هايجي من هناك الا لما يهدي خالص، قومو يلا روحي انتي و امك حضرو الغدا وسيبوني ارتاح شويه بقى،
الا قريبكم دول جم قلو راحتنا من صباحية ربنا.
❈-❈-❈
مازال على وضعه، وجهه مكفهر، حاجبيه منعقدان، لا يتحدث مع احد، فقط يشغل نفسه بتنظيف المسجد، وفرش الحصائر، استعداداً للصلاه.
لكن ما يشغل تفكيره الان، هي كلمة ابيه، التي ألقاها على مسامعه قبل أن يرحل عنهم، ويتركه على عنده و تعصبه هذا.
باك
اغلق باب المنزل، وقف خلفه يحاول ان يهدئ و يفكر في تهديد تلك السيدة اللعوب والذي كان واضح جداً لهم جميعاً.
الا ان يد اباه بدئت تخرجه عن تفكيره، حين وجده يربت على كتفه بهدوء
الشيخ حسان
والله و جيه اليوم اللي نلاقي فيه ناس غريبه عننا، لا نعرفهم ولا يعرفونا، جاين لحد بيتنا يهددونا، وعايزنا نشهد بالزور يا دكتور.
رفع حاجبه الأيمن، متسألاً ابيه الحل؟
طلقها وسيبها يا مالك….
انتفض أثر تلك الكلمه اللعينه!
أدار رأسه له بغضب، بالفعل قد اخطئت لكن ذلك ليس بعقـ.ـا.ب هين، هو أيضاً لن يقوي على بعدها عنه بعد أن صرح لها بأنه عاشق متيم في حبها.
انت بتقول ايه يا ابويا، صحيح هي غلطت و انا اقدر اعـ.ـا.قبها لكن مش لدرجة العقـ.ـا.ب ده.
فتح الشيخ حسان باب المنزل منفعلاً :
خلاص انت حر، بس انا بقولك اهو طول ما البـ.ـنت دي على زمتك، مش هتشوف
من وراها خير.
لم يكتفى ذو الرأس المتخبط بصلاة الجمعة
فقط، بل ظل ساكناً للضريح طيلة اليوم،
قضي يومه كله ما بين الصلاة الي المكوث مربوع الارجل يمسك كتاب الله العزيز، و يرتل القرأن بصوتٍ عـ.ـذ.ب.
الي ان فرغ من قراءة جزئه، وادي فرضه الاخير مع ركعتين السُنه، لينظر الي الضريح، و كأنه يتقابل بعينه مع احد ما و يوجه له الحديث.
مالك هامساً
كل ما احس اني قربت منها، وامد ايدي ليها الاقي الف ايد بتشـ.ـدني عشان ابعد عنها، ما تقولي اعمل ايه يا حُسين حلها انت بقى انا تعبت،
الحل من عندك انت يا رب، فرجك قريب ان اشائت الفرج يا كريم.
وقف من مضجعه منحني الرأس منتظر فرج ربه الذي لم يخيب رجاء دعوته ابداً.
❈-❈-❈
كان طول الوقت بالنسبة لها، بمثابة مصارع قوي يدق يده في صدرها من الحين للأخر، من غير شفقة و لا رحمة.
لم يهتدي حالها طيلة اليوم، لقد اعدت الطعام بيدها، بل و صنعت بعض حلوى الأرز بالبن عنـ.ـد.ما اخبرتها والدته بأنه يعشقه،
حتى انها ظلت حبيسة النقاب و لم تزيحه من علي وجهها قط،
الي ان عاد والده الي المنزل و زجرها بنظراته الكارهة و التي تعلم مخزاها جيداً،
لكن كل هذا صار هباء، لم يعود إليها حبيبها.
صعدت الي غرفتها بخيبة امل، بشهقاتٍ ترهق الاذان، على حبيبٍ لا تعلم مدى قسوته حتى الآن،
ظنت انها اذا نفذت أمره ستنعم بقربه، لكنه دائماً ما يفضل البعد بقسوة دون الحسبان لمشاعرها.
ومن كثرة تفكيرها وقفت أمام المراءه، تنظر إلى وجهها، الذي أصبح عبـ.ـارة عن كتلة حمراء من الدmاء المحتقنه به، لترى ثيابها المذرية من أثر الطهي.
تأففت بملل و شلحت عنها ذلك الجلباب المخملي.
وقفت مرتدية تلك المنامه السوداء القصيرة والتي تفتن جسدها الأبيض بمنحنياتة، ثم تحركت نحو الخزانة لتجلب لها منامه نظيفة.
و فجاءة انفتح الباب المغلق عليها عنوة، لتضع يدها على صدرها و تلتفت نحو الباب بشهقة عالية.
و من يكن سواه، عاد حبيبها بوجهه الغاضب، رفعت يدها من علي صدرها، تهندت مطمئنه و قابلته بأبتسامه خجله رغم حـ.ـز.نها، فبادلها بنظره غير مفهومه.
اول شئ ظن به و ظهر جيداً على وجهه!!
هي علامة السخرية، هل جاء في تفكيرها انها ستنول رضاه اذا قدmت له نفسها بهذه الطريقة الرخيصة.
رفع شفاه العلويه تعبيراً عما سيقوله، إذ انه هتف…..
ما قولتلك الطريقة دي مش هتجيب معايا، يا بـ.ـنتي انا غير اللي عرفتيهم قبل كده.
رمته بنظرة جـ.ـا.مدة مغلفه بالحـ.ـز.ن، و رغماً عنها
علا صوتها، و تغلب عليها الغضب السكندري.
وانت كل ما نتخانق معايا هتقولي كلامك اللي زي السم ده،
لاء بص بقى يا ابن الناس، لو انت شايف اني بت شم… و مش قد مقامك العالي، يبقى نفضها سيرة بقى و تطلقني.
تلك الغـ.ـبـ.ـية وضعت نفسها بمئزق كبير دون أن تدري، إذ وجدت نفسها ترتم بالأرض،
حين فجائها بصفعه مدويه، لتترك اصابعه بصمتها على وجنتها الحمراء لتزيد من التهابها.
لم يكتفى بهذا فقط، بل شبك اصابعه في تموجات شعرها، ضاغط عليه بقوه، ساحلها خلفه الي فراشهم.
اوقفها بجانبه ضامم رأسها بكفه الغليظ يرتطم بها داخل صدره، و كأنه يعـ.ـذ.ب نفسه قبل أن يعـ.ـذ.بها هيا.
احنى مالك رأسه قليلاً بأتجاه اذناها،
ليهمس لها و هو يملس بسبابته فقط على ظهرها العاري، ليشعل لهيب قلبها حتى يري مدى شوقها إليه.
فوقي لنفسك بقى و ا عـ.ـر.في انتي متجوزة مين، انا مش متجوز طفلة صغيرة هاقعد كل شوية اقولها كخ و عيب،
و افهمي انك كل ما هاتقلي أدبك، هايكون ده عقـ.ـا.بك،
ليلقي بها على الفراش بقوه، ملقي الغطاء عليها، ليخفيها تحته و لا يظهر منها شئ، و
اتجه هو ليبدل ملابسه.
بدئت تخرج عن شعورها، تلك النمرة المتوحشه، لن تقبل بأن يتمادى معها بهذه الطريقة،
نفضت الغطاء عنها، قفذت من علي الفراش بمرونه فائقه، لتراه يقف امامها وقد ارتدي بنطال رياضي و مزال جزعه العلوي عاري.
جرت نحوه سريعاً، تنبش اظافرها في كتفه و ظهره، و صرخت فيه.
و انت فاكرني هاسكتلك، لاء و حياة ربنا لوريك.
ااااه!
كانت هذه صرخة مالك المتألم من تلك الخدوش التي فعلتها به صغيرته النمرة.
تراجعت للخلف خطوتان، واضعه يدها على ثغرها تكتم شهقاتها،
حين رأته ينقض نحوها بعين سوداء متوحشة كظلام دامس، ألقت نفسها به.
مالك بصوتٍ مريب، ايه اللي انتي عملتيه ده؟
مع انها كانت تواري عيناها منه، الا انها تصنعت الشجاعه متسلحه بصوتها العالي هاتفة….
و انت ايه اللي انت عملته ده؟ مش انت اللي بدئت بأنك تمد ايدك عليا.
و اكـ.ـسر رقبتك كان…
فاجئها بضم معصمي يديها في كفه الكبير خلف ظهرها، قابضاً على شعرها ضاممها اليه بقوه مكملاً…
وبعدين لما انتي بت عـ.ـر.في تدافعي عن نفسك اوي كده،
معاملتيهاش مع اللي قبلي ليه، و لا كل اللي حكتيه كان كدب، اصلك بتقولي حاجه و افعالك بتقول حاجه تانية خالص يا شذى.
طلقننننني…
صرخت بها شذي المنهمره دmـ.ـو.عها، بدئت تخرج عن سيطرتها بالفعل،
إذ بدئت تقف على قدmه و تضغط بأصابعها عليه تاره، و تركل ساقيه تاره، و تنتفض بجسدها داخل قبضته تارة أخرى، متصورة انها هكذا تؤلمه.
ما زادت حركتها الغير منتظمه الا شوقه إليها، حركتها السريعة أفلتت مشاعره، ثبت رأسها رافعها باليد الاخري لتثبت عيناها على عينه العاشقة.
مالك بصوتٍ هادئ
عيدي كده كنتي بتقولي ايه يا شذى.
كان يظنها ستخجل مما يفعله، لكنها قاومته بشراسه، إذ انقضت على ذراعه،
قاضمه اياه بأسنانها لينفضها من يده و هو يحاول ان يخفى ابتسامته مما تفعله تلك اللعينه.
اتجهت نحو الفراش و تمددت عليه مدثره نفسها بالغطاء جيداً، و همست بحـ.ـز.ن….
متحاولش تلمسني تاني، و طلاما انت واخد عني الفكره دي و مش عايز تخرجها من راسك يبقى تطلقني، يا دكتور.
امسك بيده جهاز التحكم عن بعد الخاص بمكيف الهواء، واداره على الهواء الساخن، حتى لا تمرض شقيته بردائها الخفيف.
تمدد بجانبها مدثراً نفسه هو الاخر، متحدثاً برعونه.
بكره تصحي بدري وتحضري شنطة السفر لينا، عشان هانروح اسكندرية، و اعملي حسابك احنا هنروح النيابة تشهدي في القضية،
و هانقعد هناك لحد ما تخلصي امتحانات و لو ان انا مش عارف اساساً انتي ها تمتحني ازاي و انتي مش بتزاكري اصلاً.
مالكش دعوه.
قالتها صغيرته و هي تعطيه ظهرها.
اتكلمي بأدب.
قالها مالك و هو يوجهها له بسهوله.
رفعت رأسها عن وسادتها ناظره له بعين دامعه.
عارف يا مالك انا هاروح اشهد زور، واطلع اشرف من السـ.ـجـ.ـن بس عشان اخلص منك.
رفع حاجبه الأيمن غير متفهماً عليها.
يا سلام و هاتخلصي مني ازاي بقى انشاء الله
اخفضت رأسها على الوساده مره اخرى مكمله له.
ماهو انا لما اشهد زور، انت مش هيعجبك الحال، و هتقعد تقولي حـ.ـر.ام و حلال، و انا مش هاسمع كلامك، فتروح مطلقني بقي و اخلص منك.
شذي.
برغم كل ما حدث بينهم الا انه ينطق اسمها بهذا الحنان.
لتنظر في عينه بحب هامسة له.
نعم يا حبيبي.
اعمليها و اشهدي زور في النيابة و صدقيني قبل ما تخرجي منها هاكون مطلقك.
هذه المرة أعطاها هو ظهره، و استعد للنوم غير عابئ بها و لا بمشاعرها الحزينة.
❈-❈-❈
لكن بعد مرور ساعه تقريباً، ظنت انه ثبتَ في نومٍ عميق، عنـ.ـد.ما انتظمت أنفاسه او هذا ما كانت تظنه.
و في هدوء تام ملست بسبابتها على موضع جراحه التي افتعلتها رغماً عنها.
شذي هامسه له بحب
انا اسفه و الله، بس انت اللي خلتني اعمل كده، اوعي تطلقني يا مالك انا بحبك و عايزك تحبني،
مش عايزة حاجه من الدنيا دي غيرك انت بس.
ظلت هكذا الي ان غفيت هي الاخري، و عوضاً من ان تلمس جسده باصبع واحداً فقط، مدت ذراعها و احتضت خصره من الخلف، و أنفاسها الحاره تلفح جلده الساخن.
ليستدير هو على ظهره، يدث ذراعه تحت جسدها المرمرى، يرفعها على صدره بحنان.
لتقيد ساقيه عنـ.ـد.ما رفعت قدmها عليهم، و كأنها تشعر هكذا بالراحة اكثر.
همس مالك ضاحكاً
و لو صحيتي دلوقتي مش هتصرخي في وشي، و تقوليلي طلقني.
شذي بنوم: امممم حبني
مالك متقبلاً دعوتها
بحبك يا روحي انتي دنيتي كلها
❈-❈-❈
و مع اذان الفجر على صوت رنين هاتفه، لتتذمر بنصف افاقه، غير واعية لما تقوله.
اف افصل الصوت ده بقى يا مالك.
ملس علي شعرها الذي يتلفح به، امسك الهاتف و اغلقه و هو يأمرها بهدوء.
يلا قومي بلاش دلع خلينا نتوضا عشان نصلي الفجر.
استوعبت حقيقة وضعها، اعتلي صدرها بغضب.
شذي بحماقه
اوعي سيبني
مالك بسخرية
انا سايبك على فكره انتي اللي مقيدة حركتي…
صرخت في وجهه
لاء انت اللي استغليت اني نمت و عملت كده
بلحظه قلبها على الفراش و هب من عليه بنشاط لم يعهده منذ ايام مبتسماً بسخرية لها.
ليه هو انا اللي كل شوية اقول ثم بدء يقلد صوتها….
مالك حبني
قذفته بالوسادة الصغيرة بغـ.ـيظ و صرخت
كـ.ـد.اب انا ماقولتش كده.
قرر أن يزيد من اغاظتها مردفاً: بأمارة ما اتأسفتي و انتي بتحطي ايدك على الخرابيش دي مش كده
رفعت الغطاء على وجهها بخجل و اردفت بهمس لم يسمعه
كنت صاحي و سمعتني يا وغد.
يلا قومي بلاش دلع عشان نصلي…
انفزعت و قفزت من علي الفراش، مطيعه أمره واتجهت لترتدي اسدالها.
و بعد أن ارتدو ملابسهم، كاد ان يفتح الباب، الا انها اوقفته بخجل.
بلاش خليني انا هنا.
مالك متعجباً منها…
بلاش ايه، بلاش تصلي، انتي عبـ.ـيـ.ـطه يا بـ.ـنتي، و لا عايزة تجنيني؟
شذي بعين جاحظه: بلاش شتيمة و قلة ادب على الصبح.
مالك بعنف :شذيييي اتعدلي في كلامك.
يا مالك افهمني، بصراحه بقى انا مكسوفه انزل تحت دلوقتي و اتقابل مع باباك.
تذكر هو غضب والده الغير مبرر منها، ربما يكون قال لها كلمه احـ.ـز.نتها أيضاً.
وضع يده على وجنتها برفق مطمئناً لها.
هو في حاجه حصلت بينك و بين ابويا انا
معرفهاش؟
هزت رأسها يميناً و يساراً بالنفي.
ليكمل هو….
طب تعالي مـ.ـا.تخفيش كده، انا معاكي اهو و يا ستي ادخلي اتوضي انتي الأول و اطلعي
على هنا،
و انا هادخل بعدك و احصلك و اصلي بيكي هنا.
انت مش هتروح الجامع؟
لاء من هنا و رايح الفجر هنصليه سوي هنا.
ابتسمت بحب و اوقفته بطفوله متمسكه بذراعه :يعني مش هطلقني.
مالك ضاحكاً :لاء حكاية الطـ.ـلا.ق دي بقي نشوفها بعدين.
❈-❈-❈
ترجل على الدرج يدعو ربه و يستغفره، مستعداً للوضوء ليؤدي صلاته، اندهش عنـ.ـد.ما وجد ابنه يجلس على الاريكة لا يفعل شيئاً.
الشيخ حسان
الله انت لسه هنا يا مالك دانا قولت هالقيك سبقتني على المسجد.
نظر الي والده مبتسماً
صباح الخير يا حاج انا لسه هاتوضي و هاصلي الفجر هنا.
تعجب والده من كلامه، هذه أول مره منذ سنين يفعلها….
ليه يا مالك دانت عمرك ما عملتها، اوعي تكون تعبان يا بني ومش عايز تقول.
مالك مطمئناً له
لا اطمن يا ابويا، انا كويس الحمد لله، انا بس هاصلي هنا مع شذي، يعني عشان مـ.ـا.تنمش و تروح عليها صلاة الفجر.
الشيخ حسان منفعلاً بغضب
و انت مالك و مالها، تصلي و لا مـ.ـا.تصليش ما هي حره.
مالك مبرراً
مراتي يا حاج و مسؤلة مني و هتسأل عنها يوم القيامة.
و هي فين بسلامتها انشاء الله.
في الحمام بتتوضي يا حاج.
كده كده وحضرتك قاعد مستنيها لما تخلص بقى.
و دي فيها ايه بس يا ابويا، انا مش فاهم انت ليه زعلان كده
سخر الشيخ حسان منه مبتسماً
لا وانا هازعل ليه…..
لله الأمر من قبل و من بعد.
❈-❈-❈
وقفت في الروق تستمع الي كلام ابيه، و كرهه الواضح لها، الي ان قال كلمته المعهوده و ذهب،
لتري زوجها يتقدm نحو الرواق بقلق واضح على وجهه.
مالك مرتاباً في أمرها، لربما تكون قد استمعت إليهم….
الله انتي خرجتي طب مالك واقفه كده لية، دانا قلقت عليكي لتكوني نمتي جوه و لا حاجه.
رفعت عينها له بحـ.ـز.ن، ثم احنت رأسها مره اخرى، لتشعره بوغزة داخل صدره.
انتي واقفه كده من امتى يا شذى.
شذي بهدوء عكس ما بداخلها
من ساعة باباك ما نزل.
الان وضحت امامه الرؤيا، لقد استمعت الي كلمـ.ـا.ت ابيه الكارهه لها،
و وقفت وحدها منكـ.ـسره على ما استمعته.
حاول أن يغير الموضوع سألها
اتوضتي يا شذى؟
اكتفت بكلمه واحدة ومازال وجهها عابث
ايوة
طب ممكن تطلعي تفردي سجادة الصلاة في اوضتنا، و انا هاحصلك على طول.
رفعت عيناها له مردفة بلسان حالها الحزين
متحاولش تغير من روتين حياتك ولا تقلل من تدينك عشاني،
مالك محاولاً ايقفها دون أن يلمسها
لاء يا شذي انتي هاتعملي الي قولتلك عليه، ممكن تقولي حاضر زي ما عوتديني.
شذي بصوت منكـ.ـسر
حاضر يا ابيه.
تعمدت ان تعيد له لقبه، لتشعره بمدى ثورتها الكامنة بداخلها،
و اتجهت نحو غرفة الطهي تتفقد شئ ما داخل البراد.
ضم حاجبيه و هتف
ابيه تاني يا شذى، طب انتي بتعملي ايه عندك دلوقتي؟
أخرجت من البراد صحن من حلوى الأرز و تركته امامه على المائدة.
مافيش حاجة انا كنت بطلع ليك طبق رز بلبن اصلي عرفت من خالتو انك بتحبه فاعملته بس بطريقتي،
قولت يعني لا تكون جعان و لا حاجه.
ابتسم لها بمودة ممتن لها، هو فعلاً عاشق لهذه الحلوى المصرية، شعبية الأصل.
-متشكر اوي يا شذى انا فعلاً بحبه، بس ممكن بقى تسمعي كلامي و تطلعي كده مش هنكسب ثواب الصلاة في معادها.
اكتفت بأيمائة بسيطة من رأسها، و تجنبت الخطى من جانبه، صاعدة للأعلي.
دق مالك بأصبعه على المائدة مفكراً هامساً لنفسه
-و بعدين بقى، يعني يا رب مش كفاية اللي حصلنا بالليل، جاي ابويا يكمل كمان، اكيد دي مش اول مرة يزعلها،
اكيد قالها حاجة تضياقها، طب ايه بس اللي يخليه يعمل كده،
انا ناقص يا ربي، استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم واتوب اليه.
كاد ان يترجل خارج غرفة الطهي، لكن لفت نظره ذلك الصحن الموضوع امامه، والمزين بحبيبات الفذدق المجروش.
امسكه بين يديه مردفاً: شكلك تحفه بس يا ترى طعمك ايه.
كاد الملل ان يقــ,تــلها، تأففت كثيراً من طول انتظاره، لتبتسم على حالها و هي متربعة على سجادة الصلاة تنتظره، لتلزم الاستغفار كما تعودت ان تسمعه.
و بعد مده ليست بقصيرة ولج لها أخيراً، حاملاً بيده صحنين من حلوى الأرز، و ابتسامته مشرقة جداً.
مالك ببهجه غير معهوده عليه، لدرجة أنها ارتابت في أمره و سألته متأففه.
-كل ده بتتوضي يا مالك، دانا كنت قربت انام، انت روحت صليت في الجامع و لا ايه
مالك هامساً بسعادة واضحه على وجهه
-ششششش ممكن نصلي الاول و بعدها قولي اللي انتي عايزاه.
و كأنه تحول امامها الي علامة استفهام كبيرة، هزت اكتافها لتخبره بأنها غير متفهمه وهمست بكلمه واحدة
-يلا
صلى بها ركعتي الفجر في و السُنه، والتفت إليها امسك يدها بين كفيه و بدء يناجي ربه بالدعاء لها بمفردها مره، و بالدعاء لهم هم الاثنان معاً مره اخرى.
كان دعائه يريح صدرها، و يزيل همومها،
حلت كفيه واحنت رأسها على قدmه، متخذه وضع الجنين، و همست له.
-مالك ممكن تقرالي قرأن بصوت عالي.
مالك مبتسماً واضعاً يده على رأسها…
-حاضر يا حبيبتي انتي النهاردة من كتر ما انا سعيد بيكي، لو طلبتي الدنيا بحالها، تجيلك تحت رجلك.
ضمت حاجبيها، و اعتدلت مستندة على كيفها تنظر له بعدm فهم…
-انت مالك فرحان كده ليه؟
-فرحان بس!
قولي هاتجنن من الفرحه، شذى انتي عامله بالنسبة لي انجاز رهيب، مـ.ـا.تتصوريش انا عجبني الرز بلبن بتاعك ازاي،
انتي عاملاه احسن من بتاع امي بمراحل يا شذي، احم بس اوعي تقولي ليها.
جحظت عيناها من سعادته الغريبة…
-كل السعاده اللي انت فيها دي عشان اكلت طبق رز بلبن.
-احم لاء طبق ايه انا خلصته كله، مش فاضل غير الطبقين دول، قولت لما نصحى بقى نبقى نفطر بيهم انا و انتي.
هزت رأسها مستنكرة ما يقوله بضحك
-اكلت عشر اطباق يا دكتور محمد طب دا حتى غلط عليك، طب و الناس اللي في البيت دول مالهمش حق يدوقوه.
-أولاً دا احلى حاجه فيه ان سكره مش كتير، بس طعم القشطة خطير فيه يا بـ.ـنت اللذينا،
ثانياً انا اكلت سبعه بس، سيبت ليهم طبق تحت، وطلعت لينا اتنين.
ثالثاً بقى انتي عاملاه عشاني انا يبقى انا اللي اكله
وخدي بالك انتي كده عرفتي نقطة ضعفي يعني كل ما نزعل من بعض، ت عـ.ـر.في تصالحيني بطبق رز من الجنان ده.
مالت شذي رأسها على قدmه بحب و همست
-يا رتني كنت طلعته ليك امبـ.ـارح ماكنش حصل اللي حصل.
مالك اسفاً على ما حدث لهم بالامس
-حقك عليا يا حبيبتي، انا ماكنتش عايز يحصل بينا كده، انتي فهمتي كلامي غلط لما قولتلك انا غير اللي انتي عرفتيهم،
كان قصدي اقولك اني مش حي..وان بجري ورا شهواتي، بس انتي عصبتيني بصوتك العالي وطولة لسانك عليا، خلتيني اقول كلام انا مش عايز افتكرة اصلاً.
شذي سعيدة بما يقوله
-طب يلا اقرالي قرأن بقى.
ظل يقرأ بعض الآيات من سورة النساء بصوته العـ.ـذ.ب، الي ان شعر بثبات أنفاسها، ملس بيده على وجهها، وجدها قد غضت في نومٍ عميق.
حملها بين يديه و ارقدها في الفراش، و تمدد بجانبها لينعما سوياً بقسطٍ من الراحه بعض الوقت قبل سفرهم.
❈-❈-❈
ساد الصمت بينهم منذ أن ترجلا خارج المنزل، جلست بجانبه داخل السيارة، تستند بيدها على النافذه، مريحة رأسها عليها، ناظره للخارج.
مالك مستنكراً جلستها هكذا
-اتعدلي في قعدتك يا شذى.
لم ترد سوي بكلمه واحده.
-حاضر.
-ايه الأدب ده كله، مش متعود منك على الهدوء ده.
نظرت له من تحت نقابها بتعجب ثم هتفت مستنكرة حديثه
-لو عليت صوتي تزعقلي، ولو اتكلمت بهدوء تقولي مش متعود، طب ارضيك ازاي يا ابيه بس قولي.
-ابيه تاني يا شذى، احنا مش اتصالحنا الصبح، و قولنا خلاص مافيش حاجه.
-بصراحه انا خايفة من اللي جاي.
مد يده لها، لتضع يدها الصغيرة داخل راحة يده، و ابتسم لها بحب.
-ممكن طول ما احنا مع بعض، مـ.ـا.تخفيش من اي حاجه ؟
-غـ.ـصـ.ـب عني لازم اخاف، اصل بعد ما تسيبني هاعمل ايه و انا لوحدي.
مالك مندهشاً من حديثها الحزين
-ليه يا حبيبتي انا عمري ما هاسيبك طول ماحنا بنحب بعض و عايزين نكمل مع بعض.
شذي ناظره للأمام بحـ.ـز.ن
-حتى لو احنا عايزين نكمل مع بعض كل الظروف مش سامحه بكده يا ابيه.
دق بيده عجلة القيادة، غاضباً من نبرتها المستسلمه هذه….
-ظروف ايه اللي بتتكلمي عنها دي، الظروف دي احنا اللي بنخلقها ، و سهل جداَ نغيرها بأيدينا،
لكن السلبية اللي انتي فيها دي، هي اللي هتجبرك على انك تستسلمي و تسيبيني بسهوله.
-سلبية ايه اللي بتتكلم عنها، افهم بقى يا ابيه انا واحدة رايحة برجليها لهلاكها،
سهل اوي ترجع من غيري، عارف انا صحيتك بدري و طلبت منك ننزل قبل مايصحو ليه.
لان ماما ماكنتش هاتسيبني اسافر لوحدي، كانت هاتصمم انها تسافر معايا.
رد مالك محاولاً ان يطمئنها
-انتي ليه محسساني اننا رايحين نحارب جيش،
متهايئلي شوية البلط… دول، مش هيقدرو يعملو ليكي حاجه وانتي في قلب مبنى الحكومه.
-طب وبعد مانخرج من مبنى الحكومة، تقدر تقولي هاتحميني ازاي؟
يا ابيه افهمني انا هاروح دلوقتي علشان اشهد على أشرف صح.
مالك ضامماً حاجبيه
-ايوا صح.
-عارف بقى اني لو شهدت على أشرف عيلة ابويا ممكن يقــ,تــلوني قبل ما أخرج من النيابة.
صرخ مالك بأنفعال
-ليه احنا في غابه؟
اكملت شذى بسخرية
-طب عارف اني لو ماشهدتش عليه عائلة محمود هما اللي يقــ,تــلوني!
وحتى لو اشرف خرج من الحبس، تفتكر انه هيشيلها ليا جميلة زي ما عمتي قالت!
بالعكس دا هايكون اول واحد يقطع في لحمي.
حاول مالك جاهداً عدm تصديقها، لكن الخـ.ـو.ف عليها قد تملك من قلبه، و كأن ناقوس الخطر داخل عقله،
و من كثرة الخـ.ـو.ف التسرب داخل جسده، جذبها تحت ذراعه يريد أن يدخلها بين ضلوعه، يضمها بقوة اليه.
-مـ.ـا.تخفيش يا حبيبتي احنا رايحين نشهد شهادة حق، وماحدش هيتعرف عليكي منهم و انتي بالنقاب.
شذي بدmـ.ـو.ع
-نقاب ايه بس، انت ناسي انهم شافوك و عارفينك كويس، و زمان عمي و عمتي ذاعو الخبر اني بقيت مراتك، والدنيا كلها عارفه اني هاروح معاك انت.
-بلاش إحباط بقى يا شذى…
قالها مالك و هو يربت على كتفها بحنان.
و انا اللي كنت فاكرك زعلانة من ابويا.
شذي متنهدة بصبر
-لاه ابوك ده حكايه تانيه خالص، للأسف مش مركزة فيها دلوقتي.
ضحك مالك على استدارجها السلس و قال
-وابويا ماله بقى هو كمان، عملك ايه انشاء الله.
انفزعت شذى متذكره إساءة ابيه لها وصاحت بصوتٍ عالي
-مستكترك عليا شايفني مش قد مقام حضرتك.
مالك رافعاَ حاجبه الأيمن مندهشاً من تحولها بهذه السرعه
-حمدلله على السلامه يا شذى، اومال هي مين التانية الطيبة اللي كانت بتكلمني دلوقتي دي، راحت فين يا شذى.
شذي مستنكرة حديثه عنها
-راحت لحال سبيلها، و اللي قصادك دلوقتي العفريتة اللي انت حضرتها بالسيرة الحلوة دي.
مالك محافظاً على سيرة والده
-طبعاً سيرة ابويا حلوة، و لا انتي ايه رأيك.
-لأ انا ماليش رأي طلاما كده بقى؛ يبقى تسمع كلام ابوك، طلقني و سيبني في حالي بقى.
عادت لوضع يدها على نافذة السيارة واسناد ذقنها عليها ناظرة للخارج، ليهتف هو مكرراً.
-اتعدلي في قعدتك يا شذى.
صرخت بأنفعال كعادتها.
-انا مش فاهمه قعدتي مضيقاك في ايه مانا عامله زي الخيمه اهو مش باين مني حاجه.
جذبها اليه مره اخرى، وهذه المره اغلق زجاج النافذة من جهتها.
-مين قالك انك مضيقاني يا حبيبتي، انا بس اللي مابحبش حد يبص على الخيمه بتاعتي.
❈-❈-❈
برغم برد الشتاء القارص، الا انها كانت مشتاقة لهذا الهواء الذي تملؤه رائحة ملح البحر،
الأسكندرية
جوها البديع، احيائها العتيقة حتى التمشي على كورنيش البحر في المطر، صوت الترام، وضـ.ـر.ب الموج للصخور، كل هذا وحشها بقوه.
ومع اول لمحه للون الأزرق المبعث من مياه البحر، التي تقفذ بداخلها حبيبات المطر، صرخت شذى فارده ذراعيها داخل السيارة، مستنشقة اكبر قدر من الهواء.
-اييييييووووووه يا اسكندرية.
حشـ.ـتـ.ـيني و  اوي.
امسك مالك يدها لينزلها ضاحكاً
-نزلي ايدك وبطلي صريخ يا مـ.ـجـ.ـنو.نه احنا في الشارع.
وكأنها عادت لطبيعتها، عنـ.ـد.ما ولجت موطنها لتصرخ بسوقية بحته.
-يا عم صلي على اللي هايشفع ليك، داني كنا بناخد الكورنيش ده جري في عز الشتا اني و البت نسمه و احنا بناكل چيلاتي كمان.
مالك غير مصدقاً
-عليه افضل الصلاة والسلام، الكلام ده طبعاَ وانتو أطفال صغيرين.
-هههههههه أطفال مين يا عم الكلام ده كان أول ما دخلنا الكليه.
ثم عادت لهدوئها وكأنها تذكرت شيئاً ما
-قبل العركة بكام يوم بس.
لو كان في وقت آخر، و استمع الي حديثها هذا، لربما كان عـ.ـا.قبها على ما تقوله.
لكنه الان لا يريد أن يحـ.ـز.نها اكثر من ذلك، اذاً عليه أن يفرحها و لو بشئ بسيط على الاقل.
-طب ايه رأيك بما اننا على الكورنيش كده نوقف العربيه شويه، و اجبلك آيس كريم و نتمشي انا و انتي.
شذي منتبهه له و سريعاً ما صاحت
-بجد طب بص اني اعرف واحد بتاع آيس كريم هايل سوق و هانروح عنده بس خليك على طول لغاية ما توصل على حي كرموز كده.
-لاء طبع
صرخ بها مالك ملفت نظرها لما تقول.
-انا اروح اجبلك آيس كريم اه بس مش لازم يعني اول ما أوصل اسكندرية نروح على حييكم يا شذى.
تفهمت عليه، وعلمت على ما يوضح له وهمست منحنية الرأس
-عندك حق.
اغلق السيارة و التف ليلحق بتلك التي جرت بطفوله، لتجلس على السور الخرصاني، بجسدٍ يرتعش من شـ.ـدة البرودة، لكن قد ظهرت عليه الفرحة.
مالك مردفاً بضحك
-اللي يشوفك وانتي بتجري و بتصقفي زي الأطفال كده، يقول انك كنتي في سـ.ـجـ.ـن وخرجتي منه.
بادلته شذى الضحك
-لاء وانت الصادق ده السمك رجع لبحره تاني.
-بتحبي إسكندرية اوي كده.
-اه جداً.
نظر الي عيناها المختبئة تحت وشاحها، يطلب الاجابه قبل أن يلقى عليها بالسؤال.
-هيي روحت فين؟
مالك مبتسماً لها
-مافيش انا معاكي اهو، عايز أسألك سؤال بس خايف من الاجابه بصراحه
شذي بمراوغة
-سؤال من بره المنهج ولا من جوه المنهج.
مالك بسخرية
-لاء من جوه منهجي انا يا خفيفه.
شذي بحب
-اسأل يا مالك.
-لو خيروكي انك ترجعي تعيشي هنا تاني في اسكندرية في سلام، و المقابل انك تسبيني يا شذى، هتختاري ايه؟
بدون اي تردد اتته الاجابه سريعاً، حين هتفت بلهفه واضحه عليها.
-هختارك انت طبعاً.
شعور غريب جداً يضـ.ـر.ب جسده بقوة، و مع ذلك كان سعيداً جداً، رأها تقفذ من جانبه و تجذبه إليها، تجري امامه و تحثه على الجري معها، كجنية بحر تسحره و تسحبه معها.
-أخيراً فاق حين وجدها تحثه على فتح السيارة وتناديه بصوتٍ مرتفع.
-غَرقنا يا مالك، افتح العربيه بسرعه.
-غرقنا!!!
نظر الي ملابسه، وجدها مبلله قد تناثرت عليها المياه، لكن كيف هذا و لا يوجد مطر؟
مالك مندهشاً
-المياه دي جات منين؟
شذي بضحك و هي تجلس داخل السيارة.
-سلامة النظر و الاحساس يا دكتور، الموج ضـ.ـر.ب في الصخر، و غرق السور و احنا قاعدين عليه ههههههههه.
اغلق بابها بعد أن اندفعت بالداخل، ساخراً من نفسه، على ما تفعله به صغيرته الشقية.
-ازاي ماحستش، للدرجة دي خـ.ـطـ.ـفتي قلب الدكتور يا شذى.
جلس على مقعده بجوارها، وادار محرك السيارة وهو يتمتم بكلمـ.ـا.ت شبه غاضبه.
-عاجبك كده ادي اللي اخدناه من قاعدة الكورنيش هنقابل الناس ازاي بهدومنا المبلوله دي.
شذي باندهاش
-ناس مين؟
مالك بأنزعاج
-انتي نسيتي اهل حسام اللي هانقعد عندهم في شقته.
شذي متذكرة
-ايوه ايوه افتكرت، خلاص مش لازم نروح دلوقتي، خلينا نلف في اسكندرية شوية ولما لبسنا ينشف نروح.
مالك نافياً كلمـ.ـا.تها
-لاء طبعاً كده ممكن تمرضي، الجو برد لوحده اصلاً.
شذي متقمصه دور الحزينه
-ماشي بس افتكر انك لسه ماجبتش الايس كريم.
-هاجبلك لما نستقر في الشقه.
لاء خلاص بقى انا كان نفسي اكله على الكورنيش.
الاختبـ.ـار الثاني لها، إذ انه سألها
-و كنتي هاتكليه ازاي بقى و انتي لابسه النقاب.
-كنت هارفعه عادي!!
فاجئه الرد بهذه الطريقة السلسه السريعه ككل اجابتها السابقه، لكنها هذه المره احـ.ـز.نته.
-كده بسهوله ترفعيه، طب ولزمته ايه بقى لبسك له يا شذى.
احنت رأسها بدون اجابه، ربما خشيت ان تجيبه فيتفاقم الحديث بينهم و يتشاجرا مره اخرى ليعم الصمت بينهم، و تجنب كل منهم الاخر، الي ان وصلوا الي وجهتهم داخل حي العصافره.
❈-❈-❈
تعجبت لما رأته قد توقف أمام بناية عالية، و يبدو انها حديثة البناء، يحتل اسفلها متاجر للجزارة.
لم تبرح مكانها، بل استكانت هادئه، و ترجل هو خارج السيارة، يستقبل الترحيب بحرارة من هؤلاء الرجـ.ـال، وعلى ما يبدو انهم على علم بوصوله.
وقف هو يستقبل ترحيب من والد صديقه، و تهنئته أيضاً له بالزواج، وتحدث معه قليلاً ثم التف حول السيارة، ليفتح بابها و ينزلها منها لتلقي السلام عليهم.
مالك معرفها للرجل
-شذى مراتي يا عمي.
الرجل مرحباً بها بسعادة
-أهلاً و سهلاً يا بـ.ـنتي مشاء الله يا زين ما اخترت يا دكتور.
مش عايزك تخافي و لا تقلقي من حاجه، انتي هنا وسط عيلتك و بين اخواتك،
و اللي يحاول بس يزعلك يبقى يخطي عتبتنا الاول لو يقدر، طول ما انتي و جوزك هنا، لازم ت عـ.ـر.في انكم في حماية ربنا و بعدها حمايتنا.
اكتفت بإيمئة بسيطه من رأسها، و لم تتحدث، بينما رد هو بدلاً منها، شاكراً الرجل بأمتنان.
-متشكر اوي يا عمي ربنا ما يحرمنا منك يا رب.
اردف الرجل منزعجاً من حديثه
-بس يا دكتور مـ.ـا.تقولش كده دانت ابني زيك زي حسام بالظبط، و لا تكون يا واد مستني مني شكر على اللي عملته مع حسام طول السنين اللي فاتت.
مالك معقباً
-لاء طبعاً، حسام طول عمره اخويا و مافيش بينا الكلام ده.
طب يلا بقي خد مراتك، و اطلعو ارتاحو في شقة اخوك، و انا هاخلي الولاد يطلعو ليك الشنط فوق.
❈-❈-❈
صعد بها الي شقة صديقه، و ما ان فتح بابها، وخطت قدmها للداخل، الا و كانت قد حررت وجهها من النقاب، و تحدثت باستياء….
-يااااااه أخيراً هاعرف اتنفس.
اردف مالك بأنزعاج
-للدرجه دب النقاب خانقك ومش حباه.
جلست على أول مقعد قابلها، و انحنت تحل رباط حذائها و تشلحه من قدmيها.
-بصراحه اه، انا مش متعوده على الخـ.ـنـ.ـقه دي.
مالك أمراً لها وقد ظهر على محياه الغضب……
-لاء اتعودي يا شذى، واسمعي بقى اما اقولك، حاجتين اتنين انا مش هتهاود ولا هتغاضي عنهم بعد كده، رفع لها اصبعه
مشيراً لها به
-الصلاة و النقاب.
وقبل ان ترد بالاجابه أمرها ثانيةً.
اتفضلي ادخلي جوه لحد ما اخد الشنط واقفل الباب.
❈-❈-❈
جلست على الفراش بتلك الغرفه تنتظر ولوجه لها، و بدئت تشعر بالأسف، لأنها زادت من حنقه.
شذي بتفكير
-يعني هو بيعمل كل ده عشان يحميني، و انا ازعله، ماكنش المفروض اعمل كده، لازم لما يدخل اصالحه بقى.
ولج عليها الغرفه ساحباً خلفه حقيبة الملابس، تركها من يده، وشرع في شلح معطفه الثقيل،
جلس على الفراش بالجهه المقابلة، يحل ازرار قميصه، ليتفاجئ بها تجلس على قدmه، و توصد يدها حول خصره، تريح وجنتها الناعمه على لحيته الكثيفة.
شذي واضعه قبله بسيطه على وجنته….
-حقك علي قلبي يا حبيبي، انا عمري ما هاعمل حاجه تزعلك تاني.
مالك ملمساً على شعرها المحرر بعناية، رابتاً على ظهرها بهدوء.
-لو خايفه على زعلي، و جاية ترضيني انا، يبقى لازم تفهمي اني خايف عليكي برضو بس من ساعة الحساب
و عايزك قبل ما ترضيني، ترضى ربنا يا حبيبتي.
شذي موافقاه الرأي
-طب علمني و فهمني بالراحة، انا شاطرة و الله و بتعلم بسرعه.
مالك محفزاً لها
-عارف يا روحي انك شاطرة، و ذكية كمان، و عشان كده اول ما نخلص من اللي احنا فيه ده،
و كمان تكوني خلصتي امتحان هبقي اوديكي تحضري الدرس و تحفظي القرأن في المسجد.
شذي بخـ.ـو.ف
-بس ربنا يعديها على خير و نرجع بسرعه…
احتضنها بقوة ليبث في جسدها الطمأنينة و همس لها بحب…
مش قولنا مش هنخاف من حاجه، انا معاكي يا حبيبتي، و ان حكمت هافديكي بروحي.
شذي مقبله وجنته
-ربنا يخليك ليا يا حبيبيي، انت مش عارف انا ببقى مطمنه ازاي و انا في حـ.ـضـ.ـنك.
مالك مداعباً لها
-كده تعالي بقى خليكي في حـ.ـضـ.ـني، انا عن نفسي اخدت الGreen Card.
فرد ظهره على الفراش، ممددها على جسده، يتلفح بشعرها الذي انفرد على كتفه،
و بدء يقتطف منها بعض القبلات الحاره، وسط ضحكها و تقبلها ما يفعله.
و بعد دقائق قليلة، تحولت تلك الضحكات الي همسات هادئة بينهم،
و قد تفرقت ملابسهم على الفراش، و هم مختبئين سوياً أسفل الغطاء، يستمتعون بأحلى لحظات لهم،
يفصلون نفسهم عن أي شئ اخر يخرجهم من جنون حبهم.
الا ان تلك الهواتف النقاله كان لها رأي آخر….
حيث اصدح صوت رنين هواتفهم سوياً، و لن ينقطع.
انفزعت هي و حاولت ابعاده و تنبيهه، لكنه كان كالثمل عاشق متيم وقع في حبها.
شذي محاولة رفع الغطاء عن وجهها….
-استنى يا مالك، انت مش سامع صوت الموبايلات دول اكيد ماما و خالتو.
مالك بلا مبالاة
-مش مهم خليكي انتي بس معايا كده، ليجذب الغطاء على وجههم مره اخرى.
رفعته هي و حاولت الجلوس بخـ.ـو.ف.
-لاءه و انا مالي يا اخويا هات تليفوني، اكلم امي، دي اكيد خايفة عليا دلوقتي.
مالك محاولاً استعطافها،
-عشان خاطري يا شذى دانا ما صدقت أقرب منك من غير خـ.ـو.ف يا حبيبتي، خلينا شويه صغيرة كمان، و بعدها ابقى اعملي اللي انتي عايزاه.
شذي بشبه صراخ
-لاء ماليش دعوه عايزة اكلم امي، ابعد عني بقى، وإذا بها تزجه في صدره، و قد عادت إليها ملامح الخـ.ـو.ف.
اندهش هو من خـ.ـو.فها الغير مبرر له، وزجها له بهذه الطريقة،
هل تبغضه الان، هو لم يجبرها على شئ قط، لماذا اذاً تعامله بمثل هذه الطريقة.
مد يده وأتى بهاتفها أولاً، و قذفه اليها ثم قفذ من علي الفراش مبتعداً عنها،
و ارتدي ملابس مريحه من الحقيبة و سحب هاتفه وترجل خارج الغرفه بالكامل، مغلقاً الباب عليها بعنف.
فتحت الاتصال بينها وبين والدتها، التي قابلتها بصراخ وخـ.ـو.ف شـ.ـديد.
ماجدة بدmـ.ـو.ع و صرخات
-شذي انتي فين يا بـ.ـنتي، كده تخرجي من غير ما تقوليلي.
-انا مع مالك يا ماما.
قالتها شذى بهدوء، وهي تستمع الي صوته الجهور من الخارج.
ماجدة بغضب
-وايه اللي وادكي معاه لوحدك، تسافري اسكندرية تاني لوحدك، تروحي ليهم برجلك يا شذى،
-انا مش لوحدي يا ماما انا معايه جوزي، وهو قادر يحميني.
-بلا يحميكي بلا….. بقى ،هو جوزك زيهم ولا يعرف يتصرف زي تصرفاتهم.
-مـ.ـا.تخفيش يا ماما مالك مطمني، و هو عارف بيعمل ايه كويس.
ماجدة ساخرة من كلمتها، و الله ما عارف حاجه، ولا عارف بيتعامل مع مين اصلاً، اخلصي، و قوليلي انتي فين و انا هاجيلك.
شذي ناهرة ما تقوله والدتها
-لاء يا ماما انا جوزي فعلاً قادر يحميني، و انا اللي طلبت منه أن احنا نسافر لوحدنا،
عشان مبقاش قلقانه عليكي، فمن فضلك بقى يا ماما تسمعي كلامي المره دي.
ماجدة بخـ.ـو.ف
-يا بـ.ـنتي انا خايفة عليكم انتو الاتنين.
-سلام يا شذى خلي بالك من نفسك يا حبيبتي.
اغلقت الهاتف معاها، و انزلقت من على الفراش تضم الغطاء عليها بخجل، و اتجهت نحو تلك الحقيبة التي دائماً تكون شاهدة على أحداثهم سوياً،
ارتدت ملابسها على عجالة، و فتحت الباب لتبحث عنه، و هي بالأصل لم تتعثر كثيراً….
وجدته أثر سماع صوته، و وقفت تستمع لصراخه على والدته….
كان يوبخ خالته بصوته العالي، وهو يدرك انها تسمعه الان.
مالك معنفاً لوالدته
-ابقى فهميها وقوليلها ان بـ.ـنتها في عصمة راجـ.ـل يقدر يحميها، و لو انتو مش شايفين كده، يبقي كنتو بتجوزهالي ليه يا أمي.
ليغلق الهاتف دون أن يلقى عليها التحية و ينظر لها بغضب.
حاولت تهدئته، و الذهاب اليه لكنه اوقفها بأشارة من يده.
-خليكي عندك انا نازل.
شذي بخـ.ـو.ف
-هاتروح فين؟
جلسوا داخل السيارة في صمتٍ ينتظروه، حتى يكمل حديثه….
ليبدء مالك في الحديث ليلتفت نظره قائلاً.
-ماقولتليش الحكاية تستاهل ازاي يا حامد، معلش يعني انت لما كنت قاعد معانا، و بتسمعنا امبـ.ـارح كنت حاسس انك زي ما يكون عندك فكرة عن الموضوع.
حامد رابتاً على كتفه
-اسكندرية كلها عندها علم بالموضوع يا دكتور، اللي عملوه عيلة العسال و عيلة خطاب قلب كرموز و اسكندرية تمناً….
لينظر في المراءه المعلقة امامه، و يوجه حديثه لها.
-طبعاً انتي حضرتي الحكاية كلها يا اختي و عارفة ان الموضوع مش هين.
اومئت له برأسها و اجابته.
-طبعاً عارفة، و ده اللي بحاول اوضحه لمالك من يوم ما سيبت اسكندرية.
حامد مؤكداً على كلامها
-لاء صدقها يا دكتور، الموضوع فعلاً كبير، انت بعد ما سيبتنا و طلعت بليل، انا خـ.ـطـ.ـفت رجلي و روحت لحد كرموز، و قعدت على قهوة العسال.
هتفت شذى بشهقة موضحه له مسائلة بريبة.
-دي تبقي قهوة ابويا، بس مين اللي فاتحها و مشغلها دا حتى اشرف اللي كان بيهدد انه هيخدها مقبوض عليه دلوقتي، يبقى مين اللي فاتحها؟
-تقريباً كده اللي فتحاها امه!!
هتفت شذى بكره وتفكير واضح.
-امه!
حامد مؤكداً ومؤمناً على حديثها
-ايوة علشان الرجـ.ـا.لة اللي كانو متجمعين حاوليها كانو بيقولو ليها يا ام اشرف.
مالك مستفهماً
-رجـ.ـاله هي كانت قاعدة وسط رجـ.ـاله.
-اه و كانو بيتفقو علي خـ.ـطـ.ـف مراتك بعد خروجه من النيابه!
و هنا انفزع مالك قائلاً بخـ.ـو.ف
-يخـ.ـطـ.ـفو مين مراتي انا، ليه هي الدنيا سايبة للدرجة دي هما ناسين ان في قانون وحكومه في البلد.
ضحك حامد ساخراً موضحاً له
-ما هما لو كانو خايفين من القانون او الحكومه ماكنوش قومو المعركه من الاول يا دكتور.
شذي برجفه متـ.ـو.ترة وصوت بدء يعلو كالعادة
-شوفت يا مالك مش انا قولتلك ان الموضوع مش سهل زي ما انت فاكر.
مالك محاولاً تهدئة رجفة جسدها
-اهدي يا شذى لو سمحتي مش عايزك تتـ.ـو.تري كدة، واظن احنا بعددناً ده ماحدش يقدر يقرب منك.
هتف حامد أيضاً ليؤكد على كلامه
-مـ.ـا.تخفيش يا اختي برقبتي لو حد قدر بس يقرب منك أنتِ أو من جوزك.
لتلقي عليه شذى سؤال أخر، تريد أن تعرف اكتر عن ما حدث.
-لكن انت عرفت منين انهم كانو يقصدوني انا بالكلام دا.
أوضح لها مغذي الحديث مفصحاَ عما يعرفه.
-بصي لما قعدت انا و اللي معايا على القهوه، اتعاملنا على اننا زباين عاديين خالص، اغراب عن المنطقة ودا خلانا نطلب طلبتنا براحتنا،
وقعدتنا كانت قريبة منهم، و دا سمحلنا نسمع الحوار كان داير على ايه، و انتهى كمان على ايه.
نظر مالك له بتعجب! ليكمل هو.
-مـ.ـا.تستغربش كده يا دكتور دا خلانا كمان نفهم العركه اللي دارت بعدها كانت عشان ايه.
شذي بخـ.ـو.ف و صراخ
-عركة هو كمان حصل عركة امبـ.ـارح.
-اه عركه بين شباب عيلتكم، و بين عيلة اسمهم عيلة خطاب بيتهم في وش بيتكم على طول انتي ت عـ.ـر.فيهم طبعاً؟
نظرت شذى لزوجها و همست
-دي تبقي عيلة محمود يا مالك.
ربت مالك على يدها و اردف.
-طب و سبب الخناقه دي كان ايه المره دي كمان يا حامد؟
-كان مراتك برضو يا دكتور.
❈-❈-❈
كانت كلمته بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير، ليردف مالك محاولاً التماسك وعدm إظهار خـ.ـو.فه عليها أمامها.
-طب و دول كمان كانو عايزين ايه من مراتي؟
شاهد حامد ملامح الوجوم ظاهرة على وجهه، لكنه أصر ان يوضح له مدى خطورة الموقف، حتى لا يستهين به،
و لا يعتمد على الشرطة فقط في الدفاع عن زوجته.
-بص يا مالك يا اخويا، انا هوضحلك الأمر كله مش عشان اخـ.ـو.فك لاء عشان اكدلك
إن الحكاية فعلاً مش صغيرة، و مراتك فعلاً لسه في خطر.
إحنا لما قعدنا في القهوة امبـ.ـارح، و سمعنا الوليه الحيزبونة وهي بتتكلم كنا فاكرين الحكاية هاتخلص على كده،
لكن اتفاجئنا بيها قامت وقفت على باب القهوه، لما لمحت راجـ.ـل في سن ابويا كده، خارج من البيت اللي قصادهم وعلت صوتها عشان هو يسمعها، و قالتله…
-أهي بكره البت جايه النيابة، عشان ترجع الغايب ويكيدو الأعادي.
الراجـ.ـل وقف قصادها، و عينيه كانت كلها شر، و قال…
-البت لو جات يبقى مش هاتلحق ترجع، و دmها هافرقه في الكوبيات زي الشربات على الحبايب،
أما بقى الغايب اللي انتي فاكراه هيرجع، فاده اعتبريه كده مـ.ـيـ.ـت و كده مـ.ـيـ.ـت، لو خرج ليكي هايمـ.ـو.ت ولو فضل جوه هابعتله اللي ياخد روحه قبل عشماوي ما يعملها.
الوليه معجبهاش الكلام، و مدت إيديها الاتنين، كانت عايزة تخـ.ـنـ.ـقه بيهم، و هي بتصرخ فيه..
-دانا اللي هاخد روحك قبل ما تلمس شعره من رأس ابني.
لكن هو برضو كان راجـ.ـل عفي جـ.ـا.مد شـ.ـديد بصحته، مسك ايديها الاتنين بأيد واحده، و نزل علي وشها بالايد التانيه و هو بيقول:
-بترفعي ايدك على مين يا م… و يمين الله ما هاخلي في عيلتكم راجـ.ـل و لا م…. يا عيلة العسال.
بس يا سيدي و في ثانية، لقينا الشارع اتملا شباب من العيلتين، و ام اشرف دي خلصوها من ايد الراجـ.ـل بالعافـ.ـية، و العركة قامت علي كده.
صاح مالك منفعلاً بفزع.
-لا لا لا الناس دي لا يمكن يكونو طبيعين ابداً، ارجع بينا يا حامد احنا مش هنروح النيابة.
-ارجع فين يا دكتور، احنا خلاص وصلنا: قالها حامد و هو يصف سيارته وسط السيارات، و ينزلق منها امراً لهم.
-خليكم هنا مـ.ـا.تتحركوش و مـ.ـا.تنزلوش من العربية غير لما اقولكم.
❈-❈-❈
ظلو الأثنان صامتين لا يقوى اي منهم على التفوه بكلمة واحده
إلى أن عاد إليهم حامد و اخبره ان هناك ضابط يدعي مصطفى، و معه بعض من عناصر الشرطه قد حضرو خصيصاً ليشـ.ـدو من اذرهم،
و يكونو بجانبه للحماية و انتظرو قليلاً ثم تشجعو وترجلو خارج السيارة.
وبعد دقائق معدودة كان يمسك بيدها ويمشي وسط حشـ.ـد من الرجـ.ـال، تحت نظرات كلها غضب من الاتجاهين، و برغم انها كانت ترتدي النقاب لكنهم قد علمو بهاويتها، عن طريقه هو
علمو من يكون هذا هو نفس الشخص الذي انتشلها من وسطهم على سهو منهم.
لكن قوتهم قد تضاعفت، و يأتون برجـ.ـال اقوياء الي جانب الشرطه يساندوهم و لن يقوو على اقتحام جمعهم الآن،
اذاً عليهم التروي لبعد ترجلها من داخل حرم النيابه.
تقابل مع الظابط مصطفى، و الذي بدوره أوقف الرجـ.ـال قبل اقتحام المبنى بأشارة من يده.
-بس لحد هنا و شكراً اوي يا رجـ.ـا.لة، انتو كده عملتو اللي عليكم و زيادة، تقدرو بقى تسيبوهم لينا،
و احنا نقدر نحميهم جوه النيابه، اتفضلو معايا يا دكتور.
وقف ينظر اليه متردداً، و من كثرة عدد الرجـ.ـال الذين يمتلكون بعض الأسلحة و يظهروها دون خـ.ـو.ف، مرتاباً في الأمر بعض الشئ.
ليهتف مالك.
-و هتقدر تحمي مراتي جوه يا حضرة الظابط؟
هتف الضابط مؤكداً.
-انا هنا مخصوص النهاردة عشان خاطرك انت و مراتك، فمن فضلك متحاولش تقلل في قدرتنا يا دكتور.
صرخ مالك بانفعال.
-و لما حضرتك ليك القدرة على انك تقبض عليهم ماعملتش ده ليه؟
-بتهمة ايه يا دكتور هما لحد دلوقتي، ماعملوش حاجه تخليني ادينهم.
-و بالنسبة لكمية السلاح اللي في ايديهم ده؟
ضحكة سخريه خرجت من فاهه ليلقي نظرة عليهم، ثم يقول
-احب اكدلك ان كل واحد فيهم ظاهر سلاح حاطط في جيبه رخصته، الناس دي مش اغـ.ـبـ.ـيه و لا عب.. عشان يقوعو نفسهم في غلطه زي دي،
بس مـ.ـا.تقلقش احنا بردو مسيطرين على الموقف، و خصوصاً اننا جاتلنا معلومه، انهم هيحاولو يهربو اشرف من النيابة.
هذه المره صرخت شذى و هي تتشبث بذراع زوجها، الذي بدوره ضمها تحته
-هو اشرف موجود هنا في النيابه.
لمح الظابط مصطفى رعشة جسدها تحت ذراع زوجها فاهتف محاولاً بث الطمأنينة لها.
-اه هنا بس اطمني، انتي مش هتتقابلي معاه، و لا هيشوفك اصلاً، انتي هتدخلي عند وكيل النيابه، و هتقولي شاهدتك و تطلعي على طول.
-مش عايزة بلاش يا مالك، خلينا نمشي عشان خاطري.
-مـ.ـا.تخفيش ياحبيبتي انا معاكي و مش هاسيبك ابداً.
هتف الظابط مصطفى نافياً
-لاء الحقيقة انت هاتضطر تسيبها دلوقتي لأنها هاتدخل مكتب وكيل النيابه لوحدها.
-لاء مـ.ـا.تسبنيش يا مالك
قالتها شذى متمسكة بذراعه، حين لمحت وجه عمتها الساخر والمنذر لها بسهام الشر.
ربت مالك على كفها الرقيق، و همس له بأن يرأف بحالها
-من فضلك يا حضرة الظابط، انت شايف الوضع عامل ازاي، خليني ادخل معاها عشان ابقى مطمن عليها و هيا كمان تبقى مطمنه.
اومئ له الظابط مصطفى برأسه و اسدل هاتفه من جيبه، متحدثاً به.
مرت بضعة دقائق، كانت بالنسبة لهم كالدهر، إذ تبادلا فيها بعض النظرات مع عمتها و والد خطيبها السابق، و الذي حضر الان يبث نظرات مرعـ.ـبة لها لا تبشر بأي خير.
ليهتف مالك هامساً لها
-مين الراجـ.ـل اللي عمال يبصلنا بشر ده يا شذى.
من كثرة خـ.ـو.فها، كانت تدفن وجهها في كتفه، لا تقوى على اي مواجهه معهم،
لتنظر الي ما يشير زوجها بنصف عين، و تعود في لحظتها على وضعها كما كانت هامسه بصوتٍ مرتجف.
-ده ابو محمود.
و هنا تقدm منهم الضابط هاتفاً
-اتفضلو معايا.
ولجو معه داخل مكتب وكيل النيابه الذي بدوره حياهم و رحب بهم ثم بدء يوجه لها بعض الاسئله.
-انتي بقى شذى سبب كل العركه دي واللي اتسببتي في مـ.ـو.ت اتنين مش كده.
-مدام شذى حضرتك
كان هذا صوت مالك الذي لم تريحه نظرة وكيل النيابة لزوجته، و بدئت تظهر عليه علامـ.ـا.ت الغيرة.
التفت اليه وكيل النيابة موضحاً بهدوء
-اهدي بس يا دكتور، انا اعرف منين انها هي دي شذى!
اذا كانت في البطاقة الشخصية مش منتقبه، يبقى ليا حق اسأل و اتأكد و لاء، من فضلك اكشفي وشك يا مدام شذى.
نظرت الي زوجها، تنتظر ان يقولها هو لكنه نظر اليها مطولاً، و اخيراً أشار لها بعينه بأن ترفع وشاح وجهها.
رفعته الجميلة، لتفتن بالفعل من بالغرفه، و يطول النظر الى وجهها، ليلاحظ مالك هذا و يصيح غاضباً.
-اظن حضرتك اتأكدت بما فيه الكفايه، غطي وشك يا شذى.
اسدلت وشاح وجهها، و جلست امامه منحنية الرأس، ليقدm لها وكيل النيابه هاتفها القديم سائلاً
-طيب دلوقتي بقي نقدر نبدء التحقيق.
تليفونك ده يا مدام شذى؟
التزمت الصمت و فضلت ان تومئ برأسها فقط.
نظر وكيل النيابة الي الظابط و هتف،
-لاء كده مش هينفع، لازم تتكلم و نسمع صوتها، عشان الكاتب يقدر يكتب شهادتها في المحضر.
وجه الظابط مصطفى حديثه لمالك، حتى يحثها ان تتحدث بصوتٍ مرتفع.
-دكتور مالك، اكيد حضرتك عارف أهمية شاهدتها بالنسبة للقضية،
دي في ايدها تعلق واحد في حبل المشنقه، و بكلمه منها تقدر تبرءه، يريت حضرتك تخليها تبطل خـ.ـو.ف و تتكلم بصوت واضح، عشان نقدر ناخد اقوالها بوضوح.
استمع مالك له و اومئ رأسه بالموافقة، لينظر لها يحثها على التحدث…..
-سمعتي بودنك يا شذى، لازم تتكلمي عشان حقك و دm ابوكي اللي ساح على الأرض، مايبقاش انهدر على الفاضي،
انتي اللي في ايدك دلوقتي ترجعي حقك يا شذى.
-انا خايفة يا مالك يلا نمشي،
قالتها شذى متمسكة بيده.
ربت مالك على يديها محتضنهم داخل راحتي يده، مهدئاً لرجفتهم.
-نمشي يعني نفضل عايشين في الخـ.ـو.ف ده، نمشي يعني نديهم الفرصه يفضلو يهددونا كل شويه، اتكلمي يا شذى خلينا نخلص من الكابوس ده بقى.
كلامه لها كان بمثابة تحفيز قوي لها، ليلاحظ هذا من نظرة عيناها، التي تغيرت من النقيض الي نقيض اخر،
من الخـ.ـو.ف و الضعف، الي الجمود و القوة، لتهم بالتحدث بصوتٍ مرتفع.
-اتفضل اسأل حضرتك، و انا هجاوب على اي سؤال حضرتك هاتسأله.
-اردف وكيل النيابة، موافقها الرأي
-كده تمام نعيد السؤال من تاني، الموبايل ده بتاعك يا مدام شذى.
-ايوة دا موبايلي القديم
-تمام و عليه ايه بقى؟
نظرت الي زوجها بخجل، و لم تجيبه، خـ.ـو.فاً من ان يكون مقصده على تلك الصور المهكره، التي زورها وارسلها لها ذلك القتيل، الملقب بخطيبها السابق.
ليخرجها زوجها من ذالك المأذق، و يجيب عوضاً عنها زوجها.
-عليه مكالمه مسجله من اشرف ابن عمتها ليها هي و والدتها، و انا اللي سجلت المكالمه دي،
ليلمح لها بأشارة من عينه، بألا تخاف من شئ.
و هنا تحدث وكيل النيابة بنفاذ صبر
-لو سمحت يا دكتور، انا عايز اسمعها هي، لازم تجاوب بنفسها على كل سؤال.
شذي مؤكدة كلام زوجها
-بس مالك فعلاً بيقول اللي حصل، الموبايل متسجل عليه مكالمة اشرف ابن عمتي ليا انا و ماما، و اللي قالها فيها انه قــ,تــل ابويا و محمود، عشان يوصلي
-يعني هو اعترف في المكالمه انه هو اللي قــ,تــلهم، قالك انا قــ,تــلت ابوكي و خطيبك كده بصراحه
شذى نافيه
-لاء قال لازم ترجعي، انا ماكنتش بقــ,تــل عشان انتي تضيعي مني،
و حضرتك تقدر تسمع المكالمه من التليفون.
-تمام نسمع المكالمه، و نقارن بينها و بين شهادتك.
ضغط على علامة مسجل الهاتف فاتحاً تلك المحادثة، ليستمعو جميعاً لها.
اشرف بعنف
-طب اسمعي انتي بقى يا ام المحروسه، البت بـ.ـنتك هترجع غـ.ـصـ.ـب عنها، و هتبقى مراتي برضو غـ.ـصـ.ـب عنها، مانا ماكنتش بقــ,تــل، و اسيح الدm في كرموز، عشان في الاخر تروح مني.
لا دا و رحمة ابوها لاجبها، حتى لو وصلت اني اخـ.ـطـ.ـفها هاعملها، و مـ.ـا.تفتكريش ان مكانكم بعيد عليا، لاء دانا عارف العنوان و حافظه بالملي، و قريب اوي هتلاقوني عندكم.
استمعو جميعاً الي تلك المحادثة، ليغلق المحقق الهاتف، و
يتنهد صائحاً
-بس كلامه مش معناه ان هو اللي قــ,تــل ابوكي يا مدام شذى.
تخبط الأفكار في رأسها، جعلها تنعس مكانها و هي جالسة على الاريكة.
عاد إليها بعد وقت طويل، ممسكاً بيديه حقائب ممتلئة، ليجدها غافية في سبات تام.
وضع الحقائب الممتلئة بالطعام من يده، و اتجه نحوها ليوقظها.
مالك متئملاً جمال وجهها رابتاً على كتفها برفق
-شذى اصحى انتي نمتي هنا ليه.
شذي بنصف افاقه
-انت جيت امتى، هي الساعة كام دلوقتي.
-الساعه ١١ بليل.
شذي بعين جاحظة
-يااااه انا نمت كل ده، و انت سيبتني طول النهار كده لوحدي، روحت فين يا مالك.
مالك مبرراً بعده عنها طيلة هذه المده
-ما قولتلك قبل ما انزل، اني هاقعد شوية مع ابو حسام و اخواته، و بعدها روحت اشتريت شوية حاجات لزوم البيت.
شذي بغضب
-كل ده، تسيبني و تخرج ١١ الصبح ترجعلي ١١ باليل في بيت غريب زي ده.
متعجباً من كلامها
-بيت غريب! هو انا سايبك في الشارع؟
دانتي يعتبر قاعدة في شقة اخويا، و انا كنت قاعد اغلب الوقت تحت البيت يبقى سيبتك امتى بقى.
شذي مرتسمة الحـ.ـز.ن
-خلاص بقى براحتك، انت اصلاً كنت نازل و نواي على البعد.
-انتي هتتفلسفي، اتفضلي قومي حضري حاجة ناكلها من الاكل ده.
-حاضررررر
قالتها منتفضه من مكانها، مترجله بعيداً عنه.
ابتسم هو على غضبها الطفولي، جلس منتظرها يفكر، كيف كانت في الصباح أنثى مدللة تغمره في عشقها، و الان تتذمر كالاطفال.
أحضرت بعض الاطباق الشهية، و وضعتها على المائدة الصغيرة امامه، و جلست بعيداً في صمت.
مالك محاولاً تهدئتها
-قاعدة بعيد كده ليه، يلا تعالي كلي
همست بكلمة واحدة
-لاء
مالك رافعاً حاجبه محاولاً اغاظتها……
-براحتك مع ان الاكل حلو اوي.
شذي بغـ.ـيظ
-انا اللي عملاه على فكرة.
-عارف على فكرة،
ليحاول استدراجها في الحديث،
بصراحة تسلم ايدك ، انتي شاطرة اوي في الأكل، حلو و حادق، مع انك سنك صغير.
شذي ناظرة له، لكنها مازلت على تحفزها
-دي هواية عندي من وانا صغيرة.
مالك متصنع التزمر
-امممم بس بصراحة مالوش طعم
تملك منه الغـ.ـيظ، و هبت واقفه واذا بها تصيح
-قصدك ايه انا اكلي مالوش طعم!
مالك ضاحكاً
-اهدي بس انا قصدي اني مش بعرف استطعم الاكل وانا باكل لوحدي، تعالي كلي معايا عشان تفتحي نفسي، واقدر أقولك رأيي في طعم الأكل كويس.
هدئت قليلاً تقدmت لتجلس بجانبه، لتس رد الكلمـ.ـا.ت قائلة.
-اومال كنت عايش ازاي عشر سنين بره مصر لوحدك، وكمان لما بتبات في المستشفى بتاكل ازاي
انتبه مالك لما تقول وبدء يطعمها بيده.
-وأنا في المستشفى تقريباً بقضي معظم وقتي في العمليات، وباقي الوقت بخصصه في الأدارة،
أما بقى العشر سنين اللي قضتهم برة، فأحب اقولك اني قضيت منهم أحلى تلات سنين في حياتي
أكل، ولعب، وحب!
كان قاصداً لفت نظرها للكلمة الأخيرة، قالها وعينه مرتكزة على عينها، حتى يعرف مدى تأثيرها عليها
بالفعل إنتبهت هي لما يقول، أنزلت يده المتجهه نحو ثغرها بالطعام، تعيدها إلى الصحن مرة أخرى، وظهرت على ملامحها علامـ.ـا.ت الغيرة.
رفعت شذى حاجبها الأيمن بتحدي هاتفة.
-حب
ليؤكد مالك.
-أه يا شذى حب، و أظن يعني إن أمي حكت ليكي على ريهام وحبي ليها أيام الكلية.
حاولت إغلاق الحديث وظهرت على وجهها علامـ.ـا.ت الغضب.
-أه قالتلي عن إذنك أنا داخلة أنام.
أمسك يدها وأجلسها بجانبه مرة ثانية بحزم.
-أقعدي كملي أكلك يا شذى، عشان أنا لسه ماخلصتش كلامي وعايز اتكلم وانتي بالذات تسمعيني.
جلست مرة أخرى ولم تتحدث، بل أمسكت الملعقة وبدئت تغمسها في الطعام وتملئ بها فمها بتعصب شـ.ـديد.
ليكمل مالك.
-مش عارف ليه عايز احكيلك انتي بالذات الحكاية دي دلوقتي،
مع إني لما كان حد بيفتح سيرة الموضوع ده قدامي كنت بتعصب جداً، كنت بيتخانق واتنرفز على أي حد،
لكن معاكي أنتي حاسس ان خلاص الموضوع ده مبقاش ليه أي أهمية بالنسبالي.
لمعت عيناها بنظرة غريبة، تحولت ملامح الحـ.ـز.ن إلى فرحة، وظهرت إبتسامة عريضة على شفتيها، لكنها تذكرت أول مرة رفع يده ومدها على وجنتها
لقد كانت بسبب تلك الذكرى المزعجة.
وضعت راحة يدها على وجنتها اليمنى وهمست
-للدرجة دي كنت بتحبها، عشان كده ضـ.ـر.بتني بالألم اول ما جيبت ليك سيرتها.
ليؤكد هو أيضاً كرهه لتلك الذكرى
-انتي لسة فاكره، طب أقولك على حاجة ممكن تشفعلي عندك تخليكي تنسيلي الغلطة دي.
اعتدلت في جلستها للخلف واتكئت بظهرها على الأريكة موصدة يدها حول صدرها.
-قول يا مالك.
مالك بحب واضح لها
-أنا مابقتش شايف أي بـ.ـنت ممكن أحبها أو تملى عيني غيرك أنتي يا قلبي.
حل وثاق يدها، وجذبها على قدmه وأغلق عليها بكفيه جيداً.
و بدورها ألقت برأسها على صدره وتكورت على نفسها بين زراعيه هامسة.
-طب كمل يا مالك.
-قبل ما أقول أي حاجة عايزك ت عـ.ـر.في إن الكلام دا كله مجرد ماضي وإنتي،
وإن اللي اسمها ريهام دي مش اكثر من من مجرد صفحة سودة واتقطعت من تاريخ حياتي،
مش عايزك تغيري من الماضي يا شذى.
وعند نطقه هذه الكلمة أعتدل شذى من علي قدmه بغـ.ـيظٍ واضح منه قائلة
-أنا أغير! مرحبا طب ليه؟ هو في حد عاقل برضو يغير من الماضي.
ليعيده إلى وضعها مرة أخرى كما كانت مبتسماً لها.
-براڨو عليكي يا حبيبتي، ربنا يكملك بعقلك يا رب.
شذى بضحك
-طب يلا أحكي بقى.
-بصي يا ستي ريهام كانت معايا في دفعتي في الكلية، وانا وحسام طبعا اصحاب من ثانوي فاصله ورانيا هي اللي عرفتنا على ريهام بحكم انها كانت صاحبتها هي من الاول،
هي كانت بـ.ـنت ملتزمه فاصله ومنكرش انها كانت ذكيه وشاطره جدا في دراستها فاصله لكن رانيا كانت دايما بتحاول تلفت نظري انها انتهازية وبتاعة مصلحتها،
وده اللي للاسف صدقته وعرفته بعد فوات الأوان.
التوت شفتاي الجميله بحركه ساخره فجائيه وهتفت.
-اه معلش تعيش وتاخد غيرها اصل الحب اعمى زي ما بيقولوا
ضـ.ـر.به خفيفه تلقتها على راسها من الخلف، ليقول متذمرا.
– نتكلم جد بقى شويه.
وضعت الشذى يدها خلف راسها متصنعه الالم
– اه كمل كمل ما هو الناس تتحب وناس تنضـ.ـر.ب
ضحك مالك وأكمل.
-لاء يا قلبي الحب كله لشذى حبيبة قلبي وبس، المهم يا ستي فرحت جداً لما البعثة جاتلي انا وهيا،
طبعاً دي فرصة اي شاب في سني عمره ما كان يحلم بيها، خصوصاً إن الأنسان الوحيدة اللي كان نفسي مفارقهاش لحظه واحدة هتكون معايا.
بس ازاي هخادها واسافر ونقعد في مكان واحد
واحنا مش متجوزين ومافيش حاجة بتربطنا ببعض!
عرضت عليها ان اروح اتقدm لاهلها واكتب كتابي عليها قبل ما نسافر لكن هي فاجئتني برفضها،
وقالت لي نتخطب لبعض بس والغريب ان اهلها هما كمان رحبوا بكده و وافقو على الخطوبة.
لتردف شذى بملل..
-هممم كمل يا مالك، و إنجز بسرعة والنبي بقى.
مالك مبتسماً على طفولتها.
-حاضر يا ستي، اتخطبنا وسافرت أنا وهيا، والحمد لله طول الفترة اللي قعدناها مع بعض قدرت أني أعف نفسي كويس أوي، وأبعد أي شبهه ممكن توصمني أو تأذي سمعتها
مع أننا كنا في بلد غربي، لكن بعد ما مر علينا شوية من الوقت هناك بدئت ألاحظ إن في بعض التغيرات بدأت تظهر على أخلاقها في الفترة الأخيرة،
بدئ الألتزام بالصلاة يقل، واللبس بدئت طريقتو كمان تتغير، تقعد قدامي بشعرها من غير حجاب، وحاولت كذا مرة أنها تخرج من غيره،
إلا إني كنت بزعق ليها وارجعها تلبسه تاني.
لحد ما في يوم أكتشفت أنها بترسل دكتور زميلنا خليجي وهي في البيت.
ولما واجهتها قالتلي عادي دكتور زميلي ونفس تخصصي ويكلمني زي ما أنت بتكلمني.
طبعاً إتخـ.ـنـ.ـقت أنا وهي ساعتها قولتلها إني مش زي حد، ولو أنا بالنسبة ليها كده،
يبقى نفض الخطوبة أحسن.
إتأسفت لي كتير وطلبت مني أسامحها، وحبي ليها شفعلها عندي وبالفعل مسحتها.
قررت أنزل وأجهز الشقة بسرعة، لأنها كانت أخر سنة لينا هناك.
وأخر مرة رجعت فيها من أجازتي بعد ما خلصت أكتشفت أنها رفضت السفر معايا و مارضيتش تزور أهلها،
كان عشان تتجوز هي والدكتور الخليجي اللي زغلل عينيها بالهدايا الكتير.
ضمته شذى إلى صدرها رابتة على ظهره بحب وحنان هامسة داخل إحدى أذنيه.
-مـ.ـا.تزعليش يا حبيبي دانت ربنا بيحبك انه بعدها عن سكتك، اللي زي دي مايتزعلش عليها يا مالك.
وضع إصبعه أسفل ذقنها يجبرها على النظر له.
-ربنا بيحبني عشان عوضني بيكي إنتي يا شذى.
شعرت بالحـ.ـز.ن في نبرة صوته، فقررت أن تغير مجرى الحديث بينهم.
-إنما قولي صحيح، أنا في حاجة مجاني بصراحة مخلياني عايزة أسألك عنها من ساعة ما جينا هنا.
ضم مالك حاجبيه الةثيفين بعدm فهم.
-حاجة إيه دي اللي مش فهمها.
-هو ازاي
أهل حسام من هنا وهو عايش هو ومـ.ـر.اته و ولاده في القاهرة.
-حسام من صغره عايش في الحسين مع جده والد ولدته، أصلها كانت وحيدة أبوها وأمها واتجوزت والد حسام
لما شافها في فرح عندنا في الحسين وعجبته فتق ملها واتجوز، وبعد جوازها بحوالي عشرة او خمستاشر سنه والدتها أتوفت.
وكان والدها ساعتها راجـ.ـل مريـ.ـض وكبير في السن فكانت شبه مقيمة معاه هي وحسام ونقلته المدرسة عندنا،
وبقينا أنا وهو أصحاب أوي، لاء دا كان كل اللي يشوفنا يقول علينا أخوات
وفي الحقيقة والده معترضش على كده، بالعكس دا كان أيام كتير بيجي يزورهم ويقعد معاهم لحد ما جد حسام الله يرحمه تـ.ـو.في،
كان حسام ساعتها في الثانوية العامة، رفض إنه يسيب بيت جده ويتنقل من المدرسة بتاعتنا، في الحقيقة هو رفض يرجع عشاني
ساعتها جيه عندنا البيت وقرر أنه هيبات لاء دا نام جانبي على سريري، وقعد يبكي ويقولي شوفلك حل يا تنقل نفسك معايا اسكندرية، يا تخلي ابويا يسبني معاك هنا،
بس يا ستي ساعتها خليت ابويا يكلم أبوه وأقنعه إن حتى لما والدته تسافر هو هايكون معانا ومش هايسبنا فاوافق وسابه يكمل دراسته معايا
شذى بنوم.
-ياه هو أنت كل اللي يعرفك يحبك، ويتعلق بيك كده.
حملها مالك بين زراعية، واتجه إلى غرفة نومهم هامساً.
-أهو أنا بقى مابقتش عايز من حب الناس دي كلها حد، غير حبك إنتِ يا شذى.
❈-❈-❈
أصبحت شمس اليوم الموعود،و هم مستيقظان سوياً، من وقت صلاة الفجر،
كعادتها كانت تضع رأسها على قدmه، و هو يمسد بيده على رأسها، و يتلو القرأن بصوتٍ عـ.ـذ.ب، لكن اليوم جفاهم النوم، و تبدل مكانه الخـ.ـو.ف.
هي خائفة من كل ما سيقابلها اليوم.
و هو خائف عليها.
الي ان دقت الساعة الثامنه صباحاً، صدق على تلاوته، بدء يجفف دmـ.ـو.عها التي بللت سرواله من شـ.ـدة أنهمارها، اعدلها و اجلسها على قدmه.
مالك محتضنها برفق.
-ليه الخـ.ـو.ف ده كله يا روحي، مش قولنا نسيبها على الله و نتوكل.
حاولت ان تخبره بمدى حبها و امتنانها له، لكن دmـ.ـو.عها خانتها.
-طبعاً يا حبيبي متوكله عليه، اااانا بس خايفة عليك انت احسن يأذوك بسببي.
مالك مطمئناً لها
-و لا هيأذوني و لا هيأذوكي، ماحدش يقدر اصلاً يقرب منك أو يلمس شعرة من راسك دي،
يلا قومي البسي و هانروح النيابة سوي، و إنشاء الله هانرجع من غير اي اساءه لأي حد فينا.
-طب ما تيجي نهرب انا و انت يا مالك.
قالتها بمنتهى البراءه ، لينفجر هو ضاحكاً على طفولتها.
-هههههههه نهرب! دا على اساس ان احنا متهمين بحاجه.
ابتعدت عنه، استدارت جالسة على الارض، مكورة يدها أسفل ذقنها متزمرة بحيرة…
-ماعرفش بقى انا خايفة و خلاص….
ضمها الي صدره من الخلف مازحاً معها، مذكرها بأول يوم رأها فيه.
-اللي يشوفك و انتي خايفة كده، مايشوفكيش اول يوم اتقابلنا فيها، و انتي طالعة من الاوضة بشعرك الغجري اللي ذي الشيكولاتة ده، و متقمصة دور البـ.ـنت الشجاعه.
ثم بدء يقلد صوتها بمرح
-سيبوني انا هانزلهم اما اشوف هيعملولي ايه، و عملتي فيها عشر رجـ.ـا.لة في بعض.
اتكئت بظهرها مستنده على ظهره، و عيناها لمعت برونق براق…
-اه يا حبيبي، تصدق اني كنت في اليوم ده يأست من كل حاجة، صورة ابويا و هو مرمى في وسط الشارع، خلتني استسلم لأي حاجه حتى لو هيمـ.ـو.توني، عادي بقي ما هو اللي كان بيحميني، و يخاف عليا مـ.ـا.ت.
لكن اول ما خرجت انت من الأوضة و وقفت قصادي، حسيت بأحساس غريب عليا اول مره في حياتي احس بيه.
لتلتفت له شاهقة بابتسامة عريضة
-و لا لما نزلت على السلم، و انا نازلة في ظهرك و كأني ماشية ورا مارد طول بعرض، مغطيني كلي و مش باين مني اي حاجه.
مالك ساخراً منها
-عشان انتي بالنسبة ليا اوزعه، يا حبيبتي.
عادت لجلستها الأولى، و اسندت ظهرها على صدره.
-لاء مش اوزعه، انا كنت حاسه ساعتها ان ربنا بعتك ليا بدل ابويا، عشان اتحامي فيك،
ههههههه و لا لما ضـ.ـر.بت الولا اشرف بالبوكس في وشه، و رفعتني جنب قلبك بأيد واحدة و كأنك شقيت الطريق لحد العربيه،
شهقت وازدادت لمعة عيناها….
-و يا لهوي يا مالك لو كنت اقدر اوصلك احساسي ساعتها.
قبلها في وجنتها بعض القبل الرقيقة، مسروراً بما تقول.
-كنتي حاسه بأيه ساعتها ياقلبي….
ضمت جسدها داخل زراعيه اكثر، و كأنها تشعر هكذا بالطمأنينة.
-كنت حاسة اني طايرة، مش مركزة مع حد غيرك انت و لا شايفة من كل الناس اللي كانت مالية الشارع غيرك انت، و لا سامعة غير صوت قلبك انت و بس،
كنت حاسه ان الكون كله اتحول لجنينة كبيرة مالينه فرشات بتطير حولينا احنا الاتنين.
مالك ناظراً في ساعة يده، و بحركة خفيفه اعدلها ليقفو سوياً
-سيدي يا سيدي علي الكلام الحلو، دا كان حب من اول نظرة بقى،
شذي ناظرة في عينه بحب
-اه تقريباً كده دا انا ماشيلتش عيني من عليك و لا ثانية.
ضم حاجبية متصنعاً التزمر و قرص على اذنيها توبيخاً على ما فعلت.
-معني كده انك اخدتي ذنوب بسبي، انتي ماسمعتيش حاجه عن غض البصر ابداً.
تألمت من قرصته، لكنها ضحكت على فعلته هذه كثيراً، الي ان احمرت وجنتيها وخبأت وجهها بالكامل داخل صدره.
-هههههه بصراحة انا كنت بتعمد ابصلك عشان احفظ شكلك، و ماكنتش عايزة اشيل عيني من عليك.
مالك مصرحاً لها وهو يأتي لها بنقابها، و يهم امامها بتبديل ملابسه
-طب هاقولك على حاجه مش عارف هتفرحك و لا هتضحكك!
شذي بنظرة ضاحكة
-كده و لا كده هتفرحني قول بقى.
لفها بيده و قرر ربط وشاح وجهها
-انا لما كنت بتخانق معاكي على لبسك، و بزعق ليكي عشان تلبسي حجابك قدامي، ماكنتش ببقى عارف اغض بصري عنك، وعشان كده اول حاجة عملتها بعد جوازنا اني البسك النقاب، عارفه ليه؟
شذي بحب
-ليه يا مالك
مالك بحنان وعين عاشقة
-عشان مـ.ـا.تبقيش سبب فتنة حد غيري انا يا روح مالك.
شذي بضحكة عاليه
-ههههههههه يعني كنت بتبص عليا من تحت لتحت يا نمس لتجري للخارج سريعاً قبل أن يمسك بها.
مالك مندهشاً من جرائتها متعجباً مما تلفظت به
-انا نمس! خدي هنا، انتي هاتطلعي شقاوتك دي عليا انا يا بـ.ـنت انتي….
ضحكت كثيراً و سبقته للخارج لترتدي حذائها، وقف هو يشاهدها واضعاً يده في جيب بنطاله، ثم أشار بسبابته على نفسه
-انا نمس!
قفذت من علي مقعدها، و جرت اليه بضحك، و ألقت نفسها بين زراعيه، ثم رفعت وشاحها من علي وجهها و همست له…..
-لاء انت حبيبي
ما كان منه إلا أنه أخذها في قبله طويله يبث لها فيها مدى شوقه إليها.
-قلب حبيبك انتي…
❈-❈-❈
أخيراً ترجل بها خارج البناية، لكنه قبل أن يتجه بها إلى سيارته، تفاجئ بوالد صديقه و أخواته، و حشـ.ـد كبير من الرجـ.ـال ، يقفون بأنتظاره.
تقدm والد صديقه نحوهم مبتسماً إليهم، ليبدء مالك بالحديث معه…
-في ايه يا عمي مين كل الناس دي.
والد حسام موضحاً له
-دول رجـ.ـا.لة عائلة الجزار كلهم متجمعين النهاردة، عشانك انت و مراتك يا مالك.
-متجمعين عشاني انا ومراتى ازاي يعني يا عمي معلش انا مش فاهم.
تقدm حامد اخو حسام الكبير منهم و هو خريج كلية آداب، لكنه فضل ممارسة مهنة الجزارة مثل ابيه، ليهتف بحرارة و امر له.
-يعني الجزارين كلهم رايحين معاك النيابه يا دكتور.
-رايحين فين بس يا حامد انا لما قعدت و اتكلمت معاكم، ماكنتش بطلب حمايه او…
-انت ايه يا دكتور، بص قبل ما تعترض على حاجه، عشان تبقي فاهم انت هنا كأن حسام اللي موجود بالظبط،
و اظن يعني انا عمري ما هايكون اخويا في ضيقة، و أقف اتفرج عليه، و بعدين بقى انت ياما وقفت مع اخويا، وتبقى عيبه في حقنا لما تخرج من
وسطنا ومنقدرش نوفر ليك انت و مراتك الحماية مش كده و لا ايه.
-بس يا حامد.
-مافيش بس، يلا يا دكتور خلينا نلحق وقتنا وننجز في الحوار ده، و بأذن ربنا طول مانتو في وسطينا مافيش نمله هاتقرب منكم.
اومئ له برأسه و التفت إليها مطمئناً لها، ليري في عيناها لمعة الفرحة و الطمئنينة.
امسك يدها و هتف
-طب انا هاسبئكم بعربيتي.
-لاء معلش يا دكتور انتو بعد اذنك طبعاً هتركبو معايا انا.
مالك محاولاَ عدm بث الرهبه في قلبها مره اخرى….
-مـ.ـا.تكبرش الموضوع يا حامد لو سمحت، الحكايه مـ.ـا.تستهلش دا كله.
-لاء تستاهل يا دكتور، اتفضلوا معايا وانا هشرحلك.
ليشير بيده الي رفاقه، ليتحركو جميعاً بالسيارات في موكب مكون من ست سيارات
صرخت شذى بخـ.ـو.ف
-يعني ايه يعني كده اشرف هيخرج منها، لاء ده لو خرج هيعمل حاجة من الاتنين، يا هيخـ.ـطـ.ـفني يا هيد.بـ.ـحني يا مالك.
-ممكن تهدي!
كان هذا صوت صياح مالك الذي تجمد في مكانه،
موجهاً حديثه للمحقق مستنكراً ما يقول،
-حضرتك ده واحد معترف بلسانه انه قــ,تــل، تقدر تقولي هيخرج من القضية ازاي؟
هتف المحقق ينفي ما يهلوثو به هم الاثنان.
-ممكن تهدو انتو الاتنين..
انا ماقولتش انه هايخرج منها، انا كل اللي قولته انه كده مش معترف بقــ,تــل ابوكي، و لا حتى بأنه هو اللي قــ,تــل محمود خطيبك السابق يا مدام.
شذي ببكاء
-لكن قال انه قــ,تــل.
صمت المحقق قليلاً الي ان انهت شهقاتها، و صرح قائلاً.
-بالظبط هو اعترف انه قــ,تــل، و هنا بقى تبدي مهمتنا احنا، اشرف مش هايخرج من هنا إلا لما نعرف منه هو قــ,تــل مين بالظبط، عايزك تطمني، و مـ.ـا.تقلقيش من ناحيته نهائي.
ربت مالك على يدها ضاغطاً عليها برفق، لتنظر له بريبه وتتسأل داخل نفسها، هل اغضبته و هي في وضعها هذا، لتصمت قليلاً محاوله تهدئة نفسها، لتقرأها في عينه دون أن يتحدث، يريدها ان تخفض من صوت شهقاتها!!
بالله كيف يفكر ذلك المختل، ايظن انها في وقت يسمح لها أن تعير لصوتها اهتمام….
ام يريد أن يريها كم عشقه و غيرته عليها، حتى انها يريد كما اخفها عن الجميع، و حجب النظر عنهم، ان يصمتها للأبد حتى لا يستمع احد الي صوتها العـ.ـذ.ب، ودلالاها حتى في صوتها.
ليهتف قائلاً
-طب اظن كده مافيش أسئلة تانية و نقدر نمشي.
ليجلسه المحقق قائلاً
-اقعد يا دكتور من فضلك احنا لسه ماخلصناش التحقيق، و اكيد لما اخلص انا بنفسي هقولكم مع الف سلامه.
مالك بهدوء حذر
-طب اتفضل اسأل و خلصنا.
لكن قبل أن يستطرد المحقق أسئلته، انتفض الضابط مصطفى ينظر من نافذة المكتب، أثر استماعه لبعض الاشتباكات و الصياحات المرتفعة اسفل البناية.
ثم اسدل هاتفه متحدثاً فيه بهدوء حتى لا يرهب الموقف عليهم اكثر من ذلك، ويحاول التملص منهم للخارج سريعاً، لكنه همس في اذن المحقق قبل أن يذهب ببعض الكلمـ.ـا.ت، قبل أن يبرح باب الغرفة؟
-في حاجه و لا ايه؟
قالها مالك بقلق بعد أن
رأه يذهب بهذه السرعه و لم يلتفت اليهم.
و هنا تحدث المحقق بمنتهي الجديه، ليغير لفت نظرهم من جهة باب الغرفة اليه.
-مافيش يا دكتور، حضرة الظابط بيشوف شغله، اكيد الراجـ.ـل مش هايفضل قاعد معانا و سايب الدنيا كده يعني، مـ.ـا.تنسوش ان في متهم في عهدته، نرجع بقى للتحقيق تاني.
اومئت شذى برأسها و همست هادئة
-اتفضل حضرتك.
-تمام نيجي بقى لواقعة التـ.ـحـ.ـر.ش اللي اتعرتضي ليها، هل هاتتهمي اشرف بيها برضو، و لا هاتتهمي حد تاني.
تفاجئو هم الاثنان بسؤاله هذا، و خجلت الصغيرة، و بدل من ان تجيب المحقق أجابت زوجها.
-انا ماعرفش مين اللي عملها، و الله انا كنت متخدرة ساعتها صدقني يا مالك.
حـ.ـز.ن زوجها من أجل تذكرها هذه الأحداث المؤلمة، و امسك يدها هذه المره ليطمئنها.
-عارف يا حبيبتي و متأكد من ده، و مصدقك طبعاً.
قطع المحقق وصلة نظراتهم لبعضهم البعض هاتفاً.
-بس انتي قولتي في المحضر، ان محمود ساعتها اتخانق معاكي، وركب المكنه بتاعته و مشي بعد ما دخلك المدخل بتاع البيت بالضـ.ـر.ب.
-ايوه حصل.
-وان اشرف كان واقف على القمه ساعتها.
-صمتت قليلاً ثم أجابت، ايوه بس انا طلعت جري ساعتها، و النور كان مقطوع، ماشوفتش مين اللي كان ورايا.
-طيب خلاص احنا كده خلصنا، تقدرو تمشو دلوقتي، بس اعملي حسابك انك هاتروحي تشهدي في المحكمه بعد ما اشرف يعترف بكل حاجه.
-هو لسه فيها محكمة، صرخت بها ثم هبت واقفة تحث زوجها على الذهاب، انا مش هاجي هنا تاني يلا بينا يا مالك.
و هنا! فُتح الباب عنوه، و ولج منه الضابط مصطفى بشبه همجية، مقتحم عليهم جلستهم.
-بعد اذن حضرتك يا سيادة المحقق، حضرتك خلصت تحقيق.
اندهشو جميعاً من ظهوره أمامهم بهذه الطريقة، و وقف مالك امامها يخفيها خلف ظهره كاحصن منيع، بينما هتف المحقق بوجهه مرتاب.
-في ايه ياحضرة الظابط، ازاي حضرتك تدخل علينا بالطريقة دي.
-يا فنـ.ـد.م في اشتباكات جـ.ـا.مدة بين اهل المتهم و أهل القتيل، وفي خطورة جـ.ـا.مدة على الشاهدة و لازم تمشي من هنا.
تشبثت بيدها في ملابس زوجها، تكاد تغرز اصابعها في جسده من شـ.ـدة رعـ.ـبها.
ليصرح المحقق
-التحقيق انتهى بالفعل، و تقدرو تمشو.
لكن مالك اهتاج بجسد صلب متشنج
-ازاي هنخرج وسط الحشـ.ـد دا كله، و يسبونا في حالنا يا حضرة الظابط، انا مش فاهم حضرتك لحد دلوقتي ليه ماحولتش تقبض عليهم.
-ده اللي حالياً بيحصل بالفعل يا دكتور، واظن حضرتك ازكى من انك تفتكرني هاخرجكم توجهوهم لوحدكم اتفضلوا معايا دلوقتي.
-نروح معاك على فين، انا مش هنزل بيها وسطهم حتى لو كانوا مقبوض عليهم.
لقد سئمو من هذا الحديث، لذلك قررو الإفصاح له عن ما ينتوه.
المحقق بوجه محتقن
-مـ.ـا.تقلقش يا دكتور، حضرتك و المدام هاتنزلو من سلم الطوارئ الخاص بالموظفين و بينا، في حالة حدوث اي اشتباكات و السلم ده هاينزلكم على بوابه في الشارع الخلفي تقدرو تمشو من هناك، من غير اي مواجهه مع أي حد.
كما اردف الضابط بكلمته ايضاً
-و كمان حضرتك تقدر تتصل برجـ.ـالتك اللي جاين معاك، عشان يتحركو ليك، انا لمحتهم بيبعدو بهدوء، و اخدو جنب لوحدهم، برغم ان رجـ.ـا.لة عيلة العسال حاولوا يستفذوهم اكثر من مره،
لكن بصراحه هما كان عندهم ثبات انفعالي غريب و مـ.ـا.تدخلوش في اي حوار، وفضلوا الفرجه من بعيد لبعيد.
مالك فاتحاً هاتفه
-انا فعلا كنت هاعمل كده، ضغط على اسم اخو صديقه وبدء يجري معه محادثه بصوت مرتفع، و الكل يعرف مغذها.
-الو ايوا يا حامد انت فين؟
اتاه صوته من الجهة الاخري مجيب الاتصال سريعاً.
-انتو اللي فين يا دكتور دي العركة دايرة هنا على الآخر و اقتحموا عربية الترحيلات، تقريباً كانو فاكرين قاربهم ده فيها، دول كمان حاولو يتعاركو معانا احنا.
مالك بنفاذ صبر
-اسمعني يا حامد ارجوك، تقدرو تلفو لينا من الشارع التاني.
-اه طبعاً من عند البوابه الخلفية، انتو هاتنزلو من سلم الطوارئ.
-ايوه كويس انك عارفه، دلوقتي تستنوي هناك وانا هاجلكم حالاَ.
-الا عارفه يا دكتور، دي اسكندرية كلها عرفاه، خلي انت بس الشرطه يأمنوك كويس لحد ما تطلعلي من البوابه دي و سيب الباقي على الله وعلينا احنا.
-تمام يا حامد الله يطمنك يا اخويا، سلام وانا جايلك حالاً دلوقتي.
اغلق معه الهاتف ناظراً الي الضابط، و وجهه واجم، يريد أن يخبره بعدm الأطمئنان لكن على كل حال، هو أيضاً لا يريد أن يزيد من خـ.ـو.فها.
هتف الضابط على عجالة
-خلاص فهمتهم هنعمل ايه، نقدر نتحرك دلوقتي.
مالك مستفهماً
-ايوه بس حضرتك متأكد ان السلم ده امان.
-ايوه طبعاَ و متخافش في عناصر من الشرطه واقفين عليه دلوقتي وعندهم أوامر بالضـ.ـر.ب في المليان لأي حد يحاول يتعرض لينا.
مالك ممسكاً يديها في راحة يده، يحثها على التحرك.
-تمام استعنا على الله، يلا بينا يا شذي.
-انا خايفة يا مالك، هايخدوني منك و يمـ.ـو.توني.
قالتها شذى بخـ.ـو.ف واضح، و ليرفع ذراعه بعفوية مغلقاً عليها، ضاممها تحته بتملك و متحرك بها.
-شذي ثقي فيا يا حبيبتي، خليكي متأكده ان اي حد عايز يلمس شعره منك لازم يواجهني ان قبلها، و اذا حد لمسك يا شذى، يبقى اكيد هتكون روحي فارقت جـ.ـسمي يا حبيبتي.
-بعد الشر
قالتها الجميلة الصغيرة، بصرخة متلهفه محتضنه خصر زوجها بالكامل.
ليهتف الضابط متأثراً بهم
-ان شاء الله مافيش حاجه من دي هاتحصل، يلا بينا بقى الوقت كده مش في صالحنا.
-استنوا….
قالها المحقق أمرهم بالأنتظار، ليلتفتو جميعاً له.
-امضي على اقولك يا مدام شذى، و يا ريت يا حضرة الظابط تخرجهم من الباب الخاص بيا بلاش تتواجهوا مع حد بره.
اومئوا له و مضت على اقوالها، وبدؤ يترجلو من الباب الذي أشار لهم وكيل النيابه عليه.
اطمئنت و هدئت عنـ.ـد.ما وجدت الرواق فارغاً.
فحاولت ان تبطئ في خطواتها، الا انها كادت ان تتعثر في ادنائها بسبب خطوات زواجها السريعة.
ليلتقطها مالك قبل أن تسقط، فيصيح متلهفاً.
-حاسبي لا تقعي يا شذى، على مهلك يا حبيبتي.
شذي ببكاء
-على مهلك انت يا مالك، انت اللي هاتوقعني.
ضحك مالك على طفولتها، كما ضحك الضابط أيضاً فبرغم من جمالها و انوثة جسدها الطاغية على نقابها و ادنائها المحتشم، الا انها تتذمر مثل الأطفال.
مالك بأسف حقيقي، مشفقاً على صغيرته و ما يحدث لها…
-اسف يا حبيبتي حقك عليا، طب اشيلك يا شذى.
شذي بخجل
-لا لا لاء انا خلاص بقيت تمام، يلا بينا نمشي من هنا بقى.
مالك مؤيداً رأيها
-حاضر يلا بينا.
بدؤ يترجلوا على الدرج بانتظام و حرص، يتقدmهم الضابط و تليه شذى و يليها مالك محتويها و متحفزاً عليها بيديه من الجانبين ، و هم يشاهدون الجنود تصتف على الدرج في انتظار هبوطهم للأسفل.
لكن لم يزد هذا المنظر سوي الرهبه في قلبها، فاهي خائفة لأبعد حد ممكن ان يتصوره انسان،
زوجها يحاوطها، و الشرطه تحميها، و رجـ.ـال ليس لها بهم اي صله تدافع عنها و كل هذا ضد من؟
يا الله ماذا فعلت تلك الفتاة في حياتها، حتى يريدو أقرب الناس إليها ان يزهقو روحها، هل يحدث لها كل هذا فقط، لأنك منحتها كل هذا الجمال!
لكن الجمال في هذه الحاله ليس بمنحه او نعمه، هو نقمه ليس إلا.
تشنج جسدها فجاءه و توقفت عن السير دون
ارادتها، حين وجدت الضابط و قد تقدm مع بعض الجنود الي الباب الرئيسي، مظهراً سلاحه بيده رافعه للأعلي، ساحباً صمام الأمان.
التفتت دون ارادتها تلقي بنفسها بين ذراعي زوجها، تختبئ في صدره من المجهول، تهمس له بخـ.ـو.ف.
-مالك انا خايفه، هو ايه اللي بيحصل ده.
حاول مالك تهدئتها، لكن كيف و هو أيضاً خائف عليها و لا يعلم ما يحدث.
-شششش اهدي يا شذى مـ.ـا.تخفيش يا حبيبتي، انا باتصل بحامد اشوفه فين.
الو ايوه يا حامد انتو فين دلوقتي و ايه الدوشه اللي عندك برة دي.
-احنا ورا المبنى زي ماقولتلي يا مالك و مستنيك بالعربيه قصاد البوابه على طول، بس خلي بالك و انتو خارجين عشان في نوش هنا برضو و مستنينكم تخرجو.
هتف مالك ضاغطاً على جسدها بذراعه
-يعني ايه يا حامد مش هنعرف نخرج من هنا.
تأفف حامد منزعجاً على ما يهرتل به صديق شقيقه، ليصيح فيه بطريقة عشوائية و بصوت جاهور.
-موقلناش كده يابا، بنقول لك ايه يا دكتور، و النبي تنجز و تناول الظابط اللي معاك الموبايل وأني هانكلمه و نعرفه الوضع بره عامل ازاي.
لم يكن بيده الا انه انصت جيداً لما يقول، ثم توجه بخطوات متثاقله، نظراً لتلك الملتصقه به، الي الضابط معطي له الهاتف.
اخذ الضابط منه الهاتف و بدء الحديث…
الضابط مصطفى
-ايوه
حامد رامقاً الجميع بعينه
-ايوه يا باشا مع ساعدتك حامد صاحب الدكتور مالك.
الضابط مصطفى
-معاك يا حامد قولي الوضع عندك اخبـ.ـاره ايه
-الوضع مايبشرش بخير يا باشا، العيال دي زي مـ.ـا.تكون عارفة اللي بتفكرو فيه، دول قاسمين نصهم على البوابه الرئيسية، و النص التاني
عاملين نوش و بيتعركو هنا في الشارع الخلفي.
صمت الظابط يفكر قليلاً ثم أردف له….
-تقدر تدخل بعربيتك من البوابه الحديد يا حامد.
-لو سمحولي بده يا باشا هادخل، انا واقف قصاد البوابة الحديد اصلاً.
-تمام يا حامد انا هاخرج ليك دلوقتي، و هحاول اشتبك معاهم،
و اقبض عليهم وفي الوقت ده انت تدخل بعربيتك، و يركبو فيها في حوالي خمس دقايق تكون طاير بيهم من الشارع كله يا حامد مفهوم.
-أوامر يا باشا على راسي، في انتظار ساعدتك.
اغلق الهاتف و التفت له معطيه اياه، مسرعاً في حديثه و هو يعدو سريعاً للخارج مشيراً لرجـ.ـاله بالتقدm.
-سمعت طبعاً كلامي يا دكتور، و فهمت قصدي ايه،
انتو هاتخرجو ورا العساكر بالظبط، لحد عربية حامد، ارجوكي ركزي يا مدام شذى اول العساكر ما تخرج من البوابة، انتو هتكونو في قلب العربيه،
وتقعدو في الدواسه لحد ما نختفو من هنا، و لو حصل غير اللي بقوله، انا مش هبقي مسؤل عنكم.
صرخت شذى متعلقه في عنق زوجها….
-انا خايفة يا مالك….
اردف مالك قائلاً و كأن ليس بيده حيلة اخري
-قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا يا شذى.
ضغط براحة يده بخفة على رأسها من الخلف الي صدره، قاصداً الا يريها ما يدور امامها..
ترجل على الدرج سريعاً، حين لمح شقيق صديقه يقف ينتظرهم بالداخل و يفتح لهم باب السيارة الخلفي .
دفعها بقوه داخل السيارة مجبرها على الانحناء بالأسفل، و جلس بجانبها مغلق الباب سريعاً وهو يصيح بقوة في وجه حامد الذي جلس علي مقعد القيادة متأهباً للرحيل.
-يلا بسرعة يا حامد.
كانت شهقة حامد أسرع من قيادته للسيارة، حيث شاهد الرجـ.ـال يتشابهون مع الشرطة
وقد تضاعف عددهم ازدادت قوتهم، حين انضم إليهم الباقية من الرجـ.ـال الأخرين وحاولوا إقتحام البوابة الحديدية.
ليهتف حامد ضاغطاً بكل قوته على موقد السيارة.
-إتكل على الله يا دكتور، وصلي على اللي هيشفع فيك معانا يا رب، يا مرسي يا ابو العباسسسسس
إن لقت السيارة وسط الجمع الغفير دافعة كل من يحاول ان يعوق حركتها، والغريب ان بعض الرجـ.ـال لم يهاب سرعتها ظلو يرشقو السيارة ببعض الأسلحة البيضاء
حتى تم تكسير زجاجها بالكامل، إلى أن أضطر حامد لإشهار سلاحه الناري وأطلق منه رصاصة في الهواء.
اسرع حامد في قيادته، حتى أنه بدى وكأنه يسابق الربح، إلى أن ابتعد عن الرجـ.ـال قليلاً
ومن خلفه ترك باقي سيارات أقاربه تلتحم معهم في المشاجرة، وقد توصلوا الدفاع عنهم وإعاقة اخصامهم في عدm الوصول إليهم.
إلى أن ابتعدوا عنهم وهدئت الأوضاع، فهتف حامد
-أوف الحمدلله نجينا منها على خير، تقدر تتعدل يا دكتور.
رفع مالك جزعه العلوي من عليها أردفت بحزر.
-خلاص عدينا مرحلة الخطر أخيراً.
لي بت على ظهر تلك المنحنى على وجهها، مسكينة بطريقة غريبة، ليحاول أن يعدلها هو مردفاً
-خلاص يا حبيبتي الخطر زال، قومي اقعدي عدل يا شذى.
صمت قليلاً منتظرها أن ترفع رأسها، لكنها فاجئته بعدm إستجابتها له؟
ربت على كتفها بخفه،ورفع رأسها ليفهم ما بها.
-شذى قومي يا حبيبتي اتعدلي خلاص احنا بقينا في أمان.
وهنا تلقى الصدmة، إنها مغشي عليها وفاقدة الوعي تماماً.
نظر له حامد في مراءة السيارة مستفهماً.
-في حاجة ولا إيه يا دكتور.
وضح له مالك ما يحدث بها وهو يحاول رفعها لتتمفس براحة جانبه.
-أغمى عليها يا حامد.
ليردف حامد محاولاً المساعدة.
-طب اغير الطريق واطلع على المبـ.ـارة يا دكتور.
نفى مالك قوله.
-لاء مـ.ـا.تغيرش طريقك وتروح في اي حتة، انا لما نوصل هعرف أفوقها بس يا رب مايكونش اللي في بالي حصل.
أومئ حامد برأسه داعياً لها.
-إنشاء الله خير ربنا يجيب العواقب سليمة.
❈-❈-❈
عاد بها إلى بناية صديقه، وحملها بين زراعيه وصعد بها إلى تلك الشقة المقيمين بها، ثم صعد خلفه والد صديقه،
والذي بدوره القى إتصالاً بزوجته حتى تأتي لهم وتكون بجانبه في تلك المحنة حين حدثه إبنه عن حقيقة الأمر المروع الذي حدث لهم.
فتح له والد حسام باب الشقه ووقف يتحدث مع حامد تارك له مساحة ليدلف بها إلى غرفة النوم.
ليردف الرجل بهدوء.
-ايه اللي وصل الأمور لكده
أردف حامد بوجه واجم.
-والله يابا البت دي كتر خيرها إنها أستحملت لحد ما ركبت العربية، دا احنا رجـ.ـا.لة بشنبات اهو وكنا خايفين،
ما بالك بقى بيها، الله يكون في عونها، دول كـ.ـسرو علينا ازاز العربية وانا سايق على ١٢٠ في شارع جانبي عارضه مايزدش عن اربعين متر،
تخيل انهم كانو عايزين يخـ.ـطـ.ـفوها وانا سايق على السرعة دي.
أومئ والده رأسه بتأني.
-إوعى يكون حد مشي وراكم بعد كدة وعرفو طريقهم.
حامد مؤكداً.
-عيب عليك يابا، دانا حامد الجزار، بص أنا أول ما خرجت من الشارع،
دوست بنزين على الأخر لحد ما عديت العيال بتوعنا وبعد كده سدو هما عليهم الطريق وبدؤو يتعاملوا معاهم.
وأخيرا أمره والده بأن يذهب.
-طب بطل غلبة ويلا روح شوف أمك ماجتش ليه.
ليردف حامد مشاكساً والده.
-طب والعربيه اللي باظت دي يابا مين اللي هيصلحها ده ما فيش حته في الإزاز سليمه
– انا اللي هصلحها ليك يا حامد
قالها مالك وهو يمسك بيده ورقه مدون عليها بعد اسماء الادويه
ليردف حامد مدعيه الحـ.ـز.ن والسخريه منه.
– اخص انت سمعتني بس على العموم ما تجيش منك انت برده يا دكتور عربيه ايه بس اللي بتتكلم عنها فداكم الف عربيه يا عم الناس انا بس بتشاكس مع ابويا شويه مش اكتر.
ليه اكد مالك صدق حديثه قائلا
– معلش ده حقك برده هو انت يعني ذنبك ايه عشان تتحمل كل ده.
وهنا هتف والده برعونه وانزعاج
– الله في تمام ما يحصل ابدا، امشي يا واد روح هات امك يلا
حاول مالك النفي والاصرار على رأيه.
-لكن يا عمي انا..
– انت كده تبقى بتشتمنا يا مالك يا ابني عايز تدي اخوك حق وقفته جنبك ما تجيش منك انت برده المهم هي عامله ايه دلوقتي؟
– عندها صدmه عصبيه يا عمي هي اللي مخلياها فاقده الوعي كده معلش يا حامد هتقل عليك بزياده بس ابعت حد يجيب لي العلاج ده من الصيدليه.
اخذ حامد منه تلك الورقه وهتف بموافقه
– حاضر يا دكتوره عيوني طبعا والف سلامه عليها.
اتجاه حامد نحو الباب الرئيسي للخروج ليجد والدته تثلج منه ملكيه السلام قبل الدخول
– السلام عليكم جميعا يا واد يا حامد بتجري كده ليه يا ولا
تخطى حامد باب الخروج من جانبها واردف وهو على عجاله.
– ادخلي وانت ت عـ.ـر.في يا بطوط.
واذا بها تسبه وتتركه ذاهبه نحو زوجها
– عمرك ما هتكبر ابدا يا طويل يا اه… انت
لتلك السلام على مالك وترحب به بحراره
– حمد لله على السلامه يا مالك ايه يا ابني اللي بيجرلكم ده انت وعروستك.
ماده مالك يده ليسلم عليها.
– الله يسلمك يا خالتي فاطمه ازي صحه حضرتك.
– انا بخير يا حبيبي الحمد لله المهم انت وعروستك ده انا قلت انتم جايين تقضوا شهر عسلكم هنا اتفاجئ باللي بيجرى ده كله.
– قطرنا بقى يلا الحمد لله على كل حال
لا تدخل اخيرا زوجها منهي هذا الحديث المؤلم.
– ما لوش لازمه الكلام ده دلوقتي يا حاجه ادخلي شوفي البنيه اللي مغمى عليها جوه دي وخليكي جنبها لحد ما تفوق
– حاضر يا اخويا بس الولاد طالعين ورايا بصواني الاكل ابقى افتح لهم
– حاضر بس ادخلي انت يلا
❈-❈-❈
جلس مالك على مقعد خلفيه تحت ذقنه.
– ومين بس له نفس للاكل ما كانش له لزوم التعب ده
والد صديقه جالسا على مقعد بجواره هاتفا
– وهي قله الاكل هتنفعك بايه بس ولا مش عايز ناكل لقمه مع بعض، على فكره خالتك فاطمه جابت الاكل هنا عشان عارفه انك مش هترضى تيجي عندنا ولا انت بقى معتبرنا اغراب عنك.
– كل ده واغراب!
قالها مالك ساخرا على ما اورطهم به مكملا
– طب كان ناقص ايه تاني او مراتكم فيه
تعجب والد حسام من حديثه واذا به يوبخه
– تورطنا طب بذمتك مش عيب عليك تقول كده ده احنا اهل يا مالك.
واذا بهم يتفاجئوا بصراخ يعم المكان حين استيقظت عروسه من غفوتها، ولم تجدوا بجوارها تصرخ وتنادي باسمه وقد ظنت انها قد خـ.ـطـ.ـفت بالفعل
شذى نظيره الى ولاده حسام برعـ.ـب تنادي زوجها بصراخ
– انت مين ابعدي عني مالك فين عملته فيه ايه يا مالك يا مالك
حاولت والده حسام تهدئتها دون اي استجابه منها.
– اهدي يا بـ.ـنتي وصلي على النبي بسم الله الرحمن الرحيم انت ملبوسه ولا ايه
-أنا هنا يا شذى
قالها مالك وهو يلك اليها سريعا ثم اخذها بين ذراعيه محاولا السيطره عليها
نظرت اليه بعينيها الجميله كانت الرؤيه بالنسبه لها مشوشه فهمست وهي تعود الى غفتها
-مالك
ارتطمت راسها بصدره واغمضت عينيها مره اخرى ليضمها بخـ.ـو.ف رابتاً براحة يده على وجنتها.
– لا يا شذى عشان خاطري فوقي مش هينفع كده ما تستسلميش لخـ.ـو.فك بالطريقه دي.
وهنا انحنت عليه والده الصديق بتساؤل
– هي ملبوسه يا ملك اجيب لها شيخ يقرا لها قران
مالك رافضا ما تقوله تلك المراه الحنون محتضن حبيبته جيدا
– ملبوسه ايه بس يا خالتي وشيخ ايه دي تعبانه شويه
اردفت والده صديقه معنفه ايه
– بسم الله الحفيظ وايه يا ابني اللي وقعك الوقعه دي بقى بعد ما عشت عادي بالفتره دي كلها تتجوز واحده عندها ربع ضارب
ابتسامه سخريه ارتفعت على شفاه ليوضح لها
– نصيبي وقسمتي يا خالتي عارفه ام ربع ضارب دي تبقى مين
– مين يا اخويا بـ.ـنت حد اعرفه
– يا سلام ده انت ت عـ.ـر.فيها عز المعرفه دي تبقى بـ.ـنت خالتي ماجده كل اللي انا فيه ده بسببها هي وامها
وهنا دق احدا ما بالخارج على باب الغرفه لتصيح والده صديقه
– مين اللي بره
هتف حامد من الخارج قائلا.
– انا جبت العلاج اهو ياما خذي دي للدكتور.
حاضر يا عين امك استناني انا جاي اهو.
فتحت السيدة فاطمة الباب، و اخذت من يد ابنها الحقيبة المعبأة بالأدوية، و اجفلته بنظرة من عينها ترجعه الي حيثما اتي، فانفذ على الفور امر والدته و عاد ليجلس بجوار ابيه.
لتكمل هي الحديث معه قائلة….
-امسك يا مالك، حامد جابلك العلاج اهو، قولتلي بقى دي تبقي بـ.ـنت ماجدة، هي ماجدة رجعت و اتصالحت مع مجيدة.
اغمض مالك عينه بأرهاق، فهو لا يقوي على خوض اي حوار، او حتى يستغرق معها نصف دقيقة ليروي لها حكايته.
مالك بنفاذ صبر
-اه يا خالتي اتصالحو وانا اتجوزت بـ.ـنتها زي مانتي شايفه، و اهي تعبانه اهه و انا كمان تعبان، مش عارف هاعمل ايه معاها لما تفوق.
تأسفت والدة صديقه على حاله هذا الذي لم تراه حزيناً ابداً، حتى و ان شُغل عقله شيئا يذهب إلى مكانه المعهود، ليلقي بهمومه ويريح باله هناك داخل الضريح.
-يا ضنايا يا بني، مانت لو كنت في الحسين دلوقتي، كان زمانك روحت لحبيبك و تشتكيله،
اقولك بعد ما تديها الحقنه و العلاج اللي بتديهولها ده اطلع كلك لقمه مع عمك ابو حسام، و بعدها ابقى صلى ركعتين لله، وإنشاء الله القمر دي، هاتكون فاقت و بقت زي الفل.
تنهد مخرجاً طاقته السلبية كامله، و أومئ لها مؤيدها الرأي.
❈-❈-❈
ترجل إليهم بوجه حزين، جلس على المقعد و لم يتحدث، وكأن لسانه قد عجز عن النطق.
نظر حامد الي ابيه، يشير اليه برجاء ان يخرجه من هذا الوجوم.
ليضع والد صديقه راحة يده على فخذه رابتاً عليه بعطف الاب قائلاً.
-سلمها لله يا مالك اللي فيها ربنا مابتغرقش..
مالك مؤيداً
-و نعم بالله يا عمي، كلنا تكلنا عليه، انا بس مش عارف احلها ازاي بعد اللي شوفناه النهاردة ده.
اردف حامد محاولاً فهم ما يقوله
-بعد اذنك يابا بدون قطع كلامك، هي ايه دي لا مؤاخذة اللي انت عايز تحلها يا دكتور.
مالك موضحاً لهم
-اصل شذى في كلية تجارة انجلش، و امتحاناتها كمان كام اسبوع، و المفروض
انها هتمتحن هنا.
-هنا فين لمؤاخذه
-كان هذا حامد الذي هب واقفاً منزعجاً مما صرح به مالك.
اوقفه والده لينبهه ان صوته قد ارتفع، و لربما يشعر مالك بضيق صدره، و يفسر حديثه بطريقة سيئة.
-اقعد يا حامد و اتكلم بهدوء، مـ.ـا.تنساش ان البـ.ـنت تعبانه جوه.
-هدوء ايه يابا انت عايز تجنني انت كمان، بقى احنا لسه مخرجنها من بق الأسد دلوقتي
يجي هو يقولي كليه و امتحانات، طب مبنى النيابه و عرفنا نأمنه و نخرجكم منه لان الحكومه كانت معانا و بتساعدنا، لكن هنأمن كلية بحالها ازاي بس يابا.
وقف مالك هو الاخر منزعجاً، هذا الذي لم يعرف الرسوب في حياته يوماً، كيف يرضاه لها بل و يجبرها عليه بأرداته هو.
-يعني اسيبها تسقط يا حامد، اضيع عليها السنه بأيدي.
-مش احسن ما يضيع عمرك و لا عمرها في لحظه، بص انا نازل احسن ما اقول كلام يزعلك، و يرجع ابويا يبصلي.
و هنا تدخل والده بهدوء، ليحد من هذا الأمر المزعج.
-حامد بيتكلم صح يا مالك يا بني.
نظر مالك اليه مستفهماً
-يعني انت كمان يا عمي موافقه في رأيه ده.
-يا بني احنا خايفين عليكم، طب فكر فيها كده مراتك لما تروح تمتحن، هتبقى طول الطريق معاكم و مأمنينها كويس،
لكن بعد كده، ولما تدخل الجامعه لوحدها، هتقدر تدخل معاها وتامنها جوه يا مالك.
جلس على مقعده خائفاً يفكر، هم معهم كل الحق، ألم يرى كثرتهم داخل مبنى النيابة، اذاً كيف سيتركها تلج داخل هذا المكان وحدها.
جلس حامد هو الاخر يربت على قدmه…
-قلبتها في دmاغك، عرفت اني خايف عليكم، قوم يا راجـ.ـل اما ناكل قوم،
وأما ترجعو بالسلامة ابقى حول ليها ورقها و تتعلم عندك هناك في القاهرة، و تبقى تحت عينك أأمن من الخـ.ـو.ف و البهدله اللي انتو فيها دي،
و هي يعني لما هاتعيد السنه مش هاتلاقي وظيفه يا مالك.
-عندك حق يا حامد، انا هاروح بكره أحول ليها ورقها و ربنا يستر بقى، و الله خلصت الورق و لحقت تمتحن هناك كان بها، ملحقتش يبقى تعيد السنه او بلاها تعليم اصلاً بس هي تبقى كويسة انشاءالله.
ابتسم والد صديقه علي حبه لها، و الواضح جداً عليه مردفاً…
-عين العقل يا بني يلا قوم كل لقمه عشان لما تفوق تكون جنبها.
هتف حامد أيضاً وهو يكشف الطعام الموضوع على المائدة بطريقة مضحكة
-قرب يلا يا مالك بسرعه امي عملالك وليمه، إنما قولي صحيح، ايه كمية العلاج اللي طلبتها ليها دي هي حامل و لا ايه.
رفع راسه عن الطعام ناظراً له باندهاش، يعلم جيداً انه جرئ في الحديث، لكن هل يعقل ان يتحدث معه في ذلك الان،
لكن و لما لا ألم تكن زوجته و من الطبيعي جداً ان يرد بخاطرهم هذا السؤال، اه يا شذى لكم اتمنى تلك اللحظة بالفعل.
-ايه يا بني روحت فين، مـ.ـا.ترد على سؤالي يا عم.
مالك منتبه له
-هاه لاء يا حامد هي مش حامل اصلاً احنا لسه متجوزين جديد.
حامد ضاحكاً
-طب يا عم الف مبروك، ونصيحتي ليك بقى مـ.ـا.تفكرش في العيال دلوقتي احسن هيخلوك تكره الجواز بسرعه ههههههه.
❈-❈-❈
جلس بجوارها على الفراش، بعد أن رحل الجميع عنهم و تركوهم، كان قد بدل ملابسه و بدل لها هي أيضاً ملابسها.
وكاعادتهم سوياً رفع رأسها على قدmه، وبدء في تلاوة بعض الايات من سورة ياسين.
شعر بافاقتها وبأصابع يدها المتشابكه في يده
بدmـ.ـو.عها التي تسترسل علي وجنتها بهدوء.
ليصدق على تلاوته ويحاول ان يرفعها الي صدره، لكنها ابت وخبئت رأسها في فخذه، مع ارتفاع صوت شهقاتها.
قرر التمدد بجانبها، حتى يتملك منها ويضمها الي صدره، احتواها بين ذراعيه محاولاً تثبيت رجفة جسدها التي تملكت منها.
-اهدي يا شذى، اهدي يا حبيبتي عشان خاطري خلاص احنا بعدنا عن الخطر، و انتي في حـ.ـضـ.ـني اهو.
شذي برعـ.ـب
-اانا خايفة، هيمـ.ـو.توني، اشرف لما يعرف اني شهدت عليه هايد.بـ.ـحني.
مالك بحـ.ـز.ن من اجلها
-اشرف مين ده اللي انتي خايفه منه كده، اولاً دا واحد مقبوض عليه يبقى مش هيقدر يعملك حاجه.
ثانياً انتي خايفة منه و مش خايفة من ربنا كنت عايزه تكتمي شهادتك يا شذى، طب ما هو انتي بشهادتك برضو مأذيتهوش اهو يبقى تكتميها ليه.
دفعته في صدره بكل قوتها الهزيلة، حاولت النهوض من علي الفراش، لكنها ترنحت في جلستها لتسقط علي الوسادة مرة أخرى.
-ابعد عني سيبني بقى انت ضعيف مش قادر تحمي نفسك حتى، يبقى هاتحميني انا ازاي.
هب واقفاً من علي الفراش، منصدmاً بما تقوله له ابعد كل ما حدث، تنعته بالضعف.
نهرها معنفاً
-بعد كل ده بتشتميني وتقولي عليا ضعيف، لكن هاستني ايه من واحده زيك، عايشة طول عمرها وسط البلطجية و الص… هتقولي عليا انا ايه غير كده.
شذي بصراخ
-ايوه انت ضعيف لولا الشرطه و أهل صاحبك ماكنتش قدرت تحميني، انت كنت مخبي راسك و خايف زيك زيي بالظبط.
مالك بصوت مرتفع يحاول ان يدافع عن نفسه
-انا كنت خايف عليكي انتي، حنيت جـ.ـسمي عليكي عشان خـ.ـو.فت لحاجه تأذيكي،
انتي ماكنتيش حاسه بالازاز اللي بيتكـ.ـسر فوق دmاغك يعني.
-كنت حاسه بضعفك و خـ.ـو.فك بس.
-اخرسسي.
كادت راحة يده ان ترطم بوجهها، ليضمها في قبضة قوية و يتركها و يذهب من الغرفة بأكملها مغلقاً الباب خلفه بقوة.
حاولت الاعتدال ببكاء حار تشهق و تنتحب، لا تعلم اذا كان ما قالته هو الصواب ام انها قد اخطئت في حقه مثل كل مره.
بينما جلس هو بالخارج يفكر في حديثها، اهذه التي كانت تقول له و تمدحه في الصباح بطلها و فارسها الذي تتمناه، ما الذي حدث حتى تغير نظرتها فيه بهذه السرعة.
على كلٍ سيعود بها إلى والدتها، وأن كانت تريد أن تتركه، فالتتركه و يعطيها حريتها، و أن كان قد أخطئ في من يعطيها قلبه كالسابق، فا الله قادر على أن ينسيه حبها هي الاخري.
❈-❈-❈
اشرقت عليه شمس اليوم الثاني و مازل جالساً على مقعده، فاعتزم أمره على أن يذهب إلى الجامعه، وينهي لها أوراقها، ثم يأتي و يأخذها ويغادرو تلك البلده التي هي بالنسبة له مصدر حـ.ـز.نه، ما ان ططئ قدmاه أرضها.
ولج داخل الغرفة، ليجدها مستيقظة، و مع ذلك لم تنظر اليه، ليتفوه أمراً لها.
-حضري نفسك يا هانم ولمى حاجاتنا لحد مارجع، عشان هنسافر على طول.
انفزعت من كلامه و كأن ثعبان قد قرصها.
-نسافر فين و امتحاناتي! انت نسيت اني عندي امتحانات، و لا مش هاتوديني الكليه كمان عشان مش هاتقدر تحميني و خايف على نفسك؟
عجيب امر هذه الفتاه، اتصر ان تثير غضبه، تريده ان يدك عنقها، كيف سيتصرف مع هذه اللعينه دون أن يقــ,تــلها و يريح نفسه و عقله من تلك الثرثارة.
بكل برود اجابها و هو يشلح جرزانه….
-اه يا شذي انا مش هاوديكي الكلية عشان خايف على نفسي، انا مش هاقدر احميكي يا ستي، اصل بالعقل كده يعني واحد دكتور زي طول عمره متربي على الأخلاق و الدين، يحشر نفسه ليه وسط عالم رعاع زي دول
تفتكري هاكسب ايه لما اتصاب و ماقدرش أمارس مهنتي، انا واحد مابيعرفش يمسك في ايده غير أدوات الجراحه عشان اعالج الناس
مش هتيجي واحده زيك على اخر الزمن تخليني امسك سلاح، و اضـ.ـر.ب و اكـ.ـسر عشانها، ليه دا كله ما تولعي يا شذى، هو انا حتى عارف ابقى زوج شرعي ليكي، عشان تجبريني اني احميكي.
اسف يا مدام، انا دلوقتي هاروح الكليه وهاسحب ورقك من هناك و لما نرجع القاهرة هبقي اقدm ليكي هناك.
لتجري خلفه قبل أن يذهب، و تصيح بصوت جاهور.
-اعمل حسابك انك هاترجع مش هاتلاقيني هنا انا هامشي و هاسيب ليك البيت ده.
وقف معطيها ظهره الي ان انهت حديثها ثم هتف…
-طب و على ايه، استنى لما ارجعك لأمك، و اطلقك ساعتها هتبقى حره، وساعتها تقدري تعملي كل اللي انتي عايزاه، انشالله حتى ترجعي تبرئي ابن عمتك ده، و ابقي خليه بقى هو يحميكي.
لقد اخطئت في حديثها معه و الان ستجني ما زرعته.
يقولون ان الايام كفيلة بأن تقسي القلوب، و و تذيب المشاعر.
لكن في حالتها هي كان العكس تماماً، كلما ابتعد عنها زاد تعلقها به، منذ خمسة أيام بعد أن عادو من تلك السَفرة المشئومة، و هي محرومه من لقاء عيناه،
بحجة انه قد انشغل في مشفاه، ليعوض تلك الأيام التي ابتعد عن مرضاه فيها، حتى مجرد مكالمه عبر الهاتف قد حرمها منها، و من سماع صوته.
حزينه مكتئبة وحيدة، برغم انها تنام يومياً في حـ.ـضـ.ـن والدتها، الا انها عادت الي إغلاق الغرفه عليها طيلة النهار، و المكوث وحدها.
و هذا ما لم يعجب السيدة مجيدة، و اجبرها ان ترتاب في أمرهم، و بالخصوص بعد أن هاتفتها السيدة فاطمة، و حكت لها كل شئ من وقت وصولهم إليها، الي ان عادو الي ديارهم.
و بعد أن اغلقت معها الهاتف، نظرت الي شقيقتها متسائلة…
الحاجة مجيدة بأنزعاج
– بـ.ـنتك مالها يا ماجدة؟
ماجدة بعدm فهم
-و النبي مانا عارفه يا اختي، من يوم ما رجعو من السفر، و ابنك سابها و راح المستشفى،
، و هي طول الليل نايمه، و اول ما يطلع علينا النهار تجري على اوضتهم، و تكمل نوم، و لا راضية تاكل ولا تشرب.
الحاجة مجيدة
-و التاني ده اللي من ساعة ما رجع و رمى الشنط من ايده في نص البيت و ماشوفناش وشه بعدها،
و كل ما اتصل عليه يا يصدرلي صاحبه، و يقولي دا في العمليات، يا يرد عليا هو بكل برود و يقولي، اقفلي يا ماما انا مشغول.
ماجدة بشهقة
-يعني انتي قصدك ايه، يا لهوي لا يكونو اتعاركو يا مجيدة.
انتفضت مجيدة من علي اريكتها، قاصدة الصعود الي الاعلي
-لسه واخده بالك يا ام المفهموية.
دفعت الباب و ولجت إليها أمره
بت يا شذى اتعدلي كده ياختي و قوليلي مالكم في ايه
تفاجئت تلك التي تبدل حالها من سئ الي اسوء، و هذا ما ظهر على جسدها الذي كان بالسابق مرمرى، الان أصبح هزيل،
و شعرها التي كانت تعتني به ليصير خلف ظهرها كشلال من الشيكولاته، الان صار اشعس ملبد.
بماذا ستجيبها الان، هل تقول لها بأنها رفضت تلك الهديه التي منحتها لها، هل يعقل ان
تقول لها بأنها سبته، ذلك الذي تفتخر به والدته أمام العالم اجمع، هي و بكل بساطة نعتته بالجبان.
الحاجة مجيدة بقلة صبر
-ما تنطقي يا بت مالكم انتو الاتنين، من يوم ما رجعتو ياختي و انتو حالكم ملخبط ليه.
شذي بصراخ كعادتها، حتى تهرب من ذلك المأذق
-ماعرفش يا خالتو ما تسألي ابنك، جاية تسأليني انا ليه.
-و هو فين ابني يا جلابة المصايب انتي، ما انتي طفشتيه يا بت، خربتيها و قعدتي على تلها يا بـ.ـنت ماجدة
انطقي و قولي حصل بينكم ايه في سفرية الشوم دي، الا و ربي و ما اعبد ما هاضـ.ـر.بك الا بالشب…
وقفت على فراشها تصرخ و تصيح فيها
-بطلو ظلم في شذى بقى شوية حـ.ـر.ام عليكم
هو كل اللي عايز يطلع غلبه، يجي يطلعه في شذى، امـ.ـو.ت نفسي عشان ارتاح و اريحكم كلكم منييييي.
-شذييييييييي
تصنم جسدها في مكانه الان، بعد مرور خمسة أيام، مرو عليها كأنهم خمسة أعوام،
قد عاد لها حبيبها، صحيح ان وجهه عابث، و ملابسه غير منمقة و ذقنه غير مستوية، هيئته بالكامل تدل على مدى حـ.ـز.نه و انه مثلها تماماً و يزيد عليه تعصبه الأعمى من جهة امه،
لكن فليفعل بها ما يريد، و ان اطاح بها في الحائط سترضي حتى يصفح هو عنها.
وقف ينظر إليها بعين تتصنع الجمود، لكنها بالفعل كانت مشتاقه الي رؤياها، يحسب ان ابتعاده عنها ساينسيه عشقها، لكنه ما جني سوي عـ.ـذ.اب الاشتياق الي تلك الموجه الزرقاء الحزينه.
لتخرجه من أفكاره خالته التي ولجت من خلفه و تخطته، لتحاول انزالها و تهدئة الموقف.
ماجدة مجتذبة ابـ.ـنتها من علي الفراش
-انزلي يا شذى مالك رجع اهو، انزلي يا بـ.ـنتي ولو في حاجه مزعلاكي قوليها بهدوء.
انزلقت من علي الفراش باكية عيناها متعلقة به، لكنها لا تقوى على التحدث.
ليصدmها هو بحديثه الغاضب…
-اعتذري حالاً لأمي
فاضت أمواج عيناها على وجنتيها، و من كثرة اغرورقهم باتت رؤيتها مشوشه.
كما دهشو هن الاثنتان أيضاً مما تفوه به
لتهتف والدته
-انا لا عايزة اعتذار و لا ني…
انا عايزة افهم انتو ايه اللي صابكم هناك.
مالك محزراً
-اسكتي يا أمي لو سمحتي، و انتي…
قسماً بدين الله لو ما اعتذرتي لأمي دلوقتي حالاً لتكوني طالقه و بالتلاته كمان.
شهقة جماعية خرجت من ثغرهم، هل يصل به الحد بأن يهددها بهذه الطريقة المهينة.
لكن لا هي عاشقة لقلبه نعم، لكنها أيضاً لديها كبرياء و عزة نفس، تصعب عليها ان تطيع أمره و ليفعل ما يريد، حاولت تخطيه ضاربة بما يقول عبر الحائط.
لكنها عجزت عن الحركة، حين قبض على معصمها ، ليستشعر نبض قلبها الذي يدق كاطبول الحرب، بكفه الذي يكاد ان يسحق عظامها فيه أمرها مرة أخرى.
بقولك اعتذري لأمي .
أدارت رأسها و بدmـ.ـو.ع منهمرة قالتها
-انا اسفة يا خالتو.
نفض ذراعها من يدها و هو يصيح
-غو.. من هنا مش عايز اشوفك قدامي طول مانا في البيت..
تلقت اهانتها و ترجلت سريعاً قاصدة غرفة والدتها، التي وقفت تنظر اليه بأندهاش، لتهمس بكـ.ـسرة قلب أم.
-كده يا مالك هي دي الأمانة، اللي أأتمنتك عليها.
انضمت إليها شقيقها تحاول أن تشـ.ـد من ازرها ولو قليلاً.
-ماكنش له لزوم دا كله يا بني، البت من يوم ما جيتو و هي حابسة نفسها، و انا كنت بحاول افهم في ايه بينكم، فاضغط عليها شوية عشان تتكلم.
-كفاية بقييييي
صرخ بها مالك و هو يجلس على الفراش واضعاً رأسه بين راحتي يده.
-ممكن تبطلو تدخلو في حياتنا شوية.
الحاجة مجيدة معنفه ابنها
– يعني ايه يا واد انت، عايزنا نشوفكم كده و نسكت.
-اه تسكتو و مـ.ـا.تدخلوش في حياتنا، سيبونا في حالنا بقى، احسن و عزة و جلال الله أطلقها بجد.
ماجدة مترجلة بغضب
-لاء و على ايه، كتر خيرك يا بني.
و قبل ان تتفوه والدته بكلمه واحده، فاجئها هو
-مالكيش دعوة بشذي يا أمي، و من فضلك مـ.ـا.تحوليش انك تدخلي في حياتنا.
-حايتكم و هي فين حياتكم دي بلا خ…. عليك و عليها.
تركته و ذهبت هي الاخري، ليجلس هو بوجهٍ مفعم بالوجوم، يحبها لأبعد الحدود و لا يقوي ان يجبرها على حبه ابداً.
❈-❈-❈
ولجت إليها والدة زوجها، رأتها لازالت على حالتها، كل ما تبدل هو الفراش الذي تجلس عليه و عينها جاحظة ناظرة للأمام ، بينما تجلس في منتصفه صامته تماماً.
اردفت إليها والدتها بخـ.ـو.ف
-يا بـ.ـنتي ردي عليا ايه اللي جرالك بس، اتكلمي يا شذي.
ضمتها خالتها الي صدرها بهدوء، و الغريب انها لم تردها عنها لتحدثها و يدها تملس على ظهرها بحنان.
-مـ.ـا.تزعليش يا روح خالتك، حقك عليا انا، يا بت انا خايفه عليكم، نفسي اشوفكم مرتاحين، لكن انتو من يوم ما اتجوزتم و انتو علطول في خناق و نقار مع بعض.
-دي مابتتكلمش يا مجيدة، حتى عيونها لابترمش و لا بتدmع، البت مالها يا مجيدة.
كانت هذه ماجدة التي لم تحيد نظرها عن ابـ.ـنتها.
مجيدة ناهرة شقيقتها التي بدأت في العويل
-اسكتي يا ماجدة انتي هتخضيني على البت ليه، ماهي زي الفل اها ياختي، سيبيها انتي بس تنام شوية و هي تقوم زي الفل.
مددتها في الفراش، و دثرتها جيداً على أمل انها تنام، و اشارت الي اختها بأن تتبعها للخارج.
ترجلو سوياً مغلقين عليها الباب، تاريكنها وحدها، ليروه قد بدل ملابسه، متجهاً للأسفل.
اوقفته والدته بهدوء ساخر
-على فين العزم انشاء الله.
مالك ناظراً لهم بطرف عينه، مجيباً بجمله واحده.
-رايح لأبويا في التكية.
تمسكت ماجدة بذراعة لأيقافه قبل أن يرحل:
-مالك ادخل بص على شذى، البت مش بتنطق و عنيها مفتوحه على آخرها، حتى دmـ.ـو.عها نشفت.
نفض يده من يدها، ونظر الي باب الغرفة الموصود عليها بصمت، ثم تركهم سريعاً متجهاً للأسفل.
❈-❈-❈
ذهب إلى والده بوجهٍ محتقن من الدmاء النافرة في عروقه.
و بعد التحية و السلام، جلس مع والده يباشرون الطهاه و هم يعدون الطعام الذي سيوزع على سكان الضريح.
لكن لم يغفل الشيخ حسان عن رؤية ابنه هكذا ليسأله….
-شكلك مش مبسوط، حاسس انك شايل هم كبير، احكيلي فيك ايه.
نظر مالك إلى ابيه مطولاً ثم انحني بجزعه للأمام يفكر بصوت مرتفع…..
-انا هاشتري من حسام بيت جده اللي قصادنا.
ضم الشيخ حسان حاجبيه بعدm فهم ثم هتف:
-تشتري من حسام بيت جده ليه هو احنا بيتنا صغير يا بني؟
-و هو انا هاشتريه ليا.
-اومال لمين يا مالك؟
-هاشتريه لخالتي ماجده و شذى.
-طب هاشتريه لخالتك، و مفهومه دي، إنما مراتك عايز تشتريه ليها ليه، قصدك يعني تكتبو بأسمها عشان تضمن حقك فيه.
-لاء مش قصدي كده خالص على فكرة، حق ايه يا ابويا اللي هدور عليه، اذا كنت انا اللي هاشتريه.
اردف الشيخ حسان منزعجاً من ثرثرة ابنه الذي يقول كلام غير مفهوم.
-يا بني انت عمال تقول كلام غريب، مش فاهم منه حاجة، ايه اللي هاتشتري بيت صاحبك لمراتك و امها، طب هتكتبه بأسمك عشان تضمن حقك،
لاء حق ايه مش عايز حقوق، طب ما تفهمني زي الناس العاقلين ما بيتكلمو، قولي انا هاروح اشتري البيت عشان كذا، قول المعلومه على بعضها يا مالك.
-انا هاطلق شذى…..
قالها بسرعة، لدرجة ان ابيه لم يتفهم ما قاله
لينتبه له قائلاً
-عيد كده اللي انت قولته ده تاني.
احنى رأسه بحـ.ـز.ن جم و همس بخزي
-مش مصدقني و لا ايه، بقولك هاطلق شذى.
اندهش الشيخ حسان قائلاً….
-طب ليه، مانا كنت بقولك كده من الاول وانت تقولي لاء.
-حسيت انك عندك حق في كل اللي قولته، هي مش زيي، و طبعها غيري، و حياتها مختلفه بالكامل عن حياتي، فاقولت كده هيبقى احسن ليا و ليها.
فرحه عارمه اكتست وجه الشيخ حسان، ليربت على ظهره قائلاً.
-عين العقل يا مالك، بس لو ناوي فعلاً تعمل كده، يبقى تستنى لحد ما تشتري البيت وتوضبه ليهم، و اهو يكون مر شهر و لا حاجه و بعدها ابقى طلقها، اصل دي سمعة بـ.ـنت يا بني و الناس برضو ليها الظاهر
هيقولو طلقها ليه، و هما لسه مامرش على جوازهم غير شهر
وافق اباه الرأي، و اتفقوا سوياً الا تأخذ والدته خبر بهذا الحديث، و إلا ستعترض و بشـ.ـدة او ربما تبتعد عنهم، و تفضل الجلوس مع شقيقتها.
ليتفاجئ من اتصالها على هاتفه، نظر الي والده، و فضل رفض المحادثه معها، لكنها أصرت ان تزيد من اضطراب اعصابه، معلنه الاتصال مره اخرى.
ليجيب هو بصوتٍ شبه مرتفع….
-الو في ايه يا أمي عماله تتصلي بيا ليه؟
الحاجة مجيدة موبخه له
-في ان مراتك لا بتصد ولا بترد يا مده.. انت عملت ايه في البت خلاها توصل للحاله دي،
البت مسبله عنيها لا بتدmع و لا حتى بترمش، و لا راضية تتكلم و ترد على حد فينا يا مالك.
بكل هدوء عكس ما في داخله اجابها
-و حضرتك عايزانى اعملها ايه بقى، اسيب كل حاجه ورايا و اجي اقعد بيها عشان ترتاحي،
و لا تحبي اسيب مهنة الطب و اشتغل دادة للأميرة شذى عشان اقدر ابسطها و اخليها ترضى عني؟
-يخيبك
كان هذا اللفظ المناسب الذي وجدته السيدة مجيدة لتجيب به ابنها المتعجرف.
لتكمل بأحباط
-يا بني تعالي شوف البت فيها ايه، دي شكلها كده يقطع القلب، و امها هاتمـ.ـو.ت نفسها من العـ.ـيا.ط عشانها.
تأفف بنفاذ صبر مردفاً
-حاضر اقفلي التليفون و انا هاطلب ليها دكتور و اجيبه و اجي.
لتوقفه قبل أن ينهي المكالمة بسرعه
-وتجيب ليها دكتور غريب ليه بس، مـ.ـا.تيجي تكشف انت عليها دي مراتك يا ولاااا.
مالك مستغفراً
-استغفرك ربي واتوب اليك، ممكن تقفلي يا أمي لو سمحتي.
❈-❈-❈
عاد بالطبيب النفسي الي المنزل، فهو يعلم جيداً ان ما بها ليس بمرض عضوي،
لكنه فضل الا يلج معه إليها، حتى لا يرق قلبه لها، و ظل واقفاً بالخارج منتظره.
الي ان وجد والدته تترجل اليه سريعاً، تسحبه من يده معها للداخل.
مالك محاولاً ايقافها
-استنى يا أمي انتي سحباني كده على فين.
الحاجة مجيدة بغضب
-سحباك على جوه يا حيله عند مراتك ادخل يا خويا ادامي الدكتور طالبك عنده.
اغمض عينه بتنهيدة يزفر بها شوقه لها، ثم اومئ برأسه و ولج اليها.
كانت نيران شوقه و قلقه عليها تشعل لهيب قلبه الذي احتراق بأكمله، و هو يرى وجهها الشاحب، عيناها المنفرجة على آخرها ، و بالرغم من ذلك يعلم انها لا تراه.
نظر اليه الطبيب و تحدث معه بلغتهم، حتى لا تفهم كل من والدته و والدتها ما يقولونه، ليهمس لنفسه بهدوء.
-كنت عارف
استمعت ماجدة لما همس به، اردفت ببكاء متمسكه بعضضه….
-هو ايه ده اللي كنت عارفه يا مالك، مـ.ـا.تفهمني بـ.ـنتي فيها ايه.
مالك مزمجراً
-ممكن تهدي شويه، مافيش
حاجه لده كله يعني.
-طب قولي هي ليه مش بترد عليا، طب قولي انت يا دكتور، حد يطمني عليها طيب.
مالك أمراً لهم
-ممكن تخرجو بره دلوقتي، و لما الدكتور يخلص كشف هقولكم على كل حاجه.
أمسكت شقيقتها بيدها، و اجبرتها على الترجل معها ، و وقفت تحاول أن تهدئها، الي ان ذهب الطبيب و معه مالك و دلفو سوياً اليها،
ضمت ماجدة ابـ.ـنتها بين ذراعيها تربت على حجابها و ذراعيها باكية على كل ما تقاسية في حياتها، همت مجيدة تعاتبها على بكائها.
-بتطعيتي ليه دلوقتي بس، ما انتي سمعتي الدكتور و هو نازل قال ايه.
ماجدة رافضة حديثها
-ماليش دعوه بالي قاله،
انا ليا بـ.ـنتي واللي هي فيه ده، يا ريتك ما جوزتيها لابنك يا مجيدة، بقى هي دي شذى، الورده المفتحة فاجئة كده وشها يدبل و تنطفي، يا ريتهم ما اتجوزو يا ريت.
-حاضر يا خالتي، بأذن الله اول ما بـ.ـنتك تخف هاعمل ليكم اللي انتو عايزينه.
هبت مجيدة واقفة بعين كالجمر و اذا بها
تفزعهم بصوتها العالي…
-بس انت و هي اخرسو خالص، و انت حسك عينك اسمعك تقول الكلمه دي تاني مره،
و انتي يا ختي سيبي البت لجوزها يديها علاجها، و اطلعي قدامي و حسابنا بره مش هنا.
ماجدة رافضة
-لاء مش هاسيب بـ.ـنتي لحد، ما كانت معاه و هو اللي عمل فيها كده، و لازم يقولي حصلها ايه.
مد مالك يده بحقيبة الدواء لها و اردف
-مـ.ـا.تسيبهاش خليكي معاها زي مانتي عايزة، بس لازم ت عـ.ـر.في ان بـ.ـنتك عندها اكتئاب هو اللي خلاها رافضة الحياة وسطنا. و الهروب بالطريقة دي.
قال كلمته و تركهم وحدهم و ذهب إلى مكانه المفضل، محاولاً ان يهدء من نبضات قلبه التي تتقاذف سريعاً كعقرب الثواني.
جلس بجانب الضريح يناجي ربه بأن ينجيها من ازمتها هذه.
يعلم انها تريد الهروب من حـ.ـز.نها، خائفة من ان ينفذ ما قاله لها، لا تعلم انه يتمزق اكثر منها و شوقه إليها يقــ,تــله مثلها تماماً.
❈-❈-❈
اخيراً اسدلت أهدابها و غفيت بعد أن اعطتها والدتها دوائها، لتتفاجئ بشقيقتها التي زجتها امامها لتخرجها من الغرفة بأكملها.
ماجدة متحديها بوجه متهجم
-بقولك ايه يا مجيدة ابعدي عني الساعة دي، انا مش ناقصني خناقك و صوتك العالي، كفايه عليا بـ.ـنتي واللي هي فيه.
مجيدة مؤكدة بهدود
-ايووووة اللي هي فيه، هو دا بقى مربط الفرس يا بـ.ـنت ابويا.
-قصدك ايه يعني؟
-قصدي ياختي اقولك ان اللي بـ.ـنتك فيه ده، أساسه انتو جاين لنا بيه، و الواد يا عين امه حماها و دافع عنها، و شال همها من يوم ما اتجوزها،
لكن تيجو كل شوية، و ترمو بلاكو عليه، دا بقى اللى مش هاسمح ليكم انتي و بـ.ـنتك بيه ابداً.
ماجدة ساخرة
-نرمي بلانا عليه! لاء كتر خيرك يا ختي، بس اطمني اول بـ.ـنتي ما تخف من اللي هي فيه ده، انا هاخدها و امشي.
مجيدة بنافذ صبر
-تخديها و تمشي على فين يا ختي هو انتو ليكم مطرح تاني تروحه، و لا ناويه ترجعي للي عايزين يقــ,تــلو بـ.ـنتك، اللي هي أساساً في عصمة راجـ.ـل، و مـ.ـا.تقدرش تروح في حته من غير ما تقوله.
ماجدة منهية الحديث، والجة الي غرفة ابـ.ـنتها
-لاء اطمني ان كان على ابنك هو قالها بعضمة لسانه، هايطـ.ـلقها يا مجيدة.
❈-❈-❈
عاد الي المنزل في تمام العاشرة، ليجد والدته تجلس بانتظاره بمفردها، ليلج إليها و هو يعلم جيداً ما يدور برأسها.
مالك بوجه حزين
-السلام عليكم يا أمي.
مجيدة ناظرة آليه بجمود
-و عليكم السلام و الرحمه يا شيخ مالك، يا طبيب الغلابة، يا ساكن الضريح، يا حافظ كتاب ربنا….
مالك زافراً بغضب
-اممممم هانبتدي بقى، خير يا أمي، لازمته ايه الكلام ده.
-لازمته حالك المايل يا عين امك، لازمته مراتك المرمية فوق و تايهة في ملكوت تاني،
و حضرتك بدل ما تحاجي عليها، و تخرجها من اللي هي فيه، ال ايه عايز تطلقها، ياخي جاتك طلقه في دmاغك انت و هي تخلصني منكم انتو الاتنين.
انفجر مالك ثائراً رغماً عنه
-ارحميني بقى يا أمي، تقدري تقوليلي اتمسك بيها ليه اذا كانت هي مش عايزانى.
مجيدة بغضب
-هي قالتلك كده، لاء شذى لا يمكن تقول كده انا عارفه دا كويس، هي بتحبك يبقى ازاي تبقى عايزة تسيبك بس.
مالك مؤكداً متذكراً ما حدث بينهم
-لاء صدقي، مع أول مشكله حصلت بنا قالتها.
-مشكلة ايه دي بقي اللي تخلي مراتك تقولك حاجة زي كده.
لن يجرؤ ان يحكي لها ما حدث، فبرغم من ثقل ما قالته له، لكنه يعلم انها ستنزعج كثيراً، ان لم تهب واقفة صاعده إليها و مبرحاها ضـ.ـر.باً.
-مافيش يا أمي كل الحكاية اننا بعد ما خلصنا حوار النيابة ده و نجينا منه بأعجوبه، خـ.ـو.فت عليها لما تروح الكليه عشان تمتحن،
وانها هتبقى لوحدها هناك و مش هاقدر اخد بالي منها، فروحت الكليه و سحبت ورقها عشان أقدm ليها هنا، و تبقى تعيد السنه مش مشكلة يعني، بس للأسف الهانم ماعجبهاش الكلام ده و طلبت مني اني اسيبها.
-وطبعاً حضرتك بدل ما تفهمها، قولتلها هاطلقك واتخـ.ـنـ.ـقت معاها مش كده.
-واحده بتقولي هاسيب ليك البيت و هترجع مش هتلاقيني فيه، اقولها ايه؟
قولتلها استنى لما ارجعك لوالدتك، و انا هابقي اطلقك.
مجيدة مشتعلة من الغضب
-انت ايه يابني ادm البرود اللي بتتكلم بيه ده، يعني حتة عيلة لسه مش عارفه تاخد قرار صح في حياتها،
اول مـ.ـا.تقول كلمة تزعلك، تقولها هاسيبك و اطلقك، دا انا قايله ليك ومنبهه عليك تكون ليها اب قبل ما تكون زفت زوج.
-ما هو عشان اكون ليها اب، مش لازم اكون زوج ليها غـ.ـصـ.ـب عنها.
-لاء لازم يا بني افهم بقى، الاب مش دايماً بيبقى حنين، ساعات بيرفض و يقسي عشان يربي و يعلم و شذى لسه صغيرة معندهاش خبره في التعامل يا مالك،
و اللي شافته من عيلة ابوها مش شوية برضو، يبقى مـ.ـا.تجييش انت بقى و تزود عليها.
ابتسامة صفراء ارتسمت على ثغره، كيف يقول لها، ان زوجته الصغيرة قد فضلت عليه تلك العائلة، و ذلك المجرم،
لكنه لم يقول شيئاً سيظل صامتاً كاتماً جـ.ـر.حه في قلبه الي ان تتعافى و يفعل ما يصر عليه، ليصرح قائلاً
-اول ما تشـ.ـد حيلها ابقى خديها تحضر الدرس و خليها تحفظ قرأن يمكن ده يريح نفسيتها شوية.
مجيدة بتعجب
-طب ما تاخدها انت وتعلمها انت، و لا ناوي تفضل باعد نفسك عنها كده.
وبعد أن أنهى حديثه معها تركها تتعجب منه، صعد الدرج وتوقف أمام غرفتها و قلبه ينشـ.ـد بلحن اسمها،
يريد الولوج إليها حتى يطمئن قلبه عليها، لكنه سيتقابل مع والدتها أيضاً، و ربما يتفاقم الأمر بينهم اكثر من ذلك.
ضم قبضة يده بقوة حتى نفرت عروقه، و اتجه نحو غرفته مغلقاً بابها عليه بخيبة امل.
❈-❈-❈
و في تمام الخامسه و الربع، اصدح صوت المأذن يعلو في الارجاء معلنة عن اذان الفجر،
كانت هي مستيقظة بجانب والدتها الغافية لا تشعر بها، انزلقت من جوارها و كأنها مبرمجه على ما تفعله،
فتحت الباب بهدوء و اتجهت نحو غرفتهم، لتجد امامها حبيبها يسجد لربه، و يؤدي صلاته في خشوع تام.
انتظرت قليلاً الي ان انتهى، و كأنها اعتادت على شئ تفتقده بشـ.ـدة الان.
وثبت على ركبتيها جالسة أمامه تنظر إليه بنظرة ألم، وكعادتها تكورت على نفسها أمامه أخذة وضع الجنين، وضعت رأسها على فخذه تريد أن تريح قلبها و لو لبضع دقائق.
تنهد بقلة حيلة، لا ينكر انه فرح من داخله للجوئها لهذه العادة الجميلة بينهم، وضع
راحة يده على وجنتها يربت عليها بخفه، و بدء يتلو ايات الله الحكيم.
نظراً لكبر سنها و مرضها المزمن ، هي لا تقوى على الاستيقاظ مبكراً لتؤدي صلاتها، فبالله من هذا المزعج الذي قاده القدر حتى يأتي و يدق بابها الان.
رفعت السيدة مجيدة جزعها العلوي، نافضة غطائها من عليها، تصيح بصوت جاهور.
-الله يخرب بيتكم، اروح ارتاح منكم فين دلوقتي،
اذا كان الراجـ.ـل الكبير بيخاف يعمل صوت و هو قايم من جانبي عشان مايصحنيش، تقومو انتو تيجو و تخبطو عليا دلوقتي.
اتاها صوت شقيقتها المفزع من الخارج
-افتحي يا مجيدة، الحقيني يا اختي.
ضمت السيدة مجيدة حاجبيها واستندت بيداها على الفراش الي ان وقفت من عليه وهي تهتف.
-يا لهوي ماجده ادخلي يا بت، ايه اللي حصل يا اختي.
دفعت ماجده الباب فاتحه اياه، لتفزع شقيقتها بالرعـ.ـب الواضح على وجهها.
-الحقيني يا مجيدة البت اختفت.
ضـ.ـر.بت الحاجه مجيدة يدها على صدرها بشهقة
-اختفت يعني ايه هي مش كانت نايمه جانبك يا مده…. انتي.
ماجدة بدmـ.ـو.ع غزيرة
– ايوة طول الليل و هي نايمة جانبي، و حاسه بيها لحد ما المنبه ضـ.ـر.ب قومت عشان اديها علاجها و اصلي الفجر،
لكن مالقتهاش، قولت يمكن نزلت لوحدها الحمام و مارضيتش تصحيني، جريت عشان اشوفها فيه بس برضو مالقتهاش.
الحاجة مجيدة فارضة حسن النية
-طب اهدي يمكن قاعدة لوحدها في ركن هنا ولا هنا، و لا دخلت اوضتها تنام فيها.
ماجدة نافية
-انا دورت عليها في كل حته، و مالك جوه في اوضتهم انا سامعه بيقرأ قرأن يعني لو كانت دخلت ليه كنت هاسمعه بيكلمها.
مجيدة موبخها على تشاؤمها هذا
-انتي هاتقفيلها في وشي و تقعدي تندبي ليه، وسعي اما اقول لجوزها واخليه يلحق يشوف البت راحت فين.
اندفعت كالسهم نحو الخارج، و هي من خلفها و اتجهت الي بابه قاصدة فتحه دون استئذان،
و قبل ان تتفوه أحدهن بكلمه، تنفسو الصعداء وهم يروهم على هذا الوضع، هي غافية على قدmه، و هو يتلو القرأن بصوت عـ.ـذ.ب.
اردفت مجيدة مبتسمة بمحبة لهم
-اطمنتي على بـ.ـنتك يا ماجدة، اهي دورت على امانها و جات نامت في حـ.ـضـ.ـنه اها.
جففت ماجده دmـ.ـو.عها براحة يدها، وابتسمت لهم هي أيضاً بفرحه
-ايوة اطمنت يا اختي ربنا يريح بالهم و يطمنا عليهم دايماً يا رب.
صدق مالك على آياته و التفت إليهم بانزعاج هامساً
-انا بقى اللى خلاص فاض بيا منكم ومن فضولكم انتو اللي الاتنين، ثم على صوته فجاءه….
ممكن تقفلوا الباب ده وتسيبونا في حالنا بقى شويه، اطلعوا برررررره…
انفزعت السيدتان و زجوا بعضهم للخارج سريعاً و هم يضحكون، لتهتف مجيدة في اختها.
-ادخلي نامي يا ماجدة، و ا عـ.ـر.في ان مافيش حد في الدنيا دي هايحب بـ.ـنتك و يخاف عليها اد مالك، و ادعليهم يا حبيبتي ربنا يهدي سرهم.
ماجدة موافقاها الرأي مؤمنة على كلامها
– امين يا رب يا مجيدة ياختي.
انتفضت الجميلة الغافية، أثر صياحه و غلق الباب بقوة، لتفتح عيناها و تعتدل جالسة ضاممة نفسها بخـ.ـو.ف الي صدره متشبثة جيداً بكنزته الرياضية و بدء جسدها يرتجف.
مالك مهدئاً لها
-بس اهدي يا شذى، مافيش حاجه انتي معايه و في حـ.ـضـ.ـني اهو.
رفعت وجهها قليلاً لتتقابل ماستيها مع بندقيتيه..
حتى تطمئن، هي معه هو حبيبها امانها و مالك قلبها، تنهدت و اغلقت عيناها و اراحت رأسها على كتفه.
حملها بين يديه، و اتجه بها نحو الفراش، مددها عليه، و حاول فك يديها من حول عنقه لكنه فشل، لتجبره على التمدد بجوارها رغماً عنه، و هو يتأفف ليهمس في اذنيها.
-مـ.ـا.تفتكريش ان كده ممكن اسامح او ارجع عن القرار اللي اخدته، اللي قولته هانفذه يعني هانفذه يا شذى.
كأنها طفلة صغيرة تصرخ رافضة ما يقوله لها أباها، غمرت وجهها في صدره، ليشعر بغزارة دmـ.ـو.عها على كنزته، فتنهد و انزل يدها من علي عنقه، ليلفها حول خصره قاصداً ان يضمها بقوه اليه، ليحاول ان يفهمها.
شذى كفاية بقي انا بجد حاولت كتير معاكي، بس زي ما انتي تعبانة انا كمان تعبان جداً و مابقتش قادر اتنازل اكتر من كده، و متهيألي
اننا لما نسيب بعض، اقدر اخد بالي و اكون جانبك بصفتي ابوكي او حتى اخوكي الكبير يا شذى.
-للللاء
أخيراً خرج صوتها الممتلئ بالاهات و الشهقات، رافضه ما يقوله او حتى مجرد التفكير فيه.
-مش عايزاك ابويا، و لا حتي اخويا، عايزاك تفضل حبيبي و جوزي، اوعي تسيبني او تبعد عني، ااااانا اسفه.
لتمس قلبه بكلمتها التي لا يستطيع ردعها ابداً.
-حبني
اغمض عينيه بقوه، متنفساً الصعداء، واضعاً يده خلف رأسها قاصداً ضم وجهها الي صدره بقوه هامساً لها.
-نامي يا شذى، و من بكره بأذن الله هاتبدئي تحضري الدروس اللي قولتلك عليها.
اومئت له برأسها متوهمه بأنه قد عفي عنها
-حاضر، بس انت مـ.ـا.تسيبنيش.
❈-❈-❈
نائمه في فراشه براحه تامة، مستمدة الراحة و الامان لمجرد استنشاقها رائحته، فتحت عيناها تبحث عنه بشوق، لتصتدm بالواقع الأليم، امانها غير موجود!!
انفزعت برعـ.ـب من مخضعها و هي تتفقد الغرفة بأكملها، تبحث عنه و لم تجده.
جرت للخارج تصرخ بأسمه تريده هو لا غيره،
ترجلت على الدرج سريعاً، تكاد تتعثر عليه من شـ.ـدة سرعتها.
لينفذعوا و هم جالسين من صوتها و شكلها،
فهي تترجل بمنامته الشتوية ذات الاكمام الطويلة لكن بنطالها ضيق و ملتصق جداً بقدmها، وشعرها مفرود على ظهرها وغير مرتب.
وعلى اخر درجتان من السلم، سقطت على وجهها.
ليجرو عليها والدتها و خالتها قاصدين إيقافها.
ماجدة بشهقة
-اسم الله عليكي يا حبيبتي، حاسبي يا شذى كده برضو يا بـ.ـنتي.
شذي بصراخ
-مالك فين يا ماما؟
مجيدة ساخره منها ضاممه اياها الي صدرها
-احمدي ربنا انه راح شغله و ماشفكيش وانتي نازله كده، و الا كان زمانه ماطلع جننوته عليكي.
ليصيح الشيخ حسان و هو يرحل خارج البيت قاصداً تعنيفها
-و لا كان هيتأثر مالك طول عمره مايعجبهوش الحال المايل، و خلاص فاق
من الغومه اللي كان فيها.
لم يفهمو ما يقوله، و بالأصح لم يهتموا بما يقوله كثيراً، لكنها تفهمت عليه، لتنهار بالكامل و تعود لصراخها، و جذب شعرها كالمعاتيه…
-انا عايزة مالك، عايزاه يجي.
وقفت والدتها تحاول تهدئتها، بينما فتحت خالتها الاتصال بينها و بين ابنها.
أجاب مالك الاتصال و هو بزي العمليات، مستعد لإجراء جراحه عاجله.
-الو ايوه يا امي
السيدة مجيدة برجاء
-مالك سيب اللي في ايدك و تعالي بسرعه، شذى من ساعة ما صحيت من النوم، و هي عماله تصرخ وتنادي عليك،
و لما عرفت انك مش موجود، عمالة تصرخ وتشـ.ـد في شعرها و منهارة على الاخر.
مالك باندهاش
-دا على اساس اني قاعد في البيت اللي جنبكم، اقفلي يا أمي، و قولي للهانم اني مش هاسيب شغلي، و اشتغل دادة ليها.
مجيدة محاوله استعطافه
-طب حتى قولها كلمتين هديها بيهم يا بني عشان خاطرها يا مالك دي شذى برضو يا ولاا.
اه يا شذى يا من يرى الجميع كيف احبك، لكن انتي تغلقي عينك و تطلبيه دائماً.
مالك بهدوء
-افتحي الكاميرا زي ما علمتك و اديها الموبايل يا أمي.
مجيدة بموافقة
-حاضر يا حبيبي،
فعلت مثلما قال و اقتربت منها، ليراها على وضعها هذا و يستمع الي والدته التي تحاول تهدئتها،
-بس يا حبيبتي امسكي التليفون، بصي مالك اهو يا شذى.
صمتت عن صراخها ملتفته الي ما في يدها، لترى حبيبها عبر شاشة الهاتف، لتردف هامسة و هي تعض على طرف اصباعها.
-مالك.
اغمض مالك عينيه يحاول الا يثور عليها:
-ممكن افهم ايه اللي انتي عاملاه في نفسك ده، هو انا مت يا شذى.
شذى ببراءه
-لاء انت سيبتني.
مالك منزعجاً
-سيبتك وروحت فين انا في شغلي، وعندي عمليه مهمه دلوقتي، ومش ناقص ضغط على اعصابي، ممكن تبطلي بقى صريخ و عـ.ـيا.ط، و تاخدي علاجك و تفطري يا شذى.
شذي كاتمه صراخها
-تعالي يا مالك، انا خايفه مـ.ـا.تسبنيش لوحدي.
مالك مهدئاً لها و لنفسه
-هاخلص شغلي و اجي، بس يا ريت انتي بقى تسمعي الكلام و تاخدي العلاج بتاعك.
ما كان منها الا ان تطيع أمره، لكنها انزعجت لأنه لم يعقب على مظهرها، ظنت ان والده قد صدق في قوله
فهمت واقفه من علي الدرج لتظهر له جسدها بالكامل.
ليلفت نظره جلوسها على الدرج بالأسفل، و بهيأتها الخاصه به هو فقط.
مالك بصوت مرتفع
-ثانية واحده كده، انتي نازله لحد تحت بالبيجامه، و بشعرك كمان يا شذى.
الأن تهطل دmـ.ـو.عها على وجنتيها، لا لأنزعاجها بل فرحاً لألتماسها غيرته عليها.
مالك بزمجره
-انتي لسه واقفه مكانك يا هانم، طب اقسم بالله يا شذى لما اجيلك لأكـ.ـسر دmاغك الناشفه دي.
انفزعت أثر صراخه عليها، والقت الهاتف لوالدتها و جرت صاعده للأعلي سريعاً.
أدارت والدتها الهاتف، ليراها هو تصعد الدرج بسرعه فائقة.
ليبتسم هو على حب صغيرته، و خـ.ـو.فها منه، و يغلق الهاتف دون الحديث مع احد.
❈-❈-❈
كانت عيون صديقه المندهش تماماً، متعلقة به
ليستفهم قائلاً
-بتبص لي كده ليه؟
حسام بعدm تصديق
-هي دي شذى مش كده، اللي انت لسه كنت بتقولي هاتكتب البيت بتاعي بعد مـ.ـا.تشتريه بأسمها و هطلقها؟
مالك متنهداً بقلة حيلة
-انا عارف بقى يا حسام، هاتجنني معاها، لا قادر ابعد عنها ولا قادر أقرب ليها و انسى اهانتها ليا،
انا حكيتلك انت عشان كنت حاسس اني لو مـ.ـا.تكلمتش، هايحصلي حاجه، و خـ.ـو.فت من كتر مانا ضاغط نفسي اني اخد قرار غلط.
حسام موضحاً له
-القرارين غلط يا مالك
مالك ناظراً الي صديقه
-مالهاش قرار تالت يا حسام يأما اتغاضى عن إهنتها ليا و اسامحها.
يأما أطلقها و ابعدها عني، بس لازم تكون تحت عنيا برضو.
اردف حسام
-و في الحالتين ده هيكون عقـ.ـا.ب ليك انت مش ليها يا مالك، تقدر تقولي عايز تطلقها ازاي و انت بتحبها كل الحب ده.
هاتقدر تشوفها رايحه جايه قصاد عينك، وتغض بصرك عنها يا مالك.
بلاش دي حتى لو ده حصل و طلقتها، جيبت منين فكرة انها هاتقبل تعيش في البيت اللي انت شاريه ليها. ًََ
❈-❈-❈
يقولون ان مريـ.ـض الاكتئاب دائم العزله، منطوياً على حاله، لكن أميرتنا الجميلة عاندت حتى في هذا،
و إن كان الاكتئاب يسـ.ـجـ.ـن صاحبه في قفص الحـ.ـز.ن، ستبدل هي هذه القاعدة وتفتح لنفسها باب القفص، لتطير بحثاً عن السعادة.
صعدت مهرولة الي غرفتها، بعد أن ألقت الهاتف بين يدي والدته، اغلقت الباب خلفها و استندت بظهرها عليه، ضمت كفيها الي صدرها، لتحاول ضبط شهقتها و هي تبتسم بحب، و سماء عيناها تمطر دmعاً،
نظرت الي فراشهم و اتجهت اليه، تمددت في مكانه تستنشق رائحته العالقة في وسادته، بالأساس لم يتركها منذ الكثير، لكن هي تشعر انه غائب عنها ضهر من الزمن،
تريده هو لا غيره، و ستغير تلك الفكرة التي امتلكت عقله، لن تتركه يفعل بها هذا، يقول انه سيعطيها حريتها، بل هي تريد أن تظل سجينته هو.
اعتدلت من مخضعها فاجئه، و لمعت عيناها بفكره، ابتسمت و انطلقت الي المراءه تنظر لنفسها فيها وتتحدث بصوت مسموع….
-براڨو عليكي يلا جهزي نفسك بسرعه، عشان تقدري تجهزي كل حاجه قبل ما يجي.
أمسكت فرشاتها وبدئت تمشت شعرها، جمعته بالكامل في كعكه كبيرة، و جذبت اول شئ أهداها زوجها به، إسدال الصلاة ارتدته على عجاله، و التفتت لتتجه للخارج سريعاً.
دلفت الي غرفة والدتها، و فعلت مثلما طلب منها تماماَ، جذبت حقيبة دواءها و بدئت تبتلعه حبه ورا الاخري، كما هو مدون عليه ثم جرت للخارج سريعاً.
❈-❈-❈
هاتان الشقيقتان لا يهدأن ابداً، حيث جلست كل منهن تشغل نفسها بإعداد شئ معين من الطعام، و هن يثرثرن كعادتهم.
الحاجه مجيدة بضحك
-ههههههههه طب و النبي هما الاتنين عاملين زي القط و الفار.
ماجدة تاركة السكين من يدها
-و الله ياختي انا اللي زهقت منهم هما الاتنين، شويه يبقو عاملين زي عصفورين الكناري لذاذ كده وهما مع بعض،
و تحبي تملي عنيكي منهم، و شوية بقى اجارك الله، يبقو مش طيقين بعض و يقلبو على بعض لما جننوني.
-ههههههههه ما هو الحب كده يا بت، انتي نسيتي و لا هو محمد العسال مكانش قط معاكي، قال علي رأي الست….
الحب كده وصال و دلال
-الله الله يا حاجة مجيدة يا عسل، اعد يا ست اعد.
كان هذا صوت المشاغبة الصغيرة، التي ولجت عليهم و هي تتمايل من علي صوت دندنة خالتها.
اردفت ماجدة بنظرة ضاجرة
-بقى دي اللي كانت عاملة تصرخ و تشـ.ـد في شعرها من شوية.
شذي بدلع
-الله بقى يا ماما، هو انتي يعني عجباكي رقدتي في السرير قوي.
تدخلت الحاجة مجيدة نافية
-لاء يا روح خالتك، احنا مش عايزين غير سعادتك و ان ضحكتك الحلوه دي مـ.ـا.تفارقش وشك ابداً.
شذي ضاممه حاجبيها
-شوف شوف مين بيتكلم، مش دي مامتي اللي كانت هاتضـ.ـر.بني بالشب.. شب امبـ.ـارح.
تصنعت مجيدة الغضب و علا صوتها بغضب
-بت اتعدلي لأحسن اقوم اقطعه عليكي، مش اضـ.ـر.بك بيه بس.
جرت عليها تقبل رأسها و هي تضحك بمرح.
-هههههههه بهزر معاكي يا مجودة، هو انتي علطول خلقك ضيق، و نرفوزه كده.
ماجدة مصدقة على كلامها
-اه اختي مجيدة طول عمرها عصبية و نرفوزه، و ياه بقى لو حد وقف قصادها، و ماعملش اللي هي عايزاه.
شذي جالسه على مقعد بجوارهم ناظرة الي خالتها
-انتي هاتقوليلي يا مامتي، دانا من ساعة ما جينا هنا، و انا واخده بالي من الموضوع ده كويس اوي.
الحاجة مجيدة بحزم
-انتو هاتلأفوني لبعض ياختي انتي و هي و لا ايه، يلا يا ماجدة اخلصي خلينا نخلص الاكل،
و انتي ناوية تساعدينا و لا هاتطلعي تجهزي نفسك لحد ما نخلص الاكل، و بعدين نروح الدرس سوي.
شذي بابتهاج
-لاء انا عايزه اعمل حاجه تانية غير اللي انتو بتعملوه ده، و بعدها هاجهز و اروح معاكم.
ماجدة
-حاجة ايه دي اللي عايزة تعمليها يا شذى.
شذي بمرح و عين براقة
-عايزة اعمل رز بلبن.
وضعت الحاجة مجيدة قبضتها تحت ذقنها مبتسمة لها مردفة
-بت يا شذى انتي بطبقي المثل اياه.
شذي بمكر
-مثل ايه دا يا خالتو.
-المثل اللي بيقول ان اقصر طريق لقلب الراجـ.ـل معدته يا روح خالتك.
❈-❈-❈
حضرت معهم تلك الجلسه الذي يطـ.ـلقون عليها بالدرس، هي عبـ.ـارة عن جلسة تفسير و تحفيظ للأيات، يتضمنها بعض النساء، و من تعطيهم هذا الدرس وتحفظهم سيدة ذو وجه بشوش.
و بعد أن انتهو و عادوا سوياً، اعدو طعام الغذاء على الطاوله، لتجلس ماجدة و مجيدة
و الشيخ حسان على مقاعدهم يستعدون لتناول طعامهم،
بينما جلست هي على الاريكة الخشبية عيناها على الباب الكبير.
حـ.ـز.نت والدتها من أجلها، فهي علمت ما يدور بعقلها و اردفت….
-شذي تعالي يا حبيبتي كلي، انتي مافطرتيش و اخدتي علاجك على معده فاضية.
شذي مؤكدة
-هاتستني مالك لما يجي يا ماما.
لتحدثها خالتها
-طب اتصلي بيه وشوفيه خرج من المستشفى ولا لسه، ولو لسه هناك يبقى تيجي تاكلي و لما يجي ابقى كلي تاني معاه.
شذي و قد ادmعت عيناها
-كلمته كتير و مش بيرد عليا.
-يبقى مـ.ـا.تتصليش بيه تاني.
كان هذا صوت الشيخ حسان، الذي افزعها و نفضها عن جلستها لتهب واقفه، و تنول عنها خالتها حق الرد، تتحدى زوجها أمامهم.
-اومال تتصل بمين يا شيخ حسان، دا جوزها وليها حق عليه، تتصل بيه وقت ما تحب يا خويا.
الشيخ حسان معنفاً
-و هو جوزها ده ص… و لا بلطجي ماورهوش حد غيرها، ده دكتور جراح قد الدنيا، بيداوي قلوب الناس مش فاضي للعب العيال ده.
لقد ظهر كرهه لها أمام الجميع، ولا تعلم ما السبب، كيف لذلك الكهل المحب للجميع، و الذي يحبه الجميع أن يحمل لفتاه صغيرة
مثلها في قلبه ضغينة.
نظرت اليه تلومه بدmـ.ـو.عها، و تطلق سراح قدmيها صاعده الي مخبأها، هاربه من أمامهم جميعاً.
❈-❈-❈
عاد حبيبها إلي البيت، في تمام الرابعة فتح باب غرفته ليجدها جالسة على الأرض، مستنده بظهرها على خزانة ملابسهم،
ضاممه ركبتيها الي صدرها، و وجهها احمر أثر الدmاء المحتقنه به.
انقبض قلبه عليها، جلس على الفرش في مقابلها سائلاً.
-قاعده لوحدك كده ليه.
لم تلتفت اليه و همست
-مش عايزه اقعد مع حد.
-طب ليه حصل حاجة ضايقتك؟
هذه المره تولت هي لغة الإمارة لتقول كلمتها ناظرة له بتحدي و امر
-انا عايزة ارجع بيتي، مش عايزة اقعد هنا.
بمجرد ان توفهت بتلك الكلمه، علم انها اصتدmت في الحوار مع والده.
-برضو ليه يا شذى.
وقفت امامه صارخه، تنهمر الدmـ.ـو.ع من عيناها بشـ.ـده، منفعله بطريقة هسترية، لدرجة انها بدئت تخدش وجنتيها بأظافرها.
-كده مش عايزه اقعد هنا و خلاص، انا اصلاً مافيش حد بيحبني هنا، حتى انت كمان مش بقيت تحبني، و اصلاً انت عمرك ما حبتني.
مالك محاولاً السيطرة عليها، ضاممها الي صدره بانفعال…
-ايه اللي انتي بتعمليه ده، حـ.ـر.ام عليكي بقى انتي بغبائك ده تعبتي نفسك و تعبتيني معاكي.
جلس بها ارضاً و اجلسها على قدmه، و هو مغلق على جسدها بيديه.
شذي بدmـ.ـو.ع تحرق صدره
-حـ.ـر.ام عليك انت، انا حاسه اني بتخـ.ـنـ.ـق هنا مشيني من هنا و الا هامـ.ـو.ت نفسي.
تباً لهذا المرض اللعين، ابهذه السرعه تملك منها الاكتئاب، لتصل الي اخر مرحله به الا و هي الانتحار.
ابعد مالك وجهها عن صدره، مندهشاً مما تقوله.
-اوعي تجيبي السيرة دي او تقولي كده تاني، مش عايز اسمعك بتجيبي سيرة المـ.ـو.ت على لسانك تاني.
عادت مره اخرى تلتصق بصدره، بعد أن شعرت بخـ.ـو.فه عليها.
-طب لو بتحبني بجد خليني امشي من هنا.
رجعني شقتنا.
ضمها مالك الي صدره اكثر مهدأً لها رابتاً على جسدها بيديه
-طب ممكن افهم حصل ايه بس عشان ابقى فاهم.
-مافيش بس مش عايزة اقعد هنا و خلاص،
قالت جملتها هذه و هي تحاول التودد له مثل هره صغيرة تلتمس الحنان من صاحبها.
مالك وهو يبتلع لعابه و يبعدها عنه برفق
-احمم مش هاينفع يا شذى، انا قولتلك قبل كده اننا هانقعد التلات شهور الحرم هنا، و بعدين مـ.ـا.تستعجليش قريب قوي هاتروحي بيتك
وقف من علي الأرض معطيها ظهرها، مستنداِ على مكتبه.
لم تعي ما يدور برأسه، وقفت تضمه من الخلف محتضنه خصره النحيل بين يديها الرقيقتان، مريحه رأسها على ظهره.
-طيب هاستني لحد مـ.ـا.تخلص اللي وراك و نروح سوى من هنا، عارف انا عملت ليك حاجه انت بتحبها اوي، عملتلك رز بلبن، هاروح احضر ليك الغدا و اجبلك كل الاطباق من تحت.
لتتركه و تجري نحو الباب ليفاجئها هو بأيقافها قبل أن تفتح الباب…
-انا صايم يا شذى.
تفاجئت برده هذا، و ضمت حاجبيها له متسائلة
-صايم ليه احنا مش في رمضان، و لا النهاردة الاتنين و لا الخميس.
مالك و هو يفهمها
-بس النهاردة الثالث عشر من شهر رجب اول الايام القمرية زي ما بيقولو.
طب ليه انت لوحدك بس اللي صايم، ماقولتليش ليه عشان أصوم معاك، أو حتى خالتو و بابك هما كمان مش صايمين.
مالك موضحاً لها
-بأختصار لان ابويا وامي أصحاب أمراض مزمنة، و ماقولتش لحضرتك عشان العلاج اللي انتي بتاخديه.
عادت شذى اليه منحنية الرأس تفرق اصابعها ببعضهم
-خلاص مش هاخد العلاج ومن بكره هاصوم معاك.
جلس مالك علي مقعد مكتبه يشلح حذائه، و هتف ساخراً
-لاء و النبي، اذا كنتي و انتي بتاخديه عامله فيا كده و مطلعه عليا جنونتك
دي، اومال بقى لو بطلتيه هاتعملي فيا ايه.
تألمت من سخريته و جلست على الفراش بهدوء
مالك و هو يتمدد بجوارها
-حاضر مش هاقول كده ممكن بقى تسيبيني انام الساعة دي، و أبقى صحيني على أذان المغرب، عشان افطر على الرز بلبن بتاعك.
سريعاً ما اقتربت جالسه منه، و بفرحه عارمه اجابته
-حاضر انا هافضل قاعدة جانبك هنا واول ما المغرب يقرب يأذن هاروح احضر ليك كل حاجه.
اومئ لها و اغمض عينه، ليشعر بأصبعها الرقيقة و هي تتشابك في اصابعه القوية.
شعر بالراحة الكاملة الان، و كأن تعب اليوم كله ذهب هباء عنه، لينعم بقسط من الراحة و يغض في نوم عميق.
❈-❈-❈
اعدت له صنية ممتلئة من الاطباق التي، يشتهيها و يحبها، و لم تسهو بالطبع عن حلواه المفضله، و صعدت بها إلى الأعلى حيث غرفته.
و بكل رقة غلغت اصابعها في شعراته القصيرة هامسه له بهدوء.
-مالك حبيبي اصحي الاذان بيأذن.
فتح عينه لتقابل عيناها، شامله وجهها بالكامل، ثم ارتكزت على شفتيها الرقيقتين التي تهمس له دائماً بأرق كلمه.
شذي مستغلة نعاسه و عدm تركيزه
-حبني.
مالك كالمسحور بها.
-بحبك.
صرخت بفرح لتفيقه وتعيه ما قال، لينتفض معتدلاً منتبه لما لفظه لسانه تواً، ليراها تقفز في الهواء و تدور حول نفسها.
تلك الجنية الصغيرة التي اقتحمت حياته، و لا ينجح ابداً في انتشال قلبه من بين يديها.
توقفت عن الدوار و ظلت تصفق بيديها، ناظرة في عينه مبتسمة له.
شذي بمرح
– هيههههه بتحبني، لسه بتحبني قولي بقى انك سامحتني، و انك شيلت الفكره الوحشه دي من دmاغك.
اغمض عينيه يأنب نفسه على ما قاله، اعتدل جالساً مستنداً بظهره على وسادته، لكنه شعر و كأن ماس كهربي قد صعقه، عنـ.ـد.ما تفاجأ بها تجلس بجانبه و تحتضن كفه برجاء.
شذي مصتنعه الحـ.ـز.ن
-مش قولت انك بتحبني، سكت ليه بقى، و لا انت لسه مش سامحتني.
مالك متجنباً النظر لها
-انا لسه صايم يا شذى هاتي كوباية مايه اشرب و اكـ.ـسر صيامي طيب، وبعد كده ابقى اتكلمي براحتك.
التفتت الي المائدة الصغيرة التي وضعت عليها الطعام، لتتفاجئ بعدm وجود الماء.
شذي ناظره له
-انا نسيت الماية.
فرصه اتاته على طبق من ذهب.
مالك بهدوء
-طب معلش ممكن تجيبي من تحت.
وقفت بحب لتسرع في خطواتها، لتجيبه بحماس
-حاضر يا حبيبي حالاً هاتكون عندك.
مالك مردفاً لنفسه
-طب اقولها لاء ازاي دي بس يا ربي، اربيها ازاي و اطبعها بطبعي بس، دي هي اللي هاتربيني، يارب قويني عليها و على جمالها ده.
❈-❈-❈
للمره الثانية يشاهدوها تجري على الدرج بأسدالها، لتحذرها والدتها مزمجره.
-يا بـ.ـنتي حسبي بقى لاتت… و تقعي على وشك تاني، هو انتي مش لسه طالعه لجوزك بالأكل لحقتي تصحيه و تفطرو سوي.
شذي وهي تتكفي متجهه نحو غرفة الطهي
-بطلي رغي بقى يا ماما، احنا لسه مافطرناش اصلاً، دا انا نسيت المايه ونازله اجبها لمالك.
اردفت الحاجة مجيدة بمصمصة شفتيها الشهيره
-شوف البت ال نسيت المايه و نازله تجيبها لمالك.
حضرت إليهم و بيدها زجاجة المياة وكوب زجاجي، و عيناها تطق شرزاً لهم صارخه في وجوههم
-ممكن تخليكم في حالكم شويه.
جحظت عين والدتها و اشارت لها بطرفها، لتلاحظ نزوله على الدرج، تـ.ـو.تر وجهها وابتلعت لعابها خـ.ـو.فاً من ان يعنفها، فاصبت المياه في الكوب و وقفت تمد يدها به له.
هبط بروية و عينه على هاتان الجالستان بجانب بعضهم، يلقى عليهم لقب ساخر.
أهلاً بالحموات الفاتنات.
الحاجه مجيدة ناظرة اليه بضحك
-اهلا بيك يا سي السيد خد يا اخويا المايه من البت الا ايدها و.جـ.ـعتها من الوقفه.
نفت ما قالته خالتها بهزه من رأسها يمين و يساراً
-لاء بالعكس انا مـ.ـا.تعبتش و لا حاجه
خد اشرب يا مالك، انت رايح فين؟
كاد ان يشرق قبل أن يبتلع الماء، ليسعل قليلاً ثم يروي ظمأه بالقليل من المياه، ليرد عليها بهدوء مكتاظاً بالغـ.ـيظ.
-هاتوضي و اروح اصلي المغرب يا شذى.
تخطاها متجنباً النظر في عيناها، لتوقفه قبل أن يدلف للرواق المؤدي الي المرحاض.
شذي معترضه على ماقاله
-اجل الصلاه شويه لحد ما نفطر، انا مافطرتش من الصبح و كنت مستنياك لما تيجي و ناكل سوي.
انتفضت في مكانها عنـ.ـد.ما توقف فاجئه و بدون ان يلتفت لها صاح بصوت مفزع.
-ااجل ايه.
و بوجه يكسوه الغضب استدار لها سائلاً….
-انتي صليتي النهاردة؟
تلجلج لسانها و بدئت الكلمـ.ـا.ت تخرج من فاهها متقطعه.
-اااانا ااااصلي يييعني انا اه كنت تعبانه
تملك منه الضجر الان ليهتف ساخراً
-و ماكنتيش تعبانه وانتي بتعملي الرز بلبن مش كده.
تلك الكاذبه الصغيرة فشلت حتى في ان تكذب عليه، يا الله الا يوجد شئ ينجيها من هذا المأذق.
مالك مشيراً إليها بسبابته بأن تتقدm امامه
-قدامي على الحمام تدخلي تتوضي و تطلعي تصلي كل فروضك.
شذي منحنية الرأس
-طب مش هاتاكل الرز بلبن.
رفع حاجبه مندهشاً من هذه المختلفه، و اذا به يجهر بصوته
-يخرب بيت الرز بلبن على اللي هياكله يا شيخه ادخلي يلااا.
جرت اللي الرواق سريعاً قبل أن يقترب منها و يهشم رأسها، ولجت امامه و اغلقت الباب خلفها، ليتنهد صبراً مخرجاً زفيراً كاد ان يحرقه من الداخل.
ليلتفت باتجاه هاتان الجالستان في صمت تام، و عقد حاجبيه بغـ.ـيظ، وكأنه يقول لهم، لما انتم هنا الان.
هبت ماجدة واقفة تداري عيناها منه
-انا هاقوم اشغل التلفزيون اتفرج على البرنامج الديني احسن.
علا جانب ثغر الحاجة مجيدة مشيرة إليها بأن تجلس
-اقعدي اقعدي الفرجه عليهم هما احسن.
فاض به الكيل من الجميع الان هرول مسرعاً للخارج يردف بزمجرة
-لالالا انا ايه اللي يقعدني في وسط الجنان ده، انا اروح اصلي في الضريح احسنلي، صبرني يا رب على اللي انا فيه ده.
جري سريعاً للخارج، و إذا بالشقيقتان تطلقان الضحكات سوياً.
ترجلت من المرحاض، قاصدة الصعود لغرفته متعجله في خطواتها.
لتوقفها خالتها بضحك
-ههههههه على مهلك يا لوزه واحده واحده يا حلوه، مش هاتتلاقيه فوق ياختي.
تصنمت على الدرج مرتعبه هل تركها مره اخرى، لتردف قائله.
-مش فوق! اومال راح فين يا خالتو؟
اقتربت ماجدة منها خاشيةً عليها من ان تسقط و ربتت على كتفها.
-راح يصلي في المسجد يا حبيبتي اسمعي انتي كلامه بقى، و اطلعي صلى فروضك على ما هو يرجع.
جلست على الدرج تنعي بختها، واضعه قبضتيها أسفل ذقنها.
-انشالله تكونو انبسطوا دلوقتي، انا عارفه ان دي آخرة عينكم اللي رشاقه في حياتي.
شهقت ماجدة أثر كلمة ابـ.ـنتها و اردفت
-اخص عليكي يا شذى بقى دي كلمه تقوليها على مامتك و خالتك برضو.
و قبل ان تنطق اصتدmت بهذا السلاح الطائر من الأسفل الي الأعلى، ليرتطم بجسدها شب.. شب السيدة مجيدة الذي لا يخيب هدفه ابدا….
-بقى احنا اللي حاسدينكم يا مجن… يا بـ.ـنت المجا….. طب و حياة ربنا لأقطعه على دmاغك يا شذى.
انفزعت و جرت نحو غرفتها و هي تضحك على ما تفعله بخالتها تلك المسنه المحببه بكل حالتها.
❈-❈-❈
عاد من صلاته وجدهم على جلستهم يضحكون
لتوقفه ماجده قبل أن يصعد.
استنى يا مالك انا سخنت الاكل ليكم تاني احطلكم هنا على السفره و لا اطلعو ليكم فوق.
مالك ساخراً
-شكراً يا ميمي لما شذى تخلص صلاه تبقى تطلعه
ضمت حاجبيها مستغربه، ايدللها و يختار لها اسمٌ مدلل.
الحاجة مجيدة ساخرة
-تعالي يا ميمي مـ.ـا.تتعبيش نفسك و افرحي جوز بـ.ـنتك بيدلعك.
أراد مالك اغاظتها هي الاخري فهتف
نطب و دي حاجه تزعلك يا ماري.
اارتاب الشك بعقلها فصاحت فيه
-واد انت انا مش مطمنه ليك، مين ميمي وماري دول يا روح امك.
مالك موضحاً لها مشيراً عليهم بأصبعه :
-ميمي شكيب و ماري منيب
(الحموات الفاتنات)
نفس القذيفه التي تلقطها شذى، اندفعت نحوه و اصابت الهدف بإتقان، ليجري للأعلي ضاحكاً ناجحاً بزيادة حنقهما، ليستمع إلى
قصيدة توبيخه من الأسفل.
-و حياة…. يا بن مجيدة لاربيك، طيب اصبر عليا يا مالك.
التفت الي شقيقتها التي وقفت تنظر لها كالبلهاء.
-مالك ياختي انتي كمان واقفه متسمره كده ليه
ماجده مشيره على نفسها
-الحمد لله انا ميمي
وكما ظنت كانت القذيفة الثالثه من نصيبها بالفعل
-طب اجري من قدامي طلعي ليهم الاكل، بدل ما اطلع غلي انا كله فيكي يا ختي.
❈-❈-❈
دلف إليها وجدها تصلي في خشوع تام، فقرر ان يجلس خلفها و لا يريها وجهه، حتى لا يشتتها عن الصلاة.
لكن ما ازعجه و فرط قلبه، بكائها و دعائها بألا يبتعد عنها، و يسامحها على غلطتها الوحيدة في حقه.
لتدmع عيناه هو الأخر، انه يحبها وقلبه يذوب عشقاً لها، هو مليكها و هي مأمنه، لكن كيف له ان يتغاضي عن ما فعلته، ان فعل هذا ستظل على عنادها عدm احترامها له و للجميع،
عليه اذاً ان ينفي تلك الفكره التي تملكت رأسها، و بعدها سيذيبها عشقاً.
دق علي باب الغرفة أخرجه من شجنه، ليغمض عينه منزعجاً منهم، ليخرج من حالته هذه، مجففاً عينه بمحرم ورقي ثم اتجه نحو الباب و فتحه.
مالك متأففاً
-نعم في اي..، صمت بخجل و اخذ من يد خالته الطعام مردفاً.
طلعتي ليه بس مانا قولتلك شذى هتبقى تنزل تجيبه هي.
ماجده مبتسمه له
-انا قولت زمانها تعبت من مجهود الصلاه، و انا كده كده مافيش ورايا حاجه و قاعده فاضيه.
مالك مبتسماً لها
-ماشي يا ميمي متشكرين.
ماجده ضاحكة
-ههههههه اسكت بقى كفايه اللي عملته فيك و فيا.
مالك مستفهماً
-ليه عملت ايه تاني.
-نفس الشب.. شب اللي اخدته حدفتني بيه، ال زعلت لما قولتلها اني انا ميمي وهي ماري
-هههههههه يا ستي انتو الاتنين قمرات، طب ممكن تدخلي انا كنت عايز اتكلم معاكي انتي و شذى شوية.
أصرت الا تلج غرفتهم و همت بالانصراف مؤكده عليه….
-خلصوا اكل براحتكم و انا هادخل اوضتي اصلي العشا لما تأذن و بعدها ابقو تعالوا نتكلم بقى براحتنا
وافقها الرأي دلف يضع الطعام من يده، ليجد فتاته قد انهت صلاتها، فجلس و نادها.
-خلصتي يا شذى.
-ايوه.
-طب يلا تعالي ناكل.
-لاء مش جعانه انا هاصلي العشا.
ضم حاجبيه مشكساً لها.
-العشا لسه ماذنتش تعالي ناكل و انا هاصلي بيكي.
-لاء معلش انا هاصلي لوحدي وانت روح صلي في المسجد.
وضع الملعقة من يده منزعجاً مما قالته، على ما يبدو أنها لم يعجبها أمره لها.
-لاء و الله، معلشي ممكن تبصيلي و انتي بتكلميني، هو انتي زعلانه اني خليتك تأدي الفرد اللي عليكي.
استدارت له بغـ.ـيظ، و مازلت الدmـ.ـو.ع تحرق وجنتها.
-انا زعلانه من اوامرك اللي مش بتخلص، زعلانة انك مش بتقدر غير عليا انا بس.
فهم مقصدها، و اومئ لها برأسه، وأصر بأن قراره هو الاصح.
انحني بجزعه للأمام شابكاً اصابعه في بعضهم.
-لاء اطمني يا شذى انا مش هأمرك على حاجه تاني، بس انا مش مستعد اشيل ذنب عدm صلاتك و انتي علي زمتي، تقدري بعد كده تعملي اللي انتي عايزاه.
الما يرمي بكلمـ.ـا.تها هذه، فهمت ما يقوله و ذرفت الدmع، لقد ظن بأنها مازلت تهينه و تستضعفه، بل و يؤكد لها بأنه سيتركها.
وقف امامها و اتجه نحو معطفه المعلق على المشجب، و اذا به يخرج من جيبه الداخلي بعض الأظرف البيضاء.
مد يده بأحداهم لها قائلاً
-ده ورق الكلية بتاعتك انتي خلاص بقيتي مقيدة على زمة الجامعه هنا اتفضلي.
اغمضت عيناها بألم و تقدmت منه باسف.
-مالك انا ماقصدش حاجه من اللي في دmاغك دي، اأنا بس كان قصدي ا.
مالك مقاطعاً لها مبتعداً عنها قبل أن تلمسه:
-من فضلك ابعدي عني انا متوضي و مش عايز انقض وضوئي، خلاص يا شذى مبقاش في بنا كلام يتقال.
تباً لتسرعها، تباً لسانها الزالف الذي دائماً ما يضعها في مأزق معه هو بالذات، لكن لما هو دائماً ما يتصايد لها الغلطات، لما لا يلتمس لها أي أعذار.
اوف لها الحق بأن تسأم و تمل، الا يلاحظ انها صغيرة في السن عنه بكثير، كما أنه لا يلاحظ أيضاً انها جميله و من حقها ان تهنئ بجمالها، الا يمكن أن تفرح مره مثل كل الفتايات في عمرها.
لذلك لن تتزل له مره اخرى، وأن كان لا يريدها، و يريد أن يتركها فاله ما يشاء، هي أيضاً لا تبالي بما سيفعل، و من الان ستتمرد عليه وعلى كلمته.
اجتذبت الظرف الأبيض من يده بسرعه و اتجهت للخارج، اوقفها هو لائماً عليها.
-رايحه على فين العشا بتأذن.
ألقت عليه نظرة لائمه مردفه بسخرية
-صليها لوحدك، انا هبات مع ماما في اوضتها.
جرت سريعاً الى غرفة والدتها، ليستمع الي دفع بابها خلفها فاستغفر ربه و اتجه هو أيضاً للخارج ليذهب مره اخرى الي الضريح.
لتوقفه والدته التي مازلت جالسه بالأسفل..
-الله انت خارج تاني يا مالك؟ دانت لسه جاي من المسجد يا بني.
مالك محاولاً ان يسيطر على اعصابه
-رايح اصلي العشا يا أمي.
الحاجه مجيدة سائلة
-فطرت يا مالك؟
مالك مغمضاً عينيه منزعجاً من طفلته اللعينه:
-الحمد لله سيبيني بقى الحق الصلاة.
اسرع في خطاه ليتركها في حيرتها، لتعرف هي انه به شئ يقلقه.
الحاجة مجيدة منزعجة هي أيضاً منهم
-يا ترى يا بني بـ.ـنت ماجدة قلقت راحتك تاني في ايه بس.
❈-❈-❈
صلت مع والدتها صلاة العشاء، و تفاجئت بها و هي تشلح اسدالها من عليها محرره شعرها ايضاً، لتجلس على الفراش و تفتح ذلك الظرف لترى ما فيه.
ماجدة شاهقه
-قلعتي أسدالك ليه انتي عايزة جوزك يتخانق معاكي تاني.
شذي رافعة جانب شفاها العلوي ساخرة
-جوزي! لاء اطمني مش هايزعق و مش هيسأل عليا اصلاً.
عقدت ماجدة حاجبيها
-انتي قصدك ايه، و ايه الورق اللي في ايدك ده.
شذي ناظره الي تلك البطاقه بتفكير
-ده ورق و كارنيه الكليه، تصوري الباشا قيدني في كلية التجارة هنا و طلعلي الكارنية كمان، بس ايه ده هو صورني الصورة دي امتى؟
ماجدة مجتذبة منها تلك البطاقة
-وريني كده دي بالنقاب يا شذى.
شذي ساخطه عليه بكلمـ.ـا.ت لاذعه
-اه ما هو لو كان يقدر يعملو من غير صوره اصلاً كان عملها ،لتجد في باقي الأوراق جدول خاص بأمتحانها، و تشهق بفزع…..
ايه ده انا عندي امتحان بكره يا ماما عااااااا.
ماجدة محاوله تهدئتها
-اهدي طيب بصي اقعدي زاكري براحتك وانا هانزل اجبلك كوباية عصير.
جرت مره اخرى نحو غرفتها، لتأتي ببعض الملازم، و جلست على المقعد خلف مكتبه، طردت كل الأفكار من رأسها وسمت الله ثم بدئت في المذاكرة.
دلف هو عليها ليجدها على حالتها هذه، لم يتحدث معها، و بالاصح لم ينظر إليها، واخذ الظرف الاخر متجهاً نحو خالته.
لكن خالته ولجت عليهم بكأسين من العصير الطازج لتردف بسعاده
-انا سمعتك و انت بتقفل باب البيت يا مالك، قولت اجبلك كأس عصير مع شذى، بجد فرحت انك قدرت تحولها ورقها بالسرعه دي، و كمان هتقدر تمتحن و مش هاتضيع عليها السنه.
نظرت الي والدتها شزراً مجتزة على اسنانها بغـ.ـيظ، ثم عادت لتنظر في تلك الأوراق الموضوعه امامها.
بينما ابتسم هو لها مطمئناً
-ماكنتش هاسمح بكده اصلاً، المهم دلوقتي هي بقي تشـ.ـد حيلها في الامتحان بكره.
ألقت القلم من يدها مرجعه شعرها خلفها بردة فعل صاخبه
-و عشان كده حضرتك كنت عاملهالي مفاجئة مش كده.
اهذي هي كلمة الشكر التي تقوليها له أيتها التافهه.
و كأنها هواء بالغرفه، و كأنه لم يسمع شئ مما قالته ليكمل مع والدتها….
-تعالي يا ماجدة اقعدي انا كنت جايلك اصلاً.
جلسوا سوياً مقابل بعضهم بعد أن ألقت ابـ.ـنتها بنظرة غاضبة، و همست له…
-في ايه يا مالك هي البت دي، زعلتك في حاجه تاني.
مالك ملقي جنيته بنظرة حائرة
-سيبك منها دلوقتي وامسكي الظرف ده ليكي.
ماجده عاقدة حاجبيها بعدm فهم
-ظرف ايه دا يا مالك؟
-ده عقد البيت اللي قاصدنا بتاع الحاج أمام ابو خالتي فاطمه فكراهم و لا نسيتهم يا خالتي.
ماجدة متذكرة
-لاء طبعاً فاكراهم، بس لسه مش فاهمه حاجه.
مالك موضحاً لها
-افهمك يا ستي الحاج أمام الله يرحمه يبقى جد حسام صاحبي، و حسام ورث البيت ده من جده، و انا اشتريته منه ليكي انتي و بـ.ـنتك.
ماجدة بحـ.ـز.ن
-للدرجة دي انت اضيقت مننا يا مالك، طب ان كان عليا انا هامشي هاشوف شقه انشالله اوضه واقعد فيها، بس يعني كمان مراتك.
مالك بحزم
-بس يا ماجدة لو سمحتي بطلي تخريف واسمعيني و افهمي قصدي.
-انتي مش ليكي نصيب في بيت جدي الله يرحمه.
ماجده مستأنفه
-ايوه بس ده وقع خالص يا مالك انا شوفته مجيدة ورتهوني واحنا بره.
مالك مصدقاً على كلامها
-تمام انا بقى اشتريت ليكي البيت ده بدل نصيبك في البيت القديم لاني هاعيد بنائه تاني واحوله لعيادات طبية تخدm اهل الحي، و قبل ما تقولي حاجه وتفكري في اي كلام تاني بصي على اسم المشتري في العقد كده.
فتحت ماجدة الظرف واخرجت العقد بيدها لترى اسمها و اسم شقيقتها و معهم اسم عنيدته.
ماجدة ناظرة لابـ.ـنتها بأبتسامه
-طب دا حقي انا و اختي البت دي تشاركنا فيه ليه.
رفعت رأسها عن ما بيدها ناظره لهم، معنى هذا انه قد اشركها معهم، لتهب واقفه متمسكة بأوراقها بغضب مترجله للخارج.
صحيح انت ايه الي يخليك تشاركني معاكم في حاجه تخصكم، و اذا بها تصرخ
هو انا بـ.ـنتكم؟
انا مش عايزة منكم حاجه انا بـ.ـنت محمد العسال مش بـ.ـنتكم انتو عشان تورثوني او تشاركوني معاكم.
جرت نحو غرفة والدتها، و القت بنفسها على الفراش تبكي بحرارة، الهذا الحد يريد إبعدها عنه.
تنهد بقلة حيلة ولم يعلق على ما فعلته جنيته.
لتردف ماجدة بحـ.ـز.ن
-انا مش عارفة هي هاتفضل كده لحد امتى بس، كل حاجة تاخدها بعصبية و تتهور و تقول كلام يحـ.ـز.ن و بعد كده ترجع تنـ.ـد.م عليه.
هم مالك بالخروج هو الاخر و قال بتروي
-قومي روحي ليها و خليكي معها، هديها و قوليلها لما تخلص مذاكرة تيجي تنام في سريرها، و  عـ.ـر.فيها اني طالع الخلوه بتاعتي و هبات فوق، و الصبح هاوديها الامتحان.
❈-❈-❈
ذهبت إليها مشتعلة من الغضب، و ولجت لها تريد أن تكـ.ـسر رأسها على ما تفعله.
ماجدة جاهرة بصوتها الضاجر
-هاتفضلي طول عمرك غـ.ـبـ.ـية، هاتكرهي جوزك فيكي بعمايلك دي يا متـ.ـخـ.ـلفه انتي، تقدري تقوليلي عملك ايه، مالك دلوقتي عشان تعمليه بالطريقة دي، ده بدل ما تشكريه على كل حاجه بيجبها و يعملها
ليكي.
شذي بصراخ
-لاء مش هاشكره انا مش عايزه منه حاجه، انتي فاهمه روحي قوليله يغير العقد ده، يشيل اسمي منه خالص انتي سامعه.
ماجدة مغلقة الباب عليهم سريعاً حتى لا يصل صوت ابـ.ـنتها لزوجها
-اهدي يا شذى مالك يا حبيبتي فيكي ايه بس، يا بـ.ـنتي جوزك بيعمل كل ده عشانك انتي عشان يكسب قلبك يا شذي.
ضحكت من وسط بكاها ضحكة ساخرة
-يكسب قلبي ايه انتي مش فاهمه حاجه يا ماما.
جلست والدتها بجانبها، رابته على جسدها برفق
-طب فهميني انتي يا حبيبتي.
اعتدلت جالسه تجفف دmعها بيدها، اتقول لها انه بشرائه لهذا المنزل يؤكد لها ما ينتويه.
جمعت أوراقها و اعتزمت المذاكرة غير عابئه به و بهم جميعاً..
شذي محيدة بنظرها عن والدتها
-خلاص يا ماما اعملوا اللي تعملوه سيبيني بس اذاكر شوية عشان اقدر انام حبه قبل الامتحان.
ماجدة بيأس منها و من جنونها
-طيب يا حبيبتي ذاكري يا شذى، ربنا يهديكي يا بـ.ـنتي.
❈-❈-❈
أعلنت ساعة هاتفها الملقي على الفراش بجانبها السابعه صباحاً، لطصدح رنينه ارجاء الغرفه بأكملها، دون أن تهتز لها شعره واحده.
ولج هو الي الغرفة، و ابتسم على تلك الملقاه وسط الاوراق على وجهها كالاطفال،
ليمسك الهاتف و يصمت صوت رنينه المزعج، محاولاً ايقاظها برفق.
مالك رابتاً على وجنتها هامساً لها بهدوء: –
– شذى فوقي يلا عشان الامتحان.
شذي بنعاس
-لاء سيبني مالكش دعوه بيا.
مالك مزمجراً
-قومي عشان الامتحان و بعدها مش هيبقى ليا دعوه بيكي.
فتحت عيناها له بضجر
-و لا الامتحان كمان و لا ليك دعوه بأي حاجه تخصني.
مالك منبهاً لها
-بطلي طريقتك دي، مـ.ـا.تحوليش تستفزيني و تختبري صبري عليكي اكتر من كده، قولتلك قومي يلا اجهزي عشان تلحقي تفطري و تاخذي علاجك قبل الامتحان.
قفزت من علي الفراش سريعاً مبتعدة عنه بصراخ…
-انا لا بستفزك و لا عايزة اتكلم معاك اصلاً، و لو سمحت مش كل شوية تقولي خدي علاجك انا مش مـ.ـجـ.ـنو.نه عشان اعيش على المهدئات.
مالك قابضاً على يده، جابراً نفسه علي الصبر
-يا رب صبرني عليها، انا اللي مـ.ـجـ.ـنو.ن يا شذى، ممكن بقى تخلصي عشان الحق اوديكي الكلية عشان الحق اروح شغلي.
اتجهت نحو خزانة ملابسها، دون النظر اليه:
-لاء كتر خيرك، اتفضل حضرتك روح شغلك زي مانت عايز وانا هاروح لوحدي.
مالك وقد نفذ منه كل الصبر الان، و سريعاً ما قبض على رسغها، مجبرها على الالتفات له
-تروحي لوحدك فين هو انتي ت عـ.ـر.في حاجه هنا.
كورت قبضتيها الصغيرتان و بدئت تضـ.ـر.ب صدره العريض و عينها تفيض دmعاً بشـ.ـده.
تركها تدق على صدره كما تشاء، تفيض سيل دmعها مثلما تشاء، لم يعنفها او حتى يصدها، الي ان بدئت تهدئ، لفت يدها حول خصره بتملك و دفنت وجهها بين عضلات صدره، لا تريد شيئاً الان سوي امانه هو فقط.
هو أيضاً كان يحتاج هذا العناق، يريد أن يهدئ بها و لها، يتحلى بالصبر و بداخله بركان ثائر، و كيف يخمد بالابتعاد عنها.
مالك رابتاً على ظهرها بهدوء
-صليتي الفجر يا شذى.
هزت رأسها يميناً و يساراً بالنفي، و مازلت مختبئه بحـ.ـضـ.ـنه مؤكده له.
-لو كنت انت هنا كنت صحتني عشان اصلي، لكن انت سيبتني لوحدي.
مالك ساخراً منها
-يا سلام طب افرضي انا مت مش هاتصلى بقى مش كده.
-بعد الشر عليك يا حبيبي.
قالتها سريعة متلهفه، تزيد من احتضانه، ليشعر هو و كأنه يملك العالم بأكمله و هي بين يديه.
ليحل وثاق يدها بهدوء و يبتعد عنها قليلا مردفاً لها…
-ابعدي عني، انا صايم يا شذي.
عنفت نفسها على ضعفها امامه، ابتعدت عنه لتسرع في تحضير ملابسها دون النظر له مردفه بلا اهتمام.
– على فكره انا كمان صايمه
إندهش عنـ.ـد.ما قالتها فرح من داخلها لمجرد شعوره بانها تتخذ قدره حسنه لها لكنه نفى تقليدها الأعمى له.
– لا مش هتصومي
ما كان منها الا انها اندهشت هي الاخرى بغرابه يريد ان يصيروا غضبها من الان حتى صيامها يتدخل فيه
شذى رافعه حاجبها الأيمن.
– لا والله وده من ايه بقى ان شاء الله حاطه صيامي هتتدخل فيه يا دكتور
مالك بتحدي
-ما هو علشان انا دكتور لازم اتدخل وامنعك من الصيام يا شذى
شذى بتحدي اكبر
-ليه وانت شايفني انا كمان مسنه ولا عندي مرض مزمن يا دكتور.
اخذ مالك وحلته من الخزانه متجنبا النظر اليه غير عاليا صراخها.
– اولا انتِ لو كنت ناويه تصومي ثلاث ايام الصيام كان هيبقى من امبـ.ـارح ثانياً انتِ بتاخدي علاج وليه مواعيد محدده لازم تاخديه فيها،
ثالثاً بقى وده المهم انتِ ماكلتيش امبـ.ـارح كويس حتى مش اتسحرتي وعندك امتحان النهارده يعني لازم تكوني مركزه كويس جدا تقدري تقولي لي هتركزي ازاي بقى؟
ارتدت اسدال صلاتها على منامتها مستعده لتذهب و تضغط بيدها على مقبض الباب وفتحته ولكنها القت نظره لائمه وكلمـ.ـا.ت اكثر لوما عليه.
– وانت فاكر اني هقدر اركز في حاجه بطريقتك دي معايا حتى من غير طريقتك دي اطمن انا مدmره من جوايا لدرجه اني حتى النفس اللي بتنفسه مش حاسه بيه، تفتكر بقى هفكر في اكل او شرب
اغمض عينه بالم تلك الجميله تملك حـ.ـز.نا يجعلها كإمرأه هارمه قد اكل عليها الظهر وشرب،
لكن كيف يعيدها الى الحياه وهي تزيد من تقليل شانه وهذا ما لم يرضى به ابداً
ارتدى ملابسه على قبل ان تصعد اليه مستعداً ليوصلها الى جامعتها ثم ترجل على الدرج هابطا للاسفل متقابلا معها.
ليردف مالك بهدوء تام.
– يلا صلي الصبح والبسي وانا هستناكي في العربيه، مش هقول لك طبعاً انك تتاكدي من لبس نقابك كامل وتاخدي علاجك يا شذى.
قررت التلاعب بعقله وايغاظته، وقفت من الاعلى تناديه سائله.
-مالك
التف اليها قبل ان يبرح اخر درجه ناظرا للاعلى
– تعمل ايه لو نزلت ليك من غير النقاب
لمحت بعينيها عروق يده النافره اثر تكويره قبضته بقوه لكنه اجابها ببرود.
– هكـ.ـسر لك رجلك اللي اتجرئت وخرجتك ليا من غيره يا شذى.
دبت بقدmيها ارضاً معلنة عن غـ.ـيظها هي لتختفي من امام نظره ويبتسم هو على دبدبتها كالاطفال بكل سهوله
❈-❈-❈
وفي تمام الحادية عشر ظهرا ترجلت خارج لجنه امتحان ها، وقفت امام بابها حائره خائفه، هي لا تعرف احدا هنا، وليست عندها الشجاعه بان تتعرف على احد،
وفي ظل تفكيرها هذا وجدت رنين هاتفها يصدح معلناً عن اتصال منه فتحت الهاتف متلهفه على الرد عليه لتهمس بصوت رقيق
-مالك.
لكم تمنى ان يقولها لها لا يوجد سواكي في قلب مالك، لكن تراجع لسانه في اخر لحظه ليقول بهدوء.
– عملتِ ايه
– مش عارفه انا حليت خلاص
– طب وخايفه كده ليه
تلفتت حولها تبحث عنها لتجده يقف في اخر الرواق يضع الهاتف جانب أذنه وعينه عليها
كانه اول يوم تقضيه طفله بالروضه بعيدا عن ابيها جرت نعم جرت وسط ذهول الطلاب من حولها، لتقف امامه قبل ان تصطدm بصدره وتلقي بنفسها بين ذراعيه
شذى بتلهف وعين دامعه.
– مالك انا كنت همـ.ـو.ت من الرعـ.ـب وانا لوحدي
صعق من تهورها هذا سحبها من يدها مبتعدا عن الانظار
– اعمل في جنانك ده ايه شوفتي عمرك واحده منتقبه بتجري زي الاطفال كده
لتهتف شذى وقد فاض بها الكيل وطفح.
-يا مالك حـ.ـر.ام عليك بقول لك كنت همـ.ـو.ت من الرعـ.ـب وخايفه انا اصلاً افتكرتك مشيت وسبتني لوحدي ماكنتش عارفه اعمل ايه
فتح لها باب السياره ادخلها بها والتف يجلس بمكانه ليقود بسرعه قبل ان تتلف اعصابه بالكامل واردف لها بعنف
– انا مامشيتش اصلاً وفضلت مستنيكِ لحد ما تخرجي.
شذى بحب
– مش كنت بتقول انك عايز تلحق شغلك قعدت ليه
مالك ساخراً.
– اصلي خفت خفت تخرجي من اللجنه وتقفي خايفه ما ت عـ.ـر.فيش تتصرفي زي ما عملتِ كده بالظبط خفت عليكِ يا شذى
كفايه بقى يا مالك.
صرخت بها ووضعت راحة يادها على وجهها مكمله
– حـ.ـر.ام عليك بقى انا اعصابي تعبت من كل اللي انا فيه ده
مالك ملفتاً نظرها.
– ومين اللي بيخلق الخناق ده، مين اللي بيهين التاني كل شويه، مين اللي كل تصرفاتها زي الاطفال،
ومخلياني عيني عليها في كل حاجه وفي الاخر بتتهمني اني جبان
– انا اسفه والله اسفه إعمل اللي انت عايزه بس لو سمحت خلينا ناخد هدنه من العصبيه والخناق عشان حتى اقدر اركز في باقي الامتحانات بتاعتي.
أردف مالك بضجر.
– وبالنسبه لأمتحان النهارده
شذى بحـ.ـز.ن.
– ما اعرفش بقى انا حليته خلاص
مالك بتحذير.
– وانا مش هقبل بانك تطلعي بماده يا شذى
صمتت وأشاحت وجهها للجهه الاخرى بحـ.ـز.ن ليكمل هو محاولا تهدئه نفسه قبلها وتحفيزها على المذاكره
– ولو نجحتِ في الترم ده من غير مواد ليكي عندي هديه حلوه
مازالت على جلستها ولم تلتفت اليه لكنها همست.
– مابقتش عايزه حاجه غير اني اعيش يومين من غير شَدة الأعصاب والخناق ده، انا بجد تعبت يا مالك،
كادت تفتح باب السياره عنـ.ـد.ما توقف امام المنزل الا انها تفاجئت بإمساكه ليها، استدارت له دون ان تتحدث.
اخذ نفسا عميقا قبل ان يحدثها ليزفره براحه مردفا لها.
– انا كمان تعبت احنا فعلا لازم ناخد هدنه بس معلش استحمليني يومين الامتحانات دول كمان لحد ما يخلصوا بعدها هترتاحي مني فتره كويسه
– قصدك ايه
– انا قدامي عشرة ايام واسافر عشان المؤتمر الطبي وهقعد بره حوالي خمسة عشرة يوما اظن ان ده وقت كافي عشان تقدري ترتبي افكارك وتريحي اعصابك وتريحيني معاكي يا شذى
نفضت يدها من يده ورفعت وشاح وجهها ليرى سيلاً من دmعها على وجنتيها المقتذتان باللون الاحمر وهمست له
– انت فاهم أني كده اعصابي هترتاح يا مالك.
مد يده وانزل وشاحها على وجهها مره اخرى وضع يده على عجله القياده ضاغطا عليها بشـ.ـده ناظراً للامام
– على الاقل هترتاحي من عصبيتي عليكِ يلا انزلي وادخلي نامي لك شويه وبعدها ابقي قومي ذاكري
سحبت حقيبتها وتركته وذهبت نحو باب المنزل تدقه متذكرة أنه يتبعها، لكنها تفاجات بانه قد ادار محرك السياره مره اخرى واستعد للرحيل
فتحت والدتها الباب، وقذفت لها بيدها حقيبتها واتجهت نحوه قبل ان يرحل
شذى سريعاً
-استنى يا مالك.
مالك ملفتاً لها.
-نعم عايزة حاجة
إنحنت برأسها أمام نافذة السيرة لتنظر له.
-إنت رايح فين.
ليصيح مالك بعصبية.
-أتعدلي مـ.ـا.توطيش كده في الشارع.
اعتدلت بحـ.ـز.ن و وقفت بجانب السيارة حين رأته يفتح بابه وينزلق من على مقعده، لائماً نفسه على تعصبه عليها وذهب لها سريعاً.
-ممكن مـ.ـا.تبقيش توطي كده في الشارع تاني
-الله كنت عايزة أكلمك.
-كنتي عايزة حاجة يعني
هزت رأسها يميناً و يساراً، و وقفت متلعثمة تفرك أصابعها في بعضهم.
ليرأف هو بحالها ويهمس لها.
-طيب أنا رايح شغلي وهارجع قبل المغرب بأمر الله، يلا ادخلي بقى ولو عوذتي حاجة إبقى كلميني.
اومئت له براسها ودلفت داخل البيت متخطيه والدتها التي ما زالت تقف تراقبهم وعنـ.ـد.ما تخططها اشارت له بيدها متسائله بمعنى
– في ايه
رفع كتفاه ومط شفتيه السفلى لها بمعنى انه لا يعلم ثم اشار لها بالسلام واستقر سيارته وسريعا ما رحل.
❈-❈-❈
اغلقت ماجده بالمنزل واتجهت خلف ابـ.ـنتها التي تصعد الدرج سريعا لتوقفها
– استني يا شذى مش تقولي لي عملتِ ايه في الامتحان
وقفت على الدرج ناظره لها لترد عليها وتسالها بنفس الوقت.
-الحمد لله يا ماما هو مالك مشي
-اه مشي يا حبيبتي اطلعي غيري لبسك وانزلي كلي حاجه.
– لا انا هنام شويه هي خالتو فين
– في المطبخ انزلي سلمي عليها واقعدي معانا شويه وبعدين ابقي نامي زي ما انت عايزه.
أومئت لها براسها مؤكده
– طيب يا ماما انا هنزل لكم كمان شويه
صعدت الدرج سريعا واتجهت والدتها للداخل حيث شقيقتها
كانت جالسه كعادتها تحضر الطعام وعنـ.ـد.ما ولجت عليها شقيقتها سالتها
الحاجة مجيدة.
– ها رجعوا
ماجدة نافية.
– لا دي شذى بس اللي دخلت وطلعت اوضتهم مالك مشي تاني بالعربيه
– تلاقيه رجع المستشفى تاني وهي عملت ايه في الامتحان.
-بتقول الحمد لله، بس مش عارفة مالها زعلانة ليه
-ياختي هي من إمتى بـ.ـنتك دي بان عليها فرح، إلا ما شوفتها مرة بتضحك، ربنا رزقها بجمال البنات كلها بتحسدها عليه وهي عاملة زي البومة.
-على فكرة بقى الله يسامحك.
قالتها شذى الوقفة على الباب تستمع إلى حديثهم.
ضحكت الحاجة مجيدة مشاكسة لها.
-هايسامحني على ايه ولا ايه بس، دا كفاية إني بليت الواد الغلبان بيكي.
شذى بحـ.ـز.ن.
-كده برضو يا خالتو يعني أنا بلوة
-أه وبلوة كبيرة كمان، تعالي اقعدي هنا يا بت انتي
جلست بجوارها تفصص معها حبات البزلاء، لتكمل خالتها.
-ها مالك زعلك في ايه النهاردة؟
بكل سلبية أجابتها.
-عادي بقى يا خالتو أنا أخدت على كدة خلاص.
نفخت الأخرى بنفاذ صبر.
-أنطقي يا بت مـ.ـا.تطلعيش روحي معاكي.
شذى باحباط
-انا بجد تعبت من عصبيته دي تصوري اني لما خرجت من الامتحان كنت همـ.ـو.ت من الخـ.ـو.ف وانا لوحدي
ولما لقيته مستنيني فرحت وجريت عليه عارفه عمل ايه اول ما وصلت له
الحاجه مجيده مبتسمه لها
-عمل إيه يعني ضـ.ـر.بك.
– لا جرني من ايدي وراه زي المعزه وحدفني جوه العربيه وقعد يزعق ويقول لي،
فاكره نفسك طفله ولما وصلنا هنا بكلمه من شباك العربية لقيته بيزعق ثاني ويقول لي ما توطيش في الشارع كده
التفتت ماجده من امام الطاهي وهتفت
– ومش واخده بالك ان دي غيره يا شذى
شذى منتبهه الى والدتها
-غيرة ازاي يا ماما بس.
اردفت خالتها مؤكده بمثل شعبي قديم.
– زي الناس يا روح….. قال اللي ما يشوفش من الغربال يبقى اعمى يعني يعمل لك ايه اكثر من كده عشان يثبت لك انه غيران عليكِ،
يحطك في صندوق ويقفل عليكِ عشان تصدقي.
شذى بإنهيار.
– مش عايزاه يغير عليا عايزاه يبطل عصبيته دي كل شويه يا خالتو
خالتها ضاحكة.
– والله خايبة مش عارفه مصلحتك فين دا الغيره اساس الحب يا عبـ.ـيـ.ـطه.
❈-❈-❈
اصدرت الحاجة مجيدة امرها للجميع بأن يلتفو حول مائدة الطعام،
لم تأكل اي منهم شئ، حتى يستأنس بهم في افطاره، و ها هو يحضر من المسجد، بعد أن صلى صلاته مع ابيه.
كانت تجلس بجواره ساكنه تماماً، تعبث في طبقها و لم تأكل شيئاً، لاحظ هو هذا و همس لها…
-مابتكليش ليه؟
فرحت لأهتمامه بها، رفعت عيناها من علي الصحن ملتفته اليه،
لتراه يأكل بشراهه ولم ينظر إليها، لتهم بالوقوف من علي مقعدها بوجه عابث، هامسة بكلمه واحدة…
-شبعت
امسك يدها قبل أن تقف، مجبرها على الجلوس مره اخرى، مائلاً برأسه نحوها قليلاً.
-مش قولتي ان احنا في هدنه، وانا وفقت عليها، خلصي طبقك كله و هاجبلك حاجه حلوه.
لمعت عيناها بفرحه أخيراً، و علت ثغرها ابتسامه لطيفة، التفتت الي صحنها لتجده قد بدله لها باخر ممتلئ بكل انواع الطعام،
كما قطع لها قطعة اللحم، و أشار لها عليه أمراً….
مـ.ـا.تقوميش غير لما الطبق ده يخلص.
-بس دا كبير قوي.
-و انتي في اليومين دول خسيتي قوي، يا ريت بقى تاكلي عشان مـ.ـا.تبقيش رفيعة.
واذا به يلقى داخل اذنها بكلمة احمرت وجنتيها، و هو يقف من جانبها، دون أن يسمعه احدهم.
-احم انا مش بحبك رفيعة.
في غضون ثواني كانت قد انهت طبقها بالكامل، لدرجة ان وجهها قد احمر بالكامل.
❈-❈-❈
جلس مع ابيه على الاريكة الخشبية يحتسون الشاي، و يتحدثون سوياً، بينما جلسو الشقيقتان يتابعان التلفاذ، أما عنها هي فكانت تنظف الصحون بغرفة الطعام، ليلاحظ هو عدm وجودها، و يذهب اليها.
مالك واقفاً عند الباب
-شذى انا رايح اصلي العشا، لو سمحتي عايز لما ارجع الاقيكي صليتي و قاعدة بتذاكري بره.
شذي بأبتسامه هادئة
-حاضر
ابتسم لها و ذهب من امامها، لتلتفت هي الي ما بيدها و تكمله.
و بعد وقتٍ ليس بقليل كانت جالسه على الاريكة، مفترشة علي الطاولة الصغيرة بعض الأوراق، و منحنية عليها تمسك بيد هاتفها و بيدها الاخري قلم.
جلس هو بجانبها بعد أن عاد، ليضع امامها حقيبة صغيرة بها بعض انواع الشيكولاته.
فتحتها و امسكت ما فيها بفرحة كبيره، و بدون اي مقدmـ.ـا.ت ارتمت على صدره و عانقته مقبله وجنته كالاطفال.
ليتفاجئو بفعلتها و ينظرو الي بعضهم بفرحة، لتهتف والدته بمشاكسة.
الحاجة مجيدة
-ليكم أوضة تعملو فيها الحاجات دي، بلا قلة أدب.
لترد شقيقتها بلطافة
-الله مـ.ـا.تسيبي العيال يضحكو شوية مع بعض يا مجيدة هما عملوا ايه يعني، بت يا شذى هو مالك جايبلك ايه، هاتي حته.
شذي ناظرة إليهم بشر
-لاء مالك جايبهم ليا انا بس، و مـ.ـا.تركزوش معانا بقى من اول الليلة الله يبـ.ـارك لكم.
فتح هو جهاز حاسوبه و قرر ان يشغل نفسه به بعد أن قبل رأسها و ابعدها عنه برفق، متابعاً مشاكستهم معاً، ويرى أيضاً وجه ابيه الواجم.
مجيدة بأسف
-حسرة عليا، الا ما دخلت على امك بحتة شيكولاته واحدة، لكن الأميرة شذى تجيلها شنطة مليانه مش كده.
مالك ملفتاً نظرها
-قللي انتي بس السكر اللي عندك و انا اجبلك اللي انتي عايزه يا سكر.
أسرعت ماجدة خاطفة واحدة من الحقيبة و همت تجري من أمام ابـ.ـنتها على الدرج بضحك.
-طب انا بقى ماعنديش سكر، و هاخد واحدة يعني هاخد ههههههه.
قفزت شذى من علي الاريكة، تجري خلفها و سقط حجاب رأسها من عليها لينسدل شعرها على ظهرها امامه،
لتعم المنزل فرحه غريبة و تعلو به أصوات الضحكات.
شذي بشراسة
-و كمان اخدتي اكبر واحدة، طب والله يا ميمي ما هاسيبك.
هتفت مجيدة بضحك وهي جالسة مكانها
-شاطرة يا بت يا ماجدة، كليها كلها و مـ.ـا.تسبيش ليها حاجة يا بت.
التفتت شذى إليها عابثه
-اخ ياني منك انتي يا ماري اروح منكم فين بس يا اخواتي.
همت ماجدة بفتحها، لتلتهمها و هي تصعد الدرجات قائله بفم ممتلئ
-هاكلها كلها.
للتتعثر في اسدالها و تسقط على الدرج في مقابلة ابـ.ـنتها التي اسندتها منفزعه عليها بصرخة
-يا لهوي ماما الحقني يا مالك.
ماجدة متئلمة
-اه مـ.ـا.تخفيش يا شذى، انا كويسة.
مالك منحنياً عليها
-خالتي انتي كويسة بجد قومي اقفى كدة.
اتكأت على قدmها و همت بالوقوف مستنده على راحة يده، لكنها تألمت قليلاً.
-الظاهر ان رجلي اتجزعت طلعني اوضتي يا مالك.
مالك نافياً ناظراً الي قدmها
-اوضتك ايه بقى، البسي نقابك يا شذى و حصليني على العربية.
جرت شذى سريعاً للأعلي هاتفه بخـ.ـو.ف
-حاضر حاضر.
ماجدة بعدm فهم
-هاتوديني على فين، انا كويسة.
مالك بضجر و هو يحملها
-بلا كويسة بلا ني… بقى، انتو ايه مابتعرفوش تفرحو ابداً، من غير ما يحصل حاجة.
همت الحاجة مجيدة بالذهاب خلفه و هي تلف حجابها
-محسودين و النبي يا ابني والعين علينا، مش مكتوبلنا نفرح ابداً.
اجلسها مالك على مقعد السيارة الأمامي مستغفراً
-استغفر الله العظيم واتوب اليه، انتي رايحة على فين انتي كمان، ادخلي جوه لو سمحتي يا أمي.
الحاجة مجيدة مزيحة يده فاتحه الباب الخلفي للسيارة
-وسع يا واد انت من سكتي، انا مش هاسيب اختي يا حبيبي.
ترجلت الصغيرة سريعاً على الدرج مرتدية نقابها، لتتقابل مع ذلك الكهل الكاره لها بالأسفل، ليقذفها بكلمـ.ـا.تٍ صاخبه.
الشيخ حسان
-عمرك ما هتبقى مصدر سعادة ليه ابداً، هاتفضلي دايماً مصدر تعبه و حـ.ـز.نه.
سالت دmعاتها و رمقته بنظرة كارهه، وغادرت المكان سريعاً، و هي تبكي بشـ.ـدة.
❈-❈-❈
أخذها الي المشفى، و عنـ.ـد.ما وصلو الي هناك كان الألم قد تملك منها و ازداد ورم قدmها، ليأمر هو العاملين بأخذها الي قسم العظام
وبحث عن الطبيب المختص، و الذي يدعي بالدكتور عبد الرحمن الفولي.
هو راجـ.ـل بأواخر العقد الرابع من عمره، ولكن من يراه يحتسبه شاب ثلاثيني، نظراً لجسده الرياضي و وجهه ذو الملامح الوسيمة.
العجيب انه انجذب الي عين ماجده من اول نظره، كما ابتسم جداً علي حيائها، و خجلها منه،
فكلما أراد الكشف على قدmها، اسدلت طرف اسدالها عليها ناظره الي ابن اختها بخجل.
سألها الطبيب بعض الأسئلة من ضمنها، كان السؤال الذي لا يعجب النساء دائماً.
دكتور عبد الرحمن
-عندك كام سنه يا مدام ماجدة.
ماجدة ناظرة له شرزاً
-خمسة و أربعين سنه.
دكتور عبد الرحمن بضحك
-بس شكلك أصغر من كده على فكره، ثم وجه حديثه لمالك،
-لازم نعمل اشاعه على رجليها يا دكتور، شكله كـ.ـسر مضاعف انتي وقعتي ازاي.
لم تخبره او حتى ترفع عيناها له، و ازداد احمرار وجهها لتخفض رأسها موارية عيناها منه.
اردف مالك بدلاً عنها ضاحكاً
-كانت طالعه السلم بتجري و هي بتاكل شيكولاتة فوقعت من عليه.
صفعه قوية أخذها على يده منها، لتأدبه و هي تهمس له
-اسكت يا ولد انت.
الدكتور عبد الرحمن ضاحكاً على خجلها
-طب هو يعني ماكنش ينفع تاكليها و انتي قاعدة، السن برضو ليه حكمه.
اردفت ماجدة هامسه لمالك بعد أن أعطاها ظهره
-ايه قلة الذوق دي، في حد يقول كده لواحدة ست.
مالك ضاحكاً
-الله ما هو الراجـ.ـل برضو معاه حق.
ماجدة مغتاظة منه
-كـ.ـسر حقه على حقك، و الله يا مالك لقول لمجيدة عليك، استنى عليا بس اما رجلي تخف دي بتو.جـ.ـعني اوي.
مالك مبتسماً لها
-ههههه معلش بقى يا ميمي ما هو السن ليه حكمه و العضمه كبرت برضو.
ماجدة مشتعلة من الغـ.ـيظ
-كده يا مالك والله لوريك بس اما نروح.
لتشهق بخضه عنـ.ـد.ما اتاها صوت الطبيب من خلفها.
دكتور عبد الرحمن
-يلا عشان نعمل الاشعة.
مد مالك يده مدخلاً بعض خصالها الناعمه المتمرده داخل حجابها، لتقوم هي بعدله،
و إذا به يبتعد عنها و يتركها للممرض ليزج المقعد الجالسه عليه للخارج.
نظرت هي له برجاء الا يتركها وحدها، فوقف بجانب والدته و زوجته، رافعاً كفيه لها بعلامة الاستسلام.
❈-❈-❈
أخذهم وجلسو بأنتظارها في مكتبه، حتى تأخذ زوجته راحتها، و ترفع نقابها عن وجهها
الممتلئ بالدmـ.ـو.ع.
جلست بجوار خالتها، والتي بدورها امالت رأسها على صدرها تربت عليها بحنان.
الحاجة مجيدة مطمئنة
-مـ.ـا.تخفيش عليها يا شذى ماما هتبقى كويسة يا حبيبتي.
شذي موجهه حديثها الي زوجها
-انتو لقيتو في رجلها ايه يا مالك؟
مالك بجدية
-رجلها اتكـ.ـسرت يا شذى و الدكتور بيعمل ليها إشعة عشان يعرفو الكـ.ـسر فين بالظبط.
شذي ببكاء
-يا حبيبتي يا ماما.
مالك بهدوء
-ممكن تبطلي عـ.ـيا.ط وتقعدو هنا لحد ما اخلص انا و هي و هاجي اخدكم تاني.
شذي نافية
-لاء خدني معاك ليها.
مالك بأمر
-لاء اقعدي هنا، و مش عايز كلام كتير سيبيني اشوف شغلي بقى.
و هنا تدخلت الحاجة مجيدة قبل أن يحتد الأمر بينهم
-خلاص يا مالك انا هاقعد انا و هي هنا لحد ما الاشعة تطلع و بعدها هانروح ليها.
اجلستها مرة اخري بجانبها، ليومئ هو برأسه لهم، و يتركهم و يذهب.
❈-❈-❈
ذهب إلى قسم الأشعة، حيث كانت قد بدئت بالفعل عملها، و وقف رافعها امامه يشاهد ما بها، ليجد الكـ.ـسر مبين في كاحل القدm اليمني.
فاشار للدكتور عبد الرحمن بجدية
-كـ.ـسر مضاعف في الكاحل.
ليردف الطبيب ايضاً
-هاتحتاج لجبيرة من الجبس لمدة واحد و عشرين يوم.
مالك موافقه الرأي
-تمام، احنا مستنين ايه.
الطبيب بضحك
-الحقيقة هي بدئت تحس بالألم، و بصراحه كمان من كتر خجلها مش عايزة تخلي حد يقرب ليها.
ابتسم مالك له و هتف
-طب اتفضل حضرتك معايا و انا هاعرف اتصرف معاها وانتو بتعملوا ليها الجبيرة.
الدكتور عبد الرحمن بخجل
-هي اختك يا دكتور مالك؟
مالك ناظراً له ضامماً حاجبيه
-لاء يا دكتور هي خالتي و ام زوجتي.
ظهرت ملامح الحـ.ـز.ن على ملامح الطبيب، الذي احنى رأسه و اردف
-متزوجة.
مالك مبتسماً له
-ارملة.
عادت الابتسامه الي وجهه مره اخرى، ونظر اليه فرحاً
دلفو إليها ليجدها تبكي متألمة في صمت.
مالك رابتاً على كتفها امامه
-ايه يا ميمي الجميل زعلان ليه.
وكأنها وجدت طوق نجاتها أمسكت يده متشبثه به
-مالك الحقني تعالي شوف الراجـ.ـل ده عمل في رجلي ايه، من ساعة ما عملي الاشعة وهي قايدة نار.
جحظت عين الدكتور عبد الرحمن ورفع لها حاجبه الأيمن هاتفاً
-حـ.ـر.ام عليكي يا شيخه، هو انا لسة جيت جانبك، عشان تتبلي عليا كده.
ماجدة ضاممه حاجبيها هامسة لمالك
-ايه يا اخويا البلاوي دي.
مالك بضحك
-هههههه انا عارف يا اختي.
كلما اقترب من قدmها الممدده امامها، ابعدت يده قبل أن تلمسها، تحاول اخفائها تحت اسدالها بتألم.
ليهتف الدكتور عبدالرحمن فيها بوجه مغتاظ:
-و بعدين معاكي يعني انا كده مش هاعرف اشوف شغلي.
ماجدة ببكاء هادئ
-شغل ايه يا بتاع الجبس انت، فاكر نفسك بتشطب شقه ولا ايه.
رفع حاجبه بضجر، و يبدو على هذا الطبيب ان رفع الحاجب طبع من طباعه.
دكتور عبد الرحمن
-بقى الدكتور عبد الرحمن الفولي يتقاله بتشطب شقه يا جبـ.ـارة.
همست لنفسها بغضب ظانه انه لا يسمعها:
-مغرور اوي.
-سمعتك على فكره.
رمقته بعناد
-لو سمحت مـ.ـا.تقربش مني، و هاتلى الدكتور مالك ابن اختي، خليه يجبلي دكتورة تعالجني.
زم شفتيه و ترك اشيائه من يده وجلس على المقعد بجانبها، مردفاً بلا مبالاه.
-طب تمام خليكي بقى قاعدة تعيطي بو.جـ.ـع كده لحد ابن اختك ما يجيلك،
وعلى فكرة مافيش دكاترة عظام ستات موجدين دلوقتي.
لم تبالي به و كورت يدها تحت وجنتها، تنتظر ابن اختها بألم.
ليهز رأسه نافياً بتفكير
-عنيدة، ممكن اسألك سؤال.
نظرت له شرز و اردفت بملل
-اتفضل
انحني للأمام ممسكاً بأشيائه مرة اخري
-لو نفرض مثلاً انك وقعتي في الشارع بدل البيت، و جيه راجـ.ـل غريب يساعدك، ماكنتيش هاتخليه يساعدك وانتي بحالتك دي،
ولا كنتي هاتخلصي نفسك عشان تقدري توقفي على رجلك تاني.
ماجدة وهي تشعر بأن قدmها قد تخدرت من شـ.ـدة الألم.
-خلاص المعلومة وصلت، اتفضل شوف شغلك وخلصني.
ضحكة صاخبة أطلقها ناظراً لها
-انتي ليه محسساني انك بتكلمي نقاش مش دكتور عظام خالص.
علا جانب شفاها العلوية ساخرة
-لاء ازاي دكتور و سيد الدكاتير كمان ، مـ.ـا.تقولش على نفسك كده، بس يا ريت تخلصني بقي.
ضحكته العالية أظهرت وسامته، معلقاً على كلامها
-الدكاتير دي اللي هي جمع دكتور يعني.
❈-❈-❈
فتح الباب مقبلاً عليهم و هو متمسك بيد زوجته الباكية، و من خلفهم دلفت والدته.
جرت شذى لتحتضن والدتها
-يا حبيبتي يا ماما، انشالله انا و انتي لاء.
ماجدة محتضنه ابـ.ـنتها بخجل
– بعد الشر عليكي يا شذى انا كويسه يا حبيبتي و الله، حتى اسألي الدكتور قولها حضرتك.
انهي الطبيب عمله، و نظر لهم بأبتسامة
-اطمني خالص ماما زي الفل، بس انتو حاولو بقى مـ.ـا.تخدوش منها الشيكولاته،
عشان مـ.ـا.تضطرش تجري وتكـ.ـسر زي الأزاز كده تاني.
ضحكو جميعاً بينما خجلت هي من مشاكسته هذه، ورمقت مالك بغضب.
ماجدة ملقية عليه اللوم
-عجبك كده، كان لازم تقوله على الشيكولاتة.
مالك ضاحكاً هامساً لها
-الله مش انتي اللي خـ.ـطـ.ـفتيها و جريتي، و هو سألني اكدب يعني.
-لاء يا اخويا ما تكدبش، افضحني انا مع صاحبك، دا زي ما يكون ماسك عليا زله يا مالك.
زجته والدته من جانبها و هو يضحك لتردف لها
-سلامتك يا ماجدة الف سلامة عليكي يا حبيبتي، حاسة بأيه دلوقتي.
ماجدة مطمئنة لها
-انا كويسة يا مجيدة، ثم اردفت مداعبة لهم، و النبي يا جماعه ما تخـ.ـو.فوني على نفسي، و لا تحبو اقوم اجري ليكم تاني يعني.
فاجئهم الطبيب برده منزعجاً منها
-لاء مانحبش و يا ريت بقى ترتاحي الواحد و عشرين يوم دول خالص، و تحاولي بقدر الإمكان مـ.ـا.تضغطيش على الجبس او تجيبي عليه مايه.
نظرت ماجدة الي ابـ.ـنتها، ثم التفتت إلى شقيقتها، و عادت لتجذب مالك من يده، لتجبره على الانحناء لها مزمجرة له
-مشيني من هنا قبل ما اقوم اخـ.ـنـ.ـق الراجـ.ـل ده.
❈-❈-❈
عادو بها إلى المنزل، و الجميع يضحكون معها إلا شذى، التي كانت هادئة حزينة ملتصقة بوالدتها.
عاونها مالك على المكوث بغرفتها و ارقدها في فراشها، لتتفاجئ بأبـ.ـنتها تقتسم معها الفراش بعد أن تخلت عن نقابها.
ماجدة ضاممة حاجبيها بأستهجان
-بتعملي ايه يا شذى؟
شذي جاذبة الغطاء عليهما
-هنام جانبك، انا اصلاً مش هاسيبك تاني ابداً.
ماجدة بغضب
– قومي يا بـ.ـنت علي اوضتك بلاش دلع، ثم التفتت الي مالك الذي مازال واقفاً و اردفت.
خد مراتك و سيبوني ارتاح يا مالك يلا بقي انا عاوزة انام.
مالك بمحبه
-خليها معاكي عشان لو عوزتي حاجه انا كده كده طالع الخلوه، عشان هاقيم الليل.
ماجدة نافية
-لسه بدري على قيام الليل، ادخلوا ارتاحوا شوية و لما يجي ميعاد قيام الليل تبقى تيجي تنام هنا.
شذي بحـ.ـز.ن
– انتي بتدوري على راحته هو، و سايبة بـ.ـنتك على العموم ريحي نفسك يا ماما انا مش هاقوم تاني، و هافضل لازقة فيكي كده علطول.
ابتسم مالك على ضجر زوجته و قرر تركهم معاً
-طب عن اذنكم انا بقى، تصبحي على خير يا خالتي و لو حسيتي بتعب او ألم مش قادرة تستحمليه، اتصلي بيا وانا هنزلك.
ماجدة ممتنة له بمحبه
-تسلملي يا حبيبي، انا تعبتك معايا النهاردة.
ذهب مالك و تظاهرت هي بالنعاس، لتلكزها والدتها.
-قومي نامي في اوضتك و بطلي دلع يا شذي.
شذي بوجه عابث
-دلع ايه يا ماما، واحدة و مش عايزة تسيب مامتها التعبانه، يبقى فين الدلع في كده بقى.
ماجدة محاولة افهامها
– يا حبيبتي انا هنام، و مش هحتاج حاجة، و اللي محتاجك دلوقتي هو جوزك، اللي كان جايبلك الشيكولاته يا شذى.
ضمت حاجبيها بعدm فهم
-و فيها ايه يا ماما لما يجبلي شيكولاته، بيديني رشوة مثلاً عشان عايزني اعملوا حاجه.
ماجدة بغـ.ـيظ من ابـ.ـنتها
-اه يا ختي رشوة، لتزجها بيدها من علي الفراش اقولك على حاجة قومي يا بت انتي، روحي نامي في اوضتك انا مش عايزكي تنامي جانبي.
وقفت من علي الفراش قبل أن تسقط بضحك، و اذا بها تلتف بجانبها من الجهه الاخري تحتضنها و تقبل رأسها.
شذي بحب
-انا بحبك اوي يا ماما.
ربتت ماجدة على ذراعها، و احنتها لتطبع قبلة على وجنتها بحنان.
-انا كمان بحبك اوي يا قلب ماما، يلا يا حبيبتي اطفي النور و روحي ارتاحي، و انا لو حسيت بحاجة هاندهلك.
اومئت لها برأسها، و اغلقت إضاءة المصباح لها و ذهبت.
❈-❈-❈
فتحت باب غرفتها وجدتها مظلمة، فاعلمت بأنه لم يدخلها، كان الجو دافئاً في هذه الليلة، فاقررت ان تشلح ادنائها من عليها ، و تنام بمنامتها الداخلية القصيرة.
تمددت على الفراش و جذبت الغطاء عليها، لتشعر بأنفاس منتظمة جانبها، مدت يدها ببطئ،
لتتحسس مكانه لتجده غافي بجانبها عاري الصدر، شعرت بالدmاء تنفر من عروقها، فاشهقت و انتفضت حين رفع ذراعه دون وعي، و حاوط خصرها به.
انتفض هو الاخر و اعتدل جالساً ليسقط الغطاء من عليهما، منير ضوء المصباح الجانبي الصغير.
سحبت هي الغطاء عليها تداري صدرها و كتفيها به، فهتف منزعجاً بنعاس.
-الله انتي مش قولتي هتنامي عند مامتك، جيتي ليه؟
شذي محاولة جذب الغطاء عليها أكثر.
-ماما قالتلي عايزه تنام براحتها، انت مش قولت انك هاتطلع فوق.
رقد مالك مرة اخري على الفراش غير عابئ بهذا الغطاء الذي سحبته بالكامل، معطيها ظهره.
-قولت انام انا كمان ساعة و لا حاجة، و بعدها هاطلع مـ.ـا.تقلقيش، ليمد يده و يغلق ضوء المصباح مرة أخرى.
شعرت بالاسف من أجله، اعتدلت جالسه هامسة له بحـ.ـز.ن
-انا متشكرة.
التفت برأسه لها و همس
-بتشكريني على ايه يا
شذي.
ضمت ركبتيها الي صدرها، واسندت ذقنها عليهم لتجيبه بشهقاتها و عينها الدmعه.
-على كل حاجه يا مالك، على انك وافقت اننا نبطل خناق شوية، و على انك حاولت تفرحني النهاردة بالشيكولاته، و على تعبك مع ماما كمان.
اعتدل على ظهره متألماً من أجلها
-ودا بقى اللي مخليكي تعيطي، طب يا ستي مـ.ـا.تشكرنيش على حاجة تاني.
ما زادت كلمـ.ـا.ته عليها الا بكاءً، حاولت كتم أنفاسها براحتي يدها، حتى لا يعلو صوتها، ليتفاجئ هو بفعلتها هذه، أضاء المصباح مرة أخرى، والتفت إليها ليظهر امامه جسدها شبه العاري.
كان على وشك ان يلمسها، لكنه تراجع وابعد يده عنها….
-طب بتعيطي ليه دلوقتي؟
بدون اي مقدmـ.ـا.ت نظرت اليه، والقت نفسها على صدره…
-عشان مش عايزة ابقى لوحدي، انا لما ماما وقعت و روحنا المستشفى النهاردة خـ.ـو.فت اوي.
مالك محاولاً السيطرة على نفسه
خـ.ـو.فتي من ايه بس، مانا جانبك و معاكي اهو.
غمرت وجهها في صدره، ولفت يدها حول خصره واجهشت في البكاء….
-لاءه انت عايز تسيبني، و ماما لو جرالها حاجة انا هبقي لوحدي يا مالك، مش هيكون معايا حد تقدر بقى تقولي هاعمل ايه و انا لوحدي.
ضمها الي صدره اكثر مهدئاً لها
-مش هاسيبك
حتى بعد ما ننفصل عن بعض، برضو هتبقى تحت عيني و هاخلي بالي منك.
رفعت وجهها له تلومه بدmعها واردفت بكلمه واحدة
-ننفصل!
مالك رابتاً على شعرها، هابطاً بيده الي عنقها بطئ.
-مش احنا اتكلمنا في الموضوع ده قبل كده، و قولنا هناخد هدنه و مش عايزين نتخانق.
شذي بحب
-بس انا مش عايزة ننفصل يا مالك.
مالك بضعفٍ أمام جمالها الهادئ
-صدقيني ولا انا كنت عايز كده، بس انا مش عايز حد فينا ينـ.ـد.م يا شذى.
-عمري ما هنـ.ـد.م وانا معاك.
-انتي قولتي انك مش عايزة واحد ضعيف، و انا طول عمري في حالي و مش بحب المشاكل.
-بس بتحبني، قولها يا مالك سمعهالي.
ابعدها عن صدره محاولاً الالتفات للجهة الاخري، هارباً من سحر عيونها.
-اقولك ايه بس نامي يا شذى.
شذي ملتفتة الي الجهه الاخري
-انا بجد اسفه، مـ.ـا.تزعلش مني، و صدقني عمري ما هاطلبها منك تاني، و لا هاطلب منك انك مـ.ـا.تسبنيش تاني.
استدار على جانبه الاخر لها، ضمها الي صدره بتملك قبل عنقها من الخلف برفق، هامساً لها.
-طب ممكن تنامي بقى و تسيبيني انام انا كمان.
شذى محاولة فك يده من عليها.
-طب سيبني عشان انام.
-بس انا عايزك تنامي في حـ.ـضـ.ـني كده.
شذي مجففه دmعها
-مش كل حاجة انت تعوزها تحصل، في حاجات كتير اوي بنعوزها و مابتحصلش.
فقد كل السيطرة الان و همس لها
-عايزة مني ايه، بتتعبيني و بتتعبي نفسك ليه.
شذي بأنكسار وضح عليها
-مش عايزة اكون لوحدي، عايزاك معايا حبني و خاف عليا ، مـ.ـا.تسبنيش يا مالك.
لفها بين يده كاعرائس الماريونت
و هتف
-بحبك يا شذى.
اقتحمت قبلته كرزتيها، و لم يلقى اي اعتراض منها بل شعر وكأنها تستقبل قبلته بكل ترحيب.
تتجاوب معه و تهمس بها مرة تلي الاخري، و في كل مرة كان يشعر بتجاوبها معه، وهو يتحسس جسدها المرمري بكل راحة.
ليلحق صرخة كادت ان تفلت من ثغرها بقبلة طويلة، معلناً لنفسه ولها بأنها أصبحت زوجته حبيبته شرعاً و قانوناً.
وتنهي شهرزاد ليلتهم صامته عن الكلام المباح.
❈-❈-❈
الليلة اكتملت فرحته بها، كانت السعادة تغمره، و هو يجلسها على قدmه، يحتضنها جيداً، يمطر وجهها بقبلات رقيقة سريعة متفرقة.
لقد أصبحت زوجته بكامل إرادتها، دون أن تزجره او ترتعب منه و تبتعد عنه، مثل كل مرة، أظهرت له دليل عفتها و طهارتها، وأعلن لها حبه و مضى بكل شوق سق ملكيته عليها.
عيناها تسترسل لألئها الماسية بهدوء، و يستقبلها هو بشفاه مجففها لها، تعانقه بيديها، ويحاوط خصرها بتملك تام.
مالك مقبلاً عنقها، هامساً داخل اذنها
-لسه تعبانة.
اومئت له برفق، والصقت وجنتها بجانب لحيته.
شذي بشهقات هادئة
-هنعمل ايه دلوقتي، مش كنت سمعت كلامي و روحنا شقتنا احسن.
مالك ساخراً من نفسه و منها
-اعملك ايه بس مش انتي اللي جننتيني، و جيتي في حـ.ـضـ.ـني، كان لازم يعني تطلبي الهدنه دي، اديني نهيت الحرب كلها، وانتصرتي عليا بحبك يا شذى.
كانت تشتد بيدها على عنقه، و تلتصق به اكثر واكثر، وكأنها تريد أن تسكن بين ضلوعه.
شذي متقبلة شوقه بكل ترحيب
-عشان تبطل تبعد عني، و تهددني كل شوية بالانفصال، و تحبني بس.
ضمها هو الاخر اكثر واكثر، لدرجة انها تأوهت من قوة ضمته
-خلاص مافيش حاجة اسمها انفصال، احنا بقينا واحد، عمري ما هاسمحلك تبعدي عن عيني لحظه واحدة.
❈-❈-❈
في تمام الثانية صباحاً، فتح باب المرحاض متلصصاً للخارج، ملتفتاً يميناً و يساراً، متمسكاً بيدها خلفه، وهي مختبئة في جسده.
شذي هامسه له
-هاه في حد بره.
مالك بريبة ينظر للأعلي
-لاء مافيش يلا اطلعي بسرعه، وانا هطلع الخلوة بتاعتي أقيم الليل بقى.
شذي بدلال له
-لاءه مـ.ـا.تسبنيش لوحدي، تعالي صلى في اوضتنا.
مالك بسخرية
-اطلعي يا شذي الله يهديكي، هو انا لو طلعت معاكي هاصلي اصلاً.
جرت من أمامه و هي تضحك، وتلهب قلبه بدلالها ، ليبتسم لها و يعود الي المرحاض، ليتوضأ مرة أخرى.
❈-❈-❈
قبل أن تقبض على باب غرفتها وقفت بفرحة تنظر إلى غرفة والدتها، تريد أن تذهب إليها لتخبرها بمدى سعادتها، لكن كيف تقول هذا و قد أخبروها منذ اول ايام زواجهم به.
عزمت امرها ان تذهب إليها، لكن لن تقول شيئاً، ستقول انها اتية لتطمئن عليها فقط إن استيقظت.
فتحت الباب بهدوء، ولجت إليها في الظلام، وانحنت على رأسها و قبلتها.
استيقظت ماجدة و عيناها كلها نعاس، فاهمست لها بصوت متحشرج
-الله شذى، سيبتي جوزك وجيتي ليه.
شذي بتلعثم
-مافيش يا ماما، مالك طلع الخلوة بتاعته، و انا جيت اطمن عليكي بس.
ماجدة بسخرية
-طلع الخلوة بتاعته، دانا قولت ربنا هداكم و نمتو بعد الدوشه اللي كنتو عاملينها دي.
شذي بشهقة
-ها يا لهوي عليكي يا ماما، انتي كنتي سمعانا.
ماجدة بضحك
-ههههههه اه ياختي، إنما قوليلي انتي نزلتي الحمام و….. دلوقتي.
شذي بخجل منها
-الله يا ماما بقى.
ماجدة بضحك اكثر
-هههههههه ربنا يسعدك و يفرحني بعوضك قريب يا حبيبتي.
شذي بتفكير
– عوضي!
ماجدة موضحة لها
-اه شـ.ـدي حيلك بقى و هاتي لينا بيبي صغير كده نلعب بيه و يملي البيت كله فرحة.
شذي بتذكر
– ان شاء الله يا ماما، اصلاً مالك بيحب الأطفال قوي.
ماجدة داعية لهم
-ربنا يرضيكم ويسعدكم يا رب يا حبيبتي.
❈-❈-❈
انها الثالثة ظهراً مازلت غافية في فراشها، و لم يزعجها اي منهم، بأمر من زوجها الذي ايقظها عند اذان الفجر لتصلي خلفه، و بعدها تركها تغفو كما تشاء.
ليعود من عمله و يدلف اليها، جلس بجانبها على الفراش، يعبث في شعرها بحنان.
مالك هامساً لها بهدوء
-حبيبي مش هيصحي من النوم و يفقولي شوية.
فتحت عيناها بلمعة براقة و همست
-مالك.
مالك بفرحه
-قلب مالك و روحه يا ناس.
يلا قومي بقى انا عايز حاجة حلوة على الفطار.
استدارت شذي معطياه ظهرها بدلع
– لاء انا تعبانة.
مالك زاماماً شفتيه
-سلامتك يا قلبي، يعني هاتفضلي نايمة و سايبة مالك لوحده كده.
لفت وجهها اليه ناظرة ومستفهمه
-عايز ايه يا مالك.
مالك ضاحكاً
-هههههههه على فكرة انا صايم يا شذى، و دmاغك مـ.ـا.تروحش لبعيد.
شذي متأففه
-طب خلاص سيبني انام بقى لحد المغرب.
مالك محزرها
-خلاص على راحتك نامي، بس بقى ابقى شوفي هتقولي ايه يا حلوة لما الحاجة مجيدة تسألك سايبة امك تعبانة لوحدها ونايمة كل ده ليه.
قفذت الغطاء من عليها وزجته من جانبها معتدله لتنزلق للأسفل.
-يا لهوي على الكسوف اللي انتي فيه يا شذى، قولتلك نروح بيتنا يا مالك.
اوقفها سريعاً قبل أن تفتح الباب
-رايحة فين بالبيجامة و بشعرك ده.
التفتت له بضجر
-اوف بقى هو انا لسه هالبس الاسدال.
أشار لها بيديه منهياً الحديث
-مـ.ـا.تحوليش عشان مافيهاش نقاش دي على فكرة.
دبت قدmها في الأرض كالاطفال وجذبت اسدالها من علي المشجب لترتديه.
وقف هو من خلفها مقبلاً رأسها هامساً
-عايز اكل رز بلبن من ايدك الحلوه دي، يلا صلي العصر واعمليه ليا.
التفتت له بحب و اردفت
هاعملك حاجه احلى منه و اشوف بقى هتعجبك و لا لاءه، و قبل ان تقبل وجنته ابتعد عنها سابقها الي الخارج.
-يلا يا شذى الله يرضى عليكي يا بـ.ـنتي يلا.
ضحكت بصوت مرتفع و هي تراه يهرب سريعاً من امامها.
❈-❈-❈
ذهبت إليهم بالأسفل، و كان وجهها مشرقاً بطريقة ملفته لهم، لتضم خالتها حاجبيها مبتسمة لها
-نموسيتك بامبي يا بـ.ـنت اختي صح النوم يا أميرة شذى.
شذي بوجنتان بلون حبات الفراولة
-انا نمت كتير النهاردة معلش اصلي كنت تعبانة شوية.
ربتت ماجدة بحنان على ظهرها
-نوم العوافي يا حبيبتي ماجراش حاجة، ما هو مالك قالنا الصبح.
جحظت عيناها والتفت سريعاً الي زوجها تنظر اليه بريبة.
مالك مطمئناً لها
-طلما السهر في المذاكرة بيتعبك كده مـ.ـا.تبقيش تسهري تاني.
تنفست الصعداء و هدئت نفسها واردفت هامسه له
-حاضر.
وهنا تحدث ابيه بوجه واجم
-طب يا ريت بقى تسيبك من الكلام الفاضي ده، وتقول لينا الموضوع المهم اللي سيبت امك عمايل الاكل عشانه.
رمقته شذى بعين كارهه، لا تعلم سبب عداء هذا الرجل لها.
بينما فاجئهم مالك بجملة، اجحظت عيونهم، و شهقت نفوسهم.
مالك ناظراً الي خالته مبتسماً
-ماجدة جايلها عريس.
-يا نهار اسود.
كان هذا رد ماجدة عليه حين تفاجئت بكلمـ.ـا.ته، لتوقفها شقيقتها معنفه.
الحاجة مجيدة بفرحة غريبة
ناسود ليه يا هبله ما هو ابيض بلون الجبس اهو، قولنا يا واد يا مالك، مين يا حبيبي العريس ده.
مالك ضاحكاً
-هههههه بتاع الجبس يا أمي.
الحاجة مجيدة
-يا الف نهار ابيض، والنبي من ساعة ما شوفته وانا حاسة.
ماجدة ناهرة لها
-اسكتي يا مجيدة، عريس ايه و…. ايه لاء طبعاً قوله طلبه مرفوض يا مالك.
رفع مالك كتفه بلا مبالاة و هتف
-خلاص زي مانتي عايزة بس ممكن اعرف رافضة ليه، متهيألي دا عريس مايترفضش يعني، دكتور كبير، و له مركزه.
ماجدة نافية
-و انا مالي بمركزه، هو انا هاطلع ليه بطاقه و لا اصلاً عايزة اعرفه.
مجيدة بضجر لاختها
-و هاتعملي ايه بوحدتك يا ختي، بـ.ـنتك وانتي مطمنه عليها مع جوزها،
وانتي مش كبيرة اوي، وحلوه تقدري تقوليلي هتقعدي لوحدك في البيت ازاي،
انا اصلاً ماكنتش هاسمح ليكي تقعدي لوحدك يبقى تقولي لاء على العريس ليه بقى.
ماجدة بصخب
– انتي خلاص خلتيه عريس، و لا تكوني ناسية اني ارملة لسة مكملتش تلات شهور، و لا أصلاً تكونو ناسين اللي انا و بـ.ـنتي فيه.
التفتتو جميعاً الي تلك التي مازالت واقفة، تفرك يدها في بعضهم بصمت.
ليشير لها زوجها بأن تأتي له
-الله واقفة كده ليه يا شذى تعالي اقعدي جانبي هنا.
اعطتهم ظهرها و التفتت للرواق سريعاً، وهي تردف بغضب
-اقعد ليه الموضوع كله مايهمنيش من أصله.
❈-❈-❈
وقفت بعين دامعة تكمل ما كانت تطهيه خالتها من طعام الإفطار، و لم تنسى أن تعد له حلواه.
ولج هو من خلفها، ليفهم منها لما الحـ.ـز.ن او الرفض الذي قرأه في عيناها.
مالك بهدوء
-بتعملي ايه.
شذي بتهجم
-بسبوسة
مالك متصنعاً الفرحة
-الله الله بسبوسة مره واحدة، خدي بالك انا بحب الحلويات، و انتي كدة هاتخليني اتخن و هيبقى شكلي وحش.
مازلت محتفظة بوجومها لكنها همست
-لاء انت حلو في كل حالتك.
مالك بضحك
-دي معاكسة صريحه بقى.
شذي بحـ.ـز.ن
-سيبني في حالي يا مالك.
مالك رابتاً على كتفها
-خلاص يا قلب مالك حالك بقى هو حالي، قوليلي بقى الجميل زعلان ليه و مزعلني معاه.
شذي و قد نظرت له بعين دامعه
-عايزني افرح و امي جايلها عريس.
مالك ضاممها الي صدره مأنباً لها
-مـ.ـا.تبقيش أنانية يا شذى، انتي عجباكي وحدتها دي،
مامتك لسه صغيرة و حلوة، و حـ.ـر.ام تعيش وحيدة.
رفعت وجهها و ابتعدت عنه
-هي مش لوحدها و لا حاجة، ما هي قاعدة معانا اهيه و انا مش بسيبها الا وقت النوم بس،
و لو عايزة انام معاها في الاوضة كمان، مش هاسيبها بس مـ.ـا.تتجوزش حد بعد ابويا.
قرص مالك على اذناها من اعلى حجابها معنفاً لها بهمس
-تنامي فين ها، الكلام ده كان ممكن اسمح بيه قبل اللي حصل بينا امبـ.ـارح،
إنما النهاردة لاءه يا حبيبتي انتي مش هتنامي جنب حد ولا في حـ.ـضـ.ـن حد غيري انا،
ثم تعالي هنا، ابوكي اللي يرحمه يا ستي مـ.ـا.ت و سابها اكيد هي بقي مش هاتترهبن يا عنى.
شذي ضاربه على يده بخفه
-لاء تترهبن هو ابويا كان شوية، مش هو ده محمد العسال حب عمرها اللي هـ.ـر.بت وسابت ليكم البيت كله عشانه،
جاية دلوقتي تشوف عريس غيره، دي حتي لسه ماوفتش عدتها، طب كانت تصبر شوية.
-انتي بتتكلمي كده و كأنها تعرف العريس وموافقة عليه ، دا الراجـ.ـل لسه شايفها امبـ.ـارح
وقفت شذى أمام الطاهي تقلب الطعام ناظرة اليه بجانب عيناها
-و لما هو لسه اول مره يشوفها، يقوم يطلبها للجواز النهاردة، ولا هو راجـ.ـل عنيه زايغه بقى.
مالك عابثاً الوجه
-لاء على فكره دا راجـ.ـل متدين و محترم جداً بس هو مطلق من فترة كبيرة و لما شاف مامتك امبـ.ـارح حس انها مناسبة ليه.
شذي برعونة
-مناسبة ليه من ناحية ايه بقى انشاء الله.
رد مالك عليها بجديه
-من حيث فرق السن بينهم يا شذى، ومن حيث كمان القبول من ناحيته لمامتك، و من حيث تدينها وخجلها منه وهو بيجبس ليها رجليها.
شذي ناهية الحوار
-وحضرتك جاي تقنعني انا ليه بص لو هي اللي بعتاك عشان أوافق، روح قولها ان الطلب ده مرفوض.
كانت الاجواء بينهم كاشرارة خرجت من سلك شائك، صعدت الي غرفتها غير عابئه بأي منهم.
حتى لم تجلس معهم على مائدة الإفطار، و فضلت ان تجلس وحدها بغرفتها تستذكر دروسها.
هو أيضاً لم يهتم بها، فهي ليس لها أي حق في الرفض أو القبول، ولا حتى لها الحق في ان تغضب هكذا.
أتم افطاره معهم وذهب ليؤدي فرض العشاء في الضريح، بالأساس كان فرحاً من داخله بأنها أصبحت زوجته،
و بانها اثبتت دليل برائتها من كل ظنونه، ظل يصلي ويشكر ربه مدة لا بأس بها، و حين عاد كان والده و والدته يستعدون للصعود الي غرفتهم، وخالته تجلس بأنتظاره حتى يعاونها على الصعود هي الاخري.
مالك متعجباً
-الله انتو هاتطلعو تنامو من دلوقتي دا لسه بدري.
اردفت الحاجة مجيدة بحـ.ـز.ن
-و هانقعد نعمل ايه ما المحروسة نكدت علي الكل، انا مش عارفة البت دي بتفكر ازاي بس.
الشيخ حسان بصوت جدي
-قولتلك يا ماجدة مـ.ـا.تسمعيش كلامها، هي حتة العيلة دي هتمشي كلامها عليكي وعلى الكل ليه؟ هي اصلاً مالهاش اي حق.
مالك مهدئاً لوالده
-براحة بس يا ابويا، هي يمكن فعلاً ملهاش حق في كده، بس برضو مش عايزين ننسى انها متعلقة بمامتها.
ماجدة مؤيدة كلامه
-صح يا مالك، انا بـ.ـنتي ملهاش حد في الدنيا دي غيري انا، انت دلوقتي ربنا يخليك ليها،
صحيح بقيت امانها و سندها في الدنيا، بس برضو انا هافضل ليها الحـ.ـضـ.ـن الدافي اللي بترمي همومها فيه،
امها واختها وصاحبتها انا سرها، عشان كدة مش لازم ابعد عنها،
بكره تقول للدكتور صاحبك ده أن طلبه فعلاَ مرفوض.
مالك ناظراً الي والده و والدته
-طب اتفضلوا انتو اطلعو، و انا هاقعد مع ماجدة شوية و بعدين نحصلكم احنا كمان.
اومؤ له برؤوسهم بالموافقة، وسحب الشيخ حسان زوجته خلفه قبل أن تتحدث برعونة، ثم التفت مالك إليها متجهاً نحوها.
جلس في مقابلتها على الاريكة الاخري، و مد يده مجتذب إحدى اطباق الحلوى الموضوعه على المنضدة امامه متذوقاً قطعة بسبوسة ليردف بعجاب.
-الحقيقة بـ.ـنتك شاطرة اوي في عمل الاكل والحلويات يا ماجدة.
ماجدة ضاحكة
-هههههه بالف هنا يا حبيبي ما هو الحلو مش بيعمل غير كل حاجة حلوه يا مالك.
مالك مؤيداً رأيها
-فعلاَ عندك حق، وهي حلوة اوي في كل حاجة، الا العند.
ماجدة بحـ.ـز.ن
-ورثاه من ابوها يا مالك.
مالك مجيباً
-طب و انتي ذنبك ايه، توافقيها الرأي ليه، مافيش حاجة تجبرك انك تسمعي كلامها و تعيشي باقي عمرك لوحدك.
ماجدة نافية
-انا مش لوحدي انتو معايا، صحيح هاتنقل في البيت التاني لما رجلي تخف، بس برضو هابقي طول النهار معاكم.
مالك متحفذاً
-لاء انتي مش هتتنقلي لوحدك في البيت، و بعدين حتى لو فضلتي معانا هنا، مانتي برضو بيجي عليكي الليل بتبقى لوحدك،
ثم انتي واثقة ومطمنه ان بـ.ـنتك معايا، يبقى ليه الرفض بس بصراحة انا مش شايف اي سبب يخليكي ترفضي.
ماجدة نافية
-لاء في أسباب تانيه، مش رفض شذى بس، انت ناسي اللي احنا فيه ولا ايه.
ضم مالك حاجبيه متذكراً
-ايه اللي انتو فيه، اه موضوع جوزك وأهله يعني، طب ما هو جوزك مـ.ـا.ت واهله بعدو عنكم، دا انتو سيبتو ليهم البلد بحالها،
و بعدين انا برضو مش هاخليه يجي يتقدm ليكي من غير ما اكون اديته فكرة عنك، و هو كمان قالي تقريباً كل حاجة عنه.
ماجدة منتبهه لما يقول
-قولتلو ان جوزي اتقــ,تــل وأننا هاربنين من المـ.ـو.ت يا مالك، قولتله ان بـ.ـنتي اتعرضت للتـ.ـحـ.ـر.ش وأننا اطردنا من بيتنا قبل مانتف.. في وسط الشارع.
تهجم وجهه و نظر اليها شرزاً واردف بغضب:
-لاء طبعاً انا ماقولتش حاجة زي كدة، و اظن سيرة مراتي وسمعتها مـ.ـا.تخصش حد غيري،
انا اه قولتله ان جوزك اتقــ,تــل، وأن عيلته كلها بلطجية، بس هو عرف اللي يخصه من ناحيتك مالهوش دعوة ببـ.ـنتك يا ماجدة.
-يعني قولتله اني هـ.ـر.بت زمان عشان خاطر محمد العسال.
ظنت انها قد فاجئته بردها هذا، ليبتسم لها و يربت على كتفها بمودة.
-اه يا خالتي قولتله، والرجل مابينش اي اعتراض، بالعكس ده قال ان حياتك في الماضي تخصك انتي بس و هو مالوش انه يحاسب او حتي يتكلم في ده.
-يعني فض… قدام الراجـ.ـل و لسه عايز الرد، دا باينه مابيفهمش و لا ايه.
-هههههههه لاء على فكره دا دكتور محترم جداً، بس هو اللي الدنيا لطشت معاه اوي، كان متجوز واحدة يونانية وخلف منها ولدين توأم و هو عنده تلاتين سنه،
اخدتهم منه و رجعت بلدها بعد ما طلبت الطـ.ـلا.ق، و من ساعتها و هو مايعرفش عن ولاده دول حاجة، وعايش لوحده.
اردفت ماجدة بطيبة
-يا عيني يا مالك دا تلاقيهم كبرو وبقو شباب دلوقتي، ماهو برضو شكله مش صغير.
قرر ان يخبرها كل شئ يخص صديقه الطبيب، عنـ.ـد.ما وجدها متشوقة لسماع قصته.
-عنده تسعة وأربعين سنه، و بيشتغل في المستشفى و عنده عيادة خاصة بيه، قريبة من فيلته،
على فكره هو راجـ.ـل ارستقراطي كده وتحسيه مرتب في كل حاجة، وأهم حاجة بقى انه مش همجي و هادي خالص،
يعني مش هيتعبك نهائي في اي حاجة.
-حيلك يا بني، انت بتتكلم كده و كأني وافقت.
-و ترفضي ليه بس، انا نفسي اعرف انتي هتستفيدي ايه من وحدتك دي.
-بـ.ـنتي معايا.
-لاء بـ.ـنتك معايا انا، ومتفكريش اني ممكن اسيبها لحظة ليكي او لأي حد.
ماجدة بحـ.ـز.ن
-بس هي رافضة.
مالك وقد شعر بلين رأسها
-وافقي انتي ومالكيش دعوة بيها، يا ستي إن كان على موافقتها انا هاجبها لحد عندك، وهي بنفسها هاتبلغك بيها.
نظرت ماجدة له بابتسامة و قد رأي في عيونها الموافقة فأومئ لها برأسه قائلاً بمداعبة.
-على خيرة الله يا ماجدة يا بـ.ـنتي، بيقولو السكوت علامة الرضا، يلا نطلع بقى وربنا يتمم بخير،
و يقدرني على المـ.ـجـ.ـنو.نة اللي فوق دي.
ضحكت ماجدة كثيراً من قلبها على كلمـ.ـا.ته وصعد بها وهو يضحك معها،
ثم ولج بها داخل غرفتها ليعاونها على التمدد في فراشها.
ماجدة رابته على راحة يده
-مالك مـ.ـا.تبلغش صاحبك بأي حاجة غير لما تكون متأكد من موافقة شذى، و لو هي صممت على رأيها يبقى تبلغه برفضي انا كمان.
دثرها مالك بالغطاء و هتف
-اطمني يا خالتي، انا مش هاعمل غير اللي يريحك، وإن كان على شذي، فدي بقي سيبيها عليا هتوافق يعني هتوافق.
دلف إليها وجدها جالسه خلف مكتبه، فاتحة جهاز الحاسوب تبعه، تستذكر عليه دروسها منهمكة بحماس.
جحظ مالك عينه واقترب منها سريعاً، ظناً انها تفتش فيه، ليري ما تفعله بجهازه
-انتي بتعملي ايه.
شهقت شذى بفزع وصاحت بصوت عالي
-في ايه خضتني يا اخي.
لف مالك الجهاز و انحني امامه ليعبث وجهه و هو يرى تلك الملفات التي حملتها، وفتحتها عليه.
-مين قالك تفتحي اللابتوب بتاعي، وكمان حملتي عليه حاجات، اسمعي انا مش بحب كده، الجهاز ده متسجل عليه عمليات وأفلام وثائقية مهمه جداً.
شذي بحـ.ـز.ن
-وانا مالي و مال عملياتك، على العموم انا اسفة انا بس عيني و.جـ.ـعتني من المذاكره على التليفون،
قولت انقل الفولدرات على الجهاز بتاعك عشان الكتابة تبقى أوضح،
ماكنتش اعرف انك هتزعل كده، بس خلاص امسحهم، ولا تضايق نفسك، انا مش هقرب من اي حاجة تخصك تاني.
اغمض مالك عينه لمدة ثانيه بتعصب، قابضاً على اصابع يده، يدق بها على مكتبه وهو ينطق بنفاذ صبر.
-شذى، بطلي هبل مافيش حاجة بينا اسمها تخصني وتخصك.
بس انا محضر على اللابتوب ده، كل شغل المؤتمر الطبي، وكان ممكن تقوليلي انك عايزة لابتوب وانا اجبلك واحد جديد على فكره بدل ما تبوظي ليا شغلي.
زجته شذى بلا مبالاة، واتجهت نحو فراشهم، شالحة مأزرها المخملي من عليها لتظهر امامه بمنامة ذات شورت قصير وحملات رفيعة من علي اكتافها متمردة عليه بأنزعاج.
-مش عايزة منك حاجه ، انا اصلاً خلاص خلصت مذاكرة، وعلى فكره بقى انا مش جاهله عشان ادخل على شغلك و ابوظه ليك.
ابتلع مالك لعابه بشوق لها، واتجه نحوها محتضنها من الخلف ضاممها الي صدره قبل أن تتمدد على الفراش، مقبلاً عنقها هامساً بحب.
-انتي مش جاهله، بس عنيدة و دmاغك ناشفة، ومتمردة على كل حاجة.
لفت جسدها داخل يديه والقت سهامها النارية وسط سماء ليله، واضعة راحتي يدها على صدره سأله بنعومة
-و ايه كمان.
مالك تائهاً في جمالها
-و حبيبتي وروحي كمان، بس لو تبطلي عندك ده.
شذي بدلع
-انت بتحب عندي ده.
-انا بعشق كل تفاصيلك اصلاً، مـ.ـا.تزعليش يا ستي من بكره هايكون عندك جهاز لاب خاص بيكي انتي.
شذي بخجل منه
-لاء يا مالك مالوش لازمه، اصلاً بكره اخر يوم في الامتحان.
-شششش سيبك من الكلام ده، مش احنا الاتنين بقينا واحد خلاص.
شذي عابثة في ازرار قميصه ناظرة الي صدره بخجل
-اه يا حبيبي خلاص.
مالك خاطفاً قبله من وجنتها
-يبقى لما تحتاجي حاجه تطلبيها مني انا، و من غير اي تردد.
جلس بها على فراشهم وهي على قدmه تبادله القبل بمودة
-طب انا عايزة اروح شقتي مش عايزة اقعد هنا، عايزة اخد راحتي يا مالك.
-اكتر من كده….
قالها مالك ناظراً الي جسدها شبه العاري بأندهاش، ليغمز لها بطرف عينه.
-مانتي واخدة راحتك على الآخر اهو، ولا نسيتي امبـ.ـارح و عايزاني افكرك.
شذي محاولة فك ذراعيه من حولها
-قليل الادب، اوعي كده سيبني.
مالك ضاحكاً على خجلها
-اسيبك ايه، هو في حد يقدر يسيب روحه بردو.
زمت شفتيها وهمست له
-انا مش بقولك نمشي عشان حاجة مزعلاني، بس انا حابه تبقى لينا حياتنا الخاصه يا مالك،
ماما سمعتنا امبـ.ـارح و قعدت تضحك و تلمحلي وانا بصراحة مش عايزة حد يعرف عننا حاجة.
مالك موافقها الرأي
-طيب يا حبيبتي انا هاتصرف في الموضوع ده.
شذي بفرحه
-هانرجع بيتنا.
مالك نافياً
-لاء انا ماقولتش كده، بصي يا شذى انا بصراحة مرتبط بالمكان هنا قوي زي ما انتي شايفة كده،
يعني المسجد والبيت هنا وامي و ابويا، انا عاشق للحي كله، عامل زي السمك اللي مايقدرش يعيش بره المايه.
شذي بوجه متهجم نافضه يده من حولها.
-طب اوعي بقى خلي المايه اللي انت عايش فيها دي تنفعك، وانا بصراحه ماعنديش استعداد اسمع كلمه تكسفني من اي حد،
دا انا بدخل الحمام وانا بتلفت حواليا زي الحـ.ـر.امية.
وقف مالك بوجه عابث يبدل ملابسه، وهو يراها ترقد تحت الغطاء الثقيل معطياه ظهرها، هاتفاً لها.
-خلاص قولتلك هاتصرف، هاوضبلك البيت التاني وننقل فيه واظن لأمي ولأمك هايرفضو، بعد ما مامتك تتجوز.
انفزعت من رقدتها وهمت لتجلس امامه صارخه في وجهه.
-ومين قالك انها هاتتجوز.
❈-❈-❈
تلك النمرة المتوحشة التي عزم أمره على أن يروضها،
هاجمته بشراسة وقفت على الفراش بجسدها شبه العاري، و ظلت تصرخ فيه…
-قولتلك ماما مش هتتجوز، ممكن تبطل تجيب السيرة دي بقي.
كان قد شلح قميصة من علي جسده، و انتفض منفزعاً من صياحها،
اقترب سريعاً منها محاولاً انزالها من علي الفراش، واخراسها عن صراخها هذا.
مد مالك يده ليمسك يدها منفعلاً عليها :
-بطلي صريخ و هبل بقى و انزلي.
امسكها بين يديه، ضاممها نحوه، ليصمتها ويسيطر على غضبها.
زجته في صدره محاولة الإبتعاد عنه وهي تصرخ
-اوعي سيبني بقولك، هي فاكرة نفسها لسه صغيرة، هي ناسية كانت مرات مين،
الهانم اللي جوزها دmه سال قدام عنيها ولسة ماخلصتش شهور عدتها، ال بتفكر في الجواز.
-اخرسيييييي بقي.
قالها مالك بغضب وهو يضم رأسها من الخلف كاتم صراخها في صدره.
خربشة اظافرها اسالت الدmاء في صدره، لينفضها من يده ملقيها على الفراش بقوة،
و اذا به يتفاجئ بوالدته تفتح باب الغرفة عنوة، وكاعادتها متمسكة بسلاحها الفتاك.
قذفت الحاجة مجيدة جرزانها في وجه شذى، ليقف مالك متصدي له، قبل أن يسقط على رأسها و يتفاقم الأمر اكثر من ذلك.
الحاجة مجيدة بصوت جهور
-هي مين دي اللي كبرت وبتفكر في الجواز يا س…. يا ام لسان طويل،
بتتباهي بابوكي البلطجي اللي اتقــ,تــل على ايه، إلا ما شافت معاه غير الهم، من يوم ما اتجوزته ولحد ما مـ.ـا.ت وهي متبهدلة بسببه.
جحظت عيناها من وقت دخول خالتها عليهم، لتجذب الغطاء مدثرة نفسها جيداً بخجل، ناظرة الي زوجها الذي وقف حائراً خاجلاً هو الاخر بينها وبين والدته.
مالك محاولاً رد والدته عنها
-لو سمحتي يا أمي اتفضلي على اوضتك دلوقتي ماينفعش تدخلي علينا بالطريقة دي.
الحاجة مجيدة رابتة على كتفه العاري بغضب
-لاء ينفع يا حيلة، اصلي جيت عشان اشوف بـ.ـنت اختي وهي مبسوطة في حـ.ـضـ.ـن جوزها، و عايزة تحرم اللي حلله ربنا لأمها.
ايه يا ست شذى، مش حضرتك برضو فرحانة ومبسوطه مع جوزك،
مع ان ابوكي مابقلوش تلات شهور مـ.ـيـ.ـت، ماحـ.ـز.نتيش عليه ليه بقى يا ست شذى، و لا عايزة تشيلي امك الحـ.ـز.ن بس.
انتفضت شذي من علي الفراش ملتقطة مأزرها مرتدياه سريعاً بصراخ
-بس بقى كفاية ذل وإهانة لحد كده، ابنك عندك اهو خليهولك، وابعدو عني انا وامي ماحدش له دعوه بينا، اذا كنت عايز تطلقني يا سيدي عشان امك ترتاح طلقني.
تخطها سريعاً لترحل من الغرفه، لتجده يقبض
على شعرها من الخلف مانعها من الخروج بهيأتها هذه، أمراً لوالدته…
-روحي نامي يا أمي من فضلك، و لو سمحتي مـ.ـا.تدخليش علينا بالطريقة دي تاني.
رمقته بنظره غاضبة هو وتلك التي تضـ.ـر.ب عل يده بشراسه لاتحاول فك أسر شعرها من قبضته، لتتأفف وترحل دافعة الباب خلفها.
وعندها قذفها مالك من يده لتسقط ارضاً تحت قدmيه منحنية الرأس.
مالك بسكون ما قبل العاصفة
-ازاي تسمحي لنفسك انك تخرجي من باب الأوضة بالهدوم دي.
رفعت شذى رأسها بأندهاش
-هو ده بس اللي اخدت بالك منه، لتصرخ قائلة…
مأخدتش بالك هي دخلت علينا ازاي، ماشوفتش هي هانتني ازايييي.
جلس مالك على الفراش، واضع رأسه بين كفيه يحاول ان يكظم غضبه.
-امي تقول وتعمل اللي هي عايزاه، و لا نسيتي هي عملت ايه عشان تجوزك ليا.
وقفت شذى تصرخ في وجهه متهوره في كلامها كالعادة
-يا اخي ياريتني ما اتجوزتك، و لا كنت دخلت حياتي من أصله، انا زهقت منك ومن قلة حيلتك دي، حتى امك مش عارف تاخدلي حقي منها.
مالك منتبهاً لما تقوله
-شذى فوقي وا عـ.ـر.في انتي بتقولي ايه، المره دي مش هاسامح واغفرلك غلطك تاني.
-انشالله ما سامحت، هو انت مـ.ـا.تعرفش تعمل ر… غير عليا انا بس، لتحاول الخروج مره اخرى،
-لتجده يدفعها بقوه للداخل و اذا به يرد لها اهانتها بصفعه قوية على وجنتها.
ساحبها من شعرها و ملقيها على الفراش.
مالك حازماً امره
-اقسم بالله لعرفك انا را… و لا لاء وحياة عشقي لجمالك يا شذى لربيكي من اول و جديد،
اتفضلي نامي عشان الامتحان اللي عليكي بكره، و بعدها انا هعرفك ازاي تتكلمي معايا بالطريقة دي.
❈-❈-❈
فتحت باب غرفة شقيقتها وجدتها جالسه على الفراش تبكي وحدها، اذاً لقد استمعت الي صراخ ابـ.ـنتها وكل ما قالته في حقها.
اقتربت منها وجلست بجانبها لتشـ.ـد من ازرها قليلاً.
اردفت الحاجة مجيدة مزمجرة
-بتعيطي ليه هو انتي هاتستجدي على بـ.ـنتك وصوتها العالي.
وضعت ماجدة رأسها على صدر اختها وهمست
-شوفتي قالت عليا ايه يا مجيدة، انا اصلاً غلطانه اني سمحت لنفسي اتكلم في موضوع زي ده روحي قوليله اني رفضت، و خليه مايزعلش شذى.
الحاجة مجيدة بلوم
-ياختي مـ.ـا.تزعل ولا تتفلئ حتى هو انتي ما بتفكريش غير في راحتها،
وهي اصلاً بت أنانية مابتحبش غير نفسها.
واذا بهم يسمعو دفعة باب قوية، لتجري الحاجة مجيدة للخارج حتى ترى ما يحدث.
واذا بها تجد ابنها يغلق باب غرفته، ويوصده جيداً بالمفتاح من خلفه.
-الله مالك رايح على فين يا بني؟
زفر مالك أنفاسه بضجر مستغفراً ربه على مايفعلوه نساء هذا البيت به و صاح في وجه والدته بغضب
-استغفرالله العظيم، رايح في ستين…. حلو عني بقى.
❈-❈-❈
أعلنت ساعة مذياع سيارته الثامنة صباحاً، كانت تجلس بجواره هادئة مستكينة، مختبئة تحت نقابها من عيونه اللتي تقذفها جمراً، و معه كل الحق في غضبه هذا، حتى لو قذفها أسفل عجلات السيارة،
لن تلومه فما قالته لا يغفره احد ابداً، لكنه أخطأ أيضاً حين رفع يده عليها وضـ.ـر.بها للمرة الثانية وهي أيضاً لن تغفر له هذه الفعلية.
أوقف السيارة داخل الحرم الجامعي، لتترجل منها وتغلق بابها خلفها، ابتعدت قليلاً غير ملتفته الي السيارة.
واذا بها تسمع صرير عجلاتها، لتخبرها انه يرحل عنها ويتركها وحدها، استدارت سريعاً لتراه وتنظر له هامسة من تحت نقابها
-مـ.ـا.تمشيش يا مالك خليك معايا.
لكنه لم يلتفت إليها، و لا حتى ليطمئنها وذهب.
لا تعرف من أين جائتها كل هذه الطاقة السلبية، جرت لتقف أمام لجنتها خائفة بل مرتعبة
تريد أن تحتمي بأي شئ، ظانه انه سيأتي احد ما و يتهجم عليها بأي لحظة.
الي ان فتح باب اللجنة و كانت هي اول من دلف بها.
❈-❈-❈
ذهب إلى مول تجاري قريب من الجامعة، جلس في إحدى الكافيهات يحتسي كوب من قهوة الصباح، يفكر في جنيته شقيته ومعـ.ـذ.بته.
برغم تهورها واندفاعها في الكلام الا انها معها كل الحق في طلبها،
فما فعلته والدته بالأمس كان معناه جـ.ـر.ح لخصوصيتهم،
لم يكن لها أي حق في ان تدلف عليهم بتلك الطريقة المهينة، لذلك عزم أمره على أن يبدء في توضيب البيت من اليوم،
لكن دون أن يخبر تلك الشقية التي تعركل عقله دائماً، وتذيب قلبه بنظرة من سمائها او هماستها.
وبعد أن احتسي قهوته، ذهب إلى إحدى المحلات المخصصة لبيع الأجهزة الإلكترونية، وابتاع لها جهاز حاسوب جديد، ليأخذه ويرحل من المول كله عائداً إليها بسيارته.
❈-❈-❈
طريق العودة بها إلى المنزل، كان صورة طبق الأصل من طريق الذهاب، لم يزد عليه أي شئ سوي شهقاتها و رجفتها بجانبه فقط.
ازعجته بشهقاتها و رجفتها هذه ليصيح فيها بغضب…
-ممكن تسكتي وتخليني اركز وانا سايق.
-سيبتني ومشيت ليه انا كنت هامـ.ـو.ت من الخـ.ـو.ف.
كان هذا ردها الممـ.ـيـ.ـت لكل نظرة كره يلقيها بها، لكم ود ان يوقف السيارة ويلتقطها على قدmه يضمها الي صدره يربت على ظهرها كالاطفال.
لكنه عوضاً عن ذلك صاح فيها وهو يعتصر عجلة القيادة بيده، لا والله ماكنتش فاضيلك عشان اسيب شغلي واقعد جانب حضرتك.
شذي بصراخ مكتوم
-انا مش عايزة ارجع الحسين وديني شقتنا لو سمحت، انشالله حتى تسيبني لوحدي فيها ومـ.ـا.ترجعش ليا تاني بس خليني اروح هناك، الا والله هاترجع من شغلك تلاقيني ممـ.ـو.ته نفسي هاه بس.
القى مالك عليها نظرة جانبية بطرف عينه ثم اردف وهو يفكر بشئ ما: حااااضر انتي تؤمري يا شذى، بس خليكي فاكرة انك انتي اللي طلبتي ده.
غير مسار سيارته واتجه بها إلى طريق شقته الحديثة، عازماً أمره على أن يتركها وحدها
فتره من الوقت حتى يعـ.ـا.قبها على ما فعلته.
وحين فتح الباب وجدها تنفد من جانبه للداخل سريعاً وذهبت راساً الي غرفة نومها
شلحت نقابها وادنائها من عليها، ودلفت الي المرحاض لتغتسل وتهدء جلد وجهها من البكاء قليلاً،
لتفتحه وتترجل منه متجهه نحو غرفة الملابس لتجد زوجها يقف معطيها ظهره، ويبدو انه يدس شئ ما بخزانة الملابس.
سحبت مانمتها المخملية ذات الاكتاف الساقطه، و ارتدتها سريعاً غير عابئه به و بما يفعله، وذهبت سريعاً نحو الفراش وارتمت عليه.
بدل هو أيضاً ملابسه و وضع عطره الذي يثير جنونها وترك لها الغرفه بأكملها و ذهب.
استنشقت عبيره بحرارة قبل أن يرحل عنها، لتزفره متنهدة وهي تلمح طيفه قبل أن يغلق باب الغرفه عليها و يتركها مره اخرى تدmع العينين.
و قبل ان يرحل مرة أخرى استمع لرنين هاتفها الملقى داخل حقيبتها الموضوعه على هذا الكنسول الرخامي بجانب الباب الرئيسي.
فتح الحقيبة واجتذب الهاتف، ليجد ان المتصل ليس بأحد سوي والدتها.
نظر الي الساعة الملتفة حول معصمه، ليجدها أصبحت الثالثة عصراً، فأجاب الاتصال على الفور إذ ربما تكون قلقة عليهم.
-السلام عليكم يا ماجدة.
ماجدة مجيبة عليه بقلق
-و عليكم السلام انتو فين يا مالك، شذى مش بترد عليا ليه.
اردف مالك محاولاً تهدئتها
-مـ.ـا.تخفيش عليها احنا رجعنا شقتنا يا ماجدة.
ماجدة ببكاء هادئ
-ليه بس يا مالك هي لسه زعلانه طب ادهاني اكلمها، و انا هقولها ان الموضوع ده مش هيحصل،
قولها يا مالك اني رفضت العريس ده خلاص.
هي اللي طلبت تيجي هنا بعد اللي حصل امبـ.ـارح، سيبيها بس يومين كده تهدى وبعدها هنرجع تاني و هتكون موافقة كمان.
استسلمت ماجدة الي كلمته وهمست
-هاقول ايه بس ما باليد حيلة، طيب يا مالك سيبها على حريتها بس قولها اني مش موافقة على حاجة هي مش عايزها.
مالك مستغفراً ربه
-استغفر الله العظيم واتوب اليه، يعني انتي عايزة تجننيني انتي كمان، اقفلي يا ماجدة و لازم تفهمي حاجة، شذى مش هتمشي كلامها علينا كلنا لمجرد انها رافضة حاجة بغبائها ده.
انه اليوم الرابع لها وحدها، علمت معنى كلمته لها وما كان يقصده عنـ.ـد.ما نفذ لها طلبها مردفاً لها.
-افتكري انك انتي اللي اختارتي.
نعم كان اختيارها هي، و لذلك كان عليها إن تتحمل نتيجته.
وصل بها العند ان تغلق هاتفها ولا تجيب على اتصالات والدتها، او تهاتفه هو و لا حتى فكرت ان تراسله كما فعلت بالسابق.
مع انها كانت خائفة من وحدتها، لكن هي بأمان تام طلاما وحدتها هذه في سـ.ـجـ.ـنه.
❈-❈-❈
طيلة الاربع ايام كان منشغلاً مع هؤلاء العمال، الذين حضرو بأمر منه ليبدؤو العمل في هذا البيت، و هو يقف على رأسهم لينهوه بأسرع وقت،
تحت نظرات والده الحاقده والغير راضية عن مايفعله.
ليهتف فيه الشيخ حسان بضجر….
-انا مابقتش فاهم انت عايز ايه بالظبط يابني،
منين بتقول هطلقها، ومنين قولت لخالتك وامك انك بتوضب البيت ده ليك انت وهي.
مالك متنهداً بصبر
-افتكرت ان أبغض الحلال عند الله الطـ.ـلا.ق يا حاج.
-أبغض الحلال اه لكن مش حـ.ـر.ام يا مالك.
مالك ضامم له حاجبيه
نوانا ماقدرش اني غضب ربنا، حتى لو ده حلال لكنه ابغضه.
الشيخ حسان مستهذئاً به
– بـ.ـنت ماجدة حتة العيلة الصغيرة دي، عملتك انت بجلالة قدرك يا دكتور لعبه في ايديها خليتك يويو، ترميك وتشـ.ـدك ليها وقت مـ.ـا.تعوز.
كظم مالك غـ.ـيظه مغمضاً عينه بقوة هامساً له:
-الله يسامحك يا ابويا، انا بس نفسي اعرف انت بتكرها كده ليه.
الشيخ حسان منتفضاً من جانبه
-عشان انت تستاهل واحدة احسن من دي بكتير، دي لا كانت من قيمتك ولا من مقامك، انت تستحق واحدة متعلمه زيك، دكتورة زيك مش حتة بـ.ـنت فاشلة أهلها كلهم بلطجية بيقــ,تــلو في بعض.
هذه المرة سخر مالك من ابيه
-الدكتوره اللي حبتها رامتني على طول دراعها وراحت اتجوزت واحد معاه فلوس يا حاج، أما بقى بخصوص أهل شذى، فامحدش بيختار اهله يا ابويا،
شذى صحيح طايشه ولسانها طويل، بس هي من جواها زي امها طيبة، وشرسة زي خالتها برضو. ليشير له باصباعيه،
واخدة طبع الاتنين يا حاج شوفت نصيبي بقى.
كاد والده ان يذهب من أمامه ليلتفت له قبل أن يرحل
-بتلتمس اعزار لمين وبتدور على حجج فارغه ليه بـ.ـنت محمد العسال مش هيجيلك من وراها غير المصايب يا دكتور.
زفر بحنق متأثراً من كلام والده، ليقف حائراً مزمجراً لنفسه
-ليه كده بس يا حاج، هو انا ناقص رعـ.ـب عليها، مش كفاية اللي انا فيه بس يا ربي.
❈-❈-❈
الليلة كانت دافئة يبدو أن الشتاء قد شرف على الرحيل.
كانت جالسة على مقعد وثير بجانب تلك النافذة المطلة على النيل مباشرةً،
تلبس كنذة صوفية سوداء اللون بفتحة دائرية كبيرة من علي صدرها على شورت قصير اسود اللون أيضاً ليطغي عليه بياض قدmيها، وتمسك بيديها كوباً من الكاكو الساخن تحتسية،
وتراقب حركة تلك القوارب الصغيرة ذات الاضئات الملونة، و تستمع على هاتفها الي اغنية اصاله الشهيرة….
خانة الزكريات.
لم تشعر به حين ولج إليها، حيث كانت مغضة العينين، يبدو أنها غافيه على مقعدها وهي متكورة بهذه الطريقة على المقعد بعد أن احتست ما بيدها.
قادته قدmاه الي صوت الهاتف و كان بلحظه يقف امامها، ليراها على حالتها هذه، بالرغم من جمالها الا انها كالوردة الزابله، لكم يود الان ان يجذبها اليه و يحتضنها،
سحب الهاتف من علي قدmها واغلقه، جذب ذلك الكوب من يدها و ضعه على المائدة الصغيره.
وهتف بخشونه
-شذى قومي نامي جوه،
كانت غافية حد الثمالة لدرجة انها فتحت عيناها قليلاً لتري طيفه كالشبح امامها، و بدون ارادة همست له.
-مالك حبني.
-لاء بطلنا و الله خلاص، فوقي يا ماما وقومي غيري الار.. ف اللي انتي لابساه ده و قاعدالي بيه قصاد الشباك.
انفزعت أثر سماع صوته الخشن، و انتفضت واقفة وهي تعتصر جبينها،….
-انت هنا من امتى.
-من ساعة خانة الزكريات اللي حتطيني فيها ياختي.
-وايه اللي فكرك بيا،جيت ليه انت مش رمتني هنا من اربع ايام وسيبتني.
وقف ينظر إليها وكأنها حـ.ـيو.ان ذو رأسين، ليتخطها متجهاً الي غرفة ملابسه وهو يستهزء بها.
-غـ.ـبـ.ـية و مترددة
صرخت وجرت امامه لتوقفه بشراسة وهي تزجه بيدها في صدره.
-مـ.ـا.تشتمنيش!
انت رمتني هنا وقفلت عليا وسيبتني لوحدي وجاي دلوقتي تشتمني.
-وأكـ.ـسر رقبتك كمان، انتي اتجننتي، بتمدي ايدك عليا يا شذي.
لم تفزع من صوته ولم تبعد يدها عنه، بل زادت ضـ.ـر.بتها على صدره ظانه بهذا انها تألمه.
-تكـ.ـسر رقبة مين دانا شذى بـ.ـنت محمد العسال، فاكرني هخاف منك انت.
-كده طب تعالي بقى وانا اعرفك هتخافي ولا لاء.
حملها بين يديه معتصر يديها بقوه خلف ظهرها، وبلحظه كانت ملقاه على الفراش،
استدار ليغلق الباب و هو يشلح قميصه
من عليه، ليجدها تقف خلفه وتضغط باسنانها على كتفه.
-يا مـ.ـجـ.ـنو.نه بتعملي ايه، زجها بعيداً عنه، لتسقط على الأرض ويتبعثر شعرها حول وجهها المنحني، لتنظر له بكل شراسة وتصرخ…
-باخد حقي منك، انت مش بتضـ.ـر.بني، هضـ.ـر.بك زي ما بتضـ.ـر.بني وبتمد ايدك عليا.
-لاه دانتي ضـ.ـر.بتي على الآخر، و حياة جمالك دا لأخليكي ترجعي قطه مغمضه تاني تعاليييي.
جذبها من شعرها ليلقيها على الفراش، لتحاول الانزلاق من الجهه الاخري لتجده يقبض عليها محتجزها اسفله.
وتحول الفراش فجائة الي دائرة للعبة الكونغوفو، حيث كانت حركتهم اشبه بها.
هي تضـ.ـر.به وهو يشل حركتها، الي ان تلاقت أعينهم وخرست ألسنتهم.
لم يتحدث أحدهم بكلمة، هدئ موج البحر الثائر في ضباب ليله.
امسو ليلة لن ينساها اي منهم وحفرت في ذاكرتهم للأبد. حتى لو أصبحت لياليهم الف ليلة.
بالرغم من قسوته عليها، الا انها كانت متقبله كل ما يفعله بها لدرجة ان كل لمسه من يده كانت بمثابة مـ.ـخـ.ـد.ر لها.
هو أيضاً عاشق متيم بها، يحبها ولا يريد الا هي.
صرخاتها بين ذراعيه تشعل قلبه، و تزيد من احتراق، لكنه عزم أمره بأن يقهرها حتى تخضع له.
❈-❈-❈
وفي الصباح كانو غافيان باحضان بعضهم، متشابكان الاذرع.
تحتضن خصره بيديها وملقيه بجسدها على جسده، يضمها اليه و يحتجزها بين ذراعيه ويتلفح بشعرها المموج.
لكن ما افزعه و جحظ عينه دmـ.ـو.عها الملتصقه على وجنتها،
وردته الجميلة تبكي َوهي غافية، شعر بغصه
في قلبه، وازاحها عنه ببطئ شـ.ـديد ليعدلها على وسادتها.
جفف دmـ.ـو.عها بشفاه طابعاً على وجنتها قبله رقيقة هامساً لها.
-انا اسف بس انتي اللي اضطرتيني لكده.
❈-❈-❈
وبعد مرور ساعتين من الوقت كان قد قضى روتين الصباح وصلي فرضه و وقف داخل غرفة طهي الطعام يصنع لنفسه كوباً من القهوه.
اما عنها هي فكانت مستيقظه في فراشها، لا تقوى على الحركه دامعة العينين، لكنها مبتسمة راضية عن ليلتهم كل الرضا، عابثة لتئلم جسدها.
ظنت انه قد رحل في الصباح الباكر، بيدٍ مرتعشة تمسكت بقميصه الملقى بجانب الفراش وجذبته إليها لترتيده، وتترجل للخارج بهيئتها المبعثرة هذه.
ولجت غرفة الطهي وفتحت البراد، لتجلب لنفسها الماء لتروى به ظمئها.
وقف يحتسي كوب القهوة وهو ينظر إلى هيئتها هذه بأبتسامة نصر تملئ وجهه، مشير على ما تلبسه، ملقي عليها بسؤاله.
-ايه اللي لبسك قميصي؟
رفعت قنينة المياه من علي فمها، شاهقة بفزعة من صوته.
-انت لسة هنا؟
اوصد يديه حول صدره بعد أن وضع ذلك الكوب من يده قائلاً.
-ومش همشي انا قاعدلك هنا النهاردة
شذي بلا مبالاة
-براحتك خليك قاعد.
-طب ممكن نقعد نتكلم بهدوء زي الناس العاقلين.
-بص انت عايز تقعد براحتك، لكن ما تفرضش عليا اني اقعد واتكلم معاك، انا مش عايزة اتكلم مع حد.
جذبها اليه قبل أن تخطو قدmيها الباب وجمدت يده على رسغيها ناظراً في عيناها بقوه.
-لاء هاتقعدي و هاتتكلمي معايا بكل هدوء، و مش هاسمع منك غير كلمة حاضر يا مالك،
يا ترى كلامي مفهوم ولا فيه حاجة غريبة عليكي.
لتردف هامسة وهي تضع جبهتها على صدره
-سيب ايدي بتو.جـ.ـعني، اصلاً جـ.ـسمي كله بيوجـ.ـعني يا مالك.
لانت يده و لان قلبه أيضاً لها، ليضمها اليه و يقبل رأسها بحـ.ـز.ن.
-انتي السبب في اللي احنا فيه ده، لسانك الطويل و قلة… هما اللي خلوني اعاملك بالطريقة دي.
-اوعي سيبني انا عايزة اطلق منك.
تنهد بقلة حيلة و ازاح يده عنها و هتف…
-تمام لو ده طلبك هنفذه ليكي و مش هاعترض طريقك، اصلاً انا من الاول كنت عايز اسيبك زي مانتي وانتي اللي رفضتي ده.
شذي بدmـ.ـو.ع منهمرة على وجنتها
-عشان كنت حمارة و فاهمة انك بتحبني بس للأسف طلعت مش عايزني دانت بتكرهني كمان
-في حد بيكره مـ.ـر.اته بيعـ.ـا.قبها العقـ.ـا.ب ده يا متـ.ـخـ.ـلفة انتي؟
سئل مالك هذا السؤال بعين كالجمر و صوت جاهور.
جلست على الاريكة تبكي بحرارة وتصرخ له.
-و مافيش واحد بيحب مـ.ـر.اته يقوم يجيب لأمها عريس يا دكتور.
وقف غير مستوعباً ما تقوله هاتفاً
-ودا ايه علاقته بحبي ليكي يا شذى؟
-يا مالك افهمني بقى انا ماقدرش ابعد عن امي دي هي كل حياتي.
سخر من كلمـ.ـا.تها رافعاً جانب شفاه العلوي
-دا على اساس انك نايمة في حـ.ـضـ.ـنها دلوقتي مانتي سايبنا كلنا مش هي بس بقالك اربع تيام،
ايه اللي فرق بقى، يا شيخة دانتي حتى التليفون من ساعة ما جيتي هنا وانتي قفلتيه ومش بتردي عليها فيه، يبقى مين اللي اختار البعد بقى.
احنت رأسها دون أن تتحدث معه لتسمعه يهتف لها بأمر.
-كلمه واحده هاقولهلاك، جوازنا دلوقتي متوقف على موافقتك بجواز امك لو انتي وافقتي مش هاطلقك،
لكن لو رفضتي ا عـ.ـر.في انك كده نهيتي كل حاجه بينا يا شذى.
رفعت رأسها له بعين جاحظه
-انت بتحط دي قصاد دي يا مالك.
اومئ لها برأسه معانداً
-اه مش انا مش را.. في نظرك، قابلي بقى اللى جاى يا شذي
ويكون في علمك احنا هانرجع الحسين على اخر الاسبوع وهاتعتزري لأمي ولأمك على كل اللي عملتيه ده،
ولو رفضتي هترجعي تعيشي مع امك تاني، أما بقى لو وفقتي فا بيتك الجديد مستنيكي يا قلبي.
ثم تركها تجلس كما هي تفكر فيما القاه في جعبتها.
❈-❈-❈
اليوم عادت اليهم بعد أن أعطته رأيها بالموافقة لكنها ظلت متحفزه على خصامها له ولم تتحدث مع أي منهم أيضاً عبر الهاتف.
دلف بها إليهم وهم جالسون ليجذب من علي عينيها نقابها ويهتف.
اعتذري.
❈-❈-❈
رمقته بنظرة غاضبة ثم التفتت إليهم واحنت رأسها ولم تتفوه بأي كلمه.
زفر مالك معنفاً لها بنظرة عينه
-يلا يا شذى انتي وافقتي على اتفاقنا، و عشان كده جبتك لهنا تاني.
عيناها امتلئت بالدmـ.ـو.ع، وتسمرت مكانها و اردفت له بهمس
-انا ماغلطش فيهم ليه عايزني اعتذر عن حاجة معملتهاش.
كبريائها يمنعها عن الاعتذار و مع ذلك هو يريد أن تتخلى عن عنادها.
-هاترجعي تعندي تاني انتي عارفه دا معناه ايه.
ظلت متماسكة، لم تنظر اليه لتجد يد من انجبتها، تنتشلها من هذا المأزق و تغمرها بحنانها تجذبها إليها، متكئه على كتفها قبل أن تسقط.
ماجدة محتضناها و رافعه نقابها
-وحشتي ماما اوي يا قلب ماما، كده برضو يا شذى هونت عليكي تسيبيني وانا في الوضع ده و تمشي.
شذي بدmـ.ـو.ع
– انتي اللي عايزة تسيبيني يا ماما.
ربتت ماجده على كتفها وهمت لتحثها على الجلوس
-اسيبك واروح فين بس وانا متجبسه كده، تعالي اقعدي جانبي هنا.
جلست مقابل خالتها التي كان وجهها جـ.ـا.مد وكأنها تقول لها انتي غير مرحب بكى.
التفتت شذى الي زوجها الغاضب أيضاً و تحدثت
-مش قولت هنطلع نجيب الشنط ونروح البيت التاني.
اردف بلغزٍ لا يعرف حله احد الا هي فقط
-انا قولت بس انتي ماعملتيش.
رفعت عيناها لتقابل عين خالتها، لتعاود النظر الى والدتها تحاول أن تغير الحوار.
-عاملة ايه دلوقتي يا ماما لسة رجلك بتو.جـ.ـعك.
تفهمت عليها والدتها التي ربتها على عزة النفس و عدm التخلي عن كبريائها..
-يعني شوية ابتديت اخد على الجبس، بس بقى اللى تعبانة معايا بجد، هي اختي حبيبتي، خالتك تقريباً مابتسبنيش يا شذى.
ابتسمت لها شقيقتها وهتفت توبخها على ما تقوله
-بس يا هبله هو احنا في بينا شكر بردو.
انتهزت شذى هذه الفرصة وتدخلت في الحديث
-ربنا يخليكم لبعض، خالتو مجيدة دي امنا كلنا اصلاً.
لم تردف بكلمة فقط اصتنعت لها ابتسامة صفراء، و اومئت برأسها.
تنهدت شذى لتصبر نفسها و وقفت بإتجاهها بقلة حيلة
– طيب انتي تكسبي، ثم همست بصوت خفيض حتى لا تسمعها انا اسفه يا خالتو.
لكنها إنبهت لما تقول لتصيح فيها
– اسفه! هو انتي دوستي على رجلي من غير ما تقصدي يا بـ.ـنت اختي ال اسفة ال.
تدخل مالك جالساً بجوارها بعد أن تنفس الصعداء حين قالتها
– خلاص بقى يا أمي، شذى عرفت انها غلطانه واعتذرت على غلطها، مش عايزين نفتح الموضوع ده تاني لو سمحتي.
ربتت الحاجة مجيدة على فخذه موافقاه الرأي وسألته
-خلاص يا حبيبي بس قولي رديت على الدكتور ولا لسه.
نظر مالك إلى خالته و ابـ.ـنتها التي التفتت لما يقولونه و قرر ان يفتح الحديث امامها.
-ايوة رديت عليه زي ما ماجدة قالت بالظبط قولتله انه ينتظر لما تفك الجبس، و هو في الحقيقة وافق بس طلب انه يجي يكشف على رجلها ويشرب معانا كوباية شاي.
التفتت ماجدة الي ابـ.ـنتها بخـ.ـو.ف، همست لها
-مـ.ـا.تخفيش هطفشه.
ابتسمت شذى لها وقررت ان تداعبها هي الاخري
-شكله كده لزقه و مش هايطفش بالساهل، ده باينه واقع من اول نظره ههههههه.
تفاخرت ماجدة بنفسها مجارية ابـ.ـنتها في هذا الحديث الخاص بهم.
-طبعاً يا بـ.ـنتي هو هيلاقي في جمالي فين؟
اعتلت ضحكاتهم سوياً، و بدئت شذى تداعبها بيديها و هي تهامسها.
-ايوا يا جوجو يا أسرة قلوب الرجـ.ـال ههههههه
-ربنا يبسطكم و بلاش انا.
كانت هذه كلمة الحاجة مجيدة الصاخبة بنظرها عليهم.
لتلوي شذى ثغرها لوالدتها بعلامة الخـ.ـو.ف، كتمت ماجدة ضحكتها على ابـ.ـنتها وهتفت
-دانتي الخير والبركه يا حبيبتي هو احنا لينا غيرك يا مجيدة.
ضـ.ـر.ب مالك على قدmه ضـ.ـر.به خفيفة و وقف جاذباً زوجته من يدها..
-طيب يلا شذى تعالي شوفي البيت الجديد.
ضمت شذى حاجبيها بعدm فهم
-مش قولت هانجيب الشنط من فوق.
مالك ضاحكاً
-شنط ايه يا بـ.ـنتي الشنط راحت هناك من زمان.
❈-❈-❈
رتب البيت بأكمله ليصبح بيت يليق بالحياة الزوجيه، فعل لها ما تريد دون أن يحرم نفسه من المكان الوحيد الذي يعشقه و يرتبط به جداً.
فعل كل هذا بعد أن أخبرته بموافقتها على ما قاله، بعد حديثها مع والدتها عبر الهاتف.
فلاش باك
قررت الاتصال بها للمرة التي لا تعرف كم عددها الان، ليأتيها صوت رنين أخيراً.
اتاها صوتها الهادئ الباكي من الجهه الاخري.
شذي بهدوء حزين
-الو ايوه يا ماما.
تهللت اساريرها واجابت بلهفة
-أخيراً فتحتي تليفونك كده بردو يا شذى هانت عليكي ماما.
-و اشمعني انا هونت عليكي عايزة تتجوزي وتسبيني يا ماما.
-اسيبك! انتي مش واخدة بالك انك اتجوزتي قبلي ليه يا شذى، بصي انتي فين دلوقتي و انا فين يا شذى،
-يا حبيبتي انتي قاعدة في بيتك و مع جوزك و انا بقى كل اللي بعمله اني قاعدة عالة على اختي يا شذى.
-لاء يا ماما انا مش هاخليكي عالة على حد هاخدك تقعدي معايا في البيت الجديد، بس و النبي اوعي تتجوزي يا ماما.
-يعني انتي عايزانى بدل ما اكون عاله على اختي ابقى عالة على ابنها مش كده يا شذى.
-انتي ليه بتفهميها كده ليه مش تقولي اني محتاجة ليكي اكتر من اي حد تاني.
-يا حبيبتي يا بـ.ـنتي انتي بتعيطي يا شذى، خلاص يا حبيبتي انا شيلت الموضوع ده من دmاغي ومش هافكر فيه.
-انتي بتاخديني على قد عقلي يا ماجدة، منين بتقولي لي كده وانتي قولتي لمالك انك موافقة.
-هاه بصي بصراحه انا قولتله كده عشان يبطل يزن عليا، بس مـ.ـا.تخفيش اكيد هنلاقي حجه نلغي بيها الموضوع ده قبل من يبدء
فرحت شذى من كلام والدتها و هتفت: يا رب
يا ماما ونرجع نقعد مع بعض تاني، و مافيش حاجة تفرق ما بينا ابداً.
اغلقت معها الهاتف، و ترجلت من الغرفه لتخبره بموافقتها.
كان منهمك في عمله و يمضي بعض الاوراق الخاصة بالمشفى، وقفت بجانبه منحنية الرأس صامته حتى لاحظ هو وقفتها.
مالك بانزعاج
-خير واقفه كده ليه؟
شذي بتنهيدة
-عايزة اتكلم معاك.
-مش فاضيلك دلوقتي.
-مالك لو سمحت؟
قفذف القلم من يده ليسقط على الأوراق المرصوصة على الطاوله و هتف.
-افنـ.ـد.م في ايه.
جلست بجانبه على الاريكة و همست له..
-انا موافقة.
اعتدل في جلسته حتى يشملها بنظرته القوية.
-موافقه على ايه بالظبط.
-على جواز ماما من صاحبك الدكتور ده.
– وليه دلوقتي اتنزلتي و وافقتي.
صمت عم المكان لمدة دقيقة كامله، يعلم انها وافقت حتى تتم باقي الاتفاق بينهم ولكنه أراد أن يسمعها منها.
اردفت شذى وهي ناظرة في عينه
-عشان مش عايزة اطلق يا مالك.
ثم اجهشت في البكاء وجرت من أمامه لتختبئ في غرفتها مره اخرى.
مالك معاتباً لها
– و لسه لما تكملي باقي الاتفاق يا شذى.
باك.
❈-❈-❈
وقفت في بهو البيت المكون من طابقان، معجبة جداً بديكوره وطرازه.
من يشاهده من الخارج، يراه كأي بيت من بيوت الحي العتيقة لكنه حرص ان يكون من الداخل على أحدث طراز عصري بلمسه هادئة.
اردفت شذى بأعجاب
-الله البيت حلو قوي يا مالك.
استند مالك بجزعه على حافة المقعد و عقد ذراعيه في بعضهم
-طب الحمد لله انه عجبك.
ابتسمت له واقترب منه واضعه يدها على رسغه
-بصراحة زوقه حلو اوي، من بره حاجة و من جوه حاجه تانيه خالص.
-ماحبتش اعمله كله على الطراز القديم، بصراحه خـ.ـو.فت لا تزهقي منه، اصل انتي قلابه و بتزهقي بسرعه.
ضمت شذى حاجبيها واغمضت عيناها بتفكير
– قصدك تقول عليا اني ماليش امان مش كده.
-كويس انك قولتيها دا معناه انك متصالحه مع نفسك جداً يا شذى.
ابتعدت عنه و تنهدت هذه المره بزهق لتهتف بضجر مما يفعله بها زوجها
-بص انا مش هاخد كلامك ده على
أنه جد أو أنه زم فيا، بس انا هاقولك حاجه انا يمكن اكون متهوره ومندفعه في كلامي، بس انا مش خبيثة ولا كـ.ـد.ابه يا مالك.
مالك بغضب
-متهورة ومندفعه ومتردده و انانية يا شذي، ايوه انتي أنانية وطماعه كمان.
عايزة كل حاجه ليكي، مش مهم اي حد تاني المهم انتي و بس، ماشيه على المنهج اللي بيقول نفسي ثم نفسي ثم يأتي الطوفان، مش كدة يا شذى هانم.
ادmعت عيناها و زفرت بحـ.ـز.ن
-انا ابسط من كده بكتير، انا مش عايزه حاجه من حد، كل اللي انا عايزاه اني اعيش حياة بسيطة في هدوء معاك و وسط عيلتي، مش طالبة حاجة اكتر من كده.
-حتى في طلبك ده انتي أنانية يا شذى.
-ليه بتقول كده.
-لأنك عايزه تملكينا، بتربطي امك بيكي مع انك بقى ليكي حياتك الخاصة و معا ذلك مش عايزها تفارقك ثانية دي مش اسمها انانيه يا شذى.
و انا!
-انت انت ايه يا مالك! هو انت مش جوزي.
-جوزك! اللي قولتي عليه مش را..، واول ما قولتلك هاننفصل قولتي لاء انا مش عايزة اطلق تبقي أنانية و لا لاء يا شذى، دا انتي حتى مافكرتيش ت عـ.ـر.في رأيي انا ايه
-هو انت ليك رأي تاني يا مالك.
صمت ولم يجيبها، لتنفزع في وقفتها وتجري عليه تفك حصار يديه من حول صدره رغم عنه وتحتضن خصره بذراعيها معلنه تملكها اياه.
مالك انا اتعودت على احساس الأمان جوه حـ.ـضـ.ـنك حتى لما كنت لوحدي في الشقة، كنت مطمنة ومبسوطه وانا شامه ريحتك في كل مكان فيها.
وضع مالك يديه في جيوب بنطاله و وقف صامداً كجبل من جليد…
وعنـ.ـد.ما طال الصمت بينهم رفعت عيناها الدامعه له تحاول أن تطلب منه السماح
-طب لو عايز تفضل زعلان انا موافقة لكن مـ.ـا.تبعدش عني مـ.ـا.تحولش تسيبني يا مالك
هتف مالك بأمر مغيراً مجري هذا الحديث بينهم
-اثبتيلي انك بتحبيني و عايزاني بالفعل مش بالكلام والعـ.ـيا.ط كل شويه يا شذى.
شذي بحب واضح عليها
-اعمل ايه، كل اللي هتقولي عليه هاعمله.
مالك بصبر
– اطلعي غيري هدومك وحضري نفسك عشان تروحي الدرس.
ابتسمت له و اومئت برأسها
-حاضر هاعمل كل اللي انت عايزه.
جرت من أمامه صاعده للأعلي، لتفعل ما طلبه منها ليهمس هو لنفسه.
-عارف انك مع أول مشكله هتحصل بينا هترجعي في كلامك ده تاني.
اليوم هو يوم زيارة الطبيب، أو بمعنى أصح العريس المتطفل.
وقفت شذى بداخل غرفة طهي الطعام بأمر من خالتها تصنع بعض الحلوى وتساعدها في إعداد الطعام.
جلست الحاجة مجيدة بجانب شقيقتها يتحدثون وهم ينظفون بعض الخضروات.
-عايزكي بقى النهاردة تبقى واردة مفتحه كده الراجـ.ـل جاي مخصوص عشان يشوفك ويقعد معاكي، رؤية شرعيه يعني يا بت.
غمزت ماجدة لأبـ.ـنتها الواجمة بطرف عينها و اومئت لأختها
-حاضر يا مجيدة بس انا مش فاهمه يعني هو مستعجل على ايه، مش قولنا يصبر لحد ما افك الجبس.
-يا بت ما مالك قالك ان الزيارة دي للتعارف و بس و الله لو حصل قبول، كان بها ماحصلش خلاص عادي ولا كأن حاجه حصلت.
و عندها تركت شذى ما بيدها و جلست بجانبهم مرتسمة على وجهها علامـ.ـا.ت الغضب.
لتردف خالتها :
-وانتي مالك انتي كمان يا آخرة صبري، سيبتي اللي في ايدك وقعدتي يعني.
كورت شذى كفها تحت وجنتها وتنهدت
-مالك مسافر بكره للمؤتمر، و مش راضي ياخدني معاه.
هذه المره تحدثت والدتها
-طب ومش راضي ياخدك ليه هو مش قال ان المؤتمر في اسوان، بصراحه انا شايفها فرصة انكم تقربو من بعض اكتر، و تغيرو جو المشاكل و المشاحنات ده بقي.
-بس هو بيقول انه هيبقى مشغول جداً، ومش هيبقى فايق لتغير جو وانه يفسحني و كده يعني.
-و انتي رديتي عليه قولتي له ايه.
-مارديتش انا سكت بس بصراحه مش عايزاه يسافر و يسبني وعايزه اروح معاه.
-طلاما بيقولك انه هيبقى مشغول يبقى بلاش تزني عليه، و تزعليه منك تاني يا بـ.ـنت اختي.
-طيب
-الله رايحة على فين يا شذى.
-خلاص انا خلصت اللي انتو طلبتوه مني هاروح احضر نفسي انا كمان قبل الدكتور وضيفه ما يجو.
❈-❈-❈
وفي تمام السادسه مساء حضر مالك ومعه الدكتور عبد الرحمن.
جلسو الرجـ.ـال سوياً مع إلقاء التحية الترحيب من الشيخ حسان عليه….
-يا الف مرحب بيك يا دكتور دا انت نورتنا النهارده.
-الله يخليك يا حج متشكر اوي.
هتف مالك بمرح
-اول مره اشوف واحد جاي يتقدm لعروسه و هو حاطط رجلها في الجبس.
ضحك الرجـ.ـال على مزحته و اردف الدكتور عبد الرحمن.
-و الله دا شئ يشرفني اني اناسب ناس زيكم يا شيخ حسان.
– الشرف لينا احنا، بس بردو حضرتك حقك تقعد و تتكلم مع ام شذى زي ما انت عايز، و هي كمان لو عندها حاجة عايزة تقولها يبقى حضرتك تسمعها براحتك.
-روح يا مالك هات خالتك و تعالي.
ذهب إليهم حتى تستند عليه و يأخذها لتجلس مع ذلك العريس، نبهتها ابـ.ـنتها بنظرة من عيناها، فاشـ.ـدت على يدها برفق.
-ماجدة هامسة لأبـ.ـنتها
-مـ.ـا.تخفيش انا داخلة دلوقتي اطفشه.
-انتو بتتهامسو وبتقولو ايه.
كانت هذه كلمة مالك الواقف منتبه لهمسهم.
امالت شذى رأسها للجهه الاخري وابتسمت له
-هاه احنا لا ابداً مش بنقول حاجه.
ربتت ماجدة على يده لتحثه على الذهاب بها إليهم.
-يلا يا مالك هو احنا هانقعد نتكلم هنا، ونسيب الراجـ.ـل قاعد برة.
-مستعجله قوي يا اختي، طب يا ست ماجدة اتفضلي اسندي عليا ويلا بينا.
❈-❈-❈
ولجو سوياً عليهم واجلسها على الاريكة في مقابل ذلك الطبيب.
و بعد أن تبادلوا السلام بينهم، استأذن مالك و والده و تركوهم يجلسون سوياً.
ظلت ناظرة للأسفل وقد طغى عليها حيائها، تلك التي كانت تنتوي توبيخه و طرده من حياتها الذي يريد أن يقتحمها دون ارادتها.
كانت تبحث عن الكلمـ.ـا.ت أسفل قدmيها، وكأن القطه ابتلعت لسانها.
-ازيك يا مدام ماجدة.
خرج همسها كفتاه عشرينية يغلب عليها خجلها.
-الحمد لله ازيك انت يا دكتور.
ابتسم على خجلها واردف.
-انا كويس الحمد لله بس بصراحه انا مندهش من خجلك ده، بتحسيسني اننا لسه شباب صغيرين.
نظرت اليه شزراً، و هنا تشجعت ورفعت وجهها مزمجرة مما يقوله.
-وحضرتك كل ما بتقابل واحدة ست بتحسسها بحسنها، ايه قلة الزوق دي يا دكتور.
تفاجئ بردها وتلجلج في كلمـ.ـا.ته…
-أنا ااا اسف انا ماقصدتش كده خالص انا بس كنت…
-كنت ايه يا دكتور، انت من قبل ما تتكلم في حاجه احب اقولك ان طلبك مرفوض.
-طب استني بس، هو احنا لسه قولنا حاجه عشان ترفضي او توافقي، من فضلك اسمعيني للأخر و بعد كده يبقى ليكي حرية الرأي.
-اتفضل قول اللي انت عايزه اما نشوف اخرتها.
-بصي يا ست ماجدة انا يمكن اكون في نظرك رجل مراهق بيفكر في اسعاد نفسه بأنانية، لكن الحقيقة بقى غير كده خالص.
التمست نبرة الحـ.ـز.ن في كلمـ.ـا.ته، و هتفت..
– هو حضرتك ليه اتغير صوتك و بقي حزين كده.
– ابتسامه خفيفه لمحتها على ثغره قبل أن تختفي سريعاً.
-لأني ببساطة تعبت في حياتي و عايز ارتاح وبصراحه حسيت اني هلاقي راحتي معاكي انتي.
-انا مش فاهمه حاجه ممكن حضرتك توضحلي اكتر.
-حاضر هاوضحلك بصي يا ست ماجدة انا راجـ.ـل عشت تقريباً عمري كله لوحدي بعد ما اخواتي اتجوزو، فضلت مع امي لحد ما قضاء ربنا اذن و سابتني لوحدي، بعدها اتقابلت مع زوجتي الأولى في اليونان،
وحصل بينا قبول و حبيتها و اتجوزنا، رجعت معايا هنا و بعد مدة قليلة من جوزانا خلفت ليا ولدين توأم، و بعدها بدئت بينا المشاكل لحد ما الحياة بدئت تبقى مستحيلة ما بينا،
خيرتها بين طـ.ـلا.قها مني و انها تسيب الولاد، لكن في يوم رجعت من شغلي، لاقتها اختفت بيهم، عرفت بعد كده انها اخدت الولاد واتحامت في السفارة بتاعتها و سافرت بيهم على بلدها.
و بعد كده رجعت ابقى لوحدي تاني لحد دلوقتي، بس بقى من ساعة ما شوفتك وانا حسيت ان هاعوض كل اللي مريت بيه مع انسانه هادية وجميلة ومناسبه ليا زي حضرتك كده، ساكته ليه عايز اسمع ردك.
كانت تسمعه بكل حواسها التمست هذا القلق المسيطر على حياته تنهدت بحـ.ـز.ن ثم هتفت.
-ارد اقول ايه بس يا دكتور، اقول لحضرتك اني مش ناقصني هم أو حـ.ـز.ن، انا عندي مشاكل في حياتي تكفيني اللي باقي من عمري، ومش ناقصة حد يزود همومي.
-هههههه لاء يا ستي اطمني انا مش جاي ازود همومك ولا حاجه، انا جاي احط ايدي في ايدك و ندور على السعادة اللي فاضل من عمرنا سوي.
-بس حضرتك مـ.ـا.تعرفش حاجة عني.
-زي ما حاكتلك كل حاجه عن حياتي، احكيلي انتي كمان.
تبدلت حالتها من الرفض الي رضا النفس قليلاً و بدئت تحكي له كل شئ عن حياتها السابقة.
❈-❈-❈
اما بالخارج جلس بجانبها يعبث في هاتفه في صمت وفي مقابلته كانت تجلس والدته، بينما تركهم والدهم وذهب لصلاة المغرب.
لتهمس والدته
-ربنا يثبت أقدامك يا دكتور، و توافقي يا ماجدة ياختي رب.
همست شذى وهي تلوي ثغرها
-ربنا ما يسمع منك يا خالتو يا رب.
التفت لها زوجها مالك الذي استمع الي همسها جيداً، و همس لها ساخراًِ
-سمعتك على فكره
نظرت له شزراً تقذفه بسهام ناريه فهي فيها ما يكفيها مما يسببه لها من حـ.ـز.ن.
-عادي يعني ما تسمعني، هو من امتى وانت بتوافقني الرأي في اي حاجه بقولها.
– كويس انك عارفه ان كل اللي بتقوليه دا غلط.
قررت أن تتغاضي عن موضوع والدتها لتغير الحديث الي حوار سفره.
-على فكره بقى انا مش بتكلم معاك، خليك في تحضير مدوناتك الطبية و سفرك ده.
اغلق هاتفه و نظر اليه بطرف عينه مخفضاً صوته.
-ممكن تبطلي تلمحي بالكلام ده، لاني مهما تعملي بردو مش هتسافري معايا تمام.
رمقته بنظرة جانبيه محاولة اخفاء حـ.ـز.نها..
-و مين قالك اني عايزة اسافر معاك ما تسافر يا اخي ولا تقعد الموضوع كله مايهمنيش
و هنا تدخلت الحاجة مجيدة ملفته نظرهم..
– بس انت و هي الله يخرب بيتكم انتو مش واخدين بالكم ان في واحد غريب في البيت، اخرسو بقى.
همت شذى واقفه لتذهب من أمامهم.
-حاضر يا خالتو اديني سكت اهو اقولك انا هاقوم ادخل اقعد في المطبخ احسن لحد الراجـ.ـل ده ما يمشي بقى.
سريعاً ما اختفت من أمامهم، لتهمس له والدته و هو يراقب طيفها.
-مش عايز تاخدها معاك ليه؟
التفت الي والدته و اغمض عينيه مستنشقاً نفس طويل.
-لو اخدتها معايا هاتتحبس في الفندق، انا الأسبوع ده هبقي مشغول جداً ومش فاضي ليها، مش رايح فسحه يا أمي.
-يبقى تعرفها دا وتحاول تاخدها بعد ما ترجع من السفر و تعوضها بقى بفسحة حلوة، يلا مستني ايه قوم ادخلها وقولها كلمه حلوه.
كيف يفعل ذلك وهو يعلم جيداً مدى المه منها، رفع رأسه لوالدته و هتف.
-سيبك منها دلوقتي يا أمي، وخلينا في دكتور عبدالرحمن اللي طول جوه ده، الراجـ.ـل ده نسي نفسه ولا ايه، دا بينه ناوي يبات هنا.
ضحكه خفيفه بانت على وجهها و همست.
يا واد سيبه قاعد يمكن ربنا يهديها، و تديك موافقتها الليلة.
هب واقفاً رابتاً على كتفها بمشاكسة: لاء يا ستي انا بقول كفاية عليهم كده، دول قربو يجيبو عيال في الوقت ده كله.
-ههههههه خد يا واد استنى يا مالك.
لم يلتفت إليها و ولج إليهم من ذلك الباب الزجاجي المفتوح على مصرعيه أمامهم.
-انت نورتنا النهاردة يا دكتور.
قال كلمته و هو يجلس على المقعد الجانبي لمقعد خالته التي لمح على وجهها الدmـ.ـو.ع التي تغرق وجنتيها.
-خير هو في حاجة ولا ايه.
هتف الطبيب بجدية.
-لا لاء ابداً مافيش حاجة كل الحكايه اني حكيت للمدام كل حاجة عني، و للأسف ذكرتها بالماضي الأليم بالنسبة ليها، و اللي من وجهة نظري مايهمنيش في اي حاجة.
رفعت عيناها لتقابل عيناه الممتلئة بالحب، فأومئت له بالموافقة دون ارادتها.
❈-❈-❈
رحل الطبيب و جلسو سوياً يتسامرون في الحديث، ويعرفون مدى انطباعها عن هذه المقابله، لتقول شقيقتها.
الحاجة مجيدة
-يعني انتي قدرتي تكوني رائي عنه في المقابلة دي.
نظرت ماجده الي ابـ.ـنتها المتحديه لها وقالت
– ماقدرش اقول اني كونت رأيى بالسرعه دي، بس اقدر اقول اني حاسة براحه و متقبلة للمقابلة دي.
شذي بتحدي وصوت مرتفع
-يعني ايه يا ماما يعني هتوافقي و تتجوزي الراجـ.ـل ده انتي مش قولتي انك هاترفضيه.
توارت عينيها عن النظر لابـ.ـنتها و همست بخجل
-مش مهم موافقتي من رفضي انا دلوقتي ، المهم رأيه هو يا شذى.
وقفت من مخضعها مندهشة مما القته والدتها في جعبتها،
ما الذي حدث لها في هذه المقابلة، و لماذا تبدل رأيها من النقيض الي نقيض اخر بهذه السرعة،
لن تحظى بأي اجابه ترضيها الان، لذا فضلت الهروب من أمامهم جميعاً متجهه الي بيتها.
لتهم والدتها بالنداء عليها حتى ترجعها.
-شذى استني انتِ رايحة على فين لوحدك كده.
أسرعت في خطاها هاتفه: مروحه اظن مافيهاش حاجه دي.
جرت من أمامهم تحت نظرات هذا المستشاط غـ.ـيظاً منها، ليتتبع اثرها ملقي عليهم السلام.
-طب يلا اسلم عليكم انا كمان عشان بكره هسافر بدري، و الحق اروح اسلم على ابويا في المسجد.
اومؤو اََليه جميعاً بالسلام و تبادل القبلات معهم، مستمع الي إرشادات والدته جيداً.
-تخلي بالك من نفسك، و تدفي روحك كويس، و تلبس فالنتين عكس بعض عشان تحمي نفسك من البرد.
ابتسم لها وامسك جبينها بين راحتي يده ليقبل رأسها بكل حب.
-حاضر يا ست الكل انتي تأمري، يلا السلام عليكم.
اردفوا اليه
-و عليكم السلام.
❈-❈-❈
لحق بها قبل أن تبرح ساحة الشارع الرئيسيه، و إذا به يقبض على راحة يدها بتملك.
شهقت من الخضة، و حاولت جذب يدها من قبضته فزجرها بنظرة جـ.ـا.مدة الجمتها لتصمت.
و حين وصلو الي بيتهم فتح الباب و زجها للداخل بدفعه قوية من يده.
كادت ان تسقط على وجهها لذا اندفعت فيه صارخة.
-اه حاسب هتوقعني على وشي.
القى بمفتاحه على الطاوله، و بدء في تعنيفها كالعادة.
-لما تبقى قاعدة في اي مكان و معاكي جوزك يا هانم يا محترمه، اوعي تقومي من مكانك وتحاولي تمشي و مـ.ـا.تعمليش ليه اي اعتبـ.ـار كده.
-لا و الله يعني كنت عايزني اقعد و يتحرق دmى لحد ما حضرتك تتكرم و تتعطف عليا و تقوم مش كده.
-تمام هو كده، و الله يا شذى لو عرفت انك عملتي اي مشاكل، و انا مش هنا لهتشوفي عقـ.ـا.بك بجد لما ارجع من السفر.
-هاتعمل ايه يعني انت اصلاً مش قولت انك هتسافر لوحدك خلاص بقى مالكش دعوه بيا
– يا سلام اومال ليا دعوه بمين انا، اولاً لازم تحترمي غيابي زي وجودي بالظبط،
وحسك عينك اعرف انك عملتي مشكلة مع والدتي او والدتك.
رفعت وشاح وجهها بعنف و جلست على الاريكة مكوره يديها أسفل وجنتها و اردفت بهدوء حزين.
-اطمن انا مش هاخرج من البيت اصلاً.
مد خطاه و جلس بجانبها، مريحاً رأسه على حافة الاريكة من خلفه.
-و مين قالك اصلاً اني هاسيبك تقعدي هنا لوحدك، انتي هاتحضري نفسك و الصبح قبل ما امشي هاوديكي البيت التاني، و هاتقعدي هناك لحد ما ارجع.
-لأ معلش بقى انا اسفه مش هانفذ و لا كلمة من اللي انت قولتها دي،
انا مش هاسيب بيتي و اروح اقعد عندهم، و ترجع تقولي اتخانقتي و عملتي مشاكل ليه.
و هو انتي يعني ماينفعش تقعدي من غير مشاكل يا شذى،
حـ.ـر.ام عليكي بقى انا مابقتش طايق خناقك كل شويه، و صوتك العالي ده
رمقته بنظرة طويله صامته و هبت واقفه، و بخطوات سريعة اتجهت لتصعد الي الأعلى، و هي تصيح.
اديك هاترتاح مني اسبوع بحاله، افرح بقى و ريح دmاغك بعيد عني.
التوي ثغره و هم بالوقوف هو الاخر، لكن ليرحل عن البيت بأكمله.
❈-❈-❈
و كأن خطاه تأخذه الي مكانه المعهود، حضر الي الضريح ليودع صديقه و رفيق دربه مثلما عُهد على ذلك، صلى فرده و جلس بجانبه يقرء في كتاب الله العزيز،
و ينتظر والده الي ان يفرغ من صلاته، و يتحدث مع صاحبه هامساً.
-مابقتش قادر من كتر المشاكل معاها يا حُسين، تعبت من جنانها ده، هي عارفه و واثقه اني بحبها، بس شقاوتها و صوتها العالي دول هما سبب المشاكل بينا، ربنا يهديها ليا.
شعر بيدٍ تربت على كتفه، لتطمئنه بأنه بجانبه فالتفت لصاحبها مبتسماً.
-حرماً يا ابويا.
-جمعاً يا حبيبي ان شاء الله بتكلم نفسك و لا بتسلم على صاحبك كالعادة يا دكتور.
-ان جيت للحق الاتنين يا حج، قولت اجي اقعد هنا و اصلي ركعتين لله، و اسلم عليك لاني هاسافر بكره بدري.
– تروح و ترجع لينا بالسلامه يا حبيبي، بس انت ماعملتش اللي قولت عليه يعني.
رفع عينه له ليحاول فهم ما يدور برأسه.
-تقصد ايه يا حج؟
-قصدي انك جيتني و انت حزين و قعدت تقولي انك هطلقها وتخليها تحت عينك بعد كده عشان تبقى مطمن عليها، بحكم انها بـ.ـنت خالتك وعشان مالهمش سند، و قولت ماشي بس اللي انا شايفه، انك ماعملتش حاجة من دي.
احنى رأسه صامت أمام ابيه، ليندهش و يهتف بضجر.
-ارفع راسك يا مالك، انا مـ.ـا.تعودتش اشوفك مكـ.ـسور كده يا بني.
جحظت عينه و سريعاً ما رد علي ابيه.
لاء يا ابويا انا مافيش حاجه كـ.ـسراني، و شذي زي الفل، انا بس كل الحكاية…..
-بتقول كلام مش مفهوم وعمال تتلجلج ليه يا دكتور.
-عشان بحبها يا ابويا، ايوا حبيتها حبيت فيها برائتها و طفولتها حتى جنانها، بقيت بخاف عليها زي ما تكون بـ.ـنتي مش بس مراتي يا ابويا.
فاجئه برده القاطع لينفض يده برجفه عن كتفه وينظر اليه لبرهة ليست بقصيرة.
عم السكون بينهم و كل منهم مندهش على حاله، ليعيد والده الحديث محاولاً جذبه من متاهته التي ادخل نفسه بها.
– بص يا مالك انا مش هاقولك انك غلطان في اختيارك، بس هاقولك ان الحب عمره ما كان ضعف يا بني الحب طول عمره بيقوي صاحبه، اهم حاجة انه يكون للي يستهاله.
وهنا رفع رأسه ليجيب ابيه سريعاً في الرد.
-صدقني يا ابويا، شذى هي اللي تستاهل قلبي و انا واثق انها بتحبني قد ما بحبها ويمكن اكتر كمان، و أن كان على تهورها و صوتها العالي فسنها الصغير و اللي شافته من عيلة ابوها يشفعو ليها يا حاج.
ابتسم الشيخ حسان ساخراً و همس له و هو يربت على قدmه.
-وبقيت تدور ليها على أعذار كمان يا شيخ مالك على العموم ما تكملش
دي حياتك وانت حر فيها، انا المهم عندي و اللي اتمناه في حياتي أن اشوفك مبسوط و متهني في عيشتك يا بني
و قبل اي حاجه انك تكون محافظ على تفوقك في مركزك و شغلك يا دكتور.
رد اليه الابتسامه و انحني على يده ليقبلها قائلاً…
ربنا يخليك ليا يا حج و مايحرمنيش من دعواتك ابداً
-هههههههه طب يا سيدي ربنا يريح بالك و يرضى عنك و يرزقك بالذرية الصالحة اللي تملي عليا انا و امك البيت.
ضحك مالك لوالده و تملكته السعادة أثر تلك الدعوة التي اراحت باله بعض الشئ.
❈-❈-❈
عاد الي بيته و على وجهه ابتسامة الرضا، لقد أراح كلام والده ذهنه بعض الشئ، على الاقل قلل من غضبه وقلقه الذي كان يخشى ان يتفاقم للأسوأ بينه وبين زوجته،
و عليه الان ان يريح ذهنها هي تجاه والده.
كان الهدوء يعم البيت، على ما يبدو أنها لم
تترجل الي الاسفل من وقت خروجه منه،
صعد الدرجات بروية و هو كله يقين بأن لا يحـ.ـز.نها هذه الليلة، علي الاقل حتى لا يذهب و يتركها حزينة.
فتح باب غرفة نومهم المظلمة بالكامل، اتجه الي زر المصباح الموضوع بجانب الفراش وانار ضوءه الخافت حتى لا يزعجها،
لكنه تفاجئ بعدm وجودها فيه، ارتعب قلبه عليها و انتفض في مكانه، هماً بالذهاب للخارج مفتشاً عنها بجميع الغرف وهو يناديها.
شذي انتي فين ردي عليا روحتي فين يا شذيييييي.
كانت ممدده بحوض الاستحمام تنعم بحمام دافئ يريح اعصابها من كل هذا الارق الذي قد ملئ رأسها، و على ما يبدو أنها من كثرة الراحة الذهنية التي تحصلت عليها، قد غفيت و لازمها النوم.
لتنتفض جاحظة العينين أثر سماع صياحته المدوية كاقذائف تنزل فوق رأسها، غير مبشرة بأي خير.
هبت واقفه من الحوض نافضة لقطرات المياة التي تسترسل على جسدها الناعم العاري تماماً والمرتجف أيضاً من تلك الرهبه التي تملكتها، و لا تعرف السبب…
وقفت مسهمه وسط المياه لاتقوى على التحرك وكأن قدmيها متيبسه في ارضٍ جـ.ـا.مدة،
فقط عينها جاحظة نحو الباب الذي يرتج أثر دقه عليه ومقبضه الذي يهتز صعوداً وهبوطاً، وهي تسمع صياحه المندفع من الخارج بأسمها.
-شذى انتي جوه.. افتحي الباب ده قافله على نفسك ليه، بقولك ردي عليا لأكـ.ـسر الباب يا شذيييييي
خرج صوتها أخيراً بنبرة متحشرجه مرتجفه أثر صراخه عليها.
-حاضر حاضر
تنفس الصعداء و هو يقف بالخارج عنـ.ـد.ما سمع صوتها حاول أن يسيطير على قلقه واخفض صوته عنـ.ـد.ما التمس خـ.ـو.فها.
-انتي قافله على نفسك ليه افتحي الباب و اخرجي من عندك.
لفت جسدها داخل هذا الشرشف الكبير وعضت على شفتها السفلى بخجل، ان خرجت هكذا الان سيظن انها تفعل ذلك عمداً لتغويه إليها، وقفت خلف الباب الموصود لا تدري ماذا تفعل الان،
تلك الطائشة لا تتعلم ابداً من أخطائها، ماذا سيظن بها و يقول عليها و هي على حالتها هذه، خرج صوتها مرتجفاً خائفاً وتسمرت مكانها تضع اذناها على الباب وهي تهتف كفأر مذعور…
-اطلع بره الاوضه الاول.
-انتي عايزة تجنيني اخرجي بقولك من عندك.
هكذا جائها رده القوي مصطحباً بركله من قدmه، لتزيد من رجفتها بالداخل.
-بطل زعيق يا مالك انت بتخـ.ـو.فني ليه انا كويسه مافيش حاجه فيا.
أخيراً ما هدئت روعونته، وضع جبينه على الباب هامساً لها ساخراً منها في ذات الوقت.
-بتخـ.ـو.فني ليه! اخرجي طمنيني عليكي.
-طب لو سمحت اخرج من الاوضه انا انا……
علم انها خجله منه، طبعاً و كيف يسهو عن تلك العادة السيئة التي قد بدء يعتاد عليها هو الاخر.
فقرر ان يشاكسها بمرح.
-انتي ايه كنتي بتاخدي شاور ونسيتي لبسك كالعادة مش كده.
تنهدت بقلة حيله نافخه زفيرها بضجر، لقد علم بفعلتها وقضي الأمر.
ضمت حاجبيها بغضب، وعزمت على أن لا تنوله ما يفطن في باله، اذا كان هو يزعجها فهي ستطير النوم من رأسه هذه الليله.
-مش هاخرج و انت موجود في الاوضه اطلع بره بقى الجو برد وانا عايزه البس.
تصنمت منصته خلف الباب الخشبي، تستمع الي صوته و حين لم يأتيها الرد فتحت الباب بروية لتتأكد من عدm وجوده، مشطت الغرفه بأكملها لتجده، و عنـ.ـد.ما لاحظت خلوها ترجلت من المرحاض تتغنج منتصره وهي تهمس.
ال اخرج وانا كده وانت موجود ال دا بعينك، عشان تبقى تسافر لوحدك كويس.
و بلحظه وجدت قدmها لا تلمس الأرض وهي محموله بين يديه ليصيح بانتصار عليها.
دا بعينك انتي يا قلبي اني اسيبك النهارده، طب وحياة خـ.ـو.في عليكي ما هاسيبك يا شذى.
انه اليوم الخامس له بعيداَ عنها، تعودت في غيابه ان تستيقظ على رنة هاتفه، و تنام بعد أن يغلق معاها.
لكن في هذا اليوم قد ارقها النوم و لم تنعم بالراحة بعد أن هاتفها ليلاً، فهى في الآونة الاخيرة مزاجها كان متقلب، واليوم تشعر بالغثيان دون أن يلمس الطعام فمها.
و تريد الا تبرح فراشها ثانية واحدة، نائمة معظم الوقت يتملكها الوهن و لا تعرف السبب.
لتلج عليها خالتها مرتابة من رقدتها المستمـ.ـيـ.ـتة هذه.
-بت يا شذى ما تقومي يا بت احنا بقينا الضحى، قومي فوقي كده الا هو جوزك اتصل بيكي ولا لسه.
فتحت عينها نصف فاتحه ليغلب عليها النعاس مره اخرى.
-التليفون كان بيرن بس انا مش عارفه هو و لا مش هو يا خالتو.
-يخيبك يعني التلفون رن وانتي ماردتيش يا خايبة، يوه انتي مالك يا بت مفستكه كده. رفعت رأسها محاوله الاعتدال ليتغلب عليها الوهن و ترقد مره اخرى.
-مش عارفه يا خالتو انا تعبانه من امبـ.ـارح باليل، و معدتي بتو.جـ.ـعني، و حاسه اني عايزة انام قوي.
شهقت الحاجة مجيدة بفرحة غريبة، و ازعنت انها تعرف السبب.
-هاه لا تكوني حامل يا شذى.
اتكأت على نفسها محاولة الاعتدال بريبة مندهشة هامسة
-حامل!!!
معقول بسرعة كده.
– يا الف نهار ابيض، يا الف نهار مبروك، أما اقوم افرح الشيخ حسان و ماجده، وانتِ خليكي نايمة يا حبيبتي وانا هاطلع ليكي الاكل لحد عندك.
تفاجئت بفرحتها السريعه و حاولت إيقافها.
-استنى بس يا خالتو حامل ايه عرفتي منين اصلاً.
كما لو كانت فتاة بسن العشرين، تسارعت خطواتها البطيئة و السعادة ترافقها هاتفه لها
-مش مصدقاني يا بت و لا ايه، دا باين علي وشك زي الشمس يا عين خالتك، و على العموم هابعت اجبلك اختبـ.ـار حمل ونتأكد و تفرحينا كلنا.
اوقفتها سريعاً قبل أن تختفي من امامها هاتفة.
-خالتو استنى من فضلك، اوعي تعملي حاجه من دي.
وقفت خالتها على الباب ملامه عليها..
-ليه يا شذى يا بت سيبيني افرحهم و اقولهم خلينا نفرح و كفاينا نكد و مشاكل بقى.
-معلش ياخالتو استنى لما اروح اعمل تحليل عند الدكتور و نتأكد الاول.
عادت إليها و ربتت على كتفها مطمئنه لها.
-عين العقل يا حبيبتي و أهو لما تتأكدي تبلغي جوزك و تفرحيه
❈-❈-❈
ترجلت على الدرج مستندة على دربزينه، لتلحق بخالتها يبدو على وجهها الوهن و الوجوم، و عنـ.ـد.ما رأتها والدتها تسائلت.
-الله مالك يا شذى وشك اصفر كده ليه يا حبيبتي.
حاولت التماسك و جلست بجانبها مهدئة لها، مافيش يا ماما انا كويسة يا حبيبتي مـ.ـا.تخفيش عليا.
– كويسة ازاي بس دانتي شكلك باين عليه التعب خالص.
نظرت الي خالتها لتتدخل و تنقذ الموقف، فاتفهمت عليها و اردفت ضاحكة.
-بيانها واخده برد يا ماجدة مـ.ـا.تخفيش انا هاخدها و نروح للدكتور نكشف عليها وبالمره اكشف انا كمان على رجلي اخر النهار.
اومئت لها و هي تربت على ذراع ابـ.ـنتها الجالسة بجواره ومريحة رأسها المستكينة على كتفها.
-كده طيب زي بعضه الله دا تليفونك بيرن في ايدك يا شذي، ردي ياحبيبتي لا يكون جوزك.
نظرت الي الهاتف بيدها لتجده هو بالفعل زوجها فهمست بتعب.
-ايوه هو خدي ردي عليه يا خالتو.
-لاء ردي انتي لو حد فينا رد عليه بدالك هيقلق عليكي خصوصاً انه بيتصل من بدري وانتي مش بترضي عليه.
اومئت لها و اعتدلت جالسه مبتعدة عنهم قليلاً لتفتح الهاتف و تجيب الاتصال.
❈-❈-❈
-الو
-الو يا شذى انتي مابترديش علي تليفونك ليه قلقتيني عليكي.
-مافيش حاجة انا بس كنت نايمة يا مالك.
-مش عادتك يعني مانتي كل يوم بتكوني نايمه واول ما برن عليكي بتصحي انتي فيكي ايه طمنيني.
-صدقني يا حبيبي انا كويسة و مافيش حاجه.
-شذى اوعي يكون في حاجة حصلت وانتي مخبية عليا امي و ابويا كويسين طب انتِ حد زعلك و لا اتخانقتي مع حد تاني.
-ابداً و الله يا مالك انا مش اتخـ.ـنـ.ـقت مع حد و خالتو و عمو حسان كويسين جداً.
و على ذكر اسمه وجدته يدلف من الباب الرئيسي للمنزل، و هو يهتف بأسمها مبتسماً.
-مالك ده اللي بتكلميه يا شذى!
تفاجئت بأبتسامته و طريقته المرحه معها فبادلته اياها مجيبة عليه.
-ايوة يا عمو هو.
-طب هاتي اما اكلمه احسن دا وحشني اوي.
أعطته الهاتف و هي مزهوله من طريقته معها، ليبدء الحديث مع ابنه بمحبه.
-الو ايوة يا مالك ازيك يا حبيبي، عملت ايه في المؤتمر طمني.
ابتسم على لهجة ابيه الذي أظهر له خـ.ـو.فه عليه و محبته الخالصة له.
-اطمن يا حاج و مـ.ـا.تقلقش عليا ابنك هايشرفك و هايرفع راسك دايماً.
-انا متأكد من ده يا حبيبي ربنا يوقفلك ولاد الحلال دايماً يا بني و ينجيك للصالح.
-طب طمني على شذى يا ابويا، انتو زعلتو تاني مع بعض و لا ايه.
التفت اليها ضامماً حاجبيه، ثم اردف له بهمس.
– ابداً بالعكس يا بني دا من ساعة ما اتكلمت انا و انت وانا اعتبرتها بـ.ـنتي تماماً، و صفيت قلبي من ناحيتها هي قالتلك حاجة و لا ايه؟
سريعاً ما نفي سؤاله واردف مجيباً عليه.
-لا لا أبداً انا بس قلقان عليها اكمن يعني صوتها مش عاجبني وحاسس ان فيها حاجه مش طبيعية.
تمعن النظر فيها ليلاحظ وهنها و اشارة زوجته له بألا يبلغه بشئ.
-هاه ابداً ابداً يا مالك هي قاعدة قصاد عيني اهو زي البدر ومفيهاش اي حاجه، هي بس تلاقيها بتدلع عليك عشان وحشتها مش كده يا شذى.
للمرة الثانية يفاجئها بمرحه معها فأجابته مكتفية بأيمائة من رأسها.
ليستمع الي ابنه الذي كان ينهي معه المكالمه و هو يجلس في مقابلها.
-كده طب مع السلامه دلوقتي يا ابويا وهبقي اكلمكم تاني.
-طيب يا حبيبي مع الف سلامه.
❈-❈-❈
ظل جالساً امامها ينظر إليها تارة ويلتفت إليهم تارة أخرى محاولاً التعرف على ما يدور بينهم.
-الله مالكم يا جماعة فيه ايه و شذي مالها وشها اصفر كده.
تحدثت ماجدة مؤيداه الرأي مجيبة.
شوفتي يا مجيده حتى الشيخ حسان لاحظ وشها ازاي.
تنهدت مجيدة محاولة أخبـ.ـارهم بما تشعر به فرمقتها الاخري بتحذير.
-خلاص خلاص انا كنت هاقول بس اني هاخدك للدكتور اكشف عليكي و هو يطمنا.
التفت الشيخ حسان إليها ببلاهه منزعجاً مما تقوله.
-دكتور ليه يا بـ.ـنتي بعد الشر، انتي حاسه بحاجة يا شذى.
-أه يا عمو شوية ضعف كده وخالتو قالت نروح للدكتور احسن.
-طب و تروحي مع خالتك ليه هو انا مش في مقام ابوكي يا شذى، سيبي خالتك قاعدة مع والدتك، و انا معاكي اهو اروح انا و انتِ ما طرح مانتي عايزة، يلا يلا اطلعي اجهزي وانا هاخدك يا بـ.ـنتي و نروح سوي.
لو كان اي احد جاء في يوم و قال لها أن هذا الشيخ سيبتسم في وجهها يوماً ما لكانت لقبته بالمعتوه.
لكنها الآن التي تستمع اليه بأذنيها، لتمتلكها فرحة عارمه و تقف تبادله الابتسامه مجيبة عليه و تناديه كما يناديه زوجها.
-حاضر يا ابويا انا هاطلع البس النقاب بتاعي و اروح معاك للدكتور.
و في طريقهم الي المشفى برغم ارهاقها إلا انها كانت سعيدة لكن كان السؤال يلح عليها فحاولت ان تسطرد الحديث معه بهدوء.
-عمو حسان.
التفت إليها ضامماً حاجبيه ببسمة رقيقة.
-الله مش نادتيني بأبويا في البيت غيرتي رأيك تاني ليه بقي.
احنت رأسها بحـ.ـز.ن وحاولت ان تفهمه ما بها و تفهم ما بداخله ايضاً
-بصراحه يا عمو انا كنت عايزة اعرف انت ليه طريقتك اتغيرت معايا.
-هاقولك يا شذى، عارفة لما تكوني دايما حاسه ان ابنك مكـ.ـسور و مافيش حاجة تفرحه،
حتى لما اتجوز برضو كان غـ.ـصـ.ـب عنه أي نعم امه كانت حاسة ان ده الصالح ليه بس برضو ماكنش لازم يبقى بالطريقة دي، و انا بصراحة كنت شايفك عاكسه بكل حاجه،
مش شبهه هو هادي اوي و انتي شقية اوي، هو بيدور علي تقدmه في العلم و العمل، و انتي يعني يا بـ.ـنتي مـ.ـا.تأخذنيش عيلتك و القضية و مـ.ـو.ت ابوكي بالطريقة دي.
و فوق دا كله انكم دايماً في مشاكل مع بعض، لحد ماجالي قبل مايسافر المسجد، واتأكدت من حبه ليكي، و حبك انتي كمان ليه، ساعتها بس عرفت انك انتي اللي هاتسعديه و تريحي باله يا شذي.
اومئت له برأسها وابتسمت من تحت نقابها، هادئة مطمئنة وأخيراً بدئت الحياة تبتسم لها.
❈-❈-❈
خرجت من عند الطبيبة وجلست بجانبه في هدوء ليتسائل هو.
-ها يا شذى طمنيني يا بـ.ـنتي.
-لسه يا عمو الدكتورة سحبت مني عينة دm، وقالتلي استنى نتيجة التحليل.
-تحليل اي دا يا شذى هي شاكة في حاجة يعني.
-استنى بس يا عمو، شوية و هنعرف كل حاجه.
-ما هو لو الدكتور مالك ابني هنا كان زمانه سحب ليكي هو العينة و بعت عملك التحليل و انتي في البيت، دا مش بعيد كمان كان عرف انتي فيكي ايه من غير تحليل اصلا.
ضحكت من قلبها مندهشه على حب هذا الرجل وتفاخره بأبنه، فالتفت لها مصتنعاً الازعاج.
-بتضحكي على ايه؟
-ها ابداً يا عمو، اصل انا بحب اسمع مدحك في مالك اوي، بحس انك بتحبه اكتر من روحك.
-طبعاً يا بـ.ـنتي دا مالك ده هو كل دنيتي ويا سلام بقى لو شـ.ـدتي حيلك كده و جبتلنا نونو صغير كده شبه،
هيبقى عندي اغلى من مالك زات نفسه كمان.
و هنا ترجلت لهم الممرضة و معها نتيجة التحليل، لتردف بسعاده لها.
-الف مبروك. التفت إليها بعدm فهم ليسألها قبل أن تذهب.
-مبروك على ايه يا بـ.ـنتي.
-بـ.ـنتك حامل يا حاج ربنا يكمل ليها على خير و يقومها ليك بالسلامه.
انتفض الرجل العجوز فرحاً يخرج من جيبه بعض الاموال و يعطيها لها دليلاً عن مدى سعادته هاتفاً.
-بجد الله يخليكي يا وش السعد يا وش الخير انتي،
خدي يا بـ.ـنتي هاتي لأولادك حاجه حلوه وفرحيهم النهاردة،
شوفتي يا شذى كرم ربنا استجاب لندائي ازاي.
ادmعت عينيها فرحاً على سعادته واردفت هامسه.
-شوفت يا بابا شوفت.
❈-❈-❈
امسي البيت كله في سعادة، مهنئين أنفسهم، قبل أن يهنؤها هي.
سيأتي إليهم حفيد يكون مصدر الحياة في هذا البيت حتى والدتها التي كانت في حالة شـ.ـد وجذب معها، هدئت بينهم الأوضاع وسعدت بها كثيراً.
و ها هي الان تجلس منتظرة اتصاله، ليرن الهاتف و تجيبه هادئة.
-الو يا حبيبي.
-صوتك بيضحك دلوقتي شكلك بقيتي احسن من الصبح.
-اه الحمد لله يا مالك.
-طب مش هتقوليلي بقى كان فيكي ايه الصبح.
-هاقولك طبعاً انا حامل يا مالك
-ايه.
تفاجئت برده المبهم عليها، و الذي زاد من توجسها حين يعلم بهذا الخبر، فرددت سريعاً.
-ايه يا مالك شكلو الخبر ده زعلك.
بالفعل ما توجسته كان حقيقي، حين أجاب ردها بطريقة بـ.ـاردة التعبير بعد صمتٍ طال لدقائق.
-لاء ابداً بس انا ماكنتش مستعد لخبر زي ده دلوقتي، يعني ماكنش في حساباتي.
بطريقة لا إرادية، انسابت عبراتها على وجنتيها، ولا تعلم أن كان هذا من هرمونات الحمل ام من برودة كلمـ.ـا.ته.
-اسفه اني لخبط ليك حساباتك، و ضايقتك بخبر زي ده، عن اذنك انا هاقفل التليفون.
-استنى يا شذى مـ.ـا.تقفليش انا ماقولتش كده.
-انت قولت اللي في قلبك يا دكتور، يمكن عشان بتفكر دايماً انك مـ.ـا.تكملش ارتباط بيا، و فاكر اني بكده بتمسك بيك اكتر.
تعصب عليها من كلمـ.ـا.تها اللازعه و هاجمها مبرراً.
-ممكن مـ.ـا.تفكريش بدالي و لا تقولي كلام على لساني، و تسمعيني.
-مش عايزة اسمع منك كلام تاني كفاية عليا اللي انت قولته، و اه كنت هنسي قبل ما اقفل اشكرك علي كلمة مبروك اللي حتى مافكرتش تقولها مع السلامه يا دكتور.
-استني يا شذى مـ.ـا.تقفليش الموبايل، الو، الو، الو….
اغلقت الهاتف دون أن تستمع مبرراته، وجلست على فراشها تبكي وحدها.
❈-❈-❈
تحملت ألم قدmها و ثقل هذا الجبس الموضوع حولها، و صعدت الدرج متكأه على الدربزين الخشبي بيد، و باليد الاخري ممسكة بكأس في يديها، قاصدة غرفة ابـ.ـنتها.
-جبتلك بقى كوباية عصير فراولة بالبن اللي انتِ بتحبيها، الله مالك يا شذى بتعيطي ليه يا حبيبتي.
حاولت تجفيف دmـ.ـو.عها الغزيرة قبل أن تلاحظها والدتها لكن بعد فوات الأوان.
-تعالي يا ماما، تعبتي نفسك ليه بس، و طلعتي السلم لوحدك، ماندتيش عليا ليه بس.
ارتابت ماجده فيها، وضعت الكأس من يدها على الكومود الملتصق بالفراش و جلست بجانبها.
-انادي عليكي! قوليلي انتي فيكي ايه يا بـ.ـنتي طمنيني عليكي بتعيطي ليه بس.
-مافيش حاجه يا ماما انا كويسة.
-كويسة ازاي بس، و انتي دmـ.ـو.عك مغرقه وشك كده، قوليلي هو جوزك لسه ماكلمكيش،
طب هو كلمك و قالك حاجه زعلتك، طب في ايه يا بـ.ـنتي بس قوليلي.
-كلمني يا ماما اطمني بقى.
-كلمك! طب هو قالك حاجه تزعلك.
و كأنها ضغطت على جـ.ـر.ح مفتوح منذ زمن، لكن ابـ.ـنتها كانت موارياه عن الجميع، لتهمس وسط شهقاتها.
-اه قالي… صرخت و امطرت عيناها بغزاره.
-كنت فكراه اول ما يعرف بخبر حملي هايفرح اكتر منكم كلكم، لكن فاجئني بردو.
-ليه هو قالك حاجة تضايقك، طب قالك ايه زعلك كده.
-ماقالش يا ماما! كل اللي قاله كلمه واحده بس، حامل! و بعدها سكت و لما سألته سكت ليه، قالي اصل الموضوع ده مش في حساباتي دلوقتي.
-ايه الكلام ده معقول يقول كده، مـ.ـا.تزعليش يا حبيبتي، انا ليا كلام تاني معاه لما يرجع من السفر، بس برضو عايزكي تفكري كويس مش يمكن يكون في حاجة في شغله مضيقاة.
-مـ.ـا.تدوريش ليه على أعذار يا ماما، و هو ليه يتصل بيا و هو مضايق و لا تعبان، كان وفر اتصاله لما يرتاح و بعدها يبقى يكلمني.
رفعت ماجدة قدmها لتريحها على الفراش و أمسكت بيد ابـ.ـنتها تربت عليها، لتفهما أكثر شئ واضح في عقلية الرجـ.ـال، و مع ذلك لا تعرفه كثيراً من النساء.
-بصي يا شذى، هاقولك على حاجة يا حبيبتي كتير من البنات ما يعرفهاش.
أي راجـ.ـل مهما كان سنه كبير أو عقله حكيم، دايماً تلاقي فيه حته كده طفوله مستخبية.
لما بيفرح او بيحـ.ـز.ن او حتى بتكون عندو حاجه صغيرة بيفكر فيها، تبصي تلاقيه بيجري على أول حد هو بيحبه و بيرتاح معاه و يشكيله و النوع ده زي عمك حسان كده، شوفتي هو متعلق بخالتك مجيدة و بيخاف عليها ازاي.
-ايوا يا ماما هو فعلاً بيقعد يحكي و يضحك معاها و بيسمع كلامها كمان، يا ريت ابنه كان زيه كده.
-ما هو ابنه بقى من النوع التاني.
-نوع تاني يعني ايه يا ماما؟
– اصل الأطفال يا حبيبتي نوعين، نوع تلاقيه دايماً ياخد برأيك و بيسمع كلامك و نوع تلاقيه قيادي، بيحب يمشي رأيه و بيعند في كل حاجه و كمان تلاقيه دايماً كتوم و مش بيحب يبان ضعيف قصاد حد.
-تصدقي يا ماما عندك حق، مالك فعلاً كده دايماً بيحب يكون مسيطر و قوي، و ساعات لما كنت بحاول افتح معاه كلام عن أي حاجه تخصه زمان كان بيقفل معايا و يصدني في الكلام.
-و عشان كده يا حبيبتي لازم تاخديه بالسياسة، زي ما كنت بتعامل مع ابوكي كده.
-لاء يا ماما دا بابا كان صعب اوي، و انتي كنتي بصراحة شخصيتك ضعيفة اوي معاه.
-انتي كنتي شايفة ان شخصيتي ضعيفة، طب بزمتك كان بينفذ كلام مين في الاخر.
-ههههههه صح يا ماما كنتي بطريقتك بت عـ.ـر.في تخليه يعمل اللي انتي عايزاه.
-شوفتي بطريقتيييي، و بالمسياسة، اهو جوزك بقى عايز الطريقة دي تتبعي معاه اسلوب السياسة يا عبـ.ـيـ.ـطة كلمة حاضر بتريح.
-يا ماما و دا ايه علاقته بخبر حملي، واحده اول مره تحمل و بتقول الخبر لجوزها لاول مره يقوم يرد عليها بالرد البـ.ـارد ده، و حضرتك بتقوللي اخدو بالسياسة، ازاي بس يا ماما؟
-زي الناس يا شذى، يا بـ.ـنتي الوحده بتعرف جوزها زعلان و لا فرحان، من نبرة صوته، يعني جوزك لو صوته جد و بيرد عليكي الكلمه بالعافـ.ـية، يبقى تصبري لما ت عـ.ـر.في ماله واذا كان عايز يشكيلك او يكلمك بهدوء و العكس برضو يا شذى.
انا مش بقولك كده عشان افهمك انه صح في رده لاء هو غلط و ازعلي منه براحتك لكن برضو خدي بالك منه و اتعاملي معاه بهدوء يا حبيبتي.
-فهمتك يا ماما، انا هاعرف اتصرف معاه بطريقتي و اعوده على طبعي انا.
❈-❈-❈
طيلة الثلاثة ايام يحاول الاتصال بها، لكنها فضلت عقـ.ـا.به بهذه الطريقة!
الإبتعاد هو الحل الوحيد حتى تعرف مدى حبه لها و تقبله لهذا الخبر الذي سيربطهم ببعض للأبد.
و اليوم قد عاد الطبيب إليهم، بعد اسبوع عمل متواصل و قد حقق نجاح في هذا المؤتمر كما كان يتمنى.
أوقف السيارة في ساحة البيت، و ترجل منها متلهفاً لرؤيتها و الاعتذار منها قبل أي أحد منهم.
فتح الباب و ولج عليهم و هم جالسون بالداخل.
و كانت والدته اول من رأته لتنتفض فارحة تهتف بأسمه.
-مالك ابني حمدلله على السلامه يا حبيبي…
كانت عينيه تتلفت يمين و يسار عليها و اذا به يسأل عنها متلهفاً.
-الله يسلمك يا ماما، فين شذي؟
لتصيح والدتها بضجر.
-بتسأل عليها ليه بعد ما زعلتها يا مالك.
استدارت شقيقتها بريبة، لتفهم معنى كلمـ.ـا.تها.
-زعلها ازاي هو انت زعلتها يا مالك وانت مسافر.
حاول كبت احتقان و زمجرته ملقياً عليها السلام.
-الله يا سلمك يا ماجدة، مش هي دي برضو حمد الله على السلامة اللي بتقوليها ليا.
-طب و عايزني اقولهالك ازاي، و انت مزعل بـ.ـنتي.
لتهتف والدتها صاخبة.
-ما تفهموني يا ولاد في ايه، زعلتها امتى يا واد، و ازاي تزعلها و هي في اول حملها كده.
ليصيح هو فيهم.
ممكن تقولولي مراتي فين، و تبقو تقعدو تحكو مع بعض براحتكم.
اردفت مجيدة و هي تجلس بجانب شقيقتها.
اهي عندك فوق نايمة في اوضتكم، اطلع يا اخويا شوف بقى هاتصالحها ازاي.
تركهم يجلسون يتسامرون، او كما يقال يقطعو في فروتهم و صعد سريعاً للأعلي.
❈-❈-❈
فتح باب الغرفة المظلمة عنوة و دلف بداخلها.
ترك حقيبته من يده، شلح جاكته و حل كارفاته من حول عنقه، و جلس بجانب تلك الذاهبه في ملكوتٍ اخر، لا تشعر بأي شئ، فقط مستسلمة لهذا النعاس الذي بدي يلازمها من اول حملها.
وسط نومها الهادئ شعرت بشئ يأرقها، حيث ظلت تمسح على وجنتها هذا الشئ الذي يمشي عليها بنعومه خفيفه.
فتحت عيناها سريعاً منتفضة بقلق عنـ.ـد.ما ظل ذلك الشئ يقلقها، لتتضح امامها الرؤيا كاملة أثر هذا الضوء الخافت القادm من المصباح الجانبي.
و سريعاً ما التفتت للجهه الاخري وهي تجهش بالبكاء حين رائته.
ليجذبها هو رغماً عنها على قدmه، محتضنها بيد و باليد الاخري يقدm لها تلك الوردة التي كان يداعبها بها ليعبر عن اسفه.
-انا اسف يا قلبي، والله ما كنت اقصد ازعلك انا بس كنت مضغوط جداً من شغلي، و الخبر جالي نجدة عشان يفرحني و ينتشلني من تعبي بس خاني التعبير ليكي يا حبيبتي.
حاولت زجه و الابتعاد عنه، والتملص من بين يده الا انه ابي و تمسك بها اكثر، وبدئت تصرخ وسط شهقاتها.
-ابعد عني ملكش دعوه بيا مش عايزك تفرح و لا حتى تزعل.
بدء يسيطر عليها بتقبيل وجنتها و امتصاص دmـ.ـو.عها بشفاه.
-اشششش مكن تهدي عشان مـ.ـا.تتعبيش، كل اللي انتي عايزة تقوليه قوليه و انتي في حـ.ـضـ.ـني مـ.ـا.تحوليش تبعدي عني، عشان انتي وحشاني اووووى.
بالله كيف تقول لها والدتها ان تتعامل معه و كأن جزء من عقله يكمن بداخله تفكير طفل،
و هي عقلها بالكامل عقل طفله ذات الخمسة اعوام.
-اوعي بقى سيبني، مش عايزة اوحشك و لا عايزاك تيجي جانبي و لا حتى تلمسني.
-يا سلام يا ختي، ابعد عنك ايه حـ.ـر.ام عليكي يا شيخة دانا كنت بعد الثواني من ساعة ما ركبت الطيارة لحد ما دخلت هنا بس عشان اشوف وشك الجميل ده و المس شافايفك الحمره دي.
-لاءه اوعي سيبني، انت ماحولتش تفرحني، و انا اللي كنت مستعجله اقولك عشان اسمع كلامك الحلو ليا، ماكنتش متوقعه ابداً منك انك تصدني بالكلام كده.
ضمها اكثر اليه بحنان، و بدء يربت على ظهرها بكل رقه.
-و حياتك انتي عندي، دا احلى خبر سمعته في حياتي، انتي متخيله لما تقوليلي اني هبقي اب دي سهله عندي، انا ساعتها ماكنتش مستوعب الخبر، للحظة فكرت شذى بتقولي انها حامل معنى كده اني هبقي اب بس انتي مادتنيش الفرصه اني اشرحلك شعوري يا شذي.
دفنت وجهها بالكامل في طيات عنقه، تحاول كتم شهقاتها، و تلومه بدmـ.ـو.عها.
-انا خلاص مابقتش مستحمله اي حاجه تزعلني من فضلك بقى كفايه حـ.ـز.ن و و.جـ.ـع فيا.
-حقك عليا يا روحي والله ماكنت اقصد ازعلك، بالعكس دانا نفسي اجبلك حته من السما اخبيكي فيها لحد ما تقومي ليا بالسلامة انتي و البيبي.
رائحة عطره التي تعشقها، هي نفسها الان التي تشعرها بالدوار و تجعلها مشمئزه منه الي درجة الغثيان.
بحركة انفعالية زجته وانتفضت مبتعدة من علي قدmه اذا بها تضع يدها على ثغرها، لتجري الي الخارج قاصدة المرحاض بأقصى سرعة.
غابت بداخله بعض الدقائق، و ترجلت منه لتجده يقف أمام الباب يظهر على وجه علامـ.ـا.ت القلق و التـ.ـو.تر و من خلفه والدته و والدتها.
كاد ان يقترب منها و هو يهمس لها.
-سلامتك يا روحي بقيتي كويسة دلوقتي.
لتدفعه بعيداً عنها مختبئه بين يدي خالتها و هي تصيح بأنزعاج.
-ابعد عني إياك تيجي نحيتي انا مش طايقة اشم ريحتك و لا ريحة البريفيوم بتاعك.
صُعق من هزاينها هذا، تلك التي كانت تعشق عطره النفاذ، الان لا تتحمل ان تشتم رائحته.
اراح ظهره على الجدار من خلفه ضارباً يده بالآخري منتظراً ان ينتهو الاخيرات من وصلة ضحكهم تلك، لتردف والدته بضحك.
-ههههههههه احسن تصدق فرحانه فيك يا رب يا بت يا شذى تطلعي شهور الوحم كلها عليه.
ضم حاجبيه منزعجاً من كلام والدته واذا به يصرح.
-معنى كلامك بقى اني افضل بعيد عنها طول مدة التلات شهور الأولى مش كده، طب ايه يا شذى تحبي اسافر تاني عشان ترتاحي مني.
التفتت له بجديه و تكلمت بصيغة الامر.
-و هو انت لازم تسافر يعني، ما ممكن تبطل تحط برفيوم او الأحسن انك تروح شغلك و تيجي تبات في بيتك.
-دانتي مش طيقاني بجد بقى، حاضر يا اميرة شذى انتي تأمري، بس ما انا ممكن ابطل احط برفيوم خالص و اخد شاور كمان، اصلي بصراحة مش هاقدر ابعد عنك تاني و عايز اخدك لدكتورة عشان اتابعك واطمن عليكي.
خبئت ابتسامتها في صدر خالتها، لا تنكر ان كلامه أسعدها جداً و أراح زهنها، لتضغط والدتها على راحة يدها.
-خلاص بقى يا شذى اهو هايعملك اللي انتي عايزاه اهو، انا بقول تسامحيه بقى و تخليه يبات هنا.
ليهتف مالك سريعاً.
لاء يا ماجدة احنا هنروح بيتنا صح يا شذى.
هذه المرة تحدثت والدته بغضب.
-لاء يا عين… عايز تروح بيتك روح لوحدك، شذى مش هاتخرج من هنا الا و هي رايحة تولد بأذن الله.
رفض مالك هذا الحديث صائحاً.
-كلام ايه دا بس يا أمي، ممكن تسيبونا على حريتنا و مـ.ـا.تدخلوش في حياتنا.
لترفض والدته حديثه بغضب.
حياتك وحريتك انت حر فيهم يا عين… لكن حياة بـ.ـنت اختي و حفيدي دول مسؤوليتي انا، الكلام اللي قولته هو اللي هيمشي، و لو عايز تروح روح لوحدك يا روح…. تعالي يا بت.
اسندتها و صعدو أمام عينه، و وقف هو يتابعهم متنهداً، لتضع ماجدة يدها على كتفه تحثه ان تستند هي عليه ليجلسو سوياً على الاريكة الخشبية.
-تعالي يا مالك اما نقعد انا و انت.
-ايه يا خالتي انتي كمان عندك حاجة تقوليها لسه.
-اه طبعاً عندي حاجات اقولها، اولها انك اكيد مش هاتخد اجازة من شغلك تسع شهور و تقعد جنب شذى، تاني حاجة انك مش هتعرف تاخد بالك منها و من أكلها و تغذيتها
تالت حاجه بقى يا حبيبي انك مش هتقدر
تستحمل هرمونات الحمل و ما ادراك ما هي.
تأفف مالك نافياً
– لاء يا ستي هاستحمل كل اللي انتي بتقولي عليه ده و بعدين مـ.ـا.تحسسينيش ان بـ.ـنتك هي الست الوحيدة اللي حامل في العالم كله يعني، ما بنات كتير زيها كده و قاعدين في بيتهم عادي.
ماجدة محاولة افهامه.
-كل ده يا حبيبي مفهوم بس صدقني بيبقو تعبانين و مضغطوين، و احنا ليه طلاما في ايدينا نريحها اول تلات شهور بس مانريحاهش
مراتك حملها جايلها بالنوم يا مالك و بدئت في الغثيان كمان و شويه وهتبص تلاقيها بتدوخ، افرض بقى حصلها كل ده و انت مش موجود من اللي هيلحقها.
أراد مالك الا يركز في هذا الكلام حتى لا يرتعب عليها أكثر.
-انتي بتقولي الكلام ده عشان تخـ.ـو.فيني بس، و انا بصراحه بقى مش حابب تدخلك انتي و امي في حياتنا كده، يا ستي اعتبرونا قاعدين بعيد عنكم و لا اخدها و نرجع الشقة التانية بقى.
-لاء ابداً طبعاً ماحبش يا مالك، ويا سيدي مـ.ـا.تزعلش نفسك انا و امك مش هندخل في حاجة تاني، بس مش انت كنت ناوي تقعد هنا التلات شهور الحرم ، اعتبر نفسك بقى لسه ماخلصتش البيت و قاعدين هنا.
تنهد بقلة حيلة مستسلم لهذا الخيار الذي طرحته و وقف من مخضعه قاصداً باب المنزل بخطوه سريعه.
لتضم هي حاجبيها بعدm فهم و تهتف له.
-انت سايبني بكلمك و رايح فين.
التفت إليها غاضباً و هتف.
-رايح اتخلص من ريحتي اللي مابقتش عاجبه بـ.ـنتك عشان اعرف انام هنا، و لا انتو عايزنها هي لوحدها و مش عايزني معاها كمان.
ما زالت لا تفهم معنى كلمـ.ـا.ته الغامضه هذه.
-تتخلص من ريحتك! يعني ايه يا واد انت.
ليصيح فيها بوجوم.
-هاروح البيت اخد شاور يا ماجدة عندك مانع انتي كمان من حاجة.
انتفضت في جلستها مرتدة للخلف أثر صياحه.
-لاء يا مالك مع السلامة يا حبيبي.
ترجل من المنزل صافعاً الباب خلفه، و وقف متنهداً مستغفراً ربه على ما تفعله به جنيته الصغيره.
ليسدل هاتفه من جيب بنطاله ليتصل عليها منتظراً حتى تجيبه، و إذا بها تجيب عليه اخيراً.
-ألو السلام عليكم يا حبيبتي.
ليتفاجئ بالرد الذي زاد من استغفره.
-هههههه و عليكم السلام و الرحمة يا روح….
و اذا به يهتف في والدته صاخباً
-حتى التليفون بتدخلو فيه، من فضلك يا أمي أنا عايز اكلم مراتي على حريتي لو سمحتي اديها التليفون وسيبها لوحدها شويه.
جحظت عين والدته أثر صراخه عليها و هتفت.
-ينيلك واد، خد يا خويا المحروسه بتاعتك اها بس لو نامت و هي بتكلمك متبقاش تزعل.
ليسمعها و هي تناديها قبل أن تترك الهاتف.
-بت يا شذى اتعدلي يا بت كلمي حبيب القلب و اوعي تنامي يا بت.
و أخيراً ما استمع الي صوتها.
❈-❈-❈
-الو يا مالك.
-انتي نمتي تاني يا حبيبتي.
-لاء يا مالك انا صاحيه اهو.
-طب عاملة ايه دلوقتي طمنيني عليكي.
-انا كويسة الحمد لله، انت بتتصل ليه بالتليفون هو انت خرجت تاني؟
حاول أن يلعب بأعصابها ليفهم اذا كانت تريده ام هي منزعجة من وجوده معها.
-اه خرجت انا مروح بيتنا يا شذى.
– كده يا مالك يعني هاتسبني تاني.
قالتها متلهفه بسرعه لتجعل قلبه يرقص بين اضلعه ليتحرك سريعاً باتجاه بيتهم، قبل أن يخفق و يعود اليها.
-اعملك ايه مش انتي اللي مش طايقة ريحتي، هاروح اتخلص منها عشان اعرف اضمك من غير مـ.ـا.تبعديني عنك بقى.
زفرت أنفاسها براحه، أثر تصريحه، همست له بنعومه تجبر الحديد ان يلين.
-اه طب مـ.ـا.تتأخرش عليا لو سمحت بقى، عشان انا عايزة احط راسي على رجلك، و تقرا ليا قرأن.
فتح باب البيت بمفتاحه و ولج منه، ليهمس لها بحب.
-عيوني يا روحي، قوليلي محتاجة حاجة من هنا اجبها ليكي.
لتردف سريعاً مغيرة مود الحب و الهفة الي مود الشهية المفتوحة.
-ايوه بقولك ايه في كيس مكـ.ـسرات وكاجو كبير انت كنت جايبه ليا عندك، انا عايزاه لو سمحت و كمان عايزة رنجة و معلش ممكن تشتري ليا موز من عند الفكهاني و انت جاي.
ليتأفف من هذا المود المتقلب المسمى بالوحم و يهمس ساخراً.
-و أرفانه من ريحتي يا شذى.
لتصرخ فيه منزعجة.
-قصدك ايه، خلاص مش عايزة منك حاجة.
ضحك من قلبه على تقلبها ليردف لها.
-انا مش قصدي حاجة يا روحي، دانا عيوني ليكي كل اللي تطلبيه أوامر بالنسبة ليا و هاجبلك كل اللي انتي عايزاه.
تسلملي يا حبيبي، مـ.ـا.تتأخرش عليا بقى.
-حاضر يا ستي اقفلي بقى عشان اجيلك بسرعة.
اغلق معها بعد السلام راضياً كل الرضا بهذه الكلمـ.ـا.ت الرقيقة التي اراحت قلبه، ذهب سريعاً الي المرحاض.
❈-❈-❈
هل يعقل ان ينسى صاحبه، و الا يشكر ربه على هذه الهدية التي وهبه اياها.
لا و الله لن تحدث له في يوم حتى يفعلها الان.
ليترجل من بيته مرتدياً جلبابه و عبائته الصوفية مطوية على كتفه، متجهاً نحو ضريح الحسين.
صلى فرضه و ركعات لا حصر لها شكراً لربه، و جلس بجوار الضريح يهمس لصاحبه.
-ياه يا حُسين، انا فرحان جداً، لاء مش بس فرحان انا هاطير من فرحتي، أخيراً حسيت اني مطمن و بالي مرتاح، و انها عمرها ما هتحاول تبعد عني تاني، مش كده و بس دي كمان هاتجبلي طفل منها، روح تانية هاتربطنا ببعض و تخلينا عمرنا مانفكر نسيب بعض مهما حصل، انا حاسس اني كل مدى بحبها اكتر ربنا يخليها ليا و يحفظها هي و اللي في بطنها يا رب.
❈-❈-❈
احضر لها ما تريد و بعثه الي البيت مع طفل من أطفال الحي، و ظل يبحث عن ابيه فهو لم يراه من وقت حضوره حتى الآن.
كان يظن انه سيجده في الضريح لكنه خاب ظنه، ثم ذهب إلى التكية ليبحث عنه هناك، وأيضاً خاب ظنه، و حين التم عليه بعض الرجـ.ـال اضطر ان يقف معهم ليلقي منهم الترحيب و يرد عليهم بمثله بكل محبه و لباقة في الحديث.
حتى ظهر والده امامه ممسكاً بحقيبة ورقية مغلقه يحملها على ذراعه.
و بعد أن احتضن والده ملقياً عليه السلام بدء يسأل عما بيده.
-وحـ.ـشـ.ـتني اوي يا حاج و الله.
-يلا يا بكاش بقى انا برضو اللي وحشتك، على العموم هاعديها ليك دي بس قولي انت جيت امتى.
-من بدري بس انت اللي كنت مختفي، دانا لفيت عليك الحي كله و انت اللي كنت مختفي، انت كنت فين صحيح.
فتح تلك الحقيبة بيده مخرجاً منها بعض الحلوى مردفاً بلمعه عينه و الفرحه تشع منها.
-شكلك ناسي النهاردة ايه في الأيام يا دكتور انا كنت بزور السيدة زينب رضي الله عنها، و كمان يا سيدي كنت بجيب شوية طلبات طلبها مني اعز انسان على قلبي دلوقتي.
اومئ له يظن انه مستفهماً َعني حديثه.
-اعز انسان على قلبك تبقى امي، خير يا ابويا امي طلبت ايه منك و رحت المشوار ده عشانها.
ليهتف والده بمرح ضاحكاً.
– امك مين يا دكتور، صحيح هيا كانت أغلى حاجه عندي، بس جايلي بقى بعد كام شهر اللي أغلى منك و منها، حفيدي المنتظر، اللي لو طلب عيوني هقدmها ليه عن طيب خاطر.
فرح جداً بكلام والده و هذا معناه انه لا يحمل لزوجته اي ضغينه في صدره، ليسأله بهدوء.
-طب و يا تري حفيدك بقى طلب منك ايه روحت تجيبه يا ابويا.
ليمد له يده بما يحتويه الكيس قائلاً
– شذى طلبت مني حلاوة المولد و حب العزيز ورحت جبتهم ليها.
❈-❈-❈
عاد إليها حبيبها، و عادت لها الطمئنينة و راحة البال، رأسها مستكينة على فخذه، هادئة مستمتعة وحدها بصوته العـ.ـذ.ب و هو يتمتم لها بقراءة سورة مريم كاملة.
كأنها نائمة على بساط من الحرير طائر بها وسط السحاب ترى على يمينها انهار وعلى يسارها حدائق ممتلئة بالاشجار و الازهار الجميلة.
كل هذا وهو يربت علي جسدها بيده، يسترسل قراءة ايات الله الحكيم، يشعر بحلمها بتغير علامـ.ـا.ت وجهها، بسعادتها و تقربها منه
ليصدق على آياته، و يحملها بين يديه متجهاً بها نحو الفراش.
❈-❈-❈
و في وقت الضحى استيقظ الطبيب قبلها و تحضر ليذهب الي عمله، تاركها هي غارقه في نومها الهادئ.
اتجه نحو الدرج قاصداً الهبوط، ليضم حاجبيه بريبة و هو يرى خالته جالسة على أول الدرج، منحنية على نفسها، تفعل شئ غريب.
-بتعملي ايا عندك يا ماجدة.
انتفضت بشهقة ناظرة للأعلي و هي تصرخ.
-ايه يا واد انت ده خضتني الناس تقول صباح الخير مش بتعملي ايه.
-هههههههه طب يا ستي صباح الخير ها بتعملي ايه بقى، ايه اللي في ايدك ده سكينة؟
-اه سكينة بقطع بيها الجبس اللي زهقني ده.
قذف الدرجات سريعاً، و جلس بجانبها محاولاً جذبها من يدها ليردها عن ما تفعله.
-تقطعيه ليه بس يا جبـ.ـارة انتي، هو انتي مش قادرة تصبري لما رجلك تخف و بعدها اخدك تفكيه في المستشفى، و الدكتور عبد الرحمن يفوكهولك بنفسه.
على ذكر اسمه انفزعت صارخة، تنفي ما يقوله.
-لاء مش هاروح في حته، و مش عايزة الراجـ.ـل ده اصلاً يكلمني تاني، انا اصلاً حاسة اني بقيت كويسة يا سيدي و خفيت خلاص.
ليردف هو بجدية
-نعم يا ختي هو الراجـ.ـل دا مش في حكم خطيبك وجيه و اتكلم معاكي و كنتي راضية، ممكن تفهميني بقى ايه اللي جد.
و على ارتفاع صوتهم ظهرت امامه والدته قادmة من غرفة الطهي.
كما طلت عليهم حبيبته المنزعجة من صياحهم
و صاحت مرتعبه.
-هو في ايه انتو بتتخانقو.
التفت إليها تاركاً يد والدتها ثم التفت الي والدته التي بدورها تنبأت ما يفعلونه.
-يا لهوي بت يا ماجدة سيبي السكينة من ايدك يا بت، انتي بتنتحري و لا ايه امسكها كويس يا واد يا مالك.
كانت طريقتها في سرد الاشاعة مقنعة، فزعت الجميع ومن ضمنهم شذى التي صرخت و هي تجري نحو الاسفل.
ماما اوعي تعملي كده انا ماقدرش اعيش من غيرك يا ماما.
وقف سريعاً يحلق عليها، و كأنها فرخ صغير.
-بس اهدي انتي الله يرضى عليكي مامتك مش بتعمل حاجة.
-اوعي سيبني انا عايزة امي.
ظلت ماجدة جاحظه عيناها و قد تشنج جسدها و شُل لسانها أمام هذا المشهد الدرامي.
تتابع فقط حركاتهم السريعة من حولها، شقيقتها تنحني عليها تجذب السلاح من يدها، و ابن اختها يقف يُحلق على ابـ.ـنتها حتى يحول بينهم.
لتردف قائلة بتذكر.
-انا عرفت مين اللي قــ,تــل محمد جوزي، ايوة انا افتكرت،
افتكرت يا بت يا شذى.
صمت تام عم المكان، و تيبس الجميع بأماكنهم.
❈-❈-❈
جلس الجميع حولها على الارائك الخشبية منتبهين الي ما تقوله، الا هو كان متحفذاً لما تقوله و يريد أن لا تفصح به.
بل لا يريد التحدث بهذا الموضوع مره اخرى كان يظن انه قد تخلص منه ومن ذكراه السيئة، لتنبش هي في الماضي مره اخرى.
تأهبت هي و كأنها تعود بكل حواسها للماضي، و تهمس و هي ناظرة للأمام.
فاكرة يا شذى ليلة الحادثة قبل ما الظابط يجي و ياخدنا لما اخدوني من الشارع و انا بصرخ و شايفة ابوكي مرمى غرقان في دmه، انتي كنتي ساعاتها لسه مافوقتيش كويس.
و انا كنت عامله زي اللي ضاربنها على رأسها، و ساحبنها في ايديهم، ماشية معاهم، شايفة كل حاجة بس عقلي واقف و مش قادر يشوف او يسجل اي حاجه من اللي بتحصل
كانت على وشك التحدث، لكن مالك كان له رأي آخر، حين لاحظ تشنج جسد زوجته التي بدئت تبكي.
-ارجوكي يا ماجدة مـ.ـا.تفتحيش الموضوع ده تاني احنا ما صدقنا اننا نخلص منه و نقفله بقي.
بحركة واجمة لا إرادية استدار وجهها فقط له.
-بس ده معناه ان ممكن انسان بريء يتعدm من غير سبب.
شهقت شذى مما تقوله.
-بس اشرف مش ممكن يكون برئ يا ماما، كل اللي حصل ده اصلاً بسبه هو.
-متخليش كرهك ليه يخليكي مـ.ـا.تسمعيش لكلمة الحق يا شذى.
لتتحدث الحاجة مجيدة و كأنها تشاهد مسلسل درامي و تتابع أحداثه بحماس.
-استنى بس يا بت شذى، مـ.ـا.تطعيهاش يا ماجدة اخلصي بقى و قولي شوفتي ايه.
-شوفت السيد اخو محمد الله يرحمه و هو
واقف تحت السلم بتاع البيت، ماسك في ايده سكينة غرقانة دm، و بيوطي عشان يشيل البلاط المكـ.ـسر يا شذى فكراه.
-اه يا ماما فاكراه.
ليهتف مالك.
– و ايه حكاية البلاط المكـ.ـسر ده كمان.
ابتسمت شذى من بين دmـ.ـو.عها.
-دا ذكري سوده من ذكريات اشرف ابن عمتي
-ازاي يعني.
-كان لسه عيل في اعدادي و اتعارك مع عيال معاه في المدرسه، ام الواد حَلف زي ماضـ.ـر.به في المدرسة يعلم عليه كمان في قلب منطقته، و جيه بدري في معاد ما العيال بيروحوا المدارس هو عايلين كمان واستخبو تحت السلم بتاعنا يستنى اشرف و هو نازل.
ساعتها البيت كله نزل على صوت صريخ و تكسير البلاط، و اتفاجئنا انا العيال كانو جايبين معاهم بلطة كبيرة وكانو ناوين يقــ,تــلوه و يدفنوه تحت السلم.
-يا نهار اس… دا ايه الاجرام اللي كنتو عايشين فيه ده.
شعرت الحاجة مجيدة بالازعاج أثر ذلك التدخل بين الأحداث لتهتف.
-يوه بقولكم ايه مـ.ـا.توهنيش معاكم، انتو مش كنتو بتحكو عن السيد و السكينه اللي بيحطها تحت البلاط.
عادت ماجدة الي روايتها السابقة لتستجمع قوتها و تقوم من علي الاريكة متكأة على يد مالك.
– ايوة انا شوفته بعنيا دول، استنو دي مـ.ـر.اته و اختو كمان شافوه ساعاتها بصو لبعض و رجعو بصولي،
و عمتك ام اشرف زقتني قدامها بسرعه عشان اطلع و ماخدش بالي من اللي بيحصل، واللي طلع عليها ساعتها لازم تمشو من هنا، انتو مباقش ليكم
مكان هنا.
-فين السكينه يا مالك انا عايزة افك الجبس ده، لازم اسافر بنفسي واحكي للظابط كل حاجة.
و هنا تدخل مالك متذكراً.
-استنى بس و اقعدي يا ماجدة، ركزي كده كويس في الكلام، اللي بتقوليه، انتي مش قولتي ليا قبل كده،
ان الراجـ.ـل اللي اسمه السيد ده كان جايب لبـ.ـنتك الدكتور و كان معاكم فوق و لما الدكتور قاله الحقيقة، نزل يجري عشان يلحق اخوه و لقاه اتقــ,تــل ساعتها.
-يبقى ازاي بقى هو اللي قــ,تــله؟
تذكرت ماجدة بالفعل هذه النقطة، لكنها أكدت على كلامها.
-حتي لو مش هو اللي قــ,تــله، هو معاه أداة الجريمة يعني عارف القـ.ـا.تل و كاتم الشهادة، و انا لازم اروح واشهد باللي اعرفه و اذا كان
اشرف هو اللي عملها وهتكون بصامته على السلاح واذا كان مش هو هايخرج ونعرف مين القـ.ـا.تل.
-و أنا مش مستعد اعرضكم للخطر تاني.
صاح بها مالك الذي هب واقفاً، أمراً للكل.
-الموضوع ده اتقفل خلاص، و مبقاش لينا بيه اي علاقة سواء من بعيد، أو من قريب.
تحدته ماجده بنظرتها.
-يعني عايزني اضيع حق جوزي، عايزني اكتم الشهادة يا شيخ مالك.
وقفت شذى بجوارها، تتحداه هي الاخري هامسه.
-هاترجع في كلامك و لا ايه يا شيخ مالك
مش انت اللي قولت ان حـ.ـر.ام نبقى عارفين كلمة حق و نخاف نقولها.
رمقها بنظرة لا تعلم اذا كانت واجمة ام خائفة، ليبتعد عنهم جالساً على الدرج.
-كفاية بقى حـ.ـر.ام عليكم انا اعصابي تعبت من كل الاحداث دي، انتو ايه كل ما اقول خلاص الموضوع هدى من ناحيتكم و هبطل اخاف عليكم شوية، ترجعو تقلقوني عليكم ليه بس.
-اه قول كده بقى، انك خايف.
تحولت نظرته سريعاً الي الغضب و لا شئ إلا هو ليصـ.ـر.خ فيها.
-اه يا شذى خايف، ارتاحتي كده، قولي عليا جب.. قولي مش را.. لكن برضو مش هاعرض واحدة فيكم للدخول وسط الناس دول تاني.
لتصيح والدته مدافعه عنه هذه المره.
لا عاش و لا كان اللي يقول عليك كده، اسمعي كلام جوز بـ.ـنتك يا ماجدة، و كفاية يا ختي عليكي اللي جري ليكم.
جلست ماجدة بأحباط متمسكة بذلك السلاح بيدها لتنحني على قدmها سريعاً.
-برضو هافك الجبس.
❈-❈-❈
و كأنهم اصبحو عاتق ملازم له يضطر على حمله فوق اكتافه، لازموه الذهاب إلى عمله، زوجته، والدتها، والدته، هنَ الثلاثة يثرثون داخل السيارة بجواره و لا ينفكون عن النقاش،
تلك الجالسه بجواره مازلت تبكي من تحت نقابها و لا يعلم كيف يتعامل معها الان بسب هرمونات الحمل الزائدة هذه.
و الأخرى تبكي من خلفه، و تهتف بكلمـ.ـا.ت عكس التي سمعها منها من قبل، و فجأه تريد
أن تلعب دور الطبيب و يخشي ان تكون سببت عاهه بقدmها.
و الثالثة تلومه و تزجره بنظرتها و كلمـ.ـا.تها اللازعة التي لم تنفك عن اتهامه بالاهمال لهم و ازعاجهم.
ليهتف فيهم مزمجراً قبل أن يوقف السيارة، منبهاً عليهم بشـ.ـده.
-بس اسكتو شوية بقى انتو التلاتة.
رقَم واحد الأميرة شذي : بطلي عـ.ـيا.ط يا هانم، انا من ساعة ماخرجنا من البيت لحد دلوقتي مش فاهم انتي عماله تنوحي و تعيطي ليه جوزك مـ.ـا.ت يا شذى!
كادت ان تجيبه نافية بالصراخ و الدعاءعلي نفسها الا انه الجمها بنظرة غاضبه.
-انشالله انا يا…..
-قولت اخرسي مش عايز اسمع صوتك.
رقم اتنين الليدي ماجدة : سبب النكسه كلها و صاحبة الليلة النهاردة ممكن تبطلي انتي كمان عـ.ـيا.ط لحد ما نفهم عملتي في رجلك ايه.
-انا ماعملتش فيها حاجة، قولتلك مش عايزة اجي معاكم، جايبني بالعافـ.ـية ليه يا اخي.
-ليصيح ساخراً: عشان اشوف عورتي رجلك ازاي يا دكتورة و انتي بتفكي الجبس.
رقم تلاته الملكة الام : امي حبيبتي نبع الحنان كله، ممكن تحافظي على هيبة ابنك شوية و تديني برستيجي وسط الموظفين اللي تحت ايدي، و تبطلي شيتمه فيا.
اومئت له مطيعة أمره.
-حاضر يا حبيبي طبعا لازم أعلى قيمتك قدام الناس دانت دكتور قد الدنيا، إنما برضو لازم تفهم اني مش هاعديلك زعيقك في البت و هي حامل و تعبانه كده
-اه يا خالتو انا حاسة اني هيغمي عليا.
-يا قلب امك جرالك ايه يا شذى، مالك يلا ننزل احسن رجلي كمان بدئت تو.جـ.ـعني اوي.
-منك لله يا مالك، عملت ايه في البت يا ولاااا.
و أخيراً ما الجمهم بصوت جاهور داخل السيارة.
-اسكتووووووووو….
❈-❈-❈
ولج بهم الي مكتبه و لا زالت ثرثرتهم تصدع رأسه، جلس على مقعده وضعاً رأسه بين راحتيه محاولاً كبت غضبه.
لتصيح والدته فيه أمره.
-هو انت يا ابني جايبنا هنا عشان نقعد في مكتبك، ما تقوم تشوف هاتكشف على مين فيهم الاول.
رفع رأسه موافقاً حديثها.
-بالنسبة ليا ماعنديش مشكلة، هما بس اي واحدة فيهم تبطل رغي و تتحرك معايا عشان اوديها للدكتور المتخصص.
-يلا بينا يا شذى.
-لاء لما اطمن على ماما الاول.
-طب يلا انتي يا ماجدة.
-لاء لما اطمن على بـ.ـنتي الاول.
-حلو اوي كده، تقدري بقى تقوليلي اتصرف معاهم ازاي يا أمي.
لتوجه لهم والدته الحديث بأمر.
-ما تخلصونا يا اختي انتي و هي بقي، يلا يا مالك هانخرج كلنا سوي و نروح مع ماجدة تفك الجبس و نطمن على رجلها الاول و بعدين نحضر الكشف مع شذى بقى.
هكذا قسمت الحاجة مجيدة الأدوار، و ينطاع الجميع لأمرها.
❈-❈-❈
ولج عليه غرفة الكشف ليتفاجئ بهم امامه، وإذا به يصيح مرحباً.
-اهلاَ و سهلاَ دا ايه النور ده، مش كنت تبلغني يا دكتور مالك.
-معلش بقى يا دكتور عبدالرحمن احنا حبينا نعملها ليك مفاجئه
كان يحاول ان يمرح كي لا يلاحظ الاخر تهجم وجهها، لكنه تسأل.
-طب انشالله تكون الزيارة دي سعيدة و تكون زيارة خير.
-لاء اطمن دي خالتي بس مش متحملة
الجبس و عايزة تفكه و بتقول حاسه انها كويسة.
-كده طب اتفضلي اشوف رجلك.
و كانت تلك هي القشة التي قسمت ظهر البعير لتنطق ماجدة.
-ايه تشوف رجلي دي، نقي ألفاظك يا دكتور، يلا يا مالك نمشي ال يشوف رجلي ال.
تفاجئ بردها المتهجم هذا، شعر بالحرج و تلجلجت نبرة صوته.
-انا اسف ماقصدش حاجة انا قصدي يعني اشوف الجبس، و افكه ليكي.
شعر مالك بأحراجه فحاول تحسين الموقف.
-طب يلا نبدء احسن مدام ماجدة استعجلت و حاولت تفك الجبس فاعورت نفسها.
-يا خبر طب اتفضلوا.
جلست امامه على الفراش النقال، و مدت قدmها بخجل امامه، ليخـ.ـطـ.ـف هو النظرات السائلة من عيناها.
ليفطن مالك مابهم و زج زوجته والدته معه للخارج.
طب احنا هنستناكم بره، اتفضلي يا أمي، يلا يا شذى.
ترجلت والدته للخارج، و لكن شذى وقفت تسقط عليهم نظرات نارية تكاد ان تشعلهم هم الاثنان.
-يلا يا شذى بقولك اتحركي قدامي.
-لاء انا مش هاتحرك من هنا من غير ماما.
اكتفي بنظرته الغاضبة التي بادلها اياها، و اخفض صوته ليصل إليها وحدها.
-يلا يا شذى احنا هنستناها بره مش هاتروح في حته تانيه.
ترجلت معه و تركت والدتها تجلس متحفزة كما هي.
ليردف الطبيب متسائلاً.
-خير يا مدام ماجدة انا شايفك المره دي مش مبسوطة كده، هو انا صدر مني حاجة
زعلتك.
شعرت بمدى قسوة كلمـ.ـا.تها و احنت رأسها بخجل.
-لاء حضرتك مالكش اي حق عندي، و لو حابب تعرف سبب زعلي فهو انت يا دكتور..
كان ردها هذا بمثابة اعتراف بفشل تلك الزيجة، ليرفع حاجبه كالعادة ليستفهم عن السبب.
-يا ساتر، طب انا زعلتك في ايه من غير ما اشوفك.
-حضرتك انا ماحدش يقدر يزعلني، و احب اقولك ان الموضوع اللي حضرتك بتفكر فيه ده يا ريت تنساه عشان مش هايحصل.
-اممممم تمام طب ممكن بردو اعرف السبب.
تنهدت بفرح ثم عبث وجهها مره اخرى.
-اصل شذى حامل، يعني انا هبقي جده، و هايجلي حفيد كمان كام شهر.
ابتسم لها مهنئاً.
– ايه ده بجد طب مش كنتي تقولي قبل ما يخرجو، كنت بـ.ـاركت ليهم.
-الله يبـ.ـارك فيك يا سيدي. شكراً انا هابلغهم.
-طب هو دا السبب يعني اللي خلاكي رافضة.
حان الان دور معـ.ـذ.بته، و اكيد الجميع يعرف سبب تبدل مزاجها هكذا، بالأصل كانت باكية و خائفة، و الحين هي غاضبة و بشـ.ـدة.
على كلٍ لن يختبر صبرها، أو يجعلها تناطحه الحديث في مسقط عمله، سيتغاضي عن أي شئ حتى يطمئن عليها هي و جنينها.
ولجو جميعاً قسم النساء والتوليد بعد ان اطمئنو على والدتها التي تنحت عن هذا الحِمل الثقيل الذي كان يعوق حركتها، و شفيت قدامها بحمد الله.
ازدادت حالة شذى سوءً، عنـ.ـد.ما لمحت تلك الحسناء ذات الرداء القصير و الشعر المحرر.
الملقبة بالطبيبة سمر.
ليتركها بين ايديهم و يذهب إليها متحدثاً معها بهمس.
تمركزت عيناها من تحت النقاب عليهما، تكاد ترشقهم بسهام الغيرة القـ.ـا.تلة، حبيبها يقف مع تلك المستهترة يتكلم معها بطـ.ـلا.قه و لا يغضب
من تبرجها.
لا..
عليها أن ترده إليها و إن كان هذا بالاحتيال فالتفعل ذلك عن طيب خاطر.
لتتكأ على يد والدتها متصنعه السقوط.
-اه الحقيني يا ماما.
انفزعت ماجدة و امسكتها جيداً قبل أن تسقط، و جرت نحوها ايضاً الحاجة مجيدة مساندة لها من الجهه الاخري.
-يا لهوي حاسبي يا شذى هاتقعي.
ليضم حاجبيه و يقترب منها، يضمها هو اليه.
-في ايه حصلك حاجه.
بكل تملك افلتت يديها من بين ايديهم والقت بنفسها على صدره.
– اه الحقني اانا دايخة وحاسة اني هيغمي عليا.
-مـ.ـا.تقلقيش خالص يا حبيبتي، الدوخه دي عادي في اول الحمل اطلعي على السرير عشان اكشف عليكي و اعملك سونار.
كانت هذه الطبيبة سمر، التي أتت من خلفهم ألقت كلمتها وتغنجت بخطوتان تسبقها.
رفعت هي وجهها له تنذره بعين جـ.ـا.مدة قبل اندلاع الحرب.
-انا مش هاخلي حد يكشف عليا، لو سمحت يلا نمشي من هنا.
نظراً لعدm وجود رجـ.ـال بالغرفه مد يده و حاول رفع وشاحها و هو يهمس لها مهدئاً لكنها ابت..
-هو احنا جاين لحد هنا عشان تقوليلي مش هكشف، عشان خاطري خليني اطمن عليكي وبعدها هانمشي على طول.
-قولتلك لاء انا مش هاخلي حد يلمسني، بالذات الهانم دي.
-انتي مالك و مالها دي مجرد دكتوره شاطرة في مجالها، هاتكشف عليكي، و هانمشي على طول.
-لاء بردو ماليش دعوة، وإذا كنت مصمم اكشف عليا انت لكن حد تاني لاء.
تفهم خجلها و ابعدها عن صدره، ثم اومئ لها.
-حاضر يا ستي، يلا اجهزي و اطلعي على السرير، لحد ما تشغل جهاز الاشعة وانا هعملها ليكي بنفسي.
تحرك من امامها وجلس أمام هذا الجهاز الملصق بجانب الفراش، و تحدث بجدية مع الطبيبة.
-معلش يا دكتورة اسمحيلي انا اعمل ليها الاشعة.
-تحت امرك طبعاً يا دكتور اتفضل.
تقدmت بجانبه و وقفت منحنية للأمام لتخبره كيف يتعامل مع هذا الجهاز.
ليبتعد هو منزعجاً من قربها، الذي كشف له منطقة الصدر بالكامل.
جلست الاخري على الفراش في مقابلته و رفعت وشاح وجهها الغاضوب جداً، حتى انها اجبرته للألتفات إليها عنـ.ـد.ما استمع الي استقاق أسنانها ببعضها.
ليلتفت مره اخرى الي والدته التي سحبت تلك العارية للخلف و تسمرت مكانها مزمجرة.
-حاسبي كده يا حبيبتي اما نتفرج و نشوف النونه.
جوارتها شقيقتها و نظرو هما الاثنان، ليضم لهم حاجبيه فقد حجبو عنها الرؤيا بالكامل،
و اردفت له زوجته ساخرة.
-يا رب نخلص بقي.
تنهد هو بضجر، وشعر انه محاصر بينهم، ملقياً عليها نظرة لائمه اذا انها تعرفه جيداً فلما الغيرة اذاً.
❈-❈-❈
و بعد أن اطمئن عليها و علي صحة جنينها، عاد بهم الي منزل والده و تركهم بحجة الذهاب لتغير ملابسه في بيته.
الا انه كان يريد الأنفراد بنفسه، ليجري تلك المكالمه دون التدخل او معرفة اي منهن.
-الو مصطفى باشا معايا
-أهلاً يا دكتور يا ترى ايه اللي فكرك بيا
-في الحقيقة فضولي هو اللي خلاني اتصل بحضرتك و اسأل عن آخر التطورات في القضية، يا ترى في اخبـ.ـار جديدة؟
-في الحقيقة لاء يا دكتور القضية لسة مـ.ـا.تحكمش فيها و أشرف بياخد تجديد حبس كل خمسة و أربعين يوم على زمتها.
-طب و سبب التأجيل في الحكم ايه يا حضرة الظابط؟
-مافيش دليل قاطع يا دكتور، عشان القاضي يحكم عليه، دا كمان ممكن ياخد حكم مخفف و القضية تتحول من قــ,تــل عمد الي مشاجرة جماعية نظراً لعدm وجود أداة الجريمة.
– بس اداة الجريمة موجودة يا حضرة الظابط.
-ازاي انت تعرف حاجه و مخبيها عننا؟
-ماكنتش اعرف اي حاجة غير النهاردة بس، الموضوع اتفتح قصادي بالصدفة و عشان تبقى عارف انا هاقولك على المعلومه اللي عندي لكن لا هاجي، و لا هاجيب اللي قالي المعلومه يتكلم مع حضرتك و يشهد بحاجه تاني.
-تمام يا دكتور اتفضل اتكلم انا سامعك.
-فتش تحت سلم بيت محمد العسال يا حضرة الظابط.
-افتش تحت السلم! طب على ايه و بعدين احنا فتشنا البيت كله و شقة اشرف قلبناها، بس ملقناش حاجة.
-فتشت البيت كله اه، لكن ماشلتش البلاط المكـ.ـسر تحت السلم و شوفت ايه اللي تحته.
-و ياترى بقى ايه اللي تحتيه، اوعي تقولي اني هاروح الاقي جثه تانيه مدفونه هناك.
-هاتروح تلاقي أداة الجريمة هي المدفونه هناك، و اذا مالقتهاش اسأل عليها سيد العسال.
-يا راجـ.ـل قول كلام غير ده، سيد العسال ده راجـ.ـل طيب مالوش في حاجة.
-سيد العسال هو اللي مخبي السكينه بأيده دافنها تحت البلاط المكـ.ـسر، و لو مالقوتهاش يبقى هو عارف مكانها.
-دا كلام مهم جداً، انت عارف ان كلامك ده هايقلب الأوضاع من اول و جديد في القضية، و التحقيق هايتفتح تاني.
-عارف طبعاً بس زي ما قولت لحضرتك، انا مش هاعرض حياة ناسي للخطر تاني.
-وايه اللي يثبتلي ان كلامك ده حقيقي.
-ماعنديش اي إثبات على صحة كلامي، انا بقول لحضرتك كلام اتحكي قدامي عايز تاخد بيه و تصدقه و تنهي القضية يبقى تمام، مش عايز يبقى ممكن واحد يتحكم عليه ظلم.
-يعني حضرتك عارف ان اشرف كده ممكن يطلع من القضية.
-انا ماعنديش مشكله مع أشرف ده، انا كل اللي عايزه ان الجاني يتمسك و ياخد عقـ.ـا.به سواء هو او غيره.
-كده تمام يا دكتور و اوعدك اني من الليله هاطلع امر بأعادة تفتيش البيت و القبض على سيد العسال.
انهي معه تلك المحادثة التليفونية و جلس يفكر قليلاً، هل هو على صواب الان ام لا،
على كل حال هو الآن رضى ضميره كل الرضا
فهو لم يكتم الشهادة و بنفس الوقت حافظ عليهن ولم يعرض حياتهن المخاطرة.
❈-❈-❈
ولج داخل البيت و هو ينهي مكالمه أخرى، لكنها كانت مع العريس المرفوض.
-خلاص يا دكتور عبدالرحمن انا هاشوفها عملت كده ليه و اتكلم معاها بس برضو مش هاقدر اغـ.ـصـ.ـب عليها حاجه، وإذا فضلت على موقفها يبقى قدر الله و مشاء فعل
….
-تمام يا دكتور في رعاية الله مع الف سلامة.
اغلق الهاتف و جلس في مقابلة الثلاثة المزعجين لحياته، كما لقبهم.
-السلام على مصدر ازعاجي في الحياة.
كان هذا اول حديثه معهم ليتلقي نظرة نارية ثلاثية الأبعاد من وجوههم.
لتهتف مصدر عشقه و جنونه اولاً.
-طبعاً لازم اكون مصدر إزعاج حضرتك، مانا اصلي مش بلبس القصير ولا العريان عشان أعجب ساعتك.
-انا قولت كده
– لا قولت و لا ماقولتش اوعي كده انا هاطلع اوضتي.
تركته وصعدت الي الأعلى، و لم يتبعها لينظر إليهم مشيراً بسبابته هاتفاً.
-رقم واحد.
قذفته والدته هي الاخري سهام نارية من عينها و هتفت.
-و انا بقى مصدر ازعجاك في ايه يا حيلة.
-مافيش واحده تزق الدكتوره اللي هاتكشف على مرات ابنها بالطريقة دي يا امي.
-نعم ليه كنت عايزني اسيبها تميل عليك بالطريقه ال… دي يا واد انت.
-مـ.ـا.تكبريش في الغلط يا أمي، انتي غلطانه و عارفه كويس ان ابنك بيغض بصره.
-كده طب انا غلط وسع بقى كده يا اخويا اما ادخل مطبخي بدل ما تعـ.ـا.قبني على غلطي.
رفع اصبع الوسطى و اشار به
-رقم اتنين.
كورت ماجدة يدها و وضعتها أسفل وجنتها، منتظرة دورها.
-ايه يا رقم تلاتة مش هاتبدئي بالهجوم.
-لاء يا شيخ مالك انا هاكتفي بالدفاع.
-اممممم يعني انتي عارفة انا هاسأل في ايه.
-اه عارفه هتقولي رفضتي دكتور عبد الرحمن ليه؟
-طب يا ريت بقى تجاوبيني على سؤالي اللي انتي قولتيه.
-هاقولك زي ما قولتله بالظبط عشان حاجة بسيطة اوي، انا هابقي جدة.
-ده مش مبرر على فكره يا ماجدة.
-و هو انا محتاجة مبرر عشان أرفض او أوافق يا مالك دي حاجة من حقي.
-طبعاً حقك ماقولناش حاجة، بس يعني اظن انك كنت موافقة قبل كده و ده مش سبب مقنع عشان ترفضي دكتور محترم في مركز الدكتور عبد الرحمن.
-ازاي بس تبقى بـ.ـنتي حامل و على وش ولادة وانا بتجوز.
-وايه المشكلة في كده انا مش فاهم هو لو كان جوزك الله يرحمه عايش مش كنتي برضو هتبقى متجوزة و بـ.ـنتك على وش ولادة.
اومئت له برأسها محاولة الرد عليه بالدفاع عن نفسها.
-ايوه يا مالك كان ده هيبقى وضع طبيعي لاني زوجه بالأساس و ام وعادي جداً لما ابقى جدة، لكن اجي بعد ما بـ.ـنتي تولد
و يبقي ليا حفيد اروح اتجوز، الناس تقول ايه.
-اولاً ملناش دعوه بالناس، احنا طول عمرنا في حالنا و ماحدش يعرف حاجه عننا.
-ثانياً انتي لا بتعملي حاجه غلط، ولا بتغضبي ربنا.
-ثالثاً لو زعلانه انك هاتجوزي بعد بـ.ـنتك ما تولد نقدm الجواز يا ستي و نخليه قبل الولادة.
-ازاي بس و انا ارمله ولسه فاضلي شهر على عدتي ما تخلص.
-و هي بـ.ـنتك هتولد بعد شهر، دي لسه حامل في شهر و نص.
-اصل يعني يا مالك، مانا مش هالحق اجهز نفسي.
-ههههههه قولي كده بقى، سبع شهور يا جبـ.ـارة مش هاتلحقي تجهزي فيهم.
-طب خلاص بقى اللى تشوفه يا مالك.
-ايووووا تعوكو الدنيا و ترجعو تقولو اللي تشوفو يا مالك.
-يوه ما خلاص بقى انت هاتقعد تقول و تعيد، انا قولتلك على اللي عندي لو مش عايز خلاص.
-لاء عايز يا خالتي خلاص يا ختي المهم
حد منهم اخد خبر بالكلام ده.
-لاء ماقولتش ليهم حاجه اومال هي شذى متغاظة وزعلانه مني ليه.
-ان كان على شذى، سيبك منها هي اصلاً زعلانه من الكل بس انا هاعرف اظبطها كويس، و كويس انك ماقولتيش لأمي كمان والا بقى كانت نيمت البيت كله على حرب الليلة.
❈-❈-❈
اشفق على صحن المكـ.ـسرات هذا من تلك الأسنان القاسية، التي تدغدغ ما به و تكـ.ـسره كاماكينة البوشار التي تطقطقه على الجمر الذي يشع من عينها،
كل هذا يحدث امام نظره، و هو يقف موصود الايدي، ساخراً من وجومها الطفولي الظاهر على وجنتيها.
-هاتفضلي زعلانة كده كتير.
انتفضت من علي فراشها مقتربة منه، عيناها متمركزه على عينه، و اصابعها ممتدة الي قميصه لتنبش صدره بأظافرها و تصرخ في وجهه.
-مالكش دعوه بيا يا سي مالك، خليك في الست الدكتورة بتاعتك.
امسك معصميها بجمود، و ضغط عليهم بقوة ليامرها بلهجته الصارمه.
-شذى خدي بالك انتي كده بتسيئي الظن و ده اثم عظيم، و الاحسن انك تستغفري ربك.
قسوة يده اخرجت من فاهها صرخه ألم مدوية.
-ااااه سيب ايدي هتكـ.ـسرها، هو فين الإثم ده هو انت ماشوفتهاش يعني و هي…
-شذيييييى، قولتلك استغفري ربك، انتي عارفة كويس اوي ان جوزك بيغض بصره عن أي واحده تانية غيرك انتي.
-نبرة صوته العالية، و تصريحة القوي اجبرها على تبديل حالتها من الثائرة الي حالة الثبات التام.
وقفت كتمثال من الشمع، عيناها سابله، فاهها منفرج، يديها ثابته على صدره، ليقترب منها اكثر و يضمها الي صدره، يوزع على وجنتيها و وجهها قبل رقيقة.
-سكتي يعني ماكملتيش خناق و خربشة فيا، عمرك ماهتتغيري ابداً، هتفضلي لسانك ده غلاط علطول، و ظالمة و اول واحد بتيجي عليه و تظلميه هو انا.
قبل أن يكمل اتهامته الصادقة جداً لها حاول تركها، لتفتعل البكاء و تتشبث به اكثر و تلقي بنفسها على صدره ملتفة ذراعيها حول عنقه لاتتعلق به.
-ازاي تقول كده، و انا كل اللي انا فيه ده، بس عشان بحبك.
-انتي أنانية و مش بتفكري غير في نفسك و بس.
-لو بتسمي حبي ليك أنانية يبقى انا اكتر واحده أنانية في العالم كله،
و اذا كنت فاكر ان غيرتي عليك هي تفكير في نفسي يبقى و ايه يعني ما هو انت نفسي و كل حاجه ليا و انا مش عايزة افكر في حاجة تانية غيرك.
-كـ.ـد.ابة اوي…
قالها مبتسماً ساخراً و هو يحملها و يجلس بها علي الفراش.
تصنعت هي الغضب و ابتعدت عنه معطياه ظهرها.
-انا كـ.ـد.ابه، شوف مين فينا الظالم و اللي بيسئ الظن دلوقتي.
حملها مره اخرى و ضمها اليه، مجبرها على النظر الى عينه.
-انتي احلى كـ.ـد.ابة يا شذى.
-حـ.ـر.ام عليك يا مالك انا عملت ليك ايه بس، عشان تقول عليا كده،
دانا بقعد استناك بالساعات لحد ما ترجع ليا من شغلك بس عشان افضل ابصلك و البيبي يطلع شبهك.
-هههههههه حـ.ـر.ام عليكي يا شيخة افرضي طلعت بـ.ـنت تظلميها ليه بس.
-اظلمها ليه طب دي حتي هتبقى جميلة و مسمسمة زيك.
ربت على كتفها هامساً في اذناها بكل حب.
-و اذا كان حبيبي مش شايف غيري انا بس عايز حد غيري يفضل مشاركني فيه ليه بقى.
-حد غيرك مين، انت هتغير من البيبي من دلوقتي و لا ايه.
-انا مش بتكلم على البيبي خالص يا قلبي.
-اومال بتتكلم على مين، انا مش فاهمة حاجه.
-بتكلم عن ماما يا شذى، اللي انتي مصممة تخليها تشاركنا حياتنا و ميبقاش ليها حياة منفصلة.
فهمت مقصده وجلست في مقابلته مغيرة ملامح وجهها الي الوجوم.
-اه هو دا بقى الموضوع اللي بتجرجرني في الكلام ليه.
اومئ لها برأسه متقبلاً منها اي غضب.
-بالظبط هو دا الموضوع، بزمتك انتي مزهقتيش من تدخلهم في حياتنا، طب مامتك مش صعبانة عليكي في وحدتها دي،
انا و انتي لينا حياتنا، و امي و ابويا مع بعض، هي بقي ليه تسيبيها تكمل حياتها لوحدها،
مع انها لسه حلوه و مش كبيرة في السن، و جالها اللي موافق انه يكمل حياته معاها، يبقى ليه احنا نجني عليها و نجبرها تعيش بقيت حياتها وحيدة.
لم تقاطعه فقط استمعت لكل كلمة قالها، و بعد أن صمت همست و هي تلتفت بعيداً عنه.
-بكره لما اولد مش هتبقى لوحدها، و البيبي هايشغل حياتها.
-اه هاتخليها داده لابنك يعني.
ضمت حاجبيها بغضب و صاحت.
-ايه اللي انت بتقوله ده انا عمري افكر في مامتي كده، بس دا هيبقى ابن بـ.ـنتها و هي بنفسها اللي هاتحبه و تخلى بالها منه،
من غير ما حد يطلب منها ده.
-انتي زعلتي مني ليه لما قولت عليكي أنانية.
غضبت اكثر لكنها تحلت بالصبر، واكتفت بتحذيره مزمجرة.
-مالك!!
-بتكلم جد يا شذى، انتي مش شايفة انك كده تبقى أنانية، يعني بعد الست عاشت حياتها كلها عشانك و تعبت في تربيتك وتعليمك،
عايزها دلوقتي تعيد ده كله مع ابنك و لا بـ.ـنتك اللي جايه.
-انت عايز مني ايه دلوقتي؟
-عايزك توافقي على جوازها من الدكتور عبدالرحمن و تروحي تقوليلها بنفسك.
-ايوه صح بجد انا ماما كانت كل حياتي.
-انتي قولتيها اهو يا قلبي كانت، و دلوقتي جيه مالك و بقي هو كل حياتك صح يا روحي.
-ايوة صح يا مالك.
-يبقى تروحي تقولي لماما الكلام ده بنفسك، و تبلغيها بموافقتك كمان.
أقنعها بحديثه، ابتسمت على طيبة قلبه و تفكيره في ان يجد الوضع المناسب للكل،
لا يفكر في راحة نفسه او حتى راحتها فقط لكنه يريد أن يرى السعادة في عيون جميع أفراد أسرته.
لتردف له مبتسمة بحب.
-موافقة يا مالك.
وقفت امام خازنتها ترتب ملابسها وتجلب من بينهم ملابس مريحه،
لتستعد لأخذ حمام طويل بعد أن يذهب الرجـ.ـال من البيت، لتشهق من الرعـ.ـب حين انفتح الباب عنوه
و دلفت منه ابـ.ـنتها الشقية تضحك و تناديها بصوتها المرتفع.
-بتعملي ايه عندك يا جوجو؟
-اخص عليكي يا شذى خضتيني، حد برضو يدخل على الناس كده.
-هههههه طول عمرك قلبك خفيف يا ماما.
ألقت ما بيدها على الطاولة الصغيرة، و جلست على الفراش متنهدة.
-و هو اللي احنا كنا بنشوفه كان شوية يا شذى، دا احنا كنا بنمـ.ـو.ت من الرعـ.ـب كل يوم و لا انتي ناسية.
جلست بجانبها و احتضنت ذراعها متذكرة ما عنوه هم الاثنتان و معهم ابيها.
-طبعاً يا ماما فاكره، و فاكرة بابا كان بيخاف علينا ازاي، دا كان بيحبنا اوي يا ماما فاكره كان بيحبك انتي ازاي يا ماما.
نظرت إليها مطولاً نظرة طويلة، ثم تحدثت بهدوء حتى لا تشعل غضب ابـ.ـنتها مره اخرى.
-باباكي الله يرحمه كان طول عمره بيحبني دا ياما حارب اهله و بعد عنهم عشاني، بعد عنهم كتير في اول جوازنا، بس لما ملقاش فايدة من الخناق،
و ابوه مش سايبنا في حالنا و مصمم يرجعه ليه تاني حتى لو كان عن طريق انه يتخلص مني، قرر ساعاتها اننا نرجع ليهم عشان يحميني من شرهم.
انتفضت شذي من الخـ.ـو.ف و ابتعدت عنها
تحاول أن لا تصدق ما تهزي به والدتها.
-بتقولي ايه ي ماما، اكيد مش للدرجة دي طبعاَ.
-لاء للدرجة دي و اكتر كمان يا شذى، و عارفة ابوكي مارديش يخليني اخلف بعدك ليه، عارفة انا لما كنت بحمل كنت باخد البرشام و انزل البيبي ليه،
عشان جدك لما انا ولدتك، غضب انك بـ.ـنت و قاله انا عايز ولاد عشان يكبر بيهم العيلة،
عاير اخوه السيد انو خلف بـ.ـنت، رجع عاير ابوكي كمان و قالة هتبقى زيه، و أن البنات ما بيعرفوش يحمو نفسهم، و بيجبو العار لعيلتهم.
-كلام فارغ و متـ.ـخـ.ـلف هو ازاي كان بيفكر كده.
-ما انتي عارفة العيلة ماكانوش بيفكروا غير في الاجرام يا شذى، و ابوكي قالي انا مش هاخلف ولد و أرميه بأيدي في التهلكه بعد كده، كفاية عليا خـ.ـو.في عليكم انتو الاتنين.
ربنا رزقنا بشذي و نحمده و نشكر فضله عليها لكن مش هنجيب عيال تاني،و انا وافقته الرأي ساعتها.
-ياه يا ماما اد كده كان بيحبنا و يخاف علينا.
-طول عمره كان حنين، كان بيحبنا و يخاف علينا اوي انا و انتي، كان بيبقى بره البيت واحد و لما بيدخل البيت واحد تاني خالص.
-كنتي بتحبيه يا ماما.
-طبعاً كنت بحبه والا ماكنتش هـ.ـر.بت معاه و سيبت بيت اهلي عشانه.
-طب ليه عايزة تتجوزي بعد كل الحب ده.
-مين قالك اني عايزة اتجوز عشان الجواز نفسه ، اذا كنت بفكر في حاجة زي دي فعشان ماكنش عالة على حد يا شذى.
-عالة!
-ايوه يا بـ.ـنتي انا دلوقتي عالة على اختي و جوزها و جوزك كمان، يعني انتي مش شايفة انا قاعدة فين و مين اللي بيصرف عليا.
-لاء يا ماما لو انتي بتحسبيها كده يبقى تعالي نروح بيتي و اقعدي معايا انا و مالك.
-طب ماهي هي يا شذى هبقي في نفس الوضع برضو، و بدل جوزك مايصرف عليا هنا هايصرف عليا في بيته،
لكن لما اكون في عصمة الدكتور عبدالرحمن هاكون ساعتها مسئولة منه و هيبقى ليا بيت و حياة خاصة بيا انا فهمتي بقي.
-فهمتك يا ماما.
-طب و رأيك ايه.
-خلاص يا حبيبتي ان كان عليا انا موافقة الف مبروك يا جوجو.
-يعني مش زعلانة يا شذى.
-لاء طبعاً انا طول مانتي مبسوطة انا هبقي فرحانه عشانك يا ماما.
❈-❈-❈
اما في كرموز تحديداً في بيت العسال، قام الضابط مصطفى بحملة هجومية لتفتيش المنزل بأكمله، و على باب المقهى قابلته السيدة ام اشرف.
-خير يا باشا بدورو على مين تاني، هو الواد مش محبوس عندكم، جايين تاخدو مين تاني بس.
-جاين نفتش علي دليل إدانة او براءة ابنك يا حاجة.
في هذه اللحظة، ترجل سيد العسال من منزله يرتجف مهرولاً الي شقيقته.
-تفتشو على ايه تاني بس يا باشا، ما انتو فتشتو البيت كله، و مالقتوش حاجة يبقى لزمتها ايه بس كل شوية البهدلة وقلة القيمة دي.
رفع الضابط راحة يده و قبض بها على كتفه قاصداً ارباكه .
-أهلاً عم سيد العسال وحشتنا يا راجـ.ـل ماحدش بيشوفك ليه.
تلجج الرجل في الحديث و أصبح يواري عينه منه و يثبت عينه على شقيقته التي كانت تناظره بعين جـ.ـا.مدة.
-اااااانا تتحت النظر والأمر يا باشا هو حضرتك طلبتني و انا اعترضت.
-لاء الشهادة لله يا عم سيد انت كده جيبت الحق عليا و عداك العيب كمان، بس معلش خليها عليك المره دي و بعد اذنك هانفتش القهوة و البيت تاني.
-متأخذنيش يا باشا، البيت كله حريم، انت معاك امر بالتفتيش تاني.
-طبعاً يا عم سيد وهي دي برضو تفوتني امر التفتيش اهو و ان كان على الحريم اللي في البيت دول إخوتنا و بناتنا و اظن احنا اللي بنحميهم مش كده ولا إيه.
ليغمز له بطرف عينه ليذكره بالماضي.
و بخزي اومئ له العم سيد دليل على نجاحه في ازلاله.
-إحنا تحت امرك يا باشا اتفضل فتش زي مانت عايز.
-تمام يا عم سيد و انت بقى تعالي معانا.
بدأً التفتيش من المقهى حتى سطح المنزل مروراً بالشقق الداخلية، و ابقي أسفل الدرج اخر شئ سيبحث فيه حتى لا يلفت الانظار
لم يجد اي شئ كما توقع و ترجل من البيت بخيبة امل كما يظنون، لتردف السيدة ام اشرف.
-هاهئ نورت يا باشا المره الجاية ابقى عرفنا انت بتدور على ايه عشان نبقى نحطه ليك في المكان اللي انت عايزه..
التفت إليها بوجه ساخر مستهزأً بها و هتف.
مـ.ـا.تستعجليش يا معلمه مش هيبقى فيها مره جايه اصل المره دي لسه مخلصتش.
ليأمر هؤلاء الجنود الجالسين بالسيارة الخاصة بالشرطة، بالنزول بالكلاب البوليسية المدربة جيداً.
و التي بمجرد ان وطئت أقدامهم ارض المقهى والمنزل الا و جرو نحو ما يبحث عنه و ما لا يبحث عنه.
حيث اخرجو من المقهى، اجولة معبأة بالفحم و داخلها تدث لفائف لبعض اللفائف المـ.ـخـ.ـد.رة لنبات البانجو.
ليدفع بتلك السيدة اللعوب امامهم زاجرها بقوه.
-و دول ايه بقى انشألله يا معلمه، اوعي تقوليلي انك كنتي بتنشفي ملوخيه.
صرخت و تشبثت بقدmه، في محاولة فاشلة لخداعه.
-مش بتوعي تلاتة بالله العظيم ماعرف حاجه عنهم، حـ.ـر.ام عليك يا باشا هاتخدو الواد و امه يا ظلمه.
ليأمر الجنود بالأمساك بها، و تحريز تلك الأجولة و هو مازال متحفظاً على شقيقها الذي كان يقف تحت يده يلطم خديه.
كما جرت بعض الكلاب الاخري تحت درج المنزل و بدأت تنبش في ذاك البلاط المتهم.
و كانت المفاجئة بدل السكين اثنان، ليلتف الي هذا الذي بدء يقر له بالحقيقة كاملة قبل أن يسأله او حتى يتحرك من مكانه.
-ابوس ايدك يابني اني هنقولك على كل حاجه، بس اني مش حمل بهدله ولا اهانة.
التف اليه برزانة و هتف.
-ما انت هتقول على كل حاجة فعلاً بس مش هنا، عندنا و في محضر رسمي عشان لو مـ.ـا.تكلمتش وقولت الحقيقة كاملة هاتشيل بدل قضية القــ,تــل اتنين يا عم السيد.
-مش اني يا باشا و عهد الله مااني يا عالم دا الولا اشرف هو اللي قــ,تــل خاله بالغلط في الأول و السكينة التانية هي اللي قــ,تــل بيها الولا محمود.
ابتسم الضابط و اطمئن فقد انهي تلك القضية التي أرهقته و عانى منها كثيراً و على ما يبدو أنه سيجازي و ينال ترقية بعد اتمامها على أكمل وجه.
-كده طب يلا بينا يا راجـ.ـل يا طيب ونشوف مين اللي دث الحاجات دي هنا و مـ.ـا.تخافش كل واحد هايخد عقـ.ـا.به.
❈-❈-❈
علمت بما حدث لعائلة ابيها من زوجها و علي قدر فرحتها بأن زوجها لم يهمل شأنهم، على قدر ما حـ.ـز.نت بأنها أسأت الظن به و اتهمته بالجبن و كتم الشهادة.
فحاولت التدلل عليه و التلاعب بمشاعره كما تفعل به دائماً.
صعد الي غرفتهم بعد أن القى عليهم هذا الخبر ، تاركهم وسط سعادتهم ليسـ.ـر.ق بعد الوقت و ينعم بالراحة قبل أن تأتي اليه معـ.ـذ.بته و تثرثر داخل اذنه، أو حتى تطير النوم من عينه كنا تفعل دائماً.
اظلم الغرفة بالكامل بعد أن بدل ملابسه و القي بجسده على الفراش، و ما لبس ان غفى قليلاً الا و شعر بمن تسرق ثباته منه دائماً.
انزلقت أسفل الغطاء بجانبه، و تمسكت براحة يده و بدئت تمسد بها على تكويرة بطنها ضئيلة الحجم.
فتح عينه مبتسم على طفلته واعتدل على ظهره مجتذبها بين يديه ضاممها الي صدره.
-كنت عارف انك مش هتسبيني ارتاح.
غمرت وجهها في ثنايا عنقه و همست بتودد محبب له.
-ليه بس يا حبيبي، ده انا مايهمنيش غير راحتك.
-انتي! هاههه دانتي بقيتي سبب كل تعبي.
-طب انا اسفة حقك عليا انا عارفة، اني تعبتك و كمان طولت لساني عليك كتير بس انت عودتني انك ديماً بتسامح.
-و هاتفضلي كده لحد امتى.
بدئت تزيد من دلالها عليه اكثر.
-طول عمري هافضل أدلع عليك، وانت هاتفضل طول عمرك تسامح و تحبني.
-واثقة من نفسك انتي اوي.
-طبعاً دا انا مرات الدكتور مالك الرفاعي و أم ابنه الجاي كمان.
-ههههههههه اه ابني اهو دا بقى احلى مكافأة بعد كل التعب اللي تعبناه ده.
-فرحان يا مالك.
-فرحان و بس، انتي مش ملاحظة انا بحب عيال حسام صاحبي اد ايه.
-ملاحظة طبعاً و عارفة انك حنين اوي عشان كده ربنا رزقك بيا و بالبيبي كمان ههههههههه.
-هههههههه و ده احلى رزق يا قلبي.
❈-❈-❈
اليوم هو يوم العرس المعهود.
سيتم عقد قران والدتها على الطبيب عبدالرحمن في بيت الرفاعي و ستذهب بعده معه إلى بيت الزوجية.
تجمعت نساء البيت مع العروس في غرفتها، و قررت شذى ان تشاكسها.
-يلا يا عروسة عشان أزوقك بأديا.
-بس يا بـ.ـنت بطلي هزار.
ضحكت الحاجة مجيدة، و تدخلت في الحديث هي الاخري.
-هزار ليه بقى، انتي مش عروسة ولازم تتزوقي لعريسك.
-لاء طبعاً زواق ايه يا مجيدة، هو انا لسه عيلة صغيرة.
-هههههه لاء يا مامتي انتي احلى عروسه يلا بقي عشان تجهزي خلينا نفرح و النبي لانا مزغرطه لولولولي.
دق مالك على باب الغرفة و فتحه بعد أن سمحو له بالدخول، و عند ولوجه لهم تفاجئ بصراخ ماجدة.
-مالك خد مراتك من هنا لو سمحت.
-الله زعلانة ليه بس دانا سامع زغاريط و حاجات حلوة كده بقالنا كتير مسمعناهش.
-يا سيدي افرحو براحتكم، بعيد عني، خد البت دي من هنااااا.
-ههههههه اهدي بس يا ماجدة مش كده، خليكي ريلاكس شوية عشان المأذون جيه تحت ولو انتي جاهزة يا ريت تتفضلي بقى معايا.
اعترضت شذى طريقها قبل أن تقف معه، متصدرة لها ببطنها الذي بدء يرتفع قليلاً.
-و الله ابداً، لازم ازوقك الاول مش هاتخرجي من هنا غير و انا حاطه ليك روج على الاقل.
زمجرت ماجدة بغلاظة وقد نفذ صبرها.
-ابعدي عني يا شذى، احسن و الله اضـ.ـر.بك في كرشك ده.
ليتدخل مالك سريعاً ساحب تلك الفظه خلف ظهره، ليبعدها عن بطش والدتها.
-لاء بالله عليكي مالكيش دعوة بكرشها، و انتي يا ستي بطلي تهور و ابعدي عنها بقى الله يهديكي.
وضعت الحاجة مجيدة ذراعها على كتف شذى لتتكئ عليها متبعينهم للخارج.
-خلاص بقى يا بت يا شذى هي عروستنا محتاجة روج بردو داحنا جمالنا جمال رباني.
ضحكت شذى بصوت مرتفع، و تقدmت أمام زوجها مترنحه بدلال هاتفه.
-و الله و فرحت بيكي و شوفتك عروسه يا ماجدة لولولي.
انزعج مالك من دلعها الزائد و امسك رسغها مجبرها على التوقف، ملقي عليها اوامره التي لا نهاية لها.
-شذيييييى وطي صوتك، ونزلي نقابك ده على وشك، وعلله اسمع صوتك تحت، عارفه يا شذى و الله هاطلعك تقعدي هنا لوحدك.
رفعت كفها بجانب اذنها معطيه له التمام مثل الجنود.
-علم وينفذ يا فنـ.ـد.م. ليضحكو جميعاً و يترجلو سوياً الي الاسفل.
❈-❈-❈
و بعد مرور ستة أشهر كانت مترجلة للأسفل تشعر بألم يقتحم أسفل بطنها،
لكنها تحملت على نفسها، حتى لا تقلق والدتها التي أتت لها منذ يومين لتجلس معها لحين ياتيها موعد الولاده،
كما حضر الشيخ حسان و الحاجة مجيدة و جلسو معهم ايضاً.
وبعد أن ترجلت إليهم و تفاجئو بنزولها، صاحت والدتها.
-الله نزلتي ليه بس يا حبيبتي كنتي خليكي نايمة فوق.
-تعبت من كتر الرقدة يا ماما قولت انزل اقعد معاكم هنا شوية.
كان وجهها تملؤه حبيبات العرق، أثر حرارة الجو و الألم الذي تكتمه بداخلها.
لكن خالتها قد شعرت بتغير لونها ولمحت انقباض اصابعها على الوسادة الصغيرة بجانبها لتحدثها بريبة.
-شذى انتي حاسة بحاجة يا حبيبتي.
التفتتو جميعاً نحوها و وقف الشيخ حسان متأهباً لكلامها.
-ايه مالك يا بـ.ـنتي اوعي تكوني تعبانة، ومش عايزة تقولي.
ضمت شذى حاجبيها بألم و تمسكت بيد والدتها من جانب و خالتها من الجانب الاخر.
-من الصبح و انا تعبانة بس ماكنش الو.جـ.ـع كده هو كل شوية بيزيد عن المره اللي قبله.
-يا لهوي دي تبقي ولاده يا شذى، اتصلي بمالك يا مجيدة خليه يجي و نوديها المستشفي.
-اهدي شوية يا ماجدة مـ.ـا.تخـ.ـو.فيش البت، و هي لسه في اول الو.جـ.ـع.
ليهتف الشيخ بقلق.
-و لزمته ايه بس نسيبها تتألم كده، انا هاروح اجيب مالك بنفسي من الضريح.
وضعت الحاجة مجيدة يدها على بطن شذى و كأنها تقياسها.
-قولتلكم اصبرو لسه بدري دي بطنها عاليا خالص اها يعني مش هينوبكم من مشوار المستشفى ده غير الفرهده.
لتصرخ شذى بو.جـ.ـع.
-الحقوووووووووني.
جري الشيخ حسان مندفعاً للخارج أثر صراخها، ليأتي لها بزوجها، غير عابئ بزوجته التي حاولت إيقافه بقصد التروي.
و عنده فضل مالك الإبتعاد و الاختلاء بنفسه في مكانه المفضل داخل الضريح، يصلي و يشكر ربه على استجابته لدعواه و يخبر صديقه عن مدى سعادته بها.
ليحضر اليه والده يلهث محاولاً ضبط أنفاسه، يناديه بعلو صوته.
-مالك قوم يابني بسرعه.
هب واقفاً منتبهاً الي ابيه، و جري نحوه خـ.ـو.فاً من ان يكون قد حدث مكروه لأحدهم.
-خير يا ابويا في حاجه حصلت.
-الحق يابني شذى بتولد.
-بتولد ايه بس يا حج دي ماعديتش غير يومين بس في التاسع.
صاح فيه والده منفعلاً بضجر.
-يا بني يومين و لا عشرة، البـ.ـنت بتتألم في البيت وعماله تصرخ من الو.جـ.ـع، هانقولها احنا اصبري لما تعدي التاسع كله.
-لالالاء انت عندك حق يا حج انا بعد اذن حضرتك هاسبقك و حصلني على مهلك.
جري سريعاً و لم ينتظر رده، ليهتف والده حتى يسمعه قبل أن يرحل.
-انا هاقعد اصلي و استناك هنا، و ادعيلها تقوملي بالسلامه و لما يحصل تعالي فرحني.
اومئ له برأسه و ذهب بـ.ـارحاً ساحة المسجد وهو يدعي ربه همساً.
يارب تقومي بالسلامه يا شذى.
و في المشفى.
كانت تصرخ بشـ.ـده على الفراش النقال، تحاول جذب وشاح وجهها من عليها و زوجها مصمم الا يظهره و يمسكه بيده.
لتصيح فيه والدته مزمجرة.
-يا بني حـ.ـر.ام عليك، مـ.ـا.تسيب البت في اللي هي فيه بقى و تشيل البتاع ده من علي وشها.
-لاء يا أمي و لو سمحتي مـ.ـا.تدخليش.
حاولت ماجدة ابعاده هي الاخري و زجه بجانب والدته.
-اوعي يا واد انت سيب بـ.ـنتي.
ليصدها مالك منفعلاَ و يدفعها نحو زوجها الذي كان يقف مصدوماً من تصرفه.
-ابعدي انتي عن مراتي ماحدش له دعوه بينا بقى.
لتصرخ شذى فيهم.
-ارحموني حـ.ـر.ام عليكم كلكم، منك لله يا ابن مجيدة انت السبب في اللي انا فيه دلوقتي.
-احترمي نفسك و بلاش طولة لسان يا شذى وبدل ما تقلي أدبك اقري قرآن يلاااا.
لتهتف شذى بصراخ.
-يا رب وريه نفس و.جـ.ـعي و حسسه بتعبي يا رب.
– ادعي دعوه تانية، الرجـ.ـا.لة مابتولدش يا اختي.
و هنا ولجت إليهم الممرضة طالبة من الجميع الخروج لتحضيرها لغرفة العمليات.
لكنها رفضت ترك يده و بعين دامعه امرته.
-رايح فين وحياتي عندك مـ.ـا.تسبني ادخل لوحدي يا مالك.
ربت على راحة يدها مبتسماً، و اردف لها ليطمئنها.
-مش هاسيبك يا قلب مالك انا بس هاروح البس لبس العمليات و قبل انتي ما تدخلي هاكون انا جوه، و مش هاخرج الا بيكم انتو الاتنين قولي يا رب.
-يا رب يا حبيبي
و بعد مرور اكثر من ساعتين، استعادت وعيها بعض الشيء، و كان هو في أقصى درجات السعادة، حيث استمع منها الي وصلة عشق جعلته يحلق في السماء،
يريد أن يصيح بصوتٍ جاهور، انا متيم بعشق شذى.
-اد كده بتحبيني يا شذى.
-اه بحبك اوي انت جوزي وحبيبي و ابني و اخويا و ابويا و كل حاجة ليا في الدنيا.
-طب مش هاتخلى شوية حب لحُسين.
-مين حسين؟
-حُسين ابننا يا حبيبتي حمدلله على السلامه انتي ولدتي خلاص.
-هتسميه حسين يا مالك.
-اه على اسم حبيبي و صاحبي و صاحب الضريح سيدنا الحُسين رضي الله عنه ايه رأيك.
-حلو اوي يا حبيبي
-حُسين مالك الرفاعي ابن ساكن الضريح.
تمت

لو خلصتي الرواية دي وعايزة تقرأيي رواية تانية بنرشحلك الرواية دي جدا ومتأكدين انها هتعجبك 👇

تعليقات